
داروينيّة المعرفة عند كارل بوبر وميتافيزيقا العوالم الثّلاث؛
إشكالية المنهجيّة وسؤال القيمة
أ.عمران جودي/جامعة باجي مختار عنابة،الجزائر
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الإنسانية والإجتماعية العدد 37 الصفحة 97.
ملخّص:إنّ أيّ تقدّم للعلم لا يتمّ إلّا من خلال تصحيحات وتعديلات معرفيّة، وكذا الإستناد إلى منهجيّة صارمة تأخذ بعين الإعتبار كلّ محاولات تكذيب النظريّة، إضافة إلى نظريّة المحاولة واستبعاد القضايا التي لا تتوافق مع النّسق العلمي، لذا فإنّ المناقشة النّقديّة – حسب بوبر- تسمح بأفضل المقاربات التي من شأنها تطوير الملاحظات والمعطيات الأولى للفكر.
يهدف المقال إلى إعطاء نظرة إخباريّة عن نظريّة المعرفة البوبريّة على ضوء عناصر تجيب عن ثلاثة أسئلة رئيسيّة وهي:
ما هي المعرفة؟ سؤال المصدر؛
كيف يتمّ بناؤها؟ سؤال المنهجيّة؛
كيف يتمّ قبول صحّتها؟ سؤال القيمة.
الكلمات المفتاحية: العلم، المنجيّة، التّكذيب، الإستبعاد، القيمة.
مقدّمة:
إنّ الطّابع التراكمي الذي أقرنه الوضعيّون المنطقيّون بتقدّم المعرفة العلميّة، جعلهم ينظرون إليه باعتباره مجموعة من التّعميمات التّجريبيّة التي تأتي قوانينها خلاصة لتركيبات جزئيّة وفق منطق الإستقراء وجدليّة التّحقّق؛ وإلّا حازت على أكبر درجة من التّأييد بغية من هنا يكون العلم مشروعا تراكميّا وفق حركة تصاعديّة لا تعرف لتقدّمها أيّ اختلالات، وتعتبر فكرة التّبرير الضّامن الشّرعي لهذه الحركة الكفيلة بترجمة حركة العلم في قالبه الوضعيّ الذي ينصّ على أنّ العلوم الطبيعيّة جوهرها استقرائي ولمّا كان العلم ميدانه الطّبيعة وقوانيها فإنّ العلم أيضا استقرائيّ بالجوهرla véritable pensée scientifique est inductive، لذا فإنّ الحديث عن منهج جديد في العلم أو في الفلسفة يستلزم الوقوف عند أصوله وامتداداته وحدود رؤيته، ولما كان الوضعيّون المنطقيّون يطالبون بإنهاء الميتافيزيقا كونها لا تخضع لمبدأ التّوضيح والتّحليل بحجّة أنّها تعلو عن الخبرة الحسيّة، يرى بوبر أنّ التغلّب على هذه الموقف، يكون بالتخلّي عن الصّيغة القويّة للاستقراء والإعتقاد في مماثلة الظّواهر بعضها لبعض وتكرارها، من هنا يمكن أن نعتبر العلم بناء إبستمولوجي يتمّ التّفكير فيه على أنّه صيرورة لديه تقنيات خاصّة تساهم في تفكيكه وإعادة بناءه من جديد، ممّا يعني أنّ الخطاب العلمي هو خطاب إبستمولوجي أُعيد بناءه ثانية عبر تقنية فلسفيّة صرفة تستطيع حمل البناء مؤقّتًا على الأقل.
-Iنظريّة المعرفة:
1ـ تطور المعرفة العلميّة:
كيف يمكن أن نصل إلى نظريّات إذا لم تكف الملاحظات؟
تقول بوفرس: » قضيّة بوبر هي أنّ المعرفة تبدأ من مشكل يأخذ في بادئ الأمر مظهر المفاجأة، وتتمظهر الأحداث على هيئة تنبّؤات يتمّ فيها تعليق الحكم، بحيث لا تأخذ الأحداث منحى توقّعاتنا ممّا يوجب الوقوف أمام الحالة؛ يفرض المشكل منذ البداية وجود توقّعات نظريّة«[1]، يظهر المشكل من واقعة ننتظر حدوثها كما يمكن أن لا تظهر في البدء كنتيجة لنظريّة موجودة كثيرا ما يتمّ نفيها بملاحظة مناقضة، فطبيعة المشكلة تختلف من منطلق لآخر فقولنا مثلا : ما سبب تقدّم مدار عطارد مقارنة بتوقعات كبلر؟ أو كيف يمكن التّقليص من نسبة البطالة؟ أو كيف يتطور عضو في وسط معادHostile ؟ هذه المشكلات باختلافها تفرض علينا اقتراح حلول تخمينيّة تسمح فيها الإختيارات النّقدية باستبعاد كلّ ما لا يتلاءم والمشكلات المطروحة، الحلّ الذي تمّ إيجاده يثير من جديد مشكلا آخرا يتحوّل بدوره إلى فرضيّة جديدة وهكذا…
يمكن التّعبير عن هذه الفكرة بالمخطّط الآتي[2]: م1 ح ح أأ م2
إنّ صياغة المعرفة الموضوعيّة ( م1 – ح ح – أ أ – م 2) التي قدّمتها النّظرية التّطوريّة تحمل صفات مختلفة لكافة النّشاطات العقليّة والحيويّة، بالإضافة إلى وصف العلم كواحد من هذه النّشاطات، ويمكن عرض هذه الصّياغة كالآتي:
( م1 ) ترمز إلى مشكلة أولى، حيث أنّ العالم يبدأ البحث من مشكلة سواء كانت علميّة واقعيّة أو نظريّة افتراضيّة يصعب حلّها، فعادة نجد العالم يختار مشكلة ما يتوقّع إيجاد حلّ سريع لها ممّا يستوجب عليه أن يبدأ بحثه بمشكلة وليس بالملاحظة، وبالتّالي لا يمكن اعتبار هذه المشكلة نتيجة للملاحظة أو التّجربة بل هي عبارة عن مجموعة معارف سابقة.
(ح ح) يرمز إلى محاولة حلّ هذه المشكلة بالأخصّ عندما تكون مشكلة غامضة، فعلى العالم نقد وفهم صعوبات هذه المشكلة والعمل على طرح عدّة تساؤلات تساعد على اكتشاف أسباب غموضها والمسارعة إلى إيجاد حلّ ملائم لها والحلّ يجب أن يكون اختياريّا فرضيّا يشمل مجموعة من الحلول الأخرى التي يمكن أن تحلّ مشاكل أخرى مشتركة بينها.
كيف يمكن الإختيار بين مجموعة النّظريّات المتنافسة؟ وكيف يمكننا الإستمرار في هذه الخطوة على(ح ح) ؟ يرى بوبر أنّه يتعيّن على الباحث استبعاد كلّ شيء يمكن تفنيده ” تكذيبه” عن طريق اختبار النّظريات أو التّجارب الحاسمة التي بإمكانها استبعاد بعض النّظريات والإبقاء على النّظرية الأفضل، هذه النّظريّة يصفها بوبر بأنّها الأكثر قابليّة للتّكذيب لأنّ مهمّتها تكمن في حلّ المشكلة التي استعصت على الحلّ بعيدا عن أشكال النّقد أو مواجهة اختبارات الصّدق إذن الهدف من (ح ح) هو محاولة الوقوف على الحل.
(م م) وهي الخطوة الثّالثة في الصّياغة، يحاول الباحث أو العالم نقد (ح ح) لإيجاد الخطأ بطريقة” التّفنيد”Réfutation ، ربّما ينجح العالم في إبعاد الفرض وأحيانا يُبقي عليه إذا صمد أمام الاختبارات النّقدية، لكنّ القاعدة الأساسيّة لهذا العالم يجب أن تكون افتراضيّة حدسيّة قابلة للتّكذيب وإلاّ لما اتسمت بالطّابع العلمي، وأحيانا يجد العالم نفسه يأخذ بجزء من المشكلة ويعمل على حلّها حيث تظهر من خلالها صعوبات جديدة غير متوقّعة.
بهذه الخطوة لا يكون قد قدّم أيّ حلّ للنّظريّة التي يدرسها، أو التي يختبرها بواسطة (أ أ) ومنه يمكن القول أنه توصّل إلى قانون.
لاختبار النّظريّة، واستبعاد الخطأ لابدّ من المرور على أربع خطوات[3]:
1- يقوم العالم بمقارنة النّتائج الإستنباطيّة بعضها بالبعض الآخر قصد تفادي التّناقض في النّظريّة ومنه ضرورة انسجام النّظريّة مع نفسها.
2- فحص تلك النّظرية منطقيّا، لمعرفة ما إذا كانت ضمن نطاق العلم التّجريبي أم إنّها تحصيل حاصل.
3- مقارنة النّظرية مع النّظريّات الأخرى في البناء المعرفي للوقوف على مدى اتساقها، وهل أحرزت شيئا من التقدّم العلمي.
4 – اختيار النّظريّة تجريبيّا بواسطة تّطبيق النّتائج المستنبطة منها.
انطلاقا من هذه الخطوات نجد أنّ العالم قد اتبع المنهج القائم على الإختبارات الإستنباطيّة بعيدا عن الأدلّة الإستقرائيّة، حيث يصعب عليه أن ينتقل من الوقائع إلى النّظريات دون أن يكون هذا الإنتقال تكذيبا، صحيح أنّ الإستدلال هنا يتم بأدلّة تجريبيّة إلاّ أنّه استدلال استنباطي بحت يعتمد على العقل فقط .
أمّا المرحلة الأخيرة للصّياغة فهي (م2) التي تدلّ على وصول العالم إلى مشكلة جديدة ليبدأ منها بالطّريقة التي اتّبعها في المشكلة الأولى وهكذا… لكنّه لا يستطيع الوصول إلى اليقين في المعرفة، يقول بوبر:» ( ولمّا كان من المستحيل أن نعرف شيئا بيقين، فليس ثمّة ما نجنيه من البحث عن اليقين، أمّا البحث عن الحقيقة فهو أمر يستحقّ عناء البحث ونحن نقوم بذلك في المقام الأول بالبحث عن الأخطاء بغية إصلاحها)«[4].
لا يقصي بوبر إمكانيّة وجود تخمينات كثيرة تقدّم حلولا كثيرة لنفس المشكل، كما أنّه من الممكن وجود نظريّة خاطئة لم يتم تفنيدها إلاّ بمرور وقت طويل من ظهورها مثل نظريّة الجاذبيّة العامّة لنيوتن حيث صمدت قرنين من الزّمن إلى أن جاءت نظريّة أينشتاين.
ما نريد أن نقوله هنا هو أنّه من الممكن أن تكون نظريّات كثيرة تبحث عن إجابة لمشكل واحد:
TTa EE P1
T T b E Eb P2a
T Tc E E c P2
يظهر هذا المخطّط إمكانيّة حلول كثيرة للمشكل الأوّلي، كما افترضنا في هذا المخطّط أنّ الفرضية TTb تمّ تفنيدها ولن تطول إلى مرحلة استبعاد الأخطاء.
التّخمين TTc, TTa يفسح المجال لمشكلين علميين مختلفين P2c et P2a وسيتمّ اختبارهما على أنّهما نظريّتين متنافستين Deux théories rivales
يقدّم بوبر طرقا كثيرة للمقارنة بين النّظريّات المتنافسة:
أولا: يجب الأخذ بعين الإعتبار الطّريقة التي تجيب بها النّظريات عن المشكل الأوّل.
ثانيا: مقارنة المشاكل الجديدة التي تثيرها النّظريّات قصد استبعاد المشاكل البعيدة عن المشكل الأصلي.
ثالثا: حتّى قبل أن تخضع النّظريّة للإختبار يمكن مقارنتها بنظريّة أخرى حسب معيار بسيط جدّا، يصفه بوبر بقوله:» ( يبيّن “هذا المعيار” عل سبيل الأفضليّة أنّ النّظرية التي تتضمن أكبر عدد من المعلومات التجريبيّة في محتواها؛ هي الأقوى منطقيّا لأنّها تتمتّع بقدرتها على الشّرح والتّنبؤ؛ يمكنها إذن أن تخضع لأقسى أنواع الإختبارات وذلك بالمقارنة بين الأحداث التنبؤيّة والملاحظات)«[5] ، يتعلّق الأمر بتفضيل التّخمينات الأكثر جرأة والأكثر دقّة أو ما يسمّيه بوبر المحتوى النّظري Le contenu théorique.
رابعا: محاولة تطبيق نتائج النّظرية باختبارها، ويمكننا توضيح فكرة المحتوى النّظري: عبارة (الشمس نجم) تعتبر أكثر إخبارا من عبارة (الشمس نجم طول قطرها يتراوح بين 1,3و1,5 مليون كلم) لأنّ هذه العبارة الأخيرة تمنع على سبيل المثال أنّ الشّمس لا يمكنها أن تتربّع على قطر5 مليون كم فهي إذن تحدّ من مجال الممكنات التي يمكن للنّظريّة أن تستفيد منه، محتوى النّظرية إذن يفوق مجموعة التّنبؤات الأكثر دقّة ما دام تعبيره إزاءها يمنع التّفسيرات الأخرى؛ فالنّظريّات الأكثر قدرة هي الأكثر جرأة و خطورة لأنّها تقوم بتنبؤات دقيقة تستطيع بدورها أن تخضع لمحاولات التّفنيد الأكثر قسوة*.
يقدّم بوبر معايير كثيرة تمكّننا من تفضيل النّظريات فيما بينها من حيث قدرتها على الشّرحpouvoir explicatif ودقّة العبارات précision des énoncés، كما يمكن أن نضيف إلى هذا درجة التّعزيز التي تبيّن في أيّ مستوى بإمكان بعض الحجج (الملاحظات) أن تعزّز نظريّة مع اختلاف طريقة إثباتها بين نظريتين لم تفنّدا بعد، بفضل تلك النّظريات التي تبدو أكثر إثباتا بتأييد الملاحظة أو مجموعة من الملاحظات
التي سيكون لها قدر من التّعزيز انطلاقًا من بعض الوقائع، وهذا الإهتمام بالتّعزيز يتّصل مباشرة بالقدرة على تفضيل نظريّة عن أخرى[6].
يمكننا القول أنّ ما ذهب إليه بوبر يعتبر امتدادا لنظريته الإبستمولوجيّة على ضوء الطّابع النّقدي للمعرفة العلميّة، فهو لا يبتعد عن هذه الفكرة عندما يتحدّث عن ميدان البحث:
» ( إنّنا نبحث دائما عن تخمينات أصيلة لبناء العالم، ونحن بهذا الصّدد نختار النّظرية الأفضل من سابقتها، النّظريّات التي تواجه اختبارات تصمد لها وتقترب أكثر فأكثر من الصّدق)«[7] ، بقي أن نعرف أنّ قابليّة الإختيار ترتبط بقابليّة التّكذيب من حيث أن محاولة تّكذيب النّظرية هو في نفس الوقت اختيار النّظرية وهذا الإختيار يفضي إمّا إلى التّكذيب أو إلى التعزيز[8].
2 ـ نظريّة العوالم الثّلاثة:
تحدّث بوبر في المعرفة الموضوعيّة La connaissance objective عن العوالم الثّلاثة التي عرفت أوّل الأمر صدى واسعا في ميدان الإبستمولوجيا والفلسفة، هذه النّظرية تمّ عرضها أوّل الأمر سنة 1967 بغرض تعليمي تربوي، وبالرّغم من أنّ الأعمال التي تمّ تداولها كثيرا تعلّقت بميدان المعرفة ونقصد بذلك تطور المعرفة، تحقيقها، تعزيزها[9]،…
يستعمل بوبر تفريق Bolzano بين الحقائق في ذاتها Vérité en soi وتطوّر الفكر الذّات[10] La pensée subjective ، تتعلّق الأولى بالعلاقات المنطقيّة بين الحقائق التي يمكن أن تكون متوافقة أو غير متوافقة في حين تتعلّق الثّانية بالعلاقة بين تطوّرات الفكر التي لا يمكن القول أنّها تناقض تطوّراته من شخص إلى آخر، بل حتّى مع تطوّرات ينتجها الشّخص الواحد، بالمقابل يمكن للمحتوى أن يتناقض مع تطورات أخرى، هذا ما دفع بوبر إلى التّفريق بين الأفكار من وجهة النّظر التقدميّة Les idées en tant que processus والأفكار كمحتوىLes idées en tant que contenue ، ويضيف إلى جانب هذا التّمييز تمييزا آخر بين العوالم الثلاثة[11].
يقدّم Malherbe توضيحا يتعلّق بالحدود بين العالم 2 و3 بتسميتهم عالما ماديّا Monde matériel وعالما شخصيّا Monde privé وعالم ثقافيّا Monde culturel[12].
يمكن توضيح هذه الفكرة بالمثال الآتي[13]:
تنتمي فكرة الفلوجستيقا*phlogistique إلى العالم(3) وهي بالمقابل ليست من أشياء العالم(1) لأنّه تمّ تفنيدها، وليست من العالم(2) لأنّها لم تعد مستعملة في الوقت الرّاهن… هذا الشّكل يوضّح العلاقة بين هذه العوالم:
الإستقبال الخلق
(Perception) (créativité)
العالم الأول العالم الثاني العالم الثالث
النّشاط الفيزيائي الفهم
(Activité physique) (Compréhension)
ويظهر الدّور المركزي لهذه النّظرية في جانبين:
- تسمح بنقد معرفة العالم الثالث.
- تسهّل التّواصل بين العوالم، حيث يقول بوبر:»( هذا راجع أساسا إلى أنّ الفكرة وبمجرّد أن تمّ التّعبير عنها لغويّا، تتحوّل إلى موضوع خارجي بالنّسبة لنا؛ أي موضوع يمكن أن يكون محلّ نقد من طرف الآخرين ومنّا أيضا)«[14] ، ومن الواضح أنّ هذا النّقد لا يتمّ إلاّ بالإستعانة بوظائف اللّغة التي يمكن استعراضها على النّحو التّالي[15]:
* الوظيفة التعبيريّة fonction expressive: بها يعبّر الحيوان عن انفعالاته كالألم.
* الوظيفة الرّمزيّة (الإشارة) fonction de signale: بها يعبّر الحيوان بواسطة رسالة مختصرة (صرخة خطر مثلا).
* الوظيفة الوصفيّة fonction descriptive: و بها يعبّر الإنسان لغيره عن مختلف الأشياء التي تحيط به.
* الوظيفة التعبيريّة fonction de discutions argumentée: تسمح للإنسان بالتحدّث بطريقة عقليّة كالتحدّث في مشكلة فلسفيّة أو علميّة.
إنّ ما استعرضناه هنا يؤكد أنّه لا وجود لمناقشة نقديّة من دون تطور وصفي للّغة غير العضويةEx- somatique ، فمع تطوّر اللّغة الوصفيّة أصبح العالم الثّالث ممكنا جدّا وبفضل نموّ الوظائف العليا للّغة
أصبحت الملكات الإنسانيّة أكثر ميلا إلى الحوار النّقدي ومن هنا يظهر دور اللّغة في انبثاق المعرفة العلميّة[16]، حيث يعتبر بوبر اللّغة القاسم المشترك في كلّ عالم[17] سواء كان التّعبير عن الأفكار كتابيّا (رمزيّا)
في طابعه الفيزيائي أو بالتّعبير عنه ذاتيّا Formulation subjective باعتبار أنّ اللّغة أشياء مستعملة Des outils objectifs أكثر من كونها مجرّد أفكار ثقافيّة عارضة Artefact.
إذا اتفقت التطوريّة مع أدواتنا وآلاتنا فإنّ المعرفة الخالصة La connaissance pure تنموا بأسلوب خاصّ فهي تتناول مشكلات تفسيريّة وتكون عكس المعرفة الطبيعيّة التي تهتمّ بوسيلة العيش والبقاء، في حين تسعى المعرفة الخالصة نحو توحيد النّظريات unification des théories ومثّل بوبر لذلك بنظريّة نيوتن التي جمعت بين نظريّة جليلو ونظريّة كبلر الخاصّة بالحركات السماويّة، وهناك أيضا نظريّة أينشتاين التي جمعت
بين قوانين نيوتن وحركة الأشعّة الضوئيّة[18]…. الخ وفي هذا يقول بوبر:» ( يمكن بكلّ سهولة توضيح السّبب في افتراضنا أنّ نظريّة نيوتن هي الأقرب إلى الصّدق من نظريّة كبلر)«[19].
إذن فموضوعات العالم (3) تتجه نحو توحيد النّظريات العلميّة طبقا للمنهج التّطوري La méthode évolutionniste.
III ـ التّموضع المفهومي للمعرفة عند بوبر:
1 ـ المفهوم الموضوعي للمعرفة:
إنّ القضيّة التي أدافع عنها تفترض وجود اتّجاهين في فهم كلمة معرفة أو فكر المعرفة أو الفكر بالمعنى الذّاتي الذي هو حالة من حالات الشّعور أو استعداد للتّصرف أو ردّ الفعل… والمعرفة أو الفكر بالمعنى الموضوعي الذي هو مجموعة مشكلات ونظريّات وحجج نتبنّاها بوصفها كذلك وفي هذا المعنى الموضوعي تكون المعرفة مستقلّة عن تأكيد أيّ شخص يدّعي المعرفة، وهي مستقلّة أيضا عن اعتقاد أيّ شخص كان، أو عن استعداده للقبول أو التّأكيد أو التصرّف، هذا النّوع من البحث يعتبر ملائما للإبستملوجيا حيث يدرس محتواها المعرفي وعلاقاتها المنطقيّة، أي ذلك الذي لا يدرس الإعتقادات كيف لا والمجال الإبستملوجي يقتصر على المواضيع القابلة للنّقد ويقطع كلّ صلة بينه وبين الذّوات[20],
إنّ دراسة الإنتاجيّة (النّظريات)…أهم من دراسة الإنتاج، ودراسة المنتوج أفضل بكثير من دراسة الإنتاج (المعرفة) حتى بالنّسبة لفهم الإنتاج ومناهجه، نستطيع أن نفهم أكثر المنهجيّة وحتّى علم النّفس بدراسة النّظريات والحجج المقدّمة لها وضدّها من أيّ مقاربة سلوكيّة مباشرة سواء كانت نفسيّة أو سوسيولوجيّة[21]،
ومن جهة أخرى فإنّنا عندما نستخدم كلمة “فكرة” Idée بمعنى المحتوى الموضوعي أو المنطقي للنّظريات، فإنّ المعرفة الموضوعيّة تستند عموما على العلاقات المنطقيّة بين الأفكار وهي معرفة خارجة عن ذهن الأفراد[22]، وهي معرفة كوّنتها توقّعات تمّ التّعبير عنها بالحوار النّقدي في الوقت الذي تقف المعرفة الذّاتية على تنظيمات تنبؤيّة، وتقومتقوم المعرفة الموضوعيّة على خاصيتين مهمّتين:
- العالم الثالث نتاج بشري ينفرد بخاصيّة اللّغة التي تسمح بانبثاق الحقيقة العلميّة.
- العالم الثّالث عالم مستقل؛ قسم كبير منه يتكوّن كنوع من العائدات اللاّقصدية sous-produit non intentionnel، حتّى وإن كانت هناك أفعال متبادلة Interaction بين الذّات والعالم الثّالث تساهم في تقدّم المعرفة فإن تقدّم المعرفة هو نوع من الضّوء تسلّطه الابستملوجيا على العمليّات الذّاتية والعقليّة للعلماء.
2 ـ المفهوم الذّاتي للمعرفة:
تدرس التّفكير في إطار المعنى الذّاتي الذي ينتمي إلى العالم الثاني، كما تدرس المعرفة المسموعة La connaissance entendue كاعتقاد إنساني مضمون على وجه الخصوص. تهتمّ المعرفة باعتقاداتنا الذّاتية وأصولها وأسسها (ديكارت، هيوم) ليس لأنّ الكيان التّابع للعالم (3) مرفوض لكن لأنّها تعبيرات رمزيّة أو لسانيّة لحالات عقليّة ذاتيّة أو حالات سلوكيّة للحادث (1)، بينما العالم (2) وسيلة اتصال بمعنى وسائل رمزيّة أو لسانيّة تقوّض لدى الآخرين تنظيمات عقليّة لنشاط متناظر [23]Activités symétriques.
هذه التّصورات الذّاتية تمثّل الابستملوجيا التقليديّة وهي أقرب ما تكون إلى العالم(2) وتضمّ خصوصا المقاربات السلوكيّة النّفسية والإجتماعيّة للمعرفة العلميّة، والمنخرطون في هذا النّوع من المعرفة يسمّون فلاسفة الإعتقاد ومن هنا يعارض بوبر بشدّة أن تقدّم مفاهيمه على شكل بدائل:
أولا: للذين يدّعون أن أيّ مقاربة ذاتية تبرّر على أساس أنّ الكتاب لا يعني شيئا بدون قارئ، وأنّ الكتاب يستمدّ قيمته من كونه مفهوما (عدا ذلك لا يعدو أن يكون مجرّد أوراق ومهام سوداء) وهذا المفهوم يوحي بنوع من المغالطة فالكتاب يظلّ كتابا حتىّ وإن لم يقرأه أحد وحتّى وإن يكن مكتوبا من طرف آلة يبقى يضم معرفة موضوعيّة، يقول بوبر:” عش أيّ طائر يبقى عشّا حتّى ولم يسكنه، حتّى الكتاب يبقى كتابا بوصفه إنتاجا معيّنا حتى إن لم يقرأ”. [24]
ثانيا: يدعم بوبر كيانات وأشياء العالم التي لا يمكن إزالتها من العالم(2) كما يدّعي الذّاتيون subjectivistes، هدم آلاتنا واستعمالاتنا ومعارفنا الذّاتية حول هذه الإستعمالات والآلات تعتبر حجّة المعرفة التي يمتلكها كلّ فرد حول آلاته واستعمالاته، والتي تمثّل ذاكرته في نفس الوقت.
ثالثا: يجادل بوبر الحجّة التي تستطيع بها المقاربة الموضوعيّة Approche objective أن تظهر بأقلّ علميّة باعتبار أنّ المقاربة الذّاتية ترى أنّ المقاربة الموضوعيّة تهتمّ بالتصرّفات الإنسانيّة التي تنطلق من النّتائج، ويبقى للعالم بناء نظريّة تفسيريّة.
عموما الإبستملوجيا الذّاتية Epistémologie subjectiviste وإن كانت لا تدرس المعرفة العلميّة العالم(3)، العالم(2)، الرّابطة بين العالم (1) و(3) بقدر ما تهتمّ بأفعالنا في العالم(1) إلاّ أنّها تعبِّر بوضوح أنّها أفعال مفروضة من العالم (2) استنادا إلى العالم(3) كيف لا ويستحيل فهم الفكر البشري دون العودة إلى العالم (3)
الذي يعتبر عالم الموضوعات، كما أنّه من الصّعب جدّا أن ننظر إلى العالم (3) على أنّه ترجمة بسيطة للعالم (2) والعالم (2) كانعكاس بسيط للعالم (3)، كما أنّ التّقارب الموجود بين العالم الفيزيائي وأحوال العقل المتداخلة
جعل من بوبر واقعيّا؛ من جهة إيمانه بوجود العالم الفيزيائي ومن جهة أخرى اعتقاده أن عالم الكيانات النظريّة عالم واقعي[25].
المقاربة الأخرى التي يرفضها بوبر في المعرفة هي نظريّة المعرفة بالمعنى الشّائع Théorie de l’esprit seau والتي تمّ تأسيسها على القاعدة القائلة: قبل معرفة أيّ شيء عن العالم يجب أن يكون لدينا شعور وخبرات، يبيّن شالمرز Chalmers أنّ الواقعيّة تحتوي على فكرة الحقائق كون أنّ الواقعي Réaliste يريد وضع شروح صحيحة عن حقيقة العالم بما في ذلك كلّ نظريّة تعبّر بدقّة عن مظهر العالم، كما تتميّز الواقعيّة عن الأداتيّة Instrumentalisme بالإضافة إلى كونها تتضمّن مفهوم الواقعيّة بوصف العالم الملاحظ الذي يمكن أن يكون صحيحا أو خاطئا وذلك حسب طريقة التّعبير عنه في حين أنّ التّركيبات النّظرية لا يمكن الحكم عليها بالصّدق أو الكذب، لكن يتمّ الحكم عليها على ضوء استعمالاتنا مادامت آلات Instruments.
يعارض بوبر الأداتيّين والمثاليّين الذين يتصورون الكيانات النّظريّة على أنّها خيال محض وترى في العالم مجرد حلم( نظرة الرّوح )[26]، كما يرفض بوبر التّصورات التي تحاول أن تؤكّد أنّ الشّعور يمكنه أن يتضمّن المادّة الأولى لمعارفنا في العلم لأنّ الملاحظة تلعب دورا كبيرا وقاطعا كونها تصوّر مسبق تسبق المشكل وتقترح أفق من التّنظيمات التنبؤيّة Horizon d’attente.
من هنا نفهم أن بوبر نظر إلى المعرفة من زاوية تطوريّة، إنّ معرفتنا شبيهة بالإنتخاب الطّبيعي للكائنات أي الإنتخاب الطّبيعي بين الفروض والنّظريات، والعلامة الأساسيّة التي تتّصف بها المعرفة عند بوبر هي أنّ العلم غير يقيني وأنّ عالم المعرفة عالم مفتوح دائما لحالات جديدة، فكل الإفتراضات مؤقّتة بل هي ليست سوى حدوس مؤقّتة وعلى هذا فإنّ المعرفة العلميّة هي دائما افتراض ومعرفة حدسيّة، ومنهج العلم هو المنهج النّقدي لإزالة الأخطاء لمصلحة الحقيقة.
من هنا نستنتج أنّ إشكاليّة مشروعيّة المعرفة العلميّة تجد لنفسها صدى وإجابة من خلال محاولتنا الوقوف على قيمة المعرفة العلميّة ذاتها بصفتها:
- معرفة لا تستبعد الخطأ من الحقل المعرفي، وإنّما ترى فيها بدء وانطلاقا نحو تأسيس معرفة جديدة تتمخّض من سابقتها على ضوء حركة ارتداديّة ولا نهائيّة.
- عكس الاصطلاحيين، لا بدّ من عدم التّسليم بالأسس النّهائيّة للمعرفة العلميّة بغية فتح إمكانيات جديدة لاختبار النّظريّات العلميّة، ومن ثمّ تكذيبها وإحلال المعرفة البديلة.
- لا يمكننا تأسيس نظريّة للصّدق وإنّما فقط تأييد النّظريّة بدرجة أكبر.
- تقوم صورة المعرفة العلميّة على ضوء منطق الرّفع الكلاسيكي Modus tollens وليس على صورة استقرائيّة، ونحن نعرف أنّ القضيّة الإستقرائيّة بدورها بحاجة إلى إثبات (كي لا نستخدم مصطلح تبرير).
خاتمة:
نستطيع أن نقول أنّه مادام العلم يمتلك علاقة مباشرة مع الخبرة فإنّ القواعد بدورها على علاقة غير مباشرة بها إذ تؤيّد القواعد استنادا إلى ما توكله الخبرة للنّظام الذي تقوده القواعد المحدّدة للإطار والنّشاط العلمي، هكذا فإنّ القاعدة التي تمّ تحديدها لإعطاء أوصاف حتميّة أيّدها نجاح الفيزياء الكلاسيكيّة والموضوعة قيد الإتّهام كوننا لا ننجح في خلق ميكانيكا الكوانطم بصفة حتميّة، هذا يعني أنّه وإن كانت القواعد غير قابلة سواء للتحقّق أو للتّفنيد فإنّها ليست اعتباطيّة بل هي قابلة للنّقد على حدّ تعبير بوبر، وهذا النّقد يفرض علاقة بالخبرة (غير مباشرة)، ما يهمّ في العلم هو الأخذ بعين الإعتبار أنّه لدينا دائما شأن إزاء التّفسيرات والتنبّؤات والإختبارات، والطّريقة التي من خلالها نختبر الفرضيّات على تنوّعها واختلافها، انطلاقا من الفرضيّة المراد اختبارها فإنّ قانونا عامّا يجعلنا نستنبط تنبّؤا، ثمّ نجابه هذا التنبّؤ متى كان ذلك ممكنا، مع نتائج الملاحظات التّجريبيّة.
- يكمن خطأ الوضعيّة المنطقيّة في إصرارها الشّديد على قضيّة المعنى، وبالتّحديد في إساءة تقدير أهمّية الأفكار النظريّة في الدّعوة إلى المعرفة، نفس الشّيء عندما يتحدّث شليك عن العبارة الأصيلة والعلميّة بوصفها قابلة لتحقيق قاطع فإنّه يعبّر عن قناعة شائعة في زمانه، لذا يردّ بوبر في كتابه منطق الكشف العلمي على ثلاث رهانات علميّة تتمثّل في البحث عن معيار للتمييز بين العبارات العلميّة وغير العلميّة، وإقامة معيار التّكذيب كمبدأ جوهري في نظريّة المعرفة، وكذا عرض المعرفة الإنسانيّة بوصفها نموّا لا نهاية له.
قائمة المراجع:
– يمنى طريف الخولي، فلسفة كارل بوبر منهج العلم…منطق العلم، القاهرة: الهيئة، 1989.
– كارل بوبر، بحثا عن عالم أفضل، تر: أحمد مستجير، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب،1966.
– يمنى طريف الخولي، فلسفة العلم في القرن العشرين، الكويت: مجلة عالم المعرفة، عدد 164، 2001.
– عادل مصطفى، كارل بوبر مائة عام من التنوير ونظرة عقل، بيروت: دار النهضة العربية، 2002.
– كارل بوبر، بحثا عن عالم أفضل.
– محمد محمد قاسم، كارل بوبر نظرية المعرفة في ضوء المنهج العلمي، الفنية للطباعة والنشر، 1986.
– كارل بوبر، بحثا عن عالم أفضل، تر: احمد مستجير، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1966.
– ألان شالمرز ،نظريات العلم، تر: الحسين سحبان وفؤاد الصفا، المغرب: دار توبقال للنشر، ط1، 2000.
– R. Bouveresse, Karl Popper ou le rationalisme critique, Paris : J. vrin, 1986.
– Karl Popper, Objective knowledge, Oxford university’s press, London, 1979.
– Karl Popper, Conjectures et réfutations, la croissance de savoir scientifique, trad : Michelle Irène et Marc b. de Launay, Paris : Payot.
– Karl Popper, conjonctures et réfutations.
– Johsua et Dupin, introduction à la didactique des sciences et des mathématiques, Paris : P.U.F, 1993.
– Karl Popper, La connaissance objective, trad : Jean Jacque Rosat, Paris : Flammarion, 1998.
– Karl Popper, L’univers irrésolu, plaidoyer pour l’indéterminisme, trad : R. Bouveresse, Paris : Hermann, 1994.
–J. F. Malherbe, la philosophie de Karl Popper et le positivisme logique, Paris : P.U.F, 1976.
– Karl Popper, La connaissance objective.
– Bertier and Scardamaia, The handbook of education and human development, oxford: Torrance, 1996, p 485.
– Karl Popper, La connaissance objective.
-Karl R. Popper, L’univers irrésolu, plaidoyer pour l’indéterminisme, trad : R. Bouveresse, Paris : Hermann, 1994.
– Karl Popper, La connaissance objective.
– Karl Popper : L’univers irrésolu, plaidoyer pour l’indéterminisme.
– Karl Popper, La connaissance objective..
– M. Grawitz, Méthode des sciences sociales, Dalloz, 1996.
-Alain Chalmers, qu’est ce que la science ? Paris : la découverte, 1976.
-fabien Blanchot, Commentaire de la présentation du texte de Y. Doz, fédération de recherche sur l’organisation et leur gestion, Volume 2, N : 3, 1999.
– Karl Popper, La connaissance objective..
-Karl Popper, La connaissance objective, p 9O, voir aussi: Chalmers, qu’est ce que la science.
[1] – R. Bouveresse, Karl Popper ou le rationalisme critique, Paris : J. vrin, 1986, p 37.
[2] – Karl Popper, Objective knowledge, Oxford university’s press, London, 1979, p 19.
يمنى طريف الخولي، فلسفة كارل بوبر منهج العلم…منطق العلم، القاهرة: الهيئة المصرية للكتاب، 1989، ص 169-172. -[3]
كارل بوبر، بحثا عن عالم أفضل، تر: أحمد مستجير، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب،1966، ص 15. -[4]
[5] – Karl Popper, Conjectures et réfutations, la croissance de savoir scientifique, trad : Michelle Irène et Marc b. de Launay, Paris: Payot, 1985, p 294.
*هذه العلاقة نتيجة مذهلة؛ بقدر ما يتقدّم العلم بقدر ما تنقص الاحتمالات في النظرية لأنها تتوسع في المحتوى بمعنى أنّها تقيِّد أكثر فأكثر مجال الممكنات، ويمكن ترجمة هذا منطقيًا: كلما اقتربت نظرية من الحقيقة بقدر ما توافقت مع الأحداث و تخلّصت من حقل الممكنات وبقدر ما اقتربت احتمالاتها من الصفر، ويمكن أن نشير إلى علاقة محتوى القضية م ق(أ) >م ق(أب) < م ق(ب) ودرجة احتمال القضية المركبة ح(أ) < ح(ب) > ح(ب). ويمكن التعبير عنه لغويا:
نمو المعرفة ¬ صياغة نظريات ذات مستوى أرفع ¬ نقص الإحتمالات.
[6] – Karl Popper, conjonctures et réfutations, p 83.
[7] – Ibid, p 248.
يمنى طريف الخولي، فلسفة العلم في القرن العشرين، الكويت: مجلة عالم المعرفة، عدد 164، 2001، ص372. -[8]
[9] -Johsua et Dupin, introduction à la didactique des sciences et des mathématiques, Paris : P.U.F, 1993, p 85.
[10]– Karl Popper, La connaissance objective, trad : Jean Jacque Rosat, Paris: flammarion,1998, p 207.
[11]– Karl Popper, L’univers irrésolu, plaidoyer pour l’indéterminisme, trad : R. Bouveresse, Paris : Hermann, 1994, p 94.
[12] – J. F. Malherbe, la philosophie de Karl Popper et le positivisme logique, Paris : P.U.F, 1976, p 227.
[13] – Bertier and Scardamaia, The handbook of education and human development, oxford: Torrance, 1996, p 485.
* الفلوجستيقا مبدأ استعملته الكيمياء في القرن 18م، وهو المتحكم في عملية الاحتراق.
[14] -Karl R. Popper, L’univers irrésolu, plaidoyer pour l’indéterminisme, trad : R. Bouveresse, Paris : Hermann, 1994, p 97.
[15] -Karl Popper, La connaissance objective, p 198.
[16] -Karl Popper : L’univers irrésolu, plaidoyer pour l’indéterminisme, p 129.
[17] -Karl Popper, La connaissance objective, p 250.
[18] – محمد محمد قاسم، كارل بوبر نظرية المعرفة في ضوء المنهج العلمي، الفنية للطباعة والنشر، 1986، ص 333، 335.
[19] – كارل بوبر، بحثا عن عالم أفضل، تر: احمد مستجير، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1966، ص 101
[20]– ألان شالمرز ،نظريات العلم، تر: الحسين سحبان وفؤاد الصفا، المغرب: دار توبقال للنشر، ط1، 2000، ص 157.
[21] – M. Grawitz, Méthode des sciences sociales, Dalloz, 1996, p 372.
[22]– Alain Chalmers, qu’est ce que la science ? Paris: la découverte, 1976, p 188.
[23] – fabien Blanchot, Commentaire de la présentation du texte de Y. Doz, fédération de recherche sur l’organisation et leur gestion, Volume 2, N : 3, 1999, p 195.
[24] – Karl Popper, La connaissance objective, Op Cité, p 128.
[25] -Ibid, p 475, 476.
[26] – Karl Popper, La connaissance objective, p 9O, voir aussi : Chalmers, p 238.