
الدور الوظیفي للمكان في القصص القرآنیة علی ضوء البنیویة التكوینیة
(قصة نبی الله موسی علیه السلام أنموذجًا)
کبرى روشن فكر: أستاذ مشارك، جامعة تربية مدرس، طهران
عدنان زماني: طالب فرع اللغة العربية وآدابها في مرحلة الدكتوراه، جامعة تربية مدرس، طهران
يوسف غرباوي: ماجستير دراسات دولية – فلسطين، جامعة طهران، طهران
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية العدد 43 الصفحة 97.
Role of the place in the Quranic stories in light of the structural structure
(The story of Prophet Muses peace be upon him as a model)
The place is one of the main and important components of literary work, and this importance may be doubled in narrative works, such as stories or narrations, because the place in these works plays a larger role in revealing the facts of the characters or events as the theater in which the events take place and in which the characters move. Based on this importance, in this study we attempted to know the role of the place in Quranic stories, focusing on the story of Prophet Muses (peace be upon him) as a model for the rest of the Qur’anic stories. In this research, we used the structural approach to reach the functions of the place and its roles in the story of peace and to reveal the signs that underlie the structure of the place and its code. Before that, we will describe the aspects of the place where the characters and events are hosted and identify the features of other components that contribute to the creation of literary work . We have found that the place in the story of Moses peace be upon him has taken multiple indications and symbols and he was able to reveal to us the emotional situations experienced by the characters of the story and also able to place the facts that explain what was in that era and geopolitical and cultural contemporaries of Moses peace be upon him.
Keywords: function, place, Quranic story, Muses peace be upon him
الملخص:
یعتبر المكان أحد المكونات الرئیسیة والهامة في العمل الأدبي، وقد تتضاعف هذه الأهمیة في الأعمال ذات الطابع السردي مثل القصة أو الروایة؛ ذلك لأن المكان في هذه الأعمال یلعب الدور الأكبر في الكشف عن حقائق الشخصیات أو الأحداث باعتباره المسرح الذي تقع فیه الأحداث وتتحرك فیه الشخصیات. بناءً علی هذه الأهمیة حاولنا في هذه الدراسة معرفة دور المكان في القصص القرآنية مركزین في ذلك علی قصة نبی الله موسی علیه السلام كنموذج لباقي القصص القرآنیة. وقد استعنا في هذا البحث بالمنهج البنیوي التكویني للوصول إلی وظائف المكان وأدواره في قصة موسی علیه السلام والكشف عن الدلالات التي تحتوی علیها بنیة المكان وشفرته، وقبل ذلك سنقوم بوصف مظاهر المكان الذي یحتضن الشخصیات والأحداث ویحدد معالمهما ویكشف أحوال المكونات الأخری التي تساهم في خلق العمل الأدبی. لقد توصلنا إلی أن المكان في قصة موسی علیه السلام قد إتخذ دلالات ورموزا متعددة وإنه استطاع أن یكشف لنا عن الحالات الشعوریة التي تعیشها شخصیات القصة وكذلك استطاع المكان أن یرسم لنا الحقائق التي تفسر ما كان في ذلك العصر والجغرافیة السیاسیة والثقافیة عند المعاصرین لموسی علیه السلام
الكلمات الرئیسیة: الوظیفة، المكان، القصة القرآنیة، موسی علیهالسلام.
المقدمة
إن المكان هو موقع الأحداث ومسرح الوقائع التي یعیشها الإنسان ولهذا فهو یتمتع بأهمیة كبیرة للغایة، إذ من خلاله قد نتعرف علی أحوال الشخصیات الموجودة فیه وحالاتها النفسیة والاجتماعیة و… وفي مجال الأدب -بصفته تصویرا للحیاة البشریة في عالم الواقع – نلاحظ أن المكان أیضا یحتفظ بتلك الأهمیة التي یمتلكها في الحیاة الواقعیة ویلعب دورا بارزا في خلق الأعمال الأدبیة «فهو الإطار الذي يحوي الأحداث، وتتحرك فیه الشخصیات، بل یتجاوز كونه مجرد إطار لها أحیانا لتصبح له فاعلية في هذه الأحداث، وهذه الشخصيات، ومشحونًا بدلالات اكتسبها من خلال علاقته بالإنسان»[1] ونظرا لهذه الأهمیة التي یحظی بها المكان في العمل الأدبي نشاهد كثرة الاهتمام بهذا العنصر الأدبی لاسیما في الدراسات الحدیثة، وإن هذا الاهتمام من قبل الدارسین لا یأتي عن فراغ بل إنهم قد أدركوا ماهیة الوظائف التي یؤدیها هذا العنصر الأدبي وكذلك عرفوا حجم الفوائد التي تكمن فیه، فمن فوائده هو إنه یشعر القارئ بواقعیة الأحداث التي یقرأها والشخصیات التي یتابع أخبارها، وكذلك يفسر للقارئ طبیعة شخصيات العمل الأدبی وسلوكیاتها، ذلك لأن الأماكن التي يعيش فيه الإنسان یعطي انطباعاً عن شخصيته، وقد یوضح لنا سلوكه وطبائعه دون إذن منه. فتوافر عنصر المكان یعتبر من الشروط الرئیسیة لإصالة العمل الأدبي، وإن الأعمال ذات الطابع السردي مثل القصة والروایة تعتمد علی هذا العنصر وباقي العناصر الأخری مثل الشخصایات، والأحداث والزمان لتكوین هذا العمل والسیر به لتحقیق الغایات المقصودة منه. في هذه الدراسة نحاول تسلیط الضوء علی الواظائف التي یقوم بها المكان في القصص القرآنیة باعتبارها نصوصا سردیة تتوافر فها جمیع الشروط اللازمة للعمل الأدبي ومقومات السرد ومكوناته، وقد شغلت هذه القصص حیزا واسعا من القرآن الكریم لتحقیق غایتین أساسیتین هما الغایة الدینیة والغایة الأدبیة. ورغم كثرة الدراسات حول عنصر المكان ودوره في العمل الأدبي إلا إننا نشاهد أن هذا الاهتمام ینصبّ علی فنون أخری غیر القرآن مثل الروایات وغیرها، فدراسة المكان في القصص القرآنیة تعتبر شحیحة بالمقارنة مع باقي الأنواع الأدبیة وقد لا تتجاوز أصابع الید رغم أن المكان في هذه القصص القرآنیة یؤدي أدورا ووظائف كثیرة تحتاج الی دراسات مفصلة للوقوف علی هذا العنصر وأدواره في بناء القصة القرآنیة. وانطلاقا من هذه الأهمیة والأدوار الكثیرة التي یؤدیها المكان في القرآن فقد اقتصرنا علی قصة موسی علیه السلام للكشف عن وظیفة المكان في هذه القصة القرآنیة ذات الأحداث والشخصیات المتعددة والأمكنة الكثیرة التي تساهم في بنائها وتقیم العلاقات الوشیجة مع باقي العناصر الأخری. ولیس من الممكن دراسة المكان في جمیع القصص القرآنیة في بحث بهذا الحجم اذ إنه یحتاج الی بحث أطول ودراسة أوسع. وقد اخترنا قصة موسی علیه السلام أنموذجا للتطبیق لأنها أكثر القصص القرآنیة بسطا وتفصیلا، وإن عنصر المكان بارز في هذه القصة، وكذلك لأن هذه القصة بدأت بالسرد وبالأحداث الغریبة والأمكنة المخیفة «أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ». وإن بدء هذه القصة بذكر هذه الأماكن (التابوت، ألیم، الساحل) بحد ذاته یعطي لنا دلالات علی ما سیقوم به هذا العنصر من وظائف وأدوار في هذه القصة القرآنیة، فالتابوت ینقله إلی بر الأمان وموضع النجاة (الساحل) بعد أن سلك به المكان الخطر والمخیف.
لقد استعنا في هذه الدراسة بالمنهج البنیوي التكوینی الذي یرتكز علی طریقة التعبیر وماهیة العلاقة بین المعبر به والدلالات التي یرمز إلیها. فالدراسة البنیویة التكوینیة للمكان في القصة القرآنیة وما تؤحي به من دلالات وإیحاءات توقفنا علی العلاقات بین عناصر القصة الواحدة واكتشاف أبعادها المختلفة ومعرفة عنصر المكان كبنیة داخل النص القصصي للكشف عما تقوم به هذه البنیة ومعرفة العلاقات الموجودة بین الشكل والمضمون. فعندما نعرج علی المنهج البنیوي للقصة فنحن نرید معرفة دور بنیة النص القصصی (المكان) من حیث إتصالها بباقي البنیات مثل السرد والشخصیات والزمان والأحداث، وقد اخترنا المنهج البنیوی التكویني تحدیدا لاعتقادنا بان النص القرآني لا یمكن ان یدرس علی أسس المنهج البنیوي الصِرف؛ ذلك لأن البنیویة التكوینیة تأخذ بعین الاعتبار العوامل التاریخیة والاجتماعیة وغیرها، خلافا للبنیویة الشكلانیة التي تجعل النص كیانا خاصا وتعزله عن جمیع العوامل الأخری التي قد تضافرت في خلق وتكوینه.
خلفیة البحث
كما أشرنا سابقا إن دراسة المكان في القرآن الكریم قلیلة بالمقارنة مع باقي الأنواع الأدبیة، حیث إن دراسة المكان في الأعمال الأدبیة الأخری قد تعدد وتنوعت للغایة وبطبیعة الحال إن كثرة الدراسات وتعددها ستنتج كثرة الآراء في ما یخص تعریف المكان وأنواعه وأدوراه في العمل الأدبي، فنشاهد كثرة التعاریف والتقسیمات للمكان وكذلك كثرة المصطلحات التي ترادفه في المعنی مثل الحیّز، الفضاء، البئیة وما إلی ذلك. ومن الدراسات التي كتبت حول المكان في القرآن الكریم یمكننا أن نشیر الی دراسة “أمنة عشاب” المعنونة بـ “الحبك المكاني في السياق القصصي القرآني سورة یوسف أنموذجا”. وهدفت الباحثة من دراستها هذه إظهار الجانب الجمالي والفني والأدبي للمكان باعتباره مكونا سرديا له دلالاته الخاصة والمتعلقة به، وقد انتفعنا بهذه الدراسة في الجانب النظري لدراستنا الحالیة. وأیضا هناك دراسة أخری حول المكان في القرآن الكریم تحمل عنوان “أعلام المكان في القرآن الكريم دراسة دلالية” تقدم بها الباحث “یوسف أحمد علي أبوریدة” وهذه الدراسة لم تكن تهدف الی كشف جمالیات هذا العنصر في النص القرآني بل إنها كانت دراسة إحصائیة للعدد أعلام القران الكریم ودلالاتها الجغرافیة والتاریخیة، وقد استفدنا منها في ما یخص بعض الأماكن التاریخیة في قصة نبی الله موسی علیه السلام وموقعها الجغرافي علی الخریطة. كما إن هناك دراسة لـ”غیداء أحمد سعدون شلاش” تحت عنوان “المكان والمصطلحات المقاربة له – دراسة مفهوماتیة” وكما یتضح من العنوان إنها دراسة تبحث عن تعریف المكان أولا ثم البحث عما یقاربه من مصطلحات مثل الامتداد والبیئة والحیز والفضاء وغیرها.
وإذا انتقلنا إلی الأنواع الأدبیة الأخری مثل الروایة والقصة غیر القرآنیة نشاهد كثرة الدراسات التي كتبت حول المكان ودوره في هذین الحقلین ومن هذه الدراسات نذكر “المكان في روایة الشماعیة للروائي عبدالستار ناصر” لـ”خالدة حسن خضر”، و”المكان في الرواية العربية أعمال الطيب صالح نموذجاً، لـ”مریم أكبري موسی آبادي”، وأیضا “تلمسات نظریة في المكان وأهمیته في العمل الروائي” لـ”سلیم بتقة”.
أسئلة البحث
– كیف تنسج لنا النصوص القرآنیة المكان وتبرزه كبنیة فاعلة في بناء القصة وتركیبها؟
– ما هي علاقة عنصر المكان مع باقي البنیات المكونة للقصة القرآنیة؟
– ما هو دور المكان في فهم أحداث قصة موسی علیه السلام؟
المفاهیم والمصطلحات
البنیویة
لقد أصبحت البنیویة من المصطلحات الشائعة في النقد الأدبي في عالمنا المعاصر وهي منهج من مناهج النقد الأدبي تعنی «البحث عن العلاقات بین البنی المكونة للنص وصولا إلی بنیة كلیة تربط أجزاء العمل الأدبي في وحدة تكاملیة»[2]وقد أصبحت البنیة الواحدة للعمل الفني تحضی بأهمیة كبیرة عند البنیویین إذ إنهم یرون أن «الأعمال الأدبیة برمتها أبنیة كلیة لأن دلالاتها في الدرجة الأولی ترتبط بهذا الطابع الكلي لها»[3] وقد ازدهرت الدراسات البنیویة في مجال النقد الأدبي«في الخمسینیات المیلادیة إلی أواخر السبعینیات وأوائل الثمانینیات المیلادیة»[4]. بسبب هذه الأهمیة التي اتصفت به البنیویة أصبحت مجالا للدراسات النقدیة في العصر الحدیث وقد اعتبرها الكثیرون بأنها باتت نقطة عطف في مراحل النقد الأدبي، ومع هذا فإنها لم تسلم من النقد والتجریح واتهمت بأنها بتركیزها علی النص فحسب وإهمالها لباقي العناصر الأخری مثل التاریخ والظروف المحیطة بالنص والسیاق، بل تذهب الی أكثر من ذلك إذ إنها تفصل النص عن صاحبه وتدعو الي نظریة موت المؤلف وإبعاده بشكل كامل عن عملیة تحلیل نصه الأدبي.
البنیویة التكوینیة
إن البنیویة باعتبارها منهجا نقدیا في الدراسات الأدبیة قد طرأت علیها الكثیر من التغییرات وذلك بسبب ما تتسم به في بعض الأحیان من اختزالیة وتجرید وتركیزها علی نظام البنیة فقط وإهمالها للمضمون والمعنی ورفض الاعتراف بحضور العالم الثقافي خارج العمل الأدبي؛ لهذا فقد شهدت هذه المدرسة انتقادات عدیدة أدت الی حدوث بعض الانشقاقات والتفرعات بداخلها، فولدت من رحمها البنیویة التكوینیة لتعلن رفضها لمبالغات البنیویة الشكلانیة وإصرارها علی إبعاد النص عن كل ما سواه بمن فیه مؤلفه والعوامل التي قد تؤثر بشكل أوبآخر علی تشکیله. وتسعی البنیویة التكوینیة لتحقق التوفیق بین النظریات البنیویة وأسس الفكر الواقعی الذي یأخذ بالاعتبار العوامل الاجتماعیة والسیاسیة والتاریخیة للنص. «فالبنیویة التكوینیة لا تنظر إلی النص علی أنه مغلق بل تحاول أن تقیم حوارا بین داخل النص وخارجه»[5]ویعتبر الناقد الفرنسی لوسیان غولدمان المؤسس لهذا المنهج النقدي الوظیفي.[6]
مفهوم المكان في العمل الأدبي
إن المكان الذي یعرف بأنه «وسط غير محدود يشتمل على الأشياء، وهو متصل ومتجانس لا تميّز بين أجزائه ، وذو أبعاد ثلاثة هي الطول والعرض والارتفاع»[7] وقد أصبح المكان في الأعمال الأدبیة ذات مفهوم آخر یختلف عن هذا التعریف ولا یراد به المساحة الجغرافیة المحددة ذات الأبعاد المعینة بل إن المكان الأدبي «هو مكان تنسجه الكلمات وتستثیره اللغة بخصائصها الإیحائیة».[8] والبنیویون بدورهم قد میّزوا بین المكان، وأطلقوا علی المكان الحقیقي اسم المكان الخارجي في حین سمّوا المكان الأدبي المكان المتخیل أو المكان الروائي.[9] والمكان الأدبي له وظائف عدیدة یوظفه الكاتب من أجل تحقیقها ومن وظائفه الأساسیة تمثیل أحوال المقیمین فیه وبناء الترابط النصي بین عناصر السرد، وإذن نفهم من المكان في السرد علی أنه «العالم الشامل والواسع الذي یضم عناصر العمل السردي والعلاقات الرابطة بینهما».[10] هذا وإن غالبیة الدراسات عندما تناولت قضیة المكان في العمل الأدبي فهي لم تقصد منه سوی «المكان اللفظي المتخیل، أي المكان الذي صنعته اللغة انصیاعا لأغراض التخییل الروائي وحاجاته»[11] فلیس المقصود من المكان في العمل الروائي المكان الواقعي الخارجي بل إن المكان الروائي هو مكان متخیّل. ولیس المكان وحده هو العنصر المتخیل في الأعمال الأدبیة بل إن القصة الأدبیة بأكملها لم تلتزم بالواقع الفعلی ولم تقف عند الحقیقة التاریخیة «فبعضها يقوم على الخيال الذي لا حقيقة له وبعضها يقوم على تشويه الحقائق، وثالث ينحرف به كاتبه عن القيم والمثل والمبادئ»[12].والهدف من كل هذا هو الإثارة والتشویق للمتلقی لتدفع عنه السآمة والملل. هذا في حین إن «القصة في القرآن ليست عملا فنیا مستقلا في موضوعه وطريقة عرضه، وإدارة حوادثه كما هو الشأن في القصة الفنیة الحرة التي ترمي إلی أداء غرض فني طلیق، إنما هي وسيلة من وسائل القرآن الكثيرة إلى أغراضه الدینیة»[13]. إن الخیال والابتعاد عن الواقعیة أو الحقیقة في القصص الأدبیة یزید جمالیات القصة وفنیتها وفي الواقع إنها عندما تتخلی عن هذا العنصر الفاعل(الخیال) تفقد الكثیر من أسباب جمالها، أما القصة القرآنیة ورغم تمسكها بواقعیة القصص وحقیقة الأخبار إلا انها مازالت تحتفظ بجمالها الفني ومتعتها الأدبیة.
وقد بیّن النقاد المعاصرون أن وجود عنصر المكان في العمل الأدبي هو ضرورة ملحة و«إن العمل الأدبي حین یفتقد المكانیة فهو یفقد خصوصیته، وبالتالي إصالته»[14]. ومن المعلوم أن المكان في القرآن الكریم هو مكان واقعي له وجود حقیقي علی الأرض وبهذا یتمیز المكان القرآني من المكان الروائي الأدبي ومع هذا الاختلاف في الجوهر إلا إن لكلا النوعین دور وتأثیر بارز في بناء القصة السردیة وأحوالها.
المكان في القصة القرآنیة
یستغل القرآن الكریم – باعتباره نصا دینیا له غایة رئیسیة وهي إرشاد الناس وهدایتهم – جمیعَ الأدوات التعبیریة للتحقیق هذه الغایة فحسب ولا یبحث عن غایات أخری. فالمكان في القصص القرآنیة والذي یعتبر أداة من أدوات التعبیر لیس له قیمة بحد ذاته ذلك لأنه یخضع لمقررات دینیة وغایات ارشادیة وإن قیمته تتمثل في المشاركة لتحقیق الغایات الأساسیة للسور والآیات، إذن فالمكان القرآني الذي هو موضوع بحثنا والقصة القرآنیة بشكل عام وبكل ما لها من عناصر ومكونات هي وسیلة من وسائل القرآن الكریم وقد خضعت لأغراض دینیة تربویة «ولكن هذا الخضوع الكامل للغرض الدیني، ووفاءها بهذا الغرض تمام الوفاء، لم یمنع بروز الخصائص الفنیة في غرضها»[15]، فالجمال الفني والأدبي متوفر في القصص القرآنیة وعناصرها رغم إنها لم تكن مقصودة بحد ذاتها ولا تعتبر غایة أساسیة.
لقد تعددت الأماكن في السور القرآنیة وهذا التعدد یرتبط بتعدد الأحداث والأزمنة والشخصیات وهو یكشف لنا دلالات عمیقیة وینتقل بنا من جو إلى جو ویعبر عن أبعاد نفسیة وإجتماعیة ذلك لأن «توظیف المكان في الإبداع القصصی من الوسائل الفنیّة ذات الأعماق البعیدة»[16] وفي تتبعنا لعنصر المكان في القصص القرآنیة بشكل عام وقصة نبي الله موسی علیه السلام بشكل خاص كشفنا أن وجود هذا العنصر ینقسم إلی نوعین أساسین هما: المكان الصریح والمكان الضمني، والأمكنة الصریحة هي الأعلام الواردة في القرآن الكریم مثل، مصر، مدین، سبأ، الحِجر أو نظیر بعض الأمكان التي أقل وسعة كالقریة، المدینة ، المسجد، البیت، أما الأماكن الضمنیة فهي تلك الأسماء التي تُستنبط من الكلام ومن الأحداث والوقائع، علی سبیل المثال عندما نقرأ قوله تعاله علی لسان ابراهیم علیه السلام «وأَعْتَزِلُكمْ وما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وأَدْعُوا رَبِّي»(مریم /48). فنحن لا نشاهد هنا ذكرا صریحا لاسم مكان معین لكن سیاق هذه الآیة قد تضمن مكانا له وجوده الخارجي، وهذا دون أن یكون هناك تصریح بهذا المكان وتحدید موقعیته الجغرافیة، وما یرشدنا لهذا المكان الضمني هو فعل الاعتزال، فنبي الله ابراهیم (ع) قرّر ترك أمكنة قومه المشركین واختار مكانا آخر بعیدا عنهم وعن أفعالهم تتوفر فیه إمكانیة العبادة وتوحید الله سبحانه وتعالی. فالأحداث والزمان وشخصیات القصة وسیاقها كلها قد توحي بوجود الأمكنة وتسوق لنا دلالاتها وأدوارها الوظیفیة التي استخدمت من أجلها. وهنا تقوم البنیویة بأداء دورها في الكشف عن علاقات العناصر التكوینیة للعمل وتعریف بنیات السرد من خلال عناصر أخری مساهمة في خلق العمل الأدبي، ففي المثال السابق الذي یتحدث عن قصة إبراهیم علیه السلام نشاهد وجود بنیة معینة (مكان) أرشدنا إلیها سیاق السرد القرآني وفي هذا المثال قامت بنیة الحدث (الاعتزال) بإرشادنا إلى وجود ذلك المكان المتصف بتلك الصفات التي ذكرناها.
قصة موسی علیه السلام
لا حاجة لنا بذكر تفاصیل قصة موسی(ع) وانما یكفي أن نعلم بأنها «أكثر قصص المرسلين ورودا في القرآن»[17] وأكثرها بسطا وتفصیلا بالنسبة للأحداث الواقعة فیها، وإن كثرة تنقل نبي الله موسی من مكان إلی مكان وتعدد الأمكنة المذكورة في وقائع وأحداث قصته تؤكد لنا أهمیة عنصر المكان في القیام بفهم مجریات القصة وعلاقته مع باقي العناصر المذكورة فيها. والأمكنة التي ذُكرت في قصة موسی علیه السلام كانت في بعض الأحیان أمكنة اضطراریة، بعبارة أخری إن موسی علیه السلام استقر في بعض الأماكن بشكل اختیاری في حین كان وجوده في أماكن أخری اضطراریا، فانتقاله من مصر بلد الخیر والرفاه بالنسبة له إلی مدین البلد المجهول كان اجباریا أما انتقاله من مدین الی مصر كان بشكل اختیاری بعد أن أدی دینه ووفي بوعده وأصبح حرا في تنقلاته وحركته. وهذا ما یطلق علیه في الدراسات الحدیثة عنوان «الأمكنة المعادیة» و«الأمكنة الألیفة»[18] فمصر كانت في السابق مكانا ألیفا بالنسبة لسیدنا موسی علیه السلام، أما في ما بعد أصبحت مكانا معادیا یخشی العودة إلیه ویخاف بطش أهله به.
- المكان في قصة موسی (ع)
لقد انطلقنا في دراستنا للمكان في قصة موسی علیه السلام من التقسیم المكاني الذي ذكرناه آنفا معتمدین علی المنهج البنیوی التكوینی الذي یفترض وجود العلاقات بین مكونات السرد القرآني وتفاعلها في خلق النص الأدبي.
الأمكنة في القرآن الكریم
المكان الصریح المكان الضمنی
الصریح المُشاهد الصریح الغیبي الضمني المُشاهد الضمني الغیبی
والمكان في هذه القصة كما سنری إما مكانا صریحا وإما مكانا ضمنیا وكل منها ینقسم الی قسمین أیضا، فالصریح إما أن یكون مكانا ملموسا ومشاهدا و إما أن یكون غیبیا یؤمن به دون رؤیته وإدراكه. وكذلك الأماكن الضمنیة قد یكون منها ما هو مشاهد وملموس وما هو غیبی؛ ذلك لأن بعض الأمكنة الصریحیة والضمنیة قد نشاهدها ویمكن لنا معرفة موقعیتها الجغرافیة في حین ان بعض الأماكن الواردة في قصة موسی علیه السلام هي أماكن غیبیة أي إن الإنسان لا یمكنه رؤیتها بالعین المجردة كما الحال في الأماكن المشاهدة. والأماكن الغیبیة هي تلك الأماكن التي ذُكرت ضمن الحدیث عن أحوال یوم القیامة وبعد انقطاع الأجل في الدنیا، فالجنة والنار مثلا مكانان صریحان لكنهما غیبیان وكذلك في قوله تعالي: «وَعُرِضُوا عَلَی رَبِّكَ صَفًّا» نشاهد أن مكان العرض الضمني المفهوم من خلال بنیة الفعل ( العرض) غیبی أي انه موجود في یوم الحساب ولكن كیفیته الدقیقة غائبة عن القارئ والمخاطب، ولكن القرآن الكریم «یصوّر هذه العوالم، وحیاة الإنسان فیها تصویرا یقرّبها من ذهن الإنسان، حتی لا یرهقه فی التخمین والخیال»[19]. وفي ما یلي سنتطرق لهذه الأنواع من الأمكنة الموجودة في قصة موسی علیه السلام.
لا شك إن عدد الأمكنة في قصة موسی(ع) أمكنة كثیرة لا يمكن حصرها في بحث محدود كهذا، ولذا فإننا نكتفي هنا بذكر نموذجین من كل نوع من أنواع الأمكنة وماهیة أدوارها في بناء قصة موسی علیه السلام. كما إننا سنقوم في نهایة الدراسة بإعداد جدول إحصائی لعدد الأمكنة الواردة في هذه القصة مع ذكر دلالاتها الوظیفیة وعلاقاتها مع باقی مكونات القصة.
1- 1 – المكان الصریح
لقد تعددت الأسماء الصریحة في قصة نبي الله موسی علیه السلام وذلك تماشیا مع السیاق وما یتطلبه الغرض الأساسي للسورة القرآنیة. والاسم الصریح كما اشرنا سابقا یشمل كل مكان ذُكر بشكل صریح واضح مثل قوله تعالی «وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ»( الزخرف/ 53) أو قوله تعالی «وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ»(الاعراف/ 138) وأیضا قوله تعالی «یا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ »( المائدة/ 21) ففي هذه الآیات نجد كل من “مصر” و”مدین ” و”الأرض المقدسة” أسماء أماكن صریحة لها حدودها الجغرافیة الخاصة والتي قد تعرف إلی یومنا هذا.
وعندما یتم التصریح بأسماء الأمكنة في القرآن الكریم فانه جل وعلی قد جعل لها خاصیة معینة ووظیفة محددة، فعلینا البحث عن أدوارها في الكشف عما تتضمنه هذه الأمكنة المصرح بها من معانٍ ودلالات أو أدوار لربط العناصر السردیة المكونة للقصة القرآنیة وما تحظی به الشخصیات الواردة في القصة من صفات ومزایا خلقیة وسلوكیة كما یتطلب منا المنهج البنیوی. فللأمكنة الصریحة مزایا تفوق باقي الأنواع فیتطلب منا الدقة وامعان النظر في ماهیة تلك المزایا التي تحتوی علیها الأمكنة الصریحة.
1- 1- 1- المكان الصریح المشاهد (الملموس)
من الأسماء الصریحة المشاهدة في هذه القصة نذكر مصر، مدین، القریة، المدینة، طور سینا، بیت موسی، قصر فرعون، السفينة و… .
السفینة
یقول الله تعالی في سیاق الحدیث عن رحلة موسی مع العبد الصالح الخضر علیه السلام: «فَانْطَلَقَا حَتّىَ إِذَا رَكِبَا فِي السّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً»( الكهف/ 72). مثلما نشاهد في هذه الآیة المباركة إن بعض أحداث قصة موسی مع الخضر علیهما السلام تقع في سفینة بحریة وهي هنا تمثل مكان أحداث هذه القصة ومجریاتها. وبعد قبول موسی لشرط الخضر علیه السلام رافقه في رحلته التعلیمیة، ومفاد هذا الشرط هو وجوب تحلی موسی(ع) بالصبر وعدم طرح الأسئلة عن كل ما یشاهده في المسیر كما حكت لنا آیات هذه القصة القرآنیة. یبرز المكان هنا كعامل رزق لأناس مساكین یعملون في البحر ووسیلة نقلٍ لموسی وصاحبه الخضر علیهما السلام ومن صفات هذا المكان أنه مكان متحرك باستمرار ویقع هو الآخر داخل مكان (البحر) متحرك أیضا. والمقیمون في ذلك المكان هم أناس مجتهدون وأهل عمل ونشاط وحركة، فتشابهت الشخصیات المقیمة في المكان والمكان نفسة في صفة الحركة والنشاط وأثر كل منهم علی الآخر بشكل أو بآخر. وعندما یقوم سیدنا الخضر علیه السلام بخرق السفینة كان من المفترض لموسی علیه السلام أن یلتزم الصمت كما تقتضی بنود الاتفاق – ان جاز التعبیر – لكن سیدنا موسی المعروف بالحركیة والنشاط الدائم لاسیما وأن یكون في مكان كل ما فیه یتصف بالحركة، ینتفض في وجه ما یحسبه نكرانا للجمیل بعد أن أركبهما أهل السفینة دون مقابل كما تروی الرویات. فالمكان هنا في الواقع قد أصبح الإطار الحركي لأفعال الشخصيات فضلاً عن وظيفته في تفسير صفات الشخصيات وطبائعها عندما يعكس مواقفها وسلوكها، ويوضح معالمها الداخلية والخارجية»[20]. فالمكان قد ترك تأثیره علی كل شخصیات القصة بعد أن بنی معها علاقة تبادلیة من خلال التأثیر والتأثر.
وفي جانب آخر من هذه القصة یمكن القول أن سیدنا موسی قد ظهر لنا في هذا المكان المتحرك ثابت المبادئ الخلقیة والسلوكیة، إذ إنه لم ینسی في مكان مؤقت المعاییر الخلقیة اللازمة، فبمجرد نزوله في هذا المكان أصبح جزءا فیه، له وظائفه تجاه الموقع المكاني لاسیما بعد أن أُحسِن إلیه فیه، وإرتى أنه قد التصق في بناء هذا المكان وكینونته فلن یفكر بأنه مسافر سوف ینتقل من هذا المكان ویتوجه إلی مكان آخر. كما تجدر الإشارة هنا إلی انه ونظرا إلی أن هذه الدراسة تقوم علی المنهج البنیوی التكوینی یمكن القول أن بنیة المكان (السفینة) بحد ذاتها قد أقامت علاقة مع فعل موسی وشعوره، حیث أن المعنی اللغوي الدقیق للسفینة هو الالتصاق بالشیء (هنا میاه البحر) وقد جاء في لسان العرب أن السفینة سُمیت سفینة «لأنها تسفنُ علی وجه الأرض، أي تلزقُ بها».[21] فالمكان هنا لعب دوره البنیوی أیضا في تأثیره علی سلوك شخصیات القصة القرآنیة وطبائعها، كما أن اللزوق هو أبلغ من اللصوق وذلك لأن اللزوق هو الاتصال بین الشیئین دون أن یكون بینهما فجوة أو خلل.[22]
1- 1-2 – المكان الصریح الغیبي
لقد شملت الأماكن المتخیلة أو الغیبیة في القرآن الكریم جمیع الأمكنة التي تَحدثُ فیها وقائع یوم القیامة، مثل الجنة والنار والبرزخ والأنهار والخیام وما شابه وفي هذه القصة نلاحظ أن هذه الأمكنة مثلت لنا أحوال المقیمین بها من خلال رسم صفاتهم وخصائص حیاتهم في ذلك الیوم. من أمثلة الأماكن المتخیلة التي قد وردت في هذه القصة نذكر؛ الجنة، أنهار الجنة، دار القرار، جهنم، الورد المورود و… .
جهنم
یقول الله تعالی بعد بیان قصة إیمان سحرة فرعون وانتقالهم من زمرة أهل الباطل إلی جموع أهل الحق «إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا»(طه/ 74). یحدثنا القرآن في هذه القصة عن أحوال السحرة قبل وبعد الإیمان بالله تعالی فهم كانوا یعیشون في ظل فرعون ولا یرجون الخیر من أحد سواه وفي أفعالهم یعتمدن علی سلطته ویفتخرون بعزته وجبروته في الأرض، والآیات الأخری من قصة هؤلاء السحرة تظهر جانبا دقیقا من أحوال هؤلاء السحرة وحاشیة فرعون وزبانيته حیث یتصور بأنهم المستشارین الذین یُرجع إلیهم الملك في ملمات الأمور لكن في حقیقة أمرهم هم كانوا عبیدا لا یملكون من الأمر شیئا، وحتی السحرة كانوا مكرهین علی القیام به، وحیاتهم كانت مرهونة بید طاغیة جبّار وإن الإذعان والقبول لهكذا حیاة تعتبر خطيئة لا یقبل بها الله ویعاقب علیها أشد العقاب. وإن الله یعد لمن كانوا علی هذه الحال مكانا (جهنم) فیه ذل وهوان، مكانا المقیم فیه لا هو میتٌ فیتخلص من العذاب ولا هو حیّ فینجو من النار. نلاحظ أن المكان المتخیل – وهو جهنم- قد جاء موافقا لحال المجرمین الذین یطیعون الظالم ویكیدون للحق وأهله، وكما كان المكان المتخیل الغیبي مجهول الحقیقة ولا یعرف الإنسان حقیقة صفاته الحقیقیة (عدم الموت وعدم الحیاة) فحیاة السحرة في الدنیا عند فرعون أیضا مجهولة من حیث الحقیقة، فالإنسان غیر العالم یحسب أن حیاتهم رفاه وعز وتمكین لكنهم كانوا عبیدا مساكین حیث یفعلون كل ما یؤمرون ویكیدون ویسحرون بأمر من فرعون وزبانیته حتی لو كانوا غیر راغبین كما صرح الله لنا حیث قال علی لسانه هؤلاء السحرة بعد أن آمنوا «إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ». فحیاة هؤلاء السحرة كانت خاضعة لأوامر فرعون وإن إطاعتها یعتبر جرما جزاؤه جهنم ذلك المكان الفاقد للحیاة والموت، فهم في الآخرة غیر أموات ولا أحیاء كما كانوا عند فرعون قبل إیمانهم.
نلاحظ أن العلاقة بین بنیة المكان وباقي عناصر السرد قائمة وفیها تأثیر متقابل ثنائي. فالمكان الغیبي المجهول جاء موافقا للحال التي یعیشها المجرمون في الأرض.
1- 2- المكان الضمني
كما ذكرنا سابقا إن الأماكن الضمنیة هي تلك الأماكن غیر المصّرح بها والمستنبطة من السیاق العام للقصة وعناصرها التكوینیة، وقد كثر هذا النوع من الأمكنة في قصة موسی علیه السلام بحیث قد یفوق عدد الأماكن الضمنیة باقي أنواع الأمكنة التي ذكرناها في هذه الدراسة؛ وذلك لأن جمیع الأحداث في القصة القرآنیة بشكل عام لابد لها من مكان تحدث فیه، وقد عرفنا أن الله تعالی ذكر المكان والقصة القرآنیة أصلا كوسیلة للتعبیر عن أغراض دینیة، فبالتالي قد یستغني عن بعض عناصر هذه القصة مثل الزمان أو المكان، أو تكون في مراحل ثانویة من حیث الأهمیة، لهذا نشاهد هنا بعض الأماكن التي تم التلویح بها دون ذكرها صراحة وقد عُرف هذا النوع من الأمكنة من خلال سیاق القصة القرآنیة، ونحن في دراستنا الحالیة قد أطلقنا علی هذا النوع من الأمكنة اسم «الأمكنة الضمنیة». وهي أیضا تنقسم الي نوعین؛ ضمني مشاهد وضمني غیبي أو متخیل.
1- 2- 1- المكان الضمني المُشاهد (الملموس)
المكان المجهول الواقع بالقرب من «الواد المقدس»
قال الله تعالي علي لسان موسي (ع)«قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوجَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ»(القصص/ 29). إن موسی علیه السلام یخاطب أهله بالمكوث في مكان ما، ثم یحدد الموقعیة الجغرافیة لهذا المكان وذلك لیوافق جو القصة وأحداثها إذ إن موسی(ع) قد ضل الطریق هو وأهله ولم یدر أي السبل علیه أن یسلك، لهذا لم یُصرّح باسم المكان الذي أمر أهله بالمكوث فیه فنحن لا ندری أنهم مكثوا في سفح جبل أم في معلم من معالم الطریق الذي كانوا یسلكونه أو بالقرب من شجرة مثلا أو ما شابه، وهذا الإهمال لاسم المكان هنا جاء ملائما للسیاق العام للقصة. ولكن القصة قد رسمت لنا تصویرا من ذلك المكان المجهول من خلال ذكر الزمان الذي حدث فیه الفعل وكذلك من خلال صفاته وأحوال المقیمین. فنعرف أن موسی عندما قال لأهله «أمكثوا» فهو قد عیّن لهم مكانا معینا لا شك إنه یعرفه لیعود إلیه بعد أن یتركهم بحثا عن مرشد ودلیل. وهو علی كل حال قریب من «الطور» أو «الواد المقدس» أو «البقعة المباركة» ومن صفات ذلك المكان الذي أمر فیه موسی (ع) أهله بالبقاء فیه إنه یفتقر الی ثلاث أشیاء أساسیة، الأولی إنه لا یوجد فیه من یهدیهم الی الطریق الصحیح (لعلی آتیكم منها بخبر)، ولا یوجد فیه ضوء یكشف لهم معالم الطریق ویرشدهم الی سواء السبیل (شهاب قبس)، وأخیرا لیس فیه ما یقیهم من برودة الجو( لعلكم تصطلون).
فنلاحظ كیف أن المكان في هذه الآیة قد تفاعلت معه باقي عناصر القصة وأثرت كل منها علی الآخر فرسمت القصة لنا صورة فنیة ومشهدا رائعا من خلال حذف عنصر المكان والإتیان به ضمن سیاق القصة دون التصریح بإسمه وذكره ذكرا مباشرا.
المكان المجهول الذي قصده بنو اسرائیل بعد عبورهم البحر
قال الله تعالی عن قوم موسي بعد أن نجاهم من فرعون وأغرق عدوهم في البحر «وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ» ( الأعراف/138) لقد نجی الله بني إسرائل من ظلم فرعون وجنوده، ویقال إنهم قصدوا بلاد الشام وأتوا قبلها علی قوم یسمون بـ «الكنعانیین». سكان سواحل بلاد الشام. [23]. لكن القصة القرآنیة لم تذكر لنا المكان الذي أتی علیه بنؤ اسرائیل بالحرف وإنما عرف هذا من الأحادیث وكتب التاریخ، فلماذا حذف هذا المكان من هذه القصة وجاء ضمن السیاق الذي یدل علیه فعل «أتوا»؟ إن الإتیان بالمكان هنا بشكل ضمني مشاهد یتلاءم تماما مع الغایة والقصد من القصة إذ إن اسم المكان لیس مقصودا بحد ذاته بل إنه لتأكید علی أن بنی إسرائیل عندما تجاوزوا البحر وصلوا الی مكان ما ووجدوا فیه قوما أهل شرك وأصنام، فطلبوا من موسی(ع) أن یجعل لهم صنما كما لهؤلاء القوم وذلك بعد أن روا الآیات الساطعة والأدلة القاطعة علی وحدانیة الله وان لیس له شریك یعبد لكنهم قوم یجهلون. فالمكان لیس مقصودا بعینه فترك وألمح الیه تلمیحا.
وأتوا علی قوم معناه أتوا قوما ولكن الفرق بینهما أن فعل أتوا عندما یتجرد من حرف الجر «علی» یعنی الإتیان بقصد الإقامة والبقاء في ذلك المكان الذي أتوا الیه، لكن عندما یأتي مع حرف الجر «علی» یعني الإتیان من غیر قصد الإقامة والمكوث الدائم فـ «لما ضمن أتوا» معنی مروا عدي بعلی، لأنهم لم یقصدوا الإقامة، ولكنهم ألفوهم في طریقهم»[24]. والبحر المقصود به البحر الأحمر وخرجوا من جانبه الشرقی.
1-2-2- المكان الضمني الغیبي
عرفنا أن القرآن الكریم قد یذكر لنا بعض الأمكنة الصریحة إما مشاهدة في عالم الدنیا وإما غیر مشاهدة في عالم الآخرة. ومن الأمكنة ما هومصرح به وباسمه وما هومحذوف صراحة ومذكور ضمنا، وقد أتینا بماذج علی باقي أنواع الأمكنة وبقي أن نذكر المكان الضمني الغیبي، أي المكان الذي لم یصرح بإسمه وهو یقع في عالم الغیب.
الجنة
یقول الله تعالی «قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ» هنا نلاحظ أن موسی(ع) طلب أن یدخل في رحمة ربه والرحمة لیست شیء یمكن الدخول فیه، فنعرف أن موسی طلب حقیقة الجنة التي هي موضع ومكان تحل فیه الرحمة المطلوبة. وقد سمی هذا النوع من الحذف في كتب البلاغة بـ «المجاز» ذي العلاقة الحالیة. لقد غاب المكان هنا وجیء بما یحتوی علیه ذلك المكان ألا وهو الرحمة التي یشعر بالحاجة الیها كل مؤمن لاسیما ذلك المؤمن الذي یدرك حجم ضعفه أمام الحق سبحانه وتعالی. ان المكان في هذه الآیة أصبح نقطة ختام وعاقبة مصیر، وهذا المنتهی الأخیر والمطلب الكبیر له مقدمات ممهدة وهي فعل الغفران الذي یأتي من جانب الله ثم حدثیة الإدخال التي تتم أیضا من قبل الله تعالی، والخالق سبحانه في هذه الآیة هو المنطلق والمنتهی كذلك إذ إنه صاحب تلك الرحمة التي تحل في ذلك المكان وهو هنا الجنة.
جهنم
إن قوله تعالی«يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ»( هود / 98) لقد ضمن مكانا غیبیا لم یشاهده أهل الدینا، وقد تضمن فعل «أوردهم» هذا المكان وهولا شك جهنم وقد حذف هذا المكان ووضع مكانه بعضا من محتویاته وهي النار. وقد اتفقنا أن التصریح والتضمین باسم الأمكنة كله مقصود ویتبع غایة معینة في القصص القرآنیة. والحكمة من حذف اسم المكان هنا والإتیان به بشكل ضمني هو أن الله تعالی أراد تهویل مشهد من مشاهد أهل جهنم وكیفیة دخولهم في مستقرهم الأخیر. فكأن ذلك المكان الرهیب قد اختفی تماما وبات یعرف بصفة من صفاته الدائمة ألا وهي النار الحارقة. فلا شك لو ذكر اسم المكان (جهنم) هنا لما كانت تلك الصورة البلیغة التي تصور لنا مشهدا من مشاهد یوم القیامة.
ولما كان فرعون یقود قومه في الدنیا إلی أي مكان شاء وفي أي وقت أراد فهو أصبح في الیوم الآخر یسوقهم كذلك نحو جهنم لیوردهم ذلك الورد، ولكن قیادته لقومه في الیوم الآخر لیس اختیاریة كما كانت علیه الحال في الدنیا، بل هو مضطر ومجبر ولو خُیّر لرفض؛ ذلك أن هذه القیادة هي قیادة معلومة المصیر ونتیجتها الدخول الی مكان تحیط به النار من كل جانب ویعمه العذاب في كل وقت.
وفي قوله تعالی «وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ» أیضا نفس الغایة من حذف المكان والإتیان به ضمن السیاق العام للسرد القصصی للقرآن الكریم، حیث أن الحذف هنا یهدف لإسدال أكبر حجم ممكن من الرهبة والعظمة لوصف ذلك المشهد وتلك الدعوة من قائد نحس علی نفسه وعلی قومه.
وفي مایلی سنرسم جدولین لإحصاء الأمكنة الصریحة والضمنیة التي ذكرت في هذه القصة مبینین من خلالها المزایا العامة التي اتصفت بها كلٌّ من هذه الأنواع وخصائصها التي تمیزها عن غیرها من الأمكنة.
المكان الصریح في قصة موسی علیه السلام
المكان المشاهد | 15 |
المكان الغیبي | 8 |
المجموع | 24 |
المكان الضمنی في قصة موسی علیه السلام
المكان المشاهد | 9 |
المكان الغیبي | 6 |
المجموع | 15 |
نلاحظ أن المكان الصریح بكلا نوعیه المشاهد والغیبي جاء ذكره في قصة موسی علیه السلام أكثر من المكان الضمني وقد یصل العدد إلی ضعفین تقریبا. فقد ذكر المكان الصریح المشاهد وحده في هذه القصة خمسة عشر مرة مما یعادل المكان الضمني برمته. ویظهر هذان الجدولان أن المكان الغیبي هو أقل الأمكنة ذكرا في القصة فقد حصد المكان الصریح الغیبی ثماني مرات والمكان الضمني الغیبي ست مرات، وهذا الأمر یعود لطبیعة القصص القرآنیة اذ إنها كثیرا ما تعتمد علی الأشیاء المحسوسة والتي قد لا یواجه القارئ أي صعوبة في إدراكها واستیعابها إذ إنها تكون مألوفة وأنه یشاهد أمثالها في حیاته الیومیة وهذا الأمر لا ینقص من فاعلیة الأمكنة الغیبیة أو تأثیرها إذ إنها ورغم عدم مشاهدة الإنسان لها بشكل حقیقي إلا إنها جاءت في أقرب تصویر من الأماكن الحقیقیة والتي یعرفها الإنسان ویشاهدها مشاهدة ملموسة وحسیة.
النتیجة
لقد قامت هذه الدراسة لمعرفة الأدوار التي یمكن القیام بها بواسطة أحد العناصر الهامة في تكوین القصة القرآنیة وقد تبین لنا أن لعنصر المكان أهمیة خاصة في بناء السرد القرآني وینقسم عنصر المكان في قصة موسی إلی نوعین رئیسین یتفرع عن كلّ منهما نوعین آخرین. والنوعان الرئیسیان هما المكان الصریح والمكان الضمني وكما هو واضح من الاسمین فالمكان الصریح هو ذلك المكان الذي صُرّح به وباسمه في القصة مثل «مصر» و«مدین» و«الأرض المباركة» وغیرها من الأسماء المعروفة. أما المكان الضمني فهو المكان الذي لم یذكر بشكل صریح وإنما توصلنا الی وجوده من خلال سیاق الكلام. ثم عرفنا أن كلا من المكان الصریح والضمني ینقسم الی نوعین هما المكان المشاهد والمكان الغیبي؛ فالمكان المشاهد هو المكان المشاهد سصریحا كان أو ضمنیا هو المكان الذي یستطیع الإنسان رؤیته بالعین ویمكن الذهاب الیه وزیارته لكن المكان الغیبی فهو المكان الذي ذكر في القصة لكن الإنسان لم یستطع رؤیته الا بعد أن ینقضی أجله في هذه الدنیا. والنماذج لهذه الأنواع كثیرة ومتعددة فالصریح المشاهد كما ذكرنا بعض منها مثل مصر ومدین و… أما المكان الصریح الغیبی فهو مثل الجنة والنار و… أما المكان الضمني المشاهد فنظیر «قال لأهله أمكثوا إني آنست نارا» فمن خلال سیاق الكلام نعرف أن موسی علیه السلام عندما قال لأهله «أمكثوا» فهو قد حدد مكانا دون ذكر اسمه. والمكان الضمني الغیبي نظیر قوله تعالی «وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ».
المصادر
- القرآن الكریم.
- إبراهیم عبدالعزیز السمري، إتجاهات النقد الأدبي العربي في القرن العشرین دار الآفاق العربیة، ط 1، القاهرة،2011م.
- آمنة عشاب، عبدالقادر عمیش، الحبك المكاني في السياق القصصي القرآني، سورة یوسف أنموذجا، جامعة حسيبة بن بو علي بالشلف (رسالة ماجستیر)، 2006 – 2007م.
- الموسی، أنور عبدالحمید، علم الاجتماع الأدبي، (منهج «سوسیولوجيّ» في القراءة والنقد)، دار النهضة العربیة، ط1، 2011م
- 5. السيد قطب، التصویر الفني في القرآن، دار الشروق، القاهرة، ط16،1993م.
- السید قطب، في ظلال القرآن، 6 مجلدات، دار الشروق، القاهرة، 2011.
- بتقة، سلیم، تلمسات نظریة في المكان وأهمیته في العمل الروائي، مجلة المخبر، الجزائر،العدد السادس، د. ت.
- حسن عباس فضل، القصص القرآني إيحاؤه ونفحاته، دار الفرقان ،عمان، 1992م.
- خضر، خالدة حسن، المكان في روایة الشماعیة للروائی عبدالستار ناصر، مجلة كلیة الآداب، العدد 102، د. ت.
- صلاح فضل، مناهج النقد المعاصر، مكتبة الروضة الحیدریة، ط1، القاهرة، 2002م.
- عبدالسلام أحمد الراغب ، وظیفة الصورة الفنیة في القرآن الكریم، تهران، 1387ش.
- عماد الدين إسماعیل بن كثیر، قصص الأنبیاء، شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم، د. ت.
- غيداء أحمد سعدون شلاش، المكان والمصطلحات المقاربة له – دراسة مفهوماتیة، مجلة أبحاث كلیة التربیة الأساسیة، مجلد11، العدد 2،2011م.
- مجمع اللغة العربیة، معجم الوسيط، مكتبة الشروق، ط4ف2004م.
- محمد بن مكرم بن منظور الافريقي المصري جمال الدين أبو الفضل، لسان العرب، د. ط، عدد المجلدات: 15، دار صادر، بيروت، 2010م.
- محبوبة محمدي محمد آبادي، جمالیات المكان في قصص سعید حورانیة، دمشق، الهيئة العامة السورية للكتاب، 2011م.
- محمد الطاهر ابن عاشور، تفسير التحرير والتنوير، عدد الملجدات، الدار التونسية للنشر، تونس، 2008.
- مريم أكبري موسی آبادي، محمد خاقاني إصفهاني، دلالة المكان في رواية موسم الهجرة إلی الشمال، مجلة إضاءات نقدیة، السنة الثانية – العدد السابع – خريف ١٣٩١ش.
- میجان الرويلي، سعد البازغي، دلیل الناقد الأدبي، المركز الثقافي العربي، ط3، الدار البیضاء، 2002م.
- یوسف أحمد علی أبوريدة، أعلام المكان في القرآن الكريم، دراسة دلالیة، جامعة الخلیل (رسالة ماجستیر)، 2007 – 2008م.
- يونس الفيصل، عناصر التخيل في الرواية المعاصرة، مجلة الآداب، جامعة علامة طباطبائي، العدد 10، طهران، 2013، ص122
- آمنة عشاب، عبدالقادر عمیش، الحبك المكاني في السياق القصصي القرآني، سورة یوسف أنموذجا، جامعة حسيبة بن بو علي بالشلف (رسالة ماجستیر)، 2006 – 2007م، ص: المقدمة: أ.
- إبراهیم عبدالعزیز السمري، إتجاهات النقد الأدبي العربي في القرن العشرین دار الآفاق العربیة، ط 1، القاهرة،2011م، ص187..
- صلاح فضل، مناهج النقد المعاصر، مكتبة الروضة الحیدریة، ط1، القاهرة، 2002م، ص 96
- میجان الرویلي، سعد البازغي، دلیل الناقد الأدبي، المركز الثقافي العربي، ط3، الدار البیضاء، 2002م، ص72.
- الموسى أنور عبدالحمید، علم الاجتماع الأدبي، (منهج «سوسیولوجيّ» في القراءة والنقد)، دار النهضة العربیة، ط1، 2011م، ص36.
- إبراهیم عبدالعزیز السمري، إتجاهات النقد الأدبي العربي في القرن العشرین، ص215.
- غیداء أحمد سعدون شلاش، المكان والمصطلحات المقاربة له – دراسة مفهوماتیة، مجلة أبحاث كلیة التربیة الأساسیة، مجلد11، العدد 2،2011م، ص245.
- آمنة عشاب، عبدالقادر عمیش، الحبك المكاني في السياق القصصي القرآني، سورة یوسف أنموذجا، ص10.
- عبدالسلام أحمد الراغب، وظیفة الصورة الفنیة في القرآن الكریم، تهران، 1387ش، 129.
- خالدة حسن خضر، المكان في روایة الشماعیة للروائی عبدالستار ناصر، مجلة كلیة الآداب، العدد 102، د. ت، ص 117.
- يونس الفيصل، عناصر التخيل في الرواية المعاصرة، مجلة الآداب، جامعة علامة طباطبائي، العدد 10، طهران، 2013، ص251.
6 . فضل حسن عباس، القصص القرآني إيحاؤه ونفحاته، دار الفرقان ،عمان، 1992م، ص 12.
- السید قطب، التصویر الفني في القرآن، دار الشروق، القاهرة، ط16،1993م، ص143.
- غیداء أحمد سعدون شلاش، المكان والمصطلحات المقاربة له – دراسة مفهوماتیة، 248.
- السید قطب، التصویر الفني في القرآن، ص 143.
- . آمنة عشاب، عبدالقادر عمیش، الحبك المكاني في السياق القصصي القرآني، سورة یوسف أنموذجا، ص أ.
- السید قطب، في ظلال القرآن، 6 مجلدات، دار الشروق، القاهرة، 2011، ج3، ص255.
1.خالدة حسن خضر، المكان في روایة الشماعیة للروائی عبدالستار ناصر، مجلة كلیة الآداب، العدد 102، د. ت، 122.
- عبدالسلام أحمد الراغب، وظیفة الصورة الفنیة في القرآن الكریم، ص192.
- مريم أكبري موسی آباديي، محمد خاقاني إصفهاني، دلالة المكان في رواية موسم الهجرة إلی الشمال، مجلة إضاءات نقدیة، السنة الثانية – العدد السابع – خريف ١٣٩١ش، ص90..
- محمد بن مكرم بن منظور الافريقي المصري جمال الدين أبو الفضل، لسان العرب، د. ط، عدد المجلدات: 15، دار صادر، بيروت، 2010م، مادة سفن.
- المعجم الوسیط، مجمع اللغة العربیة، مكتبة الشروق، ط4ف2004م، مادة لصق.
- محمد الطاهر بن عاشور ، تفسير التحرير والتنوير، عدد الملجدات، الدار التونسية للنشر، تونس، 2008، ج 1، ص500.
- محمد الطاهر بن عاشور ، تفسير التحرير والتنوير، ج1، ص 80.