
التشريعات القانونية الدولية لحماية حقوق الملكية الفكرية الافتراضية رؤية نقدية من منظور إعلامي قانوني، مداخلة الدكتور سلامي اسعيداني، أستاذ محاضر في الإعلام و الاتصال، جامعة محمد بوضياف المسيلة والأستاذة فقيري ليلى، أستاذة في الإعلام و الاتصال، جامعة محمد بوضياف المسيلة، بالمؤتمر الدولي الحادي عشر مركز جيل البحث العلمي حول التعلم بعصر التكنولوجيا الرقمية والذي نظمه الاتحاد العالمي للمؤسسات العلمية بالتعاون مع جامعة تيبازة في طرابلس لبنان أيام 22 و23 و24 أبريل 2016، ولقد نشرت هذه المداخلة بسلسلة أعمال المؤتمرات الصادرة عن مركز جيل البحث العلمي بشهر أبريل 2016 بالصفحة 303 .
(إضغط هنا لتحميل كل كتاب المؤتمر).
الملخص:
بحكم ما تتميز به الوسائل التكنولوجية الفائقة و المتطورة من قدرة عالية على تجميع ومعالجة وتبادل المعلومات المتعددة و المختلفة، وللسرعة الهائلة التي وسمت مسيرة تطورها، والاعتماد المتزايد عليها في مختلف أوجه النشاط الاجتماعي و العلمي…، فقد أثرت تلك التكنولوجيات الحديثة على مختلف فروع التشريعات القانونية وقواعد الأنظمة القانونية الدولية و منها الوطنية وربما نظريات التشريع المتعددة، و كذا على القواعد الموضوعية والإجرائية للقانون بأنواعه فيما يتعلق بأمن المعلومات وذلك لجهة التعامل مع الأنماط المستجدة من الجرائم ومع تطور وسائل ارتكاب الأفعال الإجرامية التقليدية المتعارف عليها (الجرائم الإلكترونية)، ولجهة توفير قواعد فاعلة ومتوازنة في حقل الملاحقة والمساءلة. ولعل أهم تأثير في نظام النشر هو على الحقوق الملكية الفكرية، ولعله الأثر الأوسع الذي حظي من بين آثار التكنولوجية بأوسع اهتمام وبالاستجابات الأسرع من قبل المؤسسات التشريعية الوطنية و الدولية، استلزمت تطوير قواعد الملكية الفكرية لتطالها قواعد الحماية والتنظيم القانوني، لا بذاتها فحسب وإنما بما أثرت به على غيرها من المصنفات القديمة، كما ساهم في تزايد هذا الأثر توافق الدول المتقدمة على أهمية حماية الملكية الفكرية فيما يتصل بالتجارة الدولية، وارتباط العضوية في منظمة التجارة العالمية بإنفاذ هذه الحماية. هي إذن محاور مهمة سنحاول التعرض لها بالتحليل و النقد في هذا البحث الوصفي التحليلي لموضوع التشريع الدولي و الوطني لحماية الملكية الفكرية في العالم الافتراضي…
مقدمة:
تعتبر المعلومات الركيزة الأساسية لتقدم الأمم على مختلف الأصعدة كما أنها أصبحت اليوم وسيلة ضغط من طرف العالم المتقدم على العالم السائر في طريق النمو خاصة في المجال العلمي والاقتصادي وحتى السياسي حتى تفرض هذه الدول هيمنتها في كل مجالات الحياة، ولا يخفى علينا أن المعلومة هي احد ثمرات فكر الإنسان التي تتحول فيما بعد إلى رصيد معرفي تستقي منه البشرية كل ماهي بحاجة إليه لتيسير سبل حياة البشر وهذه الخدمة التي يقدمها البشر لبعضهم البعض استوجبت اعتراف التمتع لأصحاب هذه الأعمال القيمة بحقهم في أن تنسب إليهم أعمالهم أي الاعتراف لهم بملكيتهم الفكرية لهذه الأعمال ومجرد الاعتراف غير كاف لإيفائهم حقهم بل يجب السعي لحماية هذه الحقوق بشقيها الصناعية والفنية الأدبية والتي ستكون محل دراستنا هذه وتحديدا حقوق المؤلف حيث”يعتبر حق المؤلف والحقوق المجاورة من الميادين التي عرفت تحولات كبيرة خلال هذه السنوات الأخيرة تسببت فيها تقنية المعلومات التي أثرت بشكل فاعل في مختلف قواعد النظام القانوني الحالي من حيث مرتكزا ته ومن حيث العلاقات القانونية الناتجة عنه، التي ظهر أثرها الواضح في حقل الملكية الفكرية، وتحديدا فيما يتصل بتوفير الحماية للمصنفات الجديدة التي أفرزتها الثورة الرقمية.
لذلك فان من أهم التحديات المطروحة حاليا على القائمين على هذا المجال العلمي هي بناء نظام قانوني مترابط ومتوازن يحوي متغيرات النموذج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الجديد مع ضمان الحريات والحقوق الأساسية في البيئة الرقمية التي يعد حق المؤلف إحدى أهمها و ربما أهمها على الإطلاق.
إن إحدى أبرز المشكلات في هذا الجانب تتمثل في قصور رجال القانون (محليا أو دولياً) عن معرفة التفاصيل القانونية الفنية لموضوعهم ( الحماية الفكرية الافتراضية)، الأمر الذي يجعل حكمهم مبنياً على قياسات ليست مقنعة إلى حد كبير، وتدل بعض المراجع الخاصة بالموضوع أن أغلب القانونيين كانوا يقضون أوقات طويلة في الاستماع إلى الأطراف لفهم مشكلة لا تدخل ضمن نطاق معارفهم ضمن الثقافة الفضائية. لذا نصل إلى مفهوم شامل لما نعيشه افتراضيا يترجم الواقع و هو أن الحدود في الفضاء الجغرافي ملموسة، ولكن الحدود في الفضاء الإلكتروني تقوم على مسألتين : الشاشة، وكلمة السر (screen and password) وهكذا نكون قد انتقلنا من جواز السفر كوثيقة تتيح الانتقال إلى كلمة السر كوسيلة للانتقال (passport to password).
هذا ما سنحاول دراسته في هذه الورقة العلمية من خلال بلورة التشريعات القانونية الدولية لحماية الحقوق الملكية الفكرية الافتراضية من منظور إعلامي قانوني و الذين يمثلان محورا الموضوع. من خلال الإشكال التالي:
أي حماية قانونية للمؤلف و حقوقه في ظل النشر الافتراضي؟ و ما هي الضمانات القانونية المؤطرة و الحامية للنشر الإلكتروني؟
- مدخل عام للملكية الفكرية:
1.1. ماذا نعني بالملكية الفكرية
قيل ان كلمة ملكية PROPERTY، قد جاءت من الكلمة اللاتينية PROPERTY، و التي تعني حق المالك أي حقوق الإنسان فيما يتعلق بثمرة فكره.[1]
ومصطلح فكري “فهي صفة من اللاتينية ‘INTELLECTUALAS’، تعني أيضا غير مادي، غير محسوس وماله حقيقة معنوية بالاستقلال عن أي دعم مادي، أما الحق الفكري أو الذهني صفة من اللاتينية DROIT INTELLECTUEL، اسم يعطى أحيانا للملكيات غير المادية وموضوعها فكري صرف وغير مادي بحت.
و الملكية الفكرية PROPRIETE INTELECTUELLE تعبير عام يشتمل على والملكية الفكرية
الملكية الأدبية والفنية والملكية الصناعية وهي مالا يتعلق بتحقيق عمل وإنما بتصوره بخلاف مادي.[2]
والملكية الفكرية تعنى الحقوق الأدبية والمالية للإنسان في ما ينتجه من أفكار أو مبتكرات جديدة قابلة للتطبيق والانتفاع بها واستغلالها في تطوير الحياة ورقيها. والحماية المقررة لها: ضمان استفادة صاحبها بالعائد المادي منها ومنع الغير من استخدامها دون الترخيص أو شراء حق استخدامها من صاحبها، إلى جانب حماية الحق المدني في نسبتها إليه.[3]
في حين يرى الخبير الدكتور السيد محمود الربيعي أن الملكية الفكرية يقصد بها كل ما ينتجه الفكر الإنساني من اختراعات وإبداعات فنية وغيرها من نتاج العقل الإنساني. وقد جاء في تعريف الملكية الفكرية للمنظمة العالمية الفكرية (( تشير الملكية الفكرية إلى أعمال الفكر الإبداعية أي الاختراعات والمصنفات الأدبية والفنية والرموز والأسماء والصور والنماذج والرسوم الصناعية)). وتنقسم الملكية الفكرية إلي ثلاثة فئات هم: الملكية الصناعية – الملكية التجارية – الملكية الأدبية.
2.1. تاريخ الملكية الفكرية و تطورها
إن كل شيء اخترعه الإنسان وأبدعه كان بفضل ملكة العقل والفكر التي تولدت عنها العديد من الأشياء الملموسة خاص، فمثلا في مجال النقل “فقد بدا الإنسان بنقل أمتعته وحاجاته وممتلكاته بنفسه ثم اخذ يستخدم الحيوانات في سبيل ذلك، ثم توصل إلى صناعة عربة تجرها الحيوانات ثم صنع القطار الذي استخدم الفحم في تسييره بداية، ثم الزيت (النفط)ثم الكهرباء…[4]
ان التطور لم يتوقف عند هذا الحد فحسب بل أصبحنا على أبواب الاستنساخ البشري بعد الاستنساخ الحيواني، ولقد مضت ستة عشر سنة على نجاح أول عملية استنساخ حيواني المتمثل في “النعجة دولي “سنة 1996 التي قيل قبل تسع سنوات أنها تعرضت إلى مرض وبان عليها الهرم المبكر ولا ندري ماذا بات مصيرها اليوم ؟[5]
إذن كل ما اخترعه وابتكره الإنسان على مر العصور يعتبر من ملكة فكره وله الحق في الاستفادة من عائداته المادية المتمثلة في بيعه مقابل مبلغ مالي معين وكذل حقه في ان ينسب ما أبدعه فكره لنفسه كما ان الملكية الفكرية ليست بالشيء الجديد في حياة الإنسان حتى ولو لم يكن هذا المصطلح شائعا في العصور الغابرة إلا ان المبدأ كان قائما واستوجبت هذه الملكية ضرورة ان تسن قوانين لحمايتها كغيرها من الملكيات الأخرى، فلنرى كيف حاولت الشعوب القديمة على مر اكبر الحضارات حماية إذن كل ما اخترعه وابتكره الإنسان على مر العصور
و نجد في تراثنا البحثي أن حقوق الملكية الفكرية كانت تمارس منذ العصور الغابرة، فنجد مثلا في عصر الإغريق
أنه تكون من طبقتين:
– متعلمة لها كل الحق في مزاولة أي نشاط فكري ذهني، و تعرف بالنخبة…
– كادحة ليس لها أي حق ذهني أو فكري إلا العمل الجسدي، أي معامل الثور في الساقية، ممثلة في العبيد…[6]
أما عند الرومان فنجد أن الإمبراطور أصدر حكما و أمر ضد السرقة في حق أبيات شعرية في مباراة أدبية التي أقيمت بمدينة الإسكندرية في عهد البطالسة نقلها بعض الشعراء من الشعر من غيرهم من الشعراء فصدر على اثر ذلك أمر إمبراطوري بمعاقبتهم بتهمة السرقة…[7]
أما في الحضارة العربية القديمة فنجد أيضا تلك الغزارة الأدبية الإبداعية في اللغة و الأدب فعرف يومها امرؤ القيس والمتنبي وجرير والفرزدق وغيرهم من كبار الشعراء العرب قديما ، غير ان العرب لم يسنوا قوانين لحماية الملكية الفكرية لأصحاب هذه الإبداعات الأدبية “فلم تكن توجد أية قوانين حول السرقات الأدبية، لذلك فان كبار الشعراء اتهموا بالسرقة و السطو على أشعارهم و غيرها.[8] حيث ميزت حضارة العرب ان أمر السرقة أمر مناف و ينبذها المجتمع العربي و يحتقرها،
ومن بين المبدعين والأدباء الذين مستهم السرقة في هذا العصر الشاعر والناقد في عصره “جريرّ” وكذلك الفرزدق هذان الاسمان اللذان لطالما اقترنا بعضهما البعض في أذهاننا جميعا فلقد ادعى مرة جرير الفرزدق بسرقته لبيته الشعري قائلا :
سيعلم من يكون أبوه قينا **** ومن عرفت قصائده اجتلابا
ورد الفرزدق على جرير قائلا :
ان استراقك يا جرير قصائدي **** مثل ادعاك سوى أبيك تنقل[9]
- 2. الإطار القانوني لحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة
1.2. الطبيعة القانونية للمؤلف و حقوقه
إن مفهوم الطبيعة القانونية لحق المؤلف، في نشأته كان يعتبر بمثابة الحق في الملكية، لم يكن ينظر إليه في البدء، كونه حقا طبيعيا مسلما به من الواجب حمايته، إنما كان يرمي إلى حماية المصنفات وضمان مردودها المادي والاقتصادي لصاحب الحق أو لمن ينتقل هذا الحق إليهم كانت النظرة إلى هذا الحق اقتصادية بحثت وكانت متلازمة في معناها مع مفهوم “الملكية”.[10]
إن التلازم بين حق المؤلف وحق الملكية لم يكن من السهل تجاوزه، وقد اعتمد بصورة أساسية، ففي عام 1853 قضت محكمة استئناف باريس بأن خلق عمل أدبي أو فني بالنسبة لمؤلفه يعتبر بمثابة ملكية تجدر مبرراتها في القانون الطبيعي، لكن استثمارها يتم بواسطة القانون المدني.
فنعني بالطبيعة القانونية لمادة حقوق التأليف تلك الدراسة المستفيضة حول نوعية المصنفات المراد حمايتها بموجب القانون الخاص بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، وذلك من خلال أولا معرفة الشروط الواجب توفرها في المصنف حتى يكتسب هذه الصفة ومنه الحماية الجزائية بالخصوص.[11]
يقوم الاتجاه الغالب في الفقه على أن حق المؤلف واحدا، وإنما ينقسم على حقين أحدهما مالي والثاني أدبي.ولقد أيدت محكمة النقض الفرنسية هذا الرأي عندما صدر حكمها الشهير في قضية “لوكوك” بتقرير ازدواج حق المؤلف، وما جاء في هذا الحكم من أن هذا الحق يتكون من عنصرين هما الحق في الاستغلال المالي الذي يتقرر للمؤلف ولأسرته بعد وفاته، ويخضع بالتالي لقواعد القانون المدني شريطة أن تكون متفقة مع الطبيعة الخاصة لهذا الحق. وهكذا فإنه واستنادا إلى حق المؤلف المالي فإن المؤلف يتمتع بحق مانع استئثاري يتصل بسلطته في طبع ونشر مصنفه – الذي لا يمكن أن ينشر دون رضائه – وهو ما يخوله الحصول على المنافع المالية المترتبة على ذلك الاستغلال. ولما كان هذا الحق ذو طابع مالي فإنه يكون قابلا للتنازل عنه أثناء حياة المؤلف كما أنه ينتقل إلى ورثته بعد وفاته. أما الحق الآخر الذي يتمتع به المؤلف فهو الحق الأدبي والذي يتضمن الامتيازات ذات الطبيعة الشخصية والأدبية. وفي هذا الصدد يفرق بعض أنصار هذه النظرية ” بين المؤلف الذي يتنازل عن بعض الطبعات من مصنفه وذلك الذي يتنازل تنازلا كاملا عن حقه على المصنف، ففي الفرض الأول يبقى المؤلف مسيطرا على المصنف بما يمكنه من تعديله أو حتى تدميره. أما في الفرض الثاني فإن المؤلف لا يحق له تعديل أو تدمير مصنفه.
لقد أدى تغليب الحق المالي على الحق الأدبي في هذه النظرية إلى التضحية بمصالح المؤلف، إذ تؤدي النظرية السابقة في حالة الحوالة الكاملة للحق في الاستغلال المالي إلى حرمان المؤلف من حق التعديل والحق في سحب المصنف من التداول أو من حقه في تدميره، بالرغم من أنه كان من الممكن لهذه النظرية أن تعترف للمؤلف بهذه الحقوق مع تقرير تعويض مالي تم التنازل له عن الحق المالي له عن الأضرار التي قد تلحق به. أما بالنسبة لما تبنته هذه النظرية من إتاحة استمرار الحق الأدبي لمصالح الورثة بعد وفاة المؤلف، فإن هذا التصور قد يسمح للورثة بتشويه المصنف مما يشكل اعتداء على الحق الأدبي للمؤلف وبالتالي إهدار جوهر هذا الحق والذي تعد وظيفته الأساسية الدفاع عن شخصية المؤلف من خلال حمارية المضمون الأدبي للمؤلف. وضع الحد الفاصل بين الحق الأدبي والحق المالي: حاول بعض الفقه إصلاح هذه النظرية في مواجهة الانتقادات التي وجهت إليها. لذلك فقد قام بإيضاح الحد الفاصل بين الحق الأدبي والحق المالي معطيا الأولوية للحق الأدبي. ولقد ذهب هذا الجانب من الفقه إلى أنه وفي المراحل الأولى والتي تتمثل في قيام المؤلف بكتابة مصنفه وإعداده للنشر فإن الحق الأدبي يقوم منفردا بحيث لا يكون فيها وجود للحق المالي، أما في المرحلة التي يكون فيها المؤلف قد قام بنشر مصنفه، فإن الحق المالي للمؤلف يقوم بحيث يمكنه التنازل عنه إلى الغير. على أنه وفي هذه المرحلة الأخيرة، فإن تعاظم الحقين لا ينتقص من سلطة المؤلف في أن يعدل مصنفه أو يعيد تأليفه من جديد بالإضافة إلى حقه في منع كل تحريف أو تشويه للمصنف، ذلك أن المجد والشهرة أو ما يترتب عن الحق الأدبي من مزايا أو من تبعات لا يقل منفعة عن الحق المالي.[12]
2.2. حماية المصنفات المنشورة عبر العالم الافتراضي(المصنفات الرقمية)
المصنف الرقمي هو احد مفرزات التكنولوجيا الحديثة فهو لا يختلف في المبدأ، أي المحتوى والتسمية عن المصنفات التقليدية كالكتاب والدورية والقطعة الموسيقية واللوحة الزيتية، غير انه يختلف فقط في الحامل، فبدل الحامل الورقي الذي تخط عليه كلمات أصبح الحامل رقميا منذ نشأته كأن نكتب فقرة من خلال لوحة مفاتيح الحاسوب ونحفظها في ذاكرته يكون الناتج ملف أو نص الكتروني، يحفظه ويسترجعه الحاسوب من خلال تحويل كلماته المدخلة باللغة الطبيعية إلى لغة تفهمها الآلة وهي اللغة الثنائية ( 0.1 )، لذا سميت بالمصنفات الرقمية، كما يمكن ان يكون للمصنف أصل ورقي مثلا، ثم يتم ترقيمه بتمريره على جهاز الماسح الضوئي فيصبح النص مرقما ورقميا في الأخير، ويعرف المصنف الرقمي على أنه” مصنف إبداعي عقلي ينتمي إلى بيئة تقنية المعلومات، والتي يتم التعامل معها بشكل رقمي.[13]
و من بين المصنفات المحمية قانونا نجد المصنفات الأدبية و الفنية: وهي تلك المصنفات الأدبية بشتى أنواعها المكتوبة والشفوية، وكذا المصنفات الفنية التي تتفرع إلى مصنفات شائعة مثل المسرح والموسيقى والسينما وكذا الرسوم وغيرها…[14]
أما المصنفات غير المحمية قانونيا الأعمال التي لم يمنحها قانون الحماية، وهذا ما نصت عليه المادة 11 من 03/17، “لا تكفل الحماية المقررة لحقوق المؤلف المنصوص عليها في هذا القانون للقوانين والتنظيمات والقرارات والعقود الإدارية الصادرة عن مؤسسات الدولة والجماعات المحلية وقرارات العدالة والترجمة الرسمية لهذه النصوص”، ويعود سبب عدم تمتع هذه الأعمال بالحماية كباقي المصنفات الأخرى المحمية إلى كونها مجرد وثائق عامة تضعها الدولة فلا يتأثر بها فرد دون آخر بل هي حق شائع للجميع.[15]
- حماية حقوق الملكية الفكرية في مجال الإنترنت
1.3. المدة القانونية للحماية الحقوق الملكية الفكرية وفق المعاهدات الدولية
عندما نتكلم عن المعاهدات الدولية لحقوق الملكية الفكرية فإننا نكون مضطرين عن سرد أهمها:[16]
– ميثاق باريس لحماية الملكية الصناعية ( 1883 ) و تعديلاته ( 1967 ) .
– ميثاق بيرن لحماية الحقوق الأدبية و الفنية ( 1886 ثم وثيقة باريس 1971 ).
– اتفاقية مدريد للتسجيل الدولي للعلامات التجارية ( 1891 ) و تعديلاتها و البروتوكول المتعلق بها (1989).
– اتفاقية مدريد للحد من الاستخدام غير المشروع للمؤشرات الجغرافية ( 1891 ).
– اتفاقية لاهاي بشان الإيداع الدولي للتصاميم الصناعية (1925) و تعديلاتها (1934) و القرار المكمل لها (1960) .
– الاتفاقية العالمية لحقوق المؤلف ( اليونسكو- 1952 ).
– اتفاقية نيس للتصنيف العالمي للسلع و الخدمات لغرض تسجيل العلامات (1957 ).
– اتفاقية لشبونة لحماية الأصول و التسجيل الدولي (1958 ) و تعديلاتها 1967 و1979.
– ميثاق روما لحماية المؤدين و منتجي التسجيلات الصوتية و الهيئات الإذاعية (1961).
– المعاهدة الدولية للتعاون بشان براءات الاختراع ( وايبو- 1970).
– ميثاق جنيف لحماية منتجي الفونوغراف ضد النسخ غير الشرعي (1971).
– اتفاقية فيينا لوضع تصنيف دولي لمكونات العلامات (1973 ).
– معاهدة واشنطن حول حقوق الملكية للدوائر المتكاملة (1989).
– معاهدة قانون العلامات التجارية ( وايبو- 1994).
– اتفاقية التدابير المتعلقة بأثر التجارة على حقوق الملكية الفكرية ( تربس 1994).
– معاهدة حماية حقوق المؤلف (وايبو -1996).
– معاهدة حماية الأداء و التسجيل الصوتي ( وايبو – 1996).
– معاهدة بودابيست الدولية لمكافحة جرائم المعلوماتية و الاتصالات (2001 ).
يعد مجال الحقوق الفكرية من بين المجالات الجديدة لنطاق عمل المنظمة العالمية للتجارة، و لقد شهد العديد من الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية بيرن ( Berne ) لحقوق ملكية المؤلف، و اتفاقية باريس الخاصة بالبراءة و المعاملات، و اتفاقية روما لحماية المؤلفين و منتجي التسجيلات، اتفاقية واشنطن لحقوق الملكية المتعلقة بالدوائر المتكاملة، إضافة إلى تأسيس المنظمة العالمية لحقوق الملكية الفكرية في سنة 1967 و اعتبارها من بين الوكالات المتخصصة للأمم المتحدة اعتبارا من سنة 1974 و هي تضم أكثر من 150 دولة و تشرف على لإدارة أكثر من 23 اتفاقية دولية تتعلق بحقوق الملكية الفكرية.
و فيما يلي جدول يوضح حقوق الملكية الفكرية و الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة.[17] مع أن جميع المعاهدات المذكورة تشرف على تنفيذها المنظمة العالمية للملكية الفكرية، كما أن معاهدة واشنطن قد جرى التفاوض بخصوصها تحت رعاية المنظمة العالمية للملكية الفكرية، أما ميثاق روما فيشرف على تنفيذه بشكل مشترك المنظمة العالمية للملكية الفكرية ومنظمة العمل الدولية و اليونسكو، و تشرف اليونسكو على تنفيذ الاتفاقية العالمية لحقوق المؤلف.
أنواع حقوق الملكية الفكرية | الموضوع | مجالات التطبيق الرئيسية | الاتفاقيات الدولية الرئيسية | |
ملكية صناعية | براءات الاختراع | اختراعات جديدة و غير منشورة و صناعية الاستخدام | تصنيع | ميثاق باريس ، المعاهدة الدولية للتعاون بشان براءات الاختراع ، معاهدة بودابست |
التصاميم الصناعية | تصاميم زخرفية | الملابس و السيارات و الأجهزة الإلكترونية ..الخ . | اتفاقية لاهاي ، ميثاق باريس ، اتفاقية لوكارنو . | |
العلامات التجارية سلعة أو خدمة | علامات أو رموز لتمييز سلعة و خدمة مؤسسة ما عن غيرها . | جميع الصناعات . | ميثاق باريس ، اتفاقية و بروتوكول مدريد ، اتفاقية نيس ، معاهدة قانون العلامات التجارية . | |
المؤشرات الجغرافية | تحديد منشأ السلعة للدلالة على الجودة أو أية خصائص أخرى ترتبط بالمنطقة . | الصناعات الغذائية و الزراعية و في قطاع المشروبات الروحية على وجه التحديد . | اتفاقية لشبونة ، اتفاقية مدريد . | |
الملكية الأدبية و الفنية | حقوق المؤلف و الحقوق المجاورة | الأعمال المبتكرة في التأليف و المساهمات المتعلقة بحقوق فناني الأداء و المنتجين و التسجيلات الصوتية و الهيئات الإذاعية . | الطباعة و الترفيه ( السمعية و البصرية و الصور المتحركة ) و برامج الحاسوب و الإذاعة . | ميثاق بيرن ، ميثاق روما ، ميثاق جنيف ، اتفاقية بروكسل ، الاتفاقية العالمية لحقوق المؤلف . |
حماية من نوع خاص | مخططات الدوائر المتكاملة | الصناعة الإلكترونية الدقيقة . | معاهدة واشنطن حول حقوق الملكية للدوائر المتكاملة . | |
الأسرار التجارية | المعلومات و البيانات التجارية السرية | جميع الصناعات |
أما الجدول الموالي فهو يشرح الحد الأدنى للمدة حماية حقوق الملكية الفكرية وفق اتفاقية ( تربس )
الجدول التالي: الحد الأدنى للمدة حماية حقوق الملكية الفكرية وفق اتفاقية ( تربس )
براءات الاختراع | 20 سنة من تاريخ إيداع الطلب |
حقوق المؤلف و الحقوق المجاورة | طيلة حياة المؤلف 50 سنة . |
أعمال التصوير السينمائي: 50 سنة بعد إتاحته للجمهور أو إنجاز ذلك العمل. | |
التصوير الفوتوغرافي و الفنون التطبيقية : 25 سنة بعد إنجاز العمل. | |
المؤدون و منتجو الاسطوانات الفوتوغرافية : 50 سنة من نهاية السنة التقويمية التي جرى فيها تثبيت العمل بالتسجيل، أو حدث فيها الأداء. البث الإذاعي: 20 سنة من نهاية السنة التقويمية التي حدث فيها البث. | |
العلامات التجارية | 7 سنوات من التسجيل المبدئي مع التجديد المتواصل لعدد غير محدد من المرات. |
التصاميم الصناعية | 10 سنوات على الأقل. |
مخططات الدوائر المتكاملة . | 10 سنوات اعتبارا من تاريخ التسجيل و إذا لم يكن التسجيل مطلوبا 10 سنوات من تاريخ أول استغلال . |
2.3. أهم المعوقات لحماية الحقوق الملكية الفكرية
لقد حاولت الدول الصناعية من خلال إدماج الملكية الفكرية في مجال الجات معالجة عدة مشكلات نذكر منها :
– الغش التجاري و سرقة الأعمال الفنية و الأدبية و العلمية و سرقة براءات الاختراع، و هذه السرقات منتشرة على نطاق واسع في بعض دول شرق آسيا و التي تقوم فيها صناعات بأكملها على أساس تقليد العلامات التجارية العالمية في صناعة الملابس و الساعات و الأفلام و الأشرطة السينمائية و التلفزيونية.*
– عدم وجود حماية قانونية كافية للملكية الأدبية في عدد كبير من الدول و عدم وجود وسائل فعالة متاحة في تلك الدول لتعويض صاحب الملكية الأدبية أو حمايته عند وقوع اعتداء على مؤلفاته.
– وجود بعض القيود على عرض بعض المصنفات الأدبية و الفنية الأجنبية لكيلا تزاحم الأعمال المماثلة الوطنية.
و لقد أسفرت جولة أوروجواي عن حماية الملكية الأدبية و الفنية و الصناعية بإقرار عدد من المبادئ أهمها: تطبيق مبدأ المعاملة الوطنية ، بمعنى أن تكون الحماية لصاحب الملكية الأجنبي مماثلة لما تمنحه الدولة من حماية للمالك الوطني، و كذلك تطبيق شرط الدولة الأولى بالرعاية و ما يتضمنه من عدم التمييز في المعاملة مع الدول الأجنبية، و تقرير حماية لا تقل عن عشرين سنة لبراءات الاختراع، و لا تقل عن عشر سنوات بالنسبة للعلامات التجارية إلا من بعض الاستثناءات. و أخيرا التزام الدول بتعديل التشريعات الداخلية على نحو يوفر حماية فعالة لأصحاب الملكيات الأدبية و الفنية و الصناعية، و تسمح الاتفاقية باستثناء براءات الاختراع إذا كان ضروريا لحماية حياة و صحة الإنسان و الحيوان و النبات، أو للحد من الأضرار المدمرة للبيئة ، كذلك تستثني الوسائل التحليلية و العلاجية و الجراحية لمعالجة الإنسان و الحيوان، و تسمح الاتفاقية بتأخير تنفيذها لمدة سنة من إنشاء المنظمة العالمية للتجارة بالنسبة للدول الصناعية، و لمدة 4 سنوات إضافية بالنسبة للدول النامية و الدول التي تمر بمرحلة تحول اقتصادي، باستثناء المعاملة المحلية و التزامات المعاملة التفضيلية و الناجمة عن اشتراكها لأي من تلك الدول في تكتل إقليمي، و تمنح الاتفاقية الدول النامية فترة سماح 5 سنوات في المجالات التكنولوجية غير المحمية فعليا، فيما تمنح الدول الأقل نموا 10 سنوات مع إمكانية التمديد لنفس الغاية.بينما منحت الدول المتقدمة مدة سنة واحدة ( انتهت عام 1996). و تستطيع الدول النامية تأخير تطبيق الالتزامات بتوفير حماية طرق الصنع في قطاعات المواد الكيماوية و الزراعية و الدوائية حتى عام 2005.كما تنص الاتفاقية على أهمية الدعم الفني و المالي من قبل الدول المتقدمة للدول النامية للمساعدة على إعداد القوانين و اللوائح التنظيمية لحماية حقوق الملكية الفكرية و إعداد و تأهيل الموارد البشرية و دعم و نقل و خلق قاعدة تكنولوجية قوية و قابلة للاستمرار لدى الدول النامية، و لقد أنشئ مجلس لمتابعة تنفيذ بنود اتفاقية (تربس) عقب انقضاء المدد الانتقالية، ووضعت في إطاره آلية لتسوية النزاعات بين الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية.[18]
3.3. الدول العربية و حماية حقوق الملكية الفكرية :
في إطار دعم بيئة الإبداع و المبادرة، و حفاظا على مفاهيم التنافسية و التزاما بالاتفاقيات الدولية النافذة وخاصة تلك التابعة لمنظمة وايبو، و الاتفاقيات متعددة الأطراف المرتبطة بمنظمة التجارة العالمية و خاصة اتفاقية التدابير المتعلقة بأثر التجارة على حقوق الملكية الفكرية ( تربس )، تعاظم الاهتمام في الدول العربية بشان حماية حقوق الملكية الفكرية ووضع تعديل التشريعات الخاصة بها لمواكبة التطورات في قطاع المعلوماتية و البرمجيات. و قد بدأت بعض الدول العربية باتخاذ إجراءات صارمة للحد من القرصنة و النسخ غير المشروع باعتبار انه كلما رسخت قوانين حماية حقوق الملكية الفكرية تعززت قدرة الدول العربية على استقطاب الاستثمارات المطلوبة في قطاع التكنولوجيا و البرمجيات، و جذب الشركات الكبرى العاملة في هذا المجال.
و قد تحددت التزامات عددا من الدول العربية في مجال حقوق الملكية الفكرية من واقع عضويتها في منظمة التجارة العالمية و منظمة وايبو و توقيعها على المعاهدات و الاتفاقيات التي تحكمها. و تجدر الإشارة إلى أن 11 دولة عربية أعضاء في منظمة التجارة العالمية، من أصل 142 دولة ( كما في 7/2001 ) هي الكويت و البحرين و المغرب و تونس وموريتانيا و جيبوتي و مصر (1995) و قطر و الإمارات (1996) و الأردن و سلطنة عمان (2000). و تحمل 5 دول عربية أخرى و صفة المراقب لحين استكمال خطوات الانضمام للمنظمة و هي الجزائر و لبنان و السودان و السعودية و اليمن، أما فيما يتعلق بعضوية منظمة وايبو، التي تأسست عام 1967 و عدل ميثاقها عام 1979 و تشرف على 21 اتفاقية دولية منها 15 حول الملكية الصناعية و 6 حول حقوق النسخ ، فهناك 18 دولة عربية عضو من أصل 177 دولة عضو ( كما في 3/2001 ) تشمل: المغرب (1971)،الأردن (1972)، السودان و الإمارات (1974) ، الجزائر ومصر و تونس (1975)، العراق و ليبيا وموريتانيا و قطر (1976)، اليمن (1979)،السعودية و الصومال (1982)، لبنان (1986) ، البحرين (1995)، سلطنة عمان (1997)، و الكويت (1998).[19]
و قد دخلت معظم الدول العربية الثمانية عشرة الأعضاء في منظمو وايبو في اتحاد ميثاق باريس (154دولة موقعة ) ماعدا الكويت و السعودية و الصومال و اليمن، كما دخلت في اتحاد ميثاق بيرن (139دولة موقعة ) ماعدا العراق و الكويت و السعودية و الصومال و الإمارات و اليمن، أما اتحاد ميثاق مدريد فقد انضمت إليه 4 دول عربية هي الجزائر و مصر و المغرب و السودان ( من أصل 64 دولة موقعة ).كما انضمت 4 دول عربية هي الجزائر و المغرب و لبنان و تونس إلى اتحاد نيس (61 دولة موقعة ).
و باستعراض الجهود القطرية وفق المعلومات المتوافرة حول بعض الدول العربية في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية، فقد قطعت دولة الإمارات العربية المتحدة شوطا كبيرا في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية منذ إقرار القانون بحماية حقوق الملكية الفكرية عام 1992 و كذلك على صعيد مكافحة نشاط القرصنة لنسخ البرامج بالتزام الحكومة بالتطبيق الفعال للقانون و دعم هذا القطاع و حماية حقوق شركات تطوير و توزيع البرامج مما عزز مكانة الإمارات كمركز لتكنولوجيا المعلومات في المنطقة. و يتوقع أن تنخفض نسبة القرصنة إلى ما دون 25 بالمائة خلال السنوات الخمس المقبلة، و هي نسبة قرصنة مماثلة للسائدة حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية.
أما الجزائر رغم ان المشرع الجزائري غيّر بعض الأمور الطفيفة جدا في الأمر97-10 المتعلق بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة والملغى بموجب الامر03/05 إلا انه ضمن هذا الأخير في كل المادتين 4 و 5 احد هذه المصنفات بشكل حصري واشاري دون تفصيل فيه وهما كل من برامج الحاسب الآلي وقواعد البيانات ، كما انه خلق بعض اللبس ان صح التعبير في المادة 4 عند قوله :” وبرامج الحاسب الآلي والمصنفات الشفوية مثل المحاضرات والخطب والمواعظ وباقي المصنفات التي تماثلها ” فعبارة ” تماثلها” هل يقصد بها هنا لمصنفات التي تماثل برامج الحاسب الآلي ؟ أم الهاء تعود على الخطب والمحاضرات والمواعظ ؟ وحسب رأيي الشخصي فهي تعود على المصنفات الشفوية لأنه بدا بإعطاء أمثلة ولعدم الإكثار منها ترك المجال مفتوحا لتخيل ما يماثل هذه المصنفات، ورغم انه لا يوجد ما يمنع المشرع _ منها ترك ا الجزائري من ذكر هذه المصنفات صراحة حتى يرفع اللبس خاصة إذا تعلق الأمر بتطبيق نصوص جزائية ، أين يجب على القاضي الجزائري ان يدقق ويتشدد في كلمات النص التي لا تقبل التأويل والاستنتاج الذاتي ومن جهة أخرى نجد ان حقوق المؤلف عرضة للعديد من الاعتداءات بمختلف أشكالها وعلى اختلاف درجات الأضرار التي تلحقها بالمؤلفين محل الضرر، ولردع مثل هذه الاعتداءات استوجب ذلك على المشرع ان يوفر طرقا أكثر فاعلية وقابلة للتطبيق حتى تحمى هذه الحقوق بشكل اكبر وفعال وكذلك بتضافر الجهود مع المعلوماتيين التقنيين لتوفير السبل التقنية الفعالة للحماية في ظل بيئة رقمية جد متطورة ولأجل ذلك وضع المشرع وسائل وقائية للحماية بالإضافة إلى الوسائل الموضوعية من حماية جزائية وكذلك مدنية.[20]
كما اتخذ الأردن خطوات كبيرة منذ عام 1998، و اصدر قانون براءات الاختراع رقم 32 لسنة 1999، و تابع تحديث التشريعات الخاصة في مجال التراخيص و حقوق المؤلف، و نفذ بنجاح تطبيق تشريعات حماية الملكية الفكرية، و أنجز الخطوات اللازمة المنسجمة مع أحكام اتفاقية تربس، و بين التشريعات الخاصة بالملكية الفكرية لتشجيع الاستثمار في المجالات الفكرية، و قد تمت إقامة المركز الوطني للملكية الفكرية لنشر الوعي و التنسيق مع الجهات الإعلامية حول حقوق الملكية الفكرية و خاصة حقوق المؤلفين و المبدعين، و إيضاح دور الجهات الأمنية و دائرة الجمارك في الحجز على المصنفات المزورة من العاب حاسوب و برامج و أفلام. و قد ساعد تطبيق قوانين الملكية الفكرية في الأردن على التعجيل بافتتاح مكتب لشركة مايكروسوفت في الأردن لتقديم الخدمات الفنية و الدعم لصناعة البرمجيات.
و على صعيد الجهود العربية المشتركة فقد تأسس المجمع العربي لحماية الملكية الفكرية منذ عام 1978، و مقره عمان ( الأردن )، بهدف تعزيز الوعي بأهمية حماية حقوق الملكية الفكرية و تحسين و توحيد التشريعات المختصة بها في الدول العربية و تطوير المواثيق الدولية و تعزيز التدريب المهني للعاملين و الباحثين في هذا الحقل. و يلخص المجمع رسالته في أن الهدف من حقوق الملكية الفكرية هو تحقيق التقدم الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي من خلال تنظيم و إدارة الاتفاقيات الدولية في مجال الملكية الفكرية بهدف تشجيع الإبداع و صنع المعرفة. ومنذ مطلع التسعينيات عزز المجمع من نشاطه و بدأ يقدم مجموعة من الدورات التدريبية المتخصصة في مجال حقوق الملكية الفكرية مثل العلامات التجارية و براءات الاختراع و النماذج الصناعية و حقوق المؤلف و إنفاذ حقوق الملكية الفكرية و حماية الملكية الفكرية على شبكة الإنترنت، و تسجيل أسماء المجال. كما قام بإعداد قاموس متخصص في الملكية الفكرية اعتمدته منظمة وايبو، وهو الأول من نوعه في الدول العربية، و تباحث مع عدة جهات أكاديمية بشان إدراج شهادة الماجستير في الملكية الفكرية في برامجها العلمية العالية. و قد أطلقت فعلا جامعة عجمان للعلوم هذا التخصص العالي. و كذلك قام المجمع العربي بإصدار نشرة فصلية و تنظيم عقد العديد من المؤتمرات و الندوات المتخصصة. و يعتبر المجمع عضوا في المجلس الاستشاري لدى منظمة وايبو و عضوا في المجلس الاقتصادي و الاجتماعي للأمم المتحدة.[21]
خاتمة:
إن حماية الملكية الفكرية أمر ضروري علميا و أخلاقياً، لكن المشكلة أن التشريعات المعروضة سواء دوليا أو إقليميا أو حتى وطنياً تتعامل مع الظاهرة من النهاية، لذا فإنه يجب أن نتعامل مع القضية من بدايتها بكسر حاجز التخلف التكنولوجي عن طريق تشجيع البحث العلمي، وتفعيل دور الجامعات ومراكز البحوث. ومن خلال ما سبق ذكره نجد أن الجرائم الماسة بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة أثارت ثقلا كبيرًا على مستوى القوانين الجزائية، خاصة الجرائم الالكترونية، إذا علمنا أن القوانين العقابية السابقة تعودت على التشريع ومحاسبة الجرائم، في حين برزت صورة أخرى من الجرائم التي كثيرًا ما تكون ذات صبغة وبعد معنوي، فظاهرة الانترنت والعالم الافتراضي الجواري وما أفرزته تقنية الاتصالات الحديثة والمعلوماتية قلب القاعدة القانونية رأسًا على عقب إذ أصبح من الصعوبة بمكان الوصول إلى تحديد أطراف الجريمة بشكل دقيق سيما الطرف السبب في الجريمة، فتدفق الفيروسات على مستوى البريد الالكتروني أو النقدي على المصنف الرقمي في عالم الانترنت يجعل من مهمة القضاء والطعن القانوني شبه مستحيلة.
و في هذا المجال نقتر ح بعض التوصيات التي تخص البيئة العربية من اجل تفعيل الحماية القانونية لحقوق الملكية الفكرية و التي قد تساعد على إيجاد بعض الحلول الممكنة لمواجهة كل أنواع الإخلال بهذا الحق الفكري، نوردها فيما يلي:
– على المشرع العربي القيام بإحداث نصوص جزائية إجرائية لمواجهة التطور الحاصل في مجال المعلوماتية وتوضيح نصوص الحجز على المصنفات العادية والمصنفات الرقمية.
– لابد من إجراء تعديل لبعض أحكام قانون حق المؤلف كوضع نظام خاص إجرائي مرن لإيداع برامج الكمبيوتر، وكذا المصنفات الرقمية وإعطاء ضمانات للمؤلفين.
– تنظيم دورات تكوينية متتالية أمام الدول السابقة في هذا المجال وإقامة مؤتمرات علمية مكثفة تلبي حاجيات العدالة العربية.
– أن يقر المشرع العربي بالأهمية الاقتصادية للحد من ظاهرة جرائم التقليد الواقعة على المصنفات والحقوق المجاورة، حتى تتأهل غالبية الدول العربية للدخول في عالم العولمة.
– على المشرع العربي استحداث نصوص قانونية خاصة بالاعتداء على سير نظام المعالجة الآلية، ولا يكفي تجريم هذا الفعل كنتيجة للدخول أو البقاء غير المشروع.
– على المشرع العربي التطرق إلى التزوير المعلوماتي باستحداث نصوص خاصة وتوسيع مجال التزوير بتوسيع مفهوم المحرر يشمل أية دعامة أخرى ليشمل كافة صور التزوير الحديثة التي سببها استخدام الحاسوب
– العمل على تكوين ضباط قضائيين مختصين كالبحث والتقصي عن هذا النوع من الجرائم.
– توفير دورات وتكوين خاص للقضاة في مجال الجرائم المعلوماتية وضرورة أن يكون القاضي محيط بجميع التغيرات والقوانين المستحدثة في هذا المجال وأن يكون له اجتهاد خاص وذلك بالإطلاع على القوانين العالمية الدولية في هذا المجال.
– ضرورة تكاتف الجهود الدولية لإيجاد نصوص تشريعية جديدة وطرق ووسائل تقنية أكثر حداثة لمواجهة الجريمة في العالم الرقمي الذي أصبح يغزو الحياة اليومية للأفراد بدرجة أنه أصبح العالم الحقيقي للبعض وعالم الغد للبعض الآخر.
[1] Jermy Philips ;Alisen Fifth .Introduction to intellectual proprety low .1990.P.3
[2] حقاص صونية: حماية الملكية الفكرية الأدبية و الفنية في البيئة الرقمية في ظل التشريع الجزائري، رسالة ماجستير في تخصص المعلومات الإلكترونية، الافتراضية و إستراتيجية البحث عن المعلومات، جامعة منتوري، الجزائر، 2012، ص23
[3] محمد عبد الحليم عمر: حماية الملكية الفكرية، م ركز صالح عبد الله كامل للاقتصاد الإسلامي، جامعة الأزهر، 2010، ص12
[4] حقاص صونية: مرجع سابق، ص23
[5] حقاص صونية: مرجع سابق، ص11
[6] عبد الجليل فضيل البرعصي: نشأة و حقوق الملكية الفكرية و تطورها، مجلس الثقافة العامة، ليبيا، 2006، ص17
[7] علي أبو زيد: الحقوق على المصنفات الأدبية و الفنية و العلمية، دار المعارف ، الإسكندرية، 1967، ص13
[8] عبد الجليل فضيل البرعصي: مرجع سابق: ص18
[9] حقاص صونية: مرجع سابق، ص14
[10] اعمر يوسفي: التكنولوجيا الرقمية وحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة ( دراسة وصفية تحليلية)، أطروحة دكتوراه في علوم الإعلام و الاتصال، جامعة الجزائر، 2008-2009، ص145
[11] عبد الوهاب عبد الرزاق التحافي: حماية حقوق الملكية المعنوية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2007، ص11
[12] اعمر يوسفي: مرجع سابق، ص ص 149-150
[13] العيدوني أحمد وداد: حماية الملكية الفكرية في البيئة الرقمية: برامج الحاسوب وقواعد البيانات نموذجا، المؤتمر السادس لجمعية المكتبات والمعلومات، حول: البيئة المعلومات الآمنة: المفاهيم والتشريعات والتطبيقات، 06/07 أفريل 2007، الرياض، ص04
[14] عبد الرحمان خليفي: الحماية الجزائرية لحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت لبنان، 2007، ص15
[15] عبد الله المنشاوي: حماية الملكية الفكرية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2001، ص26
[16] مصطفى عبد الغني : الجات و التبعية الثقافية، مركز الحضارة العربية، 1998، ص 17.
[17] زيري بلقاسم و بلحسن هواري: اقتصاديات الأفكار الرقمية و قضايا الحماية الفكرية لها، ملتقى دولي حول اقتصاد المعرفة، كلية العلوم الاقتصادية و التسيير، جامعة محمد خيضر، بسكرة، 2005، ص ص 217-218
* يستخدم مصطلح القرصنة ليدل على نشاطات مختلفة لنسخ و توزيع نسخ مقلدة أو غير مرخصة من البرامج المختلفة. و تقدر مصادر دولية أن معالجة القرصنة معالجة صحيحة تؤدي إلى توفير مليون فرصة عمل جديدة وزيادة في الإيرادات الحكومية تقدر بنحو 25 مليار دولار عام 2005 لدى الدول المتقدمة. و قد قدرت شركة مايكروسوفت العالمية خسائرها وحدها من قرصنة البرامج في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا نحو 800 مليون دولار عام 2000.
[18] زيري بلقاسم و بلحسن هواري: مرجع سابق، ص ص 220-221
[19] نفس المرجع: ص229
[20] ونسه ديالا عيسى: حماية حقوق التأليف على شبكة الانترنيت، المنشورات الحقوقية، بيروت، 2010، ص126
[21] زيري بلقاسم و بلحسن هواري: مرجع سابق، ص231