
الإدارة المدرسية في ضوء مشروع المؤسسة
د. المسوس يعقوب/جامعة وهران2،الجزائر
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 43 الصفحة 65.
ملخص:تعتبر التحديات التي أصبحت تواجه المنظومة التربوية مثل العولمة والتطور التكنولوجي وانعكاساتها على جميع الأصعدة الاجتماعية ، الثقافية والعلمية، حافزاً لتطبيق العديد من الإصلاحات التي من شأنها تحسين نوعية مخرجاتها،ومن بين هذ الإصلاحات نجد مشروع المؤسسة الذي جاء لتحقيق التكامل بين ثلاثة جوانب مهمة ( التربوي، البيداغوجي، الإداري).
وللإشارة فان مشروع المؤسسة يسعى إلى تحقيق الفعالية والتي بدورها تتطلب تنظيما محكما وإستراتيجية ملائمة، وبالأخص تعبئة جميع أعضاء الجماعة التربوية (الإداريون، المعلمون، التلاميذ وغيرهم) كما يتطلب كذلك تجنيد جميع عناصر المحيط (أولياء التلاميذ، السلطات المحلية وغيرهم) خدمة للمدرسة و أعضائها.
الكلمات المفتاحية:الإدارة المدرسية، مشروع المؤسسة.
مقدمة
إن القطاع التربوي من القطاعات الحساسة والمهمة والمحركة لعجلة التنمية، وذلك نظرا للدور الذي تلعبه مؤسساته داخل المجتمع وخاصة إذا كان من مجتمعات الدول النامية.
إن المشاكل التي تتخبط فيها المدرسة الجزائرية عديدة ومتنوعة وانعكست سلباً على مخرجاتها( التلاميذ)، من حيث النوعية والكفاءة ولعل المتتبع للإصلاحات التربوية العديدة، والتي ركزت في بداياتها على الكمية و شيئا فشيئا أصبحت تبحث عن الجودة، يكتشف المنعرج الجديد الذي سلكته أهداف المنظومة التربوية، و ذلك نظرا للعديد من العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي جعلت العملية التربوية تتمحور حول التلميذ وذلك بتسخير جميع الوسائل المادية والبشرية لخدمته.
إن إصلاح النظام التربوي كان مدخل العديد من الدول نحو التقدم والازدهار وذلك للوعي التام بخطورة وحساسية الدور الذي تلعبه المدرسة في تحديد مصير الدول، التي أصبحت تقيس تطورها بتطور مدارسها ونظمها التربوية، ولعل غياب فلسفة وإستراتيجية واضحتين تستند إليهما المنظومة التربوية جعلها تسير نحو أهداف مجهولة قد تزيد من المشاكل التي يتخبط فيها المجتمع.
إن البحث عن الجودة والفعالية أصبح مطلب العديد من مؤسسات المجتمع،خدماتية أو اجتماعية، وخاصة فعالية الأفراد التي تعتبر المحرك الأساسي نحو التنمية. هذا ما يدعونا إلى إعادة النظر في كيفية تسيير المدرسة الجزائرية التي مرت بالعديد من الإصلاحات، والتي سعت إلى توفير ظروف أحسن لتمدرس التلاميذ، والهادفة إلى تحسين مخرجاتها مثل زيادة نسب النجاح والتقليل من نسب التسرب المدرسي والتقليل من مظاهر العنف المدرسي.
ويعتبر مشروع المؤسسة من الإصلاحات التربوية الحديثة العهد و الهادفة إلى تفعيل أداء المؤسسات التربوية، ومن الواضح أن أي مشروع تربوي يحتاج إلى مجموعة من الوسائل والآليات الفاعلة والمساهمة في إنجاحه.أو بعبارة أخرى تحسين مستوى فعالية الجوانب التنظيمية والإستراتيجية والبشرية للمؤسسة (المدرسة). والسؤال الرئيسي المطروح للبحث نظريا هو: ما درجة فعالية أداء مشروع المؤسسة المدرسية الجزائرية في ظل التشريع الإداري المدرسي الجزائري الحالي؟
- الإدارة المدرسية من منظور التسيير التقليدي العام للمؤسسة
لقد تباينت تعريفاتها كما تباينت جوانب التركيز في مفهومها، ولقد عرفها:”كونتر” و”داونيل” بأنها وظيفة تنفيذ الأعمال عن طريق الآخرين” وعرفها “رالف دافيز” “بأنها الوظيفة القيادية التي تتكون من أنشطة التخطيط والتنظيم والرقابة لتحقيق الأهداف العامة للمنظمة”.[1]
كما يعرفها محمد عز الدين عبد الهادي ” الإدارة استخدام حكيم ومقنن لوسائل ومصادر مادية وبشرية من أجل تحقيق أهداف منظمة معينة سبق وضعها”[2]
ولقد عرّفت ” بأن الإدارة المدرسية تتعلق بما تقوم به المدرسة من مهام وأنشطة من أجل تحقيق رسالة التربية، وبتعبير آخر يتحدد مستوى الإدارة المدرسية الإجرائي على مستوى المدرسة فقط”[3].
من خلال ما سبق يمكن تعريف الإدارة المدرسية على أنها ذلك الكل المنظم أو جملة العمليات المنسقة التي تهدف إلى عقلنة الفعل التربوي وذلك من خلال التخطيط والتنظيم والتنشيط والتنسيق والرقابة للفعل التربوي وذلك لغرض تحقيق الأهداف المسطرة و المتمثلة في توفير الشروط اللازمة لتمدرس التلاميذ، لتحقيق أهداف المنظومة التربوية.
- خصائص الإدارة المدرسية (التعليمية):
إن الإدارة كالثقافة لها عموميات تشترك فيها الإنسانية عامة، وخصوصيات تخص فئة بعينها دون فئات أخرى، ولهذا فلكل نوع من أنواع الإدارة هذه الصفات، فهناك صفات عامة تشترك فيها كل أنواع الإدارات وهناك خصوصيات لكل إدارة، يمكن حصرها كما يلي[4]:
أ – الإدارة التعليمية مسؤولية جماعية:
بما أن الإدارة التعليمية تختص بالتعليم الذي يتم بالأساتذة والمعلمين الذين يمكن اعتبارهم المحور الرئيسي الذي ينشط العملية التعليمية، والموظفين الإداريين الذين تدور حولهم العملية الإدارية والعمال الذين يقدمون الخدمات التي توفر شروط التمدرس المناسبة، إلى جانب ما يحتاج إليه هؤلاء من مستلزمات وأدوات وأجهزة ومعدات تمثل محورا آخر في التعليم وفي إدارته، وهناك محور آخر يتمثل في الفلسفة التربوية التي اقرها المجتمع، وما يتبعها من تشريعات وقوانين وقرارات، كل هذه تعتبر تنظيمات على المستوى التربوي، ومؤشرات تدل على عمق المسؤولية التي تتحملها الإدارة التعليمية، وإذا كانت الغاية من التعليم النهوض بالمجتمع، فان الغاية لا تتم إلا إذا تظافرت جهود الجميع وتم تنظيمها وتنسيقها، وأدرك العاملون أن ما يقومون به مسؤولية وطنية.
ب – الإدارة التعليمية مهمة اجتماعية:
الإدارة عملية جماعية ومهمة اجتماعية يشترك فيها اغلب أفراد المجتمع الذي تؤثر فيه وتتأثر به، لأنها وليدة حاجات اجتماعية، وتسعى لفائدة الجماعة، وتنحصر في تنظيم اجتماعي يتم التعامل فيه راسيا وأفقيا، يهدف إلى خدمة التلاميذ الذين يعدون حجر الأساس في نهضة المجتمع، وبالتالي فهي ليست عملية إشرافية فحسب، بل أنها تشمل إلى جانب ذلك التخطيط والتنظيم والتنسيق والرقابة لنسبة كبيرة من فئات المجتمع، وبذلك فإنها تعتبر مهمة اجتماعية تستوجب جماعية العمل وتستهدف فائدة الجماعة.
ج – الإدارة التعليمية عملية تكنولوجية:
التكنولوجيا في اللغة اليونانية القديمة تعني المعالجة المنظمة، وهي مجموعة المهارات والأساليب العلمية المنظمة التي تستخدم لحل مشكلات علمية، وبذلك فإن التكنولوجيا الإدارية، وهي مجموعة المعارف العلمية والأساليب المنظمة التي تطبق في مواجهة المشكلات العملية بغية حلها في ميدان الإدارة دون أن يعني ذلك بالضرورة استخدام الآلات في التطبيق.
د – الإدارة التعليمية عملية قيادية:
الإدارة التعليمية هي التي تقود المجتمع، وهي التي تسير التعليم وهي التي يحتاج إليها كل أفراد المجتمع، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فهي كقيادة تهدف إلى تحقيق السياسة المرسومة لتحقيق أهداف المجتمع، وهي كإدارة تعتبر وسيلة للوصول إلى هذه الأهداف بما توفره من ظروف مناسبة، وإمكانيات مادية وبشرية، فارتباط القيادة بالإدارة هو جوهر الإدارة التعليمية، وأساس عملها. فالقائد هو إداري بالضرورة، ولكن الإداري قد لا يكون قائدا، ولهذا فإن استراتيجية الإدارة في التعليم تتطلب من جميع العاملين بها مشاركة ايجابية وإدراكا كاملا، وفهما واعيا، وتوجيها سليما، يتمثل في عمل ناجح، وغاية محققة، بمعنى وجود رابطة قوية بين تنظيمات العمل وقيادته.
ه – الإدارة التعليمية عملية إنسانية:
مجال عمل الإدارة يرتكز على جانبين أحدهما مادي وثانيهما معنوي وهو الأهم بالنسبة للإدارة التعليمية على وجه الخصوص، فالجوانب الإنسانية هي أهم ما يميز عمل الإدارة التعليمية، لأنها تتعامل مع كافة قطاعات المجتمع، وقد أشارت الكثير من الدراسات والأبحاث إلى أن فشل الكثير من الإداريين في مهامهم، وفي تحقيق أهداف العمل مرجعه إلى نقص المهارة الإنسانية عندهم، أكثر من قصورهم في مهارة العمل، بل أن كثيرا من المشكلات المتعلقة بالإدارة والعمل أساسها عامل إنساني.
- مهارات القائد الإداري والتربوي:
قيادة النظام التربوي وإدارته تتجاوز في مضامينها سمات القادة وخصالهم، كما لا تقتصر فقط على التعامل الفاعل مع انضباطية المعلمين والتلاميذ أو العناية بالبناء المدرسي وصيانته أو بتأمين المتطلبات المالية أو حفظ الملفات والسجلات الرسمية وغير ذلك من الأمور التي تعد ضرورية في إدارة النظم التربوية. إن توافر ذلك كله لا يشكل بالضرورة شمولية المقصود بقيادة وإدارة النظام التربوي، إلا إذا امتزج أداء هؤلاء القادة بعدد من المهارات التي يفترض توفرها.
وقد قدم “روبرت كاتز” ( نقلا هاني عن عبد الرحمان صالح الطويل) تصورا بناه على أساس ضرورة توافر مهارات ثلاث لدى القائد والإداري التربوي تشكل إطارا مرجعيا ومنطلقا لازما لنجاح تفاعله مع المهام والأدوار الموكلة إليه، كما أن قيام الإداري والقائد بمهامه وبشكل متميز تتطلب منه اكتساب بعض المهارات التي يمكن أن نلخصها كما يلي[5]:
(1)- المهارات الفنيةTechnical skills:
توفر هذه المهارات فهما ودراية وكفاية في مجال محدد من النشاطات المتخصصة كتلك التي تتصل بالأساليب والعمليات والإجراءات التعليمية التعلمية، أو بالتقنيات المتعلقة بمتطلبات الدور، وتتضمن المهارات الفنية معرفة متخصصة وقدرة تحليلية ضمن مجال هذه المعرفة تمكن من استخدام الكفايات المهنية كافة والوسائل والأساليب في مجال التخصص. ويتم تمكين القادة والإداريين التربويين من هذه المهارة عبر برامج مصممة خصيصا لتأهيلهم وتهيئتهم من خلال نشاطات أكاديمية مدروسة.
(2)- المهارات الإنسانية Human skills :
تعرف هذه المهارات بأنها مقدرة المسؤول التربوي على التعامل الفعال والسلوك كعضو في جماعة وكعنصر فاعل في تنمية الجهود التشاركية ضمن الفريق الذي يتولى قيادته. وغالبا ما يجد الإداريون أنفسهم في موقف يستدعي الموازنة بين توظيف هذه المهارة وتفعيلها مقابل توظيف وتفعيل متطلبات المهارة الفنية.
(3) – المهارات الإدراكية التصورية Conceptual skills:
وتعني هذه المهارة مقدرة الإداري والقائد التربوي على رؤية مؤسسته ككل وعلى تفهمه وإدراكه شبكة العلاقات التي تربط بين وظائفها و مكوناتها الفرعية المتنوعة، وكيف أن أي تغيير في أي مكون فرعي سيؤثر وبالضرورة ولو بنسب متفاوتة على بقية المكونات الفرعية الأخرى التي يشتمل عليها النظام. كما تعني إدراك الإداري والقائد التربوي لشبكة العلاقات بين النظام الذي يعمل فيه وما يزامله من نظم اجتماعية أخرى وتبصره للعناصر الرئيسية والمهمة في أي موقف يعيشه ويتعامل معه. وهذا سيمكنه بالضرورة من التصرف بطريقة تؤدي إلى نجاح وتقدم مؤسسته في جميع جوانبها.
4- تحديات الإدارة المدرسية:
إن الإدارة المدرسية تواجه كل يوم العديد من المشكلات والتحديات التي تحتم عليها اختراق أسوار الروتين والنمط التقليدي الذي تنتهجه، والبدء بالتفكير الجاد لوضع إستراتيجية عملية تتماشى مع تراث الماضي ومعطيات الواقع وتوقعات المستقبل.
كما ينظر البعض إلى الإدارة المدرسية على أنها عمل روتيني يرتبط نجاحها بمدى قدرة القائد الإداري على تطبيق الأنظمة واللوائح والتقيد بها، وعدم إحداث أي مشكلات للجهات الإشرافية. وفي الكثير من الدول النامية والعربية على وجه الخصوص، لا تزال بعض قيادات الإدارة المدرسية بحاجة إلى الإعداد الجيد، وتفتقر إلى الخبرات والمهارات الفنية والمهنية والتربوية التي تساعدها على القيام بدورها بنجاح وفاعلية، إذ قد يتم اختيار هذه العناصر القيادية دون توافر أسس أو معايير موضوعية.
ولهذا، فان إحداث نقلة نوعية في مخرجات العملية التعليمية، يتطلب الإعداد والتأهيل والتدريب الجيد في أثناء العمل لمختلف قيادات الإدارة المدرسية، باعتبارها أهم عنصر في نجاح أو فشل العملية التعليمية، وتواجه القيادات التربوية، وفي طليعتها قيادات الإدارة المدرسية الكثير من المشكلات والتحديات المتسارعة، التي تشكل ضغوطا متزايدة، نتيجة لسرعة تغير ظروف الحياة المتطورة والمتجددة والتي أصبحت تمثل هاجسا لها، ومن بين هذه المشكلات والتحديات نذكر منها[6]:
– الافتقار إلى فلسفة واضحة ومحددة المعالم حول الإدارة المدرسية برمتها.
– الافتقار إلى استراتيجية وخطط واضحة ومحددة تترجم الفلسفة إلى واقع ملموس.
– الافتقار إلى كثير من القيادات التربوية (مدراء المدارس) المؤهلة والمدربة علميا وتربويا وفنيا ومهنيا.
– الافتقار إلى معايير واضحة ومحددة للحكم على نجاح العمل الإداري وفعاليته.
– الافتقار إلى معايير واضحة ومحددة للتحقق من مدى تنفيذ الأهداف.
– إغراق القيادات التربوية (مدراء المدارس)، بأعمال روتينية وورقية على حساب الأعمال الإبداعية.
– عدم توافر الموارد المالية اللازمة لمواكبة الطموحات والخطط المقترحة.
– افتقار القيادات التربوية إلى السلطات والصلاحيات اللازمة لممارسة المهام والمسؤوليات الموكولة إليها على أكمل وجه.
– عدم وضوح النظم واللوائح التنظيمية، والافتقار إلى مرجعية معينة لتفسيرها.
– الافتقار إلى الأجهزة والوسائل التعليمية التعلمية اللازمة.
– الافتقار إلى الحوافز المادية والمعنوية المجزية للقيادات التربوية، مما يشجعها على الاستمرار في المهنة وعدم الالتفات أو التفكير بمزاولة مهنة أخرى بعد انقضاء فترة الدوام.
5-مقارنة بين التسيير التقليدي والتسيير الحديث:
يمكن أن نلخص أوجه التشابه والاختلاف بين الإدارة التقليدية والإدارة الحديثة فيما يلي[7]:
– جدول1.: مقارنة بين التسيير الحديث والتسيير التقليدي.
خصائص التسيير التقليدي(الإدارة التقليدية) | خصائص التسيير الحديث (الإدارة الحديثة) |
– غلبة مهام ممارسة السلطة والانفراد بالقرار على سلوك المدير، الآمر والمراقب رسميا لتطبيق القوانين وفق سلوك المدير الرئيس. | – قيام المدير بادوار قيادية في التسيير، باعتباره قائدا منسقا ومشجعا ومنشطا، ويعتبر الإدارة وسيلة لخدمة التعليم التعلم وفق سلوك المدير القائد. |
– اعتماد مفهوم التسيير (Gestion) | -اعتماد المفهوم الحديث للإدارة(Management) |
– القيام بالمهام التقنية والإجراءات الروتينية، وتطبيق التعليمات الواردة من إدارة عليا، مع سيادة النزعة البيروقراطية. | – القيام بوظائف ومهام وادوار متنوعة تشمل: التسيير والإدارة والقيادة والتنظيم والتطوير، كما تشمل مفهوم النجاح في العمل وتحقيق نتائج ايجابية، واستعمال وسائل ناجعة. |
– القيام بمهام محددة إداريا دون اخذ المبادرة. | – الحرص دائما على أخذ المبادرة والتطوير والإبداع. |
– التركيز على الإجراءات الشكلية وتنفيذ التعليمات. | – القيام بعمليات منظمة ومتكاملة تشمل على: التخطيط، والتنظيم، والتنفيذ، والمراقبة، والتقويم، والتتبع. |
– اعتماد العمل الفردي. | – اعتماد المقاربة التشاركية. |
– عدم استلزام التمكن من مجالات معرفية مختلفة. | – استلزام الإلمام بمجالات معرفية متنوعة منها: علم الإدارة وفروع علم النفس والقانون الإداري. |
– قلة الاهتمام والانشغال بالنجاعة والفعالية، واعتماد تقويم المؤسسات على الالتزام بالتعليمات. | – اعتماد ثقافة “المقاولة” والتدبير الفعال للموارد البشرية عن طريق التواصل الجيد والحفز والتقويم القائم على النتائج والفعالية في استعمال الموارد المادية والمالية. |
– تركيز سلطة القرار بين أيدي شخص واحد غالبا ما يكون في إدارة أعلى ضمن الهرم الإداري (سيادة النظام المركزي) | – تخويل قسط كبير من سلطة القرار للمؤسسة نفسها، وغالبا ما تكون هذه السلطة مقسمة بين مكونات ومجالس المؤسسة ضمن مقاربة تشاركية غير متمركزة. |
تعليق: من خلال الجدول نلاحظ أن التسيير التقليدي أقرب ما يكون إلى الإدارة المدرسية بالتشريع أو الإدارة الأوتوقراطية و البيروقراطية أما التسيير العصري فهو أقرب ما يكون إلى مشروع المؤسسة.
6- تعريف مشروع المؤسسة:
إنّه” شكل من أشكال التجديد البيداغوجي، وفعل تربوي تساهم جميع الأطراف المعنية في بلورته ضمن خطة عمل تراعي واقع المحيط الاجتماعي والثقافي، وتهدف إلى تجويد الممارسة التنشيطية للمؤسسة بما يسمح لها بالدخول في شبكة من العلاقات مع شركاء محليين في نسق ديناميكي فعال ومنتج”[8].
كما يمكن تعريفه بأنه “أداة تسييرية قائمة على مبدأي الاشتراك وتوحيد الجهود بين الأفراد تخطيطا وتنفيذا، من اجل أن نخرج طريقة التسيير الحالية من تقوقعها وروتينيتها، ويضاعف من مردودها التربوي” وذلك لأنه[9]:
– يعني كل الفئات المتعاملة (أساتذة، إدارة، تلاميذ، أولياء)
– ينطبق على كل النشاطات الأساسية داخل المؤسسة الساعية إلى المزيد من النجاعة والتقويم.
– يشمل مجموعة متماسكة من الوسائل والطرائق التي يتم اختيارها، لتحقيق أهداف عامة ومن خلالها الغايات الوطنية. وهكذا يصبح مشروع المؤسسة دالا على مخطط شامل لحل مشكل أو عدة مشكلات انطلاقا من تحليل الوضع ورسم الأهداف المنشودة ثم انتقاء الحلول المناسبة والوسائل اللازمة.”
7- أنواع المشاريع:
توجد العديد من أنواع المشاريع تختلف من حيث المبادرين ( الباعثين والمحركين لها)، إضافة إلى حقل و مدة تطبيقها في المدرسة وهي كما يلي[10]:(انظر الجدول 2)
إضافة إلى ما سبق فإن “مارك برو”Marc Bru و “لويس نوتLouis Not قد ميّزا خمس وظائف أساسية لبيداغوجيا المشروع وهي كالآتي[11]:
– وظيفة اقتصادية وإنتاجية:والتي تركز مباشرة على وضع نشاط معين وذلك لتبرير استغلال الإمكانيات المادية الموضوعة تحت تصرف المؤسسة.
– وظيفة علاجية: وفيها يقوم بتجديد اهتمامات التلاميذ المدرسية، كما تسمح للمتكونين بالانخراط في نشاطات ذات دلالة على مستوى التعلم، وكذلك على مستوى الالتزام الاجتماعي والمهني.
– وظيفة تعلمية: أين ترجع الأفعال البيداغوجية في معالجتها التسلسلية إلى المعارف الجديدة والأهداف.
– وظيفة اجتماعية إعلامية: باعتبار أن أي تطور يرجع بصفة مباشرة أو غير مباشرة إلى الشركاء.
– وظيفة سياسية: وتتجلى هذه الوظيفة عندما تكون بيداغوجيا المشروع كهدف للتربية وليس فقط وسيلة، والتي تسعى إلى تكوين المواطن بأفق المشاركة الفعالة في الحياة العامة.
جدول 2 :أنواع المشاريع وخصائصها.
المدة | المؤسسة | حقل التطبيق | المبادرون | نوع المشروع |
سنويا، ونادرا ما تكون سنتين. | المؤسسة المدرسية:فريق من التلاميذ، والراشدين، كما يمكن أن تكون العديد من مشاريع الفعل التربوي في نفس المؤسسة. | حقل التطبيق هو إنجاز مع مجموعة التلاميذ نشاط يوصل إلى منتوج اجتماعي (عرض مسرحي، دراسة المحيط، معرض وغيرها). | المبادرون هم التلاميذ وبعض المعلمين، أو موظفي /مستخدمي المدرسة الذين يكونون جماعة الانطلاق والدافعية. |
8- أهداف مشروع المؤسسة:
يمكن أن نجمل الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها مشروع المؤسسة في أهداف تسييرية و أهداف تعليمية[12]:
أ- الأهداف التسييرية:
– منح الاستقلالية للمؤسسة في وضع الإستراتيجية الخاصة بها بما يتناسب مع إمكانياتها.
– تحقيق مبدأ التشارك في تسيير المؤسسة، وذلك بمنح الفرصة لكل الأعضاء في المساهمة بأفكارهم و إبداعاتهم، إضافة إلى مجهوداتهم.
– زرع مبدأ المسؤولية لدى كل أفراد المؤسسة.
– تفعيل دور الاتصال الأفقي بجانب الاتصال العمودي داخل المؤسسة، وزرع الثقة المتبادلة لدى أعضاء المؤسسة.
ب- الأهداف التعليمية:
– تزويد التلاميذ بمكتسبات ذات جودة.
– الارتقاء بأساليب التقويم البيداغوجي وجعله وسيلة وأداة لتفعيل العملية التربوية.
9– مقومات مشروع المؤسسة:
إن مشروع المؤسسة يقوم على مجموعة من المقومات والإمكانيات وهي كالآتي[13]:
1)- الموارد البشرية: كما هو معلوم فان مشروع المؤسسة يجند الفريق الإداري بصفة كبيرة أثناء مرحلة بناء المشروع، ثم بنسبة اقل أثناء تنفيذ ومراقبة مشروع المؤسسة.
كما يعتمد على فريق للقيادة وجميع أفراد المؤسسة تبعا للأدوار الموزعة والمحددة لكل عضو، فهذا عن الأعضاء الداخليين، أما الأعضاء الخارجيين فهم عبارة عن (مستشارين، ومكونين).
2)- الموارد المادية: إن العمل في إطار مشروع المؤسسة يتطلب:
– عمل الموارد البشرية لساعات إضافية.
– مساعدة أعضاء خارجيين (كاستشاريين أو مكونين).
– عقد اجتماعات خاصة بسير وتقويم المشروع.
– تكوين الفريق التربوي والإداري لتنفيذ المشروع.
كل هذه الأعمال السابقة تتطلب من المؤسسة إعداد ميزانية خاصة، تتناسب مع حجم المؤسسة.
3)- الإمكانيات التنظيمية: ونعني بالإمكانيات التنظيمية، هو قدرة المؤسسة على التنظيم وإعداد نظام داخلي جديد إضافة إلى تبني نظام تسييري جديد، والتخطيط لمناصب عمل جديدة وإدماج تكنولوجيات جديدة.
وباختصار فعلى الإدارة امتلاك القدرة على إعادة تنظيم المؤسسة.
10- مراحل إعداد مشروع المؤسسة
إن مشروع المؤسسة يمر بأربع مراحل مهمة وتتمثل فيما يلي[14]:
1)- مرحلة التشخيص: وفيها يشخص واقع المؤسسة استنادا إلى توجيهات السياسة التربوية، وذلك من خلال جمع كل المعلومات المتعلقة بالمدرسة(مؤشرات الحياة المدرسية، الموارد البشرية والمادية المتوفرة فيها)، كما يتم أيضا تشخيص العوامل المؤثرة سلبا أو إيجابا على المشروع.
2)- مرحلة إعداد المشروع: وترتكز هذه المرحلة على استغلال المعلومات المحصلة في تشخيص وضع المؤسسة لتحديد وترتيب جملة من الأهداف الممكن تحقيقها في مدة يحددها المخطط.
– ضبط الحاجات الضرورية لتحقيق الأهداف المرسومة.
– ضبط الإمكانات البشرية والمادية المتاحة وسبل استغلالها.
– تقدير الإمكانات الإضافية اللازمة لإنجاز المشروع.
– وضع خطة عملية تراعي الإمكانات والحاجات وتنفذ على مراحل سنوية على مدى المدة المحددة للمشروع في المخطط.
– ضبط مؤشرات وآليات متابعة المشروع وتقويمه.
3)- مرحلة إنجاز المشروع:
– الشروع في تنفيذ المشروع في بداية السنة المحددة للانطلاق فيه.
– متابعة متواصلة لإنجاز المشروع وتعديله عند الحاجة.
4)- مرحلة تقويم المشروع:
– يقوّم المشروع سنويا وفق الأهداف المرسومة له ووفق التوجيهات العامة للسياسة التربوية، ويرمي التقويم إلى الوقوف على:
– التغيرات الدالة على مردود المؤسسة.
– العوامل السلبية التي تحول دون السير الحسن للمشروع.
– تعديل الخطة على ضوء ما يستخلص من التقويم.
كما يقترح أنطوان مادري(Antoine Mudry) منهجية أخرى في صياغة مشروع المؤسسة وهي كالأتي[15]:
1)- اختيار موضوع للمشروع: وفيها يتم توظيف جميع الطاقات لمواجهة مشكل أو مجموعة مشاكل.
2)- التعريف بالشركاء المعنيين: مثل (الأولياء، الإدارة، المعلمين، التلاميذ) وذلك انطلاقا من الموضوع الذي تم اختياره، حيث تتفاوت درجة مساهمة كل عضو في بناء المشروع حسب موقعه داخل المدرسة.
3)- تكوين جماعة القيادة: حيث تتكلف بتوجيه جميع النشاطات داخل المشروع، بحيث يوجد داخل هذه الجماعة أعضاء يقومون باستثارة جميع الأفكار الإبداعية، كما يمكن تكوين هؤلاء الأعضاء في تسيير الموارد البشرية.
4)- تحضير رزنامة وجرد جميع الوسائل والإمكانيات المتاحة للمؤسسة: وفيها يتم توضيح الأهداف بدقة.
5)- انطلاق العملية الإبداعية والتوظيفية لجميع الموارد: ويتم ذلك حسب الرزنامة الموضوعة (أسبوع، شهر، سنة).
6)- التقويم: أو وضع الحصيلة (مدى تحقق الأهداف وتغير الاتجاهات).
ومن خلال المراحل السابقة، تتبين كيفية صياغة مشروع المؤسسة الذي يسمح بخلق ديناميكية جديدة تساهم فيها جميع الشركاء الداخليين والخارجيين للمؤسسة.
11- مشروع المؤسسة كوسيلة لتفعيل المدارس:
بعد الملاحظة والتدقيق فإنه يمكن رصد بعض الخصائص التي تميز المدارس التي تتسم بالفعالية وهي كمايلي[16]:
* المدراء داخل هذه المدارس هم الفاعلون، بحيث يحددون بوضوح الأهداف، وينظمون التبادلات كما يسهرون على تنفيذ القرارات المتخذة، إضافة إلى أنهم متفتحون على الأفكار الجديدة، ويسعون إلى تحقيق الانسجام مع الفريق التربوي وذلك بتشجيعهم وتحفيزهم.كما يساهمون في تفتح المدرسة على العالم الخارجي، كما يقومون بالتنسيق مع الأولياء.
* المعلمون وفي بعض الحالات حتى التلاميذ، يشاركون في التخطيط وفي وضع القرارات، كما يشاركون في الاجتماعات المبرمجة بفعالية، كما أنهم يحضون ببرامج تكوينية، والتي من خلالها يبلورون ويتخذون قرارات متعلقة بالتنظيم الداخلي والخارجي للمؤسسة مثل (استعمال الزمن، وضع النشاطات، استغلال الموارد المادية والبشرية، التكوين المستمر.)
* فريق المعلمين والمعلمات يتميزون بالكفاءة والإبداع والثقة بالنفس، إضافة إلى استعدادهم لتطوير كفاءاتهم البيداغوجية.
* وضع تحت تصرف المعلمين بعض الموارد المادية والبشرية التي تسمح لهم بتطوير كفاءاتهم واكتساب تقنيات جديدة في التعليم.
* تضامن جميع أعضاء المدرسة لمواجهة الفشل الذي يمكن أن تقع فيه المدرسة وذلك من خلال الإبداع وإيجاد تطبيقات جديدة، وهذا لا يكون إلا في مؤسسة تتسم بالمرونة في التسيير.
ويلاحظ أن هذه الخصائص المفعّلة لنشاط المدرسة ما هي إلا بعض خصائص مشروع المؤسسة.
خاتمة:
إن العمل بمشروع المؤسسة يسعى إلى حل المشكلات التي تواجه المؤسسات التربوية وتحول دون تحقيق الأهداف التربوية والبيداغوجية، وذلك من خلال تفعيل أدوار كل أعضاء المدرسة (من معلمين،و تلاميذ،و إداريين)، كما أن مشروع المؤسسة تتعدى فائدته إلى المجتمع من خلال ضمان أحسن اندماج للتلاميذ في المجتمع.
كما يعتبر مشروع المؤسسة استجابة للتغيرات التي حصلت داخل المجتمع (اقتصادية، اجتماعية، ثقافية، تكنولوجية) والتي بدورها خلقت جوا من التنافسية بين المؤسسات التربوية، بحثا عن الجودة في المخرجات.
قائمة المراجع
- إسماعيل محمد دياب، الإدارة المدرسية، دار الجامعة الجديدة للنشر، 2001.
- مجدي عبد الكريم حبيب، التقويم والقياس، مكتبة النهضة المصرية، الطبعة الأولى، 2000.
- أحسن لبصير، دليل التسيير المنهجي لإدارة الثانويات والمدارس الأساسية، دار الهدى، (بدون طبعة)، عين مليلة، 2002.
- هاني عبد الرحمان صالح الطويل، الإدارة التعليمية: مفاهيم وآفاق، دار وائل للنشر، ط1، 1999.
- عبد الصمد الاغبري، الإدارة المدرسية، دار النهضة العربية للطباعة والنشر،ط1، بيروت،2000.
- صالح نعاس لعرابة، الدليل المنهجي لتسيير المدرسة بالمشروع، دار الأمل للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 2007.
- مصطفى بن حبيلس، مشروع المؤسسة ومشروع المصلحة، مجلة المربي، العدد6، 2006
- هيئة التأطير بالمعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية وتحسين مستواهم، مشروع المؤسسة،الجزائر، 2005.
- Antoine Mudry, projets et conduite de l’action, 1996.
- Claude le Bœuf et Alex Mucchielli, le projet d’entreprise, paris, 1991.
- Louis Not et Marc Bru , Les Fonction du projet de l’établissement , 1994. http://www.edunet.tn/ressources/bulletin/Numero2/arabe/kiadat_machrou.htm
- Monica Gather Thurler, l’efficacité des établissements, ne se mesure pas : elle se construit, se négocie, se pratique et se vit, 1994. )http:/www.unige.ch(
- Philippe Champy et Christiane Etevé,) Directeurs de la Rédaction(, Dictionnaire encyclopédique de l’éducation et de la formation, Edition Nathan , Paris, 1994.
[1] – إسماعيل محمد دياب، الإدارة المدرسية، دار الجامعة الجديدة للنشر، 2001 ، ص95.
[2] – مجدي عبد الكريم حبيب، التقويم والقياس، مكتبة النهضة المصرية، الطبعة الأولى، 2000، ص24.
[3] – أحسن لبصير، دليل التسيير المنهجي لإدارة الثانويات والمدارس الأساسية، دار الهدى، (بدون طبعة)، عين مليلة، 2002، ص27.
[4] – نفس المرجع، ص28.
[5]– هاني عبد الرحمان صالح الطويل، الإدارة التعليمية: مفاهيم وآفاق، دار وائل للنشر، ط1، 1999، ص26.
[6] – عبد الصمد الأغبري، الإدارة المدرسية، دار النهضة العربية للطباعة والنشر،ط1، بيروت،2000، ص442.
[7] – صالح نعاس لعرابة، الدليل المنهجي لتسيير المدرسة بالمشروع، دار الأمل للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 2007، ص12.
[8] – مصطفى بن حبيلس، مشروع المؤسسة ومشروع المصلحة،مجلة المربي، العدد 6، 2006، ص05.
[9] – هيئة التأطير بالمعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية وتحسين مستواهم، مشروع المؤسسة،الجزائر، 2005، ص15.
[10] – Philippe Champy et Christiane Etevé , Dictionnaire encyclopédique de l’éducation et de la formation, Edition Nathan , Paris, 1994 , p804.
[11] – Louis Not et Marc Bru , Les Fonction du projet de l’établissement , 1994. http://www.edunet.tn/ressources/bulletin/Numero2/arabe/kiadat_machrou.htm
[12] – هيئة التأطير بالمعهد الوطني لتكوين مستخدمي التربية وتحسين مستواهم و بن حبيلس مصطفى، مرجع سابق.
[13] Claude le Bœuf et Alex Mucchielli, le projet d’entreprise, paris, 1991,p 33.
–
[14] – بن حبيلس مصطفى، مرجع سابق، ص6.
[15] -Antoine Mudry, projets et conduite de l’action, 1996 ,p3
[16] -Monica Gather Thurler, l’efficacité des établissements, ne se mesure pas : elle se construit, se négocie, se pratique et se vit, 1994. )http:/www.unige.ch.( , p10