
المديح النبوي في ظل دولة آل سلجوق بإيران (العطار نموذجا)
الدکتور عبدالحميد احمدي ـ جامعة زابل ـ إيران
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية العدد 39 الصفحة 65.
الملخص:
انتصر السلاجقة علی الروم في موقعة ملازجرد التي تعدّ إحدی المعارك المهمّة في التاريخ الإسلامي، فأدّی ذلك إلی الاعتزاز بالشعور الديني والانتماء الإسلامي عند الکثير من الأدباء المسلمين، فراحوا يصيغون المفاهيم الدينية فيِ موضوعات شعرية متنوّعة أبرزها المديح النبوي. وقد زخر الأدب الفارسي في هذا العصر بمنظومات شعرية رائعة في مدح النبيّ وتمجيده والثناء علی مکارمه الأخلاقية، فجاء هذا المقال وعلی أساس من المنهج التفسيري الوصفي ليسلّط الضوء علی خصائص هذا الفنّ من خلال دراسة ذلك في نتاجات “فريد الدين العطّار النيشابوري” الذي أكثر من مدح النبيّ (ص)؛ حيث جاءت هذه المدائح عنده موزّعة في مقدّمات جميع منظوماته الشعرية. کما أبانت هذه الدراسة عن مدی انتشار المديح النبوي في الأوساط الأدبية وعند کبار الشعراء، وذلك بفضل الثقافة الدينية التي عملت علی إشاعتها دولة آل سلجوق.
المفردات الدليلية : العصر السلجوقي، العطارّ، المديح النبوي، المضامين الدينية والتقليدية، الحقيقة المحمّدية.
المقدّمة
يعتبر العصر السلجوقي من أهم العصور الأدبية في إيران؛ حيث رافقت ظهور السلاجقة واستتباب سيطرتهم بالمشرق نهضة علمية قام بها رجال الإدارة لديهم، وتطورت فيه اللغة الفارسية وآدابها تطورا واضحا وملحوظا، مما أدّی إلی تنامي عدد الشعراء والكتاب، لأن الأدباء يعتبرون آنذاك من أهمّ وسائل الإعلام التي يُعَوَّلُ عليها في تحكيم أسس الملك والحفاظ علی وجاهة الحکام والأمراء في المجتمع. وقد أصبحت ظاهرة استقطاب الأدباء إلی البلاط من الأمور المتنافس عليها بين الأمراء. فكل أمير كان يسعی جاهدا ليضُمَّ مجلِسُه من الأدباء والعلماء ما يفوق مجلس غيره. وقد انعكس أثر ذلك بصورة إيجابية علی الساحة الأدبية والعلمية، فكان ذلك بمثابة تشجيع للناس کافّة ليوجّهوا جلَّ اهتمامهم لتحصيل العلوم وتوظيف عواطفهم ومشاعرهم لإنتاج أثر أدبي يُؤَهِّلُهم كي يخوضوا معركة الورود إلی البلاط، والفوز بالمرتبة السامية عند ذوي السلطان[1].
ومن جانب آخر فإن فتوحات السلاجقة وحملاتهم العسكرية جعلت اللغة الفارسية تمتدّ من ما وراء النهر إلی شواطیء البحر الأبيض المتوسط، ومن نهر دجلة إلی ماوراء نهر السند ومنطقة پنجاب. ومن الطبيعي أن تتميّز هذه المنطقة الواسعة بتربية جيل من الأدباء يفوق عددهم الأجيال السابقة. فالمراكز الأدبية في إيران لم تقتصر في هذا العصر علی المناطق الشرقية، بل تعدّتها إلی غيرها من النواحي كعراق العجم[2]، وآذربايجان[3]، الأمر الذي أدّی إلی ظهور شعراء وكتاب جدد ذوي مواهب شعرية عالية.
وفي هذا العصر ، سنة 463 هـ، قد خاض السلاجقة ضد الروم إحدی المعارك المهمّة في التاريخ الإسلامي؛ حيث تصدّوا لجيوش الروم التي اعتزمت غزو بلاد المسلمين، وألحقوا بهم شرّ هزيمة. وکان ذلك في موقعة ملازجرد، فانتزعوا بهذا الظفر أرض الأناضول من الروم، وقضوا علی نفوذهم في أکثر آسيا الصغر[4]، فأثّر ذلك علی الذوق الأدبي عند الشعراء، وملك علیهم لبّهم، وأیقظ مشاعرهم، فانحازوا إلی صیاغة المفاهيم الدينية فيِ قوالب شعرية متنوّعة أبرزها المديح النبوي.
المديح النبوي في العصر السلجوقي
إن موضوع المديح النبوي انتشر في العصر السلجوقي انتشارا واسعا؛ بحيث لم تخل منطقة في إيران من دون بروز شاعر ينظم في مدح النبي(ص). وقد نظم أساطين الأدب الفارسي في خراسان وعراق العجم وآذربايجان أشعارا في مدحه(ص). اشتهر منهم في خراسان مجدود بن آدم السنائي[5]، والعطار النيشابوري، وفي عراق العجم(إصفهان) جمال الدين محمّد بن عبدالرازق الإصفهاني[6] ، وفي منطقة آذربايجان كل من الخاقاني الشرواني[7]، والنظامي الکنجوي[8].
ولم تكن كثرة الشعراء في هذا الميدان هي الظاهرة الوحيدة، بل أصبح المديح النبوي غرضا مستقلا بذاته، يأتي به الشاعر عادة في فاتحة الكتاب بعد أن يقوم بنظم أبيات في توحيد الله والتضرع والابتهال اليه.
ولمعرفة مدی تطوّر المديح النبوي في هذا العصر تقوم هذه الدراسة باستعراض مضامين المديح النبوي في منظومات العطار العرفانية.
المديح النبوي عند العطار النيشابوري
يعدّ فريد الدين العطار النيشابوري(تـ627 هـ.ق) من أبرز شعراء إيران القدامی. وقد کرّس الشاعر جلّ اهتماماته في سبيل نشر المعاني العرفانية، من خلال آثاره الأدبية. فنتاجات العطار المحقّقة في مجال الشعر هي: خسرونامه = إلهي نامه، وأسرار نامه، ومنطق الطير، ومصيبت نامه، والديوان، ومجموعة من الرباعيات المسماة بـ “مختارنامه”[9]، بالإضافة إلی كتابه المنثور تذكرة الأولياء والذي ضمّ في معظمه تقارير عن أحوال كبار الصوفية وأقوالهم. وكلّ نتاج نسب إلی العطار خارج هذا الإطار الذي حدّده الشاعر بنفسه لايوثق بصحته.
وقد أكثر العطار من مدح النبيّ(ص) في نتاجاته. وجاءت هذه المدائح عنده موزّعة في مقدّمات كتبه. فالعطار لم يستفتح مدائحه بذكر الأماكن أو التغزّل أو ما يسمّی بالنسيب، كما جرت عليه العادة عند بعض الأدباء في الأدب العربي، كما أنّه لم يُقَدِّم لها بالمعاني الزهدية وبالوعظ والدّعاء، بل أخذ يمدح النبيّ(ص) مباشرة ويشيد بفضائله، اللهمّ إلا في قصيدته التي افتتح بها ديوانه؛ حيث بدأها بتوحيد الله والثناء عليه، ثمّ انتقل إلی المعاني الزهدية، ومنها خلص إلی مدح النبيّ والثناء علی خلفائه من بعده، واختتمها بالدّعاء والإنابة إلی الله تعالی.
يعدّ المديح النبوي عند العطار موضوعا شعريا مستقلاً يستفتح به الشاعر جميع نتاجاته الأدبية. والصلة بين هذا المدح الاستفتاحي وبين المحاور الأخری لمنظوماته قائمة علی أساس وطيد، لأن الفكرة التي اعتمد عليها الشاعر في تكوين جميع منظوماته ذات أصول دينية، سواء كانت أصيلة أو دخيلة، والنبيّ محمّد(ص) يعدّ أصلا مهما من هذه الأصول؛ إذن فلا غرابة بعد ذلك أن يصَدِّر الشاعر منظوماته بمدح النبي(ص) والثناء علی منزلته السامية.
والمتتبع للمديح النبوي عند العطار في مقدّمات منظوماته الستّ يری بوضوح أن المديح النبوي عنده ينقسم إلی قسمين: قسم يقوم فيه الشاعر بمدح النبي(ص) مدحا تقليديا، والقسم الثاني يركز فيه علی المدح الديني والصوفي الذي اعتمد في كثير من الأحيان علی قضايا ذات صلة بأمر الرسالة.
المدح بالقيم التقليدية:
أشاد الشاعر بجمال خِلقة النبي (ص)، وكرمه، وعزّته، وطيب أصله، وعراقة نسبه وغيرها من الأوصاف التي اعتاد عليها الشعراء في وصف ممدوحيهم؛ إلا أنّ ما يميّز هذا النوع من المديح عن غيره أنّه نابع من عاطفة صادقة تری الممدوح حقيقة أنه قمّةٌ في الفضائل والمكرمات، لا يدانيه فيها أحد من الخلق.
فمن الابيات التي أشار فيها العطار بجمال خِلقة النبي (ص) وحسن مظهره قوله:
چِيْسْتْ وَالشَّمْسْ آفْتابِ رُوْیِ اُوْ | چِيْسْتْ وَٱللَّيْلْ آيَتِ گِيْسُوْیِ اُوْ[10] |
– فما معنی قوله تعالی: والشمس؟ إنها شمس وجهه. وما معنی قوله تعالی: والليل؟ إنه لون ضفائره.
ومن الملاحظ في هذا البيت أن الشاعر عندما أراد أن يصور جمال النبي (ص) اقتبس آيتين من القران الكريم، ثم فسّرهما تفيسرا إشاريا، علی عادة الصوفية في تفسير القران، ليربط بذلك بين جمال خلقة النبي(ص) وبين عظمة مكانته عند الله، لأن حرف الواو في هاتين الآيتين حرف قسم، والـمُقْسَم عليه لايكون إلا من الأمور التي لها أهميتها ومكانتها عند الحالف.
ومن وصفه لجمال وجه النبي (ص) وشعره قوله:
زِهِیْ مَهْ را رُخَتْ تَشْوِيْرْ دادِهْ | بِگِيْسُوْ رُوْزْ را شَبْ گِيْرْ دادِهْ[11] |
- مرحی! فوجهك صيّر القمر من جماله يخجل، وشعرك جعل النهار في ليله البهيم يسهر .
ومثل هذه المبالغة في وصف ضفائر النبي (ص) قد تجلّت عند الشاعر بشكل آخر حين جعل الغايةَ من خَلقِ النجوم التَّمتُّعَ بالنظر إلی جمال شعر النبي (ص) فقال:
اَنْدَرْ نِظارِهْ كَرْدَنِ مُشْکِ دُو گِيْسُوْيَشْ | صَدْ چِشْمْ شُدِهْ گُشادِهْ اَزِيْنْ طَارَمِ عَلا[12] |
- فلأجل النظر إلی ضفائره السوداء المعطّرة تفتّحت في السماء العالية المئاتُ من العيون.
والعطار في هذا النوع من مديحه ركّز علی الوجه والشَعرِ، ولكن هذا المدح التقليدي الذي تجلّی في وصف المظهر أخذ طابعا دينيّا، لإنّه «ذا دلائل خاصة عند شعراء المديح النبوي . . . فهو يعبّر عن الجمال المطلق الذي تعلّق به الصوفية، والذي هو من درجات الكمال، ولـمّا كان الرسول الكريم أفضل البشر أخلاقا وأعلاهم مقاما وجب أن يكون عند الشعراء أجمل الناس وجها وأتمّهم خِلقة، لذلك أكثروا من وصف جماله، والتغني بحسن بهائه»[13]
و أما عن فضائل النبي (ص) الخُلقية ذات الصبغة التقليدية فقد تكلّم العطار عن جوده (ص) وحِلمه وعلمه، وردّد هذه المعاني وتغنّی بها في مواضع مختلفة من مديحه؛ فمن ذلك قوله:
دَرْ بَرِ جُوْدَشْ مَتَاعِ خُشْکُ وْ تَرْ دَرْ بَرِ عِلْمَشْ بِه دَسْتِ كِبْرِيَا دَرْ بَرِ حِلْمَشْ كِه [14]كُوْهِ ساكِنَ ٱسْتْ | يِکْ جَوْ آرَدْ وَزْنْ اَمّا كَمْتَرْ هَمْ مَلايِكْ خُوْشِهْ چِيْنْ هَمْ اَنْبِيَا دَرْ زَمِيْنْ صَدْ لَرْزِهیِ نا اِيْمَنَ ٱسْتْ[15] |
- وأمام جوده فمتاع الدنيا رطبا ويابسا لا يساوي مثقال حبة من شعير.
- وأمام علمه الذي ألهمه الله، فالملائكة والأنبياء منشغلون بالقطف من ثماره.
- وأمام حلمه الذي كالجبل لايتزعزع، فالأرض متزلزلة بمئات من الزلازل والهزّات.
وبذلك نجد أن الشاعر قد اعتنی في مدح النبي(ص) بالقيم التقليدية المتعارف عليها عند شعراء المديح، إلا أنه من العسير جدّا فصل هذه الأوصاف عن الصبغة الدينية، لإن الإسلام كذلك قد اعتنی بهذه الأوصاف الخُلقية، وأعطاها مفهوما إنسانيا جديدا تختلف عما كانت عليه من حبّ للظّهور ومباهات بين الناس. ومع هذا كلّه فإن هذه الأوصاف مشتركةٌ بين النبي (ص) وغيره، إلا أن تجلّيها في النبي (ص) عند مَدّاحيه يفوق ما سواه.
المدح بالقيم الدينية:
يتميّز هذا النّوع من المدح بأنه ذات صلة وثيقة بأمر الرسالة، وما يتعلق بها من أمور. فمحمد (ص) هو الذي اختاره الله لتبليع رسالته، وليخرج الناس من ظلمات الشرك والأوثان إلی نور التوحيد وعبادة الواحد المنان؛ إذن فليس من المعقول أن يُمْدَح دون أن يتَعَرّض مادحُه إلی منزلته الدينية وخصائصه الإيمانية.
فالعطار عندما طرق هذا الباب لم يعالج أفكارا ومعاني جديدة لم يُسْبَقْ بها، بل ردّدَ ماقاله الشعراء الأسلاف، وإن كانت الصياغة مختلفة؛ وذلك لاعتماد الشعراء جميعا في أخذ أفكارهم ومعانيهم علی مصادر مشتركة: كالقران الكريم، والسنة النبوية، وكتب السير، وبعض الكتب الصوفية ورواياتهم التي تحدثت عن شخصية النبي (ص). وقد تناول الشاعر في مديحه الديني مضامين متعددة أهمها:
محبة النبي (ص):
إن محبة النبي (ص) أصل من أصول الإيمان عند المسلمين؛ وكيف لاتکون وقد قرنها الله تعالی بمحبته حيث قال: } قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ{. (التوبة/24) وقال رسول الله (ص): «ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمانِ: أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمّا سِواهُما، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلاّ للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ في الْكُفْرِ كَما يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ في النَّارِ»[16]
وقد أكثر شعراء المديح النبوي من إظهار حبّهم لرسول الله، وأبدوا تعلّقهم بذاته الكريمة وارتياحهم لذكره. فالعطّار في منظومته منطق الطير يشير إلی عواطفه تجاه النبي (ص) بقوله:
هَرْ كِه شَمْعِ تُو بِيْنَدْ آشْكَارْ دِيْدِهْیِ جانْ را لِقَایِ تُو بَسَ ٱسْتْ دَارُوْیِ دَرْدِ دِلْ مَنْ مِهْرِ تُوسْتْ بَرْ دَرَتْ جانْ بَرْ مِيَانْ دارَمْ كَمَرْ هَرْ گُهَرْ كَانَ ٱزْ زِفانَ ٱفْشَانْدِهاَمْ | جَانْ بِهْ طَبْعِ دِلْ دَهَدْ پَرْوانِهْ وَارْ هَرْ دُو عَالَمْ را رِضَایِ تُو بَسَ ٱسْتْ نُوْرِ جَانَمْ آفْتَابِ چِهْرِ تُوسْتْ گُوهَرِ تِيْغِ زِفَانِ مَنْ نِگَرْ دَرْ رَهَتْ اَزْ قَعْرِ جَانَ ٱفْشانْدِهاَمْ[17] |
– فمَن يَتَمَكّن مِن رؤيةِ شمعِ جمالِك، سيُفَوّضُ أمرَ نفسه إلی فؤاده ويُصبح كالفراشة أمام نورك.
- فنفسي حسبُها أن تَحظَی بِلُقْياك، وكِفايَتُها في كلا الدارينِ أنْ تفوزَ برضاك.
- فمودّتُكَ شِفاءٌ لداء قلبي. وشمس وجهك نبراسُ نفسي وروحي.
- فانظر إلی جواهر كلامي المتلألئة لتَعلم أني علی أعتاب بابك منتطقٌ نطاقَ الخدمة.
- فالجواهر التي سَجمتُها من لساني، نثرتها في سبيلك من صميم نفسي وجَناني.
فقد أكّد الشاعر في هذه الأبيات إلی أنّ غايته ومنتهی أمله أن يحظی برضا رسول الله، وأن ماقاله من أبيات في مدحه نابع من صميم قلبه المفعم بحبّه والمتطلّع إلی مرضاته. فهذا الشعور الديني الذي أبداه العطار تجاه النبي (ص) يُفصح عن مدی تعلّق المسلمين برسولهم ومكانته عندهم؛ المكانة التي دَفَعَتْ بالشعراء لتوظيف جواهر كلامهم في تبيين فضائل النبي الدينية وخصائصه الإيمانية.
النبيّ وفضائله الإيمانية ومکانته بين البرية:
أكرم الله نبيه (ص) بفضائل جمّة وصفات عدة؛ قرّبت إليه النفوس، وحبّبت إليه القلوب. ومن أعظم هذه الفضائل التي حَبَی اللهُ بها نبيَّه (ص) اصطفاؤه لتلقي وحيه، وتبليغ رسالته، وهداية عباده. قال الله تعالی: } وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا { ( النساء/113) وقد جعل الله بعثته من تجلّيات رحمته بالعالمين} وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ{ (الأنبياء/107)كما أنه خاطب نبيه (ص) مثنيا عليه وعلی فضائله الأخلاقية بقوله: } وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ{( القلم/4) هذه الأخلاق الفاضلة التي أهّلته لكي يحظی بمكانة رفيعة عند خالقه، حتی أصبحت حياته محطّ قسم الله سبحانه وتعالی. قال جلّ جلاله توقيرا له وتعظيما: } لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ{ (الحجر/72)
وعلی كل حال، فقد كان لهذه الآيات دور مهمّ في توجيه العطّار نحو نقطة الانطلاق لتكوين صورته الشعرية عن النبيّ (ص)، والتعبير عن فضائله الإيمانيّة، ولكنّه رتّب عليها معاني أخری، اعتمد في ذلك علی أقوال الصوفية، وعلی أحاديث من السنة النبويّة دون الاهتمام بمدی صحة هذه الأحاديث والروايات.
والشاعر كثيرا ما ردّد مقولة ” أن النبي (ص) هو سيّد الدنيا والآخرة، وأنه مصدر كل فضيلة “. وتعتبر هذه المقولة بمثابة التأكيد علی ما يفَصِّلُه الشاعر من أقوال في فضائل النبي (ص) الدالة علی مكانته الدينية. فالعطار في منظومته ” اسرار نامه ” يستفتح مديحه بقوله:
ثَنَائِیْ نِيْسْتْ با اَرْبابِ بِيْنِشْ مُحَمَّدْ كَافَرِيْنِشْ را نِشَانْ اُوْسْتْ مُحَمّدْ بِهْتَرِيْنِ هَرْ دُو عَالَمْ | سِزَایِ صَدْرُ وْ بَدْرِ آفَرِيْنِشْ سَرَ ٱفْرَازِيْ، كِه تاجِ سَرْكَشَانْ اُوْسْتْ نِظَامِ دِيْنُ وْدُنْيَا، فَخْرِ آدَمْ[18] |
– فليس ثَمّةَ مدحٌ عند أهل البصيرة والنُّهی يَلِيقُ بمكانة سَيّدِ الكائنات وبدرِها.
- فمحمّدٌ هو رمزُ الخِلقة وأصلُ الجِبِلَّة، والسيّدُ المُسَيطِرُ علی الطُّغاةِ بتاجِ العزّة.
- محمّد هو سيّد الکَوْنَيْنِ، وفخرُ آدمَ وزِيْنُ الدّنيا والدّين.
فالشاعرلم يكتفِ بتقرير أن النبي(ص) هو الأفضل بين العالمين، دون أيّ تحديد لنوع الفضيلة، بل أخذ يستعرض أنواعا من فضائل الرسول التي هيّأته لأن يكون سيّد الخلق أجمعين. وقد أبْدَی في هذا المجال تنوّعًا كبيرًا؛ فهو يتحدث في مديحه عن أهمية رسالة النبيّ الخالدة، وعن هدايته للناس، ويقرّر بأنّه هو المرجع الرئيسُ والحدّ الفاصلُ لمعرفة الخير من الشر، فيقول:
جَهَانِیْ را بِه[19] مَعْنِي رَهْنَمُوْنْ كَرْدْ نِگُوْسَارِیِ هَرْ بِدْعَتْ اَزُ ٱوْ بُوْدْ | زِمَغْزِ هَرْ سُخَنْ رُوْغَنْ بُرُوْنْ كَرْدْ كِه نُوْرِ گُوهَرِ دَوْلَتْ اَزُ ٱو بُوْدْ[20] |
– فقد أرشد الأنام إلی حقيقة الوجود، واستخرج اللُباب من لُبّ كلّ كلامٍ محمود.(تكلم بأفضل كلام وأحسنه)
- فبه انتكست كلّ بدعة وزالت، لأنّ أنظمة الحکم في جوهرها استمّدت نورَها منه وأضاءت.
ومن المعاني التي انعكست في مديح الشاعر وهي مستوحاة من القرآن الكريم ومتعلقة بأمر الرسالة، كونُ النبيّ(ص) رحمةً للعالمين. يقول العطّار:
هَمْ رَحْمَتِ عالَمِی زِما أَرْسَلْناكْ حَقْ كَرْدِهْ نِدا بِجَانَتْ اَیْ گُوْهَرِ پَاکْ | هَمْ مايِهْيِ آفَرِيْنِشِيْ اَزْ لَوْلاكْ لَوْلَاكَ لَنَا لَمَا خَلَقْتُ الْأفْلَاكْ[21] |
- فصرت رحمة للعالمين بقول: “ما أرسلناك” وأصبحت الغاية من خلق الكائنات بميثاق “لولاك”.
- فيا عنصر الطهارة وجوهر الطيب، فالحق خاطبك بقوله: لولاك لنا لما خلقت الأفلاك.
وقد مزج العطار في هذا الرباعي بين كون النبي (ص) رحمة للعالمين وبين كونه علة الخلق وموجبه. وقد اعتمد في توصيف النبي (ص) بهذه الصفة علی حديث موضوع تناقلته الصوفية للاستدلال علی صحة ما يدعونه في الحقيقة المحمدية، وهو «لولاك لما خلقت الأفلاك.»[22]
ومما يتصل بمكانة النبي (ص) الدينية وفضائله الإيمانية خاتميةُ رسالته. قال الله تعالی}مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا { (الأحزاب/40) وقال رسول الله (ص)«إِنَّ مَثَلِى وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِى كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلاَّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ هَلاَّ وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ قَالَ فَأَنَا اللَّبِنَةُ، وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ.»[23]
وَالْمُتَتَبِّعُ للمعجم الشعري لدی شعراء المديح النبوي يری بوضوح أنهم أولعوا بوصف النبي (ص) بهذه الصفة؛ فمن النماذج علی ذلك في شعر العطّار قوله:
دَرْ هَمِه[24] آفَاقْ پَيْغَمْبَرْ نَبُوْدْ لَيْكْ خَتْمِ جُمْلِهيِ پَيْغَمْبَرَانْ تَا بُوَدْ چُوْنْ مُصْطَفَی پَيْغَمْبَرِي دَرْ فُرُوْغِ آفْتَابِ خَاوَرِي | تَا يِكِيْ پَيْغَمْبَرَشْ هَمْبَرْ نَبُوْدْ بُوْدْ مُسْتَغْنِي نَه هَمْچُوْنْ دِيْگَرَانْ چُوْنْ بُوَدْ دَرْ سايِهْيِ اُوْ دِيْگَرِیْ چُوْنْ كُنَدْ آخَرْ چِرَاغِی راهْبَرِی[25] |
- لم يكن في جميع أنحاءِ العالم علی مرّ العصور نبيٌّ إلاّ وكان له مثيلٌ مِنَ الأنبياء وقرين.
- ولكنْ خاتمُ النبيين تَمَيّزَ عن غيره من الأنبياء والمرسلين بأنّه كان مُستَغنيًا عن كلّ قرين.
- فأنّی لنبيٍّ أن تَتَزامنَ دعوتُه مع نبيٍّ كالمصطفی؟
- أم كيف لمصباحٍ أن يُنِيرَ تحت أشعّة الشّمس المُشرِقة؟
ومن المعاني التي تجلّت في مديح العطار، تلك المنزلة الرفيعة التي حَظِيَ بها النبيُّ (ص) عند ربّه والتي تجلّت في إقسام الله تعالی بحياته: }لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون{. ويعدّ مصطلح “لعمرك” تعبيرا صريحا عن مدی عظمة هذه الشخصيّة التي هَوَتْ إليها النفوسُ وتناوَلَها الأدباء بالمدح والثناء. ويری العطار بأنّ هذا المصطلح هو تاجُ عزّة وفخر وَضَعَهُ اللهُ تعالی علی رأس نبيه محمّد (ص):
چُوْنْ “لَعَمْرُكْ” تَاجْ آمَدْ بَرْ سَرَشْ | كُوْهْ حَالِی دَرْ كَمَرْ شُدْ بَرْ دَرَشْ[26] |
- فقد خشع له الجبل من فوره وأصبح رَهن إشارته بعد أن توج بتاج لعمرك من ربه.
ومما يدلّ علی شرف منزلة النبيّ(ص) عند ربّه هو أنّ اللهَ قد قَرَنَ اسمَه باسمه، فأصبح لا يُذْكَرُ اسمُ الله إلا وذُكِرَ معه محمّد(ص) علی ألسنة مَن آمَنَ برسالته. وقديما قد أشار إلی هذه الفضيلة حسّان وانعكس ذلك في شعر العطّار:
چِه گُوْيَمْ مَنْ، ثَنَايِ اُوْ خُدَا گُفْتْ | كِه نَامِ اُوْ بَا نَامِ خُدَا جُفْتْ[27] |
- فما الذي يُمْكِنني أن أقول في شخصٍ بعد أن أثنی اللهُ عليه بِضَمِّ اسمِه إلی اسمه.
ومن المضامين الرئيسة عند شعراء المديح النبوي الحديث عن تأييد الله لرسوله بالمعجزات الباهرة. وقد غدت هذه المعجزات نقطةَ انطلاقٍ اتّخَذَها الشعراءُ للتحليق بأخيلتهم في عالمها وخَلْقِ صور تليق بجلالة ممدوحهم وعظمته.
وقد ثبتت للنبي (ص) معجزات، أعظمها القران الكريم. ومن معجزاته حادثة الإسراء، وانشقاق القمر[28]، ونبوع الماء من تحت أصابعه[29]. وهناك الكثير من المعجزات التي نسبت إلی النبي (ص)، وهي في معظمها منحولة لا تصح نسبتها إليه، لأنّها لا تعتمد علی دليل، لا من القران ولا من السنة. يقول الدكتور زكي مبارك: «وبعض أخبار المعجزات تحتاج إلی تحقيق، وهي مسائل يحتاج عرضها إلی مخاطرة، وهي مخشيّة الضرر قبل أن تكون مرجوّة النفع.»[30]
وقد تجلّت بعض معجزات النبي (ص) في الأدبين العربي والفارسي، وظهرت بوضوح في شعر العطار. و هو في تناوله لهذه المعجزات لم يقف عندها ليستخلص منها العبر، بل جاء بها في ثنايا كلامه عن فضائل النبي (ص)، اللهم إلا في معالجته لحادثة الإسراء والمعراج؛ حيث خصّصَ لها مقطعا شعريا يتجاوز أحيانا المائة بيت؛ فصّل فيها، وأظهر عواطَفَهُ تجاهها. وقد تجلّتْ هذه الواقعة في نتاجاته بصور مختلفة: فحينا يتناولها في مديحه بصورة وجيزة ومُقْتَضَبَةٍ، ويأتي بها في ثنايا ذكره لفضائل النبي (ص)، وحينا آخر يَعقِدُ لها مقطعًا شعريّا مستقلا، هذا بالإضافة إلی تأثّره بها في الإطار العام لبعض منظوماته. فمنظومته منطق الطير مثلا، والتي تتحدّث عن رحلةٍ عرفانيّة روحانيّةٍ تمثّلتْ في رحلة طيور حقيقية اتجهت إلی جبل قاف حيث المليكُ المُمَثّلُ بالطائر الخرافي سيمرغ، تتفق في إطارها العام مع قصة المعراج النبوي مما يدلّ علی انبثاقها منه.
وعل كلّ حال فالعطار في حديثه عن قصة المعراج يشير إلی معظم أجزائها التي وردت في الكتب الحديثية، ولكنه لم ينسَ في الوقت نفسه أنه شاعر صوفي، فأضفی عليها معاني صوفية أبعدتها أحيانا عن حقيقتها التي رسمتها كتب الحديث والسير.
فالمستقریءُ يشاهد في لوحة العطار الشعرية عن هذا الحدث كمّا هائلا من الأحداث والمظاهر مشحونةً بالعواطف الدينية، أتی بها الشاعر بإملاء من خياله الشعري، وبتأثّرٍ من فكره الصوفي دون أن يكون لهذه المظاهر أدنی صلة بأصل القصة التي بيّنها الرسول (ص). ففي منظومة اسرارنامه، والتي تضمّ 104 أبيات في المعراج النبوي، يبدأ الشاعر الحديث عن هذه القصة بمطلع يمزج فيه حقيقة الحدث -كما روته الأحاديث وذكرته كتب السير- بمشاعره وعواطفه. ويتجلی ذلك بوضوح في الحديث الخيالی الذي أجراه الشاعر علی لسان جبرئيل مخاطبا الرسول(ص)، فيقول:
دَرَ آمَدْ يِکْ شَبِی جِبْرِيْلْ اَزْ دُوْرْ كِه اَیْ مِهْتَرْ اَزِ ٱين زِنْدَانْ گُذَرْ كُنْ كِه بِسْيَارْ اَنْبِيَا وُ مُرْسَلِيْنَ ٱنْدْ هَمِه بَرْ رَهْ نِشَسْتِهْ چِشْمْ بِه رَاهْ فِكَنْدِهْ خِويْشْتَنْ[31] حُوْرَانْ زِغُرْفِهْ فُتَادِهْ دَرْ مَلَايِکْ بانْگُ وغُلْغُلْ هَمِهْ شَبْ اَخْتَرانِ عَالَمَ ٱفَرُوْزْ تُو خُودْ دانَمْ كِه چَنْدَانْ دَارِی اَزْ نُوْرْ كُنُوْنْ بَرْ خِيْزْ پِيْشْ آوَرْ بُراقَتْ | بُرَاقِی بَرْقْ رَوْ آوَرْدْ اَزْ نُوْرْ بِه دَارِ الْمُلْكِ رُوْحَانِی سَفَرْ كُنْ بِه هَرْ جَانِبْ جَهَانِی حُوْرِ عِيْنَ ٱنْدْ زِبَهْرِ رُؤْيَتَتْ اَیْ خُورْشِيْدِ دَرْگَاهْ كِه تَا زِيْشَانْ مَگَرْ گِيْرِی بِتُحْفِهْ كِه تَا زَانْ سُوْ رَانِی بُوْ كِه دُلْدُلْ سِپَنْدِ چِشْمْ مِیْ سُوْزَنْدْ تَا رُوْزْ كِه يَزْدَانَتْ فَراغَتْ دَادْ اَزْ حُوْرْ كِه مِيْدانَمْ چُونَ ٱسْتْ اِشْتِياقَتْ[32] |
- فجاء جبريل ذات ليلة من أقصی مكان، وأحضر معه من عالم النور براقا سريعا كالبرق الخاطف.
- فنادی، أيها السيد المعظم، اخرُجْ من هذا السجن وغادرْ، وإلی مملكة عالم الروح والملكوت سافرْ.
- فهناك عدد كبير من الأنبياء والمرسلين، وفي كل جهة عالم من حور العين.
- فكلّهم، يا شمس الحضرة الإلهيّة، علی قارعة الطريق جالسون، وشروق نور طلعتك ينتظرون.
- فالحور من غرفاتهنّ رمين بأنفسهنّ، رجاءَ أن تختار لنفسك تحفةً منهنّ.
- وقد ارتفعت الأصوات والنداءت بين الملائكة علی أمل أن تسوق لنفسك منهم مركبا كدُلدُل[33].
- فجميع النجوم المتلألئة والمضيئة للعالم، يحرقون الحَرْمَلَ إلی الصباح.
- فأنا وقفتُ علی حقيقة ما تَتَمَتّعُ به من نور، بحيث جعلك الباري فارغ البال من كل حور.
- قم الآن وقرّب البراق(استعدادا للرحيل) لأنّي أعلم جيدا عن مدی شوقك للقآء الحبيب الجليل.
وانتقل الشاعر بعد هذا الخطاب الجبرائيلي الذي اتخذه كمقدمة لبدء الرحلة إلی السماء، انتقل إلی الحلقة الثانية من هذا المسلسل فصوّر لنا بداية الرحلة والنبي محمد (ص) يسوق البراق موَلّيا وجهه شطر العالم العلوي؛ وهو في طريقه يلتقي بعباد الله المخلصين، وانبيائه المرسلين، فيلقِي عليهم دروسا في حقيقة الحقيقة، علی حد تعبير الصوفية. ثم يواصل تقدّمه وعروجه إلی أن يخترق الحجاب الغيبي، ويصل إلی نقطة علياء توقّف دونها جبرئيل ولم يستطع أن يتقدّم خطوة واحدة إلی الأمام، وقال قولته الشهيرة: “لو دنوت خطوة لاحترقتُ.” فالعطار يعبّر عن هذه المعاني بقوله:
بُراقِ بَرْقْ رَوْ زِيْنْ خُطّهیِ خَاکْ مُدّرِسْ شُدْ عِبَادِ مُخْلِصِيْنْ رَا زِ صَحْنِ خَاکْ دَرْ يِكْ طَرْفَةِ الْعَيْنْ قَدَمْ بَرْ ذُرْوِهیِ خُلْدِ بَرِيْنْ زَدْ شُدِه فِيْرُوْزِهیِ گَرْدُوْنْ خُرُوْشَانْ بِه آخَرْ هَمْچِنَانْ مِي شُدْ عُلُوّ جُوْيْ كَشِيْدِه نُزْلْ بَرْ مَهْ مَاهِي اَزْ فَرْشْ بِهِشْتْ آرَاسْتِه، دَرْ بَرْ گُشادِه فُتَادِه غُلْغُلِی دَرْ عَرْشِ اَعْظَمْ چُونْ نَه دَرْ پَرْدِهیِ نِيْلِی سَفَرْ كَرْدْ نيَاَمَدْ هِيْچْ چِيْزِی جَایْ گِيْرَشْ چُوْ رَوْشَنْ شُدْ زِنُوْرِ حَقْ حَوَالِي كِه اَيْ سَيِّدْ اَگَرْ آيَمْ فَراتَرْ | بِرانْدُ و خُطْبِه خَوانْدْ[34] أَوَّلْ بَرْ اَفْلَاكْ سَبَقْ دَادْ اَزْ حَقِيْقَتْ مُرْسَلِيْنْ رَا بَرَ آمَدْ تَا فَضَایِ قَابِ قَوْسَيْنْ عَلَمْ بَرْ عَرْشِ رَبّ العَالَمِيْنْ زَدْ زِبَانْگِ طَرِّقُوْیِ سَبْزْ پُوْشَانْ مَلايِكْ صَدْ هِزَارانْ طَرِّقُوْ گُوْيْ فِكَنْدِه حِمْلْ بَرْ هَمْ حَامِل الْعَرْشْ تُتُق آوِيْخْتِه، مَسْنَدْ نَهَادِه كِه آمَدْ صَدْرُ و بَدْرِ هَرْ دُو عَالَمْ وَرَایِ پَرْدِهیِ غَيْبِي گُذَرْ كَرْدْ كِه بُوْدْ اَزْ هَرْچِه پِيْشْ آمَدْ گُزِيْرَشْ فَغَانْ بَرْدَاشْتْ رُوْحِ القُدْسْ حَالِي بِسُوْزَدْ بِيْشَ ازِ ايْنْ پَرْتَوْ مَرَا پَرْ[35] |
- فساق البراق السريع من علی وجه الأرض، وتوجّه به نحو السموات العُلَی، حيث قام أوّلاً بإلقاء الخطابة علی كل قاطن فيها.
- فدرّس هناك عبادالله المخلصين، وعلّم الأنبياء والمرسلين حقيقة هذ الدين.
- وبطرفة عين قطع المسافة بين الأرض والسماء حتی وصل إلی رحاب قاب قوسين.
- فمشی علی ذُرَی الجِنان الخالدة، وأقام االراية علی عرش ربّ العالمين.
- فماجت السماوات الزرقاء بالأصوات والنداءت، وكان مصدرذلك قول الملائكة: طرّقوا وافسحوا.
- فهو كان يواصل طريقه إلی الأعلی والملائكة يكثرون من الهُتاف بـ طرّقوا.
- فقمر الأرض أغدق بنوره علی قمر السماء، وكلّ واحد من حملة العرش ألقی عبأه علی غيره(كي يصبح متفرّغا لرؤية الحبيب.)
- والجنة تزيّنت وفتحت أبوابها، وأقامت السُّرادِق، وصفّت في أنحائها النمارق.
- فارتفعت الأصوات بين ملائكة العرش بأن قد جاء سيد الكونين وبدرهما.
- وبعد أن اجتاز ستائر السموات التسع واصل تقدُّمَه حتی خرق الحجاب الغيبي.
- ولم يستطع شيء أن يصرفه عن مواصلة طريقه، لأنه كان في غنی عن كلّ ما اعترضه.
- وما إن تنوّر المكان بنور رب العزّة والجلال حتی صاح روح القدس من فوره قائلا:
- فيا سيدي لو تقدّمتُ إلی الأمام خطوة، لأحرق نور رب العزة جناحي دون أدنی فرصة.
وقد اتخذ الشاعر من هذا الموقف الذي خلقه لجبرئيل ذريعة كي ينتقل منه إلی التعبير عن الوجد الصوفي علی لسان النبي (ص) في خطابه لجبرئيل. ومن المعلوم أن هذا الحوار الذي يجريه الشاعر علی لسان أبطال القصة ما هو إلا تقويل شعري لا صلة له بأصل القصة المروية في كتب الحديث والسِير. يقول الشاعر:
چِرَا چَنْدِيْنْ غَمِ شَهْ پَرْ گِرِفْتِي هِزَارَانْ جَانْ هَمِي سُوْزَدْ دَرِ ايْنْ رَاهْ نَمِي دَانَنَدْ صِدِيْقّانْ سَرَ ازْ پَایْ مَنَمْ دَرْ نُوْرِ حَقْ پَرْوَانِه كِرْدَارْ پَنَاهْ اَزْ حَقْ طَلَبْ اَزْ پَرْ چِه جُوْيِي | كِه بَانْگِ لَوْ دَنَوْتْ دَرْ گِرِفْتِي تُرَا گُوْ پَرْ بِسُوْزِ اَيْ پَيْکِ دَرْگَاهْ غَمِ پَرْ مِي خُورِي آخَرْ چِنِيْنْ جَايْ تُويِی دَرْ پَرِّ طاوُوْسِی گِرِفْتَارْ سُخَنْ اَزْ سَرْ رَوَدْ اَزْ پَرْ چِه گُوْيِي[36] |
- فلماذا كلّ هذا الخوف والفزع علی قوادمك حتی صرت تصيح قائلا: لو دنوتُ لاحترقت.
- فهناك الآلاف من النفوس تحترق من شدة الشوق في هذا الطريق فما يضيرك من أن يحترق جناحك وأنت رسول الحق إلی البرية.
- فالصادقون المخلصون ينتشون في مثل هذا الموقف بحيث لا يفرّقون بين الرأس والقدم، فهل يحقّ لك وأنت في مثل هذا المقام أن تخاف علی سلامة جناحك؟!
- فأنا كالفراشة أمام نور الحق وأمّا أنت فمنشغل ومتورّط في الحفاظ علی جناحك.
- فَالْجأ إلی الحقّ ودعْ أمرَ الجناح، فهنا ينمحي الكلام من علی صفحة الذهن بسب نشوة اللقاء، فلا معني إذن لحديثك عن الجناح.
ثم أخذ النبي (ص)، في حلقة أخری من هذا المسلسل، يواصل تقدّمه ويبتعد عن المكان الذي توقّف دونه جبرئيل، حيث يجتاز جميع الحجب، ويصل إلی نقطة النهاية في عالم الملكوت، فيدنو هناك من الرب عزّ وجل، فيكون منه قاب قوسين أو أدنی، فينتشي بهذا المقام، ويأخذه السكر، فيَنسَی نفسه، وينشغل عنها، ويراها حائلا؛ فيشمئزّ منها ويكرهها. فيتدخّل الربّ ويواسيه ليخفّف عنه من شدة وطأة الموقف، ثم يطلب منه أن يذكر ما يريده وأن يفوه بما يتطلّع إليه. ويعبّر الشاعر عن هذا المشهد الذي خلقه بالاعتماد علی خياله الشعري المدعوم من تصوّره الصوفي بقوله:
چُوْ بُگْذَشْتْ اَزْ جِهَتْ رَهْ گَشْتْ بَارِيْكْ چِه گُوْيَمْ مَنْ دَرْ آنْ حَضْرَتْ كِه چُونْ بُوْدْ دَرَ آنْ قُرْبَتْ دِلَشْ پُرْ مَوْجِ اَسْرارْ زِحِسْ بُگْذَشْتْ وَزْجَانْ هَمْ گُذَرْ كَرْدْ چِه اَزْ دَرْگَهْ بِه خَلْوَتْگَهْ فُرُوْ رَفْتْ دَرَ آنْ هَيْبَتْ مُحَمَّدْ مَانْدْ بِيْكَارْ چُوْ حَقْ مِي دِيْدْ كِه اُوْ مِي زَدْ پَرُ و بَالْ[37] | بِه آخَرْ شُدْ بِه رَبِّ الْعِزَّهْ نَزْدِيْكْ كِه آنْ دَمْ اَزْ وُجُوْدِ خُودْ بُرُوْنْ بُوْدْ وَ ازَ آنْ دِهْشَتْ زِفَانَشْ رَفْتْ اَزْ كَارْ چُوْ بِي خُودْ شُدْ زِخُودْ دَرْ حَقْ نَظَرْ كَرْدْ دَرَ آمَدْ نُوْرِ رَبَّانِي وَ اُوْ رَفْتْ مُحَمَّدْ اَزْ مُحَمَّدْ گَشْتْ بِيْزَارْ بِه دِلْدَارِي سَلَامَشْ گُفْتْ دَرْ حَالْ |
- وبعد أن تخطی حدود عالم الجهات، صار الدرب دقيقا إلا أنه في النهاية اقترب من رب العزة والجلالة.
- فكيف لي أن أوضح حالته في ذلك الحضور حيث كان خارجا من إطار ذاته، لايشعر بوجود نفسه.
- فمن جرّاء هذا القرب فاض فؤاده معرفة بالأسرار وتموّج، ولم ينطلق لسانه من دهشة ذلك الموقف ولم يتحرّك.
- وتخطّی كلّ ما يتعلّق بجسمه وروحه، وبعد أن فَقَدَ شعورَه وانتشی، نظر بنظّارة ذاته المصقولة، إلی جمال الحق سبحانه وتعالی.
- وما إن انتقل من الحضرة إلی الخلوة حتی تجلّی له نور الربّ فصار محمد فانيا.
- ففي هذا الموقف المهيب تعطّلت جميع قُوی محمد وما بقِي لها أدنی أثر فصار محمد يكره حتی ذاته ويشمئزّ منها.
- وعندما رأی الحق أن محمدا لا حول له ولا قوّة سلّم عليه من فوره ليواسيه ويأخذ بخاطره.
وفي نهاية المسلسل يصوّر الشاعر النبي (ص) بعد أن خفّف الله عنه شدّة الوجد وصعوبة الموقف يصوّره وقد أخذ في الكلام مع الربّ، وأبان عن أمنياته التي تمخّضت في العفو عن معاصي أمته؛ فيقول:
چُوْ رَبِّ العِزَّهْ دَرْ اَسْرَارْ آمَدْ كِه يَارَبْ اُمَّتِی دَارَمْ گُنَهْ كَارْ بِبِيْنْ زَارِی وُ دِلْسُوْزِیِّ اِيْشَانْ اُمِيْدِ جُمْلِه مِي دَانِی، وَفَا كُنْ بِگُفْتِ ايْنُ و رَوَانْ شُدْ بُلْبُلِ قُدْسْ | پَيَامْبَرْ نِيْزْ دَرْ گُفْتَارْ آمَدْ بِه فَضْلِ خُودْ زَآتَشْ شَانْ نِگَهْ دَارْ لِقَایِ خِويِشْ[38] كُنْ رُوْزِیِّ اِيْشَانْ بِه لُطْفَتْ جُمْلِه را حَاجَتْ رَوَا كُنْ مَشَامِ جَانَشَ پُرْ مُشْکْ اَزْ گُلِ اُنْسْ[39] |
- وما إن أبان ربّ العزّة عن أسرار الغيب لنبيّه حتی تكلّم محمّد وأبان عن أمنيته بقوله:
- يا ربّي إن لي أمّة عاصية، فأجرها بفضلك ومنّك من نار حامية.
- فانظر إلی تضرّعهم وشدّة وجدهم، وارزقهم لقاءك وامنن بفضلك عليهم.
- وأنت تعلم يا ربّي رغبة الجميع فلَبِّها لهم، واقضِ برحمتك حاجتهم.
- وبعد هذه الإبانة، طار البلبلُ المُقَدّسُ ، وشامّة روحه منتعشة برائحة وردة الأنس.
وقد تبيّن لنا من خلال هذا الاستعراض لحادثة الإسراء والمعراج أن الشاعر في تناوله لهذا الموضوع أخذ جانبا من أصل القصة ثم أضاف عليها أمورا نتجت عن قريحته الشعرية ونزعته الصوفية.
وإلي جانب ما ذكرناه، فهناك مضامين أخری لفتت انتباه الشاعر، وتناولها في مدائحه، لإنّها تعبّر عن نزعته الصوفية أحسن تعبير. ومن أهمّها:
الحقيقة المحمّدية:
فالحقيقة المحمّدية عند الصوفية تعني أنّ النبيّ (ص) هو أوّل تعين للذات الأحدية قبل كلّ تعين، فظهر به ما لا نهاية له من التعينات.[40] وبتعبير آخر فحقيقة محمّد النورية هي أوّل الموجودات في الخلق، ومن نوره استمدّ كلّ كائن وجوده ومن نوره اكتسب كلّ الأنبياء والأولياء علومهم.[41]وهذا المفهوم الذي انتشر بين الصوفية عن الحقيقة المحمّدية مفهوم دخيل مُلتَقَط لا صلة له بالتصوّف الإسلامي الصحيح[42]. يقول الدكتور زكي مبارك: « وقد صحّ عندي بعد التأمّل الذي دام بضع سنين أن الصوفية أرادوا أن ينتهبوا شخصية المسيح ليضفوا ثوبها علی نبيّ الإسلام: فإذا كان المسيح ابن الله – كما يزعم النصاري- فمحمّد أرفع من ذلك، لأنّ محمّدا يقدر علی كلّ شيء، وهو أصل الوجود، ولولاه لما ظهر عن الله شيء.»[43]
وقد انجذب شعراء الصوفية إلی المعنی الذي لمحوه في الحقيقة المحمدية فراحوا يبثونها في نتاجاتهم الأدبية. والعطار كشاعر صوفي تناول هذا المعنی في منظوماته، فراح يمدح النبي (ص) بالاعتماد علی مفهوم الحقيقة المحمّدية؛ إذن فمدح النبي عند العطار تجلّی في صورتين مختلِفتين: الأولی متعلّقة بمرحلة ما قبل ظهور جسده (ص) باعتباره أصل الحياة وسرّها الساري في كلّ الكائنات والموجودات الدنيوية والأخروية علی حدّ تعبيرالصوفية، والصورة الثانية تتعلّق بما بعد ظهور الجسد المحمّدي، کالتي تجلّت في کثير من المضامين التي سبق أن ذکرناها.
فمن الأبيات التي نظمها الشاعر تعبيرا عن الصورة الأولی، أي مفهوم الحقيقة المحمدية، قوله:
نُوْرِ اُوْ مَقْصُوْدِ مَخْلُوْقَاتْ بُوْدْ حَقْ چُوْ دِيْدْ آنْ نُوْرِ مُطْلَقْ دَرْ حُضُوْرْ آنْچِه اَوَّلْ پَدِيْدْ شُدْ اَزْ غَيْبِ غَيْبْ بَعْدَ ازَ آنْ آنْ نُوْرِ عَالِی زَدْ عَلَمْ يِکْ عَلَمْ اَزْ نُوْرِ پَاكَشْ عَالَمَ اسْتْ چُونْ شُدْ آنْ نُوْرِ مُعَظَّمْ آشْكَارْ قَرْنْ هَا اَنْدَرْ سُجْوْدُ افْتَادِه بُوْدْ حَقْ بِدَاشْتْ آنْ نُوْرْ رَا چُوْنْ مِهْرُ و مَاهْ پَسْ بِه دَرْيَايِ حَقِيْقَتْ نَاگَهِی چُوْنْ بِدِيْدْ آنْ نُوْرْ، رُوْیِ بَحْرِ رَازْ دَرْ طَلَبْ بَرْ خُودْ بِگَشَتْ اُوْ هَفْتْ بَارْ بَعْدَ ازَ انْ، آنْ نُوْرِ پَاکْ آرَامْ يَافْتْ عَرْشُ و كُرْسِي عَكْسِ ذاتَشْ خَاسْتَنْدْ | اَصْلِ مَعْدُوْمَاتُ و مَوْجُوْدَاتْ بُوْدْ آفَرِيْدْ اَزْ نُوْرِ اُوْ صَدْ بَحْرِ نُوْرْ بُوْدْ نُوْرِ پَاکِ اُوْ بِيْ هِيْچْ رَيْبْ گَشْتْ عَرْشُ و كُرْسِيُ و لَوْحُ و قَلَمْ[44] يِکْ عَلَمْ ذُرِّيَّتَ اسْتُ و آدَمَ اسْتْ دَرْ سُجُوْدُ افْتَادْ پِيْشِ كِرْدِگَارْ عُمْرْهَا اَنْدَرْ رُكُوْعِ اسْتادِه بُوْدْ دَرْ بَرابَرْ، بِیْ جَهَتْ، تَا دِيْرْگَاهْ بَرْگُشَادْ آنْ نُوْرْ رَا ظَاهِرْ رَهِی جُوْشْ دَرْ وَیْ اُوْفْتَادْ اَزْ عِزُّ و نَازْ هَفْتْ پَرْگَارِ فَلْکْ شُدْ آشْكَارْ عَرْشِ عَالِی گَشْتُ و كُرْسِي نَامْ يَافْتْ بَسْ مَلَايِکْ اَزْ صِفَاتَشْ خَاسْتَنْدْ[45] |
- فنوره غايةُ كلّ مخلوق، وهو أصل كلِّ كائنٍ ومعدوم.
- وما إن رأی الحق سبحانه وتعالی تجلّيات ذلك النور المطلق حتی أظهر منه المئات من بحار الأنوار.
- فأوّل شيء بان في عالم الغيب هو نوره الطاهر بلا ريب.
- ثمّ أقام هذا النور المعظّم للدلالة علی نفسه الراية والعلم، فظهر به العرش والكرسي واللوح والقلم.
- فبعَلَمٍ مِن نوره الطاهر ظهر العالم، وبآخَر خُلِقت الذرّيّةُ وآدم.
- وعندما تجلّی هذا النور المعظم لأوّل مرة، وقع من فوره ساجدا أمام ربّ العزّة.
- فدام سجوده قرونا عديدة، ومكث في الركوع سنين مديدة.
- فجعل الحق ذلك النور مدّة طويلة ماثلا أمامه – لا علی جهة -، فكان وهو في ذلك الموقف كالقمر والشمس نورا وضياء.
- وفجأة انفتح الدرب أمام هذا النور إلی بحر الحقيقة.
- وعندما شاهد هذا النور حقيقة بحر الأسرار، هاج هيجانه في عزّة ودلال.
- فمن شدّة الطلب دار حول نفسه سبع مرات، فمن هذا الدوران نشأت السبع السموات.
- ثمّ سكن تماما هذا النور الطاهر، فنشأ منه العرش العالي والكرسي الباهر.
- فالعرش والكرسي ظهرا إلی الوجود بانعكاس من ذاته، وهذا الكمّ من الملائكة خُلقوا من تجلّيات صفاته.
هذه الدعاوي التي أتي بها العطار في معرض مدحه للنبي (ص) لا دليل عليها لا من القران ولا من السنة النبوية[46]. وما احتجّ به أسلافه من أحاديث علی صحة ما ادّعَوْهُ كلّها موضوعة وباطلة، لأنها تخالف ما نصّ عليه القران، ونصّت عليه السنة النبوية الصحيحة؛ فجاءت النصوص القرآنية تثبت بشريته (ص) وكونه خلقا من خلق الله مِن ولدِ آدم، وُلِد وعاش ومات كغيره من بني آدم ليس بيده الخلق والأمر. فمن هذه النصوص قولُه تعالی:
- )قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إلی أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا( (سورة الکهف / 110)
- ) قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ( (سورة الأعراف /188)
- )قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إلی وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ( (سورة الأحقاف /9)
والآيات القرآنية التي حذّرت الأمّة من الإنزلاق في متاهات الغلوّ كثيرة، وأمّا الأحاديث فمنها:
- قول النبيّ (ص) لأصحابه: «لاَ تُطْرُونِى كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ»[47]
- وفي رواية عن أنس بن مالك أن النبي (ص) قال: «أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِتَقْوَاكُمْ وَلاَ يَسْتَهْوِيَنَّكمُ الشَّيْطَانُ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِى فَوْقَ مَنْزِلَتِى الَّتِى أَنْزَلَنِى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.»[48]
نعم، فالنبي محمّد(ص) الذي أفرط البعض في مدحه ورفعوه فوق منزلته، حيث اتخذوه مصدرَ كلِّ وجود، وقالوا بأن وجوده سبق العدم، ربّی أصحابَه وأهلَ بيته علی أنّه مهما بلغ من المنزلة الرفيعة فليس إلا بشرا مخلوقا، يرجو رحمةَ ربّه، ويخشی عذابه. ولتأثر بعض الشعراء بمفهوم الحقيقة المحمّدية صاروا يحرّفون ماثبتت للنبي (ص) من فضائل عن مواضعها ويصفونه بما يتلاءم واعتقادهم بالحقيقة المحمدية.
وقد عالج الشاعر مضامين أخری ذات صلة بالنبيّ محمّد(ص)،فمدح الآل والأصحاب، وقد كان ذلك أشدّ انعكاسا في شعر العطار الذي عُرف بتحمّسه في الجمع بين حبّ الآل والأصحاب في نتاجاته.
النتيجة
ومما سبق نستخلص:
أنّ المديح النبوي قد انتشر انتشارا واسعا في العصر السلجوقي، وذلك بفضل الدور الثقافي الذي لعبته دولة آل سلجوق والصبغة الدينية التي تحلّت بها، ممّا أدی إلی تنامي النزعة الدينية لدی الشعراء في نتاجاتهم الأدبية، فظهرت بسبب ذلك شخصيّات أدبية کبيرة ذات اتجاه ديني، کأمثال العطار النيشابوري.
أنّ المديح النبوي عند العطار ينقسم إلی قسمين: قسم يقوم فيه الشاعر بمدح النبي مدحا تقليديا، والقسم الثاني يرکّز فيه علی المدح الديني والصوفي الذي اعتمد في کثير من الأحيان علی قضايا ذات صلة بأمر الرسالة.
أنّ قصّة الإسرء والمعرج ألهبت مشاعر الشاعر، وتأثّر بها تأثّرا کبيرا، وانعکست بکلّ وضوح في شعره. وقد تجلّت بصور مختلفة: فحينا کان يتناولها في مديحه بصورة وجيزة ومقتضبة، حيث کان يأتي بها في ثنايا ذکره لفضائل النبي، وحينا آخر کان يعقد لها مقطعا شعريا مستقلا يتجاوز المائة بيت، يضفي علی حقيقة القصّة معانی مبتکرة من وحي خياله، هذا بالإضافة إلی تأثّره بقصّة المعراج في إخراج الإطار العام لهيکليّة بعض مثنويّاته.
أنّ العطار في مديحه للنبيّ(ص) قد اعتمد علی مصادر متنوعة: كالقران الكريم، والسنة النبوية، وكتب السير، وبعض الكتب الصوفية ورواياتهم التي تحدثت عن شخصية النبي (ص). وقد جاءت هذه المدائح في بعض مضامينها مختلفة عمّا کانت دارجة في أدب صدر الإسلام، فکانت بعيدة عن التصوّر الواقعي البشري، كما صوّره شعراء المديح النبوي الأوائل؛ بحيث أصبح النّبي(ص) في بعض مدائحه ذا طبيعة إلهية لا بشرية.
المصادر والمراجع :
- القرآن الکريم
- اقبال آشتياني، عبّاس: تاريخ ايران بعد از اسلام. طهران، منشورات صدای معاصر،1387هـ.ش.
- ابن حنبل، اخمد بن محمّد: مسند الإمام أحمد . بيروت ، دار إحياء التراث العربي.(د.ت.)
- ابن عبدالفتّاح، أبو مجاهد عبدالعزيز: التصوّف الصحيح عين التوحيد. بيروت، مؤسّسة الرسالة،2007م
- الألباني، محمّد ناصر الدين : السلسلة الضعيفة. الرياض، مکتبة المعارف، (د.ت.)
- البخاري، ابو عبدالله محمّد بن اسماعيل : صحيح البخاري . تحقيق : خليل مأمون شيحة. بيروت ، دار المعرفة ، 2004م.
- ترابي، سید محمد، نگاهی به تاریخ و ادبیات ایران، طهران، دار ققنوس للنشر، 1384هـ ش.
- الحلّلاج، أبو المغيث الحسين بن منصور: الطواسين. تحقيق النص العربي: لويي ماسينيون، الترجمة إلي اللغة الفارسية: محمود محمود بهفروزي، طهران، نشر علم، 1384هـ . ش.
- الخضري، محمد: الدولة العباسية. بيروت، دار المعرفة، 1998م.
- الدارمي، عبدالله بن عبدالرحمن التميمي : سنن الدارمي .بيروت ، دار الکتب العلمية ،1996.
- سالم محمد، محمود : المدايح النبوية حتي تهاية العصر المملوکي . بيروت، دار الفکر المعاصر، 1996 م .
- سلطان، عبدالمحسن: التصوّف الإسلامي في مراحل تطوّره. القاهرة دار الآفاق العربية،2003م.
- سيد قطب : في ظلال القرآن. القاهرة ، دار الشروق، 1988م.
- شمیسا، سیروس، سبك شناسي شعر، طهران، دار فردوس للنشر، 1382هـ.ش
- صفا، ذبیح الله، تاریخ ادبیات ایران( خلاصه جلد اوّل و دوّم)، طهرن، دار ققوس للنشر، 1385هـ ش.
- الشهاوي، مجدي محمد: وصف النبي كأنك تراه. بيروت، عالم الکتب،2005م.
- عبدالباقي، محمّد فؤاد: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان.بيرو، دار الفکر، 2002م.
- العطار النيشابوري، فريد الدين: الديوان. دراسة وتحقيق: محمود علمي، طهران، دار جاويدان للنشر. 1377هـ. ش.
- العطار النيشابوري، فريد الدين: منطق الطير. دراسة وتحقيق: محمد رضا شفيعي كدكني، طهران، دار سخن للنشر. 1383 هـ.ش.
- العطار النيشابوري، فريد الدين: اسرا نامه. دراسة وتحقيق: سيد صادق گوهرين، طهران، دار زوّار للنشر. 1384هـ.ش.
- العطار النيشابوري، فريد الدين: مصيبت نامه. تصحيح: نوراني وصال، طهران، دار زوّار للنشر. 1385هـ.ش
- العطار النيشابوري، فريد الدين: مختارنامه. دراسة وتحقيق: محمد رضا شفيعي كدكني، طهران، دار سخن للنشر. 1386هـ. ش.
- عفيفی، رحيم: فرهنگنامه شعری. طهران، دار سروش للنشر، 1376هـ.ش.
- مبارك، زکي : المدائح النبوية في الأدب العربي . القاهرة ، دار الشعب، (د . ت.).
- مبارك، زکي: التصوّف الإسلامي في الأدب والأخلاق. بيروت، المکتبة العصرية، 2006م.
- مير باقري فرد ، سيد علي أصغر، تاريخ أدبيات ايران(1)، طهران، دار سمت للنشر، 1383هـ.ش.
- لغت نامۀ دهخدا( موسوعة لغوية وأدبية الکترونية ). طهران ، مؤسسة جامعة طهران للطباعة والنشر، الأصدار الثالث. [ CD ROM ] .
[1] – صفا، ذبیح الله، تاریخ ادبیات ایران( خلاصه جلد اوّل و دوّم) طهرن، دار ققوس للنشر، 1385هـ ش، ص193-195؛ ترابي، سید محمد، نگاهی به تاریخ و ادبیات ایران، طهران، دار ققنوس للنشر، 1384هـ ش، ص189و190.
[2] – المقصود من عراق العجم هي المنطقة الغربية والجنوبية من إيران وكانت تضمّ كلا من ري وإصفهان وهمذان وکرمانشاهان، وكان يحكمها الملوك البويهيون قبل عصر السلاجقة فصيروها إلي مراكز لنشر الثقافة العربية واللغة العربية وقد كانت اللغة العربية بمكان في هذه المناطق حتي أصبح التكلم بها دليلا علي الرُقيّ والتقدم الإجتماعي. وفي زمن البويهين كانت العناية باللغة الفارسية في هذه المناطق أقل بكثير من المناطق الشرقية في إيران والتي كان يحكمها السامنيون. ومن أهمّ الأسباب التي حالت دون العناية باللغة الدرية هي تلك المنافسة السياسية بين السامانيين والبويهين، وكره البويهيون أن تتسرب لغة السامانيين أي الفارسية الدرية إلي موطنهم الذي انتشرت فیه اللغة العربية بالإضافة إلی اللهجات المحلّيّة الأخری. ومن أهم شعراء هذه المنطقة في العصر السلجوقي جمال الدين عبدالرزاق الإصفهاني.(مير باقري فرد ، سيد علي أصغر، تاريخ أدبيات ايران(1)، طهران، دار سمت للنشر، 1383هـ.ش، ص 261. و لغت نامه دهخدا “موسوعة لغويّة وأدبیّة مثبّة علی القرص اللیزري” مادة عراق عجم.)
[3] – آذربايجان منطقة في الشمال الغربي من إيران كانت من المراكز المهمة في الأدب الفارسي خلال العصر السلجوقي، حيث تجلت في عالم الأدب مدرسة عرفت باسم المدرسة الآذربايجانية والتي تضم شعراء من منطقة آذربايجان وأرّان، ومن أهم شعراء هذه المدرسة: أبوالعلاءالگنجوي(من شعراء القرن السادس)، الخاقاني الشرواني(تـ 595 هـ)، النظامي الگنجوي(530 – 614) ؛ وكانت لغة الشعر عندهم لا تختلف عن شعراء المناطق الشرقية في خصائصها العامّة، ولكنّ الفرق كان في الفكرة وأسلوب عرضها.(شمیسا، سیروس، سبك شناسي شعر، طهران، دار فردوس للنشر، 1382هـ.ش، ص 142)
[4] – إقبال آشتياني، عبّاس، تاريخ ايران بعد از اسلام. طهران، منشورات صدای معاصر،1387هـ.ش. ص 464؛ الخضري، محمد، الدولة العباسية، بيروت، دار المعرفة، 1998م، ص 361.
[5] – هو أبوالمجد مجدود بن آدم من شعراء القرن الخامس والساىس للهجرة. ولد في غزنين، وقضى أيام شبابه في بلخ وهرات ونيشابور. يعتبر السنائي رائد الشعر الصوفي بإيران؛ حيث كان قدوة لخلفيه العطار النيشابوري وجلال الدين البلخي المعروف بالمولوي. من أهمّ نتاجاته الشعرية في مجال الزهد والعرفان مثنويّاته: حديقة الحقيقة، وطريق التحقيق، وسير العباد إلى المعاد. وله ديوان شعر يتكوّن من ثلاثة عشر ألف بيت. ( ترابي، سید محمد، نگاهی به تاریخ و ادبیات ایران، طهران، دار ققنوس للنشر، 1384هـ ش، ص 228)
[6] – هو محمد بن عبدالرزاق الإصفهانی من شعراء القرن السادس توفّي سنة 588هـ.ش، کان یمتهن صیاغة المجوهرات، سار في نظم شعره علی نهج الخاقانی إلا أنّ شعره کان سهل الفهم، واضح المعنی، بعیدا عن الغرابة. اشتهر جمال الدین بغزله حتّی عُدّ مقدمّة لظهور الغزل الرفیع والبلیغ في القرن السابع. (المصدر نفسه، ص268)
[7] – هو أفضل الدين بديل بن علي بن عثمان الشرواني ملقب بـ “حسّان العجم” ومشهور بـ الخاقاني” من شعراء القرن السادس الهجري. ولد في مدينة شروان وتوفّي في سرخاب بالقرب من تبريز سنة 595هـ . كان أبوه نجاراً، وعمّه طبيباً اسمه كافي الدين عمر، وإليه يرجع الفضل في تأديبه وتثقيفه؛ كما أنّ للشاعر أبي العلاء الكنجوي المعروف بالنظامي دور كبير في تعليمه فنون الشعر. من أشهر مؤلفاته: منظومة تحفة العراقين التي وصف فيها حجه إلى مكة وسفره إلى عراق العجم، وديوان شعر.( المصدر نفسه، ص247)
[8] – هو أبو محمد إلیاس بن یوسف النظامي یعدّ من أکبر الشعراء الإیرانییین القدامی في مجال نظم الشعر القصصی الغزلي، کما یعتبر أحد أرکان الشعر الفارسی. ولد في کنجه في الثلاثینات من القرن السادس، ونشأ فیها، ولم یغادرها حتی فارقت روحه جسده، فدفن فیها. من أشهر مؤلفاته “پنج گنج” أي: الكنوز الخمسة وهي خمسة منظومات قصصية: 1- مخزن الأسرار 2- خسرو وشيرين 3- ليلى ومجنون 4- هفت پيكر 5- إسكندرنامه.(مصدر نفسه، ص 253)
[9] – العطار النيشابوري، فريد الدين، مختارنامه. دراسة وتحقيق: محمد رضا شفيعي كدكني، طهران، دار سخن للنشر، 1386هـ ش: ص 80و81.
[10] العطار النيشابوري، فريد الدين: مصيبت نامه. تصحيح: نوراني وصال، طهران، دار زوّار للنشر. 1385هـ.ش، ص20.
[11] العطار النيشابوري، فريد الدين: الديوان. دراسة وتحقيق: محمود علمي، طهران، دار جاويدان للنشر. 1377هـ. ش، ص 664.
[12] المصدر نفسه، ص 38
[13] سالم محمد، محمود، المدايح النبوية حتي تهاية العصر المملوکي . بيروت، دار الفکر المعاصر، 1996 م ص214.
[14] – الهاء في کلمة “که” تکتب ولا تلفظ.
[15] العطار النيشابوري، فريد الدين: مصيبت نامه، ص 22.
[16] – عبدالباقي، محمّد فؤاد، اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان.بيرو، دار الفکر، 2002م،ص 23.
[17]– العطار النيشابوري، فريد الدين، منطق الطير. دراسة وتحقيق: محمد رضا شفيعي كدكني، طهران، دار سخن للنشر. 1383 هـ.ش، ص 94.
[18]– العطار، النيشابوري، فريد الدين، اسرا نامه. دراسة وتحقيق: سيد صادق گوهرين، طهران، دار زوّار للنشر. 1384هـ.ش، ص 10.
[19] – “الهاء” في کلمة “به” تکتب ولا تلفظ.
[21]– العطار، النيشابوري، فريد الدين: مختارنامه. دراسة وتحقيق: محمد رضا شفيعي كدكني، ص 87.
[22] – الألباني،، محمّد ناصر الدين : السلسلة الضعيفة. الرياض، مکتبة المعارف، (د.ت.) ج1، ص 450 .
[23]– عبدالباقي، محمّد فؤاد: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان. 2002م، ص587
[24] – الهاء في کلمة “همه” تكتب ولا تلفظ، وهي بمثابة الکسرة للحرف الذي یسبقها.
[25] – العطار النيشابوري، فريد الدين: مصيبت نامه. تصحيح: نوراني وصال، 1385، ص 22)
[26] – العطار النيشابوري، فريد الدين: منطق الطير. دراسة وتحقيق: محمد رضا شفيعي كدكني، 1383هـ.ش، ص 93
[27]– العطار النيشابوري، فريد الدين: اسرا نامه. دراسة وتحقيق: سيد صادق گوهرين، طهران، دار زوّار للنشر. 1384هــ ش، ص 10
[28] – «والروايات عن انشقاق القمر ورؤية العرب له في حالة انشقاقه أخبار متواترة. تتفق كلها في إثبات وقوع الحادث، وتختلف في رواية هيئته تفصيلاً وإجمالاً. قال الإمام أحمد: حدثنا معمر، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: سأل أهل مكة النبي (ص) آية.فانشق القمر بمكة مرتين فقال: }اقتربت الساعة وانشق القمر{ وروي البخاري عن أنس بن مالك: أن أهل مكة سألوا رسول الله (ص) أن يريهم آية ؛ فأراهم القمر شقين حتى رأوا حراء بينهما.»(سيد قطب، في ظلال القرآن، 1988م: ج 6 ، ص 3452.)
[29] – عن أَنسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ (ص) وَحَانَتْ صَلاَة الْعَصْرِ، فَالْتَمَسَ النَّاسُ الْوَضُوءَ، فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَأُتِيَ رَسُولُ الله (ص) بِوَضُوءٍ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ (ص) فِي ذلِكَ الإِنَاءِ يَدَهُ، وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَوَضَّؤُوا مِنْهُ قَالَ: فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبَعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ، حَتَّى تَوَضَّؤُوا مِنْ عِنْدَ آخِرِهِمْ. (فؤاد عبدالباقي، 2002م: ص 584.)
[30] – مبارك، زکي : المدائح النبوية في الأدب العربي . القاهرة ، دار الشعب، (د . ت.)، ص 209.
[31] – في مثل هذه الکلمات “الواو” تکتب ولا تلفظ فنقرأُها “خِيْشْتَنْ.
[32] – العطار النيشابوري، فريد الدين، اسرا رنامه، ص 15
[33] – دُلدُل: اسم فرس النبي (ص).
[34] – “الواو” في هذه الکلمة تکتب ولاتلفظ فنقول: خَانْدْ.
[35]– المصدر نفسه، ص 15
[36] – المصدر نفسه، ص 16-17
[37] – “پر و بال زدن” كناية عن العجز من الوصول إلي الغاية بعد بذل الجهد
[38] – الواو لاتلفظ في کلمة خویش، فتقرأ بـ “خِیْشْ”
[39]– المصدر نفسه، ص 18
[40]– مبارك، زکي، التصوّف الإسلامي في الأدب والأخلاق. بيروت، المکتبة العصرية، 2006م، ص 190.
[41] – الحلاج، أبو المغيث الحسين بن منصور: الطواسين. تحقيق النص العربي: لويي ماسينيون، الترجمة إلي اللغة الفارسية: محمود محمود بهفروزي، طهران، نشر علم، 1384هـ . ش.، ص 57.
[42] – التصوّف الصحيح بني علي الزهد والزهد فضيلة أقرّتها الشريعة الإسلامية، ولذلك عندما كتب المتقدّمون في هذا الشأن عنونوا له بـ “الزهد” كما فعل عبدالله بن المبارك المتوفّي سنة 181 للهجرة.( ابن عبدالفتّاح، أبو مجاهد عبدالعزيز، التصوّف الصحيح عين التوحيد، 2007م: ص5) والتصوّف الدخيل والمنحرف هو ذلك التصوف الذي تأثّر تأثرا كبيرا بالديانة البرهمية، والبوذية، والمذاهب الفلسفية اليونانية كالأفلاطونية الحديثة.(عبدالمحسن سلطان، التصوّف الإسلامي في مراحل تطوّره، 2003م: ص 45)
[43] – مبارك، زکي، التصوّف الإسلامي في الأدب والأخلاق، ص 197.
[44] – علم زدن(إقامة العلم) كناية عن الإظهار والإبانة.
[45]– العطار النيشابوري، فريد الدين، منطق الطير، دراسة وتحقيق: محمد رضا شفيعي كدكني، 1383هـ.ش، ص 89 – 90.
[46] – الحكم هنا علي الكلام نفسه لا علي قائله، لأنّ أمر القائل مفوّض إلی الله، فهو الذي يعلم مافي القلوب، ولا يحقّ لإنسان أن يكفّر شخصا ما من إجل كلمة قالها أو عمل قام به بعد أن شهد أن لا إله إلا الله؛ ومن ذا الذي يكون قوله كلّه سديدا وعمله كلّه صوابا؟!
[47]– البخاري، ابو عبدالله محمّد بن اسماعيل، صحيح البخاري . تحقيق : خليل مأمون شيحة. بيروت ، دار المعرفة، 2004م، ص 885.
[48] – ابن حنبل، اخمد بن محمّد، مسند الإمام أحمد . بيروت ، دار إحياء التراث العربي، دون تاریخ، ج3 ، ص 623.