قبيلة الكعوب في الدّولة الحفصية بين الخضوع والتمرّد من سنة 625 هجري إلى سنة 750 هجري
The Al-Ka`ub tribe in the Hafsid state between submission and rebellion from the year 625 AH to the year 750 AH
د. سندس ابن حمد/كلية الآداب والعلوم الإنسانية، صفاقس، تونس
Dr. Sondes Ibn Hamad/Faculty of Letters and Human Sciences of Sfax, Tunisia
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 83 الصفحة 43.
ملخص:
سندرس في هذا البحث علاقة قبيلة الكعوب بالدولة الحفصية، حيث سنبين في البداية مراحل ظهور قبيلة الكعوب على الساحة السياسية، وتمكنت هذه القبيلة من افتكاك مكانتها داخل الدولة، وذلك بداية من فترة حكم أبي إسحاق إبراهيم (678/683 هجري) أي عند بداية ضعف الدولة. وازدادت سلطتها مع ثلاثة خلفاء وهم السلطان أبو حفص (683/694 هجري) والسلطان أبو يحيى اللحياني (711/717هجري) وآخرهم السلطان أبي العباس الفضل (750/751هجري)، حيث عول عليهم هؤلاء الخلفاء للحفاظ على ملكهم، وفي المقابل استغل الكعوب هذا الوضع وحكموا البلاد على هواهم، لكن لم يدم هذا الأمر طويلا، حيث كانت الموازين تنقلب عليهم عند ظهور خليفة حفصي معاد لهم، وقد تقهقر دور هذه القبيلة في ظل خمسة خلفاء وهم: أبو عصيدة (694/709هجري) وأبو البقاء خالد (709ه/711ه) وأبو بكر (718ه/747ه) وأبو حفص عمر (747ه/748ه) وأبو الحسن المريني (748ه/750ه)، وأضحى الكعوب في ظل هؤلاء الخلفاء يثيرون القلاقل والكثير من الثورات، فما هو السبب في ظهور هذه الثورات؟ وكيف تعاملت الدولة الحفصية معهم؟
الكلمات المفتاحية: الكعوب، الدولة الحفصية، ثورة، تمرد، انصياع، إفريقية.
Abstract :
In this research, we will study the relationship of the Al-Ka`ub tribe with the Hafsid state, where we will initially show the stages of the emergence of the Al-Ka`ub tribe on the political scene, Country, The authority of this tribe increased with three caliphs: Sultan Abu Hafs (683/694 AH), Sultan Abu Yahya al-Lihyani (711/717 AH), and the last of them was Sultan Abu al-Abbas al-Fadl (750/751 AH), as these caliphs relied on them to preserve their king, On the other hand, the heels took advantage of this situation and ruled the country as they wished, But this matter did not last long, as the scales were turning against them when the adversary of the Hafsi caliph appeared, and the role of this tribe declined under five caliphs: Abu Asida (694/709 AH), Abu Al-Baqa Khalid (709 AH/711 AH) and Abu Bakr (718 AH/ 747 AH) and Abu Hafs Omar (747 AH / 748 AH)And Abu al-Hasan al-Marini (748 AH / 750 AH), and Al-Ka`ub became under these caliphs, causing unrest and many revolutions, What is the reason for the emergence of these revolutions? How did the Hafsid state deal with them?
Keywords: the heels, the Hafsid state, revolution, rebellion, submission, Africa.
مقدمة:
يظل التاريخ السياسي للدولة الحفصية من أكثر أنواع التاريخ دراسة، لكن وبالرغم من ذلك إلا أنه هنالك بعض الجوانب القليل توضيحها وبعيدة عن مناطق الضوء، وذلك بالرغم من أهميتها في فهم التاريخ السياسي لهذه الدولة، وتتمثل خاصة في علاقتها مع القبائل العربية المتمركزة في المنطقة، لذلك سنهتم في هذه الدراسة بتوضيح الدور الذي لعبته قبيلة الكعوب على الساحة السياسية الحفصية، ونظرا لطول فترة انتصاب هذه الدولة، سنهتم فقط بالفترة الممتدة من بداية نشأة الدولة الحفصية إلى منتصف القرن الثامن هجري، وأقيمت الدولة الحفصية سنة 625 هجري على أنقاض الدولة الموحدية في إفريقية، وينتسب الحفصيون إلى الشيخ أبي الحفص يحي بن عمر الهنتاتي، وينتمون إلى قبيلة هنتاتة فرع مصمودة، وكان مؤسس هذه الدولة هو أبو زكرياء يحيى ابن عبد الواحد، وتعتبر فترة حكمه فترة رخاء اقتصادي على كل المستويات، وقد ساعد في ذلك الهدوء والأمن الذي شهدته إفريقية، حيث قام بكبح جماح الأعراب والتخلص من ثوراتهم، وذلك بفضل دهائه السياسي، إذ تمكن من زرع الفتنة بينهم، وضربهم ببعض لكي يتفرقوا، ويسهل بذلك التحكم فيهم، وكانت فترة ابنه المستنصر (647 هجري/675هجري) فترة توسع مجالي، لكن بالرغم من ذلك قد كانت لا تخلُ من الاضطرابات الداخلية، وبانتهاء فترة حكمه، انتهت معه فترة القوة للدولة الحفصية، ودخلت في فترة ضعف وركود سياسي، وتعود أسباب هذا الضعف إلى تعدد الصراعات داخل البيت الحفصي على الحكم، كما زاد من حدة هذه الأزمة هو ظهور القبائل العربية على الساحة السياسية خاصة قبيلة الكعوب، إذ وجدت هذه القبيلة من هذا الضعف الفرصة التي افتقدتها منذ قيام الدولة الموحدية، فكانت الدولة الحفصية تستعملها ضد الثائرين واقتطعت لها عند ذلك الأراضي كي تستميلها، كما أوكلت لها جباية الأراضي المستضعفة، وجعلت من رؤسائها أو شيوخها المستشارين لها، أما إذا تمادت في أطماعها، فقد كانت الدولة الحفصية تكبح جماحها، وتنقلب عليها، كما عامل الكعوب الدولة الحفصية بنفس المكيال، حيث كانوا يخلصون لها إذا كان ذلك في مصلحتهم، وقد اضطروا إلى الثورة عليهم عندما تضر الدولة بمصالحهم، حتى أنهم قد يساعدون الثائرين عليها، وتعد الغاية من اختيار هذه الفترة، هو محاولة مقارنة حالة قبيلة الكعوب في فترة قوة الدولة الحفصية مع فترة ضعفها.
فما هي مراحل ظهور هذه القبيلة رسميا على الساحة السياسية؟ وما هو الدور الذي لعبته في التاريخ السياسي الحفصي؟ وكيف تعاملت الدولة الحفصية مع هذه القبيلة؟
أولا- قبيلة بني كعب وظروف ظهورها في الدولة الحفصية:
- – التعريف بقبيلة بني كعب:
ينتمي الكعوب إلى قبيلة بني سليم، وهم بنو سليم بن منصور بن عكرمة بن خطفة بن قيس، وهم بطن من بطون مضر، وكانت ديارهم بنجد[1]، وتتعدد بطون بني سليم وعشائرهم وكلهم من أبناء بحتة ابن سليم[2]، وكانت بنو سليم في الجاهلية من أشهر القبائل العربية، وينعمون بالرخاء المادي، حيث امتهنوا مهن كثيرة منها الزراعة والتجارة، واشتركوا مع غيرهم من العرب في رحلتي الشتاء والصيف، فهيمنت بلادهم على طريق التجارة الرابط بين الشام والعراق[3]، أما في الفترة الإسلامية، فقد ساهمت هذه القبائل في فتح مكة، إذ كان عددهم في جيش الرسول صلى الله عليه وسلم بما يقارب عن سبعمائة فارس[4]، كما كان لبني سليم دورا في الفتوحات الإسلامية، حيث ساهموا في فتح الكوفة والبصرة وسائر أنحاء العراق وخرسان والشام ودمشق وديار بكر وبلاد الجزيرة في الرها وحران والمغرب والأندلس.
وخلال الفترة العباسية، كثر فسادهم وخرجوا عن طاعتها، فكانوا يغيرون على المدن، وتواطئوا مع القرامطة، واستولوا على البحرين، وعندما عاد العباسيين للسلطة طردوهم إلى صعيد مصر، كما قام الخليفة الفاطمي في مصر بطردهم إلى إفريقية مع قبائل بني هلال، وكانت غايته من ذلك للتخلص منهم لأنهم كانوا يفسدون في الأرض، كما واجهت مصر في تلك الفترة أزمة اقتصادية بسبب المجاعة التي اجتاحتها، ورغب كذلك في التخلص من بني زيري الذين خرجوا عن طاعته في إفريقية، وتعتبر هذه الهجرة بمثابة الكارثة الحقيقية لمدن إفريقية، حيث حملت في طياتها الكثير من الدمار والخراب، وتسببت بالفعل في سقوط الدولة الصنهاجية، وبذلك تمكن الخليفة الفاطمي من تأديب الصنهاجيين[5]، وعندما استقرت هذه القبائل في المنطقة، قسموا البلاد بين بعضهم، فكان لقبائل بني سليم الشرق، وامتلكت القبائل الهلالية الغرب[6]، ودخل إلى إفريقية من بني سليم أربعة بطون، وتتمثل في زغب وذباب وهيب وعوف، وينتمي الكعوب إلى بطن عوف، وهم بنو كعب بن أحمد بن ترجم، وكان موطنهم من وادي قابس إلى أرض بونة[7].
ووجدت سكناهم في أغلب الأحيان في الأرياف بسبب طبيعة عيشهم التي فرضت عليهم ذلك، فأغاروا على الزياتين والزروع، كما قطعوا الطرق، وفرضوا على كل مدينة دفع الإتاوات والمغارم، فأصبحوا سادة إفريقية، لكن دون أن يؤسسوا ملكا، حيث كانت الانقسامات التي شهدتها هذه القبائل، جعلتها لا تتفق على رأي باستثناء إمارة بني جامع في قابس التي انتهت على إثر قدوم الموحدون[8]، وظلوا كذلك حتى قدوم الموحدين سنة 555 هجري، فوجدت هذه القبائل نفسها أمام قوة منظمة تريد أن تهيمن على المنطقة، وعلم الموحدون مدى خطورة الوضع، لذلك اتبعوا معهم شتى الطرق لترويضهم والاستسلام لهم[9].
وبقيت هذه القبائل على نفس الحال إلى حين ظهور الدولة الحفصية، حيث ستتبدل المعطيات، وستسترجع مكانتها ونفوذها من بداية تشكل الدولة الحفصية وذلك عبر مراحل متعددة، إذ ستقتنص كل فرصة تعيد لها مجدها في المنطقة مثلها مثل بقية العرب، لكن ليست بنفس الكيفية، لأن هذه القبيلة ستصبح القبيلة الأولى في المنطقة، فكيف سيتم ذلك؟
2-بداية ظهور قبيلة بني كعب في الدولة الحفصية:
- قبيلة الكعوب خلال فترة حكم أبو زكرياء الحفصي وابنه المستنصر(647/675هجري):
عندما أقيمت ثورة ابن غانية (من سنة 580 إل ىسنة 631 هجري) في إفريقية بجهات طرابلس وقابس وضواحيها، اجتمعت القبائل العربية للقتال مع ابن غانية، فقام قراقش الغزي بقتل ثمانين من الكعوب، فهربوا إلى برقة، وساندوا الحفصيين عند ظهورهم للقضاء على هذه الثورة، وكان في ذلك الوقت شيخة بن يعقوب بن كعب يترأس القبيلة، وبذلك علت قيمة الكعوب عند الحفصيين، وعندما استقل أبو زكرياء الحفصي بالحكم قربهم وأغدق عليهم بالعطايا، كما استعملهم في محاربة بني رياح وتهجيرهم من مجالهم نحو المنطقة الكائنة من تلول قسنطينة وبجاية إلى الزاب، وفي المقابل مكنهم هذا السلطان من الاستحواذ على مجال بني رياح، فملك بذلك الكعوب وبقية بني عوف ضواحي إفريقية، كما أقرهم على ديوان العطاء، ولم تنتهي خطة أبو زكرياء الحفصي عند هذا الحد، حيث زرع بذور الفتنة بين قبائل بني عوف نفسهم وهم بني علاق (ينتمي لهم الكعوب) وبين بني مرداس، وقد تواصلت هذه الفتنة إلى عهد ابنه المستنصر، إذ كان شيخ بني علاق في ذلك الوقت عبد الله بن شيخة يحرض السلطان على بني مرداس، فتم له ذلك، وساندهم في حربهم عليهم، كما مكنهم من الاستحواذ على مواطنهم بعد أن تم تهجيرهم منها، كما كانت الكعوب في فترة حكمه تقيم علاقات مع رجال الدولة، إذ كان كعب شيخ هذه القبيلة له علاقة صداقة مع أبي سعيد العود الرطب شيخ الموحدين، وساعده للحصول على امتيازات أكثر، فزاد ذلك من قيمته ومن ثروته، إذ قام السلطان الحفصي من اقتطاع لهم أربعة قرى بجهة صفاقس وبناحية الجريد وبإفريقية، وتوارثها أبناؤه فيما بعد[10].
وبدأت مرحلة الصراع والتطاحن على السلطة وعلى إثر وفاة المستنصر الحفصي، حيث انتزع أبي إسحاق إبراهيم (678/683 هجري) السلطة من ابن أخيه يحيى الواثق (ابن المستنصر) الذي قتله هو وأبنائه، وقد جاء ذلك نتيجة ضعف يحيى الواثق والتفكك الداخلي بسبب صراع رجال دولته[11].
- قبيلة الكعوب في فترة حكم أبي إسحاق إبراهيم (678/683 هجري):
كان هذا السلطان غير مسيطر على الأوضاع الداخلية، كما كان غير واثق من نفسه ولا من رجال دولته، إذ كان مجيئه إلى السلطة غير شرعي، بل افتكها عنوة، لذلك لجأ إلى العنف كحل للقضاء على معارضيه، ومازال العرب ومن بينهم قبيلة الكعوب حتى هذه الفترة منزويين ومنتظرين الفرصة المناسبة للبروز من جديد على الساحة السياسية، ولم تظهر إلا في حدث وحيد، وتمثل في قدوم أحمد بن أبي كعب إلى السلطان أبو إسحاق والطلب منه توليته على رئاسة القبيلة بدل أولاد شيخة، فأقره عليها، وعند وفاته، ظلت الرئاسة في أبنائه، وكان أولهم أبو الفضل ثم أبو الليل[12]، وبقي كذلك حالهم إلى أن قامت ثورة الدعي[13]، حيث كانت ثورته طالع خير على الكعوب وبداية بروزهم بصفة رسمية في الدولة، إذ قامت الكعوب وبقية العرب والعامة بمساندة الدعي في ثورته على السلطان أبي إسحاق إبراهيم، ويعود السبب في ذلك إلى ضعف الدولة الحفصية في كل المستويات، حيث استبد هذا السلطان بالحكم، وأخذ يكثر من القتل خاصة في أعوانه، كما واجهت السلطنة الحفصية في فترته أزمة اقتصادية، إذ نقص المجبى وكثر الإنفاق، وازدادت حدة بطش العرب، واستولوا على القرى والمنازل، ونهبوا الأموال، وهتكوا الأعراض، وفي المقابل، كان السلطان منغمسا في لذاته وكثرة إنفاقه، فزاد ذلك من حدة غضب العامة بما فيهم بقية القبائل العربية[14]، فعظم بذلك أمر الدعي في البلاد، واستولى عليها سنة 681 هجري، لكن عندما أخذ بزمام الأمور تنكر للقبائل العربية التي ساندته، إذ بادر بالقبض على ثلاثة من العرب، وصلبهم عند حصوله على الحكم، كما قام بالقبض على قرابة ثمانون شيخا من بني علاق، وسجنهم عندما دخل إلى مدينة تونس، إذ شكت له العامة كثرة فسادهم وعيثهم، فتسبب ذلك في نفور العرب منه وعلى رأسهم الكعوب، فثاروا عليه، وعندما سمعوا بوجود الأمير أبو حفص في قلعة سنان بعد هروبه من الدعي، سافروا إليه، وقدموا له بيعتهم، وكان يترأسهم في ذلك أبو الليل رئيس قبيلة الكعوب الذي ساعده بعد ذلك في حربه على الدعي، واسترجع حكمه سنة 683 هجري[15].
وعند هذا التاريخ، ستصبح قبيلة بني كعب قبيلة الدولة الحفصية الأولى، حيث ستعول عليها الدولة الحفصية في زمن الحرب والسلم، لكنها لم تجد ما تبحث عنه إلا في ظل ثلاثة سلاطين، وظلت هذه القبيلة في بقية الفترات تصارع للحفاظ على مكتسباتها والتصرف بحرية مطلقة.
ثانيا – العصر الذهبي لقبيلة الكعوب في ظل الدولة الحفصية:
وصل الكعوب إلى هدفهم، وحصلوا على الكثير من الامتيازات في حكم ثلاثة حكام وهم السلطان أبو حفص (683/694 هجري) والسلطان أبو يحيى اللحياني (711/717هجري) وآخرهم السلطان أبي العباس الفضل (750/751هجري)، واشترك هؤلاء السلاطين الثلاثة في أن وصولهم للحكم كان بمساعدة قبيلة الكعوب، وعند توليهم الحكم، سيطر الكعوب عليهم، وحكموا البلاد على هواهم.
ففي فترة حكم أبو الحفص (683/694 هجري)، قد وصل بهم الأمر إلى التباهي بذلك أمام الناس، إذ ذكر أحد الكعوب أنه كان يدخل إلى مسجد السلطان بنعليه، وكان السلطان لا يحرك ساكنا[16]، وأشرك أبو يحيى اللحياني (711/717هجري) حمزة بن علي بن عمر بن أبي الليل في الحكم، وأقره على رئاسة العرب[17]، وكذلك فعل أبي العباس الفضل نفس الشيء، حيث ملكهم البلاد، وشاركوه في الديوان، واشتطوا في مطالبهم، كما بلغ فسادهم الحد الكبير، حتى وصل بهم الأمر إلى أخذ البرطيل (الرشوة) على تولية الشهود[18].
وقدم لهم السلاطين الثلاثة الكثير من الامتيازات للمساعدات التي قدموها لهم لاعتلاء الحكم، حيث أعطاهم السلطان الحفصي أبو الحفص أملاك، وبذلك يعتبر أول سلطان حفصي يفوت في الإقطاعات للعرب، فتحولت هذه القبيلة عند ذلك قبيلة مخزنية، كما أخذت في عهده العوائد[19]، وازدادت قوتهم، فتوسعوا في اتجاه الشمال، وأصبح مجالهم على مشارف مدينة تونس، إذ ذكر التجاني أن الكعوب في فترة حكم أبو حفص عمر قد امتلكوا الأراضي التي كانت جنوب مدينة تونس مباشرة وتحديدا في منطقة باشوا التي لا تبعد عليها كثيرا[20]، وبذلك اتسع مجالها، وأصبحت تسيطر على منطقة التلول والصحراء، فمارست فيها نشاطها الرعوي وإلى جانب استفادتها في هذه المناطق من الإنتاج الفلاحي الذي كانت تأخذه باسم حقوقها وامتيازاتها في هذه الجهات[21]، كما استغلت هذه القبيلة ضعف الدولة وانقسامها[22] والحرية التي أعطيت لها، فاستبدوا بالبلاد، وكثر فسادهم[23]، كما قدم أبو يحيى اللحياني لحمزة بن علي بن عمر بن أبي الليل الأموال الكثيرة والإقطاعات، فأدى ذلك إلى غيرة بقية العرب منه، واستغل هؤلاء السلاطين قبيلة الكعوب، واستعملوها لحمايتهم مستغلين بذلك كثرتهم وبراعتهم الحربية، حيث قام أبو يحيى اللحياني بتولية رئيسها حمزة بن علي بن عمر بن أبي الليل لحمايته من صاحب الثغور الغربية الأمير أبو بكر ابن أبي زكرياء الذي كان يتطلع لاحتلال مدينة تونس[24].
وقام الفضل بتزويج أخته إلى أبي الليل ليضمن بقاء حكمه، كما قرب أبو العباس الفضل قتيبة ابن حمزة ابن أبو الليل، وأدى ذلك إلى حسد وغضب أعوان السلطان، فأقيمت الدسائس ضده والرغبة في إبعاده وتعويضه بأخيه خالد بن حمزة بن أبي الليل، وكان القائم بهذه الدسائس هو الحاجب أبو القاسم بن عتو، فأثارت هذه الدسائس الفتنة بين أبناء الليل، وكادت الحرب أن تقوم بينهم لولا رجوع عمر بن حمزة بن أبو الليل كبير أولاد أبو الليل ومعه أبو محمد عبد الله بن تافراجين من الحج وتمكنهما من الإصلاح بينهما[25].
وكان هؤلاء السلاطين الثلاثة خاضعين إلى هذه القبيلة لأنهم علموا جيدا مدى خطورتها، فاستعملوا معها كل الطرق لاستمالتها واتقاء شرها، وتعد هذه الهبات نتيجة حتمية لمساعدتهم لهم في تولي الحكم وفي حمايتهم، وفي نفس الوقت، فقد تصرف الكعوب حسب رغبتهم، فأبقوا بذلك على ممتلكاتهم المجالية، وتحصلوا على امتيازات أكثر، وبذلك انعدمت ثوراتهم في ظل هذه الفترات الثلاثة، مما أثار غضب بقية العامة والعرب بصفة خاصة، وكانوا غير راضيين عن تقريب هذه القبيلة من السلطة، فكان هذا سببا في حدوث العديد من الثورات في ظل هؤلاء السلاطين الثلاثة.
ثالثا- ثورات الكعوب وتقلبهم على الدولة الحفصية:
شجع ضعف الدولة إقدام قبيلة الكعوب على الكثير من الثورات للحفاظ على ممتلكاتها وخاصة مجال تنقلها الشاسع الذي تحصلت عليه في فترة أبو حفص، كما حرمت أحيانا من الحصول على امتيازات بالرغم من الأعمال التي قدمتها للدولة الحفصية، كما كانت طبيعة العرب المعروفة بها، وهو عدم رغبتهم للخضوع لأي سلطة من بين الأسباب الي جعلها تعلن عصيانها على الدولة الحفصية، فظلت تخلق النزاعات والاضطرابات لفرض نفسها.
- ثورة الكعوب خلال فترة حكم أبو عصيدة (694 ه/709ه):
عندما توفي أبو الحفص عمر، تولى مكانه ابنه أبو عصيدة الحكم، فتقلصت قيمة الكعوب في الدولة الحفصية،
ويعود الأمر في ذلك إلى عدم تقبل السلطان الجديد ما كانت تفعله هذه القبائل في فترة أبوه، حيث كثر فسادهم وتخريبهم وسرقتهم للزرع والجنات، وأصبحت البلاد تحت سطوتهم، وازدادت ثروتهم، وكانت أعمالهم التخريبية محل انتقاد من بقية العامة، فانتظروا الفرصة للانقضاض عليهم، فحدث أن دخل أحد شيوخ الكعوب وهو هداج بن عبيد إلى مسجد الزيتونة في 15 رمضان من سنة 705 هجري، وكان ينتعل حذائه، فنهرته العامة، فأجابهم مغترا بنفسه أنه قد اعتاد الدخول به إلى مسجد السلطان، فتسبب ذلك في غضب العامة، وقاموا بقتله، وسحبوا جثته في الشوارع، فانجر عن ذلك انطلاق مجموعة من الثورات المتتالية دامت قرابة الثلاثة سنوات، إذ أغضبت هذه الحادثة الكعوب، فأعلنوا العصيان والثورة على السلطان الحفصي، فكثر عند ذلك فسادهم، وازدادت سطوتهم وسرقتهم في البلاد، كما قام أحمد أبو الليل رئيس الكعوب في تلك الفترة باستقدام أبو سعيد عثمان بن أبي دبوسآخر أمراء الموحدين، ونصبه عليهم، فقبل ذلك رغبة منه في استرجاع حكمه، وتمثل هدف الكعوب من استجلابه هو أن يكون لهم شرعية سياسية وإيديولوجية في حكم إفريقية، فتصدى أبو عصيدة لهجومهم في مدينة تونس، وعند انتهاء هذه الحرب سنة 707 هجري، قام قائد جيشه ووزيره أبو عبد الله محمد بجولة لإقرار الأمن وتسكين العرب، فقبض على مولاهم بن عمر ابن أبو الليل وأخوه أحمد، وبعث بهما إلى الحضرة، لكن بقيت قبائل الكعوب على عادتها، إذ كانت تثير الفوضى، وتواصل عمليات السلب والنهب، مما أدى إلى اضطراب الأحوال من جديد، وأثار ذلك سخط وغضب العامة التي هاجمت القصبة في مدينة تونس في رمضان سنة 708 هجري محملة الدولة مسؤولية عدم ردع الكعوب، فتصدى لهم أبو عصيدة، وسكن من روعهم، وقام بعد ذلك بتتبع المسئولين عن هذه الثورة، لكن وبالرغم من كل ذلك، قد تواصلت أعمال الفوضى التي كان يعملها الكعوب[26]، وكانت هذه الثورة بداية لسلسلة من الثورات والانتفاضات قام بها الكعوب ضد الدولة الحفصية، وتتمثل الغاية الكبرى من كل ذلك هو رغبتها في استرجاع مكانتها التي ضاعت منها، أي أنها كانت موجهة ضد السلطان أكثر من العامة.
- تمرد قبيلة الكعوب على أبو البقاء خالد(709ه/711ه):
عندما توفي السلطان أبو عصيدة، هب حمزة بن عمر بن أبي الليل لأبو البقاء خالد سلطان بجاية ليساعده في إخراج أخوه مولاهم الذي سجنه أبو عصيدة، وكان هذا الأمر هدفه الظاهر، لكن تمثلت غايته من ذلك هو مبايعة أبو البقاء خالد، وحثه لاسترجاع حكم تونس، إذ قام الموحدين في مدينة تونس بتولية حفيد أبو عصيدة، وهو أبو البكر بن عبد الرحمان غير مهتمين بشرط الصلح[27]، ويعتبر بقاء هذا الأمير في الحكم مأساة بالنسبة للكعوب، حيث كان القسم التونسي للدولة الحفصية معاديا لهم، لذلك يجب البحث عن حليف حفصي آخر تكون له الشرعية، لينصبوه عليهم، بعد أن فوتوا في الحليف الأول بعد الثورات التي أقيمت في الفترات السابقة، فوجدوا الأنسب لهم هو مبايعة أبو البقاء خالد، ومساعدته في استرجاع حقه في حكم إفريقية كاملة، وكانت قبيلة بني كعب في هذه الفترة بدورها منقسمة إلى قسمين، وانتمى كل قسم إلى الجانب الحفصي الذي يرى فيه مصلحته، حيث ساند أولاد أبو الليل السلطان أبو البقاء خالد، الذي كون جيشا، وانطلق به إلى مدينة تونس، وساند أولاد مهلهل الجانب التونسي، والتقى الجمعان على مشارف مدينة تونس، وكانت الغلبة لأبي البقاء خالد وموت أبو بكر بن عبد الرحمان، وعند ذلك أعاد أبو البقاء خالد الوحدة للدولة الحفصية، وعندما اعتلى هذا السلطان الحكم كانت الكعوب تنتظر منه رد الجميل، لكنه قد تنكر لها، ولم يقدم لها أي امتياز مثلما توقعوا ذلك، إذ اعتمد في دولته على حلفائه القدامى من عائلة بني مزني من قبائل بني رياح، إذ أقر على الأشغال أحد أفرادها وهو منصور بن فضل بن مزني، كما استعمل الموحدين من الثغور الغربية، فتسبب إقصاء قبيلة الكعوب من الساحة السياسية وحرمانها من مكافأة في معاداتها له والتفكير فعليا في إنزاله من العرش، كما ساء حال البلاد بسبب جنوح أبو البقاء خالد إلى اللهو والخلود إلى ملذاته، وتغير سلوكه إلى الأسوأ، حيث قام بقتل الكثير من رجال الدولة والأعراب[28]، كما ظهر له منافسون من البيت الحفصي، وهم أبو بكر الذي استقل في قسنطينة وأبي يحيى اللحياني الذي عاد من المشرق، وظل منتظرا في طرابلس لاسترجاع حقه في الحكم.
وكان أبو يحيى اللحياني المنافس الأقوى له خاصة بعد أن سانده أبو بكر صاحب قسنطينة، وحثه على غزو مدينة تونس والتخلص من أبو البقاء خالد الذي نفرت منه العامة بما فيهم العرب[29]، ومثل كل مرة، فقد هب أولاد أبو الليل إلى أبو يحيى اللحياني لتقديم الولاء له وحثه على الهجوم على إفريقية، فقبل طاعتهم، وكون جيشا، وأقرهم عليه ومعهم شيخ دولته أبو عبد الله محمد بن محمد المزدوري، فانطلقوا نحو الحضرة، وفي 8 جمادي من سنة 711 هجري، احتلوها فخلع أبو البقاء خالد نفسه[30].
- تمرد وثورة حمزة ابن عمر ابن أبي الليل على السلطان أبو بكر (718ه/747ه):
ذكرنا من قبل أن أبو يحيى اللحياني قد قرب حمزة ابن أبي الليل وأعطاه امتيازات، مما أثار غضب بقية العرب والعامة، فثارت عليه، وكان في ذلك الوقت غير قادر على إقرار الأمن في دولته بسبب كبر سنه، كما ازدادت أطماع صاحب الثغور الغربية (الأمير أبو بكر) لاحتلال مدينة تونس، إذ أقدم هذا الأمير على التجول في بلاد هوارة سنة 716 هجري، وأخذ منها جبايتها، فجعلت كل هذه الظروف من أبو يحيى اللحياني يحمل عتاده وثروته، ويخرج إلى مدينة قابس سنة 717 هجري معلنا أنه ذاهب لتهدئة الأوضاع فيها، وكان هدفه هو للهروب نحو المشرق، وتولى مكانه ابنه أبو ضربة.
وظهر في هذه الفترة انشقاق في قبيلة الكعوب مرة أخرى وفي عائلة أبو الليل نفسها، حيث حقد مولاهم بن أبي الليل على أخوه حمزة، لأنه قد حضي مكانة متميزة عند ابن اللحياني، فتسبب ذلك في غضبه وخلع طاعة السلطان، وكان مولاهم بن أبي الليل مواليا لأبي بكر صاحب قسنطينة الذي وصل إلى باجة عند سماعه بهروب ابن اللحياني[31]، وفي سنة 717 هجري، انتقل أبو بكر الحفصي صحبة مولاهم إلى تونس، وظلوا ينتظرون في روض السناجرة من رياض السلطان بيعة العامة التي كانت بدورها تنتظر ردة فعل أبو ضربة وأتباعه، حيث خرجوا من تونس إلى القيروان لمراسلة ابن اللحياني في طرابلس، فاعترضهم حمزة ابن أبو الليل، وأبدل وجهتهم، وأعلن عند ذلك مبايعته لأبو ضربة، كما سانده في ذلك بقية العرب والموحدين، وقبل بداية الحرب، تصالح أولاد أبو الليل، فاتفقا على إرجاع أبو بكر إلى قسنطينة، وقد ساعده مولاهم أبو الليل إلى العبور بسلام، وبويع أبو ضربة من كافة العامة.
وفي سنة 718 هجري، كون الأمير أبو بكر جيشا قويا، وعاد به إلى إفريقية، فاعترضه مولاهم ابن عمر في الطريق، وقدم له الولاء مرة أخرى[32]، وأبقى حمزة ابن عمر على مبايعته لأبو ضربة (الذي أقام هدنة مع أبو بكر) وظل منحسرا في المهدية، فتجول عند ذلك حمزة ابن عمر في البلاد للبحث عن مساندين له في ثورته على أبو بكر، فجمع الأعراب، كما استقدم محمد بن أبي عمران قريب اللحياني وصهره من طرابلس، فعاد أبو بكر إلى قسنطينة لتكوين جيشا من جديد، وعند ذلك دخل محمد بن أبي عمران إلى مدينة تونس ومعه حمزة بن عمر، وفي سنة 722 هجري، عاد أبو بكر مرة أخرى إلى مدينة تونس، فطردهم منها، كما قام بقتل مولاهم بن عمر، حين ظن أنه قد خانه، وكانت وفاته سببا في تجمع العرب حول حمزة ابن عمر وحليفه ابن أبي عمران، فحشدوا الجيوش من جديد، واحتلوا مدينة تونس لمدة ستة أشهر، كما هرب أبو بكر إلى قسنطينة، وجمع الجيوش، وعاد إليها مرة أخرى، ثم قام بتشتيتهم وذلك في صفر من سنة 723 هجري، وفي هذه الأثناء، تبين لحمزة ابن أبي الليل أنه لا فائدة من إبقاء محمد بن أبي عمران، فتركه يعود إلى طرابلس، وعاد هذه المرة للالتفاف على محمد ابن ضربة المعتصم في المهدية من جديد، كما فكر في حليف خارجي قويا، فوقع اختياره على أبو تاشفين صاحب تلمسان، فعبرا إليه، وحثاه على احتلال إفريقية، فكون لهما جيشا وعبرا به إلى إفريقية، لكنهما انهزما أمام الجيش الحفصي، وذلك في المنطقة الكائنة بين عنابة وقسنطينة في شعبان من سنة 723 هجري، ولم تجعل هذه الهزيمة من حمزة ابن أبي الليل وأبو تاشفين الاستلام، بل حاولا من جديد، إذ ظهرت شخصية حفصية جديدة على الساحة السياسية، وهو إبراهيم ابن أبي بكر، فاجتمعوا عليه، واتفقوا على العبور معه على احتلال إفريقية، فجهز أبو تاشفين جيشا، وتمكنوا به من دخول مدينة تونس، فهرب السلطان أبو بكر مرة أخرى إلى قسنطينة، وكان ذلك في رجب سنة 725 هجري، وفي شوال من نفس السنة عاد لاسترجاع حكمه[33].
وتكررت محاولات حمزة بن عمر في ثورته على أبو بكر، واتفق مرة أخرى مع ابن تاشفين وعبد الحق عثمان (أحد بني مرين) على العودة لاحتلال إفريقية، ففي سنة 729 هجري، أقدموا مرة أخرى على الهجوم على مدينة تونس تحت قيادة محمد ابن أبي عمران، فتمكنوا من هزيمة أبو بكر والدخول إليها سنة 730 هجري، وعبر السلطان أبو بكر إلى قسنطينة، وتمكن من حشد الجيوش، وعاد به إلى مدينة تونس، واسترجع حكمه على إفريقية في رجب من سنة 730 هجري[34]، وواصل حمزة ابن أبي الليل محاولاته الثورية، إذ ساند هذه المرة عبد الواحد اللحياني (العائد من طرابلس عند وفاة أبيه، فنزل في البداية عند قبائل بني دباب بالجنوب التونسي فأعطوه ولائهم، كما عاضده في ذلك عبد الملك بن مكي الوالي على قابس والقبائل العربية من كل مكان) في ثورته على السلطان الحفصي، فاغتنموا فرصة غياب السلطان وجيوشه عن الحضرة، حيث كان يشن الحملات في جنوب المغرب الأوسط للتخلص من بني عبد الواد والقبائل العربية المساندة لها، وترك البلاد بذلك خالية من الجيش، فدخلا مدينة تونس بسهولة، وكان ذلك في شوال من سنة 732 هجري، وبقوا فيها مدة 250 يوما، إلا أن عودة السلطان الحفصي قد أخرجتهم منها[35]، وواصل حمزة بن عمر الإقدام على محاولة أخرى، ففي سنة 735 هجري، عبر إلى أبو الحسن المريني الذي احتل تلمسان، وأراد حمزة بن عمر من هذا العبور أن يعقد اتفاقا معه على احتلال إفريقية والتخلص من أبو بكر، لكنه وجد رفضا من أبو الحسن المريني، ونصحه بالكف عن ثورته على الحفصيين، كما أصلح بينه وبين أبو بكر، عند ذلك، استكان حمزة بن عمر، وعاد إلى طاعة الحفصيين، وأصبح من حاشية السلطان ومن المقربين له، فكان السلاح هذه المرة الذي استعملته الدولة الحفصية للنيل من أولاد أبو الليل هو اللين، حيث تمكنوا بذلك من تقريبهم بدل معاداتهم، فاستقرت عند ذلك البلاد نتيجتا لهذا الصلح، وطبعا ذلك لم يعجب بقية الكعوب، إذ أصبحوا ساخطين على حمزة بن عمر، ففي سنة 742 هجري، قام أبي عون علي بن أبي بكر (وهو من الكعوب) بقتل حمزة ابن عمر، فتسبب ذلك في ثورة الكعوب من جديد، حيث اتهموا السلطان الحفصي بقتله، وطلبوا هذه المرة المساندة في ثورتهم من أولاد مهلهل، فقبلوا ذلك، وانتهت الحرب بهزيمة العرب بسبب رفض مواصلة أولاد مهلهل محاربة السلطان والعودة إلى طاعته، فهرب عند ذلك أولاد أبو الليل، وعندما مروا بمدينة قفصة، وجدوا أبو بكر ابن السلطان واليا عليها، فطلبوا منه خلع طاعة أبيه والثورة عليه، لكنه رفض ذلك، وعند انتهاء محاولاتهم عادوا إلى طاعة السلطان من جديد[36].
- ثورة الكعوب على أبو حفص عمر (747ه/748ه):
في ثاني من رجب سنة 747 هجري، توفي السلطان أبو بكر، فتدخل الكعوب في تولية السلطان الجديد، وكان السلطان أبو بكر قد ولى مكانه ابنه أبي العباس الذي كان موجودا في الجنوب، لكن قد دبرت ضده المؤامرات داخل القصر، فنصبوا مكانه أخوه أبو الحفص عمر، وكان المدبر لذلك حاجب أبيه ابن تافرجين، وصادف أن وجد في القصر أبو البقاء خالد والي المهدية، وعندما علم بخبر تنصيب أخيه أبو حفص، أخذ عتاده، وهرب من القصر، فاعترضته قبائل أولاد منديل من الكعوب، وأعادته إلى الحضرة، فسجن على إثر ذلك، ودخلت البلاد من جديد في فوضى جراء تطاحن الحفصيين على الحكم، وعندما سمع أبو العباس بالمؤامرة التي أحبكت ضده، جمع العرب، وانتقل بهم إلى مدينة تونس للثأر من أهل الحاضرة الذين فوتوا في حقه في الحكم، وكان ذلك في غرة شعبان من سنة 747 هجري، وانتهت هذه الحرب بفوز أبو حفص عمر، وبتقلده للحكم، وقامت ثورة أخرى في البلاد ضد السلطان الجديد بسبب تردي هذه الأوضاع، وكان الفاعلين فيها هذه المرة جميع العامة بما فيهم العرب، وانتهت هذه الثورة بموت الكثير من الناس، وكان من بينهم أبا الهول بن حمزة بن عمر بن أبي الليل، وقبض السلطان على الكثير من الثائرين، وكان من بينهم خالد وعزوز أبناء حمزة بن عمر بن أبي الليل، وقد توفيا في السجن بعد ذلك[37]، فزاد ذلك من تراجع قيمة الكعوب في الدولة الحفصية، كما ازداد غضبهم وتغيرهم على أبو الحفص بسبب مقتل ثلاثة من رؤساءهم، فعبر على إثر ذلك أبناء أولاد الليل لأبي الحسن المريني، وطلبوا منه نجدتهم والثأر لموت أخيهم أبي الهول، وشجعوه على التقدم لاحتلال إفريقية، وكان هذا الأخير غاضبا على أبو حفص عمر، لأنه كان شاهدا على تولية أبو العباس بعد أبيه، فاعتبر ذلك قلة احترام لذاته، وكان هذا السلطان يحدث نفسه من قبل بالتملك على إفريقية، فانتظر الفرصة المناسبة لانقضاضه عليها خاصة بعد تاريخ استحواذه على تلمسان، كما كان الكثير من عامة إفريقية مساندة لهذا الاحتلال، فشجعه ذلك للدخول إليها[38].
- ثورة الكعوب على أبو الحسن المريني (748ه/750ه):
في سنة 748 هجري، دخل أبو الحسن المريني إفريقية، فتوافدت عليه الكعوب كالعادة لتقديم الولاء والطاعة له، وساعدوه في القبض على أبو الحفص عمر[39].
وبعد دخوله إلى مدينة تونس، شكت له العامة سوء عملهم والإتاوات التي كانوا يأخذونها من غير حق، فسارع هذا السلطان بأخذ الإقطاعات التي كانوا يمتلكونها من قبل، كما أجبرهم على دفع الضرائب مثل بقية العامة، وأظهروا في البداية الرضوخ لأمره، فنفذ صبرهم، وأخذوا يشنون الغارات على ضواحي مدينة تونس لنهبها، حتى طالت أيدهم مواشي أبو الحسن المريني، فزاد هذا الأمر من حقده وكرهه لهم، خاصة عندما حاولوا الاستعانة بعبد الواحد بن اللحياني أحد أفراد البيت الحفصي الذي كان من حاشية السلطان، وطلبوا منه مساندتهم في الثورة عليه، فخاف بطش أبو الحسن المريني، ورفض ذلك، ووشى بهم إليه، لكنهم أنكروا التهمة، فاعتقلهم، وشن عليهم حربا في عقل دارهم، ولم يبقوا عند ذلك مكتوفي الأيدي، بل تحالفوا مع أولاد مهلهل لشن الحرب عليه، كما جلب الكعوب أحمد بن عثمان بن أبي دبوس (آخر خلفاء الموحدين بمراكش)، ونصبوه عليهم.
ودارت هذه الحرب قرب مدينة القيروان، وانتهت بانتصار العرب وهروب أبو الحسن المريني إلى مدينة تونس، فقاموا بحصارها، لكنهم فشلوا في الدخول إليها، فطلبوا منه الصلح، وقبل ذلك، ولكنه قام بسجن حمزة ابن عمر وابن أبي دبوس، فثاروا عليه من جديد، وفي هذه الفترة، انقسمت هذه القبيلة إلى قسمين، حيث كان الشق الأول معاديا لأبي الحسن المريني، وتزعم هذا الشق قتيبة ابن حمزة ابن عمر، وكان الشق الآخر مواليا له، وضم كل من أولاد مهلهل وخالد بن حمزة.
فقام قتيبة ابن حمزة ابن عمر باستقدام الأمير الحفصي أبو العباس الفضل من مكان ولايته ببونة، وحثه لاسترجاع حكم أجداده، فقبل بذلك، ووصل إلى مدينة تونس سنة 749 هجري، فانتفضت عند ذلك كل إفريقية على أبو الحسن المريني، وهرب إلى المغرب في أيام الفطر من سنة 750 هجري، وترك ابنه فيها، وأمن عليه عمر ابن حمزة الذي تزوج ابنته، وعندما دخل الفضل إلى مدينة تونس، بادرت العامة إلى رجم ابن الحسن المريني بالحجارة، فقام أولاد أبو الليل بحمايته، وأمنوا طريق عودته إلى المغرب[40].
فكانت الغاية الكبرى من تعدد الثورات التي أقامتها الكعوب ضد الدولة الحفصية هو رغبتها للحفاظ على وجودها داخل الدولة، ولم يكن هدفها الملك، لأنه وحسب رأي ابن خلدون هو أن العرب أبعد عن سياسة الملك بسبب نمط عيشهم، لكن قد يتسنى لهم الملك بفضل دعوة دينية أو نسب[41].
وإلى جانب هذه الثورات، كانت الكعوب مثلها مثل الأعراب الآخرين تقدم في بعض الأحيان على الغارات على مدينة تونس بسبب الأزمات الاقتصادية التي عرفتها إفريقية في تلك الفترة، حيث حدث في فترة أبو إسحاق إبراهيم نقصا في الإنتاج الزراعي، حتى أن الناس قد أكلوا القمح فريكا، ومما زاد الأمر سوء هو ظهور لآفة قد أفسدت الزرع، فأدى ذلك إلى استيلاء العرب على قرى مدينة تونس ومنازلها، ونهبوا أموالها، وسبوا حريمها[42]، كما مال العرب إلى التوحش وإثارة القلاقل[43]، وفي سنة 743 هجري، هاجمت كل العرب مدينة تونس، وبقيت فيها سبعة أيام، ثم رحلت بعد أن طردهم السلطان[44].
أما في فترة أبو الحسن المريني، فيعود السبب في إغارة الكعوب على المدينة هو حرمانهم من الإقطاعات والإتاوات، التي كانوا يتقاضونها، فشنوا الغارات، ووصلت أيديهم إلى ماشية السلطان نفسه[45].
- عموما، كان الكعوب يسيطرون بشكل كبير على المشهد السياسي في الدولة الحفصية، إذ يقومون بإسقاط سلطان وتتويج آخر، وكان ذلك حسب مصالحهم وغاياتهم، فيشترطون في رضاهم على السلاطين هو احتفاظهم على مكتسباتهم وحصولهم على امتيازات أكثر في فترتهم، فاستغلت هذه القبيلة انقسام الدولة الحفصية، فتارة تقف إلى جانب العنصر الأقوى أو أن تساند الأضعف، وذلك حسب مصالحها لا مصالح هذه الدولة.
- ويعود الفضل في بقاء هذه القبيلة محتفظة على مكانتها داخل الدولة الحفصية هو إلى عائلة أولاد أبو الليل، وذلك بالرغم من تزايد منافسيهم من القبائل العربية الأخرى أو من داخل القبيلة نفسها، إذ حدث انقسام للقبيلة في بعض الفترات، ويعود السبب في ذلك هو الاختلاف في الرأي والتنافس على أخذ مكانة متميزة داخل الدولة الحفصية، فاستغل السلاطين هذا الانقسام، إذ هو وسيلة للسيطرة عليها، كما أن تحالف عناصر هذه القبيلة كان وقتي أي فقط عند اشتراكهم في نفس الموقف من الدولة الحفصية.
أخيرا لا بد من الإشارة إلى أن مسيرة هذه القبيلة لم ينتهي عند هذا التاريخ، بل ظلت مستمرة مع تواصل الدولة الحفصية، أي أنه لا بد من دراسة الباقي من هذه المسيرة في أبحاث أخرى.
خاتمة:
حظيت قبيلة الكعوب بأهمية كبيرة خلال بداية تشكل الدولة الحفصية، حيث أصبحت القبيلة الأولى، ويعتبر بقائها مسيطرة على الساحة السياسية بفضل رؤسائها من أولاد الليل وذلك بالرغم من تزايد منافسيهم من نفس القبيلة (أولاد مهلهل أو من نفس بيت أولاد الليل) أو من بقية القبائل العربية المتمركزة في إفريقية، إلا أنها بقيت محافظة على مكانتها وذلك بواسطة التحالفات.
وتذبذبت سياسة هؤلاء السلاطين حيال قبيلة الكعوب، فطالما كانت الحاجة إليهم، فاقطعوهم الأراضي، وجعلوا منهم مستشارين لهم، حتى وصل الأمر بهم إلى مصاهرتهم، أما إذا وجدوا من هذه القبيلة تماديا انقلبوا عليها، وعاملتهم هذه القبيلة بنفس الأسلوب، فهم يخلصون لهم، إذا كان في ذلك مصلحتهم، ويعاونوهم على أعدائهم في الداخل أو الخارج، وقد يدبرون ضدهم القلاقل إذا اضطروا لذلك، وأعانوا الخارجين عليهم، لكن الأساس أن وجود هذه القبيلة الكعوب هو ضمان لاستمرار هذه الدولة.
قائمة المراجع:
- ابن أبي الدينار (أبي عبد الله محمد)، المؤنس في أخبار إفريقية وتونس، تحقيق وتعليق محمد شمام، طبعة المكتبة العتيقة، تونس.
- ابن أبي الضياف (أحمد)، إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان، تحقيق لجنة من وزارة الشؤون الثقافية، طبعة الدار العربية للكتاب، ج 1.
- ابن القنفد القسنطيني (أبو العباس أحمد)، الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية، تقديم وتحقيق محمد الشاذلي النيفر وعبد المجيد التركي، طبعة الدار التونسية للنشر، سنة 1968.
- ابن حزم الأندلسي (أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد) (توفي سنة 456 هجري)، جمهرة أنساب العرب، تحقيق وتعليق عبد السلام هارون، طبعة القاهرة، سنة 1391.
- ابن خلدون (عبد الرحمان) المقدمة، مراجعة وتعليق عبد الباقي خريف، طبعة دار سيلدار، سنة 2006.
- ابن خلدون(عبد الرحمان)، كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، ضبط المتن ووضع الحواشي والفهارس خليل شحادة، مراجعة سهيل زكار، طبعة دار الفكر، بيروت لبنان، سنة 2000.
- التجاني (أبو محمد عبد الله بن محمد بن أحمد)، رحلة التجاني، طبعة دار الدار العربية للكتاب، ليبيا تونس، سنة 1981.
- القلقشندي (أبو العباس أحمد)، نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب، تحقيق إبراهيم الأبياري، طبعة القاهرة، سنة 1959.
- مجموعة من الباحثين، المغيبون في تاريخ تونس الاجتماعي، تنسيق الهادي التيمومي، طبعة بيت الحكمة، تونس، سنة 1999.
- المطوي (محمد العروسي)، السلطنة الحفصية، طبعة دار الغرب الإسلامي، بيروت لبنان، طبعة سنة 1986.
- لمقريزي (تقي الدين أبو العباس أحمد بن علي) (توفي سنة 845 هجري)، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، طبعة بيروت، ج 2.
[1] ابن خلدون(عبد الرحمان)، كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، ضبط المتن ووضع الحواشي والفهارس خليل شحادة، مراجعة سهيل زكار، طبعة دار الفكر، بيروت لبنان، سنة 2000، الجزء 6، ص 94.
[2] القلقشندي (أبو العباس أحمد)، نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب، تحقيق إبراهيم الأبياري، طبعة القاهرة، سنة 1959، ص 316.
[3] المقريزي (تقي الدين أبو العباس أحمد بن علي) (ت سنة 845 هجري)، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، طبعة بيروت، ج 2، ص 215.
[4] ابن حزم الأندلسي (أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد) (ت سنة 456 هجري)، جمهرة أنساب العرب، تحقيق وتعليق عبد السلام هارون، طبعة القاهرة، سنة 1391، ص 264.
[5] ابن خلدون، العبر، المصدر السابق، ج 6، ص 94.
[6]نفس المصدر، ج6، ص 45.
[7]نفس المصدر، ج 6، ص 95.
[8] التجاني (أبو محمد عبد الله بن محمد بن أحمد)، رحلة التجاني، طبعة دار الدار العربية للكتاب، ليبيا تونس، سنة 1981، ص 96 – 103.
[9] ابن خلدون، العبر، المصدر السابق، ج 6، ص 95.
[10]ابن خلدون، العبر، المصدر السابق، ج 6، ص 97.
[11] المطوي (محمد العروسي)، السلطنة الحفصية، طبعة دار الغرب الإسلامي، بيروت لبنان، طبعة سنة 1986، ص 234.
[12]ابن خلدون، العبر، المصدر السابق، ج 6، ص 97- 99.
[13] الدعي هو أحمد بن مرزوق بن أبي عمارة المسيلي احترف مهنة الخياطة في بجاية وعندما التقى بالفتى نصير مولى الواثق يحيى بن محمد المستنصر (675/ 678 هجري) وكان الواثق قد خلعه عمه أبو إسحاق إبراهيم بن يحيى ثم قتله و أجرى مذبحة في قصره لم ينجوا منها إلا نصير هذا فوجده يشبه الفضل ابن مولاه الواثق فاتفقا الاثنان على الخروج على ابراهيم فادعى نصير أنه الفضل ابن الواثق فتنقل في البلاد يبحث عن المساندة فنزل عند قبيلة دباب التي صدقته وعاضدته في ثورته خاصة وأن الظروف كانت مواتية لحدوثها فمن الناحية السياسية استبد أبو إسحاق إبراهيم بالحكم و أكثر من القتل أما من الناحية الاقتصادية فقد كانت البلاد تمر بأزمة، وهو ما زاد من غضب العامة بما فيهم العرب، مجموعة من الباحثين، المغيبون في تاريخ تونس الاجتماعي، تنسيق الهادي التيمومي، طبعة بيت الحكمة، تونس، سنة 1999، ص 233.
[14] ابن القنفد القسنطيني (أبو العباس أحمد)، الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية، تقديم وتحقيق محمد الشاذلي النيفر وعبد المجيد التركي، طبعة الدار التونسية للنشر، سنة 1968، ص 139.
[15] ابن خلدون، العبر، المصدر السابق، ج 6، ص 445- 446.
[16]نفس المصدر، ج 6، ص 459-460.
[17]نفس المصدر، ج 6، ص 479- 480.
[18]نفس المصدر ج 6، ص 530.
[19]ابن خلدون، العبر، المصدر نفسه، ج 6، ص 447.
[20]التجاني، الرحلة، المصدر نفسه، ص 15.
[21]ابن خلدون، المقدمة، مراجعة وتعليق عبد الباقي خريف، طبعة دار سيلدار، سنة 2006.
[22] حيث استقل أبو زكرياء يحيى ابن إبراهيم بالحكم في بجاية أما القسم الشرقي فظل يحكمه أبو الحفص.
[23]ابن خلدون، العبر، المصدر نفسه، ج 6، ص 447.
[24]نفس المصدر، ج 6، ص 479- 480.
[25]نفس المصدر، ج6، ص 529 -530.
[26]ابن خلدون، العبر، المصدر نفسه، ج 6، ص 459 – 460.
[27]انقسمت الدولة الحفصية في عهد أبي الحفص عمر، وقد تواصل هذا الانقسام في عهد أبي عصيدة، فحصل اتفاق بينه وبين أبي البقاء خالد أمير الدولة الحفصية الغربية الذي حل مكان أبيه، أن السلطان الذي يتوفى الأول السلطان الآخر يجمع الدولتين. المطوي (محمد العروسي)، السلطنة الحفصية، المرجع السابق، ص 297.
[28]ابن خلدون، العبر، المصدر السابق، ج 6، ص 468-471.
[29] ابن قنفد، الفارسية، المصدر السابق، ص 156.
[30] ابن خلدون، العبر، المصدر السابق، ج 6، ص 475.
[31]نفس المصدر، ج 6، ص 479- 480- 481.
[32]ابن خلدون، العبر، المصدر السابق، ج 6، ص 480- 482.
[33]نفس المصدر، ج 6، ص 487-491.
[34]ابن خلدون، العبر، المصدر نفسه، ج 6، ص 495- 496.
[35]نفس المصدر، ج 6، ص 499.
[36]نفس المصدر، ج 6، ص 506 -507.
[37]ابن خلدون، العبر، المصدر السابق، ج 6، ص 517- 519.
[38]ابن أبي الضياف (أحمد)، إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان، تحقيق لجنة من وزارة الشؤون الثقافية، طبعة الدار العربية للكتاب، ج 1، ص 175.
[39]نفس المصدر، ج 1، ص 175.
[40]ابن خلدون، العبر، المصدر السابق، ج 6، ص 528 – 529.
[41]نفس المصدر، ص213 – 214.
[42] ابن القنفد، الفارسية، المصدر السابق، ص 139.
[43] بن أبي الضياف، إتحاف، المصدر السابق، ج 1، ص 171.
[44] ابن أبي الدينار (أبي عبد الله محمد)، المؤنس في أخبار إفريقية وتونس، تحقيق وتعليق محمد شمام، طبعة المكتبة العتيقة، تونس، ص 144.
[45]ابن أبي الضياف، إتحاف، المصدر نفسه، ج 1، ص 176.