قصيدة الأبيجراما في الشعر الليبي المعاصر (المفهوم والبناء التصويري)
The Epigrama Poem in Contemporary Libyan Poetry (Concept and The pictorial Construction)
د. صفاء امحمد ضياء الدين فنيخرة، جامعة مصراتة ـ ليبيا
Dr. Safaa Mohamed Diaa addin Fnikhra, Misurata University
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية العدد 81 الصفحة 95.
ملخص:
يهدف هذا البحث إلى دراسة نمط شعري من أنماط الشعر الحر، وقصيدة النثر بشكل خاص، يتميز بالقصر والإيجاز، بما يمكن وصفه بالقصيدة القصيرة، ونظرًا لاعتمادها على التكثيف الدلالي والطاقة التصويرية للمعاني، فهناك من وصفها بالقصيدة الصورة، أما تسمية الأبيجراما فهي موغلة في التاريخ منذ الأدب اليوناني، وقد بسط لها الأديب طه حسين حديثًا مفصَّلًا في كتابة (جنة الشوك)، ومن هنا كان لهذا البحث هدفان؛ هدف تنظيري لبيان المفهوم والتسمية، وهدف تطبيقي لدراسة بناء الصورة من خلال نماذج من الشعر الليبي الحديث.
الكلمات المفتاحية : الإبيجراما – البناء التصويري – الصورة الشعرية- قصيدة النثر- الشعر الليبي .
Abstract:
This research aims to study a poetic style of free poetry, and the prose poem in particular, characterized by shortness and brevity, in what can be described as a short poem, and due to its dependence on semantic condensation and pictorial energy of meanings, there are those who described it as the picture poem, while the name of the epigramia is deeply rooted in history since Greek literature, and the writer Taha Hussein has simplified it recently detailed in the writing of (Paradise of Thistles), hence this research had two objectives; a theoretical aim to indicate the concept and the name, and an applied aim to study the construction of the image. Through models of modern Libyan poetry.
Keywords: The Epigrama, pictorial Construction, Poetic image, Prose poem , Libyan Poetry.
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين… وبعد
إنَّ تسارع الإيقاع في العصر الحديث نتج عنه ميل الإنسان المعاصر إلى تلقي النصوص القصيرة الخاطفة، التي تلقي بغرضها مكثفًا مجملًا غيرَ مخل، في بلاغة تتناسب ومقتضيات العصر، وتعدُّ القصيدة القصيرة (الأبيجراما) إحدى هذه الأنماط، ولهذا اخترت هذا الموضوع للدراسة، وبخاصة في الشعر الليبي الحديث لكثرة وروده عند الشعراء المحدثين في ليبيا بقصدية أو بدونـها، ولقلة التوجه إليه بالبحث والتصنيف والتحليل، فلا توجد –في حدود علمي واطلاعي- إلا دراسة واحدة في الشعر الليبي قدّمت في الدّورة الثّانية للملتقى الدّولي للأدب والنّقد في ليبيا ، وهي بعنوان: (الأبيجراما في الشعر الليبي المعاصر -ديوان حدث في مثل هذا القلب لجمعة الفاخري أنموذجاً-) للدكتور إحنين المعاوي شنينة ، أما الدراسات في الشعر العربي فهي كثيرة ، استعنت بـما هو متاح منها ، لعل أولـها وأهمها كتاب (بناء قصيدة الأبيجراما في الشعر العربي الحديث) لأحمد الصغير المراغي ، وبحث (الومضة الشعرية من الأبيجرام إلى القصيدة التفاعليـة) للكاتبة السعودية هدى بنت عبد الرحمن إدريس الدريس ، و(فن الأبيجرام عند نزار قباني) ، لباسم محمد عبد الفتاح فروات.
وقد اتبعت في هذا البحث المنهج الوصفي التحليلي في استقراء مفاهيم القصيدة وتحليلها نظريًّـا، أما الجانب التطبيقي فقد اتكأت على المنهج البنيوي الأسلوبي الذي يدرس اللغة الشعرية بـمكوناتـها الأسلوبية، بغض النظر عن المعطيات الخارج نصية.
وقد انشطر البحث إلى شطرين: الشطر الأول: قصيدة الأبيجراما (النشأة والمفهوم)، والشطر الثاني: البناء التصويري للنماذج المنتقاة، وأنواعه: الصورة الدائرية، والصورة التراكمية، والصورة ذات الاتجاه الواحد، والصورة السردية، وينتهي البحث بالخاتمة، تليها قائمة بالمصادر والمراجع.
أولا: قصيدة الأبيجراما (النشأة والمفهوم):
لا تقتصر حركة التغير والتحول في الشعر الحديث على المعاني والأفكار والنظام الإيقاعي، بل تعدُّ خلخلة للشكل المتوارث والبنية التقليدية، وقد تحولت القصيدة المعاصرة ذاتـها وانشقت إلى أشكال متغايرة، الأمر الذي أدى إلى انفتاح الشعرية الحديثة على أشكال بنيوية وأسلوبية وإيقاعية عديدة؛ ولهذا لا يجد القارئ استقراراً تاماً لشكل قار للقصيدة العربية فهناك قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر والقصيدة الغنائية والدرامية والسردية، والقصيدة الطويلة والقصيدة القصيرة (الأبيجراما)، والومضة والنص البيني المتداخل.
ويلامس الحديث عن الأنواع الشعرية قضية الشكل والمضمون، فالقصيدة الحديثة يتوفر فيها قدر من الليونة والابتعاد عن القولبة والجمود، فالشكل فيها يستجيب للمضمون وينساق له، وهذا هدف أي عمل فني جمالي أريد منه توصيل مغزاه للمتلقي، فهو مطالب بتحقيق معادلة هي : “إبداع جنس فني يحقق توازناً مضبوطاً في العمل بمعنى أنه يحاول أنْ يعبر عن محتوى إنساني ما عبر صياغة، أو أسلوبية تواكب المحتوى وتكاثفه، دون أن تزيد عليه، أو تتأخر عنه، وفي الوقت نفسه ألا ترتد إلى المقولة البسيطة التي تفيد أن الشكل الفني مفصل على حدود المعنى تماما.”([1]) وعندما يكون الشكل والمضمون مندمجين في عملية الخلق الإبداعي، فإنه يحصر المضمون في دفقة شعورية، أو صورة فكرية واحدة واضحة البداية والنهاية، بينة الوحدة الشعورية، حينئذ يـمكن القول أننا أمام (القصيدة القصيرة)، الـــمسماة بالإبيجراما الشعرية، ويقابلها (القصيدة الطويلة) التي عادة ما يتمطط الشكل فيها وتتعدد فيها الصور الفكرية، حيث يلجأ العقل معها إلى تقسيم المضمون إلى سلسلة من الوحدات الجزئية، ليخضعه لترتيب ما من أجل استيعابه في إطار كلي([2]) .
يحاول الشاعر في القصيدة القصيرة (الأبيجراما) تجسيد دلالاته في أقل ما يمكن من أسطر بحيث تعبر عن لحظة شعورية واحدة ومكثفة، والواحدية في الصورة هي بيت القصيد في هذا النمط، وتعد منجزاً لافتاً لجأ إليه كثير من شعراء الحداثة، وقد عرفت بأسماء كثيرة ، ولكنها لم تعرف اسم (الأبيجراما) فكان عميد الأدب العربي طه حسين أول من ذكر المسمى وأشار إلى انتمائها لفنِّ الأبيجرام، وقد عرفت في الآداب الغربية القديمة بـهذا الاسم([3])، فقد عَرَفها الإغريق باعتبارها كتابات شعرية قصيرة تنقش على القبور أو الآنية وغيرها، ثم تحولت إلى قصيدة وصفية مركزة تدور حول موضوعات شتى، كلمة إبيجرام Epigram مأخوذة من الكلمة اليونانية: Epigramma وجمعها إبجراماتا Epigrammata، وهي مقطوعة من الشعر يتراوح طولها ما بين بيتين أو خمسة عشر تقريبًا قد تكون للمدح، أو للرثاء، أو بغرض الإعلان عن شيء ما، والكلمة في أصلها مركبة في اللغة اليونانية القديمة من كلمتين هما epos و graphein ومعناها: النقش أو الكتابة على شيء، وفي البداية كانت تعني النقش على الحجر في المقابر؛ إحياء لذكرى المتوفى، أو تحت تمثال لأحد الشخوص[4]، يندر أن يـجد الباحث مصطلح الأبيجراما في معاجم المصطلحات، نظرًا لحداثة رواجه بين النقاد العرب، ورد ااـمصطلح نفسه مع تغيير الحرف الأخير، أبيغراف بـمعنى نقش ينقش على بناء أو تمثال، أو عبارة تكتب في بداية العمل الأدبي تعطي فكرة عن موضوعه ، ومنه اشتق الاسم العلمي إبيغرافيا، بمعنى دراسة النقوش في الحضارات القديمة حتى اليوم[5]، وهو مصطلح يشترك معه في الدلالة اللغوية الأصلية ويفترقان في تطور الدلالة على ما يبدو .
وقد ازدهر هذا الفن في عصور الحضارة المترفة التي يميل أهلها للتأنق والتكلّف، وقد عرفته الآداب الأوربية منذ بداية القرن الثامن عشر، وازدهر في القرن التاسع عشر في كلٍّ من إنجلترا وفرنسا([6])، ويرى طه حسين أنَّ هذا النوع الشعري قد عُرف في العصر العباسي الأول؛ لأن أكبر الظن أنّ شعراءه قد تأثروا بشعراء الإسكندرية وروما، ويرى أنـها شعر قصير يمتاز بالتأنق في اختيار ألفاظه، والمعنى فيه فهو أثر من آثار العقل والإرادة والقلب جميعاً، ومن أهم سماتها الحرية المطلقة التي يتجاوز بـها أصحابـها حدود المألوف([7]).
ويعدُّ الناقد عزالدين إسماعيل أيضًا من الذين لفتوا الأنظار إلى هذا النوع من المعمار الفني للقصيدة الحديثة، في مقدمة ديوانه (دمعة للأسى…دمعة للفرح) ويرى أنـها قصيدة قصيرة تتميز بتركيز العبارة وإيجازها، وكثافة المعنى، هذا فضلاً عن اشتمالها على المفارقة، وتكون مدحاً أو هجاء أو حكمة([8])، وسماه بعضهم بشاعر الأبيجراما المختلف .
وبعد إشارات طه حسين في مقدمة كتابه ، ومقدمة عزالدين إسماعيل توالت الدراسات ، أذكر منها دراسة حسن نوفل للأبيجراما في شعر عزالدين إسماعيل ضمن كتابه (النص الكلي) ، ودراسة الماجستير للباحث اليمني محمد ربيع محفوظ بحشوان عن (فن الأبيجراما بين طه حسين وجون دن دراسة مقارنة) ، ولكنه لم يتطرق للحديث عن تطور الأبيجراما في الشعر العربي الحديث[9]، ودراسة دكتوراه للباحث عبدالله رمضان تتبع فيها مفهومها وتشكلها وتطورها في الشعر والنثر العربي الحديث ، بعنوان (فن الأبيجرام في الأدب العربي المعاصر) ، وقد حاول الباحث صياغة تعريف اصطلاحي استخلصه من عشرات التعريفات القديمة والحديثة ويتمثل في أنَّـــــها “شكل أدبي – شعر أو نثر- يتميز بالتركيز والتكثيف وواحدية الفكرة التي تطرحها المقطوعة الواحدة منه، وقد يعتمد على لغة المفارقة وبنية التضاد، سواء على مستوى الألفاظ أم المعاني، وغالبا ما ينتهي بنوع من أنواع المفاجأة أو الإدهاش، وتتنوع موضوعات هذا الفن، ومن أبرزها النقد الاجتماعي والسياسي، وقد تأتي الأبيجراما الواحدة في هيئةِ بنيةٍ مستقلة، أو داخل بنيةٍ أكبرَ منها تمثِّل هي إحدى مكوناتـها”[10]، وفي العموم تعــدُّ وسيلة من وسائل التجديد الشعري أو شكلاً من أشكال الحداثة والتجريب، وتـحاول مـجاراة الراهن في إيجاز وإلــمــاح وتكثيف، “ولذلك فإنَّ قصيدة الأبيجراما تتطلب من الشاعر ذكاءً شديداً، ومن المتلقي عصفاً ذهنياً في إعمال فكره ، واستخدام ملكاته الإبداعية (الثقافية والأدبية)”[11]
ولم يعدم التراث العربي هذا النوع من الأشكال الأدبيــة القصيرة، فعلى الرغم من التسمية التي تــمــتد إلى الأصل الإغريقي، فنحن نجد تأصيلًا تاريخيًّا لها سواء في الشعر والنثر عند العرب قديـمـًا، مثل : الأوابد وهي الأبيات السائرة كالأمثال لجودتـها، والبيت النادر أي الفريد الذي يجري مجرى المثل، والمقطّعات أي القصائد القصار والتوقيعات النثرية العباسية)، أو النصوص النقدية؛ بل إنـها أشكال موغلة في القدم، فــــ “لم يكن لأوائل العرب من الشعر إلا الأبيات يقولها الرجل في حاجته”([12])، ويقول ابن رشيق القيرواني أنَّ “المثل السائر في كلام العرب كثير، نظمًا ونثرًا، وأفضله وأحكمه وأصدقه”([13])، وقد علل ابن الزبعرى قِصَر قصائده إلى أنــها: “أولج في السامع، وأجول في المحافل”([14])، فقصرها وإيجازها يسهم في سرعة التلقي والحفظ والاستظهار ، وبالتالي سرعة الاستحضار عند الحاجة.
وتعـــــدُّ الأبيجراما فنــــًّا يشمل الشعر والنثر كما في التعريف السابق؛ فقد اتخذ الناقد الأكاديمي عبد الله رمضان موضوع الدكتوراه نــماذج شعرية ونثرية من النوع الثاني المقولات النثرية للسعودي غازي القصيبي التي سـماها (أقوالي غير المأثورة) مصنفًا إياها ضمن فن الأبيجراما؛ بل “تندرج تـحته في صورته المثالية، وزاد عليه الإخراج الطباعي للكتاب ، ودعمه بالرسوم الكاريكاتيرية والتعبيرية التي تآزرت مع الكلمات لتنتج لنا أبيجراما مدعومة بالرسوم التي هي في ذاتــها تحمل الكثير من التعبيرات والمعانـي.”[15]
وفي الشعر العربي المعاصر ظهرت قصائد قصيرة منذ عام 1964م للشاعر الفلسطيني عزالدين المناصرة، الذي ربط بينها وبين التوقيعات النثرية في العصر العباسي، أطلق عليها اسم (التوقيعات)، وقد صرح بذلك في حوار صحفي، يقول: أما قصيدة التوقيعة فقد كتبتها بتأثير فكرة التوقيعات العباسية، فولادتـها عندي عربية المنشأ، ثم استفدت من فكرة قصيدة (الهايكو) اليابانية بتأثير الترجمات، وبعض خصائص (السونيت)، وقصيدة التوقيعة هي قصيدة ومضة مكثفة قصيرة، ذات ختام حاسم ومفتوح، وتمتلك عادة مفارقة شعرية،([16]) .
وما يزال هذا النوع من الشعر يشغل حيزاً لا بأس به في دواوين الشعراء العرب والليبيين الجدد على وجه الخصوص، فمازال شعراء الجيل الجديد يرون فيها الشكل المرضي لتطلعاتـهم في الإبداع، والمناسب لسمات السرعة والعجلة والإيجاز لأشكال التواصل اللغوي وقنواته المتنوعة، ويرى عزالدين إسماعيل أنَّ الفرق بين القصيدتين القصيرة والطويلة في المضمون أكثر منه في الشكل، لاعتبار أن الأولى غنائية الأصل، أي أنـها من القصر بحيث يمكن تلحينها وغناؤها في فترة معينة، وهي تجسم موقفاً عاطفياً مفرداً أو بسيطاً([17])، وتقوم “على أساس اتخاذ بؤرة واحدة للنظر من واقع الحياة ومظاهر الوجود والتركيز عليها. وغالباً ما تقع العين عندئذ على المفارقة التي يقوم عليها هذا الواقع أو يتأسس عليها هذا الوجود. وعلى هذا فإنه في أقل قدر من الكلمات يصل الشاعر مباشرة إلى هدفه”([18]) وهي تمثل في التراث العربي صورة (البيت المفرد) ففيه “تتمثل ـ عادة ـ العاطفة الواحدة المحددة المستقلة، وحينما لا تتمثل في القصيدة وحدة البيت تتمثل لنا هذه العاطفة في بيتين أو بضعة أبيات على أقصى تقدير، ولكنها تظل عاطفة واحدة محددة”([19])، ولعلَّ حب العرب للإيجاز هو الذي صاغ تجربتهم الشعرية على هذا الأساس، وهو ما أشار إليه الناقد خليفة التليسي في بحثه عما أسماه (قصيدة البيت الواحد) في الشعر العربي، وهي نوع من القصيدة القصيرة، فقد اعتبرها “ومضة خاطفة ولمحة عابرة ودفقة وجدانية، ولحن هارب، وأغنية قصيرة، يخلق تعبيره المكثف المركز الذي يستنفذ اللحظة الشعرية ويحيط بـها، وما زاد عن ذلك فهو من عمل الصناعة والاحتراف”([20])، ويضرب المثل لهذا النوع من القصائد بأبيات من الشعر العربي القديم، كما أشار إلى تحققه في نموذج (أغنية العلم) في الأدب الشعبي الليبي التي تعتمد على بيت واحد يختزل اللحظة الشعرية بكل أبعادها([21])، وهي مقصد الشاعر دون زيادة أو نقصان، وليس من مجال هذا البحث مناقشة مفهوم هذا النوع ومدى تحققه في الشعر العربي القديم، ولكننا نقف عند القول بغنائية هذا النوع ، فقد ربطه الناقد عزالدين إسماعيل بالعاطفة أولاً، وبالغناء وإحداث المتعة ثانياً، ويرى آخرون أن الغالب على القصيدة القصيرة صفة الذاتية والغنائية([22])، بينما القصيدة الطويلة (المعقدة البناء) تستدعي التقنية العالية، في مقابل القصيدة القصيرة (البسيطة البناء)([23]) ولكن الشكل المعماري لا يبقى على حاله فقد تطرأ عليه تحولات بحسب التجارب الفردية للشعراء، واستفادتـهم من منجزات الفنون الأخرى وتقنياتـها الفنية، فلم تعد القصيدة القصيرة تختص بالعاطفة الذاتية فحسب بل أفادت من عناصر كل من الدراما والسرد، فقد التقطت من جوهرهما العناصر الشعرية، ويمكن أن نطلق عليها صفة (الغنائية) كلما اقتربت من عالم الشاعر الداخلي، بكل ما فيه من ثراء وعمق، وصفة (الدرامية) كلما ابتعدت عن ذلك([24])، كما أنـها لم تعد تقال لأجل الإمتاع؛ لأن ما أصبحت عليه من تضافر العناصر التخييلية والصوتية والإيقاعية وتكثيف وتعقيد على مستوى الصورة والدلالات، أضحى يتطلب من المتلقي قدراً من الدربة والمران والثقافة والذوق الفني المرهف، ليكون قادراً على التلقي الإنتاجي الواعي الفعَّال والاستنطاق الجيد، وعليه فإنَّ المقدرة الشعرية العالية، وتوفر الأفكار العميقة لا يقتصر على القصائد الطوال بل شملته هذه القصيدة القصيرة، فسمتها الأساسية أنـها صعبة سهلة في آن واحد على كل من الشاعر والمتلقي .
وإذا كان الناقد عزالدين إسماعيل قد اصطلح على المصطلح الأجنبي (الإبيجرام) في مقدمة ديوانه، والقصيدة القصيرة في كتابيه السابقين، فإنه آثر تسمية أخرى في تعليقه على إحدى القصائد الأجنبية، وهي تسمية ( القصيدة الشعرية المركزة ) التي تتفجر غنائيتها بدلالات لاحدَّ لها، وتفتح أمامنا نافذة صغيرة للرؤية([25])، ولكن النقاد من بعده تعددت تسمياتـهم، واختلفت تعريفاتـهم، وهذا يدل على عدم اتفاقهم على تعريف محدد نظراً لطبيعة هذا الشكل الشعري المتأبي على التحديد الصارم، فيعد الشاعر عز الدين المناصرة أول من أطلق عليها اسم (التوقيعة) أو التوقيعات سنة1964م، من خلال إطلاقه على عدد من قصائده([26])، وقد تابعه بعض النقاد في هذه التسمية مركزين على القفلة المدهشة واعتمادها على لغة المفارقة التي تعني التعبير عن حالتين متضادين، وعرفت بأنـها “قصيدة قصيرة مكثفة تتضمن حالة مفارقة شعرية إدهاشية، ولها ختام مدهش مفتوح أو قاطع حاسم، وقد تكون قصيدة طويلة إلى حد معين، وتكون قصيدة توقيعة إذا التزمت التكثيف والمفارقة والومضة والقفلة المتقنة المدهشة”([27])، وهي صورة شعرية ذات إشعاع يُحدث إنارة مفاجئة في منطقة اللاشعور، ويشبهها بوميض البرق يلتقط في لحظة انبهار ضوئي يكاد يغشى الأبصار، ولكنه ضوء يكشف عن جزئيات وحساسيات ذهنية في غاية الحدة([28])، ولعل هذا الجانب التشبيهي هو ما أغرى بعضهم بتسميتها (قصيدة الومضة) أو(القصيدة الومضة) أو (الومضة الشعرية) كالكاتبة السعودية هدى بنت عبد الرحمن ، التي أطلقتها على كل النصوص القصيرة[29] ، وبعضهم يخصص قصيدة الومضة ويقصرها على قصيدة النثر، فهي “قصيدة خاطفة تتنامى بأسلوب السرد المونتاجي، وتكتمل بذروة الختام، لكنها تـهتم بالقول التعبيري، والتركيز على الفكرة الشعورية وتناميها مع عدم الاهتمام باللغة وتحديثها، لأن قاموس هذه القصيدة محدود وقصير لدى كتاب قصيدة النثر”([30])، وتسمية الومضة على ما فيها من معاني الإلماح والإيجاز، ولكن ذلك لا يعني محدودية الألفاظ وسطحية اللغة الشعرية، فمفرداتـها قليلة ولكنها قادرة على صياغة نص متكامل ذي فكرة مركزية مكثفة ولها تفسيرات متعددة الاتجاهات بحسب المتلقي وقراءاته، وهنا تكمن خصوصية هذا الأنموذج، بل إن الناقد نزار بريك هنيدي فضَّل تسميتها بـ(المنمنمة) “لأن هذه التسمية تبعدنا عن الأشكال المتعلقة بالقياس الكمي لطول القصيدة، كما أنـها تنم عن غناها بالعناصر الفنية وتشير إلى الشغل الفني المركز الذي تتطلبه كتابتها”([31])، وتشير هذه التسمية إلى خصيصة رئيسية في المسمى، فهي تتميز بالفنية العالية لوظائف عناصرها، وفي الوقت ذاته بالاقتصاد الشديد في المفردات والصور الكمالية والحشو الذي لا يخدم فكرة القصيدة وجوهرها، وقد استعرض القصيري في دراسته سبع عشرة تسمية منها مما لم يذكر : قصيدة الفقرة، والدفقة، واللمحة، والمفارقة، والأسئلة، والنفس الواحد، والقص الشعري، والقصيدة الفكرة، والقصيدة الصورة، والقصيدة الخاطرة، والقصيدة البـرقية، والقصيدة العنقودية([32])، وهي لا تعدّ تسمية عامة لهذا النمط بقدر ما يعتبر بعضها صفات لأنواع معينة تتوافر فيها تقنيات لغوية وأسلوبية كالمفارقة والقص الشعري، ويتفق أغلبها على “صفات محددة هي الإيجاز، التركيز، الكثافة، الإدهاش، قوة الإيحاء، النـزوع نحو الختام السريع والمفاجئ، فمثل هذه الصفات لا يمكن لها أن تأتلف، وأن تلتقي دفعة واحدة، إلا في إطار بنية القصيدة القصيرة”([33])، ويرى الباحث أنَّ التسميات السابقة مازالت في طور التشكل والتجريب، أما مصطلح (القصيدة القصيرة) و(القصيدة الطويلة) مازالا يتمتعان بقوة اصطلاحية مستقرة نسبيا([34])، ولعله راعى في هذا الرأي المسافة الزمنية الطويلة التي استغرقها هذان المصطلحان، على الرغم مما فيهما من ضبابية، فلفظ القصر غير محدد فهل هي صفحة أو أقل أو أكثر، حيث إن بعض القصائد التي صنفها الباحث تتجاوز الصفحتين، كما إنـها تحتوي على أكثر من بؤرة موضوعية، وأكثر من جزئية حاول الشاعر لمّ شملها في إطار واحد، وقد عرفها في شعر المناصرة خاصة بأنـها هي “التي تركز على جزئيات الحياة، وتجعل من إحدى جزئياتـها حدثا كبيرا تشرحه وتحلله بطريقة محكمة”([35])، وأيّاً ما كان الأمر فإن طبيعة هذا النوع تغلب عليه الخصوصية الفردية ولا يزال الجدل حوله قائماً، وتنأى التسمية (القصيدة الصورة) عن التحديد الكمي من جهة ومن جهة أخرى تشي بالشكل الفني الذي صاغه الشاعر لتجسيد تجربته الشعرية المتكاملة موظفاً طاقات اللغة وإمكاناتـها اللغوية والبيانية، وقد عبر الناقد عزالدين إسماعيل عن الشكل بالمعمار، ويقصد به طريقة البناء أو الشكل المعماري الذي يجمع كل العناصر الفنية والمضمونية([36])، ويشير هذا الاسم بتبعية الصفة لموصوفها فصفة هذه القصيدة أنـها صورة فنية، كما يشير إلى التفرد والواحدية (صورة واحدة)، وهذا مناسب لسمة القصر في الإبيجراما، ولهذا اعتمد هذا البحث دراسة بناء الصورة، استلهاماً من مصطلح (القصيدة الصورة)، ولكننا نبتعد عن محاولة التجنيس وتحديد السمات النوعية، وقد اخترنا نماذج من القصائد القصيرة التي تتجسد فيها السمات الأبيجرامية، ومن الممكن تسمية كل منها بقصيدة الأبيجراما، وهي لشعراء معاصرين ليبيين، وعددها اثنتا عشرة قصيدة، كل قصيدة منها صورة مؤلفة من مجموعة من الصور الصغيرة المستقلة التي تتآزر فيما بينها، وتشتبك في بناء نسيجي متماسك لتنتج في النهاية صورة النص الشعري المتكامل، أقصرها تتكون من أربعة أسطر، وأطولها ثمان وعشرون سطراً، وقد صنفت من حيث البناء التصويري كما يلي :
ثانيا: قصيدة الأبيجراما (البناء التصويري):
1 . الصورة الدائرية:
تعتمد القصيدة النثرية القصيرة في هذا الشكل على إثبات وحدات دلالية في مطلع القصيدة وخاتمتها معا، حيث يشكل كل من المطلع والقفلة ثنائية تشابـهية أو اختلافية، بحيث يشبه سيرهما رسم الدائرة، فتنطلق القصيدة من نقطة لترجع للنقطة نفسها، الأمر الذي يخلق مفارقة فجائية تدهش المتلقي، ولهذا فالصورة لا تعد دائرية لمجرد التشابه بأن “يكرر الشاعر في نـهاية القصيدة المقطع الذي بدأ به، لكن ذلك التكرار لابد أن يكون له مبرره الفني”([37])، وقيمة جمالية، كما لا يشترط التشابه بالتكرار أو غيره، ولكن قد ترتبط البداية والنهاية بمفارقة تزيد من إحكام البناء الدائري، والمثال على ذلك قصيدة الشاعر عمر الكدي (ليلة القدر):
“في ليلة القدر
انفتحت أبواب السماء
وصعدت دعوات أمي
دعت الله أن يحميني ويحفظني
طلبت لي الصحة والمال والجاه
وأن لا ينحني جبيني لأحد
وعندما طلبت لنفسها
أن ترى أحفادها
بزغ الفجر وأقفلت السماء أبوابـها”[38].
لقد اتكأ الشاعر في نصه على مفهوم ديني راسخ، يعد من أهم الثوابت الدينية المتعلقة بعلاقة العبد بربه، وهو الدعاء، وقد حدد الإسلام متى يقبل الدعاء وممن ؟ إنـها ليلة القدر، وهو دعاء الوالدين، وبخاصة (الأم) التي كانت القطب الرئيسي في هذه الصورة الدائرية، وهي أم متوجهة بالدعاء من حيث البنية السطحية، أما في الباطن والعمق فهي الذات المتألمة الصارخة التي لم تصرح بمدى حرمانـها وفجيعتها مباشرة بل من خلال صوت الأم ، أما زمنية الصورة فامتدت طوال أواخر الليل حتى بزوغ الفجر، وقد تصاعدت الأفعال الإيجابية على وتيرة واحدة (انفتاح)، وفي خط متصل: (انفتحت ـ صعدت ـ دعت ـ طلبت) إلى أن التقي بنقطة النهاية ليصدم المتلقي بانغلاق الدائرة وانعدام الأمل، حيث تشابه السطرين الأول والأخير من حيث التركيب اللغوي للألفاظ، وتغايرا دلالة وانفعالا ، فالسطر الأول ينضح بالأمل والتفاؤل، ويقطر الأخير مرارة وخيبة ويأسا، وتتضاعف المفارقة من خلال دلالة العناصر المفردة، فالحمولة المعنوية لليل (الظلمة) ولكنه هنا انزاح عن المألوف ليدل على النور والبهجة، فهي (ليلة القدر)، والفجر رمز الأمل والإشراق والولادة كسره السياق الشعري ليدل على الإظلام وموت الأمل فهو يعني إقفال أبواب السماء، وقد عبر الشاعر عن فكرته بلغة نثرية سهلة أقرب ما تكون للغة الحياة اليومية وفيها قدر كبير من التركيز وتجنب المجاز، وهذا -في الأغلب- ما تجسده القصيدة القصيـرة الأبيجراما، فيختزل الشاعر فيها “فكرة عادة ما تكون مطروقة، وإن كانت كذلك فإن التناول الجديد للنص يحمّله بمعاني الاختلاف”([39])، وقد وظف الشاعر في نقطتي البدء والنهاية النص الديني توظيفاً إيحائياً، وهو قوله تعالى:)إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ([40]، ويكمن التوظيف في استعارة تعبير فتح أبواب السماء كناية عن فوز المؤمن بالعطايا الإلهية، أما عدم فتحها فدلالة على حرمانه، وهذه القفلة المؤلمة شبيهة بلحظة التنوير في القصة القصيرة التي تصــــدم المتلقي في أغلب الأحيـــــان، وهذا ما أشار إليه النقاد، فقصيدة الأبيجراما “نص قصير مركز العبارة، مكثف المعنى، يستعير من القصة القصيرة الومضة الخاطفة، لحظة التنوير”([41]).
أما المثال الثاني فقصيدة (الصلاة) فهو لمحمد الكيش:
“أقيموا الصلاة جماعة
قبل أن يحول حائل الوقت
دونكم
يسقط عنكم الفرض
تسقطون في عتمة التاريخ
يضيع أمركم
وتضربون في زحمة الخلق
فرادى منسيين”[42].
وهذا النص يشترك مع سابقه في اللغة النثرية المركزة البعيدة عن المجاز، ولكنها مغرقة في الخطابية التي اتخذت من الاصطلاحات الدينية قاموسها الخاص بداية من العنوان) الصلاة ـ جماعة ـ الوقت ـ الفرض) وكأن الشاعر يتلو نشيداً روحياً مقدساً لأهم طقس تعبدي في الإسلام، وهي الصلاة التي هي في جوهرها مناجاة العبد لربه، وهذا الطقس يوحد المسلمين ويجمعهم روحانياً، فبدونـها يكون السقوط والضياع، والتغييب، والمذلة والتهميش، وقد اتخذ أداته الفنية في الخطاب الشعري الصورة الدائرية التي افتتحت وقد انفتح خيال القارئ على الصفوف المتراصة للجموع، واختتمت الأسطر بالجموع نفسها وقد تفرقت فرادى ضائعة في زحمة الخلق .
2 . الصورة التراكمية :
تتعدد الصور الجزئية مترادفة وتتراكم مكونة صورة واحدة تتسم بما أسميناه بالتراكمية في التعبير الشعري، بحيث إن كل سطر يكون لبنة في الرؤية الكلية، والمثال على ذلك: قصيدة(اشتهاء) للشاعر عبد الحفيظ العابد وتتكون من تسعة عشر سطر شعري ، تناثرت فيها مفردات التراث الديني، حيث ضمنها بطريقة الامتصاص وتحويل الدلالات من قصتي آدم ويوسف عليهما السلام :
“سائغ وجهك لي
يتدلى من شفا كأس اشتهائي
وأنا أحتطب النار أغني
ضيق لفظي عني
ويد تمتد من كوة ظني
أوقدتني.. فبدت لي سوأتي
من بعد أن قد يقيني
ودنا من حلمة التفاح سكين التمني
عند باب التجني
غلقتني رغبة بي … واستبقنا
وأنا في حضرة النار أغني
مستظل تحت عيني
في يدي يرجف كأسي
وعلى رأسي خبز
قد يدني الطير مني
وأنا أغترف النار أغني
آه ما أشهى الحياة “([43])
تراكمت الصور التي تعبر عن رؤيا الشاعر الروحانية، وهي صورة تلامس وجود الإنسان بشقيه الروحاني والمادي، ولعل الإشارة إلى شذرات من قصة آدم تومئ لبداية خلق التجاذب والصراع بين الجانبين، وبداية الحديث عن (الشهوة) شهوة الحياة التي تقود للخطيئة، وفي الوقت نفسه شهوة الروح التي تشير للجانب الأسمى والأكثر خلوداً، فرؤيا الشاعر أفصحت عن شعور المتعة الروحانية التي هي أقرب إلى تحليق المتصوفة في عوالم العشق والحبور والفناء الذاتي، ويعضد ذلك قوله (ضيق لفظي عني) استيحاء من مقولة النفري: (إذا اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة) ويوحي ضمير المتكلم في (عني) بتحول حسية الذات إلى شعر أقرب للحلم، ورؤيا تنعتق فيها الذات من أسر ماديتها.
وإذا كان الشاعر العابد قد وصف اشتهاءه في محراب الروح، فإن الشاعر الكيش قد جسد (اليأس) بوصفه حالة إنسانية تمثل الموت الحقيقي يقول :
“الشجر العالق في جبل النار
الشجر الوارف في لفح الهجير
شجر القلب
وفيء الأيام .. يذبل
******
لو كنت حياً
إذن لبكيت على الشجر
لانـهمرت دموعي مطرا
وقلت يا نار كوني بردا وسلاما
لو كنت حيا
لغمرت العيون الأليفة
التي انكسرت
وناديت لا تبعد
لو كنت حيا
لكنه المــوت
******
من يدرأ رماد اليأس
يلقاني مطمورا خبيئا “([44]).
وقد تكررت مفردة (النار) كرمز حسي لليأس، النار التي أرادها برداً وسلاماً، ولكن امتناعية (لو) حالت دون ذلك، فالنفس المليئة بتفاؤل الحياة هي التي تحول اليأس إلى أمل، إنه يجسد قول الشاعر:
لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي
فقد تعالقت الصور وتتابعت: المقطع الأول الشجر الذابل، والمقطع الثاني صراع الذات وبكاؤها، والمقطع الثالث الذات وقد تكفنت برماد اليأس، إنـها صورة تراكمت فيها العناصر الجزئية لتجعل اليأس مرادفا للموت، ومطابقا للمقولة السائدة: (لايأس مع الحياة ولاحياة مع اليأس ) .
3 . الصورة ذات الاتجاه الواحد:
هي صورة تتميز بفجائيــــة البداية والنهايـــــة، صورة تتلاحق فيها العناصر الجزئيــــــة لا لتتراكم وتتنوع أفقياً، بل لتتوغل وتنغرس في العمق في الاتجاه نفسه، ومثالها قصيدة (صحراء) لمحمد الكيـش :
“هناك …
حيث تجهم وجه الله
وآذن بالقطيعة
حيث لا عشب ولا ماء
ولا حانة يشعشع فيها الشعراء
ولا ظل لله
حيث الرمل يستف الذكرى
ويطفئ الحنين”([45])
نجد عدة لقطات للصحراء نفسها، فلم يراوح المتلقي بذاكرته مكاناً آخر، إنـها صحراء النفس، أو صحراء الروح حيث تعلن قطيعتها بالله حيث تتكرر اللاءات فيها في الاتجاه المكاني ذاته، لاعشب، لا ماء، لا حانة، لا ظل، ليس ثمة إلا الرمال المتحركة تبتلع الذكريات وتطمر المشاعر، وقد تكررت ظروف المكان (هناك ـ حيث) منتجة بنية مكانية ذات أجواء أسطورية .
المثال الثاني: قصيدة (اللغة) للشاعر نفسه :
“كان علي أن أفجر لغة التصادم
أن أتلفح بالنار
أن أخلق اللغة المستحيلة
بأي لغـة أغني ؟
هل من لغة للغز
تخطف الأبصار خطف المناجل”([46])
تطرح القصيدة القصيرة الهمّ اللغوي الأوحد وهو البحث الدائم عن اللغة المعبرة المسعفة، متضمنة قول النفري الذي حمل الهم ذاته، وأشار لا إلى عجز اللغة عن نقل التجربة الروحية فحسب ، بل عجزها عن التعبير عن صفات اللانـهائي واللامحدود([47])، وهذا ما عبر عنه الشاعر بخلق اللغة المستحيلة التي تخرج من ضيق التداول إلى فضاء الرؤية واتساعها الأبدي، ويشير استلهامه لعبارة النفري كمتصوف إلى التماس بين تجربتين كليهما تطرح إشكالية التعبير لدى كل من الشاعر والمتصوف، وقد جاءت الصياغة الشكلية لهذه الصورة بتتابع الصور في اتجاه واحد دون تنوع أو تغير في الحركة أو الزمن أو المكان، كما تبدو وحدة الاتجاه هذه في التعبير بالفعل المقترن بأن المصدرية) أن أفجر) (أن أتلفح) (أن أخلق) وما فيها من حركية، وتبدو أيضا في تتابع ضمير المتكلم.
إنـها ومضة سريعة ومكثفة وأنفاس متلاحقة تتدفق بقوة استهلها بتعبير فجائي، وكأنه أشرك المتلقي في الموقف نفسه الذي أدى به إلى التوق العظيم لتفجير اللغة المبتغاة .
4.الصورة السردية:
استفادت القصيدة المعاصرة من تقنيات الأنواع الأدبية الأخرى في تطوير أساليبها التعبيرية، والنهوض بأدواتـها الفنية، وتجنيبها الغنائية والذاتية، ويعد السرد إحدى هذه التقنيات، فيعمد الشاعر إلى صياغة الأحداث وترتيب الوقائع على نحو فني يختلف عن واقع العالم الخارجي حيث يحول المبدع الواقعي إلى شعري ويضمنه رؤيته الخاصة، ويعرف السرد بأنه “نقل الحادثة من صورتها الواقعية إلى صورة لغوية”([48]) تمكن القارئ من تأملها وتخيلها والتفاعل معها، وهذه الحادثة قد تنقل من الماضي أو الحاضر، أو تستوحى من المستقبل، وقد تمثلت الصورة السردية في نماذج (القصيدة ـ الصورة) في نوعين الصورة الذاتية والصورة الموضوعية .
أ . الصورة السردية الذاتية :
وهي صورة تقوم على السرد الذاتي الذي يقدم فيه الراوي الأحداث برؤية ذاتية داخلية([49]) مستخدما في ذلك ضمير المتكلم، والمثال على ذلك قصيدة (ضاربة الودع) للشاعرة عائشة إدريس المغربي، وقد اتخذت محور قصيدتـها شخصية نابعة من التراث الشعبي (ضاربة الودع) وهي امرأة يلجأ إليها العامة من الناس للاطلاع على حظوظهم محاولة لفك رموز الحياة الغيبية، تقول :
“ضاربة الودع
ألقت عالمها السري.. بكفي
ألقت بحدقة عيني
ست نجمات
هي لك
والسابعة عندي
هكذا قالت:
هذا سعدك .. فامض
منحت أول نجمتي لك
فاختارها مساء معتم
وفي القطار التالي
وقعت نجمة أخرى
صار رصيدي من الفرح
أربع نجمات .. وواحدة
بكفي ساحرة تـهالة بقيت
هكذا
منحت الأربعة في لعبة الحظ
فماتت
هكذا
مضيت أبحث عن ضاربة الودع الموشومـة
بنجمة هي سعدي
فكانت رشا.. هي نجمتي المقبلـة “([50])
لقد اعتمدت الشاعرة على ضمير المتكلم في سردها ماسكة بزمام السياق شاهدة على حركة الأحداث التي استوحتها من حديث الشخصية المستدعاة وطريقتها في ضرب الودع، حيث طابق التشكيل الشعري تشكيل الودع المتناثر قبالة المرأة، وقد وظفت الحوار الخارجي ومزجت الموقف بصور بانورامية من شريط ذكرياتـها، والتجسيد، وقد كسرت الشاعرة السياق فالودع لم يكن واهب الحظ لها بل النجوم التي عرفت عن العرب بارتباطها بحظ الإنسان، وقد غلبت على تعابيرها ظلال سحرية وأسطورية غامضة كذكر العالم السري والمساء المعتم ووادي تـهالة ولاشك أن ذكر الوادي في هذا السياق يومئ للمجهول والغموض لارتباطه بمسكن الجن والغيلان في الذاكرة الشعبية القديمة في الجاهلية، وارتباط تـهالة نفسها بالأسطورة التاريخية التي صيرتـها “أسطورة تخص ذات الشاعرة عبر اختزالها وإعادة إنتاجها وفق تجربتها ووعيها الخاص”([51]) أما شخصية الطفلة رشا التي ظهرت فجأة في نـهاية السياق فهي ذات دلالة مقترنة بالتفاؤل والشعور بحسن الطالع، لأنـها مرادفة للنجمة المقبلة، وكأنـها هي الحظ المفقود الضائع الذي عثرت عليه في رحلة بحثها هذه .
المثال الثاني قصيدة (صباح) للشاعر محمد الكيش :
“ذات صباح ما
باهر العتمـة ككل الصباحات
قلت : أحتفي بوجه الحبيبـة
جاذبني الشرطي الأشواق
فانتبذت به ركنا قصيا
ناشدتـه وجعي
قال: لا تبرح
قلت : سيدي
لا عاصم سوى وجهك
يوم تجف الصدور
ويكفهر وجه الأرض
ويكسوها الرماد
وحدك ..
أنت ..
تبقى لنا الملاذ”([52])
اعتمد تقنية السرد الذاتي مفتتحاً قصيدته بالاستهلال الحكائي الذي يحدد الزمانية الأسطورية للأحداث (صباح باهر العتمة) خالقة مفارقة لونية بين النور والظلمة، ويسير في سرده من خلال تقنيتي كل من الحوار الداخلي والخارجي، مستخدما في الحوار الداخلي (قلت) وتبدو هذه النجوى إشارة للتأزم النفسي ومحاولة الإفضاء بمكنوناته، أما الحوار الخارجي فيبدأ بظهور شخصية الشرطي:
” قال:لا تبرح
قلت:سيدي
لا عاصم سوى وجهك “
كما تشير المفردات إلى الترميز الصوفي، فالشاعر ينتبذ بوجه الحبيبة ركناً قصياً، وكأنه هروب المتعبد وخلوته بمعبوده أو هروب المتصوف وخلوته بأسراره الباطنية، أما الشرطي فمعادل موضوعي للحكمة والرشد والإلهام والعقل والقوى التي يتعطش لها الصوفي كملاذ له )يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا([53] ، يقول الشاعر :
” يوم تجف الصدور
ويكفهر وجه الأرض
ويكسوها الرماد
وحدك..أنت
تبقى لنا الملاذ؟ “
وأخيراً ظهر تضمين الشاعر أسلوبه المفردات والأساليب القرآنية .
ب . الصورة السردية الموضوعية :
يقوم الراوي في السرد الموضوعي بملاحقة الأحداث من الخارج([54])، ولهذا يغيب ضمير الأنا ليحل محله ضمير الخطاب أو الغيبة، حيث يلتفت المبدع إلى رموزه واصفاً إياها مستنطقاً لها، وهو هنا يحقق قدراً من الموضوعية والحيادية لعدم إقحام الذات لعواطفها الشخصية والإغراق في همومها ومعاناتـها ، والمثال على ذلك القصيدة القصيرة ( المحكوم ) لنجوى بن شتوان، تقول فيها:
“استقلت شعرة معاويـة
قملة جاريـة
تمسكت وتمسكنت
حتى تمكنت
فتجسست على الرؤوس اليانعـة
القملـة السوداء
تأتي معاوية بالأنباء
وهو مستلق على ظهره
وقت الظهيرة
في المساء..
يرفع القملة إلى رتبة وزير
من طاعتها العميـاء
بات معاوية
قملة لهـا.”[55]
فالراوية هنا سردت حكاية خيالية رمزية استيحاء من التراث التاريخي، وبالتحديد من الكناية الشهيرة (شعرة معاوية) المأخوذة من مقولته التي ذهبت مثلا في الدهاء وحسن الكياسة: “إني لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي ، ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني ولو كان بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، فقيل له: وكيف ذلك؟ قال: كنت إذا مدوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتـها”([56])، وقد صاغت الرؤية الخيالية بأسلوب سردي درامي لاعتمادها على الفعل والحدث والوصف الخارجي الذي ساعد الحدث على التطور إلى أن وصل للذروة، التي تجسدت في مفارقة ، تـهكمية مريرة تحول فيها الحاكم إلى محكوم والشريف إلى وضيع، بفعل تحول أحقر الحشرات إلى أعلى المراتب، وقد حصل العكس مع معاوية الذي تحول إلى حشرة فتبادلا الأدوار، وقد ختم النص بصدمة المتلقي بما هو غير متوقع وغير مقبول حتى على مستوى اللفظ، حيث تحول المذكر إلى مؤنث واسم العلم (المعرف) إلى اسم جنس (المنكر)، وتبدو هذه المفارقة من خلال العنوان الذي لم تنفتح دلالته إلا بواسطة قفلة الحكاية حيث تضمنت دلالة اللفظ مفارقة مفادها أنَّ المحكوم هو الحاكم نفسه .
وقد اعتمدت الشاعرة في سردها على أسلوب الترميز، والإيحاء والخيال التهكمي، والصور الكنائية مثل: تجسست على (الرؤوس اليانعة) التي استوحتها من القول الشهير للحجاج الثقفي: “إني أرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها” وهي كناية عن الشعب ضحية الطغاة المغلوب على أمره، والصورة ( مستلق على ظهره ) كناية عن الترف والتبلّد الذهني، وقد اعتمدت الشاعرة في زمن الحدث على التسلسل الزمني الماضوي الذي هو الفعل التقليدي للحكي، (استقلت، تمسكت، تمسكنت، تجسست)وتتحول لزمن المضارع في قولها ( تأتي بالأنباء ) لتجسيد مداومة الفعل واستمراره و( يرفع … إلى رتبة وزير ) لموازاة فعل الإتيان بالأخبار فهو نتيجة له ومكافأة عليه، وعلى الرغم من نثرية الأسلوب وسرديته إلا أن الشاعرة استطاعت الحفر في رؤيتها الخاصة والتعمق في هذه اللحظة الشعرية، وهي”لحظة شعورية معمقة ومدركة ومحاط بـها، وإذا حولت اللحظة الشعورية إلى لحظة شعرية فببلاغة الآداء وليس ببلاغة الألفاظ “([57]) .
الخاتـمـة:
نخلص مـما سبق إلى أنَّ مفهوم قصيدة الأبيجراما يتلخص في كونـها قصيدة قصيرة، تعبر عن روح العصر الذي يتميز بالإيقاع السريع ، ويقتضي الاقتصاد التعبيري ، فهي تنحو منحى التكثيف والتركيز، معبرة عن لحظة شعورية عميقة، متضمنة صورة ترميزية إيحائية، وقد توظف آليات السخرية أو المفارقة أو التناص، وتعوِّل على الطاقة التأويلية التي تستحث القراءات المتنوعة، وعلى الرغم من التسمية الأصل الذي يمتد إلى الأصل الإغريقي، فنحن لانعدم تأصيلا عربيا يشير إلى الخصوصية الشعرية العربية.
وقد خلص البحث في الجانب التطبيقي إلى أن لكل قصيدة بناءً تصويريا خاصًّا بـها، يعبر عن أسلوب الشاعر وفرديته اللغوية وقد عرفنا خمسة أنماط تصويرية هي: الصورة الدائرية والصورة التراكمية والصورة ذات الاتجاه الواحد والصورة السردية.
المصادر والمراجع :
*القرآن الكريم بقراءة قالون عن نافع المدني.
أولا : الكتب:
- ابن رشيق القيرواني: العمدة، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد ، مطبعة السعادة ، القاهرة، 1963م.
- ابن سلَّام الجمحي: طبقات فحول الشعراء، تحقيق: محمود شاكر، مطبعة المدني القاهرة، 1663م.
- ابن عبد ربه شهاب الدين أحمد بن محمد القرطبي الأندلسي ، العقد الفريد ، تحقيق: محمد سعيد العريان، دار الفكر ، بيروت لبنان ، 2019م.
- أحمد الصغير المراغي، بناء قصيدة الأبيجراما في الشعر العربي الحديث، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2012م.
- أحمد الفيتوري، نـهر الليثي في الحداثة الشعرية الليبية، المؤسسة العامة للثقافة، ليبيا، ط1، 2009م.
- حازم القرطاجني: منهاج البلغاء وسراج الأدباء، تحقيق: محمد الخوجة، تونس، 1966م.
- شاعرية التاريخ والأمكنة، حوارات مع الشاعر عزالدين المناصرة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط1، بيروت، 2000م.
- خليفة محمد التليسي: قصيدة البيت الواحد، دار الشروق، ط 1، 1991م.
- سميرة البوزيدي: بوابة الحلم قراءات في المشهد العربي الليبي، المؤسسة العامة للثقافة، ليبيا، ط 2، 2009م.
- طه حسين: جنة الشوك ، دار المعارف ، القاهرة ، ط11 ، 1986م .
- عبدالله إبراهيم: المتخيل السردي..مقاربات نقدية في التناص والرؤى والدلالة، المركز الثقافي العربي، بيروت والدار البيضاء، ط1، 1990م .
- عبد الله رمضان ، فن الأبيــجرام في الأدب العربي المعاصر ، رسالة دكتوراه مخطوطة بكلية الآداب ، جامعة عين شمس 2010م.
- عبد الله القويري، دراسات في أدب خليفة التليسي، المنشأة العامة للنشر والتوزيع والإعلان، طرابلس ، د.ت.
- عزالدين إسماعيل: الأدب وفنونه..دراسة ونقد، دار الفكر العربي، القاهرة، د.ت.
_______الأسس الجمالية في النقد العربي، عرض وتفسير ومقارنة، دارالفكر العربي، ط3، 1974م.
_______ تعقيبات وآراء، مقالة منشورة في مجلة الأقلام، بغداد، ع10، 1974م.
_______الشعر العربي المعاصر قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية.
- علي الشرع: بنية القصيدة القصيرة في شعر أدونيس، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1986م.
- فيصل القصيري: بنية القصيدة في شعر عزالدين المناصرة، دار مجدلاوي، عمان الأردن، 2005 م.
- كمال خير بك: حركة الحداثة في الشعر العربي المعاصر، ط1، 1982م.
- محسن اطيمش: دير الملاك دراسة نقدية في الظواهر الفنية في الشعر العراقي المعاصر .
- محمد حمدي إبراهيم: الأدب السكندري، دار الثقافة للنشر، القاهرة، 1985م .
- مرشد الزبيدي: بناء القصيدة الفني في النقد العربي القديم والمعاصر، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1994.
- نزار بريك هنيدي، في مهب الشعر، اتحاد الكتاب العرب دمشق سوريا، د.ت.
- وفيق خنسة: جدل الحداثة في الشعر”دراسة تطبيقية”، دار الحقائق، بيروت-لبنان، ط1، 1985م.
الدواوين الشعرية:
- عائشة إدريس المغربي: البوح بسر أنثاي، الدار الجماهيرية، ليبيا ، ط1، 1996م.
- عبد الحفيظ العابد: ديوان: اشتهاء، مجلس الثقافة العام، سرت ليبيا، ط1، 2008 م.
- عز الدين إسماعيل : ديوان: دمعة للأسى…دمعة للفرح، ط1، 2000م.
- عمر الكدي: أغاني ماريش مجموعة شعرية ضمن ديوان “بلاد تحبها وتزدريك”، وزارة الثقافة والمجتمع المدني، د.ت.
- محمد الكيش: شتات القول، منشورات اللجنة الشعبية العامة للثقافة والإعلام، ليبيا، ط2، 2008م. ويحتوي الدواوين: شتات القول ، وشواهد محمومة من كتاب الفيض ، كتاب المراثي.
- نجوى عاشور بن شتوان: الماء في سنارتي، منشورات المؤتمر، طرابلس ليبيا، 2004م.
ثانيا : المجلات العلمية:
- إحنين المعاوي شنينة ، الأبيجراما في الشعر الليبي المعاصر ديوان حدث في مثل هذا القلب لجمعة الفاخري أنموذجاً ، مـجلد أبــحاث الملتقى الوطني الدولي الأول للأدب والنقد في ليبيا الدورة الثانية 2020 ، جامعة طبرق ، كلية الآداب ، ط1 ، 2020م ، ليبيا.
- باسم محمد عبد الفتاح فروات (فن الأبيجرام عند نزار قباني) ، مجلة جامعة الأزهر حولية كلية اللغة العربية بنين بجرجا ، ع23 ، 2019م ، ج7 .
- هدى بنت عبد الرحمن إدريس الدريس ، الومضة الشعرية من الأبيجرام إلى القصيدة التفاعلية ، مـجلـة كلية الآداب ، جامعة سوهاج ، ع36 ، 2014م
- حفناوي بعلي، شعرية التوقيعة، مجلة الموقف الأدبي، ع 413، أيلول، 2005م.
المعاجم والقواميس :
- نواف نصار ، معجم المصطلحات الأدبية عربي – انجليزي ، دار المعتز، عمان الأردن ، ط1 ، 2011م.
ثالثا : المواقع الألكترونية :
- أديب كمال الدين: مقالة بعنوان: النفري الشطح الخلاق، موقع دروب، www.doroob.com/ ?p=16786 تاريخ الدخول:28 ـ 2 ـ 2010 م.
- عبدالله رمضان ، غازي القصيبي القول “غير المأثور” وفن “الأبيجراما” ، مقال منشور في موقع رابطة أدباء الشام ، ضمن قسم (النقد الأدبي) ، https://www.odabasham.net
تاريخ الدخول: 20 . 2. 2023م.
[1] – وفيق خنسة ، جدل الحداثة في الشعر”دراسة تطبيقية”، دار الحقائق ، بيروت-لبنان ، ط1 ، 1985م ، ص 13 .
[2] – ينظر : علي الشرع، بنية القصيدة القصيرة في شعر أدونيس، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1986م، ص 51. وينظر: عزالدين إسماعيل، الأسس الجمالية في النقد العربي، عرض وتفسير ومقارنة، دار الفكر العربي، ط3، 1974م ، ص 362 .
[3] – للمزيد ينظر: طه حسين ، جنة الشوك ، دار المعارف ، القاهرة ، ط11 ، 1986م .
[4] _ ينظر : عز الدين إسماعيل ، دمعة للأسى … دمعة للفرح ، ص 9 . و أحمد المراغي ، بناء قصيدة الأبيجراما، ص 20 .
[5] _ نواف نصار ، معجم المصطلحات الأدبية عربي – انجليزي ، دار المعتز، عمان الأردن ، ط1 ، 2011م ، ص 11-12.
[6] – ينظر: محمد حمدي إبراهيم ، الأدب السكندري، دار الثقافة للنشر ، القاهرة، 1985م، ص8 ، وينظر: أحمد المراغي، بناء قصيدة الأبيجراما، ص22.
[7] – ينظر : طه حسين ، جنة الشوك ، ص 13 وما بعدها .
[8] – ينظر: عزالدين إسماعيل ، ديوان: دمعة للأسى…دمعة للفرح ، ص 10 .
[9] _ ينظر : احنين المعاوي شنينة ، الأبيجراما في الشعر الليبي المعاصر “ديوان حدث في مثل هذا القلب لجمعة الفاخري أنموذجاً” ، مـجلد أبحاث الملتقى الوطني الدولي الأول للأدب والنقد الدورة الثانية2020 ، ط1 ، 2020م، جامعة طبرق ، كلية الآداب ، ليبيا ، ص 83 .
[10] _ عبد الله رمضان ، فن الأبيــجرام في الأدب العربي المعاصر ، رسالة دكتوراه مخطوطة بكلية الآداب ، جامعة عين شمس 2010م ، ص 20-21 .
[11] _ باسم محمد عبد الفتاح فروات (فن الأبيجرام عند نزار قباني) ، مجلة جامعة الأزهر حولية كلية اللغة العربية بنين بجرجا ، ع23 ، 2019م ، ج7 ، ص 6389 .
[12] _ ابن سلام الجمحي ، طبقات فحول الشعراء ، تحقيق: محمود شاكر، مطبعة المدني، القاهرة، 1663م ، ج1 ، ص 26.
[13] _ ابن رشيق القيرواني ، العمدة ، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السعادة القاهرة مصر، 1963م ، ج1 ، ص 280.
[14] _ حازم القرطاجني ، منهاج البلغاء وسراج الأدباء ، تحقيق: محمد الخوجة ، تونس ، د.م ، 1966م ، ص 330 .
[15] _ عبدالله رمضان ، غازي القصيبي القول “غير المأثور” وفن “الأبيجراما” ، مقال منشور في موقع رابطة أدباء الشام ، ضمن قسم (النقد الأدبي) ، https://www.odabasham.net تاريخ الدخول : 20 . 2 . 2023م.
[16] _ صالح سوسي ، حوار مع الشاعر عز الدين المناصرة ، موقع دروب ، 4/ 4/ 2007م ، والهايكو: قصيدة يابانية تقليدية مكونة من ثلاثة أسطر، أما السونيت فهي قصيدة غنائية قصيرة، مأخوذة من الكلمة الإيطالية سونيتو.
[17] – ينظر: عزالدين إسماعيل ، الأسس الجمالية في النقد العربي عرض وتفسير ومقارنة، ص 361 .
[18] – عزالدين إسماعيل، الشعر العربي المعاصر قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية ، ص 400 .
[19] – عزالدين إسماعيل، الأسس الجمالية في النقد العربي عرض وتفسير ومقارنة ، ص 368 .
[20] – خليفة محمد التليسي ، قصيدة البيت الواحد ، دار الشروق، ط 1 ، 1991م ، ص 31 .
[21] – ينظر : المرجع نفسه، ص 31 .
[22] – د. محسن اطيمش، دير الملاك .. دراسة نقدية في الظواهر الفنية في الشعر العراقي المعاصر ، ص 15 .
[23] – ينظر : كمال خير بك ، حركة الحداثة في الشعر العربي المعاصر، ط1 ، 1982م ، ص 33 .
[24] – مرشد الزبيدي ، بناء القصيدة الفني في النقد العربي القديم والمعاصر، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1994م ، ص 108 .
[25] – عز الدين إسماعيل ، تعقيبات وآراء، مقالة منشورة في مجلة الأقلام، بغداد، ع 10، 1974م، ص 104 .
[26] – فيصل القصيري، بنية القصيدة في شعر عزالدين المناصرة، دار مجدلاوي عمان الأردن ، 2005 م ، ص 95.
[27] – حفناوي بعلي ، شعرية التوقيعة، مجلة الموقف الأدبي، ع 413، أيلول، 2005م ، ص 33 .
[28] – المرجع نفسه ، ص 34 .
[29] _ ينظر : هدى بنت عبد الرحمن إدريس الدريس ، الومضة الشعرية من الأبيجرام إلى القصيدة التفاعلية ، مـجلـة كلية الآداب ، جامعة سوهاج ، ع36 ، 2014م ، ص 77 .
[30]– شاعرية التاريخ والأمكنة، حوارات مع الشاعر عزالدين المناصرة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط1 ، بيروت، 2000م ، ص 489 .
[31] – نزار بريك هنيدي، في مهب الشعر، اتحاد الكتاب العرب دمشق ، د.ت ، ص 25 .
[32] – للمزيد ينظر: فيصل القصيري ، بنية القصيدة في شعر عزالدين المناصرة ، ص 95 ـ 99 .
[33] – المرجع نفسه ، ص 99 .
[34] – نفسه ، ص 102 .
[35] – نفسه ، ص 103 .
[36] – ينظر : عز الدين إسماعيل ، الشعر العربي المعاصر قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية ، ص 205 وما بعدها .
[37] – المرجع نفسه ، ص 220 .
[38] – عمر الكدي ، أغاني ماريش مجموعة شعرية ، ضمن الديوان: بلاد تحبها وتزدريك ، وزارة الثقافة والمجتمع المدني، ليبيا ، ص 45 .
[39] – سميرة البوزيدي ، بوابة الحلم..قراءات في المشهد العربي الليبي ، المؤسسة العامة للثقافة ، ليبيا، ط 2 ، 2009م ، ص 7 .
[40] – سورة الأعراف ، الآية 40 .
[41] – أحمد الصغير المراغي ، بناء قصيدة الإبيجراما في الشعر العربي الحديث ، ص 23-24 .
[42] – محمد الكيش ، ديوان: شتات القول ، ضمن: شتات القول ، ص 10 .
[43] – عبد الحفيظ العابد ، ديوان : اشتهاء ، مجلس الثقافة العام، سرت ليبيا ، ط 1 ، 2008 م ، ص 43 .
[44] – محمد الكيش ، ديوان كتاب المراثي ، ضمن : شتات القول ، ص 122 .
[45] – محمد الكيش، ديوان شواهد محمومة من كتاب الفيض ، ضمن : شتات القول، ص 99 .
[46] – محمد الكيش، ديوان : كتاب المراثي، ضمن : شتات القول، ص 152 . وقد همش الشاعر للسطر الأخير بقوله : مقولة للنفري، وهو محمد بن عبد الجبار النفري المولود بنفر في العراق ، عاش في القرن الرابع الهجري .
[47] – ينظر: أديب كمال الدين، مقالة بعنوان: النفري الشطح الخلاق، موقع دروب، www.doroob.com/ ?p=16786 تاريخ الدخول:28 ـ 2 ـ 2010 م .
[48] – عزالدين إسماعيل ، الأدب وفنونه .. دراسة ونقد، دار الفكر العربي، القاهرة، د.ت ، ص 113 .
[49] – عبدالله إبراهيم، المتخيل السردي .. مقاربات نقدية في التناص والرؤى والدلالة، المركز الثقافي العربي، بيروت والدار البيضاء، ط1، 1990م ، ص 64 .
[50] – عائشة إدريس المغربي، البوح بسر أنثاي، الدار الجماهيرية، ليبيا ، ط1، 1996م ، ص 82 . تـهالة : وادي في جنوب ليبيا قرب غات، رشا: طفلة ممتعة قابلتها الشاعرة في رحلة بالطائرة بطرابلس . نقلا عن هامش بصفحات القصيدة .
[51] – فتحي نصيب ، الرؤية الشعرية وشعر الرؤيا مدخل لقراءة (النص الجديد) ، ضمن كتاب : نـهر الليثي في الحداثة الشعرية الليبية ، أحمد الفيتوري ، ص 534 .
[52] – محمد الكيش ، ديوان: شواهد محمومة من كتاب الفيض ، ضمن : شتات القول ، ص 86 ـ 87 .
[53] – سورة البقرة ، الآية 268 .
[54] – عبدالله إبراهيم ، المتخيل السردي .. مقاربات نقدية في التناص والرؤى والدلالة ، ص 64 .
[55] – نجوي عاشور بن شتوان ، الماء في سنارتي، منشورات المؤتمر ، طرابلس ليبيا ، 2004م ، ص 49 .
[56] – ابن عبد ربه شهاب الدين أحمد بن محمد القرطبي الأندلسي ت 328هـ، العقد الفريد ، تحقيق: محمد سعيد العريان ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت لبنان ، 2019م ، ج1 ، ص 25 .
[57] – عبد الله القويري، دراسات في أدب خليفة التليسي، المنشأة العامة للنشر والتوزيع والإعلان، طرابلس، د.ت، ص 22 .