
الحاج عبد الملك كريم أمر الله (حمكا) أديبا
د.رجا فبريان/جامعة رياو الإسلامية،إندونيسيا
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 49 الصفحة 151.
Abstract :
This research aims at introducing the famous Malay Indonesian writer (Hamka) to the world, highlighting his personality, his contribution, his interest in Islamic Malay literature, and his communication and impact on Arab and Islamic literature. Hamka’s fame is not limited to Indonesia, but to all parts of the Malay world. He is a well known religious scholar and was the head of the Council of Ulama of Indonesia. He is a remarkable writer and novelist whose style is outstanding. His style has earned a reputation among writers in Indonesia and in the Malay archipelago in general. It was many studies written about Hamka in Indonesian or Malay, and rarely found the studies in Arabic, although it is very important to identify this unique personality to the Arabs and speakers in Arabic, this research is doing this task complementing the above, asking the Almighty to benefit everyone. The researcher used the descriptive method to collect and analyze the data. The results of the research show that Hamka has significant contributions to the Islamic Malay literature. He was one of the most prominent figures of Islamic writers who work in literature to spread Islam and its teachings.
Keywords: Hamka, personality, literature
ملخص :
يهدف هذا البحث إلى تعريف بالعالم الأديب الملايوي الإندونيسي المشهور (حمكا) وإبراز شخصيته ومساهمته ومدى اهتمامه بالأدب الملايوي الإسلامي، والتعريف باتصاله وتأثره بالأدب العربي الإسلامي. إن شهرة حمكا لم تقتصر على صعيد إندونيسيا فقط بل في كل أقطار العالم الملايوي. فهو عالم ديني معروف وكان رئيسا لمجلس العلماء بإندونيسيا. وهو أديب وروائي بارع له أسلوبه المتميز، ولقد احتل بأسلوبه هذا مكانة مرموقة بين الأدباء في إندونيسيا خاصة وفي أرخبيل الملايو عامة. ولقد كتبت الكتابات الكثيرة عن حمكا بالإندونيسية أو الملايوية، وقلما نجد الكتابات عنه بالعربية رغم أنها مهمة جدا لتعريف هذه الشخصية الفريدة إلى العرب والناطقين بالعربية، فيقوم هذا البحث بهذه المهمة مكملا لما سبق، سائلا المولى الكريم أن يستفيد منه الجميع. واستخدم الباحث المنهج الوصفي لجمع البيانات وتحليله، وبتين من نتائج البحث أن حمكا له مساهمات كبيرة في الأدب الملايوي الإسلامي، وكان من أعلام الأدباء الإسلامين الذين يشتغلون الأدب لنشر الإسلام وتعاليمه، وكان له الاتصال والتأثر القوي بالأدب العربي وثقافاته.
الكلمات المفتاحية: حمكا، شخصية، الأدب.
المبحث الأول: تعريف بشخصية حمكا
- اسمه ومولده ونسبه وأسرته
هو عبد المالك بن عبد الكريم بن محمد أمر الله المعروف بحمكا. فكلمة حمكا اختصار من اسمه الكامل وهو باللاتينية هكذا: ((HAMKA، (H) مأخوذة من الحاج، و((A مأخوذة من عبد، و((M مأخوذة من كلمة الملك، و(K) مأخوذة من الكريم، و((A مأخوذة من أمر الله.
ولد عشية يوم الأحد 16 فبرايير 1908 م الموافق 13 محرم 1326 ه في قرية سوعي باتنج ((Sungai Batang بلدة ماننجو (Maninjau) سومطرى الغربية إندونيسا.([1])
والده الحاج عبد الكريم من العلماء العاملين المصلحين المشهورين، وهو ابن محمد أمر الله شيخ من شيوخ الطريقة النقشبندية. تعلم عبد الكريم في مكة على يد الشيخ أحمد خطيب السومطري الذي كان إماما ومعلما في المسجد الحرام. رجع إلى بلده سنة 1906 م وحمل فكرة تجديد الإسلام وبدأ ينشرها في بلدته، فحارب البدع والخرفات المنتشرة في تلك الآونة وأعلن اعتراضه على بعض أعمال المتصوفة، منها الرابطة وهي إحضار الأستاذ في الذاكرة عند الشروع في السلوك، وأبدى آراءه المخالفة في المسائل الدينية الأخرى. وفي سنة 1918 م أقام معهدا إسلاميا، سماه: “سومطرة طوالب” ((Sumatra Tawalib([2])، فجاء إليه الطلاب الكثيرون من شتى بقاع البلاد ليتتلمذوا على يديه، وكان من ضمن طلاب المعهد ابنه: عبد الملك حمكا. وفي سنة 1941 م قامت حكومة الاحتلال الهولندية بنفيه إلى سوكابومي بسبب فتواه التي حسبتها الحكومة مخلّة بالاستقرار وسلامة العامة. ثم توفي في 21 يونيو 1945 م قبل شهرين من استقلال إندونيسيا.([3])
والدته سيتي صافية ((Siti Safiyah بنت غيلنجنج ((Gelanggang الملقب بباغندو نان باتواه (Bagindo Nan Batuah)، ([4]) قبل الزواج بها، كان أبوه قد تزوج بأختها الشقيقة، إلا أنها توفيت في مكة وأنجب منها ولدا واحدا.([5])
وكان جده غيلنجنج معلّم الرقص، والغناء، والدفاع عن النفس. ولقد سمع منه حمكا الطفل كثيرا من الأشعار والقصص والحكم ذات المعاني العميقة والدروس المفيدة،([6]) فحفظ منها ما يثري أفكاره وروافده الثقافية ويبني ذوقه الأدبي. وكان جده يقص له قصصا قبل نومه حتى إذا استغرق في النوم امتلأ ذهنه بألوان الخيال وعاش في جو من الشخصيات الخيالية الموجودة في القصة.([7])
وكان أخواله شخصيات ذات شأن وتأثير في المجتمع،([8]) مجتمع مينانكابو الذي تسود فيه رئاسة الأخوال ودورهم في تنظيم شؤون الأسرة وأخذ قراراتها.
وكان جدّ أمه أنكو داتوك راجو إنده نن توو (Engku Datuk Rajo Endah Nan Tuo) حاكما لقبيلة تنجونج (tanjung) ، وكان ملقبا لقبا موروثا بداتوك إندومو (Datuk Indomo) الذي يعني محامي العادات، وهو اللقب الذي سيرثه منه حمكا فيما بعد.
مما ذكر، تبين لنا أن ثمة عددا من العوامل الوراثية قد لعبت دورها في تشكيل شخصية حمكا وهي النسيج المتميز في الجمع بين العلم والأدب الموروث من أسرتي الأبوين، وكان لذلك أثر في تشكيل شخصيته حتى أصبح فيما بعد عالما بارزا وأديبا شهيرا في نفس الوقت.
وفي الخامس من أبريل سنة 1929 م بعد رجوعه من الحج، زوجه أبوه بسيتي رحم وكان عمره 21 سنة وهي 15 سنة. أنجب منها عشرة أولاد. وفي سنة 1972 م توفيت هذه الزوجة فأحزنه ذلك حزنا شديدا. لقد كانت زوجة وفية وصالحة، ورافقته في كل الأحوال: فرحها وحزنها، واقفة صابرة مؤنسة له، فما تزوج بعدها إلا بعد سنة ونصف من وفاتها، وتزوج بامرأة طيبة تدعى الحاجة سيتي خديجة. فعاش معها هي وأولاده إلى أن وافته المنية الساعة 10.41 صبيحة يوم الجمعة الرابع والعشرين من يوليو سنة 1981 م الموافق 22 رمضان 1401 ه في مستشفى برتامينا بجاكرتا.
- صفاته
كان حمكا رجلا مخلصا، طيب القلب، بسيطا في الحياة، رحيما بالناس يفرح بفرحهم ويحزن بحزنهم ويبكي لبكائهم، لطيفا في المعاملة، قادرا على إنشاء العلاقات مع كل الطبقات، مصاحبا وناصحا للشباب، حريصا على المصلحة، محبا للقراءة، شغوفا بطلب العلم، رحّالا، صريحا عما تختلج به نفسه وينبض به قلبه، صادقا في قوله، شجاعا في قول الحق لا يخاف فيه لومة لائم. إنه رجل ظريف، حادّ الذهن، سريع البديهة، راوية، قوي الحافظة، واسع الدراية بالتاريخ، وملم بأشتات العلوم والمعرفة، مُكْثِر في الكتابة خاصة في الأدب والتاريخ والفلسفة.
جاذبيته في الكلام مثل جاذبيته في الكتابة. فهو خطيب فصيح اللسان تام البيان، وهو كذلك كاتب موهوب مؤثّر في القلوب. وكان من أهل القرآن حيث كان يختمه خمس مرات في رمضان وثلاث مرات في غيره. قالت بنته عزيزة: “كان أبي إذا دخل عليه رمضان قرأ القرآن حتى يختمه خمس مرات، وأما في غير رمضان فيختمه ثلاث مرات في كل شهر”.([9])
وكان يجيد الدفاع عن النفس، وقد تتلمذ في سنه المبكر على كبار خبرائه متنقلا من قرية إلى قرية إلى جانب تعلمه الأساسي للعلوم الدينية.
وكان عفوًّا واسع الصدر يعفو عمن ظلمه ويسامح من جرّح قلبه. فلقد أدخله إلى السجن الرئيس الأول لإندونيسيا بتهمة كاذبة وأدلة مصطنعة، فذاق مرارة السجن قرابة سنتين اثنتين بريئا طاهرا. فلما توفي سوكرنو وطلب منه أن يصلي عليه إماما بوصية قالها سوكرنو قبل موته: “إذا وافتني المنية يوما فاطلبوا من الشيخ حمكا أن يؤم الصلاة عليّ”، فاستجاب للطلب كأنه لم يحدث بينه وسوكرنو شيء.([10])
إن حمكا –كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم- مكرم للأيتام ومحب ومؤنس لهم تبناهم وضمّهم إلى بيته. وقد اعتنى بهم أحسن العناية كما اعتنى بأولاده العشرة. وتبنى الآخرين الكثيرين، ولقد سمّى حمكا كل واحد منهم “الابن الواحد عشر” دلالة على أنه ابن غير العشرة الذين أنجبتهم زوجته الطيبة سيتي رحم.([11])
- مسيرته العلمية
لم يتلق حمكا التعليم النظامي إلا في الصفين الأوليين من المدرسة الابتدائية فقط. وفي العاشرة من عمره، أسس أبوه معهدا سماه “سومطرة طوالب” فأصبح تلميذا من تلامذته. تعلم فيه العلوم الدينية واللغة العربية، ومع ذلك لم يكمل دراسته فيه على حسب صفوفه السبعة، لقد درس فيه إلى الصف السادس فقط ثم أرسله أبوه إلى الشيخ إبرهيم موسى العالم المشهور في فرابيك (Parabek)، ([12]) إحدى المناطق في سومطرة الغربية فتعلم على يده عدة شهور.
إن المراحل الدراسية التي يمر بها الإنسان ليست مقياسا قاطعا أو عاملا واحدا في أن يكون المرء ناجحا في حياته العلمية، ودليل ذلك هذا النموذج الذي نراه في شخصية حمكا. بعلومه وثقافته الغزيرة وخبراته الكثيرة، وتبوئه مكانة مرموقة عند الأكاديميين. لقد طلب منه التدريس في عدة جامعات داخل الدولة وخارجها وتولّى مناصب شتى في الحكومة والجمعيات.
- ألقابه
- لقب بأديب الدموع لميله إلى الحزن وتناوله حياة البؤساء والأشقياء في مؤلفاته الأدبية.
- تقديرا لوفرة علومه وشخصيته الكبيرة لقّب “بتوانكو شيخ” ((Tuanku Syekh الذي يعني حضرة الشيخ.
- في مجتمع عادات ميننج كابو لقّب بداتوك إندومو ((Datuk Indomo الذي يعني محامي العادات.
- تقديرا لجهوده الكبيرة ومساهمته البالغة منحته الحكومة الإندونيسية لقب “فعيران ويروغونو” (Pangeran Wiroguno).
- منحته جامعة الأزهر الشريف بجمهورية مصر العربية الدكتوراه الفخرية سنة 1959م.
- منحته جامعة موستوفو ((Muestopo لقب البرفسور سنة 1960م.
- منحته الجامعة الوطنية الماليزية ((UKM الدكتوراه الفخرية سنة 1974م.
- منحته الحكومة الإندونيسية لقب “البطل الوطني” ((Pahlawan Nasional، وقام بتقديمه الرئيس الإندونيسي الحالي سوسيلو بنبانج يودهويونو (Susilo Bambang Yudhoyono) إلى ورثة حمكا (ابنه عفيف حمكا) في المناسبة الخاصة المنعقدة في القصر الدولي بجاكرتا في الثامن من نوفمبير 2011 م.
المبحث الثاني: العوامل المؤثرة في تشكيل شخصية حمكا
حمكا شخصية فريدة متعددة المواهب. فهو من أشهر علماء إندونيسيا، وقد عين أول رئيس لمجلس علماء إندونيسيا سنة 1977 م. وهو أديب روائي ذو قلم مبدع وإنشاء إندونيسي رصين، وهو داعية شجاع وفيلسوف ثاقب الفكر وبعيد النظر. فالعوامل التي شكلت شخصيته كثيرة، بيْد أنني سأتناول أهمها -من وِجْهة نظري- في هذا المبحث وهي:
- طفولته
لم يذق حمكا في طفولته حلاوة السعادة والاهتمام الكافي من قِبل أبويه. طُلِب من أبيه الذهاب إلى مدينة فادنج ((Padang ليساعد صاحبه الحاج عبد الله صاحب مجلة المنير وليكون معلما هناك، فلم ير الأب بدًّا من أن يترك حمكا الطفل عند جدته وجدّه في القرية وذهب هو وزوجته إلى فادنخ. وكان عمر حمكا حينئذ أربع سنوات. لقد أحبه الجدّ والجدة حبا جما فأشبعا حاجاته ووفيا رغباته وقدما اهتمامهما البالغ في شؤون الحفيد المحبوب.([13])
استمر ألم الفراق بينه وبين أبويه قرابة سنتين اثنتين، ثم رجع الأبوان إلى القرية ولقد مال حبه إلى الجدتين أكثر من حبه لهما.([14])
أبوه عالم معروف لكنه لم يستطع أن يخلّص نفسه من هيمنة العادات والتقاليد. التعدد، والنكاح والطلاق والعادات، مجد وفخر كان لابد أن يتمسك بهما كبار الشخصيات، في العادات كانت أم في الدين. وهكذا كان لأبيه ثلاث زوجات.([15])
الزواج في مجتمع العادات الميننج كبوي، ليس مجرد العلاقات بين الزوجين، وإنما هو العلاقات بين القبيلتين المختلفتين. حبك لزوجتك وحده لا يكفي في بناء الأسرة، فالأهم من ذلك هو هل أقرباؤك في القبيلة وإخوتك وأخواتك وحكام قبيلتك وأخوالك يحبون زوجتك؟ فحبهم لها عنصر فاصل وحدّ قاطع في بقاء الأسرة أو فسخها.([16])
في هذا الجو الأسري التعددي عاش حمكا وإخوته، نال ما نال وذاق ما ذاق إلى أن جاء ذلك اليوم المحزن الذي فرضت القبيلة على أبيه طلاق أمه بسبب من أسباب العادات. قال له أبوه يومذاك: “تعال يا ابني مالك! لو طلقت أمك فإلى منْ تذهب؟ من الذي تحب أن تكون معه؟” فما كان له من جواب إلا البكاء والدموع تنحدر من خدّيه انحدارا ولم ينطق ولو حرفا واحدا. إلى أين يذهب؟ كيف يعيش مع الأب من دون الأم أو مع الأم من دون الأب؟ تساقطت طموحاته تساقط أوراق الأشجار الجافة وفترت رغبته في الدراسة وضعف همّه في التعلّم.([17]) يا له من ولد مسكين شاهد هذا الفراق وذاق مرارة الحياة وهو طفل في الثانية عشرة من عمره. ذهب إلى بيت أبيه فلم يجد إلا بغضا وكراهية من زوجات أبيه وأسرته. وذهب إلى أمه فلم تهنأ نفسه لأن أمه بعد أن بانت عن أبيه قد تزوجت برجل آخر.
كان لأبيه من الأم المطلّقة ثلاثة أولاد وبنت واحدة. سكن هو وأخوه في بيت أبيه ببادانج بانتجانج ((Padang Panjang وسكنت أخته وأخوه الآخر في بيت أمه. ولكن منذ تلك الحادثة المؤلمة لم يعد له صلة وثيقة بأبيه، صار وحيدا لا يجد ظليلا يظلّله ولا ركنا يستند إليه، انقطع أمله من الدنيا، فلا يكون في البيت إلا في أوقات الغداء، يغدو صباحا، وإذا أمسى تأكّد من عدم وجود أبيه في البيت فرجع وبات فيه. وكان إذا اشتاق إلى أمه ذهب إليها ماشيا على الأقدام متحملا وعثاء الطريق من حرارة الشمس وبرودة المطر.([18])
لقد ظهر أثر طفولته المحزنة في كتاباته خاصة كتاباته الأدبية وهو ميله إلى الحزن واهتمامه بالبائسين المنكوبين والمساكين اليائسين واعتراضه على العادات السيئة في المجتمع ودعوته إلى الإصلاح وتغيير الوضع السيئ الفاسد.
- تربيته
قلت من قبلُ إن حمكا طفلا كان في كفالة جديه وفي كنفهما. ولقد كان للجدّين هذين فضل كبير في حياته الشخصية؛ لأنهما كانا يربّيانه ويكفلانه ساعة لم يقدر أبوه وأمه أن يمنحاه حبا وحنانا يستحقه الولد الصغير مثله. وكان لجده خاصة دور مهم وأثر قوي في نموه الفكري الأدبي الوجداني، لأنه كان بالنسبة له منجم الأدب ومصدر الفن في بواكير حياته الصغيرة هذه، حيث تداعت وتزاحمت على مسامعه قصص وحكايات وأشعار جميلة ما جعلت عقله يتفتح وخياله يجتاز حدود بيئته وقريته الضيقة فينظر بعيدا إلى ألوان الحياة المتنوعة.
وكانت سنة ميلاده هي بداية السنوات التي نهضت فيها حركة التجديد التي رأسها أبوه الحاج عبد المالك أو المعروف بحاجي رسول. فشاهد المناظرات والخلافات حول المسائل الدينية بين أنصار حركة التجديد وأنصار الفهم القديم.([19])
كان أبوه يتمنى كثيرا أن يكون عالما مثله، فعندما أسس معهد سومطرة طوالب، لم يشأ الأب في مواصل دراسة ابنه الاعدادية، فأدخله في المعهد الذي أسسه وقام بتعليمه فيه بنفسه. يتعلّم الطلاب في هذا المعهد النحو والصرف والبلاغة والفقه وغيرها من العلوم مقسمين حسب الدرجات والفصول، وكان لابد للطلاب أن يحفظوا متون الكتب. وكان أصغر الطلاب عمرا حيث كان عمره حينئذ عشر سنوات، وأما زملاؤه فمنهم من هو في سن العشرين وما فوق. والجدير بالذكر هنا أن الكتب المقررة في هذا المعهد كلها بالعربية الخالصة وليس لها شكل ولا ضبط؛ فواجه الصعوبات في استيعاب المعلومات ولقي تعقيدات في فهم القواعد العربية المتشعبة. ولم يكن الأمر كذلك بالنسبة لزملائه الكبار الذين كانوا مدركين ومستوعبين لها تمام الاستيعاب إذ مروا بها في الكتاتيب قبل ذلك. لقد وصف لنا حمكا حاله آنذاك بقوله: “أُجبِر طفل صغير على أن يتلقى دروس الجامعة بغية أن يكون عالما بارزا في المستقبل”([20]) ولكن هذه الدروس الكثيرة لم تعجبه إلا درسا واحدا وهو العروض، فكان يحب الشعر ويستطيع أن يحفظه بسرعة.
والشيء الآخر الذي يحبه هو المكتبة؛ كان لأستاذه زين الدين لبي مكتبة تفتح للقراء وتضم المؤلفات الأدبية من منشورات بالي فستاكا،([21]) جراف دي منتي كريستو (Graaf De Monte Cristo)، جريدة بنتانج هنديا ((Bintang Hindia وغيرها. فزارها كل مساء ليستأجر كتابا من كتبها، وكان الإيجار في ذلك الزمان يعد غاليا بحيث يؤجَّر كل كتاب بخمسة سنتينات ولمدة يومين فقط. فبدأ يقتصد في شراء حاجاته وقام بادّخار بعض النقود ليدفع به قيمة الإيجار. وبجانب آخر، كان يمرّ كثيرا أمام مطبعة باديز ((Badezst ليطلع على أعمال عمالها، ثم عرض عليهم المساعدة فوافقوا فأخذ يعينهم في شراء القهوة وتلفيف الأوراق ولصقها، وما زال على ذلك حتى طلب من صاحب المطبعة أن يأذن له بالاطلاع على بعض الكتب وقراءتها، فوافقه على ذلك لما رأى من حسن خدمته ومساعدته للمطبعة وعمّالها؛ فتعرف من خلالها بالكتب الكثيرة، والعجب أنه أتمّ كل يوم كتابا واحدا. وهكذا ترّدد إليها يوميا من دون علم أبيه، إلى أن أدركه أبوه يوما وهو يقرأ في رواية فقال له: “ماذا ستصبح غدا، عالما أو روائيا؟”. فوضع الكتاب حتى إذا غاب أبوه عن عينيه أخذ يقرؤها ثانية. ([22])
وكان متشوقا لسماع خطب العادات؛ فقد ذهب إلى أماكن تقام فيها مراسم العادات، بل ولم يكتف بهذا، فقد تتلمذ على أيدى أساتذة في العادات مثل داتوك سري بنداهرو (Datuk Seri Bandaharo)، و داتوك راجو إنده ((Datuk Rajo Endah Tuo.([23])
وفي سنة 1924 م، ذهب إلى جاوا وكان عمره حينئذ 16 سنة. تعرف هناك برواد الحركة الإسلامية المعاصرة وهم: إتش. أو. إس. تجكرو أمينوتو ((H.O.S Tjokroaminoto رئيس عام حزب شَرِكَتْ إسلام، وكي باغوس هادي كوسومو (Kibagus Hadikusumo)، وأر. إم. سويريو فرانوتو (R.M. Soerjopranoto)، والحاج فخر الدين ((Haji Fakhruddin، ومنهم تعلّم السياسة الإسلامية. وكانوا يعقدون الدوريات عن الحركة في مبنى عبدي درمو فاكوالم بيوغياكرتا.
وبعد أن قضى فترة في يوغياكرتا، ذهب إلى فكالوعان جاوا الشرقية ليلتقي مع أستاذه وزوج أخته أ. أر. ٍسوتان منصور ((A. R. Sutan mansur الذي كان رئيسا للجمعية المحمدية([24]) فرع فكالوعان. بقي هناك ستة أشهر يصاحب أستاذه لينال منه حظه من التربية والعلوم، وفعلا لقد أحسن الأستاذ إليه تربية وتعليما. ثم عاد إلى فادنج فانجنج سنة 1925 م واشترك في تأسيس تبليغ المحمدية في بيت أبيه بغاتاعن فادنج فانجنج.([25])
وفي سنة 1927 م، سافر إلى مكة وكان عمره 19 سنة. مكث هناك ستة أشهر وشغل أوقاته بطلب العلم والعمل إلى أن رجع إلى البلد.([26])
- رحلاته وأسفاره
من العوامل المؤثرة في تكوين شخصية حمكا الفريدة هي رحلاته وأسفاره. في سنة 1920م ذهب مع أبيه إلى أتشيه ((Aceh وتجولا في مناطقها الأخرى. في سنة 1924 م، سافر إلى جاوا وتعرف على كبار الشخصيات في ميدان الحركة الإسلامية. وفي سنة 1927 م سافر إلى مكة فكانت رحلة روحانية وعلمية في نفس الوقت. وفي سنة 1931م سافر إلى مكسر ((Makassar([27]) داعيا للجمعية المحمدية، فتعرف على العادات والتقاليد وثقافة الناس في تلك المنطقة. وغير تلك الرحلات فقد ذهب إلى معظم ولايات إندونيسيا، وامتدت جولته إلى الدول المجاورة من الأراض الملايوية.([28]) بل اجتاز حمكا لعالم الملايوي إلى عوالم أخرى من الدول المختلفة في سفره الرسمي وغير الرسمي، فقد زار معظم المدن الأوربية، ومعظم الدول العربية. كما زار الدول الآسيوية الأخرى ومدن دولة اليابان وزار الولايات المتحدة، وكتب عن بعض رحلاته في كتب مثل على ضفة دجلة (Di Tepi Sungai Dajlah) والتجول في وادي النيل ((Mengembara di Lembah Nil والتشمس في الأرض المقدسة (Mandi Cahaya di Tanah Suci) وأربعة أشهر في أمريكا ((Empat Bulan Di Amerika. ويمكن ذكر بعض رحلاته وأسفاره هنا على مدار السنوات المتتابعة كما يلي:
- 1950م زار بعض الدول العربية مثل المملكة العربية السعودية ومصر وسورية والعراق والتقى بكتّاب وعلماء تلك الدول.
- 1952 م زار الولايات المتحدة تلبية لدعوة من وزارة الخارجية وتجول في ولاياتها وبقي هناك أربعة أشهر وكتب عن زيارته لأمريكا بعنوان: أربعة أشهر في أمريكا (Empat Bulan Di Amerika) .
- 1953-1954 م سافر إلى دولة موانجتي ( (Muangthaiعضوا في بعثة ثقافية من قِبل حكومة إندونيسيا.
- 1954 م ذهب إلى بورما وكيلا من وزارة الشؤون الدينية لحكومة إندونيسيا في مناسبة ذكرى 2000 سنة من وفاة بوذا غوتما (.(Budha Gautama
- 1958 م سافر إلى لاهور لحضور المؤتمر الإسلامي، ومن هناك ذهب إلى مكة معتمرا ثم ذهب إلى القاهرة لقبول منحة الدكتوراه الفخرية من جامعة الأزهر الشريف بالقاهرة.
- 1967 م استضافته حكومة ماليزيا بناء على دعوة من رئيس الوزراء تنكو عبد الرحمن (.(Tengku Abdurrahman
- 1968 م سافر إلى الرباط عضوا في بعثة إندونيسية في المؤتمر العالمي للدول الإسلامية.
- 1968 م ذهب إلى الجزائر لحضور مناسبة ذكرى مسجد النبة، ثم زار إسبانيا وروما وتركيا ولندن والمملكة العربية السعودية والهند وتايلاند.
- 1971 م ذهب إلى الجزائر لحضور المؤتمر الإسلامي وقدم ورقته عن الجمعية المحمدية في إندونيسيا.
- 1975م سافر إلى مكة المكرمة لحضور مؤتمر المساجد رئيسا للبعثة الإندونيسية.
- 1976 م سافر إلى كوتجنج ((Kucing عاصمة سراوك بماليزيا الشرقية لحضور المؤتمر الإسلامي.
- 1976 م سافر إلى كوالا لمبور لحضور مؤتمر الألفي سنة بماليزيا الذي نظمته مؤسسة سبّه.
- 1976 م ذهب إلى الجامعة الدولية بكوالا لمبور لحضور المؤتمر الإسلامي والثقافة الماليزية وقدم ورقته بعنوان: “الوكيل المسلم في الأدب الملايوي”.
- 1977 م حضر المجلس الذي أعلن فيه حاكم سراوك الماليزية الشرقية إسلامه.
- 1977 م سافر إلى لاهور باكستان لحضور مناسبة ذكرى 100 سنة على وفاة محمد إقبال.
- 1977 م ذهب إلى القاهرة رئيسا للبعثة الإندونيسية لحضور مؤتمر علماء (مجمع البحوث الإسلامية).
لقد تكلم حمكا في كتابه “ذكريات الحياة (Kenang-kenangan Hidup) عن فوائد السفر (رحلاته) التي أجملها في النقاط التالية:
- التعرف على العادات والتقاليد والعرف والميل والرغبات والأشياء المحذورة عند القبائل المختلفة.
- النظر إلى جمال أرض الوطن الحبيب الذي يبعث الإلهام ويحرك الوجدان.
- إن السفر يثري اللغة ويزيد الثقافات.
- من خلال الرحلات والأسفار نستطيع أن نراعي شعور الناس في كتاباتنا، كل بحسب شعبها وقبيلتها. قد تكون الكلمة متعارفة ومقبولة لدى قوم، وتكون عيبا لدى قوم آخر.
- أصبحت مدارك فهمه أوسع، ووجهة نظره عن العادات، وبناء الثقافة الإندونيسية الجديدة، وضيق فهم مجتمعه الذي يغيظه، كل ذلك صبّه في كتاباته مثل غرق السفينة ((Tenggelamnya Kapal Van Der Wicjk، وتحت أستار الكعبة (Di Bawah Lindungan Ka’bah)، والهجرة إلى ديلي ((Merantau ke Deli، وعادات منانج كابو تواجه الثورة (Adat minangkabau Menghadapi Revolusi).([29])
- قراءاته
إنه لا يمكن الفصل بين حمكا والقراءة. لقد أحب القراءة منذ صغره، فكان يقرأ كل ما يقع تحت يده من كتب، خاصة كتب الآداب والتاريخ. لقد قرأ ما شاء من المنثور المينانكابوي والملايوي، وحفظ مئات من المنظوم الأدبي، وكان أحب أدباء مينانكابو عنده أديبان مشهوران هما: باغندو مالن ((Bagindo Malin الذي كتب مالم دمان (Malim Demam) والحسن والحسين، وداتوك فادوكا عالم ((Datuk Paduka Alam الذي ألف كتابين شهيرين: رنتجك دي لابوه ((Rancak di Labuh وتليفوك لايور دان دندام (Telipuk Layur dan Dendam).([30]) وقرأ مؤلفات عبد القدير منشي وتون سري لاننج وحمزة فنصوري وحكايات أنغون تجك تونغال ((Anggun Cik tunggal وشريف بوستمان وغيرهم من الأدباء الملايويين القدماء. وقرأ كتابات ماره رسلي والحاج أغوس سالم وغيرهم من كتّاب بالي فوستاكا.([31])
باللغة العربية التي أتقنها إتقانا تاما، قرأ كتاب ألف ليلة وليلة والأغاني والعقد الفريد، قرأها حتى ختمها. قال حمكا: “ذات يوم عندما كنت أسكن في ميدان([32]) زارني أبي. اندهش لما رأى من كثرة كتبي. الكتب الأدبية أكثر من كتب الحديث، أما كتب التفاسير فأربعة فقط. ثم قال لي: ” إلى هذه اتّجهتَ يا مالك !”. فأجبت باسما: “كن أنت عالما كبيرا وادعُ لي كي أكون أديبا كبيرا والإسلام في نفسي قائم”.
لقد حضر مؤتمر الجمعية المحمدية المنعقد في جاوا الشرقية، فزار بيت كياي حاجي مس منصور ((Kyai Haji Mas Mansur أحد العلماء الذين يعجب بهم، وسمح له بالدخول إلى مكتبته، فرأى مئات من الكتب العربية في مختلف الميادين. التقى هناك بترجمة الشاهنامة للفردوسي ورباعيات عمر الخيام وأبي نواس وامرؤ القيس وابن زيدون الشاعر الأندلسي.([33])
وأما مدى حبه للكتب فيمكن أن نتصوره من خلال قصته التالية: ذات يوم ذهب إلى مكتبة الكتب. حبس أنفاسه لما رأى من مئات الكتب ومن المؤلفين الكثيرين. ماذا يريد؟ التصوف أو التفسير أو الفلسفة أو الترجمة من الفرنسية أو الإنجليزية؟ التعرف على رشيد رضا أو أمير شكيب أرسلان أو زكي مبارك أو عباس محمود العقاد أو طه حسين أو حسين هيكل أو كرد علي؟ ترجمة تولستوي أو لامارتين أو فيرجي لوتي؟ إلى من يذهب، إلى العلماء أو الأدباء؟ أي تاريخ يريد؟ الطبري أو ابن خلدون أو ابن خلكان أو أبو الفداء؟ في النهاية اشترى خمسين كتابا حسبها من أهم الكتب، بل كانت الكتب التي رآها كلها مهمة عنده. وكان حينئذ يسكن في ماكسّر إحدى المناطق في جزيرة سولاويسي واشترى الكتب من سورابايا بجاوا الشرقية، فأبى إلا أن يأخذ معه هذه الكتب في سفره ليتمكن من قراءتها أثناءه.([34])
وتعرف على الفلاسفة المسلمين أمثال ابن رشد وابن سينا والفاربي والغزالي وابن خلدون، وقرأ عن الأدباء العرب القدماء أمثال امرؤ القيس ولبيد وعنترة في الجاهلية والفرزدق وجرير في العصر الأموي وأبي نواس وأبو العتاهية والأصمعي وابن المعتز في العصر العباسي.([35])
كان يتابع تطور الأدب في مصر دائما؛ فعرف جرجي زيدان الذي أصدر مجلة العلوم والأدب المسماة ب “الهلال”. وعرف الدكتور يعقوب صروف بمجلته “المقتطف” وعرف عباس محمود العقاد ومصطفى صادق الرفاعي والدكتور منصور فهمي والدكتور حسين هيكل والدكتور طه حسين وسلامة موسى و الدكتور زكي مبارك وتوفيق الحكيم وإبرهيم عبد القادر المازني ومحمود تيمور. وعرف الكاتبين اللذين وجّها اهتمامهما إلى الترجمة وهما الدكتور أحمد أمين البرفسور في جامعة فؤاد الأول الذي أنشأ لجنة التأليف والترجمة والنشر والأستاذ أحمد حسن الزيات صاحب مجلة “الرسالة”.
ومن خلال معرفته الجيدة للغة العربية قرأ الكتب المترجمة من تأليف الكتّاب غير العرب أمثال جوتة ((Ghothe وشكسبير ((Shakespeare وجي دو موباسان ((Guy Du Muppassant وبيير لوتي ((Pierre Loti وغيرهم من الكتاب.([36]) وقرأ بول و فرجيني ( (Paul et Virginie لهنري برنردين ((Hendri Bernardin وتحت ظلال الزيزفون ((Seus Les Tilleuls لألفونس كار ( (Alphonse Karr اللذينِ ترجمهما المنفلوطي إلى العربية بعنوان “الفضيلة” و “ماجدولين”. وظهر تأثير المنفلوطي القوي في كتابات حمكا الأدبية.
- مؤثرون في حياة حمكا
تأثر حمكا أولا بأبيه الذي كان عالما ورائدا لحركة التجديد في عصره. لقد ورث منه الاستعداد الشخصي من الذكاء وقوة الذاكرة والشجاعة، وتلقى تعليمه الأساسي القوي في اللغة العربية والعلوم الشرعية على يده، وصاحبه في كثير من أنشطته الدعوية. فقد كتب حمكا سيرة أبيه في كتاب سماه “أبي” (Ayahku).
وتأثر برواد الحركة الإسلامية في إندونيسيا وهم إتش. أو. إس. تجكرو أمينوتو ((H.O.S Tjokroaminoto، وكي باغوس هادي كوسومو (Kibagus Hadikusumo)، وأر. إم. سويريو فرانوتو (R.M. Soerjopranoto)، والحاج فخر الدين ((Haji Fakhruddin. عرف منهم الإسلام كشيء حي يحتاج إلى الكفاح والنضال وأن الإسلام وجهة النظر الديناميكية في حياة المسلم. والحماسة الحركية الإسلامية التي أخذها من هؤلاء الرواد قبست روحها عندما ذهب إلى زوج أخته أ. أر. ٍسوتان منصور ((A. R. Sutan mansur الذي كان رئيسا للجمعية المحمدية في فكالوعان بجاوا الشرقية. فلما رجع إلى قريته، كان قد تكوّنت عنده الأفكار الجديدة، وبيده كتاب “الإسلام والمذهب الاشتراكي” لإتش أو. إس. تجكرو أمينوتو وكتاب “الإسلام والمذهب المادي” للسيد جمال الدين الأفغاني.
وفي كتاباته الأدبية تأثر حمكا بما يلي:
- تأثر بالبيئة
نشأ حمكا في بيئة تعد من أجمل البقاع في جزيرة سومطرة لوجود بحيرة رائعة هادئة بها تسمى بحيرة ماننجو ((Maninjau التي تحيطها جبال شامخة وتلال عالية، يتراءى فيها صفاء القلب وصدق العاطفة وبساطة الحياة. وكان حمكا صغيرا إذا أصابه الحزن والأسى أخذ كرسيا وجلس عليه في صمت ينظر إلى روعة البحيرة ويتأمل مشاهدها الجذابة ومياهها الهادئة ويتمع برؤية الأشجار الكثيفة والسحب البيضاء([37]) . قال حمكا: “لا بد لأبناء ماننجو من توجيه الشكر إلى الله الذي اختار لهم هذه القرية الجميلة التي تمكّنهم من أن يكونوا شعراء وأدباء أجلاء، فمن عاش في الحقول فشعره حول الغراس والحصاد، ومن عاش على السواحل فشعره حول الأمواج والبحار.”([38])
ولد في بيئة مينانكابو المعروفة بقوة تمسكها بالعادات، واشتهر مجتمعها بقصصها الشعبية والحكم والنصائح المسمى عندهم بكابا ((Kaba الذي يعني أخبار مينانكابو. وتتميز هذه الأخبار في أدائها القصصي بموسيقاها الخاص واشتمالها على الأشعار الملايوية (البنتون) والنصائح والاستعارات. فإذا لاحظنا جيدا الروايات التي كتبها حمكا وجدنا أنه قد تأثر كثيرا بهذه الأخبار خاصة في روايته “غرق سفينة فن در ويج” (Tenggelamnya Kapal Van Der Wicjk) ([39])
- تأثره بمحمد عبده
كان محمد عبده رائدا من رواد حركة التجديد في العالم الإسلامي وقد ولد في مصر سنة 1894 م. وسنلمس تأثيره في كتابات حمكا الأدبية في اعتراضه على بعض عادات مينانكابو التي لا توافق دين الإسلام، وفي ندائه لتوحيد الوطن، كما بدا ذلك التأثير في محاربته التقليد الأعمى المتفشي في المجتمع.([40]) كان لا بد لحمكا أن يتأثر بمحمد عبده. فقد قرأ تفسيره المنار أحد المقررات في المعهد التي درسها في سومطرة طوالب. وكان أبوه رائدا من رواد حركة التجديد في إندونيسا الذين تأثروا بأفكار المجددين أمثال محمد عبده.
- تأثره بمصطفى لطفي المنفلوطي (1876-1924 م)
مصطفى لطفي المنفلوطي أديب مصري ذو قلم مبدع وإنشاء عربي رصين، قام بالكثير من الترجمة والاقتباس لبعض الروايات الغربية الشهيرة. كتاباه النظرات والعبرات يعتبران من أبلغ ما كتب بالعربية في العصر الحديث.
لقد اعترف حمكا بتأثره بمصطفى لطفي المنفلوطي، بل ادعى بأنه أول من أدخل المنفلوطي إلى إندونيسيا.([41])ولسبب تشابهه بالمنفلوطي في الميول والأساليب، لقب حمكا بالمنفلوطي الإندونيسي.
ولعل ما دفع حمكا إلى الإقبال على المنفلوطي والتأثر به هذا التأثر القوي الواضح، فضلا عن أسلوب المنفلوطي الذي سحر معاصريه من الكتاب وجذبهم إليه، تشابه الكاتبين في حياتهما وثقافتهما ونشأتهما واهتماماتهما الأدبية. فكلا الأديبين نشأ نشأة دينية في بيئة محافظة؛ إذْ نشأ المنفلوطي في أسرة من أسر الأشراف اشتهرت بالقضاة الشرعيين والنقباء الأشراف، في بيئة منضبطة بالأعراف والعادات في منفلوط صعيد مصر، وقد نشأ حمكا نشأة قريبة من نشأة المنفلوطي في مينانكابو في بيئة تلتزم بالعادات والتقاليد لوالد مصلح ديني معروف. والمنفلوطي لم يكمل تعليمه الأزهري وعني بالأدب واشتغل بالصحافة، وكذلك فعل حمكا فلم يتلق من التعليم النظامي أكثر من الصفين الأوليين في المدرسة الابتدائية. وكانت ثقافة المنفلوطي عربية خالصة، فلم يعرف لغة أوربية، كذلك كانت ثقافة حمكا، فلم يعرف عنه أيضا أنه عرف لغة غير الملايوية والعربية. وتعرض الأديبان لحادثتين متشابهتين إحداهما في الصبا والأخرى في مرحلة متقدمة في حياتهما، فقد تعرض المنفلوطي وهو صبي لحادثة أثرت في حياته وكان لها أثر في وجدانه وعاطفته، فقد نشب نزاع بين والديه واحتدم ولم تجد معه تلك المحاولات التي بذلت لرأب ذلك الصدع وأدى الأمر إلى الطلاق فذاق الصبي مرارة البعد وتجرع غصص الحسرة، ومما زاده أسى ولوعة وجبله على الحزن والدمعة أن والدته بعد أن بانت عن أبيه تزوجت من رجل غريب يقيم غير بعيد ويقطن في بلدتهم. وقد وقع لحمكا حادث شبيه بذلك إذ انفصل والده عن أمه كذلك. وأما الحادثة الثانية فقد وقعت في 4/11/1897 م إذ نشر المنفلوطي في جريدة الصاعقة قصيدة دالية في هجاء خديوي مصر عوقب عليه بالسجن. وقد أصاب حمكا ما أصاب المنفلوطي، وذاق مثله آلام السجن لأسباب سياسية مماثلة.([42])
وقد أحسّ الإندونيسيون العارفون بالعربية وآدابها بتأثر حمكا الضخم بالمنفلوطي كما يظهر ذلك في مؤلفاته مثل روايته “تحت أستار الكعبة” (Di Bawah Lindungan ka’bah) و”غرق سفينة فن دير ويجك” ((Tenggelamnya Kapal Van Der Wicjk ([43])، وقد نشر الشاعر الأديب الأستاذ إسماعيل عارفين دراسة مقارنة بين تحت أستار الكعبة واليتيم في يوليو 1988 م ركز فيها على أوجه التشابه بين العملين، وقارن بينهما من حيث الموضوع والعقدة والأحداث القصاصية.([44])
المبحث الثالث: مؤلفاته وعطاؤه الفكري
لقد بدأ حمكا التأليف في فترة مبكرة، عندما كان في السابعة عشرة من عمره. ترك ثروة من الكتب في مجالات مختلفة؛ الدينية والأدبية والاجتماعية والفلسفية والتاريخ وغيرها. وبخصوص مؤلفاته في مجال الأدب نذكر ما يلي:
- مؤلفاته الأدبية ظهرت في فترة ما بين 1928 م إلى 1950 م، وهي فترة شبابه، وأشهرها روايتان: رواية تحت أستار الكعبة ((Di Bawah Lindungan Ka’bah وغرق السفينة فن در وجك (Tenggelamnya Kapal Van Der Wicjk). ثم مال في الفترة اللاحقة من عمره إلى الكتابات الدينية وأشهرها تفسيره للقرآن الكريم “الأزهر”.
- كلٌ من كتاباته الأدبية والدينية يحمل الطابع الأدبي. قال حمكا عن نفسه: “أنا أديب يحمل الطابع الديني في مرحلة الشباب، وعالم يحمل الطابع الأدبي في مرحلة الشيخوخة.”([45])
- كتبه في الأدب تنقسم إلى:
- الرواية، وتضمّ:
- سبارية ( (Si Sabariyah
- ليلى والمجنون ((Laila Majnun
- تحت أستار الكعبة ((Di Bawah Lindungan Kabah
- غرق السفينة فن در وتك (Tenggelamnya Kapal Van Der Wicjk)
- السيد المدير ((Tuan Direktur
- أخذها خالها ((Dijemput Mamaknya
- العدل الإلهي ((Keadialan Ilahi
- الهجرة إلى ديلي (Merantau Ke Deli)
- المطرود (Terusir) أو بسبب الفتنة ((Karena Fitnah
- الجيل الجديد (Angkatan Baru)
- في انتظار دقات الطبول ((Menunggu Beduk Berbunyi
- القصص القصيرة، وهي “في وادي الحياة” ((Di Dalam Lembah Kehidupan
- قصص الرحلات، وهي:
- الرواية، وتضمّ:
- التشمس في الأرض المقدسة (Mandi Cahaya Di tanah Suci)
- التجوال في وادي النيل ((Mengembara Di Lembah Nil
- على ضفة دجلة ((Di Tepi Sungai Dajlah
- أربعة أشهر في أمريكا ((Empat Bulan di Amerika
لقد نالت كتب حمكا قبولا كبيرا من القراء، فما من كتاب كتبه حمكا إلا وقد أعيد طبعه عدة مرات. وعن اهتمام الناس الشديد بكتب حمكا وقبولهم لها قال إس. أي. فوراديسسترا (S.I. Poeradisastra) أحد أدباء إندونيسيا: “وذلك لأن حمكا كتب لمعظم الشعب الإندونيسي. وكتاباته مرضية تروق لعامة الناس، ملائمة للزمان والمكان، متطابقة مع الثقافة الإندونيسية.”([46])
المبحث الرابع: مكانة حمكا الأدبية
إن دراسة مكانة حمكا الأدبية ملفتة للنّظر ومثيرة للكلام وذلك لأسباب([47]) :
– أولا، من الناحية الدراسية؛ كما تبيّن من البحث الذي أعدّه يعقوب سومرجو (Jakob Sumarjo) عن المراحل التعليمية التي مر بها الكتّاب الإندونيسيون سواء كانوا كتاب عصر الاحتلال أم عصر الانتقال (الأربعينات)، فإن جلّهم قد تلقّى الدراسة النظامية العالية أو بتعبير أ. تيو: هؤلاء الوطنيون الذين انضمّوا إلى ساحة الأدب المتلقَّون الدراسة التعليمية الغربية. فإن هؤلاء الذين تخرجوا من المدرسة الغربية -كما كتب يعقوب سومرجو في بحثه- لهم إجادة متينة ومهارة قوية في اللغات الأخرى مثل الهولندية والإنجليزية والفرنسية والألمانية. بهذه المهارة والإجادة استطاعوا أن يغوصوا في بحر الآداب المكتوبة بتلك اللغات خاصة الأدب الهولندي وما تُرجم إلى هذة اللغة من الآداب العالمية. فاهتمامهم وارتكازهم إذًا لا يخرج عن دائرة الآداب الغربية. فهذا الواقع الظاهر مخالف تماما لما كان حمكا فيه، فإنه لم يذق الدراسة الغربية، بل كما قال أ. تيو إنه لا يجيد اللغة الهولندية أو الإنجليزية. كان ميله الأدبي ينمو ويتأثر كثيرا بقراءته للأدب العربي الحديث. وكان أحب كتّاب العرب لديه وأحبهم إليه الكاتب المصري مصطفى لطفي المنفلوطي (1876-1942 م) الأديب الشهير المعروف الذي تفجّرت من يديه أعمال أدبية عظيمة وقام بترجمة بعض الأعمال الأدبية الغربية خاصة الفرنسية منها. وبهذا فإن حمكا قد تعرف على الأدب الغربي عن طريق تلك الأعمال المترجمة إلى اللغة العربية.
– ثانيا، فيما يتعلق بخلفية حمكا الدينية كعالم مشهور وابن عالم مصلح معروف، عرف عصره آنذاك بعصر ما قبل الحرب (قبل الحرب العالمية الثانية). فكانت الحماسة الوطنية والصحوة الدولية بدأت تنمو لدى الشعب الإندونيسي، خاصة بعد إصرار الشباب الإندونيسيين (1928 م) على أن توحّدهم لغة واحدة وهي اللغة الإندونيسية. وكان تأثير ذلك في الأدب الإندونيسي الحديث كثرة الكتّاب الروائيين من سومطرة خاصة مينانكابو، حيث كان أصل اللغة الإندونيسية المقرّرة لتكون اللغة الموحدة التي أصلها من اللغة الملايوية، وكان أقرب الشعوب الإندونيسية إلى هذة اللغة شعب سومطرة. فلذلك ليس من العجيب أن تكون الأعمال الأدبية في هذا العصر ألّفها كتّاب أكثرهم من سومطرة الغربية (مينانكابو، 60%). واللافت للنظر أن هؤلاء الكتّاب السومطريون لم يكونوا موضع النظر في جانبهم الديني، بخلاف حمكا الذي كان عالما ورجلا من رجال الدين، لقد نال الانتقادات بل الشتم الفظيع لما له من المؤلفات الأدبية الروائية سواء كان من الإسلاميين أم غيرهم.
– ثالثا، فيما يتعلق بمن حوله من الكتّاب بميدان([48]) وأعمالهم، كانوا تحت مراقبة شديدة من قبل الحكومة الهولندية، وسبب ذلك أنهم كتّاب وطنيوون إسلاميون، وهم مثل يوسف شعيب، تمارا جايا، رفاعي علي، أ. دمهوري، أ.إم. فامنتجك. لقد لقب هؤلاء بكتّاب سوراو ((Surau([49])، لأن خلفيتهم الدراسية كانت دينية. كتبوا أنواعا كثيرة من الروايات حيث كان غرضهم في كتابتها ليس مجرد التسلية والتمتع بل لإدخال الشعور والحماسة الحركية الوطنية في قلوب قرّائها، فكان الرد الفعلي من الحكومة هو أن تدبّر لهم مكائد شتى منها تشويه التصوّر عن كتاباتهم فقالت إن كتابتهم وحشية فاحشة وفقط لجلب الشهرة وغيرها من التهم الكاذبة المفتعلة، بل فعلت أكثر من ذلك، فقد ينتهي الأمر إلى السجن كما حدث لمَيْسِر طالب الذي كتب رواية “Leider Mr. Semangat” . ويعدّ حمكا من هؤلاء الكتاب، والعجيب هو أن كتابته الأدبية -بخلاف الكتابات الأدبية لهؤلاء الكتاب التي يستحيل أن تُطبع في بالي فوستاكا؛ دار الكتب الذي أسستها الحكومة الهولندية – فقد صَدرت عنها من دون أي منع أو حبس. هذا الأمر يدل على براعة حمكا في الكتابة حتى أصبحت الحكومة لا تجد في أي صفحات كتبه شيئا مخلًّا بمصالحها السياسية.
لقد تكلم كثير من الأدباء والنقاد عن مكانة حمكا الأدبية، وانقسموا حوله بين مؤيدين ومعارضين، وهذا شأن جميع الكبار في ميادين الأدب والفن والسياسة والدين وغيرها، بيد أنني سأعرض هنا لبعضهم فقط، أولهم أندرياس تيو (Andreas Teeuw) الذي قال عن حمكا في كتابه الأدب الإندونيسي الحديث ( :(Modern Indonesian Literature “إن حمكا ليس من الكتاب الكبار ولو بأيّ مقياس كان. كل رواياته ضعيفة من ناحية علم النفس، متصفة بأخلاقية طاغية، وعاطفية الحبكة، وأقرب إلى الميلودراما، وكونه رائدا للأدب الإسلامي الحديث في إندونيسيا مردود عند طائفة الأدباء المعارضين للإسلام والأدباء الإسلاميين بعد الحرب.”([50])
ولقد علق سيدس سوديرتو (Sides Sudyarto DS) على مقولة أ. تيو بقوله: “إن ما قاله أ.تيو يحمل بين ثناياه جملة من نقط الضعف وهي أولا: الحكم على كل روايات حمكا بالضعف من دون تخصيص، وهذا خطأ. ثانيا: قال في سبب ضعف كتابات حمكا هو أنها اتسمت بأخلاقية طاغية فهذا كذلك غير صحيح لأنه ليس هناك مقياس ثابت في الأدب يحدد الأخلاقية فيه حتى نحكم على إنتاج أدبي معين بالضعف. ثالثا: إن قوله بأن حمكا لا يعتبره الأدباء رائدا للأدب الإسلامي الإندونيسي الحديث كذلك لا يمكن قبوله ، لأن قيمة الأدب هي في الإنتاج الأدبي نفسه، لا تحتاج إلى اعتراف الآخرين ولا تتعلق بالقبول والردّ أو الحب والكره”. ثم أبدى رأيه قائلا: “إن قوة حمكا في كتابته الأدبية لا يضارعها كتّاب مسلمون في ذلك العصر. الكتاب المسلمون كثيرون ولكنهم ما كتبوا في مجال الأدب. والأدباء كثيرون ولكن الروح الدينية في كتابتهم ليست مثل حمكا قوة وتأثيرا. فمن هنا يمكن أن نقول إن حمكا رائد الأدب الإسلامي في عصره، وهل يعتبر من كبار الكتاب؟ الجواب هو أن المكانة لا تعني ضخامة الكتاب أو كثرة المؤلفات، إنما قيمة الإنتاج الأدبي وأثره في المجتمع والزمن هو الحاكم الذي يحكم عليه.([51])
وقال البرفسور جمس روش (Prof. James Rush)([52]) عن مكانة حمكا الأدبية: “حمكا كاتب موهوب، يتسم أسلوبه برشاقة العبارة ورقة التعبير والتنوع، ويميل حمكا إلى العاطفية في كثير من الأحيان، مليء بالحماسة ومميزات شخصيته الخاصة، ويتمتع بجاذبية طاغية تشد القارئ إليه، ويستطيع أن يبسط الأمور في فكرة شاملة، وينفذ مباشرة إلى قلب الموضوع ببساطة، ويبتعد عن الأسلوب الجاف الرسمي، ويُدخل كتابته الأمثلة الجذابة والأشعار وخبراته الشخصية، فهو أمتع الكتّاب في عصره وأكثرهم تأليفا.”([53])
وعن مكانته الأدبية قال إتش . ب. ياسين (H.B Jasin)([54]): “إن حمكا من أروع الكتّاب تأليفا وكتابةً، ولقّب بالعالم الروائي. اشتملت روايته “تحت أستار الكعبة” على الأفكار العالية والدروس الإسلامية والانتقادات لعادات مجتمعه التي كانت سيئة في رأيه بل قد يخالف بعضها دين الإسلام تماما”.([55])
وقال يونس أمير حمزة عن مكانة حمكا الأدبية: “حمكا كاتب متفرد قائم بنفسه، خارج عن زمانه مع كل خصائصه الأدبية سواء كان في أشخاص الرواية، أم الموضوع والأسلوب. إنه حمكا الحزين، العاطفي القصّ، الراقي لغة والذي جعل القراء يلقبونه بأديب الدموع. بكل هذه الخصائص لا يحق لأحد أن يرد حضوره في ساحة الأدب الإندونيسي أو يشكّك في مكانته فيه”.([56])
وقال ليون أغستا ((Leon Agusta أحد شعراء إندونيسا: “إن حمكا من أدباء إندونيسيا الذين يلتزمون بالإيمان التزاما متينا، وهم قلّة قليلة”.([57])
وقال يونن نسوتيون، صديق حمكا الذي كان معه في مجلة موجّه المجتمع (Pedoman Masyarakat) : “فيما يتعلق بحمكا ككاتب، فهناك ثلاثة أشياء أعجبتني منه جدا وهي أولا: إنه كثير القراءة، ويقرأ حتى منتصف الليل وينام مع كتبه. ثانيا: أسلوبه سهل ويكتب بسرعة دون توقف إلى أن ينهي كتابته. ثالثا: حفظه القوي”. ثم أضاف قائلا: “حمكا ليس كاتبا دينيا يكتب عن المسائل الدينية فقط، ففي نفسه يجري دم الأديب، وُلد وترعرع في القرية الصامتة على ضفة بحيرة ماننجو الصافي ماؤُها والهادئ موجُها، ومرّ بأيام طفولته المليئة بالدموع والحزن ما جعل نفسه تتسم باللطف والحساسية وتهتم كثيرا بمسائل المجتمع ومشاكله”.([58])
خلاصة:
ارتكز هذا البحث على التعريف بشخصية حمكا، فتبين من خلال البحث أن حمكا شخصية فريدة، وهو أديب روائي إندونيسي له أسلوبه المتميز، وبأسلوبه هذا يحتل مكانة مرموقة ومنزلة رفيعة بين الأدباء في أرخبيل ملايو عامة وفي إندونيسيا خاصة، ولقد ألّف كتبا كثيرة في مختلف المجالات، وكانت العوامل التي شكلت شخصية حمكا كثيرة، أهمها: حياته الطفولية وتربيته المنتجة ورحلاته وأسفاره النافعة وقراءاته الكثيرة وتأثره ببيئته المينانكابوية وبالشخصيات الكبار في حياته.
المصادر والمراجع :
- أبوخضيري، عارف كرخي. (2010). “الأثر العربي في الأدب الملايوي“، بحث في المؤتمر الدولي للغة العربية. جاكرتا: جامعة الأزهر الإندونيسية.
- فخر الدين، فؤاد محمد. (2008). الأدب الإندونيسي الإسلامي. الرياض: جامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية، فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية للنشر.
- Ali, Atabik. (2008). Kamus Indonesia –Arab. Yogyakarta: Multi Karya Grafika.
- Alisjahbana, S. Takdir. (1977). Dari Perjuangan dan Pertumbuhan Bahasa Indonesia dan Bahasa Malaysia Sebagai Bahasa Moderen. Jakarta: PT Dian Rakyat.
- Basuni Imamuddin, Nashiroh Ishaq. (2003). Kamus Idiom Arab-Indonesia Pola Aktif. Depok: Ulinnuha Press.
- Damami, Muhamad. (2000). Tasawuf Positif Dalam Pemikiran Hamka. Yogyakarta: Fajar Pustaka Baru.
- Effendy, M. Roeslan. (1984). Selayang Pandang Kesusasteraan Indonesia. Surabaya: PT. Bina Ilmu.
- Frans Mido. (1994).Cerita Rekaan dan Seluk Beluknya. Flores: Nusa Indah.
- (1982). Kenang-kenangan Hidup. Kuala Lumpur : Pustaka Antara.
- Hamzah, Yunus Amir. (1964). Hamka Sebagai Pengarang Roman. Jakarta: Megabookstore.
- Irfan Hamka. (2010). Kisah-Kisah Abadi Bersama Ayahku Hamka. Jakarta: Uhamka Press.
- Jassin, H.B. (1985). Kesusastraan Indonesia Modern Dalam Kritik dan Esai Jakarta: Gramedia.
- Adib Bisri, KH. Munawwir A. Fatah. (1999). Kamus Indonesia-Arab Arab-Indonesia. Surabaya: Pustaka Progressif.
- Kafsah Jaafar. (1967). Hamka sebagai seorang novelis, Academic exercise (B.A.). Kuala Lumpur: Jabatan Pengajian Melayu, Universiti Malaya.
- Nasir Tamara, Buntaran Sanusi, Vincent Djauhari. (1984). Hamka di Mata Hati Umat. Jakarta: Sinar Harapan.
- Nenden Lilis A. (t.t). Hamka dan sastra di Tengah adat, agama dan Gempuran Ideologi, Esai Majalah Horison. t. tp: t.p.
- Rusydi HAMKA. (1983). Pribadi dan Martabat Buya Prof. DR. Jakarta: Pustaka Panjimas.
- (1983). Kenang-kenangan 70 Tahun Buya Hamka. Jakarta: Panjimas.
- M. Syafi’I Anwar. Iqbal A. Rauf Saimima. Mahyuddin Usman. (1982). Perjalanan Terakhir Buya Hamka. Jakarta: Panji Masyarakat.
- Suherman, Agus. (2009). Periodisasi Sastra Indonesia. Bandung: Jurusan Pendidikan Bahasa Daerah Fakultas Pendidikan Bahasa Dan Seni Universitas Pendidikan Indonesia.
- Teeuw, Dr. A. (1955). Pokok dan Tokoh. ed. Jakarta: PT. Pembangunan.
([1])HAMKA. (1982). Kenang-Kenangan Hidup. Kuala Lumpur: Pustaka Antara. hlm. 5.
([2])Rusydi HAMKA. (1983). Pribadi dan Martabat Buya Prof. DR. HAMKA. Jakarta: Pustaka Panjimas. hlm. 1.
([3])Nasir Tamara, at al. (1984). HAMKA di Mata Hati Umat. Jakarta: Sinar Harapan. hlm. 51.
([5])HAMKA. (1982). Kenang-Kenangan Hidup. Op.cit. hlm. 2.
([6])Nasir Tamara, , at al. (1984). HAMKA di Mata Hati Umat. Op.cit. hlm. 51.
([7])HAMKA. (1982). Kenang-Kenangan Hidup. Op.cit. hlm. 10.
([9])Lihat: Irfan Hamka. (2010). Kisah-Kisah Abadi Bersama Ayahku Hamka. Jakarta: UHAMKA Press. hlm. 173.
([11])Lihat: Rusydi HAMKA. (1983). Pribadi dan Martabat Buya Prof. DR. HAMKA. Op. Cit. hlm.107.
([12])http://id.wikipedia.org/wiki/Haji_Abdul_Malik_Karim_Amrullah.
([13])Lihat: Hamka. (1982). Kenang-kenangan Hidup. Op. cit. Hlm. 4-5.
([15])Hamka. (1982). Kenang-kenangan Hidup. Op. cit. Hlm. 33.
([19]) Rusdi Hamka. (1983). Pribadi dan Martabat Buya HAMKA. Op. cit. hlm. 1.
([20])Lihat: HAMKA. (1974). Kenang-kenangan Hidup. Op. cit. hlm. 29-30
([21]) بالي فوستكا أو دار الكتب هي مؤسسة نظمتها حكومة الاحتلال الهولندية تولت نشر النصوص القديمة أو الأعمال الأدبية المترجمة وأعمال بعض الأدباء، فباعتبارها مؤسسة تنظمها حكومة الاحتلال الهولندية فهي تؤيدها وتعمل لمصالحها.
([23])Lihat: HAMKA. (1982). Kenang-kenangan Hidup. Op. cit. hlm. 45.
([24]) الجمعية المحمدية هي جمعية إسلامية أسسها كياهي الحاج أحمد دهلان في الثامن عشر من نوفمبير سنة 1912 م بيغياكرتا والهدف الأساسي من تأسيسها تطهير الدين الإسلامي من البدع والخرافات والرجوع إلى القرآن والسنة النبوية.
([25])Rusydi HAMKA. (1983). Pribadi dan Martabat Buya Prof. DR. HAMKA. Op. cit. hlm. 2.
([27]) إحدى المناطق في جزيرة سولاويسي بإندونيسيا
([28])Hamka. (1982). Kenang-kenangan Hidup. Op. cit. hlm. 117.
([29])Lihat: Hamka. (1974). Kenang-kenangan Hidup. Op.cit. hlm. 129.
([32]) مدينة في سومطرة الشمالية
([34])Lihat: Hamka. (1982). Kenang-kenangan Hidup. Op. cit. hlm. 107.
([37])Lihat: Hamka. (1982). Kenang-kenangan Hidup. Op. cit. hlm. 6.
([39])Lihat: Yunus Amir Hamzah. (1964). Hamka Sebagai Pengarang Roman. Jakarta: Megabookstore. hlm. 52.
([41])Lihat: Hamka. (1982). Kenang-kenangan Hidup. Op. cit. hlm. 114.
([42])عارف كرخي أبوخضيري، “الأثر العربي في الأدب الملايوي“. مجموعة البحوث: المؤتمر الدولي للغة العربية. جاكرتا: جامعة الأزهر الإندونيسية. يوليو 2010. ص 402-403.
([43])A. Teeuw. (1967). Modern Indonesian Literature. Netherlands: University Of Leiden. p. 70.
([44])Lihat: Ismail Arifin. (1988). Kajian Perbandingan Antara Di Bawah Lindungan Ka’bah dan Anak Yatim. Kuala Lumpur: Ar Rahmaniah. hlm. 28-60.
([45])Titiek WS, Hamka Pribadi Yang komunikatif di dalam, di dalam Hamka di Mata Hati Umat. Op. cit. hlm. 373.
([46])Lihat: S.I. Poeradisastra, Dalam karya Sastra pun Berdakwah dan Berkhotbah, di dalam Hamka Di Mata Hati Umat. Op. cit. hlm. 125-127.
([47])Nenden Lilis A. (t.t). Hamka dan sastra di Tengah adat, agama dan Gempuran Ideologi, Esai Majalah Horison. t. tp: t.p. Majalah Horison. pp. 3-4.
([48])منطقة في سومطرة الشمالية، حاليا عاصمة لمحافظة سومطرة الشمالية إندونيسيا.
([49])سوراو: مصلى، هذا المصطلاح خاص ومعروف في سومطرة خاصة في سومطرة الغربية، وفي الغالب أصغر حجما من المسجد المعروف، ويستعمل لأداء الصلاة والتعليم.
([50])A. Teew. (1967). Modern Indonesian Literature. p. 72 . المقصود بالإسلاميين هم طبقة من الأدباء الإندونيسيين المسلمين في فترة ما بعد حرب إستقلال إندونيسيا يصطلح لهم “الإسلاميون بعد الحرب”.
([51]) Sides Sudyarto DS. Hamka Realisme Religius. di dalam Hamka di Mata Hati Umat. Op. cit. hlm. 154.
([52]) أمريكي، عميد ومحاضر في التاريخ في جامعة يالي ((Yale University، قام بالبحث عن حمكا في إندونيسيا أكثر من سنة.
([53]) James Rush, Hamka dan Indonesia Modern, di dalam Kenang-kenangan 70 Tahun Buya Hamka. Jakarta: Panjimas. hlm. 449.
([54]) من أدباء إندونيسيا المشهورين، عاصر حمكا ولقب بالحبر الأعظم (البابا) في النقد الأدبي.
([55])H.B.Jassin. (1985). Kesusastraan Indonesia Modern Dalam Kritik dan Esai 1. Jakarta: Gramedia. Hlm. 46.
([56])Yunus Amir Hamzah. (1964). Hamka Sebagai Pengarang Roman. Op. cit. hlm. 59.
([57])Leon Agusta. Di Akhir Pementasan Yang Rampung. di dalam Hamka di Mata Hati Umat. Op. cit. hlm. 71.
([58])M. Yunan Nasution. Hamka Sebagai pengarang dan Pujangga. di dalam Kenang-kenangan 70 Tahun Buya Hamka. Op. cit. hlm. 40.