
الاقتباس السينمائي وسيطا لتدريس المؤلف السردي
Cinematic adaptation as a way to teach the narrative text
محمد الرياحي ـ كلية الآداب والعلوم الإنسانية شعيب الدكالي – الجديدة ـ المغرب
Riahi Mohammed ـ The Faculty of Letters and Human Sciences Chouaib Doukkali, EL jadida, Morocco.
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 65 الصفحة 9.
ملخص:
أمام هيمنة الصورة وتكنولوجيا التواصل والإعلام، صارت طرق التدريس القديمة سببا في نفور المتعلمين من الدرس الأدبي عامة ودراسة المؤلفات الطويلة، مما يحول دون تحقيق مجموعة من الكفايات المنهجية والنقدية. من أجل ذلك يصبح من واجب المدرس الانفتاح على استدماج الوسائل السمعية البصري لتكييف المضامين التعلمية. وفي هذا السياق تتحدد قيمة الاقتباس السينمائي كوسيلة تمكننا من تدريس الرواية عبر الفيلم المقتبس عنها خاصة فيما يتعلق بتطبيق المنظورات الستة.
الكلمات المفاتيح: الاقتباس السينمائي –اللغة السينمائية– الفيلم – الرواية.
Abstract :
In the face of the dominance of the image, communication and media technology, the old teaching methods have become a cause of learner’s aversion to literary lessons in general and the study of long novel, which prevents them from achieving a set of methodological and critical competencies.
For this, it becomes the teacher’s duty to open up to the integration of audiovisual means to adapt the learning contents. In this context, the value of cinematic adaptation is determined as a means that enables us to teach the novel through the film it is adapted from, especially with regard to the application of the six perspectives.
Keywords: cinematic adaptation – cinematic language – the film – the novel.
مقدمة:
تبوأت الرواية مكانة رفيعة في قائمة الآداب والفنون، لقدرتها الهائلة على مناقشة قضايا الواقع، وتصريف الأفكار والفلسفات في قوالب لائقة، وبأساليب تبتعد عن التكلف والاستعراض اللغوي، مقدمة عوالم تخييلية باللغة السهلة المتاحة للجمهور القارئ؛ وربما استعانت باللغة العامية والثقافة الشعبية، لتقرب واقعها المتخيل من الواقع المعاش للمتلقين ، وبهذه القدرة برزت الرواية باعتبارها فنا مهيمنا على كثير من الفنون، نظرا لقربها من المتلقي من حيث اللغة الموظفة والقضايا المعالجة فيها، الأمر الذي أكسبها قاعدة جماهيرية عريضة بالمقارنة مع الشعر الذي صار صعب المنال على قراء العصر الحديث.
وكما قضت سنة التطور أن تخبو جذوة الشعر في نفوس القراء لتتسيد الرواية، قضت دائرة الزمن أن يسود الوسيط البصري على الوسيط اللفظي المكتوب، وتميل الكفة لصالح الثقافة البصرية، ويميل معها المتلقي إلى أشكال التعبير البصري خاصة السينما، التي صارت شكلا من أشكال التعبير الإنساني، يمارس الفلسفة، ويعالج قضايا المجتمع، ويمرر إيديولوجيات، سالكا في ذلك أقصر طريق إلى المتلقي، عن طريق التواصل الآني بحواسه، وبتجسيد المادة الفكرية في قوالب مادية يراها المتفرج ويستمتع بها. ولعل هذا ما جعل السينما تحقق قاعدة جماهيرية كبيرة تتكون من الصغير والكبير ومن القارئ والأمي، وتنفتح على فنون أخرى وتدمجها في بنياتها، بل واشتغلت على الأعمال الروائية، فحولت مكتوبها إلى صور، وجسدت العوالم المتخيلة، في صور متحركة كأنها صور من الواقع. وهذا حال العديد من الروايات التي أخرجها الاقتباس السينمائي من ظلمة الرف إلى أضواء الشاشة مثل: كاشتغال الكثير من المخرجين على روايات نجيب محفوظ وروايات غسان كنفاني، وأعمال إحسان عبد القدوس وعلاء الأسواني…إضافة إلى اشتغال السينما العالمية على أعمال روائية كـــ” أليس في بلاد العجائب” و” موبي ديك” وراية “البؤساء” وغيرها.
من هذا المطلق، ومن موقعنا كمدرسين نواجه معضلة تدني مستوى القراءة في العالم العربي عامة وبين صفوف المتعلمين خاصة، لا سيما في مكون المؤلفات الذي يعنى بدراسة وتحليل الرواية. الأمر الذي يجعل من عملية تدريس المؤلف فارغة من محتواها البيداغوجي، الهادف إلى تنمية الذائقة الأدبية، وتعزيز القدرة القرائية والنقدية للمتعلم.. بالمقابل نلفي تفاعلا أغزر وتحفزا أكبر من أجل دراسة المؤلف عندما نقدم التعلم من خلال مقاطع فيلمية كما هو الشأن بالنسبة لفيلم “اللص والكلاب” المقتبس عن رواية نجيب محفوظ بالعنوان ذاته. كانت هذه الملاحظات كفيلة لتبث في ذهننا مجموعة من الأفكار حول عملية الاقتباس السينمائي، والتساؤل حول نجاعة تدريس الرواية عن طريق أفلمتها؟ وعن مدى حفاظه على المعنى في الرواية؟ وعن حدود التطابق بين نتائج تحليل الرواية ونتائج تحليل الفيلم المقتبس عنها؟
وقد آثرنا أثناء معالجة هذه الأسئلة أن نقدم أمثلة من رواية ” اللص والكلاب” والفيلم المقتبس عنها، لكونها الرواية المعتمد حاليا بالسلك الثانوي التأهيلي بالمدرسة المغربية، والتي كانت سببا في وميض فكرة الاقتباس السينمائي كموضوع مقالتنا، وكسند ديداكتيكي في ممارستنا.
الاقتباس: المفهوم والآلية
عبر الكثير من النقاد عن عملية العبور بالأثر الروائي إلى السينما، بمصطلحات عدة، فهذا نجيب محفوظ يتحدث عن العملية فيقول” رغم التقارب الملحوظ بين الرواية والسينما، إلا أن الرواية في رأيي تفرض عند إعدادها للسينما شروطا على الفيلم، ومن الصعب نقلها كما هي، ولا بد للمخرج من البحث عن معادلات سينمائية لترجمة الرواية (..) وذلك بعد حدوث عملية تكيف متبادلة بين الرواية والفيلم”[1].كما يستعمل إبراهيم العريس في معرض الحديث عن الأعمال الروائية التي تم ترحيلها إلى عالم السينما مصطلحات من قبيل الأفلمة والتحويل، كما يوظف نور الدين أفاية مصطلح الاقتباس متسائلا عن أسباب وراء عملية الترحيل هذه ” ما الذي يجعل سينمائيا يرغب في اقتباس رواية ما؟”[2].
وعليه، يتبين أن عملية انتقال العمل الروائي إلى السينما، توسم بعدة مسميات منها التحويل والاقتباس والأفلمة والترجمة والإعداد، ومصطلحات أخرى من قبيل التحوير والتكييف والأقلمة والاستنبات وكلها تنحو في اتجاه واحد، وهو التعبير عن عملية نقل المعنى المتضمن في الرواية من الصيغة الكلامية اللسانية إلى الصيغة المرئية. ونرى أن مصطلح ” الاقتباس ” أجدر بالاستعمال نظرا لوجود هذا المعنى في تراثنا اللغوي والبلاغي، يمكن أن نهتدي إليه عبر الإشارات الآتية:
ارتبطت عملية نقل الرواية إلى الفيلم في الأديبات الغربية بمصطلح ” Adaptation” [3]، ويعني التكييف والتكيف والاقتباس أي استعمال عمل أدبي لنقله إلى السينما[4] بالاقتباس. وترد كلمة الاقتباس في المعجم الوسيط ضمن مادة (ق ب س) القبس وهي الشعلة من النار.. وأقبس قبسا أعطاني، واقتبس منه علما أي استفادة[5]. وفي معجم المعاني الرقمي نجد “الاقتباس” مصدر اِقْتَبَسَ. واقْتِبَاسُ أفْكَارٍ مِنْ كِتَابِ كَذَا: أخْذُها وَتحْوِيرُهَا، أيْ نَقْلُها نَقْلاً غَيْرَ حَرْفِيٍّ. واِقْتِبَاسُ مَسْرَحِيَّةٍ: اِسْتِيحَاءُ أَحْداثِها وَأجْوائِها مِنْ قِصَّةٍ أُخْرَى.
أما الاقتباس في الدرس البلاغي العربي، فيعني أخذ الشاعر أو الكاتب نصا من القرآن الكريم أو الحديث الشريف ويضعه ضمن شعره أو نثره، ثم توسع البلاغيون والنقاد ليجعلوا الاقتباس شاملا الأخذ من بعض العلوم والمعارف الأخرى، كالنحو والصرف والفقه والعروض، دون الإشارة إلى عملية الأخذ.
وعليه يتبين من خلال هذه الإشارات، أن الاقتباس عملية الإفادة من الشيء مع إمكانية تغييره وامتلاكه، سواء تعلق الأمر باستثمار الجزء وتوضيبه ضمن عمل خاص كما يفعل الشعراء والكتاب بالنص القرآني، أو باستلهام العمل الأدبي برمته والتغيير فيه لنقله من لغة إلى لغة أخرى، وبذلك يصير الأمر أشبه بالترجمة. ولا يجنح الاقتباس السينمائي من فن الرواية بعيدا عن هذا المعنى، إذ يعرفه عبد النور جبور بأنه “تعديل أثر أدبي، وبخاصة الروايات الموضوعة أصلا للقراءة. لتصبح صالحة للعرض للمسرح أو للسينما”[6]. وعليه، فالاقتباس السينمائي هو عملية تحويل المعنى من المكتوب إلى الصورة المرئية بإعادة تشكيل المادة الروائية على نحو يناسب الوسيط البصري في السينما، بما في ذلك صيرورة ترجمة المعاني، فالنقل من النسق اللساني إلى النسق البصري، إنما يتم عبر نفس العمليات الترجمية، بدءا من القبض على المعاني في اللغة الأم والنظر في مقابلاتها في اللغة المستقبلة أي اللغة السينمائية، وذلك مرورا بعمليات الملاءمة والاقتراض وغيرها.
ويميز الدكتور حمادي كيروم بين نوعين من الاقتباس، الاقتباس الأمين ويسميه اقتباسا حرفيا، والاقتباس غير الأمين وهو الاقتباس الحر، كما يعتبر الأستاذ حمادي أن الاقتباس عملية لا تخلو من مظاهر استتيقية سواء تعلق الأمر بالعمل السينمائي ذاته، أو بكيفية تمثل العمل المقتبس عنه، وكيفية تحليله وتملك آليات اشتغاله[7].
فأما الاقتباس الحرفي فهو” الاقتباس الأصلي والجوهري، لأنه خال من التنويعات المركبة والمبهمة، ويتحدد في نقل عمل روائي إلى الشاشة مع احترام الحد الأدنى من التدخل المباشر للسيناريست أو المخرج المقتبس، وعليه المخرج في هذا النوع من الاقتباس ملزم بعملية التحويل الأمين، فعمله لا يجب أن يتجاوز ترجمة الكلمات في الرواية إلى صور، وأن يتجنب ما أمكن التجنب أن يدخل تعديلات على النص الأصلي.
بينما يعرف الاقتباس الحر، بالنقل المتحرر من قيد الأمانة والنقل الحرفي، فالاقتباس عملية إنتاجية متولدة عن قراءة تأويلية للعمل الأدبي تقوم على ” التشخيص الدال لإنتاج المعنى”، وبذلك يصير الفيلم محصلة الانزياح عن اللغة اللسنية في اتجاه لغة بصرية لها سيروراتها خاصة.
تبعا لما سبق يصير الاقتباس فعلا قرائيا، يعيد بناء العمل الأدبي وفق بنيات اللغة الجديدة – لغة الصورة- والتي تستمد مقوماتها من البنيات المعرفية المختزلة للممارسة الإنسانية والثقافية في الذاكرة، ولأن السياقات تختلف من فن إلى فن ومن لغة اللسان إلى لغة الصورة، وأيضا من مبدع لآخر، فإنه من الطبيعي أن تحدث مجموعة من التغييرات على النص الأصلي. لذلك لا بد لأي اقتباس أن يمر عبر ثلاث مراحل وعمليات أساسية هي:
القراءة وتمثل العمل الأصلي: ويجدر في القراءة أن تكون شافية للإجابة عن الأسئلة، التي من شأنها أن توضح قصدية العمل الروائي ورؤيته، وأن تساعد على النفاذ إلى المستويات الخطابية للعمل مما يمنحه تصورا عاما حول الكيفية التي يمكن إعادة بناء العمل الروائي وفق مقتضيات اللغة السينمائية.
الكتابة السينارية[8]: في هذه المرحلة من الاقتباس، يقوم السيناريست بدور جسر وصل بين العمل الأدبي وبين العمل الفيلمي، إذ يتكفل بالتوفيق بين التعبير بالكتابة، والتعبير بالصورة؛ أي أنه يحول الرواية من السرد والوصف إلى مشاهد حوارية قوامها الحركة والفعل.
الكتابة الفيلمية [9]: وهي المرحلة الأخيرة حيث يتم النقل النهائي للعمل الروائي من صيغته اللغوية إلى صيغته البصرية بناء على قيود وآليات الوسيط الجديد، الذي يضم مجمعا تتعالق فيه اللغة اللفظية واللغة البصرية واللغة الموسيقية.
ولا تخلو عملية الاقتباس من المغامرة، ذلك أنها تقتضي وصفا دقيقا لأشكال تحقق العمل على المستوى الذهني والمادي، ومعالجة لمختلف السيرورات المتحكمة في ذلك التحقق سواء في الرواية أوفي تحققها الفيلمي. ولئن كان هذا التحقق لا يستقيم إلا بشرط أساسي هو المواءمة[10]، ومن خلال عملية التحويل، فإن كل إخلال في مدى قابلية تحويل العمل الأدبي إلى عمل فيلمي، يصير تجنيا يفرغ العمل الفيلمي من مضمونه ومن فكرته، وإساءة للعمل الأصلي أيضا.
وعلى الرغم، مما قد يظهر من توافق بين الرواية والسينما باعتبارهما فنين يعتمدان أساسا على الحكاية، إلا أن العديد من الأعمال الروائية فشلت عند تصييرها أفلاما “ولعل المثال الأسطع على هذا أعمال مثل ثلاثية نجيب محفوظ وآل بودنبورك لتوماس مان، ونصوص جويس وبورست وسيلين وموتسيل وكافكا الكبرى، إذ صحيح أن أعمالا كثيرة قد أفلمت.. لكن بعد أن أفقدت جزءا كبير من روحها وهندستها وأسلوب مبدعها، حيث نعرف أن الضحية الأولى في عملية اقتباس فن من فن آخر هو هذه الأقانيم الثلاثة” [11].
ويرجع العائق على حد قول إبراهيم العريس إلى وجود كتاب يقدمون المادة الحكائية خاصتهم وفق استراتيجيات المفارقات الزمنية والدلالية، أو أنهم يعمدون في كتابتهم إلى العناية بالمظاهر الخطابية والبلاغية بشكل مبالغ فيه، أو يجعلون مؤَلفاتهم أعمالا فلسفية يصعب تجسيدها كما هو الشأن بالنسبة لتوفيق الحكيم في تصريح له” إني اليوم أقيم مسرحي داخل الذهن وأجعل الممثلين أفكارا تتحرك في المطلق من المعاني مرتدية أثواب الرموز”[12]، وإن كان الأمر هنا يتعلق بالمسرح لكنه الإشكال نفسه الذي يطرح أثناء تحويل المكتوب إلى معروض. ليتضح أخيرا أن أشكال النصوص هذه، تتطلب جهدا كبيرا من السينمائي وقراءة حصيفة تنفذ إلى عمق المعاني؛ فالملاءمة في نهاية المطاف هي ” جهد ضروري لبناء السياق، واستنتاج يتوصل إليه بواسطة العملية الاستدلالية. وكلما تطلب العمل التواصل جهدا أقل في تأويله ازدادت ملاءمته”[13].
وبتحقق شرط الملاءمة، يمكن مُباشَرَةُ عملية التحويل بنقل الصورة الدلالية المجملة من المتلفظ الروائي في النص المصدر، باعتبار الصورة المتشكلة عنه ذهنيا، إلى متلفظ سينمائي يتمظهر في ذاتية الصورة[14]. وحتى يكون التحويل ناجحا وجب الحرص على التلازم بين الصورتين بمعنى أن تحيل الصورة السينمائية على نفس التمثل الذهني الذي تحيل عليه العبارات والجمل في النص الروائي، ليتحدد المقصود بالتحويل في عملية إعادة إنتاج المعنى في صور مادية وفق نفس وسائل المحاكاة المعنوية التي يسلكها الدماغ، وفي عملية تعويض الدال اللغوي بالدال البصري، فتنتقل العلاقة بين الدال والمدلول من الاعتباطية إلى الإحالة المباشرة والتشابه بين الواقع والصورة الملتقطة، ومن تم نصير إزاء إجراءين تحويليين: الاختزال والترجمة.
يعمل الأول على اختزال الصورة الذهنية التي أنتجها النص الأصلي، عبر سيرورة من التدليل، لبناء المعاني المستنتجة من خلال البنيات الحكائية مثل الحبكة والشخصيات… أو في وسائل التعبير عن الحكاية نفسها. ويتولى الإجراء الثاني إعادة تشكيل المختزل على نهج مفصل، وإعادة إنتاج الصورة الذهنية في أشكال مادية، وفق إواليات السنن السينمائي البصري، وذلك عن طريق إظهار الصورة الذهنية المتكونة من عالم النص الروائي، إلى الفكرة ممثلة في العالم الفيلم.
ويصطدم المخرج أثناء عملية الاقتباس بمجموعة من الإرغامات، يفرضها النص الروائي تارة، كما يفرضها السنن الثقافي تارة أخرى، لذلك يلجأ السينمائي إلى سيرورة التغيير والمحو؛ كالتصرف والتعديل إما بالزيادة أو الحذف والنقصان شرط ألا يمس هذا الإجراء بكنه العمل الأصلي[15].
تدريس الرواية من خلال الفيلم المقتبس عنها
أولا: الإطار المرجعي لتدريس الرواية بالسلك الثانوي التأهيلي.
ما من شك أن لتدريس المؤلفات أهمية كبرى في تنمية الملكات العقلية والنقدية للمتعلم، وذلك من خلال تعويده على القراءة المسترسلة، والاحتكاك المباشر مع الكتاب والمؤلفات. كما يساهم إقراء المؤلفات عامة والمؤلفات السردية في الارتقاء بمستوى المتعلم في تحليل النصوص بتمكينه من الآليات المنهجية والنقدية المسعفة في تعميق القراءة الناقدة، وتجاوز اجترار التصورات السطحية والجاهزة. ثم إن برنجة مكون المؤلفات ضمن مواد اللغة العربية من شأنه أن ينمي في المتعلم العادات القرائية الحسنة، عبر اكسابه القدرة على القراءة المتأنية النفاذة إلى دقائق العناصر المكونة للنصوص، واكسابه القدرة على الكشف عن القضايا المعالجة في المؤَلف، وسبر أغوارها فهما وتحليلا وتأويلا.
ومن ثم، يكون مكون دراسة المؤلفات وسيلة ناجعة لتقديم المناهج النقدية بصورة تراعي مستوى المتعلم، من دون التضحية بالجانب العلمي، وبهذا يكون هذا المكون جسر وصل ينتقل بالمتعلم من مستوى الإقراء إلى مستوى القراءة الفاعلة.
من أجل ذلك، تعتمد السلطات التربوية المغربية[16] على مخطط المنظورات الستة الذي ينطلق من مقترحات شميت وفيالا (Schmitt et A.Viala)[17]، موزعة على ثلاث أنواع من القراءة: القراءة التوجيهية، والقراءة التحليلية، والقراءة التركيبية.
- القراءة التوجيهية: تعنى باستكشاف حدوس القراءة بدراستها لعتبات المؤَلف ومناصاته؛ كالعنوان واسم الكاتب والجنس والغلاف والمقدمة والخاتمة، إضافة إلى الكلمة المثبتة خلف الغلاف…
- القراءة التحليلية: تهتم بتنمية ملكات الفهم والتفسير والتأويل من خلال مقاربات متنوعة من حيث الخلفيات والاتجاهات، حيث تستنطق البنية الخطابية في المؤَلف وطريقة تنظيمها، كما تعمل على تقريب المسافة بين السياق الداخلي للنص والسياقات الخارجية المحيطة به[18]. وتتم عبر ستة منظورات هي[19]: تتبع الحدث، وجرد القوى الفاعلة، والكشف عن البعد النفسي، والكشف عن البعد الاجتماعي، واستنتاج البنيـــة وتحديد الأسـلــوب .
- القراءة التركيبة: ينمي هذا المستوى من القراءة ملكتي الحكم والتعليق، كنوع من التلقي المبدع مبني على تجميع نتائج التحليل وإعادة بنائها بناء جديدا.
ثانيا: “اللص والكلاب” الرواية والفيلم؛ مقارنة على ضوء المنظورات الستة.
قد يحدث أن تقتبس أفلام عدة لعمل روائي واحد، مما يحتم على المدرس أثناء اختياره للفيلم المناسب الوعي بشرط التلاؤم بين العمل الأصلي والعمل المقتبس، الذي يقيسه سعيد جبار “جهد ضروري لبناء السياق، واستنتاج يتوصل إليه بواسطة العملية الاستدلالية. وكلما تطلب عمل التواصل جهدا أقل في تأويله ازدادت ملاءمته”[20]. لذلك فالمطلوب هو التنبه إلى مدى وفاء الفيلم للرواية من خلال ما الاقتباس الحرفي الذي يلتزم بالنقل الأمين والحد الأدنى من التعديل والتحوير.
أ- بعض أساسيات اللغة السينمائية.
لابد لمن يبتغي تقديم الفيلم كوسيط بيداغوجي للتدريس الرواية، أن يلم ببعض أساسيات اللغة السينمائية، كاللقطة والإطار وحركات الكاميرا وزوايا التصوير، وعلاقتها بالمعاني التي تصرف عبرها ونمثل لها بما يلي:
حركات الكاميرا: ويقصد بها تباث الكاميرا وتحركها اثناء رصدها للموضوع المصور وهي ثلاثة أنواع: الترافلينغ وهو حركة الكاميرا وانتقالها من مكان لأخر[21]، والبانوراما أي حركة الكاميرا الدائرية على محور ثابت دون انتقال الآلة من مكانها. وتضطلع بوظائف وصفية تتكفل وصف الموضوع من حيث حركته وعلاقاته بالمكان الذي يدور فيه الحدث، ويمكنها أن توهم المتفرج بتحرك مواضيع ثابتة من خلال الحركة أمام أو خلف أو حولها.
زواية النظر: يقصد بها وضع الكاميرا بالنسبة لمستوى الموضوع المصور، وهي كثيرة أهمها؛ الزاوية المحايدة وفيها يتم التصوير بشكل أفقي وعلى نفس صعيد الرؤية لعين المشاهد وهي محايدة لأنها غير منحازة، وأقل درامية، لذلك يقترن استعمالها بعرض المحتوى التصويري بموضوعية، والزاوية الغاطسة حيث تتموضع الكاميرا فوق المستوى الأفقي للنظر، إذ تتجه العدسة في اتجاه الموضوع الموجود تحتها وتفيد اللقطات المصورة بهذه الزاوية التقليل من شأن الموضوع، وإظهاره ضعيفا. وأخيرا الزاوية الصاعدة حيث تتخذ الكاميرا موضعها أسفل الموضوع، وغالبا ما توظف لتوصيف حالات التفوق، والفرح العارم[22].
سلم اللقطات: أي حجم اللقطة داخل الإطار الذي يعكس درجة قرب الكاميرا للموضوع أو بعدها عنه، والذي يحدد مقاسات اللقطات وأنواعها وهي: اللقطات القريبة تعرض المحتوى الشعوري والمضامين الداخلية للشخصيات وذلك بالتركيز على ملامحها وتقاسيم الوجه. والمتوسطة يتميز هذا النوع من اللقطات بتعبيرية أكثر في المواقف الحميمية والمشاعر الدافئة، لأنها تمنح إمكانية وصف الجسد في كليته لأن المهم هنا هو جسد الإنسان وما يمثله من قيم[23]. والعامة المشهدية تكون بمثابة وصف مستعرض لجغرافية الفضاء ومكوناته، ويسميها النقاد باللقطة التأسيسية..
الإطار: يعرف في الفنون التشكيلية، بأنه هو ذاك الحيز المكاني الذي يتموضع فيه الموضوع، وأنه صيغة تناسبية تجعل الموضوع منسجما والمساحة العامة للصورة، وفق سلم للتكبير والتصغير، ويعتبر في السينما وجها من أوجه التعبير بالكاميرا، إذ بواسطته يقتطع المصور الواقع ويحوله إلى مادة فنية، تضطلع بمهمة تكوين مضمون الصورة[24]، بتنظيم معطيات الواقع المرصود في الصورة.
ب- المنظورات الستة بين الرواية والفيلم
- تتبع الحدث
تحدد التوجيهات التربوية المقصود بهذا المنظور في جرد المتعلم للأحداث وفق تسلسلها المنطقي، ثم تحديد دلالتها وبيان المغزى والرهان المراد من سردها. ولأن الفيلم هو في حقيقة الأمر ” حكاية تحكى بالصوت والصورة وتبنى لتصل إلى ذروة يتوجها حل”[25]، فإن الأمر لا يخرج عن دائرة الفنون السردية، إذ إن كل فيلم يتأسس على ثلاث مقاطع؛ فصل تمهيدي أو العرض التمهيدي، فصل التطور، وفصل حل العقدة[26].
فأما الفصل الأول فيستغرق مدة من خمس عشرة إلى عشرين دقيقة في الأفلام الطويلة، يقدم الأحداث، وتوصيفا للشخصيات قبل دخولها في المآزق، ثم يأتي الدور على فصل” التطور”، وهو أطول الفصول حيث يدوم من ستين إلى سبعين دقيقة، ويعرض الجهود المبذولة من طرف الشخصيات للخروج من الأزمة، ويكون حريا بالسيناريست الالتزام بتفاقم الأحداث وتتابع العقد الدرامية وصولا إلى الذروة، حرصا على التشويق وانسجام مقاطع القصة[27]، وأخيرا يجيء فصل “حل العقدة”، فيستغرق حوالي خمس إلى عشر دقائق وقلما يتجاوزها، وفيه تعود أحداث القصة إلى التوازن حيث تنفرج كل الأزمات، بنهاية معينة قد تكون سعيدة، أو دون ذلك، وقد تنتهي بنهايات مفتوحة يترك للمتفرج توقعها[28].
وبالنظر إلى هذا التوزيع فإننا نهتدي إلى أن الفيلم من حيث هو حكاية يخضع للبرامج السردية شأنه شأن الرواية، فيمكننا من تقسيمه إلى مقاطع تبعا للخطاطة السردية كما هو مبين في الجدول الآتي:
اللص والكلاب | ||
رواية | فيلما | |
وضعية البدء | تشغل الفصول الأربعة الأولى، وأهم أحداثها: خروج سعيد مهران من السجن والمطالبة بانته وأمواله، ثم لجوؤه لرؤوف علوان معلمه قيم النضالية قصد الحصول على عمل معه، يفاجئ بتنكره لما علمه وعيشه بفكر انتهازي | يبدأ الفيلم بمشهد عليش ونبوية يتبادلان نظرات مشبوهة، وحتى يخلو لهما المجال، يشيان بسعيد الذي يدخل السجن بتهمة السرقة، طبعا وهو غفل عما دبر له، واستغرق هذا التقديم حوالي ثلاث عشرة دقيقة. |
وضعية التحول | بعدما فوجئ سعيد بالخيانتين ونفور ابنته منه اشتعلت نار الانتقام في صدره، وسعى لقتل ممن خانه. لكن بدل قتل عليش قتل حسين شعبان، وبهذا صار مطاردا من الشرطة (فصول من 5إلى 9). ثم شرع في التخطيط لقتل رؤوف علوان، ومرة أخرى يفشل وعوض قتل غريمه قتل البواب، ليلوذ بالفرار مرة أخرى ويطارد من الشرطة ومن الإعلام الذي جعل منه وحشا (الفصول من 10 إلى 17). | تبدأ أحداث الفيلم تتعقد حين تكشف نور لسعيد حقيقة الخيانة والمؤامرة التي تعرَّض لها، ثم يعرض الفيلم ذكرياته مع رؤوف علوان. بعد خروجه يمنى بخيبة أمل إذ لم يسترد حقه من عليش ونبوية، وبسبب تنكر علوان للمبادئ الذي علمه إياها، ليبدأ التخطيط للانتقام فيفشل في قتل غرمائه ويصيب أبرياء كالبواب وحسنين، ويطارد من الشرطة والإعلام. |
وضعية النهاية | الفرار إلى المقبرة والاستسلام | تداهم الشرطة بيت نور للقبض على سعيد، ليموت برصاصها بعد مقاومة مستميتة. |
يتبين لنا من خلال هذه المقارنة لأهم مفاصل قصة في الفيلم، أن حافظ على أحداث الرواية إلى حد كبير، لولا بعض التغييرات الطفيفة التي طالت بعض الأحداث الجزئية وترتيبها، مما يسعفنا في التوصل إلى الرهانات نفسها المتضمنة في الرواية، والتي تفيد في معالجة مجموعة من القضايا الاجتماعية ومحاكمة المجتمع المصري بفضح رموز الفساد، لكن رهان كبير مثل هذا لا يمكن أن يتحقق بيد وحيدة كسعيد مهران كما لا يمكن أن يتحقق عن طريق القتل والعنف وإنما عن طريق المحاكمة، ولعل مشهد المحاكمة التي جرت في عقل سعيد مهران، قد أوضح أن الفساد لا يمكن تطهيره إلى بانصاف الكثيرين من الطبقات المقهورة الذين يمثلهم سعيد.
وتأسيسا على ما سبق، يمكن استدراج التلاميذ من خلال هذا التقسيم، إلى العمل على توطين فصول الرواية حسب ورودها في المقاطع المذكورة، مساهمين في إقراء الحبكة والخطاطة السردية من خلال الوسيطين؛ اللغة الروائية واللغة السينمائية، ولعل ذلك واضح حينما نتتبع الأحداث في رواية ” اللص والكلاب” ونقارنها بمثلاتها في الفيلم المقتبس عنها.
- جرد القوى الفاعلة
يستثمر هذا المنظور لجرد القوى الفاعلة وبيان موقعها والعلاقات بينها، من أجل الوقوف على البنية العاملية داخل المؤلف. نعني بالقوى الفاعلة كل العناصر التي تدفع بعجلة الأحداث إلى التطور والتنامي، فقد تكون شخصيات أو جمادات أو أفكارا مجردة أو مشاعر أو مؤسسات أو حيوانات أو كل هذه العناصر معا. وإن كنا سنركز في على الشخصيات فلأنها مدار المعاني الإنسانية، ومحور الأفكار والآراء العامة والمواقف والقيم في القصة، ومن ثم فهي أساسي مستقل عن الحدث ضمن الخطاب السردي، خاصة في الرواية الواقعية حيث تصاعدت قيمة الفرد في المجتمع، وأصبح اهتمام الروائيين بإضاءة شخصياتهم بمميزات تحيل على الطبقات الاجتماعية والصراعات بينها[29].
وتتشكل شخصيات الرواية من خلال ثلاثة أبعاد؛ البعد الخارجي ويضم المظهر الجسماني والمظهر الملبسي، والبعد الاجتماعي، والبعد النفسي والمعنوي. وعلى أننا نؤكد على اختلاف الشخصية بين دفاف العمل الروائي عن نظيرتها في السينما، فالأولى كائن ورقي ليس له مرجعية إلا داخل السياق النصي للرواية، في حين الثانية كائن حي متعدد الأبعاد، له صوت وصورة، يسهم في تنامي الأحداث من خلال حركته وأفعاله، يقول ويحجم عن الكلام، يظهر أفكارا وعواطف ويخفيها، يلبس ويستخدم الأشياء من حوله.. وبذلك تكون الشخصية في الفيلم كائنا اتحدت فيه مقومات الشخصية الروائية لأنها خاضعة لمادة حكائية، والبعد واقعي لأنها تشخص بواسطة ممثلين[30]، وعليه فإن غاية التحويل بالنسبة للسيناريست أن يتمثل الأبعاد الثلاثة للشخصية[31] وهي:
- البعد الجسماني: وهو البعد الذي يتعرف المتفرج من خلاله على الشخصية كتحقق مادي له كينونته، فمن شأن هذا التمظهر الفيزيولوجي تكوين انطباع حول الشخصية، انطلاقا من لونها وحجمها وعمرها،
- البعد الاجتماعي: نتعرف من خلاله على بأصولها الاجتماعية، وأحوالها العائلية، وطبقتها، تشكل هذه عاملا أساسيا في سيرورة المعالجة المضامين والأحداث وتتناميها في خط الزمن الفيلمي[32].
- البعد النفسي: ويتعلق الأمر هنا بطباع الشخصية، وأهدافها وأخلاقها، وأهواءها والآلام بداخلها…
لذلك، فحين نمحص النظر في شخصية سعيد مهران (تمثيل شكري سرحان) فإننا نقع على مجموعة من الصفات مثل كونه شاب ثلاثيني، يشير لباسه إلى انتمائه إلى الطبقة الفقيرة عكس رؤوف علوان (تمثيل كمال الشناوي)، يؤمن بمبادئ الاشتراكية لذلك امتهن سرقة الطبقات الغنية. وقد صار حانقا متمردا على المجتمع بعدما تعرض لخيانتين: خيانة زوجته وصديقه عليش اللذين أدخلاه السجن وحرماه من ابنته، وخيانة روؤف علوان للمبادئ التي علمها له أيام الدراسة. هاتين الخيانتين جعلتا سعيدا مهووسا بفكرة الانتقام فأعد له خططا باءت بالفشل وذهب ضحيتها أبراء لا علاقة لهم بانتقامه.
أيضا، جعلنا الفيلم على غرار الرواية، نعيش مع الشخصية التناقض بين المبادئ التي تحملها وبين الواقع الذي تعيشه، خاصة حينما نصنف الشخصيات إلى عوامل مساعدة ك”نور” و”طرزان” وعوامل معارضة كـ” رؤوف” و” عليش” حيث يمكن أن نصل أن القيم الإنسانية والأخلاقية مثل الحب والوفاء وجدت في الطبقات المهمشة اجتماعيا؛ في المومس، والخارجين عن القانون.
ولعلنا حين نقف على العلاقات بين القوى الفاعلة في كل من الرواية والفيلم، نجد تطابقا بين النماذج العاملية في كل من العملين، وذلك على النحو الآتي:
الذات | سعيد مهران | رؤوف علوان | نور |
الموضوع | الانتقام من الخونة | استغلال سعيد مهران، كمادة إعلامية. | العيش مع سعيد مهران |
المرسل | الخيانة | الحفاظ على المكانة الاجتماعية | الحب |
المرسل إليه | قتل واسترداد الحق | التشهير بسعيد وجعله سفاحا متوحشا | لم تتحقق رغبتها، إذ نالت الشرطة من سعيد |
المعارض | الشرطة -الصحافة -الكلاب- الخونة | سعيد مهران، ومن يساعده | سعي مهران للانتقام- المرض |
المساعد | نور -طرزان- المسدس | الجريدة-مكانته وعلاقاته- الشرطة | البيت- عملها بالدعارة |
بناء على النماذج العاملية أعلاه، يمكننا أن نخلص إلى طبيعة الصراع بين طبقات المجتمع المصري – انطلاقا من الرواية والفيلم- حيث نجد علاقة الصراع بين طبقتين متناقضتين؛ طبقة بورجوازية (رؤوف) فاسدة تستغل نفوذها والمؤسسات العمومية للحفاظ على مكانتها ومنع الحقوق، وطبقة مهمشة يدفعها فقرها إلى امتهان مهن غير مشروعة لضمان لقمة العيش كسعيد مهران ونور وطرزان، وحيث تتمثل علاقة الرغبة في محاولة كل طبقة للنيل من الطبقة الثانية بوصفها عاملا يعصف بمصالحها. وقد ساهم الصراع في كل بروز مجموعة من التيمات شكلت محركا لتنامي الأحداث كالخيانة والانتهازية والحب وقيم الصداقة، والملاحظ أن الاهتداء إلى هذه الموضوعات كان ميسرا في الفيلم أكثر من الرواية، ذلك أن الفيلم يدمع بين اللغة اللفظية واللغة البصرية إضافة إلى المؤثرات الصوتية، ونتحدث مثلا عن العلاقة المشبوهة بين عليش ونبوية، وهما يتبادلان النظرات الحميمة، وعن تبليغهما عن سعيد بعد دخوله الفيلا مباشرة، وفي عدد من المشاهد التي تبين انتهازية رؤوف في عدد من المشاهد خاصة أن المخرج عرض مشهد رؤوف وهو يعلم سعيد مهران ويشجعه على السرقة باعتبارها انتزاعا مشروعا للحق من طبقة الأغنياء، ثم مشهد انقلابه على هذه المبادئ بعدما صار من الطبقة المترفة متعللا بأن لكل سياق سياقه.
وبما أن تطابق المعنى على مستوى القوى الفاعلة ثابت بين الرواية والفيلم، فإننا لا نغالي حين نؤكد على الاستعانة بالفيلم من أجل تدريس هذا المنظور، والتعرف من خلاله على القوى الفاعلة والعوامل المؤثرة في أحداث الرواية. فقط تجب الإشارة من الأستاذ إلى أن الشخصيات الفيلمية توصف من خلال الفعل، فعندما تأتي شخصية ما بفعل معين، فيجب أن يتوصل المتعلم – من خلال هذا الفعل- إلى سماتها وأهدافها وطباعها دونما الحاجة إلى التعليق والحوار[33].. كما أن ما تقوم به الشخصيات الفيلمية وتؤثر به على البيئة المحيطة بها، هو ما يبني مفهوم التطور في ذات الشخصيات، وبهذا تساهم بأفعالها في التأكيد على الطبيعة الحركية للسرد السينمائي، والتي تميز السينما عن الرواية.
ولا يستقيم الحديث عن القوى الفاعلة إلا بالفضاء، ولا نقصد به المكان أو التحديد الجغرافي فقط، بل يشمل الفضاء كل المحيط المادي الذي يشكل العالم الحكائي الذي تتحرك فيه القوى الفاعلة. والفضاء في المحكي الروائي، مستدمج في المحكي اللفظي ويحضر بوصفه جزءا من العالم الحكائي، والتدليل عليه يكون بواسطة اللغة التي تصوغ الأحداث التي تدور في رحاه، مما يجعلنا إزاء عوالم متخيلة يبنيها خيال المتلقي، عن طريق صيرورة من العمليات الذهنية. بالمقابل يكون الفضاء في المحكي السينمائي معطى جاهزا يقدم للمتفرج معطى فوريا في المسرح والسينما والفنون المرئية عموما، من خلال الديكور وأمكنة الطبيعية والأصوات والموسيقى.
وعليه، فالأستاذ هنا مطالب بالتنبه إلى أن تحويل فضاء الرواية إلى فضاء سينمائي، يتم عبر التنصيص عليه بالصورة الصريحة للأمكنة المعينة، وبالتمظهرات الصوتية كأصوات الحشود والأذان والألبسة للإحالة على بلدان معينة والطبقات الاجتماعية والحالات النفسية… كما يجب عليه توجيه الاتنباه إلى أهمية الاشتغال على اللقطات والمتتاليات المشهدية في توصيف الفضاء[34]، والعناية بالديكور نظرا لأهميته في الإحالة على المرجعيات، إضافة إلى خاصيات الإضاءة.
وعلاقة بهذا، فقد اقتصر الفيلم على الفضاءات نفسها في الرواية، وهي السجن، وبيت عليش سدرة ومقهى طرزان، وبيت نور والمقبرة وفيلا رؤوف علوان، إضافة إلى شارع عطفة الصيرفي أو كما سماها الفيلم بعطفة الإمام. وحيث نسجل ملاحظات تمثلت في أن الرواية حملت هذه الفضاءات دلالات نفسية إضافة إلى الوصف الطوبوغرافي، وأوكلت للمتلقي استكمالها وبناءها ومنها على سبيل التمثيل قول سعيد مهران” في هذه العطفة زحف الحصار كالثعبان ليطوق الغافل، وقبل ذلك بعام خرجت من العطفة تحمل دقيق العيد (..) فانطبعت آثار العيد والحب والأبوة والجريمة فوق أديم واحد”، في حين أحيى الفيلم هذه الأمكنة فأسبغ عليها طابعا أكثر واقعية من خلال حركات الممثلين وأصوات الآلات والحشود، إضافة إلى المعاني النفسية بالتركيز في اللقطات القريبة على ملامح سعيد مهران وباقي الشخصيات لإظهار الانفعالات والمشاعر وردود الأفعال، وبهذا كان الفيلم عندنا أقرب إلى خلق جو مصاحب للأحداث كفيل بتقريب الصورة للمتعلم، تفاديا للمعيقات اللغوية التي يمكن إن تعترض مسار الدلالة في الرواية.
أما الزمن المرجعي للقصة، الذي يمكن للرواية أن تحيل عليه مباشرة باللغة الصريحة، بذكر السنوات أو ذكر بعض الأحداث التاريخية التي تحيل على حقبة زمنية معينة، أو بصيغ الأفعال التي تحيل على الماضي والحاضر والمستقبل، فلا تمتلك السينما هذه الآلية، إذ تروي الأحداث الواقعة في الزمن الحاضر فقط، لذلك يلجأ الكثير من كتاب السيناريو إلى التدليل على الزمن المرجعي باستعمال اللغة المكتوبة نفسها، أو باستعمال مفهوم الصورة الزمن، والديكور الذي يحيل على حقبة معينة من قبيل المعمار، وكذلك الملابس والإكسسوارات.
- الكشف عن البعد الاجتماعي والبعد النفسي
تعتبر المنظورات الستة في تصور فيالا وشميت قراءة نقدية للمؤلف، تتأسس على تفاعل القارئ مع النص في بناء أفق دلالي وفق نمط معين من قواعد إنتاج النص، عبر تتبع بلاغته واختيارات، وسياقاته والآثار التي يخلفها.. مما يجعل القراءة وفق هذا التصور قراءة متعددة ومفتوحة على احتمالات تأويلية متنوعة بتنوع القارئ/ المتفرج. لذلك لا غرابة في أن نجد دلالات متعددة لنفس الدال، بحيث تعكس هذه الدلالات الخلفيات النقدية التي يحتكم إليها القارئ، ومنها السيكولوجيا، والسوسيولوجيا، وللتحليل العاملي، فالموضوع إذن واحد، لكن طرائق تحليله متعددة.
يتبين مما سبق، أن لكل نص/ فيلم مرجعية تاريخية والاجتماعية، تضعه في ساق معين وضمن إيديولوجية معينة، وفي حقبة زمنية محددة، إضافة إلى مرجعية نفسية تشير إلى الظروف الداخلية التي تمخض عنها العمل الفني. ومنه فالمطلوب من المتعلم هو الكشف عن هذه المرجعيات وعن علاقة النص/ الفيلم موضوع الدراسة بالمعطيين الاجتماعي والنفسي اللذين تمخض عنهما، عبر سلسلة من التأويلات التي تستند إلى الدال لتصل إلى المعاني المبتغاة.
تواجه المتعلم صعوبات جمة في هذه النقطة، ونعني الخروج من النص الرواية إلى السياق الاجتماعي الذي تحيل عليه، يمكن تجاوزها من خلال توجيهات الأستاذ وتحديد الأسناد التي تحيله على المرجعية الاجتماعية بطريقة أقل تعقيدا، لاسيما أن السنن اللغوي يتطلب عمليات ذهنية معقدة من أجل رسم صورة ذهنية متخيلة موازية لما يقرؤه المتعلم. بالمقابل يبدو الأمر أقل صعوبة بالنسبة للسينما حيث الصورة تحيل على الموضوع مباشرة، وأن العملية التأويلية تستند إلى معطيات مادية محسوسة تتشابه مع المعطى الثقافي للمتعلم[35]، وانطلاقا من هذا التشابه تعمل السينما على دفع المتفرج للاعتقاد أن المعروض على شاشة هو صورة تطابق الواقع، وذلك عن طريق حفز انفعالاته كما لو أنه شاهد على الأحداث التي تجري داخل الكادر[36]، أو مشارك فيها فيعيش انفعالات الشخصيات داخل الإطار. ولا يعود هذا الإسقاط الذي ينشأ لدى المتلقي إلى الأمانة الحرفية المطابقة بين الفيلم والواقع، إنما مرده إلى رغبة المتفرج في تصديق ما يحدث على الشاشة، وكأن الفيلم رؤيا من الحلم، تتسم بتلاحم الحس والعاطفة، تنساب فيها العواطف من خلال التجسيدات البصرية، وتتميز أيضا بالانقطاعات المكانية والزمانية [37]بمعنى” أني أشاهد كل أنواع الأشياء تعرض أمامي، وإن أيا منها غير موجود بالفعل. وبالتالي فإن الفيلم يتيح، في مسألة الكشف عن الأبعاد النفسية والاجتماعية للنص/ الفيلم، طريقا أيسر لبناء هذه الكفاية والقدرة على تطبيقها على أنواع مختلفة من الخطابات.
نستنتج مما تقدم أن فيلم ” اللص والكلاب” يتيح إمكانات أكبر لتمهير المتعلم على خطوات وآليات الكشف عن الأبعاد الاجتماعية والنفسية الكامنة في الخطاب المسرود، ومن تم يمكن عند تمكنه من الكفاية الانتقال إلى الرواية كدرجة أخرى من التعقيد والتركيب في إطار الوضعيات المشكلة. لذا فلا غرابة في توصلنا إلى أن كلا من ” اللص والكلاب” الرواية والفيلم، قد سلطا الضوء على علاقة الانسان والسلطة والمجتمع، من خلال قصة مستوحاة من الواقع المصري لسفاح الإسكندرية ” محمود أمين سليمان”، لرسم صورة عامة لبينة المجتمع المصري بعد الثورة، حيث الطبقية في أبشع صورها، وحيث لا سبيل إلى التسلق إلا الخيانة والانتهازية كما فعل كل من عليش ونبوية ورؤوف علوان، وحيث مؤسسات الرسمية في خدمة الطبقات الغنية بغض النظر عن مشروعية قضاياها. كما وضحا – الرواية والفيلم- عوالم متأزمة قابعة في نفسية سعيد مهران بوصفه أنموذجا لفئة من المجتمع المصري، حيث الظلم والخيانة والانتهازية حتى من أقرب المقربين، مما أفسح المجال واسعا أمام السعي الانتقام، حتى لم يعد معه للحب والوفاء مكان.
- الكشف عن البنية والأسلوب
يواجه المتعلم في مسألة البنية والأسلوب مجموعة من المفاهيم سردية؛ كالسارد والرؤية السردية، والنظام السردي، إضافة إلى السجلات اللغوية وطوبوغرافية الأحداث وتوزيعها على المؤلف باعتباره فضاء للمعاني.
والحال أن السينما كسائر الفنون السردية، تحاول طبع زمن القصة على شريط البكرة الذي يعرض الأحداث في تسعين دقيقة في عرف السينمائيين، أي أن الفيلم قد يجد نفسه مضطرا إلى تلخيص حياة بأكملها في الساعة ونصف الساعة، كما قد يجد نفسه قد مطط لحظة لتستمر للساعة والنصف نفسها. لذلك فإننا لا نزعم أن الوقوف على المفاهيم السردية الموظفة في الفيلم، سيؤدي بالضرورة إلى حكم يصدق على الرواية، فلكل فن إكراهاته وقيوده.
لكن لا يعني هذا أن المدرس لا يمكن أن يستعين بالفيلم من أجل إكساب المتعلم طرق الكشف عن التقنيات السردية، مثل الحذف والتلخيص، والاسترجاع والاستشراف، والتمطيط…لا سيما أن السينما تقدم معادلا مرئيا يمكن إدراكه مباشرة، فإذا تقرر المفهوم في ذهن المتعلم سهل عليه إيجاد مكافئا له في الوسيط اللغوي المكتوب في الرواية.
نقر أخيرا، أن المتعلم سيواجه صعوبة أكبر في الاستيعاب مفهوم السارد والصوت السردي، ووجهة النظر وأنواع التبئير، لكون يتطلب تكوين في مجال الصورة وإلماما بطرق التصوير وتدريبا بصريا للعين، حتى تتمكن من إدراك التغيرات في زوايا التصوير، ومتى تكون الكاميرا عينا للسارد على المواضيع المصورة (السارد البراني/المصور الأكبر) ومتى تصير عينا للشخصية في الفيلم (السارد الجواني/ الراوي الثانوي)، وغيرها من المفاهيم المكافئة للسرد في الخطاب المكتوب.
وإن شئنا المقارنة بين ” اللص والكلاب” الرواية والفيلم من ناحية الأسلوب، فإننا نلفي الاختلاف منذ البداية، إذ بدأت الرواية بحدث خروج سعيد مهران من السجن ” مرة أخرى يتنفس نسمة الحرية، لكن في الجو غبار خاق وحر لا يطاق”[38]، ثم يكشف السارد بواسطة حوار داخلي لسعيد عن سبب دخوله السجن قافزا بنا زمنيا للوراء ( الاسترجاع)، إذ يقول” من وراء الظهر تبادلت العيون نظرات مريبة قلقة مضطربة كتيار الشهوة التي يحملها، كالقطة الزاحفة على بطنها في هيئة الموت نحو عصفورة ساردة، وغلبت الانتهازية ثمالة الحياء والتردد فقال عليش سدرة في ركن عطفة أو ربما في بيتي: سأدل البوليس عليه لنتخلص منه”[39] في حين آثر المخرج أن يبدأ الفيلم بداية منطقية، بداية بحادث السرقة ثم تبلغ عليش الشرطة، التي تضبط سعيدا متلبسا.
ومما نقع عليه من توافق العملين؛ الرواية والفيلم، استعمالهما تقنية الاسترجاع لبيان ظروف لقاء سعيد مهران بنبوية، ففي الرواية يحدث البطل نفسه، فيصف شكلها حين كانت تقدم الدكان لقضاء حاجياتها، ويوم طلبها للزواج وهما على مشارف الجامعة، المقابل يسترجع الفيلم الحادثة في حوار مع سجين معه حيث تتحول الكاميرا من فضاء السجن والسجينين، إلى عرض لقاء سعيد بنبوية ثم رؤوف[40].
خاتمة:
يبدو أن فكرة اقتباس الرواية ونقلها إلى شريط فيلم محكوم بسعة زمنية محدودة، أمر لا يخلو من المغامرة، إذ تتطلب وعيا كبيرا بإواليات كل من الفنين، لذلك فإن المدرس مطالب بقدر كبير من الحصافة في تلقي العمل الروائي فهما وتأويلا، حتى يتيسر له اختيار الاقتباسات الفيلمية الصالحة لتكون قنطرة تفضي إلى إنماء الكفايات المنهجية وتربية الذائقة الفنية للمتعلم في المجال السردي المكتوب والمرئي.
ثم إن اختلاف السنن في كل من الفنين، يستتبع بعده اختلافا في طرق التعامل مع المضامين، فإذا كانت الرواية تشكل عالمها المتخيل في ذهن القارئ كيفما تشاء، فإن الفيلم يخرج هذا العالم من التجريد إلى عالم حسي مشاهد يستمد مقبوليته من الواقع، الأمر الذي يضع عملية الاقتباس أمام مجموعة من الصعوبات والإكراهات، التي تلزم السينمائي بإعادة صياغة المؤلف الروائي بناء على ما تتيحه اللغة البصرية، واستجابة لعوامل موضوعية عديدة، لكن هذا لا يعني بالضرورة الإخلال بالمعنى في العمل المكتوب، ومن ثمة يمكن للتربوي أن يتحرى في اختياره للفيلم المقتبس الأمانة في نقل الأحداث والشخصيات والفضاء والزمن من صيغة السرد إلى صيغة العرض السينمائي المشهد.
وقد تبين من خلال هذه الخطوات أن فيلم “اللص والكلاب المقتبس عن رواية نجيب محفوظ بالعنوان ذاته، حافظ على معاني الرواية من ناحية المبنى الحكائي على مستوى الأحداث والشخصيات والأفضية والزمان، مما يتيح إمكانية تأول المحكي الروائي والمحكي الفيلمي على حد سواء لاستنتاج رهانات المحتوى من الحبكة، وطبيعة العلاقات بين الشخصيات والصراع الدرامي بين مختلف القيم الممثلة، وللخروج من الفضاء النصي للواية والفيلم إلى الفضاءين الاجتماعي والنفسي الذي يحيلان عليهما؛ الرواية باعتبارها أصلا والفيلم بوصفه شكلا بصريا لها.
وهكذا يتضح أن انفتاح تدريس الروائي على السينما ودمجه أثناء تدبير الوضعيات التعليمية، يمكن من تعلم يزاوج بين اللغة الملفوظة واللغة البصرية، وينفتح في آن ذاته على الواقع المعيش، خاصة أن من أهداف المدرسة الحديثة أن تكون” مفتوحة على محيطها بفضل نهج تربوي قوامه استحضار المجتمع في قلب المدرسة، والخروج إليه منها بكل ما يعود بالنفع على الوطن”[41]. ولا يفوتنا في ختام هذه الصفحات أن نؤكد على التوصيات الآتية:
- أولا: يمكننا الفيلم باعتبارها شكلا أخر للسرد من بناء الكفاية المنهجية المتعلقة بتطبيق المنظورات الستة.
- ثانيا: يحافظ الاقتباس السينمائي على المعنى العام للنص الروائي، وينقله بواسطة اللغة البصرية، لكن بنوع من التصرف، مما يستوجب تحري الاقتباس الأقل تصرفا في بنيات العمل الروائي، حتى يكون استعماله وظيفيا وديداكتيكيا يمكن المتعلم من الوصول إلى النتائج نفسها في الرواية.
- ثالثا: لا يمكن الاستغناء عن الرواية في الدرس الأدبي فلا يمكن للفيلم أن يعوض العمل المكتوب، فللغة اللفظية جمالياتها وبلاغتها كما للصورة جمالياتها وتعبيراتها، لذلك فإن استعمال الفيلم لا يعفي الأستاذ من تعزيز حضور الكتاب، بل إننا بهذه الطريقة نغني الدرس التعليمي بإمكانات أخرى تضمن تحقيق التعلم استجابة لتعدد الذكاءات ولسياق الهيمة التي فرضتها الصورة في عصرنا الحالي
لائحة المراجع المعتمدة
- المعاجم
- عبد النور جبور، المعجم الأدبي، دار العلم للملايين بيروت، الطبعة الثانية 1984.
- ماري – تيريز جورنو، معجم المصطلحات السينمائية، ترجمة فائز بشـور.
- مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط، مكتبة الشروق الدولية، الطبعة الرابعة 2004.
- المراجع
- إبراهيم العريس، الرواية العربية من الكتاب إلى الشاشة، منشوات وزارة الثقافة العامة للسينما، دمشق 1999.
- برنارد ف. ديك، تشريح الأفلام، ترجمة محمد منير صبحي، منشورات وزارة الثقافة المؤسسة العامة للسينما دمشق 2013.
- بيزلي ليفينجستون وكارل بلاتينا، دليل روتليدج للسينما والفلسفة، ترجمة أحمد يوسف، المركز القومي للترجمة، ط الأولى2013.
- توفيق الحكيم، مسرحية بجماليون، دار مصر للطباعة.
- حسن بحراوي، بنية الشكل الروائي، المركز الثقافي العربي الطبعة الأولى 1990.
- حمادي كيروم، الاقتباس من المحكي الروائي إلى المحكي الفيلمي، منشورات وزارة الثقافة المؤسسة العامة للسينما، دمشق 2005.
- سعيد بنكراد، السيميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها، دار الحوار للنشر والتوزيع، الطبعة الثالثة 2012
- سعيد جبار، من السرديات إلى التخييلية، منشورات ضفاف، دار الأمان الطبعة الأولى 2013.
- سعيد يقطين وآخرون، مقاربات منهجية للنص الروائي والمسرحي؛ الجذع المشترك للآداب والعلوم الإنسانية والتعليم الأصيل، مكتبة المدارس -الدار البيضاء الطبعة الأولى 2006.
- عبد الجليل بن محمد الأزدي، الأدب والسينما، المطبعة والوراقة الوطنية، الطبعة الأولى دجنبر 2015.
- عبد السلام ناس عبد الكريم، قراءة المؤلف النقدي.
- على أبو شادي، لغة السينما، منشورات وزارة الثقافة- المؤسسة العامة للسينما، دمشق
- فرانك هارو، فن كتابة السيناريو، ترجمة رانيا قرداحي منشورات وزارة الثقافة المؤسسة العامة للسينما، دمشق
- كاظم مؤنس، قواعد أساسية في فن الإخراج التلفزيوني والسينمائي، عالم الكتب الحديث2006.
- اللجنة الخاصة بالتربية والتكوين- المملكة المغربية، الميثاق الوطني للتربية والتكوين، يناير 2000.
- مارسيل مارتان، اللغة السينمائية والكتابة بالصورة، ترجمة سعد مكاوي، منشورات وزارة الثقافة المؤسسة العامة للسينما ط2009
- مديرية المناهج، التوجيهات التربوية الخاصة بتدريس مادة اللغة العربية بسلك التعليم الثانوي التأهيلي، نونبر 2007
- مكتب الدراسات والبحوث، القاموس عربي فرنسي، دار الكتب العلمية بيروت -لبنان، الطبعة الثانية 2004
- نجيب محفوظ، اللص والكلاب، دار القلم الطبعة الأولى 1973
- يوري لوتمان، مدخل إلى سيميائية الفيلم، ترجمة نبيل الدبس، مطبعة عكرمة -دمشق، الطبعة الأولى
- المجلات
- محمد نور الدين أفاية “الاتصال والانفصال فيما بين الروائي والسينمائي”، مجلة السينما العربية، العدد 3 و4 سنة 2015
- عبد اللطيف محفوظ “بعض آليات تحويل النص الروائي إلى شريط سينمائي”، مقال من موقع يومه 04/10/2020:
http://egyptartsacademy.kenanaonline.com/posts/89621
[1] – إبراهيم العريس، الرواية العربية من الكتاب إلى الشاشة، منشوات وزارة الثقافة العامة للسينما، دمشق 1999، ص24
[2] – محمد نور الدين أفاية “الاتصال والانفصال فيما بين الروائي والسينمائي”، مجلة السينما العربية، العدد 3 و4 سنة 2015
[3] – مكتب الدراسات والبحوث، القاموس عربي فرنسي، دار الكتب العلمية بيروت -لبنان، الطبعة الثانية 2004، ص 101
[4] – ماري – تيريز جورنو، معجم المصطلحات السينمائية، ترجمة فائز بشـور، ص 3
[5] – مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط، مكتبة الشروق الدولية، الطبعة الرابعة 2004، ص 710
[6] – عبد النور جبور، المعجم الأدبي، دار العلم للملايين بيروت، الطبعة الثانية 1984، ص 29-30
[7] – حمادي كيروم، الاقتباس من المحكي الروائي إلى المحكي الفيلمي، منشورات وزارة الثقافة المؤسسة العامة للسينما، دمشق 2005، ص 12
[8] – حمادي كيروم، المرجع نفسه، ص 21
[9] – حمادي كيروم، المرجع نفسه، ص 22
[10]-عبد اللطيف محفوظ “بعض آليات تحويل النص الروائي إلى شريط سينمائي”،
http://www.aljabriabed.net/n73_05mahfoud.(2).htm
[11] – إبراهيم العريس، من الرواية إلى الشاشة، منشورات دار الثقافة- المؤسسة العامة للسينما، دمشق 2010، ص 9
[12] – توفيق الحكيم، مسرحية بجماليون، دار مصر للطباعة، ص12
[13] – سعيد جبار، من السرديات إلى التخييلية، منشورات ضفاف، دار الأمان الطبعة الأولى 2013، ص30
[14] – حمادي كيروم، المرجع نفسه ، ص 62
[15] – عبد الجليل بن محمد الأزدي، الأدب والسينما، المطبعة والوراقة الوطنية، الطبعة الأولى دجنبر 2015، ص27
[16] – مديرية المناهج، التوجيهات التربوية الخاصة بتدريس مادة اللغة العربية بسلك التعليم الثانوي التأهيلي، نونبر 2007، ص 18-19
[17] – M.P. Scmitt et Viala, Savoir- lire, Précis de lecture critique, 5éd Didier, 1982, pp. 143-196
[18] – عبد السلام ناس عبد الكريم، قراءة المؤلف النقدي، ص 82
[19] – سعيد يقطين وآخرون، مقاربات منهجية للنص الروائي والمسرحي؛ الجذع المشترك للآداب والعلوم الإنسانية والتعليم الأصيل، مكتبة المدارس -الدار البيضاء الطبعة الأولى 2006، ص: 4-5
- استنتاج البينية: يهدف إلى الوقوف على طبوغرافية النص، وتعيين مقاطعه ومتوالياته، وطريقة تنظيم موضوعاته وبرامجه السردية. ويقصد بتحديد الأسلوب: التركيز على البنية اللغوية والفنية (البلاغية)، ورصد التقنيات السردية الموظفة، وتحديد أنواع الرؤى تجاه العالم أو المواقف الوجودية.
[20] – سعيد جبار، من السرديات إلى التخييلية، منشورات ضفاف، دار الأمان الطبعة الأولى 2013، ص30
[21] – معجم المصطلحات السينمائية، ميشيل ماري، ترجمة فايز بشور، ص104
[22] – على أبو شادي، لغة السينما، منشورات وزارة الثقافة- المؤسسة العامة للسينما، دمشق 2006، ص 69
[23] – كاظم مؤنس، قواعد أساسية في فن الإخراج التلفزيوني والسينمائي، عالم الكتب الحديث2006 ص 54
[24] – مارسيل مارتان، اللغة السينمائية والكتابة بالصورة، ترجمة سعد مكاوي، منشورات وزارة الثقافة المؤسسة العامة للسينما ط2009، ص 53
[25] – برنارد ف. ديك، تشريح الأفلام، ترجمة محمد منير صبحي، منشورات وزارة الثقافة المؤسسة العامة للسينما دمشق 2013، ص 16.
[26] – فرانك هارو، فن كتابة السيناريو، ترجمة رانيا قرداحي منشورات وزارة الثقافة المؤسسة العامة للسينما، دمشق 2013، ص136.
[27] – نفسه ص159 -177.
[28] – على أبو شادي، لغة السينما، منشورات وزارة الثقافة- المؤسسة العامة للسينما، دمشق 2006، ص40.
[29] – حسن بحراوي، بنية الشكل الروائي، المركز الثقافي العربي الطبعة الأولى 1990، ص: 208
[30] – ح حمادي كيروم، المرجع نفسه، ص160
[31] – على أبو شادي ، المرجع نفسه، ص 43
[32] – فرانك هارو، المرجع نفسه، ص 112
[33] – حمادي كيروم، المرجع نفسه، ص21
[34] – نفسه، ص103
[35] – تمر عملية إنتاج المعنى في النسق البصري من مرحلتين؛ الأولى هي مرحلة الإدراك أي قياس التجربة على نموذج معرفي مخزن في الذاكرة، والثانية هي إعطاء للمواضيع المتعرف عليها في المرحلة الأولى دلالة ضمن سياقها الثقافي. وللتوسع في هذه المسألة ينظر كتاب: “سعيد بنكراد، السيميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها، دار الحوار للنشر والتوزيع، الطبعة الثالثة 2012”
[36] – يوري لوتمان، مدخل إلى سيميائية الفيلم، يوري لوتمان، مدخل إلى سيميائية الفيلم، ترجمة نبيل الدبس، مطبعة عكرمة -دمشق، الطبعة الأولى 1989 ص 21.
[37] – بيزلي ليفينجستون وكارل بلاتينا، دليل روتليدج للسينما والفلسفة، ترجمة أحمد يوسف، المركز القومي للترجمة، ط الأولى2013، ص 714
[38] – نجيب محفوظ، اللص والكلاب، دار القلم الطبعة الأولى 1973 ص 07
[39] – نجيب محفوظ، اللص والكلاب، ص 49
[40] – لتعرف التقنية يرجى مشاهدة الفيلم ابتداء من الدقيقة 20
[41] – الميثاق الوطني للتربية والتكوين، اللجنة الخاصة بالتربية والتكوين- المملكة المغربية- يناير 2000، الفقرة 9، ص 11