نظرية العقل الفعال عند ابن رشد
The theory of the Active mind At Ibn Rochd
*فاطمة الزهراء وقدي ـ كلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن طفيل،القنيطرة ـ المغرب
Fatima Zahrae Oukaddi ـCollege of literature and Humain Sciences Ibn Tofail Kenitra ـMorocco
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 66 الصفحة 89.
ملخص:
يدور هذا البحث حول نظرية العقل الفعال عند ابن رشد ، فقد دافع هذا الأخير عن العقل معتبرا إياه خالد وأزلي، لذلك شكل العقل أحد أهم النظريات التي أثارت نقاشا واسعا تناوله اليونان والفلاسفة والمسيحيين ، الأمر الذي يعكس الأهمية البالغة التي احتلها موضوع العقل في الأوساط الفكرية . الكلمات المفتاحية: نظرية الاتصال ، العقل الفعال ، سيجر دي برابانت. |
Abstract : This research around about The theory of the active mind at Ibn rochd, This latter defended reason , considering it immortal and eternal. Reason was one of the most important theories that sparked a wide debate that was addresed by the Greeks, philosophers and christians. Wich reflects the importance that occupied the subject of the mind in intellectual circles. Keywords The theory of connect, Active mind, Siger de Brabant . |
مقدمة:
ساهم التنوع الفكري الذي طبع وعي ابن رشد واختلاف مجالات اهتماماته في جعله يحتل مكانة مهمة في الأوساط الفكرية العربية عامة ، والغربية خاصة ، فقد اهتم ابن رشد اهتماما بالغا بالعقل ، حيث ميز بين العقل الفعال والعقل المنفعل مبينا طبيعتهما وجوهرهما ، فكان موضوع العقل من بين أهم المواضيع التي عالجها ابن رشد .
تكمن أهمية هذا البحث في كونه يحاول تسليط الضوء على نظرية الاتصال بالعقل الفعال ، والتي تعتبر الجديد الذي أتى به ابن رشد محاولا من خلالها تقديم إجابات عن الأسئلة التي تركها أرسطو معلقة ، أي ” كيف يمكن أن يصبح العقل المادي أو الهيولاني عقلا بالفعل؟ “[1]، وبالتالي الرد على الشراح السابقين الذين أساؤوا فهم نظرية العقل الأرسطية . فقد أراد ابن رشد الشارح الأكبر لأرسطو ، إظهار صورة أرسطو على حقيقتها من خلال إزالة الشوائب التي تراكمت عليها . إذن، كيف عالج ابن رشد نظرية الاتصال بين العقل الفعال والإنسان؟ وكيف أثر منهجه العقلي في البيئة الإسلامية، ليمتد إلى الفكر الغربي، ويؤدي بالتالي إلى ظهور ما يسمى بالرشدية اللاتينية؟
- نظرية العقل الفعال:
1.1: الاتصال بين العقل الفعال والإنسان :
لقد حاول ابن رشد تقديم إجابات دقيقة حول هذا الإشكال المرتبط باتصال العقل الفعال بالإنسان ، مبرهنا بذلك على أن العقل الهيولاني عقل خالد أزلي ، لأنه مظهر من مظاهر النفس التي هي ذات مفارقة ، وأن العقل الفعال هو كذلك يعتبر من مظاهر هذه الذات ، فهو مشترك بين النوع الإنساني بأكمله.
إن ” مشكلة الاتصال عند ابن رشد، ليست أكثر من الصعود من الجزئي إلى الكلي، ومن المحسوس إلى المعقول، حتى يتسنى للفرد بعد ذلك أن يصل إلى الله، وهذا ما جعل ابن رشد بعيدا عن الاتصال الذي يتحدث عنه الصوفية”[2].
وهنا يتضح لنا وبشكل واضح، أن ابن رشد قد تناول هذه المشكلة، أي مشكلة الاتصال بالتحليل العقلي الدقيق، سائرا على الطريق الصاعد الذي ينقلنا في نظره من الحسي إلى المجردـ، الشيء الذي جعله ينتقد وبشدة نظرية الاتصال الصوفية.
إن الاتصال عند ابن رشد لا يتم إلا بالعلم، وانطلاقا من تبريراته العقلانية ” حاول حل مشكلة تركها أستاذه معلقة، وذلك في كتابه في النفس. فالإنسان عنده يمكن أن يصل بملكاته الطبيعية والتجريبية إلى معرفة الموجودات الخفية “[3]، فتحقق الاتصال عند ابن رشد يؤدي بالإنسان في نظره إلى تحقيق السعادة القصوى والكاملة.
لكن المشكل الذي سيطرح لاحقا، هو وقوع السكولائيين اللاتينيين في نوع من الخلط ، بحيث سينسبون لابن رشد آراء لم يقل بها مطلقا ، بل أكثر من ذلك نجد بعض مؤرخي الفلسفة أرادوا ” أن يخرجوا نصوص ابن رشد عن دلالتها ، غير أن سبب هذا الخطأ في الفهم يرجع إلى أحد أمرين : إما إلى التحيز ، وإما إلى الخلط بين آراء ابن رشد وابن طفيل ، وإما إلى الأمرين جميعا . وهنا نلمس نقطة غاية في الحساسية ، ونعني بها كيف استطاع توما الأكويني الذي يرتضي النظرية الحقيقية لابن رشد فيما يتصل بالمعرفة الإنسانية أن يشترك مع المدرسيين اللاتينيين الآخرين في نقض نظرية المعرفة المزعومة التي يقال أن فيلسوف قرطبة هو الذي قررها “[4].
ومن هنا يبدو لنا أن ابن رشد من خلال نزعته العقلية قد صعب الأمر على جملة من المفكرين في الفترة السكولائية ، فأصبحوا ينسبون إليه أفكارا لم يكن له علاقة بها ، وهذا راجع ربما لعدم فهمهم الدقيق لنظرية العقل الفعال كما وردت في السياق الأرسطي ، وكما فسرها ابن رشد .
وقد تمثلت النزعة العقلية لابن رشد في كونه قد فرق بين ثلاثة أنواع من الأقاويل: الأقاويل الجدلية ، الأقاويل الخطابية و البرهانية ، معتبرا أن البرهان العقلي هو طريق اليقين التام ، لذلك اعتبرت نظريته في البرهان أسمى ما قدمه لتاريخ الفلسفة .
كما اعتمد على العقل ووظفه في التصدي لانتقادات الغزالي الذي جرم الفلسفة والفلاسفة ، متمكنا بذلك من تحقيق التوافق بين الفلسفة والدين ، مؤكدا على أن القرآن الكريم قد أكد على حجية العقل وجاعلا من التأويل الأداة الأنجع لحل الخلاف والتعارض إن وجد بينهما .
وانطلاقا من تبنيه ودفاعه عن هذه النظرية ، أي نظرية العقل ، وجعله من البرهان أسمى الخطابات وتوفيقه بين الفلسفة والدين ، استطاع ابن رشد التغلغل إلى الأوساط الأوروبية باعتباره الشارح الأكبر لأرسطو ، حيث أسهمت شروحاته في ظهور حركة فلسفية جديدة أطلق عليها اسم الرشدية ، أثارت اهتمام جملة من المفكرين من بينهم توما الأكويني الذي سيتخذ من الفلسفة الأرسطية مرجعية رئيسية في بناء مشروعه الفكري .
ففي القرن الثالث عشر ، سيشكل موضوع وحدة العقل والقول بالحقيقة المزدوجة أحد أهم المسائل الفلسفية التي شكلت سجالا واسعا بين الرشديين والقديس توما الأكويني ، فقد رأى الرشديون أن العقل واحد ومشترك بين جميع الناس ، لكن الأكويني انتقد هذه الفكرة وبشدة، معتبرا إياها فكرة خاطئة لأنها تؤدي إلى إقصاء الفرد وتهميشه .
ومن هنا يبدو لنا أن ابن رشد وبعد وصوله إلى الغرب ، سيستقبل بالترحيب من جهة من قبل مناصريه ( ألبرتالأكبر، سيجر دي برابان ) وبالمعارضة من جهة ثانية ، أي بالمعارضة من قبل الكنيسة ورجالها ، وأيضا من
قبل القديس توما الأكويني الذي كان من بين أهم المعارضين لبعض القضايا الرشدية كقضية وحدة العقل ، إلى جانب ريمون لول ، وغيرهم من المعارضين .
غير أن هذا لا يعني بالإطلاق أن القديس توما الأكويني قد رفض كل الأفكار والقضايا الرشدية ، وأنه لم يتأثر بالأفكار الرشدية ، بل نجده قد وافق ابن رشد في بعض المسائل منها قضية التوفيق بين الفلسفة والعلم والقول بقدم العالم…، الأمر الذي يظهر التأثير الذي مارسه ابن رشد على الأكويني سواء بشكل مباشر أو غير مباشر .
لقد تميز ابن رشد ” ببراعة في تفسير حقيقة العقل عند أرسطو وتحديد طبيعته بدقة ، على أنه ملك من ملكات النفس – على خلاف ما اعتقده توما الأكويني – وأنه داخل الجسم لا خارجه “[5]. معنى ذلك أن القديس توما الأكويني قد عارض هذه الفكرة وبشدة ، لكن ربما ذلك راجع بالأساس إلى كونه قد أساء فهم نظرية العقل عند أرسطو ، عكس ابن رشد الذي استطاع تحليل هذه النظرية بدقة مظهرا بذلك طبيعة وجوهر العقل الفعال .
فحسب ابن رشد، هذا العقل الفعال له ” فعلان: أحدهما من حيث هو مفارق ، وهو أن يعقل ذاته، على ما شأن العقول المفارقة، أن تكون عليه من عقلها ذواتها ، وكون العاقل والمعقول منهما شيئا واحدا من كل جهة. والثاني أن يعقل المعقولات التي في العقل الهيولاني، أعني يصيرها من القوة إلى الفعل. وهذا العقل متصل بالإنسان، وهو كالصورة له ولذلك يفعل به الإنسان متى شاء ، أعني يعقل “[6] .
ومن هنا ، يبدو لنا وبشكل واضح أن ابن رشد اعتبر العقل الفعال ” مبادئ العقل التي توحد بين كل البشر ، وعلى ذلك يمكن إدراك إدراك وحدة في تفكير الناس، دون أن تفقدهم هذه الوحدة فرديتهم في التفكير أو استقلالهم التفكيري”[7] ، وهي النظرية التي آمن بها بعض مناصري ابن رشد من أمثال سيجر دي برابان.
فمن بين المدافعين عن هذه النظرية كما قلنا ، نجد سيجر دي برابان الذي سار على نفس خطى الفيلسوف ابن رشد ، حيث آمن بدوره بوحدة العقل الإنساني وباشتراكه بين جميع الناس ، وهذا ما جر عليه الويلات من قبل الكنيسة ورجالها الذين اتهموه بالزيغ والضلال .
فقد كان لسيجر ” رأي في العقل الفعال ، وفي الاتصال ، يذهب فيه إلى أن العقل الفعال واحد ، وهو عام للنوع الإنساني ، ويفضي هذا المذهب إلى القول بفناء نفوس الأفراد مما يعارض الدين ، فحوكم من أجل ذلك عام 1288 ، ولكنه لم يعدل قط عن اتباع مذهب ابن رشد “[8] .
تعتبر نظرية اتصال العقل الفعال بالإنسان إذن أحد أهم الإشكالات المستعصية التي عالجها ابن رشد، والتي خلقت جدالا واسعا في الأوساط الفكرية الأوروبية ، فهذه الإشكالية تعتب كما أكد على ذلك المفكر محمد المصباحي من الإشكالات الأكثر تعقيدا ولبسا.
وقد أقر بصحة هذا القول في كتابه ” إشكالية العقل عند ابن رشد”، حين قال: ” يعد مشكل الاتصال من المشاكل العويصة في الفلسفة الرشدية، لا لصعوبة الإشكالات التي تثيرها فحسب، بل ولأنها أيضا تعتبر مؤشرا لمدى صمود ابن رشد في خطه الواقعي الذي يطبع فلسفته بصفة عامة”[9].
2.المنهج العقلي الرشدي في البيئة الإسلامية: 1.2:الرشدية الإسلامية :حقيقة يصعب الحديث عن مدرسة إسلامية رشدية، لأن ابن رشد لم يلقى ترحيبا واسعا في بيئته الأصلية، خصوصا من قبل الفقهاء الذين عارضوا وبشدة أفكار ابن رشد التي تسلك في نظرهم بالإنسان نحو الزيغ والضلال، لذلك كان عدد المتأثرين بابن رشد قليلا في البيئة العربية الإسلامية .
لذلك ، يتضح لنا وبشكل واضح أنه ” لا وجود لمدرسة عقلانية في المجتمع الإسلامي ، لذلك يعتبر العقل الرشدي عقل مهاجر من فكره، وبيئته، إلى فكر آخر هو الفكر اللاتيني، وإلى بيئة خاصة هي البيئة الغربية الأوروبية”[10]، وفيها وجد ابن رشد ضالته، حيث أثر وأثرى الثقافة الغربية بمؤلفات ثمينة شكلت طريقا مبسطا ، تم التعرف من خلاله على فلسفة المعلم الأول أرسطو.
لكن، ما تجدر الإشارة إليه، أنه ورغم المعارضة التي لاقاها ابن رشد واستحالة الحديث عن مدرسة رشدية عقلانية في الأوساط الإسلامية، إلا أن هناك وجود لأتباع الفلسفة الرشدية ولو كانوا قلة قليلة.
الأمر الذي يعكس أثر ما كتبه ابن رشد على المفكرين المسلمين، لأنه الفيلسوف والقاضي والفقيه الذي جمع بين مجالات متعددة ومختلفة في كتاباته الدقيقة .
معنى ذلك أن ابن رشد قد أحدث ” بمدرسته الفقهية العقلانية المغمورة، تجديدا لم يألفه الفقه الإسلامي، ولا سيما المالكي منه، المتهم عادة بالتشدد والجمود، ويتمثل هذا التجديد، في المرونة التي انتهجها ابن رشد إزاء المسائل الفقهية، وذلك نظرا لتكوينه الفلسفي الذي أملى عليه ذلك”[11].
بتعبير آخر نقول أن ابن رشد أثر في الفكر الإسلامي بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر ، حيث تناول مجموعة من القضايا التي شكلت مادة دسمة للنقاش في البيئة الإسلامية، نذكر منها قضية واجب الوجود الذي اعتبره ابن رشد ” عقل محض لأنه ذات مفارقة للمادة من كل وجه”[12]، وهكذا تأثر بابن رشد جملة من تلامذته منهم: تلميذه أبو بكر داود بن يحيى القرطبي، الذي طبق المنهج العقلي الرشدي بحذافيره وسار على خطاه بكل ثقة .وهو ما يعكس الدور الأساسي الذي لعبه ابن رشد في الثقافة الإسلامية، وإسهامه في إخراج المفكرين من ظلمة الجهل والتعصب إلى نير العلم والتفكير العقلاني الحر.
2.2: الرشدية العقلانية في الفكر الغربي(الرشدية اللاتينية)
انطلاقا من تبنيه للمنهج العقلي واستخدامه للبرهان العقلي، تمكن ابن رشد من التأثير في الفكر الغربي، لتظهر حركة فلسفية جديدة أطلق عليها اسم الرشدية اللاتينية، تأثرت بأفكار ابن رشد فسعت إلى تدريسها بأرقى الجامعات الأوروبية، فابن رشد كان من الداعين إلى اعتماد المنطق والسير على خطى المنهج العلمي الدقيق، لأن ” المنطق عنده، هو العلم الذي يعصم العقل من الخطأ”[13].
لذلك” ومما لاشك فيه، أن قائمة المتأثرين بابن رشد لدى الفلاسفة الغربيين تطول. فالجميع يسلم لابن رشد على اختلاف قناعاتهم الإيديولوجية والدينية، بأنه كان يعرف أرسطو ويعرفه جيدا، من حيث أنه كان فقيها، وسياسيا فقد كان يعرف جيدا قضايا عصره السياسية والاجتماعية والثقافية…”[14].
الأمر الذي جعله محط اهتمام الجميع، لأنه حامل لقب الشارح بدون منازع، ورافع شعار التوافق بين الفلسفة والدين، والمؤمن بدور البرهان العقلي في الوصول بالإنسانية إلى بر اليقين والحقيقة . فكان الكل ينهل من منبع هذا الفيلسوف والمفكر المسلم.
بل إن أفكاره قد وجدت لها صدى داخل جامعات أوروبية مختلفة، كجامعة باريس في القرن الثالث عشر، رغم معارضة الكنيسة التي كانت شديدة القلق من أن تؤثر فلسفة ابن رشد على أبناء الديانة المسيحية، فواجهته بالعنف والإقصاء والتهميش، غير أن هذا لم يؤثر في الفكر الفلسفي الرشدي بل زاده قوة وإصرارا على التسرب إلى مختلف الأوساط الفكرية الأوروبية .
. تحليل النتائج:
انطلاقا مما سبق، توصلنا إلى النتائج التالية:
- نظرية الاتصال عند ابن رشد تتعارض جملة وتفصيلا مع نظرية الاتصال الصوفية.
- العقل الفعال عند ابن رشد عقل خالد أزلي، مشترك بين جميع النوع الإنساني .
- رغم صعوبة الحديث عن مدرسة رشدية عقلية في الفكر الإسلامي، إلا أن ابن رشد استطاع التأثير في جملة من المفكرين المسلمين.
- ظهور الرشدية في الفكر الغربي وتدريسها في الجامعات الأوروبية، دليل على تسرب الفكر الرشدي إلى الأوساط المسيحية.
خاتمة:
ومن هنا ، يتضح جليا ، أن نظرية العقل الفعال ومسألة اتصال هذا العقل بالإنسان كانت أحد أهم القضايا التي عالجها ابن رشد، معتبرا أن هذا الاتصال يحقق السعادة الكاملة، ومعترضا على الاتصال الصوفي، فكان لهذه النظرية صدى واسعا في الأوساط الأوروبية المسيحية، إذ أنه وبالرغم من الانتقادات الشديدة والمعارضة الكنسية التي تعرضت لها الفلسفة الرشدية ، فإن ذلك لم يحد من انتشار أفكارها بين أوساط المثقفين في الفترة السكولائية ، لتتسرب بعد ذلك إلى داخل المعاهد والجامعات (جامعة باريس، جامعة بادوفا الإيطالية).
فالرشدية العقلانية بهذا المعنى ، استطاعت فتح صفحة جديدة في تاريخ الفكر الأوروبي، والتمهيد لبزوغ عصر النهضة في القرن الخامس عشر الذي يمثل بداية العصور الحديثة من الناحیة الفكرية بالنسبة إلى أوروبا.
لا مندوحة من القول إذن أن ابن رشد شكل محطة مهمة في تاريخ تطور الفكر الأوروبي ، بل وشكل مادة دسمة للبحث في المجال الفكري والفلسفي واللاهوتي ، حيث تأثر به جملة من المفكرين أمثال القديس توما الأكويني ، سيجر دي برابان .
فالعقل النقدي الرشدي أسهم بشكل كبير في تطور الفكر الأوروبي ، حيث اشتمل المتن الرشدي على قضايا وإشكالات فلسفية متعددة ومتنوعة شكلت سلاحا معرفيا في مواجهة الكنيسة ، وخلقت جدالا واسعا في الفترة السكولائية بين مؤيد ومعارض لها ، لكنها استطاعت فتح باب النقد والسؤال بعد أن كان مغلقا بفعل تسلط الكنيسة ، الأمر الذي جعل ابن رشد يشكل مثالا للعقلانية الحرة والمبدعة التي استطاعت أن تجعل الإنسان ينفتح على الآخر ويتمكن من إدراك العالم الذي يحيا فيه والتفكير انطلاقا منه .
الأمر الذي يبرز لنا أن حضور ابن رشد في الأوساط السكولائية كان له أكبر الأثر في دخول الفكر الأرسطي خالصا من شوائب الأفلاطونية المحدثة بفضل حركة الترجمة ، وبالتالي انتشاره وتطوره في الغرب الأوروبي ، وهو ما يعكس المكانة النظرية التي احتلها الخطاب الرشدي القائم على منطق البرهان لا الجدل، وعلى آليات التأويل والتفسير ، لا على آليات المجاز .
قائمة المصادر والمراجع:
المصادر:
– ابن رشد ، تلخيص كتاب النفس، تحقيق وتقديم د فؤاد الأهواني، مكتبة النهضة المصرية، 1950، ط1، القاهرة.
– ابن رشد ، الضروري في السياسة: مختصر كتاب السياسة لأفلاطون، ترجمة أحمد شحلان، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط1، سبتمبر 1998.
– ابن رشد، تهافت التهافت، تحقيق سليمان دنيا ، دار المعارف ، القاهرة ، ط1،1964.
المراجع:
– عاطف العراقي ، النزعة العقلیة في فلسفة ابن رشد، دار المعارف ، 1984، ط4، مصر .
– محمود قاسم ، نظرية المعرفة عند ابن رشد وتأويلها لدى توماس الأكويني ، مكتبة الأنجلو مصرية، دط ، القاهرة.
– مقداد عرفة منسية، ابن رشد فيلسوف الشرق والغرب في الذكرى المئوية الثامنة لوفاته، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، منشورات المجمع الثقافي ،1999، ط1، المجلد الثاني، تونس.
– محمد المصباحي، إشكالية العقل عند ابن رشد، المركز الثقافي العربي، 1988، ط1، بيروت لبنان/ الدار البيضاء- المغرب.
المجلات:
– فتيحة فاطمي، وحدة العقل عند ابن رشد ، مجلة العلوم الإنسانية ، عدد 32، المجلد أ، ديسمبر 2009.
[1] – محمود قاسم ، نظرية المعرفة عند ابن رشد وتأويلها لدى توماس الأكويني ، مكتبة الأنجلو مصرية، دط ، القاهرة، ص: 11.
[2] – عاطف العراقي ، النزعة العقلیة في فلسفة ابن رشد، دار المعارف ، 1984، ط4، مصر، ص: 120.
[3] – المرجع نفسه، ص:128.
[4] – محمود قاسم ، نظرية المعرفة عند ابن رشد وتأويلها لدى توماس الأكويني ، مكتبة الأنجلو مصرية، دط ، القاهرة، ص: 13.
[5] – فتيحة فاطمي، وحدة العقل عند ابن رشد ، مجلة العلوم الإنسانية ، عدد 32، المجلد أ، ديسمبر 2009 ، ص: 3.
[6] – ابن رشد ، تلخيص كتاب النفس، تحقيق وتقديم د فؤاد الأهواني، مكتبة النهضة المصرية، 1950، ط1، القاهرة، ص: 121.
[7] – فتيحة فاطمي، وحدة العقل عند ابن رشد ، مجلة العلوم الإنسانية ، عدد 32، المجلد أ، ديسمبر 2009 ، ص: 9.
[8] – ابن رشد ، تلخيص كتاب النفس، تحقيق وتقديم د فؤاد الأهواني، مكتبة النهضة المصرية، 1950، ط1، القاهرة، ص: 61-62.
[9] – محمد المصباحي، إشكالية العقل عند ابن رشد، المركز الثقافي العربي، 1988، ط1، بيروت لبنان/ الدار البيضاء- المغرب، ص: 189.
[10] – مقداد عرفة منسية، ابن رشد فيلسوف الشرق والغرب في الذكرى المئوية الثامنة لوفاته، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، منشورات المجمع الثقافي ،1999، ط1، المجلد الثاني، تونس، ص: 229.
[11] – مقداد عرفة منسية، ابن رشد فيلسوف الشرق والغرب في الذكرى المئوية الثامنة لوفاته، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، منشورات المجمع الثقافي ،1999، ط1، المجلد الثاني، تونس، ص: 231-232.
[12] – ابن رشد، تهافت التهافت، تحقيق سليمان دنيا ، دار المعارف ، القاهرة ، ط1، 1964،ص:46.
[13]– ابن رشد ، الضروري في السياسة: مختصر كتاب السياسة لأفلاطون، ترجمة أحمد شحلان، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط1، سبتمبر 1998، ص:60.
[14] – مقداد عرفة منسية، ابن رشد فيلسوف الشرق والغرب في الذكرى المئوية الثامنة لوفاته، مرجع سبق ذكره، ص: 237.