
فاعلية الصورة في بناء التعلُّمات ودورها في تنمية مهارات اللغة العربية للناطقين بغيرها
دراسة في ضوء نظرية الترميز الثنائي
ذ.عبدالرزاق الفراوزي/جامعة محمد الخامس،المغرب
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الإنسانية والاجتماعية العدد 34 ص43 .
ملخص:هَدَفْنا في هذه المقالة إلى بيان أهمية التدريس بمدخل الصورة في النظام الصفيّ المدرسي، ووظيفتها في بناء التعلمات، ودورها في تنمية المهارات اللغوية للطلبة غير الناطقين باللغة العربية، منطلقنا في ذلك أعمال الأمريكي جيروم برونر Jerome Brunerالذي أشار إلى أنّ عدداً من الدراسات أظهرت”أنّ النّاس يتذكرون 10٪ فقط مما يسمعونه و30٪ فقط مما يقرؤونه، في حين يصل ما يتذكرونه من بين ما يرونه أو ما يقومون به إلى 80٪“[1].
وقد اتخذت المقالة نظرية الترميز الثنائي لصاحبها آلان بايفيو Allan Paivio– وهي نظرية تندرج ضمن نظريات علم النفس المعرفي- إطاراً تنظيرياً لمعالجة هذا الموضوع ومناقشته.
الكلمات المفتاحية: الصورة، المهارات اللغوية، نظرية الترميز الثنائي.
تقـــــــــديم:
تشغل الصورة اليوم حيزا مهمّاً في مناهج التربية والتعليم، حيث أصبحت تحتل مساحة واسعة بجانب النص-المكتوب أو المسموع-الذي أضحى مرهوناً بالعون الذي تقدمه هذه الصورة في إنجاح عملية التعليم والتعلم، وتحقيق الأهداف المتوخاة سواء على مستوى بناء التعلمات أم على مستوى اكتساب المهارات أم على مستوى تنمية طرق التفكير والفهم، فالصورة بهذا المعنى”إحدى دعامات أي نظام تعليمي“[2]ينشد الجودة ويتوخى المردودية، لأنها تلعب دوراً أساسياً في تنشيط عمليات الانتباه والإدراك والتذكر والفهم ومعالجة المعلومات والتخيل…الخ، وبما أن”لغة التعليم هي مختارات توافق بين اللغة اللفظية الفونيمية الشكلية واللغة البصرية الحسية الحاصلة عن المشاهدة، فهذا يؤكد بما لا يدع مجالا للريبة على أنّه من الضروري أن يكون الاهتمام بها–أي بتكنولوجيا الصورة- محاكيا للأهمية التي تحظى بها اللغة الشكلية من تنظيم وتأسيس، ذلك لأن الصورة يمكنها أن تقوم بدور رئيس في توجيه الرسالة التعليمية وتنظيم الشبكة المعرفية، بحيث يغدو التعليم والتعلم مهارتين فاعلتين وظيفتين داخل الحقل التربوي”[3]،وتزداد هذه الأهمية أكثر، حين يتعلق الأمر بتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، لاعتبارات كثيرة منها عظم المشروع وأهميته في نشر اللغة العربية ومن خلاله الثقافة العربية والإسلامية، الأمر الذي يتطلب مجهودات مضاعفة على مستوى اختيار المناهج والبرامج والطرائق والبيداغوجيات وغيرها، ونظرا لفاعلية الصورة في بناء التعلمات ودورها في تنمية المهارات اللغوية، واعتبارا لطاقتها الدلالية وكثافة رمزيتها ودورها البيداغوجي. وقدرتها على تقريب المفاهيم وتوضيح المستغلق منه، اتخذناها موضوعا لهذه الورقة.
أهمية المقالة:
تكمن أهمية هذه المقالة في كونها تتناول موضوعاً خصبا يتعلق بتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من خلال مدخل الصورة، هذا المدخل الذي تم تغييبه أو التعامل معه باعتباره أمراً ثانوياً زائداً عن الحاجة، أو ليس له كبير الأهمية في تنمية مهارات اللغة ومهارات التفكير والإبداع.ولعل إطلالة سريعة في الكتب المدرسية الموجهة للطلبة غير الناطقين بالعربية يمكنها أن توضح ذلك، ففي كتاب “علمني العربية” سلسلة في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها الذي يضم أربعة أجزاء لصاحبته مرشدة رزوق نقف على جزء من هذه الحقيقة، وإن حاولت صاحبة الكتاب أن تزاوج في تعليم المهارات اللغوية بين المدخل اللفظي والصورة، غير أن متابعة بسيطة لمحاور هذه السلسلة جعلتنا نقف عند جملة من الملاحظات، نذكر منها أن الصورة تم توظيفها بشكل ثانوي كمكمل لفهم اللفظة أو العبارة، كما أن بعض الصور لا تتوافق مع مضمون الكلمة أو على الأقل تحتمل كلمات أخرى، أما كتاب تدريس مهارات اللغة العربية للناطقين بغيرها من تأليف محمود كامل الناقة ورشدي أحمد طعيمة وهو كتاب من إصدارات الإيسيسكو لفائدة المستوى المتقدم، وهو كتاب يدرس نصوصا تراثية وحقوقية وبيئية وثقافية متبوعة بتدريبات في الفهم والمعجم والنحو والصرف والإملاء والبلاغة…، خالية تماما من الصورة، بحيث لم يتم توظيف الصورة في هذه التدريبات بشكل مطلق.
إشكالية المقالة وأسئلتها الفرعية:
- كيف يمكننا استثمار الثراء الدلالي للصورة في بناء التعلمات وتنمية المهارات اللغوية للناطقين بغير العربية؟
وتتفرع عن هذه الإشكالية جملة من التساؤلات:
- ماذا نقصد بالصورة عموما والصورة التعليمية خصوصا؟
- كيف فسرت النظريات التعليمية عملية الإدراك البصري؟
- ما هو الدور الذي تلعبه الصورة التعليمية في تطوير الحصيلة اللغوية لدى الطالب؟ وكيف تسهم في تنمية تفكيره؟
- ما وظائف الصورة التربوية والديداكتيكية ؟
- ما المواصفات والخصائص التي ينبغي أن تتوفر عليها الصورة التعليمية لأداء وظيفتها التعليمية والتكوينية؟
- ما الاستراتيجيات التي يجب اتباعها في تنمية المهارات اللغوية من خلال توظيف الصورة؟
التعريفات الإجرائية:
- مفهوم الصورة
اتخذ مضمون الصورة في المعاجم دلالات متنوعة، جاء في مقاييس اللغة:”الصاد والواو والراء كلمات كثيرة متباينة الأصول…ويجيء قياسه تَصَوَّرَ، لما ضُرِبَ، كأنّه مال وسقط. فهذا هو المنقاس، وسوى ذلك فكلّ كلمة منفردة بنفسها.من ذلك الصّورة صورة كلّ مخلوق، والجمع صور، وهي هيئة خلقته”[4].وتحدث ابن منظور عن الصورة بقوله:“تصورت الشيء توهمت صورته فتصور لي، والتصاوير: التماثيل…قال ابن الأثير الصورة ترد في كلام العرب على ظاهرها، وعلى معنى حقيقة الشيء وهيئته، وعلى معنى صفته، يقال: صورة الفعل كذا وكذا أي هيئته، وصورة الأمر كذا وكذا أي صفته”[5].
أما على المستوى الاصطلاحي، فليس من السهل تحديد تعريف موحد لمفهوم الصورة، ويرجع الأمر في ذلك إلى طبيعة الخلفيات المعرفية والدينية والنظرية التي تستند عليها كل مقاربة في تعريف الصورة. فهي”موضوع مشترك بين علم النفس المعرفي، والفلسفة، والمنطق، وعلم اجتماع المعرفة، وأنثروبولوجيا الثقافة، والنقد الأدبي، وعديد من العلوم الإنسانية والاجتماعية، هي العالم المتوسط بين الواقع والفكر، بين الحس والعقل، فالإنسان لا يعيش وسط عالم من الأشياء أو الأعداد، بل وسط عالم من الصور، تحدد رؤيته للعالم، وطبيعة علاقاته الاجتماعية، وإنّ الحوار الذي يتم بين طرفين إنّما يتم بين صورة كل طرف في ذهن الآخر،[6]وبسبب هذا التداخل المفهومي، تعددت تعاريف الصورة بحسب الحقل المعرفي الذي يتناوله، فهي في الحقل السيميـولوجــي وسيلة لإدراك العلامات غير اللفظية وتعرف دلالاتها وأبعادها الرمزية والتربوية والتعليمية وغيرها من الأبعاد، وفي المجال السيكولوجــي تعد فاعلية ذهنية تعمل على إحضار جملة من الخصائص وصفات موضوع ما في الذهن، بكيفية يدركه بها وينظمه ويتصوره جهاز عقلي بشري”[7] .
وفي المجال التعليمـــــي تعد الصورة وسيطا يتم من خلاله تحقيق وظائف تربوية وتعليمية متعددة كالوصف والتفسير والشرح والتحليل والبرهنة والتقويم واستدماج القيم…فهي ذلك:”الكل الفني المكتمل– الذي يشمل الجانب الحسي والعقلي والمعرفي والإبداعي”[8]، لذلك تعدّ من أهم الدعامات الديداكتيكية التي تضفي طابع الواقعية على الدرس، وتساعد في تنمية المهارات اللغوية وتنمية التفكير. ويعرفها فيرث بأنّها:” العامل الرئيسي المشترك في معظم العروض الضوئية والمباشرة في التعليم،وأنّها عصب العروض الضوئية بصفة خاصة، إذ أنّ غالبية أجهزة العرض الضوئي تعرض الصورة التعليمية فيما عدا النادر منها”[9]،لذلك أصبحت الصورة تحتل مكانة هامة في ميدان تدريس اللغات،”حيث توظف كترجمة للملفوظ أو للإشارة إلى سياق التواصل، أو كمرجع للعلامة اللغوية…ويشترط فيها أن تكون واضحة المعالم محدودة المعلومات،مرتبطة بمادة الدرس، ذات جمالية، مساحتها مناسبة للمشاهد”[10]،وهذه المكانة تتوافق مع خلاصات جملة من الدراسات في مجال علم النفس التربوي وفي مجال علوم الدماغ التي توصلت إلى أن توظيف الصورة في عملية التعليم والتعلم أمر له أهميته، فهي من المثيرات التي تعمل على الوصل بين ذاكرة المتعلم والمادة المعروضة أمامه، وتجعل المتعلم يركز انتباهه على التفصيلات الدقيقة للمادة التعليمية مما يعد بمثابة ترميز مزدوج للمادة في ذاكرة المتعلم،الأمر الذي يسهل عملية تخزين المعلومات وربطها واسترجاعها.
المهــارات اللغويــة:
تحتل المهارات اللغوية مكانة مهمة في برامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها؛ حيث ييسر إتقان هذه المهارات للمتعلمين فرص التواصل والحصول على المعارف والمعلومات، وفهمها، وتقديمها عند الاتصال بمجتمع اللغة، ويعرّف علماء اللغة المهارة “بأنّها نشاط عضوي، إرادي مرتبط باليد أو اللسان، أو العين، أو الأذن”[11]،ومنه نتحدث عن أربع مهارات (الاستماع ،الكلام ،القراءة، الكتابة). ولما كان لكل علم أهدافه، فإن هذه المهارات الأربع تمثل الأهداف الأساسية في برامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، فتعلم أي لغة من اللغات، سواء كانت اللغة الأم أم لغة أجنبية، إنما هدفه هو أن يكتسب المتعلم القدرة على سماع اللغة، والتعرف على إطارها الصوتي الخاص بها، وتمييز بناءها الصرفي، والوقوف على بنيتها التركيبية، ويهدف كذلك إلى الحديث بها بطريقة سليمة تحقق له القدرة على التعبير عن مقاصده، والتواصل مع الآخرين، والقدرة يكون على قراءتها و كتابتها.
- مهــارة الاستمــــاع:
تعد مهارة الاستماع أوّل صعوبة تعترض الطلبة غير الناطقين بالعربية، تتجلى صعوبته من خلال انتقال الطالب من المحيط الصوتي المألوف عنده، الناتج من خصائص لغته سواء أكان ذلك في صفات أصواتها ومخارجها؛ أم في الطابع الخاص بنبرتها وتنغيمها، إلى محيط صوتي آخر له خصائص مختلفة بشكل من الأشكال، لذلك كانت مهمة المدرس الأساسية هي تقريب الطالب ومصاحبته عن طريق تقديم اللغة التي يراد تعليمها في إطارها الصوتي، بحيث يجعله يستمع إلى هذه اللغة بصورة مكثفة عن طريق اختيار نصوص وكلمات وصور دقيقة ومعبّرة، تحقق له حسن الولوج إلى هذه اللغة، وتُعوِّده على سماعها للاستئناس بها، وتعد هذه المهارة من المهارات المهمة التي يجب بذل الجهد في تعليمها لضمان نجاح العملية التعليمية – التعلمية. ويقصد بمهارة الاستماع الإنصات المركز الواعي والفهم والتفسير…، وقد فرَّق محمد بونجمة بين السمع والاستماع،”فالسمع عملية فيزيولوجية فطرية تولد مع الإنسان تتجسد في أنشطة حسية جسدية تقوم فيها الروابط السمعية بنقل المعلومات إلى المخ عن طريق الأذن، أما الاستماع فمهارة تكتسب بالدربة والمراس تروم عملية التفسير والفهم واقتباس معنى ما من المسموع”[12]، وقد قسمها محمد مكسي[13]منهجياً إلى قسمين:
- مهارات عامة: لابد من وجودها في كل استماع أو إنصات أو إصغاء، وذكر من هذه المهارات: القدرة على تتبع الحدث بتركيز وانتباه، القدرة على إدراك معاني التراكيب والتعابير اللغوية، القدرة على الالتزام بأخلاقيات الاستماع.
- مهارات نوعية خاصة، منها القدرة على استماع مايقال لتعلم اللغة، القدرة على الاستماع لتعلم القراءة، والقدرة على الاستماع لربط المسموع بالخبرات السابقة…
- مهــــارة الكلام:
الكلام من المهارات الأساسية التي يسعى الطالب إلى إتقانها، وهي الأساس في التعامل بين الدارس والمتمدرس، والكلام مهارة إنتاجية، تتطلب القدرة على استعمال أصوات اللغة بصورة صحيحة، والتمكن من الصيغ الصرفية ونظام تركيب الكلمات، وفي الأخير القدرة على حسن صياغة اللغة في إطارها الاجتماعي.إن الغرض من الكلام هو نقل المعنى لتسهيل التواصل وتلبية الأغراض، وتعد الصورة التعليمية وسيلة ديداكتيكية ومدخلا مناسباً يتعلم من خلالها الطالب الكلام عن طريق ملاحظة الصورة وإدراكها في كليتها، وربطها بالكلمة المفردة والعبارة المناسبة التي يجب توظيفها بشكل نسقي لخدمة مهارة الكلام. وصولا إلى مرحلة التعبير، والانطلاق في حوارات شفوية موجهة تخدم تنمية المهارة وتطويرها.
ج– مهــــارة القراءة:
القراءة عملية عقلية انفعالية تشمل تفسير الرموز والرسوم التي يتلقاها القارئ عن طريق عينيه، وفهم المعاني، وتتطلب الربط بين الخبرة السابقة وهذه المعاني، والاستنتاج والنقد، والحكم، والتذوّق وحل المشكلات“[14]، ولإكساب الطلبة غير الناطقين باللغة العربية مهارة القراءة التي أكد عليها مفهوم القراءة، يتم ربط المجرد بالحسي باستخدام الصور سواء كانت ثابتة أم متحركة، حيث يُدرّب الطالب على مهارة التعرف على الأشياء ، فيتقدم من مرحلة النظر إلى الصور إلى تعلّم الإشارة، ومن ثم تسمية الأشياء المألوفة له في الصور إلى الأشياء غير المألوفة.فالصورة تجسّد المفهوم وتشخّص المعنى وتجعل المجرد محسوس والمحسوس أكثر حسّية، فكيفما كانت طبيعة الصورة المعتمدة في تنمية المهارة( فوتوغرافية- إشهارية- تشكيلية- مطبوع- رقمية…) فوظيفتها تيسير التعلم وتقريب المفاهيم وتوضيحها.
ومن المهارات القرائية التي ينبغي تنميتها وإكسابها للطلبة:
- القدرة على ترجمة الصورة إلى مفردات لغوية؛
- القدرة على نطق الكلمات المرتبطة بالصورة نطقا سليما؛
- القدرة على التمييز بين الأصوات اللغوية المتشابهة؛
- القدرة على احترام علامات الوقف؛
- القدرة على ربط المسموع بالمنطوق، وربط المشاهد بالمقروء؛ وفهم المقروء.
د- مهـــارة الكتابة.
“الكتابة في اللغة هي الجمع والشد والتنظيم، وفي الاصطلاح أداء منظم ومحكم يعبر به الإنسان عن أفكاره ومشاعره المحبوسة في نفسه، وتكون دليلا على وجهة نظره، وسببا في حكم الناس عليه”[15]، وهي إحدى مهارات اللغة العربية، وهي عبارة عن عملية عقلية أدائية تمكن الطالب من تحويل الصور الذهنية إلى رموز خطية، يعرفها حسن عبد الباري، بقوله:” الكتابة عملية معقدة، في ذاتها كفاءة أو قدرة على تصور الأفكار وتصويرها في حروف وكلمات وتراكيب صحيحة نحوا، وفي أساليب متنوعة المدى والعمق والطلاقة مع عرض تلك الأفكار في وضوح ومعالجتها في تتابع “[16].
نظرية الترميز الثنائي: Dual-coding theory
هي نظرية حول الذاكرة طويلة المدى وضع أسسها آلان بايفيو Allan Paivioتنطلق من فكرة مفادها أن المعلومات يجري تمثلها في الذاكرة من خلال نظامين منفصلين لكنهما مترابطان ومتكاملان. هذان النظامان هما: النظام اللفظي والنظام غير اللفظي(الصور العقلية)، وعليه، تم تقسيم الذاكرة إلى قسمين: ذاكرة لفظية وذاكرة بصرية، الأولى لتمثيل المعلومات اللفظية(اللغوية)، والثانية لتمثيل المعلومات غير اللفظية. ويؤدي ترميز المعلومات في الذاكرتين إلى تذكرها بصورة أسرع وأفضل، ذلك أنّه عندما نقدّم للمتعلم رمزا له شكل وله اسم فإنّه يسجّل في ذاكرته بطريقتين إحداهما للاسم الذي تنطبق عليه مواصفات اللغة اللفظة(منطوق، مسموع، مكتوب أو مقروء)، والثانية للشكل الذي تنطبق عليه خصائص اللغة غير اللفظية (المساحة، اللون، البعد، الملمس…).كما أنّ النسقين اللفظي وغير اللفظي يحدث بينهما ترابط يضمن استبقاء المعلومات في ذهن المتعلم فترة أطول، وتذهب كثير من الدراسات في مجال الذاكرة والتذكر إلى أنّ الإنسان يمتلك ذاكرة مرتبطة بالصورة أقوى من الذاكرة اللفظية،وتؤكد هذه النظرية على ضرورة ربط الملفوظ بالصورة، ذلك أنّ المعلومات التي تكون مهمة يتم ترميزها على نحو لفظي وصوري في الوقت نفسه.
لقد قامت نظرية الترميز الثنائي“على فروض أن الكلمات العيانية التي تستثير الصور العقلية تكون أسهل في تعلّمها من الكلمات التي لا تفعل ذلك، وتفسر هذه النظرية هذه السهولة في التعلم بافتراضها أن الكلمة العيانية التي تشير أكثر من غيرها إلى أشياء واقعية محددة يتم تمثيلها من خلال الصور والمعاني اللفظية، وذلك لأنّها تتكون من شكل خاص، ولون خاص، وملمس خاص، ورائحة خاصة…،كما أنّ لها اسما خاصا يطلق عليها. ولذلك تدخل مثل هذه الكلمات كلاً من نظام الذاكرة الخاص بالصور والنظام الخاص بالكلمات، هذا بينما توضع الكلمات المجردة في النظام اللفظي فقط، وذلك لأنه لا توجد لها إحالات واقعية قوية، كما هي الحال في الكلمات الخاصة بالأشياء الواقعية أو العيانية، هذه الثنائية في التمثيل والتخزين في الذاكرة تجعل هناك ثنائية في الوسائل التي يمكن من خلالها استدعاء الكلمات العيانية، ومن تم تكون الذاكرة أفضل بالنسبة لهذه الكلمات”[17].وبناء على فروض هذه النظرية واستنتاجاتها،ومن منطلق اعتبارها مداخل علمية في فهم الذاكرة الإنسانية، والوقوف على كيفية التذكر دعا خبراء التربية والمهتمين بالشأن التعليمي إلى المزاوجة بين الكلمة والصورة في مختلف المستويات التعليمية.
مرجعية النظرية على مستوى علوم الدماغ:
استلهمت نظرية الترميز الثنائي أسسها من الدراسات التي أجريت على الدماغ، وبالأخص دراسات روجر سبيري Roger Sperry وزملائه الذين قاموا “بإجراء مجموعة من العمليات الجراحية جعلت من دراسة كل من نصفي الدماغ أمرا ممكنا وتوصل من خلال قطع الجسم الجاسي والذي يتألف من 380 مليون ليف عصبي وهو الذي يصل النصفين مع بعضهما عن طريق تلك الألياف الرابطة مما أثبت أن الفرق الوظيفي بين نصفي الدماغ حقيقة ماثلة وهذه الحقيقة تمنح الدماغ مرونة وقدرة ،إن كلا النصفين يستقبلان المعلومات نفسها وعندما يقدم الباحثون معلومات لأحد نصفي الدماغ فإن ذلك يمكنهم من التعرف الفروق بين وظائف نصفي الدماغ كل على حدة، ونتيجة لهذا الاكتشاف منح سبيري جائزة نوبل عام 1981 فقد بين أن الجنب الأيمن للدماغ يتم فيه تجميع الأجزاء لتخليق الكليات فهو تركيبي يعالج المعلومات بالتوازي أو بشكل متزامن فيبحث عن الأنماط وينشئها ويتعرف على العلاقات بين الأجزاء المنفصلة، وهو أكثر ما يكون فاعلا في الأمور ذات الطبيعة البصرية والمكانية كما في الرسم وصنع الصور والموسيقى… أما النصف الأيسر يتميز بأنه تحليلي ويختص بمعالجة المعلومات من خلال ربط الأجزاء بالكل بشكل خطي تتابعي، وهذا أكثر ما يكون فاعلية في معالجة المعلومات اللفظية وترميز اللغة وفك رموزها وكل ما يتصل بالكلمات والأرقام والأجزاء والأمور التتابعية الخطية …وأشار سبيري الى أن الدراسات والبحوث التي تتعلق بالفروق الوظيفية بين جانبي الدماغ ذات أهمية كبيرة في مجال التعليم”[18].
الدراسات السابقة:
تناول كثير من الدارسين موضوع الصورة بالتمحيص والتنقيب سواء في مجال اللسانيات أم في مجال السيميولوجيا أم في مجال البلاغة أم في مجال الإعلام…إلى غير ذلك من التخصصات، إلا أن موضوع الصورة في تعليم اللغة وتعلمها من المواضيع التي لم تأخذ حقها من الدرس والبحث، ويتمظهر ذلك بشكل جلي حين يتعلق بتدريس اللغة العربية للطلبة الناطقين بغير اللغة العربية، ونستحضر هنا بعض الدراسات التي تناولت موضوع الصورة في ميدان التربية والتعليم :
-دراسة جمس وآخرين Jamsen،K .W&Lewis،R .R .&Haclcroad (1997) حيث تمت الإشارة إلى وجود وظائف متعددة للرسوم والصور في الكتب المدرسية تسهم في تحقيق فهم واستيعاب المعلومات .
– دراسة براون وآخر Brown،J . W.&Molstad ،J . A (1999) تم الحديث عن أهمية الصورة، فالصورة المختارة بعناية والمستخدمة بكفاءة تساعد المتعلم على فهم المحتوى اللفظي. كما أنّ استخدام الصور والرسوم الخطية في التعلم له تأثير أقوى في مساعدة التلاميذ على التعلم .
– دراسة شلنت Shallent، D. L (1999 )، دراسة ميدانية تمت الإشارة فيها إلى أن معظم الصور والرسوم المستخدمة في نصوص الكتب المدرسية تؤدي دوراً إيجابياً في التعلّم من خلال النص علىى مستوى التذكر والفهم .
– دراسة عوني الفاعوري وإيناس أبو عوس بعنوان:”أثر استخدام الصورة في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في الجامعة الأردنية”وهي دراسة ميدانية أجريت على مجموعة من الطلبة غير الناطقين بالعربية في المعهد الدولي في الجامعة الأردنية بيّنا فيها أثر استخدام الصورة على تعليم اللغة ودورها في فهم المفردات والعبارات، كما أظهرت نتائج هذه الدراسة حسب أصحابها القدرة على فهم النص ومضمونه وتعرف مفرداته وعباراته وجمله وفهمها في سياقها الواقعي بطريقة أفضل وأسرع من الطلبة الذين درسوا النص مجردا من الصور.
– “فاعلية استراتيجية تدريسية مقترحة قائمة على استخدام الصور في تنمية المفردات لدى متعلمي العربية الناطقين بغيرها”للباحثة ناهد سالم علي سالم، من جامعة القاهرة، وهي رسالة مقدمة للحصول على درجة الماجستير، انطلقت الباحثة من فكرة وجود ضعف لدى كثير من متعلمي اللغة العربية الناطقين بغيرها مرجعة ذلك إلى عدة عوامل، ورأت في توظيف الصورة أسلوبا سيسهم في تنمية المفردات في مجال تعليم اللغات الأجنبية، إذ يتيح استخدام الصور للمعلم تدريس المهارات وتوضيح معاني الكلمات.
– الصورة في النظريات النفسية والتربوية الحديثة :
لقد نتج عن التقارب البحثي بين علماء النفس المعرفي وعلماء الدماغ في الآونة الأخيرة، تصورا واضحا في مجال التعرف على الإنسان وكيفية تعلمه، وآليات اكتساب المعرفة وتخزين المعلومة، وقد استحضر هذا التقارب الصورة باعتبار أهميتها في ميدان الفهم والإدراك والتذكر والاستيعاب والتخزين…، لذلك لم يعد ينظر إليها على أنها وسيلة ثانوية، بل أصبحت وسيطا لا مناص منه في العملية التعليمية التعلمية، وتعد نظريات علم النفس المعرفي ذات سبق خاص في هذا المجال. فبرغم تباين هذه النظريات في طريقة تفسيرها للعمليات العقلية التي تحدث في الدماغ، بحيث نجد مثلا النظرية الجشطالتية تهتم بدراسة الإدراك الحسي وعمليات التنظيم المعرفي، ونلفي بياجي J. Piaget في نظرية النمو المعرفي يهتم بدراسة التغيرات النوعية والكمية التي تطرأ على العمليات المعرفية والإدراكية…، بيد أنّها جميعا تشترك في تأكيدها على أهمية العمليات المعرفية، ودورها في تحديد أنماط السلوك الإنساني الذي يصدر عن الإنسان.
إنّ الصورة عند بياجيه عملية عقلية مرتبطة بنشاطات ذهنية، وهذا التصور هو ما يميز الاتجاه المعرفي عموما عن باقي الاتجاهات النفسية الأخرى في تصورها للإدراك الإنساني، أما النظرية الجشطالتية Gestaltفيرى منظروها أن العالم والصور يفرضان بنياتهما على الذات الناظرة المتأملة، والذات تدرك الشكل في إطاره الكلي والشمولي ولا تنظر إلى الصورة من مجموع أجزائها.وقد قدم الجشطالتيون بعض القوانين لإدراك الصور منها البساطة والانتظام والكلية، وهذه القوانين مهمة جدا في انتقاء الصور خاصة لأهداف بيداغوجية وديداكتيكية،وبدوره تحدث برونر Bruner عن الطرق والأساليب التي يتمثل بها الصغار والكبار الواقع وحصرها في ثلاثة أشكال:
– النشاط العملي.
– النشاط التصوري.
– النشاط الرمزي.
وتحدث في النشاط التصويري عن نمط التعلم الأيقوني أو التصويري الذي يقوم على استخدام الصور في اكتساب المفاهيم، وأشار إلى أن التصوير بقدر ما هو مهم للصغار فهو مفيد للكبار ممن يدرسون المهارات، وقد لقيت هذه الأعمال رواجا كبيرا في الساحة التربوية والتعليمية، وقد أظهرت نتائج دراسات Pivio1971 – Bowor1972 أنّ الأفراد عندما يطلب منهم تشكيل صورة ذهنية للمفردات التي تعرض عليهم، ويطلب منهم الاحتفاظ بها في الذاكرة، فإنّ عملية استرجاع المفردات تكون سهلة وسريعة على نحو دراماتيكي، وتعتمد سرعة تذكرها على الوسائل والأساليب التي يستخدمها الأفراد في التخيل”[19].
دور الصورة في بناء التعلمات وتطوير المهارات اللغوية ووظائفها.
إن استعمال الصورة بوصفها وسيطا في تعليم مهارات اللغة العربية للطلبة غير الناطقين بالعربية أصبح ضرورة لا تمليها الحاجة فحسب، بل لأن العصر الذي نعيشه هو عصرها بلا منازع، إذ يمكن الاستفادة منها في التخطيط للمهارة المقصودة، وفي تحقيق الكفايات المطلوبة، وتنفيذها، وتقويمها، وتحديد مدى استيعاب الطلبة لها، وتكتسي الصورة أهمية بيداغوجية كبرى لكونها تمثل لغة عالمية تتحدى اختلاف اللغات، وتضفي طابع الواقعية على الدرس، وتدفع الطلبة إلى تركيز الملاحظة، فتسمح لهم بإنجاز مهارات عقلية كالتحليل والتركيب والتفكيك والتقويم .ويشير خبراء التربية والتعليم إلى أنّ للصورة وظيفة فعالة، فهي الرابطة بين الرمز اللفظي والمعجم ومتصوره، فهي تساعد الطالب على تحصيل المعرفة واكتساب المهارات اللغوية، ويحدد فيرث قيمتها[20] في كونها :
- تقدم الحقائق العلمية في صورة بصرية؛
- تمنح المتعلم بعدا للمقارنة بين الأبعاد والمسافات والأشكال والحجوم؛
- تعين بشكل فعال المتعلم على التفكير الاستنتاجي.
ويشير خبراء التربية والتعليم إلى أنّ للصورة وظيفة فعالة، فهي الرابطة بين الرمز اللفظي والمعجم ومتصوره، فهي تساعد المتعلم على تحصيل المعرفة واكتساب المهارات اللغوية، وقد حدد لها تارديTardy في كتابه”الوظيفة السيميائية للصور”-انطلاقا من تحليل دور الصورة ضمن إطار تعليمية الألسن- أربع وظائف[21]:
- الوظيفة النفسية للتحفيز: إن الدور التحفيزي مهم بالنسبة للعملية التعليمية عامة، وفي مجالات التعليم اللساني، تكون المواد أحوج إلى عنصر التحفيز النفسي.
-الوظيفة التوضيحية: لما كان فعل التمثل البصري للصورة الدعامة ذا صلة وطيدة بالمعلومة اللغوية أو الموضوع المعين، فإنّ الوظيفة التوضيحية، تقترن في الغالب بإعطاء نظرة عامة وشمولية عن النص المرجع، الذي يعد مدارا لمجموع الأهداف اللغوية المقصودة بالنسبة للإطار التعليمي للألسن، حيث يمكن للمفردات المفقودة دلاليا عند التلميذ، أن تتحول إلى مجموعة من التخمينات المعرفية، كما يمكن للتفاصيل الأيقونية لمشهد الصورة، سواء تعلق الأمر بالصورة النصية أو الصورة المفرداتية، أن تحول المعاني والدلالات المجردة إلى صور ذهنية.
-الوظيفة التحريضية: حيث تقوم باستثارة الحس التعليمي عند التلميذ، فالصورة التعليمية للغة قبل أن تحكي للطفل واقعة بصرية، فهي تستحثه على تحويل مجموع الوقائع البصرية إلى وقائع سردية لسانية.
-الوظيفة البين سيميائية للغة: تؤدي الصورة بوصفها دعامة تعليمية للغة، دور العابر للغات، كونها قادرة على خلق رابط بين النسق اللساني للغة الأم، والنسق اللساني المستهدف من وراء العملية التعليمية، وذلك ضمن وضع سيميائي يقوم على المحاكاة، أو المماثلة، أو التقريب،وغيرها.
وهذه الوظائف تتوافق مع معطيات علم النفس المعرفي، كما تتناسب بشكل كبير مع نظرية الترميز الثنائي، وعليه، يمكننا أن نجملها في الآتي:
–وظيفة استكشافية: اعتبار الصورة وسيلة استكشاف للفعل التعلمي في إطار وضعية استكشافية- وضعية انطلاق-، يستطيع من خلالها المتعلم الانطلاق من تمثلاته لاكتساب المعارف والخبرات وتحقيق الفهم وتعديل الاتجاهات؛
-وظيفة إخبارية: بحيث تهتم بنقل المعلومات والخبرات في إطار تفاعلي، فهي وسيلة هامة في نقل الثقافة والتراث الحضاري بين الشعوب؛
-وظيفة تنظيمية: تقوم بدور تنظيم المعلومات وتوجيهها، وحصر المفيد منها، المسهم في تنمية المهارة المطلوبة؛ ويتم ذلك من خلال مناقشة الصورة(أو الصور المعطاة) في إطار مجموعة عمل أو بشكل فردي؛ثم بيان الفرق بين الصورة وحقيقة ما تمثله من رموز مجردة.
-وظيفة تقويمية: بحيث يتم توظيفها لتقويم المكتسبات، والوقوف على مدى تحقق الكفايات التعليمية وما يرتبط بها من مهارات، وما يترتب عليها من أداءات وسلوكات.
وتتحقق فاعلية الصورة عند تحويلها إلى منظومة لغوية مرتبطة بمحيط المتعلم، وتشكل جزء محوريا لاكتساب المهارة اللغوية، بحيث تساعد على:
- جذب انتباه المتعلمين، وتشكل دعما حسيا للكلام المجرد.
- تنمية مهارة القراءة البصرية لدى المتعلم.
- تنمية مهارة الاستماع.
- ترسيخ بعض القيم الإيجابية في عقل ووجدان المتعلم.
- تحفيزه أكثر مما تقوم به العلامات اللفظية.
- تنمية القدرة على الملاحظة والوصف والتفسير بإيجاد العلاقة بين مكونات الصورة، والقدرة على التعبير بتحويل معطياتها إلى عبارات مكتوبة ومقروءة.
خصائص الصورة التعليمية وإجراءات تقديمها.
إنّ تعليم العربية بتوظيف مدخل الصورة توظيفاً منهجياً بإمكانه أن يتيح لمتعلمي اللغة العربية إمكانات هائلة، توجهه نحو تعليم متعدد المصادر، متنوع الآليات، يتميز بالجاذبية والمرونة والفاعلية، مستمد أسسه من النظريات التربوية والنفسية الحديثة، وبإمكان التدريس بالصورة أيضا أن يدعم استيعاب المفردات والنصوص استيعابا كاملا، يحد من السلطة المعرفية لهذه النصوص المكتوبة.
ويتطلب تعليم المهارات اللغوية للطلبة غير الناطقين بالعربية جملة من الإجراءات أثناء توظيف الصورة التي يجب أن تتميز بالبساطة والألفة “فالأشياء التي تمتاز عادة بالبساطة وقلة التفاصيل يتم استرجاع صورها الذهنية على نحو أسرع وأسهل من صور الأشياء التي تتميز بالتعقيد وكثرة التفاصيل أو تلك الغامضة غير الواضحة”[22]. ومن هذه الخصائص والمواصفات، نذكر:
- أن تكون الصورة واضحة المعالم بعيدة عن التعقيد،وأن تتميز بالصدق في التعبير عن الواقع؛
- أن ترتبط بالموقف التعليمي والمهارة المراد تعلمها ؛ وتثير لدى الطالب الدافعية والاهتمام؛
- أن تستحضر ثقافة المتعلم وبيئته؛
- أن تراعي طبيعة المحتوى في بعده الزماني والمكاني؛
- أن تستحضر البعد الجمالي والفني؛
- أن يكون موقعها مناسبا، وأن تكون مساحتها مناسبة في الحيز الذي تشغله؛
أما إجراءات التدريس بالصورة، فنحصرها فيما يلي:
– التمهيد لقراءة الصورة لإثارة انتباه الطلاب؛
– عرض الصورة على الطلاب، مع احترام مواصفاتها من حيث البساطة والوضوح والمساحة…؛
– التعبير عن الصورة سواء بمفردات أم بعبارات؛
– مناقشة وتعليقات حول الصورة في إطار مجموعة عمل أو بشكل فردي؛ثم بيان الفرق بين الصورة وحقيقة ما تمثله من رموز مجردة؛
على سبيل الختم:
من خلال ما تقدم نستطيع أن نؤكد أن الصورة من أهم أدوات تعليم اللغة وتعلمها بالنسبة للناطقين باللغة العربية أو لغير الناطقين بها، وقد دلت التجارب العلمية في هذا المجال إلى أنّ التدريس الصفي بتوظيف مدخل الصورة بجميع أنواعها الثابتة والمتحركة يسهم في تنمية المهارات اللغوية، ويساعد في تكوين الانطباعات، ويدفع إلى طرح التساؤلات، وفتح آفاق واسعة أمام ملكات الإبداع، إذا تم توظيفها بالشكل المناسب. فالصورة تشكل إلى جانب المفردة-كما وقفنا على ذلك من خلال نظرية الترميز الثنائي- مدخلا مهما لتطوير التعليم، فوظيفتها المتميزة بالثراء المعنوي تجعلها تتفوق حتى على اللفظة، وكما يقول دوبري: ليس بإمكاننا أن نُقَوِّلَ نصّاً كل ما نرغب في قوله، أمّا الصّورة فنعم”[23].غير أن هذا لا يعني إلغاء التعلم بالمدخل اللغوي فهما متكاملان يخدم بعضهما البعض، وفي هذا الباب يقول عبد الله غدامي:” إن ثقافة الصورة لن تزيح ثقافة الكتابة من الوجود، ولكن الذي سيحدث هو تجاور قوي بين صيغ ثقافية متعددة…وإن بدت الصورة أكثر قوة وأبلغ مفعولية وأوسع انتشارا، إلا أنّ الثقافة الكتابية ستظل موجودة وفاعلة ولن تنقرض لا كصيغة ولا كنسق فكري خطابي…ولكن الصورة حتما ستكون هي العلامة الثقافية وستكون هي مصدر الاستقبال والتأويل ولسوف يجري تغيير جدري في الذهنية البشرية تبعا لذلك”[24] .
قائمة المــــراجـــع:
- أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام محمد هارون، الجزء الثالث، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
- ابن منظور، لسان العرب، دار المعارف، القاهرة.
- أحمد فؤاد عليان: المهارات اللغوية ماهيتها وطرق تدريسها، دار السلم للنشر والتوزيع، الرياض، 1992.
- حسن حنفي، عالم الأشياء أم عالم الصور؟مجلة فصول ، عدد 62.
- حسن عبد الباري، الاتجاهات الحديثة لتدريس اللغة العربية في المرحلتين الإعدادية والثانوية، الإسكندرية، المكتب العربي الحديث للطباعة والنشر، 1994.
- رافع النصير الزغول، عماد عبد الرحيم الزغول، علم النفس المعرفي، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الأردن.
- ريجيس دوبري: حياة الصورة وموتها، ترجمة فريد الزاهي، افريقيا الشرق، 2002.
- شاكر عبد الحميد،عصر الصورة- السلبيات والايجابيات، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، العدد311، 2005.
- عبد العظيم عبد السلام الفرجاني: تكنولوجيا إنتاج المواد التعليمية، دار غرب للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 2002.
- عبد الكريم غريب وآخرون، معجم علوم التربية، منشورات عالم التربية، سلسلة 9-10 ، ط3، 2001.
- عبد الله غدامي، الثقافة التلفزيونية، -سقوط النخبة وبروز الشعبي-المركز الثقافي العربي، المغرب ط1، 2004.
- عبد المجيد سيد أحمد منصور، علم اللغة النفسي، دار العلوم للكتاب، دمشق، سورية، 1989.
- غيورغي غاتشف: الوعي والفن- دراسات في تاريخ الصورة الفنية، ترجمة نوفل نيوف، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، فبراير1990، العدد146.
- محمد مكسي منهاج الكفايات والمهارات، دراسات تربوية،TOP EDITIONط1، 2006.
- محمد بونجمة، تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها- مهارة الاستماع نموذجا – مطبعة آنفو، فاس، ط1، 2013.
- شبكة جامعة بابل، موقع الكلية، نظام التعليم الالكتروني، كلية التربية الأساسية.
- شفيقة العلوي: تكنولوجيا الصورة واستخدامها في التعليم(الكتروني).
- -مجلة البلاغة والنقد الأدبي، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، العدد الأول، 2014.
– Tardy.M . 1975. La fonction sémantique des images. Etudes Linguistiques appliquée.16.19
Paris Klincksieck
[1] – شاكر عبد الحميد، عصر الصورة، عالم المعرفة، العدد311، ص6.
[2] – عبد العظيم عبد السلام الفرجاني: تكنولوجيا إنتاج المواد التعليمية، دار غرب للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 2002،ص 39.
[3] – شفيقة العلوي: تكنولوجيا الصورة واستخدامها في التعليم(الكتروني).
[4] – أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام محمد هارون، الجزء الثالث، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، باب الصاد والواو وما يثلثهما، ص 319- 320.
[5] – ابن منظور لسان العرب، دار المعارف، القاهرة، ص2523،
[6] – حسن حنفي، عالم الأشياء أم عالم الصور؟مجلة فصول ، عدد 62، ص27-28.
[7] – (أحمد أوزي 1988) نقلا عن عبد الكريم غريب وآخرون، معجم علوم التربية، منشورات عالم التربية، سلسلة 9-10 ، ط3، 2001، ص163 .
[8] – غيورغي غاتشف: الوعي والفن- دراسات في تاريخ الصورة الفنية، ترجمة نوفل نيوف، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، فبراير1990، العدد146،ص11.
[9] – عبد العظيم عبد السلام الفرجاني: تكنولوجيا إنتاج المواد التعليمية، دار غرب للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 2002، ص 91.
[10] – نقلا عن عبد الكريم غريب وآخرون، معجم علوم التربية، منشورات عالم التربية، سلسلة 9-10 ، ط3، 2001، ص163.
[11] – محمد مكسي،منهاج الكفايات والمهارات، TOP EDITION، ط1، 2006 ص41.
[12] – محمد بونجمة، تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها- مهارة الاستماع نموذجا – مطبعة آنفو، فاس، ط1، 2013، ص7.
[13] – انظر محمد مكسي منهاج الكفايات والمهارات، دراسات تربوية،TOP EDITION ط1، 2006، ص42.
[14] – محمد مكسي، منهاج الكفايات والمهارات، ص47.
[15] – أحمد فؤاد عليان: المهارات اللغوية ماهيتها وطرق تدريسها، دار السلم للنشر والتوزيع، الرياض، 1992ص156.
[16] – عصر، حسن عبد الباري، الاتجاهات الحديثة لتدريس اللغة العربية في المرحلتين الإعدادية والثانوية، الإسكندرية، المكتب العربي الحديث للطباعة والنشر، 1994، ص248.
[17] – شاكر عبد الحميد،عصر الصورة- السلبيات والايجابيات، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، العدد311، 2005، ص146.
[18] – شبكة جامعة بابل، موقع الكلية، نظام التعليم الالكتروني، كلية التربية الأساسية.
[19] – رافع النصير الزغول، عماد عبد الرحيم الزغول، علم النفس المعرفي، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الأردن. ص 198.
[20] – عبد المجيد سيد أحمد منصور، علم اللغة النفسي، دار العلوم للكتاب، دمشق، سورية، 1989،ص 46.
[21] – Tardy .M .La fonction sémantique des images.1975 ; pp19-43
نقلا عن عبد القادر فهيم شيباني:” الأبعاد المعرفية للدعامة الأيقونية، بحث حول فاعلية الصورة في تعليمية اللغة”، ضمن مجلة ” البلاغة والنقد الأدبي”، العدد الأول، 2014.
[22] – Schunk 1991 ، نقلا عن رافع النصير الزغول، عماد عبد الرحيم الزغول ، علم النفس المعرفي ص65.
[23] – ريجيس دوبري: حياة الصورة وموتها، ترجمة فريد الزاهي، افريقيا الشرق، 2002، ص45.
[24] – عبد الله غدامي، الثقافة التلفزيونية- سقوط النخبة وبروز الشعبي- المركز الثقافي العربي، المغرب ط1، 2004،ص9-10.