
حروب رعمسيس الثالث مع شعوب البحر ( 1194- 1162 ق.م )
Third Rhamseas, wars against Sea People ( 1194- 1162 B.C )
ط.د. تمام خالد الهواشs الأستاذ الدكتور جهاد عبود/جامعة دمشق، سورية
Tammam Khalid Al-Hawash-PH.D JehadAbboud- Damascus University- Syria. Student at Ancient History
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 67 الصفحة 65.
ملخص :
تعرضت منطقة الحوض الشرقي للبحر المتوسط لغزوات شعوب عدة عرفت بشعوب البحر، وقد اجتاحت هذه الشعوب المهاجرة منطقة تلو الأخرى على طول الساحل السوري- الفينيقيكما تخبرنا النصوص المصرية فقضت على الامبراطورية الحثية وحطمت العديد من المدن والموانئ، ومنها مدينة أوغاريت، وقد استمرت هذه الشعوب في السير براً وبحراً حتى بلغت حدود مصر حيث استطاع رعمسيس الثالث وقف تقدمهم وهزمهم في معركتين برية وبحرية.
الكلمات المفتاحية: شعوب البحر، رعمسيس الثالث، مصر.
Abstract :
The region of the eastern coast of Miditerranecin had been attacked by many people had been known by Sea People. These emigrated people ravaged area after another, as the Egyptian texts tell us along the Syrian. Phoenician coast, They abolished the Hithi Empire and they destroyed many cities and ports such of Ugarit, and these people continued going in mainland and sea until They reached to porders of Egypt where Third Rhamseas could stop their progressing and he olefeated them in tow battles in mainland and sea.
Key WORDS : Sea People , Third Rhamseas , Egypt.
مقدمة
مع نهاية القرن الثالث عشر وبداية القرن الثاني عشر قبل الميلاد شهدت منطقة الحوض الشرقي للبحر المتوسط، والبلاد المحيطة به تغيرات هامة نتيجة تحركات وهجرات شعوب مختلفة، سواء من الشعوب المتبربرة التي تنتمي أصلاً إلى أواسط آسيا، وهي شعوب يطلق عليها المؤرخون عادةً اسم الشعوب الهندو- أوربية أو من الشعوب السامية القادمة من الجنوب، غيرت معالم منطقة الشرق الأدنى القديم قبل ذلك في النصف الأول من الألف الثانية قبل الميلاد.
ولكن ما يهمنا أكثر هي الشعوب الهندو- أوربية القادمة من الشمال، التي يبدو أنها وصلت إلى مناطق شرق أوربا من شمال البحر الأسود لكي تستقر في البلقان، ثم انتشرت جنوباً متنقلة على عربات ثقيلة تجرها الخيول.
كانت هذه الشعوب دائمة التنقل والتحرك، وكان أشهرهم ” الدوريون “الذين توغلوا في كامل بلاد اليونان مخلفين الكثير من الدمار والخراب في المدن المسينية الكبرى، ولم تنجُ من هذا الغزو سوى “أتيكا”[1].
ومن شبه جزيرة البلوبونيز اتجه الدوريون نحو كريت، حيث حطموا ما تبقى من الحضارة الإيجية ثم استولوا على جزيرة رودوس، وكانوا قبل ذلك قد وصلوا إلى السواحل الجنوبية الغربية لآسيا الصغرى حيث المستعمرات المسينية، ولكنّ الحثيين استطاعوا وقف تقدمهم، ومنعوهم من الوصول إلى جزيرة قبرص. وعلى أيِّة حال، فقد أدى قدوم هذه الشعوب المهاجرة إلى صراع مرير بينها وبين السكان المحليين القاطنين بهذه المناطق، وكان من نتائجه أن قبائل عديدة هجرت أوطانها الأصلية وعبرت البحر باحثة عن موطن جديد يكون أكثر أمناً واستقراراً.
لقد أصبحت منطقة اليونان الداخلية وبحر إيجه، وآسيا الصغرى مليئة بأفواج بشرية متحركة، ومما زاد الأمر تعقيداً تلك الصراعات والمجاعات التي حلت بالمناطق الساحلية الجنوبية الغربية لآسيا الصغرى، كل هذا حمل العديد من الشعوب على الترحال، فاضطر الآخيون إلى الرحيل مع نسائهم وأطفالهم على السفن، فلجأ بعضهم إلى شبه جزيرة أتيكا وإلى جزيرة ” أوبي “[2]، ولكن القسم الأكبر منهم أبحر باتجاه ليبيا، وإلى فينيقيا وبلاد كنعان، ومن جهة أخرى اضطرت الشعوب التي طردت من ليديا ومسيا وكاريا وليسيا إلى التوجه نحو ليبيا عن طريق البحر، كما نزل فريق آخر منهم عن طريق اليابسة على طول الساحل الشرقي للبحر المتوسط في عربات ثقيلة ذات عجلات تجرها ثيران ذات سنام، وهي تحمل النساء والأطفال.
وقد اجتاحت هذه الشعوب المهاجرة منطقة تلو الأخرى، كما تخبرنا النصوص المصرية على طول الساحل السوري- الفينيقي- فحطمت العديد من المدن والموانئ، ومنها مدينة أوغاريت، وقد استمرت هذه الشعوب في السير براً وبحراً حتى بلغت حدود مصر، حيث استطاع رعمسيس الثالث وقف تقدمهم وهزمهم في معركتين برية وبحرية.
أ- حرب السنة الخامسة ( 1189 ق.م )جاء رعمسيس الثالث إلى الحكم خلفاً لوالده ” ست نخت “، ويعتبره ( مانيتون ) المؤسس الحقيقي للأسرة العشرين، وقد ولد له من زوجه “تي مرن إيزه” التي كانت تلقب بـ ” زوجة الإله العظيمة وزوجة الملك “، وصورت على لوحة من أبيدوس جالسة ومتعبدة مع ” ست نخت “؛ مما يدل على أنها كانت زوجة له، كما صورت على قطعتي حجر من أبيدوس أيضاً تالية لرعمسيس الثالث، وبدون أي لقب؛ مما يشير إلى أنها كانت أماً له.[3]
حينما تولى رعمسيس الثالث العرش كانت الأوضاع الخارجية في غاية الخطورة، فمن الجهة الغربية لمصر لم تتوقف القبائل الليبية ومعها شعوب البحر منذ هزيمتهم أمام مرنبتاح من تنظيم أنفسهم والتسلل داخل الدلتا[4] .
أما من الجهة الشرقية والشمالية فإنّ علاقة مصر بإمبراطورتيها الآسيوية كانت قد مرت بفترة هدوء بعد المعاهدة المصرية- الحثية في عهد رعمسيس الثاني، حيث شهدت خلالها بعض الازدهار التجاري بين مصر والمدن الفينيقية، إلا أنّ هذا الهدوء لم يستمر طويلاً؛ إذ تعرضت دول وممالك الشرق الأدنى القديم في هذه الفترة إلى هجرة الأقوام الهندو – أوربية التي تسببت بدورها في موجات هجرة أخرى من الأقوام الذين اندفعوا إلى هذه المناطق، وكانوا السبب الرئيسي في انهيار الامبراطورية الحثية واختفائها من خريطة الشرق الأدنى القديم، رغم الجهود الجبارة التي بذلها الامبراطور الأخير ” شوبيليوما الثاني “.
وقد توسعت موجة هذه الهجرات نحو الجنوب من سيليسيا[5]، ونهارينا[6]، وبلاد آمور[7]، كما دمرت وحرقت الموانئ الفينيقية الكبيرة مثل أوغاريت[8]، وتعرضت جزيرة قبرص بدورها إلى التدمير، ثم بعد ذلك سيطرت هذه الشعوب الهندو- أوربية على كنعان واستقرت في الممتلكات المصرية في سوريا وفلسطين، وأصبحت تهدد مصر نفسها، ولكن رعمسيس الثالث استطاع صدّ هؤلاء المحاربين سواء الذين قدموا عن طريق البر أو عن طريق البحر[9].
أما عن تطورات هذه الحرب، أو هذا الغزو الذي تعرضت له مصر، وسير المعركة والاستعدادات التي قام بها رعمسيس الثالث، فإن هناك سلسلة من المناظر الرائعة المصورة على جدران معبد مدينة هابو، بالإضافة إلى النصوص المصاحبة لها، كما تقدم لنا بردية هاريس[10] المشهورة تفاصيل هذه الحوادث وهذه النقوش التي تشير بصفة عامة إلى الحروب التي خاضها رعمسيس الثالث، وهي مكتوبة بلغة شعرية لكنها مليئة بالعبارات الرنانة والمبالغة الكبيرة، شأنها في ذلك شأن النقوش والنصوص التي تعود إلى عهد رعمسيس الثاني، إذ يلعب المجاز فيها دوراً كبيراً، فضلاً عن كثير من الصفات والنعوت وعبارات المديح والإطراء للفرعون ونصره على العدو، وذلك على لسان موظفيه من رجال البلاط، ولكن ذلك لا يخلو-بطبيعة الحال- من الحقائق، وإن قلّت، ورغم هذا فهي ذات أهمية قصوى، خاصة أنها مصدرنا الوحيد عن هذه الحروب.
كما أن هناك اختلافاً بين المؤرخين حول نقش السنة الخامسة الذي يتناول في الأساس الحرب الليبية، لكن وجدت بعض الفقرات من هذا النقش تشير إلى حروب قام بها رعمسيس الثالث ضد الآسيويين والشماليين، وهذه الفقرات مشابهة لما ورد في نقوش السنة الثامنة الخاصة بحربه ضد شعوب البحر، ويرى كل من ” دريوتون وفاندييه ” أنه ليس من المحال أن يكون رعمسيس الثالث قد قام بصد هجوم شعوب البحر مرتين خلال أربعة أعوام، إلا أن الأكثر قرباً إلى الحق أنْ نظنَّ أنَّ نصوص السنة الخامسة- الخاصة بالحملة الليبية الأولى- مؤرخة بتاريخ سابق، وأنها تشير إلى حملة السنة الثامنة، ومن المؤكد أن كتابات مدينة هابو نقشت بعد الحوادث، فلا عجب إن وجدنا شيئاً من عدم الدقة في التتابع الزمني للحوادث[11].
وتؤكد ” كلار لا لوات ” أنه من الممكن أن يكون هذا الجزء من النقش يتعلق في الواقع بحملة السنة الثامنة، التي حارب فيها المصريون شعوب الشمال، وأنه وضع هنا خطأ، ولعل هذه الفرضية هي الأكثر قبولاً.[12]
ولكن هناك من يعتقد أنّ تحالفاً حدث بين شعوب البحر والليبيين في هذه الحرب، كما حدث في أيام مرنبتاح، فـ”برستد ” يرى أن هناك فريقاً من شعوب البحر اتجهوا بأساطيلهم التي يقودها رجال مغامرون إلى شواطئ الدلتا، متبعين أساليب النهب والقرصنة أينما حلوا، وحينما وصلوا إلى شواطئ إفريقيا انضم الليبيون إليهم، وكانوا يأملون نهب أراضي الدلتا الخصبة واحتلالها، ثم تقدموا معاً – براً وبحراً – حيث قابلهم رعمسيس الثالث وحدثت بينهم معركة انتهت بهزيمتهم[13] . وتتفق مع هذا الرأي ” كلار لا لوات “، حيث تؤكد أن هذه الفقرات – التي وضعت في مجرى القصص المتعلقة بالحملة الليبية للسنة الخامسة – تحمل شهادة على أن شعوب البحر المستقرين في آسيا قاموا بإرسال بعض الجنود المشاة والسفن الحربية لمساندة الليبيين.[14]
أما ” جون ويلسون ” فيرى أن مناظر الحرب العشرة الموجودة بمدينة هابو لا تصور أعداءً باستثناء جيش (ريبو أو ليبو- تحنو )[15]، وأن شعوب البحر المصورين كانوا يحاربون من جانب مصر كمرتزقة، كما أنّ النقوش المصاحبة لم تذكر الشماليين إطلاقاً، وأنّ نقش السنة الخامسة الذي يعطي بيانات عن هذه الحرب ينقسم إلى قسمين: قسم يعالج الحرب الليبية الأولى، وقسم منفصل يعالج الحرب ضد شعوب الشمال، وأن المعركتين بقيتا مختلفتين، ومن هنا فليس هناك تحالف، خاصة أن الاشتباك الحاسم كان على حافة الصحراء في الركن الشمالي الأقصى من الدلتا.[16]
وهذا الرأي أكده ” ساندارز ” أيضاً الذي يعتقد أن الشماليين لم يكونوا قط في صفوف الأعداء الليبيين الذين هاجموا مصر في السنة الخامسة من عهد رعمسيس الثالث، ولكن من الممكن أن يكون بعض الأعداء القدماء الذين حاربوا مرنبتاح في الحرب الليبية مثل ” الإقواش، تيرش، شيكلش “[17]، وبشكل خاص ” الشردان ” قد أصبحوا محاربين في صفوف الجيش المصري يقاتلون ضد حلفائهم السابقين لذلك ظهروا في الرسومات الحربية.[18]
ومهما كان الأمر يبدو أن حرب السنة الخامسة كانت في جملتها من الليبيين، وإن كان هذا لا يمنع من أن بعضاً من شعوب البحر قد ساعدوا الليبيين في حملتهم هذه على مصر، وإن لم يكن ذلك بصورة رئيسية، ويتضح هذا من خلال فقرتين مميزتين من هذا النقش، إذ تشير هاتان الفقرتان إلى قيام رعمسيس الثالث بحرب ضد الآسيويين والشماليين من شعوب البحر، يتعلق الأمر في الفقرة الأولى ببلاد آمور إذ نجد:” أن رئيس آمور قد أصبح رماداً، وبذرته قد انقطعت وأخذ كل قومه أسرى وشتتوا وأخضعوا، وكل من بقي على قيد الحياة في بلاده، كان يأتي بالثناء ليروا شمس مصر العظيمة تطلع عليهم. جمال قرص في وجودهم. والشمسان ( شمس السماء الملك شمس مصر ) اللذان يطلعان ويضيئان الأرض : شمس مصر، والشمس التي في السماء. ويقولون الرفعة لرع، إن أرضنا قد خربت، ولكننا في أرض الحياة التي محي منها الظلام، ملك مصر العليا والسفلى : أوسر ماعت رع مري آمون، ابن رع : رعمسيس الثالث.[19]
كما نجد في السطور 20-22:” لقد أحضر الأعداء مع الآسيويين والليبيين ( أسرى )، هؤلاء الذين خربوا مصر فيما مضى، حتى جعلوا الأرض قاحلة، وفي خراب تام منذ بدء الملوك، في حين أنهم قد اضطهدوا الآلهة، وكذلك كل فرد، ولم يكن هناك بطل يستقبلهم ( للقتال ) عندما ثاروا “[20] .
وهكذا يبدو أن رعمسيس الثالث قام بحرب ضد الآسيويين في بلاد أمور – ربما في الفترة السابقة لحرب السنة الخامسة – وقد استطاع أن يقضي عليهم كما يبين ذلك النص المذكور.
لكن الفقرة التي أثارت الجدل والاختلاف بين المؤرخين تبدأ من السطر الخمسين، حيث يدور الكلام على وقائع أكثر دقة، فنعلم أن مصر كانت مهددة من قبل شعوب البحر المتجهة نحو الدلتا براً وبحراً، وإن اقتصر ذكر هذه الشعوب على شعبين أو ثلاثة، وقد اعتبر ” ساندارز ” أن هذه الحوادث غير حقيقية، وأن هذا النص ( ليس إلا تفاخر ) مبالغ فيه لرعمسيس الثالث[21]، إذ نقرأ فيه :” بلدان الشمال ارتعدت في أجسادها، وبالتحديد البلست والثيكر …. الذين اقتطعوا من أرضهم، وكانت روحهم محطمة حين قدموا. وقد كانوا محاربين thr[22] في البر، وفي البحر (الأخضر العظيم) الذين قدموا عن طريق البر هزموا وذبحوا …. لأن آمون رع كان وراءهم وحطمهم، أما الذين دخلوا في أفواه النيل فقد كانوا كالطيور التي وقعت في الشبكة المنصوبة…. وقد اقتلعت قلوبهم ولم تعد داخل أجسادهم، ورؤسائهم سلبوا وذبحوا وأصبحوا أسرى…”[23].
بالإضافة إلى هذا النص الذي يذكر اسم شعبين فقط من الغزاة، نجد هناك منظراً يظهر الملك وهو يقدم الأسرى إلى آمون حيث نقرأ :” ذراعي القوية هزمت الذين قدموا ليثوا على أنفسهم : البلست، الدنن، وشيكلش”[24].
وهكذا يتضح من خلال هذه النصوص أنه من الممكن أن يكون رعمسيس الثالث قد أرسل أسطولاً بحرياً إلى البحر المتوسط ليقضي على سفن شعوب البحر التي توغلت في الدلتا، في الوقت الذي أوقف فيه الجيش المصري تقدم الشعوب الليبية من الناحية الغربية، لذلك فمن المحتمل جداً أن هناك معركة بحرية أولى في السنة الخامسة، أما معركة السنة الثامنة فهي المعركة الثانية، ورغم أن تفاصيل هاتين المعركتين متقاربة أحياناً، إلا أن معركة السنة الثامنة شاركت فيها شعوب أخرى من غير البلست والثيكر، كما أن حوادثها رويت بطريقة مختلفة إلى حد ما.
وعلى أيّة حال، فإنه من الممكن أيضاً أن يكون الأسطول المصري قد أنزل بعض الجنود المشاة لكي يردوا العدو المتقدم عن طريق البر، وربما هذا ما تعنيه عبارة ” آمون رع وراءهم “.[25]
ب – حرب السنة الثامنة ( 1186 ق.م )
كانت السنة الثامنة من عهد رعمسيس الثالث من أقسى السنوات على مصر، إذ تغيرت الأمور، وازداد خطر شعوب البحر الذين قدموا هذه المرة من الناحية الشرقية والشمالية، وعن طريق البر والبحر وبأعداد غفيرة بهدف الاستقرار في أراضي المراعي الغنية، ليس في الدلتا وحدها، بل في سوريا وفلسطين أيضاً، لذلك جاؤوا ومعهم نساؤهم وأطفالهم في عربات ذات عجلات تجرها ثيران ذات سنام.[26]
وقد وصفت هذه الشعوب المعادية لمصر وصفاً رائعاً في النقوش المصرية، وبشكل خاص الصور التي سجلت المعركة البحرية الفريدة من نوعها، أما النصوص المكتوبة فقد امتزجت بحديث مليء بالزهو، موجه من رعمسيس الثالث إلى أبنائه ورجال بلاطه.[27] وأشهر هذه النصوص نص السنة الثامنة الذي يذكر : ” … إن البلاد الأجنبية قد قامت بمؤامرة في جزرها، وقد زعزعت المعركة وبعثرت البلاد كلها في وقت واحد، ولم تكن هناك أرض تستطيع أن تقف أمام أسلحتهم، وقد ابتدأوا بـ ” خاتي ” وقودي ( قدي)[28] وكركميش[29] ويرث ( أرزاوا )[30] ويرس (ألاشيا-قبرص)، ولكنهم سحقوا في وقت واحد وأقاموا معسكراً في مكان واحد في أمور ( أمورو ) وقضوا على شعبها وأرضها فأصبحوا كأن لم يكن لهم وجود من قبل، وقد اتجهوا نحو مصر، واللهب معد أمامهم، وكان حلفهم مكوناً من ” البلست والثيكر والشيكلش ودنين ( دانونا )ووشش ” متحدين جميعاً ووضعوا أيديهم على البلاد جميعها إلى محيط الأرض كلها، وقلوبهم تردد في ثقة ” سوف تنجح خططنا “.[31]
يتضح من خلال النص أن هجرات شعوب البحر تحركت جنوباً في آسيا الصغرى ناشرة الخراب والدمار في جنوب الأناضول وسورية وقبرص، ويبدو أن هذه الجماعات قد اتخذت لها مركزاً برياً في بلاد أمور التي كانت دائماً المركز العدائي القديم للامبراطورية المصرية، وقد ذكرنا أعلاه بأن رعمسيس الثالث أخضعها منذ سنوات قليلة.
ولكن الهجوم على مصر لم يقتصر على البر من أمورو، وإنما كانت هناك تحركات أخرى عن طريق البحر، ولم يكن رعمسيس الثالث غافلاً عن تحركات هذه الشعوب، لذلك نجده يقوم بالاستعدادات اللازمة لمواجهتها سواء من ناحية البر أو البحر، وقد وصفت النصوص المصرية هذه الاستعدادات؛ فقالت:” قلب هذا الإله، سيد الآلهة، كان مستعداً ومجهزاً لاقتناصهم كالطيور لقد دعمت حدودي في زاهي، وأعددت أمامهم الأمراء المحليين، وقواد الحاميات والماريانو[32] وأمرت بأن يجهز مصب النهر (دلتا النيل) كسور قوي بالسفن الحربية والغلايين والقوارب التي كانت مجهزة تماماً من مقدمتها حتى مؤخرتها بمحاربين شجعان مسلحين، ومن المشاة من خيرة رجال مصر الذين كانوا كالأسود المزمجرة فوق الجبال، أما العربات فكان بها المحاربون الأكفاء وكل الضباط الممتازين ذوي الأيدي القادرة، وكانت خيولهم ترتعد كل مفاصلها مستعدة لسحق البلاد الأجنبية تحت حوافرها”.[33]
ولم تقف النقوش عند الوصف الكتابي فقط، بل إن مناظر من مدينة هابو تقدم لنا صورة لهذه الاستعدادات تصاحبها النصوص- التي تعود إلى نقش السنة الخامسة الذي أثار الجدل الكبير كما ذكرنا من قبل- ويبدو أن رعمسيس الثالث قد بدأ استعداداته وتجهيزاته للمعركة مع الجنود المشاة وجنود العربات، وقد سهر بنفسه على تجهيز الجيش حيث نشاهده يقف على المنصة ليشرف على توزيع المهمات، وفوقه رجل ينفخ في البوق للنداء، بينما حاملو الأعلام والضباط يحيونه، أما أسفل ذلك فنشاهد أحد الأمراء يصدر أوامره التي يقوم الكاتب بتدوينها، وآخرون يسجلون وحدات الجيش ويحصون التجهيزات الموزعة من خوذات وحراب وأقواس وسيوف ودروع وكنانات وغيرها من معدات الحرب.
وقد خاطب رعمسيس الثالث موظفيه ورفاقه وكل قائد من جيش المشاة وجنود العربات الذين كانوا في حضرته قائلاً :” أخرجوا أسلحتكم وأرسلوا الجيوش لتدمر البلدان الثائرة التي لم تعرف مصر من خلال قوة أبي آمون “[34]. كما أشرف بنفسه على توزيع الأسلحة على الجنود الأكفاء، حيث نجد ” الأمير ” الكاتب الملكي الكبير والابن الملكي الذي قال لقادة الجيش ونقباء الفرق العسكرية والضباط: هكذا تكلم الفرعون : بأن كل رجل كفء، وكل جندي شجاع يعرف جلالته دعوه يمر أمامه ليتسلم أسلحته.”[35] ثم يرد الموظفون والقادة في حضور رعمسيس الثالث قائلين :” هيا! هيا! لقد تجمع الجنود، ثيران البلد، صفوة مصر كلها.”[36]
كما وجد منظر آخر يمثل الفرعون وهو في طريقه إلى زاهي لمحاربة شعوب البحر، إذ ينطلق الفرعون في عربته يرافقه في ذلك جنوده المصريون والمرتزقة من الأجانب:” وينطلق جلالته إلى زاهي مثل ” مونتو ” ليحطم كل بلد اعتدى على حدوده، وجنوده كالثيران مستعدة في ميدان المعركة وخيله كالصقور في وسط الطيور الصغيرة أمام الأقواس التسعة حاملة النصر، ووالده الفاخر آمون رع كدرع له “.[37]
وهكذا يتضح لنا من خلال النصوص أن هناك معركتين واحدة برية وأخرى بحرية، ويبدو أن المعركتين منفصلتان حيث يظهر أن المعركة البرية كانت قبل المعركة البحرية، ولكن اختلف المؤرخون حول تحديد مكان المعركتين بالضبط، فالنص يذكر بأن معسكرهم كان في بلاد أمور ( أمورو )، ومن الطبيعي أن يكون هذا المعسكر قد أقيم لتجميع القوات والاستعداد والتجهيز للهجوم على مصر، مما يعني أن هذا الهجوم أو المعركة قد حدثت في مكان ما شمال كنعان المقاطعة أو المحافظة المصرية القديمة، وقد اتفق البعض على أنها وقعت ربما شمال مدينة طرابلس مباشرة.[38]
وعلى أيّة حال، فإن تجمع شعوب البحر وتعسكرهم في أمورو شمال سورية يدل على أن هذه الشعوب كانت لها السيطرة التامة على هذه المنطقة التي كانت تعتبر من المراكز التقليدية المهمة المعادية لمصر، وفي فترة العمارنة كانت هذه المنطقة مركزاً لنشاطات ” عبدي-عشيرتا” وابنه ضد مصر، ثم إن نقش السنة الخامسة من عهد رعمسيس الثالث نفسه يشير إلى هزيمة أمورو واستيلاء مصر عليها، ولذلك فإن نقش السنة الثامنة كثيراً ما يكتنفه الغموض.
وبالنسبة لـ ” ألسندرا نيبي ” فإن هذه الشعوب التي استطاعت أن تقضي على العديد من الممالك والدويلات في الشرق الأدنى القديم، وخصوصاً الامبراطورية الحثية لابد أنها كانت معروفة للحثيين والمصريين، وأن منطقة تمركزهم لابد أنها كانت تقع بين الامبراطوريتين القويتين مصر وخاتي، وبذلك سهل عليهم مهاجمة حدودهما معاً، إذ لا نستطيع التصور بأنّ قوماً غرباء بعيدين عن المنطقة يقومون بغزو هذه الممالك كلها، حتى يصلوا الحدود المصرية على عربات تجرها ثيران بطيئة الحركة، ومتنقلة في أراضي وعرة لا يمكن اجتيازها ومعهم النساء والأطفال، وتؤكد ” نيبي ” أن التعبير المصري ” لم تكن هناك أرض تستطيع أن تقف أمامهم ” لا يقصد أي معنى خاص أو مميز باستثناء المبالغة في وصف قوة العدو، ذلك أن هذا التعبير نفسه قد أشير إليه في مواقع أخرى من النصوص المصرية كما هو الحال في معبد ” حور محب ” حيث نجد: ” لم تستطع أي أرض أن تقف أمامه “[39].
أما بالنسبة للمصطلح الجغرافي ” زاهي ” الذي تحدث عنه رعمسيس الثالث بأنه نظم فيه حدوده، فقد كان يقصد منطقة في فينيقيا[40] ، ولكنه كان يقصد – في البداية- منطقة في فلسطين أيضاً[41]، ويعتقد “ساندارز ” بأن ” زاهي ” منطقة من المحتمل أنها كانت تقع في جنوب فلسطين، أو بين مصر وفلسطين[42] ، ويجب التأكيد على أن مصر في هذه الفترة لم تكن لها القدرة على بسط نفوذها إلى أبعد من شمال فلسطين، كما أن رعمسيس الثالث نفسه يذكر في النص كلمة ” حدودي ” التي غالباً ما تستخدم لتدل على خط الحصون الحدودية التي تحرس الدلتا على الجانب الشرقي، ولذلك فمن المحتمل جداً أن تكون هذه المعركة قد حدثت قرب هذا الخط من القلاع والحصون[43] ، وهذا ما أميل إليه.
أما بالنسبة للمعركة البحرية فإن هناك اختلافاً حول موقعها، إذ يرى البعض أنها كانت في سورية قرب معسكر أمورو، وأن التعبير المصري ” أفواه النهر ” يمكن أن يقصد مصب نهر ساحلي[44] ، بل إن شيفر SCHAEFFER” يعتقد أن هذه المعركة قد حدثت أبعد من شمال الحدود المصرية قرب جزيرة ” أرواد ARVAD “[45]، ولكن تعبير ” أفواه النهر ” غالباً ما يطلق على مصبات نهر النيل، لذلك فمن المحتمل أن تكون المعركة البحرية قد حدثت في الدلتا. وهذا ما يؤكده” نلسون ” الذي يرى أن موقع المعركة البحرية – على الأقل- يكون كما أراد الفنان المصري أن يصوره – وربما يتفق كذلك مع تقرير النقش – قد كان عند مصب نهر ربما كان واحداً من فروع النيل بالدلتا[46]. وهذا رأي ” بارنت ” أيضاً[47] ، وكذلك ” أدجرتون ” و ” ويلسون ” اللذان يميلان إلى أن هذه المعركة البحرية قد حدثت عند مصبات النيل.[48]
أما الدكتور ” مهران ” فيرى أن معركة رعمسيس الثالث البحرية هذه، ربما قد حدثت في مكان ما إلى شرق بورسعيد الحالية قريباً من مخرج الفرع البيلوزي للنيل، وأن السفن المصرية التي اشتركت في هذه المعركة إنما خرجت من منف إلى الفرع البيلوزي، ومنه إلى البحر المتوسط، حيث اشتركت في المعركة البحرية مباشرة وهذا محتمل جداً، خاصة أنه لا نعلم بوجود أسطول مصري في البحر المتوسط أو البحر الأحمر منذ أقدم العصور إلى عصر النهضة المصرية، والأمثلة القليلة التي نعلمها عن سفر البعثات إلى لبنان أو بلاد البونت ( الصومال ) لا تكفي للتدليل على وجود أساطيل مصرية بحرية، وكل ما ورد من إشارات عن حروب بحرية سواء في عهد الفوضى الأول أو فترة طرد الهكسوس أو أسطول تحوتمس الثالث أو في غزو بعنخي لمصر كلها توحي بأن هذه كانت سفناً نيلية تستخدم عند الضرورة في البحر المتوسط، ولذا يعتقد- أي الدكتور مهران- بأن المعركة البحرية قد حدثت عند مصبات النيل في البحر المتوسط[49].
أما فيما يخص تفاصيل المعركتين، فقد قدمت لنا مدينة هابو صوراً عدة ومناظر لهما بالإضافة إلى الوصف اللفظي، فبالنسبة للمعركة البرية نجد منظراً للفرعون في عربته وهو يهجم في قلب قوات شعوب البحر الذين ساد بينهم الارتباك وسوء النظام، ويساعده مشاة مصريون وفرسان وجنود أجانب من الشردانا الذين ظهروا بخوذاتهم ذات القرون المميزة[50] .
أما بالنسبة لشعوب البحر فإن طريقة قتالهم تشبه إلى حد بعيد طريقة الحثيين، إذ كانت كل عربة تحمل ثلاثة أشخاص اثنين من المحاربين وشخصٍثالثٍ للقيادة[51]. أما العربات المصرية فقد كانت تحمل شخصين فقط (سائق ومقاتل ) والمعركة في حد ذاتها كانت عبارة عن شجار وتشابك بالأيدي بين راكبي العربات والرجال المشاة، ولكن المفاجأة هي تلك العربات التي تجرها الثيران والتي تحمل النساء والأطفال، مما يؤكد أن هذه الشعوب كانت تتحرك بحثاً عن مأوى أو وطن جديد، ويبدو أن معسكرهم قد هوجم بغتة ( أٌخذوا بعنصر المفاجأة ) مما شكل هذا الاضطراب، وربما هوجموا أيضاً أثناء تحركهم[52] ، ويتضح من المنظر أن هذه العربات التي تجرها الثيران هي عربات خشبية في الغالب من الطراز الحثي وخاصة العجلات الصلبة وهي تشبه تلك العربات التي استخدمها الحثيون في معركة قادش[53]. والواقع أن عجلات هذه العربات كانت معرضة للتحطيم عند الاصطدام بالصخور أو الحفر رغم قوتها وصلابتها، ومن الجائز جداً أن تكون هذه العربات قد تم فكها وحملها في السفن عن طريق البحر إلى فلسطين حيث تم تركيبها من جديد[54] . وهناك لوحات مسينية عليها رسومات لعربات بدون عجلات مما يدعم هذا الاحتمال.
وعلى أية حال، فإن هذه العربات لم تكن من وسائل النقل الثقيلة التي بها أربع عجلات ويجرها اثنان أو أربعة ثيران أحياناً، وهناك العديد من النماذج البرونزية أو الطينية لبعض هذه العربات في الأناضول، وفي الشرق الأدنى، بينما العربات الحقيقية فقد بقيت في مدافن التلال بالقوقاز قرب بحيرة ” سيفان SEVAN”[55] ، وقد تحطم الكثير منها على صخور نفس المنطقة، ولكن العربات التي كانت مع شعوب البحر مختلفة تماماً وربما كانت من نوع فريد، فهي عربات للنقل بعجلتين يجرها زوجان من الثيران يربطان مع بعضهما جنباً إلى جنب.[56]
ومهما يكن، فإن عدم وجود الخيالة أو فرق عسكرية من المشاة لحماية الجنود الذين كانوا في العربات التي تجرها الثيران، جعل هؤلاء مكشوفين ومعرضين لخطر السهام المصرية، ونلاحظ في مناظر المعركة إحدى العربات تحمل ثلاثة نساء ومعهن طفلان، وأحد الأطفال سقط أو رمي خارج العربة والأم تمسك ولداً صغيراً عارياً تماماً من ذراعيه ربما لترميه أو لتنقذه، كما أن هناك عربة أخرى تحمل رجلاً مقاتلاً، وربما رجلاً آخر وامرأة وطفلاً، أما العربة الثالثة فقد أتلفت صورتها ولكن يبدو أنها كانت تحمل امرأتين وطفلين.[57]
على كل حال، فقد انتهت المعركة بين مصر وشعوب البحر بهزيمة ساحقة للغزاة وبانتصار عظيم لرعمسيس الثالث الذي يصف انتصاره بقوله :” وأما الذين وصلوا حدودي فقد أفنيت بذرتهم، وقد قضي على قلوبهم وأرواحهم إلى الأبد “[58] ، وهكذا نجح رعمسيس الثالث في أول لقاء بينه وبين هؤلاء المتبربرين، واستطاع أن ينال منهم، وأن يهزمهم شر هزيمة.
وبعد المعركة البرية تصف النصوص الهجوم عن طريق البحر حيث نقرأ :” …. أما الذين أتوا بمجاميعهم معاً عن طريق البحر، فإن اللهيب الشامل[59] كان أمامهم عند مصبات النيل، في حين أن سياجاً من الحراب قد أحاطت بهم على الشاطئ، ولذلك ألقوا أرضاً على الشاطئ، وذبحوا وأصبحوا أكواماً من مؤخرة السفينة حتى المقدمة، أما سفنهم وبضائعهم فقد سقطت في الماء “[60].
ولكن بالنسبة لتفاصيل هذه المعركة البحرية فمن الأفضل أن نلجأ إلى النقوش أكثر مما نعتمد على اللفظي حيث نجد منظراً لخمسة سفن من سفن شعوب البحر إحداها مقلوبة، بينما أربعة من السفن المصرية تطاردهم وتحاصرهم بشدة، ويبدو أنهم يقودونهم نحو الشاطئ حيث يقابلون بالنبالة المصرية.[61]
ويرى ” نلسون ” أن المناظر تبين لنا أن سفن العدو تبدو وكأنها لم تستعد للقيام بمناورة، إذ كانت أشرعتها مطوية، بينما تبدو السفن المصرية تهاجم بطريقة منتظمة بمقدمتها المتجهة جميعاً نحو العدو، أما سفن شعوب البحر فلا يوجد لديها مثل هذا التشكيل، وربما كان هدف الفنان من ذلك أن يظهر لنا مدى اضطراب أسطول العدو حين يقارن ذلك بالتقدم المنظم للأسطول المصري، ومن الواضح أن هذا الأسطول قد قبض على عدوه بمهارة.
ثم يرى ” نلسون ” بعد ذلك أن الفنان حين رسم هذا السطر، قد وفر في ذهنه ما كان يفكر فيه الكاتب المصري[62] ، حين كتب يقول: ” شبكة كانت معدة لهم لاصطيادهم، وأما الذين دخلوا في مصبات النيل فقد وقعوا في وسطها مقيدين في أماكنهم “[63] ، وحين كتب ” وأما هؤلاء الذين دخلوا مصبات النيل فقد كانوا كالطيور التي وقعت في مصيدة “[64] ، وفي موقع آخر نجد ” أما الذين قدموا بجموعهم معاً عن طريق البحر، فإن اللهب الشامل كان أمامهم عند مصبات النيل، في حين أن سياجاً من الحراب قد أحاط بهم على الشاطئ “[65].
كل هذا يعني بأن الأسطول المصري قد قطع انسحابهم عن طريق البحر، كما منع الجيش فرارهم من ناحية البر، وهكذا كانت الخطة كاملة لدرجة أن العدو قد وقع في المصيدة التي أعدت له، ومن هنا فإنهم قد دمروا تماماً عندما التقى المصريون بهم.[66]
ويظهر من النقوش أن هناك ثلاثة سفن من السفن المهاجمة، بما في ذلك السفينة المقلوبة تحمل رجال ارتدوا نفس غطاء الرأس العالي الذي لبسه المدافعون عن العربات التي تجرها الثيران في المعركة البرية، أما رجال السفينتين الباقيتين فقد ارتدوا خوذات ذات قرون، ربطت ربما خطأً مع خوذات حراس الفرعون من الشردان.
والحقيقة أن القرون هي الشيء الوحيد الذي كان مع الحرس الخاص، أما التنورات والملابس الضيقة ذات الأشرطة فقد كانت متماثلة مع تلك الملابس التي يرتديها المهاجمون الآخرون.
ولم يذكر نص السنة الثامنة الشردان بالرغم من أنهم ذكروا في بردية هاريس، والرابطة الأساسية التي تربط بين الرجال الذين في السفن والشردان هو التشابه الكبير بينهم وبين رئيس هذه القبيلة، الذي ظهر بين أسرى رؤساء القبائل الأخرى، حيث ذكر بالاسم.
وقد ارتدى رئيس الشردان نفس الخوذة التي ارتداها المهاجمون في السفن، مع انثناء منخفض على الجانبين وعمود بين القرون ينتهي بقرص، ويعتبر هذا العمود العلامة المميزة للحرس المصري، كما كان هذا الأسير بلحية، بينما كان المهاجمون بدون لحية، وقد افترض ” ساندارز ” أن هذا الأسير يمكن أن يكون خائناً من الحرس المصري، ألقي القبض عليه مرة أخرى.[67]
وهناك قضية مشاركة رعمسيس الثالث في المعركة البحرية، حيث إن ” نلسون ” يميل إلى الشك في أن الفرعون قد قام بدور شخصي في هذه المعركة رغم أن هذا لا يمكن إثباته بالرغم من أن المناظر تظهره وكأنه غير قادر على أن يصل إلى العدو بطريقة فعالة بقوسه، كما أن نشاطه لم يكن له نفس التأثير الأدبي على جنوده كما هو الحال في المعركة البرية، ولكن الفنان لم يكن يستطيع أن يرسم جزءاً من معركة دون أن يجعل الفرعون الصورة الرئيسية في المنظر[68]، ودون أن تنسب النصوص المصرية النصر كل النصر للفرعون، لهذا نرى النص المصاحب لمنظر المعركة البحرية والذي يظهر فيه الفرعون على الشاطئ مع رماته، وهم يرسلون وابلاً من السهام على العدو المهزوم، ويذكر النص :” والآن فإن الممالك الأجنبية التي في جزرها كانت أجسادها مرتجفة، وقد نفذت في قنوات مصبات النيل، ومنعت خياشيمها من أن تؤدي وظيفتها، وقد كانت رغبتهم أن يتنفسوا النفس، فخرج إليهم جلالته كالإعصار محارباً في ميدان المعركة كالعدّاء، وقد دخل الفزع والرعب منه إلى أعضائهم، فانكفؤوا وقهروا في أماكنهم، وخلعت قلوبهم وذابت أرواحهم، وتبعثرت أسلحتهم في البحر، وكان يطعن رمحه فيهم حيث أراد، بينما سقط الهاربون منهم في الما وجلالته كأسد غاضب يهاجم منازله بقرنه، وكان السلب بيده اليمنى والقوة بيده اليسرى، وهو مثل ” ست ” إنه آمون والده الذي يقهر له كل الأراضي ويحطم له كل بلد تحت قدميه ملك مصر العليا والسفلى، سيد الأرضين وسر ماعت رع آمون، رعمسيس الثالث.”[69]
وهكذا استطاع رعمسيس الثالث أن يصد هجوم شعوب البحر عند حدوده الشرقية، كما كتب له النجاح أيضاً في أن يصد هجومهم البحري عند ” مدخل الأنهار ” في الدلتا، وبذلك حرمهم من الدخول إلى مصر، ومن المرجح أنهم اضطروا إلى التراجع للاستقرار في فلسطين، كما أشاع الاضطراب في أسطولهم البحري عند مصبات النيل، إذ نجد إحدى قطعهم البحرية وهي تحمل الجنود في أقصى حالات الاضطراب، والمصريون مقبلون عليهم بقيود حديدية فيسقط اثنان منهم في الماء، بينما يتطلع واحد إلى الشاطئ يلتمس الرحمة من الفرعون، وهناك قارب ثالث يظهر مقلوباً وقد طرح برجاله جميعاً في الماء، وهكذا كانت هزيمتهم كاملة براً وبحراً.[70]
ومن نتائج هذا النصر، دحر المهاجمين وإنقاذ مصر من خطر مؤكد لا يقل عن الخطر الذي تعرضت له البلاد عند غزو الهكسوس، وإن لم يزد عنه كما يرى ” دريوتون ” و ” فاندييه ” اللذان يؤكدان- دون مغالاة- أن رعمسيس الثالث قد أنقذ بلاده من غزو أخطر بكثير من غزو الهكسوس، فلو أن شعوب البحر استطاعت أن تتوغل في مصر، لكان من المحتمل أن البلاد ما كانت تستطيع أن تنهض، وأنها كانت تختفي من التاريخ، كما اختفت دولة الحثيين قبل ذلك ببضع سنين[71]. وفي الحقيقة إن ذلك صحيح تماماً، ذلك أن مصر بانتصارها العظيم قد استطاعت أن تنقذ نفسها من غزو مدمر، حطم قبل ذلك ممالك عدة، وقد قامت الاحتفالات بمصر بمناسبة هذا النصر العظيم.
وتقدم لنا نقوش مدينة هابو رعمسيس الثالث، وهو واقف في مكان مرتفع أمام حصن، وموظفوه يقدمون له أسرى شعوب البحر، والكتّاب يسجلون إحصاء الكومتين من الأيدي المقطوعة بينما هناك منظر آخر يقدم فيه الأسرى إلى اثنين من الموظفين، وهم يسمونهم، ثم يسجلون في طوائف مختلفة.[72]
ويتجه رعمسيس الثالث إلى ربه شاكراً على هذا النصر العظيم الذي منحه إياه، وليقدم له-بصفته الشريك الأول في النصر- نصيبه الكبير من الغنيمة، فنراه يقود ثلاثة صفوف من أسرى شعوب البحر للإله آمون وللإلهة موت، ويُشاهد الإله يمد سيفاً معقوفاً للملك، ثم يخاطبه آمون قائلاً :” مرحباً بك في سلام لأنك أخذت هؤلاء الذين هاجموك أسرى، ولأنك ذبحت الذين اعتدوا على حدودك، لقد كان سيفي معك لتقهر به البلاد، لقد قطعت رؤوس الآسيويين وطرحت أرضاً لك كل بلد، حتى جعلتهم ينظرون إلى جلالتك في رعب كابني ” ست ” حين يهيج وتخاطبه ” موت ” قائلة : إنني أضع ذراعي كحماية حولك بينما حرارتي ضد أعدائك لقد أعطيتك ملايين الأعياد ومئات الألوف من السنين إلى أبد الآبدين “[73] .
ثم يضيف نص السنة الثامنة واصفاً سهر رعمسيس الثالث على ضمان حماية مصر وازدهارها حيث نقرأ :” آه …. فرحة مصر حتى أعالي السماء، لأني حاكم الأرضين فوق تاج آتوم …. لقد بددت الأحزان التي في قلوبكم وجعلتكم جالسين في ثقة دون توقف … لقد غطيت مصر، وحميتها بذراعي الشجاعة منذ أن حكمت كملك مصر العليا والسفلى فوق تاج آتوم…. لأن قلبي يثق في إلهي ( سيد الآلهة ) آمون رع الشجاع، سيد السيف الذي أعرف بأن قوته أكبر من قوة الآلهة الأخرى، وبأن قدر سنوات مدة الحياة كلها بيده …. أنا قوي وشجاع ومخططاتي نجحت، ولم يفشل أي شيء قمت به، وخلقي ممتاز وقد ورثته من هذا الإله، أب الآلهة …. والدي ! أنا لست غافل عن ضريحه، ورغبتي ازدادت لمضاعفة القرابين من الغذاء لما كان موجوداً من قبل”[74].
على كل حال، فإن هناك نقوشاً أخرى ذكرت شعوب البحر غير نقش السنة الثامنة، حيث نجد لوحة السنة الثانية عشرة من حكم رعمسيس الثالث تذكر انتصار هذا الفرعون على شعوب البحر، والحقيقة أنني لم أعثر على نص هذه اللوحة سوى عند ” كلار لا لوات ” التي نقلته بدورها من كتاب :
Kitchen.K.A, Ramesside Inscriptions Historical and Biographical, V, 73, Oxford, 1982.
ونجد في هذه اللوحة ما يلي :” اسمعوني، كل البلاد، كل الأحياء، جيل الشباب والأشخاص المحترمين للبلد المحبوب، أنا ابن لشجاع وبذرة ( الإله ) لبطل ذو قوة عظيمة، ملك الجنوب والشمال، لقد هزمت البلاد الأجنبية التي اغتصبت حدودي منذ أن أصبحت ملكاً على عرش آتوم، ولم يبق أي بلد بجانبي كان ينافسني، أنا ثابت كثور أمامهم ( ثور ) بقرون حادة لقد قهرت الآسيويين الذين داسوا تربة مصر …. ذكرى اسمي خلقت الخوف في بلدانهم … لقد هزمت الثيكر، وبلاد فلسطين والدنن والوشش والشيكلش كما حطمت تنفس المشواش… لقد رفعت وجه مصر”.[75]
أما بردية هاريس فتذكر: ” لقد وسعت حدود مصر، وقهرت الذين غزوها من أراضيهم، لقد ذبحت الدنن في جزرهم، الثيكر والبلست أصبحوا رماداً، أما شردان ووشش البحر فقد أصبحوا وكأنه لم يكن لهم وجود لقد أخذوا أسرى في وقت واحد وحملوا إلى مصر مثل رمل الشاطئ، وقد وضعتهم في حصون الحدود في اسمي والعديد في طبقاتهم مثل مئات الآلاف، لقد فرضت عليهم الضريبة كلهم في الملبس والحبوب في المخازن كل سنة “.[76]
وهكذا انتهت غزوات شعوب البحر على مصر بالفشل الذريع، ولم تستطع هذه الشعوب الدخول إلى أراضي وادي النيل الخصبة، غير أن صورة عالم الشرق الأدنى القديم قد تغيرت تماماً، إذ استقر الفريجيون في آسيا الصغرى خلفاً للحثيين، أما الدوريون فقد استقروا في منطقة حوض بحر إيجه، بينما تشكلت بعض الولايات الحثية الجديدة في شمال سورية، أما في منطقة الساحل الشرقي للبحر المتوسط التي تعرضت لتدمير عنيف أدى إلى اختفاء مدن عديدة كمدينة أوغاريت، فقد ظهر الفينيقيون الذين أصبح لهم دور حضاري كبير في البحر المتوسط في القرون التالية.
أما شعوب البحر فقد استطاع البعض منهم الاستقرار على شاطئ البحر المتوسط ،كالفلسطينيين الذين استقروا حول موانئ غزة وعسقلان ويافا، وأسسوا دولة لهم، أصبحت لها أهمية في الفترة التالية رغم أنها ظلت تابعة لمصر.
أما الثيكر فقد استقروا إلى الشمال منهم، كما حاول البعض منهم التسلل إلى مصر سلمياً للاستقرار وخاصة الشردان، والوشش الذين وضعوا في قلاع خاصة لخدمة الفرعون، حيث يقدمون الحبوب وينسجون الأقمشة.
أما المشوش والليبو وربما بعض الآخيين فقد ظلوا في ليبيا مع القبائل المحلية من التحنووالتمحو.
وأما باقي شعوب البحر ومنهم التيرش والشيكلش وربما بعض الشردان فقد راحوا يبحثون عن وطن يستقرون فيه، ومن المحتمل أنهم توجهوا بسفنهم إلى أوربا خاصة إيطاليا والجزر المحيطة بها كسردينيا وصقلية، وبذلك حملوا لها حضارة وثقافة عالم الشرق الأدنى القديم[77].
خاتمة :
هكذا استطاع رعمسيس الثالث صد هجمات شعوب البحر على مصر، ونجح في إنقاذ مصر من هذا الخطر الداهم الذي لم تنج منه الامبراطورية الحثية وسورية وفلسطين- ودون مغالاة- فإننا نؤكد بأن مصر استطاعت أن تصد أخطر غزو بعد غزو الهكسوس إذ لو قدر لهذه الشعوب أن تجتاح مصر فربما كان مصيرها كمصير دولة الحثيين.
المصادر والمراجع :
المراجع العربية والمعربة
1- جاردنر، سير آلن، مصر الفراعنة، ترجمة: نجيب ميخائيل ابراهيم، مراجعة: عبد المنعم أبو بكر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الثانية، القاهرة، 1987.
2- دريوتون، ايتين، فاندييه، جاك، مصر، ترجمة: عباس بيومي، القاهرة، 1950.
3- مهران، محمد بيومي، حركات التحرير في مصر القديمة، ج3، دار المعارف، مصر، القاهرة، 1976.
4- مهران، محمد بيومي، مصر والشرق الأدنى القديم – الكتاب الثاني ( مصر )، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية، 1988.
5- مهران، محمد بيومي، مصر والشرق الأدنى القديم، المغرب القديم، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية، 1990.
6- مهران، محمد بيومي، مصر والعالم الخارجي في عصر رعمسيس الثالث، الاسكندرية، 1969.
المراجع الأجنبية :
1-A.H.GARDINER, Ancient Egyptian Onomastica, Oxford, 1947.
2- ALESSANDRA NIBBI, The Sea Peoples, Oxford, 1972.
3- CLAJRE LALOUETTE, L, Empire des Ramses, Fayard, 1985.
4- HAROLD. M.NELSON, The Naval Battle Pictured at Medinet HABU, Journal of Eastern Studies, 2, Chicago, 1943.
5- J.H.BREASTED, Ancient Records of Egypt, VOLS III- IV, Chicago, 1930.
6- N.K.SANDARS, The Sea Peoples Warriors Of the Ancient Mediterranean 1250-1150 B.C. Thames and Hudson, London 1978.
7-R.D.BARNETT, The Sea Peoples, Cambridge Ancient History II, Chapter 28, 1975.
8- R.DEVAUX,O.P, La Phénicie et Les Peuples de La MER, Mélanges de L, Université, Saint- Joseph, Tome 67, Beyrouth ( LIBAN) ,1969.
9-R.O.FAULKNER, Egypt From The inception of the Nineteenth Dynasty to Ramesses III, Cambridge Ancient History II, Chapter 23, 1975.
10- W.F.EDGERTON AND J.A.WILSON, Historical of Ramsses III,1930.
11- W.F.ALBRIGHT, Syria The Philistines and Phoenicia, Cambridge Ancient History II, Chapter 33, 1975.
[1]-أتيكا: شبه جزيرة يونانية توجد بها مدينة أثينا، وتتميز بسلاسل جبلية صغيرة وسهول خصبة.
[2]– جزيرة أوبي: جزيرة في بحر إيجه .
[3]-مهران، محمد بيومي، مصر والشرق الأدنى القديم – الكتاب الثاني ( مصر )، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية، 1988، ص144.
[4]-R.O.FAULKNER, Egypt From The inception of the Nineteenth Dynasty to Ramesses III, Cambridge Ancient History II, Chapter 23, 1975, P.242.
-[5]سيليسيا: إقليم يقع جنوب تركيا من اهم مدنه أدنة.
[6]-نهارينا: مملكة تقع شرق الفرات كانت حدودها الغربية تصل حتى حلب.
[7]-بلاد آمور: جاء اسم بلاد آمور كثيراً في رسائل العمارنة، وكانت تستعمل هذه التسمية لتدل على هضبة صحراء سورية.
-[8]أوغاريت : مدينة سورية تعود آثارها إلى الأزمنة القديمة، اكتشف موقعها صدفة عام 1928 في رأس شمرا على بعد 1300 متراً من شاطئ البحر المتوسط واثني عشر كلم شمال مدينة اللاذقية.
[9]– CLAJRE LALOUETTE, L, Empire des Ramses, Fayard, 1985,P. 300- 301.
-[10] بردية هاريس: محفوظة الآن بالمتحف البريطاني، وهي من أروع محفوظات الدولة المصرية وأكبر الوثائق حجماً إذ يبلغ طولها 133 قدماً، وتضم 117 مقطعاً من الكتابة الهيروغليفية، ونجد في كل مقطع بين 12 و13 سطراً، عثر عليها عام 1855م في مكان بالقرب من معبد الدير البحري، وقد وصلت إلى أحد تجار الآثار واشتراها منه في نفس العام السيد ” هاريس ” الإنكليزي الأصل والذي أهداها بدوره إلى المتحف البريطاني.
-[11]دريوتون، ايتين،فاندييه، جاك،مصر، ترجمة: عباس بيومي، القاهرة، 1950، ص482-483.
[12]– CLAIRE LALOUETTE, OP. CIT, P.306.
ALESSANDRA NIBBI, The Sea Peoples, Oxford, 1972, P. 45- 48.انظر أيضاً:
-[13]مهران، محمد بيومي، حركات التحرير في مصر القديمة، ج3، دار المعارف، مصر، القاهرة، 1976، ص252.
[14]-CLAIRE LALOUETTE, OP. CIT, P. 306.
-[15]التحنو:ذكر التحنو أو تحني في النقوش المصرية منذ فجر التاريخ المصري، وأقدم إشارة إليهم ترجع إلى عهد الملك العقرب، إذ كتب اسم بلادهم على أثر يصور أسلاباً أحضرت من هناك، ثم من عهد الملك نعرمر، ومنذ الدولة القديمة حتى الأسرة الثامنة عشرة كان سكان تحنو أو تيحنو يذكرون باعتبارهم ” حاتبيوعا ” وهو لفظ كان يطلق على الأمراء المصريين. انظر:
A.H.GARDINER, Ancient Egyptian Onomastica, Oxford, 1947, p.116-117.
-[16]مهران، محمد بيومي، مصر والشرق الأدنى القديم( 9 )، المغرب القديم، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية، 1990، ص126.
-[17]الأقواشوالتيرشوالشيكلش هم أقوام من شعوب البحر.
[18]-N.K.SANDARS, The Sea Peoples Warriors Of the Ancient Mediterranean 1250-1150 B.C. Thames and Hudson, London 1978, P.132-133.
[19]-W.F.EDGERTON AND J.A.WILSON, Historical of Ramsses III, PLS 27-28,1930, P.22-23.
[20]-Ibid, pls 27-26, p.23.
[21]-N.K..SANDARS, OP. CIT, P. 132- 133.
-[22]كلمة لم يعرف معناها الحقيقي إلا أنها تستخدم في الغالب لتقصد جنود العربات، وقد استخدمت للمحاربين الحثيين في معركة قادش.
[23]-W.F.EDGERTON AND J.A.WILSON OP. CIT, PLS 27-28, P.30-31.
[24]– W.F.EDGERTON AND J.A.WILSON OP. CIT, PLS 44, P.47.
[25]-CLAIRE LALOUETTE, OP. CIT, P. 307-308.
[26]-W.F.EDGERTON AND J.A.WILSON OP. CIT, PLS 32-34, P.38.
-[27]جاردنر، سير آلن، مصر الفراعنة، ترجمة: نجيب ميخائيل ابراهيم، مراجعة: عبد المنعم أبو بكر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الثانية، القاهرة، 1987، ص313.
[28]-قدي: منطقة شمال سورية تقع بين كركميش والبحر المتوسط.
-[29]كركميش: موقع مدينة جرابلس السورية على الحدود مع تركيا.
[30]-أرزاوا: تقع على ساحل البحر المتوسط في الجهة الغربية من الجنوب الغربي من بلاد الحثيين.
[31]-W.F.EDGERTON AND J.A.WILSON OP. CIT, PLS 46, P.53.
[32]-الماريانو: طائفة من الجنود المرتزقة امتازوا بشجاعتهم وقوة بطشهم كانوا منتشرين في آسيا، ولمزيد من الاطلاع، انظر:
N.K..SANDARS, OP. CIT, P. 132- 133.
[33]-W.F.EDGERTON AND J.A.WILSON OP. CIT, PLS 46, P.54-55.
[34]-W.F.EDGERTON AND J.A.WILSON OP. CIT, PL. 29, P.35.
[35]-Ibid, PL.29, P.36.
[36]-Ibid, PL.29, P.36-37.
[37]-Ibid, PL.31, P.37-38.
[38]-N.K..SANDARS, OP. CIT, P. 132- 120.انظر أيضاً:
R.DEVAUX,O.P, La Phénicie et Les Peuples de La MER, Mélanges de L, Université, Saint- Joseph, Tome 67, Beyrouth ( LIBAN) ,1969, P.485.
[39]-ALESSANDRA NIBBI, OP.CIT, P. 41-43.
[40]-R.DEVAUX,O.P, OP. CIT, P.485.
[41]– A.H.GARDINER, OP.CIT, P. 145-146.
[42]-N.K..SANDARS, OP. CIT, P. 132- 119.
[43]-R.DEVAUX,O.P, OP. CIT, P.485.
N.K..SANDARS, OP. CIT, P. 132- 119.وكذلك:
[44]-R.DEVAUX,O.P, OP. CIT, P.485.
[45]-R.D.BARNETT, The Sea Peoples, Cambridge Ancient History II, Chapter 28, 1975, P.372.
[46]-HAROLD. M.NELSON, The Naval Battle Pictured at Medinet HABU, Journal of Eastern Studies, 2, Chicago, 1943, P.45.
[47]-R.D.BARNETT, OP. CIT, P.372.
[48]-W.F.EDGERTON AND J.A.WILSON OP. CIT, P.31.
-[49]مهران، محمد بيومي، مصر والعالم الخارجي في عصر رعمسيس الثالث، الاسكندرية، 1969، ص229.
[50]-N.K..SANDARS, OP. CIT, P. 132- 120.
[51]-R.D.BARNETT, OP. CIT, P.372.
[52]-N.K..SANDARS, OP. CIT, P. 132- 120- 121.
[53]-R.D.BARNETT, OP. CIT, P.372.
[54]-W.F.ALBRIGHT, Syria The Philistines and Phoenicia, Cambridge Ancient History II, Chapter 33, 1975, P.508.
-[55]بحيرة سيفان:بحيرة في أرمينيا تبلغ مساحتها 1408كم2.
[56]-N.K..SANDARS, OP. CIT, P. 132- 120.
[57]-Ibid, P.124.
[58]-W.F.EDGERTON AND J.A.WILSON, OP. CIT, PL.46, P.55.
[59]-اللهيب الشامل: ربما بالتخمين يقصد به الأسطول المصري.
[60]-W.F.EDGERTON AND J.A.WILSON, OP. CIT, PL.46, P.55-56.
[61]-Ibid, PLS 37-39, P.41.
[62]-H.NELSON, OP. CIT, P.46.
[63]-W.F.EDGERTON AND J.A.WILSON, OP. CIT, PL 42, P.41.
[64]-Ibid, PLS 27-28, P.31.
[65]-Ibid, PL.46, P.55.
[66]-H.NELSON, OP. CIT, P.46.
[67]-N.K..SANDARS, OP. CIT, P. 125.
[68]-H.NELSON, OP. CIT, P.47.
[69]-W.F.EDGERTON AND J.A.WILSON, OP. CIT, PLS 37-39, P.41-42.
-[70]جاردنر، سير آلن، المرجع السابق، ص316.
-[71]دريوتون، فاندييه، المرجع السابق، ص484.
[72]-W.F.EDGERTON AND J.A.WILSON, OP. CIT, PL.42, P.41-42.
[73] -W.F.EDGERTON AND J.A.WILSON, OP. CIT, PL. 44, P.46-47.
[74]-Ibid, PL.46, P.56-58.
[75]-CLAIRE LALOUETTE OP. CIT, P.319.
[76]-J.H.BREASTED, Ancient Records of Egypt, VOLS III- IV, Chicago, 1930, Parag 403.
[77]-CLAIRE LALOUETTE OP. CIT, P.323-324.