
كشكشة توانت وعلاقتها بنظيراتها في اللّهجات العربية القديمة والحديثة
الأستاذ الدكتور أحمد قريش جامعة أبي بكر بلقايد تلمسان/ الجزائر
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 35 الصفحة 27.
الملخص باللغة الإنجليزية:Due to the distinguished speaking features adapted with the natural constitution of the organs of speech of “Touent” dialect speakers, their talking methods, and ways of speaking, I was motivated to pay attention to this dialect, chose its vocal level, ruffles more precisely, as a subject of this article as a contribution in maintaining one of the most important constituents of the existence of the touenti human.
Dialects have always existed in all ages in the Arabic language, they have been very few in the earliest centuries, and increased gradually as non-arabs mixed with arabs starting from the ABASI era up to modern colonization of the arab countries.
There is only one standard language, but different sub-dialects existing in the arab world, they vary from one place to another due to factors that have existed in one place without the other, and this variation increases depending on the degree of closeness or distance from the standard language.
Historical and geographical factors have had the leading role in the formation of “touent” dialect which is distinguished by some features, especially the phonological ones. Hence, I had to provide, even if briefly, a historical overview of the region and clarification of its geographical framework.
ملخص البحث:نظرا للميزة النّطقية المتكيفّة مع التّكوين الطّبيعي لأعضاء أصوات أصحاب لهجة توانت، وعاداتهم الكلامية، وأساليبهم في التّحدث، فكان ذلك محفّزا لي على الاهتمام بهذه اللّهجة، واختيار مستواها الصّوتي والكشكشة على وجه التحديد موضوعا لمقالي هذا، مساهمة مني في المحافظة على مقوّم رئيس من مقوّمات وجود الإنسان التّوانتي.
اللّهجة العامية موجودة في اللّغة العربية في كلّ العصور، وقد كانت قليلة جدّا في القرون الأولى، ثمّ زادت شيئا فشيئا كلّما توغّل غير العرب بين العرب، بدءا من العصر العباسي، وانتهاء بالاستعمار الحديث للدّول العربية.
واللّغة الفصيحة واحدة، ولكن اللّهجات العامية مختلفة بين الأقطار العربية، تتفاوت من منطقة وأخرى بعوامل طرأت على منطقة دون أخرى، كما يزداد هذا التّفاوت بقدر بعد اللّهجة أو دنوّها من الفصحى([1]).
كان لعاملي التّاريخ والجغرافية الدّور الأساس في تكوين لهجة “توانت” وتميّزها ببعض المميّزات، ولا سيّما الصّوتية منها، ولذا كان لزاما علي تقديم لمحة تاريخية عن المنطقة، وبيان إطارها الجغرافي، ولو بإيجاز.
الكلمات المفتاحية: منطقة توانت، خصوصيات لهجتها، الكشكشة، نظيراتها في اللهجات القديمة.
توطئة تاريخية
توانت ـ الغزوات حاليا ـ منطقة بربرية بالمغرب الأوسط:
على ارتفاع مائة وثلاثين متر من مستوى سطح البحر بساحل آدفراتراس، يقع المجمّع السّكاني لقبيلة توانت البربرية، وهو المكان الذّي تمَّ اختياره على أساس أنّه يشكّل الحصن الطّبيعي للجهة المقابلة للبحر، لارتفاعه ووعورة مسالكه وإشرافه على البحر.
واسم “توانت Touant” يسمح بالتّحديد الأولي لمعقل متغارة بالمغرب الأوسط، فقد استعمل هذا الاسم لأول مرّة في القرن التّاسع في الكتاب المشهور “وصف إفريقيا الشمالية” الذّي ترجمه mac guckin، فرسم فيه كلمة توانت بالصّورة التّالية: “touant ” المنقولة عن “تاونت” التّي تضمّنتها النسخة الأصلية، كما تضمّن كتاب “تاريخ البربر” لابن خلدون(تـ808هـ) نفس التّسمية وبنفس الرّسم العربي.
بينما الرّحالة البريطاني الرّاهب TOMAS SHAW وكيل بلاده في الجزائر، استعمل في منتصف القرن الثّامن عشر اسم TWUNT في مذكرات وقصص رحلاته([2]) التّي نشرت في أكسوفرد سنة 1738م([3]).
وهذا الرّسم لاسم “TWUNT” وُجِدَ أيضا في خريطة النّاحية الغربية لتركيا الإفريقية التّي ضبطها SR ROBERT المتضمنّة مملكات الجزائر وتونس، وجزء من ليبيا([4]).
وعليه كما لاحظ Basset فإنّ “Touent” هو اسم لمجمّع سكاني يقع على سفح جبل مشرف على السّاحل غير بعيد على جماعة الصّخرة([5]).
المدلول:
مدلول كلمة توانت Touant: فهي من أصل بربري، تعني في المغرب الأوسط “شَبْعٌ”،”شَبِعٌ”، وتعني “حجر” في الجنوب، كما تعني أيضا “عين” و”رؤية”، و”برج مراقبة”([6])، المدلول الأخير هو المرجح لما يبدو له من علاقة بمرتفع منطقة توانت الذّي يشرف على السّاحل.
التاريخ:
اسم توانت لا يوجد في دراسات وأبحاث الجغرافيين العرب قبل القرن التّاسع، حيث يبدأ تاريخ الأعوام، فالكاتب الأندلسي أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز البكري في تعريفه الوصفي لإفريقيا الشمالية، وفي عرضه للمناطق القويّة ذات النّفوذ التّي حكمت سواحل تلمسان، أورد أنّ حصن توانت يوجد في الشّمال التّابع لطارنانة([7]) الذّي هو عبارة عن خليج محاط بالبحر من ثلاث جهات، وصعوبة اختراقه يستبعد عنه أي غزو، عمّرته قبيلة بربرية تدعى بني منصور، تمتهن النّشاط الفلاحي. كما وُجد هذا الاسم في خريطة المملكتين الأسبانية والبرتغالية في جزء إفريقيا، التّي ضبطها نفس الجغرافي سنة 1750م.
ومن جهة أخرى فإنّ، خريطة السّواحل البربرية لشمال المغرب العربي، من المغرب إلى ليبيا، التّي أعدّها الجغرافي M. Bonne، كتب “Twat”. وفي خريطة الجزائر التّي ضبطها Amboise Tardieu، عضو في اللّجنة المركزية للشركة الملكية للجغرافيا بباريس ذكر فيها اسم توانت بالرّسم التاّلي: “Teouant”([8]).
بينما الإرسالية الرّسمية لضباط الجيش الفرنسي المرابطين بجماعة الغزوات في سنة 1845م، لم تتضمّن على الإطلاق هذا الاسم بالرّسم المذكور، في حين أنّها ورد فيها بأشكال “Touent”([9])، و”Touant”([10])، و”Tuent”([11]).
وآخر نطق لهذا الاسم لوحظ خلال نهاية القرن التّاسع عشر على لسان سكان المنطقة الذين يصدرونه بالضّغط على صوت”T”.
وخلاصة القول إنّ اسم توانت استعمل بعشرة رسوم، أو أشكال، صبّت كلّها في تعيين هذه المنطقة القديمة محلّ دراسة لهجتها. والرّسم الفرنسي للكلّمة TAOUNT، أو TWENT فهو الأقرب من الاسم العربي تاونت.
الموقع:
تقعد توانت في أقصى الطّـرف الشّمالي الغربي للجزائر ، تبعـد عن تلمسان بحوالي 70كلم، وعن الشّريط الحدودي للجهة الشّمالية الغربية بـ 34كلم، محاطة بسلسلة جبال فلاوسن([12])، وجبال طاجـرة التّي تسمى بجبال المربع”، وجبال زندل.
و قد قُدِّرت مساحتها سنة 1887م بحوالي 2334 هكتار، وبلغ آنذاك عدد سكانها بناء على إحصائيات عسكرية 2769 نسمة، منهم 450 فرنسي، و571 ما بين إسبانيين وإيطاليين الذين كان لهم من دون شكّ تأثير في منطوق السكان الأصليين البالغ عددهم في تلك الفترة 1052 نسمة، أمّا الباقي فكانوا يهودا ([13]).
ما رفضته العربية وقبلته بنية الكلّمة في اللّهجة (توانت):
تقبل لهجة توانت ما رفضته الفصحى من مقطع في بنية الكلّمة، والمقطع المرفوض في العربية، هو المقطع المبتدئ بصامت على أنّه الحدّ الأوّل له، وتكون نواته حركة طويلة، ويغلق بحد صامت آخر، والرّفض المطلق لا يكون إلاّ بهذين السّببين، وهما أن يوقف عليه في آخر الكلّمة، نحو: “بَابْ” أو إذا كان المقطع الذّي يليه مبتدئا بصامت يماثل الصّامت الذّي ختم به المقطع، هذا ما قبلت به اللّهجة وعدّ من دواعي التخلّص من عوائق الاسترسال في الكلام، نحو قولهم: “طْرَبْ (اضرب) لْتشَلْبْ (الكلب) ، وْخَمْ (وانظر) لْمُولاَهْ (لصاحبه)”.
أصوات ومقاطع لهجة توانت:
تشكّل بنية الكلّمة المجال الخصب لتطوّرها، أي أنّ تطوّر الصّوت لا يكون بمعزل عن بيئته الطبيعية ، وهي الكلمة، والتطوّر الصّوتي المؤثّر في البناء الفونيمي([14]) يؤدي إلى تقارب في فونيمات، وبالتّالي اختفاء الصّوت المتطوّر فيما جاوره وفق ما تقتضيه سنن التّحوّل الصّوتي. وقد أطلق علماء اللّغة العرب على هذه العملية اللّغوية بالقلب، وسماها بعضهم إبدالا، وأطلق عليها آخرون المحوّل، والمضارعة، والتّعاقب، والنّظائر، وسمّى ابن جني(تـ392ه) كتابه في هذا الموضوع، (تعاقب العربية) ([15]). كما كتب في الخصائص باب الحرفين المتقاربين “يستعمل أحدهما مكان صاحبه”([16]). وجعل ابن فارس(تـ395ه) هذه الظاهرة من خصائص العربية “من سنن العرب إبدال الحروف وإقامة بعضها مقام بعض”([17]). ومن المحدثين الّذين تعرّضوا لذات الظاهرة مصطفى صادق الرّافعي الّذي تحدّث عن إمكانية وقوع المعاقبة بين الصّوتين موقفا أيّاه على سببين، الأوّل داخلي والثّاني خارجي، في قوله: “… والمعاقبة إمّا أن تكون لغة عند القبيلة الواحدة، أو تكون لافتراق القبيلتين في اللّغتين”([18]). فطبيعي أن يحصل الخلاف بين اللّغات لاختلاف البيئة، وعلى هذا فإنّ الإبدال – الّذي يقع على الأصوات المتقاربة المخارج– ما هو إلاّ حلقة من حلقات التطوّر اللّغوي الّذي لم تسلم منه اللّهجات المحليّة القديمة منها والحديثة. ويمكن القول في هذا المجال بأنّ تعاقب الأصوات على سنّة التطوّر المؤدّي إلى التّقارب في الفونيمات، ومن ثمّ إلى تداخل بعضها ببعض، تمّت ملاحظته بشكل واضح على لهجة توانت، كصوت القاف الّذي ثم إبداله كافا، وصوت الكاف تطوّر إلى شين في حالات بنيوية، وإلى “تش” في حالات أخرى، والضاد إلى طاء. وقد يؤدّي هذا التطوّر إلى تنويع المعاني وتداخلها أحيانا، فلفظة “معاش” مثلا لها معنيان، فهي بمعنى معك، بقلب الكاف المتطرفة شينا، كما تحمل مدلول الطّعام الّذي تؤدّيه الشين الأصلية في الكلمة.
وهذا التطوّر بحسب ما أقرّه علم اللّغة التّاريخي([19]) لا يحدث فجأة في حياة الإنسان، ولكنّه يستغرق زمنا طويلا، ويرتبط بأسباب نفسية بالدّرجة الأولى، في رأي Wilheim.Scherer الّذي خلص في تحلّيله: أنّ تاريخ الأصوات عند الألمان، هو انعكاس لتاريخ تطوّر الذّوق العام عندهم.ويرى بعضهم أنّه انعكاس لتطوّر تاريخي واجتماعي من منظور ،أنّ اللّهجة سلوك لغوي، لها طائفة من المميّزات ذات نظام صوتي خاص، تتعلّق ببيئة معيّنة يشترك فيها جميع أفرادها على امتداد تاريخي وتحوّل اجتماعي، أي أنّها بناء حاضر، ونتيجة ماض موروث([20]). ويرى الأمريكي “Whitny” أنّ تطوّر الصّوت ما هو إلاّ نتيجة حتميّة للتطوّر الطّبيعي للأعضاء الّتي تصدره في قوله: “نحن نستخدم الجهاز النّطقي– اللّسان– أداة بمحض الصّدفة لأسباب تتعلّق بحاجتنا التّواصلية، وعليه فإنّ كلّ تطوّر يحدث في أعضاء النّطق يتبعه تطوّر في أصوات الكلمة، فتنحرف هذه الأصوات عن الصّورة الّتي كانت عليها إلى صورة أخرى أكثر منها ملاءمة مع الحالة الّتي انتهت إليها أعضاء النّطق”([21])، متأثّرة في ذلك بعوامل بيئية. فعلم التّشريح أقرّ في هذا الصّدد بأنّ صوت البدوي أقوى وأوضح من صوت الحضري، كما تدخل عوامل أخرى تجعل من الصّوت يميل إلى الرخاوة والسّهولة، والخفّة، وأصبح بذلك نطقه على الوجه السليم يتطلّب مجهودا إراديا وقيادة مقصودة لحركات المخارج.
وعملية إصدار الصّوت في العادة، لا يمرّ خلالها الهواء حرًا طليقا كما يحدث في عملية التنفس، وإنّما يصادف في اندفاعه إلى الخارج أنواعا من الضّغط والكبح والتّعويق، والأصوات المعبّرة ينبغي أن تصدر ضمن تعاقب مرتّب في شكل محدّد. وحين ينطق الصّوت الّذي ضعف، أو الّذي أبدل، وتحاشي الّذي أسقط، يقلّده السّامع، فيصبح عرفًا مألوفًا.
إضافة إلى هذه التّأثيرات الّتي تحوّلت بموجبها بعض الأصوات في اللّهجة، تنضاف أيضا ضمن عملية التّحويل([22]) تأثيرات أخرى اعتبرها بعضهم أنّها مرتبطة بأسباب داخلية ذاتية في الأصوات نفسها كظاهرتي:
1- التّشابه: تتأثّر فيه أصوات الكلمة الواحدة، وتتفاعل مع بعضها بعض، كقلب الضاد إلى طاء، والكاف إلى شين أو تش، زيادة على تلاشي الأصوات الأسنانية (ث، ذ). وبفعل هذه العمليّات الصوتية المحضة تضاءل عدد فونيمات اللّهجة.
2- المخالفة: وهي أن تشمل الكلّمة على صوتين مماثلين كلّ المماثلة فيقلب أحدهما إلى صوت آخر لتتمّ المخالفة بينهما، نحو قولهم: “مَدِّيتْ طَهْرِي (ظهري) للغْزَّالْ (للسّوط) بَيَاشْ(لكي) نَعْرَفْ ارْزَانَه مَلَهْبَالْ (من الهبال)”. والإبدال عرفت منه لهجة توانت ضربين:
أ- إبدال صوتين من مخرج واحد، نحو قولهم: “مَا تْهَرَّكْ مَا تْصِيبْ مَا” “هَرَكْ” بقلب الهمزة هاء، والقاف كافا.
ب- إبدال صوتين متتابعين في المخرج نحو قولهم: “ادِّيبْ(الذئب) كْلِيلَه (قليلة) فَافْعَايْلَه (في أفعاله)”. إضافة إلى تغيير مراتب الحروف، نحو: “بَرِخَه” في باخرة، و”سمش” في شمس.
وخلاصة القول أنّ أصحاب اللّهجة يبحثون عن الخفّة والسّهولة، وهذا ما نعتبره من دواعي التّغير، فكان نتيجة لذلك تحوّل أحد الصّوتين المتجاورين إلى الصّفة الغالبة التي يحملها أحدهما،وبذلك وصلت أنظمة الأصوات في هذه اللّهجة – بعد هذا التّطوّر– إلى مرحلة عرفت فيها تنظيما جديدا، إمّا بتلاشي بعض الأصوات المنعزلة، أو دخولها من جديد في مجموعات ثنائية، كتلاشي الأصوات الرخوة من بين الأسنان التي صارت أصواتا شديدة، وانضمام أخرى إلى مجموعة الأصوات الشّديدة الأسنانية، كقلب التاء طاء، في “طربيه” (تربية)، نحو قولهم: “دِ مَا اعرف الطربيه فصغرو(في صغره) ما يعرفها فتشبرو(في كبره)”. وتضخيم الدال، في كلّمة “ضَارْ (دار)، نحو قولهم: “ضاري (داري) سَتّارَتْ عاري”. وقلب الصّوت المنعزل (الجيم القاهرية) إلى صوت ثنائي (دج) نحو: “دْجَاطُو” في Gâteaux، و”زَنْدجَ” في Zingue”. وتحوّلت الكاف فأصبحت “ش” في حالات “وتش” في حالات أخرى، فنشأ عن ذلك ثالوثا جديدا (تش – دج- ش). وفكّكت فيها – اللّهجة – الثنائية المزدوجة (ك، ق) بعد أن صارت القاف كافا، وتلاشى صوت الضاد فنطق طاء.
الكـاف : صوت طبقي، شديد، مهموس([23])، ينفتح بمرور الهواء من الرئتين، ووصوله إلى أقصى منطقة الفم، فيرتفع أقصى اللّسان في اتّجاه أقصى الحنك، فيحدث الاتّصال التّام ليحتبس الهواء، ومن ثمّ يحدث الانفراج عنه دون أن يهتّز الوتران الصّوتيان.
ويستنسخ من هذا الفونيم– المفقود في اللّهجة– فونيمان “تش”، و”ش” حسب الموقع الّذي يأخذه كلّ واحد منهما في المونيم.
ورد في قولهم: “عَمَّرْ لَحْنَشْ مَا يَتْشَمَّشْ”. وقولهم: “شْتُشونْ يَنْتشرَبْ عْلِيشْ أ زَمِّيطْ نْهَارْ لْعِيدْ”. وقولهم : “تْشِ شَابْ عَلْكُولُو(علّقوا له) لَتْشتَابْ (التّميمة)”. تتضمّن تراكيب الأمثلة الثّلاثة مونيمات مشنشنة، أمكن التّمييز فيها بين ثلاثة أنواع من الشينات:
1- الشين الأصلية الّتي احتوتها كلمتا (لحنش) بمعنى الحيّة، و”شاب” من الشّيب.
2- الشين المبدلة عن الكاف في “عليش” (عليك) في المثل الثّاني.
3- “تش”([24]) المستبدلة عن الكاف في كلمات “يتشمّش” (يتكمّش)، و”شتشون” (شكون) بمعنى مَنْ، و”لتشتاب (الكتاب، ويقصد به التميمة)”، و(تشوّر) الواردة في قولهم : “تشور (كوّر) واعْطِ لَعْوَرْ”. أي الدّعوة إلى العمل بأي رداءة كانت.
وهذا التطوّر أو التغيّر الصّوتي الذي يطلق عليه (القوانين الصّوتية) للتّعبير عن علاقة بين حالتين متتابعتين للغة واحدة في وسط اجتماعي معيّن([25])، صاحبه في اللّهجة تقدّم في مخرجه، فصار أدنى حنكيا مصادفا مخرج الشين. وبتقدّم قليل عن حيّز إصدار الشين، ينتج صوت “تش” – صوت مركّب من التاء الانفجارية، والشين الاحتكاكية – بتلامس الجزء الأوسط من اللّسان مع قبّة سقف الحنك الصّلب، فيمرّ الهواء محدثا احتكاكا مهموسا، يتشكّل مضيقه على مستوى المنطقة الخلفية للفم، كما يتّضح إصداره في قولهم: “أتَّابَعْ (ذيـل) دَ لْتشَلْْبْ (الكلب) عمّر ما يَسَكّمْ (يستقيم)”. وقولهم: “تْشَلامْ (كلام) انّاسْ مَا يَبْنِي لا حِيطْ ولا لْسَاسْ”.
ولمعرفة مواضع تطوّر الكاف إلى “تش Tch”([26])، أو شين يتعيّن علينا([27]) العودة مرّة أخرى إلى الأمثلة السّابقة، فكلمة “عليش” وقعت فيها الكاف متطرّفة، وكلمات “شْتشُونْ (شكون)”، و”يَنْتشرَبْ (ينكرب)”، و”لتشتاب (الكتاب)”، و”تشلام (كلام)” وقعت وسط الكلّمة. وبذلك يمكن استقراء عادة كلامية مطردة، وهي: أنّ الكاف في اللّهجة إذا تصدّرت المونيم، أو وقعت في وسطه تقلب “تش” الثنائية، بتاء مضغوطة وسط الحنك، نحوها تضمّنها قولهم: “تشُلْ (كلّ) عَايَبْ سَايَبْ”.
ويحصل إرجاؤها تماما إلى “ش Ch” من أدنى الحنك إذا وقعت متطرّفة، نحو قولهم: “يد طربش (ضربك ) لكادي (القاضي) لمن تشتشي (تشكيني)”.
ولا يحدث تطوّر هذا الصّوت بمعزل عن بيئته الطبيعية، وهي الكلّمة، بل له تأثير في البناء الصّوتي الّذي قد يؤدّي إلى تجانس في صوتي الشين الأصلية، ونظريتها المتطوّرة عن الكاف، ومن ثمّ صعب على أصحابها التّميز بينهما، نحو قولهم: “اشَّبْشَه تْعَيَّنْ اشْطَاطُ (الغربال) وتْكُولُو (تقول له) عِينَاشْ (عينك) تشبَارْ (كبار)”. فصوتا الشين في كلمة “اشبشه” الأولى أصلية والثانية متطوّرة عن الكاف، وأصلها الشبكة.
إنّ هذا النّورم Norme الخاص([28]) أو الطّابع المميّز للهجة توانت، أو النّموذج الضّلم والقياس المشترك المتّفق عليه من لدن أهلها، يختلف عمّا تميّزت به لهجة ربيعة في بلاد نجد([29]) المعروف بالكشكشة([30])، الّذي تبدل فيه كاف المؤنّث شينا، ” فأمّا ناس كثير من تميم، وناس من أسد فإنّهم يجعلون مكان الكاف للمؤنّث شينا، و ذلك أنّهم أرادوا البيان في الوقف، لأنّها ساكنة في الوقف فأرادوا أن يفصلوا بين المذكّر والمؤنّث، وأرادوا التّحقيق والتّوكيد في الفصل، لأنّهم إذا فصلوا بين المذكّر والمؤنّث بصوت كان أقوى من أن يفصلوا بحركة “…وجعلوا مكانها أقرب ما يشبهها من الحروف إليها لأنّها مهموسة، كما أنّ الكاف مهموسة، ولم يجعلوا مكانه مهموسا من الحلق، لأنّها ليست من حروف الحلق، ذلك قولك: إنّش ذاهبة، وما لش ذاهبة، تريد: إنّك، وما لك”([31]). وهي بهذه الكيفية زيادة وليس إبدال صوت بصوت.
وبعض اللّغويين يرون أن الكشكشة لتميم، وربيعة، وبكر بن وائل، وأسد([32])، واختلفوا في كنهها على ثلاثة مذاهب، مذهب يثبّت الشين عند الوقف، وهو الأشهر، كقولهم: “ويحك ما لش” تظهر فيه كافا للمؤنّث، إحداهما في “ويحك”في الوصل، وقد بقيت كافا، والأخرى “ملك” في الوقف، و قد قلبت شينا. ويذكر المبرد نظيرتها في كامله: يقولون للمرأة: “جعل الله البركة في دارش”.([33])
ومذهب يثبّتها في الوصل، كقول الشاعر:
فَعَيْنَاش عَضَيْنَاها وجِيدُش جِيدُها ** سِوَى أنّ عَظْمَ أَلَّق مِنْش دقيق([34]).
والمذهب الثّالث يجعل الشين مكان الكاف، يكسرها في الوصل، ويسكنها في الوقف. قال السيرافي: أنشدنا أبو بكر بن دريد:
تضحَشِِ إن رأيتني أحترش ** ولو حَرِشْتِ لكشفت عن حرش.
كما ساق أيضا:
علي فيما أبتغي أبغيشْ ** بيضاء ترضيني ولا ترضيشْ.
و قرأ على إثرها بعض العرب ” إنّ الله إصطفاشِ وطهّرشْ.” ([35])
وأشار بعض القدماء إلى أنّ الكاف لم تبدل شينا، وإنّما قلبت إلى صوت بين الكاف والشين، وغياب رمزه أو كتابته يفسّر ما ذهبوا إليه، فمنهم من كتبه شينا ومنهم من كتبه “كش”. ويرى ابن دريد أنّ الكاف لا تبدل إلى شين محقّقة، بل إلى صوت بين الشين والجيم، وعبّر عن ذلك بقوله: “إذا اضطرّ الذي هذه لغته، قال: جيدش، وعلامش، بين الشين والجيم، إذا لم تتهيّأ له أن يفرده”([36]). والظاهر أنّ اللّغويين فسّروا ما سمعوه ولم يستطيعوا كتابته، لأنّ هذه الكاف لم تلحق لشين كما تصوّروا، وإنّما تطوّرت إلى صوت من الأصوات المزدوجة التي اصطلح عليها Affricata.
واستقرى علماء اللّغة في أواخر القرن التاسع عشر من مقارنتهم اللّغة السنسكريتية باللّغتين اليونانية واللاتينية قانونا أطلقوا عليه “قانون الأصوات الحنكية”، ولاحظوا أنّ أصوات أقصى الحنك كالكاف والجيم الخالية من التّعطيش يمثل لمخرجها إلى نظائرها من أصوات أمامية حين يليها صوت لين أمامي كالكسرة، لأنّ صوت اللّين الأمامي في مثل هذه الحالة يجتذب إلى الأمام قليلا، أصوات أقصى الحنك، فنقلت إلى نظائرها من وسط الحنك، وهذا معناه أنّ الكاف المكسورة تتحوّل إلى صوت مزدوج وهو “تش”، هذه هي الكشكشة ذات التقيّد الذي لم تتقيّد به لهجة “توانت” في تطوّر كافها.
كما أنّها تختلف عـن الشّنشنة المميّزة للهجة اليمن الحديثة المتوارثة عن الأجيال السابقة([37])، الّتي يتمّ فيها قلـب الكاف شينا مطلقا([38]) – بإقلاب الكاف عن مخرجـها، وهو أقصى اللّسان إلى وسطه، وهو مخرج الشين– مهما كان موضعها في الكلّمة، نحو: “لبيش اللهم لبيش”.
كما أنّها تختلف أيضا عن “تش” الّتي تنطق في الوسط الرّيفي الأردني، الّتي يحدث تطوّرها بتأثير الكسرة المجاورة، أو الفتحة الممالة إمالة شديدة أو خفيفة([39])، نحو: “تشرش” في (كرش) و”رتشب” في (ركب).
كما أنّها تختلف كذلك عن الشّنشنة العراقية على السّمت الّذي شاع أكثر في منطقتي السلمانية، والدجيل، وبعض المناطق الأخرى التي تبـدل فيهما الكاف إلى شين إذا لم تجاورها شين أصلية.
وتختلف أيضا عن “تش” التطوانية بالمغرب الأقصى، لكونها ليست صورة صوتية متطوّرة عن الكاف، وإنّما هي في الأصل زيادة تاء للشين، تنتج عن توقف الهواء قبل إصدار صوت الشين فيقولون “حتشها” بدلا من حشّها([40]).
وتتمايز في مواضع قلبها إلى “تش” عن نظيرتها المتطوّرة عن حرف “C ” في بعـض اللّغات الهندية الأوربية كالإيطالية([41])مثلا. وعن “K” الروسية الّتي تقلب إلى
” Tcha”، المرتبط أساسا بالتغيّر الدّلالي، نحو: ” cKem”: مع من؟ “avec qui” بالفرنسية، فيتغيّر مدلولها بالقلب CKem، تنطقTcheim، فتصبح تعني بماذا؟ avec quoi ?، وokom الّتي تعني “لمن”a qui ?، فإذا قلبت إلى OCem، وتنطق، atchiom، أصبحت بمعنى علام؟ a quoi ?، وkovo بمعنى من رأيت؟ فتكتسب معنى ماذا رأيت؟ لغير العاقل بقلبها إلى Cevo، وتنطق Tchevo تشيفو، بكاف خالية من التعطيش.
علّل لذلك المستشرقون بأنّها من أصوات أقصى الحنك، فحين يليها صوت ليّن أمامي للكسرة تمال إلى نظائرها من أصوات وسط الحنك والثنايا الأمامية، وأيّدهم فيما ذهبوا إليه عدد من كتاب العرب([42]).
وما يمكن استخلاصه من هذا كلّه، هو أنّ هذه الظّاهرة الصّوتية – قلب الكاف “تش” أو شينا– من المحتمل أن تكون اللّهجة قد تأثّرت فيها بالشنشنة اليمنية الحديثة([43]) من جانب واحد، وهو قلب الكاف المتطرّفة مطلقا إلى “شين”([44]).
أمّا إبدالها “تش” في أول أو وسط المونيم، فالاحتمال يعود إلى تأثّرها باللّهجة البربرية([45])، ما دام الإبدال فيها مطردا – نظير ما وسمت به اللّغة الإيطالية – في غياب رمز يضبط هذا الصّوت المركّب في الخطّ العربي عند القدماء، ومن الممكن القول بأنّهم سمعوا الإزدواجية “تش” فظنّوها كافا وشينا([46]) . وعلّل جان كانتينو لهذا الصّوت المركّب بقوله: “أنّ الكاف أصبحت أدنى حنكية بمجاورتها للكسرة، ثمّ أصبحت ياء خفيفة “كي”، ثمّ صارت “تي”، ثمّ “تش”([47]). والاحتمال المرجّح هو أنّ هذا الإبدال جرى على مرحلتين: أبدلت بعض قبائل العرب في الأولى صوتا ثنائيا من الكاف، ثمّ تطوّر في المرحلة الثّانية على لسان غيرهم بسقوط نصف الصّوت المزدوج الأوّل، وبقاء نصفه الثّاني.
أول مونيم |
ك |
ش |
تش |
وسط مونيم |
آخر مونيم |
تطوّر صوت الكاف |
ثَبَتُ المصادر والمراجع:
([1]) الإبدال، أبو الطيب اللّغوي، تحقيق عز الدين التنوخي، مطبوعات المجمع العلمي العربي، دمشق، دط، دت.
(2) الإبدال في اللّغة العربية مظاهره وعوامله وأثره في كنية اللغة وتيسيرها، مولاي عبد الحفيظ طالبي، جامعة حلب، دط، دت.
(3) الأصوات اللّغوية، عبد القادر عبد الجليل، الأردن: دار صفاء للنشر والتوزيع، ط1، 1418هـ، 1998م.
(4) البيان والتبيين، الجاحظ (أبو عمرو بن بحر)، تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون، بيروت (لبنان): دار الكتاب العربي، ط3 1388هـ 1969م.
(5) تاريخ الأندلس من الفتح الإسلامي حتى سقوط الخلافة في قرطبة، وديع أبو زيدون، بيروت (لبنان)، ط1، الأهلية للنشر والتوزيع، 2005م.
(6) تاريخ آداب العرب، مصطفى صادق الرافعي، ط2، 1359هـ، 1940م.
(7) اتجاهات البحث اللّغوي الحديث في العام العربي، رياض قاسم، بيروت: مؤسسة نوفل، ط1، 1982م.
(8) التطوّر اللّغوي التاريخي، إبراهيم السمرائي، بيروت (لبنان): دار الأندلس، دت.
([1]) التطوّر اللغوي مظاهره وعللّه وقوانينه، عبد التواب رمضان، القاهرة: مكتبة الخانجي القاهرة، دار الرفاعي الرياض، ط1، 1983م.
(9) التّعريف الوصفي لإفريقيا الشمالية، طراد دي سلان، 1913م.
(10) جمهرة اللّغة، ابن دريد ( أبو بكر محمد الحسن الأزدي )، بيروت (لبنان): دار صادر، دت.
(11) الحركة اللّغوية في الأندلس منذ الفتح العربي حتى نهاية عصر ملوك الطوائف، ألبير جيب، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، 1967م.
(12) الخصائص، ابن جني (أبو الفتح عثمان) تحقيق محمد علي عبد المنعم سيد عبد العال النجار، بيروت(لبنان):عالم الكتب ط2، دار الكتب المصرية، 1952م.
(13) دروس في علم أصوات العربية، جان كانتينو، تعريب صالح القرمادي، نشريات مركز الدراسات الاقتصادية والاجتماعية، تونس، 1966م.
(14) الصاحبي في فقه اللّغة وسنن العرب في كلامها، ابن فارس(الحسين أحمد بن زكريا بن فارس)، تحقيق مصطفى الشويمي، بيروت (لبنان): مؤسسة بدران للطباعة والنشر، 1383هـ، 1964م.
(15) علم اللّغة العام، توفيق محمد شاهين، مكتبة وهبة، ط1، 1400هـ، 1980م.
(16) الكتاب، سيبويه، (أبو بشر عثمان بن قنبر)، تحقيق عبد السلام محمد هارون، بيروت (لبنان): دار الجيل، دط، 1411هـ.
(17) الفتح والاستقرار العربي الإسلامي في شمال إفريقيا والأندلس، عبد الواحد ذنون طه، بنغازي (ليبيا): دار الكتب الوطنية، 2004م.
(18) الكامل في اللغة والأدب، المبرد(أبو العباس محمد بن يزيد)، تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم، والسيد شحاته، القاهرة: دار نهضة مصر للطبع والنشر، دت.
(19) اللّهجات وأسلوب دراستها، أنيس فريحة، بيروت(لبنان): دار الجيل، ط1، 1989م.
(20) اللّهجات العربية الغربية القديمة،chaim rabin ، ترجمة أيوب عبد الرحمان، الكويت جامعة الكويت،1986م.
(21) اللّهجات العربية في التراث، القسم الأول في النظامين الصوتي و الصرفي، الجندي أحمد علم الدين، الدار العربية للكتاب، تونس، 1398هـ / 1978م.
(22) مبادئ اللّسانيات، أحمد محمد قدور، دار الفكر المعاصر، بيروت، لبنان، دت.
(23) المحيط في الأصوات العربية ونحوها وصرفها، محمد الأنطاكي، دار المشرق العربي، بيروت، ط3، دت.
(24) المزهر في علوم اللّغة وأنواعها، السيوطي(أبو بكر محمد بن الحسن )، تحقيق رمضان عبد التواب، القاهرة، ط1، 1964م.
(25) معجم شمال المغرب( تطوان و ما حولها)،عبد المنعم سيد عبد العال،القاهرة: دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، 1388هـ/ 1968م.
(26) المعرب والدخيل في اللغة العربية وآدابها، محمد ألتونجي، بيروت (لبنان): دار المعرفة، ط1، 1426 هـ/ 2005م.
Bulletin Soc de Géographie et d’Archéologie d’Oran. Tome 5 (27)
(28) Canal les villes de l’Algérie extrait de la revue de l’Afrique française, Paris Barbier, 1888
(29) Mac Carthy, Algérien Romana, 1857.
(30) Nemour Djemaa Ghazaouet Francis Labador Monographie Illustree Imprimerie la Typo Litho Alger 1948
([1]) المعرب والدخيل في اللغة العربية وآدابها، محمد ألتونجي، بيروت (لبنان): دار المعرفة، ط1، 1426 هـ 2005م، ص178.
([2]) ترجمت إلى الفرنسية، ونشرت في لاهاي 1743م.
([3]) Algéria Romana, MAC CARTHY. 1857. P27.
([4]) Francis Labador. Notice Historique sur Tuent .Société de Géographie et d’Archéologie d’oran. Tome 56. Mars 1935. P2.
([5]) R.basset.nedroma et les traras . Paris P78.
([6]) ينظر التّعريف الوصفي لإفريقيا الشمالية، طراد دي سلان، 1913م، ص 32.
([8]) هذه الخريطة توجد في آخر صفحات كتاب Léon Galibert، تاريخ الجزائر القديم والحديث، نشر 1843م.
([9]) كما كتبها النقيب Génie Coffyn في تقريره إلى جنرال ناحية وهران ، ينظر Francis Labador. Notice Historique sur Tuent. Société de Géographie et d’Archéologie d’oran. Tome 56. Mars 1935. P18
([10]) كما كتبها النقيب Bidon، نفسه.
([11]) كما كتبها النقيب génie vauban بتاريخ الخامس أكتوبر 1845م، ينظر Francis Labador. Notice Historique sur Tuent. P19
([12]) كلمة “فلاوسن” أمازيغية، وهي مركّبة من: أفلا: فوق أو أعلى، وأوسن: قرية.
([13]) LES VILLES DE L ALGERIE NEMOUR JEAN CANAL. P 13
([14]) الفونيم: هو الوحدة الصّغرى في التّحليل الفنولوجي التّركيبي.
([15]) الإبدال، أبو الطيب اللّغوي، تحقيق عز الدين التنوخي، مطبوعات المجمع العلمي العربي، دمشق، د.ط، د.ت، ص7.
([16]) الخصائص، ابن جني (أبو الفتح عثمان، تـ392ه) تحقيق محمد علي النجار، بيروت(لبنان):عالم الكتب ط2، دار الكتب المصرية، 1952م، ج2، ص82.
([17]) الصاحبي في فقه اللّغة وسنن العرب في كلامها، ابن فارس(الحسين أحمد بن زكريا بن فارس، تـ395ه)، تحقيق مصطفى الشويمي، بيروت (لبنان): مؤسسة بدران للطباعة والنشر، 1383هـ، 1964م، 76.
([18]) ينظر تاريخ آداب العرب، مصطفى صادق الرافعي، ط2،1359هـ 1940م، ج1، ص146.
([19]) فالتطور هو بمفهوم الفونيتيك عند دي سوسير (1913م) الّذي خصّه بتحليل الأحداث، والتغيّرات، والتطوّرات عبر السنين، وهو بذلك جزء من اللّسانيات. ينظر مبادئ اللّسانيات، أحمد محمد قدور، دار الفكر المعاصر، بيروت، لبنان، دت، ص 40.
([20]) علم اللّغة العام، توفيق محمد شاهين، مكتبة وهبة، ط1، 1400هـ، 1980م، ص16.
([21]) التبدّل الصوتي لا شعوري في الغالب، يأتيه المتكّلم منساقا بعاداته النّطقية الّتي اكتسبها من محيطه. ينظر المحيط في الأصوات العربية ونحوها وصرفها، محمد الأنطاكي، دار المشرق العربي، بيروت، ط3، د.ت، ج1، ص 54.
([22]) يمسّ الكثير من أصوات اللّهجة، وهي إقامة صوت مكان صوت مع الإبقاء على سائر أصوات الكلّمة، وقد يكون الصوت المستبدل قريبا من الصوت المستبدل منه في شأنه من جهاز النّطق، أو يشمل على شيء من خواصه، أو يكون بعيدا عنه. ينظر التطوّر اللّغوي التاريخي، إبراهيم السمرائي، بيروت (لبنان): دار الأندلس، دت، ص 110.
* لقد أثبت في هذا البحث رسم الكلمة حسب نطقها في الأمثال، والأقوال، و الألغاز، واضعا نطقها الفصيح تارة، ومدلولها تارة أخرى بين قوسين. والأصوات التي تمّ إسقاطها أو إخفاؤها في أوّل الكلمات، أو آخرها، هي: في أوّل الكلمات الهمزة نحو: “انت” في أنت، والألف في “ال” القمرية، واللام في “ال” الشمسية، ورسم تاء التأنيث المربوطة في آخر الكلمات هاء سكت، وضمير المفعول (الهاء) المتّصل بالفعل واوا، نحو: “طَرْبُو في ضربه”.
([23]) الأصوات اللّغوية، عبد القادر عبد الجليل، الأردن: دار صفاء للنشر والتوزيع، ط1، 1418هـ، 1998م،
ص 110.
([24]) قيل بأنَه تطوّر مرحلي إلى “ش”، فصارت به الكاف أدنى حنكية فأصبحت مليّنة بياء خفيفة “كـ ي”، ثم صارت
“تـ ي”، ثم “تش”، ثم آلت في النهاية إلى “شْ”. ينظر دروس في علم أصوات العربية، جان كانتينو، تعريب صالح القرمادي، نشريات مركز الدراسات الاقتصادية و الاجتماعية، تونس، 1966م، ص102.
([25]) ينظر التطوّر اللغوي مظاهره وعللّه، وقوانينه، عبد التواب رمضان،القاهرة: مكتبة الخانجي القاهرة، دار الرفاعي الرياض، ط1، 1983م، ص14.
([26]) شبيه بالتطوّر المقيّد في لهجة “ملعولا” الآرامية إذا تليت بحركة الكسرة.
([27]) فإبدال صوت بآخر في لفظة واحدة في اللّهجة لا يغيّرها إلى لفظة أخرى، أو إلى شكل غير قابل للفهم، بل يصبح وحدة مميّزة قبل أن تكون وحدة مادية أكوستيكية.
([28]) اللّهجات وأسلوب دراستها، أنيس فريحة، بيروت (لبنان): دار الجيل، ط1، 1989م، ص 86 – 87. أي أنّ في كلّ لغة حيّة قوتين متضادتين، الأولى تدفع بالفرد عن المركز، وأخرى تشدّ به نحو المركز، وهذا الشدّ بالفرد نحو المركز والدّفع به عن المركز يخلقان نوعا من التّوازن اللّغوي الذي يعرف بالنّورم، وهذا ما يبقي اللّهجة ضمن نطاق معيّن إلى حين. ينظر اللّهجات العربية الغربية القديمة، chaim rabin ترجمة أيوب عبد الرحمان، الكويت: جامعة الكويت، 1986م، ص78.
([29]) اتجاهات البحث اللّغوي الحديث في العالم العربي، رياض قاسم، بيروت: مؤسسة نوفل،ط1 ،1982م، ص234.
([30]) كانت من ضمن الألقاب التّي وضعها اللّغويون العرب الأوائل، وذهب بعضهم إلى أنّ أوّل من لجأ إلى كلّ لهجة بلقب معيّن هو رجل ينتسب إلى جرم، فأجاب عن سؤال يخصّ أفصح النّاس ” قوم إرتعوا لخلخانية الفرات، وتيامنوا عن كسكسة بكر، ليست لهم غمغمة قضاعة، ولا طمطمانية حمير، قال من هم، قال قريش”. ينظر البيان والتبيين، الجاحظ (أبو عمرو بن بحر، تـ255هـ)، تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون، بيروت (لبنان): دار الكتاب العربي، ط3 1388هـ 1969م، ، ج3، ص217.
([31]) الكتاب، سيبويه، (أبو بشر عثمان بن قنبر، تـ180ه)، تحقيق عبد السلام محمد هارون ، بيروت (لبنان): دار الجيل، دط،1411هـ.، ج1، ص199.
([32]) اللّهجات العربية في التراث، أحمد علم الدين الجندي، تونس: الدار العربية للكتاب، 1398هـ 1978م،ص360.
ونسبه ابن فارس إلى أسد وحدها، ينظر الصاحبي في فقه اللغة، ابن فارس، المصدر السابق، ص 24. ونسبها المبرّد إلى تميم وحدها، ينظر الكامل في اللغة والأدب، المبرد (أبو العباس محمد بن يزيد، تـ نحو 826ه)، مؤسسة المعارف، بيروت، دت، ج1، ص 371.
([33]) الكامل في اللغة والأدب، المبرد، تح محمد أبي الفضل إبراهيم، والسيد شحاته، القاهرة: دار نهضة مصر للطبع والنشر، دت، ج1، 372.
([35]) تاريخ آداب العرب، ج1، ص138، مصطفى صادق الرافعي.
([36]) جمهرة اللّغة، ابن دريد ( أبو بكر محمد الحسن الأزدي، تـ321هـ)، بيروت (لبنان): دار صادر، دت، ج1، ص5.
([37]) ينظر المزهر في علوم اللّغة وأنواعها، السيوطي(تـ911هـ)، ج1، ص221. ومن الصّعب القول بأنّ اليمنيين قد أثّروا تأثيرا مباشرا في أهالي المنطقة، فما يمكن قوله أنّ “أربعة آلاف رجل من مختلف القبائل التي ساهمت في فتح شمال إفريقيا، وبشكل خاص أولائك الذين جاءوا مع الزبير بن العوام الذين يسمّون بالمدنيين، لقد كانت أغلبية هذه الإمدادات البشرية تتكوّن من عشائر يمنية”. ينظر الفتح والاستقرار العربي الإسلامي في شمال إفريقيا والأندلس، عبد الواحد ذنون طه، ص 95، بنغازي (ليبيا): دار الكتب الوطنية، 2004م. إلاّ أن هذا الفتح شمل برقة وإلى غاية زويلة التي فتحها عقبة، واصل نشر الجيوش في أقاصي المغرب حتى بلغت طنجة. ينظر تاريخ الأندلس من الفتح الإسلامي حتى سقوط الخلافة في قرطبة، وديع أبو زيدون، ص68، بيروت (لبنان)، ط1، الأهلية للنشر والتوزيع، 2005م.
([38]) المزهر في علوم اللّغة، السيوطي، ج1، ص221.
([39]) دروس في علم أصوات العربية، جان كانتنيو، ص104.
([40]) معجم شمال المغرب، عبد المنعم سيد عبد العال، ص83.
([41]) مثل كلّمة Cera في الإيطالية تنطق “تشرا”، وتعني الشمع.
([42]) اللّهجات العربية في التراث، أحمد علم الدين الجندي، ص280، تونس: الدار العربية للكتاب، 1398هـ 1978م.
([43]) كان العرب حين دخلوا الأندلس يتشكلون من مختلف القبائل، منها اليمنية بأكثر عدد، فتأثّر بهم باربرة شمال إفريقيا، ولم يعد أحد في القرن التاسع يتكلّم بربريته. وبعد سقوطها عادوا بثقافتهم المكتسبة إلى موطنهم الأصلي. ينظر الحركة اللّغوية في الأندلس منذ الفتح العربي حتى نهاية عصر ملوك الطوائف، ألبير جيب، ص29، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، 1967م.
([44]) في هذه الحال،لا يمكن بواسطة التّأثير السّمعي التميّيز بين صوتي الشين المحقّقة، والشين المبدلة.
([45]) القبائل الصغرى (القسم الناطق بالعربية)، بحيث لا زال هذا الصّوت ساريا في لهجتهم إلى يومنا هذا. ينظر دروس في علم أصوات العربية، ص104، جان كانتنيو.
([46]) ينظر الإبدال في اللّغة العربية، ص167، مولاي عبد الحفيظ طالبي.