لسانيات النص :المعايير التي طبقتها والصعوبة التي لاقتها والمناهج التي اختارتها
Text linguistics: the hardship it faced and the methods it chose
أ/ د أحمد قريش جامعة أبي بكر بلقايد تلمسان ـ الجزائر
Doctor. Ahmed Guerriche Aboubekre Belkaid University of Tlemcen – Algeria
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية العدد 81 الصفحة 115.
Summary:
Text linguistics used many concepts in its studies, and the “text” is only one of the most important of these concepts on which specialists, within this new field, base their studies and research The concept of the text became one of the fundamental concepts that contributed to opening new research areas.
Modern linguists had different positions with regard to the concept of the text. This is due to the multiplicity and variation of schools to which they belong. Their positions are mainly based on the consideration that the text goes beyond the limit of the sentence, including the search for a coalition of meaning between the basic structures within the different linguistic uses, and the disclosure of internal and external links. These considerations are related to the changes that relate to the processes of constructing and understanding the text according to the criteria that characterize it.
In terms of difficulties, text linguistics has encountered some hardships in building a pure methodology, establishing a coherent subject of study, and creating harmony between the components and elements of this specific linguistic field.
In terms of approaches, methods and means have varied in analyzing texts of various genres. Some approaches employ techniques specific to the discourse analysis sector, while others rely on the help of pragmatic theory, and some adopt semiotics, theories of reception, communication, psycholinguistics, and sociolinguistics.
Keywords: Linguistics, the text, criteria, difficulties, approaches
الملخص:
استثمرت اللسانيات الكثير من المفاهيم في دراساتها، وما النص ” texte ” إلا أحد أهم هذه المفاهيم التّي أسّس عليها المختصون – بهذا الميدان الجديد – دراستهم وبحوثهم. وكان للغويين المحدثين مواقف مختلفة في قضية النص تبعا للتّعدد المدارس التي ينتسبون إليها وتباينها، وترتكز في جملتها على اعتبارات تجعله – النص- يتجاوز حد الجملة، بالبحث عن ائتلاف المعنى بين التراكيب الأساسية داخل الاستعمالات اللغوية المختلفة والكشف عن الروابط الداخلية والخارجية، وترتبط هذه الاعتبارات بالتغيرات التي تتعلق بعمليات بناء النص وفهمه، وفق معايير تمييزه.
أما من حيث الصعوبات فإنّها قد واجهت بعضا من العوائق في بناء منهجية خالصة، وتأسيس موضوع دراسة متسق، وخلق التجانس بين مكونات وعناصر المجال اللساني الخاص.
أما من حيث المناهج فقد تنوعت الطرائق والوسائل في تحليل النصوص المتنوعة الأجناس، فمنها ما توظف تقنيات خاصة بقطاع تحليل الخطاب، ومنها ما تستعين بالنظرية التداولية، ومنها ما تتبنى السميائيات، ونظريات التلقي، والاتصال، والسيكولسانيات، والسوسيولسانيات.
الكلمات المفتاحية: اللسانيات، النص، المعايير، الصعوبات، المناهج.
الإشكالية: هل توصّل النّصّنيون إلى تعريف موحّد وجامعٍ للنَّصّ؟ هل وجدوا صعوبة في بناء الإطار النظري لهذه اللسانيات الجديدة؟ هل تمكنوا من إيجاد معايير تمييز النص عن النص؟ هل تنوعت في مجال لسانيات النص الطرق والوسائل في تحليل النصوص المختلفة الأجناس؟
المخطط: تمهيد، شرح مصطلح اللسانيات، شرح مصطلح النص، معايير النص، الصعوبات التي واجهت لسانيات النص، مناهج لسانيات النص، خاتمة.
المحتوى:
تمهيد:
تُجمِع الدراسات الحديثة على أن اللسانيات”Linguistique” : هو علم كلي يشمل كلّ دراسةٍ للظواهر اللغوية، وما يتعلق بها من مناحي الاتصال بالعلوم الأخرى على اختلافها. وتنضوي تحت عنوان فروع اللسانيات ومصطلحاتها: لسانيات النص، اللسانيات النفسية، واللسانيات الاجتماعية، واللسانيات الجغرافية، واللسانيات الأنثروبولوجية، واللسانيات الحاسوبية، واللسانيات السياسية، واللسانيات التربوية.
شرح المصطلح:
أولا: اللسانيات
لقد أرسى (فرديناند دي سوسير 1857 – 1913م)، قواعد هذا العلم الحديث في مُحاضراته التي ألقاها على طلابه ما بين عامي (1907-1913م). غير أنّ باكورة هذا العلم ظهرت عند بعض العلماء الغربيِّين قرابة مائة سنة قبل (فاردنان دي سوسير)، كالألماني (فرانز بوب 1791، 1867 م).
ثمّ تطور على أيدي عدد من الباحثين فيما بعد، أمثال: (بريس باران) الذي صنّف كتاب “أبحاث في طبيعة اللغة ووظائفها” سنة 1942م، و(بول شوشار) الذي كتب كتابه “اللغة والفكر” سنة 1956م، و(تشومسكي) صاحب كتابي: “اللسانيَّات الديكارتية”، و”الطبيعة الشكليَّة للغة” المنشوران 1966م، وغيرهم من أمثال (رومان جاكبسون) و(آيميل بنفنيست)([1]).
ثانيا: النص Texte
تعريف النص:
النص لغة: رفعك الشيء، نص الحديث ينص نصا: دفعه وكل ما أظهر، فقد نص ونصت الظبية جيدها: رفعته. ووضع على المنصة أي على غاية الفضيحة والشهرة والظهور.
والمنصة: ما تظهر عليه العروس لتُرى…ونصصت المتاع إذا جعلت بعضه على بعض..([2]) وأصل النص أقصى الشيء وغايته… ونص كل شيء منتهاه… والنص أصله منتهى الأشياء ومبلغ أقصاها…ونص الحقائق منتهى بلوغ العقل…([3])
وبالعودة إلى الأصل اللاتيني لكلمة نص في اللغات الأوروبية، فإننا نجد كلمتي: Texte أو text مشتقين من “Textus” بمعنى النسج “Tissu”المشتقة بدورها من Texere بمعنى نسج([4]).
والملاحظ على المعنى اللغوي لمادة (texte) فإنها تدل على معنى التماسك والترابط والتلاحم بين أجزاء النص، وذلك من خلال معنى كلمة “النسـيج” التي تؤشر إلى الانسجام والتضام والتماسك بين مكونات الشيء المنسوج ماديا، كما تؤشر معنويا أيضا على علاقات الترابط والتماسك من خلال حبك أجزاء الحكاية.
وقد حاول بعض اللغويين الجمع بين الدلالة المعجمية لكلمـة ” نـص” في العربية والفرنسية والإنجليزية، مع الإشارة إلى وجود فوارق دلالية بين تلك المعاجم، ناتجة عن التداول اللساني الذي يترجم نمطا حضاريا من الاستخدام اللغوي، ولاشك في أن معاني (نص) في القديم غيرها في الحديث، وعند العرب غيرها عند سواهم، وهذا أمر طبيعي تقتضيه التطورات والتغيرات الزمنية والمكانية التي تطرأ على معاني الألفاظ، ولكنّ بعض هذه المعاني، وبخاصة الثوابت منها، تتقاطع وتتلاقى؛ فالرفع مثلا يعيد النص إلى صاحبه، والتحريك صفة من أهم صفاته، فهو حوار بالـدلالة، أما الإظهار ففيه معنى الإنجاز والتمام، وإذا كانت العروس تُنَصّ على المنصة لتُرى في أجمل حُلّة وصورة لها فكذلك شأن النص الذي لا يخرجه صاحبه إلى الناس إلاّ في حالته التي يراها جميلة، ومن هنا كان معنى الحوليات في الشعر الجاهلي، ثمّ إنّ من معاني النص الافتضاح والإشهار ومنها قولهم: وُضع فلان على المنصة، أي افتضح واشتهر، ومن ذلك التحديد الوصول إلى الغاية والمنتهى في الجودة والبلاغة ([5]).
النص اصطلاحا:
ثمة اختلاف بين الاتجاهات اللسانيَة الحديثة في تعريف النَّصّ، يصل أحيانا حدَ التناقض والإبهام أحيانا أخرى؛ فلا تعريف مُعترف به من قبل عدد مقبول من الباحثين النَّصيين؛ لذا صار وجود تعريف جامعٍ للنَّصّ مسألة صعبة من جهة التَّصور اللغوي، مع هذا تظل محاولة الوصول إلى تعريف يضم أكبر عدد من الملامح الفارقة للنَّصّ محاولة مرجوة؛ فالوصف اللغوي للنَّصّ وصف معقّد يتجاوز حدود ما هو قائم في اللغة والواقعِ اللغويّ إلى ما هو غير قائم في اللغة، والواقعِ الخارجيّ، باعتبار أنّ المادة الفعليَّة التي تقدمها تراكيب اللغة ليست كافية لتقديم تفسيرات دقيقة للنَّصِّ ([6]).
وترجع صعوبة تحديد النَّصّ إلى ذاتية النَّصّ؛ فالنَّصّ “دائم الإنتاج؛ لأنَّه مستحدث، ودائم التخلف؛ لأنَّه دائما في شأن ظهورا وبيانا ويستمر في الصّيرورة؛ لأنَّه متحرك وقابل لكلّ زمان ومكان؛ لأنّ فاعليته؛ متولّدة من ذاتيته النَّصيَة، وهو إذا كان كذلك فإنّ وضعَ تعريف له يعتبر تحديدا يُلقي الصيرورة فيه، ويُعطل في النهايَة فاعليته النَصيّة”([7]).
وقد أفرزت الاتجاهات اللسانيَّة المتباينة كمّا هائلا من التعريفات لمصطلح (النَّصّ)، جعلت الباحثين يصنفونها على وفق معايير مختلفة؛ فمنهم من صنّفها بحسب الاتجاهات النقديّة([8])، ومنهم من صنفها بحسب صلتها بالبنى النَّصيّة والسياقات النَّصيّة ([9])، ومنهم من صنفها بحسب صلتها بالجملة ([10]). والتعريف السائد للنص هو الصّيغة المنطوقة أو المكتوبة التي صدرت عن المتكلّم أو المؤلّف في موقف ما، قاصدا دلالة ما وهذه الصيغة قد تكون لفظة، أو إشارة، أو جملة، أو متتاليات من الجمل المترابطة. هذا ما ذهب إليه (برنكر Brinker) الذي جعل من النص تتابع مترابط من الجمل، ويستخلص من ذلك أن الجملة بوصفها جزءا صغيرا ترمز إلى النص، ويمكن تحديد هذا الجزء بوضع نقطة أو علامة استفهام أو علامة تعجب، ثم يمكن بعد ذلك وصفها على أنها وحدة مستقلة نسبيا([11]). وهو – النص- عند الشريف الجرجاني (تـ 816هـ) ” ما لا يحتمل إلَّا معنًى واحداً، وقيل ما لا يحتمل التأويل “، أو هو “ما ازداد وضوحاً على الظاهر لمعنى في المتكلم، وهو سَوق الكلام لأجل ذلك المعنى، فإذا قيل أحسنوا إلى فلان الذي يفرح بفرحي، ويغتمُّ بغمِّي كان نصّا في بيان محبته”([12]).
ومنهم من لا يعتبر النص وحدة نحوية مثل الجملة أو شبه الجملة، بل هو أساس وحدة دلالية فـ”يمكن للنص أن يكون له أي طول لأنه ليس سلسلة قياسية من الوحدة النحوية. وبعض النصوص تتشابه في الحقيقة من حيث أنها يمكن أن تكون أقل من جملة واحدة في التركيب النحوي، مثل التحذيرات، العناوين، الإعلانات”([13]). والنص وحدة دلالية، وليست الجمل إلا الوسيلة التي يتحقق بها([14]). فهو يختلف عنها بالرغم من كونه يتألف منها؛ فالنص لا يتعلق بالجمل، إنما يتحقق بواسطتها([15]).
معايير تمييز النص:
يقتضي تناول النص كنظام متعدد الأبعاد من ثلاث جهات، من جهة المكونات النحوية، وهى ما تتعلق بالربط النحوي. ومن جهة المكونات الدلالية، وهي ما تتعلق بالترابط الفكري. ومن جهة القواعد التداولية وهو ما يتعلق بالخطط والأهداف([16]).
وقد أبـرز التـرابط بين أجـزاء النص الخصائص التي تسمه- بالنصية (texture)، ولهذا فالنص ليس ” مجموعة جمل فقط، لأنّ النص يمكن أن يكون منطوقا أو مكتوبا، نثرا أو شعرا، حوارا أو منولوغا. والنصية تميز النص عمّا ليس نصا، وتحقق وحدته الشاملة، ولكي تكون لأي نص نصية ينبغي أن يعتمد على مجموعة من الوسائل اللغوية التي تخلق النصية، وتسهم في وحدته الشاملة، وللتوضيح أكثر نسوق المثل التالي: (اجمع الكتب، ورتبها في الرفوف)، فالضمير(ها) في الجملة الثانية، يحيل قبليا إلى(الكتب) في الجملة الأولى، وما جعل الجملتين متسقتين هو وظيفة الإحالة القبلية للضمير(ها)، وبناء على ذلك فإنّ الجملتين تشكلان نصا”([17]).
وتوصّل اللسانيون إلى إيجاد معايير تمييز النصوص، جمعها (برينكر) في ثلاثة معايير: 1) وظيفة النص، وتقوم على نظرية أفعال الكلام قوامها السمات سياقية كانت أو نحوية أو موضوعية؛ فتتفرع النصوص بموجبها إلى خمسة أقسام: نصوص إبلاغية (خبر، تقرير، كتاب متخصص، نقد…)، ونصوص استجابة (إعلان دعاية، تعليق، قانون، طلب…)، ونصوص التزام (عقد، شهادة ضمان…)، ونصوص اتصال (شكر، خطاب تعزية…) ونصوص إعلان (وصية، مستند تعيين…).
2) معايير سياقية تراعى السياق التواصلي في تصنيف النصوص، بالاعتماد على مستويي الموقف، الأول: (شكل التواصل) الذي يمكن التمييز فيه بين خمس وسائل رئيسة بناء على الوسيلة، وهي: التواصل المباشر(وجهًا لوجه)، والهاتف، والإذاعة، والتلفاز، والكتابة. أما المستوى الثاني، فهو (مجال الفعل) الاجتماعي، الذي ينقسم إلى بدوره إلى ثلاثة مجالات: مجال خاص، ومجال رسمي، ومجال علني.
3) معايير تركيبية تتعلق بـ (موضوع النص)، الذي يعتمد على التحديد الزمني له متناسبا مع وقت الكلام، والعلاقة بين المرسل والمتلقي في إطار التوجيه المكاني. كما يعتمد على شكل البسط الموضوعي، فهناك بسط وصفي، وسردي، وإيضاحي، وحجاجي، والكيفيات التي يتم بها تحقيق أشكال البسط الموضوعي لها أهمية في التمييز بين أنواع النصوص، فمن المفترض أن يكون لكل شكل أساسي صيغ تحقيق محددة([18]).
ويلْزَم عند (روبرت دي بوجراند) كونه نصّا يؤدي حدثا تواصليا أنْ تتوافر له سبعة معايير مجتمعة([19])، ويزول عنه هذا الوصف، إذا تخلف واحد من هذه المعايير([20])، وهي: التماسك (الاتساق، أو السبك، أو التضام، أو الربط (cohésion)، و(الانسجام، أو الحبك، أو الالتحام، أو التقارن (cohérence)، والقصد (Intentionnalité)، والمقامية، أو الموقفية (Situtionalite)، والإعلامية أو الإخبارية (Informative)، والمقبولية (Acceptabilité)، والتناص (Intertextualité). فهو يجمع بين المتكلم، والمخاطب، والسياق، وأدوات الربط اللغوية الشكلية والدلالية، ومن هنا يتضح أنّ التحليل النصّي السليم، هو التحليل المبني على رؤية شاملة تتوافر فيها هذه العناصر المذكورة. وأغلب اللسانيين يصرّون على وحدة وتماسك النص، وهو القاسم المشترك لكل التعريفات التي تراهن على أن النص وحدة متكاملة تشدّها خاصية الترابط.
1) الاتساق أو التضام (cohésion):
يقصد به الترابط الرصفي القائم على النحو في البنية السطحية، بمعنى التشكيل النحوي للجمل وما يتعلق بالإحالة والحذف والربط وغير ذلك. أو هو بمثابة الطريقة التي يتم بها ربط الأفكار في بنية النص الظاهرة، وتتابع البناء الظاهري له باستخدام وسائل الربط النحوية، كحروف العطف، وأسماء الإشارة، والأسماء الموصولة، والتعريف، وطرق الوصل والفصل، والأبنية الدالة على الزمان والمكان وغيرها([21]).
وتمّ ترجمة هذا المصطلح إلى (السبك) ([22])، و(الربط النحوي) ([23])، و(التماسك) ([24])، وهو من المصطلحات التي استعملت في التراث النقدي والبلاغي العربيين([25]). فضّل بعضهم استخدام مصطلح (السبك) بدل الاتساق أو التضام أو الترابط الرصفي وغيرها، علما أنها كلها تقابل مصطلح (Cohésion) ومصطلح (السبك) أقرب إلى المفهوم المراد وأكثر شيوعا في أدبيات النقد القديم([26]).
الاتساق من المنظور التراثي
للاتساق ملامح واضحة في التراث اللغوي العربي، فالنص حسب القدماء يتشكّل بتعالق الوحدات البنائية، فكل الوحدات النحوية من جمل وأقوال، وتراكيب متسقة داخليا، أي أن هناك علاقات معينة بتوافرها تتحقق نصية النص، فيصبح كلاما موحد الأجزاء؛ متسقا. قال الجرجاني: “لا نظم في الكلم، ولا ترتيب حتى يعلق بعضها ببعض وتجعل هذه سبب من تلك”([27]). وأشار القرطاجني، إلى ذلك بقوله: ” لما يلاحظ في النظم من حسن الاطراد من بعض العبارات إلى بعض، ومراعاة المناسبة، ولطف النقلة”([28]). فهو يشير إلى ضرورة الانتقال من الجملة إلى النص من جهة مع ضرورة الاطراد، والاتساق في النص حتى يحقق مقصده وغايته. وصحة السبك والتركيب، والخلو من عيوب النظم والتأليف، شرط لكمال النظم، ووضوح الفهم، وهوالمعيار الأساس من المعايير النصية الذي جعلهم يشيدون بالشعر الجيد المسبوك.هذا ما جعل الجاحظ يعطي بواسطته توصيفا للشعر الجيّد بقوله: ” أجود الشعر ما رأيته متلاحم الأجزاء، سهل المخارج، فتعلم بذلك أنه أفرغ إفراغا واحدا، وسبك سبكا واحدا، فهو يجري على اللسان كما يجري الدهان”([29]). وهذا الكلام كما وصفه الجاحظ لا يكون كذلك إلا إذا كان متسقا.
كما تطرق السيوطي إلى الانسجام وحسن النسق بقوله: ” هو أن يأتي المتكلم بكلمات متتاليات معطوفات متلاحمات تلاحما سليما مستحسنا “([30]). والسلامة تتحقق بالاتساق في النص. ويرى الزمخشري أنّ الروابط التي تجمع آي القرآن، هي روابط اتساقية دلالية([31]). ويرى في ذلك الزركشي أيضا أنّ ارتباط آي القرآن بالطريقة التي تستدعي فيها آية ذكر آية أخرى بشكل متناغم متلائم متسق([32]). وهو عند ابن أبي الأصبع المصري في (باب الانسجام): ” أن يأتي الكلام متحدّرا كتحدّر الماء المنسجم بسهولة سبك و عذوبة ألفاظه، وسلامة تأليف، حتى يكون للجملة من المنثور، والبيت من الموزون وقع في النفوس وتأثير في القلوب ما ليس بغيره”([33]).
أما المحدثون فقد استعمل محمد خطابي مصطلح الانسجام، إذ يرى أنه: ” ليس هناك نص منسجم في ذاته، وغير منسجم في ذاته باستقلال عن المتلقي، بل إن المتلقي هو الذي يحكم على نص بأنه منسجم، وعلى آخر بأنه غير منسجم “([34]). واستعمل تمام حسان مصطلح الاتساق الذي هو عنده بمثابة: ” إحكام علاقات الأجزاء، ووسيلة ذلك إحسان استعمال المناسبة المعجمية من جهة، وقرينة الربط النحوي من جهة أخرى، واستصحاب الرتب النحوية إلا حين تدعو دواعي الاختيار الأسلوبي، ورعاية الاختصاص والافتقار في تركيب الجمل”([35]). إلا أنّ ملامح مصطلح الانسجام تجعله أعم من الاتساق بل يحتويه.
ويتحقق الاتساق حينما تتحقق علاقة قضوية بين الجمل، يعني أن الاتساق علاقة صريحة بين قضايا تعبّر عنها الجمل، وتبرز هاته العلاقة بالمرور على مستويين، وهما المستوى النحوي والمستوى المعجمي، وهما نوعان يؤكدان فعالية [السبك] الاتساق وإبراز حدوده([36]).
النوع الأول: السبك المعجمي (Lexical Récurrence): يتحقق السبك المعجمي بين المفردات أو الألفاظ عبر ظاهرتين لغويتين:
أ) المصاحبة المعجمية (Collocation) ويراد بها العلاقات القائمة بين الألفاظ في اللغة مثل علاقة التضاد، وعلاقة التقابل، وعلاقة الجزء بالكل، وعلاقة الجزء بالجزء، مما يشيع في اللغة عامة([37]).
ب) التكرار (réitération)، وهو: تكرار اللفظة الواحدة باللفظ أو بالمعنى. وله أنواع عند البلاغيين منها:
1) التكرار: بمعني أن يتكرر المتكلم اللفظة الواحدة باللفظ أو المعني.
2) التكرير: أن يدل اللفظ على المعني مردودا، كقولك: ” أسرع، أسرع “؛ فإن المعني مردد، واللفظ واحد.
3) التصريع: وهو من المكرر في الشعر، وهو أن يكون في البيت لفظة واحدة وسطا وقافية.
4) الترديد: وهو أن يعلق المتكلم لفظة من الكلام بمعنى، ثم يرددها، أو يعلقها بمعني آخر، ومنه قوله تعالي: (وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ). سبأ: 36. وقوله تعالى: (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا).الروم:7.
5) المردد: هو من الجناس غير تام، هو الذي يلي أحد المتجانسين فيه الآخر، ويسمي مردود، ومزدوج ومكرر مثل قوله تعالى: (وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ). النمل: 22.
6) المردوف: وهو من الجناس الناقص ـ أيضا ـ، إذ يختلف فيه اللفظان بالزيادة والنقص، كما في (ساق ومساق، وحال ومحال)
كما ميّز البلاغيون بين:
1) التكرار المحض (اللفظي) أو (التام)، وفيه نوعان: التكرار القريب: إذ يتجاور فيه اللفظان المكرران، كما في (أولي لك فأولي)، أما التكرار البعيد فيوجد فاصل بين المكررين سواء أكان متوسطا أم طويلا، وهذا النوع شائع في الكلام.
2) التكرار الناقص: وهو من أنواع الجناس، وفيه نوعان: إما بالزيادة والحذف، مثل (ساق و(مساق)، وهو المردد، وإما بتغيير أحد حروف الكلمة، مثل (نبأ) و(سبأ)، وهو مردوف.
3) التكرار من حيث متعلقه، وفيه نوعان: التكرار لمتعلق واحد، وهو الشائع، أو التكرار لمتعلقين مختلفين، كما في (أسباب المنايا) و(أسباب السماء).
وهو في الدراسات المعاصرة عبارة عن تكرار لفظين يكون المرجع فيهما واحد، مثل عودة الضمير على متقدم نحو قولنا: (السماءُ نجومُها مضيئةٌ ) فالضمير (ها) يعود على متقدم هو السماء، ولا يمكن تفسيره إلا بالرجوع إلى ما يحيل إليه، ومن ثم ترتبط الكلمة (الثانية) بالكلمة الأولى. وهو عند (هاليداي) بأنه: ” أية حالة تكرار يمكن أن تكون الكلمة نفسها أو مرادف أو شبه مرادف، كلمة عامة أو اسما عاما”([38])، لكن هذا لا يعني دوما أن العنصر المكرر له نفس المحال إليه، بمعنى أنه قد تكون بين العنصرين علاقة إحالية وقد لا تكون، وفي الحالة الأخيرة نكون أمام علاقات أخرى فرعية([39])، وعندما يجعل اللاحق إلى السابق أو العكس يحدث السبك بينهما، لتوضيح المسألة أكثر يجدر بنا سوق المثال التالي لـ(هاليداي): “اجمع الكتب، ثم ضعها في رفوفها”. فالضمير (ها) في الجملة الثانية يحيل إلى (الكتب) في الجملة الأولى، كما أنه لا يمكن تفسيره إلا بالرجوع إلى ما يحيل إليه، وبالتالي ترتبط الجملتان وتشكلان نصا قد قدم الضمير (ها) وظيفة الاحالة القبلية والتي أدّت إلى السبك وهو شكل من أشكال الإحالة ؛ فالإحالة إلى سابق (Anaphore) تكون عندما تحيل إلى عنصر لغوي متقدم وقيل أنها إحالة بالعودة حين تعود إلى مفسر أو عائد (Antécédent)، ومنها يجري تعويض لفظ المفسر الذي كان من المفروض أن يظهر حيث يرد المضمر.
النوع الثاني السبك النحوي، ويضم:
أ) الإحالة Reference: الإحالةُ مصطلحٌ قديم، لكن بالتوسّع في استعماله في علم اللغة النصّي أعطاه صبغة جديدة، ولم يتّفق اللغويون النصّيون على تعريف مُوحّدٍ له. وهي عند اللسانيين تلك العلاقة لتي تربط بين العبارات من جهة وبين الأشياء والمواقف في العالم الخارجي الذي يشير الية العبارات من جهة أخرى([40]). أو هي تلك العلاقة القائمة بين الأسماء والمسميات وتعني العملية التي بمقتضاها تحيل اللفظة المستعملة على لفظة متقدّمة عليها، فالعناصر المحيلة كيفما كان نوعها لا تكتفي بذاتها من حيث التأويل، إذ لابد من العودة إلى الحالية. و تتوزع مقومات الإحالة كما يلي:
1) المتكلم أو الكاتب الصانع للنص، وبقصده المعنوي تتم الإحالة إلى ما أراد، وهي عمل إنساني.
2) اللفظ المحيل، وهذا العنصر ينبغي أن يتجسد إما ظاهرا أو مقدرا، كالضمير أو الإشارة، وهو سيقودنا من اتجاه إلى اتجاه خارج النص وداخله.
3) المحال إليه، ويكون إما خارج النص أو داخله من كلمات وعبارات أو دلالات، وتفيد معرفة الإنسان بالنص وفهمه في الوصول إلي المحال إليه.
4) العلاقة بين اللفظ المحيل والمحال إليه، ويتطلب التطابق بين اللفظ المحيل والمحال إليه.
وإذا كانت الإحالة عبارة علاقة دلالية، فهي من ثم لا تخضع لقيود نحوية بل تخضع ليود دلالية، هو وجوب تطابق الخصائص الدلالية بين العنصر المحيل والعنصر المحال إليه.
وتتوافر كل لغة طبيعية على عناصر تملك خاصة الإحالة وهي: الضمائر وأسماء الإشارة و الأسماء الموصولة و أدوات المقارنة.
ب) المقارنة:LES PRENONS تكتسب الضمائر في هذا المجال أهمية بصفتها نائبة عن الأسماء والعبارات والجمل المتتالية، ولا تقف بين أهميتها عند هذا الحد، بل تتعداه إلى كونها تربط بين أجزاء النص المختلفة شكلا و دلالة. ولهذه الأهمية لم يغفل القدماء والمحدثون دورها – كل حسب بيئته وما يهدف إليه من التحليل- في تحقيق التماسك الشكلي والدلالي. فتشكيل المعنى وإبرازه يعتمد على وضع الضمائر داخل النص، وتكمن أهمية الضمير في كونه يحيل إلى عناصر سبق ذكرها في النص، وله ميزتان، الأولى: الغياب عن الدائرة الخطابية، والثانية: القدرة على إسناد أشياء معينة.
2) التقارن أو الانسجام أو الترابط الفكري (cohérence )([41]):
يُقصد به الطريقة التي يتم بها ربط الأفكار داخل النص ويظهر هنا الربط المنطقي للأفكار التي تعمل على تنظيم الأحداث والأعمال داخل بنية الخطاب، ويشتمل على الإجراءات المستعملة في إثارة عناصر المعرفة، من مفاهيم وعلاقات، منها علاقات منطقية كالسببية، ومنها معرفة كيفية تنظيم الحوادث، ومنها أيضًا محاولة توفير الاستمرارية في الخبرة البشرية.
والانسجام أشمل وأعمق من الاتساق، ويتطلب الانسجام من المتلقي الاهتمام بالعلاقات الخفية التي تنظم النص وتوّلده. ولهذا أعطى علماء النص أهمية كبيرة للانسجام باعتباره “خاصية دلالية للخطاب تعتمد على فهم كل جملة مكوّنة للنص في علاقتها بما يفهم من الجمل الأخرى”([42]). ويهتم الانسجام بالاستمرارية الدلالية المكمونة في منظومة المفاهيم والعلاقات الرابطة بينها. و تتطلب هذه العلاقات من القارئ جهدا في التفسير والتأويل واستخدام ما في مخزونه من معلومات عن العالم.
ويعتمد الاتساق على مجموعة من الوسائل المتحققة في ظاهر النص، أما الانسجام يبدو أكثر ارتباطا باستراتيجية القول الدلالية و التداولية لإقامة علاقات متماسكة بين وحدات النص. ويعتبر السياق والمعرفة بالعالم من أهم مبادئ الانسجام إذ يوفر السياق جملة من المعطيات والمعلومات الضرورية لتأويل الخطاب، وهي معطيات لا توفرها الخصائص النحوية والمعجمية للصيغة اللغوية بل توجد مبادئ وأصول تنظمه، أهمها مبدأ التأويل القائم على اعتماد المقام الذي يحدث فيه الخطاب و مبدأ التشابه القائم على ضرب من الربط بين النص الحاضر و نصوص أخرى وعلى المعرفة الخلفية ([43]).
3) القصـد أو القصدية (Intentionnalité):
وهو التعبير عن هدف النص الذي يغدو وسيلة للوصول إلى هدف محدد. ويقصد بها قصدية منتج النص، لإنتاج نص متماسك ومتناسق، باعتبار أنّ منتج النص فاعل في اللغة مؤثر في تشكيلها وتركيبها كونه أداة لخطة موجهة لهدف؛ أي الهدف من إنشاء النص، وأن مثل هذا النص وسيلة “ instrument ” من وسائل متابعة خطة معينة للوصول إلى غاية يعينها. إذ يقول (جون أوستينJohn. L. Austin ): ” إن اللغة نشاط وعمل ينجز.. بنية وقصد يريد المتكلم تحقيقه، جراء تلفظه بقول من الأقوال”([44]). فالقصد يتضمن موقف منشئ النص من كون صورة ما من صور اللغة قصد بها أن تكون نصا يتمتع بالسبك والالتحام، وأن مثل هذا النص وسيلة من وسائل متابعة خطة معينة للوصول إلى غاية بعينها([45]). ولقد جعل (جراند) من هذه البنية معيارا قائما بذاته يتضمنه كل نص، لأن النصوص مدونة كانت أو محكية يتم تركيبها عن قصد من قبل على هيئة وحدات كاملة متميزة ذات بدايات و نهايات محددة([46]).
4) المقامـية أو الموقفية (Situtionalite):
وهي تتوافق مع مبدأ لكلّ مقام مقال لأنّها تتعلق برعاية النص للموقف والظروف المحيطة بـه، أي التعلق بالسياق الثقافي والاجتماعي للنص. وتشتمل على العوامل التي تجعل النص ذا صلة بموقف حالي، أو بموقف قابل للاسترجاع. ورعاية الموقف يقصد بها العوامل التي تجعل النص مرتبطاً بموقف سائد يمكن استرجاعه، أي ضروري أن ” يكون النص متساويا مع الموقف و نوعية المشتركين في الخطاب”([47]). فالموقفية مناسبة النص للموقف، فعلى سبيل المثال: لا يغنِّي الأستاذ في المدرج، ولا يرقص الطلاب، لأنّه خروج على الأنماط والأعراف المتعارف عليها الذي يُذهب بمصداقية الكلام و يخرج النص عن مقتضى الحال، و يخرجه إلى اللانص. ونحو قوله تعالى: (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ). يس: 69، فـ” ما” في الآية نافية لا موصولة كما يسمح بذلك احتمال الكلام هنا .
5) الإخبارية أو الإعلام (Informative):
وهو العامل المؤثر بالنسبة لعدم الجزم في الحكم على الوقائع النصية أو الوقائع في عالم نصي في مقابلة البدائل الممكنة([48]).
إذ يرمي كل نص من النصوص إلى أن يقدم لقارئيه وسامعيه بعض المعلومات في مختلف الأماكن عبر كل العصور، وتختلف طريقة وضع المعلومات في النص بحسب نوع النص، معناها أن يكون للنص مضمون يريد إبلاغه للمتلقي، حيث يحمل كل نص قدرا معلوما من القدرات الإخبارية، وهو ما ينتظره المتلقي ويتوقعه. فواقع كل نص يتضمن جملة من المعلومات بأي شكل من الأشكال، فهو يوصل على الأقل معلومات محددة، غير أن الكم الإعلامي هو الذي يوجه اهتمام السامع. حيث أن كمية المعلومات التي يحتوي عليها النص تقل لما يتحول النص إلى التعبير الأدبي، وتصل المعلومات إلى أدنى مستوى لها حيث يكون النص قصيدة شعرية؛ لأن القصيدة الشعرية تقوم على فكرة تتضمنها كلمة واحدة أو عبارة واحدة، ويكون ما في القصيدة مجرد توسعه للفكرة الأساسية. .و كذلك الأمر بالنسبة للكتابة الروائية، ولكن بدرجة أقل؛ إذ يستطيع أديب أن يكتب لنا قصة عن “الحرية” مثلا التي يمكن أن تجعلها في بضعة أسطر أو في كتاب، ويكون ذلك حشوا وظيفيا، باعتبار أن لكل نص إعلامية صغرى على الأقل تقوم وقائعها في مقابل عدم الوقائع([49])، لأن هذه الأعمال يجب أن تحمل للقارئ ولو رؤية بسيطة لهذا العالم. وإذا كان الحشو الوظيفي مقبولا في الأعمال الأدبية، فهو غير مقبول في غيرها. ويمكن أن تنتهي الإعلامية برفض النص، إذا كان يتضمن أدنى المعلومات. تقتضي الإعلامية والإخبار أن يحمل كل نص قدرا معلوما من القدرات الإخبارية.
6) القبول أوالمقبولية أوالتقبلية أوالاستحسان (Acceptabilité):
وهو معيار يركز على المتلقي )السامع/القارئ(، ويتحقق ذلك من خلال مستوى علاقة النص بالملتقى، ويقصد به موقف متلقي النص حول توقع نص متماسك ومتناسق إزاء كونه صورة من صور اللغة ينبغي أن يكون مفهوما ومقبولا([50])، باعتباره متضامًا متقارنًا ذا نفع للمتلقي وذا صلة به. وبعبارة أخرى هو ما يتعلق بموقف المتلقي من النص من حيث قبوله أو رفضه.
ولذا لابدّ أن يكون النص مقبولا لدى متلقيه، فلا يشعر أن فيه قصورا أو نقصا، أو تشويها من حيث الأسس العامة التي يقوم عليها النص.
والقبول صفة تعني أن النص يمثل صورة من صور اللغة تتميز أجزاؤها بالتماسك المحدد للدلالة، وهذه صفة يضعها نحو النص في مقابل موافقة القياس ومطابقة القاعدة، كعدم التردد – مثلاً ـ في الأوجه الإعرابية المختلفة المحتملة في الموضع الواحد، ومن جهة أخرى يسخر كل صفاته كالتناصّ ورعاية الموقف والإعلامية وغيرها لاتخاذ قرار يؤدي إلى تحديد المعنى([51]). وانعدام التردد في أوجه الإعراب ما ينتج عن أن المصدر من المحتمل أن تكون إضافته إلى الفاعل أو المفعول، نحو: إسعاد الأبناء من سعادة النفس. أو التردد الناتج عن أن الصفة بعد المتضايفين صالحة لكل منهما، نحو: فهمت درس اللغة العربية .
7) التناص (Intertextualité):
فالحافز الذي دفع إلى الاهتمام بفكرة تداخل النصوص هو محاولة معرفة الكيفية التي ينتج بها المتحدثون نصوصا جديدة، ويتلقون بها نصوصا لم يسمعوها من قبل. وعلى هذا صار الأدب عند (رولان بارثBarths ) نصا واحدا، لأن جميع الأعمال الأدبية هي من صنع كاتب واحد غير زمني، وغير معروف([52])، فكل نص عنده تناص، إذ أن النص الواحد مليء بالنصوص )نصوص قبله، نصوص تحيط به، نصوص كامنة فيه(..، ولذلك فالتناص في منظوره ” ليس دائما سرقة، و إنما قراءة جديدة، أو كتابة ثانية ليس لها نفس المعنى الأول، ومن هنا كان التناص صورة تضمن للنص وضعا ليس للاستنساخ و إنما للإنتاجية”([53]). وقدرة الكاتب على التفاعل مع نصوص أخرى لكتاب آخرين لا تتأتى إلا بـ “امتلاء” خلفيته النصية بما تراكم من تجارب نصية، و قدرته على تحويل تلك الخلفية إلى تجربة جديدة تسهم في التراكم النصي القابل للتحويل والاستمرار بشكل دائم.
وهذه العلاقات التي تنشأ بين نص أدبي وغيره من النصوص([54]). جعل (جوليا كريستيفا) تصف التناص بأنه ” نصوص تتم صناعتها عبر امتصاص، وفي الوقت نفسه عبر هدم النصوص الأخرى للفضاء المتداخل نصياً”([55]).ويرى محمد مفتاح أنه ” تعالق نصوص مع نص حديث بكيفيات مختلفة”([56]).
وبناء التناص بصورة أساسية لا ينجز إلا بعلاقته بالنص، فما التناص إلا بالنص. أي أنه – النص – ” مبني على طبقات، وتتكون طبيعته التركيبية من النصوص المتزامنة له والسابقة عليه “([57]). وهو نوع من تأويل النص، أو هو الوسط الذي يتحرك فيه القارئ بحرية معتمداً على رصيده المعرفي، وذلك لإرجاع النص إلى عناصره الأولى التي أسهمت في تشكيله([58]).
وخلاصة ذلك كلّه أنّه يمكن تصنيف هذه المعايير السبعة السالفة الذكر كالتالي:
1) ما يتصل بالنص في ذاته وهما معياران: السبك والحبك.
2) ما يتصل بمستعملي النص سواء أكان المستعمل منتجا أم متلقيا، وذلك يتمثل في معياري: القصد والقبول.
3) ما يتصل بالسياق المادي والثقافي المحيط بالنص، وتعني به معايير: الإعلام والموقف والتناص .
الصعوبات التي واجهت لسانيات النص.
لقد واجهت لسانيات النص بعض الصعوبات في:
أ) بناء منهجية خالصة.
ب) تأسيس موضوع دراسة متسق .
ج) خلق التجانس والوحدة النظرية بين مكونات وعناصر المجال اللساني الخاص .
وبدت هذه الصعوبات عند التوزعيين، وكان (زليج هاريس) أول لساني توزيعي يذيع قواعد لسانيات النص في إطار تحليله للخطاب الاشهاري بأمريكا متواليات لغوية وملفوظات مترابطة ومتعادلة، تتجاوز حدود الجملة الواحدة المعزولة عن السياق. والملاحظ أنّ الصّعوبات في بناء الإطار النظري لهذه اللسانيات الجديدة ترجمها اختلاف السياق الأيديولوجي والمسلمات والمنهجيات بين أقطابها من أوروبا وأمريكا. لذلك فإن طريقة (إميل بنفنيست) و(جاكبسون) تخالف طريقة (زليج هاريس) كثيرا: إنهما كانا يبحثان جاهدين عن طرق تنميط المتكلم لخطاباته، من خلال تحمله المسؤولية أم لا، أثناء عملية التلفظ. يرى (بنفنيست) أن المتكلم يضع بعض الشروط والقيود بالنسبة لعلاقته بملفوظه وبالعالم. لقد مكن هذا التصور الجديد على تأسيس لسانيات النص والخطاب عن طريق نظرية التلفظ([59]). برزت على إثر ذلك رؤية أخرى في معالجة النصوص من أهم ميزاتها :
أ) مقاربة تضمينات واقتضاءات النصوص المتنوعة .
ب) بلورة مقاصد المتكلم بالنسبة للنص .
ج) التفاعلات الخاصة بالملفوظات اللسانية .
د) المواقف والسياقات والمقامات المرتبطة بالخطاب .
مناهج لسانيات النص
تعنى لسانيات النص بدراسة النص، وتحتل النصـية فيها الحلقة الرئيسة لأنها تجري على تـحديد الكيفيات التي ينسـجم بها النص/ الخطاب (Texte/Discours) وتكشـف عن الأبنية اللغوية وكيفية تماسكها وتجاورها، من حيث هي وحدات لسانية؛ تتحكم فيها قواعد إنتاج متتاليات([60])، ويتسم هذا العلم بتشبعه إلى حد بعيد، إذ أننا لا نجد إلا قدرا ضئيلا من الاتفاق حول مفاهيمه وتصوراته، ومناهجه فقد استوعب حدا لا يستهان به من المفاهيم نظرا لكثرة منابعه، وأخذت اتجاهات البحث في لسانيات النص أشكالا عدة تبعا للأسس التي يستند إليها هذا العلم، فنجد اتجاها يعتمد على علم اللغة الوصفي وآخر يعتمد على علم اللغة الوظيفي وثالثا يقوم على علم اللغة التركيبي.
والمنهجيات التي تنتهجها لسانيات النص المعاصرة تعرف بعض الخلل والتشتت المعرفي، وغياب الإحاطة الشاملة بطرائق وتقنيات تنظيم النص، وشبكة العلاقات الرابطة بين عناصره([61]). ولذا تنوعت في مجال لسانيات النص الطرائق والوسائل في تحليل النصوص المتنوعة الأجناس، فمنها ما توظف تقنيات خاصة بقطاع تحليل الخطاب، ومنها ما تستعين بالنظرية التداولية، ومنها ما تتبنى السميائيات، ونظريات التلقي، والاتصال، والسيكولسانيات psycholinguistiques والسوسيولسانياتsociolinguistiques .
والمنهجيات المعتمدة ليست لسانية بنيوية structurelداخلية مغلقة، أو توليدية générative، تتجاوز البني اللغوية السطحية الظاهرة لتغوص في تأويلات مقعدة تخص البنى العميقة المضمرة ومعرفة المتكلم المثالي المتخيل بلغته، بل إنها تحمل أبعادا غير لغوية تنتمي إلى المجال النفسي، والاجتماعي، والسيميائي، والعرقي ethnographie، والسلالي ethnologie، والسرديnarrative ، وغيره([62]).
وفضّل (شارل مولر) طريقة تهتم بالإحصاء المعجمي للكلمات المتطابقة، وهي طريقة تأسيس مجال (تخطيب النص)([63])، وتطوير الأجهزة الإحصائية المتعلقة بالمعالجة الإعلامية (علاقة: درجة/ تردد). يتم في هذا المجال تحديد الترددات récusions والتكرارات répétitions المتطابقة ومقارنتها بترددات وتكرارات أخرى. كما أنّ هناك اتّجاها لسانيا يعالج المقابلات الموجودة بين المداخل المعجمية المنتمية إلى نفس المتوالية النصية أو إلى متواليات أخرى ترتبط بالمدخل المعجمي ذاته([64]).
الخاتمة:
يعدّ التعريف الجامع للنَّصّ مسألة صعبة من جهة التَّصور اللغوي، وظلّت محاولة الوصول إلى تعريف يضم أكبر عدد من الملامح الفارقة للنَّصّ محاولة مرجوة.
وآية ذلك كلّه فإنّه لا يتحقق للنص نصانيته حسب (درسلر ودبيوغراند) إلا بالمعايير السبعة المذكورة آنفا.
إنّ التتابع والتواصل والترابط بين الأجزاء المكونة للنص تحقق له استمرارية من منظور نحو النص، حيث تتجسد هذه الاستمرارية في ظاهره، ويقصد بظاهر النص الأحداث اللغوية المنطوقة أو المسموعة أو المكتوبة أو المرئية في تعاقبها الزمني.
وينبغي أن يفهم نحو النص على أنه فهم لأوجه الترابط المتجاوزة للجملة وتغيّر التركيب في كل جملة على حدى على أساس معطيات نصية، وضمّه لأشكال مختلفة من الأنحاء التي تنصب على النص بمراعاة اختلافات الاتجاهات اللغوية والأصول التي قامت عليها.
مازالت المنهجيات التي توظفها لسانيات النص المعاصرة تعرف بعض الخلل في عدم الإحاطة الشاملة بطرائق وتقنيات تنظيم النص وشبكة العلاقات الرابطة بين عناصره، ولذا واجهت بعض الصعوبات في بناء منهجية خالصة في تأسيس موضوع دراسة متسق، وخلق التجانس والوحدة النظرية بين مكونات المجال اللساني .
المصادر والمراجع:
([1]) الإتقان في علوم القرآن، جلال الدين السيوطي، تحقيق مصطفى ديب البغا، ط (2)، دمشق دار ابن كثير، 1993م. زائد تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبـة العصرية،ــ بيـروت، لبنـان، 1408هـ/1988م.
(2) أرشيف ملتقى أهل التفسير، إعداد: أبو محمد المصري، أدخله للشاملة أبو زرعة حازم من أعضاء ملتقى أهل الحديث.
(3) الأسلوبية وتحليل الخطاب، دراسة في النقد العربي الحديث، تحليل الخطاب الشعري والسردي: نور الدين السد، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 1997م.
(4) الأسلوبية و ثلاثية الدوائر البلاغية: عبد القادر عبد الجليل، دار صفاء للطباعة والنشر والتوزيع، 2002م.
(5) أصول تحليل الخطاب في النظرية النحوية العربية، تأسيس نحو النص: محمد الشاوش، سلسلة اللسانيات، جامعة منوبة، كلية الآداب بمنوبة، المؤسسة العربية للتوزيع، بيروت، تونس 2001م.
(6) البديع بين البلاغة العربية واللسانيات النصية: جميل عبدالمجيد، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1998م.
(7) بديع القرآن، ابن أبي الإصبع المصري، تحقيق: د. حفني شرف، نهضة مصر، القاهرة، ط (2)، 1966م.
(8) البرهان في علوم القرآن: الزركشي، دار الفكر، تحقيق محمد أبو الفضل إبـراهيم، دار الفكـر، ط(3)، 1400هـ/1980م.
(9) البنيوية في الأدب: روبرت شولز، ترجمة: سعيد الغانمي، المؤسسة الجامعية، بيروت، 1994م.
(0[1]) البيان والتبيين: أبوعثمان عمر بن بحر الجاحظ، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الجيل، بيروت. زائد تحقيق: عبد السلام هارون، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2003م.
(1[1]) تحليل الخطاب الشعري، محمد مفتاح، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 1986م.
(2[1]) تحليل الخطاب الشعري من منظور اللسانيات النصية، تحولات الخطاب النقدي المعاصر: أحمد مداس بن عمار، كلية الآداب، جامعة اليرموك، عالم الكتب الحديث اربد- الأردن، 2006م.
(3[1]) التصور اللغوي عند الأصـوليين: السيد أحمد عبد الغفار، مكتبـات عكـاظ للنشـر، الإسـكندرية، ط(1)، 1401/1401/ 1981م.
(4[1]) التعريفات: الجرجاني (علي بن محمد بن علي)، تحقيق إبراهيم الأبياري، دار الكتاب العربي، بيروت، 1423هـ/2002م.
(6[1]) التناص في شعر السبعينيات، فاطمة قنديل، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، 1999م.
(7[1]) دراسات لغوية تطبيقية بين البنية والدلالة، سعيد حسن بحيري، مكتبة الأدب، 2003م.
(8[1]) دلائل الإعجاز: عبد القاهر الجرجاني، قرأه وعلق عليه أبو فهر محمود محمد شاكر، مكتبة الخانجي.
(9[1]) سيميائية الـنص الأدبـي: أنور المرتجي، مكتبـة دار الآفـاق، دار البيضـاء، المغـرب،1987 م.
(20) علم لغة النص، لونجمان، ترجمة سعيد بحيري، القاهرة، 1996م.
(21) علم اللغة النصي بين النظرية والتطبيق: صبحي إبراهيم الفقي، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، ج1، ط1، 2000م.
(22) علم لغة النص، المفاهيم والاتجاهات: سعيد حسن البحيري ، مكتبة لبنان، الشركة المصرية العالمية للنشر، لونجمان، ط(1)، 1998م.
(23) علم اللغة والدراسات الأدبية: برند شبلنر، ترجمة محمود جاد الرب، جامعة الملك سعود الريـاض، د .ط.
(24) الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل و عيون الأقاويل في وجـوه التأويـل: الزمخشري، دار الكتـاب العربي، بيروت، لبنان.
(25) كتاب الصاعتين )الكتاب والشعر(: أبو هلال العسكري و الحسن بن عبد اﷲ بن سهل، تحقيق، علـي محمـد البجاوي و محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، 1406هـ/1986 م.
(26) لذة النص عند بارث: عمر أوكان، إفريقيا الشرق، الدار البيضاء، المغرب، 1996 م.
(27) لسان العرب: ابن منظور الإفريقي المصري(أبو الفضل جمال الدين بن عمر بن مكرم 711هـ)، بيروت: لبنان، دار صادر، ط (3)، 1964م.
(28) لسانيات النص: مدخل إلى انسجام الخطاب: محمد خطابي، المركز الثقافي العربي، بيروت، لبنان، ط1، 1991م.
(29) مبادئ في اللسانيات، خولة طالب الإبراهيمي، دار القصبة للنشر، الجزائر، 2000م.
(30) معجم متن اللغة: أحمد رضا، منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت، لبنان، 1380/1960 م.
(31) موسوعة الرد على المذاهب الفكرية المعاصرة، جمع وإعداد: علي بن نايف الشحود.
(32) موقف النقد العربي التراثي من دلالات ما وراء الصياغة اللغوية: د. تمام حسان، النادي الأدبي الثقافي، جدة، 1988م.
(33) نحو أجرومية للنص الشعري، دراسة في قصيدة جاهلية، مجلة فصول، الهيئة المصرية العامة للكتاب، م1، ع10، القاهرة، يوليو، 1991،
(34) نحو أجرومية للمعنى الشعري ، مجلة فصول، القاهرة ، مج 10، ع 1، 2، أغسطس 1991م.
(35) نحو النص: أحمد عفيفي مكتبة زهراء الشرق، جامعة القاهرة، 2001م.
(36) نحو النص إطار نظري ودراسات تطبيقية: عثمان أبو زنيد، عالم الكتب الحديث، 2010م.
(37) نسيج النص: الأزهر الزناد، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 1993م.
(38) النص الغائب تجليات التناص في الشعر العربي: محمد عزَّام، منشورات اتحاد كتاب العرب، دمشق – سوريا، ط (1)، 2001م .
(39) انفتاح النص الروائي: سعيد يقطين، المركز الثقافي العربي، ط(2)، 2001م.
المراجع المترجمة:
(1) علم النص: جوليا كريستيفا، ترجمة: فريد الزاهي، دار توبقال، الدار البيضاء، ط2، 1997م: 78.
(2) لذة النص: رولان بارت، ترجمة: فؤاد صفا، دار توبقال، الدار البيضاء، 1988م.
(3) مدخل إلى علم اللغة النصي، فولفجانع هاين، ترجمة فالح بن شييب العجمي، ج=امعة الملك سعود، الرياض، المملكة العربية السعودية، 1998م/1419هـ .
(4) مدخل إلى علم النص ومشكلات بنائه: زتسلاف واورزنياك، ترجمة سعيد حسن بحيرى ـ مؤسسة المختار، القاهرة، ط (1)، 2003م.
(5) مفهوم التناص في الخطاب النقدي، مارك إنجينو،ترجمة: أحمد المديني، معهد الإنماء العربي، حلب، 1993م.
(6) الملفوظية، جان سيرفوتي، ترجمة د. قاسم المقداد، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1998م.
(7) النص والخطاب والإجراء، روبرت دي بوجراند، ترجمة تمام حسان، عالم الكتب، القاهرة، ط1، 1998م.
(8) نظرية التناصية، دو بيازي، ترجمة: الرجوني عبد الرحيم، مجلة علامات، النادي الأدبي الثقافي، جدة، مج 1، العدد 21، 1999م.
المراجع الأجنبية:
([1])David Carter(1987),Interpreting anaphrsing natural language texts, Ellis Horwood ,limited England.
(2)Halliday M.A.K and Ruqaiya Hassan, cohesion in English
(3)Lanalyse automatique du discours pegheux ( michel ) . Ed. Dunod. Paris .
المجلات والدوريات
([1]) التطور النظري للتحليل النصي: حاتم الصكر، المجلة العربية للثقافة، تونس، العدد: 32، 1997م.
(2) من لسانيات الجملة إلى علم النص، بشير برير، مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية التواصل، ع 14، جامعة باجي مختار عنابة،2004م.
(3) النص لغة واصطلاحا: خليل الموسى، جريدة الأسبوع الأدبي، العدد 823، 2000م.
(4) النص: ممارساته وتجلياته: منذر عياشي، مجلة الفكر العربي المعاصر، العدد 96-97.
([1]) ينظر موسوعة الرد على المذاهب الفكرية المعاصرة، جمع وإعداد: علي بن نايف الشحود، 13/471 – 472.
([2]) ينظر معجم متن اللغة: أحمد رضا، منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت، لبنان، 1380/1960 م: 5 / 472.
([3]) ينظر لسان العرب: ابن منظور الإفريقي المصري(أبو الفضل جمال الدين بن عمر بن مكرم 711هـ)، بيروت: لبنان، دار صادر، ط (3)، 1964م: مادة (ن ص ص).
([4]) ينظر علم اللغة النصي بين النظرية والتطبيق: صبحي إبراهيم الفقي، السابق: 31.
([5]) ينظر النص لغة واصطلاحا: خليل الموسى، جريدة الأسبوع الأدبي، العدد 823، 2000.
([6]) ينظر: علم لغة النص المفاهيم والاتجاهات: سعيد حسن البحيري، السابق: 101 ـ 107 .
([7]) ينظر النص: ممارساته وتجلياته: منذر عياشي، مجلة الفكر العربي المعاصر، العدد 96-97: 55.
([8]) ينظر النص الغائب تجليات التناص في الشعر العربي: محمد عزَّام، منشورات اتحاد كتاب العرب، دمشق – سوريا، ط (1)، 2001م: من 11-25 .
([9]) ينظر نحو النص إطار نظري ودراسات تطبيقية: عثمان أبو زنيد، عالم الكتب الحديث، 2010م: 12.
([10]) ينظر أصول تحليل الخطاب في النظرية النحوية العربية، تأسيس نحو النص: محمد الشاوش، سلسلة اللسانيات، جامعة منوبة، كلية الآداب بمنوبة، المؤسسة العربية للتوزيع، بيروت، تونس 2001م: 82 ـ 93 .
([11]) ينظر علم اللغة و الدراسات الأدبية: برند شبلنر، ترجمة محمود جاد الرب، جامعة الملك سعود الريـاض، د .ط: 188.
([12]) التعريفات: الجرجاني (علي بن محمد بن علي)، تحقيق إبراهيم الأبياري، دار الكتاب العربي، بيروت، 1423هـ/2002م: 191.
([13]) انفتاح النص الروائي: سعيد يقطين، المركز الثقافي العربي، ط(2)، 2001م: 17.
([14]) ينظر cohesion in English , p.2 Halliday M.A.K and Ruqaiya Hassan,
([15]) ينظر انفتاح النص الروائي: سعيد يقطين، السابق: 17.
([16]) مدخل إلى علم النص ومشكلات بنائه: زتسلاف واورزنياك، ترجمة سعيد حسن بحيرى ـ مؤسسة المختار، القاهرة، ط (1)، 2003م: 53.
([17]) الأسلوبية وتحليل الخطاب، دراسة في النقد العربي الحديث، تحليل الخطاب الشعري والسردي: نور الدين السد، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 1997م: 70.
([18]) ينظر علم اللغة و الدراسات الأدبية: برند شبلنر، ترجمة محمود جاد الرب، جامعة الملك سعود الريـاض، د .ط: 180.
([19]) النص والخطاب والإجراء، روبرت دي بوجراند، ترجمة تمام حسان، عالم الكتب، القاهرة، ط1، 1998م: 103.
([20]) ينظـر علم لغة النص: سـعيد حسـن بحيـري، السابق: 146.
([21]) ينظر النص والخطاب والإجراء: دي بوجراند روبرت، ترجمة: تمام حسّان، السلبق: 103.
([22]) ينظر : نحو أجرومية للمعنى الشعري ، مجلة فصول، القاهرة ، مج 10، ع 1، 2، أغسطس 1991م، 154.
([23]) علم لغة النص، لونجمان، ترجمة سعيد بحيري، القاهرة، 1996م: 120.
([24]) ينظر نسيج النص، ترجمة الأزهر الزناد، السابق: 15.
([25])- ورد عند الجاحظ وأسامة بن منقذ و ابن الأثير باسم ( السبك )، وعند ابن أبي الإصبع باسم ( السبك والانسجام ). ينظر: الجاحظ، البيان والتبيين، تحقيق: عبد السلام هارون، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2003م ،1/67.
([26]) نحو أجرومية للنص الشعري، سعد مصلوح، ص 116.
([27]) دلائل الإعجاز: الجرجاني، السابق: 106.
([29]) البيان والتبيين: أبوعثمان عمر بن بحر الجاحظ، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الجيل، بيروت: 1/55.
([30]) الاتقان في علوم القرآن: جلال الدين السيوطي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبـة العصرية،ــ بيـروت، لبنـان، 1408هـ/1988م: 3/276.
([31]) تفسير الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل و عيون الأقاويل في وجـوه التأويـل: الزمخشري، دار الكتـاب العربي، بيروت، لبنان: 1/ 15.
([32]) ينظر البرهان في علوم القرآن: الزركشي، دار الفكر، تحقيق محمد أبو الفضل إبـراهيم، دار الفكـر، ط(3)، 1400هـ/1980م: 40.
([33]) بديع القرآن، ابن أبي الإصبع المصري، تحقيق: د. حفني شرف، نهضة مصر، القاهرة، ط2، 1966م: 166.
([34]) لسانيات النص: مدخل إلى انسجام الخطاب: محمد خطابي، المركز الثقافي العربي، بيروت، لبنان، ط1، 1991م: 51.
([35]) موقف النقد العربي التراثي من دلالات ما وراء الصياغة اللغوية: د. تمام حسان، النادي الأدبي الثقافي، جدة، 1988م: 2/789.
([36]) ينظر لسانيات النص، محمد خطابي، السابق: 237.
([37]) البديع بين البلاغة العربية واللسانيات النصية، جميل عبد المجيد، السابق: 79.
([38]) لسانيات النص: مدخل إلى انسجام الخطاب: محمد خطابي، المركز الثقافي العربي، بيروت، لبنان، ط1، 1991م: 237.
([39]) ينظر البديع بين البلاغة العربية واللسانيات النصية، جميل عبد المجيد، السابق: 79.
([40]) ينظر دراسات لغوية تطبيقية بين البنية والدلالة، سعيد حسن بحيري، مكتبة الأدب، 2003م: 104.
([41]) يترجمه محمد خطابي إلى ( الانسجام )، وسعد مصلوح إلى ( الحبك ). ينظر لسانيات النص، محمد خطابي، ص34. – نحو أجرومية للنص الشعري، سعد مصلوح: 155.
([42]) علم لغة النص، المفاهيم والاتجاهات: سعيد حسن بحيري، ط (1)، القاهرة، الشركة المصرية العالمية للنشر، لونجمان، 1997م: 123.
([43]) ينظر أصول تحليل الخطاب في النظرية النحوية العربية، تأسيس نحو النص: محمد الشاوش، سلسلة اللسانيات، ج1، جامعة منوبة، كلية الآداب بمنوبة، المؤسسة العربية للتوزيع، بيروت، تونس 2001م: 157.
([44]) ينظر مبادئ في اللسانيات: خوله طالب الإبراهيمي: 246.
([45]) ينظر النص و الخطاب و الإجراء: روبرت دي بوقراند، السابق: 103.
([47]) ينظر علم لغة النص، المفاهيم والاتجاهات: سعيد حسن البحيري ، مكتبة لبنان، الشركة المصرية العالمية للنشر، لونجمان، ط(1)، 1998م: .146
([49]) النص و الخطاب و الإجراء: دي جراند، السابق: 105.
([50]) فضل بعضهم كلمة استحسان، مقابل مصطلح Acceptabilité باعتبارها كلمة تراثية استعملها سيبويه عند حديثة عن الكلام المستحسن، ينظر بشيرا برير، من لسانيات الجملة إلى علم النص، مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية التواصل، ع 14، جامعة باجي مختار عنابة،2004م: 100.
([51]) ينظر مدخل إلى علم اللغة النصي: فولفجانع هاين، ترجمة فالح بن شييب العجمي، السابق: 93-95.
([52]) ينظر سيميائية الـنص الأدبـي: أنور المرتجي، مكتبـة دار الآفـاق، دار البيضـاء، المغـرب،1987 م: 45.
([53]) لذة النص عند بارث: عمر أوكان، إفريقيا الشرق، الدار البيضاء، المغرب، 1996 م: 29.
([54]) ينظر التناص في شعر السبعينيات، فاطمة قنديل، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، 1999م: 29.
([55] ) علم النص: جوليا كريستيفا، ترجمة: فريد الزاهي، دار توبقال، الدار البيضاء، ط2، 1997م: 78.
([56]) تحليل الخطاب الشعري، محمد مفتاح، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 1986م: 21.
([57]) نظرية التناصية، دو بيازي، ترجمة: الرجوني عبد الرحيم، مجلة علامات، النادي الأدبي الثقافي، جدة، مج 1، العدد 21، 1999م: 310.
([58]) ينظر مفهوم التناص في الخطاب النقدي، مارك إنجينو،ترجمة: أحمد المديني، معهد الإنماء العربي، حلب، 1993م: 102 – 112.
وسيميائية النص الأدبي، أنور المرتجي، دار إفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 1987م:47 – 56.
([59]) دومنيك ماينو ، المرجع السابق: 105 وما يليها.
([60]) ينظر تحليل الخطاب الشعري من منظور اللسانيات النصية، تحولات الخطاب النقدي المعاصر: أحمد مداس بن عمار، كلية الآداب، جامعة اليرموك، عالم الكتب الحديث اربد- الأردن، 2006م: 495.
([62]) j . A . Fishman . Sociolinguistics . P 69.
([63]) القصد بهذا المفهوم الروابط الفضائية ، التي تجسد إحدى حالات السياق.
([64])Lanalyse automatique du discours pegheux ( michel ) . Ed. Dunod. Paris . P . 5