
مفهوم الإرادة لدى أرثور شوبنهاور
“Arthur Schopenhauer’s concept of will”
عبد الكريم لمباركي/جامعة محمد الخامس المغرب
ABDELKARIM LEMBARKI Researcher student / Mohamed V university Morocco
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 62 الصفحة 37.
Abstract:
Interest in the concept of will is due philosophically to the ancient Greek era, as it is one of the most prominent concepts that man dealt with, consciously or unconsciously, and this concept was closely related to freedom, and stoic philosophy is perhaps the most important philosophy that took care of this problem due everything to action, despite the fact that In their view, the act is only done With bodies, it is the will that influences. The logic of the Stoics says, “Everything is physical, and everything is only accomplished by will”
However, Stoicism necessarily knows coercion, and their will is subject to these imperatives, yet they consider will the essence of man. It is this perception that the philosopher Arthur Schopenhauer will say later.
However, this issue with Schopenhauer in the modern era will go beyond the conception of the Stoics, since the entire universe in Schopenhauer’s view is based on the will, and from the nature of the will it is the inner driving force and component of the person, therefore it is necessary in order to understand the Schopenhauer’s philosophy to also exclude the perceptions common to most People about the meaning of will :Will – as people usually perceive it – is the will of consciousness guided by reason, while will – as Schopenhauer understands it – is the will of life that expresses itself as a blind rather than rational defense of life, for will means that we want and desire … and then the will is Desires, impulses and inclinations of every kind.
Thus, in this paper, we will attempt to clarify Schopenhauer’s concept of will in order to remove some of the ambiguities associated with this problem.
Key words: will – reproduction – mind – nature – life – death – world – simulation – the thing in itself – desire – blind will.
ملخص:
يرجع الاهتمام بمفهوم الإرادة فلسفيا إلى العصر اليوناني القديم، فهو أحد أبرز المفاهيم التي تعامل معها الإنسان، بوعي منه أو بدون وعي، وكان هذا المفهوم مرتبط ارتباطا وثيقا بالحرية، ولعل الفلسفة الرواقية أهم فلسفة اهتمت بهذا الإشكال مُرجعة كل شيء إلى الفعل، وبالرغم من أن الفعل في نظرهم لا يتمُّ إلا بالأجسام، فإن الإرادة هي التي تؤثر، فمنطق الرواقيين يقول ” إن كل شيء جسماني، وإن كل شيء لا يتم إلا بالإرادة”.
غير أن الرواقية تعرف بالضرورة والإكراه، والإرادة عندهم خاضعة لهذه الحتميات، رغم ذلك فإنهم يعتبرون الإرادة جوهر الإنسان. هذا التصور هو الذي سيقول به الفيلسوف “أرثور شوبنهاور” فيما بعد.
إلا أن هذا الموضوع مع شوبنهاور في العصر الحديث سيذهب إلى أبعد من تصور الرواقيين، إذ أن الكون كله في نظر شوبنهاور أساسه الإرادة ، ومن طبيعة الإرادة أنها القوة الداخلية المحركة والمكونة للشخص، لهذا فمن الضروري لكي نفهم فلسفة شوبنهاور أن نستبعد أيضا التصورات الشائعة لدى معظم الناس عن معنى الإرادة: فالإرادة – كما يتصورها الناس عادة- هي إرادة الوعي تسترشد بالعقل، في حين أن الإرادة – كما يفهمها شوبنهاور – هي إرادة الحياة التي تعبر عن نفسها كاندفاع أعمى لا عاقل نحو الحياة، فالإرادة تعني أن نريد وأن نرغب…، ومن ثم فالإرادة هي الرغبات والاندفاعات والميول من كل نوع.
وبالتالي سنحاول في هذا البحث توضيح مفهوم الإرادة لدى شوبنهاور لكي نزيل بعض الغموض الذي يرتبط بهذا الإشكال.
الكلمات المفتاحية: الإرادة- التناسل – العقل – الطبيعة – الحياة – الموت – العالم – التمثل – الشيء في ذاته- الرغبة – الإرادة العمياء.
مقدمة:
دشن القرن التاسع عشر ارتفاع أصوات التشاؤم داخل أوروبا، وكان الشعراء في بريطانيا أهم من أعلنوا هذا الشعار وقتئذ، و أبرزهم “اللورد بايرون” (1788)، وهي السنة ذاتها التي إزداد فيها “ أرثور شوبنهاور”(1788) وكان حظه مع أمه مثل حظ شوبنهاور، إضافة إلى مجموعة من الموسيقيين والمفكرين من فرنسا وروسيا الذين رفعوا نفس الشعار، بيد أن شوبنهاور الألماني طغى على هؤلاء جميعا في روح التشاؤم التي طبعت حياته وفلسفته، لهذا فسعادة الإنسان حسب شوبنهاور تتوقف على الإنسان نفسه أكثر مما تتوقف على الظروف الخارجية، فروح فلسفته مستمدة من عزلته ووحدته، مما نتج عنه الملل القاتم، والآلام والأحزان التي كانت تسود عصره،[1] فظهور كتابه الأساسي “العالم كإرادة وتمثلا” في عام (1988) جاء إبان اتحاد أوروبا ضد نابليون وهزيمته في معركة “واترلو”. فيما بعد تم القضاء على الثورة الفرنسية من طرف نابليون، لكن تم إبعاد هذا الأخير إلى صخرة سانت هيلانة، لهذا فإن تمجيد شوبنهاور للإرادة يعود إلى تأثره بنابليون، كما أن جزءا من يأسه وتشاؤمه يعود إلى تأثره بخاتمة نابليون المحزنة.[2] إنَّ النظرية الأساسية داخل كتاب شوبنهاور، هي أن العالم إرادة، ووفقا لذلك يكون العالم كفاحا، ويترتب على الكفاح بؤس وشقاء.
لطالما اتفق العلماء والفلاسفة جميعا بغير استثناء على أن جوهر العقل هو الفكر والإدراك، والإنسان بالنسبة إليهم حيوان عاقل، بيد أن شوبنهاور عزم على نبذ هذا التصور وطرحه جانبا، لأن الإدراك في آخر المطاف مجرد قشرة سطحية لعقولنا، ونحن لا نعي شيئا عما في داخل هذه القشرة السطحية، لأنه تحت هذا العقل الواعي إرادة واعية أو لا واعية، وهي قوة حيوية مكافحة ملحة وفاعلية تلقائية، إرادة ذات رغبة آمرة.[3]
وبهذا المنطق فسلطة العقل على الإرادة لا يبقى لها أي وجود، بل يصبح العقل خادما يقوده سيده، وبالتالي فالإرادة هي الرجل الأعمى القوي الذي يحمل العقل على كتفيه باعتباره رجلا أعرجا ومبصرا، فنحن لا نريد شيئا لأننا وجدنا أسبابا له، ولكن نجد أسبابا له لأننا نريده، أو كما يقول الفيلسوف الهولندي دو الأصول البرتغالية، باروخ إسبينوزا “لا نرغب في الأشياء لأنها طيبة، بل نعتبرها طيبة لأننا نرغب فيها.”[4]
فنحن إذن أمام إرادة بأبعاد معرفية تختلف والتي سبقتها، فهي لا تنشأ بأصلها من الإنسان وإنما توجد لديه، وتنساب فيه. وهي كما قلنا تسبق العقل وتتقدم عليه، وغير خاضعة لتحديدات الزمان والمكان، لأنها واحدة ومستقلة وهي فوق ذلك حرة بمعنى أنها لا تخضع لقانون الحتمية، لذا فهي إرادة كونية عمياء خالية من القصدية والغائية، فلا تشبه بوجه من الأوجه ما يسمى روح العالم أو إرادة الإله، ثم إنها تتجسد في الواقع وتظهر في حلل موضوعية مختلفة، وهي مراحل الطبيعة ومراتبها.
يتأسس هذا البحث على نسق من التساؤلات الفرعية أبرزها:
ما هي أبرز العوامل التي ساهمت في بلورة فكر شوبنهاور؟
وما هو موقفه من العالم والإرادة؟
وما خصائص وتجليات هذه الإرادة؟
1 – الحضور الكانطي في فلسفة شوبنهاور
يعتبر إيمانويل كانط النقطة الأساسية التي تنطلق منها فلسفة شوبنهاور، لقد أثر الحكيم العالمي مؤسس الفلسفة النقدية في فكر شوبنهاور، لدرجة قول هذا الأخير “يبقى الشخص طفلا إلى أن يقرأ كانط“[5]. فلقد أسس شوبنهاور تصوره للمعرفة على أساس كانطي، بل تجاوز هذا الحد، لدرجة إعتبار شوبنهاور متمم فلسفة كانط، من قبل جل الباحثين، تعرف شوبنهاور عن كانط بواسطة أستاذه “شولته” الناقد الماهر لفلسفة كانط وبالخصوص فكرة “الشيء في ذاته“، هذه الفكرة هي التي أخضعها شوبنهور لنقد عنيف مند أول وهلة، فلا يكاد يذكرها في كتبه دون أن يضعها تحث مجهر النقد والتساؤل، إذ إن كانط في نظر شوبنهاور يناقض ذاته في الوقت الذي جعل مصدر الإحساس الشيء في ذاته، ثم قال من بعد “إن ما ينطبق على التجربة من صور وقوانين لا ينطبق على الأشياء في ذاتها” وهكذا أنكر انطباق العلية على الشيء في ذاته، في الوقت الذي أقر به في قوله الأول.[6] في مقابل ذلك يرى شوبنهور أنه من المستحيل أن توجد فكرة الشيء في ذاته خارج التجربة، وعلى الرغم من اتفاقه مع كانط في عدم معرفة الشيء في ذاته لأن المرء لا يمكن أن ينتقل من هنا إلى هناك، أي من العالم الظاهري إلى العالم النوميني، إلا أنه يؤكد أنه بإمكاننا أن نحس بهذا الشيء في ذاته، فانطلاقا من ملاحظة ذواتنا على سبيل المثال لا الحصر، نتعرف فيها على الإرادة وأشياء كثيرة أخرى، بيد أنه وراء هذا الوعي يوجد الشيء في ذاته باعتباره متجاوزا للغرائز الإنسانية والحيوانية، بل الأدهى أنه علة نفسه ولا يخضع للقوانين الطبيعية.[7]
لكن سرعان ما سيتحول هذا النقد إلى تأثير، لأن اهتمام شوبنهاور “بنقد العقل الخالص” لم يكن من باب الهدم والتنقيص، بل من باب الإكمال والتصحيح، فشوبنهاور كان يعتبر نفسه الوارث الشرعي الوحيد لفلسفة كانط، لهذا حَمَلَ هم تصحيح هذه الفلسفة وتقديمها في الصورة التي تليق بها.[8] إذ يقول بصدد هذا “.. إن فلسفة كانط هي الفلسفة الوحيدة التي تفترض وبطريقة مباشرة المعرفة التامة بها…” ويظهر هذا التأثر بجلاء من خلال التفرقة التي أسسها كانط بين عالم الظواهر وعالم الأشياء في ذاتها، هذه النظرية التي نجد أصولها في الفكر الأفلاطوني، فكل من كانط وأفلاطون أَثَّرَا في فلسفة شوبنهاور، لدرجة تبنِّى هذا الأخير نفس التصور الذي قالا به، وبهذا انتقلت عدوى التفرقة إلى فلسفته، ففرق بين العالم كتمثل( عالم الظواهر) والعالم كإرادة (العالم كحقيقة).[9]
نلاحظ إذن تماهيا بين هذه التصورات الفلسفية، فعالم التمثل أو التمثلات عند شوبنهاور يناظر عالم المحسوسات عند أفلاطون، وكذا عالم الظواهر عند كانط. أما فيما يخص الإرادة فهي تناظر (المثل) عند أفلاطون و(الشيء في ذاته) عند كانط.
لكن رغم هذا التأثر فشوبنهاور رفض أن يكون مجرد محاور لكانط، فبدل من أن يكون عقلانيا هو الآخر، تجرأ على تحطيم العقل مؤسسا بذلك تيار اللاعقل، وكل ذلك كما قلنا آنفا كان في سبيل تصحيح هذه الفلسفة من بعض الأخطاء والبرهنة على أخطائها حتى يتمكن من إكمالها على أحسن وجه، فلقد اختلف شوبنهاور مع كانط في عدد المقولات، مختصرا بذلك المذهب الترنسندنتالي إلى ثلاث مقولات فقط، وهي (الزمان والمكان والعلية).[10]
نستنتج مما سبق أن شوبنهاور تأثر بشكل كبير بفلسفة كانط من خلال عالم الظواهر والشيء في ذاته، لكنه يختلف معه في عدد المقولات الترنسندتالية التي تعطي الانسجام لما ندركه بالحواس، وإن حافظ على مقولتي الزمان والمكان إلا أنه يرفضهما في سياق حديثه عن الإرادة، لأن هذه الأخيرة شاملة ومعبرة على جميع أفعال الجسم، فمن خلال فكرة كانط التي تقول باستحالة معرفة العالم خارج إطار حواسنا وإدراكاتنا، ربط شوبنهاور الإرادة بالجسد، فكل فعل حقيقي أصيل ومباشر من أفعال الإرادة يكون في نفس الآن وبطريقة مباشرة فعلا مرئيا من أفعال الجسد، الأمر الذي يصرح به شوبنهاور قائلا: ” إن الإرادة هي معرفة الجسم بطريقة قبلية، وأن الجسم هو معرفة الإرادة بطريقة بعدية“.[11] وكل مطلع على فلسفة كانط سيلاحظ أن مفهومي القبلي والبعدي، يشكلان أساس الصرح الفلسفي الكانطي.
2- العالم كامتثال
ينظر شوبنهاور إلى العالم بقدر ما يكون تمثلا، هذه حقيقة تصدق على كل كائن يحيا ويدرك، على الرغم من أن الإنسان هو الوحيد الذي يمكنه أن يتمثل هذه الحقيقة بوعيه المجرد والتأملي، بيد أنه لا يفعل ذلك، وإذا فعله فمن الواضح أنه لا يعرف العالم في صبغته المادية، وإنما سيدرك فقط أن له عينا ترى الشمس، وله يد تحس الأرض، وهذا العالم الذي يحيط به إنما هو قائم هناك بوصفه تمثلا فحسب، أي تمثلا بالنسبة للذات التي تتمثله، وهو الشخص نفسه، لذلك وجب أن نعي هذه الحقيقة التي تفرض ذاتها على الحقائق الأخرى، ألا وهي أن هذا العالم ككل هو مجرد موضوع للذات أي هو من إدراك مدرك، والتي يلخصها شوبنهاور في كلمة (تمثلا)، وهناك جانب من هذا العالم نستخلص منه الصور المجردة، وهو الإرادة، وهذه هي الغاية التي يتغيا شوبنهاور توضيحها من خلال كتابه “العالم كإرادة وتمثلا“، فهذه الإرادة تشكل الوجه الآخر للعالم، لأن العالم يمثل جانبين: فهو من جهة تمثل مطلاق، ومن جهة أخرى إرادة مطلقة.[12]
وبالتالي فالعالم لا يوصف حسب شوبنهاور إلا في ارتباطه بصفة الإرادة، ولكي ندرك هذه النواة وجب أولا أن نتمثل العالم الذي تنتمي إليه في صورة الذات المدركة التي تتمثل العالم كموضوع، وهكذا نصل إلى الإرادة عن طريق العالم بوصفه تمثلا، ومنه “فالعالم تمثلي ” ” إن العالم بوصفه تمثلا- هو الجانب الذي نتمثله بمفرده ها هنا- يتألف من نصفين جوهريين ضروريين متلازمين. والنصف الأول هو الموضوع، وهو خاضع لصورتي المكان والزمان اللذين تنشأ من خلالهما الكثرة. أما النصف الآخر- وهو الذات- فلا يقع في إطار الزمان والمكان”.[13]
فعالم التجربة الحسية إذن هو عالم الظواهر و عالم التمثلات في نفس الآن، فهو الذي يكون موضوعا بالنسبة للذات العارفة والمدركة، بيد أنه لا يوجد أي موضوع يمكن أن نتمثله بمعزل عن الذات، بمعنى أن هناك قوانين وعلل ثابتة تحكم كل تمثل يتصل بتمثل آخر، والعلاقات التي تربط بين كل هذه التمثلات تسمى صور مبدأ “العلة الكافية“[14]، إن العالم الذي يحيط بالإنسان إنما يوجد كتمثل فحسب، معنى ذلك أنه يوجد فقط بالنسبة لشيء آخر ملازم له هو الوعي الذي يمثله الشخص، أي وجوده متوقف علينا كذوات مدركة، لأن الوجود إدراك كما أكد ذلك الفيلسوف التجريبي “بيركلي “، ومن خلال عبارة “العالم تمثلي” التي تعني أن كل ما هو موجود فهو موضوع بالنسبة للذات، فإن ذلك يوضح تمام الوضوح أن الذات والموضوع هما نصفان متلازمان في مفهوم العالم كتمثل ومعرفة.[15]
إن ثنائية الذات والموضوع هي السمة الأساسية للفلسفة الحديثة، ففلسفة ديكارت أول فلسفة أعلنت عن هذا المفهوم بكل وضوح، مغيرة بذلك منحى الميتافيزيقا من معناها الأنطولوجي إلى معناها الإبستيميلوجي، معلنا سيادة الذات على الموضوع لأنها تدركه وتقرره، وإن جعلهما شوبنهاور متلازمين في العالم ، فهذا لا ينفي قيمة ديكارت داخل تاريخ الفلسفة كمؤسس للثنائية فلسفيا، هذه الثنائية التي سيقضي عليه النسق الإتيولوجي الذي يمثله اسبينوزا، مما يؤكد أن اسبينوزا أكبر مراجعي المذهب الديكارتي عكس ما يروج، لكن هذا موضوع أخر سنخصص له بحثا من أجل توضيح الحدود الفاصلة بين ديكارت واسبينوزا.
عودا على بدء ، فمن خلال تحليل عبارة (العالم من تمثلي) تبين لنا مما معناه أن كل وجود خارجي يرجع في واقع الأمر إلى الذات، ومن هذا المنطلق فمذهب شوبنهاور في فلسفة المعرفة، كان مذهب الذاتية، بما أن العالم من تمثل الذات، فليس باستطاعة المرء إذن أن يدرك العالم على هيئته الحقيقية، إذا ما كان هناك عالم آخر خارج عالم التمثل، وفي حالة ما حصل ذلك التمثل للعالم المزعوم، فإنه يكون من خلال جهاز العقل وحسب طبيعة هذا الجهاز ستخلق طبيعة صورة ذلك العالم، نظرا لأنه بيننا وبين الأشياء يوجد عقل دائما وبإستمرار، ولهذا لا يمكن إدراكها بحسب ما عساها أن تكون عليه في ذاتها.[16]
هناك إذن قانون قبلي، أي موجود في طبيعة العقل والذات وليس مستمدا من التجربة، ذلك لأن كل عالم خارجي مزعوم فهو من الذات أو يسير حسب جهازها، هذا القانون هو الكفيل بتسيير الوجود والفكر على حد سواء، إنه قانون العلة الكافية الذي تطرقنا له من قبل، فكل تمثلاتنا مرتبة فيما بينها، بحيث لا يمكن أن تفصل عن بعضها البعض، وهو ارتباط يمكننا أن نعاينه قبليا ـ بمعنى قبل التجربة ــ لكونه متركزا في طبيعة الذات، ورغم ذلك فإنه من الأيسر علينا نعاين قانون العلة الكافية بطريقة بعدية، من خلال التطرق لمضمون التجربة وتمييز موضوعاتها. يستدعي إتباعنا لهذا المنهج حسب شوبنهاور الوصول إلى أربعة أنواع من االتمثلات أو الموضوعات، وهي على التوالي: التأثيرات الحسية، التصورات، العيانات المجردة (الزمان والمكان)، وفي الأخير المشيئات. أما فيما يخص التأثيرات الحسية فهي خاضعة لمبدأ الصيرورة أو المبدأ الفزيائي، أي العلية بالمعنى العادي،[17] فلو كانت هناك حقيقة يمكن أن نعبر عنها أوليا، حسب شوبنهاور فهي أن الذات هي التي تتمثل العالم، هذه الحقيقة تعبر عن صورة كل تجربة يمكننا أن نتصورها بأكثر عمومية من الصور الأخرى، أي من الزمان والمكان والعلية، فليس هناك حقيقة أكثر يقينا من هذه الحقيقة، أعني أن كل شيء يوجد للمعرفة، أي العالم كله لا يكون موضوعا إلا بالنسبة للذات ولا إدراكا إلا بالنسبة للمدرك، باختصار العالم لابد أن يكون تمثلا، فكل شيء ينتمي إلى العالم يتوقف على شرط أساسي، ألا وهو الذات ولا يوجد إلا من أجل الذات.[18]
وهكذا فالإرادة تنكشف بوضوح لشوبنهاور في اللحظة التي ينظر إلى نفسه فردا تمتد جذوره في هذا العالم الذي يتمثله، وهي الكفيلة بإعطائه مفتاح الوجود وتكشف له دلالاته، وبالتالي فالعالم وسيلة من أجل الوصول إلى الإرادة، لكونهما مرتبطان فيما بينهما[19]، لأن الشرط الأساسي لكل معرفة يقتضي كما قلنا من قبل وجود ذات كمدرك وموضوع كمدرك من طرفها، وموضوع تلك المعرفة في الإرادة ذاتها، من رغبات ويأس وحب وبغض وألم، بحيت أن اللذة هي كل ما يوافق إرادتنا ويلائمها، أما الألم فهو كل ما يعارضها ويحول دون تحقيق مقاصدها،[20] فهذا شوبنها ور يقول بهذا الصدد “علينا أن نبحث في الإرادة عن المعلوم الوحيد القابل لأن يكون المفتاح لأية معرفة أخرى، ومنها يبدأ الطريق الوحيد الضيق الذي يمكن أن يفضي بنا إلى الحقيقة. ومن أجل هذا، يجب أن نبدأ من ذواتنا لأجل إدراك الطبيعة وفهمها لا العكس، فلا يجب أن ننشد معرفتنا لأنفسنا في معرفة الطبيعة.”[21]
3- العالم كإرادة
إن المعنى الذي يبحث عنه شوبنهاور لهذا العالم الذي يتمثل أمامه باعتباره تمثلا فحسب، هو الانتقال منه لأنه مجرد تمثل للذات العارفة للوصول إلى شيء أخر يكونه هذا العالم بجانب كونه تمثلا، ألا وهو الإرادة التي ترتبط مع ذلك العالم الخارجي، إنها إرادة باطنة تكشف للإنسان هذا الوجود بأكمله، ولعل الجسم أكبر تعبير عن المواضيع الخارجية التي ترتبط بإرادتنا وبطرقة سببية،[22] إذ يقول شوبنهاور في هذا الصدد” فالإرادة، والإرادة وحدها، هي ما يمكن أن يمنحه مفتاح تفسير ظاهرة وجوده الخاص، ويكشف له مغزى وجوده، ويبين له الآلية الباطنة الكامنة وراء وجوده وأفعاله وحركاته”.[23]
لهذا فجوهر الوجود والذات الإنسانية هي الإرادة، لا الفكر كما أقر كانط، لأن الإرادة هي الشيء في ذاته والحقيقة المطلقة، فالعالم ليس فقط تصورا خالصا ومحضا ، بل هو إرادة تسكن الإنسان وتسبق العقل وتتقدم عليه وغير خاضعة لمقولتي الزمان والمكان، كونها مستقلة وغير خاضعة لا لقوانين الطبيعة ولا لمبدأ العقل الذي تسبقه وتحدده.[24]
نلاحظ إذن أن الإرادة تمثل كل فعل نقوم به حتى وإن كان جزئيا فهو يعبر عنها، لأنها هي الطبيعة الباطنة التي تسكن الذات والتي يستطيع من خلالها الفرد فهم ذاته وفهم العالم بكل تجلياته لأنها توجد في ذاته كجوهر وماهية غير خاضعة لقوانين العالم الحسي، أما العقل فما هو إلا خادم لها، فحينما نشعر بالجوع على سبيل المثال؛ وتكون لنا إرادة في الأكل فإن العقل يبدأ بالتفكير في كيفية تحضير الأكل، ومن هنا فهو الوسيلة التي تحقق رغبة الإرادة.
ومنه فالإرادة وحدها هي العلة الكاملة للمشيئة، بمعنى أنها هي أصل كل فعل، وليس المعرفة أو العقل، لا ننكر أن أفعالنا تتوقف إلى حد كبير على المعرفة، أي أننا نريد شيئا لأننا نعرفه، بيد أنه يجب أن نلاحظ في نفس الآن أننا إذا كنا نعرف هذا الشيء دون الآخر فما ذلك إلا لأن إرادتنا قد شاءته دون الآخر، وهكذا ففعل الإرادة سابق حتى على فعل التعقل، لأن الإرادة باعتبارها جوهرا ونواة ثابتة فإنها تتحمل مسؤولية التصميم والعزم، فالإنسان في آخر المطاف كائن مريد.[25]
لهذا أقول وبصريح العبارة أنَّه من العيب قراءة الإرادة عند شوبنهاور بخلفية ديكارتية، ومن يفعل ذلك فإنه يعبر عن قصور فلسفي عميق، فالجوهر عند ديكارت هو العقل، لهذا فالإرادة تعتمد عليه اعتمادا تاما في اتخاذ قراراتها، لأن العقل هو الذي ينير لها الطريق، وإن كان ديكارت في نصوص أخرى يصور لنا الإرادة بأنها منبهة للعقل، وباعثة للتفكير، فإن هذا القول محكوم بشروط كرونولوجية تحدده، لأن الرجل أَقَرَّ بصريح العبارة بجوهرية العقل وماهويته، والكوجيطو أكبر دليل عن ذلك، أي نعي مانريد لأننا نعقل إرادتنا. لكن شوبنهاور ــ كما تفضلنا من قبل ــ يصر على أن الجوهر المحدد لكل فعل نقوم به هو الإرادة، لأنها توجد في ذاتها ويمكننا الإحساس بها دون أي وعي، أي إرادة عمياء وغير واعية محكومة باللاشعور، أما العقل فهو عبد لها، وهذا واضح وبديهي بالنسبة لفيلسوف حطم العقل بلغة جورج لوكاش.
فالإرادة الكلية تظهر واضحة في عالم الأحياء، ذلك لأن الكائن الحي يتكون من باطن، ويعمل من باطن، بمعنى أن الإرادة الكلية هي التي تصور أعضاءه وتلائم بينها وبين البيئة، وأنها هي التي تعمل فيه أثناء اليقظة والنوم بدون انقطاع، وهنا تصبح العلية كمؤثر أو دافع، ويبدو المعلول محتويا على أكثر ما في العلة، والإرادة هي علاقة هذه العلية، وبالتالي فالمعرفة نفسها ما هي في واقع الحال إلا وسيلة للإرادة تتوخى منها صورا للحياة ، والعقل هو الآخر يعتبر أعلى تجليات الإرادة،[26] “إن العقل آلة للحياة أكثر إحكاما وتنوعا مما للحيوان من آلات، ذلك أن آلات الحيوان ظاهرة وغاياتها معروفة محددة، أما العقل فباطن يخفي غاية ويستخدم ما يشاء من آلات مصنوعة.”[27]
ومن هنا فإن هذا التنوع في الصور الطبيعية صادر عما في الإرادة الكلية من حب البقاء وميل للتحقق إلى أقصى حد، وهذا التنوع هو أصل تعارض الموجودات وتصارعها، لأن الإرادة تسكن كل الكائنات الحية وبموجبها يخلق الانسجام بين الكائن ووجوده لأنها توجد في باطنه وأي فعل قام به الكائن الحي فهو معبر بالضرورة عن تلك الإرادة العمياء التي تسيره داخل العالم.
4- إرادة الحياة
لقد شكلت الإرادة اللبنة الأساس التي انبنت عليها فلسفة شوبنهاور ككل، وذلك منذ ظهور كتابه الرئيسي المعنون “بالعالم كإرادة وتمثلا” وضمنه نجد مفهوما آخر مغايرا للمعنى العادي لمفهوم “إرادة”، فنحن نفهم من الإرادة أنها قوة نفسية تصدر في أفعالنا عن بواعث يمليها العقل بأحكامه، ونريد شيئا معينا بكل ما نملك من وعي، لكن شوبنهاور كسر هذا المنطق العقلي معرفا الإرادة باعتبارها الجوهر والنواة التي تحدد أي فعل نقوم به داخل العالم، وهي إرادة عمياء وغير عاقلة، أو أن العقل ثانوي بالنسبة إليها، تسكننا وتوجهنا دون أي وعي وشعور منا، وما قيامنا بأفعال معينة، إلا خدمة لهذه الماهية التي توجد في ذاتها، وعليه فأنا أظن بأن فرويد كان شديد الاطلاع على شوبنهاور أثناء تأسيسه للاشعور.
وعليه فالفرد لا يمكن أن يعرف إرادته بكليتها، ولا أن يعرفها في وحدتها، بل الأدهى من ذلك هو أنه لا يعرفها تماما في جوهرها، فهي لا تتبدى له إلا في أفعالها المنعزلة، ولا يمكنه أن يتمثلها دون تدخل الجسد وباقي الأشياء داخل العالم، أي من بين شروط الإحساس بها هو جعل العالم تمثلا، وبالتالي: “فالإرادة هي جوهر وجود الفرد، ففيها يجد بالتأمل الباطن المباشر الجوهر الحقيقي لوجوده الذي لا يمكن أن ينفى، وبالجملة فإن الإرادة هي (الشيء في ذاته) وهي الجوهر الخالد غير القابل للفناء عند الإنسان ومبدأ الحياة فيه.”[28]
وبالتالي فالإرادة هي مجموع الأفعال التي يقوم بها الفرد من أجل معرفة العالم وفهم الطبيعة الباطنة للأشياء، هذه الطبيعة الباطنة التي تسككنا هي التي تسعى فينا إلى بلوغ غايات كبرى انطلاقا من الاعتماد على المعرفة، وإن كانت في هذه الحال تظهر في أضعف تجلياتها ساعية سعيا أعمى بأسلوب باهت، وبطريقة واحدة، فإنها في كلتا الحالتين تحمل اسم الإرادة “ذلك أن الإرادة تشير إلى ما يكون وجودا في ذاته (أي الطبيعة الباطنة) بالنسبة لكل شيء في العالم، واللب الوحيد لكل ظاهرة.”[29]
باختصار فإنه بالرغم من التحولات التي تطرأ على الإنسان، يبقى فيه شيء ثابت لا يتغير، لدرجة أنه يمكننا أن نتعرف على الشخص وأَنْ نجدَه على حاله، رغم مرور مدة طويلة، ورغم تغير جسده، الأمر الذي ينطبق على ذواتنا كذلك، فقد نهرم ولكننا نشعر في أعماقنا إننا مازلنا كما كنا في شبابنا وطفولتنا. هذا العنصر الثابت الذي يظل دائما في هوية مع نفسه دون أن يشيخ أبدا، هو نفسه نواة وجودنا الذي ليس في الزمان، وبالتالي فالشخص وهويته لا يتوقفان على الشعور، بل يتوقفان على الإرادة باعتبارها نواة وجودنا. إذن نتأكد مع شوبنهاور وبدون أي ريب أن الإرادة هي معقل الفردية.[30] فشخصية الإنسان تكمن في إرادته، وليس في عقله، وحتى الجسم نفسه فهو من إنتاج الإرادة، فالدم الذي تدفعه تلك الإرادة التي نسميها بغموض الحياة، يدشن أوعيته التي يجري فيها بشق أقنية في جسم الجنين وتزداد هذه الأقنية عمقا وتتعلق وتصبح عروقا وشرايينا، إرادة الإنسان أن يعرف تبني المخ، مثلما أن إرادته في القبض على الأشياء تكون بالأيدي، وإرادته ليأكل تتطور بالجهاز الهضمي،[31] إذن هناك علاقة ترابطية بين الإرادة والجسد كما عبرنا عن ذلك من قبل.
فكل ما نلاحظه في الطبيعة من صراع وتناوب وإنتصار، فهو جوهري بالنسبة للإرادة، لأنها تعبر عن الحياة في العالم، فكل الكائنات بمختلف أصنافها تسعى إلى إرادة الحياة، والطبيعة ذاتها لا يمكن أن توجد إلا في ظل هذا الصراع، فبدونه لكانت الأشياء على شاكلة واحدة دون أي تمايز، يقول شوبنهاور بهذا الصدد “ إن هذا الصراع الكوني ذاته إنما هو فحسب تجل لتنازع الإرادة مع ذاتها الذي يعد جوهريا بالنسبة لها. وهذا الصراع يشاهد على اوضح نحو في المملكة الحيوانية.”[32]
وهكذا فإرادة الحياة تفترس ذاتها بوجه عام، وهي بشكل عام تتغدى على نفسها، فالكائن الحي يسعى إليها عن طريق الصراع عليها، إن الحيوانات تتخذ المملكة النباتية مصدرا لغذائها، والحيوانات ذاتها تعيش عن طريق أكل بعضها البعض، بمعنى أن استمرار الحيوان داخل الحياة وتأكيد وجوده مقابل ذلك، رهين بإزالة وجود حيوان آخر، و في آخر المطاف تخضع كل إرادات الكائنات الأخرى لإرادة الكائن البشري ويحولها لذاته، بيد أنه على حين غرة سيكشف هو الآخر عن تطاحن حول إرادة الحياة وبموجبه سيصبح الإنسان ذئبا للإنسان.
ومن هنا ينكشف لنا أن كل هذه الأفعال هي أفعال غريزية، وليست نتيجة لمنطق أو تفكير، فهي ليست تعبيرا للعقل، بل هي تعبر عن إرادة بلوغ حد أعلى من الحياة، كما أنها غريزة هذه الحياة بالنسبة إلى جميع المخلوقات الحية،[33] فهي لا تمثل غير هذه الإرادة، وما الموت إلا مظهر من مظاهرها العرضية، الزائلة ولا يمكنه إصابة إرادة الحياة، التي هي إرادة عمياء غير عاقلة، لا تفسير لها إلا أن جوهرنا وكياننا كله إرادة الحياة الخالصة، وأن الحياة – تبعا لهذا – يمكن أن تعد الخير الأسمى مهما يكن من مرارتها وقصرها واضطرابها، ومن هنا يدعونا شوبنهاور إلى “التأمل ببصرنا موضوعيا في الطبيعة بجميع دراجاتها فسنرى وقتئذ في الطبيعة كلها آلية واحدة هي حفظ النوع”[34]
نخلص في النهاية إلى أن إرادة الحياة ليست جانبا بسيطا من جوانب المطلق، أو الشي في ذاته، بل هي مطلق ذاته، وهي التي تحدد جميع الكائنات، باعتبارها العامل المهم لدى الحيوانات والبشر على حد سواء، وما ذكاء الكائن البشري إلا عنصر ثانوي طارئ وعارض، فهو أداة في خدمة الإرادة، أداة تختلف درجة تعقدها بين قلة وكثرة استنادا إلى ظروف أدائها هذه الخدمة، فماهية الإرادة موجودة حتى لدى أضعف الحشرات، وبالتالي فالفرق بين إرادة باقي المخلوقات وإرادة الإنسان، هو فرق في الفحوى الذي يصدر عن التصور والذكاء فقط،[35] ” إن الإرادة هي الشَّيء المطلق. وهي دعامة الأشياء كلها.”[36] إن الإرادة عند شوبنهاور لها تجليات عدة سنحاول التركيز في مقالنا هذا على أهم هذه التجليات، ومنه نطرح التساؤل التالي: أين تتجلى إرادة الحياة؟
1.4. الإرادة في الطبيعة
إن صور الطبيعة ككل ترتبط وتتكيف إحداها بالأخرى في مجال الوجود الظاهري للإرادة الواحدة، وهذا التوافق الإجماعي الطبيعي نراه في كل مكان، وعليه فكل نبات يكون متكيفا تماما مع تربته ومناخه، وكل حيوان له مجاله الخاص ومع الفريسة التي تلائم غذائه، وتلك الفريسة بدورها تكون مزودة بحماية إلى حد ما ضد مطارديها الطبيعيين، والعين تكون متكيفة تماما مع الضوء وقابليته للانكسار، والرئتان والدم مع الهواء وزعانف الأسماك مع الماء…إلخ. إذن فكل هذه الحالات تتلاءم و الطبيعة حسب شوبنهاور، والإرادة التي تتجسد في هذا العالم بأسره هي نفس الإرادة الواحدة التي لا تخضع للزمان، فهي الكفيلة بتكييف كل كائن مع الطبيعة.[37] ” إن التربة قد كيفت نفسها لتلائم تغدية النباتات، والنباتات كيفت نفسها لتلائم تغدية الحيوان، والحيوان كيف نفسه لتلائم تغدية حيوانات أخرى، تماما مثلما أن هذه الموجودات ككل قد كيفت نفسها لتتلاءم مع التربة”[38]. و كأننا أمام عود أبدي بلغة “نيتشه”، فكل أجزاء الطبيعة تكيف بعضها مع بعض، إذ أن نفس الإرادة هي التي تظهر فيها جميعا.
هكذا فكل الكائنات تسعى إلى حفظ نوعها داخل الطبيعة، انطلاقا من تلك القوة الكامنة داخلها والتي لا تعيها أبدا، فهي التي تضمن له الانسجام مع الوجود، فقوى الطبيعة اللاعضوية تمثل درجة أولى من درجات تلك الإرادة، إذ تظهر فيها هذه الأخيرة بشكل غامض أولي يخلو من المعرفة الفردية تماما، ولعل التراتب الذي تطرقنا له من قبل خير دليل على ذلك، فالنبات يشكل درجة ثانية، والحيوان درجة ثالثة، وهكذا تسلسل حتى نصل إلى الإنسان الذي تظهر فيه الإرادة بوضوح.[39] فبموجبها تسير الطبيعة ككل وتنسجم الكائنات مع بعضها البعض، إنها النواة التي تحرك الشيء من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل لأنها توجد في ذاتها داخل كل الكائنات، وبالتالي فالعقل مجرد خادم أمين ومخلص لها، بحيث لا يصبح له أي دور جوهري في المنظومة الوجودية، فقط كونه ملبيا لرغبة إرادة الحياة، باعتبارها مصدر العلل ككل دون خضوعها هي عينها لأية علة، فهي السَّبَب والمُسبِّب في الآن ذاته.
أما فيما يخص هذا الصراع القائم في الطبيعة فما هو في آخر المطاف إلا تعبير عن مشقة الإرادة مع نفسها، ويبدو في أشد تجلياته عنفا في العالم اللاعضوي، حيث يصبح حينئذ نزوعا أعمى، وغامضا بعيدا كل البعد عن كل شعور وفردية مباشرين وواضحين، و منه تظل الإرادة تسمو في درجات تحققها حتى يظهر العقل كضرورة من الضرورات الحيوية التي يحتاج إليها الإنسان في حفظ النوع داخل الطبيعة،[40] هذه الأخيرة هي التي تضمن للإرادة خلودها حيث يضحى الموت لا أثر له عليها، وذلك عن طريق أداة قوية تلعب الدور الأوفر في الحياة العضوية، هذه الأداة هي الغريزة الجنسية، ففيها يتجلى بأبهى الصور مظهر من أوضح وأعنف مظاهر توكيد إرادة الحياة نفسها، لأن معنى هذه الأداة هو أن الطبيعة مهمومة بحفظ النوع واستمراره. علاوة على أن شدة هذه الغريزة بكونها أقوى الغرائز، يدل بوضوح، على أن تأكيد إرادة الحياة هو السر في الطبيعة.[41]
الإرادة إذن خلقت العقل لكي يحافظ على بقاء إحدى درجات تحققها داخل الطبيعة، والذي يتجلى في الصورة الإنسانية كصورة تحس بالشيء في ذاته، فجعلها واعية بنفسها مدركة لها، بعد أن كانت في درجات التحقق السفلي عمياء صماء لا يخالطها التفكير أو الشعور، بعبارة أصح نستطيع القول إنها اصبحت موضوعا لنفسها أو تمثلا بعد لم تكن، فالعقل تابع للإرادة خلقته لكي تشعر بوجودها، وهو دائما في خدمتها في أي وقت طلبت منه ذلك.
2.4. إرادة التناسل
إن التناسل هو الذروة العليا التي يهوي منها الفرد بعد تحقيقه إياها بطريقة سريعة، وفي الوقت ذاته تؤكد هذه الحياة الجديدة بقاء النوع في الطبيعة، عن طريق الغريزة الجنسية التي تمثل شجرة النوع الداخلية التي تتأسس عليها حياة الفرد، فهذا الأخير نوعه كالورقة التي تتغدى من الشجرة، وهذا هو السِّرُّ وراء قوة الغريزة الجنسية، علاوة على أنها تنبع من أعماق طبيعتنا في الوقت الذي نقوم بإخصاء فرد معين، فإنه بإخصائنا إياه قد نزيله من شجرة النوع التي ينمو عليها مما يتسبب في ذبوله ووهنه، ذلك لأن[42] “النسل هو الغرض النهائي لكل كائن عضوي، وهو أقوى الغرائز، وهو الوسيلة الوحيدة التي تمكن الإرادة من قهر الموت، ومن أجل تحقيق هذه الغاية المنشودة فقد تعمدت ألا تضع إرادة التناسل تحت رقابة العقل أو المعرفة والتأمل.”[43] فبفضل التناسل تهزم الإرادة الموت، إذ أن كل كائن عضوي يسارع إلى التضحية من أجل التناسل إذا بلغ ذروة كبيرة من النضج، فمن الممكن أن نصل لدرجة الموت من أجل محاربة الموت والبقاء في الحياة، نستحضر كمثال على هذا، العنكبوت الذي تلتهمه أنثاه بمجرد تلقيحه إياها. إذن فكل الكائنات تضحي من أجل التناسل،[44] ” حيث أن كل فرد ينشأ من شبيهه من خلال التوالد، وهي عملية تحدث في كل مكان على نحو غامض وهناك من يحاول دون معرفتها بوضوح حتى الأن.”[45] أي أن النسل هو الغرض النهائي لكل الكائنات العضوية، وهو أقوى الغرائز، كونه الوسيلة الوحيدة التي تستطيع من خلالها الإرادة مواجهة الموت.
هذا التنوع الذي تظهر به الإرادة ما هو إلا صورة من صور حب البقاء والميل للتحقق، بغية حفظ النوع بالتناسل، فشيطان النوع هذا يهيج في الفرد أقوى غريزة ويدفعه إلى إرضائها، وما هو في أخر المطاف إلا وسيلة للإرادة الكلية التي تتوق للبقاء في النوع،[46] هي إرادة تتمظهر في مظاهر الطبيعة البشرية ككل، فحياة الكائن البشري هي سلسلة من رغبات لا تهدأ، وكفاح مستمر من أجل الحياة وتوفير القوت، والإبقاء على النوع، ومن أجل ذلك فمركز الإرادة في البدن يقع في الأعضاء التناسلية، فهي الآلية الوحيدة لحفظ الحياة والإبقاء على النوع،[47] “ إن أجزاء البدن يجب أن تناظرها تماما الرغبات الأساسية التي من خلالها تكشف الإرادة عن نفسها، فهذه الأجزاء هي ضرورة بمثابة التعبير المرئي عن هذه الرغبات، فالإنسان والبلعوم والأمعاء هي جوع متجسد، وأعضاء التناسل هي رغبة جنسية متجسدة، والأيدي المتشبثة والأقدام المسرعة تناظر رغبات الإرادة المباشرة التي تعبر عنها“[48] فإرادة التناسل في نظر شوبنهاور هي التي تجعل الكائن الحي مستمرا في الطبيعة، وفي سبيل تحقيقها يصل بنفسه إلى درجة الموت.
إن الزواج وإعطاء عهد البقاء في السراء والضراء ورغبتهما في الاتحاد حتى الفناء في شخص واحد حتى آخر المطاف، ما هو إلا رغبة من الطرفين إلى إتمام نسلهما، وبالمقابل بقاء هذا النسل مستمرا في حفظ وجوده داخل الطبيعة، وهنا تحضرني قولة شوبنهاور ” الحب مجرد خدعة من أجل تلبية الرغبات الجنسية”[49] لأن الوجود الغرامي في جوهره يتجه إلى شيء واحد وهو الولادة والحفاظ عل النسل.
وإذا كنا نرى في الحب إيثارا، فما ذلك في نظر شوبنهاور إلا فعل الطبيعة التي تهدف إلى التضحية بالفرد في سبيل النوع، فنتوهم بأن هناك فائدة من وراء الحب تعود على الشخص، بينما هو في الواقع تضحية وإيثار قصد به حفظ النوع، فيخيل للفرد أنه يسعى نحو غاية فردية، بيد أنه مجرد وسيلة لتحقيقة غاية تفوقه، ألا وهي غاية حفظ النوع، وهذا الوهم أصله غريزة جنسية مصحوبة بمتعة عظمى.[50]
ومن هنا فإن ميتافيزيقا الحب عند شوبنهاور تتأسس حول تبعية الأب للأم والوالد لولده، أو الفرد للنوع وقانون الجنسية أولا وقبل كل شيء، هو أن يختار الوليف مهما كان اختياره لا شعوريا يتقرر إلى مدى كبير بحيث يتلاءم الوليفان لإنتاج النسل.
3.4. الإرادة والأخلاق:
يرى شوبنهاور أن هناك ضروب عدة بمثابة علاج وتحرير للإنسان من رقبة الحياة، وفي الوقت ذاته إنقاذه من أزمة الوجود، فهناك طريق الفن وطريق التقشف واللا اشتهاء، ثم طريق الأخلاق. الفن علاج مؤقت، أما الأخلاق فهي العلاج الدائم، وبالتالي فعلى المرء أن يعي بأن السعادة ليست هي هدف الحياة ومبتغاها، ذلك لأن الحياة لا هدف لها ولعل النوم هو اللحظة الوحيدة التي يحقق فيها الإنسان سعادته، وبما أنا الحياة أليمة لهذه الدرجة فوجب اعتبار الدافع لكل فعل أخلاقي وجب أن يكون هو الشعور باتحادنا مع المعذبين المتألمين، ” إن قيمة الرحمة والشعور بها، هو العاطفة الأخلاقية الأولى.”[51]
لهذا فإنه بالرغم من كل هذه (التشاؤمية) اللا معقولة التي يتميز بها العالم، فهناك طريقا للخلاص، هذا الطريق له مرحلتان: مرحلة مؤقتة، ومرحلة نهائية، وهما معا تتميزان بمحاولة قمع أصل شر العالم.
ولعل المرحلة النهائية والأهم للخلاص من قبضة الإرادة، هي مرحلة الأخلاق، إذ يتم الخلاص الكامل في مجال الأخلاق، في اللحظة التي يدرك فيها الإنسان أن جميع الموجودات تكون وجودا واحدا، أو كما يقول “هيراقليطس” الحكمة هي معرفة أن الكل هو الواحد“.[52] فإذا كان نقاش هيراقليطس يضم الوجود ككل بما في ذلك الإنسان، فإن شوبنهاور بهذا الصدد سيركز على الفعل الإنساني كفعل أخلاقي، فالوحدة التي يقصدها الرجل هنا هي وحدة البينذاتية التي لا تموضع الآخر وتنظر له كذات مستقلة عن الأنا، وإنما التوحد به حدسيا حتا يصبح هو أنا وأنا هو،[53] ثم الغيرية باعتبارها نكرانا للذات وتضحية من أجل الغير، هي الكفيلة بتثبيت مشاعر التعاطف والمحبة بين الناس، فتجد الإنسانية غايتها الكبرى في نشر قيم التضامن في العالم.[54] ذلك لأن شعور كل فرد بفرديته هو مبعث الأنانية، وبالتالي مصدر الشرور جميعا، إذ يتصادم الأفراد مع بعضهم البعض، فتنجم عن ذلك الرذائل الأخلاقية كلها، من قبيل الكراهية والحسد والرغبة في القضاء على الخصم. بيد أنه سرعان ما يصل الإنسان إلى حقيقة مفادها أن تلك الكثرة وحب الآخر ماهي إلا خداع من طرف الغير، وحينها يرفع عن عينه هذا الوهم مكتشفا الأنانية السائدة، مما ينتج عنه انتشار العطف والشفقة، وهذا الشعور هو الذي يطغى على الأفراد بعدما كانت الأنانية تفرق بينهم، ولعل عقيدة الزهد عند الهنود أكبر دليل على ذلك،” إن عقيدة الزهد تمحي الإرادة، باعتبارها أساس الشرور، وفيها الخلاص الكامل من إرادة الحياة، وذلك في حالة (النرفانا) أي محو الفردية تماما في حالة من الوحدة الكاملة مع الوجود في مجموعه.”[55]
إذن فالعطف والشفقة والأخلاق هم الأساس الذي سيخلص الكائن البشري من تلك الإرادة العمياء التي تسكنه محاولا بذلك ضبطها، إذ “أن الفضيلة تقوم على توافق النفس مع ذاتها خلال الحياة في مجملها.”[56] إذن فغاية الأخلاق عند شوبنهاور كسائر الفلسفات الأخرى تجعل الواقع معقولا، وهي التي تحافظ على الفرد وتصونه من أنانية الآخرين، وإن كانت أخلاقا مبتدعة فهي الكفيلة بإعطاء وهم الحب للغير.
فانطلاقا من تأسيس أخلاق العبيد والشفقة نقضي نهائيا عن إرادة الحياة باعتبارها إرادة جوهرية ونواة تسكن الإنسان وتحركه، ومن هنا نعثر عن التلمذة الفلسفية التي تلقاها نيتشه صاحب المطرقة على يد شوبنهاور، فقط استبدل إرادة الحياة ووضع مكانها إرادة القوة، فإذا كانت إرادة شوبنهاور إرادة لا شعورية تصنع الكائن وتوجهه، فإن الإرادة النتشوية إرادة واعية تصلنا إلى الإنسان المتفوق[57] القادر على تكسير القيم والتقاليد التي يتشبعها الإنسان من الدين والثقافة منذ نعومة أظافره، فنيتشه إعتبر نفسه بحق خليفة شوبنهاور، فأخلاق شوبنهاور الشرقية في نكران الذات تلوح بعيدة عن التناغم مع ميتافيزيقاه في القدرة الكلية للإرادة، والإرادة عند نيتشه أولية أخلاقية كما لها أولية ميتافيزيقية.
إن كانط لم يجد (الشيء في ذاته) في العقل وبالعقل، ووجده في المقابل في الفعل الأخلاقي الحر، مؤسسا بذلك المبدأ الإرادي في العصر الحديث. إلا أن شوبنهاور فاق كانط وشلنج في إقامة مذهبه في الوجود بأسره على أساس فكرة الإرادة، فاستحق بذلك اسم المؤسس الأول والحقيقي للمذهب الإرادي في العصر الحديث.[58]
خلاصة القول إن الإنسان حسب شوبنهاور وجد في الأخلاق المبتدعة الخلاص الذي ينقذه من الآلام، فعن طريق التأمل والعبقرية تتناسى الإرادة، وتتناسى فرديتها، ففي العبقري يتغلب العقل على الإرادة تغلبا ظاهرا، ولما كانت الإرادة شرا، فمعنى ذلك أن شخصية العبقرية لها طابع أخلاقي، بمعنى أن العبقرية عند شوبنهاور هي القدرة على الرؤية الجمالية أو الميتافيزيقية، التي يستبعد المرء كل اهتماماته ورغباته، ليصبح ذاتا عارفة خالصة، أو رؤية موضوعية للعالم من خلال إدراك المثل، وبهذا يصبح العبقري مرآة واضحة للماهية الباطنة في العالم ألا وهي إرادة الحياة عينها، إذن ما العبقرية والعقل إلا اكتشاف للجوهر أو الشيء في ذاته في أخر المطاف.[59]
خلاصات واستنتاجات:
واضح مما سبق أن طرح شوبنهاور حول مفهوم الإرادة، تنتج عنه العديد من الاستنتاجات المهمة، يمكن أن نذكر منها الآتي:
1- فلسفة شوبنهاور تقوم على الوجدان أو الحدس أو الرؤية، فهي ذات طابع صوفي وجداني، وهي فلسفة قائمة على التجربة، وهذا هو الاتجاه الذي نجده في الفلسفة الحديثة، فالمفكر ليس عقلا صرفا وليس ذهنيا صرفا، وإنما هو كائن حي يجب أن تتحد ملكاته جميعا في إنتاجه.
2- في فلسفة شوبنهاور نعثر على الطابع اللا عقلي، وهذه الجرأة سمحت له أن يكون أول من أدخل فكرة اللامعقول في الفلسفة إذ جعل الإرادة عمياء طائشة، محطما بذلك النزعة العقلية في تفسير تصرفات الإنسان إذ جعل الإرادة هي التي تملي هذه التصرفات لا العقل.
3- وجب ألا نفهم تشاؤم شوبنهاور بالمعنى السطحي، وإنما هو تشاؤم يتعلق بتحقيق الرغبة من عدم تحقيقها، ففي الوقت الذي تحقق فيه الرغبات نحصل على اللذة، وفي الوقت الذي لا تتحق فيه الرغبات نحصل على الآلام، ومنه فشوبنهاور يتحدث عن التشاؤم بمعناها الميتافيزيقي التجريدي، لا بمعناه السطحي المحكوم بالحس المشترك. وفي الأخير أقول: إن الفلسفات التي يُستعصى علينا فهمها ننعتها بالتشاؤمية، لأنه كيف لرجل متشائم يجعل من الإرادة نواة الإنسان؟.
قائمة المصادر و المراجع:
1- رفيق غريزي، شوبنهاور وفلسفة التشاؤم، دار الفرابي، الطبعة الأولى، 2008
2- ول ديورانت، قصة الفلسفة من أفلاطون إلى جون ديوي، ترجمة فتح الله محمد المشعشع، مكتبة المعارف لبنان، الطبعة الأولى، 2004
3- عبدالرحمان بدوي: خلاصة الفكر الأوروبي شوبنهاور، دار القلم لبنان
4- أرتور شوبنهاور: نقد الفلسفة الكانطية، تعريب وتقديم: حميد لشهب، جداول للنشر والترجمة، الطبعة الأولى، 2014
5- سعيد محمد توفيق: ميتافيزيقا الفن عند شوبنهاور، دار التنوير للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، 1983
7- أرتور شوبنهاور، العالم إرادة وتمثلا، ترجمة: سعيد توفيق، المجلس الأعلى للثقافة، الطبعة الأولى، 2006
8- فؤاد زكريا، آفاق الفلسفة، دار التنوير للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، 1988
9- أمل مبروك، الفلسفة الحديثة، التنوير للطباعة والنشر والتوزيع، 2011
10- يوسف كرم، تاريخ الفلسفة الحديثة، كلمات عربية للنشر والترجمة.
11- عادل العوا، العمدة في فلسفة القيم، دار طلاس للدراسات والترجمة والتنشر، الطبعة الأولى، 1986
12- الشيخ كامل محمد محمد عوضة، شوبنهاور بين الفلسفة والأدب، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1993
13- فؤاد كمال، الفرد في فلسفة شوبنهاور، الهيئة المصرية العامة للكتاب،1991
– رفيق غريزي، شوبنهاور وفلسفة التشاؤم، دار الفرابي، الطبعة الأولى2008، ص:15[1]
2- ول ديورانت، قصة الفلسفة من أفلاطون إلى جون ديوي، ترجمة فتح الله محمد المشعشع، مكتبة المعارف لبنان،الطبعة الأولى2004،ص:235
4– الرغبة من حيت هي جوهر الإنسان وماهيته، ومن حيث هي جهد تبدله الطبيعة الإنسانية للإستمرار في الزمان داخل الوجود، “كوناتوس“، “بتصرف”
– عبدالرحمان بدوي: خلاصة الفكر الأوروبي شوبنهاور، دار القلم لبنان، ص:61-62[6]
– أرتور شوبنهاور: نقد الفلسفة الكانطية، تعريب وتقديم: حميد لشهب، جداول للنشر والترجمة، الطبعة الأولى 2014، ص: 47[7]
– يقول شوبنهاور في هذا الصدد، ” لم يذهب كانط في تفكيره إلى مداه الأقصى وما قمت به هو فقط إتمام هذا الفكر”، المصدر نفسه، ص:44 [8]
– سعيد محمد توفيق: ميتافيزيقا الفن عند شوبنهاور، دار التنوير للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 1983، ص:33[9]
– أرتور شوبنهاور، العالم إرادة وتمثلا، ترجمة: سعيد توفيق، المجلس الأعلى للثقافة، الطبعة الأولى 2006 ، ص:195[11]
– أرتور شوبنهاور، العالم إرادة وتمثلا، المصدر نفسه، ص:55-57 [12]
9- مبدأ العلة الكافية: أشهر نسق في فلسفة لابنتز، وضعه هذا الأخير كمبدأ أساسي للمعرفة والوجود، ومعناه: أنه لا تكون هناك واقعة حقيقية أو صادقة، ما لم تكن هناك علة كافية لأن تكون هكذا لا شيء أخر.
– سعيد محمد توفيق: ميتافيزيقا الفن عند شوبنهاور، ص:49[15]
– عبدالرحمان بدوي: خلاصة الفكر الأوروبي شوبنهاور، المرجع نفسه، ص: 77-78[16]
– فؤاد زكريا، آفاق الفلسفة، دار التنوير للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 1988، ص:202 [18]
– أمل مبروك، الفلسفة الحديثة، دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع، 2011، ص:275[19]
– وفيق غريزي، شوبنهاور وفلسفة التشاؤم، الطبعة الأولى2008، ص:69[20]
– عبدالرحمان بدوي: خلاصة الفكر الأوروبي شوبنهاور، ص:189[21]
17– يقول شوبنهاور في كتابه “العالم كإرادة وتمثلا”، ص: (194)” فكل فعل من أفعال إرادتنا يعد أيضا في نفس الوقت وحتما حركة من حركات جسمه”
– أرتور شوبنهاور، العالم كإرادة وتمثلا، المصدر نفسه، ص:194 [23]
– عادل العوا، العمدة في فلسفة القيم، دار طلاس للدراسات والترجمة والتنشر، الطبعة الأولى 1986، ص:119[24]
– عبدالرحمان بدوي: خلاصة الفكر الأوروبي شوبنهاور، المرجع نفسه، ص:106[25]
– يوسف كرم، تاريخ الفلسفة الحديثة، كلمات عربية للنشر والترجمة، ص:303[26]
– المقصود بالعقل الأول، عقل الحيوان، والعقل الثاني عقل الإنسان، فهذا الأخير يخدم الإرادة بطريقة أكثر إحكاما من الأول.[27]
– أمل مبروك، الفلسفة الحديثة، المرجع السابق، ص:275[28]
– أرتور شوبنهاور، العالم كإرادة وتمثلا، المصدر نفسه، ص:121-122 [29]
– أرتور شوبنهاور، العالم كإرادة وتمثلا، المصدر نفسه، ص: 52-33 [30]
– ول ديورنت، قصة الفلسفة من أفلاطون إلى جون ديوي، ترجمة فتح الله محمد المشعشع، مكتبة المعارف، الطبعة الأولى، ص: 245[31]
– أرتور شوبنهاور، العالم كإرادة وتمثلا، المصدر نفسه، ص:261[32]
– الشيخ كامل محمد محمد عوضة، شوبنهاور بين الفلسفة والأدب، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1993، ص:78-79[33]
– أمل مبروك، الفلسفة الحديثة، المرجع السابق، ص:275-276[34]
– عادل العوا، العمدة في فلسفة القيم، المرجع نفسه، ص:600-601 [35]
– التعبير عن فحوى الإرادة عند شوبنهاور، “مع التصرف“[36]
– أرتور شوبنهاور، العالم كإرادة وتمثلا، المصدر نفسه، ص:278-279 [37]
– المصدر نفسه، “مع التصرف”، ص:280[38]
– سعيد محمد توفيق: ميتافيزيقا الفن عند شوبنهاور، المرجع السابق ص:72[39]
– فؤاد كمال، الفرد في فلسفة شوبنهاور، الهيئة المصرية العامة للكتاب،1991، ص:22[40]
– أمل مبروك، الفلسفة الحديثة، المرجع السابق، ص: 177-178 [41]
– شوبنهاور وفلسفة التشاؤم، المرجع السابق،124-125 [42]
38- إرادة التناسل هي الأخرى غير خاضعة لقبضة العقل لأنها مجرد تجلي تابع للإرادة الأصل، “إرادة الحياة”، المرجع نفسه، مع التصرف ص:125
– ول ديورنت، قصة الفلسفة من أفلاطون إلى جون ديوي، المرجع السابق، ص: 248[44]
– أرتور شوبنهاور، العالم كإرادة وتمثلا، المصدر نفسه، ص: 189 [45]
– يوسف كرم، تاريخ الفلسفة الحديثة، المرجع نفسه، ص:304[46]
– سعيد محمد توفيق: ميتافيزيقا الفن عند شوبنهاور، ص:59 [47]
– عبدالرحمان بدوي: خلاصة الفكر الأوروبي شوبنهاور، المرجع نفسه، ص:249 [50]
– عادل العوا، العمدة في فلسفة القيم، المرجع نفسه، ص:121 [51]
– هذا القول ضمن أحد الشذرات التي يعبر فيها “هيراقليطس” عن مبدأ الكون.[52]
– البينذاتية: مفهوم مركزي في فلسفة “إدموند هوسرل” ومعنها إزالة الجدار الذي يفصل بين الأنا ووالغير.[53]
– الغيرية: مصطلح نحثه الفيلسوف الوضعاني “أوكست كونت”.[54]
– فؤاد زكريا، آفاق الفلسفة، ص:200-201 [55]
– أرتور شوبنهاور، العالم كإرادة وتمثلا، المصدر السابق، ص:180 [56]
– الإنسان المتفوق: هو السوبرمان بلغة نيتشه و يمثل الرمز الحقيقي لإرادة القوة والمثل الأعلى للأخلاق.[57]
– عبدالرحمان بدوي: خلاصة الفكر الأوروبي شوبنهاور، المرجع نفسه، ص:208 [58]