
ظاهرة التمرّد عند نازک الملائکة
الدکتور إسماعيل اشرف ـ جامعة الخوارزمي ـ طهران ـ إيران
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 34 الصفحة 73.
ملخّص
مالت نازك الملائکة إلی التمرد بحکم ما اجتمع لها من العوامل، منها أولاً المقارنة بين الواقع الغربي والواقع الشرقي من حيث بنية المجتمع وتمتع الفرد بالحقوق والحرية التي تكفلها المجتمعات الغربية. وثانياً غريزة المحاكاة في المجتمعات. فقدکان التمرد طبيعة نازک منذ نشأتها وهي منزويّة وعنيدة متمسکة بآرائها، لکن هذه السمات التي ارتسمت علی کيانها النفسي لم تسلمها إلی القنوط، بل فجّرت فيها الثورة علی الواقع بأشعار شاءت لها أن تحررها من القيود وتعبّر عن أعماقها بلا عوائق. وقد استطاعت أن تعزز آراءها النقديّة وقد انتهت هذه الآراء إلی التمرد عند الشاعرة. إذا بحثنا عن التمرد عند نازك الملائکة نجدها قد مرّت بعدة أنواع ،کلّ له طبيعته الخاصة وصفاته المميزة. منها التمرد الفني، ويبرز هذا النوع من التمرد في تحطيم عمود الشعر العربي القديم. التمرد القبلي، وتتجلی هذه الظاهرة في مظاهر التمدن والمدنية. التمرد الاجتماعي، يظهر ذلك في الأعراف والمفاهيم التي ظهرت في العصر الحديث. والتمرد النفسي، تتحدث نازك عن نفسها وتتمرد علی الماضي وعادة تتکلم بالصيغ المفردة. وهدف الشاعرة هو التجديد والتحول في المجتمع من خلال الثورة علی العادات والتقاليد السائدة. يهدف هذا المقال إلى تحليل أنواع التمرد عند نازك الملائکة بالتفصيل.
الکلمات المفتاحية: نازك الملائکة، التمرد الفني، التمرد القبلي، التمرد الاجتماعي، التمرد النفسي.
Abstract
Almlaykh thin due to the factors that influenced him to rebel cause that brought on the comparison between the social construction of reality in Western Eastern Vbhrh enjoyment of the rights and freedoms of Western society benefit from it.
Isolated and stubborn Vmtmsk Vnzratsh vote, but these characteristics are influenced by the Spirit of him that he was causing him to despair Vnaamydy Nkshand poems in fact attacked by cholera-free, apart from the old to the vote opinions Vtvanst cash consolidate its ancient literature led to the rebellion
Defiance thin with many different forms, including technical refusing to break the fetters of the past four traditional wood appearance. Tribal rebellion in urbanization and urban civilization emerges. Social defiance of custom and tradition emerged in the era of the concepts that emerged. Vtmrd breath thin Vdayma Malaika himself with singular “Anna” speaks. In this paper, we describe in detail each of these types of defiance
Key words: thin Almlaykh, technical Defiance, Defiance earlier, social rebellion, Vtmrd breath
مقدمة
لقد ورد مصطلح التمرد أول مرة وهو يشير إلی المنشقين عن الکنيسة البريطانية (الخطيب، 1974م: 20). التمرد هو الخروج علی کلّ سلطة سواء أکانت سلطة الأسرة أم المدرسة أم الدولة أم المجتمع أم معايير الناس وتقاليدهم. التمرُّد Revolt نمط من أنماط السلوك الاجتماعي الموجَّه إلى أشكال السلطة المختلفة ومظاهر النفوذ، للخروج عليها وإعادة بنيتها وسمات مظاهرها بالشكل الذي يخدم الفاعلين، ويحقِّق أهدافهم ويعيد إليهم قدراً من السلطة والنفوذ. وهو يختلف عن الثورة في شرعيته الاجتماعية ومقدار تقبل الناس له وانخراطهم فيه، وتبدأ كل ثورة اجتماعية بعملية تمرُّد تقوم به جماعة من الأفراد ثم تستقطب مجموعات أخرى من الناس حتى تعم أغلب الفاعلين الاجتماعيين وتنظم تمردهم. وأيضاً التمرد نمط من أنماط السلوک الاجتماعي الموجّه إلی أشکال السلطة المختلفة، ومظاهر النفوذ للخروج عليها وإعادة بنائها وتشكيل سمات مظاهرها بالشکل الذي يخدم الفاعلين ويحقق أهدافهم ويعيد إليهم قدراً من السلطة والنفوذ (المصدر نفسه، ص 20). يقصد بالتمرد إحساس الفرد بالسخط والتشاؤم والرفض لکل ما يحيط به في المجتمع من أشخاص وجماعات ونظم، وما يرتبط بذلک من رغبة جامحة في هدم وتدمير أو إزالة کل ما هو قائم في الوضع الراهن (رشيد، 2013م: 55). وأيضاً اعتبر إجلال محمد سري التمرد بأنّه الخروج علی المجتمع والانفصال عن معاييره القيمة والحضاريّة والتاريخيّة والاجتماعيّة في شکل نزعة تدميريّة تتجه إلی خارج الذات في شکل سلوک يتصف بالعنف والعدوانيّة ضدّ المجتمع ومعطياته الحضاريّة، أو تتجه إلی داخل الذات في شکل عزلة ونکوص وعدوان داخليّ موجه إلی الذات (المصدر نفسه: 56). التمرُّد Revolt نمط من أنماط السلوك الاجتماعي الموجَّه إلى أشكال السلطة المختلفة ومظاهر النفوذ، للخروج عليها وإعادة بنيتها وسمات مظاهرها بالشكل الذي يخدم الفاعلين، ويحقِّق أهدافهم ويعيد إليهم قدراً من السلطة والنفوذ. وهو يختلف عن الثورة في شرعيته الاجتماعية ومقدار تقبل الناس له وانخراطهم فيه، وتبدأ كل ثورة اجتماعية بعملية تمرُّد تقوم به جماعة من الأفراد ثم تستقطب مجموعات أخرى من الناس حتى تعم أغلب الفاعلين الاجتماعيين وتنظم تمردهم.التمرُّد Revolt نمط من أنماط السلوك الاجتماعي الموجَّه إلى أشكال السلطة المختلفة ومظاهر النفوذ، للخروج عليها وإعادة بنيتها وسمات مظاهرها بالشكل الذي يخدم الفاعلين، ويحقِّق أهدافهم ويعيد إليهم قدراً من السلطة والنفوذ. وهو يختلف عن الثورة في شرعيته الاجتماعية ومقدار تقبل الناس له وانخراطهم فيه، وتبدأ كل ثورة اجتماعية بعملية تمرُّد تقوم به جماعة من الأفراد ثم تستقطب مجموعات أخرى من الناس حتى تعم أغلب الفاعلين الاجتماعيين وتنظم تمردهم.إنّ دراسة ظاهرة التمرد في الشعر العربي الحديث لم تعد محاولة جديدة. إنّ التمرد قديم، وجد مع وجود الإنسان ومنذ أن تکونت المجتمعات الأولی نشأت معها. أغلب الدراسات التي تناولت الملائکة لم تتطرق إلی التمرد عند الشاعرة. إنَّ دراسة ظاهرة التمرد في شعر نازک الملائکة تعد محاولة جديدة وإن کتبت المقالات الکثيرة حول ظاهرة التمرد، منها «ظواهر من التمرد في نماذج من شعر العصر العباسي الأوّل»1. تدرس الکاتبة هنا أنواع التمرد عند الشعراء في الأدب العباسي الأول وتذکر نماذجاً قليلة من أشعار کلّ واحد من الشعراء، علی خلاف هذا البحث الذي يرکز علی الشاعرة الواحدة وهي نازک الملائکة ويدرسها درساً شاملاً. وأيضاً من الدراسات التي يلزم ذکرها هي رسالة «ظاهرة التمرد في أدبي الرصافي، والزهاوي»2. المنهج الذي أتبعه البحث هو المنهج التطبيقي والتحليلي وتحدثنا فيه عن التمرد في الأدب العربي والتجديد والاغتراب علی جانب التمرّد. وأيضاً واصلنا الکلام عن نازک الملائکة وحياتها وأدبها. إضافة إلی هذا تکلمنا في هذه المقالة عن أسباب التمرد في العصر الحديث وأشکاله وهي التمرد الفنّي والقبلي والاجتماعي والنفسي لدی نازک الملائکة بالتفصيل.
الهدف من کتابة هذه المقالة الإجابة علیالسؤالين الآتيين:
- ما هي أهم مظاهر التمرد عند نازك الملائکة؟
- کيف تتجلی هذه المظاهر عند الشاعرة؟
التمرد لغة
جاء في لسان العرب، المارِدُ العاتي مَرُدَ على الأَمرِ بالضم يَمْرُدُ مُروُداً ومَرادةً فهو ماردٌ ومَريدٌ وتَمَرَّدَ أَقبَلَ وعَتا وتأْويلُ المُروُد أَن يبلغ الغاية التي تخرج من جملة ما عليه ذلك الصِّنْف والمِرِّيدُ الشديدُ المَرادةِ مثل الخِمِّير والسِّكِّير (ابن منظور، 1989م: مادة مَرَدَ).
جاء في تاج العروس، مَرَدَ على الأَمر كنَصَرَ وكَرُم يَمرُد مُرُداً ومُرُودَةً. بضمّهما ومَرادَةً بالفتح. فهو مارِدٌ ومَرِيدٌ وتَمَرَّدَ فهو مُتَمَرِّدٌ ( الزبيدي، 1899: مادة مرد).
جاء في المعجم الوسيط، مردَ الإنسان مروداً: طغا وجاوز حدّ أمثاله، أو بلغ غاية يخرج بها من جملتهم. ومرد الإنسان علی الشیء: مرن واستمر عليه. يقال: مرد علی الشر أو علی النفاق. وفي التنزيل: «مردوا علی النفاق» (مصطفی والآخرون، 1424 ه .ق: مادة مرد).
التمرد اصطلاحاً
إنّ التمرد في الاصطلاح هو الرغبة في البعد والخروج عن المألوف والشائع وعدم الالتزام بالعادات والقيم السائدة والإحساس بضرورة الثورة والتغيير. ( خليفة، 2003م: 42). إنّ التمرد هو إحساس الفرد بضرورة الثورة، ورفض واقعه المألوف. وأيضاً هو الخروج علی الأعراف والتقاليد الاجتماعيّة ومقاومة سلطة الآخرين (رشيد،2013م: 37).
التمرّد في الأدب العربي
لمعرفة التمرد في الأدب العربي لابدَّ من أن نستعرض الحياة السياسيّة بشکل موجز في شبه جزيرة العرب قبل الإسلام. الحکومة القبليّة وقدکانت رئاسة بالعصبيّة وذلک أن تقدّم القبيلة الحکم لشخص منها کبير السنّ عادة، ولکنه قد يکون صغير السن إذا اجتمعت فيه الحکمة والغنی والعدل والوجاهة. کان شيخ القبيلة يحکمها بالشوری وحکمه في کلّ شيئ غير مردود في قبيلته، أمّا إذا حدث خلاف بين قبيلتين، فالفصل في هذا الخلاف يکون بالتحکيم. أما النفوذ الأجنبي، فکان الروم والفرس أعداء لم تفتر الحرب بينهم منذ القرن السادس قبل الميلاد إلی القرن السابع بعده، إثنی عشر قرناً وکانوا في أثناء ذلک يتداولون السيطرة علی العراق والشام. ففي القرن الرابع للميلاد وصلت إلی جنوب العراق قبائل يمانيّة من بني لَخم، فشجعهم الفرس علی أن يقيموا إمارة في الحيرة قرب الکوفة علی نهر الفرات ،وأن يکونوا لهم عيوناً وعوناً علی أعدائهم الروم. وقد عُرف هؤلاء بالمناذرة، لأنّ خمسة من ملوکهم کان اسم کلّ واحد المنذر، ومنهم عمر بن هند الذي تولی إمارة الحيرة، ابن المنذر الثالث وأشهر المناذرة، فحکم خمسة عشر عاماً حتی قتله عمروبن کلثوم في حادثة الصلح بين بني بکر وبني تغلب عام 659 م قبل مولد [ نبيّنا ] الرسول ( ص) بعام واحد (فروخ، 1991م: 66 و67).
کان شعراء الماضي في أدب المقاومة ينظرون إلی السلطة من منظارين ،أولهما خضوع السلطة للأجنبي أو کونها أجنبيّة أصلاً أو قصور السلطة في تحمل مسؤليتها أمام الشعب. ونشأ عن ذلک إحساس الشاعر بغربة المکان مما دفعه إلی الترحال ،وهذا الترحال انعکس بوضوح في أشعار ذلک العصر، وأضحى عنصراً أساسياً في بناء القصيدة الجاهليّة ، أطلق عليه المقدمات الطلليّة (سلوم، 2007م: 15).
الغربة الحقيقيّة في العصر الجاهلي هي غربة الشعراء الصعاليک، لأنّها کانت تمثل ثورةً وتمرداً علی تقاليد القبيلة وقوانينها وإعراضها. يقول شوقي ضيف عنهم: وتترد في أشعارهم جميعاً صيحات الفقر والجوع، کما تموج أنفسهم بثورة عارمة علی الأغنياء والأشحّاء (ضيف، 1119م: 375 ).
وعندما جاء الإسلام وأرسی مبادئ العدل من خلال ميزان التقوی، شعر الناس بالاطمئنان، إلا أنّ الخلاف بين الحاکم وطبقات الشعب الواسعة جعل الکميت بن زيد يرفض هذا الميزان الذي کان في القرن الأوّل من حکم الأمويين. وقد كانت الهاشميات أدباً رائعاً في الدفاع عن حق المسلمين في العدالة التي هي من حقوق المسلم ( سلوم، 2007م: 18). قال في اللامية:
الأهلُ عمِّ في رأيه متأملُ وهل مدبرُ بعدَ الإساءة مقبلُ
وهل أمةُ مستيقظون لرشدهم فيکشف عنه النعسة المتزملُ
فقد طال هذا النوم واستخرج الکری مساويهم لو أنّ ذا الميلِ يعدلُ
وعطّلت الأحکام حتی کأنّنا علی ملّةٍ غير التي تنحلُّ
کلام النبيين الهداة کلامُنا وأفعال أهل الجاهليّة نفعلُ (الأسدي، 1986م: 146)
وقد أدت الاضطرابات السياسيّة في العصر الأموي إلی ظهور الشعر السياسي ونشوئه، بل أصبحت السياسة مهمّة الشاعر الوحيدة، وعلی هذا أخذ الرفض والتمرّد طابعاً سياسياً ،فلم يلبث حتّی تشکّلت أحزاب مختلفة کالخوارج والزیيريين والشيعيين والأمويين ( ضيف، 1991م: 350). حين نصل إلی عصر المتنبي، فإنّ هذه المرحلة تميز فيها شعر الفرد لا الجماعة، فَشِعرُ المتنبي ظهر فيه تمرد الشاعر علی المجتمع والنفس، فکانت روحه تائهة ووحدته محتومة من أجل العالم. فقد اقترن الاغتراب لديه برفضه القوي لکل ما ساد عصره من قيم ومعايير تتنافی وطبيعته، وقد شبّه غربته الاجتماعيّة الروحيّة والفکريّة المکانية الحادة بغربة الأنبياء والمرسلين (سلوم، 2007م: 19).
عندما قال:
ما مقامي بأرض نخلة إلا کمقام المسيح بين اليهود
أنا في أمة تدارکها الله غريب کصالح في ثمود (متنبي، 2/ ، 1980م: 34)
کما نلاحظ تمرد المتنبي الواضح علی السلطة الحاکمة لأنّه رأی السلطة أصبحت بيد الأجنبي فوقف مندهشاً مستغرباً کيف يحکمهم قوم لا يفقهون من عاداتهم وتقاليدهم شيئاً(سوم، 2007م:20) فيقول:
وإنّما الناس بالملوک وما تُفلحُ عربٌ ملوکها عجمُ
لا أدبَّ عندهم ولا حسبٌ ولا عهودٌ لهم ولا ذممُ
بکلّ أرض وطئتها أممٌ تُرعی بعبدٍ کأنّها غنمُ (المتنبي، 4/ ، 1980م: 133و134)
ضعفت هذه الظاهرة في عصر الانحطاط (العصر الترکي) بضعف الشعر السياسي والفنون الأدبيّة ودخول الصنعة والزخرفة والفنون التافهة في ساحة الشعر والأدب، وحتى وإن ظهر شاعر رافض فليس لرفضه قيمة أدبيّة کبری (أمين، لاتا: 45). أما في العصر الحديث، فقد کانت للدولة العثمانيّة الأثر الکبير في محاولة طمس الهوية العربيّة وطبعها بما يتلاءم مع طبيعة الاستعمار ،وفي شکله في زمن يمتدّ إلی أکثر من خمسة قرون من الطمس وفرض القطيعة المؤدية إلی إنهاء التواصل الحضاري للأمة. مما دفع شعراء هذه الحقبة إلی أن يمثلوا مرحلة أدبيّة واحدة تکاد تکون متقاربة في الأبعاد الزمنيّة ،وعملوا علی تسخير أشعارهم لخدمة قضيتين أساسيتين، هما: القضية السياسيّة والقضية الاجتماعيّة وهما قضيتان حديثتان، تجاوز بهما شعراء العراق مرحلة الرومانسيّة الأدبيّة التي امتدّت تأثيراتها إلی شعرنا العربي في ذلک الوقت. إنّ هذا الاهتمام قد صرف الرصافي والزهاوي ونازک الملائکة، وغيرهم من الشعراء عن التأمّل والتأنّي للارتقاء بالقصيدة الکلاسيکيّة إلی مستوی الإبداع الراقي القيم المنطوي علی عناصر التجديد التي تمسّ البنية النسيجيّة للقصيدة مثلما مسّ هذا الاهتمام البنيّة الموضوعيّة وحرک هذا الواقع الراکد (سلوم، 2007م:20) .
نازک الملائکة، حياتها، وأدبها
ولدت عام١٩٢٣ م ببغداد، وهي كبرى أخواتها وإخوتها، درست في المدارس الرسمية، وتخرجت من الثانوية عام ١٩٣٩ م. وقد ظهر ميلها المبكر للغة العربية والإنكليزية والموسيقى. وكان والدها مدرساً للغة العربية، ووالدتها شاعرة تنظم الشعر بالأسلوب التقليدي، وقد شجعاها على الكتابة، ووفرا لها الأحوال المناسبة منذ السابعة، فنظمت أولى قصائدها بالعامية، وفي العاشرة نظمت أولى قصائدها باللغة الفصحی، وكانت منذ طفولتها، أميل إلى الرصانة والجد ورهافة الحس تجنح إلى التمرد والمعارضة. اختار لها أبوها اسم نازک تيمناً بالمناضلة السوريّة «نازک العابد» وتوسماً بأنها ستنال شهرة مماثلة في مستقبلها. أما لقب «الملائکة» فقد أطلقه جيران أسرتها علی أهل بيتها بعد ما لاحظوا سلوکهم الهادئ کالملائکة. درست نازک في دار المعلمين العليا ببغداد، وبعد تخرجها عُينت مدرسة في كلية التربية لمادة النقد الأدبي. وغادرت العراق إلی بيروت وتعرفت على زميلها الدکتور عبد الهادي محبوبة وتزوجا عام 1961م ،وعادا إلی العراق لتأسيس جامعة البصرة ،وانتدبت لإلقاء محاضرات في الشعر في معهد الدراسات العربيّة بالقاهرة. وفي عام ١٩٨٥ م أصيبت الشاعرة بمرض عضال، واستقرت مع زوجها وولدها الوحيد في القاهرة حتى وفاتها عام ٢٠٠٧ م (الأرناؤوط، 2012م: 242 و243).
يتميز شعر نازک بالحساسية المفرطة وبالألم الحاد وهي عاشقة الليل وهاوية الألم، شعرها ينضح يأساً وتشاؤماً. في سنة 1947 صدر ديوانها الأول «عاشقة الليل» وفي تلک السنة بدأ الشعر الحر مع قصيدتها الکوليرا. ثم ظهر ديوانها الثاني «شظايا ورماد» سنة 1947 الذي دعت فيها إلی الشعر الحر. أما قصيدتها الأولی فقد نظمتها سنة 1945 وهي قصيدة مطولة في ألف ومائتي بيت، سمتها «مأساة الحياة» يدور موضوعها حول الموت والحياة وما وراءها من أسرار ،وفيها يظهر تشاؤمها وإحساسها بأنّ الحياة کلها ألم وبأنّ الموت هو ذروة المأساة البشريّة.کما شکت من أهوال الحرب العالمية الثانيّة ومآسيها. إنّ نظرة سريعة إلی شعر نازک الملائکة تشعرنا بأنّ الشاعرة کانت تعيش في عالم خاص بها ينهض علی اليأس والألم والوحدة والغربة والعيش مع ذکريات الماضي. وهي ذات حساسية رومانطيقية تبحث عن عوالم بعيدة وهي في غربة مع أنها تعيش بين أهلها وفي بلدها. في شعرها نجد هذه المواضيع تتکرر، بحيث أضفت عليه برقعاً من الحزن والألم فکأنها في مأتم دائم (جحا، 1999م: 358 و359). أما الحب الذي تلجأ إليه، فعلةٌ يخفف من معاناتها فإذا به يزيد في مأساتها، لأنّه حبّ محرم أو مقنع. وأغلب الظنّ أنّ حبّ الشاعرة هو حبّ خيالي وليس نتيجة تجربة ذاتيّة مرّت بها. وأما في ديوانها «قرارة الموجة» الذي صدر سنة 1957م فإنها تخرج نوعاً ما عن عالمها الشخصي لتفکر بالمرأة وما تعانيه من حرمان في المجتمع الشرقي المتخلف. وفي قصيدة «النائمة في الشارع» تصف فتاة ذات إحدی عشرة سنة لا أهل لها ولا بيت. تنام في الشارع تحت وطأة الأمطار والعواصف. کان الشعر عند نازک وسيلة للتعبير عن حزنها وهو بالتالي واسطة للتنفيس عن أحزانها وآلامها (المصدر نفسه: 359 و360)
التمرّد والتجديد
الفرق بين التجديد والتمرد هو أنّ التجديد يعمل في مجال الماضي بإحيائه أو بعثه أو استلهام صوره وأخيلته وأفکاره، أو بإحصاء مناهجه وأمثلته، کما فعلت حرکة الإحياء والتجديد التي قادها البارودي في مجال الشعر. أما التمرد فهو عمل في مجال الماضي أيضاً ولکن بنقضه أو تجاوزه أو الثورة عليه شکلاً ومضموناً. وبديهي أنّ التمرد لا يرفض الماضي کلّه، ولکنه يسلط رفضه علی جوانب الجمود والاتباع في هذا الماضي، لأنّ رفض الماضي کلّه ليس في طاقة شاعر متمرد أو حتی مدرسة شعريّة متمردة، فالماضي ليس کلّه جامداً أو متخلفاً حتي في نظر أشد الاتجاهات تطيراً وتشاؤماً، کما أنّ الشاعر ليس ديّاناً يستطيع أن يحاکم الظاهرة التاريخيّة في شمولها من البدء حتی الختام. وينفرد التمرد عن التجديد بکونه يعمل في مجال الواقع التاريخي الذي يعيش فيه، بمعنی أنّه يشکّل مواجهة مستمرة لجوانب الجمود والقهر والانحطاط في الأدب والسياسة والاجتماع کافةً مستهدفاً غضب الحاکم والجماهير، إلا أنّ عناصر الأصالة الکامنة في غضبه الثوري تؤجج فيه قيم التصدي والاستمرار (العزب، 1976م: 8و9)
التمرّد والاغتراب
الاغتراب هو حالة إنسانية نفسية اجتماعية تسيطر علی الفرد وتجعله غريباً بعيداً عن واقعه الاجتماعي. فهو يمثل نمطاً من تجربة يشعر بها الإنسان بالغربة عن الذات. كما أن له معاني متعددة أخرى اجتماعية وثقافية ونفسية واقتصادية يمكن إجمالها بانحلال الرابطة بين الفرد والآخر، أي العجز المادي عن احتلال المكان الذي ينبغي على المرء أن يحتله وشعوره بالتبعية أو معنى الانتماء إلى شخص أو إلى آلية أخرى، بحيث يصبح المرء مرهوناً بل وممتلكا من سواه، وهو ما يولد شعورا داخليا بفقدان الحرية والإحباط والتذري والانفصال عن المحيط. وقد استخدم مفهوم الاغتراب في العصر الحديث على نطاق واسع للإشارة إلى ظواهر اجتماعية ونفسية تنتاب الكبار والصغار من النساء والرجال مثل حالات القلق واليأس والوحدة وفقدان المعنى وحالات انحلال القيم وفقدان الشخصية وغيرها ( جعفر، لاتا: 59). إن التمرد هو نتيجة حتمية للشعور بالاغتراب) المصدر نفسه: ١٧). إنّ الاغتراب ظاهرة قديمة، فمنذ أن تكونت المجتمعات الأولى نشأت معها وفي ظل سننها وتقاليدها المشاكل والأزمات التي كانت تتمحض، بشكل أو بآخر عن أنواع من الاغتراب عانى منها الفرد وكانت تقوده حيناً إلى الاستسلام والانعزال والانكفاء على الذات. وحيناً تقود الفرد إلی التمرد والعصيان. (المصدر نفسه: ٣5 ). وهنا تتجلی لنا العلاقة التي توجد بين الظاهرتين بأنّ الاغتراب ينتهي إلی التمرّد.
أسباب التمرد في الأدب الحديث
تناول الباحثون شرح أسباب التمرد في الأدب الحديث من جوانب مختلفة. تنبه النقد العربي القديم مبكراً إلى حقيقة أن الشعر هو ابن الهزات الكبرى التي تمد بها المجتمعات أو الشعوب كالحروب والصراعات أو الانتقالات في الأحوال السياسية أو الفكرية أو النفسية الطارئة، ونرى أن هذه الهزات التي تؤثر في التجربة الشعرية وتدفعها إلى الأمام باتجاه التغيير، نوعان: الهزات الجماعية وهي التي تهز المجتمع بعنف فتشمل كل مفاصل الحياة وتضرب على جميع الأوتار الإنسانية وبما أن الشعر هو فن التعبير عن ردة الفعل الإنسانية أو فن الاستجابة للألم الإنساني ونقل العمق الشعوري للمجتمع، إذن فلابد أن يتغير تبعاً للهزة الجماعية خطابه الشعري على كلا المستويين الفني والمضموني.أما النقطة الثانية التي يقف عندها الكاتب فهي “الهزات الذاتية، عندما يهتز الكيان الإنساني للشاعر فتدخل ذاته في فضاء للاستقرار تبعاً لتجربة حياتية خاصة أو تجربة فكرية أو شعور بالاغتراب تجاه الزمان والمكان فيركب الشاعر مركب القلق ويقسم الكاتب هذه الهزات إلی اجتماعية وفكرية وعاطفية وقد تكون هزة جسدية، نفسية (سلوم، 2007: 21). وحين نصل إلى شعر القرن التاسع عشر نرى أن أسباب التمرد في شعر هذا القرن هو: أولاً المقارنة بين الواقع الغربي والواقع الشرقي من حيث بنية المجتمع وتمتع الفرد بالحقوق والحرية التي تكفلها المجتمعات الغربية، فإن الظلم الذي كان يسود في الإمبراطورية العثمانية جعل أبناء هذا المجتمع ينظرون إلى النقيض الموجود في المجتمعات الغربية وإلى الازدهار الحضاري الذي أصابه بسبب حرية الإنسان ووجود الدستور الذي ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، والثاني يكمن في “غريزة المحاكاة في المجتمعات ولذلك يمكن أن نقول أن نشوء الصحافة والقيام بترجمة الكتب الأدبية وتقليد الأنواع الأدبية كانت نتيجة للسبب الأول فهي فاعلة ومتفاعلة فهي تؤدي إلى المطالبة بالحرية وتنبه الأذهان إليها كما أنها تنمو وتقوى كلما رسخت هذه الحرية وبهذا تكون الأسباب تندرج ضمن الهزات الجماعية التي تهز المجتمع وتشمل كل مفاصل الحياة ولهذا نرى أن النزعة إلى التمرد الاجتماعي واضحة جداً في شعر شعراء آخر القرن التاسع عشر وشعراء القرن العشرين ( المصدر نفسه: 22).
أشکال التمرّد عند نازک الملائکة
كانت نازك الملائكة شاعرة وناقدة وناثرة إبداعية، لكن الدارسين اهتموا بشعرها ونقدها، ووجدوا أن نقدها جمع بين النقد الأكاديمي والنقد الإبداعي الذاتي الذي يعكس تجربتها الشعرية، ويرى أحد النقاد: أن شعرها يترجم صوراً حقيقية عن الذات والواقع، ويترجم ما يعتمل في داخلها وأعماقها من ذات منطوية مختزنة من طفولتها المبكرة، حيث الوحشة والاغتراب اللذان تحس بهما الذات العراقية، أما التمرد فقد كان طبيعة فيها منذ نشأتها، كانت منزوية وعنيدة، متمسكة بآرائها قد يضايق معلماتها، مع قدرتها على الكتمان والصمت. لكن هذه السمات والمؤثرات التي ارتسمت على كيانها النفسي لم تسلمها إلى القنوط بل فجرت فيها، إضافة إلى تنشئتها الأسرية والروح الوطنية والثورة على الواقع، أشعاراً شاءت لها أن تتحرر من القيود، وتعبر عن أعماقها بلا عوائق (الأرناؤوط، 2012م: 244 و245).
ومن هنا ننتقل إلی صلب الموضوع ونعالج ظاهرة التمرد عند نازک الملائکة بالتفصيل ونلقي الضوء علی أشکال التمرد في شعرها. أهم أشکال التمرد عند نازک الملائکة علی أربعة أنواع، و هي:1. التمرد الفني 2. التمرد القبلي 3.التمرد الاجتماعي 4. التمرد النفسي
1.التمرّد الفنّي:
أقرب تعريف للشکل في الشعر العربي، هو أنّه ذلک الإطار الموسيقی الذي اصطلح علی تسميته بالعروض، والذي رصده الخليل بن أحمد الفراهيدي في خمسة عشر وزناً سمّي کلّ وزن منها بحراً ثمّ زاد الأخفش عليها بحراً سمّاه المتدارک فصارت ستة عشر بحراً ( العزب، 1976م: 30). قد بدأت حرکة التمرد علی الشکل التقليدي للقصيدة العربيّة، تأخذ شکل الظاهر مع مطالع القرن العشرين، أمّا قبل ذلک فقد کان التمرد علی الشکل مجرد محاولات متناثرة في القديم والحديث. وهذا يقطع بأنّ حس التمرد علی الشکل التقليدي للقصيدة العربيّة له جذور تاريخيّة ترجع إلی الماضي البعيد والقريب. أمّا في مطالع القرن العشرين، فهبّت عواصف التمرد علی الشکل الثابت للقصيدة وحاول الشعراء أن ينظموا في غير الشکل القديم. وقد حاول کثير من الباحثين أن يکتشفوا أول شاعر عربي استخدم النظم غير المقفی في الأدب العربي الحديث، إلاّ أنّ غير واحد من الباحثين لم يستطيع أن يفصل في القضية علی نحو دقيق، أو أن يحدد أوّل شاعر عربي کتب الشعر المرسل في القرن العشرين، وإنما کان إجماعهم يکاد يکون علماً علی أولوية الزهاوي في العراق، وأولوية عبد الرحمن الشکري في مصر. أمّا أيهما أسبق من صاحبه إلی ممارسة الإبداع من خلال هذا الشکل، فهذا موطن الخلاف والاختلاف ( المصدر نفسه: 43 و44و45 ).
اعتاد منظرو الأدب، تقسيمه إلی عصور. وتجاوز بعضهم العصر إلى مراحل، عَمّروا كل مرحلة بسنوات عشر، اعتمدوا العقد وحدة في حسابات العصر. فقالوا في العشرينات ويقصدون (1920 ـ1929م) وقاسوا في ذلك الأربعينات والخمسينات. ويعود هذا القول إلى حديث شاع في أدبنا العربي في العراق عُرف بأدب الستينات أو شعر الستينات. وكأن هذه (الستينات) اختلفت سنونها عطاءً عن باقي سنوات القرن العشرين الفائت حتّى أوقفوا قطار التجديد أو الحداثة عند هذه المحطة الستينية لا يغادرونها وقد نسوا أن أية محطة في مسار التطور الأدبي لا تشكّل فيه السنوات إلا امتداداً يربط ما قبل بما بعد على وفق قانون الزمان العام الذي يشد الحاضر إلى طرفين، ماضٍ ومستقبل. وهذا يعني أن جيل الستينات لا يختلف عن جيل الخمسينات لكونه صلة حاضرة، ولا عن جيل السبعينات لكونه صلة مستقبلية. وإن كانت الخمسينات ماضياً وكانت السبعينات قادماً. ولا يخرج عن هذه القاعدة إلا التجديد المخالف لتطور النوع الأدبي كما حدث في أواخر الأربعينات عندما تمرد هذا الجيل على القصيدة العربية وجاء بما عُرف وقتها بـ”الشعر الحرّ”. وما دام حديثنا عن الأدب وشعريته، فإن هذا الاستثناء لا ينطبق على شعر الستينات لأنَّ الذين سبقوهم رفعوا ورقة التجديد عندما تمردوا على القصيدة العربية، أقصد الروّاد: بدرشاكر السيّاب ونازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي وغيرهم كجيل من الشعراء (المرزوقي، 1951م: 45).
أقول خرج هؤلاء تاركين بحور الخليل إلى تفعيلاته وقد حصروا همّهم في البحور الخفيفة مزاوجة بينها كي تستوعب متغيرات التعبير بفعل عوامل خارجية وأخرى داخلية. فقالوا بالشعر الحرّ خروجاً على الشعر الموزون المقفى، وقالوا بالشعر المطلق ضد الشعر العمودي المقيّد، وقالوا بالشعر الجديد تميزاً عن الشعر القديم وغيرها من تلك المسميات التي لم يستقروا على أحدها حتّى أواخر القرن العشرين حين ساد مصطلح شعر التفعيلة (هارون، 1086م: 68) برزت هذه الظاهرة في شعر نازک الملائکة، نجد في ديوان نازک قصائد لها فيها خروج عن الوزن المعروف. تقول نازک:
سَکَنَ اللیلُ
اُصغِ الی وَقعِ صَدی الأنّاتِ
في عُمقِ الظلمةِ تحتَ الصمتِ علی الأمواتِ
صَرخاتٌ تَعلو تَضطربُ
خزنٌ یَتدفَّقُ یَلتهِبُ
يتعثّر فيه صدی الآهات
في کلّ فؤاد غليانُ
في الکوخ الساکن أحزانُ
في کلّ مکان روحٌ تصرخ في الظلمات
في کلّ مکان يبکي صوت
هذا ما قد مزّقه الموت
الموت الموت الموت
يا حزن النيل الصارخ مما فعل الموت
طلع الفجرُ
أصغ إلی وقع خطی الماشين
في صمت الفجر، أصخ، أنظر رکبَ الباکين
عشرة أموات عشرونا
لا تُحض أصخ للباکينا
إسمع صوت الطفل المسکين
موتی موتی ضاع العددُ
موتی موتی لم يبق غدُ
في کلّ مکان جسد يندبه محزون
لا لحظة إخلاد لا صَمت
هذا ما فعلت کفّ الموت
الموتُ الموتُ الموت ( الملائکة، لاتا: ص 23)
و…
وهذا من مظاهر محاولة نازک الملائکة تحطيم عمود الشعر العربي. ورمزية هذه الطريقة تتمثل في أنها تحرر الشاعر من طغيان الشطرين ، فالبيت ذو التفاعيل الست الثابتة مثلاً، يضطر الشاعر إلى أن يختم الكلام عند التفعيلة السادسة، وإن كان المعنى الذي يريده قد انتهى عند التفعيله الرابعة ، بينما يمكنه الأسلوب الجديد من الوقوف متى يشاء.
اللغة فی الشعر الحر هی التی تطلب التمرد الفنی لأنّ لغة الشعر الحرّ تمیل إلی الاقتصاد فی التعبیر، فلیست معنیة بالشرح والتفصیل، والإسهاب فی توضیح أمر من الأمور، فالشعر مرتکزه الأول هوالشعور والعاطفة والإحساس، وکلها یعبّر عنها الشاعر بومضات مثیرة بأقل الألفاظ وأنسبها، ولذلک فإنک تجد قصیدة مکونة من بضع کلمات مکتفیاً الشاعر باللمحات الخاطفة التی تحویها الألفاظ (قاسم، 1991م: 136).
والحقیقة إن مصطلحَ الشعر الحرّ لایعنی التحرّر من الأوزان الشعریة، فللقصیدة أیضاً وزنُها وتفعیلتُها التی تستقلُّ بها. فالتطورات التی أحدثها روّاد الشعر الحرّ منحت الشاعر الحریة علی التوسع، فلا قافیةً تضایقه ولاعدداً معیناً للتفعیلاتِ یقفُ فی سبیله، ولیس هناک إلاّ تفعیلةً واحدةً یکرّرُها الشاعرُ کما شاءَ، أضف الی ذلک أن الموسیقیى التی تملکها الأوزان الحرة تجعل وزن القصیدة متدفقاً مستمراً دون توقفٍ (الملائکة، 1967م: 74).
التزمت نازك التفعيلة أساساً للشعر الحديث، ولكنها لم تخرج عن أوزان الشعر العربي، لكن المحدثين من الشعراء خرجوا عن القيود التي وضعتها. فكتبت تقول: إن الشعر الحر شعر موزون جاء على أوزان العرب تماماً في الأصل، ولست مسؤولة عما صار إليه الشعر الحر اليوم (الأرناؤوط، 2012م: 244).
- التمرد القبلي
فعلی الرغم أنّ الشعراء المعاصرين يعيشون في مجتمع متمدّن، ومتحضّر، ظهرت مظاهر الحياة الجاهليّة في أشعارهم، ومن هؤلاء الشعراء نازک الملائکة حيث تتحدث عن قصور الأغنياء. تقول نازک:
سرتُ بينَ القصورِ وحدي طويلا
أسألُ العابرينَ أينَ الطروبُ
فإذا فتنةُ القصورِ ستارُ
خادعٌ خلفَه الأسی والشحوبُ
لم أجِد في القصورِ إلا قلوبا
حائراتٍ وعالماً محزونا
ليسَ إلا قومٌ فيضيقونَ بالأيّ-
ام ضيقَ الجياعِ البائسينا
ليسَ تُنجيهم الغنی من يدِ الأش _
جانِ ليست تُنجيهم الکبرياءُ
ليسَ يَعفو المماتُ عَنهم فَهم حز _
نٌ وصمتٌ وحيرةٌ وبکاءُ
کم وراء القصور من مقل تب
کي وتشکو قساوة المقدور
کَم قلوبٌ تَودّ أن تبدّلَ القصر َ
بکوخٍ عَلی حفافِ الغديرِ
إن يَکونوا نَجوا من الجوعِ والفقرِ
ولم يَفترسهم الحرمانُ
فَلقَد طالما أحسّوا بجوعِ الروحِ
واستعبدتهم الأحزانُ
إن يَکونوا يقضون أيامَهم
بينَ الحريرِ الملونِ الجذابِ
فَقد تُعبر الدهورُ وهم موتی
علی الشوکِ والحصی والترابِ
إن يَکن في قصورِهم من سنا الأضواءِ
ما يَرجعُ الضلامُ ضياء
فغدا يخمد الضياءُ وتَبقي
ظلمةُ الليلُ بکرةً ومساءَ
ليس تنجي القصورَ من ربقةِ الحزنِ
إذا طافَ بالقلوبِ دجاهُ
کم غنيّ يَقضي الحياةَ شقيا
مغرقا في أنينه وبکاه
کلُ ما في هذا الوجودِ من الأموالِ
لا يَستطيع دفعَ الشقاءِ
کلُ تلک الکنوزِ ما غمرت قط
غنياً بساعةِ من هناءِ
يا طريقي ملَّ بي العيشةُ ما
عادَ جملَ القصورِ يحلو لعيني
لم أجد ومضةَ السعادةِ فيها
لم أجد غيرَ ظلِّ يأسٍ وحزن ( الملائکة، لاتا: 79 و80)
المتأمّل في هذه الأبيات يری أنّ التمرد والعدول عن الماضي ليس دائماً مناسباً لأحوال المجتمع وساکنيه، المجتمع المتحضر الذي يحتاج إلی القرار. الشاعر المعاصر تمرد علی المنازل في الجاهليّة وأيضاً تمرد علی الأخلاق والتعامل الاجتماعي بين الأفراد. أهذا التمرد إيجابيّاً أو لا. نعم إنّ المجتمع يحتاج إلى التطوّر ولکن التطور الذي لا يضرّ بالمجتمع. العرب الجاهليون يعيشون في الخيام ودائما في حالة الترحال من مکان إلی مکان آخر، حيث يتعاملون مع أفراد قبيلتهم وهم متعصبين لأمور القبيلة، کما رأينا في تاريخ الأدب الجاهلي. فکيف نحلّل العيش في الأدب المعاصر وماذا نقول عن الأفراد. لماذا يشتکي الشاعر من القصور والعيش فيها؟ نری التمرد القبلي في الأبيات التي ذکرناها. يبدأ الشاعر الحديث عن القصور في العهد المعاصر حيث لا عهد له عند الجاهليين. ترک الشاعر الحياة القبليّة وما فيها من الود والسلامة بعيداً عن الحزن والشجيّ وذکر القصور والساکنين فيها حيث ينعکس أيام الناس الذين يعيشون في القصور ويذکر آلامهم وتشکو الناس من السکن في المنازل الرفيعة وهم محتارون فيها. إنّ الغنی لا ينجيهم من الشجيّ وإن قضوا أيامهم بين الحرير الملون الجذاب وهم يبقون في أنيّة وبکاء حيث لم يجدوا ومضة السعادة فيها وليس فيه غير اليأس والحزن وهم يودون أن تبدّل القصور بالأکواخ وترجع الأيام الماضية والعيشة السالمة.
- التمرد الاجتماعي
کان شعر التمرد الاجتماعي يبدأ من نقطة الالتزام بقضية التغيير ، لأنّه يعرف جيداً أنّ الثبات تحجر عند وضعية واحدة بينما تنتقل الحياة في کلّ لحظة من النقيض إلی النقيض. إنّ بعض القيم اليوم کانت جرائم بالأمس، وکذلک فإنّ العلاقات الرابطة خلف کلّ ترکيب اجتماعي تتشکّل بشکل هذا الترکيب المستحدث والصائر بلا جمود ( العذب، 1976م: 284 ). ويمتاز شعر التمرد الاجتماعي عن غيره من شعر التمردات الأخری بکونه شعراً عاملاً في نقض بناء التقاليد التي تحکم حرکة الاجتماع البشري، أي بکونه شعراً متحرکاً علی أرض الواقعة بکلّ ثقله الوجودي، يناجز علی جنباته قيم التخلف، والظلم والسيطرة، أي أنّه يصير حرکة عضوية من حرکة الواقع في سعيها إلی الأفضل والأعدل بکلّ ما يعني ذلک من مکابدة ومعاناة واحتکاک. وليس مجرد تمرد سالب منسحب إلی عوالم الذات الماديّة أو الشعريّة، مسترسل في دوامة البکاء الرومانسي علی ضياع الجنة الموعودة أو الحلم الأسطوري المنشود علی أرض الواقع ( المصدر نفسه: 285). التمرد الاجتماعي إذن تعبير عن ضيق الفنان بفداحة التفاوت الطبقی ورفضه لغلظ القيم المتخلفة ومعارضته للجهود في کلّ شيئ وثورته في وجه الانسحاب والسلب، وقد برزت هذه الظواهر الأساسيّة کلها في الشعر العربي المعاصر ( المصدر نفسه: 286).
إنّ الحاجة إلی التقدير الاجتماعي تدفع الفرد إلی أن يکون موضوع قبول وتقدير واعتبار واحترام من الآخرين وإلی أن يکون له مکانة اجتماعيّة وأن يکون بمنأی من استهجان المجتمع أو نبذه، ومما يعزز الشعور بالأمن أيضاً انتماء الفرد إلی جماعة قويّة يتقمص شخصيتها ويوحد نفسه بها ( راجح، 1976م: 81).
كان العراق بلداً متأخراً سيطر عليه الجهل وفقد الأمن والنظام وخير وصف لحالة العراق هو وصف جريدة “صدى بابل فقد وصفته بأنه بلد حاق الخراب به والظلم والخوف والاضطراب وذكرت الفوضى التي حلت به وكيف كانت ضواحي بغداد تسلب وتنهب وتسرق. وما حاق بالحياة العامة من تأخير (عزالدين، 1960م: 13 و 14). وكان نظام العشائر هو النظام السائد فيه وتشير الباحثة أمل العبيدي إلى طبيعة التكوين الاجتماعي فتقول: “وكان المجتمع العراقي يعيش حالة مد بدوي وجزر حضاري فالبداوة تتمثل في القبائل البدوية والريفية وتشكل ثلاثة أرباع السكان تقريباً، أما الحضارة فتمثل في أهل المدن الذين يؤلفون الربع الباقي وكان أغلب السكان في القرن التاسع عشر من العشائر الذين يعيشون على النظام القبلي (العبيدي، 2005م: 19) . فالحضارة تكاد تكون معدومة في هكذا مجتمع ونرى السبب في ذلك يرجع إلى أن “أهل المدن لم يكونوا يمثلون قيم الحضارة تمثيلاً صحيحاً إذ كانوا محاطين بالقبائل وهي تهددهم دائماً بالغزو لذلك اضطروا إلى اتخاذ القيم البدوية حتى يدرأوا بها خطر القبائل عليهم لذا نجدهم يقابلون القبائل بمثل أسلحتها وقيمها فشاعت لديهم تقاليد العصبية والثأر فقد كانت المدن تعيش في حالة الانحطاط والخراب. في مجتمع کهذا نشأت شاعرتنا نازک الملائکة فثارت علی الأوضاع الاجتماعيّة (عزالدين، 1960م: 16 و 17).
يتبدی التمرد علی القيم والتقاليد في العصر الحديث، فقد تغيرت کثيرا من المفاهيم والأعراف لدی الشعراء، إنّ الشعراء في العصر الجاهلي يتحدثون عن الخمر والخمار ودکان الخمارين، إذاً الشعراء المعاصرون يتحدثون عن الرهبان والسلوک العرفاني. تواجه نازک الملائکة منذ البداية، البنية الاجتماعيّة المرتکزة علی العرف والتقاليد وهي تبتعد عن الجوانب السلبيّة وتطوي همّها على الجوانب الإيجابيّة حيث تقول:
سِر بنا يا طريقَ نحوَ ذلکَ الدير
فَقد نَتلقی الرضی والأمنا
فلعلَّ الرهبانُ قَد أدرکوا السرّ َ
المعمی الخافي الذي نتمنی
هؤلاءَ الزهادُ في القنةِ الخضراءِ
حيثُ الحياةُ صمتٌ مديدُ
ربما کاشفتهم الأنجمُ العلُ
يا بأسرارها وباحَ الخلودُ
مرحبا يا رهبانُ هل في حماکِم
من حديثِ عن کنوزنِا المفقودِ
هَل لمَستم بريقَه وشَذاه
هَل نَعمتم بِذلّه الممدودِ
إنّ في أفقِکم جلالاً وشعرا
وسکوناً مطلسمَ الأستارِ
وصلاةُ اللهِ تقطرُ حبّاط
َهرتها يدُ الدموعِ الغزارِ (الملائکة، لاتا: 186)
إنّ الفرد في الزمن الجاهلي في خدمة القبيلة ولم يکن الخروج علی نظام القبيلة سهلاً ليناً وهو دائماً في قبيلته ومتعهد بنظامها. إنّ لغة الشاعر الجاهلي واضحة تدلّ علی إحساساته نحو المجتمع وهو يرسم هذه الإحساسات بصدق واضح. إنّ الشاعر في الأدب القديم اهتمّ بالشعر الخمري اهتماماً تاماً، منهم الأعشی وطرفة بن العبد، بعضهم يفتخرون بشرائها وشربها دون توصيفها ما عدا قليلاً. نجد في العصر الإسلامي من الشعراء أدخلوا هذا اللون الخمري في قصائدهم مع تحريم الإسلام الخمرة وشربها، من هؤلاء الشعراء حسان بن ثابت الأنصاري وهو يصف الخمرة علی عادة الجاهليين وهو وصف فخريّ. الخمرة من الفنون التي ازدهرت في الأدب العباسي وإذا كان الجاهليون والأمويون قد سبقوا إلى ذكرها في مقدمات قصائدهم، لکن استخدامهم لها كان بشکل عرضي على خلاف العباسيين الذين قصدوها لذاتها. إذا تطرقنا إلی الشعر المعاصر وجدنا تمرد الشعراء علی عادات القديم. إنّ الشاعر في العصر الحديث غيّر نظرته إلی نواميس الحياة وترک الخمر والشعر الخمري ودکان الخمارين وأقبل علی الزهد والتمسک بالسلوک العرفاني والرهباني. يعتقد الشعراء القدامى أنّ الخمر تجلب القرار والراحة للشاربين، علی خلاف ما نری عند الشعراء المعاصرين وهناک بون شاسع بينهم. إنّ الدير والصلاة من المظاهر التي نراها عند المعاصرين والشاعر المعاصر يجلب قوة القلب بالصلاة وذکر الله. الجدير بالذکر أن نذکر تأثير التناص القرآني عند الشعراء المعاصرين، وهذا العصر من أزهر العصور التي تأثّر بنواميس الله.
- التمرد النفسي
لابد إنّ الأحداث على مختلف أنواعها سواء کانت نابعة عن محیط الأسرة أو المجتمع أو البیئة بمختلف أشكالها الثقافیة أو الاجتماعیة أو الاقتصادیة أو السیاسیة لها دور كبیر فی تشكیل شخصیة الإنسان وصهرها فی بوتقة واحدة تحوي العدید من الألغاز والأحاجي المكدسة فی دهالیز النفس الإنسانیة المظلمة، ولعل القول أو السلوك المضطرب یشیر إلى هذه التراكمات التی أسقطت فی حالة وعي ثم دفنت، ثم داء المثیر القوی الذی یبعثها على شكل متأرجح بین الوعی أحیانا واللاوعی أحیانا أخرى .والأدیب لیس بمعزل عن هذه الأحداث والظروف بل إنه جاء مرهوناً بها بسلوكه وأقواله وكتاباته فلا عجب أن نجد من یطالبون بتوظیف نظریات التحلیل النفسی فی الكشف عن مكنونات الأدیب المختلفة التی شكّلت إبداعه، ولا نلوم أؤلئك الذین ینادون بما یسمى علم النفس الأدبی، ومحاولاتهم حمل الإشارات والرموز المختلفة فی العمل الأدبی على مدلولات نفسیة مختلفة . ولذلك تعددت المناهج فی تناول الأعمال الأدبیة بین التاریخیة والاجتماعیة والنفسیة والجمالیة فی محاولة منها لسبر أغوار النفس والبحث عن ألغازها وتركیبها المعقد الذی ینعكس قولاً وسلوكاً أو عملاً (أمين، لاتا: 164).
برز التمرد النفسي في الشعر المعاصر، نجد مظاهر هذا التمرد في شعر نازک الملائکة إذ تقول:
إشهدي أيتها الأشجار أنّي
لن أری ثانيةً تحتَ الظلال
ها أنا أمضي ولا تبکي لحزني
لا يَعذبک إکتآبي وَابتهالي
خطواتي في الدجی لا تَحسَبيها
إنها آخر ما أخطو هنا
إنها رجعُ أغان لن تَعيها
سَوفَ تَذوي مِثلما تَذوي أنا
خُطواتي أي رَجع مُحزن
آه لو أسمع الصوتَ الکئيبا
ليتني أفقدُ حسّي ليتني
لم أشاهد ذلکَ الحلم الغريبا
أيّ حلمٍ ذابلٍ فوقَ الرمالِ
صغت فيه کلّ موسيقی حياتي
کلّ أحلام شبابي وخيالي
کلّ ما في خافقي من نغمات
ها أنا أرحلُ يا أشجارَ عنک ( الملائکة، لاتا، ص 188و 189)
يبدو التمرّد النفسي جلياً واضحاً في النص الشعري، فقد جاء النص، ترجمة لنفسية الشاعرة وما يرقد في أعماقها من نکبات وصراع و تحسّر من الدهر والمجتمع وهي تخاطب الأشجار وتأخذها شاهدةً علی الآلام والمصائب التي تحلّ بها. إنّ المجتمع کلّه شقاء ومصيبة ونازک لا تخفّف الحزن عن نفسها إلا بالرحيل. إنّ الشاعرة حين تخاطب نفسها، تريد أن تبث أفکارها إلی المجتمع وتجعله محزوناً وهي تشکو من الدهر دائماً. إنّ الشاعر في الأدب القديم ينطلق من نفسه فهو شاعر الاجتماع يعيش معهم،کأنّه ينسی نفسه، مثلاً يقول إمرؤالقيس مخاطباً أصحابه :« قفا نبک من ذکری حبيب ومنزل» إذا وقف امرؤالقيس أمام الرسم الخاليّ، أراد من أصحابه أن يقفوا، ويذرفوا الدموع جميعاً. أما الشاعرة المعاصرة تتحدث عن نفسها وتتمرد علی الماضي وعادة تتکلم بالصيغ المفردة ،وهي قليلاً ما تستعمل الصيغ الجمعية وطابع الصرامة والحدة. يتضح تمرد الشاعرة منذ البيت الأوّل فقد جاء الخطاب أشبه ما يکون بجرس المنبه، فکأنّ الشاعرة هي التي تبتغي أن تلفت انتباه الآخرين إليها وهي تتحدث عن حزنها وآلامها ودائماً تتکلم بالصيغ المفردة «أنا».
النتيجة
إنّ شخصية نازک الملائکة وطبيعتها المتمردة، هي التي ساقتها إلی الإبداع الفنّي، وهي قوّة للأدب والشعر إذ تتفاعل هذه العناصر مع أحداث المجتمع، بحيث يکون المجتمع هو المبدع وعلّة الإبداع في الوقت ذاته. إذا أمعنّا النظر في أشعار نازک الملائکة نری أنّ التمرد غلب علی کثير من أشعارها، وهدف الشاعرة هو التجديد والتحول في المجتمع بثورة علی العادات والتقاليد السائدة وقد اعتمدت الرفض منهجاً ثابتاً عندها. ونستنتج أنّ التمرد ليس دائماً مناسباً لأحوال المجتمع وساکنيه کما برز في التمرد القبلي عند نازک الملائکة، في دراستنا هذه وصلنا إلی أنّ أهم أشکال التمرد عند نازک الملائکة هي:
- التمرد الفني: ويبرز هذا النوع من التمرد في تحطيم عمود الشعر العربي القديم، والخروج عن بحور الخليل إلى تفعيلاتها. علی الرغم من دعوة نازک الملائکة إلی الخروج عن الأوزان التقليديّة، إلاّ أنّ هذه الدعوة لم تجد صداها، لأنّ الشاعرة نفسها حافظت علی الأوزان القديمة ولم تخترع وزناً مغايراً لأوزان الخليل ولم تزد عليها.
- التمرد القبلي: تتجلی هذه الظاهرة في مظاهر التمدن والمدنية في العصر الحديث مثل الحديث عن القصور العالية والعيشة المدنية وإن ظلّت الحياة القبليّة تتسلسل إلی أشعار نازک.
- التمرد الاجتماعي: اعتمدت الشاعرة في موضوع التمرّد الاجتماعي علی الأسلوب الحواري، ويظهر ذلک في الأعراف والمفاهيم التي ظهرت في العصر الحديث بدل العصر الجاهلي مثلاً تتحدث نازک عن الرهبان والسلوک العرفاني، بدل التحدث عن الخمر والخمار ودکان الخمارين في العصر الجاهلي.
- التمرد النفسي: تتحدث نازک عن نفسها وتتمرد علی الماضي وعادة تتکلم بالصيغ المفردة وهي قليلاً ما تستعمل الصيغ الجمعية وطابع الصرامة والحدة.
المصادر والمراجع
- الأرناؤوط، عبد اللطيف،2012م، تأملات في رسائل الأدباء، سورية: آفاق الثقافة.
- الأسدي، الکميت بن زيد، 1986م، شرح ديوان الهاشميات، ط2، بيروت: مکتبة النهضة العربيّة.
- أمين، أحمد، لاتا، ضحی الإسلام، ج1، بيروت:دار الکتب العربي.
- إبن منظور، محمد بن مکرم، 1989م، لسان العرب. نسقه وعلّق عليه ووضع فهارسه علي شيرازي، بيروت: دار إحياء التراث العربي.
- الخطيب، قحطان فؤاد، 1974م، مصطلحات مختارة في الأدب واللغة والدراما، بيروت: المطبعة الجمهوريّة.
- خليفة، عبد اللطيف،2003، دراسات في سيکوبوجيّة الاغتراب، القاهرة: دار غريب.
7.خليل جحا، ميشال، 1999م، الشعر العربي الحديث من أحمد شوقي إلی محمود درويش، ط1، بيروت: دار العودة.
- راجح، أحمد عزت، 1976م، أصول علم النفس، القاهرة: دار الکتاب العربي للطباعة والنشر.
- شاخت، ريتشارد، لاتا، الاغتراب، ترجمة كامل يوسف حسين، ط ٣ ، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
- ضيف، شوقي، 1991م، تاريخ الأدب العربي (العصر الباسي)، بيروت: دار النهضة العربيّة.
- عز الدين، يوسف، 1960م، الشعر العراقي الحديث وأثر التيارات السياسية والاجتماعية فيه، بغداد: مطبعة أسعد.
- فروخ، عمر، 1984م، تاريخ الأدب العربي، ج1، ط5، بيروت: دار العلم للملايين.
- قاسم، سمیح، 1991م، القصائد، المجلد الثالث، ط 1، بيروت: دارالهدی.
- المتنبي، أبوالطيب، 1980م، شرح ديوان المتنبي، وضعه عبدالرحمن البرقوتي، بيروت: دار الکتاب العربي.
- المرزوقي، علي أحمد بن محمد الحسين، 1951م، شرح ديوان الحماسة، نشره أحمد أمين وعبد السلام هارون.ط1، القاهرة: لجنة التأليف والترجمة.
- مصطفی، إبراهيم و الزيّات، أحمد حسن والآخرون، 1386هـ.ش، المعجم الوسيط، طهران: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر.
- الملائکة، نازک، ديوان. بيروت: لاتا، دار العلم للملايين،
- الملائکة، نازک، 1978م، قضايا الشعر المعاصر، ط5، بيروت: دار العلم للملايين.
المقالات
- 19. أمين، أحمد، 1995 م، «التمرد والرفض في شعر الحداثة»، مجلة الآداب ـ بيروت، العدد المزدوج 7 ـ 8.
الرسالات
- 20. جعفر، محمد راضي، لاتا، «الغربة والاغتراب في الشعر العراقي المعاصر»، مرحلة الرواد، رسالة ماجستير.
- 21. رشيد، بالخير، 2013م، «الاغتراب النفسي الاجتماعي وعلاقته باحتمالية الانتحار لدی الطلبة الجامعيين»، الماجستير، جامعة مولود معمري تيزي وزو، الجزائر، کليّة العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة، قسم علم النفس.
- 22. سلوم، سفانة داود، 2007م، «ظاهرة التمرد في أدبي الرصافي والزهاوي»، بغداد. رسالة ماجستير. وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
- العبيدي، أمل، 2005، الفکر النقدی في أدب الزهاوي والرصافي، رسالة ماجستير، بغداد.
- العذب، محمد أحمد، 1976م، «ظواهر التمرد في الشعر العربي المعاصر»، جامعة الأزهر، رسالة دکتوراه، قسم اللغة والنقد، کلية اللغة العربيّة.
1 . الدکتور صالح علي سليم، مجلة دمشق، المجلد 20، العدد (1+2)، 2004.
2 . سفانة داوود سلوم، رسالة ماجستير، جامعة بغداد، لم تنشر، 2007م.