
مظاهر استعمالات الاسم في لهجة جيجل[1] -قراءة تحليلية-
د. جمال الدين بابا (المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ علم الانسان والتاريخ)
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 46 الصفحة 71.
الملخص :ناولت هذه الدراسة جانبا من الجوانب الصرفية الهامّة في لهجة جيجل الواقعة شمال شرق الجزائر، يتمثّل هذا الجانب في النظام الإسمي الذي يخضع لجملة من التغيّرات الأساسية، فالمعجم الجيجلي معجم متنوع الجذور، فمن العربية والأمازيغية إضافة إلى الفرنسية، نسج الفرد الجيجلي لغته اليومية، ولا غرو أن الأمازيغية كانت أكثرها تأثيرا مع اللغة العربية وذلك بحكم الاحتكاك الجغرافي المباشر، ولهذا سنحاول التعرف على صيغ الاسم ووظائفه وأنواعه وصفاً وتحليلاً وصولاً إلى معرفة تغيرات الجنس بين اللغة الفصيحة واللهجة…الخ
الكلمات المفتاحية : لغة- لهجة- جيجل- الجانب الصرفي- النظام الاسمي.
Abstract:
This study deals with one of the most important morphological aspect in the dialect of Jijel (the north-east of Algeria) which is represented by the nominal system. It is subject to a number of fundamental changes. The dialect of Jijel is a diverse glossary of roots, from Arabic and Amazigh to French, That the Amazigh language was the most influential with the Arabic language because of the direct geographical contact, and therefore we will try to identify the nouns forms, functions and types as well as knowing the changes of gender between language and dialect following a descriptive analytic approach .
Key words: language- dialect- morphological aspect- nominal system.
مقدمة :
اهتمّت اللسانيات بدراسة اللغة مادّةً لها، واللسان البشري موضوعاً لحقلها العلمي، فتناولته بالوصف والتحليل والتفسير لهذه الظاهرة، فكون اللهجة مستوىً أدائيا للغة، فإن اللسانيات دعّمت توجّه دراستها العلمية وتحليل مستوياتها الصوتية والصرفية والتركيبية.
وللمستوى الصرفي حضوره المعرفي من حيث هو مستوىً يعبُر بالتحليل اللساني من البنية إلى المعنى، لذا فإن الدراسة اللهجية اهتمّت بهذا المستوى، وكون لهجة منطقة جيجل تنتمي دراستها معرفيا إلى مادة الدرس اللساني، فإنه يمكن وضعها تحت المنظار اللساني وتناول المستوى الصرفي مع تحديد البنية الصرفية المشكّلة للأسماء، فكيف يتجلّى النظام الاسمي بين لهجة منطقة جيجل واللغة الفصحى؟ وما هي أهمّ الصيغ الاسمية في لهجة المنطقة؟
يمثّل تنوّع الصيغ الإسمية أساساً في اللهجة الجيجلية إرثا لألفاظ اللغة العربية الفصيحة، ولكن بمقارنة الحالتين (الفصيحة والعامية)، نكتشف بأنه في خضمّ الانتقال من القديم إلى المعاصر، يُلاحظ بأن النظام الاسمي يخضع لجملة من التغيّرات الهامّة التي ترجع أساساً إلى تطور المنطوق الشعبي الذي لا يهتمّ بنقاء الألفاظ وانتقائها بقدر ما يهمّه التجديد والإبداع[2]، ومن هذه التحوّلات نذكر على وجه الخصوص :
- حذف الأنماط الشاذّة القديمة وإقصاؤها.
- الخضوع لعملية التبسيط والتسهيل قدر الإمكان.
- تفعيل النماذج المختلفة الفصيحة باستعمال صوتي.
- خلق نماذج ثانوية باستخدام الاشتقاق العربي وإنشائها.
- تأثير اللغة الثانية (البربرية) التي تقوم بتشكيل الصيغ على نمط أمازيغي.
تجتمع لهجة جيجل في كثير من النّقاط مع مجموع اللهجات المغاربية (الحضرية منها والريفية)، وإذا بحثنا أكثر فإننا سنجد أنماطا بربرية ثابتة ومتعدّدة، وما يميّز أيضا تطوّر النماذج الاسمية هو الميل إلى التخصيص الدلالي لعدد من هذه النماذج، فالتقارب الدلالي يفرض على الألفاظ التي يعبّر عنها أن تكون تحت عائلة واحدة، فحتى اللغة العربية وغيرها من اللغات السامية الأخرى تعرف تماثلا في المفردات والمفاهيم، وقد استقبلت لهجة جيجل هذا الإرث مع تحوير تفصيلي في الجانب المنهجي.
إن اتّجاه اللهجة لخلق أو تبنّي صيغاً نموذجيةً توافق الأصناف الدلالية، أصبحت بارزة بالرغم من أن معظم الأنماط الاسمية التي تدخل في الحقل المورفولوجي، تحتوي على قيم واستعمالات ثابتة ومتميّزة، إذ ما زال هناك غموض يسود تفسير نظام الصيغ المحدّدة، فتعداد الصيغ المفردة يفتح الباب لدراسة صيغ الاسم، ويمكن أن نستخرج نماذج اسمية، وصيغ ثانوية نموذجية للجنس والعدد والحجم، كلّ ذلك عن طريق الاشتقاق، فقد نجد في الدرجة السفلى عبارة نموذجية لصيغ التصغير (اسم التصغير) مشتقّة من اسم في درجة متوسّطة (اسم التكبير)، كما أن الإشارة إلى الدرجة القصوى (للمبالغة) ليست بالدقّة نفسها ولا بالنظام نفسه[3].
أولا : الاسم المفرد
الاسم لفظ يفيد الثبوت وغير مقيّد بزمن، ولا يقتضي تجدّد المعنى بالشيء، وللاسم دلالة حقيقية غير مقيّدة بزمن، والإخبار به أعمّ من الفعل[4]، وينقسم الاسم إلى اسم جامد، وهو ما لم يُؤخذ من غيره ودلّ على ذات أو معنى، ولا يصحّ الوصف به لجموده، والاسم المشتقّ هو ما أخذ من لفظ غيره، ودلّ على ذات، ويصحّ الوصف به مع تناسب بينهما في اللفظ وتغيّر في المعنى [5]، ونذكر هنا نماذج للاسم المفرد:
1* نماذج ثنائية : يميَّز فيها بين نوعين من الصيغ الثنائية، صيغ فصيحة معيارية، وصيغ لهجية جديدة، إلاّ أن استعمال معظم النماذج الثنائية المعيارية في لهجة جيجل أصبح غير مألوفٍ، فمن وجهة نظر المستشرق الفرنسي فيليب مارسي (Ph.Marçais)، فإن مفردات هذه اللهجة لا تحتوي على أيّ لفظ يمثّل النماذج الثنائية الفصيحة سوى لفظ بقي ببنيته الأصلية وهو لفظ (بَنْ) استثناء في نطق السلسلة العائلية أو في أسماء الأعلام، أو في بعض العبارات الجارحة، فقبل صامت يلفظ (بَنْ) بفتح الباء، وقبل صائت ينطق (بْن) بتسكين الباء[6] : [بَنْهَا، بْنُو، بَنْ عْلي، بْنادَمْ (ابن آدم)…].
بعد ذلك نذكر نماذج ثنائية بتشكيل لهجي، فيمكن لثلاثيات فصيحة أن تصبح ثنائيات لهجية بانحطاط صوتي (إمّا بسقوط الهمزة الابتدائية أو الأخيرة) مثل : [بُو، خُو، ما (ماء)، نُو (نوء)…]، ثم هناك نماذج ثلاثية، ورباعية ذات صيغة وقيمة مجرّدة مع أمثلة من أنماط مختلفة مثل : [بَرْقْ، زَرْبْ، يَشَّا[7]، شَاشْ بَاشْ[8]، لُوخْ[9]]، فنحصل على مجموعة من الألفاظ المختلفة في دلالاتها اللغوية .
إذن فالمعجم اللهجي الجيجلي غنيّ بمفرداته ومتنوّع وله أصول مختلفة، فمن النماذج الرباعية ما هو عربي خالص، ومنها ما هو لهجي (بتشكيل معاصر أو من أصل أجنبي) مثل : [حَرْمَلْ[10]، زَعْتَرْ[11]، عينَبْ[12] (نطق ريفي)، عْرَافَة[13]، سَقَاطْ مَقَاطْ[14]، بُويْرَمَانْ[15]…الخ]
2* نماذج ذات لواحق : فاللاحقة (ـان) هي من الظواهر الموجودة في بعض اللغات الشرقية والغربية[16]، وهذه الزيادة مطردة في كل صفة مؤنثها على وزن (فَعْلَى)؛ لأن الصفات تشبه الأفعال والفعل أقعد في باب الزيادة وإذا وجدنا بعض الأعلام وأسماء الأجناس على صيغة (فَعْلان) فهي بالحمل على الصفات، فابن يعيش يقول في شرح المفصل: “فالأول وقوعها (أي النون) آخرا بعد ألف زائدة نحو سكران وعطشان ومروان وقحطان، وأصل هذه النون أن تلحق الصفات مما مؤنثه (فعلى)؛لأن الصفات بالزيادة أولى لشبهها بالأفعال والأفعال أقعد في باب الزيادة من الأسماء لتصرفها[17]، وكثيرا ما يلجأ النظام العربي في تشكيل الأسماء، والصفات، وأسماء الأفعال إلى أوزان (فَعْلان، وفُعلان، وفِعلان، وفَعَلان)، والمتتبع لصيغة (فعلان) بفتح الأول وسكون الثاني، أو بضم الأول أو كسره في اللغة العربية يجد أنها من الصيغ العملية التي يدور استعمالها في كثير من أبواب النحو والصرف، أما اللهجة الجيجلية فليست في غنى عن استعمال مثل هذه الأوزان في:[فَرْحان، تَعْبان، غُطْبان (من الغضب)، دَهْشَانْ…].
3* اللاحقة ي/يّا : تعطي الأداة اللاحقة (ي) -في اللغة واللهجة معا- معنى النّسبة، وتشير إلى المنشأ (الأصل)، أو المصدر، أو إلى العضوية والانتماء، هذه (الياء) الأخيرة تتصل مع الجذر، فنجد من ناحية : (جذر + ي)، ومن ناحية أخرى (جذر + ـاني) و(جذر + ـاوين)، وهي من الصيغ الجديدة، ولكل واحد من الأداتان (ـاني/ـاوي) في لهجة جيجل مجالها الخاصّ على المستوى الصوتي أو الدلالي، مع وجود كذلك أداتين لاحقتين من أصل تركي عملت على زيادة عدد النماذج الاسمية الموجّهة للتعبير عن العضوية، وهما الأداتان (جي، ولي)، فكلّ أسماء النسبة لا تقدّم المفاهيم نفسها، فهي تختلف فيما بينها في القيمة الدلالية عند المتكلّمين (الإثنية وما يتّصل بها من المنشأ الاجتماعي والموقع الجغرافي، الأصل والوضعية، وكذا أسماء الأشياء والأدوات والحرف…) مثل: [وَرْدي، عَرْبي، خُدْمي (سكّين)، جْرَانْتي (Journalier) (أي عامل يومي)،[قْزَادْري] (أي صانع القصدير)،[قْرَامْدي] (صانع القرميد)…الخ،]
4* نماذج بسوابق :
- السابقة (م) : تلعب هذه الأداة دورا مهمّا في تشكيل الأنماط الاسمية المتصلة بنظام الفعل وصياغتها بمفهوم الإجراء، وهناك أسلوب جديد في التصريف (وهو تبنّي صيغ التصغير، وجمع التكسير) مثل : [مَصرُوفْ (جمع) مْصارَفْ، مَدْخُولْ (تصغير) مْديخَلْ]، كما أن هناك نماذج اسمية أخرى تستعمل السابقة (م) لتشكيل أسماء المكان، وأسماء الأداة، وكذا صفات المبالغة مثل :[ مُولَدْ، مَدْبَحْ، مَشْرَارْ…]
- السابقة (أ) : هو مورفيم بربري يوجد في الأسماء الأمازيغية أو الأسماء العربية المصبوغة بصبغة أمازيغية، وكمثال على ذلك أسماء كـ [فَلُّوسْ، وبُقَالْ]، صيغتان معرّبتان تستعملان في اللهجة جنباً إلى جنب مع الصيغتين الأمازيغيتين [أفَلّوسْ، أَبُقالْ]، وبهذا يحاول (ف. مارسي) هنا أن يميّز في تصنيفه للأسماء بهذه الصيغة بين الألفاظ ذات الأصل العربي والألفاظ الأخرى من أصل أمازيغي أو أجنبي مرّ على اللغة البربرية[18] مثل : [أَفْخودْ، أجْناحْ] من أصل عربي، و[أسْرَفْ (فرشاة)، أﮔرو (ضفدع)] من أصل أمازيغي، وعلى حسب معرفته باللغة البربرية –كما يقول- ، فطبيعة وقيمة السابقة (أ) في النظام الاسمي لهذه اللغة تبقى غامضةً مع وجود افتراضات فقط، فالبعض يجعل هذا المورفيم من بقايا أداة اسم الإشارة في اللغة الفصحى، والبعض الآخر يضعها كمؤشّر اسمي عادي للمذكّر، ولكن الكل يتّفق على أنه لا يوجد في اللهجات البربرية المدروسة أيّة قيمة محدّدة، وما هي (أي هذه الأداة) إلاّ عنصر تشكيلي لا معنى له، وفي لهجة جيجل يخلو هذا المورفيم من أيّة استقلالية، فهو غير منفصل عن بنية الكلمات ومستثنىً من نظام الاشتقاق، فالسابقة (أ) تكون أكثر أو أقلّ ثباتا حسب الأصناف الاسمية التي تظهر فيها أو حسب صيغة الأسماء التي تنتمي إليها، فهناك من يستعمل هذه الأداة الابتدائية وهناك من لا يستعملها، هذه التغيّرات ترجع إلى أصناف محدّدة، فهي إمّا ألفاظ عربية دخيلة على البربرية أو عنصر أصلي حافظ على مظهره في لغته الأصلية، وإمّا ألفاظ غير عربية يتوافق تشكيلها الصوتي صدفة مع نموذج عربي[19]، ولهذا يمكن سماع بعض التداخل على ألسنة الفرد نفسه مثل:[ فْخُدْ/أفْخَدْ، سْدَرْ/ أسْدَرْ، خْروفْ/أخْروفْ…]، وفي كل هذه الألفاظ تتحدّد البربرية في الزائدة المورفيمية (أ)، وقد يتلاشى هذا المورفيم الزائد ويسقط عندما يحمل الاسم صيغ المؤنث أو الجمع أو التصغير مثل :[أَبْرَاكْ (بطّ)> بْرَاكَة (مؤنث)> بْرِيَّكْ (تصغير)> بْرَاكاتْ (جمع)/أغْرومْ (خبز)> غْريمْنَاتْ (جمع)، غْرِيَّمْ (تصغير)]. إذن، لا ريب أن الأسماء بالمورفيم (أ) المستعملة في لهجة جيجل ترجع إلى خلفية قديمة جدّا في اللهجة، فالبعض يرجعها إلى زمن حيث كانت اللغة البربرية هي اللغة السائدة في إقليم الشمال القسنطيني، والبعض الآخر يرجعها إلى زمن حيث كان للعرب دور في الانتشار التدريجي للغة العربية التي كانت لا تزال في مرحلة تشكيلها وصياغتها ليتمّ قبولها : زمن الثنائية اللغوية أو لنقل ما قبل الثنائية اللغوية[20].
أمّا المترادفات العربية / البربرية فهي مضاعفة في اللهجة الجيجلية، كما توجد مستعملة لوحدها في لهجات القرى المجاورة، ويتضاعف عددها كلما ابتعدنا عن المدينة لدرجة أنه في بعض التجمّعات الريفية لا نستطيع تعيين أشياء وتسميتها بدون هذه المرادفات البربرية، وقد كان للتعريب التدريجي المتّصل بتطوّر الحياة الحضرية دور في إدخال ألفاظ عربية منافسة للكلمات الأصلية القديمة التي يمكن استبعادها واستثناؤها، لكن البعض منها قاومت واستمرّت في الاستعمال جنبا إلى جنب مع الكلمات الجديدة، فالاتّصال الوثيق والدائم بين الوسط الحضري والضاحية الريفية كان له دور في الحفاظ عليها[21].
- السابقة (ت) : تعتبر كأداة للتعبير عن التأنيث في النظام الأمازيغي[22]، فالسابقة (ت) تمثّل مورفيم مقترن بالأسماء، ويظهر في لهجة جيجل في عدد محدود نسبيا من الكلمات، فالتاء تنطق في هذه الأداة عموماً بدون احتكاك، وهذا ما يعطي انطباعاً بأن هذه الصيغة أجنبية في اللهجة [تَيَرْفَا (غراب)، تَيَمّومْتْ (تيمّم)…]
ثانيا : جنس الاسم
في ضوء التطور اللغوي، تسعى اللهجات كلّية لحذف صيغ الأسماء المؤنّثة التي ليست لها علامة دالة على التأنيث، وهي بهذا إمّا تصوغ صيغ مؤنّثة جديدة ومتميّزة مورفولوجيا، وإمّا أن تعطي دلالة التأنيث لأسماء ليس لها علاقة بالتأنيث، فمفهوم التأنيث يُتصوّر تدريجيا من قِبل المتحدّث انطلاقا من مفهوم المذكّر، إلاّ أن التأنيث يتعارض معه من الناحية المورفولوجية بعلامة مميّزة. فحينما يتعلّق الأمر بأسماء الأشخاص أو الحيوانات، فاللهجة تحافظ على حالة الأشياء المعيارية : فيُعيَّن المذكّر باسم، والمؤنّث باسم آخر مختلف مثل : [عَازَبْ/عَاتَقْ]، لكنّ الاتّجاه المعاصر يخالف العادة الفصيحة ممّا جعل اللهجة تتبنّى صيغة المؤنّث انطلاقا من صيغة المذكّر، وتعطيه علامة الجنس مثل: [دابّْ/ دابَّة] عوض الثنائية الفصيحة [حمار/ أتان)، وأحيانا فالتعارض المورفولوجي يعزّز التعارض المعجمي مثل [حْصَانْ/ فَارْصَة (فرس)].
- صيغ المؤنّث :
علامات التأنيث في اللهجة هي عينها الموجودة في اللغة، لكنها ليست بارزة لتشابهها في النطق، فكثيراً ما تتداخل هذه العلامات؛ وهذه الظاهرة ليست محلية، وإنما هي عامة في كل اللهجات العربية، والسبب في ذلك كما تعلمون أن هذه اللهجات غير مكتوبة، وبالتالي لا توجد قاعدة معينة فيها لكتابة الأسماء المنتهية بعلامة من علامات التأنيث، وإنما تعتمد على اللغة، ولا يكاد المتكلم أو السامع أن يتبيّنها إلا بالرجوع إلى أصلها، أو أن يكون ملماً بطريقة كتابتها كما هي في اللغة، أمّا علامات التأنيث في لهجة جيجل فتتميّز بـ :
*صيغ متميّزة مورفولوجيا : يمكن تحديد صيغة التأنيث بثلاثة علامات مورفولوجية (الفتحة الأخيرة، التاء الأخيرة، والسابقة (ت)).
الفتحة الأخيرة : تشكّل اللهجة صيغة التأنيث غالباً بزيادة الفتحة الأخيرة لصيغة المذكر، والتي يمكن أن تمثّل الأواخر المعيارية للمؤنث اللفظي : (التاء المربوطة أو الألف الممدودة أو الألف المقصورة)، فقد نجد الثنائيات التالية : [قَرْدْ/قَرْدَة، رَابَحْ/رَابْحَة، شَرْقي/شَرْقيَّة، مْرَبّي/ مْرَبْيَة…]، بالإضافة إلى أن اختفاء السابقة (أ) قد يكون له أثر في ظهور صيغ التأنيث مثل : [أَقْطوطْ/ قَطَّة…]
التاء الأخيرة : لا تظهر في صيغ التأنيث إلا في ثلاثة أسماء (بَنْتْ، أُخْتْ، سَتّْ(حماة))[23]، فالاسمان الأوّلان ينتميان مباشرة إلى النماذج العربية الفصيحة حيث أصبحت التاء الأخيرة كعنصر أساسي في اللهجة الجيجلية، ولا تستعمل إلا متضمّنة في تركيب إضافي كغيرها من أسماء القرابة مثل [بَنْتَكْ، اخْتي]، أمّا كلمة (سِتّْ) حسب التفسير العامّ المتبع، فإنّها تعود إلى اللفظ العربي (سيِّدات)[24] بترخيم وانقباض غير عادي يمكن تفسيره بتضمينه (إدخاله) في التركيب التحديدي (سيّدتي-سَيِّتّي-سِتِّي ثمّ سِتّْ). فالسلسلة الصغيرة (بنت، أخت، وستّ) تمارس بلا شكّ تأثيراً على الألفاظ (زيتْ، بِيتْ، موتْ) التي تأخذ عادةً جنس التأنيث في اللهجة.
السابقة (ت) : تظهر هذه خصوصاً في مفردات ذات أصل بربري أو في أسماء عربية دخيلة على البربرية، فنجد أن (ف.مارسي) يميّز في دراسته للصيغ المفردة أصناف متعدّدة لهذه الأسماء (أصناف بالسابقة (ت) مفتوحة الآخر من أصل بربري، وكذا صيغ بالسابقة (ت) وآخرها تاء من أصل بربري وعربي..)[25]
*صيغ غير متميّزة مورفولوجيا : تعرف اللهجة مثلها مثل اللغة العربية ألفاظا مؤنثة ليست لها إشارة للجنس، كما تعرف أيضا تأرجحا بين التذكير والتأنيث، ولهذا نجد :
-أسماء مؤنثة دائما ما توافق في طبيعتها النماذج الفصيحة مثل [لَرْضْ، شَمْسْ، حَرْبْ..الخ]
-أسماء أفراد دالّة على جنس الأنثى مثل : [أُمّْ، عَاتَقْ، خَادمْ…]
-أسماء أعضاء الجسم فردية كانت أم ثنائية [وْدَنْ، عَيْنْ..]
-أسماء مدن وأماكن [جيجَلْ، القُلّ] وأسماء مثل [طِريقْ، عنْكْبوتْ] وكذا أسماء لا توافق النماذج الفصيحة في جنس التأنيث مثل :[شيلي (شمس)، طُو (ضوء)، صوف… ].
ممّا تقدم أن حمل الأشياء على المذكر، أو المؤنث مجازياً كما يقول الدكتور إسماعيل أحمد عمايرة أمر منوط بتصورات الشعوب لهذه الأشياء، فما اقترب في شكله، أو صفته، أو قرينة تربطه بالأنثى الطبيعية جعلوه مؤنثاً، وإن اقترب من المذكر في أذهانهم عاملوه معاملة المذكر الحقيقي[26]، وهذا ممّا هو ملحوظ وموجود في اللهجة غير أن صاحب اللهجة يدرك بحسّه أن الأسماء وضعت على مسمّياتها، ورسخت في ذهنه كما ورثها.
- وظائف المؤنث :
يمكن تقسيم ألفاظ جنس التأنيث إلى صنفين : (الصنف الأول يشمل صيغ مؤنثة من الإرث اللغوي الفصيح لا تحمل علامة الجنس دائماً، وصنف آخر من صيغ التأنيث اللهجية التي نجد في أغلبها علامة التأنيث)، فيلاحظ بأن جنس التأنيث ليس له أية وظيفة خصوصية، ويوجد في اللهجة أقسام حيث يكون لجنس التأنيث مفهوم مدرك من قبل المتحدّث، ومن بين هذه المفاهيم ما يلي : [27]
أ*التأنيث دلالة على الجنس : فهو إمّا اسم أنثى مختلف عن اسم الذكر مثل : [دْكَرْ/ انْتَى، بُو/أمّ، شيخْ/عْجوزَة، سَرْدوكْ/دْجَاجَة…]، وإمّا أن يكون من نفس جذر المذكّر مثل : [بَنْتْ، أخْتْ، عَمّة…]، وفي المقابل قد توجد علامة الفتحة الأخيرة في أسماء مذكّرة نحوياً تشير إلى أفراد ذكور مثل :[خْليفَة، بَاشَا..]
ب*التأنيث دلالة على الإفراد والتصغير : مثل [تَقْديدَة (أي تجفيف اللحم)، حُوتَة…]، والعمل على استخراج صيغ التصغير بزيادة الفتح لألفاظ غير مصغّرة، تبدو قديمة، وهي شائعة الاستعمال في اللهجات المشرقية والمغربية، أمّا في لهجات المغرب العربي، فهو مفروض بآلية صيغة التصغير البربرية (ت….ت)[28]، فيجتمع هذين النموذجين لتقوية صيغة التصغير في المنطوق العربي الجيجلي مثل [مَشْطْ/مَشْطَة، أَحَلاّب/ حلاّبة، لويزْ/لويزَة…].
- مظاهر تغيّرات الجنس بين الفصحى واللهجة
لتغيّرات جنس الاسم في اللهجة مظاهر متعددة يجملها ( فيليب مارسي) فيما يلي : [29]
*عامل تأثير الجنس في اللغة البربرية :
تنتج بعض التبدّلات عن استعمال للغة العربية والبربرية في آن واحد عند سكان منطقة جيجل (بما فيها المدينة نفسها)، ولهذا فلفظتا (صوف ولحم) مذكّرةً في النماذج الأولية (اللغة العربية) وفي أغلب اللهجات المعاصرة، في حين تصبح مؤنّثةً في لهجة جيجل؛ لأنها تعطي لصيغة التأنيث البربرية نفس المعنى [تِيفي، وتَادوفْ]
*التأثير المورفولوجي : ويظهر خصوصاً في حالة الألفاظ المذكّرة في الأصل أو من جنس متغيّر، والتي لها أواخر تجعل المتحدّث يفسّرها كعلامات للتأنيث دون تفكير مثل : [موتْ، زيتْ، بيتْ…]
*التأثير الدلالي : وتظهر في الاستعمال اللهجي التأنيثي لأسماء مذكّرةً في الأصل تقارب دلالتها ألفاظا مؤنّثة سواء لها علامة أو ليست لها علامة مورفولوجية مميّزة، ومن بين الأمثلة في اللهجة ما يلي [شيلي (شمس) > تأثير لفظ شمس أو ﮔـايْلَة (حرارة شمسية)، تْرَابْ > لَرْضْ، عُكّازْ> عْصَا…].
* كما نجد عمليات متعدّدة ومركّبة محدّدة بطريقة خاطئة، وذلك ما يقوّي تغيّر الجنس في اللهجة، مثل ألفاظ الفصول الأربعة مثلا، وكذلك وجود اسمين آخرين من اللغة العربية بألف مقصورة في الآخر، تحذف في اللهجة مثل لفظ [مُوسْ] من لفظ (موسي) بجنس غير ثابت يصبح مذكّرا[30]، ولفظ [جُمَادْ] من (جمادى)، مؤنثة من الشهور القمرية[31]، تُزال الألف المقصورة في اللهجة وتصبح لفظاَ مذكّراَ مرتبطا بالاستعمال اللهجي للشهر الذي يسبقه فيقولون : [جَادْ، وجُمَادْ] أي جمادى الأولى والثانية.
ثالثا : العدد في الاسم
- مفهوم العدد : تميّز اللهجة الجيجلية – كغيرها من اللهجات العربية المعاصرة- بين ثلاثة أصناف في العدد (المفرد، والمثنّى، والجمع)، إلاّ أنه من الباحثين من يحاول أن يميّز بين العلامات المورفولوجية لصيغ المثنى والجمع، فصيغة المثنى لا تخضع لتغيرات ثانوية عميقة، ثمّ علامته تكون خارج جذر الاسم في اللغة العربية، وتبقى في اللهجة بالأواخر (ـاين، وين)، فالمثنى إذن دائما صيغة نموذجية، أما صيغ الجمع فقد غُيّرت بشكل ملحوظ، ولم يبق إلا إجراءين من تراث الحالة الفصيحة (المعيارية) :[32] استخدام الأواخر اللاحقة لجذر الاسم، والالتجاء إلى نماذج جمع التكسير (فقد حافظت على العلامات الأخيرة (يـن، ـات،ء) في اللغة العربية مع تشكيل صيغ جمع شاذة أو من ألفاظ أجنبية مقترضة)، فهناك تردّد في اللهجة الجيجلية في عزو أسماء تدلّ على وحدات بتراكيب متعدّدة إلى المفرد أو الجمع مثل [زْلاَجْ (مادة دهنية)، سَاسْ (أي أساس)]، كما أن هناك صيغ جمع أخرى لا تكشف صيغتُها العدد، وهي عامّة تقريبا في الوسط اللهجي وفي اللغة العربية كذلك، إذن هي صيغ جمع متميّزة تدلّ على جمع من الأفراد مثل : [نَاسْ، غَاشي، ﮔومْ (أي جماعة من القوم)].
- المثنى[33] :
هناك تراجع ملحوظ في استعمال المثنى في اللهجة الجيجلية خاصة، وفي اللهجات العربية الأخرى عامّة، فالتقابل الموجود في اللغة العربية (تثنية/تعدّد) لا وجود له في اللهجة، والتقابل الأكثر شيوعاً هو (وحدة/تنوع)، ولهذا فالتعبير يكون حسب الطريقة الاعتيادية لتمثيل الأشياء المعدودة في الجمع المسبوق بعدد طبيعي مثل :[زوجْ بَقْرَاتْ، زوجْ كَلْماتْ…الخ]، ولا تكون الصيغ متميّزةً إلاّ في بعض الحالات المحدّدة، أما العلامات المورفولوجية للمثنى في اللهجة هي : (اللاحقة الأخيرة (اين) في عدد قليل من الكلمات، واللاحقة الأخيرة (ين) في أغلب الكلمات، وكذا الحركات الطويلة (الفتح أو الياء) التابعة لجذر الأسماء كضمائر متّصلة):[34]
-اللاحقة الأخيرة (اين) : وتستعمل في لهجة جيجل وفي غيرها من اللهجات المغاربية، ولا نجد علامة التثنية هذه إلا في بعض أسماء القياس مثل [يوم > يومَايَنْ، شْبَرْ > شَبْرَايَنْ..]
-إضافة الياء والنون في آخر الاسم المراد تثنيته : مثلها في ذلك مثل اللهجات العربية المعاصرة[35]، وممّا سُمع ذلك في اللهجة : [سَاعْتين، مَرّْتينْ، رَجْلين، صَاعِينْ…الخ]، ومثلما ذكر المستشرق (و.مارسي) في دراسته للهجة تلمسان، فإن صيغ المثنى تعبّر عن صيغة الجمع كذلك، ويعزّز هذا التوسّع طبيعيا بتشابه أواخر المثنى والجمع (ين)، ومن الناحية الدلالية يقدّم مفهوم الثنائية للفكر ما يقصده إن كان فردا أو جماعة بصفة طبيعية، وبجانب هذه الصيغ المنتهية بـ(ين)، يوجد أسماء لأجزاء زوجية في صيغة الجمع الداخلي : [عْيونْ، رْكايَبْ، جْناحْ، قْرونْ…] في (عَين، ركبة قَرن ..)، وهذه الصيغ غالبا ما تقتصر على أعضاء الجسم، ولها نظير في الفصحى وفي القرآن الكريم[36]، جاء في شرح المفصّل : (…وإنما عبّروا بالجمع والمراد التثنية، من حيث إن التثنية جمع في الحقيقة)[37].
- الجمع :
وتشمل دراسة صيغ الجمع ما يلي :[38]
– صيغ جموع خارجية : (وتشمل جمع المذكر السالم، وجمع المؤنث السالم…). – صيغ جموع داخلية (وتشمل جمع التكسير)، وتخضع لتغيرات داخلية عميقة نوعا ما.
– صيغ جمع بلواحق متعددة.
*صيغ الجموع الخارجية : تحتوي على ثلاثة علامات محتملة وهي (يـن، ات، وفتح الآخر)، فالاثنان الأولّان أكثر شيوعا من الثالثة.
أ/العلامة الأخيرة (يـن) : وهي تتبع الحالة المعرَبة للعلامة (ـون، يـن) في اللغة العربية، وهو ما يعرف بجمع المذكّر السالم[39]، ويمكن أن نجد هذه العلامة في أسماء الفاعل والصفات، وفي صيغ التصغير والمبالغة مثل :[مُودِيّين من الفعل (مؤذي)، أصْليّين، فَرْطاصينْ من الاسم (فرطاس أي أصلع)، صْغَيّْرين…الخ]، وإلحاق الياء والنون بآخر الاسم المفرد أثناء جمعه جمعا مذكّراً سالماً هو السّمة الغالبة إن لم نقل الوحيدة دون غيرها بين الأمّيين؛ لأن الطبقة المثقّفة تستعمل إلى جانب ذلك الواو والنون[40].
ب/ العلامة الأخيرة (ات) : تمثّل جمع المؤنث السالم، وهي ما دلّ على أكثر من اثنين بزيادة ألف وتاء في آخر الاسم أو الصفة، ويشمل العاقل وغير العاقل كذلك، وهي ذات وظيفة مزدوجة؛ لأنها تدل على العدد والنوع مثل نظيرها الواو والنون[41] ، ونجدها في عدد مهمّ من الصفات، وأسماء الفاعل، وفي صيغ التصغير، وكذا في أغلب الألفاظ الأجنبية الدخيلة[42]، مثل : [هَابْطاتْ، سَاعَاتْ، طْفِيّْلاتْ، عْصاواتْ، ميطْرَاتْ…]، ويطّرد جمع المؤنث السالم في أعلام الإناث لعاقل وإن لم تكن فيها علامة تأنيث..وما ختم من الأعلام والأجناس بتاء التأنيث أو الإفراد أو العوض، وما ختم بألف التأنيث المقصورة أو الممدودة سواء كان اسمًا أو صفة، وكذا مصغّر غير العاقل، وصفة المذكّر غير العاقل…[43]،ويبدو أن العربية كأخواتها الساميات أدخلت لاصقة (ãt) على بنية الاسم للدلالة على جمع الإناث، وأدخلت لاصقة (at) على البنية للدلالة على المفردة المؤنثة والصفة المشتركة بينهما وجود حركة الفتح قبل التاء مع الاختلاف في طول الحركة[44] .
ج/ علامة الفتح في الآخر : ويتحدّد استعمالها في أسماء وصفات الحرفيين مثل :[فَلاَّحْ> فَلاَّحة، حْوَانْتي> حْوانْتية…الخ].
2*صيغ الجموع الداخلية : وهو (جمع التكسير)، ويعدّ هذا النوع من الجموع –كما ذهب أحد الدارسين- أقدم جمع عرفته اللغة العربية وأخواتها الساميات[45]، كما أنه متأرجح لا يخضع لقواعد ثابتة، وهو كثير في اللهجة الجيجلية ويأتي على أوزان مختلفة (فْعالْ، فُوعَلْ، فْعَالَلْ، فَعْلان…الخ)مثل : [ قْطَطْ، شُرْفَا، حُومَرْ، طْنَاجَرْ، فَرْسَانْ…الخ]، كما توجد صيغة باللاحقة (ن) وهي من أصل بربري[46] من مثل [أَقْطوطْ> أقْطوطَنْ، أغْرومْ > أغْرومَنْ…الخ].
الخاتمة :
وقفنا في هذه الدراسة على أهمّ استعمالات الاسم في النظام الصرفي للهجة جيجل، فالجزائر تحظى بتنوع لساني و ثقافي يثير الملاحظة والاهتمام بالنسبة للدارس الجاد للمجتمع الجزائري في مجال اللسانيات، كما تجدر الإشارة كذلك إلى أن اللهجة الجيجلية و إن كانت لهجة قائمة بميزاتها الخاصة، إلا أنها لا تملك إمكانية أن تكون لغة قائمة بذاتها، ذلك أنها لا تخضع لضوابط نحوية و صرفية أصيلة و ثابتة إضافة إلى كونها تأثرت بشكل كبير بالأمازيغية، و كونها كذلك تختلف بين مناطق الولاية و أعراشها، و ذلك لاختلاف أصول الأعراش نفسها بين كتامية وزواغية وشلحية أو صنهاجية، فهي ليست موحَّدة، لكن فقط يمكن اعتبارها لهجة محلية – شعبية محدودة النطاق، و ذلك قد يرجع إلى عدة عوامل تاريخية… رغم أن بعض المهتمين أكدوا أن اللهجة الجيجلية كانت ثريةً ومستعملةً بشكل كبير و قوي بين سكان المنطقة حتى القرن التاسع عشر، قبل أن تبدأ في التقلص و الانقراض شيئا فشيئا، خاصة مع سنوات الاستقلال الأولى التي عرفت هجرات كبيرة للجيجليين نحو الحواضر الكبرى و على رأسها قسنطينة و الجزائر العاصمة، فتلك الهجرات شكّلت إحدى أكبر الأسباب التي جعلت النازحين يتخلون تدريجيا عن لهجتهم الأم، و كان الأمر أسوأ مع أبناءهم وأحفادهم إلى غاية اليوم….، و هو ما ساهم في موت و اختفاء العديد من المفردات الجيجلية الخالصة، رغم أنه – ولحسن الحظ – بقيت عشرات المفردات المشتركة الأخرى حية و مستعملة بشكل عادي في جبال جيجل و باقي مناطق القبائل الأخرى …
قائمة المصادر والمراجع :
- القرآن الكريم (رواية ورش عن نافع)
- ابراهيم السامرائي، فقه اللغة المقارن، دار العلم للملايين، بيروت، ط3، 1983.
- أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، عالم الكتب، القاهرة، ط1، 2008.
- إسماعيل أحمد عمايرة، ظاهرة التأنيث بين اللغة العربية واللغات السامية، دار حنين للنشر والتوزيع، الأردن، ط2، 1993.
- أشواق محمد النجار، دلالة اللواصق التصريفية في اللغة العربية، دار دجلة، عمان، 2006.
- إينو ليتمان، أسماء الأعلام في اللغات السامية، مجلة كلية الآداب، القاهرة، مج 10، ج2، ديسمبر 1948، ص ص 1-30.
- بلقاسم بلعرج، الدارجة الجزائرية وصلتها بالفصحى- دراسة لسانية للهجة بني فتح (جيجل)-، مديرية النشر لجامعة قالمة، د.ط، 2008.
- ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، تح أحمد شاكر،ج1، دار الآفاق الجديدة، بيروت، ط2، 1983.
- حليمي عبد القادر، النباتات الطبية في الجزائر، منشورات برتي، الجزائر، ط1، 2004.
- رمضان عبد التواب، بحوث ومقالات في اللغة، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط2، 1988
- ريمون الطحّان، الألسنية العربية، ج1، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ط2، 1981.
- الزازية برقوقي، جدلية الفن والعمل في ظاهرة ‘التويزة’ بمنطقة سيدي بوزيد، مجلة الثقافة الشعبية، ع17، ربيع 2012، ص ص 96-103.
- سيبويه، الكتاب، ج3، تح عبد السلام هارون، د.ط، 1992.
- عبد الصبور شاهين، المنهج الصوتي للبنية العربية، مؤسة الرسالة، 1980.
- علي خنوف، تاريخ منطقة جيجل قديما وحديثا، منشورات الأنيس، ط2، 2011.
- علي سليمان الجوابرة، التحولات الصوتية في بنية الأسماء عند تصريفها، أطروحة دكتوراه، قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة مؤتة، 2007.
- محمد شفيق، المعجم العربي الأمازيغي، ج1، أكاديمية المملكة المغربية، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2000.
- المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، ط4، 2004.
- ابن يعيش، شرح المفصّل، تح إميل بديع يعقوب،ج3، ج4، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 2001.
- Mohammed Bencheneb, Mots Turks et Persans conservés dans le parler Algérien, éd. Jules Carbonel, Alger, 1922.
- Marçais, le parler arabe de Djidjelli, (Nord constantinois, Algérie) (Librairie d’Amérique et d’Orient, publications de l’Institut d’Études Orientales d’Alger, 1952).
- Marçais, le parler arabe de Tlemcen, Ed. Ernest Leroux, Paris, 1902
[1]– جيجل مدينة ساحلية تقع شرق الجزائر، فهي ذات شكل مستطيل، يغلب على تضاريسها الطابع الجبلي ذو الغطاء النباتي الكثيف، يحدّها البحر المتوسط شمالا، أمّا من الجنوب فتحدّها جبال البابور وجبال سيدي ادريس شمــال القرارم، ويحدّها غربا وادي بوغريون الذي يفصلها عن بجاية، في حين يحدّها شرقا وادي الرمال الذي يفصلها عن منطقة القل، ونظرا لطابعها الجبلي فهناك شبكة واسعة من الأنهار التي تخترقها مثل أنهار زياما منصورية، وكليلي، وتازة ، وكسير (غرب مدينة جيجل)، وأنهار جن جن ، والنيل، وسيدي عبد العزيز، والرمال، ووادي زهور (شرق مدينة جيجل)، ينظر : علي خنوف، تاريخ منطقة جيجل قديما وحديثا، منشورات الأنيس، ط2، 2011، ص ص 7-11.
- اللغة كائن حي تتطور وتتغير بفعل تقادم الزمن، وعليه هي عبارة عن سلسلة متلاحقة من المراحل يقود بعضها إلى بعض، وكل مرحلة تتكون من مجموعة من الظواهر المطردة القواعد؛ إذ لا بد للغة من منطق ينتظمها، وتمثل تلك المراحل تطورًا لغوياً ينتابه أحياناً أمثلة شاذة عن تلك القواعد المطردة، ويرجع سبب وجودها إلى :
- قد تكون تلك الشواذ (أو اللهجات إذ المراد بالشاذ الخارج عن القاعدة المطردة أو اللهجة المخالفة للفصحى) بقايا مرحلة قديمة اندرست، وهو ما يسمى بالركام اللغوي للظواهر المندثرة في اللغة.
- وقد يكون الشاذ بداية لمرحلة جديدة من مراحل الظاهرة اللغوية فتسود على ما قبلها من المراحل، ينظر : رمضان عبد التواب، بحوث ومقالات في اللغة، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط2، 1988، ص 57.
[3]– وفي هذا يعطي المستشرق (ف.مارسيه) تقسيما ثلاثيا لهذه الدرجات :
* الدرجة الوسطى التي تمثّل مفهوما يعتبر بحجمه (عاديا) دون أي تقدير.
* الدرجة العالية (القصوى)، والتي تُظهر زيادة في (الحجم، والقوّة، والقيمة…الخ).
*الدرجة السفلى، والتي تعطي صورة مصغّرة، ينظر
Ph.Marçais, le parler arabe de Djidjelli, (Nord constantinois, Algérie) (Librairie d’Amérique et d’Orient, publications de l’Institut d’Études Orientales d’Alger, 1952). p241
[4]– سيبويه، الكتاب، ج4، ص218.
[5]– محمود عكاشة، البناء الصرفي في الخطاب المعاصر، الأكاديمية الحديثة للكتاب الجامعي، مصر، 2008، ص 15.
[6]– جُمع على لفظ (بْنَايَنْ)، ولا تستعمل غالبا إلا في العبارات الجارحة مثل (كْلابْ بْنَايَنْ كْلابْ…)، وفي أسماء الفئات الاجتماعية (قبائل، أعراش…) يستعاض عنها ب(بْني) فيقولون (بني قايد، وبني فوغال…).
[7]– تظهر هذه في الكلمة المركّبة (بويَشَّا) أو(بوﮔشَّا)،وهو طبق تقليدي يحضّر بمناسبة عيد عاشوراء.
[8]– كلمة مقترضة من اللغة التركية وتعني نوع من الألعاب التقليدية، ينظر:
Bencheneb, Mots Turks et Persans conservés dans le parler Algérien, éd. Jules Carbonel, Alger, 1922, p51.
[9]– أي “خوخ” وتظهر استثناء في لهجة جيجل، ويمكن عزوها إلى التأثير المماثل للفظة (لوز) مع احتمال تحوّل صوتي بإلصاق الأداة، ل + خُوخْ = لْخوخْ، ثم مخالفة العنصر الأول (خ) بالعنصر الثاني لتصبح (لوخْ) هكذا، ينظر : Ph.Marçais, Op.Cit, p254
[10] – نبتة معمّرة، خضراء اللون، كريهة الرائحة، منابتها لمناطق الحارة من بلدان حوض البحر المتوسط وآسيا الوسطى، تنتشر عشبة الحرمل في أراضي النجود الجزائرية وتستعمل في التداوي من الأمراض، ينظر : حليمي عبد القادر، النباتات الطبية في الجزائر، منشورات برتي، الجزائر، ط1، 2004، ص 69.
[11] – يُقال بالسين والزاي والصاد، عشبة برّية عطرية معمّرة، وهي عشبة محبوبة وجذّابة بشدّة للنحل الذي يجمع منها رحيقا عطريا للغاية، وقد استعمله في الطبابة العشابون القدماء من بابليين ومصريين ويونانيين ورومان وعرب، ينظر: حليمي عبد القادر، المرجع نفسه، ص 133-134.
[12]– بإطالة الصائت (حرف العلة) الكسرة، صيغة أندلسية، ينظر ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، تح أحمد شاكر،ج1، دار الآفاق الجديدة، بيروت، ط2، 1983، ص 32، وتستعمل كذلك في المغرب وفي الغرب الجزائري، ينظر :
W.Marçais, le parler arabe de Tlemcen, Ed. Ernest Leroux, Paris, 1902, p58.
[13]– أكلة تقدّم لعمّال قاموا بعمل جماعي تطوّعي أو ما يعرف بتويزة الحصاد، و(التويزة) ظاهرة اجتماعية تعبّر عن حالة تضامنية موسمية بين أفراد المجتمع القبلي، ينظر : الزازية برقوقي، جدلية الفن والعمل في ظاهرة ‘التويزة’ بمنطقة سيدي بوزيد، مجلة الثقافة الشعبية، ع17، ربيع 2012، ص 96، 103.
[14]– تعبير جناسي مقترض من اللغة التركية وشائع في اللهجات المغاربية، ينظر :
Ph.Marçais Op.Cit, p271.
[15]– يوافق اللفظ المغاربي (بَاﮔرَمانْ/ مَاﮔرَمان) بتغيير بين الياء والجيم القاهرية، وهي عشبة مائية عطرية منتشرة بكثرة لدى مستعملي الطبّ الشعبي.
[16] – مصطفى النماس، صيغة فعلان واستعمالاتها في اللغة العربية، مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ع39، ص 106.
[17] – ابن يعيش، شرح المفصل، تح إميل بديع يعقوب، ج3 ، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 2001، ص 314.
[18]– Ph. Marçais, le parler arabe de Djidjelli, p 311.
[19]– Ibid, p 312.
[20]– Ibid, p 313-315.
[21]– Ibid, p 317-318.
[22]– المؤنث الأمازيغي الذي يصاغ من لفظ مذكّره يبتدئ بتاء وينتهي بتاء، بحيث تحفّ التاءان صيغة المذكّر وتحوّلانه مؤنثا، والقاعدة في ذلك شبه مطّردة، ينظر : محمد شفيق، المعجم العربي الأمازيغي، ج1، أكاديمية المملكة المغربية، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2000، ص 37.
[23]– إينو ليتمان، أسماء الأعلام في اللغات السامية، مجلة كلية الآداب، القاهرة، مج 10، ج2، ديسمبر 1948، ص 30.
[24]– أمّا المستشرق (إ. ليتمان) فيرى بأن كلمة (ستّ) هو اسم صبية، سُمعت عند فلاحي مصر (ستّهم) و(ستّ الأهل)، وعند عشيرة حبشية في جنوب البلاد (Settom)، وكلّها أسماء بنات، ويُعتقد أن هذه التسمية عادة قديمة جدّا، ينظر : إينو ليتمان، المرجع نفسه، ص 14
[25]– Ph. Marçais, le parler arabe de Djidjelli, p 327.
[26] – إسماعيل أحمد عمايرة، ظاهرة التأنيث بين اللغة العربية واللغات السامية، دار حنين للنشر والتوزيع، الأردن، ط2، 1993، ص 29.
[27]– Ibid, p 329-333.
[28]– يصغّر الاسم المذكّر في اللغة الأمازيغية على وزن مؤنّثه، وذلك ما أُمن اللُّبس… وكلما أريد تصغير المذكّر الذي يُخشى لُبسُ مصغّره بمؤنّثه، عُمد إلى الوصف بإحدى الصفات المؤدّية لمفهوم التصغير، ينظر : محمد شفيق، المعجم العربي الأمازيغي، ج1، ص 49،50.
[29] – Ph. Marçais, Op.Cit, p p 334-336.
[30]– آلة أو أداة قاطعة حادّة الحافة يُحلق بها الشّعر (تذكّر وتؤنّث، وتنوّن ولا تنوّن)، ينظر : أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، عالم الكتب، القاهرة، ط1، 2008، ص 2138.
[31]– وجمادى : أيام الشتاء عند العرب لجمود الماء فيها، ينظر : المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، ط4، 2004، ص 133.
[32]– Ph. Marçais, le parler arabe de Djidjelli, p 339.
[33]– المثنى كما هو معروف في كتب النحو ما دلّ على اثنين أو اثنتين، بزيادة ألف ونون في حالة الرفع، وياء ونون في حالتي النصب والجرّ، ينظر : سيبويه، الكتاب، ج3، تح عبد السلام هارون، د.ط، 1992، ص 391.
[34] – Ph. Marçais, Op.Cit, p 348-349.
[35]– ابراهيم السامرائي، فقه اللغة المقارن، دار العلم للملايين، بيروت، ط3، 1983، ص 90.
[36]– من ذلك قوله تعالى : ((إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما)) الآية رقم (4) من سورة التحريم.
[37]– ابن يعيش، شرح المفصّل، ج4، ص115.
[38] – Ph. Marçais, Op.Cit, pp 355-360 .
[39]– جمع المذكر السالم في العربية الفصحى ما دلّ على أكثر من اثنين بزيادة واو ونون في حالة الرفع، وياء ونون في حالتي النصب والجرّ.
[40]– بلقاسم بلعرج، الدارجة الجزائرية وصلتها بالفصحى- دراسة لسانية للهجة بني فتح (جيجل)-، مديرية النشر لجامعة قالمة، د.ط، 2008، ص 134.
[41] – أشواق محمد النجار، دلالة اللواصق التصريفية في اللغة العربية، دار دجلة، عمان، 2006، ص 165.
[42]– يبدو أن ظاهرة جمع الكلمات الدخيلة جمعا مؤنثا سالما موجودة في مختلف جهات القطر الجزائري، وأنها إذا اشتهرت وأصبحت متداولة بكثرة بين الأفراد، فإنها غالبا ما تجمع جمع تكسير مثل الألفاظ الدخيلة من اللغة الفرنسية: [لَكْمايَنْ (les camions) أي الشاحنات، شْنابَطْ (Garde champêtre) وهم الحرس البلدي، لَمَّاشَنْ (les machines) بمعنى الآلات….الخ]
[43] – عبد الصبور شاهين، المنهج الصوتي للبنية العربية، مؤسة الرسالة، 1980، ص 131.
[44] – إسماعيل عمايرة، ظاهرة التأنيث بين اللغة العربية واللغاتالسامية، ص 36.
[45]– ريمون الطحّان، الألسنية العربية، ج1، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ط2، 1981، ص 136،137.
[46]– ونجد هذا النوع محتفظا به خصوصا في الأرياف والجبال المجاورة، ولا يزال مستعملا من قبل الشيوخ والكبار، ويوجد بصفة حصرية في نماذج بربرية بالسابقة (أ) سواء كانت الألفاظ عربية الأصل أم لا. ينظر :
Ph. Marçais, Op.Cit, p367