
رقمنة الإبداع الثقافي من أجل ثقافة ديمقراطية
The role of digital space in the democratization of cultural creativity
د.نزيهة مصباح السعداوي/جامعة تونس
Dr. Neziha Mesbah saadaoui/ university of Tunis
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 65 الصفحة 45.
ملخص:تطرح هذه الورقات إشكالية الإبداع الثقافي في خضم تحولات المجتمع الهائلة، وتبحث في دور الفضاء الرقمي في تكريس الديمقراطية الثقافية باعتبار دور هذه الأخيرة في خلق ثقافة معرفية وفكر نقدي من خلال حرية النفاد للفعل الثقافي. إذ شهدت جل المجتمعات في الآونة الأخيرة انتشار ممارسات ثقافية جديدة بفضل انتشار التقنيات الاتصالية الحديثة التي خولت عبر المدونات والمنتديات من فتح فضاء شاسع أمام الخلق والإبداع وفتح المجال لأشكال تعبيرية جديدة لدى فئة الشباب كموسيقى الراب والفنون التشكيلية باستعمال تقنية ثلاثية الأبعاد…
يبحث يعالج هذا العمل في أهمية المعطى الرقمي الذي خول إمكانية تفاعل المجتمع المدني عبر المشاركة في الأنشطة الثقافية وانتشارها على أوسع نطاق وهو بذلك يعتبر أداة قوية ذات مشاركة فعالة وعفوية وبالتالي فتح الآفاق أمام أشكال تعبيرية جديدة.
الكلمات المفتاحية : الإبداع الثقافي، الرقمنة، الديمقراطية الثقافية، الفضاء الافتراضي، التفاعل.
ABSTRACT
This article offers some reflections on the approach to cultural democratization which aims strengthen artistic and cultural creation in order to realize critical knowledge and offer the opportunity to each creator to disseminate his work to a wide audience through the virtual space.
First of all, we make a sociological focus that aims to explain the place of cultural creation in the history of humanity. Secondly, we analyze the role of the digital space in the realization of cultural democracy
Key words: Cultural creation, democratization of culture, digital, virtual space, cultural interaction, emancipation
مقدمة :يعيش العالم على وقع تحول رهيب لم تسلم منه أدق جزئيات حياة البشر، بحيث أصبح يصعب مع هذا التحول المذهل أخذ مهلة تأمل للتفكير في إمكانية الانخراط في هذا التيار أو الهروب منه، فكل أشكال التفاعلات بين الأفراد والمجموعات تنضوي تحت إلزامية التطور والانفتاح والانصياع لنسق التجديد والإضافة في شتى الميادين حتى لا يبقى الفاعل الاجتماعي خارج الزمن ويحكم عليه بالفناء.
فكل الأشكال التعبيرية والأنماط الفكرية تعمل جاهدة لكي تواكب هذا التحول وهو ما نلمسه في مختلف أشكال الإبداع الثقافي الذي انخرط في هذا السياق وأخذ أشكالا جديدة وفقا لهذه لتحولات الهائلة ومتسما في ذلك بطبيعة المرحلة.
فمن مرحلة الإبداع الشفوي إلى مرحلة الإبداع الرقمي مرورا بفترة التصنيع، شهدت الممارسات الثقافية أشكالا مختلفة واعتمدت آليات متعددة من أجل الوصول إلى متلقّ.
إن تناول إشكالية “الإبداع الثقافي”، تبدو مسالة في غاية الأهمية خصوصا في خضم ما تشهده المجتمعات من تحولات هائلة على جميع الأصعدة، فقد كن الفعل الثقافي ولازال خير شاهد على تحولات المجتمعات البشرية عبر التاريخ، فهو يعكس طبيعة المجتمع من خلال مختلف أشكال التعبير وأساليب التفاعل بين الأفراد والمجموعات، وهو ما سجلته البشرية خاصة مع نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين حيث كان للتطور التقني الصناعي الأثر الكبير في مختلف المستويات خاصة مجالات الاتصال والتواصل ممّا أدى إلى تنشيط حركة التفاعل داخل المجتمعات.
ومع ظهور الثورة الرقمية، أصبحنا نتحدث عن طبيعة مجتمعات جديدة كمجتمع المعلومات حيث تمثل المعلومة قوة فاعلة، أو المجتمع الافتراضي إذ يمثل الفضاء الافتراضي المساحة الحرة لكل التفاعلات بين الأفراد والمجموعات… ومع تغيير في طبيعة المجتمعات تظهر ثقافة جديدة تعبر عن هذه التحولات. لقد ظهرت الثورة الرقمية محدثة ذلك تعبيرا عميقا وجوهريا في أنماط الإنتاج والتوزيع والسلع والخدمات الثقافية وكذلك أساليب وطرق الاستفادة منها وبالتالي فاعلين جدد. في هذا السياق سنحاول البحث في ثلاث مسائل رئيسة ذات صلة بما شهده الإبداع الثقافي عبر تطور البشرية.
أهم الإشكالـيات :
- سنبحث في عمق أزمة الفعل الثقافي في خضم التحولات المجتمعية؟
- ما مصير الإبداع الثقافي مع هذه التغيرات في نسق الإنتاج الفكري وآليات نشره؟ هل لازالت الثقافة مؤشرا على اختلاف الشعوب وتطورها؟
- هل الحديث عن أزمة الثقافة هو حديث عن أزمة المجتمع؟ وما الذي دفع البعض إلى الحديث عن أزمة الثقافة؟ هل هي إشارة منهم إلى اندثار الإبداع الفني؟ أم إلى تدهور الأثر الفني؟
- كما سنطرح قضية الدور الذي تلعبه الرقمنة في نشر الثقافة الديمقراطية، هل يمكن أنتكون الثورة الرقمية حافزا لإعادة إحياء الإبداع الثقافي؟ وهل يمكن أن يلعب الرقمي دورا فينشر هذا الإبداع والانفتاح على الآخر والتعريف بالخصوصية الإبداعية لكل فاعل ثقافي؟
الإبداع الثقافي: لحظة تاريخية في حياة البشرية
يأتي الإبداع الثقافي في الكلمة شعرا ونثرا كما يقوم في اللون والتشكيل وفي المادة المكتوبة التي تصور الحياة كالقصص والمسرحيات ويكون في إبداع الحركة والموقف والصورة. وفي البناء الفكري فلسفة وإنتاج فكر وفي الموروثات الشعبية والتزيين وتكوينات الخط وهو بكل هذه الأشكال يعطي لمحة عن طبيعة المجتمع الذي يحتضنه.[1]
عرف الإبداع لثقافي تحولات عبر العصور غيرت مساره على مستوى الإبداع والتلقي، كانت الشفوية انطلاقته الأولى إلى أن جاء عهد التدوين ليسجل مرحلة جديدة في تطوره. لم يتوقف هذا التحول عند مستوى معين، حيث يشهد أكبر انبثاق من خلال تفاعله مع التطور الهائل في مجال التكنولوجيا والاتصال. ولئن اعتبر العمل الثقافي بمختلف تجلياته مقوما أساسيا من مقومات الفعل الإنساني، فهو نتاج تلتقي فيه لغة الفكر لترتقي بفعل اليد إلى ما هو ترجمة لرؤية الفنان وموقفه إزاء المعطيات الحسية المادية والوجدانية القائمة بين الفكر والمادة.
فالفن بذلك معطى مادي وحسي يتوق إليه المبدع، من حيث يجد فيه سبيلا يفرض ناموسا يتسنى له من خلاله إنشاء فعل الإبداع والخلق الذي يحققه التآلف داخل العلاقة الجدلية القائمة بين الفكر والمادة، وهي بذلك علاقة انفعالية تلازمية تربط الفنان بوشائج روحية عميقة، وروابط حسية تستمد ماهيتها من مرجعية مادية بصرية محسوسة أو مرجعية فكرية.
ولكن سؤال ما الإبداع الثقافي يتطلب دائما البحث في سبيل تطويره فكريا وماديا حسب العصر ورهاناته، إذ تغيرت المسارات والآليات في مجال الإبداع الثقافي وبالتالي المفاهيم والمصطلحات.
مرحلة التصنيع وكونية الثقافة:
من الثقافة الخصوصية إلى الثقافة الكونية، أصبحت كل الممارسات تلقب بالعمل الثقافي وانتقلنا من التميز الثقافي إلى التعميم الثقافي وأخذا لإبداع الثقافي أشكالا جديدة معبرة أكثر ما يمكن عن طبيعة التحول المجتمعي التي تميل في أغلبها إلى الطابع لاستهلاكي حيث العمل على تنويع المادة الثقافية وتكثيفها نزولا تحت طلب السوق، فانتقلت بذلك البشرية من مرحلة الإبداع إلى مرحلة التصنيع ومن مستوى تذوق الأثر الفني إلى مستوى استهلاك الإنتاج الثقافي ومن مرحلة النوع الثقافي إلى مرحلة الكم الثقافي ومن الثقافة المعرفية (العالمة)إلى الثقافة الشعبية التي تلامس أكثر ما يمكن من المستهلكين، وانتقلنا من المعنى الثقافي إلى القيمة المادية .
هذا التحول لا نلمسه فقط في الإبداع الثقافي بل نلاحظه في أفضية التفاعل الثقافي الذي انتقل هو الأخير (بدوره) من المسارح والمعارض إلى شاشات التلفزيون والاسطوانات. لقد شغلت المسألة بال الكثير من الباحثين خصوصا في مجال علم اجتماع الثقافة، حيث تطرق الباحث الفرنسيEdgard Morin)) إلى أزمة الثقافة
التي استفحلت خاصة مع موجة التصنيع في القرنين التاسع عشر والعشرين، كما أشار إليها المفكر الألماني Thedor Adorno وكذلك J .Horkheimerعندما تحدثا عن تصنيع الثقافة أو ثقافة التصنيع، وهو مصطلح صاغه الفيلسوف الألماني وعالم الاجتماع النقديThedor Adorno (1895-1973)[2]. وهو من أهم مصطلحات النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت. ففي كتاب “جدل التنوير” (1947) ظهر لأول مرة مفهوم جديد في علم الاجتماع النقدي أطلق عليهAdorno “تصنيع الثقافة”، حيث رأى بأن هناك مصانع تنتج ثقافة، بالرغم من أن الثقافة لم تكن يوما ما إنتاجاً صناعياً، كما هي اليوم.
لقد كانت مسألة التصنيع الثقافي سببا في نزع صفة الإبداع عن كل عمل ثقافي واستبدل بالإنتاج من أجل توفير أكثر ما يمكن من السلع الثقافية التي غزت السوق، أي البحث عن الوفرة عوض الجودة. وتحول الإنتاج الثقافي والفني الذي يضخه المجتمع الصناعي التقني المتقدم إلى آلية مستوعبة للمجتمع الصناعي المغترب وفكره التخديري الذي يتمثل في ثقافة شعبية جماهيرية تشبع حاجات جماعية ولكنها تتحول إلى وسيلة هيمنة وتسلط وذلك بسبب تطور آلي لتصنيع ، تطوراً لاعقلانياً وسيطرتها غير المباشرة التي تظهر في المشاركة الجبرية للملايين في عملية الإنتاج والاستهلاك وموافقتهم عليها دون مقاومة.
وبذلك، كان لوسائل الإعلام والاتصال الحاضنة لبث مثل هذه المنتوجات، الآلية لترويجها لأكثر ما يمكن من المستهلكين، والخطورة التي تسببها تكمن في السلع الثقافية التي تخلق حاجات نفسية لا يمكن إشباعها إلا من خلال المنتجات الصناعية، الشيء الحاسم، كما يقولThedor Adorno ليس بيع الثقافة والفنون والاتجار بها، وإنما الطريقة التي تتغير بها الفنون والثقافة لتصبح منتجات سلعية تعرض كبضاعة مصنعة، وكذلك تغير الثقافة لتتحول إلى بضاعة شعبية رائجة.[3]
إنصياغةAdornoلمفهوم“الثقافةالمصنعة”أعطتهابعداأيديولوجياشموليابيّنبوضوحقوتهاوسيطرتهاوآثارهاالتيتظهرفيالمشاركةالجبريةللملايينفيعمليةالإنتاجوالاستهلاكوموافقتهمعليهادونمقاومة.
من الثقافة المعرفية إلى الثقافة الجماهيرية
تاريخيا،لمتكن الثقافة يوماما بضاعة أوإنتاجا صناعيا واسعا كما هي اليوم، فمنذالقديم وحتى منتصف القرن الماضي (ق 20)بقيت الثقافة بناءفوقيا حتىفي عصرالتنوير واتخذت محتوى ارتبطبالبنية الفوقية وأنتجت تاريخا وأدبا وفنونا، ولكن منذالحرب العالمية الثانية اندمجت التكنولوجيا بالثقافة، عنطريق الإنتاج الآلي الواسع وإعادة الإنتاج والاستهلاك، وأصبحتا شيئا واحدا لا يمكنالتمييز بينهما.
إن عولمة الثقافة عنطريق النزعة الاستهلاكية ووسائل الاتصال والإعلام وهيمنة الشركات متعددة الجنسيات جعلت من الصعب التمييز بين الإنتاج الصناعي ومحتواه الثقافي وحوّلته إلى بضاعة. لقد تحوّل الإنتاج الثقافي والفني إلى آلية مستوعبة للمجتمع الصناعي وفكره التخديري الذي يتمثل بثقافة شعبية جماهيرية تشبع حاجات جماعية ولكنها تتحول إلى وسيلة هيمنة وتسلط وذلك بسبب تطور التكنولوجيا تطوراً لاعقلانياً وسيطرتها غير المباشرة على الناس. فالثقافة المصنعة تُنتجُ اليوم بمصانع تبيع سلعاً ثقافية مغرية تهدف إلى التلاعب بأفراد المجتمع وجعلهم سلبيين وعاجزين عنطريق استهلاك المتع السريعة التي تبثها وسائل الإعلام والاتصال الحديثة التي تنتزع الأفراد من واقعهم وتجعلهم يركضون لاهثين وراء بضائع المدنية البراقة بغض النظر عن ظروفهم المعيشية وحاجتهم إليها. والخطورة التي تسببها تكمن فيالسلع الثقافية التيتخلق حاجات نفسية لا يمكن إشباعها إلا من خلال المنتجات الصناعية.
تحوّلت الثقافة في المجتمع الصناعي اليوم إلى بضاعة واتخذت معنيين، الأول له محتوى واضح ينتج وباستمرار تواريخ وآدابا وصورا وموسيقى من أجل عرضها للبيع فيا لسوق. أما الثاني فيتمثل في الإنتاجا لآلي الواسع وإعادة الإنتاج والتوزيع بطريقة تكنولوجية، بحيث أخذتا لتكنولوجيا تندمج بالثقافة بالتدريج حتى أصبح تأثيرها واضحا وأخذت تنتج أفلاما وأجهزة استنساخ وتسجيل أغان وألحان كاسيتات ودسكات وغيرها. وهذ ايعني أن محتويات الثقافةأ نتجت بوسائل تكنولوجية وأعيد إنتاجها وتوزيعها بنفس الطريقة.
يرىPierre Bourdieu أن آليات التلفزيون المعقدةل اتشكل خطرا على مستوى الإنتاج الثقافي فحسب،بلأصبحت تهددا لحياة السياسية والديمقراطية أيضا. والمشكلة، كما يقول Bourdieu أن التلفزيون ومعه الصحافة هي وسائل مدفوعة بمنطق الركض واللهاث وراء مزيد منالجمهور.”[4] وفي هذا السياق نفسه يقر الباحث الفرنسي بوجود مصطلح جديد في إطار الثورة الصناعية وهو الثقافة الشعبية.
تغمرالأسواق اليوم ثقافة شعبية تجارية لا تنبع من حاجة الجماهيرا لتي تستهلكها ،وإنما من شركات رأسمالية كبرى عابرة للقارات تصنعها وتسوّقها وتدعمها وسائل إعلام ودعاية مبرمجة ومكثفة ومغرية تجعل الإنسان يركض وراءها، ويعمل متخصصون من فنيين وصحفيين ومصورين بالدعاية والإعلان لتجاري الأخّاذ لتسويق هذه الثقافة الشعبية وترويجها وغسل العقول وتشكيلها وفق مقاسات استهلاكية معيّنة تساعد على خلق ميول لتقبل البسيط والساذج وحتى الرديء وتشكيل عقل شعبي جمعي.
تلتقى الثقافة الشعبية المصنعة دون تفكير وحسّ جمالي رفيع وتسيطر على آليات توجيهه وتحريكه اجتماعيا وسياسيا ضد مصالحه وبوسائل وأساليب ناعمة تدغدغ عواطفه وتثير غرائزها لأكثر بدائية. وكنموذج آخر للثقافة الشعبية المؤدجلة يأتي Adorno أمثلة عديدة، منها موسيقى الجاز في أميركا. فموسيقى الجاز لا تبقى مصدر اللرعب فحسب،ل أنها لا تستطيع رفع الاغتراب الذي يعاني منه الزنوج، بل وتقوم بتقويته وترسيخه، فالجاز أصبح بضاعة بالمعنى المطلق للكلمة وذلك لأن وظيفته الاجتماعية لاتعدو أن تجعل المسافة التي تفصل بين الفرد المغترب وحضارته قصيرة وبأيديولوجية أقل ما يقال عليها شعبوية.
إنا لجاز في الحقيقة يوصل شعورا خاطئا يتمثل بالعودة إلى الطبيعة، في الوقت الذي ينبغي أن يكون الجاز نتاجا اجتماعيا رقيقا يحوّل الفنتازيا الفردية إلى فنتازيا اجتماعية، و من جهة أخرى، فإن تنوع موسيقى الجاز إنما يعكس تحررا جنسيا كاذبا وتتحول رسالته إلى عملية “إخصاء”،ل أنه يربط بين مايعدبه من تحرر و ما يقوم به من رفض عند Adorno، كالنظرية، يجب أن ترتفع على الوعي السائد للجماهير،لأنّ البحث عن العواطف الحقيقية والعميقة لايمكن التحقق منه في المجتمع الاستهلاكي المعاصر بسهولة.
إن الثقافةا لمصنعة، بحسب Adornoل اتشبع بكل بساطة حاجات المستهلكين، وإنما تدفعهم إلى الاندماج في النسقالاجتماعي العام، الذي يرتبط بالثقافة السائدة، التي تتجدد باستمرار وتندمج بالنسق العام بحيثل اتترك لعفوية الجماهير أيّ أثر يذكر،وتجعلهم يتحركون في فضاء لا يستطيعون فيه التمييز بين التذوق والاستهلاك. لقد عمل تصنيع الثقافة على إيجاد إمكانية جديدة تتمثل في عدم التمييز بين محتوى العمل الفن وصناعة العمل الفني وذلك نظرا لما توفره التكنولوجيات الجديدة للاتصال والرقمنة الإلكترونية.
كما أن الشعبية التي تطوّرت بصورة عفوية من قبل الجماهير هي مشكلة بذاتها، لأن الجماهير في الواقع لاتتكون من أفراد مستقلين، وإنما من ذوات مدفوعين، بتبعيتهما لاقتصادية وبشروط العمل السائدة في المجتمعات الصناعية الليبرالية، إلى الركض وراء التيار الجارف مثل مايحدث معموسيقىالتسليةالمخادعة والمنتوج الفني الموجه.
تعد الثقافة الشعبية المصنعة المنتشرة علىنطاقواسع خطراًعلىالفنون الرفيعة ذات الجوهر الفكري والفني الرفيع. فعلى العكس مما تشبعه الثقافة المصنعة على نطاق واسع من سلع، فإن الحاجات الاجتماعية والنفسية الحقيقية هي الحرية والاستقلالية والإبداع التيتشيع السعادة الحقيقية. بواسطة التقنيات الجديدة للثقافة الجماهيرية أصبحالفن“البرجوازي”عتيقاولمتعدله تلك“الهالة والفرادة والأصالة” الفنية، وهذا في الحقيقة مؤشر على انحطاط الذوق الجمالي الذي كان يقوم على النظرة الطبيعية والمباشرة وكذلك على الرصيد الاجتماعي لأيّ عمل فني. من ذلك ظهر الفن المجزّأ إلى الوجود والموجّه إلى الجماهير، كما في الفيلم والتصوير، الذي يطلق العنان للفئات غير الواعية، ويجعل من عناصر الواقع الجديدة في متناول الجميع تقريبا، ومن منظور زمني ولكنه مشوّه[5].
منهنا يبدو لنا أنAdorno لايهتم بالفن الجماهيريبقدرمايهتمبصحة واستقلالية العملالفني وتحرره من تصنيعالثقافة وتسطيحهاالذييظهرفيالفنونالرفيعة وفي الموسيقى على وجه الخصوص، التيت منح للفنون الحس المعاصر والحديث وذلك برفضها الواقعمنأجل إعادةإنتاجه وتغييره وخلق “الفنالأصيل” الذي يحمل إمكانية هدم ماهوقائم، والذي يمثل جميع أنواع الإبداع الفني. هذه الأزمة التي أثيرت لدى عديد المفكرين مع انبلاج الثورة الصناعية هل لازالت تحمل نفس الصدى مع ظهور الثورة الرقمية؟ هل أن الرقمي يمثل امتدادا لأزمة الإبداع الثقافي بإمكانه أن يكون منعرجا جديدا لإعادة الاعتبار للفعل الثقافي.
الرقمنة ودورها في دمقرطة الفعل الثقافي
إن تطور تكنولوجيا النظم الرقمية في مجالات الاتصال والمعلومات زاد بشكل كبير في فرص تنويع مصادر المعرفة والمعلومات وسهل اكتساب معارف إضافية، مثلما أتاح إمكانية الانفتاح الحر، فمع تغير ظروف المجتمعات وبزوغ عصر جديد قائم على التكنولوجيا الحديثة التي أفرزتها الثورة الرقمية ظهرت مجتمعات المعرفة القائمة على قوة المعلومة وسلطة الصورة ، ساهمت الثورة الرقمية في فسح المجال شاسعا أماما لإبداع الثقافي من خلال أطلاق الحريات ودعم المواهب والإبداعات والمبادرات، فوجد الإبداع الثقافي في تكنولوجيا المعلومات ضالته بعد أن عمل التصنيع على مسح كل بعد إبداعي من الأعمال الثقافية، فقد تغير فضاء الإبداع الثقافي وأصبح الفضاء الرقمي هو المجال بامتياز للخلق والإبداع، فضاء رقمي يتسم بالليونة والتنوع والسرعة والانفتاح والانسياب، فوسائل الاتصال الرقمي والإعلام هي النافدة الأساسية التي يطل منها الإنسان على العالم ويرى من خلالها ثقافته باعتبارها الطريق إلى المعرفة والأداة الفعالة في التنمية وتطوير الوعي.
فضاء الإبداع الرقمي وكسر مفهوم المتلقي السلبي
فتحت الرقمنة آفاقا جديدة للتنوع في الأشكال التعبيرية الثقافية، كما مكنت الثورة الرقمية من انفجار الطاقات الإبداعية فتغيرت أساليب التعامل مع الإبداعات الفنية عبر الوسائط الرقمية وانتقلنا من التفاعل الواقعي مع الإبداع الفني إلى التفاعل الافتراضي، ووجدت الثقافة في تكنولوجيا المعلومات أداة جديدة ذات إمكانات غير مسبوقة في التنمية والانتشار، كما رأت التكنولوجيا في الثقافة فضاء رحبا وبكرا يسمح لها بتمدد غير مسبوق في نسيج المجتمعات الحديثة، الأمر الذي أفرز تحولات كبرى في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية وهو الذي مهد لتحقيق الثقافة الديمقراطية .
كما تغيرت طبيعة ما أطلق عليه الصناعة الثقافية استخدام لتكنولوجيا المعلوماتية والاتصالية الرقمية الراهنة بخلق فضاء رحب مفتوح وأضيفت عليها خصائص تفاعلية أنهت فكرة الاتصال في اتجاه واحد من المرسل إلى المتلقي وهو ما كانت تتسم به وسائل الاتصال الجماهيري التقليدي اد أصبح الاتصال في اتجاهين تتبادل فيهما أطراف عملية الاتصال والأدوار ويكون لكل طرف القدرة والحرية على عملية الاتصال. ومن ذلك نجد الفنان في حاجة إلى الآخر، أي إلى ذلك المتلقي للأثر الفني، ليساهم في تجليات هذا العمل والتي لا ربما كانت خفية على الفنان ذاته في اللحظة الإنشائية التشكيلية ذاتها. وهو ما يتحقق مع الرقمي، ومن هنا يتجسد الإشكال المطروح من خلال هذه العلاقة الجدلية الكامنة بين ثلاثية تقوم على باث ومتلقّ ومفهوم معاصر ألا وهو التكنولوجيا.
هناك إذن، جدلية قائمة بين ثلاثية مبدع ومتلقّ وفضاء رقمي، ومن هنا يمثل الفضاء الافتراضي فرصة لإفراز علاقة المتلقي بالعمل الفني القائم على الآنية الزمنية والتفاعلية.[6] فهل تستقيم العملية التشكيلية في عصرنا الراهن بحذف أحد مكونات هذه الثلاثية؟
من الملاحظ والملموس في عصرنا الراهن ما شهدته اليوم المحامل البصرية من تطور يقوم بالأساس على سبل وتقنيات تكنولوجية متطورة كان لها تأثير كبير على كل الميادين ومن أهمها الميدان التشكيلي وعلاقته بزمن الإبداع والسبل الإنشائية في تكوين العمل ذاته.مثال الفن التشكيلي ومن ذلك وجد الفنان نفسه يستطيع أن ينهل من هذه السبل والآليات التشكيلية المتعددة، ولكن باختلاف الطريقة والسبل، فعوضا أن يستعمل مواد عجينية ملمسية حسية، تحولت مادية هذه المادة التشكيلية إلى عناصر رقمية داخل شاشة الحاسوب ومن هنا ينشأ مبدأ التقابل والتضارب بين الواقع واللا واقعي بمعنى الافتراضي، اذ تنتفي المادة وتستحيل العلاقة الملمسية الحسية غائبة تمام الغياب[7].
لا بد من التسليم إذن، بأن الفنون التشكيلية بصفة عامة قد تأثرت منذ العصور الفائتة بكل تطور تقني سوى (سواء) كان هذا التطور على صعيد المادة أو الأداة أو الفكرة، مما ولد العديد من التيارات الفنية خصوصا منذ بداية القرن العشرين. سنبحث في هذا السياق عن الدور الرقمي في تدعيم أكثر ما يمكن من الثقافة الديمقراطية ومكانتها في تحقيق التوازن الاجتماعي.
الرقمي ودمقرطة الثقافة
دمقرطة الثقافة«la démocratisation de la culture»، هذه الفكرة التي بنيت في الأساس في إطار سياسة ثقافة هادفة إلى تحقيق المساواة بين جميع الفئات الاجتماعية مهما كانت انتمائها الجغرافية ومهما كانت الفوارق الاقتصادية أو التعليمية، متجاوزة بذلك كل المعوقات التي من شأنها أن تحول دون الفعل الثقافي والنفاذ للإبداع الثقافي. فقد جاءت سياسة الثقافة الديمقراطية في إطار سد الفجوة بين الثقافة المعرفية المحتكرة على النخبة والثقافة الشعبية التي كانت أهم تمظهراتها في الممارسات الفلكلورية إذ كان من الصب النفاد لمختلف الأنشطة الثقافية من رسم وعروض مسرحية وأدب وغيرها…
هذا المصطلح “دمقرطة الثقافة” ظهر في الدول الأوروبية خلال الثمانيات، وكانت الغاية منه تسهيل النفاد للحقول الإبداعية وإثراؤها عن طريق المساهمة في الإبداع والنشر، باعتبار أن وجود حياة ثقافية نشطة هو عامل أساسي في قيام مجتمع مدني مستقل. كما أن الفن والثقافة يحفزان التفكير النقدي والمشاركة المدنية ويمثلان عاملين هامين في تشكيل مجتمعات عصرية.
في هذا الإطار تم بعث استراتيجية “الحق في الفن والثقافة” وذلك بتوفير التوجيه الاستراتيجي للفاعلين بمجال الفن والثقافة والتنمية مند 1998 الغاية منها أن تقدم التوجيه وتكون مصدر الهام على المستوى وتعزيز دور وأولوية الفن والثقافة في البرامج التنموية.[8]
إذ ينص العهد الدولي في مجال حقوق الإنسان والثقافة والتنمية، على الحق في المشاركة في الثقافة وعلى انه يتوجب على الدول احترام حرية النشاط الإبداعي. الحق في حرية التعبير مكفول للجميع، وهو يتضمن حرية إيجاد وتلقي وتبادل جميع أشكال المعلومات والأفكار، بدون اعتبار الحدود بين الفئات الاجتماعية متجاوزا كل الفواق المادية والتعليمية والجغرافية، وتعدي كل الحدود بين الدول سواء شفاهة أو كتابة وطباعة أو في صورة فن أو من خلال أي وسيلة يتم اختيارها.
مع انبلاج الثورة الرقمية أصبح الرقمي يمثل الفضاء للإبداع والنشر والوساطة الثقافية وهو بذلك يساهم في تحقيق الديمقراطية الثقافية إذ حرر هذا الفضاء المبدعين في جميع المجالات من كل القيود التي كانت تحول دون انتشار ابتكاراتهم وان تلامس كل الفئات الاجتماعية بالسرعة والكثافة المرجوتين.
أصبح الموقع الثقافي الرقمي منبرا حرا للتعبير عن كل الأفكار التي يؤمن بها الكاتب وينشرها دون خوف من مقص الرقيب، وتبدو أهمية الثقافة الرقمية في كونها يسرت على الشباب والمبدعين طرق النشر والتعبير عن تجاربهم بتجاوز المعوقات المادية للنشر والتوزيع.
نجد أن الفضاء الرقمي قد لعب دورا هاما في مختلف القطاعات الثقافية (الفن، المسرح، السينما، الأدب، الموسيقى…) فكثرت بذلك المواقع والمنتديات والمدونات التي تهتم بمختلف الممارسات الثقافية والمنفتحة على الجميع، كما ساهم هدا المعطى الرقمي في تحقيق الاستقلالية للمبدعين عن الرقابة التي كانت في وقت ما تحد من وصول ابتكاراتهم إلى جمهور واسع. فظهرت إبداعات جديدة من خلال مهارة استعمال الصورة والصوت وتقنية ثلاثية الأبعاد.
أما عن البعد العلائقي بين المبدع والمتقبل فقد لعب الفضاء الرقمي دورا في جعلها علاقة تفاعلية بين المبتكر للأثر الفني والمتذوق له، الذي خول له الفضاء الرقمي فرصة التعليق والنقد والتقييم المباشر والسريع، فهو يساهم كذلك في إغناء ثقافة تفاعلية يشارك فيها الكاتب والمتلقي عن طريق الحوار والتواصل والتفاعل.
مذاعن الآراء الناقدة لدور الرقمي في مجال الإبداع الثقافي؟
إن كل ما أثير حول مسالة الرقمي في علاقته بالإبداع الثقافي بداية من الآراء التي ترى في الرقمي تهديدا للأثر الفني من خلال نزع صفة لإبداع وفتح الباب على مصراعيه للمتطفلين الدخلاء على الفعل الثقافي ومن ثمة تهميش الإبداع، إلى من يرى أن الرقمي كرس ثقافة الاستهلاك السهل للأثر الفني ومسح عنها كل صفة معرفية لتصبح مجرد أرقام تتحكم بها أجهزة الحاسوب.
هذه النزعة التشاؤمية إزاء الرقمي ودوره في مجال الإبداع الثقافي يتفاعل معها الباحث الفرنسيEdgar Morinوكذلك الناقد المغربي سعيد يقطين. فقد أشار المفكر الفرنسي Edgar Morin إلى مسالة هامة في علاقة بالاتهامات التي توجه إلى أجيالا لأفضية (الفضاءات) الرقمية من قبيل أنهم مهمشون فكريا وذلك لابتعادهم عن القراءة الورقية إلا أننا نلاحظ أنهم أكثر إبداعا من الأجيال التي سبقتهم بفضل توفر الفضاء الرقمي مثل الصفحات الخاصة والمنتديات والمدونات الالكترونية، كما تتهم هذه الفئة بأنها فريسة سهلة للافتراضي الذي رسخ لديهم نزعة الفردانية لكننا نجدهم أكثر من سابقيهم يزرون المعارض ويملؤون الملاعب والمتاحف[9].
في نفس هذا لإطار، أشار الناقد المغربي ” سعيد يقطين” إلى ضرورة تغير النظرة للأدب الرقمي التفاعلي عندما أعلن عن موت الورقي وبشر بولادة الأدب الرقمي، من خلال كتابين أشار من خلالهما الباحث إلى أهمية الرقمي في مجل الأدب. كتب المغربيّ سعيد يقطين كتابا عنوانه “النصّ المترابط ومستقبل الثّقافة العربيّة نحو كتابة عربيّة رقميّة” (المركز الثّقافي العربي 2008)، وهو تتمّة لكتاب سابق أصدره المؤلّف عام 2005 وعنوانه “من النصّ إلى النصّ المترابط، من أجل نظريّة للإبداع التّفاعلي|”[10]
في هذين الكتابين يركّز سعيد يقطين على ما يسمّيه بالوسيط الثّقافي الجديد الّذي دخل حياتنا المهنيّة والفكريّة والخاصة أيضا، ويقصد به الحاسوب الّذي تحوّل في عالمنا اليوم إلى وسيط لا يمكن الاستغناء عنه، ولا يقاس تقدّم أيّ بلد في هذا العصر إلّا بإحصاء عدد الحواسيب المنتشرة فيه وعدد الّذين يستعملونها بانتظام. فالأطروحة الأساسيّة في كتابه “من النصّ إلى النصّ المترابط، من أجل نظريّة للإبداع التّفاعلي” تقوم أساسا على تأكيد أهمّية هذا الوسيط الجديد، إذ يخلق أشكالا جديدة للتّواصل لم تكن متوفّرة عن طريق الوسائط التّقليديّة كالكتاب والصّحيفة والوسائل السّمعيّة والبصريّة. إلى حدّ هذه الفكرة تظلّ الأطروحة سليمة ووجيهة.
خلاصة؛ التحديات والرهانات :
إن كان الفنان كائنا اجتماعيا بطبعه فهو كتلة بحث في الثقافة المنفتحة لأنه يعيش الواقع بمظاهره الحديثة، ويتعامل معه ويسعى من خلال عمله إلى إرساء نظرة استشرافية على المستقبل. ويتكرس هذا القول بانفتاح المبدع على المكتسبات التقنية الناتجة عن التطور في الآليات التكنولوجية التي تمكنه من خلال رواسبه وموروثه الفكري والمرئي من اكتساب التقنية وتطويعها في خدمة الأبعاد الحسية للعمل الفني من خلال البحث والتواصل مع الآخر عبر القنوات الحديثة
الملاحظ إذا أن الفضاء الرقمي بالرغم ممّا قيل عنه يعتبر آلية من أجل تحقيق الديمقراطية الثقافية التي عجزت عن تحقيقها السياسات الثقافية عبر مؤسسات ظلت خاوية من زائريها، ومن ذلك يمكن القول إنه لا مفر من مواجهة حاضر هذه الوسائل التكنولوجية وما هو متأت عنها من مناهج تفرضها الحداثة ورهانات المعاصرة الإبداعية، حداثة فكرة ومعاصرة تقنية لكي لا يكون الفنان بإبداعه خارج العصر ويكون حركة مستديمة ترنو إلى الأمام، وهذه الحركة نسعى دوما لنقتفي آثارها الضائعة ونتوقف عندها مع إعادة اكتشافها، وفي ذلك اكتشاف للغاية الاتصالية.
في هذا الإطار تتجها لأنظار نحو التحسيس بأهمية الثقافة الرقمية ودورها في تطوير علاقة الفكر بالمعرفة، وهو ما يتطلب ضرورة تنشئة الأجيال الحديثة على حسن توظيف الوسيط التكنولوجي من أجل مزيد تفجير الطاقات الإبداعية والاستفادة من العالم الرقمي لتبليغ مواهبهم إلى مختلف الثقافات. إلا أن المسالة تبقى دائما محل بحث من حيث قضية الدفاع عن حقوق الملكية الفكرية وحماية رواد ومستعملي الفضاء الرقمي من الجرائم الافتراضية.
ربما قد تتخذ بعض التدابير على غرار اتفاقية اليونسكو سنة 2005 من أجل حماية حقوق المؤلف والمبدع.
قائمة المراجع :
- عبد المجيد ميلاد(2008)، التنوع الثقافي في عصر تكنولوجيا المعلومات، دار ضياء، القاهرة.
- محمد عابد الجابري(2005)، قضايا في الفكر المعاصر، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت ط.
- يحيى اليحياوي(2004)، كونية الاتصال، عولمة الثقافة، منشورات عكاظ.
- شاكر عبد الحميد(2002)، عصر الصورة؛ الايجابيات والسلبيات، عالم المعرفة.
- ADORNO, Theodor W.et Horkheimer, Max.(1947,1974). La raison dialectique. Paris : Gallimard.
- BOURDIEU, Pierre, (1979). La Distinction . critique social du jugement, Paris, Ed. minuit ; coll. / »le sens commun », p 670.
- BOURDIEU, Pierre, DARBEL Alain, (1966). L’amour de l’art européens et leur public, Minuit.
- BOURDIEU, Pierre, Passeron Jean – Claude, (1964). Les Héritiers. Les étudiants et la culture, Minuit.
- CASTELLS, Manuel. (1998).la société en réseaux. l’ère de l’information I. Paris : Fayard.
- CHAMBAT, Pierre, EHRENBERG Alain. (1988). De la télévision à la culture de l’écran. Sue quelques transformations de la communication, Le Débat, 52.
- EDGAR, Morin. (1992).l’Esprit du temps. Essai sur la culture de masse, Paris : Grass.
مواقع الكترونية :
- سعيد يقطين يعلن عن موت الكتاب الورقي ويبشر بالإبداع الرقمي http://www.alaraonin.org
- اليونسكو)(2005اتفاقية حماية تنوع أشكال التعبير الثقافي وتعزيزها http://www.unesco.org/ar/convention_2005
- ابراهيم الحيدري ادورنو والنظرية النقدية، مدرسة فركفورت، http://Ibahimhaidri.wordpress.com
- Edgar Morin. « le numérique permet une démocratisation culturelle impossible à concevoir auparavant »https://emfrfr/513/edgar-morin-le numérique.
- Développement culturel des territoires et numérique. mai 2015, http://www.la-nacre.org/fileadmm/user
- Pierre Bourdieu Sur la télévision, 1996http://www.dailymotion.com/video/XK/FK
[1]اليونسكو(2005 ) اتفاقية حماية تنوع أشكال التعبير الثقافي وتعزيزها . http://www.unesco.org/ar/convention_2005 Consulté le 12/02/2017.
[2]ادورنو والنظرية النقدية، مدرسة فركفورت، ابراهيم الحيدري،
http://Ibahimhaidri.wordpress.com, consulté le 12/02/2017
[3] Adorno, Theodor W.(1964). L’industrie culturelle. Communications, (3), 12-18
[4] Sur la télévision, Pierre Bourdieu, 1996 http://www.dailymotion.com/video/XK/FK, consulté le 23 :02 :2017
[5][5] Adorno,Theodor W.et Horkheimer, Max.(1947,1974). La raison dialectique. Paris :Gallimard
[6]عبد المجيد ميلاد، لتنوع الثقافي في عصر تكنولوجيا المعلومات، دار قييماء القاهرة،2008،ص114
[7]نفس المرجع
[8][8]اليونسكو)(2005اتفاقية حماية تنوع أشكال التعبير الثقافي وتعزيزها
http://www.unesco.org/ar/convention_2005, consulté le 23/02/2017
[9] Développement culturel des territoires et numérique. mai 2015
http://www.la-nacre.org/fileadmm/user, consulté le 06/03/2017
[10]سعيد يقطين يعلن عن موت الكتاب الورقي ويبشر بالإبداع الرقمي http://www.alaraonin.org, consulté le 12/02/ 2017