
طقوس العبور في الحكاية الشعبية الجزائرية
الدكتور صالح جديد ـ جامعة الشاذلي بن جديد الطارف/الجزائر
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 35 الصفحة 39.
الملخص:تعمل هذه الدراسة على تقصي طقوس العبور في الحكاية الشعبية الجزائرية كما قدمتها الدراسات الأنثروبولوجية، ونركز البحث على طقوس الميلاد والموت،وطقوس الزواج والانتقال من مرحلة عمرية إلى مرحلة عمرية أخرى، فطقوس العبور هي عتبة لابد من تجاوزها للفرد الذي يريد أن ينتقل من موقع اجتماعي أو سياسي أو ديني..الخ إلى موقع آخر أعلى منه درجة في أغلب الحالات،وهي طقوس تؤدي وظيفة حل المشكلات والتوترات الداخلية والخارجية سواء للفرد أو الجماعة،وهذا ما نحاول مقاربته في الحكاية الشعبية” الطائر المغني”.
الكلمات المفاتيح: الحكاية الشعبية، طقوس العبور، الأنثروبولوجيا، الميلاد والموت، المراحل العمرية.
Abstract:
This article studies the rites of passage in the Algerian folk tales as presented by anthropological studies. In this research, we are going to focus on the rituals of birth, death, wedding, the rituals of the transition from one stage life to another one. In effect, the rites of transition is the threshold to be exceeded for the individual who wants to move from social, political, or even religious rank to another higher rank. The function of ritual is to solve problems, internal or external pressures for an individual or group of people. This is what we are going to reveal in the tale of “The Singing Bird”.
Keywords: Folk tale, a rite of passage, anthropology, birth and death, life stages.
المدخل:تحتفي نصوص الحكاية الشعبية الجزائرية بطقوس العبور المختلفة وتقدم عنها صورا واضحة جلية، و نحن نتتبع تلك الطقوس في حكاياتنا الشعبية الجزائرية، ومنها حكاية (الطير ليغني وجناحه ليرد عليه ) [1]والتي قدمنا لها عنوانا بالفصحى مختزلا في ( الطائر المغرد) وجدنا تنوع الطقوس وتعددها مما يؤكد لنا إنسانية وعالمية الحكايات الشعبية وذلك ليس فقط في تشابه موضوعاتها أو شخصياتها، وإنما أيضا في طقوسها الدينية وغير الدينية، وللتحقق من هذا الأمر جاءت دراستنا للحكاية الشعبية وفق متطلبات البحث الأنثروبولوجي في موضوع طقوس العبور، وقد جعلنا للدراسة العناصر التالية:
أولا_ تحديد المفاهيم:
1- الطقوس
1_1_ طقوس العبور
2-الحكاية الشعبية:
ثانيا- مظاهر طقوس العبور في الحكايات الشعبية:
1_الطقوس السحرية
2_الطقوس الدورية
ثالثا _ الخاتمة
أولا:تحديد المفاهيم:
1- الطقس: يستخدم مصطلح الطقس عادة في علم الفلك والأنواء ليدل على حالة الجو من صفاء ومطر وشمس وغائم…الخ، وما إلى هنالك من حالات تصاحب المصطلح، ولكنه انتقل لمعارف وعلوم أخرى لتنتقل معه الدلالة من حالتها الأولى لحالات أخرى وبالتالي لدلالات أخرى، ومن ذلك ميدان علم الاجتماع والأنثروبولوجيا الميثولوجيا والأدب…الخ، ونحن في هذا المقام سوف نتحدث عن دلالة الطقس من الناحية اللغوية كما جاءت في المعاجم والقواميس العربية والغربية.
أ/ دلالة الطقس في المعاجم والقواميس العربية:
كلمة الطقس في المعاجم العربية القديمة_ ومنها على سبيل التمثيل لا التخصيص لسان العرب لابن منظور،ومعجم العين للخليل بن أحمد الفراهيدي ،ومعجم القاموس المحيط للفيروز أبادي…الخ_ نجدها متموقعة معجميا في الجذر اللغوي (طَسَقَ) وهي تعني: « مكيال أو ما يوضع من الخراج على الجربان،أو شبه ضريبة معلومة،وكأنه مُولَّد أو مُعرَّب…وهو أيضا بمعنى النظام والترتيب « [2]، وعند ابن منظور وجدنا الدلالة نفسها مع إضافة أنه فارسي، وقال:« كتب عمر إلى عثمان بن حنيف في رجلين من أهل الذمة أسلما:ارفع الجزية عن رؤوسهما،وخذ الطسق من أراضيهما« [3].
أما في المعاجم والقواميس العربية الحديثة فلا يكاد المعنى يختلف عمَّا جاء في القديمة، فالطقس عند صاحب قاموس محيط المحيط يعني: « وهو مكيال أو ما يوضع من الخراج على الجربان، أو شبه ضريبة معلومة،وكأنه مُولَّد أو مُعرَّب« [4]، وهو في المعجم الوسيط بمعنى« النظام والترتيب« [5]، كما أن اللفظة عند النصارى يطلق على شعائر الديانة واحتفالاتها، وهو معرب لكلمة “تكسيس” باليونانية، ومعناها« نظام وترتيب، والجمع طقوس، والطقيساء، والطقيسة مكان صغير خارج دار الحريم، يُستقبل فيه الأضياف«[6].
ب/ دلالة الطقس في المعاجم والقواميس الغربية:
كلمة الطقس (Rite ) مشتقة من الكلمة اللاتينية ( Ritus ) والتي تعني« العبادة أو احتفال ديني، أو عادات وتقاليد وأعراف«[7]، والطقس كلمة يونانية (تاكسيسTaksis ) بمعنى نظام وترتيب، والطقس في اللغة الإنجليزية (ritual) بمعنى « شعائر، و لربما تشابهت كلمة طقس مع (tax)في الإنجليزية وهي بمعنى: فرض ضريبة، أو تقاضي ضريبة«[8].
أما دلالة اللفظ من الناحية الاصطلاحية وبخاصة عند أهل الاختصاص من علماء علم الاجتماع والأنثروبولوجيا عامة والثقافية خاصة فقد دلت على المعاني التالية: «…والطقس هو مجموعة من الإجراءات والحركات التي تأتي استجابة للتجربة الدينية الداخلية،وتهدف إلى عقد صلة مع العوالم القدسية،ولعل الموسيقى الإيقاعية والرقص الحر كانا أولى أشكال هذا السلوك الطقسي التلقائي الذي تحول تدريجيا إلى طقس مقنن تجري تأديته وفق قواعد مرسومة«[9]، ويعرفه أيضا بقوله:«إن الطقس ليس فقط نظاما من الإيماءات التي تترجم إلى الخارج ما نشعر به من إيمان داخلي،بل هو أيضا مجموعة من الأسباب والوسائل التي تعيد خلق الإيمان بشكل دوري، ذلك أن الطقس والمعتقد يتبادلان الاعتماد على بعضهما بعضا، فرغم أن الطقس يأتي كناتج لمعتقد معين فيعمل على خدمته إلا أن الطقس نفسه ما يلبث حتى يعود إلى التأثير على المعتقد فيزيد من قوته وتماسكه«[10].أما (ج.غازنوف Jean cazeneuve) فالطقس عنده هو:« سلوك يتكرر وفق قواعد ثابتة لا يمكن تغييرها أو تبديلها«[11]، ويقدم (ج. ميسونوف Jean missonneuve) مفهوما آخر للطقس فيقول:« الطقوس عند الأنثروبولوجيين هي مجموعة
الممارسات المعنية أو المحظورة، والمتعلقة بالمعتقدات السحرية أو الدينية، وعادة ما يكون ذلك تحت وقع احتفالات ضخمة ومن وجهة نظر التفرعات المقدسة والمدنسة والخالصة والفاحشة«[12]، والطقس هو « وسيلة للتعبير من أجل الانخراط في عالم خارج الإطار التجريبي«[13]، وهو أيضا« تقليد أو إجراءات متقادمة اكتسبت هيبة دينية،نظرا لهالة التقديس أو الاحترام الكبير لهذه الطقوس وهي بمثابة بقايا لعادات أو معتقدات دينية بائدة«[14].
هذه بعض المفاهيم اللغوية والاصطلاحية للفظة الطقس والتي تكاد تجتمع جميعها حول مرجعية الطقس إلى الأزمنة الغابرة وإلى خروجها من مشكاة الدين مهما كان مصدره، والطقس بذلك أيضا هو محاولة لخلق معادل موضوعي وحالة من التوازن يتوسلها الإنسان للتعبير عن طموحاته ومخاوفه باحثا من خلالها _الطقوس_عن الراحة النفسية والجسدية.
1_1_طقوس العبور: قبل الغوص في ذكر مفاهيم هذا المصطلح وجب علينا الإشارة أولا إلى أن هذا المصطلح حديث النشأة حيث ظهر مع العالم الأنثروبولوجي الفرنسي( أرنولد فان جنيبArnold van Gennep) سنة 1909م، وهو بذلك من مواضيع الأنثروبولوجيا(علم الإنسان)، وبالعودة إلى ويكيبيديا الموسوعة الحرة على شبكة الإنترنت وكذلك إلى ما كتبه مرسيا إلياد، نجد عدة مفاهيم لطقوس العبور ومنها:
- طقوس العبور: الطقوس التي تجري بمناسبة العبور من حالة سابقة أو وضع سابق إلى حالة لاحقة ووضع جديد مثل تغير الوضع الاجتماعي أو تغيير جنس الفرد (التحول الجنسي) ، وتعتبر المناسبة الاجتماعية الأكثر شيوعا هي البلوغ (أي الانضمام لمجموعة البالغين) ، ومن هذه المناسبات أيضا الولادة أو بلوغ سن اليأس…الخ[15].
- طقوس العبور يتميز عن “طقوس الشروع” في أنه يمثل معلما بارزا في حياة الفرد، بينما يمثل طقس الشروع إدماج الفرد في جماعة اجتماعية أو دينية المفتاح الأول في طريقه، وفارق آخر بين الطقسين أن طقس العبور يتم دون تمييز بين جنسي بين الأفراد عكس طقس الشروع.
- ويعرفها ( أرنولد فان جنيب Arnold van Gennep) بأنها: « الانتقال من طور سواء أكان زمانيا أو مكانيا إلى آخر، وكل انتقال هو تحول من حالة إلى أخرى كتحول الشاب الأعزب إلى متزوج«[16].
ولطقوس العبور وظائف عدة تؤديها منها أنها تمكن من ربط الفرد إلى مجموعة معينة، كما يمكن أن يشكل نظام حياة مستقبلي للفرد وفق خطوات دقيقة بالشكل الذي يوصل الفرد للأمان النفسي والطمأنينة، وتتم عادة طقوس العبور من خلال طقوس معينة ومحددة لا يمكن تجاوزها في احتفالات خاصة بتلك الطقوس المتعلقة بمرحلة أو ظاهرة العبور.
- لقد حدد ( أرنولد فان جنيب Arnold van Gennep) ثلاثة مراحل زمنية رئيسة في حدوث طقس العبور هي على النحو التالي: زمن تمهيديّ préliminaire ، وآخر استهلاليّ liminaire أي على العتبة، وثالث اختتاميّ post liminaire من منظور آخر هو منظور القائم بالفعل، وتختصر المراحل الزمنية في: « 1_الانفصال (عن الوضع أو المكان السّابق)، 2_ الهامش (بين المرحلتين)، 3_الانضمام (إلى وضع جديد) «[17].
- هذه المراحل الثلاث يمكننا تشبيهها وظيفيا ( كما وضعها فلاديمير بروب) بالوظائف التالية: « 1_وظيفة الافتقار 2_ وظيفة الرحيل 3_ وظيفة إصلاح الافتقار. «[18].
وهذه الوظائف تعتبر أساسة ورئيسة في التحليل المورفولوجي لنصوص الأدب الشعبي وعلى رأسها الحكايات الشعبية التي تقوم على فقدان للتوازن ، ثم السعي لتحقيق التوازن مرورا بعدة تجارب واختبارات وصولا لتحقيق التوازن ولكن ليسا شرطا في صورته الأولى _ هذا الأمر هو ما ستقوم عليه دراستنا طقوس العبور في الحكايات الشعبية الجزائرية_.
2- الحكاية الشعبية:
تتعدد مفاهيم الحكاية الشعبية سواء من الناحية اللغوية أو الاصطلاحية، ونظرا للكم الهائل من التعريفات للحكاية الشعبية وللفروق الموضوعة بينها وبين الحكاية الشعبية الخرافية، وحتى لا يُشكل الأمر على القراء فإننا نوضح منذ البداية أننا نركز الحديث عن الحكاية الشعبية، ثم أننا نعتمد على التعريفات المتفق عليها والتي تمثل قاسما مشتركا بين الدارسين في هذا الميدان.
الحكاية الشعبية في المعاجم والقواميس العربية والغربية:
2_1_ في المعاجم والقواميس العربية:
لفظة الحكاية من الفعل الثلاثي (ح ك ي) والحكاية بمعنى المماثلة والتقليد، قال ابن سيده: «…حكوت عنه حديثا في معنى حكيته، وفي الحديث:ما سرني أني حكيت إنسانا وأن لي كذا وكذا؛أي فعلت مثل فعله، يقال:حكاه وحاكاه… «[19]، والحكاية أيضا: « حكى،الحاء والكاف وما بعدها معتل أصل واحد وفيه جنس من المهموز يقارب معنى المعتل والمهموز منه، هو إحكام الشيء بعقد أو تقارير، يقال حكيت الشيء أحكيه، وذلك أن تفعل مثل فعل الأول، يقال في المهموز:أحاكت العقدة إذا أحكمتها«[20].
2_2_ في المعاجم والقواميس الغربية:
جاء مفهوم الحكاية الشعبية في المعاجم الألمانية كما نقلت لنا ذلك الدكتورة( نبيلة إبراهيم ) في كتابها (أشكال التعبير في الأدب الشعبي) ما يلي: « الخبر الذي يتصل بحديث قديم ينتقل عن طريق الرواية الشفوية عن جيل لآخر «[21]، وهي في المعاجم الإنجليزية: «حكاية يصدقها الشعب بوصفها حقيقة، وهي تتطور مع العصور، وتتداول شفاها، كما أنها قد تختص بالحوادث التاريخية الصرف، أو الأبطال الذين يصنعون التاريخ »[22].
أما في الاصطلاح فالحكاية الشعبية لها كذلك عدة مفاهيم اخترنا منها ما يلي:
عرفها الدكتور(عبد الحميد بورايو) بقوله: « أثر قصصي ينتقل مشافهة أساسا، يكون نثريا يروي أحداثا خيالية لا يعتقد راويها ومتلقيها في حدوثها الفعلي، وتنسب عادة لبشر وحيوانات وكائنات خارقة، تهدف إلى التسلية وتزجية الوقت والعبرة»[23]، وأما الدكتور(محمد سعيدي) فيعرفها بقوله: « وصف لواقعة خيالية أو شبه واقعية أبدعها الشعب في ظروف حياته، سجلها في ذاكرته ورواها أفراده لبعضهم البعض بمرور الأيام وتوارثوها فيما بينهم عن طريق المشافهة من أجل المتعة والتسلية»[24].
إن الحكاية الشعبية تحقق هدف الإنسان بالتعبير عن نفسه وما يختلج بداخله من آمال وآلام، وهي بذلك تسعى لتحقيق الكلي الشمولي من خلال التعبير عن جوهر الإنسان منطلقة من تجربة الفرد الخاصة إلى الجماعة العامة مستعينة في ذلك بالجدث العام والشخصية النمطية التي قد تتكرر كلما تكررت الأجداث أو تشابهت الوقائع.
والحكاية الشعبية عند الدارسين الغربيين ترد في الاصطلاح بمعنى:« إن الحكايات الشعبية بأسرها، ومثلها الحكايات الخرافية والأساطير هي بكل تأكيد بقايا المعتقدات الشعبية، كما أنها بقايا تأملات الشعب الحسية وبقايا قواه وخبراته «[25]
ثانيا : عملنا في جمع المدونة ومنهج دراستها:
يرتكز عملنا في هذا الجزء على مقاربة أنثروبولوجية لنماذج مختارة من الحكايات الشعبية المنتشرة في المجتمع الجزائري بكل تشكلاته الإثنية والعرقية من عرب وبربر، وقد اعتمدنا في ذلك على خطوات وطرق منهج العمل الميداني، وبطبيعة الحال من الضروريات العلمية لهذا المنهج أن نذكر المعلومات التالية:
*سجلنا هذه النصوص إثر بحث ميداني لجمع الحكايات الشعبية بالشرق الجزائري في سنة 2005م، والحكايات التي تم جمعها وتدوينها من منطقة الطارف كثيرة ومختلفة الحجم والنوع، ونذكر منها على سبيل التمثيل: حكاية الطير ليغني وجناحه يرد عليه، حكاية لونجا، حكاية الزهر المنير، حكاية بقرة اليتامى، حكايات حديدوان، حكايات قريقش، حكايات بلعكرك، حكاية مسيسي والذيب…الخ.
*هذه الحكايات جمعناها في شهر أفريل 2005م بمنطقة عين الكرمة بالطارف، كانت الراوية فيها الوالدة التي روتها بدورها عن أمها عن جدتها.
*سجلنا الحكايات باللهجة التي رويت بها وهي اللهجة الدارجة القريبة من العربية الفصحى بواسطة الحاكي( آلة التسجيل) ثم أعدنا كتابة الحكايات على الورق كما سمعناها من أفواه الرواة.
* ملخص موجز لكل حكاية يتم تحليلها أنثروبولوجيا.
* نظرا لطول تلك الحكايات فإننا نركز عملنا على حكاية: (الطير ليغني وجناحه يرد عليه )الطائر المغرد، نظرا لقلة انتشارها بين أجيال هذا الوقت من ناحية، ومن ناحية أخرى قلة الدراسات حولها بخلاف حكايتي:لونجا وبقرة اليتامى مثلا اللتان لا تخلو دراسة في الأدب الشعبي إلا ودرستهما أو عرجت على ذكرهما.
* الكشف عن مظاهر طقوس العبور في الحكاية من خلال مقاربتها أنثروبولوجيا.
3_1_طقوس العبور في حكاية (الطير ليغني وجناحه يرد عليه ).
* ملخص الحكاية:العنوان الأصلي باللهجة العامية للحكاية هو: ( الطير ليغني وجناحه يرد عليه )
تحكي الحكاية عن ثلاث فتيات كن بصدد جلب الماء من العين،رأينا شابا يملك قطيعا من الغنم،تمنت كل واحدة أن يكون زوجها وتعد من أغنامه أشياء لا يمكن لأحد انجازها ،إلا الفتاة الثالثة تمنت أن تلد منه طفلا بجبين ذهبية وفتاة نصف شعرها ذهبي ونصفه الآخر فضي،سمعهن الراعي وتزوجهن وطلب من كل واحدة تحقيق رغبتها،أنجبت الثالثة طفلا كما تمنته لكن الضرتان قاما بالتواطؤ مع القابلة برميه في النهر ووضع مكانه جرو كلب ليقع في يد الصياد الذي رباه أحسن تربية،ثم أنجبت طفلة كما تمنت وحدث لها ما حدث للطفل ووضع مكانها قطة،وبعد مدة عرف الطفل أنه ليس ابن الصياد فرحل مع أخته باحثا عن أهله،لما علم الأب الحقيقي بوجود رجلا وفتاتا يسكنان قصرا بمملكته أراد معرفة من يكونا ،فعزمهما على الغداء وبهر بجمال الفتاة فطلبها للزواج،غير أن الضرتان عرفتا بحقيقتهما وخافتا افتضاح أمرهما،فلجأ للستوت التي احتالت على الفتاة بأن تطلب من أخيها أن يحضر لها الطائر المغرد(الطير ليغني وجناحه يرد عليه)،فخرج للطلب لكنه وقع تحت سحر الطائر وتحول إلى حجر،ثم طلبت من الفتاة الذهاب للبحث عن أخيها فخرجت وفي الطريق رأت الغولة فقامت برضاعتها حتى لا تأكلها وكان لها ذلك وأخبرتها الغولة بالحيلة لاصطياد الطير المغرد،فعلت الفتاة ما قالته لها الغولة وأنقذت أخاها بعد مسح آخر غصن حط عليه الطير على الحجر والشجر والذي هو في أصله بشرا وقعوا تحت طائل سحر الطائر المغرد(الطير ليغني وجناحه يرد عليه )،العودة للبيت مع الطائر ولما تزوج الأب بالفتاة( ابنته) في ليلة الدخلة نبهه الطائر لخطورة ما هو مقدم عليه،فيتحرى الأمر من القابلة وتعترف فيقوم بمعاقبة الضرتان بأن يربطهما بحصانين ويرسلهما في البرية حتى الموت،ويخرج زوجته من زريبة الحيوانات ليجتمع شمل العائلة بعد فراق.
ثالثا : طقوس العبور في الحكاية الشعبية الجزائرية
بناء على تقسيمات علماء الأنثروبولوجيا لطقوس العبور إلى الأشكال التالية فإننا ننجز مقاربتنا الأنثروبولوجية:
- الطقوس السحرية: وهي التي « تقوم على الإيمان بوجود قوة سارية في جميع مظاهر الكون»[26]، من أمثلة الطقوس السحرية نجد طقوس التأثير في القوة، وطقوس الصلوات والتضرع وتقريب القرابين، وطقوس الفداء(البدل)…الخ ففي حكاية الطائر المغرد(الطير ليغني وجناحه يرد عليه ) نجد العديد من تلك الصور، فطقس التأثير في القوة نجده متمثلا في تحويل الطائر المغرد الشاب القوي الذي خرج لاصطياده إلى حجر بعدما ألقى عليه تعويذة سحرية وقع الشاب في شركها وتمثلت في ترديد الطائر لأغنية أو كلمات سحرية عرفنا ذلك في نتيجتها لما تحول الشاب لحجر،تقول الأغنية على لسان الطائر: ما أخوف هذا اليوم !أين أبيت الليلة؟!يا وحشة هذا اليوم!مع من أبيت الليلة!
فرد عليه الشاب:أنا هنا معك هذه الليلة*.
النتيجة: وقوع السحر وتحول الشاب إلى صخرة.
يؤكد هذا المقطع الحكائي ما يختلج في نفوس الكثير من الناس وفي لا وعيهم اللاشعوري الخوف من الأشياء الغامضة الغريبة المخالفة للمعهود كأن تتكلم البهائم مثلا أو يتحول الآدمي إلى وحشي أو العكس،كما كذلك يؤكد الإيمان بقوة الكلمة وفعلها السحري وبخاصة إذا ارتبطت بالمخلوقات الغريبة أو الأفراد المعروفين بالقوى الخفية أو بالطلاسم والتعويذات والرقى، وهذا ما نلحظه كثيرا في حياة الناس وخوفهم من دعاء الشر وبالعامية يقولون (دعاوي الشر) وهي الأدعية الحاملة في عباراتها لكل ألفاظ الأذية.
يتكرر المقطع الحكائي السحري في الحكاية مع الفتاة أخت الشاب،حيث تحتال عليها المرأة العجوز(الستوت) وتحرضها على الخروج بحثا عن أخيها المفقود،فتفعل ذلك وهنا نلمس تأثير الكلمة ليس بطابعها السحري ولكن بطابعها البياني حيث عمدت العجوز إلى تذكيرها بأخيها وحبه لها وكيف لا يرفض لها طلبا،فبمثل هذه العبارات المستجلبة للشفقة والرحمة والحنان تحرك فؤاد الفتاة وخرجت لوحدها للغابة بحثا عن أخيها.
كما نجد فعلا سحريا آخر ولكنه هذه المرة ليس للكلمة وإنما للحليب الذي شربته الفتاة من ثدي الغولة،ففي الغابة رأت الفتاة الغولة وثدييها بارزتين وقد جعلتهما على ظهرها فاختبأت الفتاة وعلى حين غرة من الغولة قامت برضعهما،فهذا السلوك وهب لها الحياة والنجاة من أنياب الغولة ( كُون مِشِّي الحليب لْرضَعتِيه أنتِ اغْدَايَا وعَايلْتك اعْشَايَا) بمعنى( لو لا الحليب الذي رضعته لكنت أنت غدائي وعائلتك عشائي)، فمادة الحليب التي رضعتها الفتاة حولتها من عدوة للغولة إلى ابنة لها يحرم عليها أكلها،وهذه التيمة_تيمة الرضاع من الغولة لتجنب شرها_متكررة كثيرا في الحكايات الشعبية الجزائرية مما يجعل عالم الغيلان يظهر في المخيلة الشعبية المفصح عنها حكائيا يتراوح بين الشر والأذى والخير والنفع،وهنا من الناحية الأنثروبولوجية توحي التيمة إلى فكرة كيفية الاستفادة من عناصر الطبيعة المادية والحيوانية،فما الغولة إلا رمزا لتلك العناصر الموجودة في الطبيعة ومستوى الاستفادة منها بالنسبة للإنسان.
كما نجد الفتاة بعد اكتسابها لمودة للغولة تستفيد من تجربتها في البحث عن أخيها واصطياد العصفور المغرد،فتدلها على ذلك بألا ترد على الطير مهما قال وادعى،فسيسقط في حجها فتأخذه وتأخذ آخر غصن وقع عليه وتمسح به كل ما يقع أمامها من حجر وشجر عندها تجد أخاها،وفعلا هذا ما تم ونجحت الفتاة في إنقاذ أخاها ومن وقع تحت سحر الطائر المغرد.
إن هذه الطقوس العبورية السحرية تمت بفعل مساعدات مادية (حليب الغولة،الطائر المغرد،غصن الشجرة) وغير مادية (الكلمات السحرية التي ينطق بها الطائر) الهدف منها جميعا حدوث المرحلة الانتقالية والعبور لمرحلة أخرى،ففي الحكاية المرحلة الانتقالية هي البحث عن الألفة وجمع الشمل بين الأخوين والمرحلة المنتقل إليها هي حدوث الألفة واجتماع الشمل،وهذه الظاهرة في طقوس العبور هي مراحل زمنية وضحها أرنولد فان جنيب في:المرحلة الانفصالية ،والمرحلة الكامنة، والمرحلة الاندماجية.
وبالعودة للحكاية الشعبية ( الطير ليغني وجناحه يرد عليه )التي محل الدراسة نجد المرحلة الانفصالية تتجسد في المقاطع النصية التالية:
المقطع الأول: التفريق بين الأم والأبناء:( إنجاب المرأة الثالثة ابنا وبنتا كما تمنت والتفريق بينها وبين ابنيها بمساعدة العجوز القابلة الستوت ).
المقطع الثاني: التفريق بين الزوجة الثالثة وزوجها: ( وضع الضرتان مكان الابن جروا من الكلاب ومكان البنت قطة،غضب الزوج من زوجته التي في اعتقاده أنجبت حيوانات وطرده إياه من البيت وجعلها تعيش في الزريبة مع حيواناته:الْمْرَا اللِّي تُولد وُحُوشا ما تَسْتَهلِشْ اتْعِيش مع بني آدم).
المقطع الثالث: التفريق بين العائلة الثانية للطفلين_عائلة الصياد_( لما كبر الطفل وأبدى قوة وشجاعة أصبح الأطفال يعيرونه بأنه الغريب ولا أهل له ،يقرر معرفة الحقيقة من عائلته التي ربت ويطلعانه_الصياد وزوجته_على الحقيقة، يرحل الطفل مع أخته بحثا عن عائلته الحقيقية).
المقطع الرابع:التفريق بين الأخ وأخته( معرفة الضرتان بحقيقة الفتى والفتاة والخوف من زوجهما إن عرف ذلك،التواطؤ مع الستوت في أن تطلب الفتاة من أخيها إحضار الطائر المغرد،خروج الفتى لتحقيق رغبة أخته).
المقطع الخامس: التفريق بين الرجل/الوالد/ والفتاة/البنت/: ( رغبة الرجل المضيف للفتى والفتاة في الزواج من الفتاة،معرفة الضرتان بحقيقة الفتاة من أنها ابنته والخوف من افتضاح أمرهما والعمل مع الستوت في التخلص من الفتاة بإرسالها للبحث عن أخيها).
هذه المقاطع الخمسة هي التي أنجزت أنثروبولوجيا المرحلة الانفصالية مرتبطة بالزمن والحدث كما بين ذلك أرنولد فان جنيب، وهي مراحل تشبه من حيث البنية وظيفة الافتقار/الإساءة /كما اقترحها (فلاديمير بروب) في التحليل الوظائفي للحكاية الشعبية ؛إذ بمجرد تعرض العائلة أو أحد أفرادها للافتقار أو الإساءة حتى تبدأ الحكاية في التشكل زمانا وأحداثا، فكل ما يأتي بعد هذه الوظيفة يكون ردة فعل من الأبطال والأشرار، وهذا ما يدفع بنص الحكاية إلى التعقد والتشابك لتعرف بعد ذلك الحل بإصلاح الإساءة.
أما المرحلة الكامنة وهي المرحلة التي تتحرك فيها أحداث الحكاية منتقلة من البساطة إلى التعقد والتداخل فإننا نجدها ماثلة في تلك المقاطع الحكائية المشكلة لقصص ثانوية داخل الحكاية الإطار،ومنها قصة الفتى مع عائلته الثانية /عائلة الصياد/قصة الفتاة مع الغولة…الخ، وهي قصص ثانوية لكن لا يمكن الاستغناء عنها بالقفز عنها أو حذفها من النص الأصلي/النص النواة/، في هذه المرحلة الكامنة وجدنا طقوس العبور قد تمت بواسطة الطقوس السحرية غير المادية ممثلة في الكلمات التي كان يرددها الطائر وكل من يرد عليه يقع في سحره فيتحول إما إلى صخر أو شجر، وأخرى مادية تمثلت في حليب الغولة فمن يشربه لا تأكله، وكذلك في غصن الأخير الذي يقع عليه الطائر فبمسح الصخر والشجر به تعود الأمور لطبيعتها وتدب الحياة في أصحابها فيرجعون بشرا كما كانوا أول مرة /قبل السحر/.
ومن الطقوس المتعلقة بالمرحلة الكامنة في حكاية الطائر المغرد ( الطير ليغني وجناحه يرد عليه ) الرحلة وهي حركة انتقالية إرادية أو غير إرادية يقوم بها شخصيات الحكاية لتحقيق غرض ما، وقد اهتمت الأنثروبولوجيا بدراسة الرحلات باعتبارها مظهرا من مظاهر طقوس العبور؛ على اعتبار«أن طقوس العبور هي الانتقال من حال إلى حال أخرى»[27]، والشخص المرتحل بالتأكيد ينتقل من حال إما الاستقرار إلى الاضطراب أو العكس، أو من حال الفقر إلى الغنى أو العكس، ومن حال الانفرادية إلى الجماعية…الخ وقد أشار إلى أهمية الرحلة في الطقوس بل وعدها واحدة من مكوناتها الباحث(جون ديدياي إيربان Jean-Didier Urbain)، فهي عنده « تندرج ممارسة الرّحلة دائما ضمن مغامرة رمزيّة، ضمن قصّة خياليّة قويّة»[28]، ولتحقق من الأمر قمنا بتقطيع الحكاية التي محل الدراسة إلى مقاطع نصية اشتملت على تيمة الرحلة، فمن المقاطع التي مثلت الرحلة في حكاية (الطير ليغني وجناحه يرد عليه ) وجدنا النماذج التالية:
المقطع الأول: تمثله رحلة الطفل وأخته للبحث عن أهله الحقيقيين، وجاءت هذه الرحلة نتيجة الإساءة التي تعرض لها الطفل من قبل أطفال القرية عندما عيروه وسخروا منه بأنه لا أهل له وأنه غريب، وبعد معرفته الحقيقة من الصياد وزوجته يقرر الرحيل مع أخته للبحث عن أخته وفي الرحلة يلاقيان بعض الصعاب التي تخلصا منها بفضل قوة الطفل وشجاعته، وتنتهي رحلتهما بالوصول إلى أرض الأب وتشييد قصرا منيفا،وتبقي الحكاية فكرة عدم تعرف الأبناء والأب عن بعضهم البعض لخلق حكايات ثانوية أخرى تحقق مسارات سردية متداخلة ومعقدة مع البنية الكلية للحكاية النواة/الحكاية الإطار/.
نعتبر من هذا المنطلق رحلة الطفل وأخته في الحكاية الشعبية أنها ترمز إلى السعي من الأبناء لتحقيق شخصيتهم وذاتهم بعيدا عن أعين الآباء والأمهات،إنها من وجهت التحليل النفسي الفرويدي(نسبة إلى سيغموند فرويد) تمثل غريزة الاستقلال والتحرر من قيود العائلة والمجتمع بتجاوز الممنوع /التابو/ عن طريق المغامرة والتي هي في أصلها تحديا للذات ومعوقات نموها واكتمالها.
إن رحلة الطفل كانت بدافع تعميق الاتصال بأخته لكن نتيجتها كان الانفصال عنها، ونوجز فعل الرحلة في العلاقة السردية التالية:(الذات/الطفل/ منفصلة عن الموضوع/الأخت+الطائر المغرد/، النتيجة: الفشل في تحقيق الاتصال، تبقى الذات منفصلة عن الموضوع.
المقطع الثاني: تمثله رحلة الفتاة/الأخت/للبحث عن أخيها، حيث بعد طول الغياب وبمكيدة من العجوز الستوت التي تقوم بإقناع الفتاة على الخروج للبحث عن أخيها،تقتنع الفتاة بحجج العجوز وتغادر القصر بحثا عن أخيها وفي رحلتها تصادفها الغولة التي تؤدي في الأدب الشعبي وظيفتين متناقضتين؛الوظيفة الأولى طبيعية تتمثل في الشر والفتك بكل من يقع بين يديها، والوظيفة الثانية متحولة /استثنائية/هذه الأخيرة هي التي حدثت في الحكاية، فبعد أن قامت الفتاة برضاعة الغولة انتفت وظيفة الفتك والشر وحلت محلها وظيفة الحماية، فقدمت للفتاة النصائح والحيل التي بها تمسك بالطائر المغرد وتنقذ أخاها.
إن رحلة الفتاة كانت بدافع الاتصال بأخيها وتَمَّ لها ذلك فعلا،ونوجز فعل الرحلة في العلاقة السردية التالية:(الذات/الفتاة/ منفصلة عن الموضوع/الأخ+الطائر المغرد/، النتيجة:النجاح،تحقق الذات الاتصال بالموضوع، وفي المرحلة الاندماجية تعمل طقوس العبور على خلق التوازن المفقود في المرحلة الأولى/الانفصالية/ وهي شبيهة عند بروب بوظيفة إصلاح الافتقار أو الإساءة؛ حيث تتشكل صورة جديدة للأحداث والشخصيات ولكن ليس حتما كما كانت عليه في الوضعية الابتدائية والتي غالبا ما نجدها في الاستهلال ؛حيث التوازن يعم كل مجريات الحكاية، نجد هذا الأمر في الحكاية الشعبية الطائر المغرد متجليا بوضوح في المقطع الحكائي الختامي والذي ملخصه( تنقذ الفتاة الأخ من سحر الطائر، ويعودان للبيت ليتم زواج المضيف/الأب/ بالفتاة غير أن الطائر يمنع وقوع الممنوع، يكشف الأب أن الفتاة ابنته وأن الطفل ابنه، كما يكتشف غدر وخيانة الضرتان فيعاقبهما بربطهما في حصانين وإطلاقهما في البرية، ويقوم الأب بإعادة الزوجة الثالثة التي تعرفت على ابنيها،ليجتمع شمل العائلة من جديد)، هذا المقطع الحكائي يلخص لنا المرحلة الاندماجية في الحكاية الشعبية وهنا نجد أنفسنا أمام نهاية نمطية في الحكايات الشعبية العالمية ومنها الجزائرية والمتمثلة في انتصار قوى الخير على قوى الشر، وأن ما فرقته يد الشر تجمعه يد الله.
2- الطقوس الدورية: ويسميها بعض الدارسين الأنثروبولوجيين بالطقوس الدورية الكبرى وتظهر في طقوس الخصب وطقوس الاحتفال بأعياد السنة والمناسبات الدينية، والهدف من هذه الطقوس هو: « طلب الدخول في الزمن الميثولوجي الأول لجعله حاضرا مرة أخرى، وهو زمن مختلف عن الزمن الدنيوي الذي يكون خطي أفقي بينما الزمن الميثولوجي زمن عكسي»[29]، فالوظيفة المطلوبة من الطقوس الدورية هي الخروج من الزمن الدنيوي القائم على الحاضر الآتي من الماضي والمتطلع للمستقبل والدخول في الزمن الأسطوري/الميثولوجي/ القائم على استدعاء المستقبل وعيشه في الحاضر بتجارب الماضي، وهذا لن يتحقق إلا بممارسة الطقوس الماضوية في الحاضر بوصفه تحقيقا للمستقبل؛أي أن الأمر لم يعد حبيس التقليد والعبادة الدينية التي أدتها الطقوس في زمنها الأول، بل الأمر أضحى متجاوزا للمعتقد والعبادة، إنها محاولة إعادة خلق أو تحسين لماض بعيد المدى،وعليه يصبح الإنسان مهما كان زمانه ومكانه،ومهما كان مستواه العلمي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي …الخ كائنا طقوسيا ورمزيا؛ولئن الأفعال الطقوسية لصيقة بالأفعال الاجتماعية.
والطقوس الدورية الكبرى بخروجها من الزمن الدنيوي والدخول في الزمن الميثولوجي إنما تعمل كما يقول (ميرسيا إلياد) على تحقيق الأصول والعود الأبدي إليها، وهذا بفعل العمل التواصلي الذي من خلاله نحيي تجربة مقدسة ندرك مدلولاتها ونفك رموزها ضمن الجماعة التي ننتمي إليها، ويكون التكرار القائم على القواعد المتفق عليها والمقننة للظاهرة هي سبب الاستدعاء للماضي والتحقق للفعل التواصلي.
في الحكاية الشعبية ( الطير ليغني وجناحه يرد عليه ) تتجسد الطقوس الدورية الكبرى في أقسامها الفرعية التالية:
1- دورة الطقوس الحياتية: وهي المشهورة في الدراسات الأنثروبولوجية والفولكلورية بمصطلح دورة الحياة الكبرى والتي تبدأ بالميلاد وتنتهي بالوفاة، وكل ما يتخلل المرحلتين من طفولة وختان وزواج وإنجاب…الخ[30]، وبالعودة إلى الحكاية الشعبية المعلن عنها أعلاه نجد دورة الطقوس الحياتية تتجلى في المقاطع الحكائية التالية:
أولا: طقس الزواج:
المقطع الأول: الزواج(أ): ( حديث الفتيات الثلاث وتمني الزواج من صاحب القطيع،سمع صاحب القطيعة الحديث الدائر بين الفتيات، تحقيق رغبتهن وتزوجهن لثلاثتهن)، إن الزواج في هذا المقطع الحكائي يمثل طقسا عبوريا من مرحلة العزوبية للجنسين والدخول في مرحلة الأزواج ما تحمله هذه المرحلة من مسؤوليات وتبعات سواء على المستوى الفردي أو الجماعي،كما يمثل هذا الطقس الانتقال من حالة عمرية تتمثل في المراهقة والدخول في مرحلة الرشد والمسؤولية،وهو _الزواج_ بالتالي تحول اجتماعي ونفسي وفسيولوجي للجنسين معا.
إن طقس الزواج بهذا المستوى الأنثروبولوجي هو نوع من الاعتراف والتأسيس والمشروعية والصلاحية في الانتقال لصاحب القطيع والفتيات الثلاث من مرحلة العزوبية واللامسؤولية إلى مرحلة الزوجية والمسؤولية، وفي هذا الصدد يقول مرسيا إلياد: « يمثل الزواج مرحلة انتقال، فهو بذلك طقس من طقوس العبور من جماعة إلى جماعة أخرى، وهو بمثابة الوصول إلى هدف معين عن طريق مراحل مختصرة المسالك»[31].
في المقطع الحكائي الأول نجد أن المسار السردي اكتمل بتحقق العلاقة السردية بين الذات (صاحب القطيع)والموضوع(الزواج)، ويمكننا أن نلخص العلاقة السردية في:
*الحالة الابتدائية: الذات(صاحب القطيع) منفصلا عن الموضوع ( الزواج بالفتيات الثلاث).
*الحالة الختامية: الذات(صاحب القطيع) متصلا بالموضوع( الزواج بالفتيات الثلاث).
في هذا الطقس الدوري الحياتي الزواج مثل حتمية واقعية للفتيات اللواتي بلغن سن الزواج، وهو بالنسبة لصاحب القطيع تقبلا للأمر ودخولا في طور عمري واجتماعي مخالفا لما كان عليه سابقا، وهذا الطقس يمثل أيضا تأسيسا لرمزية الحدود والفواصل والعبور لمرحلة أرقى أو مختلفة عن مرحلة أخرى، وبطقس الزواج اكتسب صاحب القطيع وكذلك الزوجات الثلاث صلاحيات وامتيازات وشرعية دينية واجتماعية لما أقدموا عليه ولما ينتج عن الزواج من شؤون مختلفة.
المقطع الثاني: الزواج(أَ): ( يطلب الرجل المضيف/الأب/ الزواج من الفتاة، يوافق الطفل والفتاة، ليلة الدخلة يقوم الطائر المغرد بالتنبيه إلى خطورة ما هو مقدم عليه الأب، وينبهه إلى أن زوجته هذه ما هي في الحقيقة إلا ابنته المفقودة )، في هذا المقطع الحكائي نقف أمام ظاهرتين دينيتين واجتماعيتين ألا وهما المقدس والمدنس/ المباح والمحظور/حيث أن الزواج من المبدأ العام أمر مباح مقدس وهو ما أراده الرجل المضيف/الأب/ لجهله بطبيعة وحقيقة الفتاة المطلوبة للزواج، والأمر نفسه بالنسبة للفتاة، فسرديا هناك ذاتا راغبة في الموضوع المنفصلة عنه وتريد الاتصال به، غير أن الأمر يتحول من المباح/المقدس/ إلى المحظور/المدنس/ لما يطلع الرجل المضيف/الأب/ على حقيقة الفتاة وذلك بمساعدة الطائر المغرد، فيتحول الأمر في المسار السردي من الرغبة في الاتصال بالموضوع عن طريق الزواج إلى الانفصال عنه ومعاودة الاتصال به عن طريق نظام قرابي رحمي هو الأبوة والبنوة، ولنا أن نلخص المقطع في الحالات السردية التالية:
*الحالة الابتدائية: رغبة الذات(الأب) في الاتصال بالموضوع(الفتاة)عن طريق الزواج.
*الحالة الوسطية:
أ/ الذات تتصل مؤقتا بذات الحال( الفتاة) وبالموضوع(الزواج).
ب/ الذات تنفصل نهائيا عن ذات الحال( الفتاة) وبالموضوع(الزواج).
*الحالة الختامية:
أ/ الذات(الأب) تعيد الاتصال بذات الحال (الفتاة) وتبقى منفصلة عن الموضوع(الزواج)
ب/ الذات(الأب) تعيد الاتصال بذات الحال (الفتاة) عن طريق النظام القرابي الرحمي (الأبوة والبنوة).
ثانيا: طقس الميلاد/ الإنجاب:
الحكاية الشعبية (الطير ليغني وجناحه يرد عليه ) لا نجد احتفاء كبيرا بطقس الميلاد أو الإنجاب فتورده الحكاية كأنه حدثا عابرا فقط، وليس الأمر لجهل أو تجاهل بل لضرورة فنية ورمزية؛ لأن الولادة/الإنجاب/ في الحكاية مثل الإساءة للأم وسبب لها الانفصال عن زوجها أولا وعن الأبناء ثانيا وعن الحياة الآدمية ثالثا.
لهذه الأسباب لم تحتف الحكاية الشعبية بميلاد الأبناء، ومرت مباشرة إلى مرحلة الطفولة والفتوة التي تلقى فيها الطفل كل تقنيات وفنون القتال والشجاعة على يد الأب البديل الصياد.
طقس الميلاد في الحكاية وجدناه في البداية مجرد أمنية وحلم من الفتاة الثالثة قبل زواجها من صاحب القطيع، ثم يصبح حقيقة بالزواج منه، فالأمنية الأولى تمنت أن تلد طفلا جبينه ذهبية وقد تحقق لها الأمر وهنا نرحل عبر الرمز الكامن في هذه الأمنية فالذهب من أنفس وأغلى المعادن، وهو رمز السلطة والقوة ليس فقط في المجتمعات القديمة، بل والحديثة أيضا.
والأمنية الثانية في أن تلد بنتا نصف شعرها ذهبيا ونصفه الآخر فضيا وكذلك تحققت الأمنية،وهنا نرحل رمزيا إلى القيمة الدينية والاجتماعية لخصلة الشعر، وكذلك لقيمتها الجمالية للمرأة، فتاريخيا ودينيا أوردت كتب التفاسير[32] أن نبي الله (أيوب)عليه السلام لما اشتدد عليه المرض والفقر وهجره كل من معه إلا زوجه رحمة لجأت هذه الأخيرة لبيع خصلة من شعرها واشترت بثمنها طحينا،فشك (أيوب)عليه السلام وحلف أن يجلدها إن هو شفي من مرضه،كما يخبرنا التاريخ الإسلامي عن الكثير من النساء المسلمات اللواتي في النوائب أرسلنا ضفائر شعرهن لتحريض وتحميس الرجال على قتال الأعداء.
كما مثل الإنجاب للضرتين تهديدا لبقائهن في البيت الزوجية أو على الأقل تحول الاهتمام من الزوج بالكلية لأم البنين، وهنا يصبح طقس الإنجاب طقسا مؤذيا للضرتين وكذلك للأم، فالضرتان تعمدان في كل ولادة بتبديل المولد بحيوان، فالطفل الأول قمن بتبديله بجرو كلب، والفتاة بدلنها بقطة، وبهذا الفعل تجنبتا مرحليا ومؤقتا الخطر الذي ظناه لاحقا بهما جراء الإنجاب ،وبالنسبة للأم فالأذية الحاصلة نتيجة الإنجاب هي الطرد من البيت الآدمية والعيش مع الحيوانات.
إن طقس الإنجاب بصورته السلبية للضرتين ثم للأم يدخل في مفهوم علماء الأنثروبولوجيا للطقوس بصفة عامة على اعتبار أنها من« الممارسات المعنية أو المحظورة_المحرمة_ والمتعلقة بالمعتقدات السحرية أو الدينية »[33]، فطقوس تغيير الولدين بحيوانين ألفين من ضروب الفداء/البدل/التي تهتم بها طقوس العبور في الأبحاث الأنثروبولوجية، وهي الطقوس التي أعطت المشروعية فيما بعد لتقبل الناس لحكايات تحول الآدمي لحيوان أو العكس؛ فهذا التحول يتأسس ويأخذ المشروعية من هذه الطقوس.
في طقس الإنجاب وتبديل الأبناء بحيوانات نجد تداخل طقس آخر وهو طقس الفداء أو البدل، وإن كان هنا حضر بطريقة عكسية لما هو مقرر في مثل هذه الطقوس، فعوض أن يحتفل بالأبناء قام الضرتان بتبديل الطفل بجرو كلب والفتاة بقطة قصد تجنب الأذى والشر الذي قد يلحق بهما.
طقس الموت:هذا الطقس كذلك لم تحتف به الحكاية الشعبية كثيرا، فقد جاء في صيغ ألفاظ لا أفعال تصاحبها طقوس الموت المعهودة من بكاء ودفن وغيرها، وأول ما يصادفنا لفظ الموت نجده في رغبة الضرتين في موت الطفل والفتاة وقد أوكلا الأمر للعجوز التي قامت بتوليدهما، غير أن هذه الأخيرة لم تنجز الفعل بل ألقت بهما بعد وضعهما في صندوق إلى النهر، وهنا نلمس تناصا مع قصة نبي الله (موسى عليه السلام)، وتصادفنا لفظة الموت مرة ثانية مع الغولة لما قامت الفتاة برضاعتها فلولا الحليب الذي شربته لكانت غذاء الغولة كما جاء في الحكاية الشعبية، والمرة الثالثة والأخيرة التي ذكر فيها لفظ الموت لما طلبت الزوجة الثالثة من زوجها بعد ظهور الحقيقة في أن يقيد الضرتين في رجل حصانين ويرسلهما في البرية.
إن الموت بصفته من طقوس العبور مثل في الحكاية الشعبية الانتقال الفعلي من مرحلة لأخرى، ففي الصورة الأولى للموت/ إبعاد الطفلين عن الأب والأم( الموت المؤقت للطفلين) نقل الضرتين إلى وضع أفضل، فزوج يتقاسمه اثنان خير من ثلاثة، وتركة فيها اثنان خير من ثلاثة، ونقل الأم إلى وضع أسوء فمن الحياة الآدمية إلى الحياة الحيوانية،ومن الاحترام إلى المهانة والإذلال، كما نقل الطفلين من حال الموت المؤكد لو بقيا في البيت إلى الحياة،ونقل الأب من حال الأبوة إلى حال الفقد.
وفي الصورة الثانية للموت نجد انتقال الفتاة من حال الموت المؤكد على يد الغولة إلى الحياة بفضل حليب الغولة، ونجده حقق كذلك الانتقال من الحياة الحرة في الغابة إلى الحياة المقيدة بالقفص بالنسبة للطائر المغرد، كما مثل طقس الموت في هذه الصورة الانتقال من الموت الواقع بسحر الطائر المغرد إلى الحياة بالقبض على الطائر المغرد.
إن طقس الموت في صورته الثالثة مثل كذلك الانتقال من حال الفرقة والهوان بالنسبة للأم والأبناء إلى حال اجتماع الشمل والعزة، ومثل للضرتين الانتقال من حال العز والحياة إلى حال الهوان والطرد من البيت والموت.
إن طقس الموت في الحكاية الشعبية (الطير ليغني وجناحه يرد عليه) بقدر ما حمل دلاليا الحزن والفراق بقدر ما حمل فعليا الحياة والسعادة، فالموت في الحكاية أدى وظيفة ثنائية متناقضة لكنها متكاملة في الآن ذاته.
ثالثا: الخاتمة:
بعد هذه المقاربة الأنثروبولوجية لطقوس العبور في الحكاية الشعبية الجزائرية من وخلال أنموذج حكاية (الطير ليغني وجناحه يرد عليه) خلصنا إلى النتائج التالية:
- 1- تمثل الحكاية الشعبية الجزائرية أداة تعبيرية تواصلية استخدمها الإنسان الجزائري مثله مثل شعوب الأمم الأخرى للتعبير عن آماله وطموحاته وآلامه وخيباته.
- 2- طقوس العبور في الحكاية الشعبية الجزائرية عموما ومنها حكاية الطائر المغرد تنوعت بحسب التحولات الاجتماعية، والدينية، والحضارية التي مر بها المجتمع الجزائري.
- 3- في حكاية الطائر المغرد تمثلت طقوس العبور في طقسين بارزين هما: الطقوس السحرية، وطقوس دورة الحياة الكبرى.
- 4- استخدمت حكاية الطائر المغرد طقوس العبور السحرية والدورية الكبرى لتحقيق أهداف اجتماعية وتواصلية، ودينية، وذلك اتقاء لأخطار محدقة بشخصيات الحكاية وبخاصة الطفل والفتاة وأمهما، وكذلك تقبلا للأمور الحتمية القدرية التي لا مناص منها مثل التسليم من الزوج بأن الإنجاب من عند الله تعالى.
- 5- إن تلك الطقوس الموظفة في الحكاية الشعبية تؤدي وظائف المحافظة على استمرارية المجتمع في بنيته الجماعية وفق قيم الخير والشر والعدل والجور،محققة الانتصار لقيم الخير والعدل على الشر والجور؛ على اعتبار الأولى قيما دينية مقدسة وإنسانية لا يمكن إنكارها،والثانية قيما شيطانية فردية مصدرها الهوى والنفس.
قائمة المصادر والمراجع:
أولا المصادر:
- حكاية الطير اللي يغني وجناحه يرد عليه، رواية( حوة سعيدي )،53سنة، أمية ، منطقة عين الكرمة، ولاية الطارف، تاريخ الجمع شهر أفريل 2005م.
- المراجع العربية
2-1- المعاجم والقواميس:
- أنيس إبراهيم وآخرون:المعجم الوسيط،دار الجيل بيروت، لبنان، ط2، د ت.
- بطرس البستاني:قاموس محيط المحيط،مطبعة تبيويرس ،لبنان،ط2 ،1987.
- أبو الحسن أحمد بن فارس بن زكريا: معجم مقاييس اللغة،تحقيق عبد السلام هارون،باب الحاء،المجلد الثاني، دار الجيل بيروت،لبنان،د ت،د ط.
- الفيروز أبادي(مجد الدين محمد بن يعقوب):القاموس المحيط،الجزء الثالث،مادة طقس،المؤسسة العربية للطباعة والنشر،دار الجليل،لبنان،د ط، د ت.
- ابن منظور(محمد بن مكرم الأنصاري): لسان العرب،مادة طسق، دار صادر لبنان، ط3، 1994م.
2-2- المراجع العامة:
- عبد الحميد بورايو:الأدب الشعبي الجزائري،دار القصبة للنشر والتوزيع،الجزائر، د ت ،د ط.
- الطبري (محمد بن جرير):جامع البيان في تفسير القرآن،دار المعرفة،بيروت، لبنان،1987م.
- عزام أبو الحمام المطور:الفولكلور،التراث الشعبي(الموضوعات،الأساليب،المناهج)،دار أسامة للنشر والتوزيع عمان،الأردن،ط1 ،2007م.
- فراس السواح:الأسطورة والمعنى،دراسات في الميثولوجيا والديانات المشرقية،دار علاء الدين للنشر والتوزيع والترجمة،دمشق،سوريا،ط2 ،2001م.
- فيصل مفلح:القربان في تطور الوعي والجسد، دار الينابيع، دمشق،سوريا،ط1، 2003م.
- ابن كثير(عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر): تفسير القرآن العظيم،دار المعرفة بيروت، لبنان ، د ط ،1986م.
- كرامي حسان:المغني الأكبر، مطبعة لبنان، بيروت، لبنان،ط1،1988م.
- محمد سعيدي: الأدب الشعبي بين النظرية والتطبيق، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، د ت، د ط.
- محمود مفلح البكر:الروح الأخضر/احتفالات الخصب في العادة والمعتقد،دار الحضارة الجديدة،بيروت لبنان،ط1 ،1992م.
- نبيلة إبراهيم:أشكال التعبير في الأدب الشعبي، دار المعارف، القاهرة، مصر، ط3، د ت.
- نور الدين طوالبي:الدين والطقوس والتغيرات،منشورات عويدات، بيروت،لبنان،ط1 ،1988م.
- المراجع المترجمة
- مرسيا إلياد:المقدس والمدنس،ترجمة عبد الهادي عباس،دار دمشق للطباعة والنشر دمشق،سوريا، ط1 ،1988م.
- فريدريش فون ديرلاين:الحكاية الخرافية،ترجمة نبيلة إبراهيم وعز الدين إسماعيل،دار غريب للطباعة والنشر القاهرة،مصر،د ط،د ت.
- فلاديمير بروب: مورفولوجيا الحكاية الخرافية ، ترجمة أبو بكر أحمد باقادر، و أحمد عبد الرحيم ناصر ، النادي الثقافي بجدة ، المملكة العربية السعودية ، ط 01، 1989م.
- المراجع الأجنبية
- jean cazeneuve ,les rites et les conditions humaines ,presses universitaires, paris,1958
- Jean Missonneuve,les rituels, presses universitaires 1ère édition, paris1988
- Van gennep Arnold, le folklore/croyances et coutumes populaires
françaises,librarie stock, paris,1924
- المواقع الالكترونية
- جون كلود مولّنز Jean Claude Mullens: الرّحلات وطقوس العبور، ترجمة المنتصر الحملي المقال بالفرنسيّة منشور على الموقع الإلكتروني ITECO – مركز التّكوين من أجل التّنمية والتّضامن العالميّ http://www.alawan-sa.org بتاريخ 21- جوان 2005م.
[1] . الراوية ( حوة سعيدي)، السن 55سنة،غير متعلمة: حكاية الطير ليغني وجناحه يرد عليه، منطقة عين الكرمة في ولاية الطارف، تاريخ التسجيل أفريل 2005م
[2] . ينظر:الفيروز أبادي(مجد الدين محمد بن يعقوب):القاموس المحيط،الجزء الثالث،مادة طقس،المؤسسة العربية للطباعة والنشر،دار الجليل،لبنان،د ط، د ت ،ص267
[3] . ينظر:ابن منظور(محمد بن مكرم الأنصاري): لسان العرب،مادة طسق، دار صادر لبنان ،ط3 1994، ص225
[4] . ينظر : المعلم بطرس البستاني:قاموس محيط المحيط،مطبعة تبيويرس ،لبنان،ط2 ،1987،ص258
[5] . أنيس إبراهيم وآخرون:المعجم الوسيط،دار الجيل بيروت، لبنان، ط2، د ت، ص587
[6] . المعلم بطرس البستاني:قاموس محيط المحيط،553
[7] . Jean Missonneuve,les rituels, presses universitaires 1ère édition, paris1988,p06
[8] . كرامي حسان:المغني الأكبر، مطبعة لبنان، بيروت، لبنان،ط1،1988،ص435
[9] . فراس السواح:الأسطورة والمعنى،دراسات في الميثولوجيا والديانات المشرقية، دار علاء الدين للنشر والتوزيع والترجمة،دمشق،سوريا،ط2 ،2001،ص129
[10] . المرجع نفسه،ص55
[11] . jean cazeneuve ,les rites et les conditions humaines ,presses universitaires, paris,1958,p148
[12] . Jean Missonneuve,les rituels,op,cit ,p07
[13] . نور الدين طوالبي:الدين والطقوس والتغيرات،منشورات عويدات بيروت، لبنان،ط1 ،1988، ص35
[14] . عزام أبو الحمام المطور:الفولكلور،التراث الشعبي(الموضوعات،الأساليب،المناهج)، دار أسامة للنشر والتوزيع عمان،الأردن،ط1 ،2007، ص70
[15] . مرسيا إلياد:المقدس والمدنس،ترجمة عبد الهادي عباس،دار دمشق للطباعة والنشر دمشق،سوريا، ط1 ،1988، ص 15
[16] . Jean Missonneuve,les rituels,op,cit ,p07
[17] . Van gennep Arnold, le folklore/croyances et coutumes populaires françaises,librarie stock, paris,1924,p30
[18] . فلاديمير بروب ، مورفولوجيا الحكاية الخرافية ، ترجمة أبو بكر أحمد باقادر و أحمد عبد الرحيم ناصر ، النادي الثقافي بجدة ، المملكة العربية السعودية ، ط 01 ، 1989 م، ص51
[19] . ابن منظور: لسان العرب، مرجع سابق، باب الحاء، ص 273
[20] . أبو الحسن أحمد بن فارس بن زكريا: معجم مقاييس اللغة،تحقيق عبد السلام هارون،باب الحاء،المجلد الثاني، دار الجيل بيروت،لبنان،د ت،د ط، ص 92
[21] . نبيلة إبراهيم:أشكال التعبير في الأدب الشعبي، دار المعارف، القاهرة، مصر، ط3، د ت ، ص119
[22] . المرجع نفسه،الصفحة نفسها
[23] . عبد الحميد بورايو:الأدب الشعبي الجزائري،دار القصبة للنشر والتوزيع،الجزائر، د ت ،د ط، ص185
[24] . محمد سعيدي: الأدب الشعبي بين النظرية والتطبيق، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، د ت، د ط، ص58
[25] . فريدريش فون ديرلاين:الحكاية الخرافية،ترجمة نبيلة إبراهيم وعز الدين إسماعيل،دار غريب للطباعة والنشر القاهرة،مصر،د ط،د ت،ص23
[26] . فراس السواح:الأسطورة والمعنى مرجع سابق،ص130
[27] . مرسيا إلياد:المقدس والمدنس،ترجمة عبد الهادي عباس، ص 14
[28] . جون كلود مولّنز Jean Claude Mullens: الرّحلات وطقوس العبور، ترجمة المنتصر الحملي المقال بالفرنسيّة منشور على الموقع الإلكتروني ITECO – مركز التّكوين من أجل التّنمية والتّضامن العالميّ
. http://www.alawan-sa.org بتاريخ 21- جوان 2005
[29] . فيصل مفلح: القربان في تطور الوعي والجسد، دار الينابيع، دمشق، سوريا، ط1، 2003، ص20
[30] . محمود مفلح البكر:الروح الأخضر/احتفالات الخصب في العادة والمعتقد، دار الحضارة الجديدة،بيروت لبنان،ط1 ،1992،ص119
[31] . مرسيا إلياد:المقدس والمدنس،ترجمة عبد الهادي عباس، ص 133
[32] . ينظر تفسير سورة الأنبياء عند كل من: ابن كثير(عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر): تفسير القرآن العظيم،دار المعرفة بيروت،لبنان،1986، وينظر كذلك تفسير الطبري (محمد بن جرير):جامع البيان في تفسير القرآن،دار المعرفة،بيروت، لبنان،1987م
[33] . jean missonneuve. Op.cit.p 07