
مقال نشر بالعدد الثالث من مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية ص 41 من إعداد الدكتورة صبحية عودة زعرب / جامعة الزاوية – كلية الآداب والعلوم – صبراته
للاطلاع على كل العدد يرجى الضغط على غلاف المجلة:

ملخص
تطمح هذه الدراسة إلى الإفادة من إنجازات اللسانيات الحديثة من خلال منهج لساني مركب ، آخذين في الاعتبار الإفادة من معطيات الأسلوبية اعتبارا من أن اللغة أنساق إشارية دالة .
بنيت هذه الدراسة على أربعة محاور :
الأول – توزع مابين :التوصيف
..والعلاقة بين عناوين النصوص والموضوعات البانية لها .
وفيه وقفنا عند عناوين النصوص الشعرية ، والتراكيب اللسانية البانية للموضوعات ، وفي استقراء لتلك
العناوين لمسنا أن الشاعر استمد موضوعاته من عدة معاجم تنطوي على قضايا تخص فضاء له خصوصيته،
وقد أفصح المنهج الإحصائي عن هيمنة معجم المقاومة على الموضوعات الأخرى .
أما المحور الثاني – ( العنوان الرئيسي وعلاقته بالخبر الشعري )
ويتحدث عن الحوافز التأليفية والواقعية والجمالية التي يحظى بها عنوان الديوان ، حيث شكلت لفظة (غزة) النسق الأكبر للمجموعة الشعرية والذي يرتبط ارتباطا عضويا بالأنساق اللغوية الصغرى القائمة على صياغة الخبر وإخراجه .
المحور الثالث – الانزياح التصويري ومرايا النص في الخطاب الشعري .
وفيه يجنح الشاعر إلى مجموعة من الانزياحات التصويرية المتعددة عن طريق القرائن التشبيهية والاستعارية ،والكنائية ، والإراحة ، والنفي ، والتضاد ، والالتفات، والتراسل ، واللاوعي المتدفق في صراع داخلي ينم عن أزمة الحوار الفلسطيني / الفلسطيني ، والفلسطيني /الإسرائيلي ، لهذا انتقى الشاعر بنية إيقاعية تدل على الثبات والجمود وتتناسب مع الواقع الفلسطيني الآني .
كما أسقط الشاعر تجربته الإبداعية على مجموعة من الألوان المنتقاه ، وأصبغها بدلالات نفسية وسياسية في سياق شعري رامز ، حيث استأثر اللون الأحمر باهتمامه ،وما يثيره من قتل وحصار ووحشية ، وهي أجواء لا تبتعد كثيرا عما يعيشه الإنسان الفلسطيني في غزة .
أما المحور الرابع – ( تجليات التناص في الخطاب الشعري )
ويدرس أشكال التناص وعناصره المتعددة ، وقد وجدناها في التعالق الديني ، والأسطوري ، والموروث الشعري ، واستدعاء الشخصيات الرافضة للخضوع والاستسلام انسجاما مع عنوان الديوان ،ومقصدية الشاعر الأيديولوجية ، ومما يلفت الانتباه اهتمامه بالتناص الديني الذي يحمل قضايا تخص الصمود ، والانتماء . والهوية أملا في خروج الذات الفلسطينية من مأزقها .
مقدمة:
من واقع اهتمامنا بالمشهد الثقافي الليبي تبين لنا أن الشاعر الليبي لم يعد ذاتا غنائية معزولا عن العالم ، بل أصبح عنصرا فاعلا ومشاركا في أحداث تتجاوز الإقليمية الضيقة إلى آفاق واسعة تلامس قضايا مصيرية حية وآنية .
و تجربة الشاعر الليبي ( راشد الزبير السنوسي ) الإبداعية لا تخرج عن هذا الإطار ، حيث اهتم بشعب – الفلسطيني – ما زال يناضل من أجل حقه في الوجود على أرضه في الوقت الذي شهدت فيه القضية الفلسطينية نكوصا وتراجعا في المستويين العربي والعالمي .
من هنا شكل الهم الفلسطيني حافزا إبداعيا لشاعرنا في أكثر من موضع ،فصدر له ديوان ( رباعية حنظلة )، وديوان (وهج الانتفاضة ) ،ثم ديوان ( غزة هامة لا تنحني) . وهو المعني بالدراسة.
ولما كانت الكتابة الشعرية الحديثة تميل إلى الترميز والتكثيف فقد اخترنا منهجا لسانيا مركبا يسمح لنا بمحاورة النص واستنطاق جمالياته وبخاصة الأسلوبية حيث ” تقوم على دراسة النص في ذاته بوصفه رسالة لغوية قبل كل شيء، فتحاول تفحص نسيجه اللغوي ، وترمي إلى تمكين القارئ من إدراك انتظام خصائص الأسلوب الفي إدراكا نقديا مع الوعي بما تحققه تلك الخصائص من غايات وظائفية[1]. والتي من خلالها يمكننا إدراك الانسجام بين الأنساق اللغوية التي ارتكز عليها الشاعر وبين دلالتها على أرض الواقع.
يقول الباحث الفرنسي لوي التوسير : “النص الذي لا يلتفت إلى سياقه تشج رأسه دون أن يدري ” [2]
ونصوص ديوان ( غزة هامة لا تنحني ) [3] لا تخرج عن هذا الإطار حيث ارتبط السياق في الخطاب الشعري بقضايا التأويل والدلالة التي يوفرها السياق .
لأن القصيدة لا تستمد ثراءها من لغتها فحسب بل من بنيتها وما تولده من انزياحات تركيبية وتصويرية وإيقاعية . وهنا لا بد من الإشارة إلى أن هذه الدراسة ستقف عند أهم الأنساق اللغوية المشكلة للنسق الأكبر وعلاقة الجزء بالكل في ديوان غزة هامة لا تنحني . الأمر الذي يثير عدة تساؤلات : كيف وظف الشاعر البنيات اللسانية لإقناع القارئ برسالته ؟ ومن أين استقى معلوماته ؟ وهل اختزلت فلسطين في مدينة غزة ؟ وهل ينتمي هذا النوع من الشعر إلى أدب الحروب ؟
للإجابة على هذه التساؤلات وقفت هذه الدراسة عند أهم المحاور الفنية والدلالية التي تكشف عن الأنساق اللغوية وكيفية توظيفها لخدمة السياق المطلوب في الخطاب الشعري للديوان ، وقد توزعت هذه الدراسة على ثلاثة محاور :
أخذ المحور الأول : التوصيف والعلاقة بين عناوين النصوص والموضوعات البانية لها
وتناول المحور الثاني : العنوان الرئيسي وعلاقته بالخبر الشعري
وقدم المحور الثالث : الانزياح التصويري ومرايا النص في الخطاب الشعري
أما المحور الرابع فيتحدث عن : تجليات التناص في الخطاب الشعري
إلى جانب خاتمة فمصادر البحث ومراجعه .
المحور الأول – التوصيف :
يتألف ديوان (غزة هامة لا تنحني ) من اثنتي عشرة قصيدة ، تقع في ستين صفحة من النوع المتوسط ، توزعت ما بين القصيدة ذات الشطرين ، والقصيدة ذات الشطر الواحد . وهي على النحو التالي :
- غزة جرح في الخاصرة
- هذه غزة
- يا أرض غزة
1- هي الحرب
2- القمة
3- أقم صلاتك
4- ستطردون
5- الطالع
6- القضية
7- بكم استعز الراعشون
8- عباد العجل
9- حديث الزيتونة
لا يخفى على القارئ البصير إدراك البنية الدلالية المتوارية خلف الصيغة اللسانية المباشرة حيث أفصح كل عنوان من عناوين النصوص عن البنية المحركة للخطاب الشعري والتي ترتبط في مجملها بالعنوان الرئيسي .
وهو النسق الأكبر الذي تتبرعم حوله الأنساق اللغوية الأخرى الصغرى
-العلاقة بين عناوين النصوص الشعرية والموضوعات البانية لها :
انتقى الشاعر وحدات لسانية مأزومة لعناوين نصوصه ، تثير الجدل مما يدل على مقصدية الشاعر ومراميه الأيديولوجية . وهنا تظهر أهمية التراكيب النحوية اللسانية للعناوين وموضوعاتها المتصارعة والتي تنصهر كلها في بوتقة العنوان الرئيس للديوان .
وفي استقراء لعناوين النصوص السابقة نلمس أن الشاعر استمد موضوعاته من عدة معاجم أهمها :
أولا – معجم الحرب :
برزت مصطلحات هذا المعجم في الألفاظ : ( المجرم –الصواريخ – الدم – أشلاء – المدافع – الطلقات – الجمر ).
ظهرت هذه الألفاظ واضحة وجلية في القصائد التالية :
1- غزة جرح في الخاصرة ص : 13
2- هذه غزة ص : 17
3- يا أرض غزة ص : 22
1- هي الحرب ص : 25
2- بكم استعز الراعشون ص : 49
ثانيا – معجم الإعلام :
وردت مصطلحات هذا المعجم في الألفاظ الآتية : ( الزيف –الدعاية – التصفية – السلعة – الشتات – الزعامات – الإذاعات )
نهضت هذه الألفاظ في قصيدة :
1- القضية ، ص : 45 ، 46 ، 48
2- القمة ، ص : 29
ثالثا – معجم المقاومة :
نستدل على مصطلحات هذا المعجم في الألفاظ : ( الكفاح – الثورة – الرياح – قسام يا قسام – الشهادة – الإرادة – الطموح – النيران – التصدي – الجحيم – الأمل – الوعد )
توجد هذه الألفاظ في القصائد التالية :
1- هذه غزة ص : 17 ، 20
2- يا أرض غزة ص : 21
3- أقم صلاتك ص : 35
4- الطالع ص : 41
5- القضية ص : 45
6- حديث الزيتونة ص : 55
بالنظر إلى التراكيب اللسانية لمصطلحات المعاجم السابقة يمكننا تسجيل الملاحظات التالية :
- اعتمد الشاعر تقنية الإيجاز والجمل الاسمية الدالة على الثبات والجمود ، وابتعد عن الجمل الفعلية الدالة على الحركة والتغيير .
- اخنزنت الموضوعات جملة من الانزياحات التي تتلاءم مع المحمول اللفظي للسياق وبخاصة إسناد وحدات لفظية بعينها تختلف دلالتها باختلاف التراكيب النحوية البانية للجملة من حيث التقديم والتأخير ، والحذف ، والمزاوجة بين الخبر والإنشاء ، وتقنية الالتفات والانتقال من صيغة إلى أخرى بين الضمائر الدالة على القهر وهي الاكثر حضورا وبين الضمائر الدالة على المقهور .
- -كشف المنهج الأسلوبي الإحصائي على غلبة معجم المقاومة بالنظر إلى المعاجم الأخرى وحتى لا تكون دراستنا ضربا من التنظير لا بد من الوقوف أمام سيميائية عنونة الديوان وعلاقته بالخبر الشعري
المحور الثاني -العنوان الرئيسي وعلاقتهبالخبر الشعري –
ونعني النسق الأكبر الذي يمثل عنوان الديوان وعلاقته بالأنساق الصغرى التي تمثل وحدات الخبر في الخطاب الشعري حيث نهض العنوان على بنية النفي – غزة هامة لا تنحني – منذ البداية ليس في الملفوظ اللساني المباشر فحسب ,وإنما في حزمة الانزياحات التي تتضمنه . فالنفي يفيد امتناع تحقيق الخبروحدوثه حيث انفتح على سيل من الصفات المتجذرة في ذاكرة القارئ عن الفضاء المعني عبر العصور المتتالية .
وبذلك لعبت الصفة دورا هاما في التركيب اللساني على مستوى المفردة الدالة ونقيضها ، فالانحناء من عدمه يرتبط بالاحتلال والتخلص منه .
وبذلك لم يكن اختيار الشاعر للعنوان ترفا أو صدفة ، وإنما كان لضرورة فنية فرضتها ثقافته وانتماءاته الفكرية والسياسية والدينية . إن أروع ما في العنوان اعتماده بنية النفي لفعل له دلالته ،وكأن العنوان يوحي بوجود ذاتين : الأولى تستجيب لفعل الانحناء والإذعان لمطالب الآخر . والثانية تنفرد وتتميز عن بني جلدتها بعدم الانحنا ء وقبول شروط الآخر.
وعلى ا الأساس، يقوم العنوان على التفرد والاختلاف ونفي التشابه ليتأسس منذ البداية على البنية التضادية الثنائية التي تثير الكثير من الغرابة والدهشة . وتطرح جملة من التساؤلات التي يصعب علينا الخوض في تفاصيلها. دون اطلاعنا على مقومات هذا التفرد والاختلاف .
لقد أسقط الشاعر حرب غزة الأخيرة على تجربته الفنية ليبث من خلالها آماله وآلامه ورؤاه تجاه قضايا حساسة وشائكة يصعب الحديث عنها مباشرة . الأمر الذي يثير لدينا عدة تساؤلات :
ما علاقة الشاعر بغزة ؟ وماذا يستطيع صاحب القلم أن يقدم لهذا الفضاء الجغرافي المحدود ؟ وما أهمية مدينة غزة ؟ ولماذا انسحب الجيش الإسرائيلي من غزة دون أن ينسحب من الضفة الغربية ؟ وما علاقة غزة بفلسطين ؟
تساؤلات تضع القارئ في كومة من التشويش والإرباك دون أن يصل إلى إجابة شافية ومانعة . ولكن قبل الإجابة على هذه التساؤلات نرى من المفيد أن نقدم نبذة مختصرة عن مدينة غزة الفلسطينية لعل القارئ يستشف منها ما يجهله عن هذه المدينة .
هي مدينة عريقة ، تقع جنوب فلسطين ، يسكنها قرابة المليوني نسمة في مساحة تبلغ 350000كيلو متر مربع وهي الأعلى نسبة كثافة سكانية في العالم .
عرفت بغزة هاشم نسبة إلى جد الرسول عليه الصلاة والسلام الذي دفن فيها . وأصل الكلمة يعود إلى جذور فينيقية ،وتعني القوة والمناعة ، وقال عنها ياقوت الحموي في معجم البلدان ( اغتز فلان فلان ) أي اختصه من بين أصدقائه . إلا أن الاسم الغالب عليها ( غزة هاشم ) . وقد تطلق على من يأخذ بثأره . وكأن العنوان يحمل لافته إشارية بخصوصية هذا الفضاء وأهميته . أما وظيفة الإسناد التوصيفي فتكمن في الانزياح الدلالي لكلمة ( هامة ) وفي لسان العرب تعني الرأس ، فيقال فلان هامة القوم ، أي سيدهم ورئيسهم .
وهذا يدفعنا إلى القول ، إن آلية الاستدعاء لفضاء غزة يقوم على الانزياح التصويري الدلالي من خلال التجسيد والتشخيص أي إظهار المعنوي في صورة الحسي ،حيث جعل غزة إنسانا شامخا مرفوع الرأس نافيا عنه الانحناء والمذلة للدلالة على الأنفة والكبرياء .وهو انرياح استعاري حيث شبه غزة بالإنسان فحذف المشبه وذكر أحد لوازمه وهو ( الهامة ) ليؤدي وظيفة الاستعارة المكنية ، وهنا يسقط الشاعر محور التأليف على محور الاختيار ، ليعلن بأن الشعب الفلسطيني في غزة لا يمكن أن تنحني له جبهة ، ولايمكن أن يعيش ذليلا لأنه أجبر سلطات الاحتلال الإسرائيلي على الرحيل من غزة عندما اختار اتجاه المقاومة.
وعلى هذا الأساس ” فشهرة الصيغة الاستدعائية المستخدمة سواء كانت اسما مباشرا أو لقبا أو كنية وتوافقها الفني مع وحدات السياق هي الخطوة الأولى على طريق نجاح أي توظيف فني “[4].
وهنا نستطيع القول ، إن البنيات الكبرى والصغرى تتمازج وتتواشج في سياقات مختلفة من خلال بنية التشخيص إيمانا من أن ” الوظيفة الأساسية للتشخيص تعين الشاعر على أن يسقط آلامه وآماله على ما حوله من مظاهر الطبيعة بفصولها ، فالشاعر عامة ينطلق من ذاته ، وينتقي مما حوله ما يعزز هذه الذات وما يؤكد إحساساتها ، ومن هنا يكون التشخيص صورة للآمال والمخاوف والأحزان منعكسة على الأشياء والأحياء في هذا الكون “[5].
يتضح ذلك جليا في الحوافز الجمالية والتأليفية والواقعية التي يحظى بها العنوان ، والتي نفك بها شفرة التركيب الانزياحي الذي يتضمنه ، حيث شكلت كلمة ( غزة ) النسق الأكبرلمجموعة من الأنساق الصغرى التي تبرعمت على جسد المجموعة الشعرية ، ولكي تتضح الأمور بصورة جلية سنعرض المشاهد الشعرية التي تفسر لنا فكرة العنوان وهي على النحو التالي :
1- غزة صحوة شعب عريق يغلَ مراثيه قيد المعابر
2- غزة صوت إذا ما علا صداه يجول بكل المنابر
3- غزة خط الدفاع الأخير عن القدس يجمر في صدر ثائر
-4 غزة لو خطفوا حلمها ستسقط إذاك كل الحواجز
5- غزة لن يخنقوا فجرها ولن ينزلوه ظلال المقابر
6- هذه غزة لها كل يوم باذل كفه ندى وانشراح
7- عزوس تزف في موكب المجد عليها من الدماء وشاح
8- يا أرض غزة قد كساك البذل ثوب الأرجوان
9- وفوق غزة من بين الركام صحا فجر قدمي على اسم الله صعدا
10- غزة طلقة يحفظ سرها المجاهدون
11- لا تنحني ذليلة ولن يلفها السكون
12- يشمخ في غزة مرهوبا
13- لم تحن غزة هامة أبدا
14- أنا هذه الزيتونة
المحور الثالث – الانزياح التصويري ومرايا النص :
ونعني أن الألفاظ عندما تخرج عن نمطها العادي المألوف تدخل في مجال الانزياح ،وهذا النوع من الانزياح يستند على الصور البيانية بأشكالها المختلفة موضحا علاقتها بالمرجعي . وبالرجوع إلى تمفصلات الصور البيانية نجد أن مخيال الشاعر استثمر الانزياح التصويري في سياقات متنوعة ، حيث كان التشبيه البليغ هوالأكثر دلالة في المجموعة الشعرية ، وقد عده البلاغيون أعلى مراتب التشبيه ، وتفنن الشاعر في بناء الصورة الشبهية واستنهاضها في صور الحواس مثل : الصورة السمعية ( غزة صوت ، صحوة ، غزة طلقة ) ، والصورة البصرية ( هذه غزة ، عروس تزف ، لا تنحني ، هامة ) والصورة اللمسية ( باذل كفه ندى ، لن يخنقوا فجرها ، لن يلفها السكون ) .
وإذا تأملنا الصور الشعرية السابقة فسنجدها ترتبط بالصورة الشبهية الكبرى للعنوان وتكشف عن محتواه حيث يتحرك المخيال التشخيصي فيبث الحياة الإنسانية في المهاد الجغرافي فتطل علينا مدينة غزة في صورة إنسان شامخ عظيم الشأن تحت سلطة الانزياح الكنائي عن طريق تجسيد المعنويات فنقرأ مثلا : هذه غزة لها كل يوم باذل كفه ندى وانشراح ، عروس تزف في موكب المجد ، كسااك البذل ثوب الأرجوان) وإذا تأملنا الأنساق اللسانية السابقة نلمس أن المشاهد الشعرية السابقة قامت على التشخيص ، فالباذل هو الشخص كثير العطاء والسخاء لكن الشاعر أنسن المكان وجعله مترعا بالحياة والحب والجمال ، وفي موضع آخر للتشخيص تبرز الصورة الكنائية في ( كساك ثوب الأرجوان ) فكلمة الأرجوان تعني الثوب الأحمر الذي لا يلبسه إلا ذوي المقام الرفيع العالي والملابس لا تستخدم إلا للإنسان لكن الأنساق اللغوية انزاحت عن المعنى المألوف إلى المجازي في تشبيه غزة وهي تلبس أحلى حلة لها بالعروس التي تتمظهر في صورة تسحر الناظرين بجمالها ،فالقرائن الكنائية تشي بعروس لا يحظى بها إلا النبلاء والأخيار, وبقراءة تأويلية لكلمة (عروس) هنا نجدها تتجاوز معناها المعجمي إلى الدلالي، إنها عروس من نوع خاص، مهرها الشهداء والدم وفراق الأحبة والأعزاء إنها ( الوطن.). ولعلك تلاحظ تآزر اللون الصريح ( الأحمر ) والضمني (الأرجوان ) كي يعطيا اللوحة الشعرية لونها الغالب عليها والذي يؤدي الغرض المطلوب . . فنقرأ :
“عروس تزف في موكب المجد عليها من الدماء وشاح [6].
وفي موضع آخر يصرح الشاعر قائلا:
يا أرض غزة قد كساك البذل ثوب الأرجوان ” [7].
يساهم اللون الأحمر في تعزيز بنية التضاد ما بين إيحاءاته الرامزة إلى البهجة والأفراح ، وما بين الوحشية والدماء لا سيما إذا ورد في إطار الصورة التشبيهية أو الصورة الاستعارية أو الصورة الكنائية التي تتضمنها صيغة الانزياح اللغوي.
وتتوالى الانزياحات فنقرأ : غزة جرح في الخاصرة . وهي صورة كنائية عن الشعور بالهزيمة والانكسار مما يشي بصورة عكسية لمفاخر غزة التي استرسل الشاعر في تعددها من قبل، بيد أن تجاوز هذه الحالة يظل قائما ، ويرتبط بحضور مقومات هذا التجاوز. إن الشاعر يريد أن يقول إن الانحنإء والذل والمهانة لايكون إلا في عهد الاحتلال. وعدم الانحناء ولوازمه لا يكون إلا بالتحرر من الاحتلال .
بهذا المعنى يبني الشاعر مجموعته الشعرية على بنية ثنائية تضادية تخنزل المشاهد الفنية السابقة في الصراع بين الحرب \ والسلام ، الجمال \ والقبح ، والموت \ الحياة.
وهكذا منح التشخيص الاستعاري لكل من العنوان الذي يمثل النسق الأكبر واستهلالات النصوص السابقة التي تمثل الأنساق الصغرى والحياة الإنسانية الكريمة.
ولا يغيب عن ذهن الشاعر أن يلفت الانتباه إلى تمفصلات اختيارهذا الفضاء والإشارة إليه في قوله :
“هي الحرب قد سعروا نارها لتخنق أحلام شعب أثيرة ” [8]
“فقتل النساء وذبح الشيوخ تثير بهم شهوات أسيرة ” [9]
“لماذا تباغثنا الحرب دوما ونبقى الضحايا ؟ ” [10]
“ويمضي الأعزاء من بيننا يحصدون الرزايا” [11]
“لماذا نكون الضعاف الأذلاء تحبطنا سقطات النوايا ؟” [12]
لا يخال على القارئ البصير إدراك الحس المأساوي في المقاطع الشعرية السابقة ،واختيار إيقاعا موسيقيا يتناسب مع الواقع على أرض غزة ،وهو حرف الألف الممدودة الساكنه لنفث الآهات الواحدة تلو الأخرى من ناحية، وملاءمة السكون الذي يترك في النفس أحيانا إحساسا بالتراخي والافتقار إلى الفاعلين ، ويشي بالانحباس والتفجير معا من ناحية أخرى ، وكأنه يوحي ببنية التضاد التي اعتمدها الشاعر بين الانحباس \ والتحرر .
هذا ويكثر الشاعر من الوحدة الطلبية الآمرة التي تحث المخاطب على التنبيه واليقظة والاهتمام بموضوع الكلام، والتي يعقبها النداء الدال على التنبيه، ثم يسأل وينادي ويأمر بصيغة استفهامية تنم عن توتره وقلقله ،معززا إيقاع السكون الثابت ليكون رويا ينسجم مع تأوهه وتوجعه من العملاء والفاسدين محذرا ومتوعدا كما في قوله :
“ابصق على النذل الجبان واقذف به في اللامكان “[13]( 1)
“ابرأ من المتعاونيين الراكعيين بكل آيه”( 2)
“البائعين ضمائرهم لعدوهم بيع الهوان “( 3)
“فاقتل وحطم كل قائمة في أرضنا واستجلب الهلعا”( 4)
“واطلق جنونك من معاقله وتعقب الحلم الذي طلعا “( 5)
“ياأيها الشرفاء الذين تمنوا الشهاده”( 6)
“خذوا حذركم وانفروا في ثبات”( 7)
هكذا يضع الشاعر أمامه أهدافا إنسانية سامية يعبر من خلالها بالصورة البيانية والتكرار، والتقديم والتأخير ،والتضاد، والضمائر ،والألوان استنادا إلى دور الكلمة الشعرية الفاعلة والمؤثرة في خلق عالم أكثر عدالة .
وهذا يدفعنا إلى القول ” إن الميزة الكبرى للمبدع على غيره من الناس عندما يتعسه شيء ويصيبه بالبؤس والشقاء، يستطيع أن يضع الأمر كله في نص إبداعي يحصل على قسط مدهش من الراحة والهدوء ” ( 8)
وفي اعتقادنا أن الشاعر لم يستطع التخلص من أجواء اليأس والقنوط والقلق الذي يشعر به تجاه القضايا التي يطرحها، ولا يجد حرجا في الإفصاح عن عجزه لحلها ، يتضح ذلك جليا في تمفصل لازمة يفتتح بها النص الشعري، وتتكرر في أكثر من نص، وتمثل الوحدة الفاعلة في المشهد الشعري والمتحكمة في بنيته .
وهي عبارة : ” لا جديد لدي لأعلنه الآن ما بينكم ” في ظل هذا القول تتعزز دلالات السكون والثبات المرتبطة باليأس كونها أسماء وليست أفعال تفتقر إلى الفاعلين ، وبخاصة حينما يربط الشاعر المكان بالزمان في اللفظة الدالة (الآن ) على اللحظة الحاضرة الآنية التي تعيشها غزة اليوم لتشتد وطأته على الإنسان الفلسطيني ،ويظل محاصرا ومقموعا ،وتظل القضية الفلسطينية بعيدا عن الاهتمام والأنظار، وهي الصورة الواقعية للحياة اليومية بقسوتها في الزمان والمكان معا .
المحور الرابع – تجليات التناص في الخطاب الشعري :
يندرج في هذا الإطار التفاعل والتعالق بين النص الشعري والموروث الثقافي ،وقد اتخذ أشكالا متعددة وجدناها في التعالق الديني والأسطوري والموروث الشعبي والشعر العربي القديم ،مجسدا في صورة بيانية إيحائية رامزة من خلال قصيدة حديث الزيتونة : “قالت إذا شظيتني مزعا وأبحت أوردتي لمن رضعا ستظل هذي الأرض حاضنتي وأثير في أحلامك الفزعا
أنا هذه الزيتونة اختزنت تاريخ من ضحى ومن زرعا
في جذري انغرست مطامحهم وبأذرعي غطيت من هجعا ” .[14]
جمع الشاعر بين ثبوت الزيتونة ورسوخها وبين تجذرالإنسان الفلسطيني على أرضه وعقد الصلة بين المشبه ( الذات ) وبين المشبه به ( الزيتونة ) ولم يذكر وجه الشبه علنا وإنما جعله ضمنا يستنتجه القارئ وقد ألمح لهذا الجامع في قوله :
إذا شظيتني – ستظل هذي الأرض حاضنتي – اختزنت تاريخ – في جذري مطامحهم . أي أنها راسخة وثابتة مهما تعرضت له من مؤامرات ، وحصار ، وقتل وضرب…إلخ .
فشجرة الزيتون ثالوث الحب والعطاء والخير ، وكما تنبت الأرض شجرة الزيتون تنبت المرأة طفلها . فهي تشترك مع المرأة في العطاء والإنتاج ، وبهذايكون الإنسان الفلسطيني متوحدا بالزيتونة في جسد واحد تشاطره السعادة والشقاء وتتماثل معه في مواجهة ظلم الاحتلال لتصبح الحاضنة والحامية والملجأ ، وتختزن التاريخ والحزن والأحلام والطموح والصبر .
تقول إحدى الأساطير عن شجرة الزيتون أنه عندما توفي الرسول عليه السلام خلاصتها أنه سمع دوي هائل بين الأشجار وتبين أنه صادر من أشجار الزيتون التي انفجر قلبها ويبس من شدة الحزن على وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام. ومن الفلكلور أن الحمامة عادت إلى سيدنا نوح بغصن الزيتون فأصبح رمزا للسلام والسعادة . كما ذكرت التوراة من الفلكلور أيضا ” أن مؤتمرا انعقد في فلسطين للأشجار فاعترفت نباتات فلسطين كلها بسيادة شجرة الزيتون ” [15].
وتظل الدلالة الأساسية لشجرة الزيتون هي الصمود والأصالة والسلام والارتباط بالأرض لقد استثمر الشاعرهذه الدلالات التي تضاهي وجود الإنسان الفلسطيني وهويته على أرضه, وبنى عليها الخطاب الشعري فنيا، فأنسن شجرة الزيتون وجعلها ذاتا ناطقة بدءا بالعنوان . في عبارة ( حديث الزيتونة ) .
يتجلى ذلك في الحضور المكثف لفعل القول المحرك لسيرورة الأنا ، لذا تتمركز الأنا وتأخذ على عاتقها زمام الحديث بضمير المتكلم عن طريق سيل من التداعي الحر في حوار مونولوجي من طرف واحد ، تعرف عن نفسها بنفسها، وتحاور نفسها بنفسها دون أن تجد طرفا آخر يستمع إليها ، مما يفاقم من أزمة الأنا وتوترها لتلوك معاناتها وحيدة دون أثر يذكر،
وهو ما يدل دلالة واضحة على أزمة الحوار الفلسطيني \ الفلسطيني من ناحية ، والفلسطيني \ الإسرائيلي من ناحية أخرى . ولكن ما يلفت الانتباه استخدام اسم الإشارة بعد ضمير الأنا للإشارة إلى انتقاء زيتونة محددة بعينها دون غيرها ،( أنا هذه الزيتونة ) مما يجعل التوتر والقلق ركيزة الأنا الأولى في الخطاب الشعري ، لهذا نجدها تأمر وتسأل بنبرة انفعالية وفوقية حادة منتقلة من مرحلة التعريف إلى مرحلة التكليف باستخدام جملة من الأفعال الحركية الدالة على تنامي الصراع وتوتره : 0( اقتل ، وحطم ، واستجلب ، وأطلق، وتعقب، شق ، طارد ) .
نجد هنا غلبة أسلوب الخطاب المفرد وكأن كل قارئ لهذه القصيدة يتصور أن الخطاب موجه إليه، أو أن الذات أدركت عقم الحوار الذاتي فتخرج من عزلتها لتوجه خطابها إلى الآخرين، وهي تقنية فنية هادفة تجعل مقصدية الشاعر أكثر وضوحا وبلاغة في أقصر مسافة . ولعل المقام هنا يستدعي كثرة الأفعال الحركية الآمرة المنوطة بالغضب والانفعال وسط استسلام الناس ، ويأس الزيتونة من الذين رضوا بحياة الذل والهوان وتراخوا عن فعل المقاومة .
من هذا المنطلق جعلت الزيتونة طلب الحرية والتحرر وعدم الانحناء للآخر مشروطا بمقوماته وعى رأسها (المقاومة) ،وهي رسالة واضحة يعبر عنها الشاعر في قوله :
“والضوء إن هبت مواكبه شق الجدار وطارد البدعا” .
ولما كان التناص نسيجا من الإحالات السابقة والمعاصرة فإننا نميل إلى المتعاليات النصية التي عرفها (جيرار جينييت) ما يجعل النص في علاقة ظاهرة أو خفية مع نصوص أخرى . يتمثل هذا المعنى في إحالة البيت السابق وتعالقه مع بيت الشاعر أبي تمام وقوله :
“السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب “
أهم ما نلاحظه في بنية التناص أنه يقوم على تناص التخالف والتآلف معا بين الماضي والحاضر، فإذا كان أبو تمام يشيد بالقوة والسخرية من كلام المنجمين لحسم الصراع بين العرب والروم ، فإن شاعرنا أيضا جعل المقاومة هي الفيصل بين الحقيقة وزيف المزاعم الإسرائيلية لحسم الصراع الفلسطيني \ الإسرائيلي وقد جعل الانتصار مشروطا بالإرادة والإيمان بالنصر، لذلك جاء المتناص الشعري في تفاعله بصورة واضحة في لفظة ( البدعا)، كما يتفاعل البيت اللاحق بالبيت السابق في تناص المفارقة ،واستجابة المعتصم بالله لنداء امرأة عربية لطمها أحد جنود الروم في الماضي ، في الوقت الذي يناضل فيه الشعب الفلسطيني الاحتلال الإسرائيلي وحيدا في الحاضر . مما يدل على أن أهمية التناص تكمن في الإيحاء والترميز التي تقوم عليها العلاقة بين الدلالات الحاضرة ،وتتمثل في الاحتلال الإسرائيلي، والدلالات الغائبة المتمثلة في احتلال الروم لبلاد الشام وقصيدة فتح عمورية لأبي تمام ، وقد جاء التفاعل في اقتباس البيت الأخير من قصيدة حديث الزيتونة والكلمة الأخيرة من الشطر الثاني للبيت ، ومن المعنى الدلالي الذي تضمنه المتناص الشعري في مشهد وصياغة فنية جديدة تتقاطع معه لغويا ودلاليا تحيل مباشرة إلى قصيدة أبي تمام وأحداثها وفق سياق جديد ينسجم مع الأحداث الجارية على أرض فلسطين وبخاصة مدينة غزة ، وينم عن نقد لاذع للوضع الراهن . إن التفاعل مع الموروث والمعاصر الشعري منح تجربة شاعرنا تجديدا وإثراء عبر قراءة حداثية ومتطورة له، ومع إيماننا بخصوصية كل نص من النصوص والأرضية التي يوفرها السياق فقد لاحظنا أن تناص الموروث كان أكثر هيمنة على الخطاب الشعري السنوسي .
وهكذا ارتكز التناص على البناء الداخلي والخارجي لبيت أبي تمام ، واتسع في دلالته ليستوعب الماضي والحاضر معا بدءا بالعنوان . وليس من قبيل الصدفة أن يتناص شاعرنا أيضا مع قصيدة الشاعر أمل دنقل (كلمات سبارتاكوس الأخيرة) مخاطبا القيصر في قوله :”وجبهتي بالموت محنية لأنني لم أحنها حية”
لك أن تقارن التعالق بين هذا البيت وبين عنوان الديوان ( غزة هامة لا تنحني ) وبخاصة دلالة الانحناء التي تثير الكثير من التساؤلات حول ارتباط السنوسي فكريا ووجدانيا وفنيا بشعراء الثورة والرفض والتمرد على الواقع سواء في الماضي أوالحاضر بما ينسجم مع موقفه الرافض للاستسلام والخنوع، وهي في مجملها تلقي بظلالها على الواقع العربي بعامة والفلسطيني بخاصة للخروج من سكونية الموقف الحالي واستنهاض الهمم للخروج منه.
.نستخلص مما سبق أن التفاعل النصي بإيقاعه المتكرر شكل لازمة منتظمة تبرعمت على جل نصوص الخطاب الشعري، وهي البنية المحورية الكبرى التي تمحورت حولها تمفصلات البنيات الصغرى الأخرى في موضوعات المتن الشعري، ليفصح لنا كل موضوع عن حكايته التي ارتبطت ارتباطا عضويا بالعنوان، وفسرت لنا الكثير من مجاهله. لذلك سيظل التناص منفتحا على القراءات الجديدة والتأويلات المتعددة، ومادة ثرية لكشف جماليات الصيغة اللسانية والانزياحات اللغوية المشفرة . لإزاحة الستار عن القضايا الشائكة و الحقيقة المطموسة .
الخاتمة :
في ختام هذه الدراسة يمكن استخلاص النقاط التالية:
1- انتقت الدراسة محاور بعينها دون سواها لدورها الفاعل في الكشف عن صياغة الأنساق اللغوية التركيبية والانزياحية ، لذلك استأثر محور العلاقة بين عناوين النصوص الشعرية والموضوعات البانية لها باهتمام الشاعر ، حيث ارتبط كل موضوع بحكايته ارتباطا عضويا بالعنوان الرئيسي ، وفسر لنا الكثير من مجاهله . ومثله التشخيص والتجسيد والتأويل والترميز واللون ، للكشف عن قضايا إنسانية حية وآنية تخص الهوية والوطن والانتماء .
2- منح الانزياح الاستعاري النسق الأكبر ، والأنساق الصغرى البحث عن تجاوز الشعور بالهزيمة والانكسار معززا رؤيته بإيقاع السكون والثبات ليكون رويا ينسجم مع تأوهه وتوجعه ، والافتقار إلى الفاعلين.
3- التفاعل مع الشعر الموروث والمعاصر منح تجربة الشاعر إثراء وتجديدا عبر قراءة جديدة ومتطورة ، وقد لاحظنا أن تناص الموروث هو الأكثر حضورا في الخطاب الشعري . لذا سيظل التناص مادة ثرية لكشف جماليات الصيغة اللسانية والانزياحات اللغوية المشفرة لإزالة الستار عن القضايا الشائكة ، والحقيقة المطموسة .
4- محاولة الشاعر رسم صورة مثالية لفصيل فلسطيني بعينه لم يكن صدفة ، وإنما لضرورة فنية فرضتها عليه ثقافته وانتماءاته الفكرية والسياسية والدينبة ، لذلك أكثر من النبرة الطلبية الآمرة ذات الصبغة الخطابية العقلانية التي تحث على النصح واليقظة، والتمسك بالمقاومة بالرغم من عدم الاستعداد لمقوماتها ، وهي رؤية خطابية نمطية ظل الشاعر أسيرها .
5- لم يستطع الشاعر التخلص من أجواء اليأس والقنوط الذي يشعر به تجاه القضايا التي يطرحها، ولم يجد حرجا في الإفصاح عن عجزه، تجلى ذلك في الحوار الداخلي ، والتكرار ، والتقديم والتأخير ، والتضاد ومجموعة من الأساليب الفنية التي تشي بالقهر والاضطهاد والصمت والتواطؤ .
6- استطاع الشاعر راشد الزبير السنوسي اختراق المسافات والقارات ليسلط الضوء على الحرب الإسرائيلية على مدينة غزة في خطاب شعري متميز قل من يتعرض لها.
مصادر البحث ومراجعه.
أولا- المصادر :
1- راشد الزبير السنوسي : غزة هامة لا تنحني ، ط 2 ،بنغازي ،المؤسسة العامة للثقافة ، 2009م
ثانيا –المراجع :
1- أحمد مجاهد : أشكال التناص الشعري ، القاهرة ، الهيئة المصرية العامة ، 1998م
2- عبدالله السمطي : تجليات الشعرية ،مجلة فصول المصرية ، مج12 ، ع2، 1992م
3- علي جعفر الحلاق : الدلالة المرئية ، مجلة فصول المصرية ، مج15،ع3، 1996م
4- فرحان بدري حربي : الأسلوبية في النقد العربي الحديث ، بيروت ، المؤسسة الجامعية ،2003م
5- فيحاء عبد الهادي : نماذج المرأة البطل في الرواية الفلسطينية ، القاهرة ، الهيئة المصرية العامة، 1997م
6- وجدان عبد الإله الصايغ : الصورة البيانية في النص النسائي الإماراتي ، القاهرة ، الدار المصرية اللبنانية،1998 م
فرحان بدري الحربي : الأسلوبية في النقد العربي الحديث ، بيروت ، المؤسسة الجامعية ،2003م ، 15 [1]
دراج : ذاكرة المغلوبين في الخطاب الثقافي الفلسطيني ، الدار البيضاء ،المركز الثقافي العربي ، 2002م،117 [2]
[3] راشد الزبير السنوسي : غزة هامة لا تنحني ، ط 3، بنغازي ،المؤسسة العامة للثقافة ،2009م
[4] أحمد مجاهد:أشكال التناص الشعري ، القاهرة ،الهيئة المصرية العامة ، 1998م،ص:388
وجدان عبد الإله الصايغ : الصورة البيانية في النص النسائي الإماراتي ،القاهرة ،الدار المصرية اللبنانية ، 1998م،ص: 39 [5]
2-ص.ن
3-ص.ن
4-الديوان:ص: 56 5-ص.ن 6-الديوان:45 7-ص.ن 8- وجدان عبد الإله الصايغ :مرجع سابق ،ص:36 [13] الديوان:ص 55 [14][15] نقلا عن فيحاء عبد الهادي : نماذج المرأة البطل في الرواية الفلسطينية ، القاهرة ،الهيئة المصرية العامة ، 1997م ، ص: 45