الموحّدون من النصارى عبر التاريخ
The Almohads are Christians throughout history
د.محمد أحمد عبد المطلب عزب/جامعة المدينة العالمية، ماليزيا
Dr. Mohamed Ahmed Abd El Moteleb Azab/Al-Madinah International University, Malaysiya
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 77 الصفحة 63.
ملخص:
يرصد هذا البحث تتابع مسيرة التوحيد وبقاءها بين بعض المسيحيين عبر التاريخ ، إذا التاريخ المسيحي بأجمعه لم ينحرف عن المسار التوحيدي لأصل الديانة .
صحيح أن هذا التوحيد ليس هو التوحيد الخالص الذي ابتعث الله تعالى به الرسل وأنزل به الكتب إلا أنه مخالف لما آلت إليه الفرق النصرانية ووقعت فيه بعد.
الكلمات المفتاحية: النصارى- التوحيد – الطوائف – التاريخ.
Abstract:
This research monitors the continuity of the process of monotheism and its survival among some Christians throughout history, if Christian history as a whole has not deviated from the monotheistic path of the origin of the religion.It is true that this monotheism is not the pure monotheism with which God, the Most High, sent the Messengers and revealed the Books with it, except that it is contrary to what the Christian sects reached and fell into after
key words: Christians – monotheism – sects – history.
مقدمة:
بعث الله تعالى المرسلين كلهم إلى الخلق يدعونهم إلى توحيد الله وحده، ونبذ ما سواه من الآلهة والأنداد، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}([1]).
وأكد نبينا صلى الله عليه وسلم علي ذلك قائلا: «الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد»([2])،والتأكيد على هذا الجانب وإبرازه لا يحتاج إلى تفصيل وإطناب، إذ صار كالمعلوم علم اليقين.
واقتضت حكمة الله تعالى أن تظل رسالةُ التوحيد سائرةً في الخلق، لا تنمحي بالكلية، وإن قلَّت؛ لكنها لا تختفي أبدا؛ لأن باختفائها انمحاء العالم وذهاب أثره، قال شيخ الإسلام: (الدنيا كلها ملعونة ملعون ما فيها إلا ما أشرقت عليه شمس الرسالة وأُسِّسَ بنيانه عليها ولا بقاء لأهل الأرض إلا ما دامت آثار الرسل موجودةً فيهم فإذا درست آثارُ الرسل من الأرض وانمحت بالكلية خرَّب الله العالم العلوي والسفلي وأقام القيامة) ([3]).
من هنا كانت مسيرةُ التوحيد عبر القرون لا تنقطع، لكن الكشف عن آثار بقائها من الأهمية بمكان، ونعرض في السطور البحثية الآتية عن طائفة الموحدين من المسيحيين عبر القرون، وهي سطور تأتي في النقاط والمبحث الآتية:
أهمية البحث:
تكمن أهمية هذا البحث في كونه محاولةً جادة للوقوف على مسيرة التوحيد عبر القرون بين أتباع الديانة المسيحية، وأن نهر الديانة رغم تعكره بالتثليث، وعبادة البشر، ألا إن هناك من ظل على الديانة الصافية لم تفتنه الكثرة المنجرفة تجاه تيار الكفر بالواحد الأحد، وادعاء الولد والصاحبة له، وفي ذاك دحض لشركيات النصارى التي يدعي أربابها أنها ديانةُ المسيح – عليه السلام- وشريعتُه التي صُلب من أجلها، وهذه الأهمية كانت لها أسباب ظاهرة.
- أسباب اختيار الموضوع
لهذا الموضوع أسباب عدة، فبالإضافة لأهميته التي سلفت إلا أن الأسباب التي دفعت لدراسته تكمن في الآتي:
- أهمية تتبع مسيرة التوحيد بين أتباع الديانة النصرانية لما فيه من تأكيد عملي على كون الرسالات الإلهية التي جاء بها الرسل واحدة.
- أهمية الكشف عن الموحدين من المسيحيين نظرا لتغلب التثليث والكفر بالله على أتباع الديانة النصرانية.
- تتبع مسيرة التوحيد عند النصارى في الأزمنة الحديثة وسبل التعاون معهم.
- الانتباه بالدور الخطير الذي قامت به الكنيسة في التصدي لرسالة التوحيد، وكيف كانت حائلا وسدا منيعا ضد القائلين به.
- الدراسات السابقة
حفلت النصرانية وأتباعها بدراسات لا حصر لها، ولعل في كون علم مقارنة الأديان أحد العلوم الذي وضعته الحضارة الإسلامية لخدمة الإنسانية والكشف عن الزيف والحق والسمات المشتركة بين الأديان، والسمات المشتركة بين البشر، كان من لوازمه دراسة النصرانية؛ إلا أن الدراسات في معظمها دراساتٌ مقارنة، أو دراسات وصفية، والدراسات الوصفية اعتنت في معظمها برصد تيار الانحراف حتى وصول النصرانية لدائرة الشرك والمروق والخروج بالكلية من دين الله تعالى والانحراف عن هدي السماء.
ويمكننا أن نسوق في هذا كل الدراسات التي كتبها أئمة الإسلام الأعلام، كالإمام الأشعري (324هـ)، والقاضي عبد الجبار (415هـ)، والإمام ابن حزم (456هـ) والإمام الشهرستاني (548هـ)، وابن تيمية (728هـ)، وابن القيم (751هـ)…وغيرهم، وما كتبه هؤلاء هي دراسات بعضها وصفي والغالب أنه نقد لنصوص النصارى المقدسة، ويمكننا في ذات السبيل أن نشير لعدة دراسات هي:
- كتاب دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية، “لسعود بن عبد العزيز الخلف”، نشرته مكتبة أضواء السلف، الرياض، المملكة العربية السعودية، وطبع عدة طبعات، وهذا الكتاب يتحدث عن اليهودية والنصرانية، والجزء الذي خصصه للنصرانية، يرجع للدراسة الوصفية فقد تحدث عن تعريفها ومصادرها، وشعائرا والعوامل التي أدت إلى انحرافها، والفرق المعاصرة، وهو يختلف عما نحن بسبيله ههنا.
- العقائد الوثنية في الديانة النصرانيةـ “لمحمد بن طاهر التنير البيروتي”، بتحقيق “دمحمد عبد الله الشرقاوي”، وهو يتحدث عن العقيدة النصرانية والمظاهر الشركية التي تكتنفها في كل عقائدها، والكتاب عبارة عن ثمانية عشر فصلا، كلها مناقشات للوثنيات النصرانية ومظاهر الانحراف، صدر الكتاب عن دار الصحوة بالقاهرة بدون تاريخ.
- الله جَلَّ جلالَهُ واحد أم ثلاثة؟ مؤلفه هو “د منقذ بن محمود السقار”، الناشر: دار الإسلام للنشر والتوزيع، والكتاب يبدو تأريخا للعقائد النصرانية، ومناقشة لبعض قضاياهم العقدية، متعرضا لنشأة عقيدة التثليث عندهم، ومختتما بالعبادات الكاثوليكية.
وبالجملة فلم تزل الكتابات الراصدة للعقائد النصرانية، أو العقيدة النصرانية طول الزمن، والذي فتق هذا هو القرآن الكريم الذي أسس لمنهج الحوار والنقد لأباطيل المفترين، وأيا كانت الدراسات المتعلقة بالديانة فكل ما كتب يدخل ضمن الدراسات السابقة، ويبقى عنوان البحث فريدا عنها لأنه يتناول أمورا لم يتم تسليط الضوء عليها ومعالجتها ضمن دراسة متفردة.
- إشكالية البحث
المشهور عن النصرانية أنها ديانة شركية وأتباعها كذلك قاطبة، وهذه حقيقية شاعت على خلاف الواقع، فلم يزل بين أتباعها من تمسك بالتوحيد لله تعالى، ورفض فكرة التثليث التي تعود لجذور أدخلها المهرطقون من ديانات ونِحَلٍ بشرية من الهند والصين، والمقارنات التي قامت بين بعض الشعائر والعقائد النصرانية، والشعائر والعقائد الهندية القديمة تثبت أنها تعود لها بالقطع واليقين.
لكن بقي الموحدون النصارى – تتناقلهم الأزمنة وتتقاذفهم الديار والأوطان- قلةً قليلة لكنها لم تمحى وتنتهي من بين حملة النصرانية المؤمنين برسالة المسيح الرسالة البشرية، والمؤمنين بها على مستوى الإلهية التي اختلقوها.
من هنا كان تتبع خطى الموحدين داخل هذه الديانة من الأهمية بمكان.
- منهج البحث:
هذا البحث استعمل الباحث فيه المنهج الوصفي الاستقرائي، حيث تتبع الظاهرة، واستقصى جوانبها، وربما تطلب الأمر تحليلَها أو نقدَها، وكل ذلك في حدود الإطار الكمي للبحث.
تمهيد: التعدد (الشركية) عقيدة طارئة على البشر:
إذا كانت فطرة الإنسان المجردة شاهدةً بتوحيد الخالق وأنه لا يتصور أحد أن ينشأ المرء في صحراء بعيدا عن الخلق، فيجد نفسه ينطق بالشهادة بإلاهية غير الله تعالى، إنه يتوجه تلقاء نفسه لخالقه، من هنا كان الشرك كالحالة الطارئة على الفطر السليمة، وإذا كان الشرك قد استقر في البشر على نواحي وأمور عدة، وله صور شتى فليس هذا يعني أنه كان أصلا، ولنتأمل قول الله تعالى على لسان شر الخلق إبليس لعنه الله: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 119]، فسارت وسوسته في الخلق تؤتي أكلها بين من انتكست فطرهم وضعفت نفوسهم، وفي قول الله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [البقرة: 213] قال ابن كثير: عن ابن عباس، قال: كان بين نوح وآدم عشرة قرون، كلهم على شريعة من الحق. فاختلفوا، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين([4]).
فالشرك طارئ وليس أصيلا في الخلق، بل هو مما أدخله الشيطان على بني آدم، بوسوسته لهم بالكفر بالله تعالى، وكان ذلك بأناة وخطوات لا تكل: انتقل بهم من أمر لغيره؛ حتى وطَّنَ الشرك فيهم، قال شيخ الإسلام: ولم يكن الشرك أصلا في الآدميين بل كان آدم ومن كان على دينه من بنيه على التوحيد لله لاتباعهم النبوة([5]).
وجاء في دائرة المعارف الأمريكية: “لقد بدأتْ عقيدة التوحيد – كحركة لاهوتية – بداية مبكرة جدًّا في التاريخ، وفي حقيقة الأمر فإنها تَسبق عقيدة التثليث بالكثير من عشرات السنين، إنَّ الطريق الذي سارَ من أورشليم – مجمع تلاميذ المسيح الأوائل – إلى نيقية – حيث عُقِد المجمع المسكوني الأول عام (325)؛ لمحاولة الاتفاق على عقيدة مسيحيَّة واحدة – من النادر القول بأنَّه كان طريقًا مستقيمًا.
إنَّ عقيدة التثليث التي أُقِرَّت في القرن الرابع الميلادي، لَم تعكس بدقَّة التعليم المسيحي الأوَّل فيما يتعلَّق بطبيعة الله، لقد كانت – على العكس من ذلك – انحرافًا عن هذا التعليم؛ ولهذا فإنها تطوَّرت ضد التوحيد الخالص”([6]).
فالتوحيد هو أصل ما شرعه الله تعالى لعباده، وأصل ما فطرهم عليه، وهو الذي عليه الخلقُ كلُّهم بالاضطرار؛ ولذا طالبهم الله تعالى به، وألزمهم به، وجعل الثواب والعقاب عليه، وجعل جزاء الموحدين يفوق كل جزاء، فالتوحيد هو مقدمة كل خير، وهو باب كل فضيلة، ولا ولوج على الله تعالى بغيره البتة، وهو يوافق الفطرة ولا يصادمها، بل غيره من الآلهة والأنداد المختلفة هو ما يخالف الفطرة ويجانب النفوس المستقيمة.
من هنا كان ما سلف يقودنا للحديث عن النصرانية في مهدها، وأول وجودها، فقد تقرر لدينا من خلال الأدلة القرآنية، والأحاديث والآثار أمران :
الأول: أن التوحيد فطرة إنسانية في نفوس الخلق.
الثاني: أن التوحيد أصل دعوة المرسلين.
وهذا الثاني يدفعنا لتناول مسيرة التوحيد في النصرانية الأولى وهو موضوع المبحث الآتي:
المبحث الأول: رسالة عيسى عليه السلام دعوة إلى التوحيد:
لم تختلف رسالة نبي الله عيسى عليه السلام عن أصول الرسالات الإلاهية في شيء، وصدق فيها قول نبينا صلى الله عليه وسلم: «أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد»([7]).
قال ابن حجر: معنى الحديث أن أصل دينهم واحد وهو التوحيد وإن اختلفت فروع الشرائع([8])، ويوضح شيخ الإسلام الأمر أكثر فيقول: (الرسل متفقون في الدين الجامع للأصول الاعتقادية والعملية فالاعتقادية كالإيمان بالله وبرسله وباليوم الآخر والعملية كالأعمال العامة)([9]).
وإذا كان النصارى يؤمنون بالعهدين للكتاب المقدس؛ أعني: العهد القديم، والعهد الجديد، فكلاهما اشتمل على نصوص التوحيد التي لا تقبل التأويل، فمن نصوص العهد القديم:(لتعلم أن الرب هو الله لا إله غيره) ([10]). “فاعلم اليوم وأقبل بقلبك أن الله هو الإله في السماء من فوق وعلى الأرض من تحت وليس غيره”([11]) ،وجاء فيه أيضا: “اسمع يا إسرائيل: إن الرب إلهنا ربٌّ واحد”([12]).
أما في العهد الجديد فمن النصوص الدالة على وحدانية الله تعالى: ما جاء في إنجيل يوحنا: “هذه هي الحياة الأبدية؛ لابد أن يعرفوك: أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته”([13]).
وفي إنجيل لوقا: “أيها المعلم الصالح، ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟ فقال له يسوع: لماذا تدعوني صالحاً؛ ليس أحد صالحاً إلا واحد؛ هو الله!!” ([14]).
وفي لوقا أيضا: “وأصعده إبليس إلى جبل مرتفع، وأراه في لحظة من الزمن جميع ممالك العالم، وقال له: أعطيك هذا السلطان كله، ومجد هذه الممالك، لأنه من نصيبي، وأنا أعطيه لمن أشاء!! فإن سجدت لي يكون كله لك. فأجابه يسوع: ابتعد عني يا شيطان، يقول الكتاب: للرب إلهك تسجد، وإياه وحده تعبد”([15]).
وهكذا صارت دعوة التوحيد في مبدأها مع كلمة الله “عيسى” عليه السلام، دعوةً توحيدية خالصة، لم ينقضها ادعاءات القوم وما اختلقوه وتوهموه أن اختلاف “عيسى” في خلقه دليل على إلاهيته، فإن القرآن أبطل هذه الحجة، فإذا كان “عيسى” إلاها لأنه خُلق من غير أب، فالأولى “آدم” عليه السلام؛ فإنه خلق من غير أب ولا أم.
لكن انحراف البشر عن سننن المرسلين كأنه قانون في الخلق، من هنا جرى على رسالة عيسى بعد رفعه، ما جرى على الرسالات الإلاهية الأخرى من تحول مجراها وبعدها عن أصل ما جاءت به الرسل، وهو ما يسوقنا لعرض جوانب الانحراف من خلال المبحث الآتي:
المبحث الثاني: المجامع الكنسية الأولى وموقفها من العقيدة:
المجامع عبارة عن اجتماعات عقائدية من حيث الأصل مهمتها النظر في صياغة معتقدات النصارى، وعادة يتم الدعوة إليها عند حدوث أمر جلل أو بدعةٍ تسري بين المؤمنين بالنصرانية تتبناها شخصيةٌ فاعلة، ولعلنا نقف على إشارة بالغة الأهمية أوردها صاحب كتاب قصة الحضارة بقوله: “ولما افتتحه في مدينة كنستانس في الخامس من نوفمبر عام 1414 لم يحضره إلا عدد قليل ممن دعوا إليه من البطارقة الثلاثة، والكرادلة التسعة والعشرين، ورؤساء الأساقفة الثلاث والثلاثين، والأساقفة الخمسين، وعلماء اللاهوت الثلاثمائة ومندوبي الجامعات الأربعين، والأمراء الستة والعشرين، والنبلاء المائة والأربعين والقساوسة الأربعة الآلاف. ولو أن هؤلاء جميعا قد حضروا لكان هذا المجلس أكبر مجلس في تاريخ المسيحية وأهم ما عقد من مجالسها منذ مجلس نيقية (عام 325) الذي أقر عقيدة التثليث في الدين المسيحي)([16]).
وقد بدأت المجامع منذ عهد “قسطنطين الكبير”، وقتما بدأت المسيحية تأخذ طريقها كديانة مسموح بها في الدولة، وهذه المجامع كانت لضرورات تخص الإيمان والعقيدة، وإن كانت تطرقت لأمور أخرى تتعلق بالتنظيم الكنسي([17]).
ويختلف النصارى في عدد المجامع، فبعضهم يعترف بما لا يعترف به الآخرون، وعددها يصل لعشرين مجمعا، لكن أهم هذه المجامع هي المجامع السبعة الأولى وهي كالآتي:
- مجمع نيقية الأول سنة (325) م.
- مجمع القسطنطينية الأول 381 م.
- مجمع أفسس 431 م.
- مجمع خلقدونية 448م.
- مجمع القسطنطينية الثاني 553 م.
- مجمع القسطنطينية الثالث 680 م.
- مجمع نيقية الثاني 787 م.
والكنائس الأرثوذكسية تعترف بثلاثة منها هي “نيقية” و”القسطنطينية” و”أفسس الأول”، وهذه عليها إجماع من جميع الكنائس.
لقد كان لهذه المجامع دور بارز وخطير في تحريف مسار العقيدة النصرانية، وإقرار الباطل والمرذول من العقائد، وهي التي جعلت الإله بشرا، ولم تخجل أن تجعل له صاحبة وولدا، ولعلنا نقف على هذا المسار بجلاء من خلال المبحث الآتي:
المبحث الثالث: أريوس والعقيدة:
لقد تضاربت عقائد النصارى تضاربا مخجلا، وصدق فيها قول الله تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82].
فلما اكتنفتها الأهواء ودخلتها أقوال البشر، وتحكمت فيها عقولهم حلت فيها السنة الإلاهية: أن كل ما كان من عند غير الله فيما يتعلق بالإيمان والكفر لا يمكن أن يَقِرَّ على قرار أو يثبت على حال، وأن الخلاف فيه لا يتوقف في زمن، ولا يقر على كيف.
ففي وسط العقائد المختلفة والفرق المتضاربة التي بعضها يؤله المسيح وأمه، أو يؤله المسيح فقط، أو يدعي وجود ثلاثة آلهة-أعلن آريوس-أحد قساوسة كنيسة الإسكندرية – صرخته المدوية بأن المسيح عليه الصلاة والسلام ليس أزليَّا، وإنما هو مخلوق من الأب، وأن الأبن ليس مساوياً للأب في الجوهر.
يقول صاحب (المجامع الكنسية) عن أريوس: ولد في القيروان سنة 270م، وقد بدأ في إعلان تعاليمه الفاسدة في عهد البابا بطرس خاتم الشهداء، وتنحصر التعاليم في إنكار لاهوت المسيح، وأنه غير مساو للأب في الجوهر، وحالما وقف البابا على هرطقته حاول إرجاعه عن تعاليمه الفاسدة، ولما لم يقبل أعلن حرمانه([18]).
والحقيقية التي أخفاها صاحب الكتاب المذكور أن أريوس لم يكن مكتفيا بنفي لاهوت المسيح فقط، بل كان الأمر في نفي لاهوتيته، واعتقاد وحدانية الله الخالق الأجل سبحانه وتعالي.
فنفي أريوس لإلاهية المسيح لا يساوي شيئا، فاليهود ينفون عنه الإلاهية ونفيهم لا يساوي شيئا، لأنهم يعتبرونه ابن زنا – قبحهم الله تعالى – لكن المعوَّل كان في تمسكه بتوحيد الخالق – جل وعز-
وسنرى في الآتي أن أول قرار للمجمع الذي انعقد بسببه كان يتعلق بتوحيده وثباته على التوحيد، وهذه الحقيقية يؤكدها ابن حزم بقوله: كان قسيسا بالإسكندرية ومن قوله التوحيد المجرد وأن عيسى عليه السلام عبد مخلوق وأنه كلمة الله تعالى التي بها خلق السموات والأرض)([19]).
لقد انتهى المجمع الذي كان سبب الدعوة إليه أقوال وآراء أريوس التوحيدية، التي اعتبرها المضللون آراء بدعية ناشزة، وكفر محض وضلال مبين، فانحياز الإمبراطور الجامع للأساقفة والكرادلة للقول بألوهية المسيح، وكانت قرارات المجمع النهائية كالآتي:
1- لعن آريوس الذي يقول بالتوحيد ونفيه وحرق كتبه، ووضع قانون الإيمان النيقاوي (الأثناسيوسي) الذي ينص على ألوهية المسيح.
2- وضع عشرين قانوناً لتنظيم أمور الكنيسة والأحكام الخاصة بالأكليريوس.
3- الاعتراف بأربعة أناجيل فقط: (متى، لوقا، مرقس، يوحنا) وبعض رسائل العهد الجديد والقديم، وحرق باقي الأناجيل لخلافها عقيدة المجمع([20]).
من هنا ندرك خطورة وضع “أريوس” الذي كانت آراؤه مدعاة للاجتماع في أول مجمع كنسي عالمي، وكانت أولى قرارات المجمع هي لعن “أريوس” لما كان عليه مذهبه التوحيدي.
والذي يظهر لي أن “أريوس” لم يكن ليتبوأ هذه المكانة التي تستدعي هذا الاجتماع لو لم يكن على ديانة متينة، فضلا عن كونها تجتلب الأتباع من كل الطبقات بما فيها رجال الدين، ويظهر أن اتجاه الانحراف تخوف من سيادة مذهب “أريوس” وانتشاره، فسارع بعقد هذا المجمع الكارثة.
ويقول صاحب تاريخ “الأمة القبطية” في بيان سبب اللائمة، وسبب ما يراه بدعة وذنبا: الذنب ليس على “أريوس” بل على فئات أخرى سبقته في إيجاد هذه البدع؛ فأخذ هو عنها. ولكن تأثير تلك الفئات لم يكن شديداً كما كان تأثير “أريوس” الذي جعل الكثيرين ينكرون سر الأُلوهية، حتى انتشر هذا التعليم وهم” ([21]) .
وإذا كان صاحب تاريخ الأمة القبطية يرى خطورة بادية “لأريوس”، وحضورا طاغيا بين أتباعه، وأرضا وطيئة لمذهبه ودعوته، فإن هذا يدعونا للوقوف على “الأريسيين” بعد “أريوس” وهو المبحث الآتي:
المبحث الرابع: الأريسيون بعد أريوس:
لعلنا نجد ما كانت عليه دعوة “أريوس” ونستشف خطورتها كما سبق في كونه كان سببا مباشر في عقد أول مجمع كنسي، ويلفت الشيخ محمد أبو زهرة في حديثه عنه لدعوته المكينة بقوله: “كان هذا الرجل في مصر داعية قوى الدعاية، جريئاً فيها، واسع الحيلة، بالغ الأدب، قد أخذ على نفسه مقاومة كنيسة الإسكندرية فيما تبثه بين المسيحيين من أُلوهية المسيح وتدعو إليه، فقام هو محارباً ذلك، مقراً بوحدانية المعبود، منكراً ما جاء في الأناجيل مما يوهم تلك الأُلوهية)([22]).
أما آثار دعوته فيبدو أنها وجدت صدى كبيرا بين من يدعوهم، والظاهر أن القول بألوهية المسيح لما كان قولا نشازا في البشر آنذاك، فكانت دعوة التوحيد هي الأكثر قبولا بين المدعويين: “لقد التف حول أريوس الأنصار، وكثر أتباعه في شرق الإمبراطورية حتى ساد مذهبه التوحيدي كنائس مصر والإسكندرية وأسيوط وفلسطين ومقدونيا والقسطنطينية وأنطاكية وبابل، مما أثار بطريرك الإسكندرية بطرس ضده ولعنه وطرده من الكنيسة، وكذلك فعل خلفه البطريرك إسكندر، ثم الشماس إثناسيوس”([23]).
ويلاحظ أنه حتى بعد اضطهاد أريوس، واتهامه بالكفر والوقوف أمام دعوته ومذهبه التوحيدي أن ما كان يدعو إليه لم ينته بقرارات المجمع، فيذكر ابن كثير أن بعد مجمع نيقية: “تفردت الفرقة التابعة “لعبد الله بن أريوس” الذي ثبت على أن “عيسى” عبد من عباد الله ورسول من رسله، فسكنوا البراري والبوادي، وبنوا الصوامع والديارات والقلايات، وقنعوا بالعيش الزهيد، ولم يخالطوا أولئك الملل والنحل”([24]).
فقد ظل بناءً على ذلك أتباع “أريوس” زمنا بعيدا، امتد لما بعد البعثة النبوية، ويدل على ذلك ما أورده ابن تيمية من رسالة الحسن ابن أيوب التي بعث بها لأخيه وكان الحسن نصرانيا أسلم، ومما جاء برسالته قوله: (ولما نظرت في مقالات النصارى وجدت صنفا منهم يعرفون بالأريوسية، يجردون توحيد الله، ويعترفون بعبودية “المسيح” عليه السلام ولا يقولون فيه شيئا مما يقوله النصارى من ربوبية ولا بنوة خاصة ولا غيرهما، وهم متمسكون بإنجيل المسيح مقرون بما جاء به تلاميذه والحاملون عنه، فكانت هذه الطبقة قريبةً من الحق مخالفةً لبعضه في جحود نبوة “محمد” صلى الله عليه وسلم ودفع ما جاء به من الكتاب والسنة)([25]).
فقوله مخالفة لبعضه في جحود نبوة “محمد” صلى الله عليه وسلم يعني أنها كانت موجودة شاهدة للرسالة، متمسكة بالتوحيد رافضة للنبوة المحمدية، مما يعني أن الأريسيين لم ينته عصرهم “بأريوس” ذاته.
ومما يؤكد ذلك ما قال ابن حزم في تعداد أصناف وفرق النصارى والحديث عن بعض ملوكهم: “كان منهم “مقدونيوس” وكان بطريركا في القسطنطينية بعد ظهور النصرانية أيام “قسطنطين بن قسطنطين” باني القسطنطينية وكان هذا الملك أريوسيا كاتبه وكان من قول “مقدونيوس” هذا التوحيد المجرد وأن “عيسى” عبد مخلوق إنسان نبي رسول الله كسائر الأنبياء عليهم السلام وأن “عيسى” هو روح القدس وكلمة الله عز وجل وأن روح القدس والكلمة مخلوقان خلق الله كل ذلك”([26]).
إن دعوة “أريوس” ظلت ممتدة، يتناقلها الأخلاف عن الأسلاف، ولم تنته بعد، وينقل الشيخ “محمد أبو زهرة” عن “ابن البطريق” قوله: “في ذلك العصر غلبت مقالة “أريوس” على القسطنطينية، وأنطاكية وبابل، والإسكندرية”، وأسيوط قد علمت أن كنيستها كانت موحدة”
ويقول في بيان الإسكندرية ومصر بعد الإجمال السابق “فأما أهل مصر والإسكندرية فكان أكثرهم أريوسيين، فغلبوا على كنائس مصر والإسكندرية وأخذوها، ووثبوا على “اثناسيوس” بطريرك الإسكندرية ليقتلوه، فهرب منهم واختفى”.
وقد كان على كثير من الكنائس رؤساءُ موحدون يستمسكون بالتوحيد ويحثون على الاستمساك به، وكلما ولي أسقف غير موحد ثاروا به، وهموا بقتله، وهذا “ابن البطريق” يقص علينا أن “بطريق” بيت المقدس لم يكن موحداً فيثور عليه الموحدون، ويهمون بقتله فيهرب منهم، فيقول في ذلك “وثب أهل بيت المقدس، من كان منهم أريوسيا على “كورلس” أسقف بيت المقدس ليقتلوه، فهرب منهم، فصيروا “أراقليوس” أسقفاً على بين المقدس، وكان أريوسيا”([27]).
وبهذا نعلم أن مذهب “أريوس” كان هو مذهب العموم الغالب، ومذهب غيره كان مذهب السلطان الذي انتصر فيما بعد بسيفه على كل من خالفه”([28]).
المبحث الخامس: عقيدة التوحيد بعد قسطنطين:
يعد “قسطنطين” المعروف في المصادر النصرانية بـ: “قسطنطين العظيم” واحدا من أهم الشخصيات التي حولت مسار النصرانية لديانة شركية، وخطورة “قسطنطين” تكمن في كونه فرض العقيدة بسيف السلطان، وتحولت النصرانية الشركية بعده إلى واقع ملأ الطباق.
ولعل من نافلة القول-وهو مما سبقت الإشارة إليه-أن نقول: إنه كان صاحب الدعوة لانعقاد أخطر المجامع الكنسية وهو الذي تبنى قراراتها.
بعد “قسطنطين” تولى الامبرطورية “يوليانوس الوثني”، فجاهر بعبادة الأصنام، وسلم الكنائس للنصارى الوثنيين، ثم خلفه الإمبراطور “يوبيانوس”(363م)، فأكمل ما بدأه سلفه، وعادى الأريوسيين، وفرض عقيدة النصرانية الوثنية، ومما قاله مخاطباً شعبه وأركان دولته: ” إذا أردتم أن أكون امبراطوركم كونوا مسيحيين مثلي”، ثم حرَّم مذهب الأريوسيين، وتبنى قرارات نيقية، وطلب من الأسقف “أثناسيوس” أن يكتب له عن حقيقة الدين المسيحي الذي كان قد أجبر الناس عليه قبل أن يقف على حقيقته، وقد تم القضاء على الأريوسية بقوة السيف، فقد حكم مجمع نيقية بنفي “آريوس” وحرق كتبه وبإعدام من يتستر عليها، ونفذ هذا في أتباعه في القرن التالي كما نقل القس “منسى يوحنا” بقوله: أيام “ثيوديسيوس الثاني” صدر أمر باستئصال الأريوسية وإبادتها بموجب قانون تقرر في السلطنة الرومانية([29]).
وبهذا كانت ديانة التوحيد هي المقصودة بالاستئصال، والموجه لأتباعها أنواع الشرور، ولقي المتمسكون بها أسوأ المعاملة، حتى تهاوت وقلَّت وذهب أكثر المؤمنين بها بفعل الاضطهاد وتطاول الأزمنة، لكن على الرغم من ذلك، فإنها لم تنطفئ انطفاء المصباح إذا انفصل عنه التيار، بل بقيت لها زروع بدت كالزهرات المتفردة في حدائق الشوك، ويظهر هذا مما في حديث عياض بن حمار المجاشعي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ذات يوم في خطبته: ” ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم، مما علمني يومي هذا، كل مال نحلته عبدا حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا، وإن الله نظر إلى أهل الأرض، فمقتهم عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب…» ([30])
قال النووي رحمه الله: المقت أشد البغض والمراد بهذا المقت، والنظر ما قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد ببقايا أهل الكتاب الباقون على التمسك بدينهم الحق من غير تبديل([31]).
فالمفهوم من هذا أن هناك من بقي على الديانة الحق لم تعصف به أضاليل الكافرين، وجلدهم في نشر الشرك وتوطينه بين الناس، وقصة سلمان الفارسي رضي الله عنه فيها دليل واقعي لهذا، نمسك عنها لطولها([32]).
لكن هل انتهت الديانة النصرانية إلى إطباق مطلق بين أتباعها على الشرك بالله تعالى واعتقاد ألوهية المسيح عليه السلام أو بنوته ؟
لعلنا نعرض لهذا في المبحث الآتي:
المبحث السادس: الموحدون في القرون الأخيرة:
لعل حركة الإصلاح الديني قد خففت تباعا من سلطان الكنيسة، فقد بدأت العقائد التي تصدت لها في الظهور من جديد: فـ(بدأت عقيدة التثليث بالاهتزاز، وهو ما عبَّر عنه “لوثر” بقوله: “إنه تعبير يفتقد إلى القوة، وإنه لم يوجد في الأسفار”. فيما قال عنه “فالبر” في كتابه “تاريخ الموحدين”: “إن “كالفن” قد أعلن قانون الإيمان الذي صدر عن مجمع نيقية كان يناسبه أن يغنى كأغنية بدلاً من أن يحفظ كبيان عن العقيدة”.
وعندما ألف “كالفن” كتابه “خلاصة العقيدة” (1541م) لم يذكر فيه التثليث إلا نادراً)([33]).
أما في العصور المتأخرة فقد أصبحت ظاهرة الفكر التوحيدي في ظل الدراسات النقدية والكشوفات العلمية الدقيقة موجودة وتتعالى يوما بعد يوم.
إن المصادمة الصارخة للعقل والفطرة التي ينبض بها الكتاب المقدس سطوره وفقراته جعلت المتعمقين فيه يفرون منه إما إلى الإلحاد وإما إلى القول بنقيض ما يسعى إليه، وفي دائرة المعارف الأمريكية ذكر لمجموعة من المبادئ نقلها عنها عدد
من المراجع، وهي تتلخص في الآتي:
- إن عقيدة التوحيد سوف لا تقبل أي معتقد قيل إنه صدر عن شخصية عظيمة في التاريخ، أو أنه وجد في كتاب قيل إنه مقدس، إنها تبجل فكر “يسوع الناصري” وتعترف بعظمة حكمته لكنها تنكر أن “يسوعا” كان معصوما من الخطأ.
ولا شك أن هذا العنصر يجرد “المسيح” عليه السلام من إلاهيته التي ادعاها له المبطلون من النصارى.
- لقد قدمت اعتراضات قوية ضد عقيدة لاهوت “يسوع المسيح”، إن الكتاب المقدس لم يقل بذلك، كما أن “يسوع” فكر في نفسه كزعيم ديني هو “المسيا” وليس كإله.
- إن كنيسة الموحدين تعتبر الكتاب المقدس تسجيلا قيما للخبرات الإنسانية، وهي تصر على أن كاتبيها كانوا معرضين للخطأ، ولهذا السبب فإن أغلب الأجزاء الرئيسية للمعتقدات المسيحية قد رفضت.
وهذا العنصر يشير من طرف خفي إلى كون الكتاب المقدس صدر عن أشخاص وقع منهم الخطأ في تدوينه والتدخل فيما يشتمل عليه.
- إن الموحدين يعتقدون أن العقيدة الدينية مليئة بالحركة، إنها وسيلة للتعامل مع المسائل التي تختص بالوجود الإنساني كله. إن التعليم اللاهوتي الذي لا يمس الحياة في أي نقطة يفتقد قيمته الدينية.
وهذا العنصر يشي بالقصور الواضح في التعاليم المقدسة في الديانة، ومن طبيعة المقدس الذي يجب اعتقاد كماله: أن يمس كل جوانب الحياة، وإذا أهمل شيئا منها غدا غير مقدس، لما فيه من القصور.
- إن الثلاثة أقانيم تتطلب ثلاثة جواهر وبالتالي ثلاثة آلهة.. إن الأسفار لم تعط أي مستند للاعتقاد في التثليث. إن نظام الكون يتطلب مصدرا واحدا للشرح والتعليل لا ثلاثة. لذلك فإن عقيدة التثليث تفتقد أي قيمة دينية أو علمية([34]).
لقد اعتقد التلاميذ أن “يسوع” مجرد إنسان، إذ لو كان عند أي من “بطرس” أو “يهوذا” أية فكرة على أن “يسوع” إله لما كان هناك تفسير معقول لإنكار “بطرس” “ليسوع” وما كان هناك تبرير لخيانة “يهوذا”. إن الإنسان لا يمكن أن ينكر أو يخون كائنا إلاهيا له كل القوى.
وتواصل دائرة المعارف الأمريكية سرد ما يمكن اعتباره مبادئ توحيدية فيها ثورة على معتقدات النصارى لدى الطوائف فتقول:
- إن الحقيقة المزعومة أن “يسوع” مات من أجل خطايانا وبهذا وقانا لعنة الله إنما هي مرفوضة قطعا. إن الاعتقاد في أن موت “يسوع” كان له هذه النتيجة إنما يعني الطعن في أخلاق الله.
- إن الله يجب ألا يعرف عن طريق اللعنة بل عن طريق الحلم والحكمة والمحبة.
- إن الموت الدموي على الصليب من أجل إطفاء لعنة الإله لهو أمر مناقض للحلم الإلهي والصبر والود والمحبة التي لا نهاية لها.
- إن الموحدين ينظرون إلى “يسوع” باعتباره واحدا من قادة الأخلاق الفاضلة للبشر.
- إنه لو كان إلاها فإن المثل الذي ضربه لنا بعيشته الفاضلة يفقد كل ذرة من القيمة؛ حيث إنه يمتلك قوى لا نملكها. إن الإنسان لا يستطيع تقليد الإله([35]).
وبهذا النقد اللاذع لأهم أسس المسيحية، والذي يتوافق في كثير من جوانبه والرؤية الإسلامية للعقيدة وللمسيح عليه السلام، فإن هذا الكلام يعد أساسا قويا لفكرة التوحيد، التي تبلورت مؤخرا لدى بعض الشخصيات والمجامع العلمية ودوائر المعارف.
إن قولهم: (إن الموت الدموي على الصليب من أجل إطفاء لعنة الإله لهو أمر مناقض للحلم الإلهي والصبر والود والمحبة التي لا نهاية لها) وانظر لهذا الكلام في ضوء قوله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: 157].
أما قولهم: إن كنيسة الموحدين تعتبر الكتاب المقدس تسجيلا قيما للخبرات الإنسانية، وهي تصر على أن كاتبيها كانوا معرضين للخطأ فهو لم يبعد عما جاء في تفسير قول الله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ } [التوبة: 31]
وما كانت عبادتهم في الحقيقية إلا اتباعا لما أحلُّوه مما هو محرَّم أو حرَّموه مما هو حلال ([36]).
وبهذا نجد أن خط التوحيد ترسخ منذ تم الانتباه له في حركة الإصلاح الديني، ثم غدا مع الأزمنة المتأخرة في حكم الحقيقية المقررة علميا.
لكن هل كان لهذا انعكاس حقيقي على المواطنين النصارى في بعض البلاد النصرانية؟، هذا ما أعرض له في المبحث الآتي:
المبحث السابع: الموحدون في بعض دول أوربا:
يمكننا الحديث عن الموحدين في بعض الدول الأوربية كبولندا بالحديث عن حركة السوسينيانية
فالحركة استطاعت بقيادة “فوستوس” أن تحصل على أكبر نجاح في بولندا، وتمركزت في مدينة “راكوف” وهناك وضعت الأساس للثالوث المقدس وجمع “فوستوس” الذين شايعوه في نكران الثالوث، وشكل طائفة دعاها طائفة الإخوة البولنديين، واهتموا بالشئون التهذيبية حتى وقع عليهم حرمانٌ من الكنيسة الكاثوليكية عام 1638واضطروا للجوء إلى “ترانسفليا”([37]) ثم أرغمهم البرلمان بعد ذلك سنة 1658م على اعتناق الكاثوليكية، إلا من فرّ منهم إلى هولندا وإنجلترا، وهناك التقوا مع الفارين من الأندلس بعد سقوطها في يد الملكين الكاثوليكيين «فردِنَند» و«إيزابيلا”([38]) واضطراراهم للجوء إلى “ترانسفليا”.
وفي “ترانسلفانيا” وهي إقليم يقع في “رومانيا” ازدهر التوحيد كما تذكر دائرة المعارف الأمريكية، وكان من الموحدين المشهورين “فرانسيس داود”، الذي كانت له تحولات شتى انتهت إلى إيمانه بالتوحيد.
لكن تعرضت كنيسة “ترانسلفانيا” للاضطهاد تحت حكم الاحتلال النمساوي، وظل أمر التوحيد محمولا على يد الشجعان مثل “ميخائيل إبراهام” ثم عادت مراسم التسامح بعد ذلك وأقيمت علاقات بين الموحدين هنا والموحدين في بريطانيا، ثم علاقة مع الموحدين في أمريكا([39]).
وأخيرا يقول بعض الباحثين :”إن مصادر التوحيد لهذه المملكة مجهولة، والظاهر أنها من بقايا الأريوسيين وأن حياتهم في غابة إقليم «ترانسلفانيا» النائي وَمقَتهم شر التسلط الكاثوليكي، ومن المحتمل جداً وجود علاقة لهم بالمسلمين“([40]).
وهو أمر لا شك فيه فالاتصال الأوربي بالمسلمين الأندلسيين قد عزز مكانة التوحيد عندهم ودفعهم للثورة على التعاليم الكنسية المصادمة للفطرة، على أن أمر التوحيد لم يقتصر على “ترانسفليا” و”بولندا” بل امتد لدول أخرى، فقد ظهرت العقيدة التوحيدية في أوروبا الغربية، ولا سيما في “هولندا” و”بريطانيا”، ومنها إلى “أمريكا” ضمن الخليط الناتج من الأفكار التي شهدها عصر التنوير الأوروبي الذي تُعَدٌّ حركة التوحيديين أحد روافده، كما تعد أحد المستفيدين من ثورته.
في الأندلس المسلمة كان التواصل الثقافي مستمراً خاصة مع أوروبا الغربية، لا سيما الجزر البريطانية التي كادت أن تسلم، حيث يتحدث التاريخ عن إسلام أحد ملوكها، وكذلك إسلام ملك النرويج، ولما استطاعت الكاثوليكية استرداد “البرتغال” و”أسبانيا” من المسلمين، وأقامت محاكم التفتيش، لجأ كثير من أصحاب الفكر الحرِّ إلى أوروبا الغربية، لا سيما “هولندا” التي ظهرت فيها العقيدة التوحيدية بوضوح إلى جانب العقائد الأخرى المتحررة من ربقة الكنيسة الرومانية.
لقد كانت هولندا متسامحة لحد كبير مع الفكر الحر، كما عملت المطابع الهولندية على طبع كتب الفكر الحر دون خوف من سطوة الحرمان التي رفعتها الكنيسة في وجه كل من خرج عن الإطار الذي رسمته، وأصبحت “ليدن” مركزا للحرية، وصارت مركزا للتوحيد، ونقد الكتاب المقدس.
أما الحكومات فقد أسهمت في تسكين تيار التوحيد بأن عينت للجامعات أصحاب الفكر المتحرر وكان منهم “شولتن”، و”تييليه” و”كنن”.
والتوحيديون في هولندا كثر، ولكنهم لم يتركوا كنائسهم ولكنهم لوثريون إصلاحيون وتوج الأمر في هولندا بإنشاء الجمعية الدولية للحرية الدينية وصار البلد مركزا للحرية الدينة المتحررة([41]).
المبحث الثامن: الموحدون في أمريكا:
لقد مر بنا سابقا تعرض الكنيسة في “ترانسلفانيا” للاضطهاد تحت حكم الاحتلال النمساوي، وأقيمت علاقات بين الموحدين في “أمريكا”، فالموحدون في “أمريكا” صاروا ظهيرا لبعض الحركات التي تم اضهادها في بلادها.
كان القبول الرسمي الأول للإيمان بالتوحيد من جانب “الأبرشانيّة” في “أمريكا” في” تشابل كينج “في” بوسطن“، حيث قام” جيمس فريمان” بتدريس عقيدة التوحيد في عام 1784، وكان قد عين رئيسًا للجماعة في السابق وقام بتنقيح كتاب الصلاة وفقَا لمذهب الموحدين في عام 1786([42]).
يعتبر القس “جوزيف بريستلي” (1733- 1804) من أشهر الموحدين، صحيح أنه لم يكن أمريكيا لكنه لجأ إليها بعد تعرضه للاضهاد وحرق بيته، وفي كتابه “تاريخ تحريفات المسيحية “رفض المعجزات وسقوط آدم، وكفارة المسيح، وعقيد الثالوث، وذهب إلى أن هذه العقائد كلها تحريفات أدخلت أثناء تطور المسيحية؛ إذ لا وجود لها في تعاليم المسيح والرسل الإثنى عشر. ولم يبق من المسيحية في “بريستلي” غير الإيمان بالله المبني على شهادة للقصد الإلهي، ولما سافر “لأمريكا” أقام كنائس في “فيلادفيا” وما حولها وتوفي عام 1804م.
ومن الموحدين الأمريكيين أيضا: “وليام اليري تشاننج”(1780- 1842)،، درس اللاهوت في “بوسطن” وبدأ ينتقد اللاهوت التثليثي سرا، ومن أقواله: نعتقد بعقيدة الوحدانية لله تعالى، وإننا نعترض على عقيدة التثليث التي وإن كانت تعترف بوحدانية الله إلا أنها تهدمها عمليا([43]).
كان للموحدين الأوائل بالكنيسة التوحيدية الأمريكية جذورٌ عقائدية مسيحية، حيث ينحدرون من مسيحيين رافضين للتثليث ظهروا في فترة الإصلاح الديني البروتستانتي أبرزهم الطبيب الإسباني “ميقوالسيرفيت” والمفكر الإيطالي “فاوستوسوزيني” والفيزيائي الإنجليزي “إسحاق نيوتن”… بينما يمتاز الموحدون العالميون المعاصرون بنهجهم التعددي، فقد يكون أتباعها إلحاديين أو إلاهيين أو يتبعون عقيدة أخرى بين هذين الطرفين.
ظهرت الجمعية التوحيدية العالمية (UUA) ومقرها” بوسطن” عام 1961 كدعم للجمعية التوحيدية الأمريكية التي تأسست عام 1825 والكنيسة التوحيدية الأمريكية التي تأسست عام 1866. ويقطن معظم أعضائها بالولايات المتحدة، كما انفصل المجمع التوحيدي الكندي عنها سنة 2002([44]).
لقد استحوذ التوحيد عمليا على كثير من الوعاظ في “نيوانجلند”([45]) وامتد للجنوب والغرب وتأسست كنائس للتوحيد في “بلتيمو”ر و”واشطن”و”بفلو” وأماكن أخر، واجتذبت عقيدة التوحيد بعض القادة الأمريكيين منهم “وليم الري شاننج” وكانت له موعظة عام 1819 م كانت من أبرز المواعظ عن عقيدة التوحيد، وتعد من أعظم الوثائق التي كتبت في أمريكا([46]).
وتكونت جمعية التوحيد الأمريكي، لكن تركزت الكنائس التوحيدية في “نيوانجلند”، وتقرر بعض الإحصاءات أن عدد الكنائس التوحيدية في أمريكا وصل إلى 370 كنيسة، وتذكر دائرة المعارف الأمريكية أن عددا من القسس التوحيديين تلقى تعليمه في جامعة هارفارد([47]).
تعقيب لا بد منه:
إن حركة الإصلاح الديني التي قامت في أوربا كانت نتيجةً حتميةً وردَ فعلٍ منطقي لتصرفات الكنيسة، فالكنيسة احتكرت الدين واحتكرت معه العلم، وأصبح تفسيرها للعلم والنظريات العلمية تفسيرا مقدسا، فأوجد هذا ردة حقيقية عنها وعن تعاليمها إذ لم تجد الفصل بين المقدس، وغير المقدس، بين الثابت والمتطور، والعلم من قبيل المتطور، لأن له آلات تطور معارف الباحث فيه.
ولما ثبت على وجه اليقين خطأ الكنيسة في تفسير العلم انتقل النظر إلى ما تحمله من مقدس في الدين، فكان نقد تعاليم الكنيسة والكتاب المقدس ضرورةً حتميةً، ويضاف لذلك أن عقيدة التثليث والصلب والفداء عقيدةٌ تخالف المنطق والعقل، فما الذي يحول بين الله وبين العفو دون هذه المذبحة الفارغة التي اختلقها مَنْ ادَّعاها؟!!، يقول الكاتب الأمريكي “فالتون أورسلور”: “إن فكرة المسيح المخلص ما هي إلا أسطورة يهودية ترددها معظم الشعوب القديمة”([48]).
من هنا كان التوحيد هو أقرب المفاهيم للباحثين عن الحقيقية، وأقرب للعقل والفطرة، في مقابل التثليث المصادم لكليهما.
ويمكن أن نقول: إن نزوع العلماء والعقلاء للتوحيد هو نزوع طبيعي وعودة حقيقية للفطرة السليمة، ولا يمكن إغفال جانب الاحتكاك بالمسلمين وأثر ذلك على تبني الدارسين لعقيدة التوحيد التي هي عقيدة إسلامية، وهي في ذات الوقت عقيدة الرسل كافة، وفي الكتاب المقدس ما يرشحها ويجعلها أقرب لما فيه ولما يحويه.
كما أنه يمكن القول، إن الكنيسة لما حرَّفت كتابَ الله تعالى بواسطة السابقين من حداتها نزل بما معها من مقدس السُّنَّةِ الإلهية وهو الاختلاف الكثير الذي يحمل الاضطراب والتضاد؛ فحركة التوحيد بين المجتمعات النصرانية حركة طبيعة، بيد أنها لم تكتمل حلقاتها، لأنت التوحيد الذي عليه النجاة هو التوحيد الذي جاء به نبينا -صلى الله عليه وسلم -بأركان الإيمان والإسلام.
نتائج البحث:
بعد ما سطرناه في هذه المباحث بدت عدة نتائج هي:
- التوحيد أصل الرسالات السماوية ومنها المسيحية التي جاء بها عيسى عليه السلام.
- البشر كلهم فطروا على التوحيد، وإنما انتكسوا بفعل من حولهم من المنحرفين عن الحق.
- ظل الصراع داخل المسيحية لا يرتفع تارة عن حقيقية المسيح وتارة عن النصوص المقدسة.
- لم ينته بالكلية التوحيد من الديانة النصرانية بل ظل موجودا، وانتشر بشكل أكبر بعد حركة الإصلاح الديني.
- كان للكنيسة دور سيئ في تحويل مسار النصرانية والحيلولة بين الناس ودعوة الحق.
- الفكر الحر كان داعيا للبحث والعودة للفطرة ممثلة في دعوة التوحيد.
التوصيات:
- ضرورة تعميق الصلات بين طوائف الموحدين الحاليين من النصارى.
- ضرورة تطوير الدراسات النقدية المتعلقة بالأديان، وجعلها أكثر مناسبة للعصر.
- ضرورة تطوير الوسائل الدعوية المعاصرة وإقامة حوارات ولقاءات ممتدة بين الباحثين عن الحق من أصحاب الديانات، وخاصة طائفة الموحدين.
قائمة المراجع:
- إرشاد الساري، لأبى بكر القسطلاني، الناشر: المطبعة الكبرى الأميرية، مصر، الطبعة: السابعة، 1323هـ.
- أطلس الأديان، سامي عبدالله، ط مكتبة العبيكان ط4، 1435هـ.
- إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، لابن القيم، تحقيق: محمد حامد الفقي، الناشر: دار المعرفة – بيروت الطبعة الثانية، 1395 – 1975.
- أوروبا والإسلام، للإمام عبد الحليم محمود، ط دار المعارف، القاهرة، ط4.
- البداية والنهاية، لابن كثير،:علي شيري، الناشر: دار إحياء التراث العربي، الطبعة: الأولى 1408، هـ – 1988م.
- تفسير ابن كثير، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع، الطبعة: الثانية 1420هـ – 1999م
- تفسير الطبري، لابن جرير الطبري، تحقيقي أحمد محمد شاكر، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى، 1420 هـ – 2000 م.
- الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، لابن تيمية، تحقيق: علي بن حسن وزميلاه، الناشر: دار العاصمة، السعودية، الطبعة: الثانية، 1419هـ / 1999م.
- الحوار الاسلامي المسيحي المبادئ التاريخ الموضوعات الأهداف، بسام عجك، دار قتيبة، ط 1998 ص325-326
- دائرة المعارف الأمريكية.
- دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية، سعود بن عبد العزيز الخلف، الناشر: مكتبة أضواء السلف، الرياض، المملكة العربية السعودية، الطبعة: الرابعة، 1425هـ/2004م،.
- سنن الترمذي، تحقيق أحمد شاكر، طـ دار إحياء التراث، بيروت.
- شرح الطحاوية، لابن أبي العز، تحقيق: جماعة من العلماء، الناشر: دار السلام للطباعة والنشر التوزيع والترجمة، الطبعة: الطبعة المصرية الأولى 1426هـ – 2005م.
- صحيح البخاري، بتحقيق د. مصطفى ديب البغا، طـ دار ابن كثير , اليمامة، بيروت، ط 3، 1407 – 1987.
- صحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، ط دار إحياء التراث، بيروت.
- طائفة الموحدين من المسيحيين عبر القرون، أحمد عبد الوهاب، ط مكتبة وهبة لقاهرة،1400هـ، 1980.
- الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة، لابن القيم، المحقق: علي بن محمد الدخيل الله، الناشر: دار العاصمة، الرياض، المملكة العربية السعودية، الطبعة: الأولى، 1408هـ.
- فتح الباري، لابن حجر، الناشر: دار المعرفة – بيروت، 1379.
- الفصل في الملل والأهواء والنحل، لابن حزم، مكتبة الخانجي – القاهرة (1/ 47).
- قصة الحضارة، وِل ديورَانت، ترجمة: الدكتور زكي نجيب محمُود وآخرين، الناشر: دار الجيل، بيروت – لبنان، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس، عام النشر: 1408 هـ – 1988 م.
- الكتاب المقدس، العهد الجديد، ونصوصه على الموقع الآتي :
.https://st-takla.org/Bibles/BibleSearch/showVerses.php?book=52&chapter=4vmin=5.
- الله جل جلاله واحد أم ثلاثة. د منقذ بن محمود السقار، الناشر: دار الإسلام للنشر والتوزيع، الطبعة: الأولى، 1428 هـ – 2007 م.
- المجامع الكنسية، الأنبا يوأنس الكلية الإكليركية اللاهوتية للأقباط الأرثوذكس.
- مجموع الفتاوى، لابن تيمية، المحقق: عبدالرحمن بن محمد بن قاسم، الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية، عام النشر: 1416هـ/1995م.
- محاضرات في النصرانية، محمد أبو زهرة، الناشر: دار الفكر العربي – القاهرة، الطبعة: الثالثة 1381هـ – 1966م.
- مسند أحمد ، تحقيق السيد النوري، ط عالم الكتب – بيروت، الطبعة الأولى، 1419هـ ـ 1998 م، وطبعة أخرى.
- المسيح إنسان أم إله ؟ محمد مجدي مرجان، ط المسيح مكتبة النافذة، القاهرة د- ت.
- مناظرة بين الإسلام والنصرانية.
- المنهاج شرح مسلم بن الحجاج، للنووي، دار إحياء التراث العربي – بيروت، الطبعة: الثانية، 1392.
- الموسوعة العربية الميسرة.
- الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، الندوة العالمية للشباب الإسلامي، إشراف وتخطيط ومراجعة: د. مانع بن حماد الجهني، الناشر: دار الندوة العالمية للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة: الرابعة، 1420هـ.
([2]) أخرجه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله: {وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا} [مريم: 16] “برقم (3443)
([3]) مجموع الفتاوى، لابن تيمية، المحقق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية، عام النشر: 1416هـ/1995م: (19/ 101).
([4]) تفسير ابن كثير، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع، الطبعة: الثانية 1420هـ – 1999 م (1/ 569)
([6]) نقلا عن: https://www.alukah.net/sharia/0/62644/#_ftn1
([7]) البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا} [مريم: 16] ” برقم (3443).
([8]) فتح الباري لابن حجر (6/ 489).
([9]) مجموع الفتاوى (15/ 159).
([14])الكتاب المقدس: (لو 18: 18).
([15])المرجع السابق (لو 4: 5).
([17]) انظر: المجامع الكنسية، الأنبا يؤانس الكلية الإكليركية اللاهوتية للأقباط الأرثوذكس، ص 5.
([19])الفصل في الملل والأهواء والنحل، لابن حزم، مكتبة الخانجي – القاهرة (1/ 47).
([20]) أطلس الأديان، سامي عبد الله، ط مكتبة العبيكان ط4، 1435هـ 256.
([21]) تاريخ الأمة القبطية ، نقلا عن محاضرات في النصرانية ، ص122.
([22]) محاضرات في النصرانية، محمد أبو زهرة، الناشر: دار الفكر العربي – القاهرة، الطبعة: الثالثة 1381 هـ – 1966 م (ص: 123).
([23]) الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة (2/ 569).
([24]) البداية والنهاية ط إحياء التراث (2/ 120).
([25]) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، لابن تيمية، تحقيق: علي بن حسن وزميلاه، الناشر: دار العاصمة، السعودية، الطبعة: الثانية، 1419هـ / 1999م (4/ 91).
([26]) الفصل في الملل والأهواء والنحل (1/ 47).
[27]) محاضرات في النصرانية، ص: 131.
[28]) توجد في مصر في بعض مناطق الصعيد طوائف تسمى بالإخوة، قابل الباحث بعضهم وتحدث إليهم، وهم يكفرون الكنائس، وهم على عقيدة التوحيد، وقد صرح لي أحدهم أنه لا يفصلهم عن الإسلام سوى أنهم لا يعترفون بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وشرائعهم بها مشابهة كبيرة لبعض ما عندنا من تشريعات، والعجيب أنهم لا يصلون في الكنائس، ويعتبرون الدفن فيها محرما…وهم موجودون في بعض قرى محافظة المنيا بصعيد مصر.
[29]) انظر، طائفة الموحدين من المسيحيين عبر القرون، أحمد عبد الوهاب، ط مكتبة وهبة القاهرة ،1400هـ، 1980ص 30وما بعدها،،و الله جل جلاله واحد أم ثلاثة؟ (ص: 189).
[30]) أخرجه مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار (2865).
[31]) شرح النووي على مسلم (17/ 197).
[32]) انظر: مسند أحمد – عالم الكتب (5/ 441).
[33]) الله جل جلاله واحد أم ثلاثة د. منقذ بن محمود السقار، الناشر: دار الإسلام للنشر والتوزيع، الطبعة: الأولى، 1428 هـ – 2007 م (ص: 191).
[34]) انظر: طائفة الموحدين من المسيحين عبر القرون، ص37، و مناظرة بين الإسلام والنصرانية (ص: 165)بتصرف واختصار.
[35]) انظر المرجعين السابقين بتصرف واختصار. نقلا عن: دائرة المعارف الأمريكية، جـ27، ص300 -301.
[36])الترمذي، أبواب تفسير القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب: ومن سورة التوبة (3095)، وقال غريب، وحسنه الألباني.
[37])الموسوعة العربية الميسرة، مادة (سوسنيان ) ص 1930
[38])http://midad.com/article/198408/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%B1%D9%89-%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84%D9%87%D9%85-%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9%D9%87%D9%85-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%AA%D9%87%D9%85تاريخ الزيارة 14/10/2020
[39])السابق ص44 وما بعدها
[40]) الموحدون من النصارى أصولهم.. واقعهم.. معاناتهم.. انظر الرابط الآتي:http://midad.com/article/198408/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%B1%D9%89-%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84%D9%87%D9%85-%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9%D9%87%D9%85-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%AA%D9%87%D9%85
[41])دائرة المعارف الأمريكية، نقلا عن طائفة الموحدين من المسيحيين عبر القرون، ص 46- 47 بتصرف
[42])https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%88%D8%AD%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D8%A9_(%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%AD%D9%8A%D8%A9)
[43]) الحوار الاسلامي المسيحي المبادئ التاريخ الموضوعات الأهداف، بسام عجك، دار قتيبة، ط 1998 ص 330.
[44])https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%88%D8%AD%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D8%A9_%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9#cite_note-2
([45]) منطقةشرق الولايات المتحدة.
[46])طائفة الموحدين من المسيحيين عبر القرون، ص 52- 53 بتصرف.
[47])دائرة المعارف الأمريكية ص 398-300 نقلا عن طائفة الموحدين من المسيحيين عبر القرون ص 53.
[48]) المسيح إنسان أم إله ؟ محمد مجدي مرجان، ط المسيح مكتبة النافذة، القاهرة د- ت ص 15.