حكم إذن الولي الذكر في عقد الزواج في الشريعة الاسلامية والقانون(دراسة مقارنة)
Provision for The Authorization of The Male Guardian in The Marriage Contract in Islamic Sharia and Law (Comparative Study)
د. معاني عثمان محمد أحمد (باحثة في علوم الشريعة والقانون)
Dr. Maani Osman Mohamed Ahmed (Researcher in Islamic Sharia and Law)
مقال منشور في مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة العدد 47 الصفحة 11.
مستخلص:يناقش هذا البحث حكم إذن الولي الذكر في عقد الزواج، وحال وحكم زواج المرأة بغير ولاية الولي الذكر، وولاية الذكر هل هي ركن أم شرط، كما يلقي الضوء على الولي الذكر نفسه ودرجته بالنسبة للمرأة، وأقوال الفقهاء التي تعددت واختلفت في حكم ولاية الولي الذكر وآثرها على صحة الزواج، والذي أنتج بدوره اختلاف في قوانين وتشريعات الأحوال الشخصية العربية في حكم الزواج بولاية الذكر وبغير هذه الولاية.
Abstract: –
This research discusses the statement the Authorization of the Guardian Male on the Woman’s marriage contract, the Guardianship of woman without the Guardian male permission and whether the Guardian male is obligatory or condition. This research also shed the light on the guardian male and his relationship to the woman, and the different statements of scholars in guardian male and their impact non the validity of marriage, which, in turn, produced the difference in Personal Status Laws.
مقدمة البحث:-
ميز الله الإنسان بالعقل والتدبر، وكرمه بالزواج امتثالا لأمره تعالى وإتباعاً لهدي نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، فالزواج هو الطريق الشرعي الوحيد لتكوين وبناء أسرة سليمة ومعافية ومؤسسة على المودة والرحمة بين أفرادها، وهو أمر نظمه الإسلام وبينته قوانين الأحوال الشخصية بشكلٍ يكفل ثباته واستمراريته.
لفظ النكاح( الزواج) عند فقهاء المذاهب الأربعة كان محل خلاف بينهم، حيث يرى الجمهور أن لفظ النكاح حقيقة في العقد ومجاز في الوطء، في حين رأي الأحناف أنه حقيقة في الوطء مجاز في العقد فجاء تعريفهم للنكاح مختلف، وإن كان لا خلاف عندهم في انعقاد العقد لفظاً، لأن النكاح في لغة العرب يعني الزواج، واللفظان الزواج والنكاح وردا في القرآن الكريم، وكذلك السنة النبوية الشريفة، ولكنهم اختلفوا بغير هذين اللفظين[1].
أهمية الموضوع:-
تتمثل أهمية هذا الموضوع فيما يأتي:-
1/ أهمية نظرية استدعتها اختلاف أراء الفقهاء في موضوع ومسألة زواج المرأة بولاية نفسها وما تعلق به من خلاف.
2/ أهمية عملية فرض وجودها تكرار هذا الموضوع في المجتمعات العربية المختلفة وزادت الأهمية بعدم إفراد هذا الموضوع في كتاب مستقل على حسب علمي.
مشكلة البحث:-
يدرس البحث بشكل مباشر وعن قرب مسألة ولاية الولي الذكر في الزواج، والزواج بولاية المرأة لنفسها وبغير إذن وليها الذكر، وحكم هذا الزواج في الشريعة الإسلامية وتشريعات الأحوال الشخصية المختلفة، عليه تتمثل مشكلة البحث وإشكالياته الأساسية في طرح الأسئلة التالية:-
-هل ولاية الولي الذكر في الزواج ركن أساسي لانعقاد الزواج أم هي شرط؟
_ما هو سبب خلاف الفقهاء في صحة عقد الزواج بولاية المرأة لنفسها من عدمه؟
_ما هو حكم الزواج بغير ولاية الولي الذكر من حيث الصحة والإبطال؟
منهج البحث:-
تم الاعتماد في هذا البحث على منهجين يتناسبا وطبيعة البحث وهما:-
1/ منهج وصفي ملائم تم توظيفه من أجل تجميع الحقائق والتفاصيل المتعلقة بولاية الولي الذكر وولاية المرأة لنفسها.
2/ منهج مقارن وذلك لمعرفة نقاط التشابه والاختلاف وبيان الوضع في قوانين وتشريعات الأحوال الشخصية المختلفة.
هيكل البحث:-
وفقاً لما سبق فسيقسم هذا البحث على النحو الآتي:-
المبحث الأول:- مفهوم الولاية في الزواج وأنواعها.
المبحث الثاني:- حكم الزواج بدون إذن الولي.
المبحث الثالث:- آثار الزواج بدون إذن الولي الذكر.
الخاتمة:- متضمنة النتائج والتوصيات.
المبحث الأول
مفهوم الولاية في الزواج وأنواعها
شرع الله سبحانه وتعالى الزواج لخير الإنسانية ومصلحة المجتمع عامة في بناء وإقامة دعائم الأسرة التي تعتبر أساس المجتمع ومركزه، ونظراً لأهمية هذا الزواج، خصه الشارع الحكيم برعاية خاصة لم تتوفر وتشترط في بقية العقود، من وقت إنشائه إلى نهايته، خاصة وأنه جعله أغلظ المواثيق، لحكم كثيرة ومصالح ومنافع عديدة، وفي مقدمتها إرادة الله التي اقتضت أن يكون النوع الإنساني خليفة في الأرض لتعميرها وإقامة الشرائع فيها[2].
وتحقيق هذه المصالح والمنافع يكون بداية بإنشاء زواج صحيح تتوفر فيه جميع أركانه وشروطه، وذلك حفظاً ورعايةً لمصالح الأطراف واستدامة للعلاقات الأسرية، خاصة وأن مجتمعاتنا العربية تحرص على وجود العلاقة بين الولاية والزواج خلافاً للمجتمعات الغربية التي تعتبر الزواج أنه علاقة بين الطرفين فقط وخارجة عن سلطة الأبوين.
وقبل بيان موضوعنا الأساسي المتعلق بحكم إذن الولي رأينا ضرورة التمهيد للموضوع بتعريف الولاية بأنواعها والولي والشروط التي يجب أن تتوفر في شخصه وذلك من خلال المطالب الآتية:-
المطلب الأول:- تعريف الولاية وثبوتها.
المطلب الثاني:- أنواع ولاية الزواج والواجبات المترتبة عليها.
المطلب الثالث:- الولي والشروط الواجب توفرها فيه.
المطلب الأول
تعريف الولاية وثبوتها
اختلفت أراء الفقهاء حول الولاية في عقد الزواج، وذلك بسبب الحكم عليها، فمنهم من عرفها انطلاقا من مفهومها العام، ومنهم من قصر تعريفها على ولاية الإجبار فقط وركز على نوع واحد متمثل في ولاية القاصرة دون التركيز على ولاية الزواج ككل.
الولاية لغة مأخوذة من الولي، وهو القرب والدنو، وجمع الولاية هي الولايا، فالواو واللام والياء أصل صحيح يدل على القرب، من ذلك الولي وكل من ولى أمراً فهو وليه، فالولي هو المحب وهو ضد العدو وهو الصديق والنصير من والاه إذا نصره[3]. كما تعددت معاني الولي وقد نقلها ابن منظور ومنها المالك، والسيد، والمنعم، والمعتق، والناصر، والتابع، والحليف، والعبد، والمعتق، والمنعم[4].
أما اصطلاحا فقد عرف الأزهري الولي ولي اليتيم الذي يلي أمره ويقوم بكفايته، وولي المرأة الذي يلي عقد النكاح عليها ولا يدعها تستبد بعقد النكاح دونه[5]، كما جاء أنه تنفيذ القول على الغير شاء الغير أو أبى.
ويمكنا القول أن الفقهاء منهم من اقتصرها على الولاية على الغير كقول الأحناف وذلك بأنها تنفيذ القول على الغير شاء أو أبى[6]، وكلمة تنفيذ لا تعبر عن المعنى الدقيق للولاية، كونه يشمل ولاية الإجبار، رغم أنهم أخذوا بولاية الاستحباب[7]. أما المالكية فقد عرفوها بأنها الآصرة الواجبة للإرث، فيرى ابن جزي أن الولاية خمسة أنواع:- ولاية الإسلام ولا يورث بها إلا مع عدم غيرها، ولاية الحلف، ولاية الهجرة، ولاية القرابة، ولاية العتق والميراث[8]. ونلاحظ في التعريف أنه لم يختص بالولاية على المرأة في الزواج، وإنما تكلم عن الولاية العامة.
أما من الفقهاء المعاصرين الذين عرفوا الولاية نجد الدكتور مصطفى الزرقاء عرفها بأنها( قيام شخص كبير راشد على شخص قاصر في تدبير شؤونه الشخصية المالية)[9]. وعرفها الإمام أبو زهرة بأنها ( القدرة على إنشاء العقد نافذاً)[10]، كما تطرق عبد الكريم زيدان لتعريفها بأنها( قدرة الشخص على إنشاء التصرف الصحيح النافذ على نفسه أو ماله على نفس الغير أو ماله)[11].
الولاية بشكل عام عند الفقهاء تنقسم لنوعين ولاية قاصر وولاية متعدية.
فالأولى هي قدرة العاقد على إنشاء العقد بنفسه وتنفيذ أحكامه، أما الثانية فهي قدرة العاقد على إنشاء العقد الخاص بغيره، وهذه الولاية بدورها تنقسم إلى ولاية عامة وولاية خاصة، فالولاية العامة كولاية السلطان والقاضي، والولاية الخاصة هي ثلاث ولايات:- ولاية على النفس، وولاية على المال، وولاية على النفس والمال معاً[12].
فالولاية على النفس هي الولاية التي تكون على القاصر، والولاية على المال هي التي تكون في التصرفات المالية بقيام الولي أو الوصي أو المقدم بالتصرفات القانونية بدلاً من شخص آخر أو إلى جانبه، بسبب انعدام أو قصر الأهلية، فهي لا تتعلق بنفس الشخص بحد ذاته وإنما تمس المال الذي يملكه المولى عليه. وهي بدورها أي الولاية على المال تنقسم لولاية عامة وولاية خاصة.
فمما سبق، يتبين لنا أن الولاية مبدأ يقوم على أساس مسؤولية تقع على عاتق الولي ولا سيما في أخطر عقد وهو عقد الزواج، وذلك لأن آثاره لا تقف عند الزوجين بل تتجاوزهما للأهل وللمجتمع كافةً.
وبالمعنى السابق فتصح الوكالة في عقد الزواج من قبل المرأة عند الحنفية باعتبار وعملاً بالقاعدة الفقهية كل ما جاز للإنسان أن يباشره من التصرفات بنفسه جاز له أن يوكل غيره فيه إذا كان التصرف يقبل النيابة[13]. وبهذا فالولاية تتعلق بإذن المولى عليها هل تستأذن أم لا، كما تتعلق بإمكانية التوكيل فيها من عدمه.
المطلب الثاني
أنواع ولاية الزواج والواجبات المترتبة عليها
ليس هنالك تعريف معين يمكن أن تعرف به ولاية الزواج أو التزويج، فنجد أن تعريفها يعد تعريفاً عاماً للولاية، أو قاصراً على نوع معين من أنواعها، أو يحدد طبيعة الولاية باعتبارها سلطة شرعية، إذ لابد في تعريف ولاية الزواج أن يكون جامعاً لمحل ما ذهب إليه كل مذهب، وخاصة أن الفقهاء اختلفوا في تحديد الشخص الذي يتولى الولاية، لذلك يمكن تعريف ولاية الزواج بدايةً من تحديد الولي أولاً حتى يمكن تمييزه عن باقي الأشخاص.
والأنظمة والتشريعات العربية في أغلبها لم تضع نصوصاً صريحة تعرف بها الولاية المتعلقة بالزواج، بل اكتفت ببيان أحكامها من خلال النصوص القانونية المدرجة، فنظام المرافعات الشرعية السعودي لسنة 1435ه أشار للولي من خلال إجراءات رفع الدعوى في حالة عضل المرأة[14]. وبعض القوانين مثل القانون السوري والكويتي حصرت الولاية في عصبة الإرث والمسائل المتعلقة بها، وقانون الأسرة الجزائري بين أن الولاية سلطة تقرر لشخص معين لمباشرة تصرفات قانونية لحساب شخص آخر غير كامل الأهلية[15]، أما قانون الأحوال الشخصية لسنة 1991م المطبق في السودان فقد عرف الولي بأنه العاصب بنفسه على ترتيب الإرث[16]، ثم بين شروطه وولاية تزويجه باعتباره شرط من شروط صحة عقد الزواج[17].
تنقسم ولاية الزواج أو التزويج عند الفقهاء لنوعين على اختلاف مسمياتها، فقد اختلفوا في تسميتها وذلك وفقاً للآتي:-
عند الحنفية نوعان:-
ولاية ندب واستحباب وهي الولاية التي تكون على المرأة العاقلة البالغة، سواء كانت بكراً ثيباً، فيستحب هنا للمرأة تفويض أمرها إلى وليها، كي لا تنسب إليها الوقاحة، ولكنها في هذه الحالة لا تكون مجبورة، فهي مخيرة[18]. والأخرى ولاية حتم وإيجاب، وهي الولاية التي تكون على الصغيرة، بكراً كانت أم ثيب، وعلى المجنون الكبير أو المجنونة.
عند المالكية والشافعية والحنابلة نوعان:-
ولي مجبر وهو الأب وله جبر ابن ته ولو بغير رضاها إذا كانت بكراً أو صغيرة، أو ثيباً ما لم تبلغ المحيض، وبغير إذنها، وكذلك له أن يزوج البكر البالغة كما يزوج البنت الصغيرة، فللأب في هذا النوع جبر ابن ته البكر ولو كانت عانساً، أما الثيب فلابد من استئذانها، وقد استدل وا على هذا بحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال(الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر يستأذنها أبوها في نفسها، وإذنها صماتها)[19]. والنوع الثاني ولي غير مجبر وهو لا يعقد نكاح الثيب البالغ إلا بإذنها[20]، وإن كان الشافعية سمو ولاية الولي غير المجبر بولاية الاختيار.
عليه مما سبق يتضح اختلاف الولاية على الصغيرة والبكر عن الثيب، وذلك بجواز جبر الصغيرة والبكر من وليها، ووجوب استئذان الثيب من وليها قبل تزويجها لورود حديث النبي صلى الله عليه وسلم. فالحكمة من الاختلاف عند الفقهاء مراعاة مصلحة المرأة ورعاية حياتها لعدم معرفتها بالرجال وطبائعهم وتجنب المرأة التسرع في الزواج، وكل هذه التفاصيل تنصب في مقصد الشريعة الإسلامية الأصلي بإعطاء عناية كبيرة للزواج واستمراريته.
فمما ذكر، يتبين أن ولاية الزواج تتعلق بشكل أساسي بإذن الولي الذكر، فالجمهور خلاف الحنفية يرى وجوب إذن المرأة الثيب فقط أما البكر الصغيرة فتزوج بدون إذنها وبولاية وليها الذكر فقط، أما الحنفية فرأيهم خلاف الجمهور وهو أمر سنبينه تفصيلاً في المبحث القادم.
فمتى ثبتت الولاية للولي يتعين عليه القيام بواجباته تجاه المولى عليها مراعاة لمصلحتها والتي تتلخص دون تفصيل في الآتي:-
1/ تزويجها بصاحب الدين والخلق.
2/ أخذ إذن المرأة في الزواج، وذلك وفقا لأرائهم التي بيناها سابقاً.
3/ إسراع الولي في تزويج المولى عليها وعدم عضلها حيث وضعت الشريعة الإسلامية والتشريعات العربية أحكاماً مفصلة لعضل النساء، وهي مسألة سنفصلها لاحقاً.
4/ عرض الولي المرأة على أهل الخير والصلاح، حيث لا حرج في أن يعرض الولي ابن ته أو أخته أو من هي في ولايته على أهل الخير والصلاح لما فيه مصلحة للمرأة ومصلحة للولي وحتى لمن تعرض عليه.
المطلب الثالث
الولي والشروط الواجب توفرها فيه
اختلف فقهاء الشريعة الإسلامية في تحديد ولي المرأة في عقد الزواج، فالأحناف باعتبار الولاية مستحبة عندهم، هو الابن ثم الأب أو وصيه، ثم الإخوة ثم العمومة، بعدها تنتقل الولاية لذوي الأرحام والمعتق والسلطان والمالك، فهم يقدمون البنوة على الأبوة[21].
أما المالكية فقد ثبتوا الولاية في الزواج للعصبات وفقاً لترتيبهم في الميراث، البنوة ثم الأبوة، ثم الإخوة ثم العمومة، فالمالكية حصروا الولي المجبر في ثلاثة أشخاص هم الأب ووصي الأب والمالك بالنسبة للأمة، فالجد وذوي الأرحام مستبعدين عندهم من الولاية[22].
أما الشافعية فقد ميزوا بين ولاية المجبر وغير المجبر، فالولي المجبر عندهم هو الأب والجد وإن علا، والولي غير المجبر هو الأب والجد ومن يليهم من عصبات، فالأبوة تأتي عندهم أولاً ثم الأخوة ثم العمومة، فهم لا يعتبرون الابن ولياً لانتفاء قرابة النسب[23].
الحنابلة يرون أن ولي المرأة في عقد الزواج هو الأب ووصي الأب بعد موته، والحاكم عند الحاجة فيعتبر هؤلاء أولياء مجبرون، ثم تتنقل الولاية بعد ذلك إلى الأقرب فالأقرب من العصبات، فترتيب الولاية عندهم يكون بالأبوة أولاً ثم البنوة ثم الأخوة ثم العمومة ثم المعتق ثم السلطان[24].
ويشترط في الولي عدة شروط منها ما هو متفق عليه، ومنها ما هو مختلف فيه، فالمتفق عليها تأتي بالشكل الآتي:-
1/ الإسلام:- فلابد من اتحاد الدين بين الولي والشخص المولى عليه، فلا يصح أن يزوج الكافر المسلمة ولا المسلم الكافرة[25]، وذلك لأنه لا ولاية لكافر على المسلم، فالكافر لا يعد ناصراً للمسلم لاختلاف الدين[26]، وقد قال الله تعالى في محكم تنزيله( ولن يجعل الله للكافرين على المسلمين سبيلا)[27]. فالإجماع منعقد على أنه لا ولاية لكافر على المسلمة ولا المسلم على الكافرة، ويستثنى من هذا الحكم السلطان(الحاكم) المسلم فإن له ولاية على الجميع، ويزوج نساء أهل الذمة، وذلك لأن ولايته عامة على جميع من في دار الإسلام[28].
2/ الحرية:- فلا يجوز أن يكون العبد ولياً لأنه لا يلي على نفسه فكيف يزوج غيره[29].
3/ البلوغ:- وذلك لعدم ثبوت الولاية للصغير نسبة لقصوره، ولعجزه عن تحصيل الكفء، فالصغير ليس من أهل الولاية لعدم ولايته على نفسه[30].
4/ العقل:- فلا ولاية للمجنون على غيره فهو ليس من أهل الولاية، حتى وإن كان جنونه متقطع[31]، وذلك لأن الولاية تثبت عند عجز الشخص المولى عليه عن النظر لنفسه ومن لا عقل له لا يمكنه النظر.
إذا كان الولي به سكر، فكذلك لا ولاية له، لأنه ناقص أهلية في نفسه فلا يلي غيره[32]، كذلك لا ولاية لمن نقص عقله بسبب كبر السن أو الخبل أو العته وذلك لعجزه عن البحث عن أحوال الأزواج ومعرفة الكفء منهم[33]، ولكن لا يشترط في الولي النطق، طالما أن بإمكانه الإشارة بشكل مفهوم، وذلك لأن الإشارة تقوم مقام النطق، وإن كانت له كتابة فالولاية له[34].كذلك لا يشترط في الولي أن يكون بصيراً لأن بإمكانه البحث عن الأكفاء ومعرفتهم بالسمع[35].
أما الشروط المختلف فيها بين الفقهاء فقد جاءت وفقاً للآتي:-
1/ الذكورة:- وهو شرط عند الجمهور[36]، ما عدا الحنفية فلديهم روايتان إحداها أنه يجوز للبالغة العاقلة نكاح نفسها وغيرها مطلقاً، وذلك لأنها تصرفت في خالص حقها وهي من أهله لكونها عاقلة مميزة، ولهذا كان لها حق التصرف في المال واختيار الأزواج[37]، أما قول الجمهور باشتراط الذكورة فقد دللوا عليه بأن الذكورة يعتبر فيها الكمال والمرأة ناقصة وقاصرة، فلا تصح ولايتها، فلا تملك تزويج نفسها أو غيرها، كما استدل وا بحديث أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:- (لا تزوج المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها)[38].
2/ العدالة:- وهو رأي ذهب إليه الشافعية والحنابلة في أحد قولهم، فلا يكون الولي فاسقاً لأنها لا تثبت مع الفسق كولاية المال، وقد ذهب الحنفية والمالكية إلى عدم اشتراط العدالة في ثبوت الولاية، فللفاسق أن يزوج ابن ه وابن ته الصغيرين، ولأن فسقه لا يمنع شفقته[39]، فلو كان فاسقاً لا تتنقل الولاية للأبعد، إذ أن الفسق لا يسلب العدالة على الأرجح، كما أن حق الولاية عام ولم ينقل أن ولياً في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ومن بعده منع من التزويج بسبب فسقه[40] ،وهو رأي المالكية والحنفية الذين اعتبروا أن العدالة ليست شرطاً في ثبوت الولاية[41].
فمتى توفرت الشروط تحققت الولاية، وترتبت عليها آثارها، فيكون من حق الولي اختيار الكفء لمن هي تحت ولايته وأن يرفض زواج المرأة البالغة إن زوجت نفسها من غير كفء، عند من يقول بعدم صحة نكاحها بنفسها باعتبار أن هذا الزواج يمس مصلحة الولي واعتباره كما يمس مصلحة من هي تحت ولايته.
المبحث الثاني
حكم الزواج بدون إذن الولي
بعد بيان الولاية وثبوتها والشروط التي ينبغي توفرها في الولي، نبين في هذا المبحث حكم وجود الولي في الزواج، وما هو حكم الزواج الذي يتم بدون ولاية ولي، وذلك من خلال أراء فقهاء الشريعة الإسلامية والتشريعات المقارنة، وذلك من خلال المطالب الآتية:-
المطلب الأول:- الحكمة من وجود الولي في عقد الزواج.
المطلب الثاني:- طبيعة وجود الولي في الشريعة الإسلامية والتشريعات المعاصرة.
المطلب الثالث:- عضل الولي وحكمه.
المطلب الأول
الحكمة من وجود الولي في عقد الزواج
تعددت في عصرنا هذا صور الزواج وأشكاله نتيجة للانفتاح الهائل الذي نعيشه بين الدول وبالإنترنت، مما أسهم في اتساع دائرة المعرفة وتبادل الثقافات والدعاوى بحرية المرأة بحجة المساواة بينها وبين الرجل. وكثر الزواج بمسميات مختلفة، قد يكون بعضها غير صحيح وباطل صحيح كالزواج العرفي، وزواج الأنترنت، وزواج الصديق إلى غير ذلك من الصور.
لذا كان لابد من وجود أحكام تضعها الشريعة لحفظ المرأة ورعايتها، فاشتراط وجود الولي في عقد الزواج ليس مجرد شرط وضعته الشريعة للتضييق على المرأة ولكنه مقصد لحمايتها والحفاظ عليها وعدم تركها بالانفراد بزواجها دون أوليائها، وهذا الأمر ليس لنقص فيها أو في تفكيرها ، ولكن لأن المرأة مهما بلغت من العلم والمعرفة فقد تظل قليلة الخبرة بأحوال الرجال وشخصياتهم، كم أن عاطفة المرأة قد تسيطر عليها، وتمنعها من المعرفة الحقيقية للرجل بخلاف أوليائها الذين بمقدورهم البحث عن أحوال الخاطب ومعرفة الصادق من المخادع والخوض بين الرجال للسؤال عنه خلافاً للمرأة التي يمنعها خجلها وحيائها من مخالطة الرجال والسؤال عنهم.
عليه يمكن القول أن الحكمة من وجود الولي في عقد الزواج تتلخص في الآتي:-
1/ رفع مكانة المرأة اجتماعيا ،حيث أنها تقرر، ووليها هو من يمثلها عند عقد زواجها وبذلك تشعر بعزتها ومكانتها.
2/ صيانة المرأة ورعايتها من قبل وليها الذي يتأكد من جدارة الزوج لارتباطه بموليته والاهتمام بها.
3/ الولاية تطمئن الأباء على مصير بناتهم وأنهم وضعوا الأمانة عند مستحقيهم.
4/الولاية تمنع تلاعب الرجال بالنساء، لأنهم يهابون أوليائها.
5/ الرجال أقدر على البحث عن أحوال الرجال من النساء، فلو تركت المرأة وحدها تقرر مصيرها بلا معونة من أهلها قد لا توفق لاختيار الرجل المناسب[42].
6/ يرى الفقهاء أن ارتباط المرأة بالرجل ليس شأناً خاصاً بالمرأة دون سواها، فالزواج يربط بين الأسر، ويخلق شبكة من العلاقات، والأباء والإخوة يهمهم أن تكون الأسرة التي يرتبطون بها على مستوى جيد من الخلق والصلاح.
7/ ارتباط المرأة بالرجل الصالح كذلك، يريح أسرتها ويطمئن نفسهم، لأن تعثرها في حياتها الزوجية يقلقهم ويتعبهم ويصيبهم بالبلاء.
8/ اشتراط الولي فيه مزيد من الإعلان عن النكاح، فالشريعة تدعو لإعلان النكاح وإشهاره من أجل ذلك شرع الولي والشهود والوليمة والتهنئة[43].
9/ اشتراط الولي فيه حماية للمرأة من تعسفات الزوج وظلمه وشعور الزوج وعائلته أن لهذه المرأة أولياء يقفون بجانبها إذا ظلمها.
فمما سبق، فالولاية وفقا لمقاصد الشريعة الإسلامية تهدف في مجملها لتحقيق المقاصد الآتية:-
1/ مراعاة مصلحة المرأة.
2/ تجنب المرأة التسرع في الزواج.
3/ تمتين جانب المرأة في أسرتها الجديدة كون أوليائها يكونون سنداً لها.
4/تحقيق الاستقرار الأسري.
5/ إعطاء عناية كبرى للزواج والأسرة.
المطلب الثاني
طبيعة وجود الولي في الشريعة الإسلامية والتشريعات المعاصرة
من خلال هذا المطلب نبحث في مسألتنا الجوهرية وإشكالية البحث المتمثلة في طبيعة وجود الولي في عقد الزواج هل هو ركن أم شرط؟، وهل يؤثر عدم وجوده على نفاذ العقد وصحته؟.
فبدايةً، اختلف فقهاء الشريعة الإسلامية في عدد أركان عقد الزواج، لاعتبارهم أمور في العقد دون أمور أخرى، حيث يرى الشافعية أن أركان عقد الزواج خمسة: الزوج، الزوجة، الولي، الشاهدان والصيغة. أما المالكية فيرون أن أركان عقد الزواج ثلاثة: الصيغة والمحل( الزوج والزوجة) والولي عند بعضهم، الحنابلة يعتبرون الولي كذلك ركن في العقد بجانب الصيغة والمحل، وهم جميعاً على خلاف الحنفية الذين يرون أن الركن الوحيد في عقد الزواج هو الصيغة فقط أي الإيجاب والقبول من كلا الطرفين[44].
فاختلاف الفقهاء في عدد الأركان سببه أنهم مختلفون في الأمور التي لابد منها في عقد الزواج فالمالكية والشافعية والحنابلة اعتبروا الولي ركناً تتوقف عليه حقيقة عقد الزواج، خلافاً للحنفية الذين يجوز عندهم ولاية المرأة لنفسها ولغيرها[45].
اختلف الفقهاء في حكم ولاية الولي واشتراط وجوده في عقد الزواج، وقد ظهر اختلافهم لعدة أسباب أبرزها:-
1/ الاختلاف في تأويل النصوص.
2/تعارض بعض النصوص في ظواهرها.
3/الاختلاف في حقيقة عقد الزواج.
وقد جاء اختلاف الفقهاء في اشتراط وجود الولي وعدم وجوده في عقد الزواج على خمسة أقوال تأتي وفقاً للآتي:-
القول الأول:- وهو رأي المالكية والشافعية والحنابلة ورواية عن أبي يوسف من الحنفية وقول ابن حزم، وقد ذهبوا لاشتراط وجود الولي، فلا يصح الزواج إلا به، فلا يجوز للمرأة تزويج نفسها ولا غيرها سواء كانت بكراً أو ثيباً[46].
القول الثاني:- وهو رأي أبو حنيفة في إحدى روايتيه، ورواية أخرى لأبي يوسف، رأي فيها الإمام أبو حنيفة وأبو يوسف بعدم اشتراط الولي، فالمرأة لها تزويج نفسها وغيرها سواء كانت بكراً أو ثيباً، وسواء كان الزوج كفئاً أو غير كفء، فالزواج صحيح[47].
القول الثالث:- وهي الرواية الأخرى لأبي حنيفة وقول ثالث لأبي يوسف، ذهبا فيه لعدم اشتراط الولي في زواج المرأة، فيجوز للمرأة تزويج نفسها ولكن بشرط كفاءة الزوج فإن لم يكن الزوج كفئاً لها فلأوليائها حق الاعتراض[48].
القول الرابع:- وقد ذهب أصحاب هذا القول لعدم اشتراط الولي في الزواج، ولكن اشترطوا إذن الولي، وبهذا الرأي فالزواج ينعقد موقوفاً على إجازة الولي، سواء كان الزوج كفئاً أو غير كفء، فإن أجازه الولي نفذ وإن أبطله بطل[49]، ولكن لو كان الزوج كفئاً وامتنع الولي، فإن القاضي يجدد العقد ولا يلتفت إليه[50]. وهذا قول محمد من الحنفية.
القول الخامس:- وقد رأى أصحاب هذا الرأي عدم اشتراط الولي في زواج المرأة الثيب، ولكنهم اشترطوه في البكر، وهو قول داود الظاهري[51].
وقد جاءت أسباب اختلافهم وفقاً للأدلة الآتية:-
أدلة القول الأول:- وهو رأي الجمهور وقد جاءت كما يأتي:-
1/ استدل الفقهاء بقوله تعالى( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف)[52]، فالجمهور يرون أن الآية نص صريح موجه ومخاطب به الأولياء، وهو دليل بين على عدم جواز تزويج المرأة نفسها، فالخطاب للأولياء وإلا ما كان لعضلهم معنى[53]. كما أنهم استدل وا بسبب نزول الآية كما رواها البخاري( أن أخت معقل بن يسار طلقها زوجها فتركها حتى انقضت عدتها فخطبها فأبى معقل[54]، فنزلت الآية ، فلذلك لا يجوز الزواج بدون ولي لأن أخت معقل كانت ثيباً ولو كان الأمر لها لزوجت نفسها دون الرجوع لأخيها.
2/ استدل وا بقوله تعالى( وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم)[55]، ووجه الدلالة عندهم إن الله سبحانه وتعالى في الآية الكريمة يأمر بتزويج من لا زوج له والخطاب للأولياء، وفي هذا دليل على أن المرأة لا تملك حق تزويج نفسها بدون وليها[56]، وذهبوا لذات الرأي لقوله تعالى( ولا تنكحوا المشركات حتى يومن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم)[57].
3/استدل وا بقوله تعالى(الرجال قوامون على النساء)[58]، ووجه الدلالة عندهم أن الله فضل الرجال على النساء، فجعل لهم حق القوامة عليهن لزيادة قوة النفس والطبع.
4/ استدل وا من السنة النبوية بحديث السيدة عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم( أيما امرأة لم ينكحها الولي، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل فنكاحها باطل، فإن أصابها فلها مهرها بما أصاب منها فإن اشتجروا، فالسلطان ولي من لا ولي له)[59]، فالنبي صلى الله عليه وسلم كرر بطلان النكاح ثلاث مرات للدلالة على أهمية وجود الولي وإلا كان العقد باطلاً.
5/حديث أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال(لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها)[60]، وحديث أبو موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( لا نكاح إلا بولي)[61].
6/ استدل وا بحديث السيدة عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(لا نكاح إلا بولي، وشاهدي عدل، وما كان من نكاح غير ذلك فهو باطل، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له)[62].
فكل ما سبق من أدلة تدل بشكل واضح وقطعي أنه لا زواج بدون ولي عند الجمهور أصحاب القول الأول، كما استدل الجمهور كذلك بالمعقول من وجوه كثيرة ، فهم يرون أن المرأة غير مأمونة لنقصان عقلها وسرعة انخداعها، كما أن الزواج فيه سكن واستقرار وهذا لا يتحقق بتفويض النساء، أضف إلى أن في الولاية صيانة للمرأة[63].
أدلة القول الثاني:- وهو قول أبو حنيفة ومن وافقه بعدم اشتراط الولي، وقد استدل وا بالكتاب والسنة والقياس، وذلك كما يأتي:-
1/ استدل وا بقوله تعالى( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف)[64] وذلك على وجهين، الأول أن الله سبحانه وتعالى أضاف الزواج إليهن، فدل ذلك على جواز تزويج المرأة لنفسها، والوجه الثاني أن الله سبحانه وتعالى نهى الأولياء عن منع المرأة من تزويج نفسها من زوجها إذا تراضى الزوجان، وبهذا فلا يكون للنهي معنى لو لم يصح تزويج المرأة نفسها[65]. وقد أجيب عليهم بأن النهي في الآية عم الأولياء وهو دليل على اشتراطهم نكاحها إلى الولي. ولكن الإمام أبو حنيفة يعقب على هذا بأن الخطاب للأولياء بالانكاح ليس يدل على أن الولي شرط جواز الانكاح، بل على وفاق العرف والعادة بين الناس، فالنساء لا يتولين النكاح بأنفسهن عادةً لما فيه من الحاجة إلى الخروج لمحافل الرجال[66].
2/ استدل وا بقوله تعالى( فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره)[67]، وجه الدلالة في الآية عنده وجهان:- الأول أن الله أضاف الزواج للنساء ولم يذكر الولي، والثاني إن الله تعالى جعل زواج المرأة غاية الحرمة فيقتضي انتهاء الحرمة عند تزويجها نفسها، وعند تزويج الولي لها لا تنتهي الحرمة[68].
وقد أجيب على دلالته هذه بالآتي:- إضافة الزواج للنساء في الآية لا يدل على اختصاصهن بالعقد، كما أن الآية السابقة وردت في بيان أحكام المعتدة فللأولياء الحق في منع المرأة من التبرج وهي معتدة، ثم أن الآية فيها ندب من الشارع بتفويض الأولياء بالزواج بعد الرضا بهم واختيارهم[69]. ولكن الإمام أبو حنيفة يوضح أن الإضافة كافية لجواز النكاح بعبارة النساء من غير شرط الولي[70].
4/ استدل أبو حنيفة بما ورد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها)[71]ووجه الدلالة عندهم أن المرأة التي لا زوج لها، أحق بتزويج نفسها من وليها لما بلغت عن عقل وحرية، فصارت ولية نفسها في النكاح[72]، فالأيم في الحديث هي التي لا زوج لها بكراً كانت أم ثيباً.
5/ استدل أبو حنيفة بحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:( ليس للولي مع الثيب أمر)[73]، ووجه الدلالة أنه لا علاقة للولي بزواج الثيب فالأمر كله موكول إليها.
6/ قاس أصحاب هذا الرأي زواج المرأة على تصرفاتها المالية، فكما أنها تملك حرية التصرف في مالها تكون لها الولاية على نفسها، وذلك لأنها حرة بالغة عاقلة[74]. وقد أجيب على هذا القياس بأنه قياس مع الفارق، فالزواج ليس حقاً خالصاً للمرأة، تتصرف فيه كما تتصرف في المال لأن الولي يملك حق فيه ويلحقه الأذى لو تزوجت موليته بغير كفء. كما أن آثار عقد الزواج تبقى وتستمر ما بقيت الحياة، والتصرفات المالية ليست كذلك فيسهل التخلص من آثارها.
7/ رد أبو حنيفة على قول الجمهور بعدم منح المرأة ولاية تزويج نفسها لنقصان عقلها، بأن هذا النوع من النقصان لا يمنع العلم بمصالح النكاح، فلا يسلب أهلية النكاح، ولهذا لا يسلب أهلية سائر التصرفات من المعاملات والديانات ، ويصح منها الإقرار بالحدود والقصاص، ويوجه إليها الخطاب بالإيمان، فدل أن مالها من العقل كافٍ، والدليل عليه إنه اعتبر عقلها في اختيار الأزواج، حتى لو طلبت من الولي أن يزوجها من كفء يفترض عليه التزويج، ولو امتنع يصير عاضلاً، وينوب القاضي منابه في التزويج[75].
أدلة القول الثالث:- وهو الرواية الثانية لأبي حنيفة والثالثة لأبي يوسف، وقد استدل أصحابها على ذات الأدلة الواردة في القول الثاني مع اشتراط كفاءة الزوج وذلك لأن الزواج بغير الكفء كفيل بأن يلحق الضرر بالأولياء فجاز لهم حق الاعتراض لدفع الضرر عنهم، أما لو كان الزوج كفء فلا ضرر عليهم فينفذ الزواج وتثبت سائر الأحكام[76].
أدلة القول الرابع:- وهو رواية عن محمد من الحنفية بانعقاد زواج المرأة موقوفاً على إذن وليها، وقد استدل وا بذات أدلة أصحاب القول الثاني ولكن بشرط إذن الولي، فإن أذن جاز، وذلك احتياطا ليدفع الضرر عن الولي[77] ،كما استدل بحديث السيدة عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم(أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل)، فالحديث دال على بطلان تزويج المرأة نفسها، واستدل على المعقول بحق الأولياء بالزواج بدليل حقهم في الاعتراض والفسخ وذلك إذا لم تكن هنالك مصلحة من الزواج، ومن لا يملك الحق في العقد لا يملك الحق في فسخه[78].
أدلة القول الخامس:- وهو أصحاب الرأي باشتراط الولي في البكر وعدم اشتراطه في الثيب، وهو قول داود الظاهري، وقد استدل أصحاب هذا الرأي بحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم (الأيم أحق بنفسها…) في أن الحديث يفرق بين البكر والثيب، فالثيب تملك حق تزويج نفسها بخلاف البكر، وقد دلل عليه بذات ما ورد سابقاً وأجيب عليه بذات الأدلة السابقة.
القول الراجح لدي:- من خلال بحثي في الأقوال الخمسة أجد أن أدلة الجمهور جاءت مرتبة ومفسرة بشكل جيد، وكذلك أراء أبو حنيفة في القول الثاني والثالث، فقد أوردوا أدلتهم مفسرة كذلك بشكل جيد، والحقيقة أن الولاية موضوع شائك ومتشعب خاصة في مجتمعاتنا العربية المسلمة حيث يأخذ أبعاداً نفسية واجتماعية تتجاوز الزوج والزوجة، لذا أجد نفسي أرجح رأي أبو حنيفة بروايته الثانية في القول الثالث بحق المرأة بتزويج نفسها بشرط الكفاءة مع امتلاك الولي حق الاعتراض عند عدم الكفاءة وذلك للآتي من أسباب:-
1/ رأي أبو حنيفة بولاية المرأة نفسها يعد مخرجاً حقيقياً لزيحات تحدث في العالم الغربي لنساء مسلمات لا يملكن ولاية ولي مسلم ولا حتى السلطان أو الحاكم.
2/ القول الثالث منح الولي حق الاعتراض عند عدم الكفاءة والذي بدوره يشتمل على رعاية الولي لموليته بعدم استمراره في الزواج بمن لا يرعاها فهو حق أصيل وضروري للولي الذي يدفع الضرر عن موليته أولاً ونفسه ثانياً. كما أن الرأي لم يبعد الولي وحفظ له حقه في الرعاية والاختيار والقبول بالزوج.
3/ منح الولاية بشكل كامل للولي قد يدخل النساء في زيجات كثيرة نتيجة أطماع الأولياء على حساب رغبة المرأة ورضاها. وذلك أن بعض الأولياء لا يطبقون مبدأ الكفاءة على وجه معقول وقد تتحول الكفاءة لنوع من التمييز العرقي أو القبلي أو تمييز بسبب اللون وكلها أمور مخالفة لمقصد الشريعة الإسلامية، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال( إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، ألا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)[79]، وهو للأسف غير معمول به في غالبية مجتمعاتنا العربية. كما أن منح الولاية كاملة للرجل لا يضع للمرأة حلولاً عند رفض زواجها سوى اللجوء للمحاكم بدعوى العضل، فيدخلها في مواجهات ومحاكم مع وليها، فمنح الولاية يبعد هذا الأمر ويصرف مشاكله ويكفل لها حقها في الاختيار .
لذا أجد نفسي أؤيد الرأي الثالث بالرواية الثانية للإمام أبي حنيفة، ولكن شرط أن تكون المرأة راشدة بالغة عاقلة، لأن الصغيرة وناقصة الأهلية تحتاج لولاية الولي وتلك مسألة كفلتها الشريعة الإسلامية ونظمتها على خير وجه، وأن يكون ولي المرأة وكيلاً عنها في الزواج بصفة الوكالة مراعاةً للأبعاد الاجتماعية لعقد الزواج، كما أن الوكالة فيها نوع من الولاية، والحنفية يرون صحة التوكيل بعقد الزواج من الرجل والمرأة متى كان كل منهما بالغاً عاقلاً حراً[80].
التشريعات العربية في مجملها طبيعة وجود الولي فيها مقترنة بالمذهب الذي تتبعه الدولة، فحتى إن لم ينص قانون الدولة صراحةً على الولي نجده ضمن النظام المشترط لتوثيق الزواج كما هو الحال في المملكة العربية السعودية التي تتبع المذهب الحنبلي، وكثير من القوانين العربية لم تشترط لصحة العقد موافقة الولي كما لم تجعل الزواج بدون ولي فاسداً مثل قانون الأحوال الشخصية المعمول به في الضفة الغربية في فلسطين[81]. أما قانون الأحوال الشخصية للمسلمين لسنة 1991م المعمول به في السودان عرف الولي في المادة 32/1 كما ذكرنا سابقاً، واشترط فيه أن يكون ذكراً عاقلاً بالغاً مسلماً وفق نص المادة 33 منه، كما جعل وجود الولي شرطاً لصحة العقد يترتب على عدم وجوده فساد العقد وهو أمر سنبينه لاحقاً بإذن الله.
المطلب الثالث
عضل الولي وحكمه
بينا سابقاً ترتيب الأولياء في الزواج لدى الفقهاء، فكل ولي أقرب يحجب من بعده عن الولاية كما هو الحال في الميراث، فإذا غاب الولي الأقرب لموت أو لجهل المكان تنتقل الولاية للذي يليه خاصة إذا خُشي فوات الكفء، ومتى تعذر على المرأة التي لا ولي لها الزواج، إما لانعدام الولي أو الجهل بمكانه أو بتخليه عنها، ووجدت نفسها في موضع يصعب فيه حتى الوصول للسلطان أو القاضي، أن تصير أمرها إلى من يوثق بها من جيرانها فيزوجها فيكون هو وليها في هذه الحالة[82]، فهي حالة تتعلق بغياب الولي الأقرب فيجوز فيه الانتقال للولي الذي يليه.
الإمام أبو حنيفة وأصحابه يرون انتقال الولاية إلى من يليه في الدرجة لأن الولاية ثابتة للولي البعيد كما هي ثابتة للولي القريب ولكن قدم القريب لأنه أولى وأشد حرصاً على مصلحة المولى عليه، وغيبته أسقطت ولايته، والولاية في الأخير تثبت لمصلحة المرأة[83]. أما ولاية السلطان فلا تثبت إلا في حالة تشاجر الأولياء أو عضل الولي القريب أو البعيد لسببٍ غير مشروع، والمالكية هنا يرون عدم انتقال الولاية للقاضي إلا إذا تحقق الضرر من العضل، وكذلك الأمر بالنسبة لغيبة الولي فإذا تحقق ضرر بانتظارها لعودة وليها الأقرب انتقلت ولاية تزويجها للحاكم وليس للولي الأبعد[84].
العضل يحدث عندما ترغب المرأة في الزواج من شخص ما تختاره هي، فتلقى معارضة من أهلها أو من وليها تحديداً لسببٍ مشروع أو غير مشروع، مما يدفع المرأة للجوء لوسائل أخرى تستطيع بها الزواج، وقد يتسبب عضل الولي في فوات عمر الزواج للمرأة أو التسبب بمشاكل أسرية لا حصر لها، والفقه الإسلامي وضع أحكاماً لمعالجة عضل النساء وكذلك خصصت القوانين والأنظمة العربية في مجملها نصوصاً بينت فيها حكم العضل وكيفية معالجته.
يعرف العضل بأنه منع الولي المرأة البالغة التزوج بالكفء، مع رغبة المرأة في الزواج، بشرط أن يكون المهر مهر المثل وكفاءة الزوج، أما إذا عضل الولي لغير كفاءة الزوج أو لأن المهر أقل من مهر المثل هنا لا يكون العضل ظلماً[85].
وأضاف الحنابلة صورة أخرى للعضل وهي: إذا امتنع الخطاب لشدة الولي، لكن الظاهر أنه لا حرمة على الولي هنا، لأنه ليس له فعل ذلك[86].
اتفق الفقهاء على عدم جواز منع المرأة من التزوج بكفئها، ومتى ثبت العضل فهنالك رأيان:-
الأول:- انتقال الولاية من الولي الأقرب إلى الولي الأبعد، وهو رأي الشافعية والحنابلة إذا كان العاضل هو الولي الأقرب، إما إذا زوج الولي الأبعد المرأة مع وجود الولي الأقرب وهو ليس بعاضل لها هنا لا يعد الزواج صحيحاً، لأن الولي الأقرب هو المستحق للولاية تعصيباً[87].
الثاني:- رأي المالكية والحنفية، فالمالكية يرون أن العضل يتحقق برد الولي أول خاطب كفء إذا لم يكن الولي أباً، أما لو كان الولي هو الأب المجبر فلا يعتبر عاضلاً ولو تكرر عضله، وذلك لأن الأب يهتم بمصلحة المرأة إلا لو تحقق ضرر من تكرار العضل، فهنا تنتقل الولاية إلى القاضي وليس إلى الولي الأبعد[88]. وهو نفس الرأي المعتمد لدى المذهب الحنفي وولاية رفعه عن الناس هي حق القاضي[89]. فهو من يزوجها حسب مصلحتها.
وبذلك يكون الحكم الشرعي للعضل هو التحريم وذلك لنهي الله عز وجل عن عضل الأولياء في أخت معقل التي عضلها عن الرجوع لزوجها الذي طلقها وذلك في قوله تعالى( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن).
أما التشريعات العربية فقد خصصت بغالبيتها نصوصاً لعضل الولي وبينت حكمه، نصت عليه المادة 39/2 من نظام المرافعات الشرعية السعودي، والمادة30/ 4 من قانون الأحوال الشخصية الإماراتي، والمادة 18 من قانون الأحوال الشخصية الأردني، والمادة 37/1 من القانون السوداني. وقد منحت جميع القوانين المذكورة ولاية التزويج للقاضي عند عضل الولي وإثبات حالة العضل.
المبحث الثالث
آثار الزواج بدون إذن الولي الذكر
بينا في المباحث والمطالب السابقة اشتراط وجود الولي عند الفقهاء بمذاهبهم المختلفة، وأرائهم في حكم الزواج بدون ولاية الولي، ولكن جميع آرائهم كانت للحكم قبل انعقاد الزواج، ولكن لو حدث وانعقد هذا الزواج فماهي الآثار التي تترتب على انعقاده، هذا ما سنبحث عنه في هذا المبحث الثالث والأخير وذلك من خلال المطالب التالية:-
المطلب الأول:- آثار الزواج بدون ولي في الشريعة الإسلامية.
المطلب الثاني:- آثار الزواج بدون ولي في التشريعات العربية.
المطلب الثالث:- الآثار المجتمعية والنفسية للزواج بدون ولي.
المطلب الأول
آثار الزواج بدون ولي في الشريعة الإسلامية
اختلف حكم الزواج بدون ولي في الشريعة الإسلامية تبعاً لأراء الفقهاء في اشتراط الولي من عدم اشتراطه، فمن اشترط وجوده وعدم انعقاد العقد أبطلوا الزواج، ومن لم يشترط وجعل ولاية الزواج للمرأة جعله صحيحاً، وقد جاء حكمه مفصلاً كما يأتي:-
أولاً :-المالكية:-
ذهب المالكية أنه ليس للمرأة الولاية في عقد الزواج لنفسها ولا لغيرها، سواء أذن لها وليها أو لم يأذن، فإن حدث وتزوجت بدون ولي، فسخ العقد قبل الدخول وبعده وإن طال وولدت الأولاد في رواية[90]، وفي رواية ثانية لو تم الدخول وطال الزواج وولدت الأولاد فلها بالدخول وبعده المهر المسمى، إن كان حلالاً، وإلا فصداق المثل[91].
فالإمام مالك يرى بطلان الزواج بدون ولي على كل حال، فعنده لا ينعقد النكاح بعبارة النساء أصلاً[92]، ولكنه اختلف في كيفية فسخ عقد الزواج، فروي عنه أن فسخه طلاق وقيل أن فسخه بغير طلاق[93].
ثانياً:- الشافعية:-
ذهبوا كذلك بأنه ليس للمرأة ولاية تزويج نفسها ولا غيرها، فإن حدث وتزوجت بدون ولي، فيجب على الزوج مهر المثل بالوطء، ولا يجب المهر المسمى، وذلك لفساد النكاح، وبالاقتصار على المهر يفهم أنه لا يلزم الزوج بإرش البكارة، لو كانت الزوجة بكراً، كما لا يجب على الزوج الحد سواء صدر ممن يعتقد تحريمه أو إباحته، وذلك لشبهة اختلاف العلماء في صحة النكاح، ولكن يعزر معتقد تحريمه لارتكابه محرماً لا حد فيه ولا كفارة[94].
فإذا عقد النكاح بدون ولي وحكم به الحاكم فللشافعية رأيان:
أ/ إنه ينقض حكمه لمخالفته لنص حديث السيدة عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه قال:( إيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل….).
ب/ لا ينقض الزواج، وهذا الصحيح لأنه مختلف فيه ، فلا ينقض فيه حكم الحاكم ، فإن وطئها الزوج قبل الحكم بصحة الزواج لم يجب الحد، وإن وطئها بعد الحكم ببطلان الزواج وجب الحد، أما إذا حكم بصحة الزواج وجب المهر المسمى[95].
عليه، فالشافعية يرون بطلان العقد على كل حال، فعند الإمام الشافعي لا ينعقد النكاح بعبارة النساء أصلاً[96]، ولكنهم اختلفوا فيما لو تم الزواج بحكم الحاكم فالبعض رأي نقضه والبعض الآخر رأى أنه لا ينقض.
ثالثاً:- الحنابلة:-
وهم يرون أن النكاح لا يصح بدون ولاية ولي، فالمرأة لا تملك ولاية زواج نفسها ولا غيرها، ولا حتى توكيل غيرها في تزويجها ولو بإذن وليها، فإن فعلت لم يصح النكاح[97]. فالحنابلة جعلوا للمرأة المهر المميز بالإصابة، والإصابة إنما توجب مهر المثل كاملاً مثل وطء الشبهة، ولا يجب لها بالخلوة شيء، وذلك عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم بأن جعل لها المهر بما استحل من فرجها وذلك يعني بما أصابها وفي الخلوة لم يصبها[98]. أما لو حكم الحاكم بصحة النكاح فقد اتفق الحنابلة مع الشافعية برأيهم الثاني بعدم نقض النكاح.
رابعاً:- الحنفية:-
ذهب الحنفية إلى صحة ولاية المرأة لنفسها وغيرها، لأن الولاية عندهم ولاية ندب واستحباب وليست ولاية إجبار، فلو زوجت المرأة نفسها من رجل أو وكلت رجلاً بالتزويج فزوجها جاز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، سواء زوجت نفسها من كفء أو غير كفء، وسواء بمهر وافر أو قاصر، وليس للأولياء حق الفسخ[99].
وفي قول آخر لأبي حنيفة فلو زوجت نفسها بدون كفء، فللأولياء حق الفسخ، وإذا قصرت عن مهر مثلها كان لهم أيضاً حق الفسخ خلافاً لهما[100].
أما محمد بن الحسن فقد ذهب إلى أن لا يجوز الزواج بدون ولي حتى يجيزه الولي والحاكم، فلا يحل للزوج وطئها قبل الإجازة، ولو وطئها كان وطنه حرام، ولا يقع عليها طلاقه وإيلاؤه، ولو مات أحدهما لا يرثه الآخر، سواء زوجت نفسها من كفء أو غير كفء[101]. عليه فإن أجاز الولي الزواج جاز وإن أبطله بطل، إلا أنه إذا كان الزوج كفئاً لها ينبغي للقاضي أن يجدد العقد إذا أبي الولي أن يزوجها منه[102].
وأبو يوسف يرى أن المرأة لو زوجت نفسها من كفء ينفذ وتثبت سائر الأحكام، وإذا مات أحدهما قبل إجازة الولي والزوج كفء يتوارثان، وقيل لا يتوارثان سواء كان الزوج كفء أو غير كفء[103].
عليه مما سبق يتضح لنا أن حكم الزواج بدون ولي وآثره عند الحنفية يأتي وفقاً للتالي:-
أ/ أبو حنيفة يعتبر الزواج صحيحاً ونافذاً وتترتب عليه جميع آثاره لحق المرأة في ولاية نفسها.
ب/ أبو حنيفة له رأي آخر لو تزوجت المرأة بغير الكفء فللأولياء الحق في فسخ العقد.
ج/ أبو يوسف يعتبر الزواج صحيحاً وتثبت به سائر الأحكام.
د/ محمد جعل الزواج موقوفاً على إجازة الولي أو الحاكم، فإن كان الزوج كفؤاً انعقد الزواج صحيحاً بإجازة الولي، فإن أبى فللقاضي أن يجدد العقد وبالتالي يصبح صحيحاً، أما لو كان الزوج غير كفء فللولي إجازته فيصبح صحيحاً ونافذاً أو يبطله فيصير الزواج باطلاً ليس له أي آثر.
ورأي لم يتغير بموافقة الإمام أبو حنيفة بجواز ولاية المرأة لنفسها برأيه الثاني، ولكنني أرى في حق الأولياء في فسخ العقد عدم منطقية هذا الأمر لأن الفسخ لا يستقيم مع الآثار المترتبة. فالأفضل أن يكون تفريق مع ثبوت نسب الأولاد كما هو معمول في تشريعات الأحوال الشخصية كما سنبين في المطلب التالي بإذن الله.
المطلب الثاني
آثار الزواج بدون ولي في بعض التشريعات العربية
تباينت تشريعات وقوانين الأحوال الشخصية فيما يتعلق بأثر الزواج بدون ولي وما يترتب عليه بعد انعقاده، فوفقاً للمذهب الفقهي الذي تتبعه الدولة يترتب الآثر، فالمملكة العربية السعودية مثلاً لم تضع نصاً في نظام المرافعات الشرعية السعودي تبين حكم الزواج بدون ولي، ولكنها وفقاً للشروط العامة ومتطلبات عقد النكاح التي وضعتها وزارة العدل لا تجيز الزواج بدون ولي، لأنها تشترط حضور ولي المرأة مع الزوجين لانعقاد الزواج، عليه فلا يصح الزواج إلا بوجود الولي، باستثناء حالة العضل بعد إثباته.
قانون الأحوال الشخصية الأمارتي نص في المادة 39 منه وفقاً لما ذكر في المذكرة الإيضاحية للقانون، أن ولي الفتاة البالغة له سلطة عقد قرانها مع ضرورة رضاها على هذا الزواج على أن يوقع المأذون الشرعي المخول له ذلك العقد، ونصت على بطلان العقد بدون ولي، وفي حالة الدخول بالفتاة دون إذن وليها فيجب التفريق بينهما مع اشتراط إثبات نسب المولود[104].
قانون الأحوال الشخصية المصري بإتباع مصر للمذهب الحنفي لم يشترط وجود الولي لانعقاد أو صحة الزواج، فالزواج ينعقد بإيجاب من أحد العاقدين وقبول من الآخر ويقوم الوكيل مقامه، ونص على اشتراط الأهلية لإتمام الزواج إكمال سن الثامنة عشر، عليه فيصح الزواج طالما تم برضا الزوجة ، ولا يجوز وفقاً لأحكام القانون منع من كان أهلاً للزواج[105].
قانون الأحوال الشخصية الأردني لسنة 2019م نص على ولاية التزويج في الفصل الثالث منه وبين أن الولي هو العصبة بنفسه على الترتيب المنصوص عليه في القول الراجح من مذهب أبي حنيفة كما بين شروطه، ووضع نصوصاً تنظم ترتيب الأولياء وغياب الولي الأقرب وانتقال الولاية وكلها فيما يتعلق بزواج البكر[106]، أما الثيب فقد نص صراحة على عدم اشتراط موافقة الولي في زواج المرأة الثيب العاقلة المتجاوزة من العمر ثماني عشرة سنة[107].
قانون الأسرة الجزائري نص على آثر الزواج بدون ولي في المواد32و 33 منه والتي نصت على أن زواج المرأة بدون وليها الشرعي قبل الدخول يفسخ العقد كونه فاسداً طبقاً للمواد، ولم يميز القانون بين المرأة الراشدة أو القاصرة، فهو يطبق على جميع النساء، فقط فرق بين حالة الدخول وعدم الدخول وذلك لتعلق هذا الأمر بمصلحة وجود الأولاد، فأثبت نسبهم في حالة الفسخ بعد الدخول طبقاً للمادة 33 منه.
قانون الأحوال الشخصية للمسلمين لسنة 1991م المطبق في السودان، نص في المادة 34 منه على أن البالغ يزوجها وليها بإذنها ورضاها بالزوج والمهر ويقبل قولها في بلوغها ما لم يكذبها الظاهر، ويلزم قبول البكر البالغ صراحة أو دلالة أذا عقد عليها وليها بغير إذنها ثم أخبرها بالعقد.
كما جوزت المادة 24 من ذات القانون للولي الأقرب طلب فسخ العقد إذا زوجت البالغة العاقلة بغير رضائه، من غير كفء، فإن ظهر بها حمل أو ولدت، يسقط حقه.
ومن هذا يفهم أنه ولاية التزويج هنا على البالغ ليست ولاية إجبار لأنه يشترط موافقتها وإذنها وقبولها حتى وإن تم العقد يجب لزم هذا الإذن والموافقة، كما نلاحظ أن حق فسخ الزواج منحه القانون للولي الأقرب فقط وعلى سبيل الجواز لا الوجوب.
الولي في قانون الأحوال الشخصية السوداني ليس ركناً في العقد ولكنه شرط من شروط الصحة وفقاً لنص المادة 25منه، عليه فيترتب على عدم وجود الولي وفقاً للقانون وعملاً بنص المادة 62 منه فساد العقد وعدم ترتب أي آثر عليه قبل الدخول.
أما لو تم الدخول فوفقاً لنص المادة 64 من القانون يترتب وجوب الأقل من المهر المسمى ومهر المثل، وثبوت النسب ووجوب العدة.
عليه فمما سبق يتضح لنا تشابه نصوص القانون السوداني وما ورد من نصوص القانوني الجزائري من حيث فساد العقد وترتب الآثار والتمييز بين حالة الدخول وعدمه لإثبات نسب الأولاد.
المطلب الثالث
الآثار المجتمعية والنفسية للزواج بدون ولي
عقد الزواج يحمل العديد من المقاصد والغايات السامية، فهو ليس مجرد ارتباط عقدي يجمع الرجل بالمرأة، إنما هو ارتباط يجمع بين أسرتين مختلفتين وممتدتين تختلطان مع بعضهما البعض. ولذا كان واجباً عند اختيار الطرف الثاني العناية والتريث حتى تتحقق المقاصد التي شرعها الله سبحانه وتعالى وأقرتها شريعتنا الإسلامية.
و كان من الضروري وجود أهل المرأة وأوليائها بقربها، ورغم اختلاف الفقهاء والأئمة في مسألة ولاية التزويج ومنحها للمرأة من عدمه، ورغم موافقتي لمذهب الإمام أبو حنيفة بمنح المرأة ولاية تزويج نفسها، إلا أن وجود الأب والإخوة بجانب المرأة أمر تحتاج إليه ولا يمكنها الاستغناء عنه، ولكننا يجب أن نقر أن في الاختلاف نعمة وسبق أن أشرت إلى أن المرأة المسلمة قد تجد نفسها في وضع ومكان بلا ولي مسلم، فاختلاف رأي الإمام أبو حنيفة يمنح حلولاً لحالات بهذا الوصف.
والمرأة مهما بلغت من العلم والثقافة إلا أنها تبقى قليلة الخبرة في معرفة الرجال والرجل الذي تنوي زواجه، كما في أحوال كثيرة قد تنخدع بعاطفتها ولا تنظر للمستقبل البعيد، فلا يسعنا إلا الاعتراف بأهمية وجود الأب والأولياء بجانب المرأة في زواجها واختيارها لمن تتزوج.
والحق إننا في مجتمعاتنا العربية ننظر لمن تتزوج بدون ولي أو تتزوج بالمحكمة بولاية القاضي نظرة غير جيدة وقد يقلل من احترامها وتشوه سمعتها، وقد تتبرأ منها أسرتها وتقطع صلتها بالأسرة فتعيش المرأة في أوضاع نفسية ومجتمعية سيئة. كما أن وجودها لوحدها دون عائلتها قد يتسبب في ظلمها من زوجها لمعرفته بعدم وجود من يحميها ويقف بجانبها ويدافع عنها ويمنع أذيتها.
والمجتمعات العربية التي أتبعت المذهب الحنفي كمصر والسودان والأردن وفلسطين وغيرها رغم أنها لم تجعل الولي ركناً يقم عليه الزواج إلا أنها نصت على اشتراط وجوده سواء بالولاية الأصلية أو بالوكالة في قوانينها وكفلت أهمية وجوده لأنه لا غنى عنه.
وحقيقة أنه في كثير من الأحيان يسيء البعض لرأي الإمام أبو حنيفة الفقهي بمنح المرأة ولاية تزويج نفسها، ولكننا يجب أن ننظر للأمر ككل وبجميع جوانبه ونتقبل أن رأي الإمام ومن وافقه من الحنفية مستند لأدلة وبراهين ومنطق، كما أن أراء الإمام أبو حنيفة في أغلبها بنيت على وقائع مستقبلية وافتراضات وهو أمر جيد ولا ينفي أهميته لمقدرة تطبيقه في أزمان وعصور مختلفة كزماننا هذا.
فلا يصح وصف رأيه و مخالفته للجمهور بالرأي الفاسد، لأن أحكامنا و آراءنا التي نتخذها ونعمل بها في الغالب تنبع من نشأتنا ومن البيئة التي كبرنا فيها، ونحن ندري حال المجتمعات العربية وما فيها من ظلم الأولياء في أحيان كثيرة فمن يتابع أعداد دعاوى العضل في المحاكم يصاب بصدمة من الأرقام المخيفة التي تنظرها المحاكم لهذه الدعاوى وهو أمر يعكس بشكل حقيقي انعدام الحوار بين الأولياء ومن هم تحت ولايتهم، بسبب السيطرة المبالغ فيها والتمسك غير اللازم بالشروط التي يتمسكون بوجودها في من يتقدم لخطبة أو زواج بناتهم بمعايير عالية وكفاءة خارج الدين الحنيف تحكمها في الغالب أفكار قبلية ومجتمعية بحتة.
فخلاصة القول إنني أتمسك بوجود الولي في عقد زواج المرأة ولكن بشكل يكفل حريتها ولا يشكل ظلماً لها لأنه رغم أن الزواج يربط أسرتين كما أسلفت إلا أن المرأة هي من تعيشه وتتعايش معه بشكل يومي.
الخاتمة
تم بفضل وحمده هذا البحث، والذي درست فيه موضوع حكم وجود الولي في عقد زواج المرأة، دراسة مقارنة بين الشريعة الإسلامية وقوانين الأحوال الشخصية، وقد توصلت فيه لعدة نتائج وتوصيات أبين أبرزها فيما يلي:-
1/النتائج:-
1/ الزواج فيه تحقيق لنداء الفطرة، وصيانة للنفس وتحقيق لمقتضى الشريعة الإسلامية، وفي الزواج حفظ للنوع والأنساب. وقد اهتم به الفقهاء منذ العصر الأول ودرسوا تفاصيله الدقيقة ووضعوا شروطاً لانعقاده حفظاً لمقاصده ورعاية لصحته.
2/ ولاية المرأة في الزواج هي ولاية حفظ ورعاية وليس ولاية إجبار واستبداد.
3/ الولاية مبدأ يقوم على أساس مسؤولية تقع على عاتق الولي ولا سيما في أخطر عقد وهو عقد الزواج، وذلك لأن آثاره لا تقف عند الزوجين بل تتجاوزهما للأهل وللمجتمع كافةً.
4/ ينبغي توفر شروط محددة في الولي، متى توفرت هذه الشروط تحققت الولاية، وترتبت عليها آثارها، فيكون من حق الولي اختيار الكفء لمن هي تحت ولايته وأن يرفض زواج المرأة البالغة إن زوجت نفسها من غير كفء، عند من يقول بعدم صحة نكاحها بنفسها باعتبار أن هذا الزواج يمس مصلحة الولي واعتباره كما يمس مصلحة من هي تحت ولايته.
5/ التشريعات العربية في مجملها طبيعة وجود الولي فيها مقترنة بالمذهب الذي تتبعه الدولة، فحتى إن لم ينص قانون الدولة صراحةً على الولي نجده ضمن النظام المشترط لتوثيق الزواج وذلك حفظاً لمكانته وأهمية وجوده.
6/ اختلف الفقهاء في بيان حكم وجود الولي في عقد الزواج ما بين رأي الجمهور بأن الزواج لا ينعقد إلا به وإلا بطل، وما بين رأي الحنفية بصحته لانعقاده بالإيجاب والقبول من العاقدين أي بالصيغة فقط.
7/اختلف الفقهاء في آثر الزواج بدون ولي ما بين من يبطله ومن يجعله صحيحاً نافذاً ومن يجعله موقوفاً على إجازة الولي أو الحاكم.
2/ التوصيات:-
1/ أوصي أولياء النساء بتنفيذ أمر الله وإتباع سنته والعمل بهدي نبيه صلوات الله وسلامه عليه في الاستيصاء بالنساء خيراً ومراعاة رضاهم ورغبتهم والحوار معهم في أمور زواجهم.
2/ ضرورة تعزيز دور الآباء والأولياء في تزويج النساء وعدم منعهم من الزواج بدون أسباب أو بأسباب ظالمة لهم.
3/ ضرورة توعية النساء بأهمية وجود الأولياء في زواجهم.
4/ ضرورة عمل محاضرات وندوات توعوية تبين مفهوم الزواج بشكله الصحيح المستوفي لأركانه وشروطه.
5/ ضرورة عدم الأخذ بالعادات والثقافات المخالفة لشريعتنا الغراء، وأخذ الحرص في أنواع الزواج الجديدة التي تعد في أغلبها باطلة وغير صحيحة.
قائمة المصادر والمراجع
أولا:- كتب اللغة والفقه والقانون:-
1/ القرآن الكريم.
2/ أبو الفضل جمال الدين بن محمد بن مكرم ابن منظور، لسان العرب، المطبعة الميرية، مصر، 1303ه،ج5.
3/ ابن قدامة، المغني، تحقيق محمود عبد الوهاب فايد و عبد القادر أحمد عطا، مكتبة القاهرة للنشر، ج7.
4/ الجزيري عبد الرحمن، كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، كتاب النكاح والطلاق، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان1424ه/2003م،ج4.
5/الأمام النووي، روضة الطالبين وعمدة المفتين، المكتب الإسلامي، بيروت،1412ه- 1991م، ط3، ج7.
6/ الصادق عبد الرحمن (الغرياني)، مدونة الفقه المالكي وأدلته، الريان للطباعة والنشر، ط1، ج2.
7/ الكمال بن همام، شرح فتح القدير، دار الفكر، بيروت، ص256-257، ج3.
8/ حافظ محمد أنور، ولاية المرأة في الفقه الإسلامي، دار بلنسية، الرياض، 1420ه، ط1.
9/ زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري، أسنى المطالب شرح روض الطالب، دار الكتب العلمية، بيروت، 2001م، ج3.
10/ سنن ابن ماجة، تحقيق شعيب الأرناوؤط، كتاب النكاح، باب : لا نكاح إلا بولي، دار إحياء الكتب العربية.
11/ سيد سابق، فقه السنة، مؤسسة الرسالة للطباعة ولنشر والتوزيع،2003 م، ط1،ج2.
12/ شمس الدين (السرخسي)، المبسوط ، دار المعرفة، بيروت، لبنان، ، ج5.
13/ صحيح مسلم، بشرح النووي، كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق، والبكر بالسكوت، قرطبة للطباعة والنشر والتوزيع، ، الجزء 9.
14/ عبد الغني بن طالب بن إبراهيم ( الغنيمي)، اللباب في شرح الكتاب، المكتبة العلمية، بيروت، ج3.
15/ عبد الكريم زيدان، الوجيز في أصول الفقه، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1987م.
16/ علاء الدين أبوبكر بن مسعود بن أحمد ( الكاساني)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، دار الكتب العلمية، بيروت، 1406ه-1986م،ج3.
17/ محمد أبو زهرة، الأحوال الشخصية، الولاية عن النفس، دار الفكر العربي، 1957م، القاهرة، ط3.
18/ محمد بن أحمد الأزهري، تهذيب اللغة، دار إحياء التراث العربي، ط1،ج4.
19/ محمد بن أحمد (بن جزي) الغرناطي، القوانين الفقهية في تلخيص مذهب المالكية، تحقيق ماجد الحموي، دار ابن حزم، بيروت، لبنان، 1434ه/2013م، ط1.
20/ محمد بن أحمد بن عرفة (الدسوقي)، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، دار الفكر، لبنان، ج2.
21/ محمد بن عبدالله الخطيب التمرتاشي، تنوير الأبصار وجامع البحار في الفقه على المذهب الحنفي، دار الكتب العلمية، بيروت ،1994م.
22/ محمد رأفت عثمان، فقه النساء في الخطبة والزواج، دار الاعتصام للطبع والنشر والتوزيع.
23/ محمد محي الدين عبد الحميد، الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية، المكتبة العلمية، بيروت، لبنان،2003م.
24/ محمد مرتضى الحسيني الزبيدي، تاج العروس من جواهر القاموس، دار الهداية للنشر، ج40.
25/ مصطفى أحمد الزرقاء، المدخل الفقهي العام ،دار القلم، دمشق،1998م، ط1.
26/ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، الأحوال الشخصية، دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر، دمشق، سوريا،1985، ط2، ج2.
ثانياً:- الدوريات والبحوث القانونية:-
1/ قارون فازية، دور الولي في عقد الزواج بين الشريعة الإسلامية وقانون الأسرة الجزائري، رسالة ماجستير، جامعة العقيد أكلي محند أولحاج، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم القانون الخاص، الجزائر، 2013م-2014م.
2/ مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية، محسن سميح الخالدي، الولي واشتراطه في عقد الزواج الإمارات العربية المتحدة، 2014م.
3/ مراح سعيد، ولاية التزويج في الفقه الإسلامي والقانون المقارن، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة عبد الحميد بن باديس، الجزائر،2016-2017م.
ثالثاً:- القوانين والتشريعات:-
1/ قانون المرافعات الشرعية لسنة 1435ه.
2/ المادة(81) من قانون الأسرة الجزائري لسنة 1984م.
3/ المادة 32/1 من قانون الأحوال الشخصية للمسلمين لسنة 1991م.
4/ المادة 13 من قانون الأحوال الشخصية رقم 61/76 المعمول به في الضفة الغربية.
[1] وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، الأحوال الشخصية، دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر، دمشق، سوريا،1985، ط2، ج2،ص30
[2] قارون فازية، دور الولي في عقد الزواج بين الشريعة الإسلامية وقانون الأسرة الجزائري، رسالة ماجستير، جامعة العقيد أكلي محند أولحاج، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم القانون الخاص، الجزائر، 2013م-2014م، ص11.
[3] محمد مرتضى الحسيني الزبيدي، تاج العروس من جواهر القاموس، دار الهداية للنشر، ج40، ص241.
[4] أبو الفضل جمال الدين بن محمد بن مكرم ابن منظور، لسان العرب، المطبعة الميرية، مصر، 1303ه،ج5،ص409.
[5] محمد بن أحمد الأزهري، تهذيب اللغة، دار إحياء التراث العربي، ط1،ج4، ص85.
[6] محمد بن عبدالله الخطيب التمرتاشي، تنوير الأبصار وجامع البحار في الفقه على المذهب الحنفي، دار الكتب العلمية، بيروت ،1994م ،ص153 – 155 .
[7] حافظ محمد أنور، ولاية المرأة في الفقه الإسلامي، دار بلنسية، الرياض، 1420ه، ط1، ص543.
[8] وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص746.
[9] مصطفى أحمد الزرقاء، المدخل الفقهي العام ،دار القلم، دمشق،1998م، ط1، ص843.
[10] محمد أبو زهرة، الأحوال الشخصية، الولاية عن النفس، دار الفكر العربي، 1957م، القاهرة، ط3، ص107.
[11] عبد الكريم زيدان، الوجيز في أصول الفقه، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1987م، ص339.
[12] محمد أبو زهرة، مرجع سابق، ص458.
[13] وهبة الزحيلي، مرجع سابق،ص220.
[14] ينظر المادة(39) من قانون المرافعات الشرعية لسنة 1435ه.
[15] ينظر المادة(81) من قانون الأسرة الجزائري لسنة 1984م.
[16] ينظر المادة 32/1 من قانون الأحوال الشخصية للمسلمين لسنة 1991م.
[17] ينظر المادة 25 من القانون.
[18] علاء الدين أبوبكر بن مسعود بن أحمد ( الكاساني)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، دار الكتب العلمية، بيروت، 1406ه-1986م،ج3، ص 357.
[19] صحيح مسلم، بشرح النووي، كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق، والبكر بالسكوت، قرطبة للطباعة والنشر والتوزيع، ، الجزء 9،ص291.
[20] الأمام النووي، روضة الطالبين وعمدة المفتين، المكتب الإسلامي، بيروت،1412ه- 1991م، ط3، ج7،ص54.
[21] الجزيري عبد الرحمن، كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، كتاب النكاح والطلاق، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان1424ه/2003م،ج4، ص29.
[22] المرجع نفسه، ص29.
[23] وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص205.
[24] الجزيري عبد الرحمن، مرجع سابق، ص29.
[25] الكاساني، مرجع سابق، ص358.
[26] المرجع نفسه، ص358.
[27] سورة النساء، الآية رقم(141).
[28] عبد الغني بن طالب بن إبراهيم ( الغنيمي)، اللباب في شرح الكتاب، المكتبة العلمية، بيروت، ج3، ص11.
[29] مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية، محسن سميح الخالدي، الولي واشتراطه في عقد الزواج الإمارات العربية المتحدة، 2014م،ص26.
[30] الكاساني، مرجع سابق، ص357.
[31] زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري، أسنى المطالب شرح روض الطالب، دار الكتب العلمية، بيروت، 2001م، ج3،ص131.
[32] الصادق عبد الرحمن (الغرياني)، مدونة الفقه المالكي وأدلته، الريان للطباعة والنشر، ط1، ج2، ص558.
[33] محمد بن أحمد بن عرفة (الدسوقي)، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، دار الفكر، لبنان، ج2، ص364.
[34] زكريا الأنصاري، مرجع سابق، ص131.
[35] المرجع نفسه، ص131.
[36] الغرياني، مرجع سابق، ص757.
[37] الكمال بن همام، شرح فتح القدير، دار الفكر، بيروت، ص256-257، ج3،ص 256.
[38] سنن ابن ماجة، تحقيق شعيب الأرناوؤط، كتاب النكاح، باب : لا نكاح إلا بولي، دار إحياء الكتب العربية، ص327.
[39] وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص197.
[40] المرجع نفسه، ص197.
[41] المرجع نفسه، ص197.
[42] مراح سعيد، ولاية التزويج في الفقه الإسلامي والقانون المقارن، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة عبد الحميد بن باديس، الجزائر،2016-2017م، ص47.
[43] المرجع نفسه، ص47.
[44] محمد رأفت عثمان، فقه النساء في الخطبة والزواج، دار الاعتصام للطبع والنشر والتوزيع،ص59.
[45] المرجع نفسه، ص61.
[46] ابن قدامة، المغني، تحقيق محمود عبد الوهاب فايد و عبد القادر أحمد عطا، مكتبة القاهرة للنشر، ج7، ص7.
[47] الكاساني، مرجع سابق، ص386-369، و شمس الدين (السرخسي)، المبسوط ، دار المعرفة، بيروت، لبنان، ، ج5، ص10.
[48] السرخسي، مرجع سابق، ص10.
[49] المرجع نفسه، ص10.
[50] المرجع نفسه، ص10.
[51] ابن همام، مرجع سابق،ص256.
[52] سورة البقرة، الآية رقم 232.
[53] شمس الدين محمد بن أحمد (الخطيب الشربيني)، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1415ه/1994م، ط1، ج3،ص147.
[54] صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن)، حديث4255، دار ابن كثير، بيروت، ج2، ص232.
[55] سورة النور، الآية رقم32.
[56] الخطيب الشربيني، مرجع سابق، ص147.
[57]سورة البقرة، الآية رقم221.
[58]سورة النساء، الآية رقم 34.
[59] سنن ابن ماجة، مرجع سابق، باب لا نكاح إلا بولي، حديث رقم 1789، ص341.
[60] سنن ابن ماجة، مرجع سابق، حديث رقم 1882، ص341.
[61] المرجع نفسه، حديث رقم 1881، ص341.
[62] ابن بلبان، الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، كتاب النكاح، باب الولي،ج9، حديث رقم4075، ص386.
[63] ابن قدامة، مرجع سابق، ص450.
[64] سورة البقرة، الآية رقم 221.
[65] السرخسي، مرجع سابق، ص11-12.
[66] الكاساني، مرجع سابق، ص374.
[67] البقرة، الآية رقم 230.
[68] الكاساني، مرجع سابق، ص373.
[69] الكاساني، مرجع سابق، ص370.
[70] المرجع نفسه، ص373.
[71] صحيح مسلم بشرح النووي، مرجع سابق، باب إستئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، حديث رقم 1421، ص160.
[72] الكاساني، مرجع سابق، ص373
[73] سنن أبو داود، ج2،باب في الثيب، حديث رقم 2100، ص233، أخرجه أحمد(1/261)، والنسائي(6/393،) والبيهقي(7/118) كما ذكر الكاساني، مرجع سابق، ص373،
[74] السرخسي، مرجع سابق،ص12.
[75] الكاساني، مرجع سابق، ص375.
[76] وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص194.
[77] السرخسي، مرجع سابق، ص10.
[78] الكاساني، مرجع سابق، ص369.
[79] أخرجه الترمزي في سننه، باب إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه، حديث رقم1085، ج3،ص386.
[80] وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص220.
[81] ينظر المادة 13 من قانون الأحوال الشخصية رقم 61/76 المعمول به في الضفة الغربية.
[82] سيد سابق، فقه السنة، مؤسسة الرسالة للطباعة ولنشر والتوزيع،2003 م، ط1،ج2،ص185.
[83] محمد أبو زهرة، مرجع سابق، ص157.
[84] وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص218.
[85] محمد محي الدين عبد الحميد، الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية، المكتبة العلمية، بيروت، لبنان،2003م،ص89.
[86] وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص216.
[87] محمد محي الدين عبد الحميد، مرجع سابق، ص89.
[88] المرجع نفسه، ص89.
[89] المرجع نفسه،ص89.
[90] محمد بن أحمد (بن جزي) الغرناطي، القوانين الفقهية في تلخيص مذهب المالكية، تحقيق ماجد الحموي، دار ابن حزم، بيروت، لبنان، 1434ه/2013م، ط1،ص344.
[91] المرجع نفسه، ص344.
[92] السرخسي، مرجع سابق، ص10
[93] ابن جزي، مرجع سابق، ص234.
[94] الخطيب الشربيني، مرجع سابق، ص199.
[95] المرجع نفسه، ص199.
[96] السرخسي، مرجع سابق، ص10.
[97] ابن قدامة، مرجع سابق،ص449.
[98] المرجع نفسه، ص449.
[99] الكاساني، مرجع سابق، ص369.
[100] المرجع نفسه، ص369
[101] المرجع نفسه، ص369.
[102] السرخسي، مرجع سابق،ص10.
[103] الكاساني، مرجع سابق، ص370.
[104] المذكرة الإيضاحية للقانون الاتحادي رقم 28 لسنة 2005م في شأن الأحوال الشخصية.
[105] المادة 9/1 من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959.
[106] المواد 14،15،16،17،18 من قانون الأحوال الشخصية لسنة 2019م.
[107] ينظر المادة 19 من ذات القانون.