
بوح الخطاب الغلافي, من عتبة نصية إلى مفتاح تأويلي
(قراءة في رواية الصدمة لياسمينة خضرا)
Le discours du couverture, du seuil textuel au clé interprétative
Approche dans le roman “assadma” de Yasmina
الأستاذة:بسمة جديلي ـ جامعة الشيخ العربي التبسي – تبسة ـ
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية العدد 39 الصفحة 85.
الملخص:يعتبر الخطاب الغلافي من أهم عناصر النص الموازي التي تساعد على فهم الأجناس الأدبية بصفة عامة, والرواية بصفة خاصة على مستوى الدلالة والبناء و التشكيل والمقصدية، ومن ثم فإنه يعد عتبة ضرورية للولوج إلى أعماق النص قصد استكناه مضمونه
وأبعاده الفنية والإيديولوجية و الجمالية؛ فهو أول ما يواجه القارئ قبل عملية القراءة والتلذذ بالنص؛ لأن الغلاف هو الذي يحيط بالنص الروائي ويغلفه، و بالتالي يمكن النظر إليه على أنه ” قوسان دلاليان”[1] يحتضنان المتن فيحميانه ويوضحان بؤره الدلالية من خلال عنوان خارجي مركزي ,أو عبر عناوين فرعية تترجم لنا أطروحة الرواية أو مقصديتها أو قيمتها الدلالية العامة.
الكلمات المفتاحية: الغلاف ,رسائل أيقونية, رسائل لغوية, كلمة الناشر, دار النشر,التأويل.
Le resumé:
Le discours de la couverture est considéré comme le plus important des éléments para textuels qui aident a comprendre les genres littéraires en générale, et le roman en particulier au niveau de la signification, la construction, la forme et l’intention, alors il est considéré comme un seuil indispensable pour entrer au fond du texte pour, découvrir son contenu et ses dimensions artistiques, idéologiques et esthétiques; car il est le premier élément qui rencontre le lecteur avant le plaisir de lecture; et car le couverture est celui qui entoure le texte romancier ,donc on le considère comme deux parenthèse significatives qui protègent le texte, et qui éclairent ses significations a travers un titre extérieure central, ou a travers des sous- titres qui nous traduisent le thèse du roman , son intention ou sa valeur significative générale.
Mots clés: le couverture, messages iconiques, messages linguistiques, mot d’éditeur, maison d’édition, interprétation.
مدخل:
إن غلاف الرواية ليس قشرة صلبة لحفظ صفحات النص فقط بل إنه يساهم أيضا في إضفاء جاذبية على الكتاب، ويشكل إضافة لما تريد الرواية أن تقوله، وقد قسم جنيت الغلاف (G.Genetta) الغلاف إلى أربعة أقسام هي:[2]
– الصفحة الأولى للغلاف: عادة نجد فيها: اسم الروائي و عنوان روايته، و جنس العمل ,وحيثيات الطبع و النشر ,علاوة على اللوحات التشكيلية، واسم المترجم إن وجد.
– الصفحة الثانية و الثالثة للغلاف: تسمى كذلك الصفحة الداخلية؛ حيث نجدهما صامتتين، وهناك استثناء نجده فيما يخص المجلات.
– الصفحة الرابعة للغلاف: يمكن أن نجد فيها: كلمات الناشر أو المؤلف أو الناقد تزكي العمل وتثمنه إيجابا وتقديما وترويجا, كما يمكن أن يوضع فيه تذكير باسم المؤلف و عنوان الكتاب.
سنخصص القول هنا للحديث عن كل من الصفحة الأولى للغلاف والصفحة الرابعة أي ما يسمى ب ” الغلاف الخارجي” والآخر يسمى” بالغلاف الأخير”.
– الغلاف الخارجي (الصفحة الأولى للغلاف):
نقع فيه على اسم المؤلف والعنوان الخارجي والتعيين الجنسي للعنوان وحيثيات النشر ، كما نجد أهم ما يميزه هو احتواؤه –عادة- على أيقونات بصرية وعلامات تصويرية وتشكيلية ورسوما كلاسيكية واقعية ورومانسية وأشكالا تجريدية ولوحات فنية لفنانين مرموقين في عالم التشكيل البصري أو فن الرسم للتأثير على المتلقي والقارئ المستهلك، ويرى حميد لحميداني أن كل هذه الإشارات التي يحتوي عليها الغلاف الخارجي داخلة في ” تشكيل المظهر الخارجي للرواية، كما أن ترتيب و اختيار مواقع كل هذه الإشارات لا بد أن تكون له دلالة جمالية أو قيمة؛ فوضع الاسم في أعلى الصفحة لا يعطي الانطباع نفسه الذي يعطيه وضعه في الأسفل، ولذلك غلب تقديم الأسماء في معظم الكتب الصادرة حديثا في الأعلى ، إلا أنه يصعب على الدوام ضبط التفسيرات الممكنة وردود فعل القراء وكذا ضبط نوعية التأثيرات الخفية التي يمكن أن يمارسها توزيع المواقع في التشكيل الخارجي للرواية إلا إذا قام الباحث بدراسة ميدانية”[3].
نفهم من هذا أن أهم ما يؤكد عليه “حميد لحميداني” هنا هو التنبيه إلى أهمية الالتفات إلى“ جغرافية” الإشارات البصرية واللغوية؛ كونها هي الأخرى بعيدة عن الوضع العشوائي إنما هي مرتبطة بمقصديات ومرام لها صلة وثيقة بالنص.
1- الغلاف الفاخر:
هو الذي لا يحوي أية لوحة؛ حيث تكتب البيانات بماء مذهب، وفي مثل هذا الغلاف التقليدي نلاحظ طغيان الكتابة وحجمها على فضاء الغلاف الأول، ولكي تملأ الكتابة الحيز يلجأ الناشر إلى التعريف بالكاتب والإشادة به والترويج له بشتى أساليب المدح والإطراء، وغلب هذا الشكل للغلاف على الكتب القديمة، أما في غلاف الرواية الحديثة فغالبا ما تشغل الغلاف الأول لوحة فنية.
2- لوحة غلاف تجريدية:
تهدف إلى التعبير عن الشكل النقي المجرد من التفاصيل المحسوسة، وهذا الشكل لا ينطوي على أية صلة بشيء واقعي، و يتطلب الرسم التجريدي الذي تعج به الأغلفة التي تتصدر الأعمال الروائية ” خبرة فنية عالية و متطورة لدى المتلقي لإدراك بعض دلالاته و كذا للربط بينه وبين النص، وإن كانت مهمة تأويل هذه الرسوم التجريدية رهينة بذاتية المتلقي نفسه، فقد يكتشف علاقات تماثل بين العنوان أو النص، عند قراءته له، و بين التشكيل التجريدي وقد تظل هذه العلاقة قائمة”[4] و نجد أن هذا النمط من الأغلفة يطبع أكثر أغلفة الرواية المعاصرة و هذا نظرا لموجة التجريب التي مست جميع تفاصيل الرواية ومنها الغلاف طبعا الذي أصبح يواكب “جنون” الرواية المعاصرة ونزعتها الكبيرة إلى التلغيز و التشفير.
3- لوحة غلاف واقعية:
إن التشكيل الواقعي للوحة الغلاف يشير بشكل مباشر إلى ” أحداث القصة أو على الأقل إلى مشهد مجسد من هذه الأحداث وعادة ما يختار الرسام موقفا أساسيا في مجرى القصة يتميز بالتأزيم الدرامي للحدث“[5] ونستطيع القول هنا إن الرسم الواقعي للغلاف هو على النقيض من الغلاف ذي الرسم التجريدي؛ فإذا كان المتلقي يجهد كثيرا من أجل فهم ما يريد الغلاف التجريدي قوله و ربطه بالتالي بأحداث النص، فإن المتلقي لا يجد كثير عناء في فهم معطيات الغلاف الواقعي الذي ينأى في أغلب الأحيان عن الغموض والتداخل ليسعف المتلقي بمعطيات تربطه مباشرة بأحداث النص الذي سيقبل على قراءته “
ويبدو أن حضور هذه الرسوم الواقعية يقوم بوظيفة إذكاء خيال القارئ لكي يتمثل بعض وقائع القصة و كأنها تجري أمامه، وقد تحتوي صفحات الرواية الداخلية على رسومات مماثلة إما بموازاة كل فصل أو عند فصول بعينها، وتكون هذه الرسومات الداخلية عادة بالأبيض والأسود، بينما تستخدم الألوان المختلفة في التشكيل الخارجي وتعتبر روايات نجيب محفوظ مثلا نموذجيا لاستغلال الرسم الواقعي في تشكيل فضاء النص بلوحات ذات طابع مشهدي“[6]
4- لوحة غلاف فوتوغرافية:
هنا تطبع على لوحة الغلاف صورة فوتوغرافية، وهذا النمط من الأغلفة قليل بل نادر في الروايات بشكل عام؛ فغلاف كهذا يذكرنا بالدراسات الجغرافية أو السكانية أو التاريخية وتمثل اللوحة أحد مكونات العنوان الساكنة فتحجب ديناميكية العنوان الذي يحمل في طياته حركة متوترة لا يمكن للصورة تجسيدها.
5- لوحة غلاف تحمل صورة المؤلف:
يكثر في المؤلفات أن توضع صورة المؤلف في الأخير؛حيث أن صورة المؤلف لها وقعها الخاص في نفس المتلقي، وذلك من خلال كونها بمثابة الوجه للجسد، حيث أن وجه أي شخص –نقابله لأول مرة خاصة- يمكن أن يعطينا انطباعا أوليا على جوانب افتراضية من شخصيته استنادا إلى مجموعة من ملامحه، هذه الجوانب “الافتراضية” تبقى قائمة إلى غاية تحدث هذا الشخص/النص إلينا و حينها يمكن أن تصح تلك الانطباعات الأولية وتعضد، كما يمكن لها أن تسقط تماما.
هذا الأمر ينطبق –من بعض جوانبه- على الصورة الفوتوغرافية للمؤلف عندما توضع في الكتاب، كما أنها توفر تكريسا أكثر لحضور المؤلف باعتباره صاحبا للعمل و محركا رئيسا له, ليس من خلال اسمه المدون بالحروف الطباعية فحسب، وإنما كذلك من خلال صورته الفوتوغرافية التي تميزه كشخص.
6- لوحة غلاف خطية:
هنا يرسم العنوان بخطوط عادية ويبقى العنوان وحيدا يحتل فضاء لوحة الغلاف، فقيرا إلى مؤازرته من عناصر النص الموازي،
وأحيانا يتم التلاعب بالخط ليقدم إيحاء للمتلقي من خلال تمطيط الحروف مثلا.
7- لوحة غلاف سريالية:
في مثل هذا النمط تزين لوحة الغلاف بمجموعة من الألوان المتمازجة و الخطوط المتقاطعة والأشكال المتداخلة، وهنا تظهر اللوحة معزولة عن العنوان و لا تخدم دلالته المباشرة.
إذن ،ومن خلال هذا العرض المحتشم لبعض أنواع الأغلفة في الرواية نجد أن الغلاف الأمامي يمثل عتبة أساسية لفهم العمل الأدبي وتفسيره و خطوة ضرورية لتفكيك المنتوج الفني و الروائي و تركيبه في مقولات ذهنية نقدية أو وصفية أو في شكل خلاصات تقويمية مكثفة دلاليا وشكليا وتداوليا، خاصة ونحن في عصر باتت تلعب فيه الصورة دورا حاسما “خاصة أن إيقاع هيمنتها على حياتنا المعاصرة وتوجيهاتها لأهم استراتيجيات التواصل الإنساني يجعلانها بؤرة إنتاج المعنى في الثقافة المعاصرة، فمن يملك القدرة على المناورة بالصورة و التحكم في إنتاجها و تسويقها يستطيع إدارة الموقف لصالحه»[7]
الغلاف الأخير (الصفحة الرابعة):
لا بد وأن أحدنا عندما يمسك كتابا بين يديه لأول مرة ويبدأ في تصفحه فإن أول ما يلفت انتباهه هو الغلاف الخارجي
وبعدها يقلب الكتاب ليطلع على غلافه الخلفي طمعا في أن يعينه على تكوين تصور مبدئي للعمل الذي سيقبل على قراءته، خاصة وأن البيانات المرفقة في الغلاف الخلفي لا تقل في أهميتها عن نظيرتها في الغلاف الأمامي هذا الأخير الذي ” لا يكتفي بذاته، رغم احتشاده بالتفاصيل، بل يرتبط بالغلاف الخلفي ارتباطا عميقا، و بذلك يكون الغلاف الأخير امتدادا للغلاف الأول وإكمالا له”[8] و ذلك من خلال ما يحمله من بيانات تستدعي وقفة عندها خاصة من القارئ النبيه الذي لا يمر عليها باستعجال ولا ينظر لأي معطى في الكتاب نظرة بريئة أو ساذجة.
وهذه بعض البيانات التي قد نجدها على الغلاف الخلفي:
- توثيق لما صدر للمؤلف من أعمال تعلوها صورة شخصية أحيانا.
- ملخص سيرة ذاتية لأهم المحطات الثقافية و النضالية في حياة الكاتب.
- إشادة بالعمل من قبل ناقد أو كاتب أو ناشر.
- مقاطع من النص للاستشهاد.
- إشارات دالة على نصوص الرواية أو عقدتها أو أهم نصوصها أو أية ميزة فنية.
- فضاء أبيض خال من أية إشارة.
يمكن تصنيف مجموع هذه النصوص في نمطين، الأول توثيقي موضوعي، يسعى إلى التعريف بالمؤلف بالدرجة الأولى، و تلك مقدمات مهمة لأصحاب مدارس معينة في النقد تهتم بالكاتب و بيئته، و الثاني تحليلي ذاتي يحاول تقديم وجهة نظر في الرواية
و مكانتها و قيمة هذا النص تعتمد على موقعه بالدرجة الأولى.
تلكم إذا نظرة موجزة عن عتبة الغلاف، إلا أننا لن نفارق هذه العتبة لنطأ عتبة أخرى قبل أن نأتي على ذكر بعض الوظائف التي يضطلع بها الغلاف, و لا ريب أن الملاحظات النقدية التي ملأت الغلاف الأخير لرواية “الصدمة” تثير شهية القارئ للإطلاع على هذا العمل وسبر أغواره.
وظائف الغلاف:
نجد عند (علي جعفر العلاق) تلخيصا لوظائف عتبة الغلاف من خلال قوله ” الغلاف بوجهيه الأول والأخير يتجاوز وظيفته التداولية التي تعني التسمية والتصنيف و نسبة النص لصاحبه و وثيق النص زمانا و مكانا،/…/ إنه يقوم بمهمة إيجابية: يعد المتلقي منذ البداية لقراءة الكتاب قراءة محددة، ويهيئه منذ العنوان، لأفق تأويلي خصب”[9]
نفهم من خلال هذه المقولة أن أهم ما يؤكد عليه علي جعفر العلاق من بين كل ما ذكره للغلاف من وظائف (التسمية، التصنيف، بنية النص لصاحبه، توثيق النص،….) هو الوظيفة “التهييئية” أو الإعدادية التي يوفرها الغلاف للمتلقي قبل ولوجه إلى عالم المتن ليكون الغلاف بذلك بمثابة علامات الطريق التي تمد القارئ ببيانات ضرورية قد تضمن له السير الحسن في مشوار تلقيه للنص و تنقله عبر مساراته المختلفة.
– بوح الخطاب الغلافي في رواية الصدمة لياسمينة خضرا:
” الغلاف هو عنوان الرسالة و ليس قبرا باردا، داخله ورقة أو مجموعة من أوراق بالحروف المرتبكة و حدائق الشوق، الغلاف هو اللغويات الأولى …“
واسيني الأعرج “شرفات بحر الشمال”
1- الغلاف الخارجي (الأمامي):
يتكون الغلاف الخارجي الأمامي لرواية (الصدمة) من صورة فوتوغرافية تربعت و استحوذت على معظم مساحة الغلاف من أعلاه إلى ما يقارب أقصاه ، و هذا مع ترك مكان بعدها لاسم المؤلف “ياسمينة خضرا” الذي كتب بخط دقيق باللون الأحمر ,
وتحته مباشرة نجد عنوان الرواية (الصدمة) كتب باللون الأسود و بخط غليظ أكبر من الخط الذي كتب به اسم المؤلف, ونجد في أسفل الغلاف الإشارة الأجناسية (رواية) في أقصى اليمين, كما نجد مقابلا لها وفي أقصى الشمال العلامة التجارية لدار النشر الفارابي.
المتصفح لغلاف “الصدمة” سيجد أن أول ما يستوقفه و يحدد وجهة بصره هو الصورة الفوتوغرافية ذات الحجم الكبير، ونحن ندري أن الصورة الفوتوغرافية وعلى خلاف بقية أنواع الصور تكتاز بكونها تعكس المرجعية الواقعية بشكل قريب – إن لم نقل متطابق- مع الواقع دونما فرصة كبيرة للتمويه أو الغموض الذي قد نلفيه في الصور المنتمية إلى الفن التشكيلي، خاصة ما تعلق منه ببعض المدارس التجريدية كالتكعيبية أو السوريالية…، فالصورة الفوتوغرافية هي صورة وثائقية , وهي أشبه بعين الكاميرا التي ترصد “وتعري” وقائع معينة؛ فهي التي ارتبطت في إحدى جوانبها بمهنة الصحافة و التي غالبا ما تسعى جاهدة لنقل الوقائع بعناية
وتفصيل، و لعل هذا فيه إشارة واضحة لطبيعة كتابات خضرا و علاقتها بالواقع، خاصة وهو الذي يقول عن نفسه “كل ما أقوله – في كتبي- هو حقيقي في قالب روائي”.[10]
لكن وعلى الرغم من هذا إلا أن غلاف الرواية “صادم” لحاسة بصر المتلقي فيه إرهاق شديد لها؛ حيث يجد عناء في استنطاقها؛ فالصورة في هذه الرواية تبدو و كأنها تبذل جهدا كبيرا للتخفي أو ربما للظهور الذي تتحداه مجموعة من العناصر و تعمل على حجبه، وأول هذه العناصر لونها الشاحب المصفر والمفتقر إلى الوضوح والنقاء، ليأتي بصفته الدلالية والسيميائية في هذا الغلاف بواقع نوعي خاص ورمزي , ينهض أساسا على استثمار الطاقة اللونية (السطحية والعميقة) أقصى استثمار , وتفريغ حمولتها الدلالية والسيميائية في أنساق الدوال وتنشيط ميكانيزماتها في حركة التجاذب الحاصل بينها , والعمل في الإطار ذاته على توسيع قدرتها على التأثير والتدليل والتصوير من خلال التحاقها بمكونات لغوية منشغلة بتأليف لعبة معنى خاصة, ليحيل الكلام في دواله اللونية على بناء مناخها وتشييد فضائها؛ فاللون الأصفر في إحالاته السيميائية يأتي بحمولة من المعاني السلبية ؛ فيقولون فلان وجهه أصفر للدلالة على المرض والشحوب فهو” لون المرض والانقباض ولقد يرتبط بالحزن والتبرم من الحياة والتحفز نحو عالم أطهر”[11]
وتأتي طبقة من الضباب لتزيد من شحوب هذا الاصفرار, ليعملا معا على تقليص حدود الرؤية ورسم حواجز لما تود الصورة الكشف عنه ،إلا أنه وعلى الرغم من هذا تبقى هناك مساحة من الحرية للعين, لا نعتقد أنها تشفي غليلها إلا أنها تكشف لها عن ملامح وأمارات من شأنها أن تساعد على فك التشفير عن هذه الصورة, لتمسك على الأقل بفكرتها العامة التي قد تنسجم مع فكرة المتن، كما أنه ليس ببعيد أيضا أن تختلف عنها،لاسيما وأن الغلاف ليس خاصا بالنص الأصلي, كما أنه قد لا يكون من وضع المؤلف أو اختياره.
إذا وراء هذه الطبقة الكثيفة من الضباب الشاحب , أول ما يلتقي و نظر المتلقي هو عدد من القضبان الحديدية الغليظة ذات اللون الأبيض , والتي تبدو و كأنها قريبة من عين الكاميرا (الصورة) ,ووراءها ليس بقريب نلمح- بعد بذل جهد بصري- نفرا من الرجال يبدو أن عددهم خمسة, محتشدون في مكان لا تبدو معالمه واضحة تماما نظرا لشحوب الصورة, لكن الأمر الجلي هو هندام هؤلاء الرجال الذي يترجم وبشكل واضح هويتهم العربية, وفي خضم الأحداث المزدحمة على أوطاننا العربية نتساءل أعراقيون هم أم فلسطيون أم سوريون أم أم أم …؟ لنستحضر في أذهاننا و في شكل كليشيهات سريعة صورا تلفزية توثيقية أو إخبارية, عادة ما تتشابه مع هذا النوع من الصور, لعل أشهرها على الإطلاق ما يتعلق بالقضية القديمة الجديدة دوما؛ إنها قضية فلسطين وشعبها, لنرشح بذلك الهوية الفلسطينية لهؤلاء الأشخاص, وهو احتمال من بين احتمالات كثيرة تحكمه جملة من المبررات لعل أبرزها الثقل التاريخي الذي اكتسبته هذه القضية الجدلية عندنا, ليكسبها المرتبة الأولى في سلم التأويل , ولعل حضور القضبان اللصيق بهذه القضية ومعاناة شعبها هنا لم يأت بشكل عشوائي وإنما متعمد, خاصة إذا ما استحضرنا دلالات الشحوب والحجب السابقة , ليكتمل لدينا المعنى ربما, خاصة و أن القضبان عادة ما تدل على الأسر و السجن ؛ حيث نقول مثلا “فلان يقبع وراء قضبان السجن” , ولكن مع هذا يبقى التساؤل وعدم اليقين مشروعا؛ سيما ونحن أولا بصدد قراءة عتبة أولية, وثانيا ونحن في سياق تعاطينا مع عمل تخييلي منفتح على الكثير من القراءات, لنفتح بذلك المجال لجملة من التساؤلات المتجددة : هل هذه الأيقونة متعلقة بالقضية الفلسطينية فعلا؟ ما قصة الاصفرار والشحوب التي تغطيها؟ ما علاقة هذه القضية بعنوان”الصدمة”؟
– الرسائل اللغوية:
وبالانتقال إلى الرسائل اللغوية في أسفل الصورة مباشرة و ليس بداخلها نقرأ اسم المؤلف “ياسمينة خضرا” كتب بأحرف صغيرة
وبلون أحمر، ربما لأن كتابات هذا المؤلف غير معروفة كثيرا لدى القارئ العربي؛ لكونه (المؤلف) يكتب باللغة الفرنسية ,كما أن أعماله لا تترجم كثيرا إلى العربية، إلا أن جمهور و قراء ياسمينة خضرا و الذين لديهم خلفية معينة على طبيعة ومنحى كتاباته سيتمكنون مباشرة من معرفة السبب وراء كتابة اسمه باللون الأحمر, الذي يحيلنا في الغالب إلى معنى الدم و القتل والعنف…
ولعل هذه التيمات فعلا هي المسيطرة على كتابات خضرا، كيف لا وهو من أطلق عليه اسم (كاتب العنف و الحرب).
إذا تحت اسم المؤلف مباشرة و في مكان قصي من الغلاف نجد العنوان(الصدمة) الذي دون بخط غليظ و حجم أكبر من اسم المؤلف، كما أنه كتب بلون أسود، هذا اللون الذي ارتبط في الغالب عندنا بمعاني: الحزن، الظلام، الخفاء، الحقد،….ويبقى تأكيد هذه الدلالات المتعددة أودحضها راجع إلى المتن الروائي، إلا أن ما يستوقفنا فعلا في العنوان هو تموضعه في مكان قصي من الغلاف أو إنه آخر ما كتب فيه، إذا تجاوزنا الإشارة الأجناسية.
وتحت العنوان مباشرة نلاحظ عتبة المؤشر الجنسي و تتمثل في كلمة “رواية” التي كتبت بخط صغير، و نحن نعرف أن المؤشر يعتبر “نظاما رسميا يعبر عن مقصدية كل من الكاتب و الناشر لما يريدان نسبته للنص”، فهو يحدد سلفا إطار النص الأدبي
و انتماءه بأنه في إطار الكتابة الروائية وهكذا يلج القارئ عالم النص متبنيا هوية العمل الذي بين يديه على أنه رواية.
2- الصفحة الثانية للغلاف:
الصفحة الثانية لغلاف رواية “الصدمة” عبارة عن ورقة بيضاء ناصعة، خالية تماما إلا من كلمة صغيرة في مكان قصي على اليسار “الصدمة”.
إذن نحن الآن في مواجهة بياض شبه شامل، صمت مفاجئ، ما أشد حاجتنا إليه بعد صخب الغلاف الأول، استراحة ضرورية بعد إجهاد و إرهاق بصر و طول تفكير و تأويل فرضهما الغلاف الخارجي. فاكتفت الصفحة الثانية بتذكيرنا فقط بعنوان الرواية “الصدمة”.
3- الصفحة الرابعة(الخلفية) للغلاف وكلمة الناشر:
أول ما يلفت انتباه المتلقي في الصفحة الرابعة لغلاف الصدمة هو إعادة كتابة العنوان دون اسم المؤلف ،و لكن العنوان هذه المرة كتب باللون الأحمر في أعلى الصفحة ذات الخلفية البيضاء(الصدمة)، و هذا على خلاف بقية الرسائل اللغوية التي كتبت بالأسود، و قد يكون المكان الاستراتيجي البارز الذي كتب فيه العنوان هذه المرة الغرض منه أن يرسل إشارة للمتلقي و كأنه يقول له “هذا جوهر ما في الكتاب أو أهم ما يود قوله”.
ولعل الناشر أراد من خلال كتابة العنوان بهذه الطريقة تذكيرنا و لفت انتباهنا إلى بعض دلالات العنوان من خلال مكانه
ولونه؛ فإذا كان العنوان قد كتب في الصفحة الأولى باللون الأسود ليدل على معاني الحزن والخوف و الحقد، فهو الآن كتب باللون الأحمر الذي يحيل على الدم والموت و العنف….و بهذا تلتقي كل هذه المعاني في ذهن المتلقي لتكون له بطاقة دلالية مبدئية تجتمع فيها كل هذه المفردات السوداوية المفجعة.
وبعد العنوان مباشرة نجد ما يشبه ملخص النص الذي جاء بسرعة ربما ليؤكد كل هذه الدلالات في ذهن المتلقي ,هذا الأخير الذي يصدم بدوره و هو يطلع على ملخص الرواية الذي جاء ليفضح لعبة الكتابة مبكرا، و حسب رأينا كان من الأفضل تجنب ذكر كل هذه التفاصيل التي من شأنها أن تقضي على لذة القراءة وفضولها، إلا أن وجهة النظر النشرية تختلف مع هذا ؛باعتبار أن الملخص قد يكون ورقة رابحة للناشر الذي يكون قد وفر من خلاله وظيفة إغرائية، و بالتالي لن يدع خيارا للقارئ إلا اقتناء نسخة من الكتاب وإشباع فضوله بقراءته.
ونستطيع القول إن ملخص الرواية هذا يمكن قراءته بداية كأربع فقرات منفصلة و متصلة في آن، نحس ونحن نقرؤها وكأننا أمام بداية فيلم سينمائي بوليسي غامض استخدم فيه أسلوب التشويق من خلال عرض بعض المشاهد المثيرة التي تمثل مراحله الرئيسة، فيكون بذلك قد امتلك نصيبا لا بأس به من اهتمامنا, ليحيلنا فيما بعد إلى بداية الفيلم/النص و يقحمنا في اكتشاف عالمه من ألفه إلى يائه.
ونجد أن هذا العرض السينمائي الذي ميز كلمة الناشر هنا قد صيغ ملخصه بطريقة لا تخلو من الغواية والإغراء للمتلقي, ليشده وراءه إلى عالم المتن دون أن يدري، خاصة و أن الكثير من القراء يحرصون قبل اقتناء أي كتاب على قراءة ما هو وارد في غلافه الأخير باعتبار أنه يمثل تلخيصا أو إلقاء ضوء على ما ورد في الكتاب و ما يتناوله من موضوعات أو”أهم ما جاء فيه”.
وبالانتقال إلى قراءة تفاصيل الفقرات الأربع لكلمة الناشر, سنجد أن البطاقة الأولى (الفقرة الأولى) تضطلع بالكشف عن تيمة الحدث الرئيس في النص, و الذي توالدت منه بقية الأحداث “تفجر امرأة شابة نفسها وسط عشرات الزبائن” ولكن الملخص استفتح كلمته قبل هذا بإعلامنا بالمكان الذي يمثل موقع الحدث؛ فإذا كانت الضفة الأولى من الغلاف (الصفحة الأولى) و التي أهم ما يمثلها الأيقونة أو الرسالة البصرية قد استطاعت أن تبوح لنا مع نوع من التردد عن هويتها الفلسطينية ، فإن الضفة الأخرى من الغلاف (الصفحة الرابعة) تأتي لتعضد هذه الرسالة البصرية و تصلها بشقها الآخر الذي لا تكتمل صورة واقعها الحالي إلا به “في أحد مطاعم تل أبيب” لنعرف بهذا أن ما أرادت الأيقونة (الدال البصري) أن تبوح به “على استحياء” قد جاءت كلمة الناشر لتلح عليه ولتؤكده لنا في الحال، و تقول لنا بأن الأمر متعلق حقا بالصراع الجدلي الفلسطيني- الإسرائيليي، و أن الأمر هنا متعلق بـ “أحد الانتحاريين فجر نفسه في مطعم، سقط العديد من القتلى و الكثير من الجرحى” و كل هذا بفعل “امرأة شابة“
وهذا دون ذكر هويتها الحقيقية، لينتقل بنا الملخص بعدها مباشرة إلى البطاقة الدلالية الثانية ‘في المستشفى يجري الدكتور أمين الجراح الإسرائيلي من أصل عربي، العمليات الجراحية الواحدة تلو الأخرى للناجين من التفجير”. هنا يطلع علينا أول اسم علم “الدكتور أمين” الذي يقول عن نفسه “تخليت عن عشيرتي و قبلت الانفصال عن أمي و وافقت على التنازل تلو الآخر من أجل تكريس مهنتي كجراح”[12] إذا “الدكتور أمين” هو الاسم الوحيد المذكور في هذا الملخص, ما يعني أنه يشكل ربما بؤرة مركزية لأهم الأحداث, و يعتبر الناشر هنا قد مد القارئ بعلامة طريق معتبرة من شأنها أن توفر عليه عناء القراءة, وأن تجعله يضع نصب عينيه كل ما تجوس به هذه الشخصية/ النواة من أفكار و مواقف و تطلعات , فيكون بإمكانه أن يقبض من خلالها على الخيط الرئيس الذي يلملم و يجمع عنده كل حلقات العمل, كما أنها تتبلور من خلاله وفيه، و ربما أراد الناشر من ترشيح هذه الشخصية بأن تكون مركزية ليجعلها رمزا للكيفية التي ينبغي التعامل بها مع القضايا التي تتناولها الرواية و التي لعل أبرزها إلى غاية الآن هو الصراع الجدلي بين طرفي القضية الفلسطينية.
فالقارئ الذي لا يتجاوز هذه العتبة (كلمة الناشر) باستعجال من المؤكد أنه سيعيد النظر و الوقوف مثلا عند فقرة معينة من بين العديد من الفقرات التي خصصها السارد للدكتور أمين ,و التي من شأنها أن تكشف –كما سبق القول- عن الكيفية التي ينبغي أن يتم التعامل بها مع هذه الشخصية و من خلالها مع القضايا المطروحة في الرواية؛ فأمين الجراح الإسرائيلي ذو الأصل العربي يقول عن نفسه في إحدى الجزئيات: “لم يكن لدي الوقت للاهتمام بالصدمات النفسية التي تقوض الدعوات إلى المصالحة بين شعبين مختارين اختارا أن يحولا أرض الله المباركة إلى ساحة رعب و غضب“[13] ، ولعل هذه الملفوظات والتي من المفروض أننا قمنا بقراءتها على خلفية اتخاذنا لأمين كشخصية مركزية، أو لنقل مثلا كجسر ربما لما أراد السارد إيصاله من توجهات ورسائل ,تكشف لنا أن أمين (ذو الأصل العربي) يقف ربما من الصراع موقف المحايد الذي اختار لنفسه أن ينبذ الصراع بشتى أشكاله ,وأن لا ينضم لأي من المعسكرين (حتى و لو تعلق الأمر ببلده الأصلي)، خاصة وأنه يعتبر “موقفهم جميعا منافيا للعقل“[14].
وبالانتقال إلى البطاقة الدلالية أو الفقرة الرابعة سنجد أنها تكتظ بنوع من الإثارة السريعة التي تمد القارئ بما يكفي من أجل “الهرولة” لاقتناء الرواية و الإطلاع عليها، طمعا فيما قد تكشف عنه من تفاصيل من شأنها أن تشبع إحساس الفضول الكبير الذي نجد أن الناشر قد وفق في بثه عند المتلقي، “في الليلة التي تلي المجزرة، يستدعى بصورة طارئة للتعرف إلى الجثة الممزقة للمرأة الانتحارية، تتداعى الأرض تحت قدميه إذ يكتشف أنها زوجته”.
أول ما يلفت انتباه القارئ هنا هو كون الناشر قد كان ذكيا في الكشف عما يمكن اعتباره حدثا رئيسا ، وذلك من خلال استخدامه لكم من الملفوظات أو الصفات العنيفة التي أراد من خلالها ختام رسالته أو ملخصه ، فنجده استخدم مثلا: (المجزرة، طارئة، الممزقة، الانتحارية…) هذه الصفات التي تصور الرعب ببشاعته المطلقة, لتقحم القارئ في جو من الذعر الذي يزيد من حرارة عنصر التشويق لديه وكأنه مقبل على مشاهدة فيلم رعب “هيتشكوكي” فيدفع به هذا الشعور إلى الرغبة في الدخول في أعماق المتن الروائي ومعايشة تفاصيله و أحداثه الواحد تلو الآخر وصولا إلى هذا الحدث المثير الذي جعل من ملخصه ورقة رابحة للمؤلف ودار النشر و للقارئ على حد سواء، خاصة وأن القارئ و بعد اطلاعه على هذا الملخص, تكون قد تراكمت في ذهنه العديد من التساؤلات التي لا يستطيع معها إلا أن يبحر في أعماق المتن الروائي, و يبحث لها عن إجابات مقنعة، و لعل من بين هذه التساؤلات العديدة التي ولدها هذا الملخص المثير: ما نوع هذه المرأة التي أقبلت على تفجير نفسها بهذه الطريقة؟ ما القناعات التي دفعتها للقيام بهذه العملية الانتحارية؟ كيف نجحت فيها؟ ثم كيف كانت علاقتها بزوجها أمين الذي لم يكن يعرف أنها انتحارية؟ كيف تصرف بعد أن قيل له “لقد قتلت زوجتك بسبب الشحنة المتفجرة الملتصقة بجسدها”؟ هل تغيرت حياته؟ خاصة
وهو الطبيب العربي ذو الجنسية الإسرائيلية و المقيم “في أحد أرقى أحياء تل أبيب”؟ وباختصار فإن القارئ بعد إطلاعه على هذا الملخص/العتبة ستولد لديه رغبة جامحة في معرفة الحيثيات الكاملة الخفية والجلية لهذه القضية المثيرة للفضول.
وبهذا يكون هذا الملخص – في الصفحة الأخيرة من الغلاف- عتبة هي بمثابة المحطة الرئيسة التي توجه القارئ بعلامات طريق مهمة من شأنها أن تضمن له السير الحسن في رحلة تنقله بين تضاعيف النص وتشعباته.
إذن و بعد كلمة الناشر المفعمة بالتشويق، نجد محمد عيساوي – من صحيفة الفيغارو- يردف ما قاله الناشر بتعليق موجز عن المؤلف: “ياسمينة خضرا المتخصص في الروايات على خلفية إرهابية، يبرز موهبته السردية لرسم لوحة مذهلة عن بلد ينهشه الرعب”.
وبعد هذا التعليق نقرأ ما يشبه البطاقة التعريفية بالكاتب أو أهم و أشهر أعماله، وكذا أهم الجوائز التي حازت عليها وعدد اللغات التي ترجمت إليها.
ولئن كانت دار النشر تروم من خلال تقديم لائحة بإصدارات المؤلف التعريف بنفسها باعتبارها مثلا وساطة بين المؤلف وقرائه، فنحن نجد أن الصفحة الأخيرة للغلاف لم تكتف بدور الوساطة ,وإنما تعدته إلى المشاركة في النص من خلال تقديم توجيهات
وإرشادات كما رأينا سابقا.
كما نقرأ في (ص295) (ما قبل الصفحة الأخيرة للغلاف)
صدر للمؤلف
في سلسلة فسيفساء
عن دار الفارابي و سيديا
أشباح الجحيم.
سنونوات كابول.
قد يكون واضحا أن الغرض هنا هو دفع بث شعور التلهف لدى القارئ للحصول على أعمال أخرى للمؤلف؛ إذ بعد اللذة التي يفترض أن القارئ قد عاشها بقراءته للرواية, ستكون لديه رغبة قوية في اقتناء أعمال أخرى لهذا المؤلف واللجوء بالدرجة الأولى إلى دار النشر نفسها، و هذا أمر متعلق بأغراض تجارية تسويقية وأيضا فكرية نجد أن دور النشر تحرص عليها وبقوة.
وبهذا نقول إن التوجه المعاصر الذي تتخذه كلمة الناشر هو “استهدافنا بطرق إقناعية و تداولية و جمالية لكسب القارئ الممكن الذي تضمن من خلاله شراء الكتاب/المنتوج لتحقق قارئها الواقعي المعول عليه”.[15]
وختاما يمكننا القول إن عدم احتواء هذه الرواية على عتبة المقدمة و الفراغ الذي تركته ,قد برعت هذه العتبة في ملئه بما لا يقل عما كانت ستمدنا به عتبة المقدمة؛ حيث يمكن اعتبار ما ورد في الصفحة الرابعة للغلاف بمثابة المقدمة اللاحقة(préface ultérieure) التي كشفت لنا عن الخطوط العريضة في المتن الرروائي.
قائمة المصادر والمراجع:
باللغة العربية:
1- خضرا، ياسمينة، الصدمة، ترجمة نهلة بيضون، دار الفارابي بيروت –لبنان، سيديا (SEDIA)، الجزائر، 2007.
2-بلعابد, عبد الحق: عتبات (جيرار جنيت من النص إلى المناص)، تقديم: سعيد يقطين، الدار العربية للعلوم ناشرون، الجزائر، 2008.
3- العلاق ,علي جعفر: الدلالة المرئية (قراءات في شعرية القصيدة الحديثة)، دار الشروق، عمان-الأردن، 2000.
4- لحميداني ,حميد: بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي ،المركز الثقافي العربي،الدار البيضاء- المغرب.
5- فضل, صلاح: قراءة الصورة و صورة القراءة، دار الشروق، القاهرة، 1997.
6- غطاس, كرم أنطوان: الرمزية والأدب العربي الحديث, دار الكشاف, بيروت-لبنان.
باللغة الأجنبية:
Gerrard Genette:seuils: ed.seuil، paris، 1987
[1] علي جعفر العلاق: الدلالة المرئية (قراءات في شعرية القصيدة الحديثة)، دار الشروق، عمان-الأردن، 2002، ص 58.
[2] Gerrard Genette:seuils: ed.seuil، paris، 1987,P 28-29-30.
[3] حميد لحميداني: بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي ،المركز الثقافي العربي،الدار البيضاء- المغرب ، ص59.
[4] المرجع نفسه: ص 60-59.
[5] حميد لحميداني ,المرجع نفسه: ص60.
[6] المرجع نفسه: الصفحة نفسها.
[7] ينظر: صلاح فضل: قراءة الصورة و صورة القراءة، دار الشروق، القاهرة، 1997، ص5.
[8] علي جعفر العلاق: المرجع السابق، ص 62.
[9] علي جعفر العلاق، المرجع السابق، ص 64.
[10] ياسمينة خضرا: الصدمة، ترجمة نهلة بيضون، دار الفارابي بيروت –لبنان، سيديا (SEDIA)، الجزائر، 2007.من مقدمة الرواية، ص 10.
[11] كرم أنطوان غطاس: الرمزية والأدب العربي الحديث, دار الكشاف, بيروت-لبنان, ص94.
[12] -الرواية , ص191.
[13] – الرواية ص191
[14] – الرواية , الصفحة نفسها.
[15] عبد الحق بلعابد: عتبات (جيرار جنيت من النص إلى المناص)، تقديم: سعيد يقطين، الدار العربية للعلوم ناشرون، الجزائر، 2008، ص92.