دور التقنية الحديثة وتداعيات كوفيد 19 على التنمية البشرية المستدامة
The role of modern technologies and the implications of COVID-19 for sustainable human development
د. ابتسام سالم محمد خليفه • د. انتصار محمد عبد الله ابزاقه/جامعة الزّاوية، ليبيا
Dr. Abtisam. Salem Muhammad Khalif • Dr.Antesar Muhammad Abdullah’s Abzah/ University of Al Zawiya, Libya
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 83 الصفحة 57.
ملخص :تكاد لا توجد اليوم تنمية مستدامة في جانبيها المادي والثقافي بالشكل الذي نراه اليوم إلا وكان للتقنيات الحديثة والمتطورة دورٌ مهمٌّ في مشاريعها وحسب الخطط والاستراتيجيات الموضوعة لتنفيذها بالمستقبل القريب أو البعيد، نستعرض في هذا البحث عددا من الجوانب التي تغطي عنوان هذا البحث من حيث التعريف بالمشكلة المطروحة للبحث إلى المفاهيم المتعلقة بها، إذ نسلط فيها الضوء على المعنى الدقيق لهذه المفاهيم وفي علاقتها الجدلية بين مفهومي التقنية والتنمية البشرية المستدامة إيجابية كانت أو سلبية، فالتقنيات الحديثة دخلت حياتنا من أوسع أبوابها فلا نكاد اليوم نتنفس هواءً إلا وكانت التقنية وراء ذلك التنفس، فقد حلت التقنيات الحديثة منهاجا لحياتنا المادية وأصبحت لها ثقافة نتعايش من خلالها فلا يكاد يحدث نموٌّ في جانب من جوانب حياتنا إلا بوجود برمجيات رقمية غذاء كان أو صناعة أو مواصلات.
الكلمات المفتاحية : التقنية الحديثة، كوفيد 19، التنمية البشرية المستدامة..
Abstract :
Today there is hardly any sustainable development in its physical and cultural aspects, as we see it today. Modern and advanced technologies have played an important role in their projects and in accordance with the plans and strategies for their implementation in the near or long future.
We are reviewing a number of aspects that cover the title of this research in terms of identifying the problem in question from the concepts involved. We will highlight the precise meaning of these concepts and their controversial relationship between the concepts of technology and sustainable human development, whether positive or negative. New technologies have brought our lives to the fore. Today we are almost breathing And the technology behind this breathing is that modern technologies have dissolved the platform of our physical life, and we have a culture of living through it, and there’s no growth in any aspect of our lives, except that digital software has food, manufacturing, or transportation .
Key Words: Modern Technology – Covid 19 – Sustainable Human Development.
مقدمة:
نتعرض في هذا البحث لعنوان يحمل قضية متشابكة وفي خطوط متقاطعة بين التقنية والتنمية ومرضٍ أكثر من خبيث أصاب الإنسانية وهو آفة العصر كوفيد 19 Covid- الذي يهدّد من يستخدم التقنية المتطورة ونتاجها ومجتمعات تتلقى هذه التقنية واستهلاكها، والهدف من ذلك توضيح هذه العلاقة، مستأنسين بالمنهج التحليلي والوصفي لمعرفة مدى انعكاس ما جاءت به هذه التقنية من سلبيات أضرت بالإنسانية ضررا بالغا بدلاً من تسخيرها في خدمته.
أولا ــ الصياغة التصورية لمشكلة البحث :
1 – مشكلة البحث وتساؤلاته:
أصبحت التطورات التقنية الحديثة خلال النصف الثاني من القرن الماضي قاعدة أساسية لتشكيل حالة جديدة من التقدم الإنساني تميزت بتحقيق الإنجازات المادية والمعلوماتية، وذلك من خلال تطور التقنيات الحديثة الرقمية ووسائل الاتصال المتطورة فضلا على عدد آخر من الإنجازات التقنية التي حازت على اهتمام الكثير من المراقبين والمهتمين اليوم، لكنها في الوقت نفسه أهملت هذه التقنية المتطورة التي نشاهدها اليوم الكثير من المشاكل المتعلقة بالتنمية البشرية The human sustainable developmentوبفرض بقاء الإنسانية في ظروف طبيعية للتعايش، وقد خلقت هذه التقنية الأزمات البيئية الكونية والصحية المصاحبة لهذه الحالة الجديدة من الحضارة التقنية، حيث أصبح الإنسان ضحيتها كقضية يجب النظر فيها والتي جاءت في انتشار الكثير من الأوبئة سوى المصنعة أو حتى الطبيعية المتحولة، وقد جاءت بأوبئة عجزت عليها برامج الإنماء المستدام والتقني الحديث في تخطيها والتي منها هذا الوباء المنتشر اليوم، والذي يعرف بفيروس كورونا (Covid-19)، لقد تسببت هذه الجائحة في انهيار اقتصاديات العالم خاصة التنموية منها، وقد خلقت أزمة لأكبر القطاعات المهمة بالمجتمع وهو الاقتصاد و قطاع التعليم، فقد سببت انقطاعا في نظم التعليم وبرامجه، وهو ما تضرَّر به نحو 1,6 بليون طالب و في أكثر من 190 بلداً وفي جميع قارات العالم، وقد تم إغلاق المدارس وغيرها من أماكن التعلُّم على 94% من طلاب العالم، وهي نسبة ترتفع لتصل إلى 99 % في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا[1].
وقد ارتبط تدشين مجتمع المعلومات أو ما يعرف بالتطورات التقنية أو التكنولوجية الحديثة هذا في الدول الصناعية المتقدمة فهيمنة فكرة التفاؤل التقني التي بشر بها نموذج الحداثة التنموي المستدام والتي تفترض أن بزوغ فجر عصر التقنية يمثل إيذانا بعصر خالٍ من المشاكل سواء في المجال الاجتماعي أو الاقتصادي، أو الصحي، إلا أن التطورات غير المنضبطة المصاحبة للتقدم والتطور التقني قد أسهمت حقيقة من جانب آخر في تنامي سلسلة من المشاكل ذات الطابع البيئي والصحي للإنسان حيث أضحت قضايا التدهور البيئي، والفقر، وعدم المساواة الاقتصادية، والحر الكوني، والانفجار السكاني، وتزايد معدلات انقراض الكائنات الحية بشكل مخيف، وظهور ما يعرف الأمطار الحمضية التي أضرت بالإنتاج الزراعي أيما إضرار، واستنفاذ طبقة الأوزون، وتلوث الماء والهواء والأرض تمثل واقعا مؤلما ملازما للحياة في العصر الحديث وخاصة مع تعزيز نموذج الحداثة والتقنيات المتطورة التي تجلت فيها قدرة البشر على الإضرار بالبيئة والصحة العامة للبشر، ومن هذه المعطيات شكلت هذه الفكرة إشكالية البحث.
وانطلقت منها (الفرضية العامة للبحث والتي توقعتها الباحثتان في وجود علاقة بين ما يعرف بتطور التقنيات الحديثة وما سببته من مشاكل وسلبيات أضرت بالإنسان في تنميته و صحته بسبب انتشار الأوبئة المستعصي علاجها اليوم.
2- تساؤلات البحث:
من خلال فرضية هذا البحث جاءت تساؤلاتنا، والتي منها :
– ما العلاقة التي تربط التقنية الحديثة ببرامج التنمية البشرية المستدامة ؟
– ما هي المفاهيم ذات الصلة بمفهوم التنمية البشرية المستدامة ؟
– ما هي مفاهيم التقنيات المتطورة وخصائصها ومدى انعكاس التطور التقني على انتشار الأوبئة المتمثل في كوفيد 19، وما تأثير ذلك على التنمية والمجتمع العربي كنموذج و قطاع التعليم بالخصوص؟
3 – أهمية البحث:
تكمن أهمية هذا البحث كونه يبحث في دور التقنيات الحديثة على التنمية البشرية المستدامة، بالإضافة إلى أننا نسعى إلى التعرف على إيجابيات هذه الظاهرة، أيضا التنمية المستدامة ليست وضع استراتيجية لخطط التنمية ولسنوات معينة، وإنما هي عملية مستمرة لا تنتهي ومن ثمّ لابد أن نراعي فيها هذا الجانب من عرض مفاهيمي لهذا البحث، أيضا تكمن أهميته في جوانبه النظرية من خلال الأدبيات والأفكار المطروحة.
4- أهداف البحث :
هناك عدد من الأهداف التي أردنا تحقيقها من خلال هذا البحث، والتي جاءت كالآتي :
– الوقوف على عرض مفهوم التنمية المستدامة من حيث الأبعاد والمجالات والأهداف، كذلك المفاهيم التي تتعلق بمفهوم التطور التقني الحديث وخصائصها والأهداف الرامية إليها.
– معرفة سلبيات وإيجابيات التقنية المتطورة في علاقتها بالتنمية البشرية المستدامة، والتعرض لمدى انعكاس أخطر الأمراض وأشرسها لهذا العصر على البشرية وما يدعيه بعض علماء الديمغرافيا بهذا الشأن.
– التعرف على انعكاس وتداعيات كوفيد 19 على التنمية البشرية المستدامة واِتخذنا من المجتمعات العربية نموذجا باعتبارها نموذجا للعالم النامي.
– محاولة التعرف أيضا على مدى انعكاس هذا الوباء الضار على قطاع التعليم وما نجم عنه من مشاكل.
5- المنهج :
لمعالجة هذا الموضوع تم استخدام المنهج الوصفي التحليلي، لكونه يتناسب مع طبيعة موضوع البحث، فعلى مستوى الوصف سيكون عرض فيما يتعلق بالإطار النظري وفي الدور الذي تلعبه التقنية الحديثة التي لها علاقتها بالتنمية المستدامة وتطور التقنيات الحديثة، والتحليلي في مدى انعكاس هذا التطور التقني في تداعي وجود الأمراض الوبائية لمرض كوفيد 19 على التنمية البشرية المستدامة وعلى قطاع التعليم باعتباره أحد أهداف التنمية والذي يمس كل شرائح المجتمع.
ثانياً ــ الإطار النظري والمفاهيمي للبحث
1 – مفهوم التنمية البشرية المستدامة :
على الرغم من اختلاف البداية التاريخية لأصل مفهوم التنمية البشرية المستدامة وعدم وجود اتفاق حول تعريف هذا المفهوم، فقد عرف تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 1990 التنمية البشرية على أنها “عملية توسيع اختيارات الشعوب”[2] ، فالارتباط الوثيق بين البيئة والتنمية أدى إلى ظهور مفهوم التنمية المستدامة[3].
ويرجع الفضل في أهم تلك التعريفات وأوسعها انتشارا ذلك الوارد في تقرير بروندتلاند، فقد نشر من قبل اللجنة غير الحكومية التي أنشأتها الأمم المتحدة في أواسط الثمانينات من القرن العشرين بزعامة “جروهارلن بروندتلاند” لتقديم تقرير عن القضايا البيئية، والذي عرف التنمية المستدامة على أنها “التنمية التي تلبي احتياجات الجيل الحاضر دون التضحية أو الإضرار بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها”[4].
وقد تمت إضافة مفهوم التنمية البشرية الى التنمية المستدامة حتى تعطيها البعد الإنساني بعد صدور تقرير الأمم المتحدة عام 1990، وقد نمت فيه معالجات كثيرة منها توسيع الخيارات المتاحة أمام الناس وهذه الخيارات ليست ثابتة أو نهائية وإنما متعددة ومتغيرة حسب الزمن والمكان، ولعل أهم هذه الخيارات هو تحقيق الحيلة الخالية من الأمراض والعلل واكتساب المعرفة والتدريب والمهارات والحصول على الموارد اللازمة لتحقيق الحياة الكريمة، وتوسيع فرص المشاركة في الحياة العامة ومن الثابت أن هذه الخيارات تؤدي بدورها إلى خيارات أخرى تتعلق باحترام الإنسان وأمنه وتوفير نوعية أفضل من الحياة له ولأفراد أسرته[5]، وبذلك تأكد أن عبارة “التنمية المستدامة” لا تقتصر على التنمية الاقتصادية فحسب، بل تتعداها لتشير إلى مجموعة واسعة من القضايا متعددة الجوانب لإدارة الاقتصاد والبيئة والمجتمع، النظرة إلى التنمية كعملية متكاملة موحدة لتشمل في آن واحد الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، ذلك لأن الاقتصاد والمجتمع والثقافة والتربية هي جوانب لواقع واحد ولهذا الأمر يستلزم النظر إلى مفهوم التنمية باعتبارها عملية مجتمعية شاملة لكل المجالات[6].
2- أبعاد التنمية البشرية المستدامة:
إن التنمية البشرية المستدامة لا ترتكز على الجوانب البيئية فقط، بل هناك تكاملية بين الأبعاد المختلفة حيث تتفاعل جميعها من أجل تحقيق غايات وأهداف التنمية البشرية المستدامة سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي أو التقني أو البشري، ونستعرض هنا باختصار هذه الأبعاد والتي جاءت على النحو الآتي:
أ ـ البعد الاقتصادي للتنمية المستدامة
ــ إيقاف تبديد الموارد الطبيعية.
ــ مسؤولية البلدان المتقدمة عن التلوث وعن معالجته.
ــ تقليص تبعيّة البلدان النامية والاعتماد على التنمية المكانية.
ــ المساواة في توزيع الموارد.
ــ تقليص الانفاق غير المشروع.
ــ الحدّ من التفاوت في الدخول.
ب ـ البعد البشري للتنمية المستدامة
ــ محاولة التثبيت النسبي للنمو الديمغرافي.
ــ الاستخدام الكامل للموارد البشرية.
ــ الاهتمام بالصحة والتعليم.
ــ إعطاء أهمية للمرأة ودورها بالمجتمع.
ــ الأسلوب الديمقراطي في الحكم.
ج ــ البعد البيئي للتنمية المستدامة
ـــ حماية التربة من الإتلاف جرّاء استعمال المبيدات وتدمير الغطاء النباتي.
ــ حماية الموارد الطبيعية و المياه وتحسين شبكات المياه.
ــ حماية المناخ من الاحتباس الحراري وذلك للمحافظة على درجات الحرارة الكونية.
د ـ البعد التطورات التقنية الحديثة للتنمية المستدامة
ــ استعمال تكنولوجيا أنظف في المرافق الصناعية، بحيث تقلص من استخدام الطاقة ومن الموارد الطبيعية إلى أدنى حدّ.
ــ الأخذ بالتكنولوجيا المحسنة والنظيفة وبالنصوص القانونية.
3- أهداف التنمية البشرية المستدامة في الألفية الثالثة :
لقد اختلفت وتباينت أهمية البشر في الفكر التنموي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى تسعينات القرن الماضي، لذلك فقد ورد في أدبيات الفكر الاقتصادي أن البعد البشري في التنمية تميز بمرحلتين الأولى منها- تمتد إلى غاية التسعينات من القرن الماضي، والمرحلة الثانية- تمتد من فترة التسعينات وحتى الوقت الراهن، والتي تمثلت بظهور التنمية البشرية المستدامة التي تعنى بحقوق الإنسان في العيش الكريم والأمن الحياتي، وجاء مفهوم التنمية البشرية المستدامة ليمثل انتقاله من التنمية الشاملة المحدودة المعالم والأهداف إلى تنمية بشرية ذات صفة توزيعية للمنافع ومؤكدة على حقوق الإنسان وخياراته، ولذلك كان لها جملة من الأهداف بدخول البشرية إلى الألفية الثالثة وما أحوجنا إلى تحقيق هذه الأهداف، وقد جاءت هذه الأهداف مكملة للأبعاد سالفة الذكر، وهي كالآتي:
-محاولة القضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان.
– محاولة للقضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي والتغذية المحسنة وتعزيز استدامة إنتاج الغذاء.
– ضمان حياة صحية أفضل وتعزيز الرفاهية لجميع الفئات العمرية.
– ضمان التعليم الجيد الشامل والعادل وتعزيز التعليم مدى الحياة.
– تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء من المشاركة الفعلية في المجتمع.
– ضمان الوصول إلى المياه والصرف الصحي للجميع.
– ضمان الحصول على طاقة حديثة وموثوقة ومستدامة وبأسعار معقولة للجميع.
– تعزيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام والعمالة والعمل اللائق للجميع.
– بناء بنية تحتية مرنة، وتعزيز التصنيع المستدام، وتعزيز الابتكار.
– الحدّ من عدم المساواة داخل البلدان وفيما بينها.
– جعل المدن شاملة وآمنة ومرنة ومستدامة.
– ضمان أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة.
– اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لتغير المناخ وآثاره.
– الحفاظ على المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام.
– تنشيط الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة.
– تعزيز مجتمعات عادلة ومسالمة وشاملة.
– وقف التصحر ووقف تدهور الأراضي وعكس مساره ووقف فقدان التنوع البيولوجي[7].
4 ــ مفهوم التقنية الحديثة:
التقنية أو كما تعرف بالتكنولوجيا في الواقع هي كلمة إنجليزية الأصل مشتقة من techno و logia أي تعني علم التقنية، و اصطلاحا تعني التطبيقات العلمية للعلم والمعرفة في جميع المجالات التي يعيشها المجتمع الحديث وبعبارات أخرى تدلّ التقنية أو التكنولوجيا على الطرق التي يستخدمها الأفراد في اختراعاتهم واكتشافاتهم لتلبية حاجاتهم وإشباع رغباتهم، فقد كان لزاما على البشرية منذ أزمنة بعيدة أن يناضلوا ليحصلوا على المأكل والملبس والمأوى، ولقد قام الإنسان عبر العصور التي مرت باختراع الأدوات والأواني والمواد والأساليب لكي يجعل العمل أكثر يسراً كما اكتشف أيضا الطاقة المائية والكهربائية التي زادت معدلات العمل الذي يقوم بإنجازه.
بناء على هذا التعريف الشامل والعام فالإنسانية اليوم تعتمد على الاتصالات الحديثة وعلى التطورات في التقنيات ومعالجة البيانات خاصة الإلكترونية منها، لذلك يستخدم هذا المصطلح أحيانا لوصف استخدام معين للتقنيات الصناعية المتخصصة إلى أهداف محددة وتطبيقات بعينها، كما أن لها أدواتها ووسائلها لتحقيق تلك الأهداف وتعدّ مهنة الهندسة التقنية مسؤولة على الكثير من التقنيات الصناعية الحديثة والمتطورة[8].
5 – خصائص التقنية الحديثة :
تتميز التقنية الحديثة بعدد من الخصائص، والتي من أهمّها ما يلي:
– أن التقنية غير مرتبطة بدين أو لون أو حضارة، فكل من أرادها أمكنه الحصول عليها، ولذا أخذت بها كل الأديان دون تمييز.
– أنها إرث مشترك ومعارف تراكمية شاركت كل أمة من أمم الأرض في إثرائها على مرّ الدهور والسنين، فالإبداع والابتكار والاختراع من خصائص البشر التي تميزوا بها عن غيرهم من المخلوقات، وهذه تبين حكمة الله في خلق الإنسان وفي عمارة الأرض وتطويرها وتنميتها واستثمار ثرواتها ومقدراتها[9].
– التقنية أو التكنولوجيا التي تركز على التنمية المستدامة هي المفتاح الأساسي لحل مشكلات الماضي وفتح المشكلات التي تظهر بالمستقبل[10].
6 – إيجابيات التقنية الحديثة على التنمية المستدامة :
تتمثل إيجابيات التقنية على التنمية البشرية المستدامة بما قدمته الأولى للثانية من أفضال، وتسمى في بعض أدبيات التنمية البشرية المستدامة فضل التكنولوجيا على التنمية والتغير، وقد جاء في جوانب عدة نذكر منها ما يأتي:
أ- التقنية موفرة لرأس المال المادي، وهي الأفضل في استخدامها بالدول النامية.
ب-التقنية موفرِّة للعمل والجهد، إذ دخلت في كل مراحل الإنتاج وقد تم توظيفها، فلا نكاد نرى مصنعا صغيرا أو كبيرا إلا وكانت التقنية هي التي تحرك الانتاج فيه.
ج- التقنية لا يستغنى عليها في كل المشاريع التنموية.
د – التقنية داخلة في كل ما يخص صحّة الإنسان من تصنيع للأدوية، والتي حققت أحد أهداف التنمية، إذ يرجع الفضل للتكنولوجيا المتطورة في تصنيع الأدوية والعلاجات المتطورة وفي القضاء على معظم الأمراض التي أصيب بها الإنسان في العقود الماضية.
من هذا استنتجنا أن الهدف من التطور التقني هو نتيجة الحاجة المستمرة للنمو والتنمية وللرفع من إمكانيات المنتوج والاستجابة لرغبات أفراد المجتمع في التطوير وحياة الرفاهية، أيضا لم يعد الإنسان في تنقلاته يحتاج إلى تقليدية المواصلات والاتصالات، فالآن أصبح بسهولة ويسر يصل إلى أي مكان في العالم في ثوانٍ بكبسة زرّ أو جرت أنامل على تقنيات متطورة تحمل في جيوب الأفراد.
7 – سلبيات التقنية الحديثة على التنمية المستدامة :
الحقيقة كما للتكنولوجيا أو التقنية الحديثة إيجابيات يجب أن نعترف بأن هناك جملة من السلبيات أظهرتها في استخدامها السيء فيما يضر بالتنمية البشرية نذكر منها :
أ- الاستخدام العسكري المدمّر اليوم والحروب المنتشرة بين معظم سكان العالم وبتقنية متطورة حديثة حتى بات العالم يعيش ما يعرف بالرعب التكنولوجي.
ب- إحداث تغييرات لا رجعة عنها في الصحة والبيئة، خاصة فيما يتعلق بالتجارب الجينية والزراعية وما نجم عنها من أمراض مزمنة كالسرطان وغيرها من الأمراض التي جاءت بها التكنولوجيا والتي لم تعرفها البشرية في تاريخها السابق.
ج ــ عدم المساواة في الوصول والاستحقاق وفقدان فرص العمل والكلفة التي يتحملها الفقراء وانتهاك الخصوصية والحرية والتنمية؛ والغش والسرقة والهجمات الإلكترونية، والتلاعب المالي والابتزاز كلها جاءت بها التقنيات المتطورة.
د ــ هناك سلبيات تتعلق بزعزعة الصناعات التقليدية والتي أصبحت ليس لها قيمة، وأصبح الخلل واضحا من استخدامات التقنية.
ر ــ على مستوى الأدوار الاجتماعية فيما يتعلق بالتربية وسلب الأدوار الطبيعية للأسرة.
ز ــ انعكست التقنية اليوم على لغة الحوار الأسري، أيضا نجم عنها الكثير من القضايا والتي على رأسها التفكك وانتشار ظاهرة الطلاق بسب الإفراط في استخدام التقنية والهروب من الواقع المعيش وإهدار الوقت.
ثالثاً ــ علاقة التقنية الحديثة بالتنمية البشرية المستدامة:
للتكنولوجيا والابتكار دور هام في تحقيق التنمية البشرية المستدامة و الشاملة، وقد أظهرت الدراسات التي أعدّت قبل صياغة خطة التنمية المستدامة لعام 2030، وبعد إقرارها مدى مساهمة العلوم والتكنولوجيا والابتكار في التنمية، بات ينظر إلى العلوم والتكنولوجيا والابتكار كأداة حاسمة لتحقيق تلك الأهداف في إطار الثورة المعرفية، وتسارع التقدم التكنولوجي[11].
من هنا أيضا بات من الضروري وضع التكنولوجيا المتطورة والبارعة في خدمة كل ما هو تنموي ومؤسسي بأي مجتمع يتطلع إلى التنمية الشاملة والمخططة لها مسبقا عن طريق التكنولوجيا والتي تضع في حساباتها الرقمية كل ما يحتاجه أي مشروع تنموي مسابقة للزمن والوقت، اليوم لا نجد أي مشروع تنموي وحسب الدراسات إلا وكانت الحاسبات التقنية هي الأسبق في وضع الخطط وعلى أيدٍ كفؤة في هندسة برامج التقنية والمشروعات، فالعلاقة التي تربط التقنية اليوم هي علاقة وظيفية functional relationship بحتة أصبحت فيها التقنية نسقا من أنساق المجتمع بعد ما كانت شيئا كماليا اليوم دوره وظيفي لا يستغنى عنه وعلى صعيد كل المجالات والقطاعات الأخرى بالمجتمع سواءً قطاع التعليم أو الصحة أو التدريب أو الاقتصاد بكل تكويناته الصناعية منها أو الخدمية.
رابعاً ــ تداعيات كوفيد 19 على التنمية البشرية المستدامة: البلدان العربية نموذجا :
أهم الآثار المتوقعة في ظل جائحة كورونا (COVID-19) على التنمية البشرية المستدامة في المنطقة العربية بالإضافة إلى الصراعات المتعددة والضغوط المالية المتفاقمة عليها كان هناك عديد من التداعيات والتحديات التي أثّرت بشكل سلبي على جهود تحقيق أهدافها في التنمية، والتي يمكن رصدها على النحو الآتي:
– لقد خسرت المنطقة العربية في عام 2020 ما لا يقلّ عن 42 مليار دولار مع اتّساع رقعة هذا الوباء في الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الاقتصادات الكبرى في العالم.
– أدّى انتشار وباء كورونا إلى استمرار الانخفاض الشديد في أسعار النفط، وازداد هذا الانخفاض حدةً نتيجةً لحرب أسعار النفط، ممّا أدى إلى خسارة المنطقة العربية قيمتها الصافية إلى نحو 17 مليار دولار تقريباً، وذلك في الفترة من يناير إلى يونيو 2020، وإذا بقيت أسعار النفط على حالها، فستخسر المنطقة 550 مليون دولار تقريباً كلّ يوم ومن المتوقع أن تنخفض صادرات المنطقة العربية بمقدار 28 مليار دولار وقد تصل إلى 1.8 مليار دولار.
– في الفترة الممتدة ما بين يناير ومايو 2020، سجّلت الشركات في المنطقة العربية خسائرا هائلة في رأس المال السوقي، بلغت قيمتها 700 مليار دولار.
– من المتوقّع أن تخسر المنطقة 1.7 مليون وظيفة في عام 2020، مما يؤدي إلى ارتفاع معدل البطالة بمقدار 1.2 نقطة مئوية، انخفض نشاط قطاع الخدمات بمعدّل النصف.
– قد تتقلّص الطبقة المتوسطة في المنطقة العربية أكثر فأكثر، مما قد يدفع 8.3 مليون شخصا إضافيا إلى شِباك الفقر، ومن المتوقع أن يعاني 1.9 مليون شخص إضافي من نقص التغذية في المنطقة العربية.
– قد تشهد المنطقة العربية نقصاً في الغذاء إذا استمرّ وباء كورونا لعدة أشهر في العالم، فسلاسل إنتاج الغذاء وتوريده ونقله وتوزيعه ستتأثر سلباً إذا طال انتشار هذا الوباء العالمي.
– يهدد وباء كورونا 55 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الإنسانية في المنطقة العربية، حوالي 24 مليوناً من المحتاجين إلى هذه المساعدات هم إمّا لاجئون وإما نازحون داخلياً أو خارجياً [12].
وهذا كله أضر بمشاريع التنمية في هذه البلدان، وأصبحت ديونها تتراكم نتيجة لتأخير التنفيذ خاصة المشروعات الكبرى.
خامساً: انعكاس كوفيد (COVID-19) على قطاع التعليم :
لتحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية البشرية المستدامة 2030، وهو التعليم الجيد لكل شرائح المجتمع دون استثناء، فقد تسببت جائحة كوفيد- 19 في تأخر أكبر انقطاع على مواصلة التعليم بالتاريخ، حيث كان لها حتى الآن بالفعل تأثير شبه شامل على طالبي العلم والمعلمين حول العالم، من مرحلة التعليم الابتدائي إلى المدارس الثانوية، ومؤسسات التعليم والتدريب التقني والمهني، والتعليم العالي بالجامعات، ومنشآت تنمية المهارات، وبحلول منتصف أبريل 2020، كان 94 % من طالبي العلم على مستوى العالم قد تأثروا بالجائحة، وهو ما يمثل 1,58 بليون من الأطفال والشباب، من مرحلة التعليم الابتدائي إلى التعليم العالي في 200 بلدا.
وقد أتيح من خلال هذه الجائحة التعلم عبر الإنترنت في قطاع التعليم العالي بشكل عام وفي كل دول العالم من خلال المحاضرات المسجلة ومنصات الإنترنت، وأرجأت بعض الجامعات التعلم والتدريس حتى إشعار آخر في معظم المجتمعات العربية، بسبب النقص في البنى التحتية لتكنولوجيا أو تقنية المعلومات اللازمة لكل من الطلاب والمعلّمين، ولا تزال هناك تساؤلات أيضاً حول هذه القضية والمجتمع الليبي أحد المجتمعات العربية التي تعاني هذه الإشكالية، وينبغي لنا اغتنام الفرصة لإيجاد سبل جديدة لمعالجة أزمة التعلُّم وطرح مجموعة من الحلول التي كانت تعتبر صعبة أو مستحيلة التنفيذ في السابق، ويمكن أن تكون نقاط الانطلاق التالية في طليعة الجهود التنموية من خلال التركيز على معالجة الخسائر في مجال التعلُّم والحيلولة دون التسرب من التعليم، لا سيما بين الفئات المهمشة؛ وإتاحة برامج توفير المهارات اللازمة للتأهيل للحصول على العمل؛ ودعم مهنة التدريس واستعداد المعلمين وتوسيع تعريف الحق في التعليم هدف التنمية البشرية المستدامة الرابع لعام 2030 ليشمل الوصول الحق في التعليم؛ وإزالة الحواجز أمام المتعلمين؛ وتعزيز البيانات عن التعلُّم ورصد التعلُّم؛ وتقوية الترابط والمرونة عبر جميع مستويات أنواع التعليم والتدريب.
ونختم أن التقنية الحديثة لها انعكاس سلبيي مثل هو إيجابي على التنمية البشرية وليس على التعليم فقط وإنما على كل قطاعات التنمية البشرية المستدامة.
الخلاصة والاستنتاجات :
من خلال ما تم عرضه نستنتج جملة من الاستنتاجات، جاءت كالآتي:
– أن مشكلة هذا البحث تحتاج إلى المزيد من البحث والدراسة وفي تواقيت أخرى نستنتج من خلالها مدى تأثير التقنية الحديثة والمتطورة على تنمية الإنسان، خاصة على مستوى مجتمعات العالم الثالث أو النامية.
– تعرفنا على مفهوم التنمية البشرية المستدامة وعلى الوجه الإنساني لها، وسعي الكثير من الدول نشر تقاريرها التنموية، وتأكيدها على الجوانب الاجتماعية، واهتمامها بتوفير المعلومات الخاصة بأبعاد وأهداف التنمية البشرية المستدامة.
– أيضا من خلال هذا البحث عرفنا أن للتقنية مفهوما أجمع عليه معظم العلماء على أنها الوجه الآخر للعلم والمعرفة في وجهها المادي التطبيقي، وأن لها أوجها إيجابية على التنمية البشرية وأخرى سلبية.
– هناك علاقة شبه طردية بين التطور التقني والتنمية البشرية المستدامة، أي كلما كان هناك تقنية متطورة بالمجتمع كلما كان هناك تنمية متطورة بالمجتمعات، والدلالة على ذلك الدول المتقدمة.
– لقد كان لانتشار وباء كوفيد 19 آثارا واضحة على اقتصاديات العالم خاصة الدول العربية، والتي لا يستثنى منها المجتمع العربي الليبي، فأثرت على الإنتاج والخدمات والتسويق والاستثمار والقدرات على التنمية وكل الموارد، وارتفعت معدلات الفقر وذوي الدخل المتوسط والمحدود وانعكس تأثير الوباء على صحة المجتمع، وأصبح الصرف على العلاجات وبقدرات محدودة بالدول النامية وفي غياب العلاجات والأمصال المضادة أو اللقاحات.
– لقد أثر وباء كوفيد 19 عامة على قطاع التعليم في العالم وبشكل كبير في غياب استخدام التكنولوجيا المتطورة وأجهزة الاتصال خاصة على مستوى دول العالم الثالث.
قائمة المراجـــع :
1 ـ ف. دولاجلاس موشسيت، ترجمة بهاء شاهين، القاهرة، الدار الدولية للاستثمارات الثقافية، الطبعة الأولى، 2000.
2 ـ على غربي وآخرون، تنمية المجتمع من التحديث إلى العولمة ،الجزائر، دار الفجر للنشر والتوزيع،2003 .
3- الأمم المتحدة، موجز سياساتي، التعليم أثناء جائحة كوفيد 19 وما بعدها، أغسطس 2020.
http://hdr.undp.org/en/hdp-covid
4 ـــ الأمم المتحدة، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقرير التنمية البشرية، 1992.
5- عبد الله مبارك آل سيف، استخدام تقنية الحاسب في العلوم الإسلامية والعلوم المساندة، الرياض: https://www.alukah.net/library/0/59871
6 ـ برنامج الأمم المتحدة (بيروت)، الابتكار والتكنولوجيا من أجل التنمية المستدامةـ ـ آفاق واعدة في المنطقة العربية لعام 2030.
7 ــ حسين الطلافحة وآخرون، تداعيات أزمة كوفيد- 19 على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، حالة الدول العربي مجلة التنمية والسياسات الاقتصادية، المجلد الثاني والعشرون، العدد الثالث، المعهد العربي للتخطيط.
8 ــ نوري محمد شقلابو، راس مال الاجتماعي بين عمال الصناعة وانعكاسه على التنمية المستدامة، جامعة الزاوية، ليبيا، الطبعة الأولى، 2013.
9- WCED (World Commission on Environment and Development), Our Common Future, Oxford: Oxford University Press, 1987.
10- The 17 sustainable development goals and their relevance to kidney health, 2015 https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5996218
.11 -What is Technology’ , www.edu.pe.ca, Retrieved 282018-10 . fdited. Andy Lane, – 2006.
[1] الشبكة الدولية للمعلومات : الأمم المتحدة، موجز سياساتي، التعليم أثناء جائحة كوفيد 19 وما بعدها، أغسطس 2020، ص1. http://hdr.undp.org/en/hdp-covid
[2] ـــ الأمم المتحدة، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقرير التنمية البشرية، 1992.
[3] – ف. دوجلاس موسشيت، “مبادئ التنمية المستدامة”، ترجمة بهاء شاهين، الدار الدولية للاستثمارات الثقافية، القاهرة،2000، ص 17.
4-WCED (World Commission on Environment and Development), Our Common Future, Oxford: Oxford University Press, 1987.pp8,43
[5] نوري محمد شقلابو، رأس المال الاجتماعي بين عمال الصناعة وانعكاسه على التنمية المستدامة، جامعة الزاوية، الطبعة الأولى، 2013، ص79- 80.
[6] على غربي وآخرون، تنمية المجتمع من التحديث إلى العولمة، الجزائر: دار الفجر للنشر والتوزيع،2003، ص 57.
7-The 17 sustainable development goals and their relevance to kidney health, 2015 https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5996218
“8-What is Technology’ , www.edu.pe.ca, Retrieved 282018-10 . fdited. Andy Lane 2006, p 9-14
[9] – عبد الله مبارك أل سيف، استخدام تقنية الحاسب في العلوم الإسلامية والعلوم المساندة، الرياض، https://www.alukah.net/library/0/59871
[10] ـ ف. دولاجلاس موشسيت، ترجمة بهاء شاهين، مرجع سابق، ص 105.
[11] ـ برنامج الأمم المتحدة (بيروت)، الابتكار والتكنولوجيا من أجل التنمية المستدامةـ، آفاق واعدة في المنطقة العربية لعام 2030، ص 9.
[12] ــ حسين الطلافحة وآخرون ، تداعيات أزمة كوفيد- 19 على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، حالة الدول العربي مجلة التنمية والسياسات الاقتصادية، المجلد الثاني والعشرون – العدد الثالث ، المعهد العربي للتخطيط -39- ص 54-ـ 56.