أثر استخدام اللّغات الأجنبيّة في التّعليم العالي على الهويّة: التّدريس باللغة الفرنسيّة في الجامعة الجزائريّة أنموذجاً
The impact of the use of foreign languages in higher education on identity
Teaching in French at the Algerian University as a model
د. ريضا بن مقلة/جامعة لونيسي علي، البليدة 2، الجزائر
BENMOKLA REDHA /University Lounisi Ali (Blida 2), Algeria
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 83 الصفحة 69.
ملخص:تكمن أهمية التعليم العالي بمخرجاته، ليس فقط من حيث الكم (عدد الشهادات والأبحاث كل سنة) بل بنوعية هذه المخرجات (رأسمال بشري مؤهل، وأبحاث تخدم المجتمع)، ولتحقيق هذه الأهداف يجب توفير عوامل خاصة: مالية ومادية وبشرية، في الجزائر هناك عامل آخر له أهمية كبيرة وهو لغة التدريس.
بعد استقلال الجزائر، عملت القيادات على محاولة إرجاع البلد إلى موقعها التاريخي الطبيعي (العربي الإسلامي)، لكن هذه الإرادة تم عرقلتها بسبب سيطرة النخب الفرنكوفيلية، هذا ما خلق حالة من الصراع تجلى في العديد من القرارات التي تمس العملية التعليمية الجامعية وما قبل الجامعية، فكان التعليم ما قبل الجامعي معربا، بينما التعليم العالي ممثلا في الشعب التقنية والطبية والفيزيائية بالفرنسية، وهذا ما خلق حالة عدم توازن لدى عديد الطلبة النجباء الذين لا يتقنون اللغة الفرنسية، وأثر في قرار توجههم في التعليم العالي.
الكلمات المفتاحيّة: الازدواجية اللغوية، صراع الإيديولجيات، الصراع الثقافي، إعادة إنتاج الطبقة، نظرية المركز والأطراف.
Abstract:
the importance of higher education with its outputs, not only in terms of quantity (the number of certificates and researches each year), but the quality of these outputs is qualified human capital, and research that serves society), and to achieve these goals, special factors must be provided: financial, material and human. In Algeria, there is another factor of great importance, which is the language of instruction
After algeria’s independence, the leaders worked to try to return the country to its natural (Arab Islamic) historical position, But this will was obstructed by the control of the Francophile elites, This is what created the conflict manifested in many decisions affecting the university and pre-university educational process, so pre-university education was expressed, while higher education is represented in the technical people And medical and physical in French, and this created a situation of imbalance among many successful students who are not fluent in the French language, and the effect of their decision in higher education.
Key words: Linguistic Duality, Struggle of Ideologies, Cultural Struggle, Class Reproduction, Center and Party Theory.
مقدمة:الهدف الذي تسعى إليه جميع المجتمعات هو تحقيق التنمية المستدامة بمختلف أشكالها الاجتماعية والاقتصادية، والجامعة تعتبر مكانا للفكر الحر وموطنا لنمو المعرفة والخبرة والإبداع مع الحفاظ على القيم والأخلاق، ومؤسسة اجتماعية تقوم بتكوين إطارات قادرة على مواجهة صعاب الحياة، ومن ثمّ تزويد سوق العمل بما تتوقعه المؤسسات المختلفة من معارف ومهارات تتناسب والمتغيرات البيئية والتكنولوجية والاقتصادية والثقافية، ومن ثم خدمة الاقتصاد الوطني.
وفي ظل المناخ الاقتصادي والثقافي العالمي، وفي ضوء التطورات العلمية والتكنولوجية المهنية، وما تحققه الدول من توسعات دولية في إطار استراتيجيات اجتماعية مختلفة، خاصة ما تتيحه المؤسسات التعليمية من برامج ثقافية وتعليمية وتربوية تتماشى مع متطلبات سوق العمل والتخصصات المهنية المختلفة، زاد الاهتمام الفعال بدور المؤسسات التعليمية، من خلال دورها في غرس العديد من القيم العلمية والتنظيمية المختلفة التي تعمل على إنتاج أجيال متميزة، لديهم من الدوافع والمواهب العلمية ما يجعلهم قادرين على المشاركة في تنمية البيئة الاجتماعية المحيطة بهم[1]، ومن هذا المنطلق فإن الجامعة تؤثر وتتأثر بالجو الاجتماعي المحيط بها، فهي من ناحية صنيعة المجتمع، ومن ناحية أخرى هي أداته في صنع قياداته الفنية والمهنية والسياسية والفكرية، فنوعية وجودة التكوين يعتبر آلية فعالة للجامعة ووسيلة لإعداد كفاءاتها وإطاراتها عن طريق تنمية معارفهم وقدراتهم، وإكسابهم مهارات تتماشى إلى حد كبير مع متطلبات الواقع المهني، وبالتالي فإن حاجة سوق العمل إلى مجموع الخريجين أو الإطارات تبقى ملحة يزيد من ضرورتها عنصر الكفاءة التي تجمع بين القدرة والمهارة والمعرفة في ميدان العمل.
لكن الواقع الملاحظ في الجامعة الجزائرية أنها صارت فضاء للصراع والمنافسة والهيمنة، ليس على صعيد الطبقات فقط بل حتى في المجال العلمي نفسه، فالنظام التعليمي والجامعي على الخصوص من بين أهم الوسائل والآليات التي تستخدمها الطبقة المهيمنة لخدمة مصالحها وتعزيز التفاوت الاجتماعي بدل من تحقيق المساواة في المجتمع، ويظهر هذا بوضوح بعد حصول الطلاب على شهادة البكالوريا، وتوجههم نحو اختيار التخصصات الجامعية التي يرغبون فيها، فأبرز محدد يعتمدون عليه في اختيار التخصص هو اللغة التي يدرس بها، فإذا علمنا أن التدريس في الجامعة الجزائرية يعتمد في 80 بالمائة منه على اللغة الفرنسية، فهذا الأمر يشغل بال الكثيرين، حتى ذوي المعدلات الكبيرة في شهادة البكالوريا، وهو ما يؤثر على اختيار التخصصات التي يريدون بها ولوج سوق العمل الذي يريدونه.
- إشكالية البحث:
تسعى الدول إلى تحقيق التقدم والرفاهية لأبنائها من خلال تقديم تعليم وصحة أفضل، وهي معايير أساسية يقاس عليها مستوى التقدم، ويزود التعليم الإنسان القدرة على التواصل والانتماء الفعال في المجتمع، فهو يتوجه لبناء الإنسان، وهو قلب عملية العمران والتنمية تغذيه ويتغذى منها، والعبرة في جميع حالات التقدم والازدهار لا تكمن في مجرد توافر مصادر الثروة الطبيعية أو المادية بل قدرة البشر على توليد الثروة وخلق مصادرها وأسباب نموها، فالمتعلمون هم المصدر الأول والممول للكفاءات بكافة مستوياتها، فبنجاح العملية التعليمية تنجح العملية التنموية بكافة جوانبها[2].
وتأتي الجامعة على رأس المؤسسات التي يناط بها مهمة تفعيل آليات التنمية وإعدادها بطريقة علمية، وهذا بواسطة دورها العلمي وإعادة إنتاج المعرفة من جهة، وتخريجها للكفاءات والإطارات المطلوبة اقتصاديا واجتماعيا من جهة أخرى، يمكنهم من اقتحام سوق العمل وأداء مهامهم ووظائفهم مختلف قطاعات العمل.
وقد قطعت الدول المتقدمة أشواطا في تحقيق التكامل بين مخرجات التعليم العالي واحتياجات سوق العمل، سواء في إعداد الخريجين أو التخصصات المطلوبة، والدول العربية من محيطها إلى خليجها تواجه في الوقت الراهن تحديات جمة ولا يمكن إنكارها ليس فقط في التطور العلمي والتكنولوجي، ولكن في كل ما يمكن أن يثبت وجود هذه الأمة أخلاقيا واقتصاديا وثقافيا وحضاريا. ولعل اللغة تمثل أقوى رافد من روافد الهوية بها تستمد قوتها وعظمتها، إلا أنها تكاد تكون في الهامش في دول وهي على الهامش في دول عربية أخرى، خاصة في الجانب العلمي، فالتخصصات العلمية والتكنولوجية تدرس بغير العربية بحجة مسايرة الدول المتقدمة، رغم أنه لم يثبت تاريخيا الحديث عن نجاح أو تطوير تنمية اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية بلغة أجنبية[3].
في الجزائر يعاني الكثير من طلاب التخصصات العلمية بسبب اعتماد اللغة الفرنسية كلغة أساسية في التدريس في التخصصات العلمية نتيجة لذلك، يرسب الكثير من طلاب الكليات العلمية أو يتركون الدراسة.
وهذه المشكلة موروثة من آثار الاستعمار الفرنسي وهي جلية وبكل وضوح باسطة نفوذها في شتى المجالات الحيوية للبلاد من الإدارة إلى الصناعة إلى الإعلام وحتى المراسلات بين الوزارات أو بين الوزارات والجامعة، والغريب أنها توسعت أكثر مما كانت عليه أثناء فترة وجود الاستعمار وأصبح الجزائري مهما كان مستواه الثقافي أو العلمي لا ينطق في حديثه أو خطابه إلا وأدخل كلمات فرنسية[4]. ولا زالت اللغة العربية توصف بكل الأوصاف وكل المصطلحات الدنيئة والبعيدة عنها، فهي الناقصة والقاصرة والرجعية والمتخلفة والجامدة وهي ليست لغة علم أو لغة تكنولوجيا.
إن التعليم في الجزائر بأطواره الأربعة الابتدائي، المتوسط، الثانوي وأخيرا العالي يشكل امتدادا متكاملا، وكل مرحلة مرتبطة بالمرحلة التالية، وإذ كان التدريس في المستويات الثلاثة إلى غاية شهادة البكالوريا يتم باللغة العربية، فالتدريس في الجامعة (المواد العلمية والتكنولوجيا) على نقيض ذلك يتم باللغة الفرنسية.
إلى هنا يمكن أن نطرح الأسئلة الآتية:
- هل صحيح أن اللغة العربية قاصرة عن التداول في مختلف العلوم الطبيعة والتكنولوجية؟
- هل يؤثر اخذ العلوم باللغة الأجنبية (الفرنسية) على مخرجات الجامعة (طلاب ذوي كفاءة)؟
- ما هي الأسباب الحقيقية لبقاء التعليم العالي رهين اللغة الفرنسية في الجزائر؟
- الفرضيات:
- اللغة العربية بما تملكه من مخزون ثري يمكنها أن تقود قاطرة العلم كما حدث لعدة قرون مضت، وأما القصور الذي تنعت به فهو قصور أصحابها لا هي.
- الكثير من المتفوقين لا يختارون التخصصات العلمية والتقنية بسبب ضعفهم في اللغة الفرنسية، لذلك يصير هذا الأمر هدرا لطاقات وكفاءات كان يمكن أن يعتمد عليها المجتمع.
- صراع الهيمنة والبقاء الممارس من طرف أذناب المستعمر القديم، وتحكّمهم في مفاصل الدولة الأساسية، وميلهم لخدمة فرنسا، وحقدهم على كل ما يرمز للعرب والعربية والإسلام، هو السبب في بقاء الفرنسية.
- أهداف البحث:
يهدف هذا البحث عن مدى موائمة التكوين في الجامعة الجزائرية، والذي يعتمد على اللغة الفرنسية في أغلب تخصصاته خاصة منها العلمية والتقنية، مدى موائمته في إنتاج وتنمية رأس مال بشري مكونا تكوينا جيدا ومؤهلا لاقتحام سوق العمل.
ويهدف إلى معرفة مدى ارتباط لغة المستعمر وتأثيرها على مناحي الحياة في الجزائر، وعن تأثيرها على الاقتصاد، وهل يمكن أن يكون للغة تأثير كهذا أم أن المشكل في منظومة كاملة.
- الاقتراب النظري للبحث: المقاربة النقدية (الراديكالية والصراعية):
أولا: نظرية الصراع عند كارل ماركس:
فكرة الصراع عنده تتجسد في منظور مادي أكثر منه فكري، حيث تعتبر الملكية مصدر الصراع بين طبقتي:طبقة تملك وسائل الإنتاج: وهي الطبقة الحاكمة ذات النفوذ الاجتماعي، وطبقة لا تملك وسائل الإنتاج: وهي مهمشة لا تملك نفوذ اجتماعي ولا سياسي.فكرة الصراع تبرز من خلال الوعي الطبقي عند الفئة المحكومة والذي يولد الوحدة (التماسك) ثم التنظيم الثوري ضد الطبقة الحاكمة.[5]
ولعلنا نستطيع إسقاط هذا التوجه النظري على حالة الجزائر في نهاية ثمانينات القرن العشرين، وما حدث من انتفاضة شعبية عارمة، كان من أهم مظاهرها الهجوم على كل ما يرمز للدولة، في محاولة لقلب النظام عن بكرة أبيه، والتخلص من السياسات التي كانت تتبع منذ استقلال الجزائر عن فرنسا.
ويرى الكثيرون أن من أكثر الأسباب التي أدت إلى تلك الأحداث هي اقتصادية، فقد برزت طبقات مهيمنة على السلطة وأخرى برجوازية، تسيطر على مفاصل المال والأعمال نتيجة للتطور الذي عرفته الأسواق في الثمانينات، وانتعاش ظاهرة الأسواق الموازية[6]، الذي ساهم بشكل كبير في انتشار ظاهرة الرشوة والتهرب الضريبي[7]، وسار معه انهيار القطاع العام الذي كان يحتكر المؤسسات الاقتصادية، فجاء قانون إعادة هيكلة المؤسسات الذي زاد الطين بلة، فمنحت الاستقلالية للمؤسسات مما ساعد الوضع تفاقما بفعل عدم التكفل بالوظائف غير المنتجة وهذا ما انعكس على مستوى التشغيل[8]، وبسبب المخططات الاستراتيجية التي شكلت عبئا على الاقتصاد وفشل الحكم والجهاز الإداري والتشغيلي في تسيير أدوات الإنتاج[9]، ولعدم الخبرة تم إخضاع الصناعة لرأسمالية عالمية تتحكم فيها الامبريالية[10]، فلم تنجح التنمية المنشودة، وزادت البطالة، وأزمات السكن، والتموين بالمواد الأساسية، فكان شهر أكتوبر من سنة 1988 بداية لانتفاضة شعبية عارمة غيرت المشهد السياسي كلية، إلا أنها لم تكتمل نتيجة تضافر عدة أمور، ولعل أبرزها بسط “حزب فرنسا” نفوذه بحجة محاربة التيار الديني الذي اجتاح الساحة.
ثانيا: نظرية الصراع عند مانهاتن:
من أجل فهم التغير الاجتماعي يجب فهم الصراعات الفكرية التي تحدث بين فئات المجتمع، حيث كل فئة تحاول أن تملي على الفئة الأخرى وتسيرها وفق مصالحها، هذا التصادم سوف يغير الأفراد في أفكارهم ومواقفهم وقيمهم، وقد قسّم مانهاتن طرفي الصراع من حيث الأفكار إلى: الطوبائية: هي مجموعة الأفكار والمعتقدات والمبادئ والقيم التي تتمسك بها الطبقة المحكومة محاولة الدفاع عن حقوقها. الإيديولوجية: هي مجموعة الأفكار ومبادئ وقيم تتمسك بها الطبقة الحاكمة، فالصراع الذي ينتج بين الطبقتين هو صراع فكري وقيمي يؤدي إلى حدوث ثورة اجتماعية تقوم بها الطبقة المحكومة، فيتغير المجتمع من شكل إلى آخر[11].
لقد عرفت الجزائر صراعا ثقافيا بين أنصار التعريب (ونستطيع أن نطلق عليهم مصطلح الطوبائيين) ودعاة الفرنسة (الأيديولوجية الفرنكفونية) والمحافظين عليها[12]، فكانت الكفة منذ الاستقلال تميل للمتفرنسين بحكم أن القطاعات كانت متفرنسة تماما أحدث نوعا من التمايز الاجتماعي والوظيفي بينهما، وهذا الصراع اللغوي قد أصبح قضية أيديولوجية في الجزائر[13]، فتهميش فئة المعربين من قبل السلطة التي يسيطر على مؤسساتها المتفرنسون، وعلى مراكزها القيادية وإظهارها -فئة المعربين- غير قادرة على مسايرة التطور التقني والعلمي، خلق منها قوة اجتماعية معارضة، فكان ذلك الصراع الهوياتي بين كتلتين الأولى من “المحافظين” (الدين، العروبة)، والثانية دعاة التفتح أو “التحديث” وتغذيه النزعة “الفرنكفونية”، ولا ننسى التيار الذي أنتجه المستعمر القديم ألا وهو التيار البربري “الأمازيغي”، وهذا ما تحول إلى جهوية حادة تضرب المجتمع[14].
وأهمّ مكان كان يظهر فيه هذا الصراع أو المؤسسة التعليمية بكل أطوارها خاصة الجامعة، ومثالا على ذلك الإضرابات الطلابية الداعية إلى تعريب التعليم[15]، فالمدرسة لا تنتقي من هو أكثر قدرة وإنتاجية وذكاء، وإنما من هو أكثر مطابقة ومسايرة لتمثلات وتوقعات الفئة التي تمتلك سلطة وضبط النظام التعليمي، للمحافظة أو الزيادة في امتيازاتها وسلطتها داخل المجتمع، وعليه فإن المدرسة تستعمل كأداة للصراع الطبقي والسياسي والاجتماعي[16].
ثالثا: بيار بورديو وباسيرون: مفهوم رأس المال الثقافي:
لقد بين بورديو وباسيرون العمليات التي يمارس بها النظام المدرسي وظيفة الانتقاء الاجتماعي الذي يكون على حساب الطبقات الشعبية، فالمتعلمون الذين ينحدرون من طبقات اجتماعية ميسورة ويتمتعون بامتيازات اجتماعية من شأنها أن تزيد حظوظهم في النجاح المدرسي، وتعتبر العوامل الثقافية الحاصلة من هذا الإرث أبرز العوامل الحاسمة في نجاحهم.
واللغة نسق من العلامات ذات قيمة ثقافية لأن المتحدثين يعبرون عن هويتهم وهوية الآخرين من خلال استخدامها، فهي رمز لهويتهم الاجتماعية كما أن عدم استخدامها رفض لهويتهم الاجتماعية وثقافتهم[17]، وما نراه في الجزائر أن الإرث الثقافي الذي يتميز به المتعلّمون المنحدرون من طبقات مسيطرة يتكون من معارف وطرائق سلوك، ومهارات وأذواق وعلاقات، ينتمي إلى ثقافة غربية تغريبية (فرنكفونية على وجه الخصوص)، وحتى أبنائهم من المتعلمين قد حصلوا في بيئاتهم العائلية تطبعا جعلهم متعودين على تلك الثقافة التغريبية بمعناها العام، سواء منها ما يندرج في منظومة المدرسة، أو حتى ما هو خارج عنها، فيمكن أن يكون رأس المال الثقافي في شكل مؤسساتي متمثل في شهادات تسندها المدرسة اعترافا بجدارة المتحصل عليها، وعلى هذا النحو، يصير رأس المال الثقافي رأس مال اقتصادي عن طريق سوق الشغل التي تفتح أبواب الوظائف الراقية لذوي الشهادات الراقية، فالمدرسة هي أداة لإعادة الإنتاج في خدمة الطبقات المسيطرة.
والابيتوس HABITUS: مجموع النزعات والميول والاستعدادات والطباع والأمزجة والطموحات والاتجاهات المكتسبة أثناء التنشئة الاجتماعية، وهي منظم ومحدد لممارسات وحدود هذه الفئة، وتوحد استجاباتهم العامة المتماثلة، والطبقة تشمل هؤلاء الذين يملكون نفس الموجهات الشخصية[18].
التعليم وإعادة الإنتاج الثقافي:
المقولة الرئيسية “لبورديو وباسيرون” تزعم أن المؤسسات التربوية في كافة المجتمعات تسهم في توليد علاقات القوة الراهنة، وتعتبر عملية إعادة الإنتاج هذه ــ ومن وجهة نظريتهما ــ وظيفة لعمليتين:
أولا: فرض معاني ثقافية بعينها والأدوات المستخدمة لفرض هذه المعاني: فالنظم التعليمية في واقع الأمر تضطلع بمهمة انتقاء اجتماعي مؤسس على معايير ثقافية للطبقة المسيطرة، فوظيفة نقل المعرفة التي تقوم بها المدرسة كنشاط فني له قواعده تستخدم في حقيقة الأمر لمساندة الصفوة الاجتماعية ومؤازرتها للحصول على القوة بواسطة المدرسة[19].
ثانيا: تحديد محتوى المعاني الثقافية والتوزيع المتبادل لها على الأفراد المختلفين[20]: والنظام التعليمي يمارس قهرا ثقافيا –رمزيا- على اعتبار أنه ينتج ثقافة عامة يشترك فيها كل شرائح وطبقات المجتمع في حين أنه يعبر ضمنيا عن ثقافة طبقة مسيطرة دون أخرى، ولا يقتصر الحال على المحتوى المعرفي للمناهج الدراسية، وإنما يتعداه إلى نمط التدريس وعلاقات الاتصال المدرسية، بهدف الفصل بين أطفال الطبقات المسيطرة والدفع بهم إلى درجات تعليمية أرفع، وأطفال الطبقات المحرومة التي تحدد مواقعهم في مؤخرة النظام، وهذا كله يتم عن طريق التقويم الدراسي.
وكما أن اللغة هي مفتاح التعليم، فإن سيطرة الاتجاه الفرنكفوني على التعليم أدى إلى مشكلات لدى التلاميذ والطلبة في التحصيل، ذلك أن ممارستنا اللغوية في المجتمع والبيت والشارع والمدرسة بشكل خاص تعكس تدني المستويين: التعليمي واللغوي، كما تعكس أيضا المشكلات التي يعاني منها مجال تعليم اللغات بشكل عام ومجال تعليم اللغة الفصحى بشكل خاص، فأساليب التعليم وطرقه تغفل استعمال الفصحى بحيث تنقل العلوم والفنون باللهجات المحلية أو باللغة الفرنسية بالنسبة إلى علوم الطب والصيدلة والعلوم التكنولوجية في جامعاتنا[21]، مع الإشارة أن المتعلمين يتلقون تعليمهم في المراحل السابقة للجامعة بالعربية وهو ما يؤدي إلى تشتت ذهن المتعلمين بين لغتين دون سابق تحضير، بحيث ينتقلون من المرحلة الثانوية إلى المرحلة الجامعية ليجدوا أنفسهم مجبرين على استعمال الفرنسية، وقد تسبب هذا الانتقال لعدد كبير من المتعلمين -على الرغم من تميزهم الدراسي- في عدم قدرتهم على متابعة الدراسة في المجالات التي تستخدم الفرنسية، خاصة بعض المتعلمين من الجنوب، وهو الأمر الذي يدفعهم لتغيير التخصص أو متابعة دروس تدعيمية في اللغة الفرنسية، وليس هذا فحسب بل “كثيرا ما تنقل اللغة العربية الفصحى إلى الطلاب بأساليب عامية، أو شبه عامية، فتدخل عقولهم، وترسخ في ألسنتهم هجينة شوهاء”[22].
وقد كان الاهتمام بالعلوم الطبيعية والتكنولوجية وتشجيعها، هذا على حساب العلوم الإنسانية بالتنكر لها، وعدم الوعي بأهميتها الفكرية والعلمية، وهو ما يؤدي إلى انصراف المتميزين والمتفوقين من التلاميذ والطلبة عن اللغة العربية وما يتصل بها من علوم وآداب وفنون، وهو ما تسعى السياسات التعليمية إلى تكريسه بشكل مقصود أو غير مقصود، بحيث يتم توجيه التلاميذ والطلبة والمتفوقين جميعهم إلى التخصصات العلمية والتكنولوجية، وتوجيه العاديين والمتوسطين إلى التخصصات اللغوية والعلوم الإنسانية، وبذلك يفقد المجتمع والأمة عقولا نيرة وقدرات هائلة، ونفوسا تطمح إلى التغيير والإبداع، وهذا ما يؤكده أغلب طلبة العربية وآدابها أنهم وجدوا أنفسهم في تخصص غير مرغوب فيه[23].
أما النجاح المدرسي “غير المألوف” الذي يحرزه تلاميذ الأوساط الشعبية إنما مرده أن الطفل المنتمي إلى عائلة كادحة قد يحقق نجاحا مدرسيا إذا كان لأسرته مشروع رقي اجتماعي معين للتحرر من المنزلة الاجتماعية التي لها في الأصل، أو رغبة قوية في تجاوز أوضاع الشدة والعناء السائدة في حياته العائلية.
ويرى بوردو أن التحصيل الدراسي لأبناء الجماعات الاجتماعية المختلفة يرتبط بصورة مباشرة بمقدار رأس المال الثقافي الذي يمتلكونه، وأن أبناء الطبقة العليا يحققون معدلات نجاح أعلى من أبناء الطبقات الأخرى، نتيجة لأن عناصر ثقافتهم الطبقية هي السائدة في المجتمع، والنظام التعليمي بصفة خاصة.
إن النخب التغريبية التي تتغنى بالثقافة الفرنسية وتتخذ من الحداثة والعصرنة والانفتاح شعارا لها وإن كان يضاف إلى بعض دعاتها مبدأ العلمانية، هذا التوجه يتجسد في مفهوم المجتمع المدني التي تعبر عنه عديد المؤسسات، الجمعيات، مسيري القطاع العام، الأطباء .. تمثل القاعدة الاجتماعية للنظام السياسي للجزائر والموصولة بالعملية الإنتاجية، ما يميز هذه الفئة هو ضعفها العددي إذا ما قورنت بالنخب المعربة، إلا أنها توجد في مواقع التسيير المختلفة الحكومية والخاصة بما يظهرها وكأنها القوة المسيطرة، هذا ما يعطي شرعية لسيطرتها ويعطيها أولوية في التحكم في مختلف الهياكل، ولا سيما مقاليد السلطة، وخاصة أنها تحظى بدعم مختلف الهيئات ذائعة الصيت، من نقابات وأحزاب وجمعيات، التي تقف على درجة من التجانس حينما يتعلق الأمر بالقضايا الحساسة التي يفرضها الواقع من القضايا المصيرية كنظام الحكم، ومسالة اللغة والهوية، والمرأة، والنظام التربوي…حفاظا على بقائها لما يفرضه الواقع من تحديات[24].
الآثار الناجمة عن التعليم بالفرنسية وتعلمها:
أكد بيار بورديو وباسيرون، على أهمية العلاقة بين مخرجات التعليم العالي وتوظيفها في المجتمع وخدمة قضايا التنمية وسوق العمل وأشار إلى أن تقدم المجتمع يتوقف على كفاءة ونوع المخرجات من التعليم العالي، وفقا لنوعية الكفاءة ورغبة هؤلاء في الدفع بعجلة الإنتاج والعمل الجاد على تقدم مجتمعاتهم والأخذ بمشارف الدول المتقدمة، ذلك أن العبرة في تقدم الشعوب لا تكمن دائما في وفرة الإمكانيات المادية بل إلى جانب استخراج التقنية المتاحة أو الممكن أتاحتها من قبل عناصر كفئة تمتلك الإرادة والتصميم لقيادة عمليات التحول ونقل مجتمعاتهم من التخلف إلى التقدم، ولعل أزمة سوق العمل الذي يعتبر عاجزا عن استيعاب العناصر الشابة المؤهلة إنما يرجع إلى الخلل في التخطيط وقصور في دقة التنبؤات المستقبلية لحاجة سوق العمل في جميع مستوياته[25]، ولعل من أهم المظاهر السلبية الناتجة عن استخدام اللغة الفرنسية بدل العربية في أطوار التعليم هي:
- ضعف مستوى التعليم عامة وضعف مستوى اللغة العربية الفصحى بشكل اخص، لأن الفرنسية تنافس العربية ولا يوجد حوافز تحفز المتعلم على تعلم الفصحى، بل على العكس من ذلك فإن هناك حوافز تحفزه على تعلم الفرنسية أقلها منصب شغل في أكبر المؤسسات الاقتصادية.
- التشتت الذهني والالتباس في المفاهيم والعسر في الكلام نتيجة عدم التحكم في اللغتين تحكما كاملا، أو إحداهما، فيؤدي إلى الفوضى اللغوية والجنوح إلى اللغة الأجنبية كبديل لحل المشكلات اللغوية.
- تقهقر استعمال الفصحى في المدرسة ووسائل الإعلام بسبب التراجع عن مبدأ التعريب، وهو ما أدى إلى نقص الدافع لدى المتعلمين في إتقان الفصحى[26].
- توهين الروابط الاجتماعية، وتصدع المجتمع جراء تناقض المقومات الثقافية بين طوائفه الاجتماعية، وفقدان الثقة المتبادلة فيحصل ما لا تحمد عقباه[27].
- استعمال لغة غير واضحة المعالم لدى عدد كبير من المتكلمين الجزائريين، وهذا ليس هدف تعلم اللغات الأجنبية، كما أن تدريس العلوم باللغة الفرنسية لم يؤد إلى نهضة الجزائر.
رابعا: التعليم وإعادة إنتاج قوة العمل: لويس التوسير
ينطلق “التوسير” في تحليله لنظام التعليم في المجتمع الرأسمالي من فكرة مؤداها “أن استمرارية الطبقة الحاكمة في مواقع السيطرة يتطلب إعادة إنتاج قوة العمل، تلك العملية التي تتضمن عمليتين فرعيتين هما:
- إعادة إنتاج المهارات الضرورية اللازمة لكفاءة قوة العمل.
- إعادة إنتاج أيديولوجية الطبقة الحاكمة وتنشئة العمال في إطارها.
ويرى أن الرأسمالية في سعيها للمحافظة على النظام الراهن تستخدم عناصر رئيسية ثلاثة هي:
- إنتاج القيم التي تدعم علاقات الإنتاج.
- استخدام كل من القوة والأيديولوجيا في كل مجالات الضبط الاجتماعي.
- إنتاج المعرفة والمهارات اللازمة لبعض المهن والأعمال.
ويقرر التوسير أن إعادة إنتاج قوة العمل لا يتطلب إعادة المهارات اللازمة لعملية الإنتاج فحسب، بل يتطلب أيضًا إعادة إنتاج خضوع الطبقة الدنيا لأيويولوجية الطبقة الحاكمة.
ويوضح أكثر عندما يقول أن النظام التعليمي إنما هو جزء من الجهاز الأيديولوجي للدولة المتكون من وسائل الإقناع التابعة للمؤسسات الإعلامية والتربوية والدينية والقانونية، والاتحادات المختلفة، ولا فرق بينه وبين أجهزة الدولة القمعية (الجيش والشرطة والمحاكم) إلا في كون عملهم ظاهر للعيان، بينما عمل النظام التعليمي مخفي ومستور فلا فرق بين بين مركز للشرطة ومدرسة للصغار، وعلى هذا الأساس ليس هناك فرق بين قوة الدولة المادية وقوتها المعنوية لأن كلاهما يعبر عن وجه من أوجه الجهاز الأيديولوجي للدولة، لكن من حيث التأثير والخطورة، فالقوة المعنوية أخطر لأنها المجال الخصب لعمل الأيديولوجيا ويضمن إعادة الإنتاج[28].
اعتبر التوسير أن وظيفة النظام التعليمي محدد وبشكل كبير بحاجات النظام الاقتصادي للمجتمع الرأسمالي، فأبناء الطبقة العاملة تتم تنشئتهم بطريقة تمكن من إرضائهم في النظام الطبقي في المجتمع والأدوار التي تحددها لهم الطبقة المسيطرة، وتعد المدرسة جهازا من أجهزة الدولة الإيديولوجية، إذ يرى التوسير أن القوة والقهر -أجهزة الدولة القمعية- والتي تشمل البوليس، المحاكم، السجون…والتي يتحدد دورها في قمع المعارضة باستخدام القوة الشرعية، وإنما يعد الضبط الإيديولوجي والسيطرة الفكرية وسائل فعالة ومؤثرة للمحافظة على استمرار وبقاء النوع أو الطبقة، حيث يتقبل أعضاء الطبقة الخاضعة مواقعهم وأوضاعهم باعتبارها أمرا طبيعيا وشيئا عاديا وحتميا لا يمكن تغييره، وتقبلهم لهذا الوضع يعني القضاء على التحدي والصراع.
وقد ركز التوسير على الجامعة باعتبارها المؤسسة التي أوكلها المجتمع دور إنتاج القوى البشرية المؤهلة، كما أكد على أن النظام التعليمي هو جزء من النظام الأيديولوجي في المجتمع، وهو جزء أيضا من البناء الفوقي يعكس علاقات الإنتاج السائدة في البناء التحتي، ويخدم مصالح الطبقات المسيطرة في المجتمعات الطبقية، فهو خادم لآلات الدولة، تستخدمه لفرض سيطرتها ونفوذها في المجتمع[29].
من هذا المنطلق يمكن لنا أن نحدد اختلالات النظام التعليم في البلدان العربية عامة والجزائر بصفة خاصة وعرقلة التنمية البشرية[30]، فمفهوم التنمية مبني على فكرة أن الإنسان هو ثروة البلد الحقيقية، وتنمية البلاد أساسها تنمية الإنسان معرفيا وصحيا، فالإنسان غاية التنمية ووسيلتها، ومن المفروض أن تضطلع الدولة من خلال ترسيخ الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان بتزويد المواطن بالأدوات المناسبة والفرص المواتية ليختار نوع الحياة التي تليق بالكرامة الإنسانية، ويتطلب تحقيق التنمية البشرية إيجاد مجتمع المعرفة القادر على تلقي المعلومات واستيعابها وتمثلها وتبادلها والإبداع فيها بيسر وسهولة، وهذا لا يتأتى إلا باستخدام اللغة الوطنية المشتركة[31].
واللافت أن معظم الدول العربية تحتل المرتبة بعد المائة في تصنيف التنمية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة (معايير التصنيف: التعليم، الصحة، الدخل)في حين أن دولا أخرى كانت أقل من الدول العربية أواسط القرن الماضي، حققت تقدما باهرا، مثل فنلندا (التي كانت أفقر دولة في أوروبا)، وكوريا (التي كانت أفقر دولة في آسيا)، وماليزيا والبرازيل والصين وتركيا وإيران وغيرها، وبعد المقارنة نجد أن جميع الدول المتخلفة تشترك بأمور تعرقل التنمية، وهذه الدول كما يحددها التقرير هي جميع الدول الإفريقية، ومعظم الدول العربية، والهند وباكستان وبنغلاديش والفلبين، وتشترك هذه الدول فيما يلي:
- عدم عدالة النظام التعليمي:
- مدارس أجنبية: تدرس منهجا أجنبيا بلغة أجنبية، بأجور باهظة، وهي لأبناء السلطة والأغنياء، ومنها يتخرج قادة المستقبل بهوية وطنية غير مكتملة.
- مدارس خصوصية: تدرس منهجا وطنيا مع العناية بتدريس اللغة الأجنبية والمعلوميات، ولا توجد إلا بالمدن الكبيرة، وترهق الطبقة المتوسطة بأجورها المدرسية الباهظة.
- مدارس حكومية: أو لا مدارس لأبناء الفقراء، وهي تدرس منهجا وطنيا، لكنها ذات جودة متدنية بسبب ضعف تجهيزاتها، واكتظاظ صفوفها، وكثرة غياب معلميها وقلة تدريبهم[32].
- التعليم باللغة الأجنبية:
تشترك جميع الدول المتخلفة في آسيا وإفريقيا في اعتمادها لغة المستعمر القديم (الإنجليزية أو الفرنسية) في التعليم، خاصة تعليم العلوم والتقنيات، وفي المؤسسات الاقتصادية والمالية كالشركات والبنوك، وفي الحياة العامة، والتعليم باللغات الأجنبية غير تعليم اللغات الأجنبية المحبذ.
وتؤكد تقارير التنمية الإنسانية العربية أن الطلاب الذين يدرسون العلوم باللغة الأجنبية لا يستوعبون ما يدرسون لأسباب عديدة منها أن الطالب يواجه ثلاث صعوبات في آن واحد: صعوبة فهم اللغة الأجنبية، وصعوبة المادة العلمية، وصعوبة ترجمة ذهنية لما يدرس إلى اللغة العربية، لإضافته إلى منظومته المفهومية المعرفية التي هي أساسا بلغته الوطنية، وأن تدريس العلوم بلغة أجنبية لا يساعد على توطين المعرفة العلمية، ويبقيها أجنبية، ويحول دون استيعابها وتمثيلها والإبداع فيها، ويعرقل تنمية اللغة الوطنية، ويحصر المعرفة في نسبة ضئيلة من السكان[33].
البعد الهوياتي لازمة اللغة في الجزائر:
الحالة الجزائرية تأخذ طابعا خاصا فيما يتعلق بمسألة الهوية انطلاقا من الممارسات التي اقترنت بها وطبيعة التناول التي عولجت وفقها، والتي أوصلت في النهاية إلى صراع متعدد الأوجه انعكس على الحقول كافة ولا سيما الحقل التربوي، الذي بقي هو الآخر حبيس الصراع الهوياتي بين النخب المؤثرة التي أوجدت مجموعة من المشاريع ترتكز على منطلقات متباينة، لم تستطع المدرسة الجزائرية معها الوصول إلى نموذج تربوي دائم، والتي تحولت إلى حقل لهذا الصراع، بشكل وظف مقومات الهوية نفسها ومن ثم جوانب تطوير المنظومة التعليمية فيه بما أزم الوضع أكثر، إذ أن خمسين سنة من تاريخ المدرسة الجزائرية المستقلة كفيلة بأن تعبر عن هذا الواقع الذي آلت إليه[34].
تجمع مختلف الآراء البحثية في هذا السياق على إرجاع هذه الأزمة (أزمة الهوية) بالمجتمع الجزائري إلى الفترة الاستعمارية الفرنسية تحديدا، نظرا إلى نجاح المستعمر في تكوين نخبة من الجزائريين أنفسهم تتبنى مقومات هوياتية مخالفة لما هو سائد، تختفي وراء فعل التحديث والتطور وبخاصة أن الاحتلال الفرنسي للجزائر ركز على البعد الثقافي لطمس معالم الهوية الجزائرية، تمهيدا لإلحاق الجزائر بفرنسا من خلال الممارسات التي قام بها تجاه الجزائريين[35] بهدف دفعهم لاحتقار موروثهم وتفكيك روحهم المعنوية واستئصال انتمائهم التاريخي الديني والثقافي ..”[36].
خامسا: الهيمنة الثقافية والأبعاد البنائية للتعليم: انتونيو غرامشي (1891-1937)
مفهوم الهيمنة الثقافية: هي سيطرة الطبقة البرجوازية على الطبقات الدنيا من خلال القوة والقبول أي الشرعية، إذ تتبنى الطبقة البروليتارية مصالح البرجوازية وتسعى إلى تحقيقها برضاها، ونظرية السيطرة هذه عند غرامشي لا يمكن فصلها عن الدولة الرأسمالية، التي قال عنها أنها مسيرة بالقوة والقبول، وحدد جزأين هامين من أجزاء المجتمع:
المجتمع السياسي: أين نجد المؤسسات السياسية والرقابية والدستورية الشرعية (شرطة جيش عدالة…)، وهو يسيطر في الأنظمة الدكتاتورية.
المجتمع المدني: وهو محيط المؤسسات الثقافية (جامعات مثقفين…) التي تنشر الإيديولوجية المعلنة أو الضمنية للدولة، بهدف الانخراط في القيم المقبولة من قبل الجميع، وهي مسيرة بالقبول والموافقة، وهو يسيطر في الأنظمة الغربية.
لقد أكد غرامشي في دراسته للنظام التعليمي على المظاهر البنائية في المجتمع الطبقي من خلال إبرازه وتأكيده على الجوانب الثقافية في المجتمع، إذ يقول بأن السيطرة الثقافية هي سلاح الطبقة الحاكمة، أي السيطرة على الثقافة والمعرفة من خلال النظام التعليمي، ويرى أن من الممكن بالعمل الثوري تغيير العلاقة بإتلاف العلاقة السائدة، فكل من يهيمن على ثقافة مجتمع ما هو الذي يسيطر على باقي المجالات المجتمعية.
ويمكن ملاحظة ذلك جليا باتجاه الأولياء مرغمين نحو التعليم ثنائي اللغة وحرصهم على أن يتقن أبناؤهم اللغة الأجنبية نابع من حرصهم على نجاح أبنائهم بالجامعات، والحصول على فرص عمل جيدة في المستقبل بعد التخرج، رغم أن الكثير من الدراسات وصلت إلى نتيجة أن التعليم بلغة أجنبية أو ازدواجية اللغة لن يرفع من المستوى التأهيلي للمتعلمين، وكمثال على ذلك: دراسة لسكوفل[37]scovelأن الأسطورة التي تقول أن تدريس اللغة الثانية يكون أفضل كلما بدأنا بتدريسها للأطفال في سن مبكرة أكثر هي من صناعة الإعلام والدعايات المرئية والمسموعة، وليس لها أي سند علمي أو تجريبي وهي نظرة سطحية تهمل النظرة الشاملة للغة من جميع جوانبها، وقد أثبتت التجارب أن الكبار البالغين أقدر على تعلم اللغة الأجنبية من الأطفال، وأنّ تعليم اللغة الأجنبية في مرحلة الطفولة يلحق ضرراً كبيراً بأطفالنا وبمشروعنا التربوي، ولا يوجد أي شواهد بحثية تدل على عجز الكبار البالغين عن اكتساب اللغة الثانية[38].
- مقترحات للخروج من أزمة الهوية البيداغوجية[39]:
تستمد الهوية البيداغوجية رواءها ونسغها من عدة عناصر، تشكل اللغة والثقافة المحورين الأساسين فيها، غير أن العناصر الأخرى لها أهميتها ودورها الفعال في هذه الهوية، ولذلك ينبغي الحرص على وجودها، وتفعيل ما لها من أدوار في تشكيل هذه البيداغوجيا، وإمدادها بالروافد النظرية التي تشكل مصدرا ومرجعا لأية ممارسة، ومن ذلك ما يلي:
- ترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص بغية إنتاج الإنسان الواضح الهوية، المؤهل لأداء دوره باختلاف مواقع وجوده.
- بناء تصور بيداغوجي على أساس من الجواب عن سؤال أي إنسان نريد لبناء هذا الإنسان، واعتمادا على أية آليات، وبناء مقاربة بيداغوجية قادرة على تصريف السياسة التربوية والتعليمية.
- توجيه البحث العلمي لتطوير اللغة العربية والتحكم في اللغات الإنسانية، وتوثيق صلة اللغة العربية بسائر فروع المعرفة، وهذا بتنمية المعجم العربي وجعله يعكس حياة المجتمع.
- التدقيق في ثوابت البلاد وتوجيه المدرسة لخدمتها واحترامها، محاربة كل أشكال الاختراق والثقافة المرافقة له، وإنتاج البديل الذي يسعى إلى ترسيخ القيم والفكر والاتجاهات التي تعلي من الذات الوطنية والقومية.
- تنمية الثقافة الوطنية والقومية، باختلاف مكوناتها الفلسفية والفنية والعلمية والاقتصادية والسياسية، والإعلاء من شان العقل لنقدها وتصحيح مساراتها، مقاومة كل إحساس بالنقص تجاه الآخر، من اجل إذكاء الإبداع الذاتي وتنميته.
- الوقوف في وجه الغزو الإعلامي الذي هيأت له التكنولوجيا كل فرص النجاح، والحرص على جعل المدرسة مؤسسة لإنتاج المعرفة والتنشئة الاجتماعية، وإطارا لبلورة الوعي الثقافي السليم.
- الحرص على أن يأخذ النموذج البيداغوجي بعين الاعتبار الخصوصيات الوطنية والقومية، وأن يراعي المؤهلات الاجتماعية والقدرات الفردية، وكذا الاستعدادات الشخصية، مع احترام الصفات الجوهرية والفردية والقيم المشتركة[40].
- اعتبار التعليم قضية المجتمع برمته، ومن ثم تجنب كل إشكال الانفراد بالقرار فيه، مهما صغر حجم أو قيمة هذا القرار، والنظر إليه في إطار رؤية شمولية، واعتبار كل تفكير فيه هو تفكير في مصير المجتمع، تفكير في حاضره ومستقبله، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا[41].
وفي سبيل تحقيق أهداف التنمية يجب أن يقوم التخطيط في قطاع التعليم على ركائز أهمها:
- تلبية احتياجات خطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية بين العاملين المزودين بالمعارف والمهارات اللازمة بالإعداد وفي التخصصات وعلى المستويات المطلوبة.
- رفع الكفاءة الداخلية للتعليم من حيث تحقيقه لأهدافه التعليمية والحد من الفقد والإهدار فيه، وكذلك رفع كفاءته الخارجية من حيث تحقيق أهدافه الإنسانية والاقتصادية والقومية والحضارية.
- تحديث التعليم في كافة جوانبه من حيث الخطط، والمناهج والكتب، طرق التدريس وغيرها وتوفير هيئات التدريس والكوادر الفنية والإدارية.
- إشراك جميع الأجهزة في النظام التعليمي كالمعلمين والآباء، الطلاب، المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية في رسم السياسة التعليمية[42].
خاتمة:
إذا كانت اللغة ظاهرة اجتماعية فكرية نطقية، فإنها تعبر عن المجتمع الناطق بها وتسايره، وهي صورة للمجتمع الذي هو خليط من الأجناس والأنواع والكل يعمل في مجاله المختص به، ولكن منتوج الجميع يعود للمجتمع العام كل في موضعه وبجهده، يعمل لذاته بالأخذ لما يحتاجه هو، وبالعطاء لما يحتاجه غيره[43].
وللغة وظائف في المجتمع، ومن السهل علينا دائما أن نلحظ الوظيفة التعاملية للغة[44]، فلغتنا ترجمة لأفكارنا وأحاسيسنا، فالوظيفة الأساسية للغة متمثلة في إعانة الفرد على الاختلاط في المجتمع، ومن هنا يبدأ الإشكال، فقد يحصل تفكك وتنازع وتنافر وانفصال وانفصام، والملاحظ هنا أن النتيجتين (التنافر والتعايش) صورتان من التصور الفكري للمجتمع…فاللغة صورة من صور الحياة الاجتماعية، ففي المجتمع أفراد يتنافرون ويتنازعون ويتعاونون، ووراء كل عملية، عمل فكري، إذا كان الفكر المجتمعي قويا خلاقا، سيطر على اللغة وجعلها مجرد وسيلة فاعلة يختار منها ما يتوافق وموضوع العمل، فكان التعايش، وإن كان الفكر ضعيفا مقلدا، مال إلى الانتقاء والإقصاء، وتوقف عن التجديد والتطور[45].
قائمة المراجع:
- إحسان الدمرداش وآخرون، الديمقراطية والتعليم في مصر، مصر، المكتبة الأكاديمية، ط 2، 2013.
- عبد النور ناجي، النظام السياسي الجزائري من الأحادية إلى التعددية السياسية، قالمة، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، 2006.
- فخر الدين قباوة، المهارات اللغوية وعروبة اللسان، ، دمشق، دار الفكر،ط01، 1999.
- مبروك عيشة، الحركات الإسلامية في الجزائر 1931-1991، تونس، دار المتوسطية، ط01.
- محمد العربي الزبيري، المؤامرة الكبرى أو إجهاض الثورة، الجزائر، المؤسسة الجزائرية، 1990.
- محمد العربي ولد خليفة، المسالة الثقافية وقضايا اللسان والهوية، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، 2008.
- محمد عبد القادر عطية، اتجاهات حديثة في التنمية، الإسكندرية، الدار الجامعية للطباعة والنشر، 2000.
- مصطفى خلف عبد الجواد، قراءات معاصرة في نظرية علم الاجتماع، مصر، مركز البحوث والدراسات الاجتماعية، 2002.
- ناصر دادي عدون، اقتصاد المؤسسة، اقتصاد المؤسسة، الجزائر، دار المحمدية العامة، 1998.
- نعيم حبيب جعنين، علم اجتماع التربية المعاصر، عمان، الأردن، دار وائل للنشر والتوزيع، ط01، 2009.
- التادلي الزاوي، أزمة الهوية البيداغوجية في المغرب: مظاهرها وسبل علاجها، مجلة علوم التربية، العدد 62، المغرب، يونيو 2015.
- دريس علي، الأبعاد الهوياتية ورهان الإصلاح التربوي في المدرسة الجزائرية، مجلة المستقبل العربي، ملف أوضاع التربية والتعليم في المغرب العربي.
- رضا بن مقلة، محاضرات مقياس التحليل السوسيولوجي للمؤسسة التربوية، سنة ثالثة علم الاجتماع التربوي، جامعة البويرة، 2014-2015
- سميرة رفاس، إشكالية التعايش اللغوي في المجتمع الجزائري، مجلة الممارسات اللغوية، مخبر الممارسات اللغوية، جامعة مولود معمري تيزي وزو، الجزائر.
- صحرة دحمان، اثر تعليم اللغات الأجنبية في اللغة العربية والهوية الثقافية (اثر اللغة الفرنسية الجزائر أنموذجا)، مجلة اللغة والأدب، العدد 22، جامعة الجزائر 02، جويلية 2014.
- صحرة دحمان، الممارسات اللغوية الخاطئة وأثرها في لغة الطفل، مجلة مخبر الممارسات اللغوية، الجزائر، 2010.
- علي القاسمي، اختلالات النظام التعليمي في البلدان العربية وعرقلة التنمية البشرية، مجلة علوم التربية، عدد 64، المغرب، يناير 2016،.
- علي الكنز، الجزائر في البحث عن كتلة اجتماعية جديدة، في: البشير نافع وآخرون، الأزمة الجزائرية الخلفيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، سلسلة كتب المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1999.
- محمد الاوراغي، التعدد اللغوي وانعكاساته على النسيج الاجتماعي، مجلة جامعة محمد الخامس، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ط01، العدد 36، الرباط، 2002.
- أحمد طعيبة، أزمة التحول الديمقراطي في الجزائر 1988-1994، مذكرة ماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة يوسف بن خدة، الجزائر ، 1997-1998.
- رباب اقطي، التكوين الجامعي وعلاقته بكفاءة الإطار في المؤسسة الاقتصادية، مذكرة ماجستير في علم اجتماع تنظيم وعمل، كلية العلوم الاجتماعية والعلوم الإسلامية، جامعة الحاج لخضر، باتنة، 2008-2009.
- عثمان حادي، التبعية الاقتصادية في الجزائر -دراسة نقدية تحليلية-، مذكرة ماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر، 2001-2002.
- مصطفى أحمد سليمان السطري، دور التعليم العالي في التنمية الاقتصادية في فلسطين، رسالة ماجستير، جامعة الأزهر، غزة، فلسطين، 2011.
- نعيمة زيرمي، التجارة الخارجية للجزائر من الاقتصاد المخطط إلى اقتصاد السوق، مذكرة ماجستير في علم التسيير الدولي للمؤسسات، جامعة تلمسان، 2010-2011.
- بنيتو لويس، نظرية العالم الاجتماعي عند بيار بورديو، تر: محمد امطوش، ط01، الأردن، عالم الكتب الحديث، 2014.
- كلير كرامش، اللغة والثقافة، تر: احمد الشيمي، قطر،وزارة الثقافة والفنون والتراث، 2010.
- م م لويس، اللغة في المجتمع، تر: تمام حسان، السعودية، عالم الكتب، 2003.
- إبراهيم بن احمد مسلم الحارثي، اثر التعليم باللغة الأجنبية على التعليم باللغة العربية، عن: Scovel t, Learning new languages: a guide to second language acquisition. Boston: heinle and heinle: منقول من الموقع:m-a-arabia.com.
- حوته حسين، التعليم وتشكيل رأس المال الثقافي، بحث ميداني، كلية الآداب جامعة بني سويف، مصر، 2015، من موقع: art.tanta.edu.eg.
- سلسلة دفاتر التربية والتكوين، منتدى دفاتر تربوية، العدد 03،dafatiri.com. تاريخ التسجيل: 2008.
- غازي عثمانين، اللغة العربية والجامعة الجزائرية، بوابة الشروق، echoroukonline.com، تاريخ النشر: 02/09/2018.
[1]حوته حسين، التعليم وتشكيل رأس المال الثقافي، بحث ميداني، كلية الآداب جامعة بني سويف، مصر، 2015، من موقع: www.art.tanta.edu.eg.
[2]ناصر دادي عدون، اقتصاد المؤسسة، اقتصاد المؤسسة، دار المحمدية العامة، الجزائر، 1998، ص60.
[3]إبراهيم بن أحمد مسلم الحارثي،أثر التعليم باللغة الأجنبية على التعليم باللغة العربية، عن: Scovel t, Learning new languages: a guide to second language acquisition. Boston: heinle and heinle: منقول من الموقع:www.m-a-arabia.com.
[4]غازي عثمانين، اللغة العربية والجامعة الجزائرية، بوابة الشروق، www.echoroukonline.com، تاريخ النشر: 02/09/2018.
[5]مصطفى خلف عبد الجواد، قراءات معاصرة في نظرية علم الاجتماع، مركز البحوث والدراسات الاجتماعية، مصر، 2002، ص131.
[6]نعيمة زيرمي، التجارة الخارجية للجزائر من الاقتصاد المخطط إلى اقتصاد السوق، مذكرة ماجستير في علم التسيير الدولي للمؤسسات، جامعة تلمسان، 2010-2011، ص137.
[7]مبروك عبشة، الحركات الإسلامية في الجزائر 1931-1991، ط01، دار المتوسطية، تونس، ص66.
[8]الهام نايت سعيدي، العنف السياسي في الجزائر في ظل التعددية السياسية 1988-1955، مذكرة ماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة يوسف بن خدة، الجزائر، 2001-2002، ص56.
[9]عثمان حادي، التبعية الاقتصادية في الجزائر -دراسة نقدية تحليلية-، مذكرة ماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر، 2001-2002، الجزائر، ص101.
[10]محمد العربي الزبيري، المؤامرة الكبرى أو إجهاض الثورة، المؤسسة الجزائرية، الجزائر، 1990، ص116.
[11]رضا بن مقلة، محاضرات مقياس التحليل السوسيولوجي للمؤسسة التربوية، سنة ثالثة علم الاجتماع التربوي، جامعة البويرة، 2014-2015، 20.
[12]عبد النور ناجي، النظام السياسي الجزائري من الأحادية إلى التعددية السياسية، ديوان المطبوعات الجامعية، قالمة، الجزائر، 2006، ص124.
[13]أحمد طعيبة، أزمة التحول الديمقراطي في الجزائر 1988-1994، مذكرة ماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة يوسف بن خدة، 1997-1998، الجزائر، ص76.
[14]الهام نايت سعيدي، المرجع السابق، ص57.
[15] أحمد طعيبة، المرجع السابق، ص77.
[16]سلسلة دفاتر التربية والتكوين، منتدى دفاتر تربوية، العدد 03،www.dafatiri.com. تاريخ التسجيل: 2008.
[17]كلير كرامش، اللغة والثقافة، تر:أحمد الشيمي، وزارة الثقافة والفنون والتراث، قطر، 2010، ص16.
[18]بنيتو لويس، نظرية العالم الاجتماعي عند بيار بورديو، تر: محمد امطوش، ط01، عالم الكتب الحديث، الأردن، 2014، ص05.
[19]رباب اقطي، التكوين الجامعي وعلاقته بكفاءة الإطار في المؤسسة الاقتصادية، مذكرة ماجستير في علم اجتماع تنظيم وعمل، كلية العلوم الاجتماعية والعلوم الإسلامية، جامعة الحاج لخضر، باتنة، 2008-2009، ص24.
[20]إحسان الدمرداش وآخرون، الديمقراطية والتعليم في مصر، ط 2، المكتبة الأكاديمية، مصر، 2013، ص80.
[21]صحرة دحمان، الممارسات اللغوية الخاطئة وأثرها في لغة الطفل، مجلة مخبر الممارسات اللغوية، الجزائر، 2010، ص42.
[22]فخر الدين قباوة، المهارات اللغوية وعروبة اللسان، ط01، دار الفكر، دمشق، 1999، ص110.
[23]صحرة دحمان، اثر تعليم اللغات الأجنبية في اللغة العربية والهوية الثقافية (اثر اللغة الفرنسية الجزائر أنموذجا)، مجلة اللغة والأدب، العدد 22، جامعة الجزائر 02، جويلية 2014، ص94.
[24]علي الكنز، الجزائر في البحث عن كتلة اجتماعية جديدة، في: البشير نافع وآخرون، الأزمة الجزائرية الخلفيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، سلسلة كتب المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1999، ص265.
[25]مصطفى أحمد سليمان السطري، دور التعليم العالي في التنمية الاقتصادية في فلسطين، رسالة ماجستير، جامعة الأزهر، غزة، فلسطين، 2011، ص91.
[26]صحرة دحمان، الممارسات اللغوية الخاطئة وأثرها في لغة الطفل، المرجع السابق، ص44.
[27]محمد الأوراغي، التعدد اللغوي وانعكاساته على النسيج الاجتماعي، مجلة جامعة محمد الخامس، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ط01، العدد 36، الرباط، 2002، ص57.
[28]نعيم حبيب جعنين، علم اجتماع التربية المعاصر، دار وائل للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط01، 2009، ص108.
[29]نعيم حبيب جحنيني، المرجع السابق، ص108.
[30]علي القاسمي، اختلالات النظام التعليمي في البلدان العربية وعرقلة التنمية البشرية، مجلة علوم التربية، عدد 64، يناير 2016، المغرب، ص57.
[31]علي القاسمي، المرجع السابق، ص57.
[32]نفس المرجع، ص58.
[33]علي القاسمي، المرجع السابق، ص59.
[34]دريس علي، الأبعاد الهوياتية ورهان الإصلاح التربوي في المدرسة الجزائرية، مجلة المستقبل العربي، ملف أوضاع التربية والتعليم في المغرب العربي، ص95.
[35]المرجع نفسه، ص96.
[36]محمد العربي ولد خليفة، المسالة الثقافية وقضايا اللسان والهوية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2008، ص201.
[37]إبراهيم بن أحمد مسلم الحارثي، المرجع السابق.
[38]نفس المرجع.
[39]التادلي الزاوي، أزمة الهوية البيداغوجية في المغرب: مظاهرها وسبل علاجها، مجلة علوم التربية، العدد 62، يونيو 2015، المغرب، ص82.
[40]التادلي الزاوي، المرجع السابق، ص83.
[41]نفس المرجع، ص84.
[42]محمد عبد القادر عطية، اتجاهات حديثة في التنمية، الدار الجامعية للطباعة والنشر، الإسكندرية، 2000، ص30.
[43]سميرة رفاس، إشكالية التعايش اللغوي في المجتمع الجزائري، مجلة الممارسات اللغوية، مخبر الممارسات اللغوية، جامعة مولود معمري تيزي وزو، الجزائر، ص12.
[44]م م لويس، اللغة في المجتمع، تر: تمام حسان، عالم الكتب، السعودية، 2003، ص39.
[45]سميرة رفاس، المرجع السابق، ص13.