
مقال نشر بالعدد الأول من مجلة جيل حقوق الإنسان، ص 61 للاستاذ بن صغير عبد المومن/أستاذ مساعد بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة سيدي بلعباس الجزائر
للاطلاع على كل العدد اضغط على لوجو المجلة:
المقدمة:
تتمتع الدولة كقاعدة عامة في إطار الممارسات الدولية، وبموجب أحكام القانون الدولي بتكريس مبدأ السيادة في مجال اختصاصها الإقليمي([1])، حيث من المؤكد أنها تستطيع مباشرة جميع مظاهر السيادة سواء كانت داخلية أم خارجية ،وتمارس هذه السيادة أساسا من كونها تشمل إقليم الدولة وهو ما يقع ضمن حدودها من المجال الترابي ([2])، فهي إذن سيادة كاملة تمارس من خلال الاختصاص القانوني للدولة بأوجهه المختلفة سواء كان تشريعيا أم قضائيا أم تنفيذيا([3]).
وتتجلى مظاهر السيادة الداخلية للدولة على إقليمها في حرية التصرف في شؤونها الداخلية وفي تنظيم حكوماتها ومرافقها العامة وفي فرض سلطانها على كل ما يوجد أو يتواجد على إقليمها من أشخاص وممتلكات.
إن الدولة وفقا لمقتضيات أحكام القانون الدولي تملك داخل إقليمها تنظيم مظاهر الحياة الإنسانية بجميع أبعادها بقصد تحقيق الأمن والعدالة والرفاهية، ومن ضمن متطلبات تحقيق الأمن تنظيم مركز الأجانب([4])، والذي على أساسه يتم تنظيم دخول الأجانب وإقامتهم داخل إقليمها، وكذا استبعاد الأجانب غير المرغوب فيهم لأسباب ودوافع قد تتعلق بكل ما يخل بالأمن والنظام العام والسكينة والصحة العامة والاقتصاد الوطني، وغيرها من الأسباب والمبررات التي قد تتحجج بها الدولة لتبرير استعمالها هذا الحق.
غير أن ممارسة الدولة لهذا الحق ليس مطلقا مادام أنه مقيد بالأحكام العرفية التي تفرضها قواعد القانون الدولي على الدولة، وهو ما أصطلح على تسميته بقيد الحد الأدنى لمعاملة الأجانب، والذي يقضي بأنه ( لكل أجنبي يقيم على إقليم الدولة أن يتمتع بقدر من الحقوق تعتبر الحد الأدنى لما يجب على كل دولة أن تعترف به لهم وفق القواعد الدولية العرفية).
إن حرية الدولة عند قيامها بتحديد مركز الأجانب الموجودين على إقليمها ليست حرية مطلقة في هذا الشأن، إذ يتعين عليها الالتزام بقواعد العرف الدولي والاعتراف لهم بكافة الحقوق التي تدخل في نطاق الحد الأدنى الذي يفرضه القانون الدولي لمعاملة الأجانب([5]).
ومن بين أهم المسائل التي تتعلق بقضايا الأجانب مشكلة انعدام الجنسية لبعض الفئات، أو ما يسمى بمركز عديم الجنسية، الذي يتميز مركزه عن غيره من الأجانب في الدولة، فصفة الأجنبي بالنسبة إليه ليست نسبية بل هي مطلقة باعتبار أنه أجنبي عن جميع الدول([6]).
تعتبر دولة الكويت أحد أكثر الدول في العالم التي تتواجد فيها هذه الفئة، والتي تسمى بالبدون، وهو ما يطرح مشكلة عويصة تتعلق بكيفية حماية مصالح هذه الفئة في ظل مشكلة انعدام الجنسية .
تتحدد مشكلة البحث في مسألتين مهمتين، وفي نفس الوقت متغيرين:
– فمن جهة أولى يتعين على دولة الكويت مراعاة ما يفرضه القانون الدولي عليها من توفير حماية قانونية لهذه الفئة ( البدون)، أي توفير حد أدنى من الحقوق طبقا لقيد الحد الأدنى لمعاملة الأجانب، أو توفير حد أدنى من الضمانات القانونية والإنسانية، لأن الدول تربطها مجموعة من المصالح المشتركة تفرض عليها التعاون فيما بينها وتجعلها في حالة من الترابط فيقتضي هذا الأمر أن تدرك أنها مقيدة لحد ما في مواجهة بعضها البعض وأن تكون ممارستها لسلطاتها في إطار قواعد القانون الدولي، وفي حدود تعهداتها مع التقيد بإرادة المجتمع فيما يفرضه من قواعد تظهر في شكل معاهدات واتفاقيات دولية، وبالتالي فإن الدولة عليها مراعاة ذلك وإلا انعقدت مسؤوليتها الدولية، لأن مشكلة البدون أو عديمي الجنسية تثير قلق دولة الكويت ،وذلك لاضطرارها لأن ترتب لهم وضعا قانونيا خاصا تستلزمه ضرورة التقيد بأحكام القانون الدولي لا سيما عندما يتعلق الأمر باحترام حقوق الإنسان في ظل التوجه العالمي الحديث بشأن هذه الحقوق.
– من جهة أخرى أن مسألة تواجد هذا النوع من الفئة (البدون) قد يشكل خطرا على أمن دولة الكويت واستقرارها خاصة وأن هذه الدولة غنية بمادة النفط وهو ما يسهل كثرة الهجرة غير الشرعية إليها.
وعليه يمكن طرح إشكالية البحث الرئيسية كمايلي:
كيف يمكن لدولة الكويت أن تضع قواعدا وشروطا على ضوء مصلحتها لإبقاء أو استبعاد الأجانب (البدون) دون المساس بالقواعد والمبادئ القانونية الدولية لنظام الحد الأدنى لمعاملة الأجانب وحقوق الإنسان والمدعوة في نفس الوقت إلى احترامها والالتزام بها؟
يندرج ضمن هذه الإشكالية الرئيسية التساؤلات الفرعية التالية:
ما هو مفهوم الإبعاد؟ وما هي أسبابه؟ وما هي أنواعه في القانون الكويتي؟
ما هو الأساس القانوني للإبعاد؟ وما هي الآثار المترتبة عنه؟
كيف نشأت مشكلة البدون في الكويت؟ وإلى أي حد تطورت؟ ما هي مراحل نشأتها؟ ما هو المركز القانوني للبدون في ظل أحكام القانون الدولي؟ ما هي الحقوق المخولة لهذه الفئة في القوانين الكويتية؟
ما مدى تطبيق الكويت للاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق عديمي الجنسية في حالة المصادقة على هذه الاتفاقيات؟ أو إلى أي حد نجحت الكويت في توفير حماية لازمة وكافية لحقوق البدون في تشريعاتها الداخلية ووفقا لالتزامها ببنود هذه الاتفاقية الدولية؟ ما مدى إلزامية هذه الاتفاقيات لدولة الكويت في حالة عدم المصادقة عليها؟
ما هي مجالات إسقاط إبعاد الأجانب على قضية البدون؟ وما هو موقف القانون الدولي منه؟
للإجابة على هذه التساؤلات ارتأيت تناول هذه الدراسة من الزوايا الآتية:
أولا : الإطار المفاهيمي لإبعاد الأجانب:
01-تعريف الإبعاد
02- أسباب الإبعاد
03-أنواع الإبعاد
04- الطبيعة القانونية للإبعاد
ثانيا : دراسة حالة ( البدون) في دولة الكويت
01- نشأة مشكلة البدون في الكويت وتطورها
02- المركز القانوني للبدون بين القانون الدولي والقانون الداخلي للكويت
أ-موقف القانون الدولي لحقوق الإنسان من قضية البدون
ب-الحقوق المخولة لعديمي الجنسية بموجب الاتفاقيات الدولية
ج-مدى إلزامية الاتفاقيات الدولية لعديمي الجنسية لدولة الكويت
د- واقع تكريس حقوق البدون في ظل القوانين الكويتية
03-مدى إمكانية إسقاط إبعاد الأجانب على حالة البدون في الكويت
04-أفاق حل مشكلة البدون في الكويت
أ-على المستوى الوطني لدولة الكويت
ب- على المستوى الدولي
أولا : الإطار المفاهيمي لإبعاد الأجانب:
لقد كان الاتجاه السائد لدى قواعد القانون الدولي التقليدي أو في النظام الدولي التقليدي أنه للدولة سيادة مطلقة، ولا يقيدها في ذلك إلا إرادتها، معنى ذلك أن لها حرية واسعة في مجال تنظيم دخول الأجانب وخروجهم وتحديد إقامتهم على إقليمها وكل ما يتعلق بكيفية معاملة الأجنبي، وما يمكن أن يفرض عليه من التزامات.
غير أن الفقه التقليدي استقر على اعتبار سيادة الدولة مقيدة بما تفرضه قواعد القانون الدولي[7] من التزامات تعلو على إرادة الدول، فهذه الحرية مقيدة داخليا وخارجيا.
وهذا التقييد ليس له مفهوم سلبي بقدر ماله من فوائد تتمثل أساسا في تحقيق التوازن بين مصلحة الدولة ومصلحة الفرد وفي النهاية المصلحة العامة المزدهرة للدولة بين جميع الدول في حظيرة المجتمع الدولي[8]، ويذكر أن غالبية الفقه الحديث يتمسك بمفهوم السيادة كركيزة أساسية عندما يتعلق الأمر بمسألة دخول الأجانب على إقليمها لأن ذلك يرتبط بمدى حرص الدولة على حماية مصالحها، والتي تعود ملكيتها للدولة صاحبة الإقليم، ولأن وجود الأجانب على إقليمها رهين بمدى سلامة مصلحتها من الخطر في سبيل رعاية الأجنبي، ومن ثمة فإن قيام الدولة بتنظيم دخول الأجانب على أراضيها وإقامتهم فيها يستدعي الحيلولة دون تواجد العناصر الخطرة التي تشكل تهديدا لسلامة أمن هذه الدولة بجميع أنواعه خاصة فيما يتعلق بتهديد النظام الاجتماعي. لذلك فإن فكرة قبول أو رفض دخول الأجانب هو حق لصيق بسيادة الدولة على إقليمها، ومن ثمة يعتبر من الوسائل الواقية لها ولإقليمها من الأخطار .
01-تعريف الإبعاد:
ليس هناك تعريف جامع ومانع محدد للإبعاد، بحيث يتشكل تعريف متفق عليه، فلقد تعددت الآراء الفقهية[9] في هذه الأسئلة:
-يرى جانب من الفقه بأن الإبعاد هو: (إخراج الشخص من إقليم الدولة بمعرفة السلطة العامة بغير رضاه متى ثبت أنه يشكل خطرا على أمنها الداخلي والخارجي إذا بقي موجودا على الإقليم).
-في حين ذهب البعض الآخر من الفقه إلى تعريف الإبعاد على أنه: (قرار تصدره الدولة عن طريق سلطاتها العامة لأسباب تتعلق بأمنها وسلامتها الداخلية والخارجية عندما يتبين وجود أشخاص أجانب غير مرغوب فيهم، وتطلب الدولة بمقتضاه منهم مغادرة إقليمها خلال مدة محددة وعدم الرجوع إليه تحت طائلة التعرض للجزاء والإفراج بالقوة).
-وهناك رأي أخر يرى بأن الإبعاد هو: (عمل بموجبه تنذر الدولة عدد من الأجانب أو فردا أجنبيا مقيم على أراضيها بالخروج من إقليمها وإكراههم على ذلك إذا اقتضى الأمر).
-كما عرف الإبعاد من زاوية فقهية أخرى على أنه: (حق الدولة في إنهاء إقامة أجنبي لأسباب يمليها أمن الشعب داخل الدولة).
من خلال التعاريف السابقة للإبعاد يمكن أن نستخلص ما يلي:
-كقاعدة عامة لا يطبق الإبعاد إلا على الأجانب، فطبقا لدساتير الدول لا يمكن أن يسري على الوطنيين داخل دولة معينة، إذ لا يجوز لها إبعادهم، فالدولة ملزمة بتحمل أعباء رعاياها في الخارج ومواطنيها داخل إقليمها، وبمقتضى ذلك يحظر على الدولة إبعاد مواطنيها أو منعهم من العودة إليها.
-قد يتخذ الإبعاد صورة فردية أو صورة جماعية، الأولى تقع على فرد أو عدة أشخاص معينين ولا تثير أية إشكالية، بينما الثانية تقع على عدد معين غير قليل من الأجانب المتواجدين على إقليم الدولة، وهو غالبا ما يكون مؤقتا ولا يتم إلا في ظروف استثنائية بحيث يؤدي إلى أثار وخيمة عليها .
– إن إبعاد الأجنبي لا يتم إلا إذا توافر عنصر الخطر على إقليم الدولة، بحيث يشكل هاجسا مقلقا على أمنها .
02-أسباب الإبعاد:
لقد ظهرت محاولات فقهية مختلفة سعت إلى وضع تفسيرات بخصوص مسألة أسباب الإبعاد، فتعددت بذلك الاتجاهات:
فيرى البعض ( الفقه القديم)، أن سلطة الدولة في الإبعاد هي سلطة مطلقة تستمد مشروعيتها من كونها عملا من أعمال السيادة ، ويترتب على ذلك مسألتين مهمتين:
-الأولى: أن الدولة تتمتع بسلطة تقديرية وليست مقيدة في مجال إبعاد الأجانب، وأن ممارستها لهذا الحق لا يلزمها بإبداء الأسباب والدوافع التي دعتها إلى ممارسة هذا الحق.
-الثانية: إن الدولة بصدد قيامها بحق إبعاد الأجانب لا تخضع إلى رقابة قضائية كون أن تقرير هذا الحق نابع من السيادة.
أما الفقه الحديث، فيرى ضرورة توافر أسباب جدية تبرر مدى مشروعية القرار المتخذ من قبل الدولة عندما تقدم على إبعاد الأجانب تحت طائلة التعرض إلى المسؤولية الدولية[10]، لأنه حتى وإن كان هناك خطر محدد بأمن وسلامة الدولة، إلا أن بعض الفقهاء يرون حتمية وضع معايير وأسس محددة للأسباب من خلال وضع قائمة تتضمن أسباب الإبعاد، لأن ذلك نابع من كون أن هذه الفكرة تجد تطبيقها في معاملة الأجانب على قدم المساواة مع الوطنيين، وهذا ما سوف ينعكس على فكرة نظام الحد الأدنى لمعاملة الأجانب الذي يفرض وجود أسباب ومبررات يتم من خلالها الكشف عن الاتجاهات العامة للدول المتمدنة في معاملة الأجانب[11].
غير أن فكرة تواجد أسباب الإبعاد هي فكرة لا يمكن الاتفاق عليها، فهي صعبة إن لم نقل مستحيلة، لعدم حصر أسباب الإبعاد ،إذ تعتبر فكرة مرنة ومتغيرة ونسبية تتغير من حالة لأخرى ومن دولة لدولة ، ووفقا للظروف المحيطة بها،
فما يعتبر في دولة ما سببا لإبعاد الأجانب قد لا يعد في دولة أخرى كذلك، كما أن مسألة الإبعاد تختلف في الظروف العادية عنها في الظروف الاستثنائية .
وعموما يمكن رد أسباب إبعاد الأجانب إلى:
–أسباب أمنية:
مما لا شك فيه أن كل دولة تسعى إلى استتباب الأمن داخل إقليمها ، ولن يتسنى لها ذلك إلا إذا بسطت نفوذها على الإقليم وكذا الأشخاص المتواجدين عليه.
ويقصد بالأمن هو استتباب الاستقرار والنظام داخل الدولة بما يحقق الاطمئنان لدى كافة الأشخاص المتواجدين على أراضيها، سواء كانت تندرج في إطار التدابير الوقائية، أم كانت تحقيقا للمصلحة العامة أو المحافظة على النظام العام بأوصافه الثلاثة: الأمن العام والسكينة العامة والآداب العامة[12].
إن تواجد الأجنبي داخل إقليم الدولة، قد يشكل خطرا على أمنها إذا أصطدم بأحد المشتملات الثلاث للنظام العام. أو أية اضطرابات داخلية من شأنها زعزعة الاستقرار الداخلي للدولة، وهو ما يحتم إبعاد الأجنبي عن إقليمها وهذا ما نص عليه المشرع الكويتي في قانون الإقامة في نص المادة 16[13].
وقد استقر في القانون الدولي العام أن سوء السيرة في حد ذاته يشكل أحد أقوى مبررات الإبعاد، إذ مجرد سوء السيرة من شأنه الإخلال بالنظام العام والآداب والسكينة العامة،فيكون مبررا مقبولا للإبعاد.
–أسباب سياسية:
وتشمل الجرائم الكبرى المتعلقة بأمن الدولة، ومن الأسباب السياسية نجد التجسس كأحد أوجه أنماط الجرائم المستحدثة الماسة بأمن الدولة وتهديد كيانها الخارجي، بالإضافة إلى المؤامرات والدسائس التي تحاك ضدها، ويدخل في نطاق ذلك كل الأعمال الفوضوية والتخريب وكل من شأنه كشف أسرار الدولة.
–أسباب اقتصادية:
قد تجبر الدولة على إبعاد الأجانب متى ظهر لها تهديد لاقتصادها الوطني من خلال ما يعتنقه الأجنبي من أفكار وسياسات اقتصادية من الممكن أن تتعارض مع الاتجاهات والسياسات الاقتصادية لها، مما يكون له انعكاس سلبي في إحداث اضطرابات قد تهز من كيان الاقتصاد، أو كل ما تسعى الدولة إلى تحقيقه من برامج التنمية أو خطط التنفيذ .
–أسباب صحية:
يجوز للدولة إبعاد الأجنبي إذا كان مصابا بمرض من الأمراض الفتاكة، ويؤخذ هنا المرض بمفهومه الواسع، بحيث يشمل الأمراض الوبائية والمعدية، ويندرج في عداد المرضى أيضا المجانين والبلهاء.
إذ من متطلبات حفاظ الدولة على النظام العام هو حفظ الصحة العامة، حيث يقع على عاتق السلطة العامة اتخاذ الإجراءات اللازمة بغرض وقاية صحة الأفراد ، أيا كان مصدر الخطر أو المرض، وإذا ما تبين لها وجود ذلك الخطر من قبل الأجانب المتواجدين على إقليمها جاز لها إبعادهم فورا، إذ أن الإبعاد هو الطريقة الوحيدة لتفادي وقوع انتشار الكارثة التي من الممكن أن تنشأ عن هذا المرض.
ويختلف الوضع الصحي للأجانب إلى ثلاث حالات وهي:
-حالة الأجانب الذين أصيبوا بمرض معدي أو وبائي أثناء إقامتهم داخل إقليم الدولة، حيث يثير إبعاد هؤلاء المصابين شيئا من الاعتراض بحكم أن إبعادهم يعتبر منافيا للإنسانية.
-حالة الأجانب الذين دخلوا إقليم الدولة ولم تستطع كشف مرضهم قبل دخولهم أراضي الدولة.
-حالة الأجانب المصابين بالفعل بأمراض وقت وصولهم إقليم الدولة، أو الذين تحايلوا على الدولة ونجحوا في دخول إقليمها.
إن الحالة الأولى، والتي تتعلق بالأجانب الذين جاؤوا أصحاء أقوياء لا مرض بهم وقت دخول إقليم الدولة، ثم أصيبوا بمرض بعد ذلك، فلا يجوز للدولة إطلاقا إبعادهم حتى ولو كان المرض خطيرا على الشعب ،لأن ذلك يتنافى ومبدأ الحد الأدنى لمعاملة الأجانب[14].
أما الحالتين الثانية والثالثة، فيفضل ترحيلهم بدل إبعادهم.
–أسباب اجتماعية:
غالبا ما تتدخل التشريعات الوطنية للدول بتنظيم بعض الأعمال والمهن والأنشطة ذات الطابع المهم ، فتجعل ممارستها مقتصرة على مواطنيها بدل الأجانب وذلك بغية حماية العمالة الوطنية من المنافسة الأجنبية ، فتحظر ممارسة تلك الأنشطة على الأجانب ، أو تسمح لهم بمزاولتها استثناء ووفقا لشروط خاصة ومقيدة خصوصا فيما يتعلق بالوظائف العامة والمهن الحرة ، وبعض الأنشطة التي لها علاقة وطيدة بالأمن والاقتصاد الوطني.
ومن أسباب الإبعاد نجد:
-حماية السوق الوطنية.
-مكافحة البطالة .
-حماية العمل القومي.
-حماية الصناعات الوطنية.
-حماية الطبقات العمالية.
وبالرجوع إلى الأسباب الاجتماعية، نجد أن ظاهرة الكسب غير المشروع يعتبر سببا كافيا لإبعاد الأجانب، وهذا ما نصت عليه المادة 16 من قانون إقامة الأجانب الكويتي[15].
وقد تفطن المشرع الكويتي إلى تفشي ظاهرة الاتجار بالإقامات، وما يمكن أن ينتج عنها من خطورة جلب الأجانب إلى إقليم الدولة، فنص في قانون إقامة الأجانب الكويتي على تجريمها وتحديد العقوبة لها[16].
03-أنواع الإبعاد :
يوجد نوعان من الإبعاد في القانون الكويتي وهما: الإبعاد القضائي، والإبعاد الإداري ، ولكل نوع حالات تطبيقه.
أ-الإبعاد القضائي:
بالرجوع إلى نص المادة 79 من قانون العقوبات الكويتي[17]، نجد أن النظام القانوني لدولة الكويت قد اشتمل على الإبعاد القضائي، حيث جاء في نص المادة على أنه : (كل حكم بالحبس على أجنبي يجيز للقاضي أن يأمر بإبعاده عن الكويت بعد الانتهاء من تنفيذ عقوبتهّ، وذلك دون الإخلال بحق السلطة الإدارية في إبعاد كل أجنبي وفقا للقانون ، فإذا حكم على الأجنبي بعقوبة جناية أو عقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة حكم القاضي بإبعاده من الكويت بعد تنفيذ العقوبة ، وعلى النيابة إعلان أمر القاضي بمجرد الانتهاء من تنفيذ العقوبة إلى السلطة الإدارية التي يتعين عليها تنفيذه).
نستخلص من نص المادة السالفة الذكر بأن المشرع الكويتي فرق بين حالتين من الإبعاد القضائي وهي :
-الإبعاد القضائي الوجوبي:
– يكون الإبعاد وجوبيا في حالة ما إذا حكم على الأجنبي بعقوبة جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف، أو الأمانة وهنا يجب على القاضي إبعاد الأجنبي من دولة الكويت بعد تنفيذ العقوبة .
– إن الإبعاد القضائي الوجوبي هو عقوبة تبعية، وبالتالي لا يجب على القاضي الحكم بها إلا بعد ارتكاب جريمة يعاقب عليها بعقوبة أصلية .
-إن نص المادة صريح في تحديد طبيعة الجريمة المرتكبة من قبل الأجنبي، فالجريمة محددة على سبيل الحصر ( جناية، أو عقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف ، أو الأمانة ) ، وبالتالي لا يجوز للقاضي الحكم بإبعاد الأجانب في حالة ارتكابه مخالفة من المخالفات المنصوص عليها في القانون، حتى ولو كانت العقوبة الأصلية مقيدة للحرية .
-الإبعاد القضائي الجوازي :
يكون الإبعاد جوازيا في حالة الحكم بالحبس على الأجنبي، وفي هذه الحالة يجوز للقاضي أن يأمر بإبعاد الأجنبي عن الكويت بعد تنفيذ العقوبة.
كما نلمح وجود تطبيق حالة أخرى للإبعاد القضائي من خلال ما نصت عليه المادة 16/ الفقرة 1 من قانون الإقامة الكويتي للأجانب[18] .
حيث نصت على أنه ( يجوز لوزير الداخلية أن يصدر أمرا مكتوبا بإبعاد أي أجنبي ولو كان حاصلا على ترخيص في الإقامة في الحالات التالية :
-إذا حكم على الأجنبي وأوصت المحكمة بإبعاده .
يفهم من نص المادة أن هذه الحالة تدخل في الإبعاد القضائي كون أن الحكم القضائي هو أمر يتضمن تنفيذ الحكم وليس توصية، حيث تنحصر مهمة الإدارة في تنفيذ ما قضت به السلطة القضائية، لأن الأحكام القضائية تأمر ولا توصى.
ب-الإبعاد الإداري:
يقصد بالإبعاد الإداري – أو ما يعرف بالخروج الإجباري هو: ( إجراء تأمر الدولة بمقتضاه أجنبيا بمغادرة أراضيها وعدم العودة إليها، وهو يختلف عن الإبعاد القضائي الذي يصدر بناء على حكم بإبعاد الأجنبي عن أراضيها بسبب ارتكابه
جريمة.
04-الطبيعة القانونية للإبعاد:
01-الأساس القانوني لحق الدولة في الإبعاد وموقف القانون الكويتي:
أ-الإبعاد بين القبول والرفض :
لقد اختلف الفقهاء الدوليين حول مدى أحقية الدولة في إبعاد الأجانب المتواجدين على إقليمها ، فظهر اتجاهان متناقضان، أحدهما يرى أنه للدولة حق في إبعاد الأجانب وهو حق لصيق بسيادة الدولة ، وتمثل هذا الاتجاه في الفقه القديم، ورأي آخر تجلى في الفقه الحديث وهو لا يرى من الإبعاد سوى إجراء تتخذه السلطة عند توافر ضوابط معينة، وتلجأ إليه استنادا إلى حقها في الحفاظ على كيانها وأمنها الداخلي والخارجي ، خاصة إذا كان في وجود الأجنبي ما يشكل خطرا وتهديدا على سلامة الدولة ،و ذلك من منطلق حق الدولة في البقاء الذي يعتبر أحد الحقوق الأساسية والطبيعية للدول[19].
ويرى هذا الاتجاه أن الإبعاد مجرد إجراء من الإجراءات التي تتخذها السلطة التنفيذية تبعا لتقديرها ووفقا لما تراه مناسبا ، وبالتالي فهو ليس سوى إلغاء لتصريح سابق بدخول الدولة ، أو الإقامة فيها .
غير أن الأخذ بهذا الرأي هو اعتداء على حقوق الفرد وحرياته الطبيعية، وكذا إهدار لفكرة التضامن بين الدول القائمة على فكرة الهجرة والانتقال، والإقامة بين أفراد الدول.
أما الرأي الآخر من الفقه فيرى ضرورة منح الأجانب حرية مطلقة وواسعة، بحيث يسع لهم دخول أراضيها والإقامة فيها بدون قيود ،إلى حد عدم التفرقة بينهم وبين الوطنيين من حيث التمتع بالحقوق المدنية.
ويلتزم العرف[20] وقواعد القانون الدولي بمراعاة الدول الحد الأدنى من الحقوق التي يتعين أن تقرها للأجنبي ولا يجوز أن تقل عن ذلك بأي حال من الأحوال باعتبارها تتعلق بكيانه الإنساني، وبكافة النواحي اللازمة لحياته في إقليم الدولة خاصة إذا كانت إقامته بنية الاستقرار وليست إقامة عارضة، بحكم أن إقامة الأجنبي فى الدولة تفيد اندماجه في جماعتها الوطنية مما يبرر منحه حقوقا أوسع من تلك الممنوحة للأجنبي غير المقيم والمواطن في إقليمها.
لا يمكن الأخذ بهذا الرأي لخطورته، فهو تفسير يتماشى وما ذهبت إليه الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية من حيث تأكيدها على أن هناك حدا أدنى من العدالة ينبغي للدولة أن توفره للأجنبي، حتى ولو كانت لا توفره لمواطنيها ، فإذا كان النظام القانوني لتلك الدولة لا يتفق وذلك المستوى على الرغم من أن شعب ذلك البلد كان قانعا به، أو مرغما على العيش في ظله، فإنه لا يمكن إرغام أي بلد على قبول نظام لا يوفر سبيلا مرضيا لمعاملة مواطنيه فيه[21].
وتوفيقا بين الاتجاهين، هناك اتجاه سائد في العصر الحديث يرى أنه من حق الدولة الدفاع عن كيانها وحماية مصالحها من كل خطر يهددها من قبل الأجانب المتواجدين على إقليمها، وهذا يستلزم تقييد حق الأجانب في الدخول إلى أراضيها، وذلك في حالات تواجد أسباب ودوافع الإبعاد، وفي نفس الوقت يجب ألا تغلق الدولة أبوابها في وجه الأجانب بصورة عامة[22].
ب- موقف القانون الكويتي من الإبعاد: [23]بالنسبة لموقف المشرع الكويتي حول مسألة الإبعاد، فقد حرصت دولة الكويت على تقرير حقها في ذلك بشكل صريح، وهو ما تجلى في:
– المرسوم الأميري رقم 17 لسنة 1959 والمتعلق بقانون إقامة الأجانب الكويتي والمتكون من 28 مادة قسمت على النحو الآتي:
– المواد من( 1-5) ، تناولت دخول الأجانب إلى الكويت .
– المواد من ( 6-8) ، تطرقت إلى كيفية إخطار الجهات المختصة.
– المواد من ( 9-15) ، إقامة الأجانب في الكويت .
– المواد من ( 16-22) ، إبعاد الأجانب .
-المواد من ( 22-28) ، أحكام ختامية .
إن هذا المرسوم ينص صراحة على حق دولة الكويت في إبعاد الأجانب.
– قانون إنشاء الدائرة الإدارية في دولة الكويت رقم 20 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 61 لسنة 1982، والذي قرر منح المحكمة الإدارية النظر في المنازعات المتعلقة بقرارات إبعاد الأجنبي مع الحظر و النظر في مشروعية قرار إبعاد الأجنبي.23
02- الطبيعة القانونية للإبعاد:
يتفق الفقه الحديث في مجموعه على أن:
– الإبعاد ليس عملا من أعمال السيادة، وإنما إجراء تتخذه وتباشره السلطة الإدارية في الدولة تحقيقا للصالح العام، ويترتب على ذلك أن تخضع الدولة أثناء مباشرتها حق الإبعاد لرقابة القضاء فيما لو تعسفت في استعمال سلطتها في ذلك، كما لو كان مبنيا على سبب غير مشروع ، أو تم تنفيذه بطريقة متنافية مع المبادئ الإنسانية.
– الإبعاد لا يعد عقوبة جنائية تقضي به المحاكم القضائية، وإنما قد يتم الإبعاد لأسباب أخرى لا علاقة لها بالظاهرة الإجرامية، كما لو تم لأسباب صحية تتعلق بالأجانب.
– الإبعاد يتم وفقا لمقتضيات المصلحة العامة[24]للدولة، ولا يتصور أن يمارس بناء على مصلحة فردية.
ثانيا : دراسة حالة ( البدون) في دولة الكويت
تعتبر دولة الكويت من أكثر الدول نموذجا لتوافر عنصر عديمي الجنسية في إقليمها، رغم وجود هذه الفئة في جمهورية البلطيق أو مملكة البوتان أو النيبال ، والإمارات العربية المتحدة وفي مناطق مختلفة في العالم، إلا أن الوضع القانوني يكاد يختلف عنه في تلك الدول .نظرا للخصوصية التي تعامل بها البدون في دولة الكويت ، إلى حد ما، رغم التباين من مرحلة لأخرى ومن فترة إلى فترة مغايرة، حيث أثر هذا التباين على حقوق البدون وحماية مصالحها.
إذا كان البدون فئة من عديمي الجنسية ، فكيف يتم تكريس وضمان وتعزيز وصيانة وترقية حقوقها داخل دولة الكويت ؟
قبل التطرق للإجابة على هذا السؤال ، لابد من تحديد نشأة مشكلة البدون وتطورها .
01-نشأة مشكلة البدون في الكويت ومراحل تطورها:
تعد مشكلة البدون في دولة الكويت أحد أبرز وأهم الظواهر ذات الخصوصية الفريدة من نوعها ، ليس فقط لكونها متواجدة في دولة الكويت بصفة متميزة ، بل لمركزها الخاص فلا هم من المواطنين الكويتيين الذين يتمتعون بكافة الحقوق ، ولا هم من الأجانب يطبق عليهم صفة الأجنبي ، فهم وسيط بين المواطنين والأجانب .
وهناك إجماع متفق عليه على أن من أسباب تفاقم هذه الظاهرة هو الإجراءات والسياسات الحكومية المتتابعة لدولة الكويت الحديثة منذ تأسيسها واستقلالها لسنة 1961 .
وكان نتيجة الهجرة المتتالية إلى دولة الكويت من البلدان المجاورة بحثا عن الرزق ومصادر الاستقرار، كون أن هذه الدولة غنية بمادة النفط .ومن أهم الأسباب التي ساعدت على تواجد مشكلة البدون نذكر[25] :
-عدم وجود ضوابط للدخول إلى الكويت .
-ظهور ما يسمى بالاتجار بالإقامات من قبل المواطنين الكويتيين أنفسهم.
– ثغرات قانوني الإقامة والجنسية والذي تم بموجبهما منح الاستثناء المبالغ فيه و الممنوح للعشائر والمدعين انتمائهم إلى فئة عديمي الجنسية ، حيث كان يستثني أفراد العشائر من الحصول على سمات دخول وتراخيص الإقامة وجوازات السفر للدخول إلى الكويت والإقامة فيه.
-عدم وجود حصر أو كشف بأعداد المواطنين الكويتيين ،أو السكان القاطنين في دولة الكويت قبل تطبيق قانون الجنسية ،إذ لم يكن هناك تعداد يعتمد عليه ،وكانت الحدود مفتوحة.
-وجود تغير مستمر في قانون الجنسية الكويتي أدى إلى خلق فوضى تشريعية مثل التفسير الخاطئ للمادة الثانية التي نصت على أن : يكون كويتيا كل من ولد في الكويت أو الخارج لأب كويتي .ولم يحدد ما إذا كان الأب كويتيا بصفة أصلية أو بالتجنس .
-عدم استقرار وثبات قانون الجنسية الكويتي ، حيث طاله الكثير من التعديلات والحذف في بعض مواده ، وإضافة فقرات جديدة إلى المواد .
-غياب السياسات الحكومية تجاه فئة البدون ،عندما رفضت لجان الجنسية طلبات المتقدمين إليها باعتبارهم أشخاص غير كويتيين لم تتخذ إجراءات معينة مثل[26]:
أ-عدم القيام بتجنيسهم .
ب-عدم القيام بمتطلباتهم بجوازات سفرهم الأصلية .
ج-المماطلة من قبل الحكومة الكويتية في حل مشكلة البدون ،حيث قامت بالاحتفاظ بملفاتهم على أساس النظر فيها مستقبلا.
-الهجرة فقد توالت على الكويت أعداد كبيرة من النازحين من الدول العربية والقبائل العربية ، بحثا عن الرزق ومظاهر الاستقرار، لا سيما وأن هذا البلد غني بمادة النفط.
– صدور تصريحات متكررة من قبل المسئولين حول قرب تجنيس الملتحقين منهم بالجيش والشرطة، إضافة إلى الدعوة التي وجهت في بداية الثمانينات لتسجيل مدعي الجنسية الكويتية.
-إخفاق فئة البدون في الحصول على إقامة في الكويت ،وذلك لأسباب كثيرة منها[27]:
أ-قصر الفترة التي حددتها الحكومة للإعلان عن التقدم إلى طلب الجنسية الكويتية ،في وقت لم يواكب هذا الإعلان أية حملة إعلامية أو إبلاغية كبيرة لتوعية سكان الكويت بأهمية حصول المواطن آنذاك على الجنسية الكويتية ،خصوصا في أوساط السكان المقيمين خارج المدينة لما بعد عام 1959 مع ملاحظة أن غالبيتهم كانت تعاني من صعوبة التواصل مع برامج الحكومة في ظل غياب المركزية الرسمية آنذاك.
ب-قصر فترة عمل اللجان التي كلفت بإجراء اللقاءات مع المتقدمين بطلب الحصول على الجنسية في ذلك الوقت ، وتسبب الأمر في أن حصل على الجنسية من سارع منهم، ولم يحصل عليها من تأخر.
ج-اعتبار الإقامة في الكويت عامي (1920-1950) شرطا للحصول على الجنسية بمختلف درجاتها، مما منع الكثير من سكان الكويت آنذاك من الحصول عليها،خصوصا أنه لم تكن هناك أي إحصاءات رسمية قبل عام 1950 يمكن الاستناد إليها لضمان تجنيس جميع من يستحقها ،ولم تكلف الحكومة نفسها البحث في من تنطبق عليهم الشروط التي وضعت، بل كانت تنتظر ممن يسمع بإعلان التجنيس أن يتقدم إليها.
د-تأثير العوامل القبلية والطائفية والميولات والقناعات الشخصية على سلوك أعضاء اللجان التي كلفتها الحكومة بالنظر في طلبات التجنيس، الأمر الذي ضيع حقوق الكثير من المقيمين.
في الكويت منذ عقود طويلة من الزمن ،فقد لعبت المحسوبية دورا كبيرا في قبول طلبات تجنيس أشخاص ورفض آخرين تنطبق عليهم المعايير العرفية ذاتها التي وضعوها آنذاك ،خصوصا وأن سكان الكويت كانوا يشكلون قوميات وقبائلا متنوعة وأعراقا متعددة جاءت من اتجاهات مختلفة.
ه-انتشار الأمية في تلك الفترة لدى غالبية سكان الكويت من القاطنين خارج المدينة ،والتي ساهمت بفاعلية في التأثير السلبي على استيعاب الناس لأهمية الحصول على الجنسية الكويتية، لا سيما وأن سياسة الحكومة في التجنيس في تلك الفترة لم تكن مرتبطة بأي امتيازات مدنية أو اقتصادية ، أو حتى اجتماعية يمكن أن تشكل لها عامل جذب لمن يريد الحصول عليها، جاء ذلك قبل أن تمر دولة الكويت بمرحلة انتقالية خرجت من خلالها من مرحلة المجتمع البدائي القبلي إلى مجتمع المؤسسات الدستورية والنظام السياسي المدني ، وقد ساعدت في ذلك المداخيل الهائلة التي صبت على خزينة الدولة من بيع النفط واستثمار عائداته ،والتي أعطت أهمية كبيرة وامتيازا نوعيا للمواطنين الكويتيين في بلدهم.
و-تباطؤ الحكومة الكويتية خلال فترتي الستينات والسبعينات ،وعدم اهتمامها بإيجاد حل مبكر لمشكلة البدون منذ البداية الأمر الذي ساهم في تفاقمها لتصبح مع مرور الوقت معضلة يصعب حلها كما هي عليها الآن ، وقد يكون هذا التباطؤ الذي رافقته وعودا غير مباشرة بإيجاد حل جذري للمشكلة هو أهم عامل وراء إلغاء العديد من الوافدين لهوياتهم العربية والأجنبية، وادعائهم بالانتماء لفئة البدون ،أو عديمي الجنسية أملا في الحصول على الجنسية الكويتية يوما ما ،أو الحصول على الأقل –على الامتيازات المدنية –التي كانت تحصل عليها فئة البدون مثل بقية المواطنين مما دفع بالمشكلة إلى المزيد من التعقيد والتشابك .
ل-اعتبار الحكومة موضوع التجنيس أمرا سياديا يحول دون قبول لجوء أي متضرر إلى المحاكم لبحث قضيته ،مما سد الباب أمام كافة من حرموا منها تعسفا[28].
وقد أدت هذه الأسباب إلى تنامي فئة البدون بشكل كبير، وقد بلغ عددهم في الخمسينيات نحو 51466 فردا، وانخفض عددهم ليصل في سنة 1970، 29461 فردا، ليرتفع مرة أخرى إلى 246 ألف سنة 1990، ونظرا للهجرة المتكررة انخفض العدد إلى 120 ألف فرد نتيجة الغزو العراقي على الكويت، وبعد تحرير الكويت سنة 1991 ، عادت الهجرة مجددا إلى إقليم الدولة، وهو ما أدى بالحكومة الكويتية إلى تدارك الأمر نظرا للخطر المحدق ، فأنشأت في مارس 1996 برئاسة وزير الداخلية، و بموجب المرسوم الأميري رقم 58 لسنة 1996 اللجنة التنفيذية لمعالجة أوضاع البدون ،ووضع الإجراءات اللازمة ضد المقيمين بصورة غير قانونية، وقد شكل ضغطا وتضييقا على هذه الفئة.
وعموما يمكن حصر المراحل[29] التي أدت إلى تطور مشكلة البدون على النحو الآتي:
01-مرحلة صدور قانون الجنسية عام 1959 إلى غاية 1985:
وتميزت هذه المرحلة بالهدوء لدى فئة البدون داخل إقليم دولة الكويت على الأقل كفترة أولية، نظرا لتمتعهم بكافة الحقوق المخولة للمواطنين الكويتيين أنفسهم ، ماعدا الحصول على الجنسية.
لقد صدر أول قانون يحكم الجنسية والتجنس هو القانون رقم 02 لسنة 1948، غير أنه لم يوضع موضع التطبيق الفعلي، ولم ير النور حتى صدور قانون الجنسية رقم 15 لسنة 1959 ويذكر أن هذه المرحلة على الرغم من منح الحقوق للبدون عدا الجنسية، إلا أن ذلك ميز بين المواطنين والأجانب، ونستشف ذلك من خلال بعض المواد لقانون الجنسية السالف الذكر، حيث نظمت المادة الأولى منه مفهوم الكويتيين بالتأسيس، إذ نصت على أن ( الكويتيين أساسا هم المتوطنون في الكويت قبل سنة 1920 ، وكانوا محافظين على إقامتهم العادية فيها إلى يوم نشر هذا القانون…).
كما نظمت المادة الثانية من نفس القانون مفهوم جنسية الدم ، حيث نصت على أن: (يكون كويتيا كل من ولد في الكويت أو في الخارج لأب كويتي ).
وقد ثار جدل قانوني فيما إذا كان المولود لأب كويتي متجنس يعتبر هو الآخر متجنسا، إلا أن الجدل حسم في الأخير، واعتبر المولود لأب كويتي سواء كان متجنسا أم بالتأسيس كويتيا بالتأسيس.
أما المادة الثالثة فتنظم حالات مجهولي الأبوين واللقيط حيث تنص على أنه ” يكتسب الجنسية الكويتية كل من ولد في الكويت لأبوين مجهولين، ويعتبر اللقيط مولودا فيها ما لم يثبت العكس ويجوز لمن ولد في الكويت أو في الخارج من أم كويتية و كان مجهول الأب أو لم تثبت نسبته إلى أبيه قانونا، ويجوز معاملة القصر في هذه الحالة معاملة الكويتيين لحين بلوغهم سن الرشد”.
والجدير بالذكر أن النص أعلاه هو نص معدل بالقانون رقم 40 لسنة 1987، ومما يجدر ذكره هو أن الكويت، و من خلال وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل توفر رعاية خاصة للقطاء ومجهولي الأبوين، حيث يتم توفير السكن والرعاية التعليمية والصحية من قبل الدولة ومنحهم الأسماء والحفاظ على سرية حياتهم حتى يبلغوا سن الرشد وينخرطوا في المجتمع.
أما التجنيس فتنظمه المادتان الرابعة والخامسة، وقد جرى تعديلهما عدة مرات الأولى بموجب المرسوم الأميري رقم 2 لسنة 1960، والثانية بموجب القانون رقم 70 لسنة 1966 والثالثة بموجب المرسوم بقانون رقم 100 لسنة 1980، والرابعة بموجب القانون رقم 1 لسنة 1982، والذي نص على جواز منح الجنسية الكويتية لكل شخص بلغ سن الرشد بتوافر الشروط التالية:
– الإقامة المشروعة في الكويت لمدة 15 سنة متتالية بالنسبة لمن كان عربيا منتميا إلى بلد عربي و20 سنة متتالية لمن هو غير ذلك.
-أن يكون له سبب مشروع للرزق.
– أن يكون حسن السيرة غير محكوم عليه بجريمة مخلة بالشرف و الأمانة.
-أن يعرف اللغة العربية.
-أن يكون على كفاية أو أن يقوم بخدمات تحتاجها البلاد.
-أن يكون مسلما بالميلاد أصلا أو أن يكون قد اعتنق الدين الإسلامي وأشهر إسلامه وفقا للطرق والإجراءات المتبعة ومضت على ذلك خمس سنوات على الأقل قبل منحه الجنسية الكويتية، والجدير بالذكر أن هذا الشرط كان الإضافة الرئيسة في التعديل الأخير.
وتنظم المادة السادسة حق الانتخاب أو التعيين للهيئات النيابية، وهو النقطة الأساسية التي يختلف فيها الكويتي بالتأسيس عن الكويتي بالتجنيس، حيث تحدد المادة المدة التي يحق فيها للمتجنس ممارسة حقه الانتخابي، والملاحظ أن التعديلات المذكورة اتجهت دوما إلى إطالة تلك المدة فمن مدة 10 سنوات في القانون الأصلي 1959/15 أصبحت 20 سنة بموجب تعديل القانون 70 لسنة 1966 ثم أصبحت 30 سنة بموجب تعديل القانون رقم 1986/130 ثم التعديل الحالي بموجب القانون رقم 1987/40، وقد حدث جدل قانوني كان يتم بموجبه اعتبار أبناء المتجنسين المولودين بعد حصول آبائهم على الجنسية على أنهم متجنسون، وهو خطأ قانوني واضح والذي تم تعديله أخيرا دون الحاجة إلى تعديل في القانون مما أدى إلى مشاركة تلك الفئة في الانتخابات الماضية وبالتالي حصولهم على حقوقهم السياسية.
وتنظم المادة السابعة موضوع زوجة وأولاد المتجنس و النص الحالي هو المعدل بموجب القانون رقم 1980/100 وتنص على أنه “لا يترتب على كسب الأجنبي الجنسية الكويتية أن تصبح زوجته كويتية إلا إذا أعلنت رغبتها في ذلك خلال سنة من تاريخ كسب زوجها للجنسية الكويتية و يعتبر أولاده القصر كويتيين ولهم أن يقرروا اختيار جنسيتهم الأصلية خلال السنة التالية لبلوغهم سن الرشد”.
أما المادة الثامنة وهي المادة الأخيرة المنظمة لحالات التجنس فتعالج موضوع زوجة الكويتي الأجنبية والتي جرى تعديلها عدة مرات،حيث تتجه دائما نحو إطالة المدة التي تتيح للزوجة الأجنبية الحصول على الجنسية، ففي حين لم يشترط القانون الأصلي مدة على الإطلاق، تعدلت بموجب القانون 1966/70 لتصبح 5 سنوات ثم زيدت لتصبح 15 سنة بموجب القانون 1987/40، إلا أن المادة المذكورة منحت وزير الداخلية الحق في الاستثناء من تلك المدة وهو ما يحدث عادة، وقد ذكرنا لاحقا في التقرير إحصاء لعدد من حالات التجنيس بموجب المادة الثامنة و التي لا يبدو أنها مسألة تتعرض لتشدد يذكر، و تؤكد المادة 9 على عدم فقدان الزوجة الأجنبية للجنسية الكويتية عند انتهاء الزوجية إلا إذا استردت جنسيتها الأصلية أو كسبت جنسية أخرى.
وتنظم المواد 10و11و11مكرر و12 و13 و14 و15 مواضيع فقد الجنسية والتنازل عنها وإعادتها للمرأة الكويتية وسحب الجنسية وإسقاطها وردها حيث تؤكد المادة رقم 10 بموجب تعديل القانون رقم 1980/100 على أن “المرأة الكويتية التي تتزوج من أجنبي لا تفقد جنسيتها الكويتية إلا إذا دخلت في جنسية زوجها بناء على طلبها”.
وتعالج المادة 11 موضوع فقد الجنسية والذي يحدث نتيجة لتجنيسه مختارا بجنسية أجنبية، ولا ينطبق ذلك على زوجته الكويتية إلا إذا دخلت في جنسيته، ويجوز إعادة الجنسية في مثل هذه الحالة إذا أقام بالكويت لمدة سنة إقامة مشروعة وطلب العودة إلى الجنسية الكويتية وتخلى عن جنسيته الأجنبية وذلك بقرار من مجلس الوزراء، أما المادة 11 مكرر وهي مضافة بالقانون 100/1980 تعالج حالات المتجنسين بموجب المواد 4 و5 و7 و8 حيث توجب تنازل المتجنس عن جنسيته الأصلية إذا كان له جنسية أخرى، كذلك تجيز المادة 12 المعدلة بموجب القانون 100/1980 إعادة الجنسية للمرأة الكويتية التي فقدتها بموجب أحكام المادتين السابقتين إذا تخلت عن جنسيتها السابقة.
وتنظم المادة 13 الحالات التي يتم فيها سحب الجنسية، و قد جرت عدة تعديلات على هذه المادة بموجب القانون 1965/21 و1966/ 70و1980/100 وحاليا القانون 1987/40، حيث بينت المادة 13 جواز سحب الجنسية بمرسوم ممن كسب الجنسية الكويتية بموجب المواد 3و4و5و7و8 في الحالات التالية: إذا كان قد منح الجنسية بطريق الغش أو بناء على أقوال كاذبة، وإذا حكم عليه خلال 15 سنة من حصوله على الجنسية في جريمة مخلة بالشرف والأمانة، أو إذا عزل من وظيفته تأديبيا لأسباب تتصل بالشرف والأمانة خلال عشر سنوات من منحه الجنسية، أو إذا استدعت مصلحة الدولة العليا أو أمنها الخارجي ذلك، أو إذا توافرت الدلائل لدى الجهات المختصة على قيامه بالترويج لمبادئ من شأنها تقويض النظام الاجتماعي في البلاد أو على انتمائه إلى هيئة سياسية أجنبية، وبالتالي فإن المادة 13 تتعامل مع المتجنسين أما المادة 14 فتتحدث عن إسقاط الجنسية و يعني ذلك إسقاطها عن الكويتيين بالتأسيس، وهي باقية دون تعديل وتكاد تكون نسخة مكررة في قوانين الجنسية في الكثير من الدول العربية حيث يتم إسقاط الجنسية عن كل من يتمتع بها في الحالات الآتية:
1- إذا دخل الخدمة العسكرية لإحدى الدول الأجنبية وبقي فيها بالرغم من الأمر الذي يصدر له من حكومة الكويت بتركها.
2- إذا عمل لمصلحة دولة أجنبية و هي في حالة حرب مع الكويت أو كانت العلاقات السياسية قد قطعت معها.
3- إذا كانت إقامته عادية في الخارج وانضم إلى هيئة من أغراضها العمل على تقويض النظام الاجتماعي والاقتصادي للكويت، أو صدر حكم بإدانته في جرائم ينص الحكم على أنها تمس ولاءه لبلاده.
ويترتب على إسقاط الجنسية في الحالات المتقدمة الذكر أن تزول الجنسية الكويتية عن صاحبها وحده”.
وتؤكد المادة 15 وهي دون تعديل كما جاءت في الأصل جواز رد الجنسية في أي وقت إلى من سحبت منه أو أسقطت عنه طبقا لأحكام المادتين السابقتين.
يلاحظ من خلال استعراض بعض مواد قوانين الجنسية لدولة الكويت لتلك الفترة (1959-1986) أن الدولة قد ميزت بين المواطنين الكويتيين، والبدون ولم تمنح لهم أي حق في التجنس، رغم منحهم الحقوق الأخرى، وبالتالي يبقى التجنس كأحد أنماط اكتساب الجنسية، هو أهم الحقوق التي تنادي بها البدون، لأنها هي الرابطة القانونية والسياسية بين الدولة والفرد، وبموجبها يتم التمتع بالحقوق والواجبات شأنهم بذلك شأن المواطنين[30].
من خلال ما سبق يمكن لنا أن نستشف بعض الخصائص المميزة لقانون الجنسية الكويتي:
إن قانون الجنسية الكويتي قانون انتقائي لا يتبنى نظرية معينة، إنما يضع الحل لكل حالة على حدة، مثلا أنه لم يتبن نظرية منح الجنسية بناء على حق الإقليم أو الدم المطلق من جهة الأم إلا في حالات ضيقة جدا في المادة الثالثة منه. وكذلك فهو قانون يهتم بالجزئيات ولا يربط الفرضيات معا.
ومن خصائصه أيضا أنه كثيرا ما يتم تعديله وتغييره تأثرا بالواقع السياسي، لذا فإنه قد يبدو غير منطقي أحيانا.
ومن أهم تلك الخصائص إن القضاء يمتنع عن النظر في أي منازعات بشأنه، وذلك وفقا لنص المادة الأولى الفقرة الخامسة من قانون إنشاء المحكمة الإدارية، حيث استثنت من اختصاص الدائرة الإدارية «القرارات الصادرة في شأن مسائل الجنسية وإقامة وإبعاد غير الكويتيين وتراخيص إصدار الصحف والمجلات ودور العبادة»، وعليه فلا يمكن للفرد رفع دعوى محلية أو دولية بشأن منحه الجنسية.
وهذا الأمر منتقد في نظرنا، لأنه في ظل غياب رقابة القضاء لن نتمكن من تطبيق القانون تطبيقا سليما، وهذا ما يجعل قانون الجنسية من أكثر القوانين جدلا في الكويت.
إن ما ندعو إليه ليس تدخل القضاء في أعمال السلطة التنفيذية، إنما مراقبة مدى استحقاق أو عدم استحقاق الفرد للجنسية الكويتية فقط، تماما مثلما يباشر القضاء الإداري مهمته في تصحيح أعمال الإدارة إلغاء وتعويضا. وهذا ما أخذت به محكمة النقض المصرية ومجلس الشيوخ الفرنسي بتكييف أعمال الإدارة في منح الجنسية على أنها أعمال إدارية.وعليه، فالقرارات المتعلقة بالجنسية لا تعدو أن تكون قرارات إدارية تقبل التعويض والإلغاء كالقرار الصادر بمنح الجنسية وإسقاطها أو سحبها أو تشكيل لجنة من الكويتيين لاقتراح من تثبت لهم الجنسية، وتشكيل لجان التحقيق في الجنسية وإثباتها… إلخ.
ويؤيد هذا التوجه الفقه الحديث، ويؤكد ضرورة تمكين الفرد من اللجوء إلى القضاء والطعن في القرارات المتعلقة بالجنسية، بالإضافة إلى عدم حرمان القضاء من قيامه بالاجتهاد في مسائل الجنسية. وقد أخذ بهذا الرأي مجمع القانون الدولي العام الذي أقيم بنيويورك سنة 1929، بشكل واسع، حيث سمح للمحاكم الدولية حق سماع المنازعات التي تنشأ بين الفرد والدولة بشأن الجنسية.
02- مرحلة بداية التشدد من 1985 إلى الغزو العراقي 1990:
هي المرحلة التي أخذت فيها المشكلة في التفاقم شيئا فشيئا، حيث عمد كثير من الوافدين إلى إخفاء هوياتهم مدعين انتماءهم إلى فئة عديمي الجنسية، وذلك للإفادة من الامتيازات المادية، مما أدى إلى نمو هذه الفئة، بصورة سريعة وعشوائية حتى أصبحت مصدرا لمشكلات أمنية واجتماعية واقتصادية وقانونية تدخل في صميم الكيان البنيوي للمجتمع وتركيبته الديموغرافية، ولا شك أن المنهج الحكومي المتبع في التعامل مع مشكلة “غير محددي الجنسية” قد ساهم بطريقة أو بأخرى في تطويرها، وتشعبها حتى باتت تشكل موضوعا رسميا لتقارير المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان في الخارج، خاصة بعد حالة الانكشاف الإعلامي الدولي الذي تعرضت له الكويت إبان وبعد غزو العراق لها في أغسطس 1990 م.
وقد تميزت هذه المرحلة بالضبابية اتجاه البدون لدرجة بداية التشدد ، خاصة فيما يتعلق بحقوق هذه الفئة ، وقد انعكس عدم الوضوح في التعامل الحكومي مع موضوع البدون إلى النتائج والانعكاسات السلبية على النحو التالي[31]:
1- إن عدد الكويتيين المتزوجين ممن لا يحملون جنسية محددة وصل إلى (3024) كويتيا وعدد الكويتيات المتزوجات من فئة “عديمي الجنسية” وصل إلى (4036) كويتية.
2- إن أكثرية فئة “عديمي الجنسية” من الأطفال الذين هم دون الخامسة عشرة ويمثلون نحو “%85 من العدد الإجمالي”.
3- إن غالبية فئة “عديمي الجنسية” من الأميين وذوي التعليم المحدود جدا، حيث بلغت نسبة من هم دون التعليم المتوسط ” %87.
4- إن الأسرة لدى فئة “عديمي الجنسية” تتسم بكبر حجمها، حيث يصل معدل الإعالة فيها إلى “7” أفراد في المتوسط، بينما لا يزيد عن “4.5” لدى الأسرة الكويتية، ولعله يمكن تقدير أهمية هذا الأمر فيما يشكله من أعباء اقتصادية، وإرهاق للخدمات العامة في الحاضر والمستقبل.
5- إن غالبية هذه الفئة تنحصر في جنسيات معينة، إذ أن مشروع استكمال الوثائق الخاصة من غير محددي الجنسية أدى إلى التثبت من جنسيات (27.470) فردا أي (%12.5) من إجمالي الفئة، ولم تكن الحكومة قبل عام 1989 قد أعلنت عن عدد محدد لفئة عديمي الجنسية، ويرجع أكثر من مرجع علمي كتب حول البدون السبب إلى أن الحكومة كانت تفتقر إلى الإحصاءات الدقيقة في هذا الشأن.
ونظرا لتفاقم مشكلة البدون، قامت الدولة ببعض الخطوات تمثلت في بعض الإجراءات للحد من هذه المشكلة وتمثلت في:
-إصدار قرار مجلس الوزراء لسنة 1985 بإلغاء مصطلح بدون جنسيةّ سواء في المعاملات الرسمية وغير الرسمية، واعتبار كل من لا يحمل الجنسية الكويتية غير كويتي”.
-إصدار قرار سنة 1986 بتشكيل لجنة لدراسة مشكلة عديمي الجنسية، وضعت بموجبه بعض الإجراءات العملية الآنية، وكان الهدف من ذلك التوصل إلى معرفة الوضع القانوني لكل حالة باعتبار أن فئة عديمي الجنسية كانت تحتوي على أفراد يخفون هويتهم الأصلية، وكانت السلطة تسعى من وراء ذلك إلى تحفيز هذه الفئة على إبراز هويتهم الأصلية وتصحيح وضعهم وفقا للقوانين السارية.
وقد أدى دور تلك اللجنة إلى بروز نتائج إيجابية، حيث بادر نحو ( 16.900) فرد إلى تعديل أوضاعهم القانونية من خلال إبراز هويتهم الحقيقية، كما تم التوصل إلى اكتشاف الجنسيات الحقيقية التي كانت مجهولة بلغت حد ( 15.000 ) فرد، إلا أن ظروف الغزو العراقي على الكويت حال دون متابعة تلك الإجراءات ووقف عائقا أمام نشاط تلك اللجنة.
03-مرحلة التضييق وشد الخناق من تحرير الكويت 1991 حتى الآن:
إن التباطؤ في حسم هذه المشكلة أدى بالكويت إلى أن تواجه الآن مشاكل الجيل الثاني والثالث من أبناء هذه الفئة، وليس الجيل الأول منهم الذي انخفض عدد أفراده وتدنت نسبتهم مع مرور الزمن.
وقد تميزت هذه المرحلة بخلاف المراحل الأخرى بالتضييق وشد الخناق على أوسع نطاق، وتجلى ذلك من خلال مظاهر التضييق التي يعاني منها البدون في حياتهم اليومية ومنها:
-فرض قيود على مجانية التعليم.
– فرض الرسوم على العلاج الصحي.
– التشدد في منح إجازة قيادة السيارة.
– وضع قيود على التوظيف في القطاع العام.
-عدم توثيق عقود الزواج.
وضع قيود على السفر للخارج.
02-تحديد المركز القانوني للبدون بين القانون الدولي والقانون الداخلي للكويت:
يقصد بالمركز القانوني للبدون، الإطار القانوني الذي يحدد تمتع الأجانب عديمي الجنسية، بالحقوق المخولة لهم، والواجبات المفروضة عليهم في إطار ما يعرف بتنظيم مركز الأجانب وفق التشريع الداخلي للدولة، وفي إطار ما تفرضه الالتزامات الدولية بموجب الاتفاقيات الدولية، وخاصة عندما تصادق عليها الدولة.
هناك اتفاقيات الشارعة العامة التي تناولت حماية حقوق الإنسان بصفة عامة، وباعتبار أن عديمي الجنسية هم جزأ لا يتجزأ من حقوق الإنسان، فلا بد من الإشارة إلى المرجعية العامة لحماية حقوق الإنسان مثل ما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حقوق الإنسان في ظل ميثاق الأمم المتحدة، والعهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية.
بالإضافة إلى الاتفاقيات الدولية الخاصة بعديمي الجنسية، مثل الاتفاقية الدولية لعديمي الجنسية لسنة 1959، والاتفاقية الدولية لتخفيض أسباب انعدام الجنسية لسنة 1961.
أ-موقف القانون الدولي لحقوق الإنسان من إبعاد عديمي الجنيسية ( البدون):
إن عديمي الجنسية هم مركز من الأفراد، والذي بدوره جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان، وقد نصت المادة 55 من ميثاق الأمم المتحدة في الفقرة ّجّ على ( أن يشيع في العالم احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء ، ومراعاة تلك الحقوق فعلا).
ومن الحقوق المخولة للأجانب، أو لعديمي الجنسية، حرية الإقامة وحرية التنقل، وبالرجوع إلى نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في ديسمبر 1948، نجد أنه قد نص على حرية الإقامة كحق من حقوق الإنسان الأساسية التي يجب كفالتها وحمايتها، فقد نصت المادة 13/ الفقرة 1-2 من الإعلان على أنه (- لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة- كما يحق لكل فرد أن يغادر إقليم بلد بما في ذلك بلده ،كما يحق له العودة إليه).
ومعنى ذلك أن حق الإقامة في أي بلد هو حق مكفول للأجنبي كقاعدة عامة، حيث يحق له اختيار مكان إقامته ضمن حدود إقليم الدولة المتواجد فيها ، كما يحق له مغادرة إقليم الدولة التي يقيم فيها في أي وقت يراه، ودون حاجة إلى إبداء أي أسباب تكون قد دفعته إلى مغادرة الدولة التي يقيم فيها، وهذا ما يسمى بالخروج الاختياري، وليس لسلطات الدولة أن تجبر الأجنبي على البقاء في إقليمها، كما لا يجوز لها إبعاده إلا في حدود المحافظة على مقتضيات الأمن وسلامة إقليمها، وهو استثناء وقيد على حق الإقامة المخول للأجنبي داخل إقليم الدولة.
أو لأسباب قانونية كأن يكون محل محاكمة لارتكاب جريمة خلال إقامته على إقليم الدولة، أو لدفع بعض الحقوق المادية المستحقة عليه للدولة مثل الضرائب والرسوم، أو للأفراد مثل الديون والقروض.
كما يجوز أن يغادر الأجنبي إقليم الدولة بسبب انتهاء مدة إقامته المرخص له فيها من قبل السلطات الأمنية ،ورفضها تجديد الإقامة له.
وقد جاءت الوثيقة العالمية لحقوق الإنسان في مادتها السادسة مؤكدة على أن لكل إنسان الحق في الاعتراف له بشخصية قانونية أينما حل، وبالتالي يمكن القول بأنه يجوز للأجنبي في الدولة التي يقيم فيها أن يتمتع بجميع الحقوق القانونية.
كما نصت المادة الثانية من نفس الإعلان على تمتع كل إنسان بجميع الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان دون أي تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو اللون أو الرأي السياسي أو أي وضع آخر …إلخ.
وقد نصت المادة الخامسة عشر من نفس الإعلان أنه : ( لكل فرد حق التمتع بجنسية ما).
ما يفهم من خلال نصوص ومواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ما يلي:
– الاعتراف بالشخصية القانونية لكل إنسان، والأجنبي بصفة عامة، والبدون بصفة خاصة لا يخرجون عن هذه القاعدة، وبالتالي يترتب على وجود الشخصية القانونية وجوب التمتع بالحقوق وتحمل الالتزامات، لأنه لا خلاف في أن من لا تثبت له تمتعه بجنسية محددة يعد من الأجانب، ويرتب القانون الدولي للدولة المضيفة في مواجهتهم بعض الحقوق والواجبات.
– لقد كفل الإعلان العالمي للإنسان التمتع بكافة الحقوق والحريات وعدد موانع التمييز أو تحت أي وضع آخر، وانعدام الجنسية لبعض فئات المجتمع يدخل ضمن ذلك، ولا يعني بأي حال من الأحوال أن هذه الفئة قد فقدت حقوقها.
– إن الإشارة إلى تمتع أي فرد كان بجنسية ما، يعني أنه من حق الأشخاص عديمي الجنسية أو البدون التمتع بالجنسية، لأنها حق من حقوق الإنسان التي كفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
أما بخصوص العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية لسنة 1966، فقد تضمنت في الجزء الثاني، مثلما يستفاد من المادة الثانية منه على تعهدات الدول الأطراف، باحترام الحقوق المعترف بها في العهد، وكفالتها لجميع الأفراد الموجودين في أقاليمها، والخاضعين لولايتها.
كما تعترف الدول الأطراف وفق البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية باختصاص اللجنة لحقوق الإنسان في تلقي ونظر الرسائل الموجهة إليها من قبل الأفراد الداخلين في ولاية تلك الدول، والذين يدعون أنهم ضحايا[32] انتهاك من جانبها لحق من حقوقهم المقررة في العهد.
ب-الحقوق المخولة لعديمي الجنسية بموجب الاتفاقيات الدولية الخاصة:
-الاتفاقية الدولية بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسية لسنة 1954:
إن وضع عديمي الجنسية في دولة ما، هو وضع صعب ومعقد، نظرا لعدم تمتعه بجنسية المكان والوطن الذي يقيم فيه، الأمر الذي استدعى سن اتفاقية دولية لتحديد مركزه في المجتمع الدولي، وهي اتفاقية دولية تنطبق على كل شخص لا يكون في عداد مواطني الدولة التي يقيم فيها إذا ما طبقت هذه الدولة تشريعاتها الخاصة بالجنسية عليه.
لتحديد الأبعاد القانونية لقضية البدون أو عديمي الجنسية، لا بد من تعريف مصطلح البدون ويقصد به حسب ما تشير إليه الاتفاقية، هو الشخص الذي لا تعتبره أية دولة مواطنا فيها بمقتض تشريعاتها، وهذا يعني أنهم أجانب في كل دول العالم رغم أن الجنسية حق من حقوق الإنسان .
وقد حددت حقوق عديمي الجنسية أو البدون بموجب الاتفاقية الدولية لسنة 1954، وهي حقوق وحريات أساسية مكتسبة للفرد بحكم إنسانيته وهي:
-حقوق مماثلة للحقوق الممنوحة للوطني:
تتمثل هذه الحقوق في الحقوق الشخصية بحيث يخضع لقانون بلد موطنه، أو لقانون بلد إقامته، إذا لم يكن له موطن، ويجب على الدولة التي يقيم فيها كموطن له، أو كمحل إقامة دائمة له احترام حقوقه المكتسبة والناجمة عن أحواله الشخصية، لا سيما الحقوق المرتبطة بالزواج وغيره، ومن الحقوق المماثلة حق ممارسة الشعائر الدينية، وحق الملكية الفكرية، وحرية توفير التربية الدينية لأولاده، وغيرها من الحقوق المعتادة الصناعية والأدبية والفنية، بحيث يجب أن يمنح عديم الجنسية أو البدون في بلد إقامته نفس الحماية الممنوحة للوطنين، كما يمنح في إقليم أي من الدول المتعاقدة الأخرى نفس الحماية الممنوحة في ذلك الإقليم لمواطني بلد إقامته المعتادة.
وكذا حق التقاضي أمام المحاكم، بما في ذلك تقديم المساعدة القضائية، وهناك حقوق يجب أن يتساوى فيها الأجنبي مع المواطن، وهي تلك الحقوق التي يجب أن يتمتع بها الفرد بحكم الإنسانية .ومنها : -الحق في التعليم الابتدائي- الحق في الضمان الاجتماعي – الحق في الإغاثة والمساعدة العامة والمساعدة الإدارية –تأمين الحماية الدبلوماسية في المطالبات الدولية التي يكون عديم الجنسية طرفا فيها.
-حقوق ممنوحة لعديم الجنسية باعتباره أجنبيا على الإقليم:
من الحقوق الثابتة لعديمي الجنسية أن يعامل بأفضل الحقوق والمزايا الممنوحة للرعايا الأجانب، وأن يعفى من شرط المعاملة التشريعية بالمثل متى كان فيه سلب لمزايا ممنوحة للأجانب، وتمتنع الدولة التي يقيم فيها أو التي اتخذها موطنا له عن تطبيق التدابير الاستثنائية التي تتخذ ضد أشخاص أو ممتلكات مواطني الدولة التي كان يحمل جنسيتها سابقا متى فقدها وأصبح عديم الجنسية.
ويجب على الدول أن تمنح عديمي الجنسية الموجودين على إقليمها أفضل معاملة ممكنة، بحيث لا تكون بأي حال أدنى من تلك الممنوحة للأجانب عامة فيما يتعلق باحتيار الأموال المنقولة وغير المنقولة ،والحقوق الأخرى المرتبطة بها،وبالإيجار وغيره من العقود المتصلة بملكية الأموال المنقولة وغير المنقولة، ومن الحقوق الممنوحة لعديمي الجنسية المقيمين بصورة نظامية حق الانتماء للجمعيات الخيرية التي لا تستهدف الربح والنقابات المهنية، على أن تقدم الدولة لهم أفضل معاملة يمكن أن تمنح لمواطني بلد أجنبي.
أما فيما يتعلق بحق ممارسة عمل مأجور، وكذلك فيما يتعلق بالحق في ممارسة عمل لحسابهم الخاص في الزراعة، والصناعة والحرف اليدوية والتجارية، وكذلك في إنشاء شركات تجارية وصناعية، فيجب على الدول أن تمنح فئة عديمي الجنسية أو ما يسمى بالبدون الموجودين على إقليمها أفضل معاملة ممكنة، لا تقل بأي حال عن تلك الممنوحة للأجانب بصفة عامة ،لاسيما فيما يتعلق بممارسة هذه الحقوق .
أما فيما يخص الإسكان، وبقدر ما يكون هذا الموضوع خاضعا للقوانين، أو الأنظمة الداخلية للدولة وتحت إشراف سلطاتها العامة، فإنه يجب أن يمنح عديمي الجنسية أفضل معاملة ممكنة.
وعلى صعيد التعليم غير الابتدائي، فإن الدولة التي يقيم فيها عديم الجنسية ملزمة بتقديم أفضل الرعاية الممنوحة للأجانب خاصة على صعيد المتابعة الدراسية، والاعتراف بالمصادقات والشهادات المدرسية والدرجات العلمية الممنوحة في الخارج، والإعفاء من الرسوم والتكاليف وتقديم المنح الدراسية، وحرية التنقل واختيار محل الإقامة الممنوحة لعديم الجنسية على أن يكون ذلك رهنا بأي أنظمة تنطبق على الأجانب عامة.
-حقوق ممنوحة لعديم الجنسية لصفته الخاصة:
من الحقوق الممنوحة لعديمي الجنسية متعلقة بوضعه القانوني الخاص، أن تصدر الدول المتعاقدة بطاقة هوية لكل شخص عديم الجنسية الموجود في إقليمها بصورة نظامية لا يملك وثيقة سفر صالحة ،وذلك ليتمكن من السفر خارج الإقليم، وهذا الحق لا يمنع من أن تمتنع الدول من إصدار هذه الوثائق متى كان في منحه بطاقة هوية ووثائق السفر خطر على أمنها ونظامها العام.
وبالنسبة للوضع القانوني الخاص لعديم الجنسية تمتنع الدول المتعاقدة عن تحميله أية أعباء ورسوم أو ضرائب، أيا كانت تسميتها تغاير أو تفوق تلك المستوفاة، أو التي يصار إلى استيفائها في الأحوال المماثلة، وهذا لا يمنع من تطبيق القوانين والأنظمة المتعلقة بالرسوم المتصلة بإصدار الوثائق الإدارية، بما فيها بطاقة الهوية.
والجدير بالذكر أنه مثلما منحت الاتفاقية الدولية لعديمي الجنسية حقوقا، فقد أوجبت عليهم في المقابل واجبات والتزامات اتجاه الدولة التي يقيمون فيها، أو التي اتخذوها موطنا لهم، وهي أن ينصاعوا لقوانين وأنظمة تلك الدولة، وأن يتقيدوا بالتدابير المتخذة فيها لصيانة النظام العام.
وعلى الرغم من منح الاتفاقية الدولية لعديمي الجنسية لسنة 1954 حقوقا لهذه الفئة، إلا أن مسألة إبعاد الأجانب، يبقى حق من حقوق الدولة تتخذها في حق من هو مصدر خطر على إقليمها وأمنها كحق مطلق، لا تعقيب عليه ما لم تتخذه بصورة تعسفية، إلا أن الأمر يختلف مع عديمي الجنسية أو البدون، حيث لا يتم طردهم من إقليم الدولة، إلا بناء على الأصول الإجرائية التي ينص عليها القانون، على أن يسمح له ما لم تتطلب ذلك أسباب قاهرة تتصل بالأمن الوطني بأن يقدم بيانات لإثبات براءته، وبأن يمارس حق الاعتراض ويكون له وكيل يمثله لهذا الغرض أمام سلطة مختصة أو أمام شخص أو أكثر معينين خصيصا من قبل السلطة المختصة، ويجب أن تمنح الدولة للمبعد الأجنبي مهلة معقولة ليلتمس خلالها قبوله بصورة نظامية في بلد آخر، ويحق للدولة خلال هذه المهلة فعل ما تراه ضروريا من تدابير داخلية في حقه.
ج-مدى إلزامية الاتفاقيات الدولية لعديمي الجنسية لدولة الكويت:
لقد تنامت الاتفاقيات الدولية منذ انبثاق ميثاق الأمم المتحدة، ووكالاتها المتخصصة، وأصبحت تتناول كافة جوانب العلاقات بين الدول، وعلاقات الأفراد والمجموعات مع الحكومات، ومن بين الاتفاقيات الدولية الرئيسية كما وردت في دليل الأمم المتحدة للاتفاقيات والمعاهدات الدولية نجد: الاتفاقية الدولية لعديمي الجنسية لسنة 1954، والاتفاقية الدولية لتخفيض حالات انعدام الجنسية لسنة 1961. فما مدى إلزامية هاتين الاتفاقيتين لدولة الكويت؟
تعبر الدول عادة عن موافقتها على الالتزام بالاتفاقية الدولية بالتصديق[33]على الاتفاقية أو الانضمام[34] إليها.
وقد تضمنت جميع الاتفاقيات الدولية مادة خاصة تحدد موعد نفاذ الاتفاقية بعد إيداع صك انضمام أو تصديق عدد معين من الدول على الاتفاقية ،وتاريخ نفاذ الاتفاقية بمواجهة الدول التي تنظم إلى الاتفاقية لاحقا ،وبعد فترة محددة من تاريخ إيداع صك الانضمام أو التصديق لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة.
والسمة الغالبة والمشتركة بين الدول في آلية انضمامها،أو تصديقها على الاتفاقية الدولية تتمثل في صدور قانون يصدر عن السلطة المخولة دستوريا بإصدار القوانين سواء كان مجلس النواب أم رئيس الدولة.
وينشر قانون التصديق أو الانضمام في الجريدة الرسمية، وتسري آثاره القانونية وفقا للقانون المنظم لنشر القوانين، ويعتبر قانون التصديق أو الانضمام معبر تحول نصوص الاتفاقية إلى التشريع الوطني بحيث تصبح جزءا منه[35].
ويقصد بالتصديق والانضمام، هو الإجراء الدولي الذي يتضمن قبول وموافقة الدولة، أو هو الفعل الرسمي من رئيس الدولة في إطار احترام إجراءات القانون الوطني، وهو إقرار تلتزم به الدولة على المستوى الدولي بتنفيذ بنود الاتفاقية الدولية وعدم الخروج عن مبادئها.
إذا صادقت الدولة على الاتفاقية تصبح نافذة في مواجهتها ولا يجوز لها التحلل من الالتزامات التي تقع على عاتقها طبقا لنص المادة 26 ( العقد شريعة المتعاقدين)[36].
إذن يترتب على ذلك أنه بمجرد التصديق أو الانضمام تصبح الاتفاقية الدولية جزء لا يتجزأ من القانون الوطني، وبالتالي فواقع الاعتراف بالاتفاقية هو جزء من قانون الدولة، يعني أن القانون الداخلي مرتبط بقواعد حقوق الشعوب ،وأن على المشرع أن يحترمها بنفس مستوى الأحكام الدستورية .
أما الحالة التي لا تصادق عليها الدولة ولا تنضم إلى الاتفاقية الدولية ،فهي غير ملزمة قانونيا بتطبيق بنود الاتفاقية ،رغم أنه يترتب عليها التزام أخلاقي ،خاصة فيما يتعلق بتطبيق بنود الاتفاقية الدولية لعديمي الجنسية لسنة 1954، والاتفاقية الدولية لتخفيض حالات انعدام الجنسية لسنة 1961.
إن دولة الكويت لم تصادق أو تنضم إلى هاتين الاتفاقيتين الدوليتين ،وبالتالي من الناحية الدولية لا يترتب عليها أي التزام، رغم أنها لم تكن طرفا فيها، إلا أن فئة غير محددي الجنسية أو البدون كانوا يتمتعون ببعض ما نصت عليه الاتفاقية كالتعليم والتطبيب والتوظيف خاصة في الجيش والشرطة ، وحق التنقل وحق التقاضي والإسكان لفئة معينة منهم كانت كلها مزايا يسمح لهم التمتع بها حتى أواخر عام 1985.
وكانتقاد، لا يمكن القول بأن دولة الكويت قد التزمت أخلاقيا بالاتفاقيتين الدوليتين السابقتين رغم منحها لبعض الحقوق للبدون، ولكنها تبقى حقوقا مدنية لا غير، مادام أنها حرمت البدون من أهم حق وهو حق التجنس، الذي يعتبر أهم الحقوق الأساسية التي نادت بها الاتفاقيتين.
أضف إلى ذلك حتى الحقوق المدنية التي منحت للبدون أصبحت تزول تدريجيا ابتداء من عام 1986إلى غاية 1990، حيث بدأت الحكومة باتخاذ إجراءات مشددة تجاه غير محددي الجنسية ، بسبب عجزهم عن تقديم جوازات سفر كويتية أو غير كويتية تثبت وضعهم القانوني وقد نتج عن ذلك عدم السماح لغير محددي الجنسية العاملين في الجيش أو الشرطة من الاستمرار في وظائفهم وصدرت لهم أوراق الإقامة، وحتى هؤلاء لم ينجوا من تلك الإجراءات بعد أن غزا العراق دولة الكويت، حيث رفضت طلبات الكثير منهم للعودة إلى عملهم في السلك العسكري، وقد سحبت جميع المزايا التي كانت تتمتع بها فئة غير محددي الجنسية قبل سنة 1985، وفي آخر إحصاء سكاني جرى في الكويت سنة 1995، استثني أفراد غير محددي الجنسية من حسابهم ضمن تعداد الكويتيين، رغم أنهم كانوا قبل ذلك يعتبرون ضمن العدد الإجمالي للمواطنين.
لا تعتبر دولة الكويت معنية بهذه الاتفاقية ليس فقط من الجانب التعاقدي، إذ أنها ليست طرفا فيها، ولكن حتى الجانب العملي الناتج عن التطبيق الواقعي غير المرتبط بالانضمام يعتبر مفقودا على خلاف الوضع مع اتفاقية 1954م، ويرجع السبب في ذلك إلى أن هذه الاتفاقية تتعامل بشكل مباشر مع ضرورة حل هذه المشكلة بواسطة التجنيس، وهي الخطوة التي لم تقدم عليها دولة الكويت إلا مؤخرا وبشكل جزئي، واكتفت عوضا عن ذلك بمنح امتيازات مادية ( ذكرناها آنفا ) تم تقليصها مع آخر عام 1985م.
04- رؤية وتصور لحل مشكلة البدون في الكويت:
مما لا شك فيه أن مشكلة البدون هي مسألة داخلية تخص دولة الكويت، غير أن تباطؤها في إيجاد حل نهائي لها،وعدم التوصل إلى حلول جذرية إنسانية وعادلة ومتوافقة مع المصلحة الوطنية الكويتية، وتركها تتفاقم من شأنه أن يفتح المجال لانتقال هذه المشكلة من كونها مشكلة محلية يمكن أن تعالج في إطار القانوني الوطني لدولة الكويت لتصبح شيئا فشيئا هاجسا دوليا، ولعل أبرز دليل على ذلك، ما تقدمت به المنظمة الدولية لشؤون اللاجئين، والتي دعت صراحة إلى تعيين مقرر دولي تابع لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة يختص بمتابعة حقوق الإنسان في الكويت على العموم والبدون على الخصوص، ومن ثمة تدويل هذه المشكلة.
أ- على المستوى الدولي:
01-تدخل مجلس حقوق الإنسان من خلال متابعة وضعية البدون داخل دولة الكويت ،والعمل نحو اتفاق دولي يقضي بحماية حقوق عديمي الجنسية.
02-العمل نحو تأسيس منظمات غير حكومية لها علاقة بموضوع عديمي الجنسية على العموم ومسألة البدون على الخصوص، ويبرز دورها من خلال مراكزها الاستشارية العامة والخاصة، تعمل بالتوافق على دعم ومساعدة مكتب الإعلام على مستوى الأمانة العامة لهيئة الأمم المتحدة من خلال التقارير والإحصائيات وغيرها.
03-إقرار مسؤولية الدولة الممتنعة عن حماية وترقية وتعزيز وصيانة حقوق عديمي الجنسية على العموم والبدون على الخصوص.
ب-على المستوى الوطني لدولة الكويت:
أولا– وضع تشريع لمنح الجنسية للبدون وفق رؤية شرعية وقانونية طبقا لقواعد الدستور الكويتي، وليس لاعتبارات سياسية.
فبعد صدور قانون تجنيس البدون (2000) أصبح نقطة الارتكاز لحل المشكلة، والقانون لا يمثل في الواقع حلا عمليا لغالبية البدون، حيث إنه فيما لو تم تطبيقه فإنه لن يتم تجنيس أكثر من 20000 بدون خلال عشر سنوات أي سنة 2010، وهي عملية بطيئة ستؤدي إلى استمرار المعاناة بالنسبة إلى البقية الذين لن يحالفهم الحظ وهم الأغلبية، ولذلك فإن نقطة الانطلاق العملية هنا هي القيام بجملة من الإجراءات لتخفيف المعاناة عن البدون ومعاملتهم معاملة إنسانية كاملة، ثم النظر في موضوع الجنسية في وقت لاحق، وتتمثل تلك المقترحات في:
01- منح أغلبية البدون الإقامة لفترة محددة ريثما يتم النظر في مدى استحقاقهم للجنسية بدلا من حرمانهم من الكثير من الحقوق الأساسية للإنسان.
02- هناك وسائل أخرى يتم من خلالها تجنيس البدون أهمها زواج المرأة البدون من مواطن كويتي حيث تفيد الإحصاءات بأنه خلال الفترة ما بين ديسمبر 1996 وإبريل 1999 تم تجنيس 4027 من زوجات الكويتيين وذلك بناء على المادة الثامنة من قانون الجنسية وقد كان نصيب النساء البدون هو 1360 و628 من السعودية و597 من العراق و522 من مصر و 203 من إيران و159 من الأردن و 159 من سـورية و69 من لبنان و45 من البحرين والبقية من جنسيات أخرى.
كما أكدت إحصائية حديثة عن (الرأي العام 22 يوليو 2002) بأن إجمالي الذين تم تجنيسهم خلال الفترة من 1997 و حتى 2001 قد بلغ 3301 شخص مقسمين على النحو التالي:
(68) شخصاً بموجب المادة الخامسة أولا أي من أدى للبلاد خدمات جليلة. (1181) شخصا بموجب المادة الخمسة- أي المولود لأم كويتية- إذا كان أبوه قد طلق أمه طلاقا بائنا أو توفي عنها· (1626) بموجب المادة الخامسة – أي العربي المنتمي إلى بلد عربي، وهم من تم فيهم تطبيق القانون 2000 و 2001 لتجنيس البدون.
(139) أبناء الشهداء بموجب المادة السابعة مكرر أي تجنس الزوجة.
ثانيا-تكريس حق التقاضي لفئة البدون: وذلك عندما يتقدمون برفع الدعاوي حول القرارات المتعلقة بمنح التجنس أو الجنسية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتشريع الأسمى (الدستور)، الذي ينص في مادته 27 على أن (الجنسية الكويتية يحددها القانون ولا يجوز إسقاطها أو سحبها إلا في حدود القانون)، وعليه يكون قرار الإدارة إداريا وليس سياديا، فيكون من حق المتضرر التظلم أمام القضاء، لأن جوهر النزاع محصور فيما نص عليه القانون، وبالتالي على دولة الكويت السماح للقضاء الإداري بالنظر في نزاعات الجنسية ،حتى يتم حل مشكلة البدون بخصوص الجنسية.
العمل على إصدار قرار التجنيس.
ثالثا: تطبيق قاعدة المساواة بين مواطني وسكان دولة الكويت في إطار احترام الحقوق والحريات المضمونة دوليا ومحليا. تسليما بقواعد القانون الدولي لحماية حقوق الإنسان وكذا دستور الكويت.
الخاتمة:
وعلى ضوء ما سبق ذكره ،يمكن القول أن ما زاد تعقيد مشكلة البدون، هو التعامل الحكومي معها وتباطئه في إيجاد حل نهائي لها، لذلك لا منأى عن هذه المشكلة إلا في الإسراع لطي ملفها، ومن وجهة نظرنا نرى أنه لا سبيل إلى ذلك إلا إذا وقفت دولة الكويت وقفة إنسانية إزاء هذه الفئة المحرومة من خلال الأخذ بهذه التوصيات:
1- إجراء تقييم شفاف فوري لحل قضايا البدون بقصد منح الجنسية للأفراد والأسر المؤهلة.
2- تعديل قانون الجنسية لجعله متوافقاً مع التشريعات الأكثر تقدماً في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بمساواة المرأة الأم بالأب في حصول الأطفال على الجنسية.
3- الحث على انضمام دولة (الكويت) إلى الدول الموقعة على اتفاقيه عام 1954 المتعلقة بوضع الأشخاص عديمي الجنسية واتفاقيه عام 1961 بشأن منع ظاهرة عديمي الجنسية، أو على الأقل معاملة عديمي الجنسية كرعايا لدولة الكويت بما يكفل لهم الحد الأدنى من هذه الحقوق.
4- تعديل قانون الجنسية الذي يمنع المحاكم من اختصاص النظر في القضايا القانونية المقدمة من البدون المتصلة بالجنسية.
5- توفير جميع السجلات المدنية والخدمات الاجتماعية بشكل منصف ودون تمييز.
6- الامتناع عن اعتقال أو احتجاز الأشخاص عديمي الجنسية لكونهم فقط عديمي الجنسية.
7- تضمين ميزانية الدولة الرسوم الدراسية لأبناء البدون.
8- ترجمة ونشر ما سبق إنجازه من استبيانات حول البدون في الكويت.
9- دعم الجهود التي تقوم بها الحكومة لإنهاء مشكلة عديمي الجنسية في الكويت.
10- القيام بتعين مقرر خاص يعنى بحالة حقوق الإنسان في الكويت، وتعالج هذه المسألة في الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي.
11- العمل على غرس مفهوم المواطنة لدى فئة البدون:
ويتم ذلك من خلال بروز نية متخذ القرار في دولة الكويت لوضع آليات فعالة لحل قضية البدون بما ينسجم مع مفاهيم المواطنة والعمل على ذلك سوف يمنح لدولة الكويت المزايا على النحو الآتي:
– منح حق المواطنة للبدون يكفل معالجة الاختلالات التركيبة السكانية في الكويت.
– منح حق المواطنة للبدون يخفف من ارتفاع معدلات الجريمة والانحراف الناتجة عن الحاجة والفقر والكبت والمعاناة والإحباط.
– منح حق المواطنة للبدون يعالج آفة التمييز والتفرقة في الحقوق والواجبات بين شرائح المجتمع الكويتي، وهو ما يؤدي في النهاية إلى تفكيك المجتمع الكويتي وتزعزع أمنه واستقراره.
– منح حق المواطنة يعالج إفرازات التفكك الأسري الناتجة عن زواج المرأة الكويتية بالبدون.
– منح حق المواطنة يسد أبواب وفرص الانتماءات الخارجية الناتجة عن الشعور بالظلم والتمييز الداخلي.
– منح حق المواطنة للبدون يساهم في دفع عجلة التنمية والاقتصاد الكويتي إلى الأمام، لأن البدون ليس لهم وطن يعرفونه غير الكويت، وبالتالي فإن حركتهم المالية ستستثمر في الداخل وتكون غير خاضعة للتحويلات في الخارج .
12-توافر إرادة سياسية في الكويت وذلك من خلال إنهاء الملف بصورة إنسانية وقانونية.
13-ضرورة توفر مواقف شعبية عامة مدركة لمعاناة تلك الشريحة التي تعيش ضمن التركيبة السكانية للكويت.
14-ضرورة وحتمية الدور الريادي والفعال لمؤسسات المجتمع المدني بما ينسجم مع المعاهدات والتوجهات الدولية الإنسانية.
15-التعاطي مع ملف البدون من منظور وطني إنساني تنموي متصالح مع العالم الحر الحديث ،وليس من منظور وطني نخبوي ضيق يحكمه التمييز.
16-ضرورة وضع حد لمشكلة البدوية ،(عديم الجنسية)،حيث تثير قلق السلطات الكويتية، وذلك لاضطرارها إلى أن ترتب لهم وضعاً قانونياً خاصاً تستلزمه ضرورة احترام حقوق الإنسان، ولاسيما في ظل التوجه العالمي الحديث في شأن حقوق الإنسان.
17- ضرورة مراعاة قواعد القانون الدولي والاتفاقيات والمواثيق الدولية في شأن التعامل مع البدون أو (عنصر الجنسية) باعتبارها مشكلة ذات طبيعة خاصة مع استنهاض الجهات المعنية لاستكمال الخطوات التي بدأتها الحكومة في هذا الصدد.
18-ضرورة مواجهة ظاهرة تجارة الإقامات، فعلى الرغم من تجريم هذه الظاهرة فإنها مازالت تلقي بظلالها في هذا الصدد، والسبيل إلى مواجهة ذلك هو تشديد العقوبة المقررة في قانون الإقامة مع تفعيل الرقابة الأمنية في هذا الشأن.
19-على القوة الإعلامية تكثيف الجهود من أجل التقليص من قدرة الدولة على إخفاء انتهاكاتها لحقوق البدون وحرياتهم ، وبالتالي إظهارها أمام مرأى المجتمع الدولي، حتى تجعل من دولة الكويت تشعر بواجبها الأخلاقي تجاه البدون.
20-الحث على تكثيف الندوات القانونية المتخصصة لتبصير متخذي القرار والرأي العام بمدى أهمية استكمال السلطة القضائية لدورها في تحقيق العدل ،وبسط الرقابة على مشروعية القرارات الإدارية بخصوص الجنسية والإبعاد الإداري.
21-إعطاء الحق للأم الكويتية، سواء كانت بالتأسيس أو بالتجنيس ،بنقل جنسيتها الكويتية لأبنائها بقوة القانون وفقا للمادة الأولى من قانون الجنسية الكويتي، سواء ولدوا داخل أم خارج الكويت ،أسوة بحق الأب الكويت في نقل الجنسية لأبنائه، وهو ما ينص عليه الدستور من مساواة دون التفرقة بسبب الجنس.
22-إقرار الحقوق المدنية والقانونية لفئة عديمي الجنسية بما فيه إلغاء مسمى مقيم بصفة غير قانونية.
23-يجب مراعاة صدور بطاقة الهوية من الهيئة العامة للمعلومات المدنية حصريا لأنها هي الجهة الوحيدة بالدولة المخولة بإعطاء هوية الشخصية.
قائمة المراجع والمصادر:
أولا : الكتب
01 –د. محمد بوسلطان،مبادئ القانون الدولي العام ،ديوان المطبوعات الجامعية ،بن عكنون الجزائر،الجزء الأول ،الطبعة الثالثة ،2007.
02 –د. محمد سعيد الدقاق، القانون الدولي ،بيروت،1983.
03 – د. عصام جميل العسلي، دراسات دولية، منشورات إتحاد كتاب العرب، ديمشق- سوريا، 1998.
04- د. حسام الدين فتحي ناصف، المركز القانوني للأجانب، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1996.
05- د. هشام علي صادق، الحماية الدولية للمال الأجنبي، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، الطبعة الأولى، 2002.
06-د. فؤاد شباط،الحقوق الدولية العامة ، مطبعة الجامعة السورية دمشق، 1956 .
07- د. عبد الكريم علوان ، الوسيط في القانون الدولي العام، دار الثقافة، عمان، الطبعة الأولى، 2077.
08- د. أحمد قسمت الجداوي ، الوجيز في القانون الدولي الخاص ، الجزء الأول ، الجنسية ومركز الأجانب ، دار النهضة العربية ، 1978.
09- د. عمار بوضياف ، الوجيز في القانون الإداري ، جسور للنشر والتوزيع ، المحمدية – الجزائر، الطبعة الثنية، 2007.
10- د. السيد أبو عطية ،الجزاءات الدولية بين النظرية والتطبيق ،مؤسسة الثقافة الجامعية، الإسكندرية ،بدون سنة النشر.
11- د. عبد الواحد محمد الفار ، طبيعة القاعدة الاقتصادية الدولية ، دار النهضة العربية، القاهرة ، 1985.
12- د. غانم النجار ،قضية انعدام الجنسية في الكويت ، التطور واحتمالات المستقبل ،دار ذات السلاسل للنشر والتوزيع (الكويت)، 1996.
13- د. حسام الدين فتحي ناصف ، المركز القانوني للأجانب ،دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية، القاهرة ، 1996م .
14- فهد المكراد ،تطور التنمية السياسية والاقتصادية في الكويت ،الجامعة العربية المفتوحة بالكويت ،2005.
15- د. قادري عبد العزيز، حقوق الإنسان في القانون الدولي والعلاقات الدولية ،المحتويات والآليات ، دار هومة للنشر والتوزيع ، الجزائر ،2003.
ثانيا : الرسائل الجامعية:
01- بن صغير عبد المومن ،المقاربة الثنائية لحماية وتشجيع الاستثمار الأجنبي ،مذكرة ماجستير في القانون ،تخصص القانون الدولي والعلاقات الدولية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة د،مولاي الطاهر ،سعيدة 2010.
02- مولود مديه، العرف كمصدر للقانون الدولي العام ، رسالة ماجستير ،جامعة الجزائر بدون سنة الطبع.
ثالثا:المقالات والأبحاث
01-د. زهير الحسيني ،مشكلة العقيدة القانونية للقاعدة العرفية الدولية في القانون الدولي العام، المجلة المصرية للقانون الدولي ،العدد45 لسنة 1989.
02-د. رشيد حمد العنزي ، مشروعية إقامة البدون أو غير محددي الجنسية في الكويت ،مجلة الحقوق ،دار فرطاس للنشر والتوزيع (الكويت )،العدد الأول، السنة 18 ،1994.
03- د. سامي خليفة ،البدون في الكويت بين الحقوق المدنية والتجنيس ، مقال منشور بجريدة الرأي الإلكترونية 2007.
04- د. غانم النجار ،دراسة تفصيلية دقيقة عن البدون ، جريدة الرأي الإلكترونية ، الكويت الصادرة في 28 ماي 2003.
05-د. عصام عبد الشافي ،قضية البدون في الكويت ( قراءة في الأبعاد الداخلية والخارجية جريدة الرأي الإلكترونية الصادرة في 02 يوليو 2012.
رابعا : المواثيق الدولية والنصوص التشريعية :
01- ميثاق الأمم المتحدة لسنة 1945.
02-الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 ديسمبر 1948.
03-حقوق الدول وواجباتها رقم 375/04 لسنة 1949.
04-الاتفاقية الدولية لعديمي الجنسية لسنة 1954.
05- الاتفاقية الدولية لتخفيض حالات انعدام الجنسية لسنة 1961.
06- اتفاقية فينا للمعاهدات الدولية لسنة 1961.
07-العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية والبروتوكول الاختياري الملحق بهما لسنة 1966.
08- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبروتوكول الاختياري الملحق بهما لسنة 1966.
09- مرسوم أميري رقم 17 لسنة 1959 المتعلق بقانون إقامة الأجانب الكويتيقانون الجزائي رقم 16/1960.
10-القانون رقم 20/ 1981 الخاص بإنشاء دائرة بالمحكمة للنظر بالمنازعات الإدارية
المرسوم الأميري رقم 2 لسنة 1960.
11-قرار مجلس الوزراء الكويتي لسنة 1985 المتضمن بإلغاء مصطلح ّ بدون جنسيةّ ّ سواء في المعاملات الرسمية وغير الرسمية، واعتبار كل من لا يحمل الجنسية الكويتية ّ غير كويتي “.
12- قرار سنة 1986 بتشكيل لجنة لدراسة مشكلة عديمي الجنسية.
ثانيا : المراجع باللغة الفرنسية :
Joel Ridear-“ Problematique General des Rapports entre Droit Constitutionnel et Droit International”– dans Droit Constitutionnel et Droit de l,Homme )-Economica- Paris – 1987.
1- د، محمد بوسلطان ، مبادئ القانون الدولي العام ،ديوان المطبوعات الجامعية بن عكنون – الجزائر، الجزء الأول ،الطبعة الثالثة ، 2007 ، ص102-103.
2- د، محمد سعيد الدقاق ، القانون الدولي ، بيروت عام 1983 ، ص 71.
3- د، عصام جميل العسلي، دراسات دولية، منشورات إتحاد كتاب العرب، ديمشق- سوريا، 1998، ص 18-19.
4- مركز الأجانب هو: أحد الموضوعات التي يهتم بها القانون الدولي الخاص ، ويتناول مجموعة من القواعد القانونية التي تضع – في دولة معينة – نظاما خاصا بالأجنبي يختلف به عن الوطني من حيث التمتع بالحقوق العامة أو الخاصة، ذلك أن تشريعات الدول لا تسوي في المركز القانوني بين الأجنبي والمواطن ،د حسام الدين فتحي ناصف ، المركز القانوني للأجانب، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية ، القاهرة ،1996 ،ص 67..
5- د، هشام علي صادق، الحماية الدولية للمال الأجنبي، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية ، الطبعة الأولى، 2002 ص 27.
6-نفس المرجع السابق ،ص 117.
7-نصت المادة 14 من نص مشروع الإعلان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 375/04 لعام 1949 بشأن حقوق الدول وواجباتها على واجب التقيد بالقانون الدولي ، حيث جاء في مضمونها على أنه (على كل دولة واجب إدارة علاقاتها مع الدول الأخرى وفقا للقانون الدولي وللمبدأ القائل بأن سيادة الدولة يسمو عليها القانون الدولي ).
.8-د، فؤاد شباط،الحقوق الدولية العامة ، مطبعة الجامعة السورية دمشق، 1956 ، ص152 .
09- د،حسام الدين فتحي ناصف ، المركز القانوني للأجانب ،دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية ،القاهرة ، 1996م .،ص37.
10-يقصد بالمسؤولية الدولية بأنها 🙁 رابطة قانونية تنشأ في حالة الإخلال بالالتزام دولي بين الشخص القانون الدولي الذي أخل بالتزامه ، وبين الشخص القانون الدولي الذي أحدث الإخلال بالالتزام في مواجهته، د، عبد الكريم علوان ، الوسيط في القانون الدولي العام ، دار الثقافة ، عمان ، الطبعة الأولى ، 2007، ص 157
11- د، أحمد قسمت الجداوي ، الوجيز في القانون الدولي الخاص ، الجزء الأول ، الجنسية ومركز الأجانب ، دار النهضة العربية ، 1978، ص 360.
12--د، عمار بوضياف ، الوجيز في القانون الإداري ، جسور للنشر والتوزيع ، المحمدية – الجزائر ، الطبعة الثنية ، 2007، ص 376-377.
13-تنص المادة 16/ الفقرة 03 من مرسوم أميري رقم 17 لسنة 1959 المتعلق بقانون إقامة الأجانب الكويتي على أنه :… إذا رأى رئيس دوائر الشرطة والأمن العام أن إبعاد الأجنبي تستدعيه المصلحة العامة أو الأمن العام أو الآداب العامة ).
14—يعتبر نظام الحد الأدنى لمعاملة الأجانب من أقدم الأنظمة القانونية التي عرفها القانون الدولي ، والجماعة الدولية ، ومقتضى هذا النظام هو الاعتراف للأجنبي بحد أدنى من الحقوق ، إذ لا يجوز لأية دولة عضو في المجتمع الدولي أن تنزل عنه وإلا انعقدت مسؤوليتها الدولية في هذا الشأن .بن صغير عبد المومن ،المقاربة الثنائية لحماية وتشجيع الاستثمار الأجنبي ،مذكرة ماجستير في القانون ،تخصص القانون الدولي والعلاقات الدولية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة د،مولاي الطاهر ،سعيدة 2010،ص17.
15– تنص المادة 16/ الفقرة 03 من مرسوم أميري رقم 17 لسنة 1959 المتعلق بقانون إقامة الأجانب الكويتي على أنه :… إذا لم يكن للأجنبي وسيلة ظاهرة العيش ).
16-نصت على هذه العقوبة المادة 24 من المرسوم الأميري رقم 17/1959 المتعلق بقانون إقامة الأجانب الكويتي على أنه : (يعاقب بالحبس لمدة لا تزيد عن شهر واحد وبغرامة لا تزيد عن ألف رويبة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف أحكام المواد (1-4-5-6-7-8-19-20).
17- المادة 79 من قانون الجزائي رقم 16/1960.
18-المادة 16 من المرسوم الأميري رقم 17 لسنة 1959 السابق الذكر .. .
19– د، فؤاد شباط،الحقوق الدولية العامة ، المرجع السابق ، ص 153.
20-يقصد بالعرف هو: مجموعة القواعد غير المكتوبة التي نشأت نتيجة تكرار التزام الدول لها في سلوكها مع بعضها البعض مع سيادة الاعتقاد لدى معظم هذه الدول بأنها ملزمة قانونا ، مولود مديه ، العرف كمصدر للقانون الدولي العام ، رسالة ماجستير ،جامعة الجزائر بدون سنة الطبع ،ص135،وأيضا.السيد أبو عطية ،الجزاءات الدولية بين النظرية والتطبيق ،مؤسسة الثقافة الجامعية ، الإسكندرية ،بدون سنة النشر ،ص308.
وأيضا زهير الحسيني ،مشكلة العقيدة القانونية للقاعدة العرفية الدولية في القانون الدولي العام ، المجلة المصرية للقانون الدولي ،العدد45 لسنة 1989 ،ص 129 وما بعدها.
21– د، عبد الواحد محمد الفار ، طبيعة القاعدة الاقتصادية الدولية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1985 ، ص 13-14.
22-د، غانم النجار ،قضية إنعدام الجنية في الكويت ، التطور واحتمالات المستقبل ،دار ذات السلاسل للنشر والتوزيع (الكويت)، 1996،ص 26.
24–تعد هناك مصلحة عامة للدولة ، إذا كانت قد اتخذت للحفاظ على الصحة العامة أو الأمن العام أو النظام العام أو الأخلاق العامة .
هشام علي صادق ، الحماية الدولية للمال الأجنبي ،المرجع السابق ،ص 120.
25-رشيد حمد العنزي، مشروعية إقامة البدون أو غير محددي الجنسية في الكويت ،مجلة الحقوق، دارفرطاس للنشر والتوزيع (الكويت )، العدد الأول، السنة 18 ،1994، ص 151 وما بعدها.
26–د،سامي خليفة، البدون في الكويت بين الحقوق المدنية والتجنيس ، مقال منشور بجريدة الرأي الإلكترونية 2007.
27-د،سامي خليفة ،البدون في الكويت بين الحقوق المدنية والتجنيس ، مقال منشور بجريدة الرأي الإلكترونية 2007.
28-يوجد نص خاص يمنع القضاء من الاختصاص بنظر النزاعات الجنسية والإبعاد الإداري هي الفقرة 5 من المادة 01 من القانون رقم 20/ 1981 الخاص بإنشاء دائرة بالمحكمة للنظر بالمنازعات الإدارية حيث تنص على أنه ( الطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية عدا القرارات الصادرة بشأن مسائل الجنسية وإقامة وإبعاد غير الكويتيين…)
29-د،غانم النجار ،دراسة تفصيلية دقيقة عن البدون ، جريدة الرأي الإلكترونية ، الكويت الصادرة في 28 ماي 2003.
30-د،حسام الدين فتحي ناصف ، المركز القانوني للأجانب ،دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية ،القاهرة ، 1996م ،ص 14.
31-فهد المكراد ،تطور التنمية السياسية والاقتصادية في الكويت ،الجامعة العربية المفتوحة بالكويت، 2005، ص 230.
32-د،قادري عبد العزيز، حقوق الإنسان في القانون الدولي والعلاقات الدولية ،المحتويات والأليات، دار هومة للنشر والتوزيع، الجزائر ،2003، ص 119-120.
33-نصت المادة 14 من اتفاقية فينا لقانون المعاهدات لسنة 1961والتي دخلت حيز التنفيذ في :27-يناير 1980 على أن (1-تعبر الدولة عن رضاها بالالتزام بالمعاهدة بالتصديق عليها في إحدى الحالات التالية :
أ-إذا نصت المعاهدة على أن التعبير عن الرضا يتم بالتصديق.ب- إذا ثبت بطريقة أخرى أن الدول المتفاوضة كانت قد اتفقت على اشتراط التصديق ج-إذا كان ممثل الدولة قد وقع على المعاهدة بشرط التصديق.د-إذا بدت نية الدولة المعنية في وثيقة تفويض ممثلها أن يكون توقيعها مشروطا بالتصديق على المعاهدة ،أو عبرت الدولة عن مثل هذه النية أثناء المفاوضات.
02-يتم تعبير الدولة عن رضاها الالتزام بالمعاهدة عن طريق قبولها أو الموافقة عليها بشروط مماثلة لتلك التي تطبق على التصديق )..
34- تنص المادة 15 من نفس الاتفاقية السابقة الذكر على (تعبر الدولة عن رضاها الالتزام بالمعاهدة بالانضمام إليها في إحدى الحالات التالية : أ-إذا نصت المعاهدة على أن التعبير عن الرضا يتم بالانضمام.ب-إذا ثبت بطريقة أخرى أن الدول المتفاوضة كانت قد اتفقت على أن التعبير عن الرضا يتم بالانضمام .ج-إذا اتفقت جميع الأطراف فيما بعد على أن التعبير عن الرضا يتم بالانضمام .L
–35Joel Ridear-“ Problematique General des Rapports entre Droit Constitutionnel et Droit International”– dans Droit Constitutionnel et Droit de l,Homme )-Economica- Paris – 1987) P 237
36-تنص المادة 26 من اتفاقية فينا لقانون المعاهدات لسنة 1980م(تاريخ دخول الاتفاقية حز التنفيذ) على أنه: ( كل معاهدة نافذة ملزمة لأطرافها وعليهم تنفيذها بحسن نية).