
مسيرة الرواية البوليسية في الجزائر
The path of detective novel in Algeria
د. وسيلة بوسيس ـ جامعة محمد الصديق بن يحي .جيجل. الجزائر
Dr.Wassila Boussi, Lecturer at the university of Mohamed
Seddik ben yahia.jijel. Algeria
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 65 الصفحة 55.
الملخصغالبا ما تواجه الرواية البوليسية عسرا كبيرا في الاعتراف بها في الوسط الأدبي، من منطلق عدم الاعتراف بها كنوع أدبي مستقل بنفسه، ومن منطلق كونها نوعا أدبيا يركز كثيرا على تفاصيل ليست هي العناصر التي يدور حولها الأدب عموما: التحليل النفسي للشخصيات، التقاط المعاني الخالدة للحياة ومحاولة فهم الجوانب الخفية من العلاقات بين الناس… الرواية البوليسية لا تبحث في هذه العناصر وإنما تبحث عن حلول لألغاز مرتبطة بالجرائم والخروج عن القانون، وتركز على نوع خاص من قراءة العالم يرتكز على كشف أسرار المجرمين، بطريقة مستقلة تماما عن السيكولوجيا والسوسيولوجيا. لقد شهدت الرواية البوليسية الجزائرية في بدايات ظهورها تعثرا واضحا ، إلا أنها تطورت بسرعة لكي تصنع لنفسها مكانا ومكانة، وذلك من خلال تطوير الجوانب التي تتفوق فيها الرواية الكلاسيكية، ومن خلال إدراج الحكايات في الحياة بدلا من تركها معزولة داخل عالم المجرمين والمحققين. ترسم دراستنا هذه صورة لمختلف المحطات والمنعرجات التي مرت بها هذه الرواية منذ نشأتها غداة الاستقلال إلى غاية الآن.
الكلمات المفتاحية : الأدب الجزائري ؛ الرواية البوليسية ؛ التحقيق؛ الجريمة ؛ الأدب الأسود ؛ الأدب الهامشي
Abstract
Detective novel often faces difficulties in recognizing it in the literary milieu, because of being a marginal kind, not mature enough to be a literary genre; with lack of psychological portraying and philosophical background. In fact, detective story often focuses on solutions to mysteries about crimes and lawlessness, and focuses on a type of symbolic reading of the world in search of revealing the secrets of criminals, independently of psychology and sociology. The Algerian detective novel has suffered from the same difficulties, but it quickly developed in order to gain a place for itself, mainly by developing the aspects in which the classic novel excels, and by inserting stories into life rather than leaving it isolated within the world of criminals and investigators. Our study paints a picture of the various milestones and twists that this novel went through from its inception in the wake of independence until now.
Keywords: The Algerian literature; detective novel; Investigation; A-literature; black literature
ينطلق الأدب البوليسي من فكرة “التحقيق” أو البحث في فعل يوصف اجتماعيا وقانونيا بالإجرام. أي أنه أدب ينطلق من قطع متفرقة لا تقوى على أن تتصف بالحقيقة يعمل المحقق والكاتب والكتاب وحتى نحن القراء نعمل على جمع شتاتها لكي تصبح قابلة للتحقق، وفيما بين الواقعي le réel غير المتحقق والخيالي القابل للتحقق le vraisemblable يتم سر الأدب البوليسي وسحره، ولكن ناقدا مثل جيرار جينيت سيقول لنا إن هذه هي خاصية الأدب كله؛ فهو يقول: “إن الحقيقة تجترح الأشياء كما هي، فيما خاصية قابلية التحقق هذه ترتب الأشياء حسبما ينبغي لها أن تكون عليه. لذلك فالحقيقة مجروحة فيها خلل دائما من حيث شروط تشكلها أصلا، فكل ما يولد على أديم الحياة يبتعد بالضرورة عن “كمالنا” لكي يقترب من فكرة كيانه، لذا فالأمل في جمال الأشياء لا يأتي من الحقيقة أو الواقع بل من الخيال والممكن الذي يتصف بقابلية التحقق”([1]) .
ولكن، دعنا نبدأ من البداية: إذا كان التحقيق بحثا في الإجرام فما الإجرام يا ترى؟
كثير من الأفعال التي تؤثث حياتنا يمكن وصفها “بالجريمة” تما ما كما يمكن نزع هذه الصفة عنها ، فكثيرا ما نرى في أدبيات هذا النوع الخاص متهما يقف وسط المربع الفلسفي الداعي إلى التأمل الذي أطرافه مدّع يحاول إثبات الجريمة ومحلفون يمثلون عينا خارجية ثم محام يقف في طرف المتهم وأخيرا قاضِ متعال يحاول أن يقيم العدالة من خلال حكمه النهائي . في كثير من اللحظات يتأرجح الفعل الذي قام به المتهم بين الإجرام وعدم الإجرام ..مما يجعل هذا الفعل لبنة اجتماعية تماما كباقي الأفعال التي تؤثث الحياة وتؤثث القصص.
يوصف الأدب البوليسي بكونه أدبا هامشيا مرة وبكونه أدبا أسود مرات كثيرات أخرى، فهو أدب هامشي كما يصفه الباحث المتخصص في الأدب البوليسي الجزائري الذي نحن بصدده ميلود بن حيمودة([2])، لأنه عاش ويعيش على هامش مفهوم ما للأدب الرسمي الكبير الكلاسيكي، ولكن هذه الهامشية تظل وصفا عموميا رغم ظاهر التحديد الذي فيها. لأننا سنظل دوما نتساءل: هو هامشي بالنسبة إلى ماذا؟ والإجابة جدل يحيل دوما على أسئلة بلا أجوبة تبت في الأمر نهائيا.
فيما يرتبط هذا الأدب بتسمية الأدب الأسود، ولكنه ارتباط واه جدا، في الوقت نفسه، كما يرد لدى كثيرين؛ أهمهم الكاتب جان تولار محرر مادة الأدب البوليسي في الموسوعة العالمية، بسبب العسر الملحوظ في تحديد أي تعريف لهذا الأدب المنفلت من كل محاولات التعريف والتقنين والتسنين.([3])
لكن المتأمل لفكرة أنه أدب أسود سوف يجعل يتأمل سبب التسمية ليجد بأنه سواد يخيم على النوع كله. ولا نعلم هل يحيل على الزوايا السوداء من القلب البشري التي يختفي فيها دافع الإجرام ودوافع الشر عموما أم يحيل على الليل الذي تتحرك فيه هذه الدوافع حسب موروثنا الثقافي (نذكر بأن الآية القرآنية تقول بصريح العبارة: قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب) ” سورة الفلق” . والغسق هو أول الليل.
في الليل تحدث الجرائم لأن الليل غطاء مناسب لأهل”الهامش”، في الليل تتحرك الغرائز وتستشيط الرغبات الجامحة ، وفي الليل يختفي المجرم ببساطة ، كذلك نجد المحقق الأمثل يتحرك ليلا قاصدا مواقع الجريمة وقاصدا ملاجئ الحياة الليلية مثل العلب الليلية والمقاصف والبارات وبيوت الخلاء والمحلات الفارغة للشركات والزوايا المتطرفة التي يعيش فيها المشردون والوديان الخالية …الخ
إذا كان هذا يبرر تماما تسمية الأدب الأسود فإنه يطرح على الأدب الجزائري مجموعة من الأسئلة المنهجية ويستوقف إشكالات جمالية ومفهومية سنحاول فيما يلي عرضها من خلال فحض بعض الأعمال التي تنتمي إلى هذا النوع الأدبي الذي نحن بصدده مجيبين على الأسئلة التالية :
- ماهي طبيعة الجريمة في الأدب الجزائري وماهي أبعادها الاجتماعية والنفسية والسياسية؟
- ما هي ملامح المحقق في الأدب الجزائري الأسود وما هي أبعاده الرمزية؟
- كيف نؤول المسافة الهامة بين الحميمي والجماعي في عوالم الأدب البوليسي الجزائري (مساحات التقاطع بين العوالم الذاتية والفضاء العمومي)؟
- ماهي أشكال التهجين الأجناسي وإشكاليات النوع الأدبي في صلب هذا الأدب ؟
تفسير الغموض بالتهجين (التحقيق في صيغته الجزائرية)
ليست الرواية البوليسية في الجزائر قديمة. ولكنها على المستوى العالمي كله ليست قديمة، ويمكن أن نصفها بالنوع الأدبي الحديث نسبيا. يجمع الباحثون على “أن أبا الرواية البوليسية، هو : (إدغار ألان بو Edgar Allan Poe) وأن عمرها لا يتجاوز القرنين رغم وجود من يعترض على هذه المؤشرات التاريخية؛ ويعارض باحثا عن أصول سابقة للأصول وأصول أخرى أسبق من هذه الأخيرة، وهكذا، فإن قلنا مع كثير من المعلقين أن إدغار ألان بو هو أبو هذا النوع الأدبي الذي ظهر في النصف الأول من القرن التاسع عشر([4]) فسوف نجد من يؤكد أن ” هذه المقولة مشكوك فيها، إذ إن هناك ما يثبت أن (إدغار ألان بو) اقتبس فكرة الرواية البوليسية من مؤلف (فولتير) المسمى : “زاديك Zadig” ويكشف عن ذلك “فرانسيس لكسان” في قوله : “حين أرسل إدغار ألان بو محققه (دوبان Dupin) للبحث في شارع مورغ عام 1841، تذكر مواهب الفراسة والحذق في التخمين التي امتازت بهما شخصية البطل في رواية زاديك 1747″([5]) .
االتحقيق بحث دائم عن الحقيقة، وهو النخاع الشوكي للقصص البوليسي، وإذا تأملنا جيدا سوف نجد التحقيق البوليسي واقفا على أديم السياسة لأنه بحث عن الحقيقة والحقيقة مسألة سياسية بالضرورة لأن الذي يتحكم في دواليب الحقيقة يتحكم في دواليب الحركة والسلوك ومنه فهو سيد القرار.
إذا كان التحقيق مسألة سياسية فإنه يمكننا اقتراض العين السياسية لجل النظر في التاريج الجديد نسبيا لهذا النوع في الجزائر، ويمكننا منذ البداية فهم سبب كون ميلاد هذا النوع في الجزائر وحتى تطوره الكبير تمّ ويتسمر باللغة الفرنسية؛ فاللغة الفرنسية لغة تحرر الجزائريين من الهيمنة السياسية التي اختارت أن تحيا حياة عربية، وأن تعمل أساسا على المواطن الجزائري الناطق والمتفاعل والحي بالعربية لا بغيرها ولهذا سوف نلاحظ أن كل محاولات الانفلات السياسية في الجزائر سوف تستعمل اللغة الفرنسية؛ للسبب البسيط الذي يخلق لكل خطاب منفلت من السلطة السياسية أفقا فرانكوفونيا يكسر الخناق العربي المعرب على هذه المحاولات.
وتلاحظ كريستيان عاشور المختصة في الأدب الجزائري والشاهدة الحصيفة عليه أن هاجس التحقيق البوليسي في الجزائر لم يكن أبدا تشكيل “الأرض الخصبة المعتادة لـمفهوم “الشرطة” وعالمها، و التي تظهر عادة في المجتمعات الحضرية والصناعية والمتمحورة حول الفرد، بل يميل إلى مزج خفي ما بين الضغوط الحداثية للحياة مع ميل قوي إلى حد ما صوب قيم الهوية الوطنية التي ظلت مرفوضة أو مخفية في السياق الاستعماري([6]).
والغالب هو أن هذا الحكم يمكن تعميمه على باقي مكونات المشهد الأدبي، فليس “الشرطي” وحده من ظل يسعى للحصول على معلماته في ثقافة هي في طور البناء ، وأن القصص المتعلقة بحرب السنوات السبع التي انتهت لتوها لها الأسبقية على جميع القصص الأخرى.
المحقق البوليسي في هذا السياق لا يبدو معنيا بالبحث عن حقيقة جريمة عينية، بل هو محقق يبحث عن هوية ضائعة. يبحث في شأن ” ذاكرة جماعية” ترتكز على “بطل مثالي” يمثل حقيقة رمزية هي أهم بكثير من أخبار الجريمة والمسؤول عنها وما إن كانت قتلا متعمدا أو قتلا بالخطأ.
ستلاحظ كريستيان عاشور دائما أن رد فعل الصحافة إزاء هذه القصص المحدثة مشبع بالتشكك، فرغم ولع القراء بهذا النوع الأدبي الذي كان معروفا ومحبوبا من قبل مرحلة الاستقلال إلا ” أن الصحافة ، ومن ورائها أجهزة الدولة المؤتمرة بتوجهات الحزب الواحد ، لا تتردد في التعبير عن عدم ثقة مزدوج إزاء هذا النوع الطارئ في الساحة الجزائرية؛ هذا النوع “الصغير” و “الغربي” ، المرتبط بالفساد والانحراف”([7]).
سوف نجد دائما قلقا كبيرا ومستمرا بسبب عدم وجود هذا النوع من الكتابات في الأدب الجزائري. وها هوذا فريق تحرير “الثورة الافريقية révolution africaine” يجمع 9 مقالات ، تحت عنوان “الإثارة من كثب” (العدد رقم: 1225) ، مخصصة للأدب الأسود (في أغسطس)1987. وفي هذا السياق يعبر طاهر جاووت عن تعاطفه تجاه هذا النوع، فيما لم يرفض نور الدين عبة هذا الأسلوب الأدبي بأكمله بل يصر على الانتقائية لأجل ضمان الأفضل، وهو أقل صرامة في رفضه ، “عندما يتعلق الأمر بالأدب […] أعتقد أنه يجب على المرء فقط أن يحرّم المستوى المتوسط”([8]).
يظل السؤال مطروحا حول المسافة التي ظلت مستمرة بين القارئ الجزائري (ومن خلفه النظام الجزائري ) وبين “ضابط الشرطة”؟
التفسير الأكثر ورودا لدى المختصين هو أن ميلاد الرواية البوليسية في الجزائر عرف كبوة كبيرة من خلال هيمنة مؤسسة طبع الكتب وتوزيعها في الجزائر على نوعية الكتب التي تدخل البلاد ويتم توزيعها. ثم إن هذه المؤسسة قد نشرت عدة أعمال بعيدة تماما عن الأدب الأسود الجيد الذي يعرفه القارئ اليقظ في الجزائر بشكل جيد. ستكون الأعمال الأولى هي سداسية منتشرة جدا ليوسف خضر: “حرروا الفدائية” 1970، “الانتقام” 1970 ، ثم تحت عنوان “لا ‘فانطوم’ لتل أبيب” وكذا ” حذار من مخطط الرعب” وكلاهما كتب ونشر عام 1972،… وهي سلسلة انتشرت بشكل كبير هي والإطار المهيمن عليها الذي يربط كل عمل البوليس بالقضية الفلسطينية وعداء دولة إسرائيل التي كانت الجزائر في حالة حرب ضدها في أعقاب حرب النكبة…
ستهيمن هذه الروايات على الذائقة تماما، وستحمل على ظهرها تلك الإيديولوجيا التي قد لا يجد الجميع فيها نفسه، وهو وضع سيستمر مع كتاب آخرين يلعبون الدور الإيديولوجي الدعائي نفسه الذي لعبه ومثّله يوسف خضر لعبا جيدا. لتنتشر أعمال من قبيل : “فخ في تل أبيب” لعبد العزيز العمراني عام 1967 (منشورات SNED) تبعته في عام 1973 قصة “هجوم مضاد”… الخ الخ… وجدير بالتأمل والتحليل أن بعضا من هؤلاء الكتاب كان فرنسيا يكتب تحت اسم مستعار مثلما هي حال يوسف خضر.([9])
سيستمر هذا الوضع حتى وفاة الرئيس الهواري بومدين عام 1978.
المرحلة الموالية مرحلة انفجار هام للرواية البوليسية، فعدد الأعمال التي ظهرت في الثمانيات أكثر بكثير مما كان قبلها بقليل، وقد يكون الانفتاح السياسي والميل صوب الاتجاه اليميني الذي كان على أيام الشاذلي بن جديد (علاقات جيدة مع إنغلترا وأميركا؛ بلادي الأدب البوليسي بامتياز) خلف هذا الاتجاه الجديد.
أما على المستويين المنهجيين للشكل والمضمون فسوف نلاحظ استمرار الشكل الكلاسيكي الذي يربط هذا النوع بأدب المغامرات حينا وأدب الأسرار والغموض حينا آخر؛ وهي معلمات شكلية بالأساس تعود إلى ما يمكننا أن ننعته بالميراث العالمي للأدب الأسود.([10])
من مؤلفي هذه المرحلة يمكننا ذكر أسماء كتاب تخصصوا في هذا الصنف الأدبي فقط دون أن تكون لهم أسماء أدبية كبيرة، وهو الأمر الذي يفتح الباب أمام فكرة التخصص في الكتابة. فتوجد أسماء من قبيل: العربي أبحري([11]) وسليم عيسى([12])… أسماء ظاهرة يمكننا أن نضيف إليها: سعيد سماعيل؛ صاحب “بارونات النقص” و”إمبراطورية الشياطين”، ورابح زغدة؛ صاحب رواية (“جو” مزدوج لأجل الخرساء”([13])
ويقف مؤرخو النوع عندنا عند التجربة الفريدة لامرأتين دخلتا هذا النوع المخصص للرجال عموما بنجاح معين([14])؛ وهي ظاهرة ربما تكون جديرة بالتعليق والتأويل في إطار الدراسات النسوية، للإجابة على السؤال المنهجي الهام: كيف يتم التحقيق بعيون امرأة؟… والمقصود طبعا الكاتبتان الجزائريتان: زهيرة برفاس وحفصة زينة – قوديل؛ الأولى من خلال روايتيها “قراصنة الصحراء” و”صورة المفقودين”(1985)، والثانية من خلال نصها “الرهان المفقود” (1987).
يلاحظ ميلود بن حيمودة في رسالة الدكتوراه الخاصة به بأن هنالك خصوصيات لا بد من الوقوف عندها فيما يتعلق بالرواية البوليسية الجزائرية، على رأسها أن كل تحقيق بوليسي يخلط بالضرورة بين تحقيق الشرطة والبحث عن الهوية؛ أي أن كل رواية هي عمل يحمل الهاجس التاريخي للجزائري المنتمي إلى الزمن مابعد الكولونيالي الذي هو زمن يحمل إكراهات كثيرة على رأسها هيمنة التاريخ القريب على مختلف مكونات النسيج المجتمعي وبالتالي النسيج الخطابي.
ما نراه جديرا بالاهتمام هو أن كل رواية مما ذكرناه أو مما لم نتعرض له هي روايات واقعية شديدة الارتباط بالمرحلة التي كتبت فيها، وأن الأعمال تميل إلى تجاوز عقدة التقليد الذي غالبا ما يكون مهيمنا وصعبا تجاوزه في أمثال هذه المراحل التأسيسية… فأعمال هذه الفترة تفضح مجموعة من السمات المهيمنة من قبيل كونها إنتاجا محليا يتم إصداره داخل البلاد؛ وليس أعمالا تنشر في فرنسا وتنال الحظوة هنالك قبل أن تدخل الجزائر بقوة الأشياء.([15])
من جهة أخرى سنلاحظ أن المؤلفين غالبًا ما يكونون صحفيين، مما يسمح لهم بإلقاء عين فصيحة على الواقع، وهم – كما تقول كريستيان عاشور- يأخذون هذا المنعطف للتنديد بحالة البلاد، ولكن بحذر وذكاء، لأن ضابط الشرطة الذي يحقق لا يزال ضابط شرطة – موظفًا مدنيًا (يصعب تخيل محققين خاصين في المجتمع الجزائري بسبب هيمنة أجهزة الدولة على سوق العمل).([16])
يقف الطاهر جاووت عند نقطة هامة حينما يبدي ملاحظته حول العالم المفتعل الذي يقف داخل تلك الأعمال، يقول:”إن أكثر ما يثيرني في الروايات البوليسية هو هذا الجانب المطمئن من الرواية حيث ينتهي الشر دائما بإتقان و حيث يمجد النظام.”([17]) … وربما يكون شيوع هذا الشعور و الذي أدى إلى تغير النظرة تماما في المرحلة التي ستلي هذا الكلام الذي يفضح فيه جاووت تورط الكتاب مع السلطة في خطاب مبني على الكذب والنفاق وتقديم الحقيقة منظورا إليها من زاوية السلطة التي تعمل دائما على تقديم الحقيقة التي تلائمها طامسة – بعنف لا يفيه حقه إلا الأدب البوليسي- الحقائق الأخرى التي تسعى إلى التعايش مع الحقيقة الرسمية ولو على مستوى الخطاب.
وهذا ما سنجده بوضوح في روايات ياسمينة خضرة منذ عام 1986(حينما كان يمضي كتاباته باسمه الحقيقي: محمد مولسهول)، وخاصة في مرحلة سطوع نجم هذا الكاتب في منتصف التسعينات حيث تشهد الروايات البوليسية مواجهات شجاعة مع السلطة القاهرة… خصوصا بعد التقاعد المبكر واستطاعة ضابط الجيش السابق من فضح اسمه المستعار ياسمينة خضرة الذي استمر يمضي به كتبه بسبب انتشاره الجماهيري الكبير. وكان الأجمل في كل ما حدث هو اكتشافنا لشخصية الكاتب الذي كان يتخفى خلف شخصية المفتش لوب التي نراها تعبر الكتب بنجاح كبير….
مع ياسمينة خضرة سيتطور النوع البوليسي بسرعة كبيرة، فتحت قناع المفتش لوب يختفي وعلى امتداد مجموعة نصوص روائية هامة مفتش لا ندري بدقة عم يبحث، وفيما يحقق وهو يقود تحقيقاته في أمور جرائم تبدو دائما مغلفة بالأسرار، فنحن نعبر كتبه التي صنعت مجد صاحبها، بدءا بروايتيه “مجنون المشرط”([18]) ، حفلة الأوغاد([19]) ، ثم الروايتان اللتان صدرتا بفرنسا: “موريتوري: أبيض مزدوج”([20]) ، و”خريف الأوهام”([21]) … وفيها نشهد ظهور محققين مستقلين ينتقدون النظام بطريقة أكثر شجاعة مما مضى، مع نشأة معينة لما يمكن وصفه بالرواية البوليسية السياسية. وهو ما يقوم به تماما وبطريقة صريحة المحقق الصحفي الهام كريم خوجة في رواية “قاتل السرايا المتسلسل”([22])
العنف، إعادة النظر في التاريخ الحديث، جرائم فرنسا المندمغة في الذاكرة الصامتة، التعقيد العرقي للمهاجرين في فرنسا (بحكم كون أغلب الروايات تصدر في فرنسا)، الفساد الأخلاقي للعالم الليبيرالي، ظهور الجبهة الإسلامية للإنقاذ الصارخ الصاعق، العمليات الخفية لشرطة الدولة، سياسة الدولة العسكرية، القهر الممنهج للمجتمع المدني، الإرهاب الاقتصادي والإجرام المالي…كلها صارت مواضيع تدخل إلى الرواية البوليسية الجديدة بلا تردد([23]).
وجدير بالتوقف والتحليل أن الرابح الأكبر الذي تحققه الرواية البوليسية قد لا يكون هو العدد الكبير للروايات المنتجة سنويا وحتى على مر السنين، بل هو ميل كبار الكتاب صوب هذا النوع ومغازلتهم للنوع، فقد مال صوب الشكل البوليسي كتاب من أمثال: عزوز بقاق([24])، والطاهر جعوط([25]) ، وكذا عبد القادر جمعة([26])…وكلهم من كتاب الأدب الرسمي الكلاسيكي المقتدرين، وهذا مما يحسب للأدب البوليسي كنوع من الانتصار الضمني بالنسبة لنوع هامشي كما قلنا أعلاه.([27]) غير أن مسارات جديدة سيتخذها ممثلو هذا النوع بدءا من سنوات التسعينات ستغير نوع “التحقيق البوليسي” وشكله ومضامينه .
التسعينات: تغيير اتجاه التحقيق
في قراءات عمودية للنماذج التي مرت معنا، يمكننا أن نقر بأن التسعينات عموما ستؤدي إلى تسييس الرواية البوليسية، وحشوها بالإيديولوجيا النقدية بدلا من الامتلاء بالإيديولوجيا الداعمة للنظام القائم، وفي كل رواية سوف نجد أنفسنا نواجه النموذج الروائي الذي يحافظ على نقاوة العرق الروائي الأسود من خلال تهجينه بنوع التأمل المحايث لتغيرات المجتمع في سنوات ما بعد حرب الخليج؛ وهذا ما يجعلنا نصدق قول إحدى الناقدات بأننا نجد أنفسنا دوما في مواجهة مع “النموذجين الأساسيين اللذين يصنعان النوع البوليسي: ففي مقابل المحقق المصارع ضد قوى الشر، نجد ملمحين رمزيين اثنين في هذه النماذج الجديدة: المجرم في المطلق من جهة، و المجرم الخاص الخصوصي الذي هو الرأسمالي القاسي عديم الرحمة المستعد لأجل تحقيق أهدافه للتضحية بالأرواح في الجهة المقابلة”([28])… وهذه خطوة كبيرة إلى الأمام تقطعها الرواية البوليسية في الجزائر وهي تقطع الخطوة الزمنية صوب الألفية الجديدة.
يبدو التحقيق أكثر نظرا في المرآة، فهو معني أكثر بأمر الذات، يحقق رمزية مقلوبة للشر الذي هو جزء منا وليس شيئا خارجيا يمكن حصره بتحقيق تجربة تهدف إلى كشف حقيقة مخفية، بل هو حقيقة منجلية وربما هي ظاهرة وكبيرة الحجم إلى درجة أن كشفها هو فقط عملية الابتعاد عنها من أجل إدخالها في إطار النظر.
مع هذه المسيرة، سيصبح السؤال: من يقتل من؟ سؤالا سياسيا لا بوليسيا؟ ويذكرنا كثيرا بالسؤال الذي نشأ في العشرية السوداء على هامش انتشار القتل العشوائي في الشارع، ودخول الجريمة في بعد ديمقراطي عبثي سيغير إلى غير رجعة مفهوم الدور الذي على المحقق البوليسي أن يقوم به.
كثيرون سينظرون صوب القتل كعلامة خلاص لا كجريمة. وهذا ساري المفعول في وسط خونة الحركة الوطنية كما هي الحال في قسم البرابرة لبوعلام صنصال. فكأن العدالة تخرج من مخابئها القديمة كنتيجة لتحقيق بوليسي يقع على المرايا. وها هو بطل الرواية يقول بكل وضوح: “ما نسميه المافيا هو صنيعة مغلوبي الثورة، إنهم بقايا الخيبة المندسون داخل النظام”([29])
وهذا ما يقود الناقد المهتم بشأن السرد البوليسي محمد الأمين بحري إلى القول فيما يشبه الخلاصة بأنه “من منظور مغاير؛ يبدو أن الأجيال الحالية للروائيين العرب قد أعادت هيكلة النمط البوليسي للكتابة على نحو أخرجه من مؤسسات المدينة والفكر المدني ومطاردة المجرمين في الشوارع والجوسسة والغموض إلى نمط قد يخرج هذا السرد من الأثر البوليسي ذاته إلى آثار ابتكارية وليدة سياقها التاريخي، مقدمة رؤية مختلفة وخطاباً جديداً يقول بأن الواقع المجتمعي والسياسي العربي لم يأتلف يوماً مع البولسة، ولم تعرف المجتمعات العربية مدينة بوليسية مكتملة الأركان، ولا نظاما بوليسياً يتيح تلك النهاية التي طالما استهدفها البولار الغربي (le polar occidental) في إرساء العدالة وقيم الإنسانية وإحقاق الحق، إذ أن أول وآخر من يشعر بالمواطنة في عالم متهالك بالفساد السياسي للأنظمة العسكرية وشبه العسكرية العربية لا يؤمن بتحقيق عدالة بوليسية مأمولة ولا بإمكانية القبض على الجاني أو محاسبته عند نهاية المغامرة، وهذا الوضع الغرائبي الساخر هو ما عكسته نهايات روايات عربية نموذجية كـ”اللص والكلاب” و”الشيء الآخر”. ([30])
ستنتمي إلى هذه الحساسية النقدية التي ستعمل جاهدة على فهم أسباب جريمة/ جرائم العشرية السوداء روايات جديدة من قبيل: مذنبون للحبيب السائح، و”بحثا عن آمال الغبريني” لإبراهيم سعدي، وغيرهما كثير، فالبعد النقدي الاجتماعي هو البعد الحقيقي الذي اتجه صوبه السرد البوليسي، كما قد يبينه جيدا عمل المفتشين “نورة” و”زين” اللذين يقودان تحقيقا يبدو لأول وهلة بسيطا في رواية “ما ترتقبه القردة” لياسمينة خضرة، ولكنهما شيئا فشيئا يجدان تحقيقهما يذهب في اتجاه كشف فساد أجهزة الدولة، والمال العفن، والطبقة المورطة مع الأوليقارشية، رجال اليد عديمة الرحمة الذين يعتمد عليهم النظام الفاسد لكي يتمكن من الاستمرار، ويصبح التحقيق في جريمة تبدو بسيطة هو تحقيق تاريخي في شأن وطن برمته.([31])
وإذا كنا منتبهين جيدا لأمر الكتابة النسائية على أساس كونها دالة على قطاع هام من التطور العقلي للمجتمع فإننا نقف بكثير من الأسئلة مع المغامرة الفريدة للكاتبة الجزائرية المغتربة ” أمل بوشارب” صاحبة الرواية البوليسية “سكرات نجمة” التي تروي قصة غريبة ذات أبعاد دلالية كبيرة واسعة شاملة شمولية؛ فهي تروي قصة مقتل الرسام العالمي “إلياس ماضي” العائد إلى مسقط رأسه بالجزائر بحثا عن معاني رمز قديم مطبوع على ختم الجمهورية الجزائرية قد يفيده في تفسير لغز غريب واجهه، من شأنه مساعدته على حلّ أحجية امرأة مجهولة. لكي تتشعب الرواية بدخول صديق فنان يلتقط إشارت ورموز ماسونية، والعلاقات المتشابكة بين أحداث في الجزائر وأخرى في تورينو بإيطاليا حيث كان يقيم الضحية، ثم الخلفية الصوفية وظلال القبّالة اليهودية خلف كل ما يحدث…([32])
أسئلة كثيرة تطرح حول ما يمكن أن يكون من أبعاد لهذه الرواية على المستوى الدلالي، وحول الخطوة التي يخطوها التحقيق البوليسي الذي يبدو مضحيا بالحلية التي ظل الأدب البوليسي يحارب لأجلها منذ نشأته في الجزائر.
والغالب أنه منذ دخولنا في الألفية الثالثة، ومنذ أن اهتزت البلدان العربية بدءا بالجزائر وانتهاء إلى ما سمّي بـ”الربيع العربي” ظهرت إلى العلن روايات ذات طابع بوليسي دون أن تكون روايات بوليسية بالمفهوم الكلاسيكي، و يظهر نمط مستحدث يمكن أن نسميه “رواية الحروب” أو إن شئنا “رواية الأزمة”، التي برز فيها باللغة الفرنسية الجزائري يسمينة خضرة (محمد مولسهول) برواياته الأزموية “سنونوات كابول”، “الصدمة”، “فضل الليل على النهار”، “صفارات إنذار بغداد”، “موريتوري”، “خرفان المولى”، “ليلة الريس الأخيرة”، وغيرها، مستجيباً لحركية الهاجس العالمي للإرهاب، دون أن يخفي تبعيته لأقطاب إعلامية واستخباراتية غربية وتيارات فكرية سامية تؤطر مساره الكتابي، ويتبنى خطابها الإعلامي ورؤيتها الأيديولوجية للموضوع، على الرغم من أنه رجل عسكري المسار والتكوين والتجربة الميدانية في محاربة الإرهاب، تعفيه موضوعياً من أيّ تبعية قطبية. وقد دخل (…) في حمأة التبعية الأيديولوجية التي أخرجت السرد من البوليسي إلى نوع من كتابة المحررين الإعلاميين عن الحروب والأزمات”([33])
الملاحظة الأخرى للأدب البوليسي على ايامنا هي تضحيته بالطابع الجدي لفائدة نوع من الفانظازيا التاريخية حينا والأسطورية حينا آخر، مع ميل إلى الغرق في نماذج تخييلية غربية رائجة أساسا بفضل السنما التي هي نظام تواصلي عابر للجغرافيات والإيديولوجيات. وإلى هذا الاتجاه يمكننا أن ندرج روايات مثل: “زينزيبار” (2018) لعبدالقادر ضيف الله، ورواية “ثابت الظلمة” (2018) لأمل بوشارب. ورواية “كولاج” (2018) لأحمد عبدالكريم، و”شياطين بانكوك” لعبد الرزاق طواهرية، وغير ذلك كثير.
والظاهر هو أنها في معظمها أقلام تميل إلى الاندراج في خطاب أدبي “بوليسي” بملامح عالمية شكلا، مع مواضيع تقفز فوق ميراث الرواية الاستعجالية ورواية الأزمة وحتى روايات الحروب العربية التي تزامنت مع ظهورها، بل هي روايات تبدو “مُتناصة على نحو حداثي مع الثروة السردية البوليسية العالمية لأدباء الفنتازيا والخيال العلمي والرعب والأسرار، من أمثال دان براون وبول أوستر وستيفان كينغ وفق أسطرة سردية رامزة خليقة بالحالة العبثية الساخرة والغرائبية القائمة بين الوضع الاجتماعي للمواطن العربي والوضع السياسي المتقلب للأنظمة التي تحكمه بالرغيف والجزمة وهاجس الأزمة في محاولة لصنع عالم سردي مواز محمول على مفاهيم الثورة والتجاوز والتغريب والتحرر الافتراضي. وهي فضاءات مشتقة عن حساسيات هذا الجيل وملونة بخطاباته البديلة، في نمط تصويره لثقافته وأشكال تعبيره عن الذات والخيبات”.([34])
خلاصات:
- ظهرت الرواية البوليسية الجزائرية في وقت متأخر نسبيًا ولا تزال تبدو وكأنها تخطو خطواتها الأولى. يدل على ذلك العدد القليل نسبيا من الأعمال التي تنتمي إلى هذا الحقل. والواقع أن صورة المجتمع الجزائري المهيمنة منذ فترة الاستقلال هي صورة غير متماشية مع الأنموذج الذي نعرفه خاصة في السنما، ولكننا نعرفه أيضا من خلال سلاسل الأدب الأسود الرائجة جدا في الجزائر. ويبدو أن الشرطي المحقق هو إنتاج هوليوودي أو هو إنتاج مجتمعات ديمقراطية.
- مرحلة الثمانينات ستعرف انتشارا كبيرا للرواية البوليسية لأسباب عديدة ربما نغامر على المستوى الشخصي ونعتبرها نتيجة ظاهرة التطور الطبيعي لنوع أدبي تربى على أيدي أجيال جديدة من القراء تعاملوا مع الأدب العالمي في ضوء تطور المستوى التعليمي في الجزائر، وظهور الأجيال الأولى من خريجي الجامعات الجزائرية الذين تمدرسوا في مرحلة الاستقلال.
- بدءا من مرحلة التسعينات ستدخل الرواية البوليسية الجزائرية في مرحلة جديدة؛ فالنصوص تعرض موضوعات جديدة تماما تحدث القطيعة مع ما مضى معها إلى غاية تلك الفترة؛ من قبيل التعرض الشجاع للتاريخ الفرنسي الأسود فيما يتعلق بالتعامل الوحشي مع الحركات الشعبية التحررية، وتشويه سمعة الجبهة الوطنية، والحديث عن موقع الأقدام السود الذين هم جزائريون انتهى بهم المطاف في فرنسا منبوذين من بلادهم الأصلية ومهمشين في بلادهم المستقبلة. بعدها تسربت إلى هذه الأعمال موضوعات الساعة التي كانت مهيمنة في أواخر الثمانينات وبدايات التسعينات: العنف، التعقيد العرقي للمهاجرين في فرنسا (بحكم كون أغلب الروايات تصدرفي فرنسا)، الفساد الأخلاقي، الجبهة الإسلامية للإنقاذ، شرطة الدولة، الدولة العسكرية، المجتمع المدني وقوات الأمن ورجال الأعمال والجرائم الاقتصادية
- يميل كتاب الأدب البوليسي على أيامنا وخاصة منذ الثورات الشعبية العربية إلى البحث عن ملامح عالمية لقصصهم، وذلك في تقديرنا راجع إلى العولمة الشديدة التي جرنا إليها شيوع التواصل على مواقع التواصل الاجتماعي الذي هتك كل أصناف الخصوصية والملامح الجغرافية الإقليمية. فقد اختفت موضوعات التسعينيات من رواية الأزمة الأمنية والنصوص الاستعجالية التصويرية وكتابات الشهادة على الحروب لفائدة روايات تبدو شديدة الارتباط بالميراث السردي البوليسي العالمي بما فيه من نزوع صوب التغريب المكاني والغرائبية على مستوى الحدث، وكل ما يأتينا عبر السنما أساسا مكرسا أسماء مثل: دان براون وبول أوستر وستيفان كينغ وجيمس إيلروي، وغيرهم… وكلها نصوص فاضحة لحقيقة “جريمة” تحدث تحت أعين العالم كله وبمباركة من أعلى الأشخاص والحكومات والمنظمات شأنا في العالم، ولكنها تحدث تحت عناوين مختلفة لم تعد تحيل على مفهوم الجريمة إلا نادرا.
مراجـع الدراسة :
()Abdelkader DJEMA , 31, (1998), rue de l’Aigle,Michalon, Paris.
(2) Anissa Belhadjin : Polar et imaginaire :www.vox-poetica.org/t/lna/belhadjin.pdf( mise en ligne le 22/11/2005)
(3) Azouz BEGAG, Le Passepor, ( 2000) , Le Seuil.
(4) Boualem Sensal, le serpent des barbares, (1999), Gallimard, Paris, p279.(5) Claudia (5)Canu, Le polar maghrébin sous la plume de Yasmina Khadra.
(6) Gérard Genette, Figure II,edition du Seuil, (1969), France
(7) Jean Tular , « le roman policier », in dictionnaire des genes et des notions litteraires, (1997), Albin Michel et Encyclopaedia Universalis, Ferance
(8) Grand Dictionnaire Encyclopédique Larousse, volume 9, librairie Larousse, Paris, 1985.
(9) Lakhdar Belaid, Sérail Killer, (2000), Gallimard
(10) Larbi Abehri : Banderilles et muleta, (1981)، SNED، Algerie,
(11) Miloud Benhaimouda, Mythologies du roman policier algérien, Synergies (2008), Algérie, n° 3 – p. 62.
(12)Miloud Benhaimouda, formation du roman policier algerien 1962-2002, (2004/2005), these de doctorat, université Cergy-Pontoise, France
(13) Rabah Zeghda, Double Djo pour une muette, (1988), ENAL, Algerie.
(14) Salim Aissa, Mimouna , (1987), Laphomic, Algerie.
(15) Tahar DJAOUT, Les Vigiles, (1991), Le Seuil. Comment l’enquête policière devient enquête politique » PDF
(16) Yasmina Khadra , Le dingue au bistouri, Laphomic,(1990)
(17) Yasmina Khadra , Foire des enfoirés, Laphomic,(1990)
(18) Yasmina Khadra, Morituri, double blanc, (2000), gallimard.
(19) Yasmina Khadra , L’Automne des chimères, (2000), Gallimard.
(20) Yasmina Khadra, ce qu’attendent les loups, (2014), Julliard.
(21) http://www.christianeachour.net/ images/ data/ telechargements/ articles/ A_0220.pdf (blog personnel de christiane Achour).
(22) أمل بوشارب: سكرات نجمة، منشورات الشهاب، الجزائر، 2015.
(23) محمد الأمين بحري: الرواية البوليسية في مجتمعات بوليسية / مجلة الجديد، لندن، بتاريخ: الاثنين 2019/04/01
(24) عبد القادر شرشار، المخيال في الأدب البوليسي وأصوله الأسطورية والاجتماعية في الثقافات الشعبية العالمية، (2003)، Insaniyat / إنسانيات، 21، ص 12
([1]) Gérard Genette, Figure II,edition du Seuil, (1969), France,p73.
([2]) Miloud Benhaimouda, Mythologies du roman policier algérien, Synergies (2008), Algérie, n° 3 – p. 62.
([3]) Jean Tular , « le roman policier », in dictionnaire des genes et ds notions litteraires, (1997), Albin Michel et Encyclopaedia Universalis, Ferance, , P 667
([4]) Grand Dictionnaire Encyclopédique Larousse, volume 9, librairie Larousse, Paris, 1985, p 8265.
([5]) عبد القادر شرشار، المخيال في الأدب البوليسي وأصوله الأسطورية والاجتماعية في الثقافات الشعبية العالمية، (2003)،, Insaniyat / إنسانيات، 21، ص 12.
([6]) http://www.christianeachour.net/ images/ data/ telechargements/ articles/ A_0220.pdf (blog personnel de christiane Achour).
([9]) Miloud Benhaimouda, formation du roman policier algerien 1962-2002, (2004/2005), these de doctorat, université Cergy-Pontoise, France, , p709.
([10]) Jean Tular, « le roman policier », p667
([11]) Larbi Abehri : Banderilles et muleta, (1981)، SNED، Algerie,.
([12]) Salim Aissa, Mimouna , (1987), Laphomic, Algerie.
([13]) Rabah Zeghda, Double Djo pour une muette, (1988), ENAL, Algerie.
([14]) formation du roman policier algerien 1962-2002, op. cit. p.585
([15]) Claudia Canu, Le polar maghrébin sous la plume de Yasmina Khadra. Comment l’enquête policière devient enquête politique » PDF
([16]) Christiane Achour, Op. Cit.
([17]) Tahar Djaout, ciité par Christiane Achour. Ibid.
([18]) Yasmina Khadra , Le dingue au bistouri, Laphomic,(1990)
([19]) Yasmina Khadra , Foire des enfoirés, Laphomic,(1990)
([20]) Yasmina Khadra, Morituri, double blanc, (2000), gallimard.
([21]) Yasmina Khadra , L’Automne des chimères, (2000), Gallimard.
([22]) Lakhdar Belaid, Sérail Killer, (2000), Gallimard.
([23]) Miloud BENHAÏMOUDA, Formation du roman policier algérien – 1962-2002, (2005), Thèse, Cergy-Pontoise, Pp218/219.
([24])Azouz BEGAG, Le Passepor, ( 2000) , Le Seuil.
([25]) Tahar DJAOUT, Les Vigiles, (1991), Le Seuil.
([26]) Abdelkader DJEMA , 31, (1998), rue de l’Aigle,Michalon, Paris.
([27]) Formation du roman policier algérien – 1962-2002, p211
([28]) Anissq Belhadjin : Polar et imaginaire : www.vox-poetica.org/t/lna/belhadjin.pdf( mise en ligne le 22/11/2005)
([29]) Boualem Sensal, le serpent des barbares, (1999), Gallimard, Paris, p279.
([30]) محمد الأمين بحري: الرواية البوليسية في مجتمعات بوليسية / مجلة الجديد، لندن، بتاريخ: الاثنين 2019/04/01
([31]) Yasmina Khadra, ce qu’attendent les loups, (2014), Julliard.
([32]) أمل بوشارب: سكرات نجمة، منشورات الشهاب، الجزائر، 2015.
([33]) محمد الأمين بحري: الرواية البوليسية في مجتمعات بوليسية، م. مذكور.