
الصورة الاستعارية في الحديث النبوي الشريف
دراسة في متن ( اللؤلؤ و المرجان فيما اتفق عليه الشيخان) أنموذجاً
عائشة عبد الكريم الآفة: باحثة في النقد و البلاغة، د. محمد ماجد العطائي، أستاذ في علوم القرآن الكريم و الحديث النبوي الشريف، جامعة البعث / حمص/ سورية.
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية العدد 41 الصفحة 115.
ملخَّص البحث :يهتم البحث بدراسة الصورة الاستعارية في الحديث النبوي الشريف فيتخذ من كتاب اللؤلؤ و المرجان([1]) أنموذجاً لذلك ، إذ يلخِّص في مقدِّمته مكانةَ البلاغة النبوية لدى الدارسين قديماً و حديثاً ، ثم يشرع بالتفصيل في ظاهرة التجسيم مبتدئاً بتعريف الظاهرة لغة و اصطلاحاً ، ثم يعمد إلى تجلية هذا النوع البلاغي بانتقاء أحاديث تضمنت صوراً استعارية انتظم فيها التجسيم في نمطين : تجسيم المعاني و تجسيم المحسوسات ، ثم يعالج ظاهرة التشخيص فيستهل ذلك بتعريف التشخيص لغة و اصطلاحاً ثم يختار عدداً من الأحاديث النبوية نهضت فيها الصورة الاستعارية من خلال التشخيص فيعالجها في نمطين : تشخيص المعاني و تشخيص المحسوسات . هدفنا من ذلك أن نثبت بالبحث العلمي الموضوعي أن البيان النبوي لا يقف عند حدود الدقة و الإحكام في صياغة الصورة الاستعارية فحسب ، بل يتعدى ذلك إلى تحقيق غايات تعليمية و توجيهية و تربوية .
الكلمات المفتاحيَّة : البلاغة النبوية ، الصورة الاستعارية ، التجسيم ، التشخيص ، الغايات.
المقدمة :
لا يجد الباحث في التاريخ الإنساني شخصية أُحصيت شمائلها و تواتر النقل عنها على اختلاف طرقه في توثيق أفعالها و أقوالها على حد السواء و هو ما يسمى الإسناد كشخصية النبي الكريم(ﷺ(.بل إن الدارس للمصنفات التي عنيت بطرق الحديث النبوي الشريف و تمحيص رجاله و تدوين مَتْنِهِ ليجد منهجاً علميّاً فريداً فائق الدقة ؛ فقد اهتمت هذه المؤلفات برواية الأحاديث النبوية الشريفة و نقدها و بيان مراتب صحتها و ضعفها و توضيح مرويها اللفظي من المعنوي مما يجعل الدارس للنصوص الصحيحة يطمئن لصحتها .
و الدراس للحديث النبوي الشريف من الناحية البلاغية يجد إجماعاً لدى الباحثين قديماً و حديثاً في كون البيان النبوي قد سما إلى قمة البلاغة العربية .
آراء القدماء ببلاغته (ﷺ(:
يتفق دارسو الحديث النبوي الشريف قديماً أنَّ بلاغته(ﷺ( تتبوأ سلَّم البلاغة العالية . إذ يجد الباحث في كتب هؤلاء أنَّهم قد أعطوا البلاغة النبوية بعض حقها حين نثروا في كتبهم فصولاً تحدثوا فيها عن جمال الأسلوب النبوي و خصائصه الفنية ؛ كالذي نجده عند الجاحظ (ت255هـ) إذ وصف كلام الرسول (ﷺ(، و سمات ألفاظه و جمله ، وموقعه في النفس بقوله : “هو الكلام الذي قلَّ عدد حروفه، وكثُرَ عدد معانيه، و جلَّ عن الصنعة، ونُزِّهَ عن التكلّف…و استعملّ المبسوط في موضع البسط و المقصورَ في موضع القصر، و هجرَ الغريب الوحشي…ثم لم يَسمَعِ الناسُ بكلام قط أعْمَّ نفعاً، و لا أقصدَ لفظاً، و لا أعدلَ وزناً، و لا أجملَ مذهباً ، و لا أكرمَ مطلباً، و لا أقصدَ لفظاً، و لا أحسنَ موقعاً، و لا أسهلَ مخرجاً، و لا أفصحَ معنى، و لا أبينَ في فحوى من كلامه صلى الله عليه وسلّم كثيراً “ ([2]). أما الخطابي ( ت 388هـ ) فذهب إلى أنّ كلام النبي (ﷺ( تأييد إلهي لأنّ ” الله عزَّ وجلَّ لمَّا وضع رسوله موضع البلاغة من وحيه، ونصَّبه منصب البيان لدينه، اختار له من اللغات أعْرَبَهَا و من الألسُنِ أفصحها و أبْيَنَها، ليباشر في لباسه مشاهد التبليغ، و يَنْبُذَ([3]) القول بأوكد البيان و التعريف، ثم أمَدَهُ بجوامع الكلم التي جعلها ردْءاً([4]) لنبوته و علماً لرسالته، يَنْتَظِمُ في القليل منها عِلْمُ الكثير، فيسهلُ على السامعين حفظه، و لا يؤودهم([5]) حمله، و من تتبع الجوامع من كلامه لم يَعْدَمْ بيانها”([6]) .هو ما أكده الزمخشـري ( ت 538هـ ) إذ يقول: ” ثم إنَّ هذا اللسان العربيّ كأنّ الله عزّتْ قدرتُه مَخَضَهُ([7]) و ألقى زُبْدَتَهُ على لسان محمّد عليه وعلى آله أفضلُ صلاة و أوفر سلام ، فما من خطيب يُقاوِمُهُ إلاَ نَكَصَ مُتفكِكَ الرِّجْلِ([8]) و ما من مُصْقِعٍ ([9]) يُناهِزُهُ إلاّ رَجَعَ فارغَ السِّجِلِّ([10]) ، و ما قُرِنَ بمنطقه منطقٌ إلا كان كالبِرْذَوْنِ([11]) مع الحصانِ المُطَهَّمِ([12]) و لا وقع من كلامه شيء في كلام الناس إلاَ أَشْبَه الوَضْحَ([13]) في نُقْبَةِ([14]) الأَدْهَمِ([15])، قال عليه الصلاة والسلام : أوتيتُ جوامعَ الكلم، قال : أنا أفصحُ العرب بيد أني من قريش، و استرضعْتُ في بني سعد بن بكر”([16])
و ذكر الحُصَريّ القيروانيّ (ت453) أنّ كلامه (ﷺ( ” هو النهاية في البيان و الغاية في البرهان، المشتمل على جوامع الكلم و بدائع الحكم…و ليس بعض كلامه أولى من بعض بالاختيار و لا أحق بالتقديم و الإيثار”([17]). و وافق من سبقه ابن الأثير (606ه) ما ذهب إليه من سبقه ، إذ رأى أنّ بلاغة النبي الكريم (ﷺ( تأييد إلهي إ ذ يقول : ” أفصحُ العرب لساناً، و أوضحُهم بياناً، و أعذبُهم منطقاً، و أسدُّهم لفظاً و أبينُهم لهجة و أقومُهم حجة و أعرفهم بمواقع الخطاب و أهداهم إلى طرق الصواب ؛ تأييداً إلهياً ، و لطفاً سماوياً ، وعناية ربانية ، و رعاية روحانية “([18]) .
آراء المعاصرين ببلاغته (ﷺ(:
إذا كنا قد وجدنا باحثين قدامى قد عنوا بالبلاغية النبوية فأفردوا لها كتباً أو نثروا لها فصولاً في مؤلفاتهم، فإننا لا نعدم أيضاً أن نجد من الباحثين المعاصرين من سار على نهجهم ؛ كالذي نجده عند الرافعي ( ت 1356 هـ ) إذ فصّل لبلاغة حديثه (ﷺ( و بيّن مرتبته السامية و وصفه بإحكام الصياغة و إيجاز العبارة مع وضوح المعنى، لو عدَّه العادّ لأحصاه ” ليس مما تكلف له، و لا داخلته الصنعة “([19]).و هو ما أكده العقاد ( ت 1383 هـ ) إذ يقول في وصف كلام النبي الكريم (ﷺ(: ” إلا أنَّ أقوى الإبلاغ في كلام النبي هو اجتماع الكلمات القصار، بل اجتماع العلوم الوافية في بضع كلمات و قد يبسطها الشارحون في مجلدات”([20]). و شبيه بما تقدم ما ذكره الزيّات ( ت 1388 هـ ) إذ رأى أنّ الرسول (ﷺ( قد امتلك ناصية البلاغة ” فأُسلست له ، و أُسمحت له المعاني ، فلم يند ([21]) في لسانه لفظ ، و لم يضطرب في أسلوبه عبارة و لم يعزب عن علمه لغة “([22]) ، و جعل للبلاغة النبوية خصيصتين تميزانها هما : الأصالة و الإيجاز ([23]). و يؤكد د. البوطي ( ت 1434هـ ) آراء سابقيه فيذهب إلى أنَّ ” حديث الرسول الكريم (ﷺ( يعتبر ذروة ما انتهى إليه كلام العرب من بلاغة و روعة و إشراقاً “([24]) .
و نحن بعد هذا لا نبتغي استقصاء جميع الآراء التي عبّرت عن مكانة البلاغة النبوية قديماً و حديثاً لأنه باب يطول لمن أراد أن يتقصاه و يحتاج الصفحات الطوال ، و فيما ذكرناه قدرٌ كافٍ للقول بأنّ الرسول الكريم أبلغ من نطق بالعربية . يضاف إلى ذلك أننا نريد أنْ نوجه عناية البحث لدراسة الصورة الاستعارية في الحديث النبوي الشريف.
الصورة الاستعارية التجسيمية :
تعريفها لغةً و اصطلاحاً :
الجسم لغةً :” جماعة البدن أو الأعضاء من الناس و الإبل و الدواب و غيرها ” ([25]) . و ” تجسّم في عيني كذا : تصوّر ” ([26]) . و يقال : ” جسّم الشيء جعله ذا جسم ” ([27]). و” المجسّم : كل ما له طول و عرض و سمك “([28]). و أما اصطلاحاً : فقد أشار الجرجاني إلى التجسيم أثناء حديثه عن فاعلية الصورة الاستعارة و وظيفتها بقوله عنها: ” إنْ شئت أرتك المعاني اللطيفة التي هي من خبايا العقل كأنها قد جُسمت حتى رأتها العيون ” ([29]). فالنفوس تستأنس حين ” تنقلها عينْ العقل إلى الإحساس ، و عما يُعلم بالفكر إلى ما يُعلم بالاضطرار و الطبع ، لأن العلم المستفاد من طرق الحواس أو المركوز فيها من جهة الطبع و على حدّ الضرورة يفضلُ المستفاد من جهة النظر و الفكر في القوة و الاستحكام ، و بلوغ الثقة فيه غاية التمام ، كما قالوا : ليس الخبر كالمعاينة و لا الظنّ كاليقين” ([30]). و قد ذكر بعض النقاد المعاصرين أن التجسيم يستمد مادته من عناصر الطبيعة و أحيائها حيث يتخذ منها المبدع رموزاً يخلع عليها مشاعره .([31]) لذلك جعله آخرون ركيزة مهمة من ركائز بناء الصورة الاستعارية ، لما يتضمنه من درجة تركيبة عالية .([32]) في حين ذكر بعضهم أن ّ الصورة التجسيمية أعقد أنماط الصور الاستعارية فهي ” لا تقدم لنا المحسوسات رغبة في استحضار صورتها و هيئتها الشكلية و إنما تقدمها بعد أنْ ارتبطت بمعنى نفسي خاص يعيد خلقها و تشكيلها بما يرسيه من علائق منفردة “ ([33]).
على أية حال إن أهم نقطة في الصورة الاستعارية التجسيمية هو قدرتها على التكثيف و الإيحاء و تجسيد المعاني الذهنية ، تجسيداً حسيّاً و هو بدوره ” يُغني المعنويات ، و يبرزها و يوسع مدلولها” ([34]). لخلق الاستجابة العقلية و العاطفية لدى المتلقي.
و المتتبع للصور الاستعارية في الحديث النبوي الشريف التي تحققت من خلال التجسيم يلحظ أمرين : الأول : أن التجسيم ينتظم الصورة الاستعارية على نمطين ؛ تجسيم المعاني و تجسيم المحسوسات و الثاني : كثرة هذا النمط من الصور ؛ و لعل ” السبب في ذلك أُنسنا بالحواس ، و إلفنا لها منذ أوّل كونها ، و لأنّها مبادئ علومها و منها نرتقي الى غيرها . فإذ ُأُخْبِرَ الإنسان بما لم يُدْركه ، أو حُدِّث بما لم يشاهده ، و كان غريبا عنده ، طَلَبَ له مِثَالاً من الحس ، فإذا ُأعطي ذلك أَنِسَ به و سكن إليه لإلفه له ” ([35]) .
أولا : تجسيم المعاني :
قد يجسِّم الحديث النبوي الشريف المعاني مانحاً إياها أجساماً متنوعة منها ما هو مستمد من حياة الإنسان و من ذلك قوله (ﷺ( :” الخيل معقودٌ في نواصيها الخير إلى يوم القيامة” ([36]).
فقوله (ﷺ( : ( الخيل معقود في نواصيها الخير) صورة استعارية نهضت من خلال استعارة العُقْدَة التي تكون عادة بين ” طرفي الحبل و نحوه : وصل أحدهما بالآخر بِقُعْدةٍ تُمْسِكُهُما فأحكم وصلهما”([37]) للخير الذي ليس بمحسوس لكنه تجسّم فبدا على هيئة مادية محسوسة تشابكت مع خصلات شعر ناصية الخيل بقوة حتى صارت ملازمة لها و متلاصقة بها ، و هو ما ذكره الطيبي (ت 743ه) إذ يقول :” إنّهم قد يُدخلون المعقول في جنس المحسوس و يحكمون عليه بما يحكم على المحسوس مبالغة في اللزوم “([38]) و هو ما أكدته صيغة اسم المفعول (معقود) التي توحي بأنه أمر مفروغٌ من عقده لا محالة .
و ” يحتمل أنْه يكون كنّى بالناصية عن جميع ذات الفرس كما يقال فلانٌ مبارك الناصية” ([39]) لكنّه(ﷺ( خصّ عقد الخير في الناصية ” لرفعة قدرها” ([40]) و” ليكون منظوراً للناس” ([41])، و ناسب ذلك استخدام حرف الجر(في) الذي يدل على الظرفية المكانية ، و يوحي بأنّ العقد قد تداخل مع خصلات شعر الناصية بإحكام و ثبات ، و قد أكدَّ دوام العُقْدة بين الخيل و الخير قوله صلى الله عليه وسلم : ( إلى يوم القيامة ) .
و واضح أن في الحديث النبوي الشريف ترغيب في امتلاك الخيل ” لأنّ الخير في الحقيقة ليس يصح أنّ يعقد في نواصي الخيل ، إنما المراد أنّ الخير كثيراً ما يدرك بها و يوصل إليه عليها ، فهي كالوسائل إلى بلوغه فكأنه معقود بنواصيها لشدة ملازمته لها و كثرة انتهاز فرصة بها ، لأنهم يدركون عليها الطوائل ([42]) و يحبون المغانم ، و يفوقون الأعداء ، و يبلغون العلياء “([43]). في الحديث النبوي إشارة أيضاً ” إلى أنّ المال الذي يكتسب باتخاذ الخيل من خير وجوه المال وأطيبها ” ([44]). و فيه أيضاً” إشارة إلى تفضيل الخيل على غيرها من الدواب لأنه لم يأتِ منه صلى الله عليه وسلم في شيء من غيرها مثل هذا القول “([45]). و من ذلك ما رواه النسائي عن ابن مالك ” لم يكن شيء أحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخيل ” ([46]).
و تأسياً لما تقدّم ، فقد جعل التجسيم في هذه الصورة الاستعارية المعنى منظوراً للمتلقي بحيث لم يدع مجالاً للشك بملامسة و جدانه و التأثير فيه ، و قد تضمن ” مع وجيز لفظه من البلاغة و العذوبة ما لا مزيد عليه في الحسن ، مع الجناس السهل بين الخيل ، و الخير” ([47]) الذي أضفى تناسباً صوتياً بين الكلمتين يوحي بتماثلهما . وهو أمرٌ لا يتوافر في أغلب الأحيان في الحقائق المعنوية المجردة .
و قد يأتي التجسيم على أعمال الطاعة التي يقوم بها المسلم ابتغاء مرضاة الله فتكتسي معنى جديداً و من ذلك قوله (ﷺ( لرجل يستأذنه للجهاد في سبيل الله :” أحيٌ والداك ؟ قال : نعم . قال: ففيهما فجاهد ” ([48]).
أراد النبي الكريم أن يوجه السائل لمعنى جديد للجهاد و هو بر الوالدين و الإحسان إليهما فأضحى البر عن طريق التجسيم حاملاً للمعاني التي يحملها الجهاد ذاته من رباط و مكابدة و مشقة ذلك أنّ القيام ببر الوالدين و الإحسان إليهما فعل رباط لا يطيقه إلا من أعطي همة عالية ، و هو أيضا رباط مستمر لا يتوقف صاحبه عن العمل و البذل بلا راحة حتى نهاية العمر ، و هو أيضا يستلزم مزيد صبر و ثبات لتحمل ما قد يتعرض له من منغصات في حياته كحبه لنفسه و ملذاتها أو تفضيله لزوجه و أولاده أو قسوة الأبوين مما قد يجعله يقصر في أعمال البر، لذلك جاء التعبير بالجهاد ليوحي بما يترتب على ذلك من أجر عظيم كأجر الجهاد في سبيل الله . و استعارة الجهاد لأعمال البر بالوالدين ينم عن إدراك النبي الكريم(ﷺ( للطبيعة النفسية للسائل التي جاء صارفاً جهده للجهاد في سبيل الله ، فأخذ التوجيه النبوي يرمي في نفسه معنى جديداً للجهاد الذي كان ينشده و هو ما قام به التجسيم إذ إنّ فيه إرضاء للسائل و إقناعاً له بأن الطلب الذي سأله هو ذاته ما قام النبي الكريم بإرشاده إليه .
و لكي يكون المعنى واضحاً للسائل فقد جاءت الصياغة النبوية في غاية البلاغة من خلال حذف أداة الشرط و فعل الشرط و الإسراع بإلقاء الجواب للمخاطب الذي ذهنه و تفكيره مشغول به و موجه إليه . يضاف إلى ذلك أنّ تقديم الجار و المجرور على الفعل المستعار في قوله : (ففيهما فجاهد ) قد أفاد قصر الجهاد في حالة السائل على الجهاد في بر الوالدين ، و هذا من شأنه أن يزيل الرغبة العارمة لدى الرجل للجهاد في ساحات القتال و أن يصرف كل جهده و اهتمامه لتحقيق معنى الجهاد في إحسانه لوالديه .
و من ثمة فقد اتخذ الرسول الكريم أسوباً مغايراً في الدعوة إلى بر الوالدين و طاعتهما باعتماده على التجسيم الذي كان له بالغ الأثر في توصيل المعنى إلى أقصى درجات الإفهام و الإقناع ، فيندفع السائل اندفاعاً للاستجابة .
و قد تبرز الصورة الاستعارية في الحديث النبوي الشريف مجسمةً الحياة الزوجية بصورة مستمدة من حياة لإنسان ؛ لتنهى المرأة أن تسألَ طلاق أختها و ذلك في قوله (ﷺ( : ” لا يحلُّ لامرأةٍ تَسْأَلُ طلاقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا ، فإنَّما لها ما قُدِّرَ لها” ([49]).
في الحديث النبوي نهي للمرأة أن تطلب من رجل طلاق أختها و المراد بالأخت هنا ” أختها من النسب أو الرضاع أو الدين ” ([50]) ، لتتزوج هي به فتصير لها من نفقته و إحسانه و معاشرته ما كان للمطلقة ، و قد استعار النبي الكريم (ﷺ( الصفحة و هي ” إناء كالقصعة المبسوطة “([51]) توضع فيها الأطعمة على اختلاف أنواعها للدلالة على الحياة الزوجية و ما يتصل بها ، لزجر المرأة أن تنفرد بما في صفحة أختها أي أن تستأثر بما كانت تحظى به قبل طلاقها ، و قد عبر بالصفحة ليدل على نهم تلك المرأة إذ أقدمت على آنية أختها فأفرغتها من الطعام ، و في الطعام كما هو معلوم حياة للإنسان و فيه متعة أيضاً ، و هذا بيان أن تلك المرأة قد أودت بحياة أختها ومنعتها طيب العيش حين دمرت حياتها الزوجية ، كما أن في استفراغ الصفحة دليل على سلبها كل متعتها و حظوظها الزوجية مما يشير إلى جشعها و قبح فعلها.
و هكذا فقد تمكن تجسيم الحياة الزوجية على هذا النحو من بناء صورة مادية تمثلت أمام المتلقي لأنها مما يعاينه عادة في حياته اليومية ، و ألقت في نفسه تحذيراً شديداً عن الإتيان بهذا الفعل لأنه يؤدي إلى فساد المجتمع ، و تقطيع العلاقات فيه ، و ظهور الضغينة و البغضاء بين أبنائه .
ثانياً : تجسيم المحسوسات :
و يتسع نطاق التجسيم ليشمل أيضاً انتقال الجسم من معناه إلى معنى جسم آخر ، مما يمنح الصورة الاستعارية الناتجة عن اندماجها طاقة ايحائية مستمدة من خصائص الجسم الأخر و من ذلك قوله (ﷺ( : ” اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا يا رسول الله و ما هنّ ؟ قال : الشرك بالله و السحر ، و قتل النفس التي حرّم الله إلا بالحقّ ، و أكل الربا ، و أكل مال اليتيم ، و التولي يوم الزحف ، و قذف المحصنات المؤمنات الغافلات” ([52]).
أراد النبي الكريم (ﷺ( أن ينهى عن سبعة من المحرمات ، فبدأ كلامه بأسلوب مشوّق ليجذب المتلقي إليه و يُرغِّبه في معرفة الجواب ، في قوله : (اجتنبوا السبع الموبقات) إذ اختار النبي الكريم فعل الأمر ( اجتنبوا ) ” أي ابتعدوا من باب الافتعال من الجنب ، و هو أبلغ من أبعدوا و احذروا و نحو ذلك ” ([53]) و ” لأنّ نهي القربان أبلغ من نهي المباشرة ” ([54]) . ثم بيّن هذه الموبقات فذكر منها( و أكل الربا و أكل مال اليتيم ) و يظهر أنّ قول النبي الكريم قد حوى على صورة استعارية بُنيت من خلال تجسيم المال فصار طعاماً يأكله آخذ الربا ، و سالب مال اليتيم ، و قد عبّر النبي الكريم (ﷺ( عن ذلك بالأكل ” لأنه أعم وجوه الانتفاع ” ([55]) و هو أقوى تعبير عن الجشع و الطمع و فساد نفوس مرتكب هاتين الكبيرتين إذ لا نية لديه لإرجاع المال المسلوب لأنه لا سبيل لرد الشيء الذي يؤكل على الصورة التي كان عليها ، و هذا يستلزم إصراره على أخذ المال بغير حق فاقتضى أن يكون فعلهما من الموبقات . وهذا مما يستدعي انفعال المتلقي ، و يرمي في ضميره الخوف و الحذر من الإتيان بهذه الموبقات لأنها هلاك و دمار له ، و هذا من غايات الحديث الشريف الذي يسعى دائما لبناء الإنسان و حفظ حقوقه و بالتالي بناء المجتمع المتماسك .
و من الصور الاستعارية التي ظهرت عن طريق التجسيم قوله صلى الله عليه وسلم : ” أُمرت بقريةٍ تأكل القرى ، يقولون يثرب ، و هي المدينة ، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد ” ([56]) أراد (ﷺ( أن يُبيّن فضل المدينة المنورة على غيرها فصدّر كلامه بقوله 🙁 أُمرت بقرية) أي ” أمرت بالهجرة إليها و استيطانها”([57]) ثم ذكر فضلها بقوله ( تأكل القرى) فاستعار الأكل للمدينة و هو من سمات الأحياء كالإنسان و غيره ليقدم دليلاً حسياً مادياً على غلبة فضلها على فضل غيرها من القرى الأخرى ، أي أنّ الفضائل تضمحل و تتلاشى إذا قورنت بعظيم فضلها حتى تكاد تكون معدومة . فالآكل عادة غالب على المأكول قاهر له و مستولٍ عليه ، لا يُظهر حراكاً ، و لا حول له و لا قوة.
و يظهر في قوله ( تأكل القرى ) هيئة متكررة مستمرة بدلالة صيغة المضارعة ، و لما كان الأكل للحي ضرورة ترافقه مدى حياته و تكون سبباً في استمرار وجوده . فاستعارته للمدينة دليل على استمرار سلطانها و منعتها و قهرها للقرى الأُخرى على مر الزمان .
و بيان بعض فضائلها أثار لدى المتلقى شوقاً إلى معرفتها فجاء قوله (ﷺ( : ( يقولون يثرب و هي المدينة ) أي أنّ بعض المنافقين يسميها يثرب ، و اسمها الذي يليق بها المدينة و بعد أنّ عرّف بأنها ( المدينة) ذكر أيضا من فضائلها عن طريق عقد تشبيه ليزيد في تقرير مكانتها و ليؤكد على علو شأنها و ذلك في قوله : ( تنفي الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد ) أي أنها تمحِّص الخبيثة قلوبهم و تخرجهم و تُبقي الصادقة قلوبهم ، كما ينفي الحداد الخبث عن الحديد فـيُبقي جيّده و يتطاير الخبث عنه .
و قد تتخذ الصورة الاستعارية لوناً آخر من ألوان التجسيم عندما يتسع نطاقه ليشمل الإنسان أيضاً ؛ إذ ينقله من محيطه إلى محيط الجمادات التي يُعاينها الإنسان عادة في حياته و من ذلك قوله (ﷺ) للحادي([58]): ” ويحكَ يا أنجشة رويدكَ بالقواري” ([59]) . واضح أنّ النبي الكريم (ﷺ) أراد أنْ ينهى الحادي عن الغناء ، رفقاً و رحمة بالنساء اللواتي كُنَّ معه ، فناداه معتمداً على أداة النداء (يا) و التي تكون ” تنبيهاً و نداء “([60]) ثم أردف ببيان الغرض من النداء بقوله : ( رويدك بالقوارير) فاستعار القوارير للنساء للتعبير عن رقتهنّ و فرط الإحساس لديهنّ و تأثرهنّ الشديد لأدنى سوء قد يتعرضن له ، و هو الذي يؤكده الشريف الرضي إذ رأى أن قوله (ﷺ) ( بالقوارير) : ” استعارة محببة لأنه عليه الصلاة والسلام شبّه النساء في ضعف النحائز ([61]) و وهن الغرائز([62]) بالقوارير الرقيقة التي يوهنها الخفيف ، و يصدعها اللطيف فنهى عن أنْ يُسمعهنَّ ذلك الحاوي ما يحرك مواضع الصبوة ([63]) ، و ينقض معاقد العفة “ ([64]) . و أشار الطيبي في شرحه لهذا الحديث أنّه (ﷺ) : ” أراد أنّ الإبل إذا سمعت الحداء ، أسرعت في المشي و اشتدت ، فأزعجت الراكب و أتعبته ، فنهاه عن ذلك لأنّ النساء يضعفن عن شدة الحركة ” ([65]) .
و لما كانت صورة القوارير توحي بالشفافية و الرقة و أعلى درجات التأثر لأدنى أذى قد تتعرض له ، فقد حمل وصف النبي الكريم (ﷺ) للنساء بالقوارير دعوة صريحة للرفق بهنّ و اللطف و العناية و الحماية النفسية و الجسدياة ، هو بالضرورة إقرار بمكانة المرأة و حفاظ على كرامتها و صونها من كل أمر قد يمسها بالسوء نفسياً و جسدياً ، إذ يمثل تجسيم المرأة على هذا النحو أعلى درجات الفهم لطبيعتها الإنسانية .
و من الصور الاستعارية التي قامت على تجسيم الإنسان فصار سلعة للبيع قوله (ﷺ): ” يا بني عبد مناف اشتروا أنفسكم من الله ، يا بني عبد المطلب اشتروا أنفسكم من الله ، يا أم الزبير بن العوام يا فاطمة بنت محمد اشتريا أنفسكما من الله ، لا أملك لكما من الله شيئاً ، سَلاني من مالي ما شئتما ” ([66]).
ففي قوله (اشتروا أنفسكم) صورة استعارية أبرزت النفس البشرية مجسمة على صورة سلعة للبيع لذا فنحن أمام ثلاثة عناصر و هي : البائع و الشاري و الثمن ، لكن اللافت هنا أنّ الشاري هو البائع نفسه ، فالذي يشتري نفسه من الله يكون قد باعها له و يكون ذلك باتباع ما جاء به الإسلام من الإيمان بالله تعالى و أداء الطاعات و اجتناب المحرمات فيغدو بيعه رابحاً لأنه ينال رضى الرحمن و الفوز بالجنة ، و قد استعار النبي الكريم (ﷺ) البيع للنفس لفهمه الطبيعة البشرية التي جُبلت على حب المال و الفرح بالربح و بغضها للخسارة ، و في هذا إشارة مهمة هي أن من باع نفسه لله قد اتبع الفطرة التي خلقه الله عليها ، ومن خالف ذلك فهو شاذ خاسر في الدنيا و الآخرة .
و من ثمة يكون المخاطب مالكاً لثمن نفسه و هو الدخول في الإسلام بالإيمان واتباع أوامر الشرع ، و فيعتق نفسه من النار ، إما أن يطغى و يتجبر فتكون النار عاقبته.
و تأسيساً لما قدمنا فقد أظهر التجسيم في هذه الصورة الاستعارية حرص النبي (ﷺ)على قومه و خوفه و شفقته عليهم و حبه النجاة و السعادة لهم في الدنيا و الآخرة .
و من الصور الاستعارية التي خرجت عن طريق التجسيم حضُّ النبي الكريم على تزوج المرأة ذات الدين و ذلك قي قوله (ﷺ(:” تُنكح المرأة لأربع : لمالها و لحسبها و جمالها و لدِيْنِها فاظفرْ بذات الدين تربَتْ يداك” ([67]).
فالنبي الكريم (ﷺ(استعار الغنيمة للمرأة ذات الدين ، و استعار الظفر للدلالة على الزواج بها ، إذ لا يقترن الطالب بها إلا بعد قتال ونزاع مرير ، و في هذا إشارة إلى اضطراب و انفعال الراغب في الزواج إذ تميل نفسه إلى الغنية أولاً فذات النسب فصاحبة الجمال ثم تأتي صاحبة الدين أخيراً ، و إعادة ترتيبه لهذه الصفات يتطلب منه أن يدخل في صراع نفسي عنيف بين العقل الذي يميل لما يصلح له في الآخرة ، و بين النفس التي تميل إلى زخارف الدنيا و اتباع الهوى ، و لهذا كانت استعارة الظفر في هذا الموضع مناسبة تماماً لمعنى الحديث ؛ و ذلك ترغيباً و حثاً و بياناً أنه حظي بغنيمة و مكسب كبيرين و هي المرأة ذات الدين و قد وصفت بذلك للدلالة على شدة لصوق الدين بها حتى صار جزءاً منها ، و أتى الفعل المستعار( فاظفر) بصيغة الأمر ليوحي بضرورة المسارعة و الحسم باختيار ذات الدين عند انتقاء الزوجة يضاف إلى ذلك أن الفعل المستعار جاء جواباً للشرط فصياغة الحديث الشريف قائمة على أسلوب شرط محذوف أي إذا عزمت على الزواج فاظفر بذات الدين ، فحذف فعل الشرط للفت انتباه المتلقي للجواب الذي هو الأصل و المراد الذي نهض به مضمون الحديث الشريف .
و في نهاية المطاف يمكننا القول : إن الصورة الاستعارية التجسيمية في الأحاديث النبوية الشريفة التي قمنا بدراستها بوصفها أسلوب تعبيري موحي ، قد أدّت دوراً متميّزاً في إيضاح المعاني و نقلها و ذلك من خلال روعة اختيار الألفاظ و دقتها و قدرتها على تصوير المعاني و مستوى التأثير و الوَقْع الذي تُحدثه في المتلقي بحيث تولد لديه قدرة على الاستماع و الاستجابة و الإقناع من خلال تخليص الكلمة من دلالتها الأصلية و منحها معنى جديداً يكون للسياق دور كبير في إبرازه و تعينه بحيث غدت كل صورة استعارية ” أشبه بقطعة من معدن نفيس تعطي ألوانا متكاثرة كلما إدرتها إدارة جديد ، و السياق هو القوة التي تحرك هذه القطعة لتشبع من ألوانه ما يراد إشعاعه ” ([68]) .
التشخيص في الصورة الاستعارية :
الشخص لغة هو ” سواد الإنسان و غيره تراه من بعيد ” ([69]) و هو أيضا ً” كل جسم له ارتفاع و ظهور و غلب في الإنسان “([70]) . و ” شَخَّصَ الشيء إذا عيّنه ” ([71]) .
أما اصطلاحاً فقد تماثلت تعريفات البلاغيين و النقاد للتشخيص قديماً و حديثاً.
و أول من انتبه إلى ظاهرة التشخيص سيبويه (ت180ه) ؛ فقد أشار إلى تحول المجرد إنساناً بدلالة الفم .([72]) و تبعه الفراء (ت 207ه) الذي نبه على ظاهرة التشخيص في تعليقه على كثير من الآيات القرآنية إذ يقول : ” و قوله : ﴿ جدراً يريد أن ينقضّ ﴾([73]) يقال : كيف يريد الجدار أن ينقض ؟ و ذلك من كلام العرب أن يقولوا الجدار يريد أن يسقط . و مثله قول الله : ﴿ و لما سكت عن موسى الغضب ﴾([74]) و الغضب لا يسكت إنما يسكت صاحبه و إنما معناه سكن و قوله : ﴿ فإذا عزم الأمر﴾ إنما يعزم أهله “([75]).و نجد الأمر نفسه عند ابن جني (ت 392ه) في قوله : ” ألا ترى في قول بعضهم في الترغيب في الجميل : و لو رأيتم المعروف رجلاً لرأيتموه حسناً جميلاً ، و إنما يرغِّب فيه بأن ينبِّه عليه ، و يعظِّم من قَدْرِه بأنْ يصوِّره في النفوس على أشرف أحواله ، و أَنْوهِ صفاته ، و ذلك بأن يُتخيّل مجسّماً لا عَرَضاً متوهّماً “([76]). لا بد من الإشارة إلى أن عدم ذكر كل من سيبويه الفراء و ابن جني للتشخيص باسمه الاصطلاحي كان لعدم استقرار المصطلحات و نضوجها في المرحلة الزمنية التي عاشوا فيها .
أما الجرحاني فقد عبر عن التشخيص تعبيراً صريحاً ، إذ يقول : ” فإنك ترى بها الجماد حيّاً ناطقاً و الأعجم فصيحاً ، والأجسام الخرس مبينة” ([77]).و ذكر بعض النقاد أنّ مَلَكَة التشخيص ” تستمد قدرتها من سعة الشعور حيناً أو من دقة الشعور حيناً آخر، فالشعور الواسع هو الذي يستوعب ما في الأرضين و السماوات من الأجسام و المعاني فإذا هي حيّة كلها ، لأنها جزء من تلك الحياة المستوعبة الشاملة” ([78]).
ونبه آخرون إلى أن التشخيص ” يتمثل في خلع الحياة على المواد الجامدة ، و الظواهر الطبيعية و الانفعالات الوجدانية . هذه الحياة قد ترتقي فتصبح حياة إنسانية ، تشمل المواد و الظواهر و الانفعالات ، و تهب لهذه الأشياء كلها عواطف آدمية و خلجات إنسانية تشارك بها الآدميين و تأخذ و تعطي ، تتبدى لهم في شتى الملابسات ، و تجعلهم يحسون الحياة في كل شيء تقع عليه العين ، أو يتلبس به الحس ، فيأنسون بهذا الوجود أو يرهبونه” ([79]).
و جعله بعضهم ” من خصائص النفس الإنسانية التي تنزع في كثير من الحالات إلى أن يصير ما حولها داخلاً في جنسها ، و كأنها جادة في أن تحول الأشياء كلها إلى أناس لتعيش معها في وئام ، و لتبثها سرائرها ، أو لتبوح لها الأشياء بدواخلها. هي تنزع على إخراج الأشياء من حالة الصمت الذي ينطوي على رهبة و غموض إلى حالة النطق المبين” ([80])
و ذكر بعض الدارسين أن من خصائص التشخيص ” قدرته على التكثيف و الإيجاز ، و بنائه صلات بين أطراف الاستعارة لا تقف عند مجرد التشابه الحسي الملموس و إنما تتجاوزه إلى العلاقات الدقيقة العميقة المتمثلة في تشابه الواقع النفسي و الشعوري للطرفين المتشابهين…إذ يمكن القول إنّ الأساس العقلي لظاهرة التشخيص هو عمق العاطفة و سعة الخيال” ([81]).
و قد التفت بعض الدارسين إلى تعليل ظاهرة التشخيص فرجعوا إلى عصور التاريخ القديم فوجدوا أنّ بعض المعتقدات القديمة تقول إنّ ” النباتات و الطيور و جميع أنواع الحيوانات كائنات ليست حية فقط و لكنها عاقلة و مفكرة تنفعل كما ينفعل [ الإنسان] فتفرح و تحزن و تغضب “([82]). فقد كان هؤلاء يرون أنّ ” تحت المظهر الخارجي للأشياء حياة جديدة “([83]) .
و سواء كانت ظاهرة التشخيص وليدة عصور الأساطير أو كانت نتيجة رغبة إنسانية في أنسنة الوجود فإن لها من الخلابة و الجمال و التأثير في النفس مالها ، و هذا هو المهم عندنا لأنه ميدان دراستنا .
إذ يتضح لدارس النسيج اللغوي للحديث النبوي الشريف أنّ التشخيص في الصورة الاستعارية ينتظمها على قسمين: تشخيص المحسوسات و تشخيص المعاني .
أولا : تشخيص المحسوسات :
فمن الصور الاستعارية التي قامت على استعارة صفة من صفات الإنسان ؛ قوله (ﷺ(: ” مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”([84]).
أراد النبي الكريم (ﷺ(أن يقرر حالة ينبغي أن يكون عليها شأن المؤمنين فيما بينهم إذا نزلت بأحدهم شدة أو أصابته كربة بقوله : ( إذا اشتكى منه عضو ) فاستعار الشكوى التي هي من صفات الآدميين للعضو الذي صار إنساناً يَئِنُّ و يستصرخ طلباً للإغاثة و العون من عذاب يرزح تحت وطأته بسبب همٍ أو خوفٍ أو ندمٍ أو حزنٍ أو ألمٍ أو مرض ، لذلك ناسب اختيار الشكوى دون ما يرادفها من الألفاظ كالتألّم أو المرض لأنّها تندرج كلها تحت مسمى الشكوى و بيّن (ﷺ(كيف تتسارع جميع أعضاء الجسد التي نشأت و كبرت و تغذّت معه لنجدته و تلبية لنداءه في صورة استعارية أخرى بقوله : ( تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى ) فاستعار ( التداعي) الذي يتضمن عدة معان منها ” دعا بعضه بعضاً إلى المشاركة في الألم و منه قولهم تداعت الحيطان أي تساقطت أو كادت ” ([85]) للأعضاء فغدت شخوصاً تتهافت لمساندته من خلال عمل منجز فعلاً لا قولاً ، لذلك ناسب معنى الحديث الشريف تقديم الجار و المجرور ( له) على الفاعل (سائر ) فمراده (ﷺ) أنّ المؤمنين يتسارعون لإغاثة أخيهم الشاكي و هو الأصل الذي ينبغي أنّ يكون عليه المؤمنون كاملو الإيمان([86]) ؛ لذلك اختار ( إذا ) الشرطية غير الجازمة التي يكون جوابها في زمن فعلها ([87]) لتدل على أنّ العضو الذي يشتكي تتداعى له سائر أعضاء الجسد في نفس الوقت ، أي إن استجابة أعضاء الجسد تكون في أعلى درجات الإسراع و هذا مناسب لحال المؤمنين الذين ينبغي أن يكونوا في أقصى حالات التعاضد و المساندة لبعضهم ، يضاف إلى ذلك ما حمله تنكير عضو من دلالة ؛ إذ أشار إلى فرد غير معيّن من أعضاء الجسد ، و بذلك تصبح شكوى العضو لا تختلف عن شكوى أي عضو آخر ، و لما ذكر شكوى العضو عن طريق التشخيص ناسب أيضاً تشخيص سائر الأعضاء .
و قد عبر (ﷺ( بـ ( السهر و الحمى) ” أما السهر : فلأنه يمنع النوم أما الحمى : فلأن فَقْدَ النوم يُثيرها، و قد عرّف أهل الحَذَقِ الحمى بأنها حرارة غريزية تشتعل في القلب فتشب منه في جميع البدن فتشتعل اشتعالا يُضر بالأفعال الطبيعية “([88]) .
و قد ذكر بعض شارحو الحديث الحكمة من تشبيه الإيمان بالجسد و أهله بالأعضاء بقوله : ” لأنه لما كان الإيمان أصلا له فروع و هي جميع التكاليف على نحو ما جاءت به الشريعة المحمدية فإذا أخل من التكليفات بشيء شان ذلك الإخلال الأصل ، و كذلك الجسد أصل كالشجرة و أعضاؤه كالأغصان ، فإذا اشتكى عضو من الأعضاء اشتكت كلها كالشجرة إذا ضُرب غصن من أغصانها اهتزت كلها بالتحرك و الاضطراب” ([89]). و لا يخفى ما يترتب على ذلك من إشاعة المحبة و الألفة بين أفراد المجتمع المؤمن .
و تأسيساً لما تقدم يجد الدارس في تشخيص ( عضو، الأعضاء ) صورتين ماثلتين للعيان مما يترتب عليه تحفيز خيال المتلقي ليكشف عن الإيحاء المتواري خلف الألفاظ المرصوفة فيغدو المعنى أكثر قوة و أشد تأثيراً فيه لارتباطه بواقعه ، مما يؤدي إلى تمكينه و تقويته في ذهنه ، و لهذا أهميته البالغة في الحديث النبوي الشريف الذي يحمل غايات تربوية لتحقيق وحدة المجتمع المؤمن و المحافظة على تماسكه و تعظيم علاقات أفراده .
و قد تتخذ ( الصبا ) و هي ريح معروفة تقابل الدّبور تهب من موضع مطلع الشمس([90])، هيئة جيش من المقاتلين الأشداء عن طريق استعارة صفة (النصرة) و هي من صفات الآدميين كما في قوله (ﷺ) : ” نُصرتُ بالصبا ، و أُهلكت عادٌ بالدبور” ([91]) ، إذ كشف قوله (نُصرتُ بالصبا) صورة مشخصة لجنود أقوياء يحاربون أعداء رسول الله (ﷺ) و ينتصرون عليهم فالأصل في النصرة أن تكون للأقوياء و قد استعيرت ( للصبا ) بأن شُبهت هيئة الجيش القوي المندفع بهيئة الريح القوية و هذه الريح يقال لها القبول… لأنها تقابل باب الكعبة إذ مهبها من مشرق الشمس([92]) .
و قد عبّر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عن نصرتها له مستخدما الفعل الماضي المبني للمجهول (نُصرتُ) مضمراً الفاعل لتعظيمه و لأنه معلوم للمتلقي و هو الله سبحانه و تعالى، ثم اعتمد على حرف الجر الباء الذي من معانيه الاستعانة ([93])، ليبيّن سبب نقل صفات العاقل (النصرة ) لغير العاقل (الصبا) ، ثم قرن هذه الصورة بصورة أخرى مستحضراً فيها قوم عاد بقوله (ﷺ): ( و أهلكت عادٌ بالدبور) ، و الدبور ريح تهب من ناحية المغرب و الصبا تقابلها من ناحية المشرق.([94]) و قد شُخصت فصارت جيشاً قوياً مهلكاً لقوم عاد .
واضح أنّ الصورتين متناقضتين من حيث المضمون ( نُصرتُ ، أُهلكت ) ، ( الصبا : ريح تهب من ناحية المشرق ، الدبور: ريح تهب ناحية المغرب) ، ( الصبا تقابل باب الكعبة ([95])، الدبور: تأتي دبر الكعبة ([96]) ) أي ( الإقبال ، و الإدبار).
و بناء الحديث الشريف على طرفين متضادين انفرد كل منهما بفعل ، فنائب فاعل فجار و مجرور، يسهل على المتلقي تمثل المعنى و فهمه ؛ و هو أنّ الريح مخلوق من مخلوقات سبحانه و تعالى و هو وحده القادر على تسخيرها نصرة و معجزة لأنبيائه و منهم ؛ محمد صلى الله عليه وسلم و عاد عليه الصلاة و السلام .
و قد يستعير الحديث النبوي الشريف صفة مذمومة من صفات الإنسان كما في جوابه (ﷺ(لرجل شكا ألماً قد أصاب بطن أخيه فأخبره بأن يسقيه عسلاً ، و لما تكرر سؤال الرجل لعدم تحقق الشفاء ، و تكرر طلب الرسول له بتكرار شرب العسل ردّ عليه النبي (ﷺ( بقوله : ” صدق الله و كذب بطن أخيك ، اسقه عسلاً ” . فسقاه فبرأ ([97]).
فالكذب معناه الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو في الواقع ([98])، و هو من الصفات القبيحة و المذمومة في الإنسان و إضافتها إلى البطن بحيث صارت شخصاً يتكلم كذباً و بهتانا و بما ليس في الحقيقة دلالة واضحة على أن الحديث ينطق بصدق ما جاء به القرآن و ذلك في قوله تعالى:﴿ فيه شفاء للناس ﴾([99]) أي العسل فيه علاج للكثير من الأمراض([100]) ، و صدق ما أخبر به رسول الله (ﷺ(حين عَلِمَ أنّ مرض هذا الرجل مما يشفى بالعسل و حتمية نفعه له .
فتشخيص الكذب في هذه الصورة الاستعارية قد أسبغ على المعنى وضوحاً و ألقى في نفس المتلقي ما يجب أن يكون عليه المسلم من اليقين و التسليم و الاعتقاد الجازم بصدقه (ﷺ( و بصدق إرشاده إلى ما فيه صلاح المسلم في حياته و آخرته .
و من الصور الاستعارية التي قامت على استعارة عضو من أعضاء الإنسان للأجسام المحسوسة قوله (ﷺ(: ” إذا طلع حاجب الشمس فدعوا الصلاة حتى تبرز ، و إذا غاب حاجب الشمس فدعوا الصلاة حتى تغيب” ([101]).
أراد النبي الكريم (ﷺ) أن ينهى عن الصلاة عند ظهور أول جزء من الشمس و عند غياب آخر جزء منها ، فوضّح ذلك من خلال استعارة الحاجب الذي هو” الشعر النابت على العظم ” ([102]) و هو من صفات الآدميين للشمس ” و كأنّه عليه الصلاة و السلام شبّه الشمس عند صعودها من حدبة الأرض بالطالع من وراء ستر يستره أو غيب يطمره ، فأول ما يبدو منه وجهه و أول ما يبدو من مخاطيط وجهه حاجبه ، ثم بقية وجهه ، ثم سائر جسده شيئاً فشيئاً ، و جزءاً جزءاً ، و كأنه عليه الصلاة والسلام نهى عن الصلاة عند ظهور بعض الشمس للعيون حتى تظهر جميعها ، و عند مغيب بعضها حتى تغيب جميعها ” ([103]).
و يظهر أننا أمام صورتين متضادتين ( طلوع الشمس ، غروب الشمس ) ؛ فلما كان مدار الحديث مبني عن النهي عن الصلاة في زمنين مختلفين ناسب أنّ تصور الشمس بصورة شخصين متضادين الأول يظهر ، و الثاني يختفي ، و ناسب أيضاً أن يبدأ بالطلوع الذي يناسبه العلو و الارتفاع و الإشراق ، ثم يذكر الغياب الذي يناسبه الاختفاء و الاستفال ، و الظلمة و قد توافقت الصورتان الاستعاريتان في جميع العناصر نحوياً و صرفياً و هو تقسيم مرتبط بالمعنى و مناسب له :
( إذا طلع حاجب الشمس فدعوا الصلاة حتى تبرز).
( إذا غاب حاجب الشمس فدعوا الصلاة حتى تغيب).
و في هذا مزيد إيضاح و تكرار ينم عن تشديد النهي بالامتناع عن بالصلاة في هذين الوقتين و فيه أيضاً تقسيم الحديث النبوي بحيث يغدو كالفاصلة ينظم القراءة ، و يسهل تمثل المعنى و فهمه و هو غاية الحديث النبوي الشريف ، لأن فهم المقصود يؤدي إلى الإقناع ، و يُقيم الحُجة على المخالف للنهي النبوي .
ثانيا : تشخيص المعاني:
في الحديث النبوي الشريف صور نهضت من خلال استعارة صفة من صفات الإنسان أو عضواً من أعضائه لتشخيص المعاني و الأفكار.
فمن الصور الاستعارية التي قامت على استعارت الصفات البشرية قوله ﷺ” يَهرمُ ابنُ آدم و تشِبُّ منه اثنتان: الحرص على المال ، و الحرص على العمر”([104]).
إذ ابتدأ النص النبوي بجملة خبرية ( يهرم ابن آدم ) و قد تضمنت مشهداً حقيقياً لأثر تتابع السنوات على الإنسان و هو الهرم ، ثم أردف بجملة خبرية أخرى ( وتشب فيه اثنتان) و قد حوت الجملة أمرين مبهمين ، و ذلك لتشويق السامع لمعرفة ما سيشب عن الهرم ، ثم أتبع ذلك بذكر هاتين الخلتين المبهمتين بقوله: ( الحرص على المال ، و الحرص على العمر ) ” ليتمكن المعنى في نفس السامع فَصلَ تمكّن فإن إلقاء المعنى أولاً يشوق السامع إلى معرفته ، لما جَبَلَ الله النفوس على استعلام المجهولات فتتوجه إلى ما يريد بعده ، فإذا أُلقى إليه مفصلاً تمكّن ذلك المعنى في النفس أشدّ تمكّن” ([105]).
و يظهر في قوله ﷺ: ( تشِب فيه اثنتان : الحرص على المال ، و الحرص على العمر) استعارة صفة الشباب و هي من صفات الآدميين لحرص الطاعن في السن على المال و العمر فغدا هذا الحرص شاباً ينبض حيوية و نشاطاً و حركةً ، و في الوقت ذاته أخذ الهرم يسري في جسده ، فصار يعيش في حالة صراع و تمرد لأنه يرفض الواقع الذي يعيش فيه ، و قد بيّن النبي الكريم ﷺ ذلك من خلال المقابلة بين صورتين متضادتين ( يهرم ــــ يشب ) الأولى صورة الضعف و الفتور و الهزال و هي الهرم و هي صورة آخذة بالضمور و التضاؤل ، و الثانية صورة القوة و الحيوية و النشاط و هي الشباب و هي صورة آخذة بالنماء و التعاظم و التكاثر، و قد أبرزت صيغة المضارعة ( يهرمُ ـــ يشبُّ) الصورتين في حركة مستمرة متعاكسة فهو من ناحية يسير نحو النهاية ، و من ناحية أخرى يرتد في سلوكه نحو الشباب في صورة معكوسة ” فكلما ازدادت حوامل جسمه ضعفاً و انتقاصاً ازدادت جواذب أمله قوةً و استحصافاً([106]) فيكون أضعف ما كان بدناً و شخصاً ، و أقوى ما يكون أملا و حرصاً” ([107]) . حتى يتكاثر الشباب في حرصه و يتلاشى جسده بسبب هرمه , فتستحيل حياة هذا الإنسان شقاء و تعباً لأنه يحيا في حالة انفصال عن الواقع و السلوك .
و لا ريب أن هذا السلوك منافٍ للطبيعة البشرية لذلك قيّد النبي الكريم ﷺ الفعل المستعار (تشب ) بحرف الجر (منه) و لم يستخدم حرف الجرف ( فيه) للدلالة على أنّ هذا السلوك لا يصدر عن الطبيعة الإنسانية السوية . فـــ ” النفس معدن الشهوات و أمانيها لا تنقطع فهي أبداً فقيرة لتراكم الشهوات عليها قد برح بها خوف الفوت و ضيق عليها” ([108]) .
و الحكمة من تشخيص هذين الأمرين ” أنّ أحبّ الأشياء إلى ابن آدم نفسه ، فهو راغب في بقائها فأحب لذلك طول العمر و أحبّ المال لأنه من أعظم الأسباب في دوام الصحة التي ينشأ عنها غالباً طول العمر ، فكلما أحس بقرب نفاذ ذلك اشتد حبه له و رغبته في دوامه” ([109]).
و على هذا المعنى أراد ﷺ أن يرمي في نفس المتلقي تقبيح هذا النموذج الإنساني الذي يريد الحياة و يحرص عليها و ” ذلك أنّ الشيخ من شأنه أن تكون آماله و حرصه على الدنيا قد بَلِيت مع بلاء جسمه ؛ إذ انقضى عمره و لم يبق له إلا انتظار الموت فلما كان هذا الأمر بضده ذم ” ([110]). و هو المعنى الذي ألقاه التشخيص في هذه الصورة الاستعارية إذ نفّـر من الحرص على الدنيا ، و رغب بالزهد فيها.
و من الصور الاستعارية التي نهضت من خلال تشخيص المعاني ومنحها عضواً من الأعضاء البشرية ، قوله الرسول الكريم (ﷺ(: ” رأس الكفر نحو المشرق”([111]) . فمن المعلوم أنّ الرأس أعظم عضو في الإنسان و غيره ، إذ تقع فيه معظم الحواس و منه تدار جميع العمليات العقلية و الفكرية و العاطفية و العصبية و غيرها ، و من ثمة تستحيل الحياة بدونه و استعارته إلى الكفر بحيث صار إنساناً ضخماً يتمدد في الأرض و يستقر أهم عضو منه ( الرأس) نحو المشرق للدلالة على حقيقة مهمة هي أنّ الكفر قد استبدّ بأهل المشرق و رسخ فيهم و فرض إرادته عليهم ، فأذعنوا له و خضعوا حتى صار لها ضرورة لا حياة لهم بدونه و لا بقاء ، و غدا يتحكم فيهم كما يتحكم الرأس بالجسد .
” و في ذلك إشارة شدة كفر المجوس لأنّ مملكة الفرس و من أطاعهم من العرب كانت من جهة المشرق بالنسبة إلى المدينة ، و كانوا في غاية القسوة و التكبر و التجبر ، حتى مزّق مَلِكَهم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم و استمرت الفتن في المشرق ” ([112]). و لشدة تحكم الكفر فيهم إذ كانوا يعبدون النار.([113])واضح أنّ التشخيص في هذه الصورة الاستعارية قد أثار صورة حيّة في ذهن المتلقي و بالغ في تصوير المعنى له.
و تأسيسا لما تقدم يبدو للدارس أنّ الحديث النبوي الشريف قد استثمر فاعلية التجسيم و التشخيص في الصورة الاستعارية ، مما أضفى على المعاني ثراء و قوّى درجات تأثيرها ، فيحسُّ المتلقي بالمعنى أكمل إحساس . ولو رحنا ندرس كل الأحاديث النبوية الشريف التي اعتمدت على هاتين الظاهرتين لاحتجنا إلى الصفحات الكثيرة ، ولعل فيما ناقشناه منها تجعل الدارس يخلص إلى نتيجة مفادها أنّ البيان النبوي لا يقف عند حدود الدقة و الإحكام في صياغة الصورة الاستعارية فحسب ، بل يتعدى ذلك إلى تحقيق غايايات تعليمية و توجيهية و تربوية .
المصادر و المراجع :
- أبو العدوس ، يوسف ، الاستعارة في النقد الأدبي الحديث ، ط1 ، الأهلية للنشر و التوزيع عمان 1997م .
- أبو موسى ، محمد ، التراكيب دراسة بلاغية ، ، ط2، مكتبة وهبة ، 1408ه ـــــــ 1987م.
- أبو موسى ، محمد ، التصوير البياني ، ط4، مكتبة وهبة ، 1416ه، 1996م.
- ابن الأثير (ت 630ه) النهاية في غريب الحديث و الأثر، أشرف عليه : علي بن عبد الحميد بن الحلبي الأثري ، ط1، دار ابن الجوزي ، 1421ه .
- الأنصاري ، ابن هشام (ت 761ه) ، مغنى اللبيب ، تحقيق: د. مازن المبارك و محمد علي حمد الله ، دار الفكر بيروت ، 1427ه ـــ 2007م.
- ابن أبي جمرة الأندلسي (ت 699ه) ، بهجة النفوس، ط1، مطبعة الصدق الخيرية بمصر، 1348ه.
- البابرتي (ت 786ه) ، شرح التلخيص ، تحقيق : د. محمد مصطفى رمضان صوفيه ، ط1 المنشاة العامة للتوزيع والنشر طرابلس ، 1392ه ـــــ1983م.
- البوطي ، سعيد رمضان ، في الحديث الشريف والبلاغة النبوية ، ط1، دار الفكر دمشق، 1432ه 2011م .
- التوحيدي أبو حيان (ت414ه ) ، الهوامل و الشوامل ، دار الذخائر القاهرة .
- الجاحظ (ت255ه) ، البيان و التبيين ، تحقيق: عبد السلام هارون ، ط7 ، مكتبة الخانجي القاهرة 1418ه ، 1998م
- الجرجاني ، عبد القاهر (ت471ه)أسرار البلاغة ، تحقيق : محمود محمد شاكر، ط1، طبعة المدني القاهرة ، دار المدني بجدة ، 1412هــ ــــ 1991م .
- ابن جني (ت 392ه) ، الخصائص ، تحقيق : محمد علي النجار ، دار الكتب المصرية ، دون تاريخ.
- ابن حَجَر العسقلاني (ت 852 ه) ، فتح الباري ، تحقيق : محب الدين الخطيب، محمد فؤاد عبد الباقي، قصي محب الدين الخطيب، ط1 ، دار الريان للتراث القاهرة ، 1407ه، 1987م .
- الخطابي (ت 388هـ) ، غريب الحديث ، تحقيق: عبد الكريم إبراهيم العزباوي ، بلاط، مركز البحث العلمي و إحياء التراث الإسلامي، 1402ه، 1982م.
- الرافعي ، مصطفى صادق ، تاريخ آداب العرب ، ط1، دار الكتاب العربي 1394ه ،1974م .
- الرضي ، الشريف (ت406ه)، المجازات النبوية ، تحقيق: د. طه محمد الزيتي، بلا ط، مكتبة بصيرتي ، دون تاريخ.
- الزمخشري ( ت538ه)، أساس البلاغة ، ط1، دار الكتب العلمية بيروت، 1419هـ ــــ 1998م .
- الزمخشري (ت 467ه) ، الفائق في غريب الحديث، تحقيق : علي محمد البجاوي ،م حمد أبو الفضل إبراهيم ، مكتبة عيسى البابي الحلبي، ط2، 1971م .
- الزيات ، أحمد حسن ، وحي الرسالة ، ط7، مكتبة نهضة مصر، 1381ه،1962م.
- السيوطي : (ت911هـ) ، تدريت الراوي في شرح تقريب النواوي ، تحقيق : نظر محمد الفاريابي، ط2، مكتبة الكوثر ، بيروت .
- صالح ، بشرى موسى ، صورة الشعرية في النقد الأدبي الحديث ، ط1، المركز الثقافي العربي 1994م.
- صحيح البخاري (ت 256ه) ضبطه: د. مصطفى ديب البغا، بلاط، دار ابن كثير دمشق، دون تاريخ .
- صحيح مسلم (ت261ه) تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي ، ط1، دار إحياء الكتب العربية القاهرة ، 1412ه ، 1493.
- الصورة الاستعارية في الشعر العربي الحديث ، د. وجدان الصايغ ، ط1، المؤسسة العربية للدراسات و النشر بيروت ، 2003.
- الطيبي (ت 743ه) ، الكاشف عن الحقائق والسنن ،ط1، تحقيق : عبد الحميد هنداوي، ط1، مكتبة نزار مصطفى الباز، 1417ه، 1997م .
- العقاد ، عباس محمود ، ابن الرومي ، مؤسسة هنداوي للنشر مصر ، دون تاريخ .
- العقاد ، عباس محمد ، عبقرية محمد ، ط1، دار الكتاب العربي، 1391ه 1971م .
- الفراء (207ه) ، معاني القرآن ، ط3 ، عالم الكتب بيروت ، 1403ه ـــ 1983م .
- قطب ،سيد ، التصوير الفني في القرآن ، ط 16، دار الشروق القاهرة ، 1423ه ــــ 2002م
- القط ، عبد القادر ، الاتجاه الوجداني في الشعر العربي المعاصر ، مكتبة الشباب ، 1988.
- القيرواني ، الحصري (ت 453ه)، زهر الآداب ، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد د. زكي مبارك ، ط4، دار الجيل بيروت، دون تاريخ .
- المناوي (ت1031ه) ، فيض القدير ، ط2، دار المعرفة بيروت لبنان، 1391ه، 1972م.
- النووي (ت676ه) ، شرح صحيح مسلم ، ط1 ، المطبعة المصرية بالأزهر ، 1349، 193م.
الولي محمد ، الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي و النقدي ، ط1، المركز الثقافي العربي بيروت.
([1] كتاب اللؤلؤ و المرجان فيما اتفق عليه الشيخان ، وضعه : محمد فؤاد عبد الباقي ، دار الجيل ،1407ه ـــــ 1986م.
[2]) البيان و التبيين : الجاحظ (ت255ه) ، تح: عبد السلام هارون ، ط7 ، مكتبة الخانجي القاهرة ، 1418ه، 1998م : 2/ 16ــ 17ــ 18.
[3]) تنْبُذ الشيء إذا رميته و أبعدته ، انظر : لسان العرب مادة (نَبَذَ) : 3/511.
[4]) ردءاً : أي ينصرُهُ و يشُدُّ ظهرَهُ ، انظر: لسان العرب مادة ( رَدَأَ) : 1/84 .
[5]) يؤودهم : يؤوده: أي لا يثقلُهُ و لا يَشُقُّ عليه ، انظر: لسان العرب مادة ( أَوَد): 3/74.
[6]) غريب الحديث : الخطابي البستي (ت 388هـ) ، تح: عبد الكريم إبراهيم العزباوي، بلاط، مركز البحث العلمي و إحياء التراث الإسلامي، 1402ه، 1982م : 1/64.
[7]) مخضه : أي أخرج زُبْدَه ، انظر : لسان العرب مادة ( مَخَضَ) : 7/229.
[8]) متفكك الرِّجل : الانفكاك ضربٌ من الوَهن والخَلْعِ، و هو كناية عن العي و العجز عن المقاومة ،انظر لسان العرب مادة ( فكك) : 10/476 .
[9]) خطيبٌ مُصْقِعٌ : أي بليغ ، انظر: لسان العرب مادة ( صقع) : 8/203.
[10]) السِّجل : الدلو العظيمة ، انظر لسان العرب مادة ( سجل ) : 11 /325 .
[11]) البِرْذَون : الخيل غير العربي ، انظر : لسان العرب مادة (بَرْذنَ) : 13/51.
[12]) المطهم : الحسن التام ، انظر : لسان العرب مادة (طهم) : 12/372 ، أي إذا قُرن منطقه ﷺ بمنطق غيره كان كمقارنة الخيل العربي التام الحُسن بالخيل الأعجمي ، أي لا سبيل إلى المقارنة .
[13]) الوضح : بياض الصبح، انظر: لسان العرب مادة ( وضح ):2/634 .
[14]) نُقْبَة : أول ما يبدو من الجرب ، انظر: لسان العرب مادة (نقب): 1/766.
[15]) الأدهم : الأسود، انظر : لسان العرب مادة (دهم): 12/209 . أي إنّ كلامه يمكن تمييزه عن كلام الناس فهو كبياض الصبح و كلام غيره كبياض الجرب أول ظهوره على الخيل الأسود.
[16]) الفائق في غريب الحديث، الزمخشري (ت 467ه) تحقيق : علي محمد البجاوي ،م حمد أبو الفضل إبراهيم، مكتبة عيسى البابي الحلبي، ط2، 1971م. :1/11.
[17]) زهر الآداب ، الحصري القيرواني (ت 453ه)، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، د. زكي مبارك، ط4، دار الجيل بيروت، دون تاريخ : 1/159 .
6) النهاية في غريب الحديث و الأثر، لابن الأثير(ت 630ه) ، أشرف عليه : علي بن عبد الحميد بن الحلبي الأثري ، ط1، دار ابن الجوزي ، 1421ه : 10. و هو ما ذكره أيضاً السيوطي ( ت 911ه ) تدريت الراوي في شرح تقريب النواوي ، للسيوطي : (ت911هـ) ، تحقيق : نظر محمد الفاريابي، ط2، مكتبة الكوثر ، بيروت ، 1415: 23.
[19]) تاريخ آداب العرب ، مصطفى صادق الرافعي، ط1، دار الكتاب العربي 1394ه ،1974م : 2/ 0328
[20]) عبقرية محمد ، عباس محمود العقاد، ط1، دار الكتاب العربي، 1391ه 1971م.: 73 .
[21]) لم يند : أي تكلم بأبلغ الألفاظ : انظر : المعجم الوسيط : 912 .
[22]) وحي الرسالة ، أحمد حسن الزيات، ط7، مكتبة نهضة مصر، 1381ه،1962م.: 3/ 106.
[23]) وحي الرسالة : 3 /0107
[24]) في الحديث الشريف والبلاغة النبوية، د.سعيد رمضان البوطي ، ط1، دار الفكر دمشق، 1432ه، 2011م.: 48 .
([25]لسان العرب مادة “جسم” : 12/ 99 .
([26] أساس البلاغة ، الزمخشري ( ت538ه)، ط1، دار الكتب العلمية بيروت، 1419هـ ــــ 1998م : 1 / 139 .
([29] أسرار البلاغة ، عبد القاهر الجرجاني (ت471ه) ، تح: محمود محمد شاكر، ط1، طبعة المدني القاهرة، دار المدني بجدة ، 1412هــ ــــ 1991م : 43.
([31]انظر : الاتجاه الوجداني في الشعر العربي المعاصر ، د. عبد القادر القط ، مكتبة الشباب ، 1988: 408.
([32] انظر : صورة الشعرية في النقد الأدبي الحديث ، بشرى موسى صالح، ط1، المركز الثقافي العربي، 1994م.: 125.
([34]الصورة الاستعارية في الشعر العربي الحديث ، د. وجدان الصايغ ، ط1، المؤسسة العربية للدراسات و النشر بيروت ، 2003 : 79 .
([35] الهوامل و الشوامل ، لأبي حيان التوحيدي (ت414ه ) و مسكويه (ت 421ه)، دار الذخائر القاهرة ، : 240.
([36] صحيح البخاري (ت 256ه) ضبطه: د. مصطفى ديب البغا، بلاط، دار ابن كثير دمشق، دون تاريخ : 3/1084 ، صحيح مسلم (ت261ه) تح: محمد فؤاد عبد الباقي ، ط1، دار إحياء الكتب العربية القاهرة، 1412ه.: 3/1493.
([37] المعجم الوسيط : 613ـــــ614.
([38]الكاشف عن الحقائق والسنن ، الطيبي (ت 743ه)، ط1، تحقيق : عبد الحميد هنداوي، ط1، مكتبة نزار مصطفى الباز، 1417ه، 1997م : 8/2672.
([39] فتح الباري ، لابن حَجَر العسقلاني (ت 852 ه) ، تحقيق : محب الدين الخطيب، محمد فؤاد عبد الباقي، قصي محب الدين الخطيب، ط1 ، دار الريان للتراث القاهرة ، 1407ه، 1987م.: 6/66.
([41]عمدة القاري ، للعيني (ت 855ه) ، دار الفكر : 14/145.
([42] الطوائل : جمع طائلة ، و هو الفضل و القدرة و الغنى و السعة و العلو ، انظر لسان العرب مادة (طول) : 11/414.
([43]المجازات النبوية ، الشريف الرضي(ت406ه)، تحقيق: د. طه محمد الزيتي، بلا ط، مكتبة بصيرتي ، دون تاريخ : 52.
([46] رواه النسائي (ت303ه) : 4/312
([48] صحيح البخاري : 3 / 1094 ، صحيح مسلم : 4/ 1975.
([49] صحيح البخاري : 5 / 1978، صحيح مسلم : 2/ 1034.
([52] صحيح البخاري : 3/1017 – 1018 ، صحيح مسلم : 1/92.
([54] فيض القدير : المناوي (ت1031ه)، ط2، دار المعرفة بيروت لبنان، 1391ه، 1972م.: 1/153.
([56]صحيح البخاري : 2/662 ، صحيح مسلم : 2/1006.
([57] صحيح مسلم بشرح النووي (ت676ه ) ، ط1 ، المطبعة المصرية بالأزهر ، 1349، 1930م : 9/154.
([58] الحادي : الذي يسوق الإبل وهو يغني لها : انظر : المعجم الوسيط : 162.
([59] صحيح البخاري :5/2281 ، صحيح مسلم : 4/1811.
([60]الخصائص : ابن جني (ت 392ه) ، تحقيق : محمد علي النجار ، دار الكتب المصرية ، دون تاريخ : 2 /20 .
([61] النحائز: مفردها ( النحز) : و هو يقع في أعلى الصدر ، و قد كنّى بذلك عن رقة قلوبهنّ ، انظر : المعجم الوسيط : 906 .
([62] الطبيعة و القريحة و السَّجية : 649.
([63] الصبوة : الحنين و الشوق : انظر : المعجم الوسيط : 507 .
([65] الكاشف عن الحقائق والسنن : 10/3109.
([66] صحيح البخاري: 3/ 1298 ، صحيح مسلم : 1/ 192 .
([67] صحيح البخاري : 5/ 1958، صحيح مسلم : 2/ 1086.
([68] التراكيب دراسة بلاغية ، د. محمد أبو موسى ، ط2، مكتبة وهبة ، 1408ه ـــــــ 1987م : 238.
[69]) انظر : لسان العرب: 7/45
([72] أورد سيبويه قول الشاعر عامر بن الأحوص: وداهيةٍ من دواهي المنو نِ تَرْهَبُها الناس لا فا لها
فجعل للداهية فماً ، حدثنا بذلك من نثق به . انظر : الكتاب : 1/ 316.
([73] سورة الكهف ، الآية : 77.
([74] سورة الأعراف ، الآية : 154.
([75] معاني القرآن ، الفراء (207ه) ، ط3 ، عالم الكتب بيروت ، 1403ه ـــ 1983م : 2/ 155ـــــ 156.
([76] الخصائص : 2/ 443ـــ 444.
([78] ابن الرومي ، عباس محمود العقاد ، مؤسسة هنداوي للنشر مصر ، دون تاريخ : 34.
([79] التصوير الفني في القرآن ، سيد قطب ، ط 16، دار الشروق القاهرة ، 1423ه ــــ 2002م : 73 .
([80] التصوير البياني محمد أبو موسى، ط4، مكتبة وهبة ، 1416ه، 1996م: 274
([81] الاستعارة في النقد الأدبي الحديث ، د. يوسف أبو العدوس ، ط1 ، الأهلية للنشر و التوزيع عمان ، 1997م : 240
([83] الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي و النقدي ، محمد الولي ، ط1، المركز الثقافي العربي بيروت ، 1990م: 123
([84]صحيح البخاري : 5/ 2238، صحيح مسلم : 4 / 1999- 2000
([86] انظر بهجة النفوس ، لابن أبي جمرة الأندلسي (ت 699ه)، ط1، مطبعة الصدق الخيرية بمصر، 1348 ه : 4/ 157 .
([87] انظر مغنى اللبيب ، لابن هشام الأنصاري (ت 761ه) ، تحقيق: د. مازن المبارك و محمد علي حمد الله ، دار الفكر بيروت ، 1427ه ـــ 2007م : 96.
([89] انظر : بهجة النفوس : 4/158
([90] انظر: لسان العرب مادة ( صبو) : 14/ 451.
([91] صحيح البخاري : 1 / 341 ، صحيح مسلم : 2/617.
([92] انظر: فتح الباري : 2 /605.
([94] انظر: لسان العرب مادة ( دَبَرَ) : 4/271.
([95] انظر: لسان العرب مادة ( صبو) : 14/451.
([96]انظر: لسان العرب مادة ( دَبَرَ) : 4/271.
([97] صحيح البخاري : 5/ 2152، صحيح مسلم : 4/ 1737.
([98] انظر المعجم الوسيط : مادة (كذب): 780.
([99] سورة النحل ، الآية : 69.
([100] انظر : فتح الباري : 10/ 147.
([101] صحيح البخاري : 3 /1107 ، صحيح مسلم : 1/ 568.
([102] انظر لسان العرب مادة ( طلع ) : 1/297.
([103] المجازات النبوية : 375.
([104] صحيح البخاري : 5/ 2360 ، صحيح مسلم : 2/ 724
([105] شرح التلخيص ، البابرتي (ت 786ه) ، تحقيق : د. محمد مصطفى رمضان صوفيه ، ط1 ، المنشاة العامة للتوزيع والنشر طرابلس ، 1392ه ـــــ1983م : 443.
([106]استحصف الشيء : استحكم ، انظر لسان العرب مادة (حصف ) : 9/48 .
([107] المجازات النبوية : 351.