التكييف القانوني الدولي لجريمة التعذيب
International legal qualification of the crime of torture
طورش إيمان، طالبة دكتوراه، قانون دولي، جامعة قرطاج، تونس
Toureche imane, International law , Carthage University, Tunisia
مقال منشور في مجلة جيل حقوق الإنسان العدد 41 الصفحة 29.
Summary:
We have concluded from this study that torture is an absolute criminal act in all international conventions and laws. Despite the absolute ban of this crime, it is still practiced in more brutal and violent ways. Especially since we live in complex political conflicts in which various types of torture are practiced under the pretext of obtaining confessions or information from victims. The international community, while concerned about human safety, has not been able to eradicate this crime, whose methods and types may differ, but its impact and consequences are the same. Therefore, international texts have come to protect human beings from exposure to all forms of torture or cruel practices; by criminalizing this behavior and holding the criminals responsible, as well as considering torture as a war crime, a crime against humanity, and a crime of genocide in its own right; having its material and moral elements. It seeks to tighten punishment and confirm the absolute ban of this crime that threatens the lives of individuals and the stability of states.
key words: War crimes , Genocide, psychological torture , official employee, crimes against humanity.
ملخص:
خلصنا من هذه الدراسة إلى أن التعذيب فعل مجرم تجريما مطلقا في جميع المواثيق والقوانين الدولية ،ورغم الحظر المطلق لهذه الجريمة غير انه لازال يمارس بطرق أكثر وحشية وعنفا، خاصة وأننا نعيش صراعات سياسية معقدة تمارس فيها مختلف أنواع التعذيب بحجة الحصول على اعترافات أو معلومات من الضحايا، ولم يستطع المجتمع الدولي رغم حرصه على سلامة الإنسان القضاء على هذه الجريمة التي وان اختلفت أساليبها وأنواعها غير أن تأثيرها ونتائجها واحدة، وعلى ضوء ذلك فلقد جاءت النصوص الدولية لحماية الإنسان من التعرض لكافة أشكال التعذيب أو الممارسات القاسية من خلال تجريم هذا السلوك وتحميل المسؤولية الجنائية للمجرمين وكذلك تكييف التعذيب كجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية وجريمة إبادة جماعية قائمة بذاتها، لها أركانها المادية والمعنوية سعيا منه إلى تشديد العقاب وتأكيد الحظر المطلق لهذه الجريمة التي تهدد حياة الأفراد واستقرار الدول.
الكلمات المفتاحية: جرائم الحرب، الإبادة الجماعية، التعذيب النفسي، الموضف الرسمي، جرائم ضد الإنسانية.
مقدمة:
تشهد جريمة التعذيب انتشارا واسعا على الصعيدين الإقليمي والدولي، خاصة في ضل الصراعات الراهنة التي يعيشها العالم من حروب ونزاعات صاحبها انتهاك فضيع للقانون الدولي الإنساني ،ونظرا لكون التعذيب وسيلة ضغط فعالة تنتهجها بعض الجهات الرسمية والغير الرسمية من أجل الحصول على معلومات أو بهدف السيطرة على مجموعات أو أفراد، فإنه وبموجب القانون الدولي يعتبر من الأفعال المحظورة دوليا يستوجب ارتكابه المسائلة الجنائية، وذلك لما يسببه من اعتداء صارخ لحق الإنسان في سلامة جسده ونفسيته التي كفلتها له جميع الشرائع السماوية والقوانين الدولية .
وعلى ضوء الأهمية البالغة التي أولاها القانون الدولي لحماية الإنسان من التعرض لأي شكل من أشكال التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة من خلال العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية والإقليمية، فقد سعينا بدورنا في هذا البحث إلى دراسة جريمة التعذيب من حيث تحديد الإطار المفاهيمي لها وكذلك التعرف على الوصف القانوني لهذه الجريمة من منظور القانون الدولي، وهو ما يضعنا أمام إشكالية جوهرية تتمثل أساسا في ماهو تكييف جريمة التعذيب من منظور القانون الدولي؟
أهمية الدراسة:
تتمثل أهمية هذه الدراسة في أهمية نظرية وأخرى عملية، أما الأهمية النظرية فتتمحور حول كون هذا الموضوع ذو بعد إنساني يهدد حياة الملايين من الضعفاء حول العالم، خاصة وان اغلب حالات التعذيب تؤدي إلى الوفاة.
وأما الأهمية العملية فتتمثل في دراسة هذه الجريمة من الجانب القانوني من خلال تحليل النصوص الدولية المتعلقة بموضوع دراستنا وإزالة اللبس حول بعض المفاهيم المتشابهة مع جريمة التعذيب وكذلك التعرف على أوصاف الجرائم التي يقع تحت طائلتها تكييف هذه الجريمة.
أهداف الدراسة:
إن الهدف المرجو من تسليط الضوء على هذا الموضوع هو التأكيد على حظر التعذيب دوليا حظرا مطلقا، لما يشكله من امتهان للكرامة الإنسانية، من خلال التعريف بجريمة التعذيب وإبراز حجم خطورتها وكذلك استنباط مدى التزام القانون الدولي بحماية الإنسان من التعرض لهذه الجريمة.
منهج الدراسة:
بغية تحقيق الأهداف المرجوة من هذا البحث، فلقد ارتأينا أن نتبع في دراستنا المنهج الاستقرائي من حيث التعريف بالموضوع وتحديد عناصره وأركانه، كما اعتمدنا المنهج الوصفي في وصف أشكال وأساليب ارتكاب هذه الجريمة وصولا إلى تحليل النصوص القانونية التي خصت موضوع البحث.
خطة الدراسة:
على ضوء الإشكالية المطروحة فسوف تكون دراسة هذا الموضوع من خلال محورين أساسيين :
المحور الأول: مفهوم وأركان جريمة التعذيب في القانون الدولي.
المحور الثاني: تكييف جريمة التعذيب في القانون الدولي.
المبحث الأول: مفهوم وأركان جريمة التعذيب في القانون الدولي
يعتبر التعذيب من أشد الأفعال قسوة وظلما خاصة وأنه يمثل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان وأبرزها حقه في سلامته الجسدية، هذه الأخيرة التي أولى القانون الدولي لها حماية خاصة من خلال الحظر المطلق لجميع أشكال التعذيب أو المعاملة القاسية أو المهينة، وقد تجسدت هذه الحماية في العديد من الإعلانات والاتفاقيات التي تضمنت نصوصها المفهوم القانوني لجريمة التعذيب وهو ما سوف نتناوله بنوع من التفصيل في هذا المبحث.
المطلب الأول: تعريف جريمة التعذيب في القانون الدولي
باعتبار أن هذه الدراسة تخص فقط الجانب القانوني الدولي فسوف نبدأ بتعريف جريمة التعذيب وفق أبرز الاتفاقيات الخاصة بالتعذيب ولعل من أبرزها “إعلان الأمم المتحدة بشان مناهضة التعذيب، اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب و الاتفاقية الأمريكية للوقاية وقمع التعذيب“
الفرع الأول: إعلان الأمم المتحدة بشان مناهضة التعذيب لعام 1975
يعتبر إعلان الأمم المتحدة بشان مناهضة التعذيب لعام 1975 أول وثيقة دولية تضمنت تعريفا صريحا لجريمة التعذيب حيث جاء في المادة الأولى منه” لأغراض هذا الإعلان يقصد بالتعذيب أي عمل ينتج عنه ألم وعناء شديد جسديا كان أم عقليا يتم إلحاقه بشخص ما بفعل أحد الموظفين العموميين أو بتحريض منه لأغراض مثل الحصول من هذا الشخص أو من شخص أخر على معلومات أو اعتراف أو معاقبته على عمل ارتكبه أو تخويفه أو تخويف أشخاص آخرين، ولا يشمل التعذيب الألم أو العناء الذي يكون ناشئا عن مجرد جزاءات مشروعة أو ملازما لها أو مترتبا عنها بقدر تمشي ذلك مع القواعد الدنيا لمعاملة السجناء.”[1]
حتى يأخذ السلوك وصف جريمة التعذيب حسب هذه الاتفاقية وجب أن يسبب ألما و معاناة شديدة سواء كانت جسدية أو عقلية، يرتكبها موظف عمومي أو بتحريض منه من اجل الحصول على معلومات أو اعترافات أو تخويفه أو معاقبته.
وفي هذه النقطة نجد أن هذا التعريف أكثر شمولا ووضوحا، وذلك لان اغلب ممارسات التعذيب قد ترتكب من أجل تخويف الضحايا و ليس فقط الحصول منهم على اعترافات. لكنه في ذات الوقت فإن ربط أفعال التعذيب بالموظف العمومي وحصرها في الشخص الذي يتمتع بهذه الصفة حتى يمكن اعتبار الفعل تعذيبا تزيد من نطاق خطورته مما يجعل الباب مفتوحا أمام مرتكبي جرائم التعذيب الذين لا يتمتعون بصفة الموظف العمومي للإفلات من العقاب.
الفرع الثاني: اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام”1984.
عرفت “اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام”1984 التعذيب بموجب المادة الأولى منها بنصها “لأغراض هذه الاتفاقية يقصد بالتعذيب أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما قصد الحصول من هذا الشخص أو من شخص ثالث على معلومات أو اعترافات أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في انه ارتكبه هو أو شخص ثالث، أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص أخر يتصرف بصفته الرسمية، ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها.”[2]
وتعتبر هذه الاتفاقية ثاني وثيقة تتعرض لتعريف التعذيب تعريفا صريحا وأكثر شمولية، وهي من أوائل الوثائق الدولية التي حددت أساليب ارتكاب هذه الجريمة والأحكام القانونية لمناهضتها، وهو ما ترجمه البروتوكول الإضافي الاختياري الذي وضع نظاما للرقابة الفعالة والتفتيش من خلال تقارير اللجان المكلفة بمناهضة التعذيب.
وانطلاقا من هذا التعريف فإنه يعتبر الفعل تعذيبا إذا نتج عنه ألم شديد سواء كان هذا الألم جسديا أو عقليا، يتم إلحاقه بهدف الحصول على معلومات أو اعترافات أو معاقبته على عمل ارتكبه أو حتى يشتبه انه ارتكبه هو أو أي شخص آخر، وكذلك أن يكون الهدف وراء التعذيب هو التمييز مهما كان نوع هذا التمييز، سواء كان ارتكاب فعل التعذيب مباشرة من الجاني نفسه أو بتحريض منه وسواء كان بموافقته أو بسكوته عنه، ويشترط هذا التعريف كذلك الصفة الرسمية في الجاني كما يستثنى من هذه الأفعال العقوبات الناشئة عن عقوبات قانونية أو ملازمة لها أو كانت نتيجة لها، قد يكون هذا التعريف اشمل وأكثر تفصيلا بمفهوم التعذيب لكننا نرى أن مسالة اشتراط صفة الرسمية في الجاني وكذلك تحديد معيار شدة الألم مسالة تجعل من جرائم التعذيب التي ترتكب من طرف أشخاص ليسو موظفين رسميين يفلتون من العقاب وما أكثر حالات التعذيب التي تختبئ خلف الأسوار و تمارس في الخفاء دون أن يكتشف مرتكبوها فقط لأنهم ليسو موظفين رسميين، كما أن شدة الألم كمعيار لتمييز فعل التعذيب عن غيره من الممارسات قد تضيع في كثير من الأحيان حقوق الضحايا الذين يتعرضون للتعذيب، وتساهم في إفلات الجناة من العقاب فما يسبب ألما شديدا لشخص قد لا يصل إلى نفس الدرجة منه بالنسبة لشخص أخر. وهو ما يعاب على هذا التعريف و غيره من التعريفات التي تناولت مفهوم التعذيب.
الفرع الثالث: الاتفاقية الأمريكية للوقاية وقمع التعذيب لعام “1985
بالإضافة إلى التعريفين السابقين نجد تعريف “الاتفاقية الأمريكية للوقاية وقمع التعذيب لعام “1985 هذه الأخيرة التي تعتبر ثالث وثيقة تتناول تعريفا صريحا للتعذيب وهو ما يتضح لنا جليا من خلال نص المادة الثانية منها”لأغراض هذه الاتفاقية يفهم التعذيب على انه أي فعل يرتكب عمدا لإنزال الألم البدني أو العقلي أو المعاناة بأي شخص لأغراض التحقيق الجنائي كوسيلة للتخويف أو لعقوبة شخصية أو كإجراء وقائي أو لأي غرض أخر ويفهم التعذيب كذلك على انه استخدام الوسائل التي يقصد بها طمس شخصية الضحية أو إضعاف قدراته البدنية أو العقلية حتى و إن لم تسبب الألم البدني أو العقلي، ولا يشمل مفهوم التعذيب الألم البدني أو العقلي أو المعاناة التي تلازم أو تكون من أثار الإجراءات القانونية بشرط أن لا تشمل ارتكاب أعمال أو استعمال وسائل مشار إليها في هذه المادة.”[3]
من خلال هذا التعريف يتبين لنا أن الاتفاقية الأمريكية وسعت من مفهوم التعذيب ليصل إلى الفعل الذي يرتكب عمدا لإنزال الألم البدني أو العقلي مهما كان الغرض منه، ولم يتم حصره في الممارسات بهدف الحصول على اعترافات ومعلومات.
نستخلص من النصوص القانونية السابقة أنها ورغم اتفاقها على تعريف جريمة التعذيب غير أنها تركت مجالا للاختلاف حول مسألة “شدة الألم والمعاناة” وهو المعيار الذي على أساسه يمكن وصف السلوك الإجرامي على انه جريمة تعذيب وغالبا ما تكون شدة الألم والمعاناة مسالة نسبية تختلف من ضحية إلى أخرى وكذلك اشتراط صفة الرسمية في الجاني إضافة إلى كون الضحية تحت سيطرة الجاني وهو ما ينكره الواقع حيث أن معظم جرائم التعذيب تتم من قبل أشخاص ليس لهم سلطة على الضحية كما أنهم ليسو موظفين رسميين.
المطلب الثاني: عناصر وأركان جريمة التعذيب
كغيرها من الجرائم الدولية تتكون جريمة التعذيب من مجموعة عناصر وأركان سنحاول التفصيل فيها بداية بعناصر الجريمة ثم تحديد أركانها.
الفرع الأول: عناصر جريمة التعذيب في القانون الدولي
تتميز جريمة التعذيب بعناصر رئيسية تميزها عن باقي الممارسات القاسية الأخرى وتتمثل هذه العناصر في النقاط التالية:
أولا: التعذيب المعنوي أو الجسدي الشديد
طبقا للقانون الدولي والتعريفات السالفة الذكر لجريمة التعذيب فانه وحتى يشكل الفعل أو السلوك تعذيبا وجب أن يسبب ارتكابه ألما أو عذابا شديدا جسديا كان أو عقليا، ومنه فان شدة أو درجة الألم تعتبر معيارا أساسيا للتمييز بين فعل التعذيب وغيره من الممارسات القاسية التي لا تصل إلى وصفها تعذيبا، غير أنه في غالب الأحيان تكون هناك صعوبة في إثبات مستوى حدة هذا الألم ومدى شدته التي تنقل وصف المعاملة القاسية إلى جريمة تعذيب ويرجع ذلك لارتباط شدة الشعور بالألم والمعاناة بالظروف التي من المؤكد أنها تختلف من شخص لأخر كالجنس والسن والحالة الصحية والبنية الجسدية وغيرها من الظروف، مع العلم انه قد تم طرح التساؤل حول تحديد مستوى الشدة هذا أكثر من مرة في أعمال المحاكم والجان الدولية لحقوق الإنسان[4]،لأن ما قد يشكل تعذيبا لشخص معين قد لا يصل إلى درجته بالنسبة لشخص أخر.
ثانيا: الهدف وراء التعذيب
حسب التعريفات الدولية المذكورة أعلاه لهذه الجريمة[5] ، فانه ليس كل فعل مسبب للألم يمكن تكييفه على انه جريمة تعذيب، بل لابد أن يكون القصد منه هو الحصول على اعترافات ومعلومات من الضحية وكذلك المعاقبة، التخويف، الإرغام على الاعتراف أو لأي سبب يقوم على التمييز العنصري، وهو ما جاءت به المادة الأولى من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.
والقصد وراء التعذيب هو الركن المعنوي لهذه الجريمة ويتمثل في اتجاه إرادة الجاني للحصول على اعترافات أو معلومات من ضحية يشتبه في ارتكابه لجريمة معينة حتى لو كان في الأصل بريئا منها، إلا انه وتحت وطأة التعذيب يمكن أن يعترف بما لم يرتكبه[6] .
و تشمل هذه الأهداف ما يلي:
*الحصول على معلومات أو اعترافات من الضحية أو من شخص أخر.
*العقاب على عمل ارتكبه أو يشتبه في انه ارتكبه هو أو شخص ثالث.
*تخويف الضحية أو شخص ثالث.
بناء على ما تقدم نخلص إلى أن اعتبار الفعل جريمة تعذيب في منظور القانون الدولي يتطلب أن يكون الجاني فيها أحد الموظفين الرسميين كما يجب أن يسبب السلوك الإجرامي ألما شديدا بدنيا كان أو نفسيا أو عقليا وأن يكون الهدف منه الحصول على معلومات، غير أن مفهوم التعذيب أوسع بكثير من هذا النطاق الذي يتميز بالمحدودية نوعا ما.
الفرع الثاني: أركان جريمة التعذيب
الجريمة الدولية بصفة عامة هي “فعل غير مشروع في القانون الدولي صادر من شخص ذي إرادة معتبرة قانونا ومتصل على نحو معين بالعلاقة بين دولتين أو أكثر، وله عقوبة توقع من اجله[7].
ومنه يتضح أن جريمة التعذيب تتكون من ثلاثة أركان أساسية سنتناولها بنوع من التفصيل على النحو التالي.
1/الركن المادي:
يتمثل الركن المادي في جريمة التعذيب في الإيذاء و يقصد به ممارسة فعل التعذيب بمفهومه الكامل والمتضمن الإيذاء البدني أو النفسي أو العقلي وهو ينصرف إلى ماديات الجريمة أي إلى الأفعال التي تعتبر ممارستها جريمة والتي يحقق بها الجاني مخالفة لقاعدة قانونية محمية دوليا ويستوجب لقيام الركن المادي في جريمة التعذيب ثلاثة عناصر تشمل (السلوك الإجرامي والنتيجة والعلاقة السببية).
أما السلوك الإجرامي وطبقا للمادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب فانه لا يعتبر الفعل تعذيبا إلا إذا ارتكبه أو حرض أو وافق عليه أو سكت عنه موظف رسمي أو شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية، أو تجسد في اتخاذ أساليب وأفعال أو إجراءات تمس كرامة شخص الضحية جسديا أو أساليب معنوية تحط من كرامة الشخص ومن إنسانيته[8].
وهذا السلوك لا يمس فقط الجانب الجسماني للضحية بل يمس كذلك الجانب النفسي، ومن بين صور هذا السلوك” الضرب الشديد، صدمات الكهرباء، خلع الأظافر والجلد والشعر، كسر الأصابع والأسنان، إطفاء السجائر فوق جسد الضحية، حمامات الماء المثلج أو الساخن جدا، الخنق، إيهام الضحية بالغرق، الحرمان من الطعام والشراب، الاعتداء الجنسي…..، والى غيرها من صور التعذيب التي لا يمكن للإنسان تحملها، وإذا كان من الممكن تحديد وسائل وأدوات التعذيب الجسدي فانه من الصعب جدا فعل ذلك بالنسبة للتعذيب النفسي كون هذا الأخير يرجع إلى نفس المجني عليه وشخصيته، والى مهارة القائم بالتعذيب وبالظروف الواقعة ومدتها وبالوسائل المستعملة[9].
النتيجة الإجرامية:
وتتجسد نتيجة التعذيب في الأثر المترتب على ارتكاب الفعل الإجرامي وهي بمثابة تحقيق للضرر الخارجي الذي تسبب به السلوك الإجرامي، وعليه فان النتيجة الإجرامية في هذه الجريمة هي حدوث آلام شديدة جسدية أو نفسية أو عقلية للمجني عليه وبذلك تحقق النتيجة التي يجرمها القانون وتتمثل أساسا في الاعتداء على حق الفرد في سلامته الجسدية والعقلية وهو المدلول القانوني للنتيجة المتحققة، مع الإشارة إلى أن معيار شدة الألم يخضع للسلطة التقديرية للقاضي كونه يتعلق بالظروف الشخصية للضحية.
وباختصار فان النتيجة الإجرامية في الجريمة موضوع دراستنا هي إلحاق العذاب والآلام الجسدية أو العقلية أو النفسية بالمجني عليه مع اشتراط شدتها وقسوتها.
رابطة السببية:
السببية في مجال القانون الجنائي هي رباط يربط بين قطبين احدهما السلوك الإجرامي الذي يمثل دور السبب والآخر النتيجة الإجرامية والتي تمثل دور الأثر المترتب على هذا السبب[10]،ولقيام الركن المادي وجب توافر رابطة السببية باعتبارها عنصرا من عناصره وتحققها شرط أساسي يستوجب قيام المسؤولية الجنائية.
2/الركن المعنوي:
الركن المعنوي هو القصد الجنائي من ارتكاب السلوك الإجرامي بمعنى نية الإضرار بالغير أو إلحاق آلام شديدة بالضحية، ويعني اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل من اجل الحصول على معلومات أو اعترافات أو التخويف أو العقاب وهو الغاية من التعذيب، وبمعنى أخر أن يكون الجاني على علم بجميع مقومات الجريمة ومنه تحقيق نتيجة مقصودة، والقصد الجنائي المتطلب لهذه الجريمة هو القصد الجنائي الخاص فالقصد العام لوحده غير كاف[11].
ويتمثل القصد الجنائي في هذه الجريمة في أن يستهدف الجاني غاية معينة، وهذا هو جوهر القصد الخاص[12].
3/صفة الجاني(الركن المفترض)
إن وجود الضحية تحت سلطة المتهم وسيطرته يعتبر ركنا أساسيا من الأركان المشكلة لجريمة التعذيب في مفهوم القانون الدولي، وهو ما أكدته المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب السابقة الذكر، وتبعا لذلك فانه وحتى يكون فعل التعذيب مجرما دوليا كان لزاما أن يقع من قبل موظف رسمي أو بتحريض منه أو برضاه أو تحت علمه هو أو أي شخص آخر. ومن هذا المنطلق تنشا تفرقة بين الأفعال الرسمية والغير رسمية وبين من يرتكب أفعال التعذيب بدون رضا أو تحريض أو قبول موظف رسمي أو شخص آخر يعمل بهذه الصفة ،فان ذلك لا يدخل تحت طائلة التعذيب وفقا لاتفاقية مناهضة التعذيب رغم انه ومن وجهة نظر الضحية لا يوجد أي فرق بين هذا التعذيب والتعذيب الذي ارتكبه موظف رسمي، فالنتيجة بالنسبة له واحدة والضرر الذي وقع عليه واحد[13].
المبحث الثاني: التكييف القانوني لجريمة التعذيب
لم يهتم القانون الدولي فقط بتجريم أفعال التعذيب وتحديد نطاقها، وإنما سعى جيدا إلى تكريس مبدأ الحظر المطلق لهذه الجريمة، وباعتبار أن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يعد مصدرا أساسيا لتكييف الجرائم الدولية التي تدخل ضمن اختصاص المحكمة، ومن بينها جريمة التعذيب التي كان لها تكييف مختلف بناء على المصلحة التي تم الاعتداء عليها ووفق شروط معينة جعلت من جريمة التعذيب في منظور القانون الدولي جريمة متعددة التكييفات .
المطلب الأول: تكييف جريمة التعذيب كجريمة ضد الإنسانية
الفرع الأول: تعريف الجرائم ضد الإنسانية
تم تكريس مفهوم الجرائم ضد الإنسانية في النظام الأساسي لمحكمة “نوربمبرغ” الذي نص لأول مرة على مصطلح الجرائم ضد الإنسانية وفقا للمادة السادسة منه فان الجرائم ضد الإنسانية تتمثل في “القتل العمدي، الإبادة، الرق، الترحيل القسري، وأي عمل لاإنساني ارتكب ضد الأهالي المدنيين قبل أو بعد الحرب وكذا الاضطهاد لدوافع سياسية، عرقية أو دينية، عندما تكون تلك الأعمال أو الاضطهادات سواء شكلت خرقا للقانون الداخلي للدولة التي ارتكبت فيها أو، قد تم ارتكابها بعد جريمة أخرى تدخل في اختصاص المحكمة أو كانت على علاقة بهذه الجريمة[14].
وبعد ذلك جاءت اتفاقية روما من خلال نص الفقرة الأولى من المادة 7 بقولها” لغرض هذا النظام الأساسي يشكل أي فعل من الأفعال التالية “جريمة ضد الإنسانية” متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، وعن علم بالهجوم.
أ) القتل العمد.
ب) الإبادة.
ج) الاسترقاق.
د) إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان.
هـ) السجن أو الحرمان الشديد على أي نحو آخر من الحرية البدنية بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي.
و) التعذيب.
ز) الاغتصاب أو الاستعباد الجنسي أو الإكراه على البغاء، أو الحمل القسري، أو التعقيم القسري أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدرجة من الخطورة.
ح) اضطهاد أية جماعة محددة أو مجموع محدد من السكان لأسباب سياسية أو عرفية أو قومية أو إثنية أو ثقافية أو دينية، أو متعلقة بنوع الجنس على النحو المعرف في الفقرة 3، أو لأسباب أخرى من المسلم عالمياً بأن القانون الدولي لا يجيزها، وذلك فيما يتصل بأي فعل مشار إليه في هذه الفقرة أو أية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة.
ط) الاختفاء القسري للأشخاص.
ي) جريمة الفصل العنصري.
ك)الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمداً في معاناة شديدة أو في أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية.
الفرع الثاني: شروط اعتبار التعذيب جريمة ضد الإنسانية
إضافة إلى العناصر المكونة لجريمة التعذيب والسابقة الذكر بنص المادة01 من اتفاقية مناهضة التعذيب 1984 وجب لتكييف التعذيب جريمة ضد الإنسانية توافر الشروط التالية:
1-أن يرتكب التعذيب باعتباره عملا لاإنسانيا في إطار هجوم عام أو منهجي موجه ضد مجموعة من السكان المدنيين.
2-أن يكون مرتكب التعذيب على علم بان التصرف جزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد مجموعة من السكان المدنيين أو ينوي أن هذا التصرف جزء من ذلك الهجوم.
وعليه فان جريمة التعذيب تكون جريمة ضد الإنسانية إذا ارتكبت في سياق هجوم واسع النطاق ومنهجي موجه ضد السكان المدنيين. ومع الأسف الشديد فإن جرائم التعذيب تمارس اليوم على صعيد واسع من العالم ضد الأقليات بدون حساب ولا عقاب، ومثاله ما ترتكبه الصين في حق الأقليات المسلمة من جرائم تعذيب شنيع في حق مسلمي الايغور و الكازاخ، حيث يخضع مئات الآلاف من النساء والرجال الى الاعتقال الجماعي والتعذيب[15] .وليست هذه الأقلية هي فقط من تعاني من جرائم التعذيب بل ان ملايين من الشعوب يتعرضون للتعذيب بسبب دينهم أو جنسهم أو لونهم.
المطلب الثاني: تكييف جريمة التعذيب كجريمة إبادة جماعية
الفرع الأول: تعريف الإبادة الجماعية
بداية تعرف الإبادة على أنها “جريمة تُرتكب بقصد تدمير مجموعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بأكملها أو جزء منها. ومن هذا المنطلق فلقد اعتبرت اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية المعاقب عليها عام 1948 أن التعذيب بإمكانه أن يصبح من الأفعال التي تهدف إلى التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة ما، سواء كانت جماعة قومية أو عنصرية أو دينية وذلك من خلال إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء الجماعة[16].
وقد نصت المادة 6من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على انه” لغرض هذا النظام الأساسي تعني الإبادة الجماعية أي فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو اثنيه أو دينية بصفتها هذه هلاكا كليا أو جزئيا…
أ )قتل أفراد الجماعة.
ب )إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة.
ج )إخضاع الجماعة عمدا لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كليا أو جزئيا”.
د ) فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة.
هـ) نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخري
الفرع الثاني: شروط تكييف التعذيب كجريمة إبادة جماعية
ومما سبق نخلص إلى أن جريمة الإبادة الجماعية تعد من اخطر الجرائم التي يقصد من ورائها إفناء أو إزالة جماعة من البشر كونهم يشكلون أقلية أو مستضعفون أو تحت الاحتلال أو لأي سبب يقوم على التمييز ومنه القول بان التعذيب جريمة إبادة جماعية وجب أن يكون قد ارتكب بدافع تمييزي مؤسس إما على الأساس الوطني أو الاثني أو العرقي أو الديني ضد مجموعة معينة وان تكون الإبادة هي الهدف الرئيسي وراء ذلك، بمعنى ان يكون القصد الجنائي من تلك الأفعال المشكلة للتعذيب هو إبادة وتدمير جماعة بشرية تدميرا جزئيا أو كليا.
وهنا أشار تقرير لجنة التحقيق في جرائم الحرب في جمهورية البوسنة و الهرسك إلى قيام الجناة بتقييد ضحاياهم وتعذيبهم تعذيبا وحشيا حتى يفقدوا وعيهم، وضربهم بقطع من الخشب و الحديد ضربا مبرحا على أجسادهم ورؤوسهم وأعضائهم التناسلية، ويقومون باستخدام الآلات الحادة لرسم الصليب على وجوههم و أيديهم، ثم يصبون المح على هذه الجروح[17] .
المطلب الثالث: تكييف جريمة التعذيب كجريمة حرب
الفرع الأول: تعريف جرائم الحرب
يعتبر التعذيب من قبل الأفعال التي تشكل جريمة حرب إذا ارتكب في ظرف نزاع مسلح وفي إطار خطة سياسية عامة، أو في إطار واسع النطاق وان يكون ارتكابه من طرف شخص ينتمي إلى أطراف النزاع. وغالبا ما يمارس فعل التعذيب خلال النزاعات المسلحة بشكل ممنهج وواسع النطاق مما يزيد من خطورة وتهديد هذه الجريمة على حياة الأفراد وسلامة الدول.
وتعرف جرائم الحرب على أنها كل تصرف عمدي يخالف قوانين الحرب وأعرافها ومن بين الوثائق الدولية التي تناولت مفهوم جرائم الحرب هي”اتفاقيات لاهاي المؤرخة في 29جويلية1899 و في اكتوبر1907،النظاميين الأساسيين للمحكمتين العسكريتين الدوليتين نورمبورغ وطوكيو 1945/1946،اتفاقيات جنيف الأربعة المؤرخة في 12 أوت 1949 والبروتوكولين الملحقين بتلك الاتفاقيات المؤرخين في 10جوان1977 وكذلك النظامين الأساسيين لكل من المحكمتين الجنائيتين الدوليتين ليوغسلافيا السابقة في 1993و رواندا 1994.
واستنادا إلى الفقرة الأولى من المادة الثامنة اتفاقية روما للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فتعني جرائم الحرب مايلي:
لغرض هذا النظام الأساسي تعني ” جرائم الحرب“
أ ) الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة 12 آب / أغسطس 1949 , أي فعل من الأفعال التالية ضد الأشخاص , أو الممتلكات الذين تحميهم أحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة:
1-القتل العمد
2-التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية ، بما في ذلك إجراء تجارب بيولوجية
. 3-تعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة
4-إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة.
5-إرغام أي أسير حرب أو أي شخ ص آخر مشمول بالحماية على الخدمة في صفوف قوات دولة معادية.
6-تعمد حرمان أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية من حقه في أن يحاكم محاكمة عادلة ونظامية
7-الإبعاد أو النقل غير المشروعين أو الحبس غير المشروع
8-أخذ رهائن
الفرع الثاني: شروط تكييف التعذيب كجريمة حرب
وعليه فإنه يمكن اعتبار التعذيب جريمة حرب إذا توفرت الشروط التالية:
1/أن يتم ارتكابه في إطار تنفيذ خطة سياسية عامة أو في إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق لهذه الجريمة.
2/أن يتم ممارسته على أحد الأشخاص الذين تشملهم أحكام القانون الدولي الإنساني.
3/أن يتم بمناسبة نزاع مسلح.
4/أن يرتكبه شخص ينتمي إلى أحد أطراف النزاع.
ومما سبق نستنتج أنه يكون التعذيب من أعمال جرائم الحرب، إذا ارتكب بمناسبة نزاع مسلح وفي إطار خطة سياسية عامة أو في إطار واسع النقاط وان يكون ارتكابه من طرف شخص ينتمي إلى أطراف النزاع، واعتبار التعذيب والمعاملة اللاإنسانية من الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف 1949 والتي يعاقب عليها النظام الأساسي للمحكمة كجرائم حرب. ولعل من ابرز جرائم التعذيب التي ارتكبت كجرائم حرب ما يحدث في السجون الفلسطينية منذ سنوات طويلة والى غاية اليوم و كذلك سجن أبو غريب وما حدث في خليج غوانتنامو من جرائم تعذيب ارتكبها قادة عسكريين ينتمون الى دولة سباقة إلى رفع شعارات حقوق الإنسان، حيث مارس النظام الأمريكي انتهاكا وخرقا شنيعا لكافة حقوق الإنسان، لن تمحى أثارها و لن تنسى مهما مرت عليها السنوات.
خاتمة:
نخلص من خلال هذا المقال إلى ان موضوع التعذيب لا يتوقف عند دراسة أكاديمية قانونية، بل انه يتخطاها كقضية إنسانية بالدرجة الأولى وجب على العالم الوقوف بحزم شديد من أجل حماية الإنسان من التعرض لهذه الجريمة التي تنتهك حقه في سلامة جسده وفي الحياة أحيانا كثيرة، هذه الجريمة وإن اختلفت الوثائق الدولية في منحها تعريفا موحدا، غير أنها اتفقت حول الحظر المطلق لها، وهو الأمر الذي جعل من هذه الجريمة تتخذ أوصافا متعددة من منظور القانون الدولي الذي اعتبرها جريمة ضد الإنسانية إذا ما تمت في إطار هجوم عام أو منهجي موجه ضد مجموعة من السكان المدنيين، كما اعتبرها جريمة إبادة جماعية إذا كان التعذيب قد ارتكب بدافع تمييزي مؤسس إما على الأساس الوطني أو الاثني أو العرقي أو الديني ضد مجموعة معينة، وتأخذ وصف جريمة حرب إذا ارتكبت بمناسبة نزاع مسلح وفي إطار خطة سياسية عامة أو في إطار واسع النطاق وان يكون ارتكابها من طرف شخص ينتمي إلى أطراف النزاع.
ومن خلال هذا البحث فقد انتهينا إلى مجموعة من الاستنتاجات يمكن إيجازها في ما يلي:
أولا: الاستنتاجات
1- غياب مفهوم دقيق للتعذيب في جل الاتفاقيات الدولية مع الاتفاق على حظره حظرا مطلقا بموجب القانون الدولي.
2- اشتراط الصفة الرسمية للجاني جعلت العديد من المجرمين يفلتون من العقاب خاصة وان اغلب حالات التعذيب تقع من طرف أشخاص ليسوا موظفين رسميين.
3- معيار شدة الألم والمعاناة لتمييز التعذيب عن غيره من المعاملات القاسية معيار نسبي يرجع لظروف تلتصق بشخص الضحية و بوسيلة التعذيب.
4- تعدد التكييفات القانونية الدولية لجريمة التعذيب على انها (جريمة حرب-وجريمة ابادة جماعية-وجريمة ضد الانسانية).
5- وجوب توفر شروط معينة حتى تتخذ جريمة التعذيب تكييفا قانونيا محددا.
6- وجود الضحية تحت سلطة المتهم وسيطرته يعتبر ركنا أساسيا من الأركان المشكلة لجريمة التعذيب.
ثانيا: التوصيات
1-ضرورة تفعيل آليات الحماية الدولية من هذه الجريمة.
2-تفعيل قاعدة الحظر المطلق لجميع ممارسات التعذيب دون اشتراط شدة الالم والمعاناة.
3-إلغاء صفة الرسمية كشرط من شروط اعتبار فعل التعذيب جريمة لان معظم جرائم التعذيب تتم من قبل أشخاص غير موظفين رسميين.
4-تخصيص نصوص دولية ووطنية أكثر صرامة وردعا لمرتكبي جرائم التعذيب لعدم الإفلات من العقاب.
قائمة المراجع:
أولا: الكتب
1- أبو الخير أحمد عطية، المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، دار النهضة العربية،القاهرة،مصر،1999.
2-أ شرف شمس الدين، مبادئ القانون الجنائي الدولي، الطبعة الثانية، دار النهضة العربية،1999
3-حسنين عبيد، الجريمة الدولية، دار النهضة العربية،القاهرة،1999.
4—عبد القادر البقيرات، العدالة الجنائية الدولية (معاقبة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية) ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الثالثة،الجزائر،2005.
5- عبد القادر البقيرات، مفهوم الجرائم ضد الإنسانية على ضوء القانون الجنائي و القوانين الوطنية، ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر،2011.
56-علي محمد صالح الدباس وعلي محمد ابو زيد، حقوق الإنسان وحرياته و دور شرعية الإجراءات الشرطية في تعزيزها، دار الثقافة للنشر والتوزيع،عمان،2005.
7- هشام مصطفى محمد ابراهيم، الحماية الجنائية للإنسان من التعذيب في ضوء المواثيق الدولية و التشريعات الوطنية، كلية الحقوق، جامعة الاسكندرية، دار المطبوعات الجامعية،2014.
ثانيا: الرسائل والأطاريح
1- اسماعيل عبد الرحمان محمد، الحماية الجنائية للمدنيين في زمن النزاعات المسلحة، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة المنصورة،2000.
2- بوالديار حسني، التعذيب و المعاملة أو العقوبة القاسية أو المهينة في القانون الدولي، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة عنابة،الجزائر،2008.
3- عيساوي فاطيمة، الحق في لسلامة الجسدية، مذكر لنيل شهادة ماجستير في القانون الدولي لحقوق الانسان، كلية الحقوق، جامعة مولود معمري، تيزي وزو،2004.
ثالثا: البحوث
1–سقني صالح، دباش عبد الرؤوف، المسائلة الجنائية عن جريمة التعذيب، مجلة العلوم الانسانية، جامعة بسكرة، المجلد20، العدد02، نشر في 31/12/2020.
رابعا: الاتفاقيات الدولية
1- اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، المعتمدة بموجب القرار 39/46،المؤرخة في 10ديسمبر/1984،دخلت حيز النفاذ في 26حزيران1987.
2- إعلان الأمم المتحدة لحماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب، اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 52/34،بتاريخ 9/ديسمبر1975.
3- الاتفاقية الأمريكية لمنع التعذيب و العقاب عليه، تم اعتمادها من قبل منظمة الدول الأمريكية في مدينة قرطاجنة دي لاس اندياس الكولومبية، في09/12/1985،دخلت حيز التنفيذ في 28/02/1987.
(1)إعلان الأمم المتحدة لحماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب، اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 52/34،بتاريخ 9/ديسمبر1975.
(2)اتفاقية مناهضة التعذيب و غيره من ضروب المعامل القاسية أو المهينة، المعتمدة بموجب القرار 39/46،المؤرخة في10/ديسمبر/1984،دخلت حيز النفاذ في:26/حزيران/1987.
(1)الاتفاقية الأمريكية لمنع التعذيب و العقاب عليه، تم اعتمادها من قبل منظمة الدول الأمريكية في مدينة قرطاجنة دي لاس اندياس الكولومبية،في09/12/1985،دخلت حيز التنفيذ في 28/02/1987.
(1)أبو الخير أحمد عطية، المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، دار النهضة العربية،القاهرة،مصر،1999 ،ص338.
2)أنظر المادة الأولى من إعلان الأمم المتحدة بشان مناهضة التعذيب لعام 1975،والمادة الأولى من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام 1984،والمادة الثانية من الاتفاقية الأمريكية للوقاية وقمع التعذيب لعام 1985.
(3) علي محمد صالح الدباس وعلي محمد ابو زيد، حقوق الإنسان وحرياته و دور شرعية الإجراءات الشرطية في تعزيزها، دار الثقافة للنشر والتوزيع،عمان،2005،ص.326.
(1) هشام مصطفى محمد ابراهيم، الحماية الجنائية للإنسان من التعذيب في ضوء المواثيق الدولية و التشريعات الوطنية، كلية الحقوق، جامعة الاسكندرية، دار المطبوعات الجامعية،2014،ص.108.
(2) اسماعيل عبد الرحمان محمد، الحماية الجنائية للمدنيين في زمن النزاعات المسلحة، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة المنصورة،2000،ص.515.
(1) عيساوي فاطيمة، الحق في لسلامة الجسدية، مذكر لنيل شهادة ماجستير في القانون الدولي لحقوق الانسان، كلية الحقوق، جامعة مولود معمري، تيزي وزو،2004،ص.16.17.
(2)هشام مصطفى محمد ابراهيم، مرجع سابق،ص.173.
(1)سقني صالح، دباش عبد الرؤوف، المسائلة الجنائية عن جريمة التعذيب، مجلة العلوم الانسانية، جامعة بسكرة، المجلد20، العدد02، نشر في 31/12/2020، ص.121.
2) حسنين عبيد، الجريمة الدولية، دار النهضة العربية،القاهرة،1999،ص.259.
(3) بوالديار حسني، التعذيب و المعاملة أو العقوبة القاسية أو المهينة في القانون الدولي، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة عنابة،الجزائر،2008،ص.58.
(1)عبد القادر البقيرات، العدالة الجنائية الدولية (معاقبة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية)ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الثالثة،الجزائر،2005،ص.7.
تقرير منظمة العفو الدولية،10/06/2021 بعنوان: الصين القمع الشديد للمسلمين في شينجيانغ يبلغ حد الجرائم ضد الانسانية.[15]
(2)أنظر:منظمة العفو الدولية، مكافحة التعذيب-دليل التحركات-رقم الوثيقة001/401،مطبوعات منظمة العفو الدولية،2003،ص74.
أشرف شمس الدين، مبادئ القانون الجنائي الدولي، الطبعة الثانية، دار النهضة العربية،1999،ص.264.[17]