تجربة العمل الجمعوي بإملشيل: بين سؤال الهامش والتقليد ومسارات التحديث والتنمية
The experience of associative work in Imilchil; between the question of margin, tradition, and paths of modernization and development
عبد السلام اكساسن/جامعة عبد المالك السعدي، تطوان، المغرب
Abdeslam IKSASSEN/ University Abdelmalek Essaadi/Tetouan/Morocco
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 84 الصفحة 65.
ملخص:
يحاول هذا المقال إماطة اللثام عن واقع العمل الجمعوي بإملشيل، ولا سيما الدور الذي يلعبه البعد الثقافي والاقتصادي والمجالي في إنتاج ورسم خريطة هذا الفعل الجمعوي بين تحديات الهامش والتقليد ومسارات التحديث والتنمية، ويهدف كذلك إلى كشف تجارب الفاعل الجمعوي بإملشيل من جهة، وواقع التنظيم الجمعوي من جهة أخرى.
الكلمات المفتاحية: التنظيم الجمعوي، العمل الجمعوي، الفاعل الجمعوي، رهانات التحديث، سؤال الهامش، ثقافة التقليد، إملشيل.
Abstract:
This article attempts to unveil the reality of associative work in Imilchil, especially the role that the cultural, economic and field dimension plays in producing and mapping this associative action between the challenges of marginalization, tradition, and the paths of modernization and development. It also aims to reveal the experiences of the associative actor in Imilchilon the one hand, and the reality of the associative organization on the other.
Keywords: associative organization, associative action, associative actor, challenges of modernization, margin question, culture of tradition, Imilchil.
تقديم:
إن ظهور تنظيمات المجتمع المدني، باعتبارها تنظيمات لا تستهدف الربح، كان سابقا بكثير على ظهور القطاع الاقتصادي الربحي، الذي لم يظهر إلا في القرن الخامس عشر[1]. والمجتمع المغربي، في هذا الصدد، عرف تنظيمات اجتماعية واقتصادية كثيرة، كانت تحافظ على حركية واستمرار نسق المجتمع، كالتويزة و أجماعة JEMAA وآكادير، والعكوك،… ومجتمعات الأطلس الكبير الشرقي (قبيلة أيت حديدو نموذجا) عرفت العديد من أشكال هذه التنظيمات الجماعية التقليدية مثل (أجماعة JEMAA، والوزيعة)، والتي تدخل طبعا ضمن بوادر “الاقتصاد الاجتماعي” و”التضامني”.
وبفعل الظاهرة الكولونيالية، تم تفكيك هذه البنيات التقليدية للمجتمع المغربي، وحدث تحول كبير على مستوى البنيات الاجتماعية القبلية، بالرغم من استمرار بعض هذه التنظيمات التقليدية في بعض المناطق القروية التي لم تستطع تجاوزها، ويتجسد هذا في بعض بوادر التنظيمات الحديثة للاقتصاد الاجتماعي والتضامني (الجمعيات).
وفي هذا السياق، كيف أثرت ثقافة منطقة إملشيل على العمل الجمعوي؟ وما مدى تأثير خصوصيتها الاقتصادية والمجالية في طبيعة العمل الجمعوي بإملشيل؟ وكيف ساهم الفاعل الجمعوي من خلال المشاركة الاجتماعية في استمرار العمل الجمعوي بإملشيل؟
الإطار التحليلي:
تسعى هذه المساهمة المتواضعة إلى معرفة تجربة التنظيمات الجمعوية بمنطقة إملشيل، من خلال طرق اشتغالها وأهدافها ومشاكلها، … والمرافعة عنها علميا بالبحث السوسيو-انثروبولوجي. وفي هذا السياق،تتعدد الزوايا التي يمكن أن نقارب منها موضوعنا، أو التخصصات التي يمكن أن ندرج فيه هذا العمل، لأنه يقع في منطقة تقاطع بين حقول معرفية في علم الاجتماع، ومنها السوسيولوجيا القروية،وأيضا سوسيولوجيا التغير الاجتماعي، وسوسيولوجيا التنظيمات، وهذه التراكب التعدد العلمي يشير الى أهمية المجال من جهة وإلى صعوبة اقتحامه نظريا من جهة أخرى. دون أن ننسى أن مجال الدراسة هو مجال لا يمنح الحقائق بسهولة ولا يفصح للباحث عما يبحث عنه إلا بعد مشقة ومعاناة، فقد يعتقد الباحث تحت تأثير وهم المعرفة أو التسرع على أنه فهم ديناميات اشتغال التنظيمات الجمعوية، إلا أنه فقط يمر في فترة فراغ معرفي لأنه عندما يعيد النظر في المعطيات التي حصل عليها سوف يستنتج بأنه لم يفهم شيئا، فالاشتغال على هذه التنظيمات هو اشتغال ملغوم. لذلك حاولنا أن نقوم بهذه الدراسة بكثير من الحذر المنهجي، وكما حاولنا أيضا رسم صورة تحليلية حول التنظيمات الجمعوية.
وفي هذا السياق، تعد الجمعيات كفضاء للفعل الجماعي المنظم موضوعا للبحث السوسيولوجي، وقد أولت الأبحاث السوسيولوجية الأولى أهمية كبيرة للتنظيمات، حيث كانت في بدايتها اهتمت بدراسة المقاولات ثم بعد ذلك بالتنظيمات الإدارية، لتهتم بعد ذلك بشكل رئيسي بالتنظيمات الجمعوية التطوعية عندما صارت الجمعيات شبيهة بالتنظيمات المقاولاتية، بعدما بدأت تعترضها نفس المشاكل التي توجه المقاولة[2]، بل وصارت تهتم إلى حد الاهتمام بدراسة كل أشكال التنظيمات التطوعية في المجتمع، وبذلك فإن مجال تدخل سوسيولوجيا التنظيمات لم يعد ينحصر على المقاولة، بل اتسع ليشمل كل التنظيمات الأخرى المرتبطة بتنظيمات المجتمع، بما في ذلك الجمعيات التي نهتم بدراستها في هذا البحث، وبهذا التوجه السوسيولوجي الجديد نحو التنظيمات الجمعوية، الذي لم يبدأ إلا خلال عقد التسعينيات أيبعد حوالي عشرين سنة من ظهور سوسولوجيا التنظيمات[3].
فبالرغم من السجال القائم حول الغاية التي كانت تواجه هذه الدراسات إلا أنها كانت تأسيسية وتنظير سوسيولوجي كبير، وبعد هذه الدراسات الأولى لم تستطع أغلب الدراسات الحالية القطع مع هذه النماذج وبناء نماذج نظرية أخرى بل تأسس لدارساتها انطلاقا من الإرث الدراسات الأولى ذات الطابع التقني والرسمي والمقاولاتي وتطويره. ونظرا لأن السياق العلمي الحالي قد يتجه نحو إغفال الميكانيزمات الدقيقة التي من شأنها أن تساعدنا على مزيد من الفهم، والأمر هنا يستهدف الجمعيات بالخصوص، فهي لم تحظى بعد بالاهتمام والالتفات الذي تستحقه، لهذا فهي بحاجة إلى البحث والتحليل والتفسير السوسيولوجي الجذري. هذا الاهتمام يجب أن يستهدف إضفاء الفهم العلمي للجمعيات ونزع الغطاء العامي الذي يعتري المواضيع المرتبطة بها. مع استحضار الفرادة الثقافية والاجتماعية والإثنية أيضا لمجال تواجد هذه التنظيمات، والتي بالرغم من أنكل المؤشرات الإمبريقية تدل عوارض التحديث والتغيير إلا أن الجمعيات ظلت مرتبطة بخصائص معينة تميزها عن الجمعيات الموجودة في المناطق الأخرى، ما يستدعي المزيد من التدقيق في إشكالية منطق اشتغال هذه التنظيمات.
وانطلاقا من هذه الأهمية العلمية تتجه الأبحاث المحلية في الآونة الأخيرة الى الاهتمام بالسوسيولوجيا التنظيمات عامة وتجاوزها عبر محاولات حثيثة لوضع الطريق النظري لسوسيولوجيا الجمعيات، كما أن الإنتاج السوسيولوجي العريق من شأنه أن يفسر العديد من الموضوعات داخل عالم الجمعيات، وهذا لا يعني ان الجمعيات تنظيم اجتماعي تطوعي بعيد عن ما يحدث في باقي مناطق العالم، إنما يعني أن أي دراسة يجب أن تتطرق إلى المركب والبسيط والفردي والجماعي، المحلي والكوني، الرسمي وغير الرسمي، الأصيل والمحدث وغيرها من الثنائيات والتقابلات التي تفرض نفسها في خضم التحليل العلمي للموضوع. ومن جهة أخرى فالخصوصية الجمعيات من شأنها أن تساعد في فهم عالم اليوم المليء بالتضاربات بالفردانية بالحداثة وبالاستهلاك. ما يجعل العودة إلى هذا البعد المجالي والاجتماعي أمرا راهنيا، كما عبر عنه فوزي بوخريص بـأن ما يميز العمل الجمعوي هو إحالته في الغالب على ما هو محلي[4].
وفي إطار خصوصية الجمعيات كتنظيمات تطوعية بالمغرب، فالجمعيات في الجنوب الشرقي وخاصة بإملشيل -(الأطلس الكبير الشرقي) -متفردة عن نظيراتها عن باقي الجمعيات المغربية والدولية، فنجد تمايزا متفاوتا كلما اتجهنا نحو المجال الحضري مرورا بالمدن الصناعية مثل (الدار البيضاء). بعبارة أخرى، أن الجمعيات كميا وكيفيا تحدد عبر مجموعة من المحددات كالمجال والنسيج الاقتصادي والإرادة السياسية للدولة، … بالموازاة مع هذا المنطق يجب استحضار الجوانب الظاهرة والخفية الذي يميز هذه التنظيمات عن غيرها ومن منطقة إلى أخرى، والديناميات السوسيولوجية التي صاحبت هذه المحددات فلا يمكن تصور أي تنظيم بدون ديناميات والتي من خلالها تقوم التنظيمات بإعادة إنتاج نفسها والحفاظ على استمراريتها ومواجهة الأخطار التي تهدد وجودها. ليصبح اليوم مسائلة التنظيمات الجمعوية أمرا مشروعا، فالجمعيات الأمس ليست هي الجمعيات اليوم، وكذا ليست هي في المجال الحضري هي في المجال القروي والجبلي. وبالتالي إن مسار التنظيمات الجمعوية منذ تسعينيات القرن الماضي إلى اليوم، يطرح أسئلة سوسيولوجية متعددة حول بنياتها وخصوصياتها ووظائفها ضمن خارطة ديناميات المجتمعات…كما أن هذا المسار لا شك أنه يطرح سؤالا مركزيا وهو تطور سؤال منطق اشتغال الجمعيات.
منهجية البحث:
اعتمادنا فيهذه المساهمة على مقاربة كمية وكيفية، وهي دراسة وصفية تحليلية لواقع التنظيمات الجمعوية بإملشيل، وتوخينا في ذلك تحقيق أهداف مختلفة، فقد حتم علينا ذلك اعتماد نموذج عينة لكل مقاربة. وبالتالي فقد اعتمدنا المقابلات (نصف موجهة)، استهدفت العينة القصدية العمدية والتي همت بالأساس أفراد المنخرطين وأعضاء الجمعيات، حيث شملت المقابلات حوالي 18 فرد.
بالإضافة إلى العينة القصدية (تقنية كرة ثلج) وهي عينة يختار فيها الباحث كل من مبحوث له علاقة بالموضوع البحث، ثم طلب منه توجهه إلى مبحوث أخر في نفس السياق، وتنطبق عليه شروط العينة التي حددها وهي العينات التمثيلية للواقع، واعتمدنا هذه العينة بالنسبة للمنخرطين والأعضاء لملء الاستمارات، حيث شملت 134 فرد. وكما أن لأمر بالنسبة للدوافع السابقة، فإن قراءتنا للمجال ومراعاة للوقت المتاح في انجاز البحث ارتأينا كون هذا النموذج من العينة هو المناسب لاستكمال انجاز هذا العمل.
بالنسبة لمجال الزماني للبحث امتد من شهر يوليوز 2020 إلى غاية شهر شتنبر 2021، أما بالنسبة لمجال المكاني ركزت هذه المساهمة على الجمعيات التي توجد في الحدود الإدارية لدائرة إملشيل، وتوضح الصورتين البعد المكاني للبحث:
مصدر الصورة: صورة مأخوذة من تطبيق (Google Maps)
مناقشة نتائج البحث:
تعيش منطقة إملشيل حياة اقتصادية هاشة بفعل خصوصياتها الجغرافية والمجالية والثقافية، وأثر هذا على الحياة الاجتماعية لسكانها سواء الحياة اليومية أو الحياة الجمعوية أو الإدارية، الشيء الذي جعل إلى توجيه سلوكاتهم نحو بناء ثقافة تكيف العمل الجمعوي وفق حاجيات المنطقة أو عزوفهم وصناعة خيبة الأمل على مستوى هذا النمط من المشاركة الاجتماعية، ويوضح كل هذا أهداف الجمعيات بالمنطقة التي تصب أغلبيتها في الجانب التنموي، وبعبارة أخرى يعكس هذا هشاشة المنطقة وحاجاتها للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وربما لتلبية حاجيات المنطقة، توجه استراتيجيات الفاعل الجمعوي نحو تأسيس الجمعيات كبديل اقتصادي تنموي، وليس الفهم العام للعمل الجمعوي الذي يكمن في العمل التطوعي والوقت الحر، بل ينخرط أغلب الفاعلين الجمعوين في العالم الجمعوي بفعل الضغط والإكراه، ويتضح هذا من خلال عدد الجمعيات التي شملت عينة البحث، وبلغت أكثر من 30 جمعية بحدود الإدارية لدائرة إملشيل، ويبين هذا الشكل توزيع عينة البحث حسب سنوات تأسيس الجمعيات.
مصدر الشكل: معطيات ميدانية جمعت عبر تقنية الاستمارة.
وعلاوة على هذه الطفرة العددية في تأسيس الجمعيات بمنطقة إملشيل، لا يمكن الجزم بالمعنى المطلق، واعتبار أن المنخرط في الجمعيات يعبر عن الوعي بأهمية التطوع، وإنما يظهر لنا أنه يتأسس أولا قبل كل شيء، عن تحسين وضعية المنخرط، ثم الانخراط في جمعية ما لمحاربة الفقر وتحسين من وضع الجماعات البشرية، وهذا ما يقصدوه بكلمة (التنمية) المتكررة بكثرة في أسماء الجمعيات. إذ يمكن للشخص أن تحفزه مصالحه الشخصية المالية والسياسية، والتي يمكن تبريرها باللجوء إلى هذه القيمة (التطوع). ومعنى ذلك أن المنظمات غير الحكومية ليس عالما للمثل أو عالما فاضلا فخلف عالم المنظمات غير الحكومية الفاضل قد تختفي رهانات ومصالح خاصة، فالعديد من هذه المنظمات هي في الواقع منظمات جد حكومية[5]، كما يمكن لهذه التنظيمات أن تتحول إلى وسيلة للتهريب الضرائب ولاختلاس الموال، وتعبر عن هذا جملة التي كررت بشكل كثير في عدة مقابلات ميدانية: (الجمعيات هي إحدى أنجع الطرق لممارسة فعل السرقة). بالإضافة إلى هذا، تبين لنا من خلال الملاحظات والمقابلات الميدانية، أن ممارسة العمل الجمعوي بمنطقة إملشيل، أحيانا ينافي القانون المغربي المنظم للعمل الجمعوي، ويتضح هذا من خلال نماذج بنية الموارد البشرية لمكاتب الجمعيات، ففي نفس الوقت الذي يكون أحد أعضاء الجمعيات رئيسا له، يكون رئيس الجماعات المحلية، وهذا ما أكده أحد المبحوثين ذو تعليم عالي في مجال القانون.
أولا: العمل الجمعوي بإملشيل؛ كاستمرار لممارسات التنظيمات التقليدية.
إجابة على الفرضية طرحت مفادها: أن العمل الجمعوي بالعالم القروي وخاصة منطقة إملشيل ما هو إلا عالم اجتماعي ينتج ويعيد انتاج حصيلة التنظيمات التقليدية مثل (اجماعةJEMAA )، وكانت نتائج الميدانية تؤكد إلى حد ما مضمون هذه الفرضية.
تشتغل الجمعيات بإملشيل في عدة مجالات، ولكن يعد المجال الاجتماعي المجال المهيمن حسب المعطيات الميدانية التي سجلت عبر تقنية الاستمارة، حيث تكرر البعد الاجتماعي الذي تشتغل عليه الجمعيات بإملشيل، بنسبة %66,7 من عينة الاستمارة، بينما يمثل المجال الاقتصادي نسبة 16,7%.
مصدر الشكل: معطيات ميدانية جمعت عبر تقنية الاستمارة.
ما الذي يفسر هذه الأرقام الإحصائية وتباينها؟ وفي هذا الصدد تحمل مجموعة من الجمعيات أسماء تدل على مشروعه، بالإضافة إلى أسماء أمازيغية سواء كان اسم منطقة أو اسم من أسماء العلاقات الاجتماعية بين أفراد المنطقة مثل (جمعية تايمتTAIMATE(الأخوة) … أو جمعية تامونت TAMONTE(الوحدة) للتنمية الاجتماعية والاقتصادية،) كلها أسماء تدل على العلاقات الاجتماعية تحمل معنى الأخوة والوحدة، وجمعيات أخرى تحمل أسماء المنطقة مثل (جمعية أخيام AKHIAM للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، جمعية أسفالو ASFALOUللتنمية الاجتماعية والاقتصادية، جمعية أسيف ملولASSIF MELOUL،…)، هي أسماء المنطقة المتواجدة داخل المنطقة، والملاحظ أن أغلبية الجمعيات تحمل أسماء ثم بالإضافة إلى كلمة التنمية الاجتماعية ثم الاقتصادية، وهذه مسألة ليست اعتباطية وإنما تحمل معنى أولا التعريف بالجمعية وهويتها ثم مجال اشتغالها، والملاحظ هنا أيضا، أن العديد من الجمعيات تشتغل بالمنطقة لا تقتصر بمجال معين وإنما بعدة مجالات، وهي نوع من التشتت في طريقة اشتغالها، وهي ملاحظة لاحظها فوزي بوخريص في إقليم الراشيدية[6]. والشيء الذي يفسر هذا، هو خصوصيات المنطقة، يظهر من خلال مضمون المقابلات الميدانية:
“المنطقة لها خصوصياتها، لذا بصفتي بعضو في جمعية أخيام، نشتغل وفق خصوصيات المنطقة، ولذا نشتغل بتنمية شاملة وليس مجزأة أي المجال الاجتماعي والاقتصادي والثقافي بما فيها الجانب التربوي عبر مشاريع واستراتيجيات، لكي نحقق نتائج متواضعة، وهذا راجع خصوصيات المنطقة وحاجياتها، …“،
(41، ذكر، تعليم عالي)
إذن يتضح أن الفاعل الجمعوي بالمنطقة يمتلك معرفة بالمنطقة وكذا وعي حول حاجيات المنطقة ورهاناتها الاقتصادية والاجتماعية. والملاحظة التي سجلنا أيضا أثناء طرحنا للسؤال، هي أن أغلبية الجمعيات تشتغل في المجالين (الاجتماعي والاجتماعي)، وبينما يسجل المجالين (الثقافي والسياسي) حضورا ضئيلا جدا في العمل الجمعوي بمنطقة إملشيل، ويرجع هذا إلى واقع الاقتصادي للمنطقة، والهشاشة الذي يعيشه، لذا ركزت الكثير من الجمعيات على تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة، قبل أن تهتم بالجوانب الأخرى مثل ما هو الثقافي، ونحن هنا نستحضر هرم حاجات الإنسان لدى العالم ابراهم ماسلو، وكأن الجمعيات تشتغل وفق هذا الهرم بمنطقة إملشيل؛ أي تحقيق الحاجات الأولية للمنطقة ثم الحاجات الأخرى مثل الانتماء والتعبير عن الهويات والذات خاصة الذات الثقافية بإملشيل.
إن طرق اشتغال الجمعيات في منطقة إملشيل تتميز بنوع من الخصوصية في طريقة اشتغال وتنفيذ عملها، وأغلبيتها لازالت تشتغل بطرق تقليدية، والبعض الآخر يحاول المزج بين التقليدي والحديث، والأخر يحاول أن ينفر من التقاليد والتراث الهاش وتحاول الإبداع في استراتيجيات عملها. وبالتالي، إن الفكرة لفوزي بوخريص[7] التي تعتبر الاختلاف بين التنظيمات والعمل الجمعوي ظاهرة حديثة، يقوم على الالتزام الشخصي والإرادة الحرة، وبين التنظيمات الجماعية التقليدية بوصفها نسقا يقوم على الدم والانتماء إلى المجال وغياب الذات الفردية في مقابل حضور الذات الجماعية والالتزام التعاوني. تغيب في مجال دراستنا، فتارة ترى العمل الجمعوي يظهر كفعل اجتماعي حديث، وتارة أخرى يظهر كفعل جماعي تقليدي تؤطره المعايير وتقاليد المجتمع القاطن بإملشيل، وتارة أخرى يظهر كفعل اجتماعي يمزج بين النمط التقليدي والنمط الحديث، فبعض الجمعيات بإملشيل ذات العمل الجمعوي التي تظهر حديثة وذو ممارسة حديثة، فإنهم في الواقع ينهجوا طرق أخرى، مثل إغلاق إمكانية العضوية بشكل نهائي، حفاظا على هوية الجمعية وورثها، مع إمكانية فتح الانخراط، ولكن بشروط محددة، مثل الالتزام الحقيقي والفعلي والمساهمة بشكل فعل في الجمعية. فالبعد المجالي للجمعيات بإملشيل يمتلك مكانة مهمة في تحديد طرق اشتغالها، وخاصة ما يمتلك من رأسمال ثقافي واجتماعي، لذا لازالت بعض الجمعيات، وإن لم نقل الكل تمتلك ثقافة قبلية ومجالية في تصور والممارسة الميدانية للفاعل الجمعوي. وبعبارة أخرى، تسربت ثقافة المنطقة إلى داخل التنظيمات الجمعوية، وهنا نسجل ملاحظة مهمة تتمثل في بروز بعض الجمعيات ذات أعضاء من نفس العائلة تحمل هما وهدافا ربحيا محض، والتي يمكن لنا تسميتها بـ (الجمعيات العائلية).
تؤثر التقاليد الثقافية للمنطقة -باعتبارها خاصية مجالية تخص المنطقة-على اشتغال الجمعيات وبشدة، حيث أجابت نسبة 92,53% من عينة البحث بجواب تأكيد التأثير، وكانت بمعدل تكرار 124، بينما كانت نسبة 7,47% أجابت بجواب النفي وكانت بمعدل تكرار 10 من مجموع عينة البحث، وهي نسبة قليلة جدا مقارنة مع النسبة التي أكادت أن هناك التأثير.
تؤكد الأنثروبولوجيا المعرفية أن الثقافة توجد حيث يوجد الأفراد وأن مجالها هو عقول الناس وقلوبهم، وبالتالي هي التي تحدد سلوكات الأفراد وتدفعهم إلى الفعل. وفي علاقة تأثير ثقافة قبيلة أيت حديدو[8]بالعمل الجمعوي، وبما أن الثقافة هو النمط والخزان الذي يحرك الأفراد ويؤطر تمثلاتهم وأفكارهم، فإن هذه الثقافة تمارس تأثيرا قويا على التنظيمات الجمعوية وعملهم، وبالتالي نجازف بالقول، أن أغلب الجمعيات بإملشيل هي تنظيمات جمعوية حديثة من حيث المعنى القانوني والنظري، وبينما هي تنظيمات جماعية تقليدية من حيث سلوكات الفاعل الجمعوي في الميدان. وبعبارة أخرى، تستورد الجمعيات بإملشيل -في أفعالهم وسلوكاتهم-الثقافة السائدة بالمنطقة، التي تتمثل في التنظيمات التقليدية والتضامنية المشابهة للتنظيم الجمعوي، مثل تويزا TOUIZA، تويلي TIOUILI، الوزيعةAL-OUZIAA ، …
مصدر الشكل: المعطيات ميدانية جمعت عبر تقنية الاستمارة.
ثانيا: العمل الجمعوي بإملشيل؛ كمقاومة استراتيجية لتحديات مقولة الهامش.
يطرح مفهوم المجالأو الفضاء (Espace) سؤالا سوسيولوجيا من حيث التعريف وتحديد خصائصها الاجتماعية والثقافية والطبيعية، فتارة نميز بالمجال بين العالم المدينة والعالم القروي، وتارة أخرى نميز به خصوصيات العلاقات الاجتماعية كما تمارس في الفضاء العام والخاص، وتارة أخرى الحدود والتركيبة الاجتماعية والديمغرافيا لمجال جغرافي ما، ولكن ما نقصده هنا هو التقليد المعرفي الذي يميز بين العالم الحضري والقروي، وبما أن مجال البحث يتميز بالعالم القروي يطرح إشكالا أخر حول خصوصياته، هل كل مجال قروي نفسه يتكرر في مناطق أخرى:
“خصوصيات المنطقة هي ليست بمنطقة قروية قرب المدن أو شبه حضري كما يصطلح، بل المنطقة هي منطقة جبلية وليست قروية، لذا خصوصية المنطقة تفرض استراتيجيات ومشاريع مكيفة مع المنطقة…”
(ذكر، 41 سنة، تعليم عالي)
إذن من خلال هذا التصريح، يتوجب الانتباه إلى مفهوم الجبل وما يحمله من معاني وخصوصيات، أو كما يسمى نموذج نظري الجبل يمتلك إجابة على العديد من الأسئلة المطروحة حول المجال.إن الحياة الجمعوية تتخذ مجموعة من المحددات من أجل فرض وجودها الواقعي والفعلي، ويظهر للملاحظ أن البعد المجالي للجمعيات يؤثر بشكل كبير في ديمغرافيتها واستمراريتها، وبالتالي قد نعتبره كنموذج يحمل مجموعة من الدلالات والرموز يفسر العديد من الظواهر والسلوكات الاجتماعية، فالمجال الحضري والمجال الشبه حضري والمجال القروي، يتميز كل واحد عن الأخر، وهذا طبعا استنادا لتحليلات الأنثروبولوجيا القروية والحضرية والمدينة، التي تعطي خصائص مهمة تحدد لماذا قد تتطور ديمغرافيا الجمعيات في المجال الحضري أكثر من الشبه الحضري ثم القروي، تفسيرا بأن العمل المدني يلازم المجتمعات الحديثة والديمقراطية، وهذا ما يفسر لماذا تطور في الولايات المتحدة أكثر مكان آخر حسب أليكيس دي طوكفيل، حينما اعتبر أن أمريكا هي البلد الوحيد في العالم الذي تمت الاستفادة فيه بقدر كبير من التنظيم الجمعوي، وبالتالي يمكن القول، أن العمل الجمعوي يلازم المجتمع الديمقراطي والحديث وفي نفس الوقت لا المجتمع الحداثي والديمقراطي بدون العمل الجمعوي.
فالمجال القروي يطبعه مجموعة من الخصائص المجالية و الثقافية، التي قد تشكل عوائق ثقافية أمام العمل الجمعوي، قبل أن يكون سياسي او اقتصادي، وبالتالي قد يجعل أمام ولادة وإنشاء الجمعيات تعيش العقم، أو تشوهات ولا أقول الانحرافات، وإنما يطبعه التقليدي والطابع الثقافي الخاص بالمنطقة يتجاوز بعض الأحيان تلك القوانين التي تنظم هذا الفعل الجمعوي، فالعمل الجمعوي في الأطلس ليس كالعمل الجمعوي في شمال المغرب. كل هذا يتحكم في تطورها وتزايد عددها، وهي نفس الملاحظة تأكدها إديثار شمبو في تمركز العمل التطوعي بالمدن أكثر من المناطق الريفية[9].
فالعمل الجمعوي في المدن والقرى يتميز كل واحد منهم بخصوصيات ورهانات سياسية، حيث يتمتع نوعا ما المجال الحضري بالإرادة السياسية على المستوى الفعل الجمعوي مقارنة بالمجال القروي والجبلي، بفعل الحركية المستمرة وضغوط الفاعل المدني على المؤسسات الرسمية، وكذا يعرف المجال الحضري مستقطب للشركاء للعمل الجمعوي نظرا لما يتمتع المجال الحضري من حياة اقتصادية نشيطة، بينما مجالي القروي والجبلي يعيش الهشاشة والتهميش من حيث الفعل والتصور في جميع المجالات الحيوية:
“حتى قبول إنشاء الجمعيات بإملشيل، يواجه إكراهات إدارية، تتماطل السلطات المحلية في قبول إنشاء الجمعيات، وتفرض شروط ومراقبة مبالغ فيها، فما بالك باهتمامها وتشجيعها للعمل الجمعوي ودعمه، …“
(ذكر، 45 سنة، تعليم عالي)
فالعمل الجمعوي يعيش تضيق سياسي بالمغرب عامة وفي منطقة إملشيل، ولا يتمتع بالإرادة السياسية الكاملة، بل يعيش إكراهات سياسية ناتجة عن الفعل الإداري المغربي والمنطق الذي يشتغل به، وبالتالي، العمل الجمعوي بإملشيل غير مفصول عن المركزية الأمنية للسلطة السياسية والاجتماعية، خوفا من الضغط الذي قد تمارسه التنظيمات المدنية الجمعوية، ولذا قد تتحول بعض الجمعيات في إملشيل آلية من آليات الضبط السياسي، من خلال “مخزنة” العمل الجمعوي، وتحويل هذه التنظيمات إلى تنظيمات سياسية وأمنية تمارس العمل الذي تمارسه المؤسسات الأمنية الرسمية.
ثالثا: الفاعل الجمعوي بإملشيل وبناء استراتيجيات استمرار المشاركة الاجتماعية.
يعيش العمل الجمعوي استمرارا نشيطا وفعليا بمنطقة إملشيل من خلال الانخراط الفعلي للفاعل الجمعوي، حيث يتجسد ذلك في بناء الوعي الجمعوي وثقافة جمعوية بين الفاعلين، أدى هذا إلى الاستمرار الجمعوي، وبالتالي يعرف إقبالا كثيرا من خلال تزايد عدد الجمعيات والمنخرطين بإملشيل. وفي هذا السياق، لابد الإشارة إلى أن استمرار الفعل الجمعوي بإملشيل كمنطقة ذات الثقافة التقليدية إلى حد ما، لا يحق لنا الجزم بأنه فعل جمعوي حديث، بالمعنى المنصوص عليه في القوانين ولا المعايير المتفقة عليها من طرف المنظمات الدولية التي تهتم بالحقل الجمعوي، بل إنه استمرارا وبديلا لبعض التنظيمات الجماعية التقليدية –التي تأسس على التضامن والتعاون الجماعي-التي لازالت متواجدة ومستمرة بالمنطقة التي تشابه التنظيمات الجمعوية اليوم، وتتأخذ الطابع الرسمي فقط، وهوية قانونية ولشرعنة نفسها، وفي نفس الوقت يتخذ الفاعل الجمعوي بإملشيل وسيطا بين الحديث والتقليد، لينتج قيم جمعوية تضامنية تؤطره القيم الإنسانية والدينية أحيانا والثقافية، بالإضافة إلى انتاج المشروعية القانونية لهذه القيم، بعبارة أخرى؛ في العالم الجمعوي بإملشيل يحاول الفاعل الجمعوي المزج بين النص القانوني والمعطى الثقافي للمنطقة.
الشيء الذي يؤكد أن الفاعل الجمعوي بإملشيل يعيش نوع من المفارقة في ممارسته للعمل الجمعوي، تتجلى في استلهم معارفه العلمية والعملية وثقافته في ممارسة هذا الفعل في ظل إكراهات بنيوية وثقافية ومعرفية، وبفعل هذه المفارقة بين الفكر والممارسة، وبين المعرفة والثقافة. يعتبر هنا دور أعضاء الجمعيات بمثابة الرأسمال البشري والعمود الفقري الذي يحرك الجمعيات ويمثلها من الناحية القانونية والتنظيمية والأدائية، بالإضافة إلى أن المنخرطين الآخرين الذين يمثلون أنشطة وعمل الجمعيات، فبعض الجمعيات الفاعلة على المستوى الإقليمي والجهوي والوطني والدولي، تلتجأ بقوة إلى تكوينات في مجال التسيير والتنظيم والتدبير لمواردها البشرية، بغية الرفع من أداء ونجاعة أدوار الفاعلين الجمعوين سواء الأعضاء أو المنخرطين الآخرين.
والحديث عن الموارد البشرية الخاصة بالتنظيمات الجمعوية، هو من بين الموضوعات التي اهتم به السوسيولوجين في دراسة الفعل الجمعوي، وبالتالي فالأعضاء والمنخرطين يعكس حيثيات مشروع الجمعية، ويساهم في تحقيق وتزايد فعالية الجمعيات، باعتبار العضوية والانخراط القاعدة الأساسية لكل تنظيم جمعوي. ويرتبط عدد وتأهيل الأعضاء والمنخرطين في الجمعيات بطبيعة المشروع التي تحمل كل جمعية.
وفي هذا السياق، لا شك أن مستوى التعليم لمنخرطي وأعضاء الجمعيات والفاعل الجمعوي بصفة عامة، يشكل محددا مهما في عمل الجمعيات. وبعبارة أخرى، يعتبر المستوى التعليمي لأي فرد مهما كان، وفي أي مجال مهم، لأنه ينتج فاعلين يمتلكون ويتصرفون أكثر بعقلانية حسابية وتدبيرية وتخطيطية وذات مشاريع مستقبلية تحمل أهداف مفكر لها مسبقا. ولمقارنة هذا المؤشر بتكوين ومستوى تعليمي للمبحوثين، فإننا نلاحظ أن نسبة لا بأس به من المبحوثين هم ذوي مستوى تعليمي، وتحتل هذه الفئة 37,31%من عينة الاستمارة.
” اليوم في منطقة أيت حديدو، زد عدد الشباب الذي اكتملوا دراستهم حتى في الجامعات المغربية، وهذا معطى مهم، الذي يدل على زيادة الوعي الشبابي بالمنطقة، وقد يؤدي هذا إلى اهتمامهم بهموم المنطقة، ومنها الانخراط في الجمعيات والمساهمة منها، وكذا الوعي بدور هذه الجمعيات، لذا كثرت الجمعيات بالمنطقة واستمرت بفعل تطور هذا الوعي وحتى حضور هذه الجمعيات في الميدان بسب هذه وعي الشباب“
(أنثى، 36 سنة، تعليم عالي)
من خلال هذا التصريح، يتضح أن المستوى التعليمي للمنخرط والعضو في الجمعية يساهم وبشكل قوي في استمرار عملها:
“هو الحاسم والضروري، لأن الجمعيات ليست بـ أجماعة التقليدية التي مرت ولازالت المنطقة يعيش هذه التقاليد، لأن الجمعية مؤطرة ومنظمة قانونيا وبالإضافة إلى طبيعتها تفرض مستوى تعليمي ما، أو على الأقل أن يعرف المنخرط والعضو أن يقرأ ويكتب ويفهم ما يقال بالعربية“
(ذكر، 50 سنة، تعليم عالي)
بالرغم من هذه الأرقام حول نسبة المستوى التعليمي للمنخرط والعضو بإملشيل، يظل المجال الجمعوي بالمغرب، من بين المجالات الجمعوية الأقل مهنية على المستوى الدولي[10]، ولعل هذا ما يفسر اهتمام الجامعات المغربية، في السنوات الأخيرة، بهذا المجال، من خلال خلق التكوينات ذات العلاقة بمجال تدخل الجمعيات. وبالتالي، يعتبر التعليم والتكوين بالنسبة للفاعل الجمعوي من بين الاستراتيجيات التي تدفع (المتطوع Le bénévole) إلى انخراطه بشكل قوي في العمل الجمعوي، وتساهم في تزايد المشاركة الاجتماعية وزيادة الوعي لأهمية التدبير المحلي للمنطقة، تجسيدا لمفهوم الحكامة.
خلاصة:
حاولت هذه المساهمة توضيحأن العمل الجمعوي بإملشيل، باعتباره تعبيرا عن المشاركة الاجتماعية في تدبير الشأن المحلي، وبحكم الشروط الموضوعية التي تحكم خصوصيات منطقة إملشيل، يراهن العمل الجمعوي في هاته المنطقة، بتوجيه اشتغاله وفق حاجيات منطقة إملشيل. وبما أن هذا النمط شكل من أشكال الاقتصاد الاجتماعي والتضامني؛ فيتجسد في منطقة إملشيل باعتباره اقتصاد ربحي- تصور للعمل الجمعوي لدى الفاعل الجمعوي تصور مقاولاتي ذو أهداف ربحية-، وتارة أخرى اقتصاد لا ربحي، مغطاة باسم الاقتصاد التضامني لا ربحي، وذلك وفق الخصوصية الاقتصادية والثقافية لمنطقة إملشيل التي تمارس نوع من السلطة الثقافية (التقاليد والعادات) على طريقة ممارسات العمل الجمعوي، ويتجلى ذلك في ممارسات ثقافية تتسرب على داخل التنظيمات الجمعوية، مثل إنشاء الجمعيات العائلية، الجمعيات القبلية (جمعية شباب أيت حديدو).
بالإضافة على هذا، تمارس الخصوصية المجالية لمنطقة إملشيل قوة تحدد إلى حد ما منطق اشتغال الجمعيات، وفق حاجيات المنطقة، ولهذا كيفت بعض الجمعيات الفاعلة بالمنطقة مشاريعها واستراتيجيات عملها، من خلال بناء تصور لدى الفاعل الجمعوي، يكمن في اعتبار العمل الجمعوي هو إحدى أنجع الطروق لمواجهة تحديات هشاشة المنطقة بشتى المجالات الحيوية، وفي هذا السياق، ابتكرت بعض الجمعيات طرق حديثة في تنفيذ مشاريعها التنموية، ويمكن تسمية طريقة التي تشتغل بها بعض الجمعيات بالتصور الشمولي في تحقيق التنمية.
وفي الأخير، يتخذ الفاعل الجمعوي بإملشيل وسيطا بين الحديثي والتقليدي، لينتج قيم جمعوية تضامنية تؤطره القيم الدينية أحيانا والثقافية، بالإضافة إلى إنتاج المشروعية القانونية لهذه القيم، بعبارة أخرى؛ في العالم الجمعوي بإملشيل يحاول الفاعل الجمعوي وهو يمارس العمل الجمعوي المزج بين النص القانوني والمعطى الثقافي للمنطقة.
قائمة المراجع:
- الشرايمي محمد، سوسيولوجيا المنظمات غير الحكومية، حالتا تنظيمين جمعويين، طوب بريس، الطبعة الأولى، 2007.
- شرّاك أحمد، سوسيولوجيا الجمعيات الثقافية؛ أي براديغم للعمل الثقافي؟ مطبعة سيبما-فاس، الطبعة الأولى، 2015.
- بوخريص فوزي، مدخل إلى سوسيولوجيا الجمعيات، أفريقيا الشرق. المغرب، 2013.
- بوخريص فوزي، في سوسيولوجيا العمل الجمعوي بالمغرب؛ من التطوع إلى العمل المأجور، مطبعة كوثر برانت الرباط، 2015.
- Caillé Alain et Jean Louis Laville, Association, démocratie et société civile, éditions la Découverte et Syros, paris,2001 .
- Edith Archambault, La place du secteur sans but lucratif dans la société et l’économie en France, in Gazier et autres, l’économie sociale; formes d’organisation et institutions, éd L’Harmattan, 1999.
- Edith Archambault, Le travail bénévole, 1 Juin 2012.
- Florencer Péeier, Etude sur le volontariat et le bénévolat au Maroc. Publication du PNUD Maroc décembre. 2005.
- Philippe Scieur, Sociologie des Organisations, introduction à l’analyse de l’action collective organisée, Armand colin. Paris, 2005.
- https://halshs.archivesouvertes.fr/halshs00703352
[1]-Edith Archambault, La place du secteur sans but lucratif dans la société et l’économie en France, in Gazier et autres, l’économie sociale; formes d’organisation etinstitutions, éd L’Harmattan, 1999, pp 3-17. (بتصرف)
[2]– Philippe Scieur, Sociologie des Organisations, introduction à l’analyse de l’action collective organisée, Armand colin. Paris, 2005, p 121.(بتصرف)
[3]-فوزي بوخريص، مدخل إلى سوسيولوجيا الجمعيات، إفريقيا الشرق. المغرب، 2013، ص 80.
[4]– فوزي بوخريص، في سوسيولوجيا العمل الجمعوي بالمغرب؛ من التطوع إلى العمل المأجور، مطبعة كوثر برانت الرباط، 2015، ص 10.
[5] – Caillé Alain et Jean Louis Laville, Association, démocratie et société civile, éditions la Découverte et Syros, paris,2001 , p7.
[6]– فوزي بوخريص، المرجع السابق (في سوسيولوجيا … العمل المأجور)، ص 100.
[7]– فوزي بوخريص، المرجع السابق، ص 32.
[8]– قبائل أمازيغية استوطنت جبال الأطلس الكبير الشرقي منذ القرن 17 في عهد السلطان مولاي سماعيل حسب الروايات التاريخية. وتحدها في الشرق قبائل أيت ازدك، وفي الغرب قبائل أيت عبدي، وأيت سخمان، وشمالا قبائل أيت عياش وأيت يحيى، ثم قبائل أيت مرغاد جنوبا،ولتبسيط أكثر تنقسم قبائل أيت حديد وفي حد ذاتها إلى قبيلتي “أیت براھیم” و”أیت إعزا”، موزعة بشكل وظيفي على رافدين (أسيف ملول) و(أقىنتلمي).
[9]-Edith Archambault, Le travail bénévole, https://halshs.archivesouvertes.fr/halshs00703352, 1 Juin 2012.
[10]-Florencer Péeier, Etude sur le volontariat et le bénévolat au Maroc. Publication du PNUD Maroc décembre. 2005, P 28.