
التنمية الحضرية في الجزائر: أي دور للمجتمع المدني ؟
دراسة ميدانية لأحزاب ونقابات وجمعيات- بمدينة خنشلة-
د. بوسالمي عامر/جامعة خنشلة،الجزائر د. مونيس أحمد/جامعة البليدة -02-،الجزائر
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 46 الصفحة 23.
ملخص :نتيجة لتعقد الحياة وكثرة المطالب وتعدد الحاجيات وتنوعها، الدولة بمفردها لم تعد تستطيع القيام بجميع الوظائف التنموية، بل لابد من توافر شريك يتحمل معها أعباء ومسؤوليات المواجهة والإصلاح والتنمية والتأثير على أجندة سياسات التنمية الحضرية في مجتمع المدينة.ثير علأفقد أصبحت المدنية تمثل الواسطة الحضرية لتطوير أدوات الإنسان عن طريق مختلف الأدوار الحضرية والثقافية والإنتاجية التي تقدمها في آن واحد، فهي البيئة الأقدر على تفهم حاجات السكان الحضريين المتطورة والمتفاعلة معها وباستمرار باعتبـــار أن قيمة المدينة ومكانتها تتحقق بمقدار ما تقدمــه لسكانها مــن خدمات حضرية متعددة ومتطورة ومتجددة، لأن وظيفة المدينة تمثل انعكاسا لخدماتها وأنشطتها الحضرية.
إلى ذلك تمتاز المجتمع المدني بقدرتها على التقاط الأحاسيس الحقيقية لأفراد المجتمع والتعبير عنها بموضوعية، وبمستوى عال من المسؤولية والجد على افتراض أساسي أن هذه المؤسسات تصبح أكثر قدرة على مواجهة مشكلاتها وأكثر فاعلية في مقابلة حاجات وسياسات التنمية الحضرية، وطرح وبلورة التصورات البديلة للأولويات والبرامج والأنشطة الحضرية.
الكلمات المفتاحية: فاعلية، المجتمع المدني، التنمية الحضرية، وظيفة المدينة، أدوار حضرية، أحزاب، نقابات، جمعيات.
1- تحديد الإشكالية:
تعتبر المدينة مسرحا للنشاط اليومي، يتم فيه التبادل الاجتماعي والتفاعل الثقافي لتطوير الملكات والمواهب في هذا المجال، وهي بذلك تصقل سلوكهم العام حسب ما يعتنقه الغالبية منهم من قيم مستمدة من البيئة، فقد أصبحت الوعاء الذي يضم مكونات مادية وأخرى لا مادية، ومركزا لتلبية المصالح وقضاء الحاجيات والأغراض المتنوعة بأشكال وأنماط مختلفة.([1])
دفعت الاتجاهات المرتبطة بالتحضر المفرط بالبلدان النامية والتي تمثلت في زيادة حجم سكان المدن وعددها، وتدهور الكثير من البيئات الحضرية وتفاقم العديد من المشكلات التي أصبحت ملازمة للحياة الحضرية وخاصة في المدن الكبرى، إلى زيادة الاهتمام بمستقبل المدن ورفاهية سكانها، فالتغيرات العالمية الجديدة، وسرعة إيقاعها وما تحمله من تداعيات، وتواصل التعبير حول المساكن السكانية ذات الطابع الحضري في أبعاده الفيزيقية والتنموية والاجتماعية والمجسدة في الرغبات والمواقف والطموحات التي تظهر في كل الآراء وإرهاق الحياة الحضرية. في مواجهة الحاجات الحياتية المختلفة، تطرح هذه التحولات إشكالية جديدة للاستطلاع والاستشراف في مجالات المشاركة والالتزام في كل ما يخص مجتمع المدينة تأمينا لتحقيق الإنماء المتوازن وهي في ذلك تدفع إلى رسم مسارات جديدة ومتطورة. لهذا برزت الحاجة لسياسة فعالة وشاملة للتنمية الحضرية في الوقت الراهن لضرورة ملحة ومطلبا ضروريا، ومن هنا تزايد في السنوات الأخيرة على دعوة للتنمية الحضرية، سرعان ما اكتسبت هذه الدعوة أهمية واعترافا واسعا.
من جهة أخرى نجد التنمية الحضرية تضع على رأس أولوياتها الارتقاء بجودة الحياة في المدينة، وهي سياسة جديدة واعدة لكبح تدهور الحياة الحضرية، كما أنها خطوة إيجابية لمعالجة مشاكل المدينة الحرجة، وهي آلية للارتقاء بأفراد المجتمع لحياة مستقرة وآمنة، تسهل لهم القدرة للحصول على متطلبات الحياة من صحة وبيئة وسكن لائق وسهولة الوصول إلى المنافع العامة، والترفيه، وتحفزهم على الاندماج والتفاعل الاجتماعي وتقوي إرادتهم للانخراط في مؤسسات المجتمع المدني مما يسمح لهم بالمشاركة في تسيير فضاءاتهم المعيشية في إطار من الحوار والتضامن.
إن دور مؤسسات المجتمع المدني يؤثر في التنمية الحضرية، كذلك التنمية الحضرية تحفز اليقظة لهذه المؤسسات وتدفعهم للمشاركة بفاعلية في تطوير مجتمعهم الحضري وإدارة شؤونه والسهر على إنمائه، وهنا تبدو الحاجة قوية غلى وجود مجتمع مدني يقوم بتوعية أفراد المجتمع بأهميتها.
هذا، وتلعب الجزائر دورا كبيرا من أجل تفصيل دور مؤسسات المجتمع المدني، وذلك بغية تنفيذ معظم البرامج التنموية لتقدم نموذجا يعمل على توفير الخدمات الحضرية ذات الأولوية فتعكس بدرجة كبيرة مدى الترابط والألفة بين المدينة والسكان، هذه المحاولة المعقدة تحتاج إلى وضع سياسات واستراتيجيات تأخذ بنظر الاعتبار مشاركة مؤسسات المجتمع المدني لتحسين نوعية الحياة الحضرية بإيجاد توازن بين خدمات المدينة المتنوعة وبين ما يتطلب توافره لسد حاجات الأفراد من هذه الخدمات.
وعليه فالتساؤل الرئيسي لهذه الدراسة هو:
ما هو دور مؤسسات المجتمع المدني في برامج التنمية الحضرية؟
وتحت هذا التساؤل الرئيسي تندرج عدة تساؤلات فرعية نذكر منها:
- ماهي الوظائف التنموية التي تضطلع بها مؤسسات المجتمع المدني؟
- ماهي أهم العراقيل التي تواجه عمل هذه المؤسسات؟
- أين يكمن وعي السكان بحتمية سياسات التنمية الحضرية في بناء المجتمع الخنشلي؟
- هل تقف الأنساق التقليدية حجر عثرة في مواجهة برامج التنمية الحضرية في هذه الأحياء؟
2- أهداف الدراسة:
- التعرف على مؤسسات المجتمع المدني التي تعمل في مجال التنمية الحضرية.
- التعرف على مختلف الأدوار التي تؤديها والكشف عن مجالات تدخلها في أحياء الدراسة.
- معرفة العلاقة بين مؤسسات المجتمع المدني والتنمية الحضرية والذي يمكن أن تلعبه في تنمية المدينة، وتحسين صورتها إلى الأحسن من خلال مجالات تدخلها.
- تشخيص أهم المشاكل والمعوقات التي تقف عائقا أمام أداء ونشاط هذه المؤسسات وكيفية تجاوزها.
- الوقوف على مدى ارتفاع الوعي لدى السكان ببرامج التنمية الحضرية، ومدى انسجامها مع احتياجاتهم الفعلية والمتزايدة باستمرار.
3- مفاهيم الدراسة:
3-1- المفاهيم الرئيسية: و دراستنا هذه تتضمن أربعة مفاهيم أساسية و المتمثلة أساسا في:
- دور المؤسسات.
- المجتمع المدني.
- التنمية الحضرية.
دار، دورا، دورانا: انطلق في حركة متواترة حول نفسه، تحرك دائريا وعاد إلى حيث كان، وإلى حيث بدأ.([2])
دور: [مفرد] ج أدوار لغير المصدر.
مهمة ووظيفة: نقول قام بدور.
ومنه لعب دورا: شارك بنصيب كبير، شارك بعمل ما، أو أثر في شيء ما.
- الدور الاجتماعي: السلوك المتوقع من الفرد في الجماعة أو النمط الثقافي لسلوك الفرد الذي يشغل مكانة معينة.([3])
هناك من يعتبر الدور رباط اجتماعي يحدد توقعات والتزامات تقترن مع المواقع الاجتماعية وهو ناتج عن عمليات التفاعل الذي يبلوره الأفراد بحيث يتضمن كل دور تفاعل مع الآخرين.([4])
والدور بمعناه السوسيولوجي، ينسب غالبا إلى “رالف لينتون” وهو نظام إلزامي معياري يفترض بالفاعلين الذي يقومون به الخضوع له.([5])
إن الدور بحسب هذه التعاريف هو نظام يتبعه الفرد داخل الجماعة، ويترجم عادة إلى سلوك ، يتحدد من خلاله الموقع الاجتماعي للفرد، وهو تحصيل حاصل لعمليات التفاعل المستمرة والمتجددة يوميا، كما أنه مرتبط بهدف معين.
خدمة لأهداف البحث تم وضع التعريف الإجرائي التالي:
الدور هو: ” سلوك الفرد داخل الجماعة، ناتج عن عمليات التفاعل، بغية تحقيق أهداف معينة “.
إن مصطلح “المؤسسة” اشتق من لفظ instutitions والتي تعني التعهد والالتزام بانجاز عمل يكتسي أهمية كبرى، أي التكفل بهمة هامة نسبيا.([6])
هي” تجمعات إنسانية يحدد نظامها ويسير عملها القانون، وهي مجموعة الآليات الاجتماعية الرامية إلى تحقيق الخير المشترك للجماعة الإنسانية داخل الدولة، وهي كل ما هو منظم إراديا في مجتمع معين – بحسب جاك أيلول– وتنشأ المؤسسة وليدة حاجة أو شبه فكرة أو قيمة معينة، وتأتي وليدة حاجة إنسانية فردية أو جماعية وترتكز على قواعد معينة، وتقيم روابط بين مجموعة من الأفراد، وهي تكسب شخصية خاصة بها تضعها فوق إرادة مؤسسيها وتدوم بغيرهم، وتتنوع بين مؤسسات خاصة (أحزاب، نقابات، جمعيات) ومؤسسات عامة ترتبط بالنظام العام في المجتمع والدولة “.([7])
أما المؤسسة كتنظيم ” هي مجموعة بشرية منظمة، ونسق اجتماعي موجه نحو متابعة هدف أو أكثر (إشباع رغبات، أو أشياء أو خدمات، تحقيق الأرباح، توفير الشغل) تثقل ملزماته كاهل أفراده “.([8])
كما ذكر تعريف المؤسسة في معجم “روبير” بأنها: ” مجموعة الأشكال الأساسية لتنظيم اجتماعي كما قررها القانون أو العادات في هيئة اجتماعية “. وتعرف كذلك على أنها” مجموعة علاقات اجتماعية منظمة لاحتواء وتنظيم جهود الأفراد لتحقيق الأهداف المشتركة “.
” المؤسسة تنظيم يحتوي على مجموعة من القوانين، تضم مجموعة بشرية، لها أساليب عمل ملزمة لأفرادها، تتمتع بشرعية لإشباع حاجات الأفراد المشتركة عبر الزمن، وهي في غالب الأحيان مستقلة ماليا “.
المجتمع المدني:
لم يتحدد دفعة واحدة، ولكنه قطع شوطا تاريخيا، شارك في تحديده مفكرون كثيرون حتى حدث اتفاق بشأن تعريفه وتعيين حدوده، فلقد عرف كغيره من مفاهيم العلوم الاجتماعية والإنسانية تغيرا وتطورا في معناه ودلالاته منذ ظهوره.
عرف مفهوم المجتمع المدني عدة انعطافات عبر تاريخ استعماله وترجمته، فمن الناحية الاشتقاقية يمكن اعتبار Civil في اللاتينية مرادف Political في الإغريقية، كما أن Polis الإغريقية وCivitas اللاتينية لا يؤديان الدلالة نفسها، بمفهوم: Polis له وجود مستقل بصرف النظر عن العلاقات التي تنسجها مكوناته. ([9])
وقد كان أرسطو يستعمل مفهوم Zoonpolitikon مما يعني الحيوان السياسي على الرغم من أن Politikon في الإغريقية تعني أيضا: ” اجتماعي” وبناءا على ذلك يكون الإنسان حيوانا تواصليا (ناطق بالأساس) يمارس السياسة.
مع الانتقال إلى اللغة الألمانية نلاحظ أن مفهوم gesellshaft Burgerliche ينطوي على دلالتين أما الأولى فتعني: المجتمع المدني، وأما الثانية فتحيل على المجتمع البرجوازي، ومثلها في الانجليزية والفرنسية، ويحيلنا كل من مفهوم Civil ومفهوم Burgerعلى التعارض مع الدين، ولذلك: فالمجتمع المدني مجتمع لائكي بطبيعته وفي جوهره.
لعل أحدث تعريف لمفهوم المجتمع المدني، كما يعبر عنه رائد بحوث المجتمع المدني في الوطن العربي ” سعد الدين إبراهيم “هو” فضاء للحرية، يلتقي فيه الناس، ويتفاعلون تفاعلا حرا، ويبادرون مبادرات جماعية بإرادتهم الحرة من أجل قضايا مشتركة أو للتعبير عن مشاعر مشتركة “.
يمكن تعريف المجتمع من ناحية بأنه: “تألف ووجود جماعي من البشر المنتجين، تربط بينهم علاقات معينة ومستقلة عن إرادتهم، أثناء عملية الإنتاج الاجتماعي لحياتهم، هذه العلاقات تعكس مستوى محدد من تطور قوى الإنتاج وشكلا معينا من التبادل والاستهلاك وتعبر علاقات الإنتاج عن مجمل أشكال الحياة في عمق المجتمع: الحياة الزراعية والصناعية والتجارية “ .([10])
وهناك من يعتبر المجتمع المدني واحدا من أهم مفاهيم الفكر السوسيولوجي ” فهو مجموعة من الناس في حيز معين ويخضعون لنظام واحد من السلطة السياسية وهم على وعي بأن لهم هوية تميزهم عن الجماعات المحيطة بهم “.([11])
ويعرفه أخرون بأنه ” وعاء يضم كافة المؤسسات والمنظمات المجتمعية غير الحكومية، ويعتبر مجالا للروابط الإنسانية غير القمعية، والتي تقوم بالاختيار الحر، و تركيبة اجتماعية حافلة بوحدات عديدة سواء على أساس طبقي أو جغرافي، يحمل جملة من الأنشطة التطوعية الحرة التي تتمتع بدرجة من التمايز”.([12])
” هي مجموعة المؤسسات التطوعية المختلفة، تجتذب إليها شريحة واسعة من أفراد المجتمع يمارسون أنشطة إنسانية تعمل على تدعيم المجتمع وتقويته، وتتمتع باستقلال مالي، بعيدة عن سيطرة الدولة، هدفها هو الإصلاح والاهتمام بالشأن العام عن طريق إشراك أفراد المجتمع بكل فئاته التي تسهم في ترشيد مسيرته وتعزيز خطاه من أجل تحقيق تنمية حضرية حقيقية وفعالة “.
لا نكاد نجد تعريفا محددا ومتفقا عليه للتنمية الحضرية بين المشتغلين والمهتمين بالتنمية بصفة عامة شأنه في ذلك شأن العديد من المفهومات.
يعرفها: ” حسين عبد الحميد أحمد رشوان” بأنها: ” مجموع التغيرات التــي تعتري المدينة وتقديم مختلف الخدمات والمواقف التي تخدم ساكنها، وتوفر له كل ما يحتاجه في سبيل تحقيق حاجاته ومطالبه الفيزيولوجية والاجتماعية، وهي بذلك عملية تعقد الاتجاهات الاجتماعية والإيكولوجية والثقافية، والتي تؤدي إلى تنمية المدينة، وتشمل هذه التغيرات المساكن والمدارس وبناء العمارات وإنشاء الشوارع والأحياء وتعبيد الطرق، وتقديم مختلف الخدمــات والمرافق التــي تخدم ساكــن المدينة “.
أما”عبدو القاعي” يرى بأنها: ” عملية تحريك العمران وتنظيمه وربطه بحاجات الأفراد وثقافتهم وقيمهم ورغباتهم ومصالحهم المشتركة كما وبالمدى العام لتكوينهم المجتمعي، كما تستهدف مستوى المسارات الاقتصادية الراهنة والهادفة إلى تأمين الازدهار المادي عبر استغلال الموارد البشرية والطبيعية، أحسن استغلال “.
وينظروا إليها آخرون بأنها: ” تطوير قابليات البيئات الحضرية نحو توظيفها لإمكانياتها الحضرية بما فيها قطاع الخدمات وتحسين نوعية الحياة والظروف المحيطة بها، واستيعاب جميع المتغيرات الوظيفية التي تمكن المجتمع ومقدراته من النمو العقلاني والتكامل المنتظم، كما تهدف إلى تطوير مراكز العمران وتخطيط المدن، ومحاولة إيجاد بيئات حضرية مستقرة، وهذا ما ينعكس بشكل كبير على مراكز تقديم الخدمات ومقدار كفاءتها في إشباع الحاجات الأساسية للساكنة “.([13])
إن التنمية الحضرية تعني فيما تعنيه إعادة تأهيل كلي للفضاء المديني (الحضري) وذلك بتوفير إطار معيشي ذو أهمية، تجتمع فيه كل المتطلبات والحاجيات الوظيفية والجمالية وذلك بإرساء قواعد جديدة لعصرنة الحياة الحضرية في إطار شراكة بين مختلف الفاعلين الاجتماعيين لترسيخ ثقافة جودة الحياة لدى الساكنة وهذا ما تسعى إليه التنمية الحضرية.
” هي خلق الشروط والظروف المساعدة على مواجهة مشاكل السكان الحضرية، من خلال إيجاد التوازن بين الموارد والسكان ومساعدة هؤلاء على التحكم أكثر في أوساطهم الطبيعية والاجتماعية. وذلك في ضوء التكامل بين الجهود الحكومية ومختلف الفاعلين الاجتماعيين، فهي تهتم بكل جوانب الحياة المجتمعية في المجتمع الحضري، ورفع مستوى معيشة سكان المدينة ماديا ومعنويا وتوفير حاجياتهم الأساسية في جميع القطاعات “.
إن التنمية الحضرية تعني فيما تعنيه إعادة تأهيل كلي للفضاء المدني) الحضري (و ذلك بتوفير إطار معيشي ذو أهمية، تجتمع فيه كل المتطلبات والحاجيات الوظيفية والجمالية، وذلك بإرساء قواعد جديدة لعصرنة الحياة
فهي عمل جماعي مشترك يتضمن طابعا تعاونيا تشارك فيه كل من الأجهزة الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني وأفراد المجتمع من أجل إحداث نقلة نوعية في المدنية وتغيرات اجتماعية بها من خلال توجيه وتنظيم الجهود، وبالتالي نقل مجتمع من حالة ووضع معين إلى الأحسن.
4- فروض الدراسة:
- تقوم مؤسسات المجتمع المدني بعدة وظائف لتدعيم برامج التنمية الحضري
- الموارد المالية والبيروقراطية تقف عائقا أمام نشاط مؤسسات المجتمع المدني.
– سياسات التنمية الحضرية تتلاءم ووعي السكان وانسجامها مع مطالبهم واحتياجاتهم.
لا بد من كل بحث سوسيولوجي من ذكر زمان حدوث الظاهرة حتى يتسنى وصفها وتحليلها وفق الزمان والمكان الذي توجد فيه وكذا الأفراد الذين يشكلون هذه الظاهرة . ([14])
ومن أجل هذا فقد تم توضيح العناصر الثلاثة الأساسية التي ترتكز عليها هذه الدراسة في طريقة تناولنا لمشكلة الدراسة، من خلال تبيان الأبعاد الثلاثة لها كما يلي :
اقتصرت دراستنا على مدينة خنشلة، حيث تم اختيار بعض مؤسسات المجتمع المدني (أحزاب، نقابات، جمعيات) في العينة القصدية الأولى وعددها 15 مؤسسة، حيث قصدنا هذه المؤسسات كخطوة أولى، وفي حالة عدم وجود المقرات لبعض المؤسسات من حال الجمعيات ذهبنا لأمكنة عملهم أومنازلهم، وذلك بعد أخذ عناوين وأرقام الهواتف.
أما في العينة الثانية (العنقودية) فقد اخترنا أربعة أحياء لإجراء الدراسة الميدانية مختلفة من الناحية الفيزيقية والجمالية، تتوزع بين الأحياء الراقية متمثلة في (حي السعادة)، أحياء متوسطة (حي 80 سكن) وأحياء شعبية عتيقة (حي المقبرة الإسلامية)، وأحياء عشوائية (حي النور)، لكنها متجانسة من الناحية المكانية (الجغرافية) حيث تقع كلها بمدينة خنشلة والديمغرافية كخصائص السكان.
يمثل البعد الزمني الفترة الزمنية والوقتية لحدوث تلك الظاهرة، وكذا تأثيرها على الوسط الاجتماعي وفترة تناولها بالدراسة من قبل الباحث،بحكم الظاهرة الاجتماعية متغيرة وغير ثابتة فهي تتمتع بالدينامكية،لذا يستوجب علينا ضبط العنصر الزمني لتناول (دور مؤسسات المجتمع) من أجل التحكم أكثر في المادة التحليلية ،ومن أجل هذا فإنه تم تحديد الفترة الزمنية لتناول هذا الموضوع وفق التوزيع الزمني التالي:
- الفترة الأولى: تم القيام بعدة زيارات استطلاعية لمؤسسات المجتمع المدني (أحزاب،نقابات،جمعيات) والتي من خلالها تم معاينة مقراتها بالإضافة إلى الحصول و التعرف على برامجها ودورها الذي تقوم به في المجال التنموي خاصة التنمية الحضرية والتي أفادنا في الحصول على البيانات والمعلومات المتعلقة بالبحث، من خلال إجراء لقاءات وحوارات مع قيادي ورؤساء المؤسسات.
- الفترة الثانية: كانت مرحلة جمع البيانات والإحاطة بموضوع الدراسة المتمثلة في دور مؤسسات المجتمع المدني في التنمية الحضرية،من خلال العمل المكتبي وجمع الدراسات السابقة والنظرية التي تناولت مثل هذه الدراسة.
- الفترة الثالثة: كانت فترة إجراء الدراسة الميدانية من خلال الزيارات المتعددة والمتكررة لهذه المؤسسات ومحاولة الحصول على برنامج كل واحدة منها، بهدف تشخيص الظاهرة عن قرب وبالتالي الحصول على بيانات واقعية وميدانية للظاهرة وكذا سكان الأحياء المعتمدة في الدراسة.
- الفترة الرابعة الممتدة: كانت فترة توزيع الاستمارات التجريبية التي تشكل أداة القياس الرئيسية المتبعة في هذه الدراسة وقصد جمع المعطيات من المبحوثين (الاستمارة التجريبية(.
- الفترة الخامسة: كانت فترة توزيع الاستمارات الحقيقية واستردادها من المبحوثين الذين وزعت عليهم من أجل الحصول على معلومات تكون المادة الخام لدراستنا فيما بعد.
- الفترة السادسة الممتدة: كانت فترة تفريع ومعالجة وتحليل البيانات المتحصل عليها من الأدوات المعتمدة في الدراسة (ملاحظة،استمارة استبيان،استمارة دليل مقابلة،السجلات والوثائق والإحصائيات الرسمية) للحصول على معلومات يمكن استعمالها في التحليل السوسيولوجي لدراستنا.
- المجال البشري:
للحصول على بيانات دقيقة ، يمكن توضيح العنصر البشري المعني بالتناول في هذه الدراسة وفقا لما يلي:
- يتكون المجال البشري للعينة القصدية من رؤساء وقيادي مؤسسات المجتمع المدني التي أجريت عليها الدراسة،( أحزاب،نقابات، جمعيات) وعددهم 15رئيسا .
– أما المجال البشري للعينة العنقودية فهو يتكون من سكان الأحياء المختارة للدراسة، وعددهم (90فردا) حيث اخترنا مسكن واحد من كل عشرة مساكن في كل حي ممثلين برب أسرة واحد أو ينوب عنه شخص واحد من أفراد أسرته.
بما أن مؤسسات المجتمع المدني هي الطرف الأساسي في التنمية الحضرية، إلى جانب السكان بمثابة القاعدة الأساسية والمستهدفة من هذه العملية وانطلاقا من أهداف الدراسة التي تتمحور: حول معرفة العلاقة بين هذه المؤسسات وعلاقتها بالتنمية الحضرية، فإن النمط الأقرب إلى تحقيق هذه الأهداف هي:
المؤسسات النشطة والفاعلة والتي لها تأثير على مستوى الدولة (الجماعات المحلية) وعلى مستوى المجتمع والفعل الاجتماعي.
وتركز هذه الدراسة على عينتين تم أخذها من مجتمعين مختلفين:
المجتمع الأول: يمثل رؤساء مؤسسات المجتمع المدني (أحزاب، نقابات، جمعيات) .
المجتمع الثاني: فيمثل السكان ، حتى يتسنى لنا بهذا الشكل دراسة التنمية الحضرية من جهة المؤسسات والسكان معا.
وقد تم في العينة الأولى إتباع أسلوب العينات غير الاحتمالية (الغرضية) باستخدام العينة القصدية بناءا على توفرها:
- شرط التخصص في ميدان التنمية الحضرية.
- شرط الأقدمية والخبرة لمعظم المؤسسات.
- شرط ممارسة أنشطة بالإضافة إلى شرط النشاط والفعالية.
- شرط ثقل المركز (وزن المؤسسة).
ومن هنا كان الاختيار منصبا على مؤسسات المجتمع المدني النشطة والفاعلة و المتخصصة في النشاط التنموي
أما الأحياء التي اختيرت للدراسة فهي ( أربعة أحياء)، وكان سبب هذا الاختيار يعود إلى جملة من الأسباب هي:
- التركيز على الأحياء التي تستهدف أكثر التجمعات السكانية و معروفة.
- وجود علاقات وتسهيلات بالأحياء المختارة، منهم معارف في العمل، ومنهم أقارب، ومنهم وسطاء لبعض الزملاء الذين ساعدوني للوصول إلى بعض أفراد العينة.
ومن خلال هذه لأسباب يكون مجموع الأحياء المختارة هي أربعة أحياء موزعة على مجال المدينة.
ويمكن إتباع المراحل التي طبق وفقها المنهج الوصفي في دراستنا:
- جمع التراث النظري المتعلق بموضوع الدراسة.
- تحديد الإشكالية وصياغة أسئلتها وفرضياتها.
- تعيين مجتمع الدراسة وتحديد خصائصه ومميزاته ليتم بعدها اختيار العينة المناسبة.
- اختيار الأدوات المنهجية المناسبة وهي الملاحظة واستمارة الاستبيان ودليل المقابلة.
- تحليل البيانات وتفسيرها والخروج باستنتاجات وفقا للمدخل النظري والدراسات السابقة.
6.كذلك التعرف على دور السكان تجاه هذه المؤسسات لمواجهة المشكلات وتلبية احتياجاتهم للوقوف على حدود مشاريع التنمية الحضرية بالأحياء، وبيان حدود التفاعل بين الجهود الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني في عمليات التنمية الحضرية، بالإضافة إلى التعرف على وعي السكان بأهمية تحسين صورة المدينة من خلال المشاريع المقدمة.
وقد تم استخدامه للقيام بالتحليلات الإحصائية في عملية اختيار العينة وطريقة توزيعها وطريقة عرض البيانات التي تمت معالجتها في جداول تكرارية ودوائر هندسية ومدرجات تكرارية ورسومات بيانية، من أجل التمثيل الصحيح والواقعي لتلك البيانات حتى تعطي نظرة تحليلية أكثر دقة لها ويتسنى قراءتها قراءة إحصائية جيدة
من خلال بطاقة الملاحظة المستخدمة في هذه الدراسة فإنه تمكننا الخروج بالنتائج التالية:
- أمكننا التعرف على مقرات مؤسسات المجتمع المدني (أحزاب، نقابات، جمعيات) فمنهم من يمتلك مقر خاص ودائم كالأحزاب و النقابات، ومنهم من إتخذ مقر العمل مقرا لمؤسسته من حال الجمعيات.
- أمكننا الحصول على بيانات و معلومات تتعلق بهذه المؤسسات و الاطلاع على أهم البرامج التنموية التي تقوم بها خاصة في مجال التنمية الحضرية.
- التعرف على أهم و أنواع المشاريع التنموية التي طرحتها هذه المؤسسات،وقدمتها للأحياء المعنية بالدراسة.
- التعرف على أهم المرافق والخدمات الموجودة في هذه الأحياء.
- التعرف على الحياة اليومية للسكان.
- كما تم تحديد الجوانب العامة للموقع والحدود لهذه الأحياء من خلال حصولنا على الخرائط و البيانات المتعلقة بعدد المساكن والسكان.
- أمكننا التعرف على مشاكل كل حي على حدى.
- أمكننا التعرف على رضا السكان حول هذه المشاريع التنموية الموجودة في أحيائهم.
- المقابلة:
- بناء دليل المقابلة:
فقد تم جمع المادة الميدانية عن طريق دليل المقابلة مع رؤساء مؤسسات المجتمع المدني في التنمية الحضرية، حيث اشتمل هذا الدليل على عدد من المحاور الأساسية التي يغطي عدد منها القضايا والتساؤلات المرتبطة بأهداف البحث وتساؤلاته، منها بيانات خاصة بقادة مؤسسات المجتمع المدني من حيث السن والحالة التعليمية ومكان الإقامة، وبيانات تتعلق بالدور الذي تلعبه هذه المؤسسات بمدينة خنشلة، وبيانات تتعلق بالمشاكل المجتمعية والتنظيمية والإدارية، ويصل عدد الحالات التي تمت مقابلتها واعتمدت عليها الدراسة بصورة كاملة إلى خمسة عشر (15) حالة حيث تم التعرف على آراءهم.
وقد تمت صياغة أسئلة المقابلة وتصنيفها انطلاقا من مشكلة الدراسة والأسئلة التي أثارتها والأهداف التي ترمي إلى تحقيقها، بالإضافة إلى الفرضيات، وهذه المحاور هي:
– المحور الأول: علاقة مؤسسات المجتمع المدني بالتنمية الحضرية.
– المحورالثاني: علاقة مؤسسات المجتمع المدني بالسكان فيما يخص التنمية الحضرية.
– المحور الثالث: علاقة الجماعات المحلية بمؤسسات المجتمع المدني.
حيث نرى أهمية استخدامها وتطبيقها على عينة البحث بصورة تتلاءم مع طريقة وأهداف والإستراتيجيات العامة للبحث، ونوعية الوقت المتاح لتطبيقها والحصول على البيانات من المبحوثين، وتشمل الاستمارة محاور أساسية تضم أسئلة متعلقة ومتنوعة بحسب فروض وأسئلة الدراسة لا تخرج عنها.
لقد تم صياغة استمارة بحث أعدت خصيصا لهذا الغرض تضمنت (39) سؤالا قسمت على عدة محاور:
- المحور الأول: تناول مجموعة البيانات الأساسية والشخصية للمبحوث والحالة الاجتماعية.
- المحور الثاني: تضمن التعرف والتركيز على وعي المواطنين (السكان) ومشاركتهم في مشاريع التنمية الحضرية من خلال:
- اتجاهات سكان الأحياء تجاه حيهم، وعلاقتهم بالجيران والتعاون المتبادل بينهم.
- الخدمات والمرافق الحضرية الموجودة بأماكن إقامتهم وأهم المشاكل العالقة ومدى احتياجاتهم للخدمات.
- الأنشطة التطوعية بين سكان هذه الأحياء.
- علاقة السكان بمؤسسات المجتمع المدني والتفاعل الحاصل بينهم فيما يخص مشاريع التنمية الحضرية.
- علاقة السكان بالجماعات المحلية ومدى مساهمتهم في برامج التنمية الحضرية.
- المحور الثالث: تضمن الكشف عن المعوقات المختلفة حول مشاركة السكان في تنمية أحيائهم.
- المحور الرابع: تطرق إلى أهم مشاكل المدينة من خلال نظرة الساكنة.
- المعالجة الإحصائية لأداة الاستمارة:
لقد تم معالجة أداة الاستمارة حتى تكون جاهزة وصالحة لما تم إعدادها لها، حتى يتسنى لنا جمع معطيات صحيحة ودقيقة عن الظاهرة المدروسة وعدم الخروج أو الابتعاد عما هو مقصود أو مراد دراسته من خلال دور مؤسسات المجتمع المدني في التنمية الحضرية، ويمكن توضيح كيفية معالجة أداة الاستمارة من خلال:
- معالجة صدق المحكمين.
- معالجة الصدق الظاهري.
- معالجة ثبات الاستمارة.
- معالجة معدل الردود على أداة الاستمارة.
9- النتائج العامة للدراسة:
أولا- مناقشة نتائج الدراسة في ضوء الإطار النظري: ( المقاربة النظرية)
إن التنمية الحضرية تبدأ بتنظيمات اجتماعية مدنية، باعتبارها وحدات محلية تعمل في إطار خصائص المجتمع الحضري ، تلك التي تبدو فيها علاقات الوجه للوجه و الاعتماد المتبادل
بين الأفراد فيها، لذلك كان لزاما على القادة المحليين أن يعوا هذه الحقيقة، ولكي تتكامل وتتواصل هذه الأدوار لابد أن يسير السلوك الفردي والجماعي لمؤسسات المجتمع المدني والساكنة الحضرية في سياق متتابع مع كافة أحداث وأطوار التنمية الحضرية.
وقد بينت الشواهد الكمية المستقاة من الجانب الميدانية بعد اختبار فرضيات الدراسة النتائج الآتية:
أولا: يتبين لنا تنوع الأنشطة والخدمات التي يتم تقديمها للمجتمع وأفراده من خلال عمل مؤسسات المجتمع المدني، والذي يتجسد في:
- تقديم المشورة والدعم، بالإضافة إلى تقديم المساعدات لتيسير إنشاء مشروعات التنمية الحضرية، التي يمكن أن تساعد في رفع مستوى معيشة السكان، بالإضافة إلى الدور التنويري من خلال إثراء الوعي لدى أفراد المجتمع بالمشكلات والأمراض الاجتماعية.
- تراهن على الكثير من الأعمال التطوعية (النظافة العامة، التشجير…).
- تعتبر كخزانات للمعلومات التي تلجأ إليها أجهزة التنمية (الجماعات المحلية، الفاعلين الاجتماعيين) والخدمات الإرشادية لمعرفة كل ما يحتاجه سكان المدينة.
- تنمية وتطوير الثقافة المدينية وتحسيس وتوعية السكان بكيفية العيش في مدينة نظيفة خالية من الأمراض الاجتماعية.
- تنظيم وتفعيل ثقافة المبادرات الذاتي وثقافة التأكيد على بناء إرادة الإفراد وجذبهم إلى ساحة الحياة التشاركية، وترسيخ ثقافة عمرانية وقيم التحضر التي تبلور روح المدينة وتصبغ هويتها.
ثانيا:قلة الموارد المالية والمادية، إذ يلاحظ أن معظمها لا تتمتع بإمكانيات مالية، وبذلك يعتبر شح الموارد المالية من أبرز وأعقد التحديات التي تواجه عمل هذه المؤسسات، وهذا ينعكس على استقلاليتها عند مزاولتها لنشاطها وأن غالبية التمويل لمؤسسات المجتمع المدني (أفراد، نقابات، جمعيات) تقدم من اشتراكات الأعضاء والمناضلين والهبات.
- غالبية هذه المؤسسات تفتقر إلى المقرات خاصة الجمعيات، وإن وجدت فهي مغلقة في أغلب الأحيان ما عدا في المناسبات الانتخابية، كما نجد مؤسسات لديها مقرات كالأحزاب والنقابات.
- عدم وجود برنامج عمل واضح لهذه المؤسسات خاصة الجمعيات، فهي تتسم بالعشوائية، بالإضافة إلى عدم وجود سياسة واضحة من طرف الأجهزة الحكومية بإشراك كل المؤسسات في تدبير شؤون السكان والمدينة.
وعليه، فمعوقات عمل مؤسسات المجتمع المدني تتلخص في:
- الصعوبات المالية.
- عدم وجود برنامج عمل.
- غياب المقرات.
ثالثا: بالرغم من أنه لا توجد بيئة ثقافية تساعد على ترسيخ فكرة مشاركة السكان في أخذ القرارات المتعلقة باحتياجات أحياء الدراسة، إلا أن العقلية الحضرية لهم تتجسد في فكرة الثقافة التشاركية التي لمسناها في إجابات المبحوثين وفي معظم أسئلة الاستمارة الموجهة إليهم، وهو ما لاحظناه في حملات النظافة والتشجير.
إن المشاركة في تنمية الأحياء من قبل السكان نتيجة الميل للعيش في وسط حضري نظيف، وأنواع مختلف النشاطات التي ينبغي على أفراد مجتمع البحث أن يساهموا فيها، وإمكانية المحافظة على المرافق العامة من خلال حرص السكان على حمايتها، وتشجيعهم على المشاركة في برامج التنمية الحضرية وتشخيص المشاريع التنموية التي يحتاجها الأحياء وغير ذلك من أنواع التطوع والمشاركة في الحياة العامة بمختلف أشكالها (الحياة السياسية والاجتماعية)، كل هذا يدل على وعي السكان بسياسات التنمية الحضرية وملاءمتها لمطالبهم واحتياجاتهم.
خـــــاتمة:
إن الشرط الأساسي لتحقيق تنمية حضرية مرهون بتأهيل وتعميق الانتماء بين الفرد ومدينته، ذلك أن الهدف النهائي من التنمية الحضرية هو إحداث تغيير اجتماعي واقتصادي وثقافي وحضاري شامل، خصوصا في تلك الأحياء التي طالها التخلف والتي يغلب عليها طابع الثبات والاستقرار لتغيير الأوضاع المتأصلة فيها والمعوقة للتنمية الحضرية.
إن موضوع التنمية الحضرية يهتم بتنظيم وتسيير المدينة بشكل أوسع، وهو ما يعني التنظيم العقلاني لاستعمال السطح داخل الأحياء الحضرية، وهذه العملية لا يمكن أن تتم إلا بتظافر جهود مجموعة من الفاعلين الاجتماعيين ” كالجماعات المحلية (الولاية، البلدية) ومؤسسات المجتمع المدني (أحزاب، نقابات، جمعيات) والسكان، فتصبح عملية التنمية الحضرية أكثر إمتاعا بالمشاركة فيها من قبل هؤلاء الشركاء، كما أن ظهور مؤسسات المجتمع المدني والاهتمام بها والدعوة لها يعكس تزايد وعي السكان والرغبة للمشاركة في الحياة العامة. ويبرهن أن ساكن المدينة ليس دائما سجين أنانيته، فالتفكير اليوم يقوم على مشاركة دائمة لكل أفراد المجتمع في كل شؤون حياتهم الخاصة والعامة، فهذه المؤسسات تعد بمثابة رأسمال اجتماعي وشريك أساسي للمساهمة في تنمية المجال المديني، حيث أنها لم تعد مسؤولية الحكومة وحدها، وبذلك أصبحت القطاع ثالث شريكا وفاعلا أساسيا للقطاع الحكومي.
الاقتراحات والتوصيات:
- بالنسبة للدولة تجاه مؤسسات المجتمع المدني:
- على الدولة أن نستوعب أهمية مؤسسات المجتمع المدني وحجم مشاركتهم في مشروعات التنمية الحضرية، حتى يمكن بناء شراكة فعالة، ولنجاح ذلك يتطلب من الدولة إعداد رؤية إستراتيجية لمجمل المجالات التي تستطيع مؤسسات المجتمع المدني المساهمة فيها وكيفية ذلك وأساليبها وآلياتها.
- تهيئة بيئية قانونية مشجعة لتأسيس وتطوير عمل وأنشطة مؤسسات المجتمع المدني من خلال تسهيل إجراءات التأسيس والمراجعة وعدم تقييد حريتها.
- العمل على اعتبار مؤسسات المجتمع المدني شاركا فعالا في عملية التنمية الحضرية وشريكا للدولة في تنفيذ بعض أنشطتها، وتكوين علاقة تكاملية وتبادلية وغير تصادمية معها، مبنية على أسس المشاركة الفعالة والحوار الإيجابي والتعاون والتنسيق والتشاور.
- تخصيص ميزانية ثابتة ودائمة لمؤسسات المجتمع المدني تمكنها من تنفيذ أنشطتها وبرامجها التنموية.
- تشجيع مؤسسات المجتمع المدني على التمويل الذاتي وتقديم التسهيلات لها.
- توفير مقرات لمؤسسات المجتمع المدني بما يضمن استقرارها في مجال عملها خاص بالجمعيات.
- بالنسبة لمؤسسات المجتمع المدني:
- العمل على تشجيع الحوار الإيجابي وتعزيز الثقة المتبادلة بين مؤسسات المجتمع المدني لتصبح أكثر فعالية واستشارية للأجهزة المحلية لمختلف مشروعات التنمية الحضرية.
- بناء قاعدة بيانات ومعلومات لمؤسسات المجتمع المدني حول قضايا التنمية حتى تستعين بها الحكومة في الأوقات المناسبة وللضرورة الملحة.
- وضع اهتمامات وانشغالات الساكنة الحضرية على جدول أعمال وبرنامج السلطات المحلية، وإثارة الوعي بالمشاكل والقضايا ذات الأهمية في تنمية المجتمع الحضري وتنمية المدنية.
قائمة المراجع:
- خلف الله بوجمعة، العمران والمدينة، دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع، عين مليلة، الجزائر 2005.
- صبحي حموي، المدخل في اللغة العربية المعاصرة، دار المشرق، بيروت، الطبعة الأولى، 2000.
- أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، المجلد الأول، عالم الكتب للنشر والتوزيع والطباعة، القاهرة، الطبعة الأول، 2008.
- معن خليل العمر، معجم علم الاجتماع المعاصر، الطبعة الأولى، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان،
- ر. بودون وف. بوريكو، معجم علم الاجتماع المعاصر، ترجمة سليم حداد، مرجع سبق ذكره،2002.
- نوري منير، تسير الموارد البشرية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،
- محمد الغيلاني، محنة المجتمع المدني – مفارقات الوظيفة ورهانات الاستقلالية – ، دفاتر وجهة نظر، الرباط، المغرب ،2005.
- شاهر أحمد نصر،الدولة والمجتمع المدني،دار الرأي للنشر، دمشق،ط1، 2005.
- أنتوني غدنز، علم الاجتماع، ترجمة فايز الصباغ، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان، 2005.
- مدحت محمد أبو النصر، إدارة منظمات المجتمع المدني، إيتراك للنشر والتوزيع، مصر الجديدة، الطبعة الأولى، 2007.
- بشير الطيف، محسن عيد علي، خدمات المدن (دراسة في الجغرافية التنموية) ، المؤسسة الحديثة للكتاب، طرابلس، لبنان، ط1،2009.
- وجدي شفيق عبد اللطيف، علم الاجتماع الحضري والصناعي، دار ومكتبة الإسراء للطبع والنشر والتوزيع، الإسكندرية، مصر، ط1، 2007.
- محمد شفيق، البحث العلمي مع تطبيقات في مجال الدراسات الاجتماعية، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، مصر، 2006.
- Ahmed S’aifan ,dictomary of political; comstitutional and international Libanpubliskers, 2004.
15-Larousse memo ,mediterrannepubliskers , Tunis, 2006
[2] – صبحي حموي، المدخل في اللغة العربية المعاصرة، دار المشرق، بيروت، الطبعة الأولى، 2000، ص 491.
[3]– أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، المجلد الأول، عالم الكتب للنشر والتوزيع والطباعة، القاهرة، الطبعة الأول، 2008، ص 748.
[4]– معن خليل العمر، معجم علم الاجتماع المعاصر، الطبعة الأولى، 2000، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، ص 262- 263.
[5] – ر.بودون ف – بوريكو، المعجم النقدي لعلم الاجتماع، ترجمة سليم حداد، معهد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية، 2007، ص 288– 299 .
[6]– نوري منير، تسير الموارد البشرية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر2010، ص ص11-12.
[7]– Ahmed S’aifan ,dictomary of political; comstitutional and international Libanpubliskers, 2004, pp 297-298.
[8] – Larousse memo ,mediterrannepubliskers , Tunis, 2006, p 998.
[10]– شاهر أحمد نصر،الدولة والمجتمع المدني،دار الرأي للنشر، دمشق،ط1، 2005، ص 195.
[11]– أنتوني غدنز، علم الاجتماع، ترجمة فايز الصباغ، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان، 2005، ص 761.
[12]– مدحت محمد أبو النصر، إدارة منظمات المجتمع المدني، إيتراك للنشر والتوزيع، مصر الجديدة، الطبعة الأولى، 2007، ص 70-71.
[13]– بشير الطيف، محسن عيد علي، خدمات المدن (دراسة في الجغرافية التنموية) ، المؤسسة الحديثة للكتاب، طرابلس، لبنان، ط1،2009،ص 238.
[14]– محمد شفيق، البحث العلمي مع تطبيقات في مجال الدراسات الاجتماعية، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، مصر، 2006، ص 202.