تدبير الملك العام للدولة بالمغرب: التطورات والاختلالات
Public Property Management in Moroco: Developments and Constraints
ذ. فيصل الماخوخي (جامعة محمد الأول، وجدة، المغرب)
FAYSSEL EL MAKHOUKHI, University Mohammed Premier, Maroc
مقال منشور في مجلة جيل حقوق الإنسان العدد 41 الصفحة 81.
الملخص:
إن القاعدة بالنسبة للملك العام للدولة بالمغرب هي أنها لا يمكن أن تكون محل تصرف هذا من جهة، وغير قابلة للتفويت هذا من جهة أخرى.
غير أن هذه القاعدة ليست على إطلاقها، بحيث أنها لا تتعارض وإمكانية فتح هذا الملك أمام استعمالات خاصة شريطة أن تتضمن الحفاظ على الملكية العمومية وحقوق العموم.
والمشرع المغربي وإن كان ينظر إلى الملك العام باعتباره مملوكا للدولة، ومخصصا لاستعمال الجمهور كأصل، فإن ذلك لا يتنافى مع تخصيصه للمنفعة العامة بالسماح سواء للعموم أو الأفراد باستعماله عبر طريقتين إما الاستعمال الجماعي أو الاستعمال الانفرادي.
الكلمات: المفتاح: الملك العام، الاستعمال الجماعي، الاستعمال الانفرادي، حرية الاستعمال، مجانية الاستعمال، المساواة بين المستعملين.
Abstract :
The general rule for the use of public property in Morocco is that it cannot not be subject to disposition or assignment. However, this rule is not absolute, as it is not inconsistent with the possibility of opening this property to private uses, provided that the public property as well as the rights of the public are maintained.
If the Moroccan legislature considers public property used by the general public both as state-owned and as an asset, this, nevertheless, is not in conflict with the possibility of its allocation for the public benefit by allowing its access for the public at large or individuals either through collective or individual use.
Keywords: public property, collective use, individual use, freedom of use, free use, equality of users
مقدمة:
تحتاج الدولة والمؤسسات العامة إلى وسائل بشرية وأخرى مالية، ليتسنى لها مزاولة أنشطتها وتقديم خدماتها للمواطنين. ففيما يخص الوسائل البشرية تلجأ الدولة إلى خدمات مجموعة من الموظفين والأعوان، يخضعون لأنظمة مختلفة أهمها قانون الوظيفة العمومية. أما فيما يتعلق بالوسائل المادية أو المالية، فإنه لا يمكن ذكرها على سبيل الحصر لأنها جد متنوعة ومختلفة، ويمكن القول بأن من أهم الوسائل نجد الأملاك العقارية والتي يعتبر الملك العمومي للدولة من أهم مكوناتها.
والمشرع المغربي لم يضع تعريفا دقيقا للملك العام للدولة شأنه شأن الاجتهاد الفقهي والقضائي الذين اكتفوا بتحديد معايير للتمييز بين الملك العام والملك الخاص للدول. فقد جاء في ظهير فاتح يوليوز في شأن الملك العمومي 1914[1]بأن: ” الأملاك العمومية لا يسوغ لأحد أن ينفرد بتمليكها لأنها على الشياع بين الجميع وتتكفل الدولة بتدبير أمرها”. والأموال العامة هي كل ما تمتلكه الدولة والأشخاص المعنوية الأخرى من أموال عقارية ومنقولة، والتي يتم تخصيصها لتحقيق المصلحة العامة سواء بنص تشريعي صريح أو بطبيعتها، أو بتهيئة الإنسان. ومن أمثلة الأموال العقارية المملوكة للدولة، الطرق والشوارع …الخ.
وتاريخيا يرجع أول تنظيم للملك العام للدولة إلى فترة الحماية بواسطة دورية صادرة عن الصدر الأعظم مؤرخة في فاتح نوفمبر 1912[2]بوصفه سلطة تنظيمية، ميز فيه بين الأملاك أو الأموال التي لا يمكن تملكها أو تفويتها للأشخاص[3] موضحا أنها هي تلك الأموال التي يمكن أن تكون موضوع نقل بين الأشخاص طبقا للشريعة والأعراف المغربية[4]، تلاه ظهير فاتح يوليوز في شأن الملك العمومي 1914.
ثم ظهير 1918[5] الذي أوضح أن هناك خاصيتين لا تتعارض وإمكانية فتح هذا الملك أمام استعمالات خاصة[6]، بشروط تتضمن الحفاظ على الملكية العمومية وحقوق العموم، حيث نص بشأن الاحتلال المؤقت في ديباجته على ما يلي:” يعلم الله من كتابنا هذا أسماه الله وأعز أمره أنه لما كانت الأملاك العمومية بإيالتنا الشريفة المؤسسة بمقتضى ظهيرنا الشريف الصادر في فاتح يوليوز 1914 غير قابلة للتفويت ولا يملكها الغير بطول المعدة ولا يمكن إحالة شيء منها بطريقة نهائية. ومع ذلك لا وجه لعدم الترخيص للجماعات أو الأفراد في اشغال بعض الأملاك المذكورة مؤقتا إذا كان لا يضر ذلك بالمنفعة العمومية”.
أولا: أهمية الموضوع
يكتسي موضوع “تدبير الملك العمومي بالمغرب: التطورات والاختلالات” أهمية بالغة في الحقل القانوني وذلك بالنظر إلى المكانة البارزة التي يحتلها الملك العام ضمن موضوعات القانون الإداري، وبالنظر كذلك لكون هذا الموضوع يجب أن يتصدر اهتمامات الرأي العام الوطني وخاصة الجانب الأكاديمي.
كما تتجلى أهمية هذا الموضوع في كون البحث فيه سيلفت الانتباه إلى موضوع ظل منسيا منذ فترة طويلة، ولم يحظى بالاهتمام المطلوب الذي يتناسب مع حجمه والقيمة التي يمثلها للدولة.
ثانيا: أهداف البحث في الموضوع:
تستهدف هذه الدراسة بالأساس تحليل النظام القانوني المنظم للملك العام للدولة بالمغرب وما يكتنف هذا النظام من عيوب وما يطرحه من مشاكل، كما تستهدف إبراز الطرق والأساليب المتبعة في تدبير هذا النوع من الأملاك المملوك للدولة، وكيفيات استعماله واستغلاله وكذا توضيح المعوقات والاختلالات التي تعتري تدبيره وبالتالي تقديم بعض المقترحات والحلول التي نعتبرها كفيلة بأن تسهم في تبسيط المسطرة المتبعة في إدارة هذا النوع الملك المملوك للدولة.
ثالثا: منهجية البحث
إن اختيار موضوع “تدبير الملك العام للدولة بالمغرب: التطورات والاختلالات ” كموضوع لهذه الدراسة، سيقود إلى اختيار آخر هو تحديد المنهج أو المناهج التي ستمكن من دراسته دراسة علمية تجيب عن الإشكالية المحورية المطروحة وكذا عن التساؤلات المتفرعة عنها، فالدراسة النظرية لا تبرز أهميتها إلا إذا اقترنت في النهاية بالحلول العملية، والتي تتمثل في النتائج والحلول والمقترحات التي سوف أتوصل إليها من خلال هذه الدراسة، وعليه فقد كان اختياري في تناول الموضوع منهجيا منصبا على المنهج القانوني البراجماتي[7] وكذا المنهج التحليلي؛ حيث سيتم العمل على تحليل النصوص المنظمة للملك العام للدولة وكذا الآراء الفقهية في الموضوع، ومحاولة المفاضلة بينها وكشف ما يعتري التشريع المغربي من ثغرات بخصوص النصوص المنظمة للملك العام للدولة أو التي لها علاقة به.
رابعا: إشكالية الموضوع
إذا كان الأصل أن المشرع المغربي ينظر الى الملك العام باعتباره ملكا مملوكا للدولة أو الإدارة، ومخصصا لاستعمال الجمهور كأصل إما مباشرة او عن طريق تدبير استعماله من طرف المرفق العام[8] ، والاحتلال المؤقت للملك العام بصفة عامة والترخيص باستعماله بصفة انفرادية هو استثناء للقاعدة الأساسية التي تحكم منطق الملكية العمومية والتي هي مدة للاستعمال الجماعي، فإلى أي حد نجح المشرع المغربي في التوفيق بين هذين النوعين من الاستعمال للملك العمومي؟ وإلى أي حد يمكن القول بنجاعة الأساليب التدبيرية سواء الانفرادية أو التعاقدية التي كفلها القانون المنظم للملك العام في ضبط هذا الأخير؟
وتتفرع عن هذه الإشكالية بعض التساؤلات الفرعية تتجلى في الآتي:
ماهي الاختلالات التي تعتري تدبير الملك العمومي؟
ماهي سبل تجاوز هذه الاختلالات في تدبير الملك العمومي؟
خامسا: خطة البحث
إن المقاربة النظرية والتطبيقية لهذا الموضوع تقتضي التدرج في بنائها، وعليه ارتأينا اعتماد التقسيم التالي:
المطلب الأول: أساليب تدبير الملك العمومي: من الانفرادية إلى التعاقدية
المطلب الثاني: مسطرة تدبير الملك العمومي واختلالاته
المطلب الأول: أساليب تدبير الملك العمومي: من الانفرادية إلى التعاقدية
التدبير هو مصدر لفعل دبر يدبر، والتدبير من حيث المعنى اللغوي له عدة معاني، منها ” استعمال الرأي بفعل شاق” أو “إجراء الأمور على علم العواقب وهي لله حقيقة وللعبد مجازا”[9].
فالتدبير إذا هو عملية يتوخى صاحبها إيجاد أحسن العواقب لعمله. وذلك عبر مجموعة من الإجراءات والاختيارات، وأيضا مجموعة من الأهداف التي من شأن تحقيقها أن يضمن فعالية ومردودية للعمل الذي نحن بصدد تدبيره[10]، ويقصد بتدبير الملك العام للدولة مجموع الآليات والوسائل والأساليب التي بواسطتها تستطيع أجهزة الدولة من خلالها تطوير هذه الأملاك والتي يجب الاعتماد عليها لتنظيم العمل من أجل بلوغ الأهداف المتوخاة من حسن تدبيرها ألا وهي تحقيق التنمية.
وهكذا يتم اتباع مجموعة من الأساليب أو الطرق في تدبير الملك العمومي وهي تثير الكثير من الجدل لأنها تثير مجموعة من الإشكالات ترتبط بشكل كبير بمدى الأهمية التي يتم إعطائها لترشيد استعمال الملك العمومي. وهكذا فمن خلال الممارسة انتقل من الأساليب الانفرادية في تدبير هذا النوع من أملاك الدولة (الفرع الأول)، إلى أساليب أكثر تقدما وذات مسطرة مبسطة وهي الأساليب التعاقدية (الفرع الثاني).
الفرع الأول: الأساليب الانفرادية لتدبير الملك العمومي للدولة
إن أسلوب التدبير الانفرادي بطبيعته يستبعد أسلوب التدبير الجماعي للملك العام للدولة ومن تم مبدأ المساواة، كما أن الأمر في هذا النوع من الأساليب التدبيرية لا يتعلق بحق ولكن برخصة أو امتياز إداري، وهذا الأسلوب قلما يكون مجانيا.
وعليه سنحاول في هذا الفرع أن نعرض لأسلوبين للتدبير الانفرادي للملك العام وهما القرار الإداري كوسيلة للترخيص باستعمال الملك العام للدولة (الفقرة الأولى)، وكذلك الوضع رهن إشارة المؤسسات العمومية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: أسلوب الترخيص الإداري
يقتضي استعمال الملك العام من طرف الخواص الحصول على رخصة من لدن السلطات الإدارية المختصة وقد تم تنظيم هذا الاستعمال بواسطة ظهير 30 نونبر 1918 المتعلق بشغل الملك العمومي مؤقتا، إذ أنه ليس هناك ما يمنع الاستعمال الانفرادي للأملاك العمومية كلما كان ممكنا الإذن فيه دونما الإضرار بالمصلحة العامة، يعني مادام الاحتلال الانفرادي لا يتنافى والغرض المعدة له الأملاك العامة. فهو الظهير الذي يحدد طبيعة الاستعمال والجهة المختصة بتسليم الرخصة بشأنه، إذ أن الفصل الثاني من الظهير ينص على أنه: “كل مطلب يتعلق بإشغال قطعة ما من الأملاك العمومية مؤقتا، يوجه للمدير العام للأشغال العمومية ويضمن فيه تصريحا بالغرض من إشغالها، والتغييرات التي ينوي الطالب إحداثها بهيئتها وسعة الأبنية، وغيرها من الأماكن التي يريد إنشائها مع كيفية تهيئتها. ويجب عليه إذا دع لذلك أن يتعهد كتابة بدفع واجب الكراء…”.
عموما يجوز للخواص الاحتلال المؤقت للملك العمومي بقصد تحقيق أغراض مختلفة (استخراج المواد، انجاز القنوات ومزاولة النشاط التجاري، أرصفة المقاهي، منشآت الاستحمام…).
ويتخذ الاستعمال الخاص بناء على ترخيص إحدى الصورتين[11]:
* الاستعمال الذي لا يتطلب اتصالا دائما بالملك العام وصوره الشائعة، الإذن للعربات بالوقوف في مواضع معينة من الطرق العامة والمقاهي بوضع كراسيها وموائدها على أرصفة الشوارع، أو عرض بضائعهم على أجزاء من الملك العام أو وقوف السيارات في أماكن معينة في جميع الحالات لا يستدعي هذا الاستعمال إلا شغل جزء من الملك العام دون الحفر فيه ولا بناء ويكون معلقا بسطح الأرض ولهذا فإنه يكون أقل دواما من الاستعمالات الأخرى.
* الاستعمال الذي يقتضي اتصالا أكثر دواما بالملك العام حيث يمتد إلى باطن الأرض، مما يترتب عليه تغير الحالة الطبيعية للملك العام كالترخيص بإنشاء محطات البنزين والترخيص لبعض الشركات الامتياز بمد خطوط حديدية فوق الملك العام وحفر أنفاق ووضع أسلاك تحت أرضية الشارع بقصد توصيل المياه والكهرباء…. الخ[12].
ويتميز الاحتلال المؤقت للملك العام بإقامة بناء بأنه استغلال ثابت وقار للملك العام، بمعنى أن له أساس وعمق في الأرض يحدث تغيرات في الوعاء العقاري، ومثال ذلك إقامة علامات الإشهار فوق الملك العام الطرقي أو مد قنوات التطهير بباطن الطريق العام، أو مد أنابيب جر المياه فوق الطريق العام أو إحداث محطات الوقود والبنزين فوق الملك العام[13].
وتختلف الجهة المالكة للحق في الترخيص تبعا إذا كان الاستعمال متعلق بسطح الأرض أو باطنها، ففي الحالة الأولى ينعقد الاختصاص لسلطة الضبط الإداري لأن المسألة تتعلق بالحفاظ على النظام العام بمدلولاته الثلاثة، فهذا الاستعمال لا خطر منه مبدئيا على الملك العام وكل خطورته تنحصر في الحد من تخصيص الملك للنفع العام.
أما الحالة الثانية، فإن حفظ الملك العام يقع على عاتق الشخص الإداري التي تتبعه ولهذا كان له أن يقدر درجة الخطورة التي يتعرض لها الملك العام من جراء استعماله من طرف الخواص[14].
وتمنح الرخصة بإشغال الملك العمومي مؤقتا لمدة 10 سنوات وبصفة استثنائية لمدة 20 سنة وهناك حالات حسب الفصل السادس من ظهير 1918 تسلم فيها الرخص دون تحديد المدة[15].
ويمكن إلغاء رخصة الاحتلال المؤقت للملك العمومي في حاليتين وبكيفيتين مختلفتين:
– في الحالة الأولى: يقرر إلغاؤها بحكم القانون دون سابق إنذار ومن غير أي تعويض، وذلك إذا لم يحترم المحتل أحد الواجبات المفروضة عليه بمقتضى قرار الترخيص، نذكر منها على سبيل المثال:
* عدم مراعاة الآجال المحدد للشروع والانتهاء من إنجاز المنشآت المرخص بإحداثها إلا في الحالات التي يتقدم فيها المرخص له بالأعذار التي تقبلها الإدارة.
– تخلي المرخص له عن الحقوق والواجبات المخولة له بواسطة قرار الترخيص للغير.
* استعمال الملك العمومي موضوع الترخيص في غير الأغراض المحددة لقرار الترخيص.
* عدم التزام المرخص له بواجبات الصيانة المنصوص عليها في قرار الترخيص.
* عدم أداء الإتاوة السنوية المترتبة عن احتلاله للملك العمومي والمحددة بواسطة قرار الترخيص[16].
– أما الحالة الثانية: يمكن إلغاء هذه الرخصة للسبب من الأسباب تستدعيها المنفعة العمومية، تختص الإدارة وحدها بتقديرها والنظر فيها مما يجعل الإدارة تتمتع بسلطة واسعة في هذا الباب[17].
ويترتب على شغل الأملاك العمومية مؤقتا أداء الوجيبة الكرائية، يعين قدرها القرار المتعلق بذلك ما عدا ما نصت عليه الفقرة الثانية من الفصل السادس بشأن الأملاك. ويحسب هذا الكراء من يوم إعلام المرخص له بصدور القرار المذكور ويجب عليه دفعه مسبقا في فاتح يناير من كل سنة[18].
كما يجب أن ينص قرار الترخيص بشغل الملك العمومي مؤقتا حسب الفصل العاشر من ظهير 1918، على الشروط التي ينتهي بها الاحتلال ولاسيما مصير المنشآت المبنية والتي يمكن أن تؤول إلى الدولة بالمجان أو يتعين هدمها إذا كان الأمر يقضي إعادة الملك إلى حالته الأصلية وتعتبر جميع الشروط المنصوص عليها في قرارات الترخيص بمثابة واجبات ملزمة للمستفيد من الرخصة.
وفي الأخير ينص الفصل 11 على أنه:” يقع الإعلام بالقرارات المتعلقة برخص الأشغال وبتغيير قدر الكراء وإذا اقتضى الحال فيقع الإعلام بالقرارات الصادرة بإبطال الرخص المذكورة بواسطة المدير العام للأشغال العمومية الذي يوجه نظيرا مما ذكر لرئيس إدارة الأملاك المخزنية.
الفقرة الثانية: الوضع رهن إشارة المؤسسات العمومية
تعتبر مسطرة الوضع رهن إشارة المؤسسات العمومية من طرق استغلال الملك العام، ويقصد بها أن توضع رهن إشارة المؤسسات العامة بعض أملاك الدولة من أجل استغلالها وفي هذا الإطار من الواجب أن نفرق بين هذه المسطرة ومسطرة الاحتلال المؤقت من طرف المؤسسات العامة، ففي هذه الأخيرة تكون الإدارة من الناحية النظرية حرة في الاحتلال ورفضه، أي أن المؤسسة هنا ينظر إليها كمواطن عادي، باستثناء تبسيط مسطرة دراسة الطلب وإعفائه أحيانا من الإتاوة[19].
ويقتصر تطبيق مسطرة الوضع رهن الإشارة من الناحية العملية في المغرب على مكتب استغلال الموانئ المحدث بواسطة الظهير الشريف رقم 1.84.194 الصادر في 28 ديسمبر1984[20]، حيث تنص المادة الثامنة عشر من هذا الظهير في فقرتها الثانية على أنه: ” …توضع رهن تصرف المكتب وفق الشروط المحددة بنص تنظيمي الأملاك العامة اللازمة له للقيام بالمهام المسندة إليه بمقتضى هذا القانون”. وكما تنص المادة الثانية كذلك من نفس القانون في الفقرة الأولى منها على أنه: ” يتولى مكتب استغلال الموانئ، لحساب الدولة، إدارة ما تكل إليه السلطة الإدارية الإشراف عليه من الأملاك العامة الوقعة داخل الموانئ…”.
وعملا بالمادة الثانية والمادة الثامنة عشر من الظهير أعلاه تم وضع جميع الموانئ رهن إشارة هذا المكتب[21].
الفرع الثاني: الأساليب التعاقدية لتدبير الملك العمومي
يعتبر أسلوب الترخيص التعاقدي بشغل الملك العام مؤقتا إحدى الآليات القانونية المبنية على عقد الأساسية لتثمين واستثمار الملك العام، وينصب أساسا على منح امتياز الطرق أو الشغل المستمر للملك العام، وهو يعتبر عقدا إداريا ناتجا عن اتفاق إرادة الشخص العام وإرادة المرخص له، وجعل هذا الأخير شريكا في تقديم خدمة عمومية، لاعتبارات تمليها المصلحة الجماعية العامة، على ألا يصل إلى حد اعتباره شريكا مباشرا في تدبير الملك العام. ويعد العقد كوسيلة للترخيص باستعمال الملك العمومي للدولة أحد هذه الأساليب التعاقدية (الفقرة الأولى)، إلى جانب عقود الشراكة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: العقد كوسيلة للترخيص باستعمال الملك العمومي للدولة
إن العقد كوسيلة للترخيص باستعمال الملك العمومية للدولة هي آلية قانونية جاءت لتجاوز الصعوبات التي يطرحها نظام الترخيص بقرار إداري ، والتي كانت تحول دون جلب مستثمرين لتمويل التجهيزات العمومية في إطار تعاقدي يضمن حقوق وواجبات كل من الدولة والمستثمر، صدر القانون رقم 17.98 بتنظيم ظهير نونبر 1918 بإضافة فقرة ثانية للفصل الأول تنص على أن الاحتلال المؤقت للقطع التابعة للأملاك العمومية، واللازمة من أجل إنجاز الغرض من منح امتياز المصلحة العامة، وامتياز ببناء منشأة عامة وصيانتها واستغلالها، يمكن أن تحدد حسب شروط اتفاقيات منح الامتياز ودفتر التحملات[22].
ورغم أن هذا التعديل جعل إمكانية منح الترخيص بإشغال الملك العام بواسطة عقد الامتياز، مقصورا على المشاريع المتعلقة بالتجهيزات الأساسية فقط، فإن البعض يرى أنه يمكن أن يشمل كل أشكال إشغال الملك العام، بما فيه الملك العام الجماعي[23].
ويتميز أسلوب الترخيص بواسطة عقد لشغل الملك العام مؤقتا، بكونه عقدا إداريا يخضع للقانون العام، وبتحقيق التوازن بين الإدارة والمتعاقد معها، من خلال إمكانية التفاوض على الشروط المضمنة في العقد، إلا أنه مع ذلك يبقى ترخيصا مؤقتا يمكن سحبه كلما اقتضت المصلحة العامة ذلك.
ويدخل العقد المتعلق بشغل الملك العام مؤقتا ضمن العقود الإدارية الخاضعة للقانون العام. وذلك لأن العقد الذي يكون محله الانتفاع بمحل عام هو بطبيعته من العقود التي تخضع لأحكام القانون العام، لأنها توافق طبيعة المال العام، ولاتصالها الوثيق بمقتضيات النفع العام[24]، ويتكون هذا العقد من أربع عناصر هي:
– العمل المنظم لشغل الملك العام، وهو عمل تعاقدي يتميز عن العمل الإداري الانفرادي.
– العقد يتضمن استعمال جزء من الملك العام كوعاء له.
– يتم شغل الملك العام سواء كان إدماج هذا الأخير ضمن الأملاك العامة، قد تتم قبل توقيع العقد أو بعده.
– يبرم العقد مع الجماعة العمومية، سواء كانت جماعة ترابية، أو جماعة عمومية أخرى، أو العقد أو بعده.
– يبرم العقد مع الجماعة العمومية، سواء كانت جماعة ترابية، أو جماعة عمومية أخرى، أو مؤسسة عامة.
ويتم تصنيف عقود إشغال الملك العام على أساس التخصيص الممنوح للملك العام، ومن بين عقود شغل الملك العام، عقود استغلال المقاهي والمحلات المقامة بالحدائق العمومية أو الساحات العامة، وعقود الامتياز باستغلال مواقف السيارات وقوف الحافلات….
ويتميز الترخيص التعاقدي لشغل الملك العام عن الترخيص بقرار إداري، من خلال قيامه على الإيجاب والقبول وأيضا من حيث ترتيب مجموعة من الحقوق والالتزامات القانونية المتبادلة بين أطراف العقد فالإدارة في ظله باعتباره سلطة عامة تملك سلطة الرقابة والإشراف والتوجيه وسلطة توقيع الجزاءات وسلطة تعديل العقد بما يكفل خدمة المرفق العام، وسلطة إنهاء العقد قبل أوانه بالاستناد إلى بنود العقد أو القواعد العامة التي تحكم سير المرفق بانتظام. والمتعاقد معها يملك في ضوء ذلك حق الحصول على مقابل وفق إعادة التوازن المالي للعقد في حالة تعديله، وحق التعويض عن كل فسخ تعسفي من لدن الإدارة، وهو بذلك يضمن له حقوقا مهمة، ويحقق استقرار نسبيا في مركزه القانوني، مقارنة مع الصيغة الأولى، سواء بالنسبة للحقوق والالتزامات أو بالنسبة لمدة الاستغلال التي تكون عادة أطول[25].
بالإضافة إلى عقد الامتياز يمكن الحديث عن التدبير المفوض أيضا كطريقة من طرق تدبير استعمال الملك العام، ونظرا للتشابه الموجود بينهما فإننا لن نعيد تكرار ما كتب سابقا، لكن لابد من الوقوف عند مواقع الاختلاف بينهما التي تتضح جليا في نقطتين أساسيتين هما:
– عقد الامتياز أطول من حيث المدة بالمقارنة مع عقود التدبير المفوض.
– كما أن الملتزم يتعهد بتوفير الأموال والمستخدمين في عقد الامتياز في حين أنه في عقد التدبير المفوض تبقى التجهيزات في ملكية الإدارة كما يحتفظ الموصي له بالمستخدمين مع مراعاة حقوقهم.
ويمكن للإدارة في بعض الحالات اللجوء الى منح تسيير بعض مرافقها إلى الخواص وفق ما أصبح معروفا بالتدبير المفوض. وحسب المادة الثانية من القانون 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة[26]، فإن هذا الأخير هو عقد يفوض بموجبه شخص معنوي خاضع للقانون العام يسمى ” المفوض” لمدة محددة، تدبير مرفق عام يتولى مسؤوليته إلى شخص معنوي خاضع للقانون العام أو الخاص يسمى ” المفوض إليه”، يخول له حق تحصيل أجرة من المرتفقين أو تحقيق أرباح من التدبير المذكور أو هما معا.
وقد اعتبر عبد الله الحداد أن عقد التدبير المفوض هي طريقة جديدة من بين الطرق المعتمدة لتسيير المرافق العامة، تتشابه مع عقد الامتياز، وتختلف عنه لأن المدة الزمنية لعقد الامتياز تكون أطول، كما أن الملتزم يتعهد بتوفير الأموال للمستخدمين بينما في التدبير المفوض تبقى التجهيزات في ملكية الإدارة كما يحتفظ المفوض له بالمستخدمين مع مراعات حقوقهم[27].
ويتم إبرام عقد التدبير المفوض إما عن طريق الاتفاق المباشر، أو عن طريق المباراة أو طلب العروض وذلك وفق المقتضيات التشريعية والتنظيمية المعمول بها في مجال الصفقات العمومية. وباعتبار أن المرسوم رقم 2.12.349 الصادر في 20 مارس 2013 حول الصفقات العمومية[28] للدولة يستثني في المادة الثالثة منه عقود التدبير المفوض للمرافق والمنشآت العمومية من تطبيق مقتضياته حيث نصت: ” تستثنى من مجال تطبيق هذا المرسوم:
- الاتفاقات أو العقود التي يتعين على الدولة إبرامها وفقا للأشكال وحسب قواعد القانون العادي وكما هي محددة في الفقرة 7 من المادة 4 أدناه؛
- عقود التدبير المفوض للمرافق والمنشآت العمومية؛ …”. وبالتالي فإن عقد الامتياز ومادام يخضع للقواعد السارية المفعول في مجال الصفقات العمومية، فإنه بذلك يختلف عن عقد التدبير المفوض فيما يتعلق بعملية الابرام[29].
ومدة عقد التدبير المفوض لا يمكن أن تتجاوز 30 سنة أو تقل عن 5 سنوات، على عكس عقد الامتياز الذي تتراوح مدته بين 5 إلى 99 سنة [30].
وفيما يخص إنهاء عقد التدبير المفوض، فإنه يتم حسب المادة 10 من القانون 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة، إما بطريقة عادية بنهاية العقد، او بإنهائه قبل الأوان في الحالات التالية:
- استرداد التدبير المفوض من قبل المفوض بعد انصرام مدة محددة في العقد.
- إسقاط حق المفوض من قبل المفوض في حالة ارتكابه خطأ بالغ الجسامة.
- فسخ العقد من قبل المفوض إليه في حالة ارتكاب المفوض لخطأ بالغ الجسامة.
- فسخ العقد في حالة القوة القاهرة.
وأما من حيث الرقابة إن عقد التدبير المفوض يخضع بالإضافة لرقابة المجالس الجهوية للحسابات، إلى رقابة لجنة الضبط أو لآليات الافتحاص الخارجي والتدقيق، بمبادرة من وزير الداخلية والوزير المكلف بالمالية[31].
الفقرة الثانية: عقود الشراكة آلية لتدبير الملك العمومي
تعددت التعاريف الفقهية حول عقد الشراكة، لعل أبرزها ذلك التعريف الذي يميز بين المفهومين الواسع والضيق للشراكة بين القطاعين العام والخاص، بحيث تكون في مفهومها الواسع “عقودا إدارية بحكم القانون، بين أحد الأشخاص المعنوية العامة – الدولة، الجماعات، والمؤسسات العمومية- وإحدى المقاولات الخاصة التي تتكلف بمهمة شاملة تضمن تمويل الاستثمارات، بناء الأشغال العمومية، تشغيل وتدبير المرفق العام وصيانته طول مدة الاستغلال، وانتقال الملكية في نهاية المدة عادة ما تكون طويلة”[32].
أما في مفهومها الضيق، فتعني “التعاون لإنجاز مشاريع مشتركة بين الدولة أو المؤسسات العمومية، أو الجماعات من جهة، والمقاولات الخاصة من جهة أخرى، وهذه الشراكة تتم بواسطة عقد”[33].
ويعرف القانون الجديد رقم 86.12 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص[34]، في المادة الأولى منه على أنه :”عقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص عقد محدد المدة، يعهد بموجبه شخص عام إلى شريك خاص مسؤولية القيام بمهمة شاملة تتضمن التصميم والتمويل الكلي أو الجزئي والبناء أو إعادة التأهيل وصيانة أو استغلال منشأة أو بنية تحتية أو تقديم خدمات ضرورية لتوفير مرفق عمومي”.
وبخصوص المسطرة المتبعة في إبرام عقد الشراكة بين القطاع العام والخاص، فحسب المادة الرابعة من القانون 12.86، فهذا الأخير يبرم وفق مساطر الحوار التنافسي[35]، أو وفق طلب العروض المفتوح أو طلب العروض بالانتقاء المسبق[36]، أو وفق المسطرة التفاوضية[37].
وتنتهي هذه المسطرة بالمصادقة على عقد الشراكة المبرم من طرف الدولة وذلك بمرسوم، كما أنه كذلك، يصادق على عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص المبرمة من طرف المؤسسات العمومية التابعة للدولة من لدن مجلسها الإداري ويتم التصديق عليها من طرف سلطات الوصاية.
وهذا ما تنص عليه المادة العاشرة من القانون 12.86 بأنه: “يصادق على عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص المبرمة من طرف الدولة بمرسوم.
يصادق على عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص المبرمة من طرف المؤسسات العمومية التابعة للدولة من لدن مجلسها الإداري ويتم التصديق عليها من طرف السلطات الوصاية…”.
وفي الأخير لا يسعنا إلا القول بأن أسلوب الشراكة هو أسلوب جديد تلجأ إليه الدولة من أجل تدبير أملاكها العامة وفق المسطرة السالفة الذكر أعلاه.
المطلب الثاني: مسطرة تدبير الملك العمومي واختلالاته
إن مسألة تدبير الأملاك العامة للدولة يتداخل فيها ما هو إداري قانوني بما هو رقابي (وصائي)، ذلك أن تدبير الأملاك العامة للدولة تتم باتباع عدة أساليب القانونية وأخرى عملية وهي التي تمت الإشارة إليها، سواء بالأسلوب الانفرادي أو بالتعاقدي حيث يمر كل أسلوب من هذه الأساليب بإجراءات مسطرية معقدة (الفرع الأول)، لكن هذه الطرق ونظرا لعدة اعتبارات يطالها قصور مما يحد من فعالية هذا التدبير وهو ما ينعكس سلبا على مردودية استغلال الملك العمومي في تحقيق التنمية وجلب الاستثمارات نظرا لوجود عدة اختلالات يجب الوقوف عليها وتجاوزها (الفرع الثاني).
الفرع الأول: مسطرة تدبير الملك العمومي
تخضع مختلف الأساليب المعتمدة في تدبير الأملاك العمومية للدولة لمجموعة من المقتضيات الإجرائية وهي مقتضيات يجب احترامها واتباعها وذلك للوصول إلى تحقيق النجاعة في التدبير لهذه الأملاك بغية تحقيق التنمية التي سوف تخلق مناخا إيجابيا ينعكس إيجابا على واقع الاستثمار في هذا الملك.
ولذلك فإن مختلف الأساليب المعتمدة في تدبير الملك العمومي يجب أن يحترم فيها من طرف الجهة المكلفة به الإجراءات المسطرية المنصوص عليها قانونا سواء بالنسبة للطرق الانفرادية (الفقرة الأولى)، أو التعاقدية لتدبير هذا الملك (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الإجراءات المسطرية المتبعة في الاحتلال المؤقت للملك العمومي
إن المسطرة المتبعة في الاحتلال المؤقت للملك العمومي للدولة، يبدأ بإيداع طلب الترخيص لدى المديرية الجهوية لوزارة التجهيز والنقل واللوجستيك، كما يمكن أن يوجه مباشرة إلى وزير التجهيز والنقل واللوجستيك، وفي هذه الحالة الأخيرة تبعث المصالح المركزية للوزارة بهذا الطلب إلى المديرية الجهوية أو الإقليمية التي يدخل الملك العمومي المراد احتلاله ضمن نفوذها[38].
مجرد ما تتسلم المديرية المعنية هذا الطلب تقوم بإعداد تقرير يطلق عليه تقرير المهندس الإقليمي، يتضمن جميع المعلومات الضرورية عن الملك العمومي موضوع طلب الاحتلال، والتي تمكن المديرية الجهوية أو الإقليمية من إبداء رأيها في هذا الطلب.
إذا أدلى المهندس الإقليمي برأي عدم الموافقة فإنه يتم إخبار صاحب الطلب بذلك بواسطة رسالة ويغلق ملفه، أما في حالة الإعلان عن الموافقة فإن المديرية المعنية تقوم بتهييئ الوثائق المكونة لملف الاحتلال والمتمثلة في:
– طلب المعني بالأمر؛
– تقرير المهندس الإقليمي؛
– تصاميم موقعية؛
– مشروع قرار الترخيص؛
– التزام بأداء الإتاوة؛
– دليل شرح الإتاوة.
وبعد القيام بهذه الخطوة فإن عملية الترخيص بالاحتلال المؤقت للملك العمومي قد تخضع لإحدى المسطرتين وذلك تبعا للغرض المراد تحقيقه من هذا الاحتلال[39].
تتمثل الأولى في المسطرة العامة: والمتبعة مبدئيا في جميع الترخيصات المتعلقة بهذا النوع من الاحتلال، والتي يتم بموجبها إرسال ملف الترخيص إلى مديرية الطرق والسير على الطرق حيث تتم دراسة مقترحات الترخيص في حالة إبداء هذه المديرية لأي ملاحظة أو اعتراض على هذه المقترحات فإن ملف طلب الترخيص يرجع إلى المديرية الجهوية أو الإقليمية قصد إعادة دراستهما، أما في حالة موافقتهما على هذه المقترحات يؤشر مدير الطرق والسير على الطرق على تقرير المهندس الإقليمي ويرسل الملف إلى مديرية الشؤون الإدارية قصد الإمضاء على قرار الترخيص وإرساله إلى مدير الأملاك المخزنية قصد التأشير عليه بعد رجوع القرار مؤشرا عليه من طرف هذه المديرية يوجه إلى المديرية المعنية عن طريق مديرية الطرق والسير على الطرق قصد تبليغه إلى المعني بالأمر بعد توقيع هذا الأخير على شواهد التبليغ التي يتم إرسال نسخة منها إلى كل من مديرية الطرق والسير على الطرق، مديرية الشؤون الإدارية ومديرية الأملاك المخزنية.
ولا تنتهي مهمة وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك في هذا المجال بتبليغ قرار الترخيص إلى المعني بالأمر، بل تسهر بصفة مستمرة على احترام بنود قرار الترخيص من طرف المستفيد، كما أنها تطلب من هذا الأخير قبل انتهاء المدة المرخص بها بثلاثة أشهر أن يتقدم بطلب تجديد الرخصة إن كان يرغب في ذلك، وإما تطلب منه إفراغ الملك العمومي[40].
– أما الحالة الثانية التي يمكن اتباعها فإنها تعتبر مسطرة استثنائية لأنه لا يتم العمل بها إلا بالنسبة لبعض الترخيصات التي تم بشأنها تفويض إمضاء القرارات المتعلقة بها إلى المديرين الجهويين والإقليميين للأشغال العمومية بواسطة قرار وزاري يفوض بمقتضاه إلى هؤلاء المديرين الإمضاء نيابة عن وزير التجهيز والنقل واللوجستيك على ما يلي[41]:
* قرار الترخيص بالاحتلال المؤقت للملك العمومي المتعلقة:
– إقامة ممرات للآلات الفلاحية وقنوات ظاهرة أو باطنة تخترق عرض الطريق أو تعادي طولها.
– إقامة ممرات لمحطات توزيع الوقود.
– إنشاء ممرات تربط الملكيات المجاورة تفصل بينهما الطريق العمومية.
– بناء ممرات تؤدي إلى الطريق العمومية.
– بعد أسلاك كهربائية أو هاتفية فوق الطريق أو على طولها.
* قرارات الترخيص باستخراج الرمال من الملك العمومي للدولة غير الشواطئ.
* قرارات الترخيص بقطف الأعشاب واستغلال الثمار من الملك العمومي للدولة.
نشير إلى أنه تتبع بالنسبة لهذه الترخصيات نفس المسطرة المشار إليها سابقا، إلا أن العملية تتم على الصعيد المحلي بين المدير الجهوي أو الإقليمي لوزارة التجهيز والنقل واللوجستيك وممثل مديرية الأملاك المخزنية على الصعيد المحلي.
الفقرة الثانية: الإجراءات المسطرية المتبعة في الترخيص عن طريق عقد باستعمال الملك العمومي
رغبة من المشرع في تجاوز العراقيل التي يطرحها أسلوب الترخيص الإداري في تدبير الملك العمومي وذلك لشغل هذا الأخير مؤقتا عن طريق قرار إداري، وسعيا وراء جلب المستثمرين لتمويل التجهيزات العمومية في إطار تعاقدي يضمن حقوق وواجبات كل من الدولة والمستثمر، تم التفكير في وضع الأساس القانوني لتقنية الترخيص التعاقدي في مجال استعمال الملك العمومي[42] لاستقبال مثل هذه الاستثمارات التي ستكون لها لا محالة آثار إيجابية على إنجاز تجهيزات عمومية مهمة[43].
وحسب المادة الثانية من القانون 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة يعتبر التدبير المفوض عقدا يفوض بموجبه شخص معنوي خاضع للقانون العام يسمى “المفوض”، لمدة محددة، تدبير مرفق عام يتولى مسؤوليته إلى شخص معنوي خاضع للقانون العام أو الخاص يسمى “المفوض إليه”، يخول له حق تحصيل أجرة المرتفقين أو تحقيق أرباح من التدبير المذكور أو هما معا.
ويمكن أن يتعلق التدبير المفوض كذلك بإنجاز أو تدبير منشأة عمومية أو هما معا تساهم في مزاولة نشاط المرفق العام المفوض.
وحسب المادة 3 من القانون 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض، يتولى المفوض إليه مسؤولية المرفق العام مع التقيد بمبدأ المساواة بين المرتفقين ومبدأ استمرارية المرفق ومبدأ ملاءمته مع التطورات التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية.
ويقدم المفوض إليه خدماته بأقل كلفة وفي أحسن شروط السلامة والجودة والمحافظة على البيئة.
وإذا كان عقد الامتياز يتم بحرية دون اللجوء في بعض الأحيان إلى مسطرة الإشهار والإعلان عن المنافسة، فإن إبرام عقد التدبير المفوض يتم بطرق متعددة فإما أن يتم بحرية عن طريق الإعلان عن المنافسة، أو يتم عن طريق المباراة أو طلب العروض حسب الأحوال وفقا للمقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل[44]. وباعتبار أن مرسوم 20 مارس 2013 الخاص بالصفقات العمومية يستثني في المادة الثالثة منه عقود التدبير المفوض للمرافق والمنشآت العمومية من تطبيق مقتضياته حيث نصت: ” تستثنى من مجال تطبيق هذا المرسوم:
- الاتفاقات أو العقود التي يتعين على الدولة إبرامها وفقا للأشكال وحسب قواعد القانون العادي وكما هي محددة في الفقرة 7 من المادة 4 أدناه؛
عقود التدبير المفوض للمرافق والمنشآت العمومية؛ …”.
وفي إطار إعطاء مساحة أكبر لطرفي عقد التدبير المفوض، فقد ألزم المشرع السلطة المفوضة لطرح دفتر التحملات يخص الصفقة أو العقد المبرم في إطار التدبير المفوض، من أجل تحقيق أكبر نوع من الشفافية وكذلك تحقيق نوع المنافسة بين المتقدمين لنيل الصفقة وإبرام العقد من المفوض وذلك كله ينصب في سبيل تحقيق شعاري الجودة والمنافسة…، سواء في الحالات العادية أو الاستثنائية[45].
- الحالات العادية:
حسب المادة 5 من القانون 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة فإنه لاختيار المفوض إليه، يجب على المفوض، ما عدا في الحالات الاستثنائية المنصوص عليها في المادة 6 بعده، القيام بدعوة إلى المنافسة قصد ضمان المساواة بين المترشحين وموضوعية معايير الاختيار وشفافية العمليات وعدم التحيز في اتخاذ القرارات.
يجب أن تكون مسطرة إبرام عقد التدبير المفوض موضوع إشهار مسبق.
تحدد أشكال وكيفيات إعداد وثائق الدعوة إلى المنافسة، ولاسيما مختلف مراحلها، بالنسبة إلى الجماعات المحلية من قبل الحكومة وبالنسبة للمؤسسات العامة من قبل مجلس الإدارة أو الجهاز التداولي.
ويتضح من خلال هذه المادة أن تطبيق عقد التدبير المفوض يجب أن يخضع لمبدأ الموضوعية والشفافية والمساواة عن طريق الإشهار والإعلام عن المنافسة. ويتضح أيضا من خلال هذه المادة أن عقد التدبير المفوض يتميز عن باقي العقود خاصة عقد الامتياز بأن في العقد الأول يتم بطرق متعددة وبحرية عن طريق المباراة، طلب العروض أو الاتفاق المباشر حسب الأحوال.
وفي نفس السياق نجد فرنسا لم تخرج بدورها عن هذا الإطار، حيث تنص المادة 38 من قانون 29 يناير 1993 المتعلق بمحاربة الرشوة وشفافية الحياة الاقتصادية والإجراءات العمومية، بحيث أن تفويض المرفق العمومي يتم وفق إجراءات تحترم الشفافية والإشهار وتتم بناء على طلب العروض وفي إطار منافسة محدودة، كما أن هناك مجموعة من القيود التي وردت على أسلوب التنافس وطلب العروض، فقانون 8 غشت 1994 أكد على عدم إخضاع العقود التي يتجاوز تحملات المفوض 35,1 مليون يورو للمنافسة وطلب العروض.
- الحالات الاستثنائية:
مما لا شك فيه أن القانون حدد الحالات الاستثنائية لإبرام عقد التدبير المفوض وذلك عن طريق التفاوض المباشر، فبالرجوع للقانون 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العمومية نجد أنه في المادة 6 منه قد نص على الحالات الاستثنائية التي يمكن اختيار المفوض إليه عن طريق التفاوض المباشر حيت تنص هذه المادة على أنه: ” يمكن اختيار المفوض إليه عن طريق التفاوض المباشر في الحالات الاستثنائية التالية:
- في حالة الاستعجال قصد ضمان استمرارية المرفق العام؛
- لأسباب يقتضيها الدفاع الوطني أو الأمن العام؛
- بالنسبة إلى الأنشطة التي يختص باستغلالها حاملو براءات الاختراع أو بالنسبة إلى الأعمال التي لا يمكن أن يعهد بإنجازها إلا إلى مفوض إليه.
…”.
غير أنه يمكن اللجوء إلى مسطرة التفاوض المباشر في بعض الحالات نتيجة رفض المستثمرين التقدم بملفاتهم بسبب رفضهم القيام بذلك في إطار المنافسة[46]. ومن أجل ذلك أكد المشرع على أنه إذا كان المفوض جماعة ترابية وإذا لم يتم تقديم أي عرض أو إذا تم الإعلان عن عدم جدوى الدعوة إلى المنافسة، يمكن للمفوض المذكور أن يلجأ إلى التفاوض المباشر. وفي هذه الحالة، يجب عليه أن يعد تقريرا يبين فيه الأسباب التي أدت إلى اللجوء إلى هذه الطريقة وإلى اختيار المفوض إليه المقترح. ويعرض التقرير المذكور على مصادقة سلطة الرقابة (الوصاية)[47] على الجماعات الترابية لاتخاذ القرار بشأن التدبير المفوض للمرفق العام المعني[48].
ويمكن أيضا اختيار المفوض إليه عن طريق الاقتراحات التلقائية وهو نصت عليه المادة 7 من القانون 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة[49]. حيث يمكن لأي شخص أن يقوم بتدبير المرفق العام بصفة تلقائية إذا كان يجيد استعمال تقنية أو تكنولوجيا من شأنها أن تكون مفيدة في تدبير مرفق عام.
الفرع الثاني: اختلالات تدبير الملك العمومي وسبل تجاوزها
لا يخرج الإطار العام المنظم لتدبير الملك العمومي بالمغرب عن الإطار العام الذي يؤطر جل مجالات تدبير الشأن العام من حيث مرجعيتها القانونية، ذلك أن أسس جميع القوانين الضابطة لها يرجع إلى فترة فرض الحماية على المغرب، رغم التطور الذي عرفته بعد الاستقلال بحكم التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومن هذا المنطلق فإن الملك العمومي وما يتعلق بتدبيره يشوبه عدة اختلالات (الفقرة الأولى)، الأمر الذي يتطلب إيجاد حلول وإصلاحات قصد تجاوز هذه الثغرات سواء التي تعتري النصوص المؤطرة أو التي تعتري الأساليب التدبيرية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: اختلالات تدبير الملك العمومي
رغم بعض التطورات التي عرفتها الأساليب التدبيرية للملك العمومي بالمغرب إلا أنها تعاني من بعض العراقيل منها ما هو مرتبط بالنظام القانوني (أولا)، ومنها ما يرتبط بطريقة تدبير هذه الأملاك (ثانيا).
أولا: ثغرات وعيوب النظام القانوني المنظم للملك العمومي
تعود القوانين المنظمة للأملاك العمومية بالمغرب إلى الفترة الاستعمارية وهذا ما يجعل صفة التقادم ملازمة لها، وهذا ما لاحظناه عند دراسة هذه القوانين، فهذه الأخيرة لم تعد تساير التطورات التي يعرفها المغرب، بل لا زالت تعكس الظروف السائدة في فترة الحماية سواء تعلق الأمر بقدم المصطلحات الواردة فيه أو أشكال التدابير التي تقترحها، فهذه النصوص ما تزال تعتمد على مصطلحات قانونية وتنظيمية تعبر عن واقع والإدارة المركزية في فترة الحماية بحيث أنها لم تعد تساير التطور الإداري الحالي.
فهذه النصوص القانونية ما زالت تعمل بنظرية الأملاك العمومية كما عرفتها الحقبة التي تقف في بداية القرن العشرين في الوقت الذي طورها الفقه والقضاء والتشريع بشكل ملحوظ في مختلف الدول في مقدمتها فرنسا التي استوحينا منها تلك النصوص في فترة الحماية[50]. فالإشكال المطروح هنا هو لماذا لا زلنا نعمل بهذه النصوص القديمة في الوقت الذي نجد أنها لم تعد تساير التطورات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يعرفها المغرب؟ هل نحن غير قادرين على إصدار نصوص جديدة تواكب هذه التطورات؟
وبالتالي لا يمكن الحديث عن التطور والتقدم وخلق مناخ للاستثمار إذا كانت القوانين تعرف جمودا وليس جمود قصير المدى بل هو طويل المدى بحيث إذا ما رجعنا إلى هذه القوانين، فإننا سنجد عمرها حوالي ستة عقود ومنها ما تجاوز القرن من الزمن. وهذا يؤثر سلبا على تطور المناخ الاستثماري، فمثلا إذا ما رجعنا وتحرينا الأموال العامة التي تمتلكها الدولة خاصة في شخص الجماعات الترابية سنجد هذه الأخيرة تعاني العجز في الميزانية والسبب هو ضعف المداخيل من هذه الأملاك التابعة لها ولنا مثال في الجماعات التي تقع في العالم القروي التي ما تصرح لجنة المالية بها غالبا بالعجز.
وإلى جانب قدم النصوص القانونية المنظمة للأملاك العمومية للدولة هناك تعددها وهو الأمر المهيمن على الإطار القانوني المنظم لهذا الملك. كما أنها وضعت في أزمنة متفرقة من القرن الماضي، فكثرتها وتعددها يطرح مشكل للأجهزة المكلفة بتدبيرها سواء الممركزة أو الترابية في التعامل معها خاصة بعد الاستقلال. وإذا كان هذا التعدد يجد مبررا له في فترة الحماية، فإنه لم يعد له ذلك بعد الاستقلال، الذي توحد خلاله الإطار القانوني للجماعات الترابية خاصة لذلك فإن توحيد كافة النصوص المختصة بالأملاك العامة في نص واحد أصبح ضرورية في الوقت الحاضر مع مسلسل اللامركزية والجهوية[51].
وإلى جانب ذلك هناك اختلال ينعكس على واقع التدبيري للملك العمومي بصفة عامة والجماعي بصفة خاصة يتجلى في التضارب وغياب الانسجام بالنسبة للنصوص القانونية المنظمة للممتلكات الجماعة العامة ويحدد بالأساس عند المقارنة بين النصوص العامة المنظمة لعمل مجالس الجماعات الترابية ونقصد تحديدا المقتضيات التي جاءت بها القوانين التنظيمية[52] والتي شكلت قفزة نوعية في إطار تثبيت دعائم اللامركزية، والنصوص الخاصة التي ظلت حبيسة الفترة الاستعمارية، مما خلق واقعا غريبا ساهم في تركيز سوء التدبير الذي يطال تسيير الممتلكات العامة الجماعية، فالمجالس الجماعية مضطرة إلى التعامل مع مجمل هذه النصوص رغم تعارضها[53].
فمن خلال ما تم التطرق إليه، يتضح بشكل جلي التضارب والتناقض الذي تعرفه النصوص المنظمة للأملاك العامة للدولة وهذا الخلل القانوني يفتح المجال أمام التلاعبات. لذلك يجب الحسم في هذه المسألة وذلك عن طريق تبسيط مسطرة التدبير.
وتجدر الإشارة إلى أن مشروعا لتوحيد هذه النصوص وتبسيطها قد تم وضعه منذ سنة 1978 إلا أنه ظل حبيس محفوظات الأمانة العامة للحكومة منذ ذلك الوقت ولم يرى النور حتى يومنا هذا شأنه مجموعة من القوانين والمدونات ومدونه التعمير على سبيل المثال.
ثانيا: الاختلالات في تدبير الأملاك العمومية
تعاني الأملاك العمومية للدولة بالمغرب من عدة اختلالات تدبيرية ويعتبر الاحتلال غير الشرعي أهمها(1)، إلى جانب ضعف مردودية تدبيرها خاصة ما يتعلق بمحدودية موارد الاستغلالات المؤقتة (2).
- شغل أو احتلال الملك العام بدون سند شرعي:
يعتبر شغل الملك العام للدولة بدون سند شرعي أهم الاختلالات التدبيرية التي يعرفها وأهمها، بحيث أصبح الاستغلال العشوائي للملك العمومي ظاهرة ملفتة. ويكفي أن تلقي نظرة على أزقة وشوارع وساحات المدن المغربية لتشاهد ظاهرة الاحتلال للملك العمومي[54].
وأصبح الاحتلال بدون سند قانوني يشكل القاعدة والترخيص هو الاستثناء، وهذا يؤثر حتى على الاقتصاد الوطني ذلك أن محتل الملك العمومي بدون سند قانوني، لا يؤدي الضرائب رغم تحقيقه أرباحا، ومن ثم فإن الدولة تفوت عليها مجموعة من المداخيل التي يمكن أن تستفيد منها وهذا يؤثر على سلبا على ميزانية الدولة[55].
ويتحقق الاحتلال غير الشرعي في حالتين يجب التمييز بينهما:
- الاحتلال بدون سند حق يعني أنه استقر بحكم سلطته فوق الملك العمومي بدون أن يكون له الحق في ذلك؛
- الاحتلال بدون سند شرعي بحيث قد يكون السند غير شرعي أصلا أو أصبح غير شرعي بانصرام مدة الاحتلال[56]، وقد يكون السند معيبا منذ إصداره ويحصل هذا عندما يتم تقديمه من طرف سلطة إدارية غير مختصة، ويقع هذا في حالة تداخل هذه الأملاك العمومية، أو في حالة خرق السلطات للقواعد القانونية.
هذه الوضعية لها آثار سلبية على وضعية الملك العمومي قد تؤدي إلى إتلاف هذا الملك ومن ثمة تضيع حقوق عدة جهات على هذا الملك كالجماعات الترابية مثلا.
- محدودية موارد الاستغلالات المؤقتة:
الظاهر أن الأملاك العمومية للدولة في المغرب في تناقص ملحوظ[57] وذلك راجع بالأساس إلى غياب سياسة تخطيطية لتكوين رصيد عقاري بالمستقبل، إضافة إلى تقصير الأجهزة المعهود إليها مهمة تدبير هذه الأملاك في تسوية الملفات العالقة للعديد من عقاراتها وأملاكها عموما[58].
ومن الأسباب الأخرى التي تؤدي بالأملاك العمومية للتناقص نجد الاستغلالات العشوائية للأملاك العمومية خاصة الجماعية، ويتجلى ذلك بالخصوص في الاستغلالات التي تحتل الأملاك العامة تجاريا (الأكشاك، اللوحات الإشهارية…) والاحتلالات المرتبطة بمواد البناء والسكن والاستغلالات الصناعية والحرفية[59].
كما من بين أسباب محدودية موارد الاستغلالات المؤقتة للملك العام وترديها يظهر في الملك العام الواقع بالعالم القروي، فمثلا الجماعات الواقعة في مجال قروي معظمها لا يتوفر على أية مداخيل عدا ما تحققه أسواقها الأسبوعية وهي إن لم نقل نادرة جدا[60]، مما يحكم عليها لأن تظل تحت رحمة سلطات الرقابة وتنتظر دائما مساعدات الدولة حتى تبقى قائمة بذاتها في ظل غياب مشاريع اقتصادية لتدبير الملك العام القروي وانعدام الأولوية لمثل هذه المشاريع التي تبقى بعيدة المنال عنها بسبب العزلة الشديدة التي يعاني منها العالم القروي بالمغرب[61].
كما يرجع تدني ومحدودية موارد الاستغلالات المؤقتة للملك العمومي للعنصر البشري المنوط به تدبير هذا الملك خاصة الموظفين في مختلف الأجهزة التي لها علاقة بتدبير الأملاك العمومية، بحيث أغلب الموظفين يعانون من ضعف التكوين فيما يتعلق بالمساطر والقوانين المؤطرة لهذا الملك[62]، وإلى جانب الموظفين نجد ضعف التكوين لدى المنتخبين بحيث يؤدي هذا الضعف إلى عدم قدرتهم في الدفاع عن المشاريع والمقترحات المراد إنجازها على الأملاك العمومية، فعدم توفرهم على مستوى ثقافي وتكويني متين وصحيح في مجال تدبير الشأن العام بصفة عامة وميدان تدبير الأملاك العمومية بصفة خاصة، يجعلهم قاصرين عن ممارسة الكثير من اختصاصاتهم وتفويت الفرصة على الجماعات الترابية من تأديت دورها التنشيطي والتنموي[63].
الفقرة الثانية: سبل تجاوز اختلالات الملك العمومي
لكي يكون تدبير الملك العمومي في المستوى المطلوب يجب على الترسانة القانونية أن تواكب المستجدات الفقهية والاقتصادية، لأن المغرب يتطور سنة بعد سنة في العديد من المجالات بحيث أن مغرب الخمسينات ليس مغرب الألفية الثالثة، فهناك العديد من المستجدات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يجب مراعاتها.
إلى جانب ذلك لابد من توحيد النصوص القانونية المنظمة لهذا الملك من أجل الوصول إلى تدبير أفضل له، وهذا بطبيعة الحال رهين بسن قانون واضح وصريح يخدم المصلحة العامة والتنمية الذاتية والمحلية للجماعات الترابية. وهذا التوحيد يجب أن يشمل الشكل والمبادئ، فالتوحيد لابد منه لأنه إذا تم التوحيد على مستوى الشكل فقط فإنه سيتم فيه دمج القوانين بعضها البعض لإنتاج نص واحد لتفادي التناقضات. أما توحيد المبادئ، سيمكن من تفادي الجدل وتضارب الإجراءات[64].
وإذا كانت مراجعة الإطار القانوني والتنظيمي الذي يحكم تدبير الملك العام بالمغرب يشكل خطوة أولية وأساسية في مسلسل عقلنة أساليب هذا التدبير، فإن هذه الخطوة لا يمكن أن تحقق النتائج المتوخاة منها إلا بإجراء عام ومواز يتمثل في تأهيل العنصر البشري.
ويتم هذا التأهيل عن طريق القيام بتنظيم دورات تكوينية لفائدة موظفي الدولة والمنتخبين في مجالات عدة مرتبطة بتدبير الملك العام، من أجل إكسابهم سواء موظفين كانوا أم منتخبين المؤهلات اللازمة للتدبير السليم والإحساس بروح المسؤولية والقدرة على التواصل والمبادرة ولن يأتي هذا إلا بالتكوين والتحفيز لكي يقوم كل واحد منهم بالمهام المنوطة به، لكن فيما يتعلق بالموظف فإلى جانب كل هذا لابد من تقوية معارفه وتكوينه في مجال التدبير عن طريق تمكينه من تقنيات تنظيم العمل التدبيري داخل الإدارة الساهرة على تدبير الملك العام.
وهكذا يتضح أن التكوين عنصر أساسي وضروري لكل استراتيجية حقيقية في ميدان اللامركزية، يستهدف بالخصوص تحسين مهارات المنتخب المحلي والموظف وتوفير التقنيات الحديثة المرتبطة بالتدبير والإنجاز وتنمية قدرات الخلق والابتكار لديهم من أجل تحقيق النجاعة التدبيرية للملك العام للدولة.
كما أنه من سبل تجاوز الاختلالات المرتبطة بتدبير الملك العمومي نجد عصرنة وتطوير أساليب التدبير، كاعتماد أسلوب الشراكة يحدد فيه أطراف عقد الشراكة حقوق وواجبات كل طرف فيه على أساس دفتر الشروط أو الأعباء، كما يمكن إنشاء شركة يعهد إليها تدبير الملك العمومي للدولة وأن تكون هي المسير وأن تتحمل جميع المسؤوليات والأعباء في تدبير هذا الملك.
خاتمة
بعد تفحص النصوص القانونية التي تؤطر تدبير الملك العمومي بالمغرب، اتضح أن أغلب هذه النصوص أصبحت أحكامها متجاوزة بسبب تعقدها وقدم مساطرها، ذلك لأن معظمها يعود لفترة الحماية، كما أنها لم تعد تواكب متغيرات العصر وتتميز بالغموض وعدم شموليتها في معالجة كثير من الجوانب وعدم مسايرة التطورات الاقتصادية التي يشهدها المغرب.
كما أنه كلما ظلت هذه القوانين المنظمة للملك العمومي جامدة ومبهمة ولا تساير تطلعات المغرب الحديث، فمن غير المنطقي أن تبقى هذه الثروات عرضة للتدبير العشوائي وتأطيرها القانوني يعود للقرن الماضي، هذا بالإضافة إلى تعددها الذي يقف عائقا أمام تطور وضعية الأملاك العمومية ويحد من دورها في النهوض بعجلة الاقتصاد الوطني ويحد من فعاليتها.
ولتجاوز سلبيات سوء تدبير الملك العام للدولة لجعله يؤدي وظيفته في الإقلاع الاقتصادي عن طريق توظيفه في الاستثمارات التي يقوم بها المغرب، ارتأينا أن نتبنى بعض الاقتراحات العملية التي قد تفعل من دور هذا الملك في تنمية وبناء الاقتصاد الوطني وتحد من الإكراهات التي تحول دون تدبير واستغلال جيد لهذه الأملاك وهي كالتالي:
- يجب تحديث وتحيين الإطار القانوني المنظم للأملاك العامة بالمغرب وتجميعه في مدونة؛
- يجب القيام بإحصاء وضبط الملك العمومي بالمغرب وتحفيظها؛
- العمل على إعداد أطر كفأة ومتخصصة في تدبير وترشيد استعمال واستغلال الأملاك العمومية وفق منظور اقتصادي شامل؛
- العمل على إحصاء أملاك الجماعات الترابية وتصفية جميع الوضعيات العالقة وتحفيظها، مع فرض مراقبة صارمة ودائمة على شغلها لرصد مدى احترام الشروط القانونية المعمول بها؛
- رصد حالات الاحتلال غير القانونية للأملاك العمومية والتصدي لها قبل أن تصبح ظاهرة؛
- يجب أن يكون الاستغلال والاستعمال للملك العام للدولة بالمغرب بطريقة مثلى ومحاولة ضمان الحماية الكافية لها التي من خلالها يمكن أن تعيد لهذه الأملاك دورها الشمولي المنشود؛
- وضع مساطر مبسطة لاستعمال الملك العام للدولة استعمالا يخدم التنمية المستدامة؛
- يجب على الإدارة أن تعيد النظر في تعاملها مع الملك العمومي أي تطوير نظرتها إلى هذا الملك باعتباره تراثا له مردوديته الاقتصادية سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة؛
- وضع معايير لمختلف الاستعمالات للملك العمومي سواء تعلق الأمر بالاستعمال المشترك أو بالاستعمال الخصوص؛
- ضرورة اعتماد وسائل تدبيرية تستند على تقنية الشراكة والتعاون والتخطيط والإدارة من قبل جميع المسؤولين سواء محليين أو مركزيين.
- المؤلفات:
- أبو الحسن علي بن محمد علي الجرجاني، كتاب التعريفات، الدار التونسية للنشر، الطبعة الثانية 1971.
- أحمد بوعشيق، المرافق العامة الكبرى، دار النشر المغربية الدار البيضاء، الطبعة الخامسة 2006.
- إدريس الفاخوري، أسس البحث العلمي ومناهجه، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء، الطبعة الرابعة 2018.
- محمد بوجيدة، اللجنة الإدارية لتقييم أملاك الدولة، مطبعة الاعتصام الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1995.
- منية بنلمليح، قانون الأملاك العمومية بالمغرب، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية، العدد 81، دار النشر المغربية بالدار البيضاء، الطبعة الأولى 2009.
- محمد يحيا، المغرب الإداري، مطبعة اسبارطيل طنجة، الطبعة الخامسة 2016.
- محمد مومن، الإشغال المؤقت للملك العام الجماعي في القانون المغربي، دون ذكر الطبعة والمطبعة.
- عبد الواحد الشعير، الممتلكات العقارية للجماعات المحلية بالمغرب، مطبعة فضالة المحمدية، بدون ذكر سنة الطبع.
- الأطروحات:
- محمد عامري، الملك العمومي بالمغرب، أطروحة دكتوراة الدولة في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس بالرباط، السنة الجامعية 1994.
- محمد الإمام ماء العينين، نظام الأملاك الجماعية ورهانات التنمية المحلية بالمغرب، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2006 – 2007.
- عماد أبركان، نظام الرقابة على الجماعات الترابية بالمغرب ومتطلبات الملاءمة، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2014 – 2015.
- رسائل دبلوم الدراسات العليا المعمقة:
- أحمد لواء الدين، تدبير الأملاك العامة للجماعات المحلية الواقع والآفاق، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، السنة الجامعية 2000 – 2001.
- عبد الغني الصروخ، التدبير المفوض من الممارسة إلى القانون، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد المالك السعدي طنجة، السنة الجامعية 2006 – 2007.
- رسائل الماستر:
- بدرية الطريبق، تدبير الممتلكات الجماعية ودورها في تنمية الموارد المحلية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد الملك السعدي طنجة، السنة الجامعية 2008 – 2009.
- زهور بالمدني، الملك الجماعي بالمغرب دراسة نظرية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة الحسن الأول سطات، السنة الجامعية 2013 – 2014.
لائحة المراجع
- حمزة مسكور، التدبير المفوض للمرافق المحلية ورهان التنمية الترابية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد المالك السعدي طنجة، السنة الجامعية 2017 – 2018.
- حنان بوفوس، الإشغال المؤقت للملك العام الجماعي في القانون المغربي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2010 – 2011.
- قلبيوي محمد علي، تدبير الأملاك الجماعية العامة دراسة حالة المجلس الجماعي بمراكش، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض بمراكش، السنة الجامعية 2008 – 2009.
- سناء البغاري، دور المجالس الجماعية في تدبير وحماية الأملاك الجماعية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد المالك السعدي طنجة، السنة الجامعية 2010 – 2011.
- رسائل دبلوم السلك العالي بالمدرسة الوطنية للإدارة العمومية:
- ميلود بوخال، الممتلكات الجماعية: نظامها القانوني وتدبيرها، رسالة لنيل دبلوم السلك العالي بالمدرسة الوطنية للإدارة العمومية بالرباط، الفوج 15 سنة 1985.
- مليكة السويلمي، دور وزارة الأشغال العمومية والتكوين المهني وتكوين الأطر في تدبير الملك العمومي للدولة، رسالة لنيل السلك الثاني، المدرسة الوطنية للإدارة العمومية الرباط، يناير 1992.
- المقالات:
- أحمد بوعشيق، “عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص آلية فعالة لتمويل التنمية بالمغرب”، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 90-91 يناير أبريل 2010.
- محمد الأعرج، “طرق تدبير المرافق العامة بالمغرب”، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد 52، الطبعة الأولى 2004.
- ميمون خراط، “الأملاك العمومية بين الاستعمال الجماعي والخصوصي”، مجلة الحقوق المغربية للدراسات القانونية والقضائية “سلسلة أملاك الدولة”، دون ذكر العدد، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، 2012.
- النصوص القانونية:
- الظهائر:
- الظهير الشريف الصادر في 7 شعبان 1332 الموافق لفاتح يوليوز 1914 بشأن الملك العام حسب ما وقع تغييره وتتميمه، الجريدة الرسمية عدد 62 بتاريخ 10 يوليوز 1914.
- الظهير الشريف المؤرخ في 30 نونبر 1918 بشأن شغل الملك العمومي مؤقتا، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 930، بتاريخ 17 ربيع الثاني 1337 موافق لـ 20 يناير 1919.
- الظهير الشريف رقم 1.61.346 الصادر في 24 جمادى الأولى 1382 الموافق ل 24 أكتوبر 1962 المتعلق بضبط شروط تسليم الترخيصات والرخص والامتيازات الخاصة بمنشآت توزيع القوة الكهربائية وكذا شروط تسييرها ومرقبتها، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 2612 المؤرخة في 18 جمادى الثانية 1382 الموفق ل 16 نونبر 1962.
- الظهير الشريف رقم 1.84.194، الصادر في 28 ديسمبر 1984 المؤرخ في 5 ربيع الآخر 1405 الموافق ل 28 ديسمبر 1984 يتضمن الأمر بتنفيذ القانون رقم 6.84 المتعلق بإحداث مكتب استغلال الموانئ، المنشور في الجريدة الرسمية عدد 3766 الصادرة بتاريخ 10 ربيع الاخر الموافق ل 2 يناير 1985.
- القوانين:
- القانون 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.0615، الصادر في 15 من محرم 1427 الموافق ل 14 فبراير 2006، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5404، الصادرة في 15 صفر 1427 الموافق ل 16 مارس 2006.
- القانون رقم 12.86 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.192 المؤرخ في فاتح ربيع الأول 1436 الموافق لـ 24 ديسمبر 2014، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6328 الصادرة بتاريخ فاتح ربيع الآخر 1436 الموافق لـ 22 يناير 2015.
- القانون 111.14 المتعلق بالجهات، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.83، المؤرخ في 20 من رمضان 1436 الموافق ل 7 يوليو 2015، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6380، الصادرة بتاريخ 6 شوال 1436 الموافق ل 23 يوليو 2015.
- القانون رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.84، المؤرخ في 20 من رمضان 1436 الموافق ل 7 يوليو 2015، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6380، الصادرة بتاريخ 6 شوال 1436 الموافق ل 23 يوليو 2015.
- القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.85 المؤرخ في 20 رمضان 1436 الموافق ل 7 يوليو 2015، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6380، الصادرة بتاريخ 6 شوال 1436 الموافق ل 23 يوليو 2015.
- المراسيم:
- المرسوم رقم 2.12.349 صادر في 8 جمادى الأولى الموافق ل 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6140 المؤرخة في 23 جمادى الأولى 1434 الموافق ل 4 أبريل 2013.
- الدوريات:
- دورية الصدر الأعظم المتعلقة بوضع ضابط لبيع الأملاك والموجهة في فاتح نوفمبر 1912 إلى العمال والقواد والقضاة، صادر بالجريدة الرسمية عدد 1بتاريخ فاتح فبراير سنة 1913.
[1] الظهير الشريف الصادر في 7 شعبان 1332 الموافق لفاتح يوليوز 1914 بشأن الملك العام حسب ما وقع تغييره وتتميمه، الجريدة الرسمية عدد 62 بتاريخ 10 يوليوز 1914، ص: 275.
[2] دورية الصدر الأعظم المتعلقة بوضع ضابط لبيع الأملاك والموجهة في فاتح نوفمبر 1912 إلى العمال والقواد والقضاة، صادر بالجريدة الرسمية عدد 1بتاريخ فاتح فبراير سنة 1913، ص: 6.
[3] ويقتصر على إعطاء أمثلة لذلك كالطرقات والممرات والأزقة والشواطئ والموانئ، والبرك المائية …، والأموال القابلة للتفويت.
[4] عبد الواحد الشعير، الممتلكات العقارية للجماعات المحلية بالمغرب، مطبعة فضالة المحمدية، بدون ذكر سنة الطبع، ص: 52.
[5] الظهير الشريف المؤرخ في 30 نونبر 1918 بشأن شغل الملك العمومي مؤقتا، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 930، بتاريخ 17 ربيع الثاني 1337 موافق لـ 20 يناير 1919.
[6] تتمثل هاتين الخاصيتين في أنها غير قابلة للتفويت ولا يملكها الغير بطول المعدة، ولا يمكن إحالة شيء منها بطريقة نهائية.
[7]– المنهج القانوني البراجماتي يظهر في العبارة الشهيرة لمؤسسه ” أوليفر ويندل هولمز ” الأمريكي بقوله: «إن حياة القانون ليست منطقا ولكن تجربة»، ويعتمد المنهج القانوني البراجماتي على الملاحظة العملية للقانون باعتباره سلوكا بشريا واقعا مع التركيز على عوامل الإطراد والثبات في الأحكام القضائية أو على التناقض فيها.
– إدريس الفاخوري، أسس البحث العلمي ومناهجه، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء، الطبعة الرابعة 2018، ص 48 – 49.
ولأخذ مزيد من الفكرة حول مناهج البحث العلمي وتطبيقها في مجال العلوم القانونية أنظر:
– إدريس الفاخوري، نفس المرجع، ص 31 وما يليها.
[8] عبد الواحد شعير، مرجع سابق، ص: 55.
[9] أبو الحسن علي بن محمد علي الجرجاني، كتاب التعريفات، الدار التونسية للنشر، الطبعة الثانية 1971، ص: 30.
[10] بدرية الطريبق، تدبير الممتلكات الجماعية ودورها في تنمية الموارد المحلية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد الملك السعدي طنجة، السنة الجامعية 2008 – 2009، ص: 26.
[11] ميمون خراط، الأملاك العمومية بين الاستعمال الجماعي والخصوصي، مجلة الحقوق المغربية للدراسات القانونية والقضائية “سلسلة أملاك الدولة”، دون ذكر العدد، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، 2012، ص: 115.
[12] وهذا ما ينص عليه الظهير الشريف رقم 1.61.346 الصادر في 24 جمادى الأولى 1382 الموافق ل 24 أكتوبر 1962 المتعلق بضبط شروط تسليم الترخيصات والرخص والامتيازات الخاصة بمنشآت توزيع القوة الكهربائية وكذا شروط تسييرها ومرقبتها، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 2612 المؤرخة في 18 جمادى الثانية 1382 الموفق ل 16 نونبر 1962، ص: 2656.
وقد نص في الفصل 11 الفقرة الأولى منه على أنه: يتضمن الامتياز الإعلان عن المصلحة العمومية ويترتب عنه ما يلي:
الترخيص لصاحب الامتياز في شغل قطع أرضية من الملك العمومي ضرورية لإقامة مجاري التيار الجوي أو الواقعة تحت الأرض أو دعائم أو أعمدة أو غيرها من منشآت التوزيع الممنوح الامتياز فيه وكذا في نصب الدعائم المتعذر وضعها فوق الأرض على واجهات البنايات العمومية”.
[13] ميمون خراط، مرجع سابق، ص: 116.
[14] منية بنلمليح، قانون الأملاك العمومية بالمغرب، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية، العدد 81، دار النشر المغربية بالدار البيضاء، الطبعة الأولى 2009، ص: 83.
[15] ينص الفصل السادس من ظهير 30 نونبر 1918 المتعلق بأشغال الأملاك العمومية مؤقتا: ” …غير أن الرخص المتعلقة بما سيذكر فيما يلي ستسلم دون تحديد المدة:
أولا – تهيئة الطرق الرابطة بين ملك مجاور للطريق العمومية وبين هذه الطريق مع السماح بالمرور على جانبي الطريق المذكورة أو عدم السماح به؛
ثانيا – نصف معبر لربط صلة الوصل بين قطعتي أرض على ملك فرد واحد سواء كان نصبها على قنوات عمومية لإعداد الأرض للحراثة أو لريها؛
ثالثا – إصلاح ما يبنى للمساعدة على ربط القنوات العمومية بالسواقي المعدة لتجفيف الأملاك الخاصة بأربابها أو لريها”.
[16] هذه الحالات ورد النص عليها في الفقرة الثانية من الفصل السادس من ظهير 30 نونبر1918 السالف الذكر.
[17] الفقرة الأخيرة من الفصل 6 من ظهير 30 نونبر 1918.
[18] الفقرة الأولى من الفصل 7 من ظهير 30 نونبر 1918.
[19] ميمون خراط، مرجع سابق، ص: 109.
[20] الظهير الشريف رقم 1.84.194، الصادر في 28 ديسمبر 1984 المؤرخ في 5 ربيع الآخر 1405 الموافق ل 28 ديسمبر 1984 يتضمن الأمر بتنفيذ القانون رقم 6.84 المتعلق بإحداث مكتب استغلال الموانئ، المنشور في الجريدة الرسمية عدد 3766 الصادرة بتاريخ 10 ربيع الاخر الموافق ل 2 يناير 1985، ص: 37.
[21] مليكة السويلمي، دور وزارة الأشغال العمومية والتكوين المهني وتكوين الأطر في تدبير الملك العمومي للدولة، رسالة لنيل السلك الثاني، المدرسة الوطنية للإدارة العمومية الرباط، يناير 1992، ص: 100.
[22] أحمد بوعشيق، المرافق العامة الكبرى، دار النشر المغربية الدار البيضاء، الطبعة الخامسة 2006، ص: 175.
[23] محمد مومن، الإشغال المؤقت للملك العام الجماعي في القانون المغربي، دون ذكر الطبعة والمطبعة، ص: 58.
[24] محمد الإمام ماء العينين، نظام الأملاك الجماعية ورهانات التنمية المحلية بالمغرب، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2006 – 2007، ص: 151.
[25] محمد الإمام ماء العينين، مرجع سابق، ص: 151.
[26] القانون 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.0615، الصادر في 15 من محرم 1427 الموافق ل 14 فبراير 2006، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5404، الصادرة في 15 صفر 1427 الموافق ل 16 مارس 2006، ص: 744.
[27] محمد يحيا، المغرب الإداري، مطبعة اسبارطيل طنجة، الطبعة الخامسة 2016، ص: 311.
[28] المرسوم رقم 2.12.349 صادر في 8 جمادى الأولى الموافق ل 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6140 المؤرخة في 23 جمادى الأولى 1434 الموافق ل 4 أبريل 2013، ص: 3023.
[29] محمد الأعرج، طرق تدبير المرافق العامة بالمغرب، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد 52، الطبعة الأولى 2004، ص: 125.
[30] المرجع نفسه.
[31] محمد الأعرج، مرجع سابق، ص: 126.
[32] أحمد بوعشيق، عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص آلية فعالة لتمويل التنمية بالمغرب”، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 90-91 يناير أبريل 2010، ص: 86.
[33] المرجع نفسه.
[34] القانون رقم 12.86 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.192 المؤرخ في فاتح ربيع الأول 1436 الموافق لـ 24 ديسمبر 2014، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6328 الصادرة بتاريخ فاتح ربيع الآخر 1436 الموافق لـ 22 يناير 2015، ص: 456.
[35] طبقا للمادة الخامسة من القانون 12.86 فإن الشخص العام بإمكانه اللجوء إلى ما يسمى مسطرة الحوار التنافسي، والتي بموجبها يمكنه أن يقلص من عدد المترشحين على مراحل متتالية، بالتنصيص على ذلك في نظام الاستشارة، ومواصلة الحوار على أساس قائمة محدودة. ثم إن الشخص العام له حرية اختيار العرض الأكثر فائدة من الناحية الاقتصادية وفق شروط معينة حددتها المادة الثامنة من القانون 12.86 السالف الذكر.
[36] تنص المادة السادسة من القانون 12.86 في الفقرة الأولى والثانية منها على أنه: “طلب العروض المفتوح مسطرة يقوم بموجبها الشخص العام بعد دعوة للمنافسة باختيار العرض الأكثر فائدة من الناحية الاقتصادية وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 8 أدناه.
طلب العروض بالانتقاء المسبق مسطرة تمكن الشخص العام من التحديد المسبق للائحة المترشحين المقبولين لإيداع العروض”
[37] تنص المادة السابعة من القانون 12.86 على أنه: “يمكن إبرام عقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص عن طريق المسطرة التفاوضية في الحالات التالية:
-عدم إمكانية إنجاز الخدمة أو استغلالها لاعتبارات تقنية أو قانونية إلا من قبل فاعل وحيد من القطاع الخاص.
-حالة الاستعجال الناجمة عن أحداث غير متوقعة بالنسبة إلى شخص العام.
-دواعي تتعلق بالدفاع الوطني أو الأمن الوطني”.
[38] مليكة السويلمي، مرجع سابق، ص: 88.
[39] مليكة السويلمي، مرجع سابق، ص: 89.
[40] مليكة السويلمي، مرجع سابق، ص: 89.
[41] المرجع نفسه، ص: 90.
[42] سيتم الاقتصار على المسطرة المتبعة في عقود التدبير المفوض فقط لأنه سبق وتم التطرق للمسطرة المتبعة بالنسبة لعقود الامتياز في الفقرة الأولى من الفرع الثاني من المطلب الأول من هذه الدراسة.
- بخصوص مسطرة عقد الامتياز كوسيلة للترخيص باستعمال الملك العام للدولة يرجع للصفحة 11 وما بعدها من هذه المقالة.
[43] كلمة السيد وزير التجهيز في عرضه لمشروع قانون 17.98 بتتميم الظهير الشريف الصادر في 24 صفر 1337 الموافق ل 30 نونبر 1918 في شأن الاحتلال المؤقت للملك العمومي، الصادر في الجريدة الرسمية – نشرة مداولات مجلس المستشارين – دورة أكتوبر 1999 عدد 30 نونبر 1999، ص: 125.
[44] حمزة مسكور، التدبير المفوض للمرافق المحلية ورهان التنمية الترابية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد المالك السعدي طنجة، السنة الجامعية 2017 – 2018، ص: 62 – 63.
[45] عبد الغني الصروخ، التدبير المفوض من الممارسة إلى القانون، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد المالك السعدي طنجة، السنة الجامعية 2006 – 2007، ص: 63.
[46] حمزة مسكور، مرجع سابق، ص: 65.
[47] في شأن نظام الرقابة على الجماعات الترابية أنظر:
- عماد أبركان، نظام الرقابة على الجماعات الترابية بالمغرب ومتطلبات الملاءمة، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2014 – 2015.
[48] الفقرة الثانية من المادة 6 من القانون 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة.
[49] تنص المادة 7 من القانون 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة في الفقرة الأولى على أنه: “يمكن لأي شخص، يجيد استعمال تقنية أو تكنولوجيا من شأنها أن تكون مفيدة في تدبير مرفق عام، أن يقدم، بصفة تلقائية، ترشيحه مصحوبا بعرض يتضمن دراسة جدوى تقنية واقتصادية ومالية إلى السلطة المختصة قصد اتخاذ قرار بشأن تفويض تدبير المرفق العام المعني.
[50] محمد بوجيدة، اللجنة الإدارية لتقييم أملاك الدولة، مطبعة الاعتصام الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1995، ص: 6.
[51] سناء البغاري، دور المجالس الجماعية في تدبير وحماية الأملاك الجماعية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد المالك السعدي طنجة، السنة الجامعية 2010 – 2011، ص: 101.
[52] القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.85 المؤرخ في 20 رمضان 1436 الموافق ل 7 يوليو 2015، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6380، الصادرة بتاريخ 6 شوال 1436 الموافق ل 23 يوليو 2015، ص: 6660.
- القانون رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.84، المؤرخ في 20 من رمضان 1436 الموافق ل 7 يوليو 2015، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6380، الصادرة بتاريخ 6 شوال 1436 الموافق ل 23 يوليو 2015، ص: 6625.
- القانون 111.14 المتعلق بالجهات، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.83، المؤرخ في 20 من رمضان 1436 الموافق ل 7 يوليو 2015، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6380، الصادرة بتاريخ 6 شوال 1436 الموافق ل 23 يوليو 2015، ص: 6585.
[53] محمد بوجيدة، مرجع سابق، ص: 33.
للتعمق أكثر في مسألة التداخل النصوص المنظمة للملك العام يراجع:
- محمد الإمام ماء العينين، مرجع سابق، ص: 188 وما بعدها.
[54] زهور بالمدني، الملك الجماعي بالمغرب دراسة نظرية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة الحسن الأول سطات، السنة الجامعية 2013 – 2014، ص: 90.
[55] المرجع نفسه.
[56] محمد عامري، الملك العمومي بالمغرب، أطروحة دكتوراة الدولة في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس بالرباط، السنة الجامعية: 1994، ص: 290.
[57] ميلود بوخال، الممتلكات الجماعية: نظامها القانوني وتدبيرها، رسالة لنيل دبلوم السلك العالي بالمدرسة الوطنية للإدارة العمومية بالرباط، الفوج 15 سنة 1985، ص: 177.
[58] حنان بوفوس، الإشغال المؤقت للملك العام الجماعي في القانون المغربي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2010 – 2011، ص: 70.
[59] محمد الإمام ماء العينين، مرجع سابق، ص: 223.
[60] حنان بوفوس، مرجع سابق، ص: 71.
[61] أحمد لواء الدين، تدبير الأملاك العامة للجماعات المحلية الواقع والآفاق، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، السنة الجامعية 2000 – 2001، ص: 44.
[62] قلبيوي محمد علي، تدبير الأملاك الجماعية العامة دراسة حالة المجلس الجماعي بمراكش، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض بمراكش، السنة الجامعية 2008 – 2009، ص: 100.
[63] زهور بالمدني، مرجع سابق، ص: 104. [64] للتعمق أكثر فيما يخص نقطة التوحيد الشكلي والمبادئ أنظر:- سناء البغاري، مرجع سابق، ص: 143 وما بعدها.
- أحمد لواء الدين، مرجع سابق، ص: 58 وما بعدها.