
العدول عن الخطبة: حق مطلق أم مقيد – دراسة على ضوء القانون الجزائري –
Renunciation in marriage commitment: absolut or restreint right
-A study on the lights of Algerian law-
الدكتور: زيتوني طارق، جامعة الجزائر1، كلية الحقوق.
ZITOUNI Tarik, University of Algiers -1-, Ben Youssef Ben Khedda.
مقال نشر في مجلة جيل حقوق الإنسان العدد 38 الصفحة 45.
Abstract:
Marriage commitment is considered as the introduction to the official act. This commitment is a man’s demand of a given woman to marriage. It is regarded as a promise to marriage not the marriage officially, so that marriage cannot be concluded with only a promise or a present and also not results any obligation. The commitment is realized by the two partners acceptation the of their relatives’ without any formality and ends with the acceptance of the son-in-law therefore.
The non-official form of this commitment gives the possibility to each partner to renounce to without any opposition from the other side, because it’s just a simple promise not an official marriage or compulsory act .However the renouncement must not cause any damage to the male partner because if it happens, the abuser responsibility of this person can be engaged and that would results of a legal implication of the presents or gifts exchanged between the two partners and also the dowry man may give to the woman during the commitment period which come before the official wedding therefore.
Key words: commitment, abuser, marriage, renunciation damages.
الملخص:
تعتبر الخطبة مقدمة عقد الزواج، فالخطبة بكسر الخاء، هي طلب الرجل الزواج من امرأة معينة، تُكييف الخطبة على أنها وعد بالعقد وليست عقدا، إذ لا ينعقد النكاح بالوعد و/أو بالهدية، ولا يترتب عن الخطبة شيء من الإلزام، تتم الخطبة بالتراضي بين الطرفين وذويهما دون إجراءات شكلية، تنتهي بإيجاب وقبول المصاهرة.
فطبيعة الخطبة بهذه الصيغة تمنح طرفيها إمكانية الاستمرار فيها أو التحلل من الوعد دون أن يتمكن الطرف الآخر من الاعتراض عن ذلك، لأنها مجرد وعد بالزواج وليست زواجا قانونيا ولا عقدا ملزما، لكن لا يجب أن يلحق العدول عن الخطبة وفسخها ضرر بالطرف الآخر لأنه متى تحقق ذلك أمكن إثارة مسؤولية الشخص المتعسف في العدول عن الخطبة، ومن شأن ذلك أيضا أن يرتب آثار قانونية بالنسبة للهدايا المتبادلة بين الخطيبين والمهر الذي يمكن أن يقدمه الخاطب للمخطوبة أثناء الخطبة وقبل إتمام عقد الزواج.
الكلمات المفتاحية: الخطبة، التعسف، نكاح، أضرار العدول عن الخطبة
مقدمة:
يعتبر الزواج من الحريات العامة للأفراد، حيث تم تنظيمه في شكل قواعد قانونية آمرة متعلقة بالنظام العام، تفيد هذه الحرية أن يكون الشخص حرا في أن يتزوج، وفي أن يختار مع من يتزوج، و ممن يرفض أن يتزوج[1]، طبقا لضوابط شرعية وقواعد قانونية واضحة، فيعتبر وسيلة لحفظ الأنساب ومنع اختلاطها فقد جعل منه رب العزة ميثاقا غليظا، لقوله سبحانه وتعالى:”وَأَخَذْنَ مِنْكُم مِيْثَاقاً غَلِيْظاً“[2]، وعرفته المادة 4 من قانون الأسرة الجزائري[3] على أنه “عقد رضائي يتم بين رجل وامرأة على الوجه الشرعي، من أهدافه تكوين أسرة أساسها المودة والرحمة والتعاون وإحصان الزوجين والمحافظة على الأنساب“.
كما بين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 16 منه على أن الزواج وتكوين أسرة حق لكل فرد إبتداءً من سن البلوغ بصرف النظر عن العرق أو الجنسية أو الدين، دون قيد أو شرط، مع تمتع كل من المرأة والرجل بنفس الحقوق على قدم المساواة، كما أن الزواج لا ينشأ إلا بكامل رضا وحرية طرفيه[4].
تسمى مقدمة الزواج بالخِطبة، إذ هي كلمة مشتقة من الخطاب وهو الكلام وإذا تعلق هذا الكلام بامرأة كان المعنى المتبادر إلى الذهن أن يكون هذا الخطاب بشأن الزواج بها، أي هو بمثابة طلب التزويج، مفاده أن يطلب الرجل المرأة ليتزوجها. إلا أنه للخِطبة موانع شرعية وقانونية تحول دون تمكين الرجل من الزواج بالمرأة، حيث يمنع عليه خطبة المرأة المحرمة حرمة مؤبدة بسبب قرابة، المصاهرة أو الرضاعة.
كما تمنع أيضا خطبة المرأة منعا مؤقتا إذا تعلق بها مانع مؤقت يمكن أن يزول[5]، ومن أمثلة الموانع المؤقتة، يمكن ذكر المرأة التي هي في عصمة الغير حقيقة أو حكما، المرأة المشركة، الجمع بين الأختين، والمرأة الزائدة عن العدد المحدد شرعا، المرأة المخطوبة للغير، لحديث رسول الله، عن عبد الله ابن عمر قال “لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك”[6].
إذ شُرعت الخِطبة للتعارف والتوافق بين الخاطب والمخطوبة، فتتوج الخطبة بإبرام عقد الزواج عندما يتوافق الطرفان، فبالنسبة للمشرع الجزائري، لم ينظم مقدمات العقود بأحكام خاصة بها باستثناء عقد الزواج، وكان متأثرا في ذلك بمبادئ الشريعة الإسلامية التي جعلت لمقدمات الزواج المتمثلة في الخطبة أحكاما خاصة بها، ذلك لعظم منزلة هذا العقد فهو أخطر العقود وأعظمها شأنا، إذ هو عقد الإنسانية وبموجبه تأخذ الأسرة صفتها الشرعية، فالزواج لا يعقد لمدة مؤقتة بل يعقده الطرفان وهما يقصدان منه دوامه وبقائه ما بقي كل من الزوجين على قيد الحياة.
إلا أنه يمكن أن ينشأ خلاف بين الخطيبين خلال فترة الخطبة يفضي إلى عدول أحدهم عنها، فاتفقت في شأن ذلك كلمة الفقهاء المسلمين، وسار في نفس المنهج المشرع الجزائري، على الاعتراف بأن العدول عن الخطبة حق لكلا الطرفين، فبهذا المعنى يعتبر حق مقرر شرعا وقانونا وأن استعماله يعتبر عملا مشروعا يعصم صاحبه من المسؤولية، إلا أن استعمال هذا الحق قد يؤدي إلى تضرر الطرف المعدول عنه.
ففي ظل إقرار المشرع الجزائري بحق العدول عن الخطبة، يمكن إثارة الإشكالية المحورية الآتية:
إذا كان العدول عن الخطبة حق، فمتى تترتب المسؤولية عند استعمال هذا الحق؟.
للإجابة على هذه الإشكالية ارتأينا تقسيم موضوع بحثنا إلى مبحثين، تناولنا في المبحث الأول العدول عن الخطبة وحكمه، وتناولنا في المبحث الثاني الآثار المترتبة عن استعمال حق العدول عن الخطبة، و لتحقيق غايات هذا البحث من الناحية العلمية والعملية، فقد اعتمدنا المنهج الاستقرائي بغرض عرض النصوص القانونية، والآراء الفقهية والتطبيقات القضائية لتحليلها بشكل موضوعي وسليم يسمح لنا بفهمها وإقامة الحجة على جدية الإشكالات التي يطرحها في الواقع العملي موضوع الخطبة والعدول عنها، إلى جانب الاستعانة بالمنهج المقارن الذي يسمح بمعرفة ما توصلت إليه تجارب الدول الأخرى.
المبحث الأول: ممارسة حق العدول عن الخطبة.
إن العدول عن الخطبة يشكل حق مكفول شرعا وقانونا لكل من الخاطب والمخطوبة، إلا أن استعمال هذا الحق لا يجب أن يكون سببا في تضرر أحدهما[7]، إنما يجب استعماله في حدود الضوابط المقررة لذلك، بحكم كون الحقوق لا تشكل سلطة مطلقة يستعملها الفرد كما يشاء، بل يمنح القانون للفرد حقوقا معينة لتحقيق غاية مشروعة، ومن ثمة فإن استعمال الشخص لهذه الحقوق خلافا لذلك يعد تعسفا.
المطلب الأول: ثبوت الحق في العدول عن الخطبة.
أقر المشرع الجزائري إمكانية عدول الخاطب والمخطوبة، عن الخطبة بدون أي قيد أو شرط قانوني، بموجب المادة 5 من قانون الأسرة بنصها على أن “الخطبة وعد الزواج، يجوز للطرفين العدول عن الخطبة…“[8].
فيتبين من خلال هذا النص أن المشرع الجزائري اعتبر الخطبة وعد غير ملزم، يحق للطرفين العدول عنها لأن الحكمة من تشريع الزواج تقضي بعدم إكراه أحدهما على إبرام عقد لا يرغبه، ويشكل ذلك مخالفة للقاعدة العامة المنصوص عليها في القانون المدني والتي تقضي بكون الوعد بالتعاقد ملزما لصاحبه خلال الأجل المحدد، فإذا انتهى ذلك الأجل ولم يعلن الموعود له الرغبة في التعاقد جاز للواعد العدول عن الوعد، لكن قبل انتهاء المدة فلا يجوز له الرجوع عن الوعد إلا بموافقة الطرف الموعود له[9].
الفرع الأول: تعريف العدول عن الخطبة.
يقصد باستعمال حق العدول عن الخطبة، تراجع أحد الخاطبين والتخلي نهائيا عن مشروع الزواج، بالتوقف عن الأعمال والإجراءات القانونية والعرفية المؤدية إلى إبرام عقد الزواج، كما كان مخططا له بعد إتمام الخطبة، وطبقا للمادة 5 من قانون الأسرة إذا وقع العدول وانقضت الخطبة، فلا يجوز للطرف الذي لم يعدل أن يطلب من القضاء الحكم بإلزام الطرف الآخر بالاستمرار في الخطبة، لأن ذلك من شأنه أن يقيم عقد زواج دون رضا أحد الخاطبين، وذلك ليس من مقتضيات عقد الزواج، الذي يفترض أن يكون فيه الرضا والتوافق بين الطرفين ركنا أساسيا تترتب عن مخالفته البطلان[10].
فإذا كانت الخطبة مجرد وعد بالزواج كما سبقت الإشارة إليه، فهي لا تعتبر زواجا شرعيا ولا ترقى إلى درجة العقد[11] وبالتالي لا يترتب عنها أي أثر من آثار عقد الزواج، وعليه فإنه يجوز العدول والتراجع عنها في أي مرحلة من مراحلها و في أي وقت يريده أحد أطرفه، وهذا ما ذهبت إليه المحكمة العليا في قرارها الصادر في 25 ديسمبر 1989 حيث قضت أنه “من المقرر فقها وقضاء أن الخطبة في الشريعة الإسلامية هي وعد بالزواج وليست عقدا، إنما تمت بالاتفاق بين الطرفين ولا تبيح لهما أن يختلطا اختلاط الأزواج، وعلى هذا فالخطبة بعد تمامها لا تعتبر عقدا ولا زواجا ولا يترتب عليها شيء من الالتزام بتمام العقد انطلاقا من مبدأ الرضائية في العقود “[12].
الفرع الثاني: أنواع العدول عن الخطبة.
منح المشرع الجزائري بموجب المادة5 في فقرتها الثانية من قانون الأسرة الجزائري كلا من الخاطب والمخطوبة إمكانية العدول عن الخطبة، إلا أنه يجب التمييز في هذا المقام بين العدول عن الخطبة بالإرادة المنفردة وبين العدول عنها بالإرادة المشتركة.
أولا: العدول عن الخطبة بالإرادة المنفردة.
يكون العدول عن الخطبة بالإرادة المنفردة، بالتعبير الانفرادي الصادر من أحد الخاطبين باستعمال حق جائز شرعا ومكرس قانونا يؤدي إلى إرجاعهما إلى الحالة التي كانا عليها قبل الخطبة، حيث يستوي أن يكون العدول راجع إلى وجود سبب جدي أو حتى عند انعدامه لكن في هذه الحالة نكون أمام التعسف في استعمال حق العدول عن الخطبة[13].
ثانيا: العدول عن الخطبة بالإرادة المشتركة.
يتحقق العدول عن الخطبة بالإرادة المشتركة للمخطوبين بالتعبير عن إرادتهما في إنهاء الخطبة القائمة بينهما، بسبب قيام نزاع بينهما مثلا، فيكون ذلك سببا في اتخاذ قرار الرجوع عن الخطبة.
يتم ذلك بعد اقتناع الطرفين بأن كل منهما لا يصلح أن يكون زوجا للآخر، بحيث تركت الحرية الكاملة في الإقدام أو الإحجام عن الزواج، للمخطوبين لأنهما الأدرى بشؤونهما والأعرف بمصالحهما الخاصة في شأن هذا العقد[14].
المطلب الثاني: التعسف في استعمال حق العدول عن الخطبة.
تعارف فقهاء الشريعة الإسلامية على أن استعمال الحق على وجه غير مشروع، بمعنى مجاوزة الحق حين مزاولة الشخص له، يعتبر تعسف في استعماله لأن من شأن ذلك أن يلحق ضررا بالغير، وهذا ما يؤكده رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف إذ قال “لا ضرر ولا ضرار“[15]، وسارت في نفس النهج الكثير من التشريعات الوضعية في الدول العربية، من بينها التشريع الخاص بالأحوال الشخصية في الجزائر.
بناء على ما سبق، يتبين أن العدول عن الخطبة بدون مبرر جدي ومقبول، يعتبر تعسف في استعمال هذا الحق، كأن يكون العدول من طرف الخاطب بعد فترة خطوبة طويلة فتفوت على المخطوبة عدة فرص للزواج من رجل آخر، إلى جانب إمكانية تقدمها في العمر فتفوتها فرصة الإنجاب أو يصعب عليها ذلك.
كما قد يكون العدول أيضا من طرف المخطوبة بدون سبب مشروع.
لهذا يعتبر العدول عن الخطبة بغير سبب أو لسبب تافه أو بسبب غير مشروع، تعسفا في استعمال هذا الحق لأن الأصل في استغلاله يقتضي بعدم إلحاق ضررا بالغير، ذلك على أساس أن الخطبة وعد يلزم طرفيه ببذل عناية الرجل الحريص لإتمام الزواج.
للتوصل إلى معرفة تحقق التعسف في استعمال حق العدول عن الخطبة من عدمه، يجب أن يتوفر معياري التعسف في استعمال حق العدول عن الخطبة، اللذان سوف يتم التطرف إليهما في ما يلي.
الفرع الأول: المعيار الشخصي في استعمال حق العدول عن الخطبة
يعتمد هذا المعيار على البحث في إرادة صاحب الحق للتصرف فيه قصد الإضرار بالغير، أو تحقيق مصلحة غير مشروعة[16].
حيث يظهر قصد الإضرار من جهة العادل إذا عدل عن الخطبة قصد تشويه سمعة الطرف الآخر، كما يظهر أيضا في تكليف الطرف الآخر بأمور غير ما تم الاتفاق عليه في البداية[17]، كأن يطلب الخاطب من المخطوبة مثلا ترك عملها بعد أن تم الاتفاق بينهما على مواصلة عملها، أو أن تطلب من الخاطب نقل وظيفته إلى محل إقامتها بعد أن تم الاتفاق على خلاف ذلك، فيظهر من ظروف الحال أن العادل لديه رغبة كامنة في إنهاء الخطبة يتم التصريح بها عادة بعد مدة وجيزة من طلب ذلك[18].
لأنه في حالة ما إذا تبين لأحد الخاطبين أن الطرف الآخر لا يصلح أن يكون زوجا، جاز له العدول عن الخطبة لأن الزواج يفترض أن يتم عن رضا وطمأنينة بين الزوجين، أما في حالة ما إذا تم العدول لغير هذه الغاية كأن يعدل أحدهما بهدف الزواج مع زوج أو زوجة أخرى بسبب مالها أو جاهها أو سلطتها أو غيرها من أسباب الجشع والطمع، كان العادل بذلك مخالفا لمقصد الزواج، والقانون رقم 84-11 المعدل والمتمم من إباحة العدول عن الخطبة.
الفرع الثاني: المعيار الموضوعي لاستغلال حق العدول عن الخطبة
يتحقق ذلك عندما تكون المصالح الخاصة التي يريد أن يحققها العادل عن الخطبة أشد ضررا و أعظم خطرا من المفاسد التي تلحق بالطرف الآخر بحيث يعتبر العدول في هذا المقام تعسفا، لأن دفع الضرر أولى من جلب المصلحة طبقا للقاعدة الفقهية المعروفة “درء المفاسد أولى من جلب المصالح”[19].
طبقا لهذا المعيار إذا عدل أحد الخطيبين عن الخطبة اعتبر متعسفا في استعمال حقه، فيترتب عن العدول ضرر ومفسدة أكثر وأكبر من المصلحة المراد تحقيقها بهذا العدول، مثل العدول عن الخطبة للسفر والعمل في بلد آخر والخاطب عامل في بلده، أو العدول عن الخطبة بسبب مشاكل تافهة بين عائلة الخاطب والمخطوبة إذ أن المتعارف على أن هذا النوع من المشاكل يتم تجاوزها والتسامح فيها[20].
يعتبر العدول عن الخطبة حق مكفول قانونا وشرعا إلا أن هذا الحق مقيد بعدم التعسف في استعماله، فإذا ما استعمل صاحب الحق حقه بطريقة تعسفية، قامت مسؤوليته في مواجهة الطرف الآخر، وبالتالي يتم إلزام المتعسف عن استعمال حقه في العدول عن الخطبة بالتعويض اللازم لجبر الضرر الذي لحق بالطرف الآخر جراء ذلك العدول.
المبحث الثاني: الآثار المترتبة عن استعؤمال حق العدول عن الخطبة
إن الخطبة ليست مجرد وعد نظري بالزواج فقط، تتيح للخطيبين إمكانية التحلل من الوعد متى أرادا ذلك، إنما هي وعد بالدخول في أهم وأخطر العلاقات الاجتماعية، فيصبح كل من الخطيبين محجوز لصاحبه بمجرد الإعلان عن الخطبة، بحيث تنشئ ارتباطات تتخذ صورة عملية فيبدأ الطرفان بالنظر احدهما للآخر بعاطفة خاصة والتزامات متميزة[21]، يتعين على الغير احترام هذا الكيان الجديد.
وبما أن العدول حق مقرر لكل من الخاطب والمخطوبة، لم يرتب المشرع الجزائري أي جزاء عن استعمال هذا الحق طبقا للمادة 5 في فقرتها الأولى والثانية من قانون الأسرة الجزائري، وإن كان ذلك يعتبر خلقا ذميما، لما يتضمنه من عدم الوفاء بالعهد، إلا أنه إذا مارس أحد الطرفين حقه في العدول عن الخطبة فإن هذا العدول قد تترتب عنه آثار قانونية تتعلق بالمهر الذي يدفعه الخاطب للمخطوبة، والهدايا المتبادلة بين الطرفين، إلى جانب ما يتعلق بالضرر المادي أو المعنوي الذي يصاحب العدول عن الخطبة.
المطلب الأول: آثار العدول عن الخطبة بالنسبة للمهر والهدايا.
ينجم عن ممارسة حق العدول عن الخطبة آثار قانونية فقهية متعددة، نتطرق في هذا المطلب إلى أهم الآثار القانونية التي تنصرف إلى المهر المقدم إلى المخطوبة، وكذلك إلى الهدايا التي يتبادلها الطرفان، خلال فترة الخطبة التي تنتهي بالعدول وعدم إتمام عقد الزواج كما تم الاتفاق عليه من قبل.
الفرع الأول: آثار العدول عن الخطبة على المهر(الصداق).
يكمن أن يقدم الخاطب جزء من المهر لخطيبته بمجرد إعلان الخطبة أو خلالها تأكيدا لجدية سعيه، أو للتعجيل في الاستعداد لإبرام عقد الزواج، وقد عرفه المشرع بموجب المادة 14 من قانون الأسرة على أن”الصداق هو ما يدفع نحلة للزوجة من نقود أو غيرها من كل ما هو مباح شرعا وهو ملك لها تتصرف فيه كما تشاء“.
فيتبين من خلال هذا النص أن المهر ملك للزوجة ولها كامل الحق في استغلاله كما تشاء وفيما تشاء، وبذلك جعل المشرع الصداق مرتبط ارتباطا وثيقا بعقد الزواج[22]، إذ جعل تحديده يتم بموجب هذا العقد ويتبين فيه ما إذا كان الصداق معجلا أو مؤجلا، وفي حالة عدم تحديد قيمته، فإن الزوجة تستحق صداق المثل[23] إذ ليس للمهر حد أقصى أو حد أدنى.
فاعتبره المشرع من مستلزمات عقد الزواج وجعل منه شرط من الشروط الموضوعية لهذا العقد كما تقضي بذلك المادة 9 مكرر من قانون الأسرة[24]، يدفع لغرض معين فتستحق الزوجة الصداق كاملا بتمام الدخول أو بوفاة الزوج قبل الدخول، لكن تستحق نصفه فقط إذا تم الطلاق قبل الدخول[25].
يستنتج مما سبق أن المشرع نظم حكم المهر والآثار المترتبة عنه من يوم تمام عقد الزواج[26]، ولم يتطرق بذلك لإمكانية تقديم المهر كله أو جزء منه أثناء فترة الخطبة، وبالتالي لم ينظم المشرع حكم المهر الذي يدفعه الزوج أثناء الخطبة التي يعدل أحد الطرفين عنها، إذ يعتبر هذا المسلك قصور منه يجب تداركه بنص واضح يزيل كل التباس نظرا لأهمية المسألة ولكي يتماشى مع الرأي الفقهي المتفق عليه بين المجتهدين الذي يقتضي رد ما قدم من المهر كثير أم قليل، فإن كان قائما أخذه بعينه، فإن هلك أو استهلك أخذ مثله إن كان مثليا أو قيمته إن كان قيميا.
الفرع الثاني: آثار العدول عن الخطبة بالنسبة للهدايا المتبادلة بين الطرفين.
لقد جرت العادة وتعارف الناس أثناء الخطبة أن يقدم الخاطب وأهله هدايا للمخطوبة لاسيما في الأعياد والمناسبات وذلك بغرض التقرب من عائلة المخطوبة وتمتين الروابط الأسرية تمهيدا لعقد الزواج وحفل الزفاف، ويتقدم أهل المخطوبة بهدايا مماثلة إلى الخاطب وعائلته تحقيقا لذات الأغراض، فإذا تمت الخطبة وتوجت بعقد الزواج وتمام الزفاف فلا يثور أي إشكال، أما إذا حدث وأن عدل أحد الطرفين عن الخطبة فإن موضوع الهدايا يثير إشكالاً فقهياً وقانونياً حول مصير الهدايا التي تبادلها الطرفين.
حسنا فعل المشرع الجزائري بأن حسم الأمر بموجب الفقرة الرابعة والخامسة من المادة 5 من قانون الأسرة التي تنص على أنه “لا يسترد الخاطب من المخطوبة شيئا مما أهداها إن كان العدول منه وعليه أن يرد للمخطوبة ما لم يستهلك مما أهدته له أو قيمته، وإن كان العدول من المخطوبة فعليها أن ترد للخاطب ما لم يستهلك من الهدايا أو قيمته“.
فيتبين أن المشرع الجزائري أخد برأي المذهب المالكي الذي ذهب إلى أنه إذا كان العدول من الخاطب فلا يجوز له الرجوع في شيء مما أهده، لأنه آلمها بعدوله عن الخطبة، فلا يجمع عليها مع الإيلام إيلاما آخر.
وإن كان العدول من المخطوبة وجب عليها رد ما أخذته بعينه إن كان قائما أو مثله، أو قيمته إن كان قيميا، لأنه لا وجه لها بأخذه بعد أن آلمته بفسخ خطبته، لأن ما قدمه لها لا يمكن اعتباره هبة مطلقة وإنما هو هبة مقيدة، فلو لا الخطبة الموصلة إلى الزواج ما قدم لها شيئا والعدل يقتضي أن المتسبب في منع الزواج هو الذي يتحمل تبعة ذلك[27].
المطلب الثاني: التعويض عن الضرر الناتج عند العدول عن الخِطبة.
لا شك أن عدول أحد الطرفين عن الخطبة قد يسبب أضرار للطرف الآخر وغالبا ما يكون الطرف الأكثر تضررا في مجتمعنا هي المخطوبة، فقد تتضرر هذه الأخيرة ماديا كأن يفوِت العادل عنها فرص الزواج، أو يمكن أن تتقدم بها السن فيقل الراغبون فيها، أو تفقد إمكانية وفرص الإنجاب، إلى جانب ذلك يمكن أن تلحقها أضراراً معنويةً بالغة مما تَلُوكُه الألسُن من أسباب العدول ما من شأنه أن يؤذي المرأة في سمعتها.
فمن شأن ذلك أن يلحق بها أذى وأن يمس بحق أو بمصلحة مشروعة لها، سواء كان ذلك الحق أو تلك المصلحة ذات قيمة مادية أو معنوية حيث أنه لا يعتد به إلا إذا جعل صاحب الحق أو المصلحة أسوء مما كان عليه من قبل[28].
ويلاحظ أن المشرع الجزائري أقر بموجب الفقرة الثالثة من نص المادة 5 من قانون الأسرة[29] مبدأ التعويض عن الضرر الذي قد ينتج بسبب العدول عن الخطبة شريطة ألا يتأسس التعويض على مجرد العدول، لأنه حق مضمون لكلا الطرفين، إنما يتأسس التعويض على أفعال أو تصرفات من جهة العادل سببت ضررا ماديا أو معنويا للطرف المعدول عنه.
الفرع الأول: التعويض عن الضرر المادي الناجم عن العدول عن الخطبة.
يقوم حق الطرف المعدول عنه بالمطالبة بالتعويض جراء الأضرار المادية الناتجة عن العدول عن الخطبة إذا صاحب العدول أفعال مستقلة ألحقت ضررا به، فيتحقق حق المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي عندما يصاحب العدول أضرارا ناتجة عن التقصير أو الإخلال بواجب الحيطة والحذر أثناء أو بسبب أو بمناسبة العدول عنها، أو بسبب التعسف في استعمال حقه ما من شأنه أن يلحق ضررا بغيره بلا مبرر[30]، فيثبت عندئذ حق الطرف الآخر في الحصول على تعويض لجبر الضرر الذي لحق به، ولقد أكد السنهوري ذلك بقوله أن “انحراف الخطيب في العدول عن الخطبة عن السلوك المألوف للشخص العادي في مثل الظروف الخارجية التي أحاطت بالخطيب، كان فسخ الخطبة خطأ يوجب المسؤولية التقصيرية[31]“.
وبناء على ما سبقت الإشارة إليه، ليتحقق حق المعدول عنه في الحصول على التعويض يستوجب ذلك مراعاة ثلاث أسس قانونية لدى الحكم له بالتعويض هي:
1- كون الخطبة ليست بعقد ملزم طبقا لما تقضي به المادة 5 فقرة أولى من قانون الأسرة.
2- مجرد العدول عن الخطبة لا يكون سببا موجبا للتعويض، كما تنص على ذلك الفقرة الثانية من المادة5 المذكورة أعلاه.
3- إذا اقترن بالعدول عن الخطبة أفعال أخرى ألحقت ضررا بأحد الخطيبين، جاز الحكم للمتضرر بالتعويض، كما تقضي بذلك المادة 5 المذكورة أعلاه في فقرتها الثالثة.
الفرع الثاني: التعويض عن الضرر المعنوي اللاحق بالمعدول عنه.
أقر المشرع الجزائري إضافة إلى ما تم ذكره أعلاه، حق المعدول عنه في المطالبة بالتعويض عن الضرر المعنوي الذي يلحق به جراء عدول الطرف الآخر عن الخطبة، بموجب المادة 5 من قانون الأسرة الجزائري، إذ أن الخاطب بعدوله عن الخطبة قد يلحق بالطرف الآخر ضررا يصيب شرفه وسمعته، كما يمكن أن تتجاوز شخصه لتمس بشرف العائلة، إذ يتضح أن التعويض عن الضرر المعنوي المترتب عن العدول الخطبة أمر ثابت بموجب نص القانون، غير أن الإشكال الحقيقي الذي يثار هنا يكمن في كيفية إثبات هذا الضرر المعنوي، الذي يكون التعويض فيه مرتبط بالآلام النفسية التي تلحق المعدول عنه أو عن المساس بشرفه وسمعته لأن الخطبة ليست أمر سري بل هي محل إشهار بين المحيطين بالخطيبين[32].
وما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام هو أن تقدير التعويض عن الأضرار المعنوية يترك للسلطة التقديرية للقاضي ويتم لك وفق معايير موضوعية تتناسب مع زمان ومكان العدول عن الخطبة.
خاتمة
تعتبر الخطبة الخطوة الأولى والتمهيدية للزواج ووسيلة شرعية وقانونية لتيسير سبل التعارف بين الخطيبين وعائلتهما بتنمية المودة والطمأنينة، وتساعدهما على التكيف التدريجي على العشرة بمعرفة عادات وطبائع وأعراف كل طرف، كما تمكن كلاهما من الاستقرار النفسي بحكم كونها رابطة تمكنهما من الزواج مستقبلا.
لكن مقابل ذلك شُرع العدول عنها كحق ثابت لكل من الخاطب والمخطوبة، حتى لا يكون إرغام على الزواج لضمان استمرارية ونجاح هذا العقد، إلا أنه إذا تم استعمال هذا الحق بطريقة تعسفية بأن يكون الهدف من العدول هو إلحاق ضرر بالطرف الآخر أو يكون العدول لأسباب غير مشروعة أو يكون الضرر الحاصل جراء العدول أشد وأكبر من الفائدة التي تحصل عليها، أقر المشرع قيام المسؤولية التقصيرية للعادل بهدف الحد من ظاهرة العدول عن الخطبة.
وما تجدر الإشارة إليه هو أن العدول تترتب عنه آثار قانونية تنصرف إلى المهر الذي يجب رده في حالة العدول امتثالا لما ذهب إليه غالبية فقهاء المذاهب الأربعة، وإلى الهدايا المتبادلة بين الطرفين حيث أن الخاطب إذا عدل عن الخطبة لا يسترد شيئا مما أهداه، كما ألزمه القانون بأن يرد للمخطوبة ما لم يستهلك مما أهدته أو قيمته.
كل هذا فضلا على إقرار المشرع لحق الطرف المتضرر من العدول عن الخطبة في الحصول على تعويض لجبر الضرر المادي و/أو المعنوي الذي لحق به جراء العدول عن الخطبة، وما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام هو أن مسألة التعويض عن الأضرار الناجمة عن العدول عن الخطبة مسألة حديثة، إذ نجد أن الفقه الإسلامي القديم لم يتعرض لهذه المسألة لا من قريب ولا من بعيد لكون الناس يلتزمون بمبادئ الشريعة الإسلامية الغراء، فلم يكن ذلك يتيح للخطيبين الأسباب التي تجعلهما يتضرران ماديا أو معنويا، إلى جانب كون الحياة في تلك الفترة في غاية البساطة إذ لا وجود للبذخ في المهر ولا تفاخر وتباهي بالهدايا عكس ما هو عليه حاليا.
قــائمة المصادر المراجع:
أولا: باللـغة العربيــة:
- الكتب:
- أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، الأدب المفرد، ط3، دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان، 1989.
- أحمد حافظ نجم، حقوق الإنسان بين الإعلان والقرآن، دار الفكر العربي، 1964.
- السنهوري أحمد عبد الرزاق، الوسيط في شرح القانون المدني، دار النهضة العربية، القاهرة، 1981.
- إكاسولن خيرة، الخطبة وأثر العدول عنها، دار الأمل للنشر والطباعة والتوزيع، تيزي وزو، الجزائر، 2013.
- الدريني فتحي، دراسات وبحوث في الفقه الإسلامي المعاصر، دار قتيبة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 1998.
- بن حرز الله عبد القادر، الخلاصة في أحكام الزواج والطلاق، دار الخلدونية للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 2007.
- بن ملحة الغوتي، قانون الأسرة الجزائري على ضوء الفقه والقضاء، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2008.
- جميل فخري محمد جانم، مقدمات عقد الزواج، الخطبة في الفقه والقانون، دار الحامد للنشر والتوزيع، الأردن، 2009.
- عبد الله مبروك النجار، التعويض عن فسخ الخطبة، أسسه ومدى مشروعيته في الفقه الإسلامي والقانون، دار النهضة العربية، القاهرة،د.ت.ن.
- علي علي سليمان، النظرية العامة للإلتزام مصادر الإلتزام في القانون المدني الجزائري، ط7، ديوان المطبوعات الجامعية، 2007.
- لحسن بن آث شيخ ملويا، المنتقى في قضاء الأحوال الشخصية، ج1، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 2006.
- محمد كمال الدين إمام، أحكام الأحوال الشخصية للمسلمين، منشأة المعارف للطباعة والنشر والتوزيع، الإسكندرية، 2000.
- محمد أبو زهرة، الأحوال الشخصية، دار الفكر العربي، القاهرة، 1971.
- محمد بن يزيد القزويني(ابن ماجة)، سنن ابن ماجة، تعليق محمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف، المملكة العربية السعودية، د.ت.ن، ص 400.
- المقالات:
أسامة محمد منصور الحموي، أثر العدول عن الخطبة في الفقه والقانون (دراسة مقارنة)، مجلة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 27، العدد 3، 2011، ص ص 418-438.
- الوثائق والمطبوعات:
قاضي سعيد، محاضرات ألقيت على طلبة الماستر تخصص قانون خاص داخلي، جامعة تيزي وزو، كلية الحقوق والعلوم السياسية، السنة الجامعية 2010/2011.
- النصوص القانونية:
- القانون رقم 84-11 مؤرخ في 9 يونيو 1984، يتضمن قانون الأسرة معدل ومتمم بالأمر رقم 05-02 مؤرخ في 27 فبراير 2005.
- الأمر رقم 75-58 مؤرخ في 26 سبتمبر يتضمن القانون المدني المعدل والمتمم.
- النصوص القانونية الأجنبية:
أ. قانون الأحوال الشخصية السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 59 الصادر بتاريخ 07/09/1953، المعدل بالقانون رقم 34 الصادر بتاريخ 31/12/1975.
ب. قانون الأحوال الشخصية الأردني، رقم 36 لسنة 2010، على الموقع التالي: https://www.aliftaa.jo/ShowContent.aspx?Id=205#.Xm9W1XJKjIU.
ثانيا: باللـغة الفرنسيـة:
- COURBE Patrick, Droit de la famille, Armand colin, 1997.
[1]« -La liberté nuptiale se compose de trois attribues : la liberté de se marier, la liberté de refuser le mariage et en fin la liberté de choisir son conjoint… », COURBE Patrick, Droit de la famille, Armand colin, 1997, p 22.
[2]-سورة النساء، الآية 21.
[3]-القانون رقم 84-11 مؤرخ في 9 يونيو 1984، يتضمن قانون الأسرة معدل ومتمم بالأمر رقم 05-02 مؤرخ في 27 فبراير 2005.
[4]– أنظر في ذلك، أحمد حافظ نجم، حقوق الإنسان بين الإعلان والقرآن، دار الفكر العربي، 1964، ص 120.
[5]-للتفصيل أكثر في ذلك أنظر ،بن حرز الله عبد القادر، الخلاصة في أحكام الزواج والطلاق، دار الخلدونية للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 2007، ص 154 وما بعدها.
[6]-أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، الأدب المفرد، ط3، دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان، 1989، ص 198.
[7]-هذا ما تؤكده المادة 124 مكرر من الأمر رقم 75-58 مؤرخ في 26 سبتمبر يتضمن القانون المدني المعدل والمتمم، بنصها على أنه “يشكل الاستعمال التعسفي للحق خطأ لا سيما في الحالات التالية:
– إذا وقع بقصد الإضرار بالغير
– إذا كان يرمي للحصول على فائدة قليلة بالنسبة إلى الضرر الناشئ للغير
– إذا كان الغرض منه الحصول على فائدة غير مشروعة“.
[8]– يعتبر رأي المشرع الجزائري في هذا الصدد موافق لغالبية التشريعات في الدول العربية، ويمكن أن نذكر منها التشريع السوري حيث تنص المادة 03 من قانون الأحوال الشخصية السوري على أنه “لكل من الخاطب والمخطوبة العدول عن الخطبة“. أنظر في ذلك قانون الأحوال الشخصية السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 59 الصادر بتاريخ 07/09/1953، المعدل بالقانون رقم 34 الصادر بتاريخ 31/12/1975.
وكذلك التشريع الأردني حيث نص في الفقرة (أ) من المادة 4 من قانون الأحوال الشخصية على أنه” لكل من الخاطب والمخطوبة العدول عن الخطبة” و للمزيد من التفصيل في ذلك راجع قانون الأحوال الشخصية الأردني، رقم 36 لسنة 2010، على الموقع التالي: https://www.aliftaa.jo/ShowContent.aspx?Id=205#.Xm9W1XJKjIU.
فيستقى مما ذكر أنه من وجهة نظر مشرعي هذه الدول، عند عدم وجود عقد فلا إلزام ولا التزام، وإن كان هذا من وجهة النظر الأدبية والأخلاقية مستهجنا ومستقبحا لما فيه من نقض للعهد وإلحاق للأذى بالغير.
[9]-هذا ما تقضي به المادة 72 من الأمر رقم 75-58 مؤرخ في 26 سبتمبر يتضمن القانون المدني الجزائري، المعدل والمتمم، بنصها على أنه “إذا وعد شخص بإبرام عقد ثم نكل وقضاه المتعاقد الآخر طالبا تنفيذ الوعد وكانت الشروط اللازمة لتمام العقد وخاصة ما يتعلق منها بالشكل متوافرة قام الحكم مقام العقد “.
[10]-لحسن بن آث شيخ ملويا، المنتقى في قضاء الأحوال الشخصية، ج1، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 2006، ص 33.
[11]-محمد أبو زهرة، الأحوال الشخصية، دار الفكر العربي، القاهرة، 1971، ص 35.
[12]-المحكمة العليا، غرفة الأحوال الشخصية، 25/12/1989، ملف 34089، المجلة القضائية لسنة 1990، عدد 4، ص 102.
[13]-أسامة محمد منصور الحموي، أثر العدول عن الخطبة في الفقه والقانون (دراسة مقارنة)، مجلة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 27، العدد 3، 2011، ص 418.
[14]-الدريني فتحي، دراسات وبحوث في الفقه الإسلامي المعاصر، دار قتيبة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 1998، ص 146.
[15]-محمد بن يزيد القزويني(ابن ماجة)، سنن ابن ماجة، تعليق محمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف، المملكة العربية السعودية، دون تاريخ النشر، ص 400.
[16]-عبد العزيز بن عبد الله عبد العزيز الصعب، التعسف في استعمال الحق في مجال الإجراءات المدنية، أطروحة مقدمة استكمالا لمتطلبات الحصول على شهادة الدكتوراه، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، كلية الدراسات العليا، قسم العدالة الجنائية، السعودية، 2010، ص 80.
[17]-للمزيد من التفصيل، أنظر إكاسولن خيرة، الخطبة وأثر العدول عنها، دار الأمل للنشر والطباعة والتوزيع، تيزي وزو، الجزائر، 2013، ص 75.
[18]-جميل فخري محمد جانم، مقدمات عقد الزواج، الخطبة في الفقه والقانون، دار الحامد للنشر والتوزيع، الأردن، 2009، ص 224.
[19]-جميل فخري محمد جانم، المرجع نفسه، ص 242.
[20]-فتحي الدريني، مرجع سابق، ص 269.
[21]-محمد كمال الدين إمام، أحكام الأحوال الشخصية للمسلمين، منشأة المعارف للطباعة والنشر والتوزيع، الإسكندرية، 2000، ص 80.
[22]-بن ملحة الغوتي، قانون الأسرة الجزائري على ضوء الفقه والقضاء، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2008، ص 38.
[23]– مضمون نص المادة 15 من القانون رقم 84-11 المعدل والمتمم.
[24]-تنص المادة 9 مكرر من قانون الأسرة على أنه”يجب أن تتوفر في عقد الزواج الشروط الآتية: أهلية الزواج، الصداق، الولي، شاهدان، إنعدام الموانع الشرعية للزواج“.
[25]-مضمون المادة 16 من قانون الأسرة.
[26]-قاضي سعيد، محاضرات ألقيت على طلبة الماستر تخصص قانون خاص داخلي، جامعة تيزي وزو، كلية الحقوق والعلوم السياسية، السنة الجامعية 2010/2011، ص 25.
[27]-قاضي سعيد، مرجع سابق، ص 28.
[28]-عبد الله مبروك النجار، التعويض عن فسخ الخطبة، أسسه ومدى مشروعيته في الفقه الإسلامي والقانون، دار النهضة العربية، القاهرة، دون تاريخ النشر، ص 89.
[29]-تنص المادة 5 من قانون الأسرة في فقرتها الثالثة أنه”إذا ترتب عن العدول عن الخطبة ضرر مادي أو معنوي لأحد الطرفين جاز الحكم له بالتعويض“.
[30]-أنظر في ذلك علي علي سليمان، النظرية العامة للالتزام مصادر الالتزام في القانون المدني الجزائري، ط7، ديوان المطبوعات الجامعية، 2007، ص 162.
[31]-السنهوري أحمد عبد الرزاق، الوسيط في شرح القانون المدني، دار النهضة العربية، القاهرة، 1981، ص 827.
[32]-للتفصيل أكثر راجع محمدي نصيرة، التعويض عن الضرر الناجم عن العدول عن الخطبة-دراسة مقارنة- دار هومة للنشر والطباعة والتوزيع، الجزائر، 2016، ص 52 وما بعدها.