
حق المؤلف في مواجهة الرقمنة : الأزمة و الحلول، مداخلة الدكتور عصام نجاح، رئيس المجلس العلمي للكلية، جامعة 8 ماي 1945- قالمة – الجزائر، بالمؤتمر الدولي الحادي عشر مركز جيل البحث العلمي حول التعلم بعصر التكنولوجيا الرقمية والذي نظمه الاتحاد العالمي للمؤسسات العلمية بالتعاون مع جامعة تيبازة في طرابلس لبنان أيام 22 و23 و24 أبريل 2016، ولقد نشرت هذه المداخلة بسلسلة أعمال المؤتمرات الصادرة عن مركز جيل البحث العلمي بشهر أبريل 2016 بالصفحة 317.
(إضغط هنا لتحميل كل كتاب المؤتمر).
مقدمة
مباشرة بعد الازمة التي عرفتها حقوق الملكية الفكرية ككل بعد اعتماد اتفاق “التريبس” الملحق باتفاقية مراكش لسنة 1994 المنشئة للمنظمة العالمية للتجارة – و الذي وسع بشكل كبير من مجالات الملكية الفكرية و حث على اعتماد تشريعات صارمة جدا لمعاقبة أي تجاوز لحقوق الملكية الفكرية- عرفت مرة أخرى تلك الحقوق أزمة جديدة مرتبطة بتطور وسائل الاتصال و الاعلام و مرتبطة أيضا بالتحولات التي عرفتها الرأسمالية نحو اقتصاد المعرفة لتصل لمرحلة جديدة أو ما يسمى ب “الرأسمالية المعرفية”. الحاصل ان الرقمنة و الانترنت ساهما في تحويل الاموال المعنوية -التي هي نواة حقوق الملكية الفكرية- الى ” أموال عمومية عالمية” متاحة لكل البشرية. حيث أن المعلومات الرقمية و التي يتم انتاجها بأثمان باهظة أصبح من الممكن بفعل الثورة الرقمية اعادة انتاجها بأثمان بخسة حتى لا نقول منعدمة، و بالتالي يصعب تسويقها.
الأمر الذي جعل من آلية حقوق المؤلف صعبة الإعمال و التطبيق.
لهذا اهتم فقهاء القانون و الاقتصاد على السواء باقتراح حلول تمكن من تجاوز هذه الأزمة ، بحيث تحفظ للمبدعين حقوقهم و تضمن الوصول الميسر للمعلومة الرقمية لغيرهم دون تجاوز حقوق المؤلف للمبدعين.
فما هي أبعاد هذه الأزمة و ما هي الحلول المقترحة لتجاوزها ؟
أولا- ماهية حق المؤلف و تطوره التاريخي
حق المؤلف هو حق من حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بالإبداع. و محل حق المؤلف هو الابداعات الادبية و الفنية. فحق المؤلف هو آلية قانونية لحماية تلك الابداعات بفضل الحقوق المادية و المعنوية التي يضمنها للمؤلف. لذلك يجمع حق المؤلف مع بعض الحقوق المجاورة تحت القسم الثاني لحقوق الملكية الفكرية المسمى ب”الحقوق الملكية الادبية و الفنية” و المقابل للقسم الأول و المسمى ب “حقوق الملكية الصناعية”.
و لا ينظر لحق المؤلف على انه تعويض مادي مقابل ابداع فكري ، بل هو نظام للاحتكار الحصري لفائدة صاحبه : انه حق ملكية.[1]
و نظام الملكية الفكرية بشكل عام استقر مكانه بشكل بطيئ ، حيث أخذ الامر ثلاث قرون من 1480- 1800 على الساحة الوطنية (اوروبا الغربية بالأخص). كان يجب ان ننتظر الى غاية نهاية القرن التاسع عشر حتى يتم عولمة قواعد الملكية الفكرية مع اتفاقية باريس و اتفاقية برن و مدريد[2].
مع جولة الارغواي لسنة 1986 تم فرض مسألة الملكية الفكرية على الساحة الدولية. حيث ان هذه الجولات وصلت الى ابرام اتفاق حول محاور حقوق الملكية الفكرية التي تمس بالتجارة بتاريخ 14/04/1994 ملحق باتفاقية مراكش المنشئة للمنظمة العالمية للتجارة و الذي عزز الأهمية الاقتصادية لحقوق الملكية الفكرية.[3]
في البداية كان هدف حقوق الملكية الفكرية هو ضمان تعويض عادل للمبدع و ذلك بالتنازل له عن احتكار استغلال ما ابدعه. و فوق ذلك تشجيع النشاطات الابداعية .و لهذا السبب الاخير ايضا تم تحديد هذا الاحتكار ليدخل او يسقط في المجال العام ليصلح للأجيال القادمة كعلبة افكار[4].
للإيضاح أكثر[5] يمكن القول أن قانون الملكية الفكرية يهدف لحل مشكل الاختراع و الابداع و الي يمكن اعتبارهما بدورهما “مال” لديه خاصيتين صعبتين : الاولى تتمثل في كون المعلومة هي مال غير اقصائي حيث يستحيل ان يتم منع استخدامها من طرف الغير الذي لم يساهم في عمل أو تمويل هذا المال.
الثانية المعلومة هي مال لايستنفذ حيث أن استهلاكها من طرف فرد ما لا يؤدي الى الانقاص منها.
فقانون الملكية الفكرية وضع حلا لهاتين الخاصيتين بشكل مرحلي بحيث في مرحلة أولى الالية القانونية للحماية تجعل من المال اقصائي حيث أن مستخدم ذلك المال مجبر على دفع ما يقابل تلك الخدمة. في مرحلة ثانية و بعد انتهاء مدة الاحتكار يدخل الاختراع و الابداع في المجال العام، ليسمح للكل ان يستفيد منها بشكل مجاني.
فالتوازن بين النفع العام و النفع الخاص كان الى حد ما مضمون.[6]
أو بعبارة أخرى المؤلف و الجمهور شكلا قطبين لفضاء يتنافسان فيه حول مراقبة تنقل المعرفة، و قد تتنقل الفائدة و النفع من قطب لأخر حسب المرحلة.[7]
ثانيا- أزمة حقوق المؤلف الرقمية : الاتجاه نحو الصالح العام
عرفت حقوق الملكية الفكرية منذ نشأتها بعدد لا بأس به من الازمات غير أنه في الوقت الحالي و مع مضاعفة الاحتكارات الخاصة على حساب المجال العام مكن ان ينهي التوازن الذي سبق و ان وضحناه.
بل يمكن القول أن المبادئ الاساسية للملكية الفكرية هي في حد ذاتها مهددة. وذلك لما تم اعتماد اتفاق “التريبس” اولا ثم ثانيا بانتشار و التطور العائل و المستمر لوسائل الاتصال.
ابتداءا لا بد من الاشارة الى ان الاتفاق حول “التريبس” تم وضعه من طرف لجنة حول الملكية الفكرية للولايات المتحدة الامريكية والجمعيات الصناعية لليابان و لأوروبا.
و اللجنة الامريكية تتشكل من 13 مؤسسة أمريكية هي :
Bristol Myers, Dupot, General Electric, General Motor, Hewlett Packard, IBM, Jonson & Jonson, Merck, Monsanto, Pfizer, Rockwell International et Time-Warner.
هذا يعني أنه مرة اخرى نجد الشركات المتعددة الجنسيات وراء تشريع “عالمي”. معنى ذلك أن اتفاق “تريبس” قام بتفعيل قانون الشركات المتعددة الجنسيات للتحكم في مجموع المواطنين و المنتجين الصغار, بالأخص التابعين لدول العالم الثالث[8].
الاتفاق يحمي حقوق المستثمرين و من ورائهم المبدعين دون أن ينشأ نظام حامي للنفع العام و كذلك يحفظ حقوق المستهلكين.
شيئان جديدان جاء بهما اتفاق “تريبس” :
الأول متعلق بتوسيع مجال تطبيق حقوق الملكية الفكرية ، حيث يلزم الدول الاعضاء بحماية الابداعات من كل نوع : الابداعات الادبية و الفنية بالمعنى الواسع. فالإبداع الذي لا يدخل في مجال براءة الاختراع يتم ادخاله تحت مجال حق المؤلف.
و لهذا ليس من المستغرب الحصول على حق المؤلف ل “الإبداعات” التي تتم في مجال التعليم سواء تعلق الامر بنوعها أو بشكلها أو بالجهة الموجه اليها و سواء تعلق الامر بالدروس الملقاة من طرف الاساتذة مكتوبة أو شفوية و كذلك الامر بالنسبة للإعمال التي يقوم بها الطلبة[9] …
الثاني متعلق بإلزام الدول الاعضاء بتبني اجراءات و عقوبات تسمح لصاحب حقوق الملكية من فرض احترامها.[10]
اليوم حقوق الملكية الفكرية تواجه أزمة جديدة مرتبطة بتحولات الرأسمالية القائمة على الثورة الرقمية، حيث أن الرقمنة و الانترنت يحولا الاموال غير المادية الى أموال عمومية، أي تسمح بإنشاء أموال عمومية “عالمية”.
ذلك لأن المعلومات الرقمية و التي تنتج بتكاليف مرتفعة يمكن انتاجها بتكاليف بخسة أو منعدمة ، ما يعني فرص قليلة لإعادة تسويقها[11].
الازمة الجديدة للملكية الفكرية تتلخص في شبه الاستحالة لاستخدامها و تطبيقها خلال الفترة الجديدة “الرأسمالية المعرفية” ، لأنه بمجرد ما يمكن ضبط الابداع و القدرة على الاختراع في الشبكة الرقمية و يمكن اعادة انتاجها الى ما لا نهاية تصبح الآلية الاساسية لإنشاء حقوق الملكية الفكرية المتمثلة في خلق الاحتكار و تسييره تصبح أكثر صعوبة للتطبيق.[12] و كما هو معروف هذه الشروط لازمة للتقييم الاقتصادي للأصول اللامادية.
وحق المؤلف باعتباره جزء لا يتجزأ من حقوق الملكية الفكرية كما سبق و قدمنا واجه نفس الازمة . حيث أنه من وجهة النظر التقنية حدث لحق المؤلف اضطراب مزدوج : الأول مرتبط بتغيير في محل و موضوع حق المؤلف والثاني مرتبط بتغيير كيفية الوصول اليه.
حيث انه وان كان الحامل لموضوع حق المؤلف كان ماديا ملموسا الان بفعل الرقمنة أصبح حامله غير مادي. و كما هو معروف ممارسة المؤلف لحقه مرتبط بتحكمه في مراقبة الحامل لإبداعه والمنتج لحقه ، و لكن بفعل الرقمنة و الانترنت أصبح الحامل للإبداع غير ممكن مراقبته أو على الاقل تصعب بشكل كبير. اذ الابداعات تتحرك وتتنقل عبر الانترنت من دون حدود.[13]
ولهذا هناك من يتحدث عن احتضار حق المؤلف في حين هناك من يروج لفكرة انه هناك سعي لتدمير الحقوق الفردية.
في الوقت الذي اعتقد الكثيرون ان الامور تسير لصالح المستهلكين و الصالح العام تدخلت التشريعات في عديد الدول لأجل وقف ما يحلو للبعض تسميته ب ” تعميم أو عمومية” حق المؤلف «La publicisation du droit d’auteur » و ذلك بتشديد القواعد الحامية لحق المؤلف لدرجة مطابقة حق المؤلف مع حق الملكية المادية.[14]
ثالثا- مواجهة الازمة الرقمية لحقوق المؤلف : باتجاه المؤلفين و الناشرين
مرة أخرى يتحرك المؤلفون و من ورائهم رجال الاعمال و اصحاب رؤوس الاموال المستثمرين في ابداعاتهم لوقف ما يسمونه “التعدي الصارخ على حقوقهم الفردية” . و استجابة لنداءاتهم تبنت العديد من الدول لا سيما الغربية منها تشريعات تشدد من النظام الحامي لحق المؤلف حتى دفع ببعض الملاحظين للقول أن من نتائج الرقمنة اضعاف حقوق المستهلكين.
بالنسبة للعميد “روبرت شارفان” أزمة الملكية الفكرية حقيقة ، كذلك الأمر بالنسبة للحلول المقترحة لوضع حد لتلك الازمة و لكنها ليست دائما في صالح الفقراء.[15]
و لمعرفة كيف فقد التوازن بين طرفي حقوق المؤلف لصاح المؤلفين و الناشرين على حساب المستهلكين و كذا الصالح العام لابد ان ينصب التحليل على مسألتين مرتبطتين[16] :
الاولى مرتبطة بالحقوق التي تمنح للمستهلك -و ليكن هنا القارئ- على المحل (الكتاب) و الثانية مرتبطة بطبيعة ذلك المحل في حد ذاته. لما يشتري قارئ ما كتاب من المفروض يصبح مالكا بأتم معنى الكلمة لحظة دفعه للمقابل المالي للبائع. يستطيع ان يتصرف بذلك الكتاب كما يشاء يستخدمه بان يقرأه او يعيد بيعه او اعارته … اي يمكن ان يستفيد منه في حدود حقوق المؤلف ….
ولكن تغير طبيعة الكتاب الورقية الى الرقمية غيرت ذلك التوازن بين حقوق المؤلف و حقوق القارئ لصالح المؤلف على حساب حقوق القارئ ، وذلك بفعل تدخل المشرع – كما سبق و أن اشرنا- في عديد البلدان.
وهذا التغيير مرتبط بطبيعة العقد المبرم بين المؤلف و الناشر، فالعقد في مجال برامج الاعلام الالي هو صورة من صور التراخيص التي يتم بموجبها منح القارئ من طرف الناشر و المؤلف بعضا من حقوق استخدام. و التي تكون بشكل عام محدودة بالمقارنة مع الحقوق الناجمة عن الملكية. حيث يستطيع المؤلف مراقبة بشكل مستمر استخدام القارئ لمؤلفه الرقمي. لهذا السبب انتقد العديد من الملاحظين هذه الامكانية الممنوحة للمؤلف و التي يسمح بها النظام التعاقدي في المجال الرقمي لكونها تمس بشكل خطير التوازن الحاصل بين المؤلف و المستهلك للمضامين الثقافية. ذلك لان المؤلف يستطيع ان يحصل بموجب العقد على حقوق أكثر مما يمنحه قانون الملكية الفكرية.[17]
لهذا فان التنازع الحاصل بين النظام القانوني و النظام العقدي و بين حق المؤلف و حق الوصول و الاستخدام (Droit d’accès) تشكل اشكالية رئيسية مرتبطة بمستقبل حق المؤلف. [18]
و من الحالات التي تبين هذا التنازع و توضح ايضا المساس بالتوازن الذي من المفروض ان يكون بين حق المؤلف و حق المستهلك[19] :
– حالة اعارة الكتاب الرقمي ، حيث انه ليس من السهل اعارة كتاب رقمي لذلك تدخلت بعض التشريعات لتفرض امكانية اعارة كتاب لأفراد العائلة او ما يسمى ب “استثناء النسخة الخاصة” « l exception de copie privée » و لكن لأجل ان لا يتم نسخ الكتاب عديد المرات يضع الناشر على النسخ المسوقة برامج تعمل على مراقبة استخدام تلك النسخ و التي تسمى ب « Digital right management » “DRM” « mesures techniques de protections »
هذه البرامج و ان وضعت لأجل مراقبة التوسع في استخدام ذلك الاستثناء إلا انها جعلت منه صعب التحقيق.
– حالة اعادة بيع الكتاب الرقمي تشكل ايضا صورة من صور المساس بالتوازن الذي من المقروض ان يكون بين حق المؤلف و حق المستهلك.
حيث أنه من المعروف أن المؤلف لما يبيع نسخة من كتابه يفقد حقه على تلك النسخة و يستطيع المشتري ان يعيد بيعها . و لكن في حالة الكتاب الرقمي لا يفقد المؤلف حقه في تتبع نسخة الكتاب المبيعة، اذ لا يستطيع مشتريها أن يعيد بيعها و يرجع السبب في ذلك كون النسخة الرقمية المبيعة قديما لا تفقد قيمتها لأنها لا تبلى كما هو الحال مع الكتاب الورقي و بالتالي ستصبح منافسة للجديدة (اذا تعلق الامر بنفس النسخة من دون تعديل) بل و تكون المفضلة لان ثمنها سيكون أقل.
كما ان الاجتهادات القضائية لدى الدول الغربية كرست هذا التشديد في قواعد حق المؤلف بالنظر اليه من الزاوية الاقتصادية البحتة دون غيرها في حين لحق المؤلف زوايا متعددة لابد من ان تأخذ بعين الاعتبار وإلا سيتم الاضرار بالصالح العام.[20]
و لهذا تمت ادانة الشركة الامريكية « GOOGLE Inc. » من طرف محكمة التمييز الكبرى لباريس بتاريخ 18 ديسمبر 2009 و الحكم عليها بدفع 300 الف يورو لصالح شركات نشر فرنسية، و ذلك بسبب قيام شركة “غوغل” برقمنة عديد الكتب دون و نشرها على مواقعها بالانترنت من دون موافقة أصحابها. بالرغم من احتجاج “غوغل” بمايسم في الولايات المتحدة الامريكية ” الاستعمال النزيه”
« Fair Use » « usage loyal »[21]
و لهذا يمكن القول أن الأمر لا يتعلق بكتاب “رقمي” و لكن بخدمة مقدمة بطريقة الكترونية[22].
معنى كل هذا أن الرقمنة كان لها أثر سيئ على حقوق المستهلكين بعد أن بدت تفتح المجال لعصر ذهبي لنشر العلم و المعرفة ، غير أن الامر لم يحسم بعد خصوصا مع ظهور و انتشار البرامج الحرة .[23]
رابعا- البرامج الحرة : عود على بدء
غير أنه مع ظهور البرامج الحرة لأول الامر في الولايات المتحدة الامريكية ثم انتشارها في العالم بأسره تعمقت أزمة حقوق الملكية الفكرية ذلك لأنها[24] :
أولا- البرامج الحرة تقوم – مع اختلافها عن البرامج المملوكة- على حرية نقل المعرفة. انها متمردة عن كل احتكار خاص.
ثانيا- ان البرامج الحرة تسمح التعاون الاجتماعي داخل نفس السوق.
ثالثا- التراخيص الحرة التي هي أصل البرامج الحرة تمثل ابداع مؤسساتي فهي تتضمن قلب لمبادئ الملكية الفكرية التي تقام عليها نظام الملكية الفكرية مع البقاء داخل نفس النظام و تضمن احترام حقوق المؤلف.
و هكذا البرامج الحرة تشكل ابداع يهدف لإحداث مصالحة بين حقوق المؤلف و اعتراف مناسب بالعمل الابداعي و بين حق المجتمع في الابداع و ذلك على المستوى العالمي.
و كأن انتشار البرامج الحرة رجح الكفة مرة أخرى لصالح المستهلكين على حساب المؤلفين و الناشرين.
غير أن المعركة بين المساندين للتدعيم حقوق الملكية الفكرية و الذي هم ضدها احتدمت أكثر. فالأوائل يهدفون لغلق بأي ثمن كل باب يسمح بنشر المعرفة. البرامج الحرة لا تفلت من طرقهم و أساليبهم.
كدليل على ذلك سعت مؤسسة في الولايات المتحدة الامريكية للحصول على براءة اختراع على البرنامج الحرة « Linux » و كذلك الامر بالنسبة لتعليمة « Bolkestein » الاوروبية سمحت الحصول على براءة اختراع على برنامج حر.[25]
خاتمة
يتضح مما سبق أنه لا بد من اعادة النظر – في عصر الرقمنة هذا و البرامج الحرة – في
القواعد التي تحكم حق المؤلف مع الاخذ بعين الاعتبار كل الابعاد التي يتعلق بهذا الحق سواء كان بعد اقتصادي أو ثقافي أو معرفي وذلك بالسعي دوما لإحداث توازن بين النفع العام و النفع الخاص. وذلك من حلال فتح المجال للمستهلكين دون عوائق يستحيل او يصعب بشكل مبالغ فيه الوصول للإبداعات و في المقابل ضمان تعويض عادل للمؤلف عن المجهود المبذول.
و في هذا المجال يقترح البعض انشاء هيئة حكومية تتكفل بتعويض المبدعين عن ما يفوتهم من كسب جراء فقدانهم لمراقبة ابداعاتهم التي يتم نشرها بشكل واسع في مجال الانترنت. فالنفع الذي يمكن أن يحصل عليه المبدع لا يجب بالضرورة أن يمر عبر حق المؤلف.
كما يقترح البعض الاخر توحيد القواعد القانونية التي تحكم حق المؤلف و تحديد بدقة عدد و حجم الاستثناءات التي يمكن أن ترد عليه.
كما يحث قانونيون كثر على جعل قواد حق المؤلف أكثر مرونة بالشكل الذي يسمح للقاضي بالتعامل مع كل حالة على حدة.
بعبارة مجملة يمكن القول أنه لابد من اصلاح و اعادة التفكير في قواعد حق المؤلف.
و نختم بكلام قاله الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد “جوزيف ستيقليتز” يحسن بنا ان نعيد ذكره هنا : “نظام الملكية الفكرية يقع على النقيض من هذا التعريف (مال عمومي). انه يذهب أبعد من الاقصاء بإعطاء سلطة احادية للذين يتحكمون في المعرفة و الذي يؤدي غالبا لوقوع تعسف .”[26]
قائمة المراجع
-Antonella CORSANI, Maurizio LAZZAROTI, « Globalisation et propriété intellectuelle La fuite par la liberté dansl’invention du logiciel libre », disponible in : http://multitudes.samizdat.net/
-Marie-Alice CHARDEAUX, « Le Droit d’auteur et Internet : entre rupture et continuité », in Communication Commerce électronique n° 5, Mai 2011.
– Agnès GRANCHET, « Enseignement et droit d’auteur », in Communication Commerce électronique n°12, Décembre 2005.
– Moulier BOUTANG YANN,« Capitalisme et éducation, nouvelles frontières » , in Thomas LAMARCHE (sous direction), Capitalisme et éducation, Nouveaux Regards / Syllepses, Paris, 2006 .
-Nicolas GEORGES, « Le livre, La technologie et la réforme du droit d’auteur », in Le Débat, n 2016/1 n 188.
-François LEVEQUE, Yann MENIERE, Economie de la propriété intellectuelle, La Découverte, Paris, 2003 .
– Smiers JOST, « La propriété intellectuelle c’est le vol », Le Monde Diplomatique, Septembre 2001.
– Laure MARINO, Droit de la propriété intellectuelle , PUF, Paris,2013.
– Daniel MOATTI, Outils de communication et propriété intellectuelle, Ed. Tribord, Bruxelles. 2007.
– Issam NEDJAH, « La Crise de la propriété intellectuelle », Revue des Sciences Humaines, univ. Biskra, Algérie, N 20, Nov. 2010.
– Florence-Marie PIRIOU, [1] Marie-Alice CHARDEAUX, « La numérisation des livres sans autorisation constitue un délit de contrefaçon », in Communication Commerce électronique n° 5, Mai 2001.
– Frédéric POLLAUD-DULIAN, Le Droit d’auteur, 2ème édition, Economica, Paris, 2014.
-Joseph stiglitz Une communication présentée dans un séminaire « À qui appartient la science », organisé à Manchester le 05 juillet 2008, in Saez Catherine, « Le système de propriété intellectuelle freine la science et l’innovation selon les lauréats du prix Nobel », disponible in : http://www.ip- watch.org/weblog/index.php?p=1137
[1] Laure MARINO, Droit de la propriété intellectuelle ,PUF, Paris,2013, p.171
2 انظر شرح مفصل لتاريخ حق المؤلف و الحقوق المجاورة من خلال :
Frédéric POLLAUD-DULIAN, Le Droit d’auteur, 2ème édition, Economica, Paris, 2014, pp.15-111.
[3] Issam NEDJAH, « La Crise de la propriété intellectuelle », Revue des Sciences Humaines, univ. Biskra, Algérie, N 20, Nov. 2010, pp. 29-44.
[4] François LEVEQUE, Yann MENIERE, Economie de la propriété intellectuelle, La Découverte, Paris, 2003, pp.7-8.
[5] Idem.
[6] Issam NEDJAH, art-cit.
[7] Nicolas GEORGES, « Le livre, La technologie et la réforme du droit d’auteur », in Le Débat, n 2016/1 n 188, p16
[8] Issam NEDJAH, art–cit
[9] Agnès GRANCHET, « Enseignement et droit d’auteur », in Communication Commerce électronique n°12, Décembre 2005, p.2
[10] Ibid.
[11] Smiers JOST, « La propriété intellectuelle c’est le vol », Le Monde Diplomatique, Septembre 2001.
[12] Moulier BOUTANG YANN, « Capitalisme et éducation, nouvelles frontières », in Thomas LAMARCHE (sous direction), Capitalisme et éducation, Nouveaux regards / Syllepses, Paris, 2006 , pp-73-74.
[13] Marie-Alice CHARDEAUX, « Le Droit d’auteur et Internet : entre rupture et continuité », in Communication Commerce électronique n° 5, Mai 2011, p.4
[14] Idem.
“10 « Il est vrai qu’il y a entre les nouveaux moyens de communications et la propriété intellectuelle une contradiction à résoudre, mais la logique du système économique au sein duquel elle se développe ne peut permettre une résolution équitable. C’est la liberté de l’internaute qui est en cours de suppression et le profit du marchand (plus que l’auteur) qui est en voie de promotion, le tout mêlé à des objectifs sécuritaires. » Robert CHARVIN, « Préface », in Moatti Daniel, op-cit, pp. 12 -13
[16] Nicolas GEORGES, art-cit , p.16
[17] Ibidem, p. 18
[18] Idem.
[19] Ibidem, p. 19
[20] Marie-Alice CHARDEAUX, art-cit, p.5
[21] Florence-Marie PIRIOU, [21] Marie-Alice CHARDEAUX, « La numérisation des livres sans autorisation constitue un délit de contrefaçon », in Communication Commerce électronique n° 5, Mai 2001, p.1 et p .7
[22] Idem.
[23] Cf, Marie-Alice CHARDEAUX, art-cit, p.5
20 Antonella CORSANI, Maurizio LAZZAROTI, « Globalisation et propriété intellectuelle La fuite par la liberté dansl’invention du logiciel libre », disponible in : http://multitudes.samizdat.net/
21 Daniel MOATTI, Outils de communication et propriété intellectuelle, Ed. Tribord, Bruxelles,2007, p.63
[26] Pour le prix Nobel Joseph stiglitz : «…Le système de propriété intellectuelle se situe à l’inverse de cette définition (un bien public). Il va même plus loin dans l’exclusion en donnant un pouvoir monopolistique à ceux qui détiennent la connaissance, ce qui conduit souvent à des abus. », 31 Une communication présentée dans un séminaire « À qui appartient la science », organisé à Manchester le 05 juillet 2008. Cité par, Saez Catherine, « Le système de propriété intellectuelle freine la science et l’innovation selon les lauréats du prix Nobel », disponible in : http://www.ip- watch.org/weblog/index.php?p=1137