
النساء والقيادة: المحددات الاجتماعية والمعايير التنظيمية
Women and leadership: social determinants and organizational norms
د. هدى كريملي/جامعة محمد الخامس، المغرب
Dr. Houda Grimli, University Of Mohamed V, Morocco
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 66 الصفحة 107.
ملخص :
يقدم هذا المقال نتائج دراسة سوسيولوجية لتجربة النساء للسلطة وما يرتبط بها من محددات سوسيو-ثقافية وعوامل تنظيمية مؤثرة في المسار المهني النسوي. وتتجلى أهمية هذه الدراسة في تفكيك العوامل المعلنة منها والضمنية المتحكمة في ظاهرة ندرة النساء في مواقع صنع القرار. واعتمدنا في هذه الدراسة على مقاربة كيفية لتحليل أنساق ثلاثية الأبعاد (الجندر، التنظيم، والنظام الاجتماعي). وقد أبرزت نتائج الدراسة أن التمثلات الاجتماعية والصور النمطية تخترق العالم المهني والجمعوي وتؤثر في تصورات النساء للسلطة وممارستها، كما سلطت الضوء على الطابع الذكوري للقواعد والمعايير التنظيمية لاختيار القياديين المحتملين التي تظهر “محايدة”، كالكفاءة والجدارة والمنافسة والكاريزما والتجربة.
الكلمات المفتاحيّة: القيادة، الهوية، الأدوار الجندرية، الصور النمطية، المعايير الذكورية، المسار المهني.
Abstract:
This article presents the results of a sociological study of women’s experience of power and its associated socio-cultural determinants and organizational factors influencing the female career. The importance of this study is reflected in the dissecting of the explicit and implicit factors governing the phenomenon of the scarcity of women in decision-making positions. In this study, we relied on a qualitative approach to analyze three-dimensional systems (gender, organization, and social order). The results of the study have highlighted that social representations and stereotypes penetrate the professional area and civil society organizations and affect women’s perceptions of power and its exercise. It also highlighted the masculine nature of the organizational rules and criteria, that appear “neutral”, for selecting potential leaders, such as efficiency, merit, competition, charisma, and experience.
Keywords: Leadership, identity, gender roles, stereotypes, masculine norms, career
تقديم :
ساهمت مجموعة من العوامل السوسيو-ثقافية والاقتصادية والسياسية في وصول النساء إلى مناصب المسؤولية، بل منهن من أصبحن رئيسات لدول وتنظيمات كبرى. وساهم ذلك في تغيير القواعد والنظرة الذكورية للعالم، ومن تمة إعادة ترتيب الأدوار والمواقع الاجتماعية ، مع أن تمثيلية النساء في مناصب السلطة مازالت ضعيفة جدا: فرنسا على سبيلالمثال، التي تعد من الدول التي تعرف تقدما على مستوى الحقوق الإنسانية والمساواة بين الجنسين، لا تتجاوز نسبة القياديات في التنظيمات والمقاولات 27.2% مقابل 72.8% من القادة الذكور.[1]بينما في المجتمع المغربي، انخفضت مشاركة النساء في الحقل الاقتصادي بـ 5.7 نقطة ما بين سنة 1999 و2012، وهي نسبة منخفضة ثلاث مرات مقارنة مع نسبة الرجال[2].وحسب نفس المصدر، إذا كانت نسبة النساء في الوظيفة العمومية تصل إلى 40% من الموظفين، فإن نسبة النساء المسؤولات لا تتعدى 16%. هذا فضلا عن ضعف تمثيليتهن في المناصب السياسية وغيابهن شبه الكلي في القيادات النقابية، حيث لا يشكل حضورهن في تلك التنظيمات إلا (0.38(%. وكذلك حال نسبة القياديات في التنظيمات المدنية كالجمعيات التي تتسم نسبة انخراطهن فيها بضعف كبير، حيث لا يتجاوز12.7%، خاصة في الجمعيات ذات الطابع الاقتصادي والنقابات المهنية.
ورغم من أن الدولة المغربية سنت مجموعة من الإجراءات القانونية لتحقيق المساواة بين الجنسين والقضاء على التمييز بينهما في العديد من المجالات، خاصة منها المساواة المهنية التي تشكل أحد أبعاد المساواة المدنية، ورغم تزايد حضور المرأة في مختلف دواليب الشأن العام، فإن تمثيليتها في مراكز المسؤولية مازالت ضعيفة جدا، وذلك بفعل عوائق وحواجز ثقافية أكثر منها قانونية. ذلك أن ولوج النساء إلى المراكز القيادية لا يتطلب كفاءة مهنية بقدر ما يستوجب القدرة على تجاوز الاكراهات الاجتماعية المرتبطة بالتمثلات النمطية على وجه الخصوص[3]والتي نصادفها في قلب المؤسسات والتنظيمات، كما تؤكد ذلك ميد[4] التي ترى أن تصنيف النساء “طبيعيا” في خانة غير المؤهلات يعتبر إحدى آليات حماية حدود السيادة والهوية الذكورية للحفاظ على التفوق الاجتماعي للرجال الذي حققوه بفعل هيمنتهم على المجال المهني.
إن التمثلات الاجتماعية والصور النمطية تشكل أحد العوائق الرئيسية التي تحول دون ولوج النساء لمناصب المسؤولية واتخاذ القرار في مختلف التشكيلات والحقول الاجتماعية ، كما تعتبر تلك التمثلات محددا أساسيا لتراجع النساء أو تقدمهن في التراتب المهني. لذلك فإن التنظيم، لا يختلف عن مؤسسة اجتماعية أخرى، يخضع للنظام الأبيسي وللسلطة الذكورية في توزيع المهام والمسؤوليات والواجبات التي تكون تحت إشراف وسلطة الذكور، والتي بنيت بشكل محكم. والنساء كباقي الفئات الاجتماعية تشملهن “الهيمنة الذكورية” كما يفسر ذلك بورديو في كتابه الهيمنة الذكورية.[5]
ويلاحظ أن إشكالية النوع الاجتماعي والسلطة تحتل قلب النظام الاجتماعي وأبعاده الثقافية، نظام يرى أن مهام القيادة والتسيير تعتبر مهمة حكرا على الذكور. وبالتالي تكون الثقافة والقواعد التنظيمية والسياسية ليست محايدة في نظرتها للجندر، فضلا عن أن التنظيمات التي تسعى إلى غايات مادية تخضع لقوانين مبنية من قبل الذكور ولصالحهم.[6] وهكذا فإن قوة النظام الذكوري لا تحتاج إلى تبرير ذاتها، خاصة وأن مركزية الذكورة تقدم نفسها على أنها محايدة، وليست بحاجة إلى الكشف عن آليات شرعنتها بما أن النظام الاجتماعي يشتغل باعتباره نسقا رمزيا هائلا يصبو إلى المصادقة على الهيمنة الذكورية الي يتأسس عليها التقسيم الجنسي للعمل، والتوزيع الصارم للأنشطة الموكل القيام بها لكل من الجنسين في مختلف المجالات.
والحال أن ممارسة النساء للسلطة يثير أعمق وأعقد إشكالية اجتماعية؛ إشكالية الهوية التي تعد السلطة من أهم رهاناتها.[7]وعليه فإن دراسة حالة المرأة القيادية في التنظيمات المدنية وأسلوب قيادتها وموقعها في السلطة لا بد وأن تأخذ بالاعتبار الأنساق الاجتماعية المشكلة للمنظومة الثقافية والتي تعتبر مصدرا للاوعي الجمعي والفردي والمتواجدة خفية في قلب المؤسسات. وقد تم دراسة المحددات الاجتماعية والمعايير التنظيمية التي تشكل الهوية المهنية للقياديات، فأوضحنا كيف يؤثر الانتماء الجنسي والدور الاجتماعي على المسار المهني النسوي. فالأفراد يتجاوبون مع الانتظارات الاجتماعية ، أي أن أدوارهم الاجتماعية تتلاءم مع طبقتهم الجنسية (ذكور/إناث)[8].وبالتالي اللا مساواة بين الجنسين هي نتاج تاريخ من الممارسات التمييزية القائمة على علاقات لا متوازنة (تفضيلية وتفاضلية) تم ترسيخها في هابتوسات الأفراد وفي أجسادهم.
تثير ظاهرة ندرة النساء في مناصب السلطة عمليات “الاقصاء” التي تطبع مسارات وصول النساء إلى مستويات عليا في السلم الهرمي للتنظيمات. سنقوم أولا بتحديد الإطار النظري للدراسة انطلاقا من المقاربة التحليلية المعتمدة، ثم أهداف الدراسة وإطارها المفاهيمي، ثم سنتوقف على إشكالية البحث ومنهجيته. مع شرح طريقة معالجة وتحليل المعطيات. وفي الأخير، سنقوم بعرض النتائج ومناقشتها على ضوء الدراسات السابقة والإطار النظري. ونختم مقالنا بإبراز أهم مساهمات هذه الدراسة وحدودها.
- الإطار النظري
1.1. المقاربة التحليلة للدراسة
يقتضي دراسة القيادة النسوية وما يرتبط بها من محددات سوسيو-ثقافية وعوامل تنظيمية مؤثرة في المسار المهني النسوي، تبني مقاربة تحليلية مزدوجة تجمع بين التحليل الاستراتيجي[9]ونظرية الممارسة[10]، مما مكننا من الانفتاح على أنساق تحليلية ثلاثية الأبعاد (الجندر، التنظيم، والنظام الاجتماعي) في تحليل المتغيرة الرئيسة “الحركية المهنية النسوية”. يمكننا هذا الإطار النظري المزدوج الإحاطة بالتبعيات المتبادلة بين النسق التنظيمي والنسق الاجتماعي من خلال استخدام مجموعة من المفاهيم التفسيرية: الاستراتيجية، قواعد اللعب، التفاوض، الهابتوس، رأس المال الاجتماعي رأس المال الثقافي، الحقل.
إذا كان كروزيي يهتم بهوامش الحرية المتوفرة داخل الأوضاع التي يوجد فيها الأفراد، فإن بورديو على عكس ذلك يلح على أن النظام الاجتماعي يثقل كاهل الأفراد، إذ يشكل شروطا حاسمة في توجيه اختياراتهم، كما يسمح مفهوم الهابتوس بتحليل مختلف أبعاد استراتيجيات السلطة، موضوع بحثنا، وفق الرساميل السوسيو-ثقافية التي تحملها القياديات من حقول أخرى إلى التنظيم المدني، سواء بشكل واع أم بدون وعي.
وهذه المقاربة المزدوجة تسمح بمراعاة البعد الفرداني في ممارسات القياديات للسلطة وما يرتبط بهذا البعد من عقلانية ومقاصد واعية من جهة؛ ومن جهة أخرى مبادئ نظرية الممارسة التي تمكننا من تسليط الضوء على العلاقة الجدلية بين الإكراهات الاجتماعية والتنظيمية وهابتوس المرأة القيادية الذي يولد ممارسات السلطة لدى تلك الفئة من النساء. وقد حاولنا أن نؤطر هذه المقاربة النظرية بمبادئ النوع الاجتماعي الذي لا نعتبره متغيرة عادية من أجل وصف الأوضاع السوسيو-ديموغرافية أو للإشارة إلى فئات اجتماعية (الرجال والنساء)، وإنما هو آلية لكشف منطق شامل يبرز كيف ينتظم المجتمع ويشتغل.
- أهداف الدراسة وإطارها المفاهيمي
تطرح مسألة وصول النساء إلى مراكز السلطة العديد من التساؤلات حول النموذج الذي تقدمه النساء أثناء ممارساتهن للسلطة، خاصة وأن المنظومة الثقافية تفرض مجموعة من القيم والمعايير الذكورية المحددة لطبيعة العلاقة مع السلطة وكيفية التموقع في مناصب اتخاذ القرار.[11]إن الهدف الأول من هذه الدراسة هو تحديد العوامل المتحكمة في ممارسة السلطة، أي معرفة ما إذا كانت الثقافة المدنية أم المحددات الاجتماعية هي المؤثرة في المسار المهني للمرأة وأسلوب قيادتها، وبالتالي كشف المعايير المشكلة للهوية المهنية النسوية. والهدف الثاني هو الكشف عن الحواجز التي تحول دون تقدم النساء في السلم التراتبي. ولهذه الغاية، اعتمدنا مجموعة من المتغيرات التنظيمية والاجتماعية والشخصية (المرتبطة بالنساء) المفسرة للمعايير المتحكمة في التقدم الهرمي للنساء في مراكز المسؤولية كما هي موضحة في الخطاطة الآتية :
المتغيرات الاجتماعية |
- السن
- المستوى الدراسي
- التنشئة الاجتماعية
- سقف الأمومة
المتغيرات التنظيمية |
- الصراع بين الحياة المهنية والحياة الأسرية
- شبكة العلاقات
- موارد السلطة
|
خطاطة 1. متغيرات الدراسة
تقدم هذه الخطاطة مختلف المتغيرات التي اعتمدناها لإبراز المحددات الاجتماعية والتنظيمية المتحكمة في وصول النساء لمناصب السلطة، وقد قمنا باستخراج هذه المتغيرات بواسطة البحث الاستكشافي اعتمادا على المقابلات غير الموجهة[12].
- إشكالية البحث
تعكس ظاهرة ندرة النساء في مراكز السلطة والقيادة في المجتمع المغربي، كما في سائر دول العالم، عمليات “بناء الاقصاء” التي تطبع مسارات وصول النساء إلى مستويات عليا في السلم الهرمي للتنظيمات. والواقع أن الأدوار والأنشطة المهنية التي ينهض بها الفرد هي أدوار متكاملة (أو استمرار) للأدوار الجندرية المبنية اجتماعيا على التمييز والتفاضل بين الجنسين.[13] وعليه، فالإجراءات السياسية الساعية إلى تفعيل المساواة المهنية بين الرجال والنساء والرغبة في تأنيث الأطر المحتملة، وفق مبادئ تكافؤ الفرص والمساواة، لم تلغ قوة السقف الزجاجي الذي يشكل حاجزا لا مرئيا أمام تقدم النساء في السلم الهرمي.
إن المساواة المهنية التي أصبحت الآن موضوع إجماع واسع، لا تزال بعيدة عن أن تكون حقيقة ملموسة على أرض الواقع؛[14]فهي ترتبط بمحددات وعوامل اجتماعية عميقة وعملية دينامية لا تخلو من التزامات بين أطراف متعددة: فاعلين سياسيين واقتصاديين واجتماعيين. فالمساواة المهنية، تشكل بالنسبة للنساء معركة مستمرة. وهكذا فوضع النساء في مراكز السلطة معقد جدا، تتداخل فيه عوامل متعددة: إكراهات تنظيمية وممارسات إدارية وضغوط ثقافية ترتبط بالهوية الجندرية والأدوار الاجتماعية التي تعكس هيمنة النماذج والأنماط الذكورية في المجال العام، مما يجعل النساء أمام عوائق “حتمية” تحول دون توليهن مناصب السلطة.
ويبدو أن الاستثمار النساء الكبير في مجال العمل وتطوير معارفهن ومستواهن التعليمي ليس كافيا أمام قواعد السلطة التنظيمية المعمول بها. فتعيين المدراء المحتملين يتم وفق معايير ذكورية تحدده مجموعة من المحددات الثقافية والتنظيمية كالسمات الشخصية والطموح والمنافسة والقدرة على التأثير في فريق العمل والتفرغ لضمان الحركية المهنية وكذا الاندماج في شبكات النفوذ وغيرها من المعايير التي تضمن الاعتراف الرمزي والعملي بالأطر المحتملة.[15]
ساهمت مجموعة من العوامل في تقوية وضع المرأة كشريك في الشأن العام. ورغم ما تعيشه الحركات النسائية من تصادم بين تياراتها واتجاهاتها، لم تتوقف عن السعي وراء مطلبها الأساسي المتمثل في التفاوض حول الامتيازات التي يتحكم فيها الرجل، وكذا المطالبة بإدماج المرأة وتحقيق المساواة المطلقة بين الجنسين، وذلك بالعمل على التمييز بين الهوية الاجتماعية والهوية البيولوجية التي شكلت أساس شرعنة الاستلاب والهيمنة الذكورية. كما شكلت التحولات السوسيو-سياسية والاقتصادية محددات موضوعية في تطوير وضعية المرأة في المجال العام بالمجتمع المغربي. مثلما أصبحت التنظيمات المدنية مجالا مفتوحا لاستثمار النساء وانخراطهن في الحياة الجمعوية والمشاركة في تدبير السلطة العمومية.[16]
1.3. الاستدلال المنهجي
عملنا في دراستنا للقيادة النسوية على استخراج العوامل الاجتماعية والمعايير التنظيمية المتحكمة في المسار المهني وفي الهوية القيادية في التنظيميات. ولهذه الغاية، اخترنا المقاربة الكيفية التي ستمكننا من تحديد طبيعة ممارسة السلطة وبيئة هذه العلاقات والممارسات انطلاق من تجربة القياديات وتمثلاتهن للسلطة. يمكننا التحليل الاستقرائي الذي يفرضه البحث الكيفي من بناء العلاقات والروابط بين فعل السلطة والمعايير السوسيو-التنظيمية. إن هذا العمل التحليلي سيسمح بدراسة أوضاع السلطة والقيادة، كما تتمثلها وتمارسها الفاعلات. إذ نمنحهن فرصة التعبير عن معارفهن، ووجهات نظرهن المتعددة، المتعلقة بممارسة السلطة وقيمهن ودلالاتها.[17]إننا بصدد بناء للنظرية وليس اختبارا لها؛ إنها علاقة جدلية تراكمية بين النظري وبين المعطيات الميدانية. فالبحث الكيفي لا يخضع لمبدأ “تراتب المصداقية” القائمة على المفاضلة بين المعاني والتمثلات، ما دامت جميع الدلالات التي يقدمها المبحوث تتضمن مصداقية في ذاتها.[18]
2.3.عينة الدراسة وتقنيتها
تسمح المقابلة بالتحقق من العوامل “الخفية” التي يرجح أنها تتحكم في وصول النساء إلى مناصب السلطة. وتعتبر هذه التقنية المنهجية آلية فعالة في دراسة تمثلات الفاعلات للسلطة ومختلف مواردها وفي سياق إنتاجها.[19]
أنجزت الدراسة على عينة تتكون من 26 قيادية، احترما في ذلك مبدأ الإشباع، الذي يفرض علينا وقف المقابلات عند ملاحظة أنها لم تعد تقدم معلومات جديدة ومختلفة.[20]وقد جاء استجواب المبحوثات بغرض الإجابة على أسئلة البحث والتحقق من الفرضيات. وقد شملت العينة المدروسة مختلف القياديات في التنظيمات المدنية المركزية في جهة الرباط- سلا- القنيطرة. وقد اخترنا الجمعيات المركزية لأن هامش السلطة يكون أكبر، مما يسمح بدراسة فعل السلطة وأبعاده السوسيو-ثقافية والمدنية.
3.3. الإجراء المنهجي
تم جمع المعطيات بشكل مباشر من المشاركات في البحث، بناء على موعد مسبق إما عن طريق البريد الكتروني أو الاتصال عبر الهاتف. وقد اعتمدنا مقابلات فردية سجلت باستخدام آلة تسجيل بعد الحصول على موافقة المشاركات. استغرقت المقابلة ما بين ساعة وساعة ونصف.
بعد تفريغ المقابلات قمنا بمعالجتها باعتماد منهج “تحليل التيمات” (analyse thématique)، ويعود سبب اختيار هذه الآلية دون غيرها من آليات تحليل المضمون، إلى كونها تمكننا من جمع الوحدات الدلالية المشكلة لنسق خطاب القياديات، كما يسمح هذا النموذج التحليلي بإعادة صياغة محتوى الخطاب النسائي حول تجربتهن القيادية وتمثلهن لمفهوم السلطة وتجميعها في فئات فرعية رسمية، ثم استخراج المقولات الأساسية، بإتباع منهجية صارمة في ترتيب وتصنيف المعطيات لضمان “الموضوعية” في عملية التحليل والتفسير السوسيولوجي.[21]
- عرض النتائج وتحليلها
- الديبلومات عامل تنظيمي أساسي في الحركية المهنية والقيادة
يقدم التكوين العالي دورا مهما في وصول النساء إلى المراكز القيادية ومواقع السلطة. إذ تمنح الأولوية للمتخرجات من معاهد وجامعات معروفة، وبالأخص اللواتي يتوفرن على شهادات متعددة. ويعني ذلك أن المسار الأكاديمي يؤمن بعض الشروط الموضوعية المطلوبة في السلطة التنظيمية. خاصة إذا علمنا أن التخرج من مؤسسات جامعية أقل حظوة يعتبر عائقا حقيقيا أمام النساء لنيل بعض المناصب في التنظيمات الكبرى. بينما يمنح التخرج من مدارس كبرى لهؤلاء النساء ثقة بالنفس نظرا لأنه يضمن لهن انتماء آليا إلى فئة الأطر والقيادة.[22]
بيد أنه إذا كان النجاح في المسار المهني يتعلق بالمعايير التنظيمية العامة، أي بالإيقاع “الكلاسيكي” الذي يسمح بالتقييم والترقي في السلم الهرمي، فإن ارتفاع المستوى التكويني لا يعد شرطا كافيا من أجل تحقيق المساواة المهنية بين الجنسين، فتعدد الديبلومات يضمن لهن إمكانية ممارسة السلطة ما دامت المسارات المهنية خاضعة للمعايير التنظيمية الذكورية، مما يجعل تقييم الفاعليين تحكمه النماذج الجندرية والصور النمطية.[23]
وهكذا يبدو أن تماثل الشهادات والكفاءات بين الذكور والإناث لا يضمن للنساء نفس الحظوظ التي يتمتع بها الرجال لولوج مواقع اتخاذ القرار والقيادة. يؤكد ما وصلت إليه نتائج دراستنا من كون ارتقاء النساء إلى المراكز العليا مشروط بعبور العديد من الممرات القسرية، وقد أكدت العديد من المستجوبات على أن هذا الارتقاء لا تحدده فقط ضرورة الحصول على دبلومات عليا ومتعددة فقط، بل أيضا المرور بمهن وقطاعات عديدة، استشارية وإجرائية، الغاية منها تحقيق الاعتراف بهن وبكفاءتهن. ومع كونهن واعيات بأن الحصول على الاعتراف لا يمثل أحد المعايير التنظيمية، فإنهن يدركن أنه يعد من أهم الشروط غير الرسمية في تقييمهن للمشاركة في مراكز استراتيجية.
ومن جهة أخرى، لا تعود اللا مساواة بين الجنسين في المناصب القيادية إلى عامل انخفاض المستوى التعليمي للنساء أو عدم حصولهن على ديبلومات عليا، وإنما يعود بالأساس إلى عامل يرتبط بطبيعة اختيارات النساء لنوعية الأعمال والأنشطة التي ينخرطن فيها والتي تتركز في العلاقات التواصلية مع الزبائن أو السكرتارية وأعمال المساعدة بينما ينخرط الذكور في المهام التقنية والتدبيرية مما يسهل عليهم الترقي في السلم الهرمي.[24] هذا الأمر يكشف عن كون المسار المهني وممارسة السلطة لدى النساء لا يرتبطان بالديبلومات المحصل عليها والمؤسسة المانحة لها فقط. إذ تشكل القدرات المزعومة، أي القدرة على التدبير والمخاطرة والمنافسة، محددا أساسيا في الترقي. وبما أن النساء أقل تكوينا في مجال التسيير والتدبير، فإن للرجال حظوظا أكبر في تولي القيادة، خاصة وأن صورة الرئيس والقيادي أصبحت متينة الارتباط بالتصورات المتعلقة بالسمات الذكورية[25]كما أن هناك، فضلا عن ذلك، مجموعة من الممارسات غير التنظيمية تحد من التطور المهني النسوي: إذا كانت نسبة نجاح النساء في المباريات الإدارية منخفضة، فذلك راجع إلى إقصاء النساء منها عندما تتحدد هويتن على أساس أنهن نساء. بينما يعرف الرجال ترقيا مستمرا على أساس تقييم تجربتهم، بينما تخضع النساء للترقية المناسباتية، أي حسب تكوين إضافي مشفوع بشهادة،[26]وبالتالي فإن مسألة الترقية تصبح مرتبطة بالتناسب ما بين المعايير والنماذج الاجتماعية الموجودة في محيط العمل. وإذا تشكل المتغيرات الشخصية المرتبطة بالجنس والمستوى الدراسي محددات حاسمة في الحركية والترقي الهرمي داخل التنظيمات.
2.4. السلطة التنظيمية ورهان الهوية الأنثوية
قدمت المشاركات مجموعة من السمات تتعلق بروفيل القيادي مثل الطموح والمنافسة والتدبير الجيد والتفرغ وقوة الشخصية والفصل في النزاعات. وهي صفات تتفق عليها النساء القياديات بغض النظر عن سنهن أو مستواهن الدراسي. والحال أن هذه السمات مستمدة من المعايير السائدة التي طالما ارتبطت اجتماعيا وثقافيا بالمثل العليا للذكورة، وبالتالي فإن النساء يفتقرن لتلك الصفات ما دامت الأدوار الأسرية وأوضاع الأمومة تحول دون التقدم الهرمي لهن. تقول إحدى القياديات في هذا السياق: “متطلبات الأسرة وتربية الأطفال تؤثر في طموحاتي المهنية… لقد تخليت عن العديد من الفرص المهمة لأظل قرب أسرتي” هذه المعايير الاجتماعية والقيم الكامنة تجعل مسار النساء أكثر صعوبة، بل ويدخلهن في “متاهة”[27] كبيرة.
يتضح من إجابات المشاركات في الدراسة أن بروفيل القيادي يتميز بمجموعة من السمات الذكورية، مثل إخفاء المشاعر والتحلي بالحزم والقوة، وأن يكون محاربا. وهو نموذج يفرض على النساء في مناصب السلطة فيجعلهن يتخلين على جزء من هويتهن.[28]
يبدو أن للمعايير التنظيمية الذكورية دورا فعالا في التأثير على التقدم الهرمي للنساء؛ فكلما ارتفعت درجة الذكورة عند النساء وكانت صفاتهن وسلوكاتهن متماثلة مع الخصائص الذكورية، كلما كانت لهن حظوظ أكثر في الصعود إلى مناصب السلطة.[29] إن الدلالة الانفعالية والتقييمية الناجمة عن الانتماء والامتثال للمعايير الذكورية يجعل النساء في اضطراب مع هويتهن “الأنثوية”.[30] إذ تلح مقاربة القائد أو الزعيم على أهمية توفر مجموعة من السمات الشخصية والمعايير التنظيمية التي بنيت على أساس الثقافة الذكورية ولصالح الذكر. فالقائد جزء من “نحن”، أي من الهوية الاجتماعية المحددة في سياق خاص وغير محايد. ومن هذا المنظور، يجب على القائد أن يكون نسخة عن وسطه الاجتماعي ومجال عمله، أي أن يتحدد بناء على المعايير المحددة لدوره و على القدرة على إعادة إنتاج تلك المعايير. وكلما كان القائد يتمثل تلك الهوية الجماعية[31] كلما كان له تأثير على التابعين. وهذه النمذجة الهوياتية لشخصية القائد تعتبر شرطا حاسما لنجاح النساء في المرور إلى مناصب القيادة.[32]باختصار إن الهوية الأنثوية تشكل عائقا أمام تقدم النساء في السلم الهرمي. إذ هن مطالبات بتجسيد الهوية المعيارية للقائد التي تتطابق في معاييرها وصفاتها مع الهوية الذكورية. وحتى تضمن النساء ترقيتهن إلى مواقع السلطة وتضفين المشروعية على سلطتهن، يجدن أنفسهن ملزمات بمسايرة الانتظارات والطقوس والتوافقات المرتبطة بهوية الذكر كشرط للقيادة.
يرتبط الترقي الهرمي بالتوافقات ودرجة التطابق مع المعايير التنظيمية الذكورية. وقد أكدت نتائج البحث أن الهوية الأنثوية والتصورات المرتبطة بها تشكل عائقا أمام تدرج النساء في هرم السلطة وفي ممارستها، خاصة وأن الهوية الأنثوية تتحدد بالأدوار التقليدية التي تلزم النساء بتحمل مسؤولية الأسرة والمهام المنزلية. فالتقسيم الجنسي للعمل يخلق طبقتين جنسيتين متراتبتين، الأمر الذي يولد المصالح المتحكمة في التمثلات السياسية والاقتصادية والايديولوجيات ومعنى التاريخ.[33] والواقع أن تلك الانتظارات المنمطة تجعل النساء أمام ضغط مزدوج: فمن جهة، يجب عليهن تبني المعايير والصفات الذكورية التي يفرضها عليهن الوضع القيادي، ومن جهة أخرى، عليهن الحفاظ على خصائصهن وأدوارهن “الأنثوية”. وتبدو هذه التناقضات واضحة في تمثلات المشاركات في البحث حول خصائص القيادة وأسلوبها. وذلك أبدته أغلبية القياديات من الاحتجاج على العوائق التي تعرضهن بفعل هويتهن الجنسية، مؤكدات أن السياق التنظيمي لا يساندهن في تجاوز تلك الصور النمطية التي تحكم عليهن بالدونية وعدم الأهلية.
إجمالا، أظهرت نتائج الدراسة أن الحركية المهنية للنساء وترقيهن في مناصب السلطة يرتبطان بمجموعة من العوامل المجسدة في القوانين التنظيمية والهوية الجنسية والمتغيرات الشخصية، مثل الدبلوم والخبرة والسمات الشخصية. كما أظهرت أهمية التشجيع والدعم في التقدم الهرمي للنساء نظرا لأن تشجيع الزملاء والأسرة والشريك يساهم في تقوية طموحات وثقة النساء بأنفسهن. إلا أن هذا التشجيع غير كاف أمام المعايير التنظيمية التي تميل لأن تكون في صالح الذكر.[34]
- السلطة من منظور النساء القياديات
تؤكد تمثلات النساء للسلطة مأزق وجودهن في وضع يتعارض مع خصوصية هويتهن الأنثوية بكل تبعاتها الثقافية والاجتماعية ؛ إذ تبين نتائج تحليل المقابلات أن النساء تتصور السلطة ك “هيمنة” و”عنف” و”مصلحة شخصية” ترتبط بالرجل، كما يتمثلنها كـ”مسؤولية” و”تسيير جماعي”، الأمر الذي يكشف عن أن للنساء القياديات تصورات على قدر من الغموض والتناقض، وبالتالي فهن يكرسن بذلك الصور النمطية التي تقول بأن السلطة من مهام الذكور. تقول إحدى المشاركات في البحث: “أعتقد أن السلطة ترتبط بالعنف.. وأنا لا يمكنني أن أكون سلطوية أو أن أكون عنيفة وهو ما لا أحبه في السلطة… وأعتقد أن السلطة تعني الرجل”. هكذا يبدو أن القبول بالنموذج القائم في تمثل وممارسة السلطة هو قبول بالنموذج الذكوري ونفي لكل خصوصية أنثوية.[35]
هكذا، فالنساء القياديات، مهما كان سنهن أو مستواهن الدراسي، يجمعن على أن السعي إلى السلطة والنزاع عليها مسألة ذكورية وهي من خصائص الرجال لا النساء، وهو ما عبرت عنه إحدى المشاركات بقولها “النساء لا يسعين للسلطة من أجل السلطة، وهن غير مهتمات بامتيازات السلطة كما هو حال الرجال… فغالبا ما يرفضن مناصب المسؤولية التي تقلص من حريتهن… “. وتضيف قيادية أخرى: “الوصول إلى السلطة يتطلب تجربة كبيرة أي حرب مستمرة والرجل أكثر قدرة عليها”. وبهذا فإن النساء يرسخن الصور النمطية حول التقسيم الجنسي للعمل وقبول النساء بنموذج السلطة القائم والصريح من خلال تمثلاتهن حول القيادة والسلطة، مما يجعلهن على علاقة مضطربة بالسلطة، خاصة وأنهن يؤدين ثمنا باهظا من أجل بلوغ السلطة ومقاومة مختلف الإكراهات الثقافية والاجتماعية المتعلقة بهذا الموقع “الذكوري”. فهذا المسار الصعب يجعل النساء يواجهن تحديات عديدة تمس جوهر هويتهن وذلك لسبين:
السبب الأول، يتعلق بالاعتقاد بأن السلطة من مهام الرجال. تقول إحدى القياديات: “تتصرف النساء بشكل مختلف في مواقع هن فيها أقلية وهذا الإحساس الداخلي يجعلهن يعتقدن بأنهن لن يكن في المستوى المطلوب….”. وبالفعل، إن النظام الذكوري كبنية أساسية في كل المجتمعات المعاصرة تحدده السلطة الممأسسة للرجال على النساء، وتتغلغل السلطة والهيمنة في كامل التنظيم الاجتماعي من الإنتاج إلى الاستهلاك إلى السياسة والقانون والثقافة. كما يترتب عنها سيادة علاقات اجتماعية قائمة على الهيمنة والعنف النابع من المؤسسات البطريركية تستمد أصلها وقوتها من مؤسسة الأسرة ومن إعادة الإنتاج الاجتماعي.[36]
السبب الثاني، وهو نتيجة للسبب الأول؛ الاعتقاد بأن السلطة من اختصاص الرجل. وهو اعتقاد تترتب عنه مجموعة من الاكراهات والعوائق الثقافية التي تحول دون تقدم النساء في مسارهن المهني، حيث يفرض التقسيم الجنسي القائم على الاختلافات البيولوجية بين الرجال والنساء حدودا وإطارات اجتماعية وثقافية صارمة تشكل طبقتين جنسيتين متراتبتين.[37] وقد استدمجت النساء هذه الصور النمطية أيضا، تقول إحدى المشاركات في البحث: “عندي انطباع بأن الرجال أكثر قدرة على التدبير والقيادة لأنهم أكثر مصداقية وفعالية، لكن النساء ساذجات..”
وتؤكد دراسة فرنسية حول تمثلات النوعين للأدوار الاجتماعية على أنه رغم كل المجهودات التي تبدلها الدولة الفرنسية لتجاوز التمييز القائم على النوع الاجتماعي، فإن أغلب المشاركين في تلك الدراسة، اعتبروا أن من الأدوار الرئيسية للمرأة الاشراف على البيت وتربية الأطفال. كما بينت الدراسة أن النساء في مواقع السلطة لا يرغبن في الحصول على امتيازات مادية من موقع السلطة بقدر ما يبحثن عن الإقرار بأهليتهن لتلك المناصب.[38]
كما بينت دراسة أخرى حول الممارسات المجنسة في التنظيميات أن النساء يتبنين ممارسات وصفات وسلوكات ذكورية، حيث أن هويتهن الأنثوية تشكل مصدرا لعدم الثقة في قدرتهن، وذلك راجع إلى الثقافة التي تروجها مدارس التدبير عبر العديد من الصور النمطية مثل: القائد يجب أن يتحلى بالمسافة العاطفية، التنظيم ليس عالما مثاليا للعدالة والكفاءة والإنسانية، النساء أكثر عاطفة وحساسية، إلخ.[39]
تجسد كل هذه العناصر الثقافية الانتظارات الاجتماعية ، المتعلقة بما يجب أن تكون عليه المرأة وما ينبغي أن يكون عليه الرجل. فالتوزيع الجنسي للمجال يترتب عنه تقسيم جنسي للعمل: مهام خاصة بالمرأة من قبيل تربية الأطفال ورعاية البيت، مما يمنحها سلطة أقل ويقصيها من المجال العام؛ بينما تسند للرجل مهام القيام بالحرث والصيد والمشاركة في الحروب وتوليه وظائف سياسية ودينية، وهذه مهام تخصص للرجال سلطة أكثر من النساء وهيمنة على المجال العام.[40]
4.4. الأسلوب النسوي للقيادة
يثير وصول النساء لمناصب السلطة العديد من التساؤلات حول كفاءتهن وقدرتهن، يطرحها الرجال والنساء معا؛ بينما يرى آخرون في ذلك الوصول أمرا ضروريا لتحطيم البناء الهرمي للعلاقة بين النوعين والمساند لنموذج القيادة الذكوري. فقد أكدت مجموعة من القياديات على خصوصية أسلوب النساء في ممارسة السلطة لما يتمتعن به من صفات وسمات تميزهن عن نظرائهن من الرجال، مثل القدرة الكبيرة على الاستماع، حسن التواصل، التحليل الدقيق والكامل، وكذا القيام بالعديد من المهام في نفس الوقت، والنظر البعيد المدى، فضلا عن أنهن أقل تسلطا ورسمية، وأكثر تطوعا وأكثر تنظيما، متفهمات، وأكثر تلقائية وصراحة، إلخ. وهي تقريبا السمات ذاتها التي توصلت لها بوفور في دراستها للمرأة والسلطة، حيث بينت أن النساء يختلفن عن الرجال بما يتمتعن به من صفات خاصة، مثل الرقة، الإحساس، التواصل، تجنب النزاع، وحسن الاستماع والحس العملي.[41] والواقع أنهذه الصفات ما هي إلا جزء من المثل العليا للأنثوية والصور النمطية المرتبطة بجنسهن.[42]
وفي دراسات بويل حول الجندر والقيادة،[43]وبعد المقارنة بين القيادة الأنثوية والقيادة الذكورية، توصل إلى أن النساء يتميزن بالدقة والفعالية في القيادة لكنهن، عموما، لا يختلفن عن نظرائهن من الرجال. وقد أرجع ذلك إلى تلك التمثلات والصور النمطية التي تربط القيادة بالرجل وهو “محارب” والمتمتع بصفات “القوة” و”الكريزما” و”الصرامة”. و على الرغم من تنوع التكوينات المتنوعة التي تحرص على مبدأ المساواة والحيادية في صناعة القائد، فإن تلك الصور النمطية لا تزال حاضرة بقوة عند النساء.[44] وبالتالي، فإن النساء في مثل هذه المهام تخضن “صراعهوية” (conflit d’identité) باعتبار أن السلطة والقيادة تتطلب مجموعة من القواعد والصفات التي قد تتعارض مع الهوية الأنثوية مثل القوة، الحزم، النزاع، الغضب، إلخ.[45]
وهذه الصور النمطية تعد أكبر عائق يواجه النساء في تقدمهن فيهرم السلطة وفي حياتهن المهنية عموما. ذلك أنها ترسخ تصورا لدور القيادة يتعارض مع دورهن “الفعلي”، المقصود تربية الأطفال ورعاية الأسرة. تظهر تلك الحواجز في السياق التنظيمي، ويبدو من الصعب تغييرها خاصة عندما تعيد النساء إنتاج مختلف تلك التمثلات المتعلقة بهويتهن وبأدوارهن التقليدية والمحددةلذواتهن وموقعهن في مركز السلطة والقيادة. إذا نحن أمام قيادة نسوية تحاصرها إكراهات متعددة مؤسساتية وعلائقية وإعلامية كذلك. وهذا ما أثبتته دراسة كينسيغومان، التي أظهرت أن القيادة النسوية تميزها مجموعة من الخصائص، مثل القدرة على التعبير، التعاطف، الليونة، والاعتناء بالآخرين، إلخ. وهي خصائص تحيلنا على تلك الصور النمطية القائمة. وفي المقابل، النساء أنفسهن مطالبات بضرورة التأكيد على أهليتهن لممارسة السلطة وكذا الدفاع عن موقعهن بشكل مستمر.[46]
ومن ناحية أخرى، أكدت العديد من القياديات، منهن بالخصوص اللائي في سن 40 فما فوق، على أهمية اكتساب التجربة كشرط أساسي لقيادة التنظيم. فالتمكن من حسن التدبير والمشروعية مرتبطان بالتجربة، حيث يرفضن بقوة نظام الكوطا لأنه يتعارض مع الكفاءة والأهلية، إذ تقول إحدى القياديات: “الصعود بالكوطا يلغي المشروعية عن كفاءة المرأة التي هي أصلا موضوع تشكيك دائم…”، إن هذا النظام، كما يعتقدن، يقلل من شأنهن وأهميتهن.
يمكن القول إجمالا، إن التنشئة المجنسة تعد واحدا من العوامل المفسرة لاختلاف أسلوب ممارسة السلطة بين النساء والرجال فيما يتعلق بممارسة القيادة. وقد أكدت مجموعة من النساء المشاركات على تأثير التنشئة في مسارهن القيادي وفي تمثلهن للسلطة وممارستها. فضلا عن أن السلطة النسوية، حالها حال السلطة الذكورية، تتأثر بالوسط الاجتماعي وبالتكوين وبالمنعرجات الكبرى الأسرية منها والمهنية.[47]
لهذه الأسباب، غالبا ما تكون التجربة الأولى للنساء في ممارسة السلطة صعبة جدا، لما يشعرن به من كونهن موضوع مراقبة وللانتظارات الاجتماعية ، وهو ما عبرت عنه القياديات بقولهن: “ينتظر مني الكثير.. أكثر من الرجل”؛ “النساء لا يحصلن على مناصب عليا بسهولة… كما أنهن لا يوجدن في السلطة بالصدفة، بل هن مطالبات بكفاءات متعددة من أجل الحصول على السلطة”. وبالفعل، إن الاستجابة لتلك الانتظارات تفرض عليهن العمل أكثر والحضور الدائم والمستمر. كما تشكل الهوية الأنثوية عقبة أمام النساء لولوج مناصب السلطة؛ ولعل هذا ما يجعل النساء القياديات حريصات على استكمال تكوينهن الدراسي كوسيلة لفرض مشروعية قيادتهن.[48]
إن فهم فعل القيادة النسوي وصعوباته، باعتباره فعلا اجتماعيا، يقتضي التركيز على الحقل الاجتماعي والتنظيم وتحليل الميكانيزمات التي يعمل من خلالها ذلك الفعل. وبما أن التنظيم الجمعوي بنية للفعل الجماعي الذي يشكل نسقا للسلطة.[49]والنساء فاعلات في لعبة السلطة، نرى أنه من الضروري الوقوف عند جميع الأنساق المؤثرة في ممارستهن للسلطة وقدرتهن على المناورة والتفاوض في ظل إكراهات النسق الاجتماعي والتنظيمي.
5.4. التفرغ والالتزام: عوامل الترقي المهني
تعد مسألة التفرغ أساسية في التقدم الهرمي وصعود النساء إلى مناصب السلطة. فالمسؤولية تتطلب مواكبة العمل ساعات طويلة والتنقل الدائم وبالتالي ضرورة التفرغ التام لممارسة مهام القيادة، مما يجعل القياديات مضطرات أحيانا إلى التخلي عن حياتهن الأسرية والتخلص من مسؤولية البيت والأطفال إن هن أردن التقدم في مسارهن المهني والجمعوي. والعكس صحيح أيضا، بمعنى يكن مضطرات إلى التخلي عن فرص ومناصب مهنية مهمة من الأجل الحفاظ على أسرتهن وتلبية حاجاتها. وبذلك يشكل التفرغ محددا أساسيا في النجاح المهني للنساء وحركتهن العمودية، مما يدفعهن إلى التفاوض حول توزيع الزمن بين العمل والأسرة.[50]
وفيما يتعلق بهذه المسألة، أبانت نتائج الدراسة عن أهمية ضرورة بناء “خيارات” دقيقة تحدد وتنظم حياتهن المهنية والأسرية. إذ يفرض عليهن شرط التفرغ والالتزام ممارسة “رقابة ذاتية” على مسارهن وطموحاتهن: فالنجاح المهني لا يتوافق حقيقة مع العودة باكرا إلى المنزل والاهتمام بالأطفال والمهام المنزلية، الشيء الذي يفرض على القياديات تبني خيارات واستراتيجيات تقوم على تقليص عطلة الأمومة أو تأجيل الإنجاب أو تقليص عدد الأطفال لأنهن واعيات بأنهن مجبرات على الحد قدر الامكان من الغياب عن العمل.[51] هذا فضلا عن أنهن يمارسن استراتيجية تفويض، كامل أو جزئي، للمهام المنزلية والأسرية إلى شخص ثاني، وهي في جميع الحالات، تظل مسؤولة عن البيت وتنظيمه، حتى وإن كان الشريك يساهم في ذلك.
وأمام التنظيم الصارم للوقت بين الحياة الشخصية والحياة المهنية والمشاركة الدائمة في الاجتماعات والتنقلات ومراقبة سير العمل وتوجيه الفريق، يبدو من المستحيل إيجاد وقت للراحة ولتلبية الحاجات الشخصية. بل إن ازدواجية العمل تلزمهن بإلغاء ذواتهن كنساء لهن متطلبات خاصة. هذا ما عبرت عنه إحدى النساء بقولها “شي حاجة سميتها أنت مكتبقاش… وكأنك غير موجودة في ظل كل هذه المهام”. كما كشفت مجموعة من المشاركات أنهن يتفاوضن كذلك حول فترة الزواج والانجاب وعدد الأطفال، كإحدى الخيارات لمقاومة تلك الكوابح الخفية المرتبطة بالتبعات الثقافية لهويتهن الأنثوية. وباختصار، يبدو أن نجاح النساء في مهام السلطة يفرض عليهن الالتزام والتفرغ كإحدى المعايير التنظيمية والنماذج المهيمنة، وهي خصائص ليست في صالح ترقي النساء في المهام الرفيعة المستوى.[52]
خلاصة :
تشكل الهوية الجندرية والنماذج الثقافية ميكانيزمات “خفية” مؤثرة في المسار الجمعوي للنساء خاصة فيما يتعلق بمسألة صعود السلم الهرمي وبلوغ مراكز السلطة. وقد تبين من الدراسة أن التمثلات الاجتماعية والصور النمطية تخترق العالم المهني والجمعوي وتؤثر في تصورات النساء حول السلطة وممارستها. إن تأسيس التمييز الجنسي على أساس الاختلافات الطبيعية والبيولوجية كرس دونية المؤنث وهيمنة المذكر ثقافيا، كما أثر في تحديد الاستعدادات المنتظرة من النساء والرجال والصفات الملزمة لكل فئة منهم. فضلا عن تقسيم الأدوار الاجتماعية والمهنية وتعريف “المدير” و”السلطة” والمناصب الإدارية والتنظيمية يتم تقيمها على أساس الهوية الجندرية. كما أن الأبعاد الثقافية التي تخترق التنظيم باسم الكفاءات والأهلية المهنية تسمح بتوسع هائل في مؤشرات تقييم النساء.
فالتنظيم ليس محايدا: فمجموع القواعد والمعايير التي تظهر “محايدة” كالكفاءة والجدارة والمنافسة والكاريزما والتجربة والسن التي تشكل معايير تنظيمية لاختيار القياديين المحتملين، هي في واقع الأمر قواعد “ذكورية”، أسست تاريخيا على النماذج الذكورية، مما يساهم في استقرار ضمان إقصاء النساء من مواقع السلطة.[53]
إن التعامل مع ميكانيزمات استبعاد النساء من السلطة مهمة صعبة، بحكم كون تلك الميكانيزمات تتم بشكل خفي وضمني. كما يزداد الأمر صعوبة عندما نجد النساء يتبنين تلك القواعد والمعايير الذكورية، وبشكل واع أحيانا، كاستراتيجيات للترقي إلى مراكز السلطة أوكآليات للحفاظ على مواقعهن كقياديات. إن عالم الاستراتيجيات وتصورات النساء حول السلطة يبدو عالما رمزيا واسعا تتحرك فيه الفاعلات وفق منطقيات متنوعة. ولن نبالغ في قولنا إن السلطة النسوية، كفعل اجتماعي منظم، تمارس وباستمرار ضمن نسق تتداخل فيه منطقيات متعددة تتخذ أشكالا وأبعادا شتى بين ما هو تنظيمي وما هو اجتماعي وما هو ذاتي.
و على الرغم من كل ما قدمته الدراسة من معرفة لنظم القيم المؤثرة في التمثلات المرتبطة بالسلطة وتجربة القيادة لدى النساء الجمعويات، مع الوقوف عند التفسيرات التي تقدمها النساء بخصوص مواقفهن وخيارتهن تجاه السلطة، فإن لها حدودا منهجية وابستيمولوجية؛ الواقع أن مختلف تصريحات الفاعلات ليس لها نفس الرتبة في منطق المقابلة؛ فبعضها يحيل على أحكام وأخرى على تمثلات ومعاينات تفسيرية وبعضها الآخر يرتبط باستراتيجيات وأفعال. هذا إضافة إلى حدود أخرى للدراسة تتعلق بطريقة جمع المعطيات نفسها، حيث أن تقنية المقابلة تتضمن مجموعة من الانحراف ات والتحيزات مثل “الاستصواب الاجتماعي” la désirabilité sociale، الذي يدفع المستجوبات، في بعض الأحيان، إلى مجاراة أهداف الباحث وبالتالي التأكيد على فرضيات البحث. كما يمكن أن تكون طريقة طرح الأسئلة قد شابها نوعا من الغموض والانزياح لدى المستجوبات.[54]
قائمة المراجع :
- احجيج، حسن&فزة، جمال. البحث الكيفي في العلوم الاجتماعية ، نظريات وتطبيقات.المغرب: فضاء ادم للنشر والتوزيع، 2019.
- Alonzo, Philippe&Silvera, Rachel.« Le genre masculin n’est pas neutre ». Travail, genre et sociétés, 3(2000).
- Aubert, Nicole. Le pouvoir usurpé ? Femmes et hommes dans l’entreprise. Paris : Laffont, 1982.
- Beaufort, De Viviane. Femme et pouvoir : Tabou ou nouveau modèle de gouvernance. France : Boyden, 2012.
- Belarbi, Aicha.Egalité-parité histoire inachevée. Maroc : le Fennec, 2012.
- Belle, Françoise. Les femmes cadres, quelles différences dans la différence ? In J.F. Chanlat (Eds.), L’individu dans l’organisation, les dimensions oubliées. Les Presses de l’Université de Laval, Editions Eska, 2000.
- Belghiti-Mahut, Sophia. Une contribution à la compréhension des déterminants de l’avancement hiérarchique des femmes cadres (Thèse de Doctorat). Université de Montpellier II, 2003.
- Belghiti-Mahut, Sophia. « Les déterminants de l’avancement hiérarchique des femmes cadres ». Revue française de gestion.151 (2004).
- Bègue, Laurent&Desrichard, Olivier. Traité de psychologie sociale, la science des interactions humaines. Paris : De Boeck, 2013.
- Blöss, Thierry. La dialectique des rapports hommes-femmes. Paris : Presses Universitaires de France, 2001.
- Bourdieu, Pierre. Esquisse d’une théorie de la pratique, précédée de trois études d’ethnologie. Genève : Droz, 1972.
- Bourdieu, Pierre. La domination masculine. Paris : Seuil, 2002.
- Bulard, Martine.« Sexisme ordinaire au travail ». Manières de voir, 68 (2003).
- Bureau international du Travail. Les femmes au travail. Genève, 2016. https://www.ilo.org/wcmsp5/groups/public/—dgreports/—dcomm/—publ/documents/publication/wcms_483203.pdf.
- Burke, Mike. Valeurs féminines, le pouvoir de demain. Paris : Village Mondial, 2000.
- Campenhoudt, Luc Van., Marquet, Jacques&Quivy, Raymond. Manuel de recherche en sciences sociales. Paris : Dunod, 2017.
- Castells, Manuel.Le pouvoir de l’identité. Paris : Fayard, 1999.
- Chabaud, Didier &Lebegue, Typhaine.« Femmes dirigeantes en PME : Bilan et perspectives ». Revue Interdisciplinaire Management et Humanisme, 7(2013).
- Conseil Economique, Social et Environnemental [CESE]. Promotion de l’égalité entre les femmes et les hommes dans la vie économique, sociale, culturelle et politique. « Les discriminations à l’égard des femmes dans la vie économique : réalités et recommandations ».2013. Tiré de http://www.cese.ma/Documents/PDF/Auto-saisines/AS-18-2014-discriminations-a-l_egard-des-femmes-dans-la-vie-economique/Rapport-AS-18-2014-VF.pdf.
- Crozier, Michel & Friedberg, Erhard. L’acteur et le système, les contraintes de l’action collective. Paris : Editions du Seuil, 1977.
- Derks, Belleet all. « Do sexist organizational cultures create the Queen Bee? » The British journal of social psychology, 50 (2010).
- Eagly, H.-Alice.Sex differences in social behavior: A social-role interpretation. Hillsdale, New Jersey: Lawrence Erlbaum, 1987.
- Eagly, H.Alice& Carli, L.-Linda. « The female leadership advantage: An evaluation of the evidence ». The Leadership Quarterly, 14(2003).
- Fortino, Sabine. « Après l’exclusion, la discrimination ? Effets attendus et inattendus de la mixité au Travail ». Cadres (CFDT), 408 (2004).
- Fourès, Eléna. Leadership au féminin. Paris : Progressor, 2010.
- Gaborit, Pascaline. Les stéréotypes de genre – Identités, rôles sociaux et politiques publiques. Edition : L’Harmattan, 2009.
- Goffman, Erving. L’arrangement des sexes. Paris : La dispute, 2002.
- Groutel, Emmanuel et all.« Le leadership follettien : un modèle pour demain? ».Management & Avenir, 36 (2010).
- Harmand, Noëlle. Le management au féminin : les femmes et le leadership. Gestion et management. 2013.(rapport HAL archivez-ouvertes).https://docplayer.fr/15975777-Le-management-au-feminin-les-femmes-et-le-leadership.html.
- Kirchmeyer, Catherine.« Gender differences in managerial careers: yesterday, today, and tomorrow ». Journal of Business Ethics, 37 (2002).
- Laufer, Jacqueline.L’accès des femmes à la sphère de direction des entreprises : la construction du plafond de verre. 2003. (Rapport de recherche DARES). Tiré de https://travail-emploi.gouv.fr/IMG/pdf/rapport_acces-femmes-sphere-direction-entreprises.pdf.
- Laufer, Jacqueline. « Femmes et Carrières : La question du plafond de verre ». Revue française de gestion, 154 (2004).
- Laufer, Jacqueline&Pochic. Sophie. « Carrières au féminin et au masculin ». In K. Anousheh, & R. Luc (Eds.), Les cadres au travail. Les nouvelles règles du jeu (147-168). Paris : La Découverte, 2004.
- Laufer, Jacqueline. « La construction du plafond de verre : le cas des femmes cadres à potentiel ». Revue Travail et Emploi, 102 (2005).
- Laufer, Jacqueline & Silvera, Rachel. « L’égalité des femmes et des hommes en entreprise, De nouvelles avancées dans la négociation ? ».Revue de l’OFCE, 97 (2006).
- Laufer, Jacqueline. « L’égalité professionnelle entre les hommes et les femmes est-elle soluble dans la diversité ? ».Travail, genre et sociétés, 21(2009).
- Laufer, Jacqueline.L’égalite professionnelle entre les femmes et les hommes. Paris, La Découverte, 2014.
- Marry, Catherine et all.« Le genre des administrations. La fabrication des inégalités de carrière entre hommes et femmes dans la haute fonction publique ».Revue française d’administration publique, 15 (2015).
- Mead, Margaret.L’un et l’autre sexe. Paris : Edition Gonthier, 1966.
- Méda, Dominique.Le temps des femmes, pour un nouveau partage des rôles. Paris : Flammarion, 2001.
- Meynaud, H.-Yvonne.« Femmes et positions de pouvoir : le cas des entreprises françaises aujourd’hui ». Cahiers du genre, 14 (1995).
- Moriceau, Caroline., Rigondaud, Sophie& Buffault, A.-Vincent. Plafond de verre : les déterminants de l’avancement de carrière des cadres féminins. Étude réalisée par Plein Sens pour le Centre d’analyse stratégique. Paris : Plein sens, 2013.
- Observatoire de la Responsabilité Sociétale des Entreprises [ORSE]. Guide tout sur l’égalité professionnelle entre les femmes et les hommes (2ème édition). 2019. Tiré de https://www.orse.org/nos-travaux/guide-tout-savoir-sur-legalite-professionnelle-entre-les-femmes-et-les-hommes-2eme-edition
- Pigeyre, Frédérique.« Femmes dirigeantes : les chemins du pouvoir ». Cadres : la grande rupture, 12(2001).
- Pochic, Sophie &Peyrin, Aurélie. Le plafond de verre : d’une vision statique à une vision dynamique des inégalités de carrière dans les organisations. Québec : Presses de l’Université de Laval, 2011.
- Powell, N.-Gary. « The gender and leadership wars ». Organizational Dynamics, 40 (2011)
- Powell, N.-Gary. «Sex, gender, and leadership: What do four decades of research tell us? ».In S. Kumra, R. Simpson, & R. J. Burke (Eds.), The Oxford handbook of gender in organizations.Oxford University Press, 2014.
- Ragins,Belle Rose; Townsend, Bickley& Mattis Mary. «Gender Gap in the Executive Suite : CEO’s and Female Executives Report on Breaking the Glass Ceiling». Academy of Management Executive, 1 (1998).
- Rocher, Guy.Introduction à la sociologie générale,L’action sociale. France : HMH, 1968.
- Saint-Michel, Sarah&Wielhorski, Nouchka. « Style de leadership, LMX et engagement organisationnel des salariés : le genre du leader a-t-il un impact ?».GRH, 1 (2011).
- Sanchez-Mazas, Margarita &Casini, Annalisa.« Egalité formelle et obstacles informels à l’ascension professionnelle : les femmes et l’effet ‘plafond de verre’ ». Identité de genre et inégalité de pouvoir, 44 (2005).
- Savoie-Zajc, Lorraine. « La recherche qualitative / interprétative ». In T. Karsenti, & L. Savoie-Zajc (Eds.), La recherche en éducation : ses étapes, ses approches (pp.123-150). Sherbrooke :Édition du CRP, 2004.
- Schein, Virginia. « The relationship between sex role stereotypes and requisite management characteristics ». Journal of Applied Psychology, 57 (1973).
- Strauss, Anselm& Corbin, Juliet. Les fondements de la recherche qualitative. Techniques et procédures de développement de la théorie enracinée. Fribourg, Suisse : Academic Press Fribourg, 2004.
- Thietart, Raymond-Alain. Méthodes de recherche en management. Paris :Dunod, 2003.
- Vallerand, J.-Robert & Hess, Ursula.Méthodes de recherche en psychologie. Montréal :Gaëtan Morin, 1999.
- Verniers, Catherine&Vala, Jorge.«Justifying gender discrimination in the workplace: The mediating role of motherhood myths». PLoS ONE 13(1): e0190657, (2018).
- Yin, K.-Robert. Case Study Research Design and Methods. Thousand Oaks, CA: Sage, 2014.
Verniers, C. and J. Vala. “Justifying Gender discrimination in the Workplace: The Mediating role
of Motherhood myths.” PloS ONE, Vol. 13, no .1, 2018, e0190
Parcheta, Nicole, BelalKaifi and NileKhanfar. “Gender Inequality in the Workforce: A Human
Resource Management Quandary.” Journal of Business Studies Quarterly, Vol. 4, no .3,
2013, pp. 241-248
[1] Observatoire de la Responsabilité Sociétale des Entreprises [ORSE]. Guide tout sur l’égalité professionnelle entre les femmes et les hommes (2ème édition). 2019. Tiré de https://www.orse.org/nos-travaux/guide-tout-savoir-sur-legalite-professionnelle-entre-les-femmes-et-les-hommes-2eme-edition
[2]Conseil Economique, Social et Environnemental [CESE]. Promotion de l’égalité entre les femmes et les hommes dans la vie économique, sociale, culturelle et politique. « Les discriminations à l’égard des femmes dans la vie économique : réalités et recommandations ». 2013. Tiré de http://www.cese.ma/Documents/PDF/Auto-saisines/AS-18-2014-discriminations-a-l_egard-des-femmes-dans-la-vie-economique/Rapport-AS-18-2014-VF.pdf
[3] Virginia Schein, «The relationship between sex role stereotypes and requisite management characteristics», Journal of Applied Psychology, 57 (1973), p 6.
Jacqueline Laufer, « L’accès des femmes à la sphère de direction des entreprises : la construction du plafond de verre », 2003, (Rapport de recherche DARES). Tiré de https://travail-emploi.gouv.fr/IMG/pdf/rapport_acces-femmes-sphere-direction-entreprises.pdf
Catherine Kirchmeyer, «Gender differences in managerial careers: yesterday, today, and tomorrow». Journal of Business Ethics, 37 (2002), p 4.
[4] Margaret Mead, L’un et l’autre sexe (Paris : Edition Gonthier, 1966), p 27-30.
[5] Pierre Bourdieu, La domination masculine (Paris : Seuil, 2002).
[6] Jacqueline Laufer& Rachel Silvera, «L’égalité des femmes et des hommes en entreprise, De nouvelles avancées dans la négociation ? », Revue de l’OFCE , 97 (2006), p 9-11.
[7] Pascaline Gaborit, Les stéréotypes de genre – Identités, rôles sociaux et politiques publiques (Paris : L’Harmattan, 2009), p 11.
[8]Alice Eagly, Sex differences in social behavior: A social-role interpretation (Hillsdale, New Jersey: Lawrence Erlbaum, 1987), p 52-59.
[9] Michel Crozier & Erhard Friedberg, L’acteur et le système, les contraintes de l’action collective (Paris : Editions du Seuil, 1977).
[10] Pierre Bourdieu, Esquisse d’une théorie de la pratique, précédée de trois études d’ethnologie. (Genève : Droz, 1972).
[11]Jacqueline Laufer& Sophie Pochic, «Carrières au féminin et au masculin », In K. Anousheh, & R. Luc (Eds.), Les cadres au travail. Les nouvelles règles du jeu (Paris : La Découverte, 2004), p 31-37.
[12]قمنا بالدراسة الاستكشافية على عينة تتكون من 8 قياديات، وذلك بهدف رصد التيمات والأسئلة التي سيتضمنها دليل مقابلة الدراسة الرئيسية. ونظرا للنقص الحاصل في الدراسات السابقة على المستوى المحلي فيما يتعلق بموضوع دراستنا، فقد وجدنا أنفسنا في حاجة إلى الدراسة الاستكشافية من أجل تعميق إشكاليتنا والبحث عن الجوانب الجديدة فيها.
[13] Sabine Fortino, «Après l’exclusion, la discrimination ? Effets attendus et inattendus de la mixité au Travail », Cadres (CFDT), 408 (2004), p 11.
[14] Martine Bulard, «Sexisme ordinaire au travail », Manières de voir, 68 (2003), p 6.
[15] Jacqueline Laufer, « La construction du plafond de verre : le cas des femmes cadres à potentiel», Revue Travail et Emploi, 102 (2005), p 2.
Jacqueline Laufer. L’égalite professionnelle entre les femmes et les hommes (Paris, La Découverte, 2014), p 9-13.
Catherine Verniers& Jorge Vala, «Justifying gender discrimination in the workplace: The mediating role of motherhood myths», PLoS ONE 13(1): e0190657, (2018), p 13.
[16] Aicha Belarbi, Egalité-parité histoire inachevée (Maroc : le Fennec, 2012), p8-11.
[17] Lorraine Savoie-Zajc, « La recherche qualitative / interprétative », In T. Karsenti, & L. Savoie-Zajc (Eds.), La recherche en éducation : ses étapes, ses approches (Sherbrooke : Édition du CRP, 2004).
Anselm Strauss & Juliet Corbin, Les fondements de la recherche qualitative. Techniques et procédures de développement de la théorie enracinée. Fribourg, (Suisse : Academic Press Fribourg, 2004), p 31-35.
[18]حسن احجيج& جمال فزة، البحث الكيفي في العلوم الاجتماعية، نظريات وتطبيقات (المغرب: فضاء ادم للنشر والتوزيع، 2019)، ص 17.
[19] Luc Van Campenhoudt ; Jacques Marquet & Raymond Quivy, Manuel de recherche en sciences sociales (Paris : Dunod, 2017), p 37.
[20] Robert. Yin, Case Study Research Design and Methods (Thousand Oaks, CA: Sage, 2014).
[21]المقصود هنا تنظيم صارم مبني على ثلاث مراحل رئيسية: الوصف، التحليل، التأـويل. فبعد استخراج البيانات تم تصنيفها وتجميعها إلى فئات فرعية تم تكثيفها في مقولات كبرى مع حساب التكرارات ونسبها المئوية. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأرقام لا تقدم انتظامات أو إحصاءات تمثيلية وإنما تقدم درجة أهمية كل مقولة عند المشاركات.
تتميز هذه التقنية بقدرتها على خلق نماذج (modalités) تحمل معاني وآراء جوهرية، من أجل معالجة المعطيات الخام. مثلما يسمح تحليل التيمات بقياس أهمية كل تيمة على حدة بالنسبة للنساء المستجوبات، وكشف العلاقة بين تلك التيمات التمثيلية. كما يمكن تحليل من خلال مسائلة المعطيات ومقارنتها وإبراز التقارب والتباعد والتمييز بين الأبعاد المركزية والأبعاد الثانوية. للمزيد من التفاصيل ينظر : Savoie-Zajc
[22] FrédériquePigeyre, « Femmes dirigeantes : les chemins du pouvoir », Cadres : la grande rupture, 12(2001), p 7-8.
Caroline Moriceau ; Sophie Rigondaud& Vincent Buffault, Plafond de verre : les déterminants de l’avancement de carrière des cadres féminins, Étude réalisée par Plein Sens pour le Centre d’analyse stratégique, (Paris : Plein sens, 2013).
[23]Laufer&Pochic, « Carrières au féminin et au masculin », p 11.
Laufer, L’accès des femmes à la sphère de direction des entreprises.
[24]Laufer&Pochic, « Carrières au féminin et au masculin », p 13.
Sophie Pochic& Aurélie Peyrin. Le plafond de verre : d’une vision statique à une vision dynamique des inégalités de carrière dans les organisations (Québec : Presses de l’Université de Laval, 2011).
[25] Nicole Aubert, Le pouvoir usurpé ? Femmes et hommes dans l’entreprise (Paris : Laffont, 1982), p 29-33.
Catherine Marry et all « Le genre des administrations. La fabrication des inégalités de carrière entre hommes et femmes dans la haute fonction publique ». Revue française d’administration publique, 15 (2015), p 10.
[26] Margarita Sanchez-Mazas &AnnalisaCasini « Egalité formelle et obstacles informels à l’ascension professionnelle : les femmes et l’effet ‘plafond de verre », Identité de genre et inégalité de pouvoir, 44 (2005), p 2-3.
[27]يحيل مفهوم “المتاهة” إلى تشعب التعقيدات والإكراهات التي تعترض النساء حيث أن مساراتهن المهنية لا تكون بشكل مستقيم وغالبا ما تعرف تعرجات عددية ومتنوعة. ينظر :
Noëlle Harmand, « Le management au féminin : les femmes et le leadership ». Gestion et management. 2013, p 19-22. (rapport HAL archivez-ouvertes). https://docplayer.fr/15975777-Le-management-au-feminin-les-femmes-et-le-leadership.html
[28] De Viviane Beaufort, Femme et pouvoir : Tabou ou nouveau modèle de gouvernance. (France : Boyden, 2012), p 8-9.
[29] Sophia Belghiti-Mahut, « Les déterminants de l’avancement hiérarchique des femmes cadres ». Revue française de gestion.151 (2004).
Laufer, « La construction du plafond de verre », p 3.
[30] Mike Burke, Valeurs féminines, le pouvoir de demain (Paris : Village Mondial, 2000), p 32-35.
Laurent Bègue & Olivier Desrichard, Traité de psychologie sociale, la science des interactions humaines (Paris : De Boeck, 2013), p 47.
[31] تشكل، الهوية بالنسبة للفرد، مصدرا للمعنى وللتجربة: بناء المعنى انطلاقا من البنية الثقافية سواء في الصورة التي يكونها عن ذاته أم عن دوره في المجتمع، هوية بالمعنى السوسيولوجي الكلاسيكي الذي يحددها من خلال الدور المحدد من المعايير التي تعينها المؤسسات والتنظيمات المجتمعية. وخاصية نسبية السلوك الاجتماعي ترتبط بالتفاوض والتنازلات القائمة بين الفرد والنسق (Castells, 1999).
[32] Philippe Alonzo & RachelSilvera, «Le genre masculin n’est pas neutre », Travail, genre et sociétés, 3 (2000), p 3-4.
Bègue &Desrichard, p 62.
[33]Manuel Castells, Le pouvoir de l’identité (Paris : Fayard, 1999), p 111-112.
[34] Françoise Belle, « Les femmes cadres, quelles différences dans la différence ? », In J.F. Chanlat (Eds.), L’individu dans l’organisation, les dimensions oubliées (Les Presses de l’Université de Laval, Editions Eska, 2000), p 29.
Belghiti-Mahut, « Les déterminants de l’avancement hiérarchique des femmes cadres », p 5.
[35] Alice Eagly& Linda Carli, « The female leadership advantage: An evaluation of the evidence », The Leadership Quarterly, 14 (2003), p 11.
قدم بارسنز في هذا الصدد تحليلا دقيقا للفعل البشري الذي يصادف بدون انقطاع ما يسميه عددا من المعضلات dilemmes التي تفرض على الفاعل دوما الاختيار بين توجهات مختلفة للفعل، متعارضة وغير متوافقة بينها؛ ومن الممكن حصر هذه المعضلات في أن يكون الفعل موجها بالعاطفة أو أن يختار الفاعل التحكم في مشاعره والحياد العاطفي. كما يمكن للفاعل أن يختار التوجه والمواقف العامة دون أن يراعي خصوصية الوضعية والسياق أو أن يختار العكس. ومن المعضلات الأخرى، أن يختار الفاعل حسب أهدافه الشخصية التي تستجيب لمصالحه الخاصة، أو أن يختار الأهداف المشتركة والمصلحة الجماعية. ينظر :
Guy Rocher, Introduction à la sociologie générale, L’action sociale (France : HMH,1668),p 45.
[36]Castells, p 62.
[37] Thierry Blöss, La dialectique des rapports hommes-femmes (Paris : Presses Universitaires de France, 2001), p 29-32.
[38]ElénaFourès, Leadership au féminin (Paris : Progressor, 2010), p 63.
[39] Belle Derks et all, « Do sexist organizational cultures create the Queen Bee? », The British journal of social psychology, 50 (2010), p 7.
[40]Erving Goffman, L’arrangement des sexes (Paris : La dispute, 2002), p 17-19.
[41] Emmanuel Groutel et all, « Le leadership follettien : un modèle pour demain ? », Management & Avenir, 36 (2010), p 6.
Beaufort, Femme et pouvoir, p 13.
[42] Bourdieu, La domination masculine, p 61-62.
[43] Gay Powell, « The gender and leadership wars », Organizational Dynamics, 40 (2011), p 3-11.
Gay Powell, «Sex, gender, and leadership: What do four decades of research tell us? », In S. Kumra, R. Simpson, & R. J. Burke (Eds.), The Oxford handbook of gender in organizations (Oxford University Press, 2014.), p 31.
[44] Sarah Saint-Michel &NouchkaWielhorski, « Style de leadership, LMX et engagement organisationnel des salariés : le genre du leader a-t-il un impact ?», GRH, 1 (2011), P 5.
[45] Powell, «Sex, gender, and leadership », p 8-10.
Moriceau et all, Plafond de verre, p 22.
[46] Belle-Rose Ragins; Bickley Townsend & Mary Mattis, «Gender Gap in the Executive Suite : CEO’s and Female Executives Report on Breaking the Glass Ceiling», Academy of Management Executive, 1 (1998), p 6-7.
[47]Harmand, p 17-19.
[48] Sanchez-Mazas &Casini, p 9-10
[49] Crozier & Friedberg, p 53.
[50]Belghiti-Mahut, Une contribution à la compréhension des déterminants de l’avancement hiérarchique des femmes cadres (Thèse de Doctorat), (Université de Montpellier II, 2003), p 97-103.
Laufer, L’égalite professionnelle entre les femmes et les hommes (Paris, La Découverte, 2014), p 13.
[51] Yvonne Meynaud, « Femmes et positions de pouvoir : le cas des entreprises françaises aujourd’hui », Cahiers du genre, 14 (1995), p 7-9.
Ragins et all, «Gender Gap in the Executive Suite », p 12.
[52] Dominique Méda, Le temps des femmes, pour un nouveau partage des rôles (Paris : Flammarion, 2001), p 31.
Laufer, « La construction du plafond de verre », p 3-4.
[53] المرجع نفسه، ص 7.
Didier Chabaud&TyphaineLebegue,« Femmes dirigeantes en PME : Bilan et perspectives »,Revue Interdisciplinaire Management et Humanisme, 7(2013), p 5.
[54] Robert Vallerand &Ursula Hess,Méthodes de recherche en psychologie (Montréal : Gaëtan Morin, 1999), p 32.
Raymond-AlainThietart,Méthodes de recherche en management (Paris : Dunod, 2003), p 17.