سُلطات قاضي الأمور المستعجلة في قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني: “دراسة تحليلية”
Powers of the Summary Judge of the Palestinian Civil and Commercial Procedure Law “analytical study”
محمد خالد حسن عوده، محامٍ، وباحث ماجستير، برنامج القانون الخاص، جامعة الأزهر بغزة
Mohammed Khaled Hassan Ouda, Al_ Azhar University Gaza.
مقال منشور في مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة العدد 47 الصفحة 41.
ملخص:
لأجل حماية الحق المتنازع عليه أمام القضاء حمايةً مؤقتة مستعجلة؛ ابتدع المشرع ما يعرف بالقضاء المستعجل، الذي يتغيا الحفاظ على المراكز القانونية بعيدًا عن العبث بها طيل فترة التقاضي، لكي تحقق الحماية الموضوعية هدفها، وقد خص قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني قاضي الأمور المستعجلة لنظر هذه الحماية _ الوقتية المستعجلة _ وجعل له ضوابط يسير عليها لتحقيقها، وهو ما نسلط عليه الضوء في هذه الدراسة التي حددت سلطات قاضي الأمور المستعجلة بشيء من التفصيل.
الكلمات المفتاحية: قاضي الأمور المستعجلة، قاضي الموضوع، القضاء المستعجل، الاستعجال، الحق، الوقتية، سلطات.
Abstract:
In order to protect the right in dispute before the courts temporarily; The legislature has created what is known as summary justice, which aim is to keep legal centers from being tampered with for the duration of litigation, In order to achieve its objective, the Palestinian Code of Civil and Commercial Procedure has devoted the Urgent Action Judge to the consideration of this urgent time protection and has established controls in place to achieve it, this is highlighted in this study, which identified the powers of the pre-trial judge in some detail.
Keywords: Summary Judge, Trial Judge, Summary Judge, Urgency, Right, Time, Powers.
مقدمة:أولا: موضوع البحث
إن الحماية القضائية لحقوق الأفراد وردها إلى أصحابها هي الغاية التي لأجلها انعقد القضاء مُلزمًا وحاسمًا للمتقاضين الذين، وهذا ما يعرف بالحماية الموضوعية للحق الذي توفره الدعوى، وإنه في سبيل هذه الحماية كان لا بد على القاضي العادي أن ينظر موضوع النزاع بتأنٍ وسكينة من خلال عرض طلبات الخصوم، ومن ثم سماع بينات كل طرف على حدى، ثم الاختلاء مع هذه الوقائع وينزلها المنزلة القانونية الصحيحة، لكي يصل إلى حُكم نهائي يفصل النزاع وينهي الخلاف، وبعد ذلك قد يلجأ الخصوم إلى الطعن في هذه الأحكام أمام محاكم أعلى درجة ليطرح النزاع أمامها مرة أخرى، وكل هذه الإجراءات تتطلب جلسات وجلسات ووقتًا ليس بالقصير فقد تصل مدة النزاع القضائي لعدد من السنوات، هذا الأمر جعل الحاجة ملحة إلى إيجاد نظام يحمي الحق حماية وقتية ومستعجلة يكفل وجوده وبقاؤه إلى أن تتقرر الحماية الموضوعية النهائية له، فاتجهت التشريعات إلى إيجاد نظام قاضي الأمور المستعجلة ليواجه خطر التأخير و البطء جراء طول إجراءات التقاضي، ولا ريب أن قواعد الاختصاص من النظام العام، وليس لأي قضاء أن يتعدى تخوم سلطات قضاء آخر، لذلك فإننا في هذه الدراسة سنتحدث عن “سُلطات قاضي الأمور المستعجلة في قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني”.
ثانيًا: أهمية البحث
إن الواقع العملي يوضح لنا مدى كثرة الطلبات المستعجلة التي تنظر أمام القضاء المستعجل، إذ هو الضمانة الأولية لحماية الحق المتنازع عليه من مغبة التغيير أو التحريف، ويشكل ضمانة مريحة للمتقاضين أثناء عرض نزاعاتهم، وفي سبيل تطبيق هذه الحماية الوقتية قد يَشكُل على قاضي الأمور المستعجلة ما يستدعي مساسًا بأصل الحق، لذا تأتي أهمية هذه الدراسة في بيان تخوم القضاء المستعجل وبيان المحظورات التي لا بد أن يبتعد عنها قاضي الأمور المستعجلة، ولتوضيح الإشكالات التي أفرزها التطبيق العملي التي قد يقع بها البعض سيما في ظل وجود بعض المشتبهات مع الطلبات المستعجلة كالدعاوى التي تنظر على وجه السرعة وكالطلبات الوقتية مثلًا.
ثالثًا: مشكلة البحث
تتمثل مشكلة البحث من سؤال عام يمثل الفكرة العامة والاساسية لهذه الدراسة، وهو ما هي الضوابط التي تحكم اختصاص قاضي الأمور المستعجلة؟
ويتفرع عن هذا السؤال عدة أسئلة كالتالي:
- ما مدى حجية القرارات المستعجلة؟
- ما الذي يميز الطلبات أو الدعاوى المستعجلة عن الدعاوى التي تنظر على وجه السرعة وما الذي يميزها عن القرار الوقتي؟
- ما هو الاستعجال؟ وما هي مظاهره؟
- ما مدى صلاحيات القاضي المستعجل في بحث أصل الحق؟
- ما مدى صلاحية القضاء المستعجل في تحوير الطلبات؟
رابعًا: منهجية البحث
لقد اتبعت في هذا البحث، منهجية الأسلوب الوصفي التحليلي، الذي يعتمد على تجميع المادة العلمية معتمدا على التحليل والتفصيل.
خامسًا: هيكلية البحث
لقد قمت بتقسيم هذا البحث إلى مبحثين، وكل مبحث الى مطلبين كالتالي:
المبحث الأول: ماهية القضاء المستعجل.
المبحث الثاني: شروط اختصاص قاضي الأمور المستعجلة، وتطبيقاته.
الخاتمة: وتشمل النتائج والتوصيات.
المبحث الأول
ماهية القضاء المستعجل
تمهيد وتقسيم:
لقد وضع قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني تنظيمًا واضحًا شاملًا للقضاء المستعجل في الفصل الثاني منه، ولم يكن المشرع لينص عليه ويخصص له المواد من (102 – 114) لولا إدراكه لاحتمال اقدام أطراف الخصومة على تغيير مراكزهم القانونية محل النزاع بما يتناسب مع مصلحتهم، الأمر الذي يفوت على الدعوى الأصلية غايتها، خاصة في ظل بطء إجراءات التقاضي العادية، فتداعت التشريعات الإجرائية إلى استحداث القضاء المستعجل الذي يرمي بدوره إلى بسط الحماية الوقتية العاجلة على الحق الظاهر دون الولوج لموضوع النزاع حتى انتهاء الأخير بنتيجة نهائية، وعليه فإننا سنبين ماهية القضاء المستعجل في هذا المبحث من خلال تعريفيه وبيان خصائصه، ومن ثم بيان ما يميزه عن غيره من الأوضاع القانونية المشابهة، وذلك من خلال تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين على النحو التالي:
المطلب الأول: التعريف بالقضاء المستعجل واهميته وطبيعته وخصائصه.
المطلب الثاني: تمييز الطلبات المستعجلة عما يشتبه بها، والمحكمة المختصة بنظرها.
المطلب الأول
التعريف بالقضاء المستعجل واهميته وطبيعته القانونية وخصائصه
وسنوضح هذا المطلب في أربعة فروع كالتالي:
الفرع الأول: التعريف بالقضاء المستعجل.
لم يضع المشرع الفلسطيني في قانون أصول المحاكمات رقم 2 لسنة 2001 تعريفًا للقضـاء المسـتعجل ضـمن أحكـامه، إنما اكتفى بما جاء في نص المادة (102) منه حيث نص على “يجوز لمن يخشى حدوث ضرر محتمل من فوات الوقت أن يقدم طلبًا إلى قاضي الأمور المستعجلة يطلب فيه اتخاذ إجراءات وقتية وفقًا لمقتضى الحال بما لا يمنع قاضي الموضوع من نظر هذا الطلب تبعًا للدعوى الأصلية”، تاركًا للفقه والقضاء تولي أمر ذلك.
ذهـب بعـض الفقـه إلـى تعریفـه بأنـه “الفصـل فـي المنازعـات التـي یخشـى علیهـا مـن فـوات الوقـت فصـلا مؤقتـا لا یمس أصـل الحـق، وإنما یقتصـر على الحكم باتخاذ أجراء وقتي ملزم للطرفین بقصد المحافظـة علـى الاوضـاع القائمـة أو احترام الحقـوق الظـاهرة أو صيانة مصالح الطرفين المتنازعين”([1]).
كما عُرف بأنه “القضاء العاجل الذي يضفي الحماية القضائية الوقتية على ظاهر الحق دون الخوض في موضوع النزاع”([2]).
وقد عرف جانب من الفقه الدعوى المستعجلة بأنها “المنازعة المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت بشرط ألا يتعرض في هذه المنازعات وتلك الى أصل الحق المتنازع عليه”([3]).
وفي تعريف فقهي أخر بأن “الطلب المستعجل نظام يهدف إلى حماية مؤقتة باتخاذ إجراءات كفيلة بإيجاد حلول سريعة تستقر بها الأوضاع مؤقتا إلى أن يفصل في النزاع من محكمة الموضوع”([4]).
وعلى هذا النسق قالت محكمة النقض المصرية أن “مناط اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بالحكم في المسائل التي يخشي عليها من فوات الوقت هو قيام حالة الاستعجال وأن يكون المطلوب إجراءً وقتيا لا يمس أصل الحق المتنازع عليه”([5]).
وقد ورد في حكم محكمة الاستئناف الفلسطينية أنه ” طلب يقتضيه الاستعجال ويتقدم به المدعي إلى القضاء المستعجل من أجل اتخاذ إجراء وقتي يبرره خطر داهم أو أمر يتضمن ضررا قد لا يمكن تلافيه أو وجود خطر محقق على رافع الدعوى لا يمكن تعويضه إذا وقع بحيث يضار المدعي إذا سلك طريق الدعاوى العادية”([6]).
ومن خلال التعريفات السابقة يتضح لنا بأن التعريفات قد ركزت في مجملها على شروط الطلب أو الدعوى المستعجلة واختصاص القضاء المستعجل بنظره، وتقاطعت كل التعريفات عند ضرورة توفر عنصري الاستعجال والوقتية في عمل القضاء المستعجل، كضابط لحدود سلطات القاضي المستعجل. إلا أن التعريفات السابقة لم تبين نظام القضاء المستعجل ومدى تبعيته للقضاء العادي أم أنه قضاء مستقل.
لذا فإن الباحث يرى تعريف القضاء المستعجل: بأنه:” قضاء تابع للقضاء العادي مختص في نظر المنازعات تبتغي اتخاذ إجراء وقتي مستعجل لا يمس أصل الحق، يبرره خطر داهم أو أمر لا يمكن تلافيه، بقصد الوقاية من التأخير، وتنتهي بانتهاء الحماية الموضوعية “.
الفرع الثاني: أهمية القضاء المستعجل.
يسير القضاء الموضوعي بروية وأناة لكي يتسنى لقاضي الموضوع بحث واقعات الدعوى المنظورة أمامه بتركيز، من خلال استنباطها من بينات الدعوى بعد وزنها وانزالها المنزلة القانونية السليمة، وهذا الأمر قد يؤدي إلى الإضرار بمصالح الخصوم ضررًا لا يمكن تلافيه، فتكون الحماية القضائية التي توفرها الدعوى الأصلية عديمة الجدوى، الأمر الذي حدا بالمشرع إلى أن يتدخل سريعا ببسط حمايته المؤقتة للحق الظاهر لحين الانتهاء من الدعوى نهائيًا، وبذا يكون المشرع قد وفق بين الأناة اللازمة لتحقيق حسن سير القضاء وبين نتائج هذه الأناة التي قد تسبب ضررًا لبعض الخصوم([7]).
كما أن كثيرا ما تؤدي القرارات المستعجلة من الناحية العملية إلى إنهاء النزاع، ذلك أن الخصوم قد يجدون مؤشرًا في القرار المستعجل لمدى صحة المركز القانوني لكل منهم فيكتفون به([8]).
أضف إلى ذلك فإن أهمية القضاء المستعجل تظهر في أنه قد يغني في كثير من الأحيان عن اللجوء إلى القضاء الموضوعي، مما يساعد على تخفيف العبء عن هذا القضاء بنظر بعض المسائل، لا سيما في الحالات التي يكون فيها الحكم المستعجل محققًا لكل ما يطلبه أو يستهدفه المتقاضون من اللجوء إلى القضاء ([9])، كإصدار قرار بإجراء ترميمات عاجلة وضرورية للأجزاء المشتركة في المباني متعددة الطوابق.
الفرع الثالث: الطبيعة القانونية للقضاء المستعجل.
يعتبر القضاء المستعجل عملًا قضائيًا بمعنى الكلمة، وقد أنكر البعض عليه الصفة القضائية واعتبروه نشاطًا إداريًا، إلا أن هذا الرأي لم يلق قبولًا في الفقه ([10]). والأخذ بفكرة القضاء المستعجل اقتضته الضرورة العاجلة والملحة، ومن ثم يجب أن تقدر بقدرها وحدود الهدف منها، وبذلك يمكن تحديد وظيفة القضاء المستعجل في إطار ولاية القضاء العادي للمحاكم العادية في إطار محدد، وهو توفير الحماية الوقتية العاجلة لبعض الحقوق أو المراكز القانونية حسب ما تقتضيه الظروف وتفصح عنه ظاهر الأدلة أو المستندات دون أن تكون هذه الحماية قاطعة في حسم النزاع حول موضوع الحق أو المركز القانوني، ويتضح من ذلك أنه نظام قضائي متخصص بنظر المسائل المستعجلة والوقتية، رغم خضوعه لولاية القضاء العادي في المسائل المدنية والتجارية ([11]).
واختصاص القضاء المستعجل هو اختصاص يتعلق النظام العام ([12])، فلا يجوز للأطراف الاتفاق على إسباغ اختصاص آخر له ([13])، ولا يغير من اعتباره نظاما قضائيا بالمعنى الفني لهذه الكلمة، كون أن قاضي الأمور المستعجلة يختص بإصدار أوامر وقتية عاجلة ([14]).
ويخرج عن اختصاص القضاء المستعجل إذا كان المطلوب اتخاذ إجراء وقتي يتعلق بمنازعة إدارية أو بقرار إداري، لخروج أصل النزاع الذي يتعلق به الإجراء ويتفرع عنه في مثل هذه الأحوال من ولاية القضاء العادي الذي يتبعه القضاء المستعجل، ودخوله في القضاء الإداري ([15]).
الفرع الرابع: خصائص القضاء المستعجل.
القضاء المستعجل كما سبق وأن ذكرنا قضاءٌ متخصص بالمسائل المستعجلة الوقتية، ويعتبر جزءً من ولاية القضاء العادي، ومن ثم فهو يتميز عن القضاء الموضوعي بعدة خصائص:
أولًا: أن القضاء المستعجل له وظيفة مساعدة، فهو يمنح بالنظر إلى إمكانية صدور قضاء موضوعي محتمل في المستقبل سواء كان هذا القضاء نتيجة دعوى موضوعية رفعت بالفعل أو تنتظر رفعها، ذلك أن القضاء المستعجل إنما يرمي إلى ضمان تحقيق الدعوى الموضوعية لهدفها. ولهذا فإنه إذا فصل في الدعوى الموضوعية فإن الدعوى المستعجلة تصبح غير مقبولة ([16]).
ثانيًا: قرار القضاء المستعجل مؤقت ([17])، فهو يرتب آثره إلى حين الفصل في الدعوى الموضوعية ولهذا فإن الحكم الصادر بالحراسة القضائية ينتهي أثره بصدور الحكم بالملكية لأحد الخصوم.
وطالما أن قرارات القضاء المستعجل هي قرارات مؤقتة، فمن الطبيعي إذن ألا تحوز قراراته على الحجية بالنسبة لثبوت الحق أو نفيه، ولا تحوز قوة الشيء المحكوم به أمام محكمه الموضوع، فقد قضت محكمة النقض الفلسطينية بأنه: “من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القرارات الوقتية المستعجلة لا تقيد محكمة الموضوع، ولا تحوز حجية بالنسبة لثبوت الحق أو نفيه، وأن القرار برعاية الأشجار والاعتناء بها لا يؤثر في المراكز القانونية لخصوم الدعوى ولا يستحدث مراكز قانونية جديدة”([18])، حاشا أن تكون لها حجية مؤقتة تستمر طالما لم تتغير الظروف التي دعت الى إصدارها ([19])، فإن كان ثمة ما يستدعي إلغاء أو تعديل القرار المستعجل فللقاضي الأمور المستعجلة ذلك بما له من سلطة في تقدير توافر شرائط القرار المستعجل من عدمه، سندًا لنص المادة (109) من قانون أصول المحاكمات.
المطلب الثاني
تمييز الطلبات المستعجلة عما يشتبه بها والمحكمة المختصة نوعيًا بنظرها
وسنقسم هذا المطلب إلى فرعين، الأول لبيان ما يميز الطلبات أو الدعاوى المستعجلة عن غيرها من الأوضاع المشابهة، والثاني لبيان المحكمة المختصة بنظر هذه الطلبات، وذلك على النحو الآتي:
الفرع الأول: تمييز الطلبات المستعجلة عما يشتبه به.
أولًا: التمييز بين الطلبات أو الدعاوى المستعجلة وبين الدعاوى التي تنظر على وجه الاستعجال:
تختلف الطلبات المستعجلة التي تدخل في اختصاص قاضي الأمور المستعجلة عن المسائل التي يوجب القانون الفصل فيها على وجه السرعة، مثل الدعاوى العمالية، فهذه الدعاوى هي دعاوى عادية رأى المشرع لاعتبارات خاصة نظرها على وجه السرعة وحث القاضي على التعجيل بالفصل فيها، وهي تختلف عن الطلبات المستعجلة من وجوه منها ([20]):
- طبيعة كل منها، فالطلبات المستعجلة ذات طبيعة وقتية بينما الدعوى التي يفصل فيها على وجه السرعة ذات طبيعة موضوعية.
- الطلبات المستعجلة تستمد صفة الاستعجال من طبيعة الطلب ووقائعه فهي لا تدخل تحت الحصر، بينما الدعاوى التي يفصل فيها على وجه السرعة ينص القانون عليها صراحة.
- القرار الصادر في الطلب المستعجل هو قرار يصدر بإجراء وقتي لا يمس أصل الحق ولا يقيد محكمة الموضوع، وإذا تغيرت المراكز القانونية أو الوقائع والظروف يجوز لقاضي الأمور المستعجلة الرجوع عنه أو إلغائه أو تعديله، بينما الحكم الصادر في الدعوى التي ينص القانون على أنها تفصل على وجه السرعة هو حكم نهائي يحسم المنازعة وبصدره تستنفذ المحكمة ولايتها عليه، ولا يكون أمام الخصم سوى مباشرة حقه في الطعن فيه إذا توافرت شروط ذلك.
- الطلبات المستعجلة تقدم إلى قاضي الأمور المستعجلة وإلى محكمة الموضوع التي تنظر الطلبات المستعجلة كطلبات متفرعة عن الدعوى الموضوعية وفي ذلك قضت محكمة النقض المصرية أن:” أن تعطل المصعد لم يكن إلا عارضاً منعه من الانتفاع به بما يحق له اللجوء إلى قاضى الأمور المستعجلة أو بطلب مستعجل تابع لدعوى موضوعية للإذن له بإصلاحه وإعادة الانتفاع به”([21])، أما الدعوى التي نص المشرع على أنها تفصل على وجه السرعة فترفع أمام محكمة الموضوع وفقا لقواعد الاختصاص باعتبارها قضية موضوعية يجري السير في إجراءاتها والطعن فيها طبقا لقواعد القضاء الموضوعي، فمثلًا أوجب المشرع في قانون العمل على ضرورة الفصل في الدعاوى العمالية على وجه السرعة، ومع ذلك فإن الاختصاص منعقد للقضاء العادي وفي ذلك قضت محكمة النقض المصرية أن:” نظر الدعوى العمالية من اختصاص القضاء العادي”([22]).
ثانيًا: التمييز بين الطلبات او الدعاوى المستعجلة وبين الطلبات الوقتية.
قد يفهم من القول أن قاضي الأمور المستعجلة يفصل في الدعاوى او المسائل المستعجلة أي يتوافر فيها عنصر الاستعجال ويخشى عليها من فوات الوقت بحكم وقتي؛ أن قاضي الأمور المستعجلة هو قاضي الأمور الوقتية؛ وعلَّ ما يزكي هذا اللبس أن كلمة وقتية وصف يلحق بالحكم المستعجل كما يلحق بعمل قاضي الأمور الوقتية، ومما يزيد الأمر التباسا أن قاضي الأمور المستعجلة لا يقتصر عمله بموجب سلطته القضائية على إصدار الأحكام المستعجلة وإنما يخوله المشرع بموجب سلطته الولائية الإذن بأمر على عريضة لا يتوافر فيه شرط الاستعجال شأنه في ذلك شـأن ما يصدر عن قاضي الأمور الوقتية بموجب سلطته الولائية([23]).
ونوجز هذه الاختلافات في ثلاثة نقاط كالتالي:
- كل من الطلب المستعجل والطلب الوقتي هو مجرد طلب بإجراء وقتي، ولكن الطلب المستعجل يزيد عن الطلب الوقتي بتوافر صفة الاستعجال، أي الخطر المحدق بالحق المراد حمايته والذي يتطلب الحصول على حماية قضائية مؤقتة وعاجلة([24]).
- الطلب الوقتي قد يحتاج الفصل فيه بحثا موضوعيا كونه غير واضح من ظاهر المستندات، وبالتالي يخرج من اختصاص قاضي الأمور المستعجلة الذي يجب أن لا يمس أصل الحق ([25]).
- من حيث المحكمة المختصة بنظر الطلب الوقتي فهي محكمة الموضوع، أما الطلب المستعجل فينظر أمام القضاء المستعجل، فيشترط لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة أن تتوافر صفة الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق. أما عند نظر قاضي الموضوع الطلب الوقتي فإنه لا يشترط سوى أن يكون المطلوب إجراء وقتيا حتى وإن لم يكن هناك استعجال، وله أن يتحرى الحقيقة من خلال بحثها موضوعيا.
وبذلك يمكن القول أن كل قرار مستعجل هو قرار وقتي، بينما ليس كل قرار وقتي هو قرار مستعجل. ومثال القرارات الوقتية: القرار الصادر بتحديد تاريخ التوقف عن الدفع في القانون التجاري([26]).
وقد قضت محكمة النقض الفلسطينية بأن: “الطلب المستعجل يصدر لتدارك وضع يلحق _ لو استمر _ ضررا بالمستدعي، بينما طلب الرجوع عن القرار المستعجل يصدر بحضور الفريقين ولا يقصد منه حماية حقٍ مهدر بصفة الاستعجال، ولا يأخذ صفة الاستعجال التي توخاها المشرع لحماية الحقوق المهدرة” ([27]).
تعليقنا على الحكم:
نحن نرى أن محكمة النقض قد أقرت بوقتية طلبات الرجوع وإن لم تذكر ذلك في حكمها صراحةً، إلا أننا نراها قد أقرت هذا الوصف ضمنًا عندما جعلت هذا الطلب من الطلبات التي يجوز استئناف قراراتها استقلالًا وجعلت مدة الاستئناف هي ثلاثون يومًا، وما هذا إلا تطبيقًا لنص المادة (192/1) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية التي تجيز الطعن استقلالًا بالقرارات الوقتية وكذلك القرارات المستعجلة، فهذا الطلب لو لم يكن وقتيًا لما أجاز قضاء النقض استئنافه استقلالًا وحددت مدة استئنافه بثلاثين يومًا وفقًا للمادة (205/1) من قانون الاصول؛ لأن القاعدة العامة أنه لا يجوز الطعن في القرارات التمهيدية بشكل مستقل، وإنما جعلت مدة استئنافه وفقًا للقاعدة العامة لأن المشرع لم يضع لها مدة معينة كالطلب المستعجل، ولو كان مستعجلًا لقررت أن مدة استئنافه هي خمسة عشر يومًا وليس ثلاثون.
ولعل اختلاف مدد الاستئناف بين الطلبين الوقتي والمستعجل هو من أهم الآثار المترتبة على التمييز بين القرار المستعجل والقرار المؤقت فمدة الاستئناف في الطلب المستعجل هي خمسةَ عشرَ يومًا استنادًا لنص المادة (205/2) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، بينما استئناف القرارات المؤقتة هي ثلاثون يومًا وفقًا للمادة (205/1) من قانون أصول المحاكمات.
الفرع الثاني: المحكمة المختصة بنظر الطلبات المستعجلة.
على الرغم من اعتماد الفقه المقارن لفكرة المصلحة المحتملة كأساس للقضاء المستعجل، إلا أن تنظيمه ليس واحدًا، فالاتجاه الغالب في القانون المقارن يأخذ بنظام القضاء المستعجل باعتباره نظاما قضائيا له استقلاله في إجراءات التقاضي رغم تبعيته للقضاء العادي، يختص فقط بنظر الطلبات المستعجلة ويطلق عليه قاضي الأمور المستعجلة، وقد أخذ بهذا المبدأ قانون المرافعات المصري حيث جاء في المادة (45) من قانون المرافعات المصري “يندب في مقر المحكمة الابتدائية قاض من قضاتها ليحكم بصفة مؤقتة مع عدم المساس بالحق في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من الفوات، أما في خارج المدينة التي بها مقر المحكمة الابتدائية فيكون هذا الاختصاص لقاضي المواد الجزئية، على أن هذا لا يمنع من اختصاص محكمة الموضوع أيضا بهذه المسائل إذا رفعت لها بطريق التبعية”.
أما في قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني فقد نصت المادة (103) على أنه: ” تقدم الطلبات المتعلقة بالمسائل المستعجلة إلى:
- قاضي الأمور المستعجلة بصورة مستقلة.
- المحكمة التي تنظر موضوع الدعوى بالتبعية للدعوى الأصلية.”
كما قد نصت المادة (11) من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 5 لسنة 2001([28])على أنه: “بقرار من مجلس القضاء الأعلى ينتدب قاضي صلح أو أكثر للنظر في الأمور الوقتية والمستعجلة ويسمى قاضي الأمور المستعجلة طبقا لأحكام قانون”. ونصت المادة (17) منه على أنه: ” بقرار من مجلس القضاء الأعلى ينتدب قاضي بداية للنظر في الأمور الوقتية والمستعجلة ويسمى قاضي الأمور المستعجلة طبقًا لأحكام قانون “.
ويتبين من هذين النصين أن قاضي الأمور المستعجلة في محكمة الصلح يختص فقط في الطلب المستعجل متى كانت الدعوى الموضوعية تدخل في اختصاص محكمة الصلح قيميا أو نوعيًا، وإذا كانت تدخل في اختصاص محكمة البداية فإن الطلب المستعجل يكون من اختصاص قاضي البداية المنتدب في محكمة البداية.
كما أنه وحسب المادة (103) من قانون الأصول فإن للمحكمة التي تنظر موضوع النزاع أن تنظر الطلب المستعجل تباعًا، وتكتسب المحكمة في هذه الحالة صفة قضاء الاستعجال فتنظره وفق للأصول المقررة لنظر الطلبات المستعجلة سندًا لنص المادة (108) من قانون أصول المحاكمات. واختصاص قاضي الموضوع بنظر الطلب المستعجل لا يكون إلا إذا كان الطلب المستعجل مرتبطا بالطلب الأصلي، وقيام الارتباط مسألة موضوعية متروكة لتقدير المحكمة ([29]). فإن استبان لها قيام الارتباط قضت في الطلب المستعجل بالقبول أو الرفض، أما إذا رأت عدم وجود ارتباط فإنها تقضي بعدم قبول الطلب المستعجل، ولا يجوز لها أن تقضي بعدم الاختصاص والإحالة إلى محكمة المواد المستعجلة ([30]).
وإذا أصدر قاضي الأمور المستعجلة قراره في الطلب قبل إقامة الدعوى الأصلية المنوي إقامتها، يجب أن يتضمن القرار إلزام المستدعي تقديم لائحة دعواه خلال ثمانية أيام وإلا اعتبر القرار الصادر في الطلب كأن لم يكن، استنادًا لنص المادة (107) من قانون أصول المحاكمات.
ويجوز لقاضي الأمور المستعجلة أن ينظر الطلب بحضور فريق واحد أو بعد الاستماع إلى الخصوم حسب مقتضى الحال، إعمالا للمادة (106) محاكمات.
وتجدر الإشارة إلى انه لا يجوز تقديم طلب مستعجل أمام محكمة الاستئناف باعتبارها محكمة موضوع؛ لأن ذلك يتعارض مع نص المادة (110) من قانون أصول المحاكمات التي تقضي بأن القرار الصادر في الطلب المستعجل على ذمة الدعوى الأصلية يكون قابلًا للاستئناف، فلا يكون أمام المستدعي في هذه الحالة تقديم طلبه المستعجل إلى قاضي الأمور المستعجلة المختص ([31])؛ لأن تقديم الطلب أمام المحكمة الاستئنافية بمثابة إخلال بمبدأ التقاضي على درجتين. وفي ذلك قضت محكمة النقض الفلسطينية بأنه: ” تختص محكمة الاستئناف في الاستئنافات المرفوعة إليها بشأن الأحكام والقرارات الصادرة عن محاكم أول درجة ولا تختص بالنظر في طلب الحجز المقدم لها مباشرة لأن المادة (266) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية حصرت المرجع الذي يقدم له طلب الحجز سواء قبل إقامة الدعوى البدائية أو عند تقديمها أو أثناء السير فيها بقاضي الأمور المستعجلة أو المحكمة المختصة وهي محكمة اول درجة، ولأن المادة (1/221) من القانون المذكور نصت على أن لا تقبل الطلبات الجديدة في الاستئناف وتحكم محكمة الاستئناف من تلقاء نفسها بعد قبولها”([32]).
وعلى قاضي الأمور المستعجلة النظر في مدى توافر أركان الطلب المستعجل من عدمه، والتي سنقوم بتبيانها في المبحث التالي إن شاء الله تعالى، فإذا شعر القاضي أثناء نظره الطلب عدم توافر شرط الاستعجال فإنه يقرر عدم اختصاصه إذا رفعت إليه بصفة مستقلة، أما إذا رفعت إليه بطريق الطلب العارض أثناء نظر الدعوى الموضوعية حكم القاضي برد الطلب فقط في هذه الحالة ولا تحكم بعدم الاختصاص؛ لأنها مختصة به بحكم التبعية لاختصاصها بنظر الدعوى الأصلية ([33])، على أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار غاية وحقيقة الطلبات المقدمة وقتية مستعجلة أم أنها طلبات موضوعية وهو ما سنوضحه في المبحث اللاحق بإذن الله.
ويرى البعض أنه يجوز تقديم الطلب لقاضي الأمور المستعجلة سواء قبل تقديم الدعوى لمحكمة الموضوع أم بعد أن ترفع الدعوى للمحكمة المختصة، كما يجوز تقديم الطلب المستعجل لمحكمة الموضوع بطريق التبعية للدعوى الأصلية؛ لأن ولاية إحدى المحكمتين لا تنفي ولاية الأخرى، وإذا ما قدم الطلب لقاضي الأمور المستعجلة المختص وقبل إصدار قراره أقيمت الدعوى بالموضوع، فإن قاضي الأمور المستعجلة يبقى مختصا بنظر الطلب باعتباره صاحب الاختصاص الأصيل، ولا يجوز للخصم طلب إحالة الطلب المستعجل إلى قاضي الموضوع لاختلاف طبيعة الطلب المستعجل عن دعوى الموضوع، بمعني أن الطلب يبقى أمام قاضي الأمور المستعجلة والدعوى أمام قاضي الموضوع ([34]).
وقد رأى جانب آخر عدم التسليم بهذا الرأي؛ لأن المشرع وضع معيارًا في المادة (102) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، يبين من خلاله الجهة التي يقدم إليها الطلب، كجهة اختصاص في المسائل المستعجلة، حيث جعل الاختصاص الأصيل بنظر المسائل المستعجلة لقاضي الأمور المستعجلة. على ألا يكون هذا على حساب اختصاص المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية، حيث تختص بنظر المسائل المستعجلة بالتبعية للدعوى الأصلية، إذا كانت الدعوى الأصلية مقامة. ويؤكد عَجزُ المادة (102) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، والذي جاء فيه: “أن يقدم طلبا إلى قاضي الأمور المستعجلة.. بما لا يمنع قاضي الموضوع من نظر هذا الطلب تبعًا للدعوى الأصلية”، والمعلوم أن الاختصاص التبعي للمحكمة، يأخذ حكم الاختصاص الأصلي القيمي أو النوعي لها، وبالتالي لا يجوز مخالفته. لهذا فإن إجازة تقديم الطلب لقاضي الأمور المستعجلة، في ظل وجود الدعوى أمام محكمة الموضوع، يشكل اعتداءً على اختصاصها التبعي، ويعد مخالفة للمادة (102) من قانون أصول المحاكمات. لذلك يتعين على قاضي الأمور القضاء بعدم اختصاصه إذا كانت الدعوى منظورة أمام محكمة الموضوع، وعلى محكمة الموضوع القضاء بعدم اختصاصها، إذا رفع إليها مثل هذا الطلب قبل رفع الدعوى ([35]).
كما ويرى أنصار هذا الجانب ان المادة (103) تفترض حالتين هما عدم وجود دعوى موضوعية فيكون الاختصاص لقاضي الأمور المستعجلة، والثانية عند وجود دعوى موضوعية فتكون الأخيرة هي المختصة لنظر الطلبات المستعجلة.
رأي الباحث: ونحن نرى أن الرأي الثاني هو الأجدر بالاتباع؛ لأن الجمع بين نصي المادة (102و103) والمادة (97) من قانون أصول المحاكمات التي تحدثت عن اختصاص محكمة الموضوع بنظر الطلبات العارضة المرتبطة بالطلبات الواردة في لائحة الدعوى، يدفعنا لفهم مقصد المشرع وفقًا لهذا المنحى، خاصة في ظل قاعدة “الفرع يتبع الأصل”، ولأن الأصل المتمثل في الدعوى الأم لا وجود له فيختص به قاضي الأمور المستعجلة، أما إن كان موجودا فيتبعه كل الطلبات العارضة المتفرعة هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى؛ فإن قاضي الموضوع هو الأقرب للنزاع الأصلي والأكثر تقديرًا لجدة الطلبات المستعجلة واعتبارها كذلك من عدمه.
المبحث الثاني
شروط اختصاص قاضي الأمور المستعجلة وتطبيقاته
سنبين في هذا المبحث الشروط التي لا بد من توافرها لكي ينعقد الاختصاص لقاضي الأمور المستعجلة، ومن ثم نبحث بعض تطبيقات حالات الاستعجال التي ذكرها القانون، وذلك بمطلبين كالتالي:
المطلب الأول
شروط اختصاص قاضي الأمور المستعجلة
يشترط لانعقاد اختصاص قاضي الأمور المستعجلة لنظر الطلب المستعجل أن يتحقق شرطين هما الاستعجال، وعدم المساس بأصل الحق بحيث يكون المطلوب في الطلب المستعجل هو إجراء وقتي ومؤقت، وسنبين هذه الشروط كالتالي:
الفرع الأول: شرط الاستعجال
أولًا: تعريف الاستعجال
لم يحدد المشرع الفلسطيني ولا التشريعات المقارنة المقصود بحالة الاستعجال، وإنما حدد اختصاص القضاء المستعجل بالفصل في بعض الحالات والمسائل التي يخشى عليها من فوات الوقت، حيث نصت المادة (102): “يجوز لمن يخشى فوات الوقت أن يقدم طلبا إلى قاضي الأمور المستعجلة يطلب فيه اتخاذ اجراءات وقتية.. “. كما وقد جاء في المادة (45) من قانون المرافعات المصري أن اختصاص قاضي الأمور المستعجلة: ” ليحكم بصفة مؤقتة مع عدم المساس بالحق في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من الفوات”.
وقد جاء في قضاء محكمة النقض المصرية أن تحقق شرط الاستعجال يكون بتوافر الخطر الداهم الذي لا يمكن تلافيه ([36]). وقد قضت محكمة النقض الفلسطينية أن: “الاستعجال هو الذي يخشى معه إهدار الحقوق مما يؤدي الى وقوع ضرر بمرور الزمن”([37]).
وترتبط حالة الاستعجال بعناصر موضوعية أو غير شخصية، وهي عنصر الزمن من ناحية وطبيعة المنازعة من ناحية أخرى، وتحقيقا لذلك قضت محكمة النقض الفلسطينية أن: “قاضي الأمور المستعجلة لم يراعي صفة الاستعجال المنوه عنها ولا الضرر الذي من الممكن أن يلحق بالطاعنة لو تأجل النظر في الطلب بحضور فريقين” ([38]).
وقد استقر الفقه على أن الاستعجال هو: الخطر الحقيقي المحدق بالحق المراد المحافظة عليه باتخاذ إجراءات سليمة لا تحتمل الانتظار، ولا يمكن أن تتحقق عن طريق القضاء العادي، ولو بتقصير الميعاد، وترتيبا على ذلك فإن الاستعجال يتوافر في كل حالة يراد منها درء ضرر مؤكد قد يتعذر تداركه، أو إصلاحه إذا حدث كإثبات حالة مادية يخشى من زوال معالمها مع مرور الوقت ([39]).
والحقيقة أن الاستعجال حالة تتغير بتغير ظروف الزمان والمكان، تتلازم مع التطور الاجتماعي في الأوساط المختلفة، ولذلك فإنه من الصعب وضع أي تعريف منطقي لأنه ليس مبدأ ثابت ([40]). فالاستعجال وصف مرن يواجه خطر التأخير أو بطء إجراءات التقاضي في الأحوال والمسائل التي لا تحتمل الانتظار إلى حين الحصول على حماية موضوعية وحكم يؤيد الحق الموضوعي.
وبناء عليه يستخلص قاضي الأمور المستعجلة حالة الاستعجال من كل حالة على حدة، بما لها من سلطة تقديرية في وزن وترجيح المصلحة المتوخاة من الطلبات المستعجلة ([41])، وعليه فقد قضت محكمة النقض الفلسطينية بأن: “إساءة استخدام طلبات الحجز والمنع كأداة للضغط موجب لعدم قبوله، إذا ثبت ذلك أمام قاضي الأمور المستعجلة” ([42])؛ لأن الهدف من هذا الطلب يكون واضحا وهو الكيدية وليس الاستعجال.
ثانيًا: مظاهر الاستعجال
من خلال ما سبق يتبين لنا أن الاستعجال والخشية من التأخير يتجلى في مظهرين:
- الخشية من زوال المعالم مع مرور الوقت، إذا كان المستدعي في الطلب المستعجل يهدف إلى إثبات بعض الوقائع التي يريد أن يستند إليها فيما بعد في دعوى موضوعية، مثال ذلك أن يقوم شخص بإغراق أرض جاره بالمياه بعد أن يكون أعدها للزراعة، ويرغب صاحب الأرض في إثبات هذه الحالة فورا، وظاهر فوات الوقت يؤدي إلى جفاف المياه وزوال معالم الواقعة التي يريد صاحب الأرض الاستناد إليها في طلب التعويض مستقبلا ([43]).
- الخشية من فوات المصلحة أو ضياع الحق، كما في حالة المستأجر الذي يترك العين المؤجرة بعد أن يخربها أو يتلفها، ففي هذه الحالة لا تزول معالمها بمرور الوقت، ولكن يترتب على البطء في اثباتها تفويت حق المؤجر في الانتفاع بالعين أو تأجيرها للغير. وكما لو توقف المقاول عن العمل، ويطلب صاحب العمل إثبات حالة البناء وقت توقف المقاول ليقوم بعد ذلك بإكمال البناء ([44]).
هذا وتستدل المحكمة على الاستعجال بتوافر عنصر الاحتمال، سواء بالنسبة للحق محل الحماية، أو بالنسبة للاعتداء عليه، ويتوافر احتمال وجود الحق بتوافر أمرين، الأول وجود قاعدة قانونية تحمي حقًا او مركزًا يمكن حمايته بالدعوى الموضوعية، التي ترفع الدعوى المستعجلة لحمايتها، والثاني أن تدل الوقائع على وجود محل الحماية الموضوعية من الناحية الفعلية، ولا يطلب من الدعي إثبات الوقائع القانونية المؤكدة للحق، بل يكفي منه أن يبين من الوقائع ما من شأنه أن يعطي احتمالا لوجود هذا الحق([45]).
ثالثًا: وقت توافر الاستعجال
يرى جانب من الفقه أن الاستعجال لا بد من توافره من وقت إقامة الدعوى المستعجلة وحتى الفصل فيها، فحيث ينتفي هذا الاستعجال سواء وقت إقامة الدعوى أو اثناء نظرها لا يكون لتدخل قاضي الأمور المستعجلة محل ([46]).
ويرى جانب آخر أنه لو توافرت حالة الاستعجال بعد إقامة الدعوى المستعجلة فإن القاضي المستعجل يختص بنظرها؛ لأن القاعدة مقررة لصالح المدعي فلا يجوز أن يضار من أعمالها في مواجهته، كما أنه ليس من العدالة أن يتحمل المدعي مصاريف دعوى جديدة يجوز له أن يرفعها بنفس حالة الأولى وفي نفس الوقت الذي يقضي فيه بعدم الاختصاص بنظرها، فإذا لم تكن حالة الاستعجال قائمة ومتوافرة أو انتفت قبل صدور قرار في الطلب فيقرر قاضي الأمور المستعجلة عدم اختصاص بنظر الطلب ([47]). فإن زوال حالة الاستعجال يترتب عليه الحكم بعدم الاختصاص حتى أمام محكمة الدرجة الثانية، كما لو زالت حالة الاستعجال بعد صدور الحكم المطعون فيه بالاستئناف أمام محكمة الدرجة الثانية، فوجب على المحكمة الحكم بعدم اختصاصها أيضا، وإذا قضي بعدم الاختصاص بسبب انتفاء عنصر الاستعجال في الدعوى، ثم تغيرت الظروف بعد ذلك على نحو يقضي بوجود هذا العنصر خلال ميعاد الطعن فلا يجوز الطعن في هذا الحكم؛ لأن الطعن ينقل أمام محكمة الدرجة الثانية نفس الدعوى بالحالة التي كانت عليها أمام محكمة أول درجة، ومن ثم يعتبر الطعن في الحكم بسبب الظروف الجديدة طلبًا جديدًا فيجب رفضه، كما يجب رفض الطعن بالحالة الأولى لتخلف الاستعجال أيضًا، والأسلم للمدعي رفع دعوى جديدة بظروف جديدة ([48]).
رأي الباحث: يرى الباحث أن الرأي الثاني هو الرأي الأرجح؛ لأن الدور الإيجابي للقاضي يدعوه لإدارة دعواه على نحو يحقق العدالة بأيسر الطرق، سيما وأن إضفاء الحماية الوقتية المستعجلة تساعد في الفصل في الدعوى الموضوعية على نحو من الاستقرار للمراكز القانونية، فلو اطلعنا مثلا على نص المادة (150) من قانون البينات الفلسطيني نجدها تُعطي المحكمة من تلقاء نفسها إجراء المعاينة لمحل النزاع، فمن باب أولى أن تجيب طلب الخصم لذلك الذي توافر فيه صفة الاستعجال بعد إقامته. فالعبرة إذن في وقت توافر الاستعجال هي بوقت الفصل في الطلب، فإذا لم يكن شرط الاستعجال متوافرًا وقت تقديم الطلب، ثم توافر هذا الشرط أثناء نظره، فإن قاضي الامور المستعجلة يكون مختصا بنظره ولا يمنع اختصاصه أن صفة الاستعجال قد استجدت في الطلب بعد تقديمه ولم تكن قائمة وقت تقديمه، وهذا كله يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة فقد قضت محكمة النقض الفلسطينية مثلًا أن: “إيقاع الحجز من عدمه طالما كان قرارها قائمًا على أسباب سائغة تكفي لحمله”([49]).
والتأخير في رفع الدعوى المستعجلة لا يؤثر على طبيعة الحق المستعجل أو يغير من ماهيته ويجعله في عداد الحقوق العادية لأن تقرير الحق وصفته يكونان بحسب طبيعته لا بواسطة إجراءات التقاضي أو فعل الأخصام، فإذا كان مستعجلًا في طبيعته أو معتبرًا كذلك حكما فلا يغير منه او من اختصاص القضاء المستعجل في نظره والفصل فيه تأخير صاحبه في المطالبة بإجراء تحفظي مؤقت عنه، خصوصًا إذا كان سبب التأخير في الدعوى هو رغبة صاحب الحق في الحصول على حقه بالطرق الودية وأنه لم يلجأ إلى التقاضي إلا لتعنت خصمه في أدائه ومراوغته في ذلك لكسب الوقت إذ لا يعقل أن تكون الرحمة بالمدين والشرف في المعاملة وسيلة لضياع الحقوق وأن يكون الدائن الطيب القلب في مركز أسوأ من زميله المتشدد في المطالبة بحقوقه، بل المنطق يقضي بتساويهما معًا في تطبيق القانون عليهما وهو الذي أسس على الرحمة والعدالة وصيانة الحقوق وتقريرها بين الناس([50])، إلا أنه قد يعتبر تراخيا يهدم هذا الوصف([51]).
ويرى الباحث: أنه إذا كان الغرض من التأخير في رفع الدعوى المستعجلة التنازل حتمًا عن الحق في طلب الاجراء المستعجل وترتب حقوق للخصم في أثناء ذلك فيضيع الاستعجال ويصبح لا وجود له، لما في التأخير من معنى التنازل عن الحق في طلب الاجراء المستعجل، والإقرار الضمني بعدم وجود الخطر الذي يبرر اختصاص القضاء المستعجل، فتأخر المستدعي عن تقديم طلب الحجز رغم ادعائه منازعة على محله مدة تخالف عرف التنازع والتقاضي وبلا مانع يمنعه من ذلك هو بمثابة انتفاء للخطر الداهم، واستخلاص هذا الأمر متروك لقاضي الأمور المستعجلة يقدر وجود وجه الاستعجال من عدمه لما له من سلطة في الوزن والترجيح واقعات وملابسات الدعوى المنظورة أمامه.
رابعًا: موانع الاستعجال.
قلنا أن للطلبات المستعجلة هدفٌ يرمي لحماية أصل النزاع من الخطر الداهم به، إلا أن الدور الإيجابي للقاضي المدني يمتد لبحث تحقق هذا الهدف من عدمه من خلال عدد من الضوابط التي تنتفي مع عدم توافرها حالة الاستعجال سنذكر بعضًا منها كما هو آت:
- ألا يُرتب القرار المستعجل ضررًا في أصل النزاع: وفي ذلك قضت محكمة النقض الفلسطينية أن:” استمرار بقاء المنع والحجز سيؤدي إلى تلف تلك المواد، خاصة وأن القضية المتفرع عنها طلب الحجز، قد تم وقفها لحين الفصل في دعوى إثبات القسمة المقامة من الطاعن وآخرين، الأمر الذي يستغرق وقتًا طويلًا وسيلحق ضررًا فادحًا بالطاعن فلا يعقل بقاء سيف الحجز والمنع مسلطًا على مصالح الخصوم إلى ما لا نهاية “([52])، كما وقضت أن: “المصلحة العامة أولى من المصلحة الشخصية”([53])، وقضت أيضًا أن: “استقرت أحكام القضاء على استثناء الزراعات الموسمية من قرار الحجز والمنع وذلك لعلة ظاهرة تتمثل في أن الزراعات الموسمية تدفع ضررًا وتحقق مصلحة وهذا مما يتفق والقواعد الأصولية في مجلة الأحكام العدلية ومنها المادة (190) لا ضرر ولا ضرار والمادة (20) الضرر يزال”([54]).
تعليق الباحث على الأحكام: تتجلى في الأحكام السابقة مظاهر الدور الإيجابي للقاضي الذي يرجع إليه ميزان العدل أثناء نظر الطلبات المستعجلة، فالقاضي لم يعد مقيدًا في حدود الطلبات أو مقيدًا في حرفية النصوص، إنما يمارس صلاحياته حيال هذه الطلبات، فإن كان الهدف من القرار المستعجل هو الحماية الوقتية لمركز الحق المتنازع عليه فإن هذه الحماية لا بد ألا تلحق به ضررًا، فكان منطقيًا ألا تترك الزراعات الموسمية أو الأموال القابلة للتلف رهينة الحجز حينًا من الزمان، فتكون مثل هذه الطلبات ضربًا من ضروب العَسفِ والجور.
- عدم التعسف في استعماله: وهو ما جرى عليه قضاء النقض بأن:” الثابت من خلال ما تم إرفاقه أثناء المرافعة في الطلب المذكور أن المطعون ضده اعتاد على تقديم مثل هذه الطلبات في قضايا أخرى تم ثبوت عدم أحقيته في إقامة بعضها وتصالح في أخرى، مما يعني أن المطعون ضده استخدم الحجز والمنع على الأرض كأداة للضغط على الطاعنين وغيرهم مما بات معه لزوم إلغاء الحكم المطعون فيه”([55])، كما وقضت محكمة النقض المصرية أن:” للقاضي أن يتناول مؤقتاً في نطاق الدعوى المستعجلة تقدير مبلغ الجد في المنازعة ، فإن استبان له أن المنازعة جدية بحيث لم يعد أصل الحق واضحاً وضوحاً يستأهل حماية القضاء المستعجل حكم بعدم الاختصاص لتتولى محكمة الموضوع الفصل فيه”([56]).
تعليق الباحث على الأحكام: تعتبر هذه الأحكام من التطبيقات العملية لقاعدة لا يجوز التعسف في استعمال الحق، فللمحكمة إن وجدة الكيدية حاضرة في الطلبات المستعجلة أن ترفض هذه الطلبات بما لها من سلطة تقديرية تضمن عدم التعسف في استخدام الحق.
- أن يقع القرار المستعجل على نزاع قائم: وهذا ما جرى عليه قضاء النقد من ضرورة أن يكون الحجز على نزاع قائم بين الأطراف، وأن يكون بقدر الحق المطالب به([57]). فلما كان الغرض من الطلبات المستعجلة هو بسط الحماية الوقتية على أصل النزاع محل الخصومة فكان منطقيًا استبعاد الحجز عما هو خارجٌ عنه أو يزيد.
الفرع الثاني: أن يكون الاجراء المطلوب وقتيا.
إن هذا الشرط _ كسابقه _ تقتضيه الفلسفة التي يقوم عليها القضاء المستعجل؛ من حيث كونه يتغيا توفير الحماية العاجلة الوقتية لمصالح ذوي الشأن مع عدم المساس في أصل الحق([58])، فادعاءات المدعى عليه أن خصمه لا يضع يده على أي عقار من عقارات الدعوى وأنها بيعت إلى شخص آخر تدخل ضمن نطاق موضوع الدعوى وأصل الحق وليست في الادعاء المستعجل، وأن القرارات الوقتية لا تمس أصل الحق، وإنما الغاية منها عدم إحداث مراكز قانونية جديدة تؤثر على مجريات الدعوى الموضوعية([59])، فلا يختص القاضي المستعجل بنظر الطلبات الموضوعية كالملكية أو الفسخ او البطلان؛ لأن في ذلك مساس في أصل الحق المحظور على القاضي المستعجل النظر فيه، وانما له مثلا بحث مسألة إيقاع الحجز التحفظي المؤقت لحين الفصل في النزاع الموضوعي([60])، إذن فمدى اعتبار الاجراء وقتيًا من عدمه، هو مدى مساسه في أصل الحق، فإذا ما وجد القاضي نفسه بدأ يبحث في أصل الحق ومدى ثبوته عليه فإنه بذلك يقع في تخوم عدم الاختصاص.
وفي هذا المضمار قضت محكمة النقض المصرية بأن:” لا ولاية للقضاء المستعجل في الفصل في دعوى من التعرض لأن الحكم يمس حتما الحق موضوع النزاع إذ يجب للفصل فيها التحقق من توافر شروط وضع اليد التي تخول المدعى رفع الدعوى المذكورة وحقوق المتعرض على العقار موضوع النزاع بحيث لا يبقى بعد الفصل فيها نزاع موضوعي بين الطرفين في خصوص وضع اليد يصح عرضه على القضاء” ([61]). وقد قضت محكمة النقض الفلسطينية أيضا أنه: “لا ولاية للقضاء المستعجل في المسائل التي تمس الحق موضوع النزاع”([62]).
التعليق على الأحكام: إن عدم التطرق لأصل الحق ما هو إلا تطبيق لقواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام، لأن قاضي الأمور المستعجلة يبحث مسألة الحماية الوقتية لا أن يحسم النزاع، ويترك الحماية الوقتية لقاضي الموضوع المختص.
ومعنى أصل الحق هو: ” كل ما يتعلق بها وجودا وعدما فيدخل في ذلك ما يمس صحتها أو يؤثر على كيانها أو يبدل فيها أو في الآثار القانونية التي رتبها لها القانون أو التي رمى إليها المتعاقدان” ([63]).
ومنع القاضي من التعرض لأصل النزاع يوجب على القاضي المستعجل التنبه لعدة مسائل:
أولًا: في طلبات الخصوم
فإن كانت طلبات الخصوم هي طلبات موضوعية ترمي إلى اثبات حق أو نفيه أو تعديله وما إلى ذلك من طلبات يعتبر الفصل فيها فصلًا منهيًا للنزاع، فعلى القاضي حينها ان يتجنب مغبة النظر فيها؛ ومغبة هذا الامر هي مخالفة قواعد الاختصاص، وبالتالي مخالفة أحكام النظام العام.
ولكن ماذا لو كان الطلب المقدم الى القضاء المستعجل تتوافر فيه شروط الطلبات المستعجلة، إلا أن طلبات الخصوم فيها طلبات موضوعية تمس أصل الحق؟
يرى الفقه والقضاء انه يجوز للقاضي المستعجل عندما يعرض عليه طلب موضوعي خارج حدود اختصاصه إذا ما قدر أنه ينطوي على طلب وقتي يدخل في اختصاصه، أن يغير الطلبات المطروحة في الدعوى بما يتلاءم مع اختصاصه، وهو ما يعبر عنه الفقه والقضاء بمصطلح “تحوير الطلبات”([64])، وقد قضت محكمة النقض المصرية بأن: “أن القضاء المستعجل يكون غير مختص بنظر طلب تمكين طالب من متابعة الدراسة بمعهد قرر فصله لتعلق هذا النزاع بأصل الحق و إن كان له أن يقضى بما له من سلطة تحوير الطلبات بقيد اسم الطالب بجداول امتحانات المعهد لأن هذا القضاء ليس إلا إجراء وقتيا لا يمس الموضوع” ([65]).
رأي الباحث: نحن نرى أن الفقه والقضاء ما أعطى القضاء المستعجل هذه السلطة _ سلطة تحوير الطلبات _ إلا للطبيعة الخاصة التي يتميز بها اختصاص القضاء المستعجل، ووفقاً لما يتغياه من حراسة النزاع المعروض أمام قاضي الموضوع، أو تفادي الأخطار الداهمة بمصالح الأفراد أو حقوقهم نتيجة التأخر في الفصل بموضوع النزاع، فالقضاء بشكل عام وإن كان عليه أن لا يعين أحد الخصوم على الآخر، إلا أنه وفي نفس الوقت لا يجب عليه أن يكون صاحب دورٍ سلبي، ومكتوف الأيدي أمام إهدار حق الخصم، فمن المفترض أن يكون المتقدم بالطلب جاهلًا باختصاص القضاء المستعجل فيتقدم بطلبات نهائية موضوعية، إلا أن شروط الطلبات المستعجلة متوافرةٌ بها، فالعدالة هنا تقتضي أن يبسط القضاء المستعجل ظلاله ويقول قولته بما لا يُخل باختصاصه النوعي كقضاء مستعجل، فيلوذ في سبيل تحقيق العدالة إلى سلطة تحوير الطلبات من موضوعية إلى وقتية، محققا بذلك التوازن بين طرفي النزاع، خصوصاً وأن القاضي المستعجل لا يقضي إلا بإجراء وقتي ولا يفصل في أصل الحق ولا يغير أيٍ من المراكز القانونية.
ثانيًا: في أثناء نظر الطلب وبحث المستندات والأدلة
فلا يصدر قاضي الأمور المستعجلة قرارات تمهيدية، بل ينتهي دائما إلى القضاء بإجراء وقتي بموجب قرار دون أن تسبقه قرارات تمهيدية، فيترتب على عدم جواز المساس في أصل الحق عند نظر الطلبات المستعجلة، أنه لا يجوز سماع الشهود أو إحالة الطلب للتحقيق أو توجيه اليمين الحاسمة، فقد قضت محكمة النقض المصرية بأن: “القضاء المستعجل لا يختص بالفصل في دعوى التزوير الفرعية أو الأصلية لأن الفصل فيها يقتضي الحكم بصحة السند أو برده وبطلانه وهو قضاء في أصل الحق يخرج عن ولاية القضاء المستعجل” ([66])، وانما أجيز له أن يقضي بالمعاينة أو ينتدب خبيرًا إذا كان من شأن هذا الاجراء التحقق من ركن الاستعجال، أي باعتباره وسيلة للتحقق من اختصاص القاضي([67]).
وعلى قاضي الأمور المستعجلة أثناء نظره للطب المستعجل، ألا يَلِجَ في الأدلة تمحيصًا وتفسيرًا جازمًا، ولا أن يقطع بصحة دليل أو رد دليل، فهذا محله الموضوع وأصل الحق، والقاضي المستعجل محظورٌ عليه ذلك، إنما له أن ينظر ظاهر الأوراق باحثًا على ما يعينه على معرفة طبيعة النزاع أهو موضوعي أم وقتي، فإن وجد ما يسعفه من خلال البحث الظاهري للأدلة يصدر قرارًا مؤقتًا للحفاظ على مراكز النزاع القانونية من العبث نتيجة طول التقاضي أو لحفظ المصالح من الأخطار الداهمة.
وقد قضت محكمة النقض الفلسطينية بأنه:” لا يوجد ما يمنع قاضي الأمور المستعجلة من الاطلاع على الأوراق والوثائق والمستندات دون أن يستند في قراراه إلى أي أسباب تمس أصل الحق” ([68]). وهو ما عبرت عنه محكمة النقض المصرية: بـقولها “يتحسس به ما يحتمل لأول نظرة أن يكون هو وجه الصواب في الطلب المعروض عليه “([69])، فلا يكون تفسيره إلا تفسيراً أو بحثاً عرضياً عاجلاً، ويبقى الموضوع محفوظاً سليماً يتناضل فيه ذوو الشأن لدى جهة الاختصاص. كما له أن يبحث الأدلة على سبيل الاستئناس، فإن تجاوز ذلك صار مخالفًا للقانون.
ثالثًا: في القرار المستعجل.
فليس على المحكمة المستعجلة أن تسبب قراراتها تسبيبًا مثبتا للحق، بل لا بد أن يقتصر على الترجيح فقط، وذلك مما ظهر لها من الوهلة الأولى أثناء تحسسها لوقعات ومستندات الدعوى المستعجلة. ويكون التسبيب بألفاظ تبين أن قاضي الأمور المستعجلة لم يفصل جازمًا بالحق الثابت فتكون العبارات مثل: “وحيث يبدو..” “وحيث إن الظاهر من الأوراق او من الظروف..”، فلا يجوز له ان يقول: “حيث إنه قد ثبت.. “؛ لأنه بذلك يكون قد تعدى على ولاية القضاء الموضوعي ([70]). كما لا يكون للقضاء المستعجل في منطوق قراره أن يقرر حقًا أو ينفيه أو يلزم أحد برد حق أو ايفائه، وجل ما يتمتع فيه في قراره اصدار قرار مؤقت لا يحسم نزاعًا ولا يمنع دعوى.
وعليه فإن اتضح للقاضي المستعجل أثناء نظر الدعوى المستعجلة أن المنازعة المعروضة تتسم بالجدية بحيث لم يكن أصل الحق فيها واضحًا أمامه على نحو يستأهل فرض الحماية الوقتية، أو تبين له من خلال ظاهر أدلة الخصوم أنه لا يمكنه الفصل في النزاع دون البحث أو الفصل في أصل الحق، فإنه يتعين عليه أن يتخلى عن الفصل في النزاع دون البحث أو الفصل في أصل الحق، فإنه يتعين عليه أن يتخلى عن الفصل فيه ويحكم بعدم اختصاصه أو رفضه حسب الأحوال لمساس الفصل فيه بأصل الحق.
وتأكيدًا لوقتية هذه القرارات وأن الغرض منها ما هو إلا حماية وقتية للمراكز لحين الفصل في موضوع النزاع، فقد أوجب قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية على من استحصل على هذه القرار قبل إقامة الدعوى الأصلية، أن يتقدم بدعواه الموضوعية خلال ثمانية أيام من صدور القرار وإلا أُعتبر هذا القرار كأن لم يكن([71])، ولكون هذه القرارات لا تمس أصل الدعوى ولكونها مؤقتة لحين الفصل في الدعوى الأصلية والتي قد يخفق صاحبها بها، فإن المشرع قد أجاز للقضاء المستعجل تكليف المستدعي بتقديم كفالة تضمن كل ضرر أو عطل يعود على خصمه فيما لو كان غير محق في دعواه الأصلية([72]).
ولا يعد مساسًا في أصل الحق أن يتصدى قاضي الأمور المستعجلة للقانون بالتفسير والتأويل، حتى وإن كان هناك اختلاف واجتهاد فقهي حول هذا التفسير، فله أن يأخذ بالرأي المرجوح دون الراجح، أو أن يتبنى حكم محكمة سابق دون آخر، لأن هذا كله يدخل في نشاط القاضي، على عكس تفسيره للعقود وبحث إرادة المتعاقدين فيها خاصة وإن كان يشوبها الغموض؛ لأن في ذلك مساس في أصل الحق وهو من محظورات قاضي الأمور المستعجلة، أما لو كانت إرادة المتعاقدين ظاهرة واضحة فله أن يعرض لهما ([73]).
ويلاحظ أنه قد يترتب على الحكم بالإجراء المؤقت المطلوب من قاضي الأمور المستعجلة وضع الخصوم أمام أمر واقع يستحيل تغييره أو محو آثره أو إزالة النتائج المترتبة عليه فلا يمنعه هذا من الحكم بالإجراء المستعجل الذي يراه ولو أن ذلك قد يؤثر على أصل الحق ([74])، فإن تعذر إعادة الحال إلى ما كانت عليه لا ينفي أن الاجراء كان مع ذلك وقتيًا، مقصودًا به تدارك الخطر العاجل الذي كان ماثلًا أمام القضاء المستعجل، مع بقاء أصل الحق سليمًا ([75]).
فإذا توافر كلا الشرطين السابقين _ الاستعجال والوقتية _ كان الطلب مستعجلًا وكان القضاء المستعجل مختصًا به، ويجب أن يصدر قرارًا فيه بما يراه مناسبًا من الحماية القضائية الوقتية للحقوق أو المراكز القائمة ريثما يفصل قاضي الموضوع في أصل الحق.
والجدير بالملاحظة أنه يجب التمييز بين الشرطين السابقين لاختصاص القضاء المستعجل، والذي يترتب على تخلفهما أو تخلف أحدهما الحكم بعدم الاختصاص، والشروط العامة لقبول الدعوى بما في ذلك الدعوى المستعجلة، وهي شرط المصلحة القائمة والحالة أو المحتملة، وشرط الصفة في المدعي والمدعى عليه، والتي بدونهما يحكم بعدم قبول الدعوى المستعجلة ([76]).
ويثار التساؤل هنا هل تكتفي المحكمة المستعجلة عند تخلف شروط الطلبات المستعجلة، بالحكم بعدم الاختصاص، أم انها تلتزم بإحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع؟ وهل يجوز لها إذا كانت هي محكمة الموضوع، الفصل فيه؟
لقد قضت محكمة النقض المصرية بأنه إذا قضت المحكمة أو قاضي الأمور المستعجلة بعدم الاختصاص، بسبب عدم توافر شروط الدعوى المستعجلة، فليس لها إحالة النزاع إلى المحكمة المختصة؛ لأنه بهذا القضاء تنتهى الخصومة أمامه و لا يبقى منها ما يجوز إحالته لمحكمة الموضوع؛ أولاً لأن هذا القضاء يتضمن رفضاً للدعوى لعدم توافر الشرطين اللازمين لقبولها وهما الاستعجال وعدم المساس بالحق، و ثانياً لأن المدعى طلب في الدعوى اتخاذ إجراء وقتي، وهذا الطلب لا تختص به استقلالاً محكمة الموضوع، كما ليس لها تحوير طلب المدعي الوقتي إلى طلب موضوعي؛ لأن المدعى هو الذى يحدد طلباته في الدعوى([77]). أما إذا تبين أن المطلوب منه بحسب الطلبات الأصلية أو المعدلة فصل في أصل الحق فيتعين عليه أن يتخلى عن الفصل في الدعوى، ويحكم بعدم اختصاصه بنظرها ويحليها لمحكمة الموضوع المختصة بالطلب المعروض([78]).
ويرى آخرون أن الرأي السابق يصدق فقط فيما لو حكم بعدم الاختصاص لعدم توافر شرط الاستعجال؛ لأنه في هذه الحالة يمكن القول أنه لا يبقى من الخصومة ما تجوز إحالته لمحكمة الموضوع، أما إن كان الحكم بعدم الاختصاص لكون المطلوب في الطلب المستعجل ليس إجراءً وقتيًا فإن الأمر يختلف تمامًا؛ لأن الطلب في هذه الحالة يعتبر طلبًا موضوعيًا وليس وقتيًا وعند الحكم في عدم الاختصاص يبقى في الطلب ما يجب إحالته للمحكمة المختصة، كما وردوا على الرأي السابق بأن العبرة في تكييف طلبات الخصوم بحقيقة معناها وليس بما يضفيه الخصوم عليها من مسميات([79]). وبالتالي لو كانت المحكمة المستعجلة هي ذاتها محكمة الموضوع، وكان الطلب يدخل في اختصاصها نوعيا ومحليا، فإنها تتصدى للفصل فيه بالإجراءات العادية باعتبارها محكمة موضوع([80]).
رأي الباحث: إن رُمنا الحق فإن العبرة بمراد الخصم من هذا الطلب والغاية التي يرمي إليها، فإن كان ما يصبو إليه مجرد إجراء وقتي ليس إلا ودون المساس في أصل الحق، فإن المحكمة تحكم بعدم الاختصاص بلا إحالة إذا وجدت تعذر اتخاذ هذا القرار دون المساس بأصل الحق، وعدم الإحالة هنا يكون؛ لأن طلب الخصم هنا انتهى ولا يبقى في الطلب ما يجب احالته للمحكمة المختصة. أما لو كان مراده الفصل في الموضوع، فيجب إذن إقران قرار عدم الاختصاص بالإحالة؛ لوجود ما يجب إحالته والفصل فيه أمام جهة الاختصاص ([81])، إذا كان مما لا يدخل في اختصاصها، أما إذا كان مما يدخل ضمن اختصاصها، قضت فيه بما لها من اختصاص وولاية على الموضوع([82]). وبما احتج به الفريق الثاني يُردُّ عليهم، فقد احتجوا أن العبرة في طلبات الخصوم بحقيقة معناها لا بما يطلق عليها من مسميات، فماذا لو كان حقيقة طلبهم هو الحصول على قرار مؤقت فقط؟! أليس إن هي أحالت هذا الطلب الى المحكمة المختصة تكون قد قضت بما لم يطلبه الخصوم؟! إذن فليس كل طلب يقدم وتبين أنه ليس وقتي يعني أنه طلب يراد به الفصل في الموضوع، وهذا الأمر يتطلب معرفة مقصد طلبات الخصوم.
ومما رُدَّ عليهم أيضا أنهم اشترطوا على المحكمة تنبيه الخصوم بالتكييف الصحيح للدعوى المستعجلة أنها موضوعية، والسؤال هنا لماذا اشترطوا هذا الشرط؟
وقد أُجِيبَ على ذلك بأن: “الهدف من ذلك هو الوقوف على الإرادة الحقيقية للخصوم عند رفع الدعوى المستعجلة، فإذا كانوا يقصدون رفع دعوى موضوعية لكنهم أخطأوا بوصفها مستعجلة، عندئذ من حقهم مواصلة الدعوى بالإجراءات العادية، سواء لدى المحكمة نفسها أم بإحالتها إلى المحكمة المختصة بالموضوع”([83]).
لذلك فإننا نرى: أن الاتجاه الأول هو الأقرب للصواب والذي ميز بين ما إن كان ما يرمي إليه الخصم من طلبه هو الاجراء الوقتي بعينه فلا إحالة لانتهاء النزاع، وإلا فالإحالة واجبة إذا كان الهدف الفصل في موضوع المنازعة من خلال معرفة حقيقة طلبات الخصوم، وهذه الحقيقة تستبين من خلال طلباته النهائية أو المعدلة إذ هي محل الغاية تستقيها المحكمة منها، أو مما يبين من الوقائع وظروف الدعوى.
ختامًا فطالما أن القضاء المستعجل هو قضاءٌ مختص بإصدار قرارات مؤقتة، فإن له إلغاء أو تعديل قراراته وفقًا للظروف المستجدة أمامه، بناء على طلب يقدم من المستدعى ضده في الطلب المستعجل سندًا لنص المادة (109) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية.
المطلب الثاني
تطبيقات الاستعجال
وجدنا أن المشرع قد وضع في المادة (102) من قانون أصول محاكمات معيارين ضابطين للطلبات المستعجلة، وهما الخطر المحتمل جراء مرور الوقت وأن يكون الاجراء وقتيًا، وعليه فإننا لا يمكن أن نحصر الطلبات المستعجلة، فكل طلب توافرت فيه هذه الضوابط هو طلب مستعجل يدخل ضمن اختصاص القضاء المستعجل، إلا أن المشرع قد نظم بعض الطلبات المستعجلة ذات شروط وطبيعة خاصة، وسنتطرق لبعض هذه الحالات وهي: طلب المنع من السفر، وطلب إعادة الخدمات الضرورية، وطلب اثبات الحالة، وذلك في الفروع التالية:
الفرع الأول: طلب المنع من السفر
نصت المادة (111) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية على أنه ” يجوز لقاضي الأمور المستعجلة عند إصدار قراره بمنع المستدعى ضده من السفر بناءً على أسباب جدية تدعو إلى الاعتقاد بأنه على وشك مغادرة فلسطين أن يكلف المستدعي بتقديم كفالة مالية لضمان ما قد يصيب المستدعى ضده من عطل أو ضرر إذا تبين أنه غير محق في دعواه”.
أجازت هذه المادة هنا للقضاء المستعجل منع الأشخاص المدينين من السفر بناء على أسباب جدية تدعو إلى الاعتقاد بأنهم يرمون إلى الهروب خارج البلاد، بما له من اختصاص نوعي بذلك، وما هذا إلا تطبيقا للمادة (102) من قانون أصول المحاكمات المدنية التجارية الذي يرمي إلى إيقاف ضرر محتمل يفتك بمركزه القانوني، أو يؤدي إلى ضياعه. كما وتنص المادة (277) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية على انه “إذا اقتنعت المحكمة بناء على ما قدم إليها من بينات بأن المدعى عليه أو المدعي الذي أقيمت ضده دعوى متقابلة قد تصرف بجميع أمواله أو هربها إلى خارج فلسطين وأنه على وشك أن يغادرها وذلك بقصد عرقلة تنفيذ أي قرار قد يصدر في حقه جاز لها أن تصدر مذكرة تأمره بالمثول أمامها وأن تكلفه بتقديم كفالة مالية تضمن ما قد يحكم به عليه، فإذا امتنع عن تقديم الكفالة تقرر منعه من مغادرة البلاد لحين الفصل في الدعوى”.
وهذه المادة تنص على حالة أشد ضررًا وخطرًا من سابقتها فالمراد منعه هنا يقوم بتهريب أمواله ويوشك على الفرار ومبنى هذا الطلب هو الخطر الشديد المحدق بطالب المنع من السفر، فهنا وتطبيقا لفلسفة الطلبات المستعجلة يحق لصاحب المصلحة أن يتقدم بطلب لمنع خصمه من السفر لحين الفصل في الدعوى، وحالة الخشية والضرر المحتمل تنتفي فيما لو تقدم بكفالة مالية تضمن ما قد يحكم به عليه، فيسمح القاضي إذن له بالسفر، لأن الغاية من الطلب المستعجل قد انتفت، بوجود كفالة مالية ينفذ عليها فيما لو أفلح في دعواه. ويرى البعض أنه لا بد لمنع المستدعى ضده من السفر يجب أن يكون قد تصرف بجميع أمواله وأنه يوشك على السفر، أو أنه هربها خارج فلسطين ويوشك على السفر، أما أنه ولم يهرب أمواله أو لم يتصرف بها ويوشك على السفر، فلا يحق للمستدعي منع المستدعى ضده من السفر؛ لان له أن يحجز على أمواله احتياطيًا، وعليه فلا داعي لإيراد المادة (111) من قانون أصول المحاكمات ([84]).
رأي الباحث: نحن نرى غير ذلك إذ أننا نعتقد أن الدين أحيانا يكون غير متكافئ مع الأموال التي يجوز لصاحب المصلحة الحجز عليها، كأن تكون الأموال التي يراد حجزها تحفظيًا والمملوكة لمن يراد منعه من السفر تفوق بأضعاف كثيرة المال المدين به، فالمنطق يقضي أن يمنع من السفر حتى يتقدم بكفالة مالية تضمن الوفاء، والمادة (111) من قانون الأصول تسعفنا في ذلك.
كما ويجوز تقديم المنع من السفر إذا كان المدعى عليه لا يملك أموالا أصلا في فلسطين، وكان على وشك المغادرة هربا من تنفيذ الاحكام المتوقعة؛ لأن ذلك يتفق مع الحكمة من منعه من السفر، كما لو كان له أموال وتصرف بها وأصبح بلا مال ([85]).
الفرع الثاني: طلب إعادة الخدمات الضرورية
لقد نصت المادة (112) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية على أنه “يجوز لمن قطعت عنه المياه أو تيار الكهرباء أو غير ذلك من المرافق الخدماتية الضرورية أن يطلب من قاضي الأمور المستعجلة إعادتها وفقًا لأحكام هذا الفصل”.
فلسفة هذا النص تقوم على أن المياه والكهرباء وغيرها من المرافق الخدماتية الضرورية، هي من الأمور التي تحفظ كرامة الإنسان وهي من مستلزمات العيش الكريم التي لا يجوز قطعها عن المستفيدين، ففي هذه الحالة جاء المشرع لرد الخشية والخطر الداهم من جراء قطع هذه الخدمات الحياتية الضرورية، وقد جاءت المادة بذكر المياه الكهرباء من قبيل الخدمات الضرورية على سبيل المثال لا الحصر، وعليه فيعتبر من ضمن الخدمات الضرورية مرفق الاتصالات والمحروقات وغيرها.
الفرع الثالث: طلب اثبات الحالة وعدم تغيير المعالم
تنص المادة (113) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية على “يجوز لمن يخشى ضياع معالم واقعة أو إحداث تغييرات من شأنها أن تمس مركزه القانوني سواء قبل إقامة الدعوى أم اثناء نظرها أن يطلب من قاضي الأمور المستعجلة إثبات الحالة بمعرفة مندوب المحكمة ومنع المستدعى ضده من إجراء التغييرات لحين البت في الدعوى”.
وهي طلبات يطلب فيها المدعي إثبات وقائع معينة يستند إليها في إثبات حق ترفع بشأنه دعوى في المستقبل، وتتوافر حالة الاستعجال في أن الحالة المراد إثباتها قابلة للتغيير مع مرور الوقت، بالزيادة أو النقصان، أو قد تتعرض للإخفاء أو التغيير، فالحماية القضائية العاجلة أو الوقتية تهدف إلى اثبات حقائق أو معالم يخشى زوالها مما يعد خطرًا محدقًا أو ضررًا محتملا بالمركز القانوني للمستدعي، وذلك من خلال مندوب المحكمة للاستعانة بها عند الحاجة باعتبارها بينة قضائية أثناء نظر الدعوى الموضوعية المتعلقة بأصل الحق. كما أن هذه الطلبات تهدف أيضا إلى المحافظة على الحالة الواقعية محل النزاع وذلك بإبقائها على ما هي عليه لحين البت في الدعوى الأصلية، وذلك بإلزام الخصم بمنعه من تغيير المعالم أو تغيير أي من المراكز القانونية لحين البت في النزاع الأصلي.
وفي ذلك قد قضت محكمة النقض الفلسطينية بأن القضاء المستعجل:” يختص بالفصل في المنازعات التي تحصل بين الجيران بخصوص المباني التي يقيمها كل منهم في أرضه، فإذا تبين له وجود خطر شديد على مباني منزل الجار كاحتمال سقوطها فيختص قاضي الأمور المستعجلة بوقف البناء”([86]).
كما أن استمرار تغيير المعالم كإقامة إنشاءات مثلا في ظل وجود نزاع حقيقي قائم بين الأطراف، يؤدي إلى ترتيب حقوق عينية لأحد الأطراف على حساب الآخر، ويعتبر تغييرًا للمراكز القانونية واجبة الحماية، الأمر الذي يؤدي إلى نتائج لا يمكن تلافيها، فعلى القضاء المستعجل أن يتصدى لأي محاولة تنال من غاية هذه القرارات الوقتية ولو بطريقة غير مباشرة، وفي سبيل ذلك قضت محكمة الاستئناف العليا بأن السماح للمستدعى ضده من الاستفادة وتشغيل محطة وقود قيد الإنشاء يستلزم اكمال الانشاءات وتهيئتها للعمل ينطوي على اكساب حقوقًا عينية على الأرض محل النزاع([87]).
ويتبين من النص انه يشترط لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة بدعاوى إثبات الحالة شرطان ([88]):
- أن تكون الواقعة المطلوب إثباتها محل نزاع أمام القضاء أو مما يحتمل أن تصبح محل نزاع أمام القضاء.
- أن يخشى ضياع معالم هذه الواقعة إذ انتظر الخصم حتى يعرض النزاع على الحق أمام القضاء. ومثال ذلك طلب إثبات حالة بضاعة قام المورد بتوريدها، وذلك لإثبات إخلاله بالتزاماته، تمهيدًا لرفع دعوى تعويض أو فسخ لعقد التوريد. أو أن يوجد ضرر يتفاقم ويزداد بمرور الوقت كما في الطلب الذي يقدمه رب العمل عند توقف مقاول مثلًا عن البناء لإثبات حالة البناء وقت توقف المقاول، حتى يتمكن من إتمام البناء وعدم الانتظار حتى تفصل المحكمة في الدعوى، لما يترتب على ذلك من ضرر يزداد مع مرور الوقت. وإثبات حالة المأجور لرفع دعوى إخلاء مأجور للضرر.
الخاتمة
تبين لنا من خلال هذه الدراسة المتواضعة بأن القضاء المستعجل أصبح ضرورة ملحة، لما يوفره من حماية وقتية مستعجلة للحقوق محل التقاضي، وأن القضاء المستعجل له اختصاص بالمسائل المستعجلة، يحد هذا الاختصاص ضابطان هما الاستعجال والوقتية، وقد خلصنا في نهاية هذا البحث إلى بعض النتائج والتوصيات نوردها على النحو التالي:
النتائج:
- إن القضاء المستعجل هو نظام قضائي متخصص بنظر المسائل المستعجلة والوقتية، رغم خضوعه لولاية القضاء العادي في المسائل المدنية والتجارية، واختصاصه بهذه المسائل يتعلق بالنظام العام.
- قرارات القضاء المستعجل تكتسب الحجية المؤقتة ويرتب آثراه الملزمة إلى حين الفصل في الدعوى الموضوعية، ولا تحوز قرارته على الحجية بالنسبة لثبوت الحق أو نفيه، ولا تحوز قوة الشيء المحكوم به أمام محكمه الموضوع.
- وقتية الطلبات المستعجلة وعدم مساسها لأصل الحق هو ما يميزها عن الدعوى التي يفصل فيها على وجه السرعة، التي هي ذات طبيعة موضوعية منهية للنزاع.
- الطلب المستعجل يزيد عن الطلب الوقتي بتوافر صفة الاستعجال، أي الخطر المحدق بالحق المراد حمايته والذي يتطلب الحصول على حماية قضائية مؤقتة وعاجلة.
- لا يجوز تقديم طلب مستعجل أمام محكمة الاستئناف باعتبارها محكمة موضوع؛ لأن ذلك يتعارض مع نص المادة (110) من قانون أصول المحاكمات التي تقضي بأن القرار الصادر في الطلب المستعجل على ذمة الدعوى الأصلية يكون قابلًا للاستئناف، فلا يكون أمام المستدعي في هذه الحالة تقديم طلبه المستعجل إلى قاضي الأمور المستعجلة المختص؛ لما في ذلك اخلالًا لمبدأ التقاضي على درجتين.
- عند عدم وجود دعوى موضوعية فإن الطلبات المستعجلة تقدم أمام قاضي الأمور المستعجلة، أما عند وجود دعوى موضوعية فتكون الأخيرة هي المختصة لنظر الطلبات المستعجلة.
- ضابط الاستعجال: هو الخطر الحقيقي المحدق بالحق المراد المحافظة عليه باتخاذ إجراءات سليمة لا تحتمل الانتظار، ولا يمكن أن تتحقق عن طريق القضاء العادي، ويظهر في الخشية من زوال المعالم مع مرور الوقت، أو في الخشية من فوات المصلحة أو ضياع الحق.
- العبرة بأسباب الاستعجال التي تسوغ اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بالطلب، ويجب ألا ترتبط وتتقيد بوقت تقديم الطلب إنما بتوافره وقت الفصل فيه، والتأخير في رفع الدعوى المستعجلة لا يؤثر على طبيعة الحق المستعجل أو يغير من ماهيته ويجعله في عداد الحقوق العادية لأن تقرير الحق وصفته يكونان بحسب طبيعته لا بواسطة إجراءات التقاضي أو فعل الأخصام، إلا أنه قد يعتبر تراخيا يهدم هذا الوصف إذا استبان للمحكمة وفقًا لسلطتها التقديرية عدم جدة الخطر الداهم.
- للاستعجال ضوابط متمثلة في عدم جواز استعماله بصورة تعسفية، أو بصورة تلحق ضررًا بالحق المتنازع عليه، كما ينبغي أن يكون القرار منصبًا على النزاع المطروح موضوعًا.
- ليس لقاضي الأمور المستعجلة أن ينظر في أصل الحق وفي المنازعات الموضوعية، إلا أنه يجوز له عندما يعرض عليه طلب موضوعي خارج حدود اختصاصه إذا ما قدر أنه ينطوي على طلب وقتي يدخل في اختصاصه، أن يغير الطلبات المطروحة في الدعوى بما يتلاءم مع اختصاصه، وهو ما يعبر عنه الفقه والقضاء بمصطلح “تحوير الطلبات”.
- ليس لقاضي الأمور المستعجلة أن يقطع بصحة دليل أو رد دليل، فهذا محله الموضوع وأصل الحق، إنما له أن ينظر في ظاهر الأوراق باحثًا على ما يعينه على التعرف على طبيعة النزاع أهو موضعي أم وقتي.
- لا يعد مساسًا في أصل الحق ان يتصدى قاضي الأمور المستعجلة للقانون بالتفسير والتأويل، حتى وإن كان هناك اختلاف واجتهاد فقهي حول هذا التفسير، فله أن يأخذ بالرأي المرجوح دون الراجح، أو ان يتبنى حكم محكمة سابق دون آخر، لأن هذا كله يدخل في نشاط القاضي.
- إذا قضى قاضي الأمور المستعجلة بعدم الاختصاص، بسبب عدم توافر شروط الدعوى المستعجلة، فليس لها إحالة النزاع إلى المحكمة المختصة؛ لأنه بهذا القضاء تنتهى الخصومة أمامه و لا يبقى منها ما يجوز إحالته لمحكمة الموضوع؛ أولاً لأن هذا القضاء يتضمن رفضاً للدعوى لعدم توافر الشرطين اللازمين لقبولها وهما الاستعجال وعدم المساس بالحق، و ثانياً لأن المدعى طلب في الدعوى اتخاذ إجراء وقتي، وهذا الطلب لا تختص به استقلالاً محكمة الموضوع، كما ليس لها تحوير طلب المدعي الوقتي إلى طلب موضوعي؛ لأن المدعى هو الذى يحدد طلباته في الدعوى، أما إذا تبين أن المطلوب منه بحسب الطلبات الأصلية أو المعدلة فصل في أصل الحق فيتعين عليه أن يتخلى عن الفصل في الدعوى، ويحكم بعدم اختصاصه بنظرها ويحليها لمحكمة الموضوع المختصة بالطلب المعروض.
التوصيات:
- يوصي الباحث بضرورة تدخل المشرع وتعديل المادة (103) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، وأن تذكر بشكل واضح حالات اختصاص كل من قاضي الأمور المستعجلة ومحكمة الموضوع التي ينظر امامها النزاع الأصلي، لتصبح المادة كالتالي: “تقدم الطلبات المتعلقة بالمسائل المستعجلة بحسب الأحوال كالتالي: 1. امام قاضي الأمور المستعجلة بصورة مستقلة قبل إقامة دعوى بالنزاع الأصلي، وفي حال أقيمت الدعوى أثناء نظر الطلب المستعجل فعلى قاضي الأمور المستعجلة إحالة الطلب إلى المحكمة المختصة. 2. أمام المحكمة التي تنظر موضوع الدعوى بالتبعية للدعوى الأصلية حسب الأصول”.
قائمة المراجع والمصادر:
أولا: المراجع باللغة العربية.
- احمد أبو الوفا: المرافعات المدنية والتجارية، الطبعة 15، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1990م.
- احمد السيد صاوي: الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، (بدون رقم طبعة ودار نشر)، 2010م.
- احمد مليجي: الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات بآراء الفقه والصيغ القانونية وأحكام النقض، الجزء الأول، المجلد الثاني، (بدون رقم طبعة ودار ومكان وسنة نشر).
- عبد الله الفرا: الوسيط في قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، الجزء الثاني، الطبعة الثانية، (بدون دار نشر)، غزة، 2016م.
- عبد المنعم الشرقاوي: شرح المرافعات المدنية والتجارية، الطبعة الثانية، دار النشر للجامعات المصرية، القاهرة.
- عز الدين الدنياصوري وحامد عكاز: القضاء المستعجل وقضاء التنفيذ في ضوء الفقه والقضاء، الطبعة الثالثة، نادي القضاة، 1991م.
- عثمان التكروري: الكافي في شرح قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001، الطبعة الثانية، مكتبة نيسان للطبع والتوزيع، غزة، 2009.
- فتحي والي: الوسيط في قانون القضاء المدني، (بدون رقم طبعة)، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي، القاهرة، 2009م.
- محمد العشماوي وعبد الوهاب العشماوي: قواعد المرافعات في التشریع المصري القانوني، ط،1957.
- محمد راتب: قضاء الأمور المستعجلة: دار النشر الحديث، القاهرة، (بدون سنة نشر).
- مصطفى عياد وناظم عويضة: القضاء المستعجل وضرورته في فلسطين، غزة، (بدون طبعة ودار نشر)، 1998م.
- مصطفى عياد: الوسيط في شرح قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001، الكتاب، الطبعة الأولى، (بدون دار نشر) غزة، 2003م.
- ناظم عويضة: شرح قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001 – دراسة تحليلية -، (بدون دار نشر)، غزة، 2002م.
ثانيًا: التشريعات.
- فلسطين، قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001م.
- فلسطين، قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 5 لسنة 2001م.
- فلسطين، القرار بقانون رقم 39 لسنة 2020م.
- فلسطين، قانون العمل الفلسطيني رقم 7 لسنة 2000م.
- مصر، قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري رقم 13 لسنة 1968م.
ثالثًا: القرارات القضائية.
- فلسطين:
- طعن فلسطيني “غزة” 49/2017، جلسة 31/10/2018، أبو لبدة، فهمي، مرجع سابق، ص 212.
- طعن فلسطيني “غزة” رقم 49/2017م، جلسة 31/10/2018م.
- طعن فلسطيني “غزة” رقم 733/2017م، جلسة 18/10/2018م.
- طعن فلسطيني “غزة” رقم 314/2016، تاريخ 13/5/2018، ابو لبدة، فهمي، تطبيقات قضائية لنصوص قانون اصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001، الجزء الثاني، سلسلة رقم 3، (بدون دار نشر)، غزة، 2020، ص194.
- طعن فلسطيني “غزة” رقم 314/2016م، جلسة 13/05/2018م.
- طعن فلسطيني “غزة” رقم 314/2016، جلسة 13/05/2018م.
- طعن فلسطيني “غزة” رقم 120/2017، جلسة 13/05/2018م.
- طعن فلسطيني “غزة” رقم 695/2017، جلسة 05/02/2018م.
- طعن فلسطيني “غزة” 366/2017 ، 31/12/2017، المكتب الفني للمجلس الأعلى للقضاء، مجموعة المبادئ الصادرة عن محكمة النقض الفلسطينية بغزة (الدائرة المدنية) للسنة القضائية 2017، الإصدار الثاني، غزة، (بدون دار نشر)، 2018، ص316.
- طعن فلسطيني “غزة” رقم 559/2015، جلسة 21/4/2016، المكتب الفني للمجلس الأعلى للقضاء، مجموعة المبادئ الصادرة عن محكمة النقض الفلسطينية بغزة (الدائرة المدنية) للسنة القضائية 2016، الإصدار الأول، غزة، مكتبة ومطبعة دار المنارة، 2016، ص 172.
- طعن فلسطيني “غزة” رقم 69/2008، جلسة 22/11/2010م.
- استئناف فلسطيني “رام الله” رقم 90/2005 جلسة 7/7/2005م.
- طعن فلسطيني “رام الله” 149/2004، جلسة 23/10/2004.
- طعن فلسطيني “رام الله” رقم 123/2004، جلسة 16/9/2004.
- طعن فلسطيني “رام الله” رقم 55/2004، جلسة 18/5/2004، عويضة، ناظم، قطوف من احكام المحكمة العليا في فلسطين، مطبعة دار الأرقم، غزة، 2012م، ص38.
- طعن فلسطيني “رام الله” رقم 11/2004، جلسة 31/3/2004.
- طعن فلسطيني “رام الله” رقم 35/2003، جلسة 28/2/2004.
- طعن فلسطيني “رام الله” رقم 7/2004، جلسة 29/1/2004.
- طعن فلسطيني “غزة” رقم 75/2003 ، جلسة20/11/2003.
- استئناف عليا فلسطيني “غزة” رقم 108/98 ، جلسة 14/9/98.
- طعن فلسطيني “غزة” رقم 73/1996م، جلسة 04/11/1996م.
- مصر:
- طعن مصري رقم 2669 لسنة 62 قضائية، جلسة 21/09/2019م.
- طعن مصري رقم رقم 10117 لسنة 79 قضائية، جلسة 03/03/2019م.
- طعن مصري رقم 9517 لسنة 64 قضائية، جلسة 5/7/2005.
- طعن مصري رقم 791 سنة 72 قضائية الصادر بجلسة 22/3/2005م.
- طعن مصري رقم 5901 لسنة 64 قضائية، جلسة 13/12/1995.
- طعن مصري رقم 1678 لسنة 52 قضائية، جلسة 27/3/1989.
- طعن مصري رقم 1021 لسنة 49 قضائية، جلسة 14 /11/1982.
- طعن مصري رقم 1434 سنة 47 قضائية تاريخ 18/11/1978م.
- طعن مصري 295 لسنة 43 قضائية، جلسة21/12/1977.
- طعن مصري رقم 772 لسنة 43 قضائية، جلسة 22/6/1977.
- طعن المصري رقم 372 سنة 27 قضائية، جلسة 14/3/1962م.
- طعن مصري رقم 117 لسنة 24 قضائية، جلسة 10/4/1958.
- الطعن رقم 127 لسنة 22 قضائية الصادر بجلسة 24/6/1954م.
- طعن مصري رقم 218 لسنة 18 قضائية، جلسة 7/12/1950.
- طعن مصري رقم 32 لسنة 5 قضائية، الصادر بجلسة 19/12/1935.
رابعًا: المواقع الإلكترونية.
- موقع المقتفي: منظومة القضاء والتشريع في فلسطين http://muqtafi.birzeit.edu/ .
- موقع محكمة النقض المصرية https://www.cc.gov.eg/ .
([1]) الشرقاوي، عبد المنعم، شرح المرافعات المدنية والتجارية، الطبعة الثانية، دار النشر للجامعات المصرية، القاهرة، ص233.
([2]) عياد، مصطفى، وعويضة، ناظم، القضاء المستعجل وضرورته في فلسطين، غزة، (بدون طبعة ودار نشر)، 1998م، ص15.
([3]) أبو الوفاء، احمد، المرافعات المدنية والتجارية، الطبعة 15، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1990م، ص346 وما بعدها، ف 290.
([4]) التكروري، عثمان، الكافي في شرح قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001، الطبعة الثانية، مكتبة نيسان للطبع والتوزيع، غزة، 2009، ص 125.
([5]) الطعن المصري رقم 372 سنة 27 قضائية، جلسة 14/3/1962م، موقع محكمة النقض المصرية، https://www.cc.gov.eg/civil_judgments.
([6]) استئناف رام الله رقم 90/2005 جلسة 7/7/2005م، منظومة القضاء والتشريع في فلسطين، http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJSearch.aspx?mid=1
([7]) ابو الوفا، احمد، مرجع سابق، ص348، ف293. التكروري، عثمان، مرجع سابق، ص125.
([8]) صاوي، احمد السيد، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، (بدون رقم طبعة ودار نشر) ، 2010م ص426،ف228.
([10]) الفرا، عبد الله، الوسيط في قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، الجزء الثاني، الطبعة الثانية، (بدون دار نشر)، غزة، 2016م، ص390
([11]) عياد، مصطفى، الوسيط في شرح قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001، الكتاب، الطبعة الأولى، (بدون دار نشر) غزة، 2003م، ص274، فقرة 181.
([12]) أبو الوفا، مرجع سابق، ص387، فقرة 292.
([13]) طعن رقم 1434 سنة 47 قضائية تاريخ 18/11/1978م، موقع محكمة النقض المصرية، https://www.cc.gov.eg/civil_judgments .
([14]) عياد، مصطفى، عويضة، ناظم، مرجع سابق، ص15.
([15]) صاوي، احمد السيد، مرجع سابق، ص 440، ف 241.
([16]) والي، فتحي، الوسيط في قانون القضاء المدني، (بدون رقم طبعة)، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي، القاهرة، 2009م، ص127.
([17]) التكروري، عثمان، مرجع سابق، ص126.
([18]) طعن مدني رقم 559/2015، غزة، جلسة 21/4/2016، المكتب الفني للمجلس الأعلى للقضاء، مجموعة المبادئ الصادرة عن محكمة النقض الفلسطينية بغزة (الدائرة المدنية) للسنة القضائية 2016، الإصدار الأول، غزة، مكتبة ومطبعة دار المنارة، 2016، ص 172.
([19]) طعن مدني رقم 76/2002 غزة، جلسة 23/12/2002، أبو لبدة، فهمي، تطبيقات قضائية لنصوص قانون اصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001، الجزء الثاني، سلسلة رقم 3، (بدون دار نشر)، غزة، 2020م، ص 232.
([20]) التكروري، عثمان، مرجع سابق، ص 127.
([21]) طعن 2669 لسنة 62 قضائية، جلسة 21/09/2019م.
([22]) طعن رقم 10117 لسنة 79 قضائية، جلسة 03/03/2019م.
([23]) صاوي، احمد السيد، مرجع سابق، ص 429، ف 229 مكرر.
([24]) أبو الوفا، احمد، مرجع سابق، ص 354، حاشية رقم 1.
([25]) التكروري، عثمان، مرجع سابق، ص 128.
([26]) أبو الوفا، احمد، مرجع سابق، ص 354، حاشية رقم 1.
([27]) طعن مدني رقم 55/2004 رام الله، جلسة 18/5/2004، عويضة، ناظم، قطوف من احكام المحكمة العليا في فلسطين، مطبعة دار الأرقم، غزة، 2012م، ص38.
([28]) تجدر الإشارة إلى أن قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 5 لسنة 2001 قد تم إلغاؤه بموجب القرار بقانون رقم 39 لسنة 2020، وعلى الرغم من ذلك فإن الأخير لا يطبق على أرض الواقع في المحافظات الجنوبية للبلاد وإنما فقط في المحافظات الشمالية؛ نتيجة الانقسام السياسي الفلسطيني.
(([29] التكروري، عثمان، مرجع سابق، ص141.
([30]) مليجي، احمد، الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات بآراء الفقه والصيغ القانونية وأحكام النقض، الجزء الأول، المجلد الثاني، (بدون رقم طبعة ودار ومكان وسنة نشر)، ص1141.
([31]) التكروري، عثمان، مرجع سابق، ص141.
([32]) طعن مدني رقم 7/2004 رام الله، جلسة 29/1/2004، المقتفي منظومة الفقه والتشريع في فلسطين، http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJSearch.aspx?mid=1 .
([33]) عياد، مصطفى، مرجع سابق، ص 228، ف187، ص279 ف184.
([34]) أبو الوفا، احمد، مرجع سابق، ص361، ف301. التكروري، مرجع سابق، ص142.
([35]) الفرا، عبد الله، مرجع سابق، ص 387.
([36]) الطعن رقم 791 سنة 72 قضائية الصادر بجلسة 22/3/2005م، موقع محكمة النقض المصرية، https://www.cc.gov.eg/civil_judgments.
([37]( طعن مدني رقم 35/2003 رام الله، جلسة 28/2/2004، المقتفي موسوعة القضاء والتشريع في فلسطين، http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJSearch.aspx?mid=1 .
([38]) طعن مدني رقم 123/2004 رام الله، جلسة 16/9/2004، المقتفي موسوعة القضاء والتشريع في فلسطين، http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJSearch.aspx?mid=1.
([39]( الدنياصوري، عز الدين، وعكاز، حامد، القضاء المستعجل وقضاء التنفيذ في ضوء الفقه والقضاء، الطبعة الثالثة، نادي القضاة، 1991م، ص117.
([40]) الصاوي، احمد السيد، مرجع سابق، ص430 وما بعدها، ف 231. الفرا، عبد الله، مرجع سابق، ص381.
(([41] طعن رقم 314/2016 غزة، تاريخ 13/5/2018، ابو لبدة، فهمي، تطبيقات قضائية لنصوص قانون اصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001، الجزء الثاني، سلسلة رقم 3، (بدون دار نشر)، غزة، 2020، ص194.
(([42] طعن مدني 49/2017 غزة، جلسة 31/10/2018، أبو لبدة، فهمي، مرجع سابق، ص 212.
([43])راتب، محمد، قضاء الأمور المستعجلة، دار النشر الحديث، القاهرة، (بدون سنة نشر) ص73، ف 95.
([44]) مليجي، احمد، مرجع سابق، ص 1147، ف 1758.
([45]) الفرا، عبد الله، مرجع سابق، ص 383.
([46]) العشماوي محمد وعبد الوھاب، قواعد المرافعات في التشریع المصري القانوني، ط ،1957ص256.
([47]) ابو الوفا، احمد، مرجع سابق، ص 353 وما بعدها، الحاشية 1. انظر في ذلك أيضًا: الصاوي، احمد السيد، مرجع سابق، ص433، ف233. التكروري، عثمان، مرجع سابق، ص122.
([48]) عياد، مصطفى، مرجع سابق، ص279، ف184.
(([49] طعن مدني رقم 733/2017م غزة، جلسة 18/10/2018م. طعن مدني رقم 314/2016م غزة، جلسة 13/05/2018م.
([50]( راتب، محمد، مرجع سابق، ص 71، ف92.
([51]) مليجي، احمد، مرجع سابق، ص1147، ف 1758.
([52]) طعن مدني رقم 695/2017 غزة، جلسة 05/02/2018م.
([53]) طعن مدني رقم 314/2016 غزة، جلسة 13/05/2018م.
([54]) طعن مدني رقم 69/2008 غزة، جلسة 22/11/2010م.
([55]) طعن مدني رقم 49/2017م غزة، جلسة 31/10/2018م.
(([56] طعن 218 لسنة 18 قضائية، جلسة 7/12/1950.
([57]) طعن مدني رقم 73/1996م غزة، جلسة 04/11/1996م. طعن مدني رقم 120/2017 غزة، جلسة 13/05/2018م.
([58]) الصاوي، احمد السيد، مرجع سابق، ص 434، فقرة 235.
([59]) طعن مدني 366/2017 غزة، 31/12/2017، المكتب الفني للمجلس الأعلى للقضاء، مجموعة المبادئ الصادرة عن محكمة النقض الفلسطينية بغزة (الدائرة المدنية) للسنة القضائية 2017، الإصدار الثاني، غزة، (بدون دار نشر)، 2018، ص316.
([60]) طعن مدني رقم 75/2003 غزة، جلسة20/11/2003، منظومة القضاء والتشريع في فلسطين، http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJSearch.aspx?mid=1 .
([61]) الطعن رقم 127 لسنة 22 قضائية الصادر بجلسة 24/6/1954م، موقع محكمة النقض المصرية، https://www.cc.gov.eg/civil_judgments . انظر أيضًا محكمة النقض الفلسطينية في الطعن رقم 11/2004 رام الله، جلسة 31/3/2004، المقتفي منظومة القضاء والتشريع في فلسطين، http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJSearch.aspx?mid=1 .
([62]) نقض مدني فلسطيني رقم 11/2004، رام الله، جلسة 31/3/2004، المقتفي منظومة القضاء والتشريع في فلسطين، http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJSearch.aspx?mid=1 .
(([63] راتب، محمد، مرجع سابق، ص 81، ف 98.
([64]) مليجي، احمد، مرجع سابق، ص 1151، ف 1759.
([65]) الطعن رقم 117 لسنة 24 قضائية، جلسة 10/4/1958، موقع محكمة النقض المصرية، https://www.cc.gov.eg/civil_judgments .
([66]) طعن رقم 1021 لسنة 49 قضائية، جلسة 14 /11/1982، موقع محكمة النقض المصرية، https://www.cc.gov.eg/civil_judgments .
([67]) مليجي، احمد، مرجع سابق، ص1157، ف 1760.
([68]) طعن 149/2004، رام الله، جلسة 23/10/2004، المقتفي منظومة القضاء والتشريع في فلسطين، https://www.cc.gov.eg/civil_judgments .
([69]) الطعن رقم 32 لسنة 5 قضائية، الصادر بجلسة 19/12/1935، موقع محكمة النقض المصرية، https://www.cc.gov.eg/civil_judgments.
([70]) مليجي، احمد، مرجع سابق، ص 1156، ف1760.
([71]) المادة (107) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001م.
([72]) المادة (114) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001م.
([73]) الدنياصوري، عز الدين، وعكاز، حامد، مرجع سابق، ص 133 و مابعدها.
([74]) أبو الوفاء، احمد، مرجع سابق، ص 356، ف298
([75]) مليجي، احمد، مرجع سابق، ص1157، ف1760.
([76]( عياد، مصطفى، مرجع سابق، ص281، ف185.
([77]) الطعن رقم 9517 لسنة 64 قضائية، جلسة 5/7/2005. الطعن 295 لسنة 43 قضائية، جلسة21/12/1977، موقع محكمة النقض المصرية، https://www.cc.gov.eg/civil_judgments .
([78]) الطعن رقم 5901 لسنة 64 قضائية، جلسة 13/12/1995. الطعن رقم 1678 لسنة 52 قضائية، جلسة 27/3/1989. الطعن رقم 772 لسنة 43 قضائية، جلسة 22/6/1977، موقع محكمة النقض المصرية، https://www.cc.gov.eg/civil_judgments .
([79]) الصاوي، احمد السيد، مرجع سابق، ص438 وما بعدها، ف 240.
([80]) أبو الوفا، احمد، مرجع سابق، ص 353، حاشية 1.
([81]) انظر في هذا المعنى: عياد، مصطفى، مرجع سابق، ص283 وما بعدها ف 186. الفرا، عبد الله، مرجع سابق، ص 386.
([82]) الفرا، عبد الله، مرجع سابق، ص386.
([83]) عياد، مصطفى، المرجع والمكان السابق.
([84]) التكروري، عثمان، مرجع سابق، ص164.
([86]) طعن 149/2004، رام الله، جلسة 23/10/2004.
([87]) استئناف عليا رقم 108/98 غزة، جلسة 14/9/98، المقتفي منظومة التشريع والقضاء في فلسطين، http://muqtafi.birzeit.edu/courtjudgments/CJSearch.aspx?mid=1 .