مقال نشر بالعدد الأول من مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية ، ص 189 للاستاذة طاهير حورية والأستاذ محمدي محمد
كلية الآداب واللغات والعلوم الاجتماعية والإنسانية جامعة سعيدة، للاطلاع على كل العدد اضغط على لوجو المجلة:

الملخص:
يتناول هذا المقال بالتحليل مكون السخرية والتوتر في كتابات القاص السعيد بوطاجين.
تنبني هذه الدراسة على تساؤلات منهجية تتمثل في: ما قيمة حضور السخرية والتوتر في الكتابات القصصية؟ وما أبعادها في الكتابات الأدبية ؟ فالسخرية والتوتر يقدمان ما نريد قوله من أحكام ونقد وأفكار مقنعة بأسلوب غير مباشر ومقنع.
الكلمات المفتاحية: السخرية. التوتر. القصة. التلقي. القارئ. الجمالية.
Résumé
Cette contribution traite analytiquement les composantes de l’ironie et de la provocation dans les récits du conteur Said Boutadjine. Nous nous sommes posés plusieurs questionnements méthodologiques : quelle valeur donne-t-on à la présence prééminente dans les contes ? quelles sont les perspectives d’un tel procédé ?
L’ironie et la provocation nous servent de moyen afin de « dire » indirectement, de façon persuasive, ce que nous pensons vraiment
Les mots clés : L’ironie, la provocation, le conte, la réception, le lecteur, l’esthétique
تمهيد:
تتميز الكتابة القصصية للقاص الجزائري السعيد بوطاجين بالتفرد واكتناز المتن القصصي لظواهر جمالية تنتظر المتلقي الكفء لتمثلها وتحسن مساربها. والمتصفّح للمجموعات القصصية للقاص يلاحظ سمة التوتّر بادية عبر فضاءاتها السّردية. ولأنّ تلك الفضاءات تستفزّ القارئ فقد حاولنا تبيّن ما يكون خلف ذلك الاستفزاز. بهذا كانت محاولة القراءة هذه مستمدّة من أسس نظرية جمالية التلقي.
– فضاء التوتّـر اللغّوي:
اخترنا هذا العنوان لنحصر فيه ما وقعنا عليه من الفضاءات اللغوية الداعية للتوتّّر والمساهمة في استفزاز القارئ. هي بؤر لغوية تستوقف القارئ بتميّزها. نقول بتميّزها باعتبار أنّ القارئ يملك ترتيباً لغوياً معيّناً اصطُلح عليه مسبقاً. فإذا اختلّ ذلك الترتيب فإنّ القارئ يتوتّر ويستغرق زمنا ليرتِّب أفكاره، ويعي مكانه من عملية القراءة ثم إنّ هناك علاقة تعاقد ضمنية بين الكاتب والقارئ يمتلك الثّاني خلالها توّقعات محددّة حول العمل العالق بينهما- العمل الأدبي-.و ليس الأديب إلاّ معبراً عن أفكاره عن طريق اللغة، كون اللّغة «أصوات يعبرّ بها كل قوم عن أغراضهم »[1] فليعبَّر أديبنا عن أفكاره استعمل اللغة، وأدارها بطريقة خاصّة هادفاً إلى التواصل مع الآخرين- القرّاء – لأنّ اللغة هي «كل وسيلة للاّتصال بين الكائنات الحية »[1] لدينا إذن محاولة التواصل قائمة، وتجسيد ذلك التواصل يتمّ عند ما نقرأ أعمال الأديب، وها نحن نقرؤها، فكيف وجدنا أداة التواصل عنده؟ ما السّمات الطاغية على تلك اللغة؟…
اللغة في الغالب نظام اصطلح عليه، ولكلّ نظام نسج معين، فإذا اختلفت طريقة حبك ذلك النسج فإنّ المتلقي يقلق لذلك، وإذا خرجت التعبيرات اللغوية عن المعتاد فإنّ الملتقي يلمس ذلك، ويبحث له عن تصنيفٍ، وجدت هذا الأمر عند قراءتي للمجموعات القصصية التي بين أيدينا، فهناك مقاطع لغوية متميزة أغلبها يُحدث توتّرا وقلقا لقارئها، لأنها تحوي خروجا ملحوظا عن سنن التعيير المعتاد، وتأتي بما لا يتوقعه القارئ وعندما يصطدم نظر القارئ وعقله بما لم يتوقعه، فإنّه يتوتّر ويضطرب فكره لحظة القراءة.
وقد صنّفنا تلك الفضاءات اللغوية الموتِّرة حسب تقاربها فخرجنا بالآتي:
أ- الوصف الخاص للمدينة :
وظّف القاصُّ مصطلحَ ” المدينة ” في ثنايا قصصه، وقد كان توظيفا مميّزا ليس كالذي اعتاده الملتقي، وليس ما يتوقّـعه. فالمدينة في قصصه لم توصف بموقعها، أو باسمها، أو ما تشتهر به.. يقول عنها: «مدينة العميان»[1] في حَكْيه لقصة ” الوسواس الخناس “، حتما ليس القصدُ أنّ قاطنيها فاقـدو البصر، بل القصد مـن ذلك عائـد إلى أنّـهم يقبعون تحت ظلمات كبيرة؛ تحت الفقر، والظـلم، والعري، والبؤس. إنهم جـيل كما قال عنه: معطوب بالوراثة، ومسكين بالوراثة، ومتّهم بالوراثة. فهم يسيرون في تلك المدينة من فوقهم البرد ومن تحتهم البرد وفي أيديهم قلوبهم. ومدينتهم كما قال عنها بطل القصة “عبد الوالو” نعش فسيح مسترخية على ظهرها مثل عروس في حفلٍ أبديٍّ. ويقول عنها في مقام آخر: « مدينة الأبواق والسفلة »[1]. وهذا في قصة ” مذكّرات الحائط القديم”. إضافةٌ المدينة لها ما يبرِّرها عندما نتمعّن متن القصة. فالبطل معها يُبحِر في ذاكرته مسترجعا أيّامَ الصغر، يتصفّح أهم الأحداث فيلخصها في خيانة صديقه له. وخروجه من جهة العدو. لذا كانت تلك المدينة مدينةَ الأبواق والسفلة. هي التي جرّدته ممّا يملك، رُمِيَ خارجَها رفقة كُتبِه وفراشٍ ووسادةٍ وشمعة.
وهي عنده في رؤية أخرى ” بلدة بني عريان ” حزينة الأرصفة، مليئة بالكآبة والمذلّة. تغزوها الحرب الأهلية التي قرّرها الملك وحاشيته يهدفون من خلالها إلى منع الرعية عن شيئين: البحث والضحك. وقد كان البحث عن ” كنز سرِّيّ ” أعلن بطل القصة وجودَه فمنعت الدولةُ الرعيّةَ من البحث عنه:« هل فهمتم؟ تفرّقوا. لا يحقّ لأيٍّ كان مهما كانت صفته التنقيبَ هنا. الكنزُ ملك للدولة ومن حقّها اتّخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب. أكدّ الدولة بصرامة.»[1] يحيلنا هذا المقطع إلى الوقوف على ذلك التشدّد والتسلّط القائم في كثير من الدول، فالرّعيةُ تبقى محكومةً بالبطش والقوّة. أمَّا الدولةُ فليست كيانا من أفرادٍ بل هي فردٌ واحدٌ يحكم كما يشاء، لذا قال: أكّد الدولةُ. وقال:«كان الدولة بدينًا منتشراً في أرض الله »[1].
ويشتدّ “خطاب المدينة ” في مقاطعَ أخرى، ليعبِّر عن أفكار القاصِّ المزدحمة بالصوّر والمكتظة بالأحداث المأساوية والسيّئة التي تعيشها أغلب المدن، فينزع وشاح التلميح عن خطاباته ليبقى التصريح وحده، فنجد عندئذ تعابير مقلقة مستفّزة جاذبة لانتباه القارئ. وأغلبها ينمّ عن دلالات اجتماعية تشكّل واقع الناس، وهذا باعتبار أنّ اللغة « دليل عن الواقع الاجتماعي »[1]. يقول عن المدينة:« متعبٌ منّي ومن المدن اللقيطة … أصبحت أخجل من رؤيتي في الشوارع المخبولة. شوارع الهمّ والغمّ والدّمّ. شوارعهم المتربصة براحتي »[1]. كان هذا الوصف في قصة ” ظل الروح ” التي ملخّصها سردُ أحداث محزنة عاشتها إحدى العائلات، حيث رُحِّلت من ديارها نحو المجهول، لتلتقي في الطريق بحاجز أقامه ملثّمون لا هوية ثابتة لهم، من هنا أطلق صفة ” اللقيطة ” على المدن، ونحن نعرف أنّ اللقيط هو فاقد الهوية والنسب، وهذا ما كانت عليه تلك الحواجز، جميعها متشابهة، يربط بينها الدمّ والهمّ، يقول بطل القصة: « وكان علينا أن نهرب من الضيعة. كانت الأخبار تقول إنّ الجماعة خطّطت لمحوكم الليلة. أيّة جماعة ؟ أيّة فصيلة ؟ الحمر أم الزرق أم الخضر أم الحمر أم من ؟ »[1].
هذه هي المدن اللقيطة، اسمها موتّرٌ، ويقلَق القارئ أكثر ويتوتّر عندما يتابع الأحداث فيجدها نابعة من الواقع الذي عاشه مدّة معينة، فيزداد التوتر لديه ويتساءل : كيف تسنّى لهذا القاص أنْ يفضح ” المدينة ” بهذه الدرجة؟.
ونجد في فضاء قصصي آخر أنموذجا جديدا للمدينة، إنّها « المدينة المفتوحة مثل القبر، مدينة مسوّسة تدير ظهرها للشّمس وتحلم بركوب حافلة الغد الأفضل التي تمرّ أمام مقلتيها المطبقتـين، وثمّة في جهة ما يسطع نور خاص، وفي أسفلها يخاف الخوف »[1]. إنها المدينة التي عاد إليها السيّد “وحيد” بطل قصة ” أزهار الملح ” عاد من الغربة محمّلا بالشهادات، حالماً بالفرح فما وجد غير الحزن والتسكّع والملاحقات، لذا رأى المدينة قبراً، يغزوها الظلام والرطوبة لأنها أدارت ظهرها للشّمس، وغاصت في حلم البحث عن غدٍ أفضل مغمضة العينين، فما رأت طريق الغد أبداً، وما سكنها إلا الخوف.
ويزداد توتّر القارئ أكثر عندما يطابق حديثُ القاصِّ واقعَه، ويطرحه دون ستر. يصف أنموذجا آخر من المدن، يقول :« … كان يبدو له بمثابة عدوّ حقيقيّ ما فتئ يلاحقه خفية. يُرغمه على كبت طاقاته وجنونه وسماع أحاديث الأقارب وهم محلّقون حول نار قارسات الليالي. حكايا قزحية عن أخبار الدشرة ونزوح الناس إلى المدن الدافئة حيث يقطن العار ومشتقاته، بأبنائهم وبناتهم يعبث. يوصلهم إلى الفسق والإلحاد وإنكار تعاليم الأجداد والأولياء الصالحين »[1].
إنّـه تصريح نابع من الواقع يـجعل القارئَ ينفعل ويجنح أثناء حالة التلقي إلى التماهي مع الكاتب، يتصوّر أنّ هذا الذي يودّ قوله أو علاجه فعلاً، غير أنّه، ولسبب يعجز عن إثباته، لم يقوَ على ذلك.
هذا عن لغة القاصّ الخاصة بـ ” المدينة ” والتي أدّت إلى انفعال القارئ وتوتّره لأنّه على صلة دائمة مع هذا ” الكيان “، وربما لم يقف بفكره كثيرا عنده، فعندما يجد ذلك التصريح ينفعل معه.
ب- اضطراب الأزمنـة:
نبقى دائما مع التعابير اللغوية الخاصّة بالقاص، والتي يألفها المتلقي مع توغّله في ثنايا القصص، غير أنّ تلك الألفة لا تمنع بقاء توتّره قائما خصوصا عندما يجد خروجا عن الأنظمة اللغوية المعتادة، ومن ذلك ما ألفيناه لدى بوطاجين من اضطراب الأزمنة، وهو أمر مقصود عنده، ومن نماذجه قوله:«إنّ السلطان طبّق سياسة التقشّف في السنة القادمة ولهذا منع الضحك، وقد أعلنت الصحف في السنة القادمة أيضا أنّه سيقضي على عنصر الألم، وأنّ علماءه يكدّون لتطوير دواء يجعل المواطنين صالحين جدّاً. في العام الماضي إن شاء الله سيصبحون في حجم الأرانب»[1].
نلاحظ عدم التطابق بين الأفعال والظروف الزمنية. فالفعل ” أعلنت ” زمنه الماضي وعبارة ” في السنة القادمة ” تدلّ على الاستقبال، ولعلّ هذا يراد منه التهكّم. حيث أنّ فحوى الإعلان القضاء على عنصر الألم الذي تعيشه الرعيّة. وقد تمّ إعلان ذلك في الماضي، ومن خلال عبارة ” في السنة القادمة ” نفهم أنّ فحوى الإعلان مجرّد تسويف ووعود عالقة لا غير.
ويقول في قصة ” جمعة شاعر محلي”: « قل لي ماذا كتبت في الأيام القادمة ؟ – كتبت سماءً ووطناً عربياً بذيل وأذنين طويلتين »[1]. نجد هنا أيضا ذلك الاضطراب في الزمن، غير أنّنا نستشعر أنّه مقصود، فكأنّي بالقاص هنا يشير بكتابته لكلمة ” سماء ” أنّ بحث الشاعر العربيّ عن سماء تحيط بأرض له سيكون مستمرّاً في الأيّام القادمة. وبكتابته لوطن عربيّ بذيل وأذنين طويلتين أنّ واقع العرب سيزداد سوءً مع الأيّام القادمة، إلى أن يصل درجة سيئة بشعة يصبح فيها حيوانا.
ومن واقع آخر مليء بالتناقضات والصراع، وفقدان الذات وسط ذلك يقذف السعيد بوطاجين إلى مرأى ومسمع المتلقي مقطعا قصصيّا يُكسِّر به النّظام الزمني، ويستفزّ القارئ من خلاله، قائلاً: «في الأسابيع الماضية ستظلّ جيوبي محفوفة بالصدى وأبي لهب وأبي عطب وأبي نهب وأبي هرب ومشتقاتهم، كما حدث في الشّهور الآتية تماما»[1].
إنّها التقنية نفسها التي يكسِّر من خلالها نظام الزمن، ويخلق طريقة خاصة في التعبير، يقدّم من خلالها وصفا دقيقا لأبرز الأمراض الاجتماعية بأسلوبٍ تهكميٍّ ساخرٍ، حيث يعبِّر عن إفلاسه – ومن خلاله يعبرِّ عن حال أغلب النّاس- بأنّ جيوبه محفوفةٌ بالصدى وهذا دليل على أنّ الشعور بحرارة النّقود منعدم عنده. أمّا ” أبو لهب ” فيقصد به ارتفاع تكاليف الحياة والتهاب الأسعار. و ” أبو عطب ” إشارة إلى أمراض الرشوة والتسلّط باستخدام النفوذ والمحسوبية التي تحول دون أداء الخدمات على الوجه المطلوب. وكل هذه تصيب الإنسان العادي بالعطب. و” أبو نهب ” يقصد به معاناة أفراد المجتمع من أعمال المختلسين، والذين يسرقون كدّهم وجهدهم تحت رداء القانون. وقد عبر عن التخلّص من المسؤوليات والهرب بأموال الدولة بـ ” أبي هرب “. وهذه العبارات كلّها موتّرة، ومفاجئة بسبب ما يثيره صاحبها من حقائق تصدمنا، « لم نتعود على مصارحة أنفسنا بها، حقائق لو تعرف طريقها إلى حياتنا اليومية، وتتجذر في سلوكاتنا، ومعامـلاتنا، التي تعد عناصر مكونة لحركيتنا الاجتماعية لكان لحياتنا ” معنـى ” وقيمة حضارية تفي بالغرض المطلوب للحياة »[1].
نلاحظ من خلال المزاوجة بين الزمن الماضي والمستقبل في سياق واحد، ورغم أنّه يوتّر القارئ إلا أنّ بعض التريّث يجعل هذا الأخير يقف على بعض الدلالة؛ فلعلّ القصد هنا هو أنّ القاص يدرك أنّ أنموذجه البشري الموظّف في القصة لا يقوى على التغيير رغم أنّه يعترف بسوء واقعه. ويعاني من ذلك السوء، يعجز عن فرض الواقع الذي تحمله أفكاره فيكتفي بالعبثية ونقد يومياته. ثم يعبّر عن حاله بزمنين لا يلتقيان ليقول ضمنيا أنّ هذه الحال كانت ماضيا وستستمر مستقبلاً. ونلمس خلال هذا اليأس الذي يلفّ الشخصيات المحرّكة من قبل ذهن القاص في ثنايا قصصه. وربما ما ذاك اليأس إلا من ذاك الذهن. ولا يتوقف الامتداد عند الشخصيات، بل يتعدى إلى المتلقي. فالقارئ – وبحكم الانتماء – يتحسس القصد جيّداً ويهضمه ليخرجه قلقا وتوتّراً.
ج- شخصية ” الحمـار ” الموتِّرة :
نجد تعابير أخرى تساهم في تركيز نسبة الانفعال والتوتّر لدى القارئ، وهي تعابير تلتقي كلّها في أنّها تمسّ أحد المخلوقات، وبالتحديد أحد الحيوانات، وبتحديد أدق ” الحمار “.
نلاحظ حضورا مميّزا لهذا الحيوان في أعمال السعيد بوطاجين، فهو يكنّ له احتراما كبيرا وعطفا ملموسا: « إذ طالما تعاطفت مع الحمار نتيجة عينيه الوديعتين كحلقتين من الكرز المطمئن »[1]. قال هذا عنه على لسان صبي أدار أحداث قصة ” مذكرات الحائط القديم ” كان هذا الصبي قد سأل عن أمر ” الحمار ” عندما أخبرته جدّته بأنّ جدّه قال عن فراخ الطيور:« إنها تروح للحج والعهدة على القائل، الرتيلاء كذلك، الحَمام، السنونو »[1]. فأجابته الجدة بأنّ الحمار يذهب إلى السوق. وساءه الأمر لإحساسه الخاص اتّجاه الحمار.
ويقول في مقام آخر من قصة ” تفاحة للسيّد البوهيمي “:« …فماذا لو نهضت من نوم عملاق ووجدت نفسي بأذنين طويلتين وأربع قوائم ؟ جحشا مهذّبا يرعى في التلال…»[1]. ويقول أيضا:«… أعجبت كثيرا بذلك النعت الذي ألقاه في وجهك: يا حمار! – شكرا على المجاملة اللطيفة، أجبته »[1].
إنّه تقدير وحبٌّ متميِّز لهذا الحيوان، إلى درجة الدفاع عنه بفكر الصبي، والرغبة في أن يكون هو نفسه حماراً، بفكر الرّاشد، وعدم الإحراج أو الغضب عندما ينعت بلقب ” حمار ” أيضا. وإنّنا نجد إعلان الانسلاخ عن جنس البشر، والانضمام إلى فصيلة الحمير لدى الكثيرين أيضا، منهم – مثلا – الشاعر ” خاشع محسن الرواي ” الذي يقول:
« إنّ الحمير لأولى *** بأن تُـعـزّ وتكـرمْ
فليتني كنت منها *** كـيما أفوز وأغنـمْ
وليت عقلي يفنى *** وليـت حِسِّي يعـدمْ
وليت أنِّي أصـمُ *** وليـت أنِّـي أبكـمْ
عساي أحيا سعيدا *** مثـل الحمار ابن حنتَمْ
فلا أحس فأشكـو *** ولا أغـار فأُظلــمْ
ولا أذادُ وأُقصـى *** عن النعيـم فأُحـرمْ.»[1]
وبنبرة واثقة، حريصة على ما يقول الفكر، يرفع الحمار إلى مستوى الجمال، فيقول على لسان صبيٍّ في قصة ” من فضائح عبد الجيب”: « وها هو حمارنا العبقري، مغنّي البلدة الذي كان ينهق نهيقا موزونا ومقفّى كلّما رأى مسؤولا يتفقّد التماثيل والإنجازات الوهمية، وكان جدّي يقول لي دائما: إذا نهق الحمار فقد رأى منكراً، وظللت أردّد في مخيّلتي: صدق الحمار ولو كذب. ومع الوقت أحببت النّهيق ورحت أقلِّد معزوفة هذا الحيوان الأنيق، لكنّي لم أفلح …»[1].إنها درجة شديدة القوة تلك التي يصل إليها مؤشّر الانفعال والتوتّر، قولٌ لا يصادفه المتلقي دائما. إنّه مدعاة للتعجّب والانفعال والإعجاب معاً. حمار هذا الصبيّ هو نفسه حمار السعيد بوطاجين، صفته العبقرية، ونهيقه غناء جميل موزون، وعبقريته تكمن في أنّه يميّز أولئك المسؤولين الذين لا يهتمّون بالجوهر، بل يلاحقون المظاهر الهامشية يتفقدون الإنجازات الوهميّة فيأخذ الحمار في النهيق نهيقا فنيّا، وفي هذا سخرية وبُعدٌ واقعيٌّ أيضا. إذ ما يصمت عليه البشر من إساءة ومنكر من الحكّام يغنّي له الحمار عسى أن يتفطّن البشر… غير أنّ الواقع أنّهم جاثمون في غياهب الصمت والكتمان فلا يستطيعون مجاراة الحمار في فضحه لأفعال المسؤولين.
يُحمِّل بوطاجين هذا الحيوان الأفكار التي عجز الإنسان عن حملها، نتيجة الخوف أو التواطؤ. فيقول عنه في زاوية أخرى من قصة ” حكاية ذئب كان سويا “:« أمّا حمار البلدة الذي لا تخفاه خافية فقد نكس أذنيه ولم يقل شيئا. أعلنها حدادا أبديا إلى أن توفي بسكتة قلبية لما استيقظت الـحرب من جديد معلنة العصيان العام وكراهية كل شيء … »[1].
حدث هذا لحمار البلدة بعد أن طُرِد بطل القصة “عبد الله” من العمل نتيجة غيابه يومين. وكان سبب الغياب هو تشييع جنازة أبيه الذي ذُبح، وأمّه التي ماتت من فرط القنوط. وعى الحمار ذلك الظلم، لأنّه الحيوان الذي يعلم كلّ ما يدور بالبلدة كونه كثير التجوال بها والانتقال، فما كان منه إلّا الصمت حزنا إلى أنْ أصيب بسكتة قلبية فمات وحرب العصيان والكراهية قائمة. إنها الحرب التي تردّ على الظلم، ولعلّ صمت حمار البلدة كان إعلانا على أن لا ردّ على الظلم إلا بالثورة والمواجهة.
تقدير هذا الحيوان من قبل بوطاجين لم يأت به قلمه فقط، بل إنّه نابع من فكر واع يقرّ بذلك، فقد أَطْلَعَنا القاصُّ في حوارٍ معه عن تقديره لهذا المخلوق ورغبته في إنشاء جمعية يسميها ” جمعية الحمير”. استغربنا الأمر في البداية، لكنّه أوضح أنّ هذه الفكرة قد تأتي بالكثير لأنّ الهدف منها خيريّ كون أنّ الحمار حيوان هادئ، يعمل دون مقابل، ويتلقى الإهانة ولا يردّها إلا بالإحسان، ويقوم بالأعمال الجليلة…. فلماذا لا نؤسس جمعية متكونة من نخبة لهم هذا الفكر، يسعون للخدمة دون مقابل، يعرضون أمراض المجتمع ويحاولون علاجها، يخدمون الوطن بفكرهم كلٌّ في تخصّصه.
إنّ الأمر يستدعي الاهتمام، لذا تساءلنا عمّا إذا وُجدت أفكارٌ كهذه قبلاً، فوجدنا أنّ الفكرة عميقة وشائعة أوساط النُخب، ومن ذلك إنشاء ” جمعية الحمير المصرية ” عام 1932 على يد رائد المسرح المصري والعربي ” زكى طليمات ” وقد كان أبرز أعضائها: « نخبة من كبار الكتّاب والصحافيين والفنانين والمفكّرين، فكان من بين أعضائها: طه حسين، عباس محمود العقاد، توفيق الـحكيم.وغيرهم من أساتذة الجامعات والأطباء ومشاهير المجتمع »[1].
والشيء ذاته وُجد عند عددٍ من الشعراء والأدباء الشّباب في اليمن والكويت وسوريا وعديد من الدول العربية، حيث شُكِّلت منظمات باسم ” جمعية الحمير”.
كما أنّ الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الأمريكية يتّخذ من الحمار شعاراً له، وفيها أيضا جمعية للحمير أسّسها الرئيس السّابق ” هاري ترومان “. وفي فرنسا كان ” فرانسوا ميتران “يرأس جمعية الحمير الفرنسية بعد فترة رئاسته[1].
فاستعمال تلك التعبيرات اللّغوية الخاصّة بذِكر ” الحمار ” يستفزّ القارئ في البدء ويوتّره. غير أنّ محاولة فهم أبعاد الأقوال أو الأفعال المنسوبة إليه، يقلّل من حدّة التوتّر، كما أنّ البحث عن سبب تلك الصلة والحبّ المتميِّز لهذا المخلوق، والوقوف على الفكرة الكامنة وراء ذلك يجعل القارئ يطمئن أكثر، وتتراجع لديه أسباب التوتّر ودرجاته. لأنّ الإنسان لا ينفعل إلا تجاه الأشياء التي تمثّل جديداً لفكره، لكن عندما يصبح الجديد مألوفا ينجلي ضباب الانفعال، وتتّضح دوافع التوتّر.
د- تراكيب موتِّـرة:
كما أنّنا نجد دافعا آخر للتوتّر، يتمثّل في تلك التراكيب الخاصّة التي وظّفها بوطاجين في قصصه. وبناؤها مدعاة للانفعال لأنها خاصة بصاحبها، لها ميزة دون غيرها من التعابير الموظّفة. إنها تراكيب تدفع المتلقي إلى الوقوف عندها بعد أن يمرّ بلحظات من القلق والانفعال تّجاهها.
نذكر من تلك التراكيب قوله: « الحضارات الاسخريوطية… »[1].
فكلمة الاسخريوطي تؤول إلى ما كان ضبابيا لا أصل ولا أساس له.شيء أو فكرة انبنت على الكذب فأصبحت نظيرة الأسطورة. ونستشعر في هذه الكلمة ثقل المعنى وقربه من اللهجة العامية التي كثيرا ما تحوي مفردات مثقلة بالإيحاء.
ويقول في مقام آخر:« ودونما التفاتة دخلت من جديد، لا شيء يشدّ انتباهك: نفس الخبث والنجاسة، نفس الأطياف والأخطاء ومراسيم الدفن، نفس البغض والإهمالقراطية»[1]. نلاحظ في الكلمة الأخيرة تركيب بين كلمتي: ” الإهمال “و” الديمقراطية “. وقد حدث التركيب بينهما بشكل غريب. تلك الحياة التي يعيشها بطل قصة ” تفاحة للسيد البوهيمي ” يملؤها الخبث والنجاسة، والبغض والإهمال الذي صاغه على وزن ” الديمقراطية ” أو ” البيروقراطية ” تعبيرا عن التهميش الذي يعيشه الفرد المثقّف. وهذا تركيب يستفزّ القارئ ويجعله ينفعل معه. والأمر نفسه يحصل مع قوله: « يبدو أنّه عازم على تحرير العالم من الفكر الكهروإبليسي»[1]. قال هذه الجملة ” عبد الوالو ” بطل قصة ” السيد صفر فاصل خمسة ” وهو يعني بها المدير الذي ترأس الاجتماع. فرأى ” عبد الوالو ” أنّه يهدف إلى تحرير العالم من الفكر الذي أسماه “الكهروإبليسي “وهي لفظة مركبة من كلمتي: ” الكهرباء ” و” إبليس ” وفي كليهما ضرر. فالكهرباء ضررها في عدم حسن استغلالها والتعامل بها، وهذا الضرر يؤذي جسد الإنسان. وإبليس ضرره على النفس أكثر.
فالجمع بين هاتين الكلمتين في واحدة يشير إلى أنّ هذا الفكر يفتك بالجسد والنفس معاً. وربما هو تفكير يوجد عند معظم أفراد الشعب. خصوصا الفئة التي تعي أنّ الحاكم والقائمين على أمور الرعية لا يديرونها بحكمة. لذا فهم ” يُكهْرِبون ” فكرَهم، ويصبحون ” أبالسة ” به ليصعب على القادة الشكليين إسكاتهم.
ويقول ” عبد الوالو ” في القصة نفسها عن نفسه وصاحبه: « مرّة وقد استبدّ بنا الهبل والفاقة، قرّرنا أن نصبح مبدعين تقنونحويين، استبدلنا كلمة مسؤول بلفظة مشلول …لا تقل ديمقراطية وإنما ديموعربية، ديمودشروية، ديموعروشية… »[1].
الألفاظ الموضّحة في هذا القول تحيط بها الدهشة، ويتوقف عندها البصر والفكر طويلا، من أين للقاص بها ؟ لِم هي محمّلة بهذا الثقل من الأفكار والمشاعر ؟ كيف استطاع الفكر قذفها إلى القلم ؟ وكيف تسنى للقلم خطّها على الورق ؟ هي ألفاظ نشعر أنّ لها ” كيان ” كأني بها محسوسة تسير في المجتمع الذي حاصرته معانيها، أجل ندركها حسّاً في المجتمع المحاصر بالادّعاء حيث يصبح ” النحو ” عِلما رياضيا، و” الديموقراطية ” تعصبا وانتماءات. شعرات ظاهرة مرضية، وخلفها كوابيس هي الواقع، لا ديمقراطية، ولا عدل، بل الموجود تفرّق وشتات، وتعصب وانحياز. هذا ما عبّر عنه ” عبد الوالو ” وصديقه. وإنْ كان تعبيرهما فرديا سريّاً، إلا أنّ القاصّ أخرجه وجعلنا نتداوله معهما لأنّه يمسّنا أيضا. ولعل هذا يستفزّ القارئ ويوتّره فعلا. فإلى جانب أنّ الانفعال نابع من تلك الألفاظ. فإنّه ناتج أيضا من نقطة التّماس هذه. أي ناتج من كون معانيها وارتدادها يعينه أيضا وهو جزء من يومياته. لذا حصل الانفعال عنده.
يمكننا القول بعد هذا أنّ بوطاجين أسّس لغةً خاصة رَمَت كلّ المستويات اللّغوية المألوفة، خلق من خلالها القاص لغة لأبطاله، فارضا عليهم سلطته الفكرية وقدراته اللّغوية متجاوزا الحواجز المعجميّة والصرفيّة، ليصلَ إلى لغة شعريّة جميلة التعابير، عميقة الدلالات، أظهر فيها التّمكّن اللّغوي، وحسن التّحكم بالرّصيد الكامن في ذهنه، إلى جانب إظهار قابلية لغته لتعدّد القراءات. كما أنّ هذا التميّز اللّغويّ يشكِّل توتيراً للقارئ واستفزازا وانفعالا، يشدّه إلى متن القصص، ويجعله يقوم بإسقاط ما يُذكَر بها على حياته.
والملاحظ على لغـة بوطاجين أنّـه أحدثَ بها تغيــيرات ملحوظة في بنية النص ترتيباً وتبديلا، ولعلّه بهذا يقصد إلى إيحاء محدّدٍ هو أنّ اللّغة السائدة لا تُحقّق التفاهم بيننا، وكثيراً ما تؤدّي بنا إلى التقاطع وعدم التواصل، لذا لجأ القاصّ إلى استحداث تقنية جديدة في الكتابة و التعبير، يستطيع كلُّ قارئٍ أن يكتشفَ تميّزها، ويستطيع التفاعل معها، لاسيما وهي لغة مُستفِزّة موتِّرة.
**********
السعيد بوطاجين: قاص وناقد جزائري مـن مواليد تاكسانة – جيجل أستاذ بالجامعة الجزائرية منذ سنة 1982.المركز الجامعي عباس لغرو خنشلة حاليا ليسانس: جامعة الجزائر دبلوم الدراسات المعمقة، جامعة السوربون، باريس. ماجستير: جامعة الجزائر (سيمياء) دكتوراه دولة: جامعة الجزائر (النقد الجديد) شهادة تعليمية اللغات: جامعة غرونوبل (فرنسا). العضوية:عضو اتحاد الكتاب الجزائريين. عضو اتحاد الكتاب العرب. عضو مؤسس لمخبر الترجمة جامعة الجزائر. عضو مؤسس لاتحاد المترجمين الجزائريين. عضو مؤسس لبيت الترجمة وزارة الثقافة. عضو مؤسس للملتقى الدولي عبد الحميد بن هدوقة وعضو الهيئة العلمية. اشتغل مدير تحرير مجلة التبيين الجاحظية، رئيس تحرير مجلة القصة ومؤسسها الجاحظية، رئيس تحرير مجلة آمال (وزارة الثقافة). رئيس تحرير مجلة الخطاب (جامعة تيزي وزو). أمين عام الجمعية الثقافية الجاحظية. يشتغل حاليا: مستشار علمي وفني لمجلة معارف (جامعة البويرة). مؤسس مجلة المعنى ورئيس تحريرها (المركز الجامعي خنشلة). رئيس سلسلة سحر الحكي، الاختلاف – الجزائر. عضو هيئة تحرير مجلة الترجمة، دمشق – سوريا. عضو اللجنة العلمية لمجلة بحوث سيميائية – الجزائر. عضو اللجنة العلمية لمجلة السرديات – جامعة قسنطينة.
له عدة مجموعات قصصية، العناوين المختارة في هذه الدراسة: ” ما حدث لي غدا ” صدرت في طبعتها الأولى عن منشورات التبيين الجاحظية الجزائر سنة 1998م والطبعة الثانية لها صدرت سنة 2005م عن منشورات الاختلاف تقع في مائة وخمسة وخمسين صفحة، من الحجم المتوسط، بالقطع المتوسط تضم تسع قصص، “وفاة الرجل الميت” فصدرت طبعتها الأولى سنة 2000م عن رابطة الاختلاف، والطبعة الثانية لها صدرت سنة 2005م عن منشورات الاختلاف تقع في مائة وسبع وثمانين صفحة من الحجم المتوسط بالقطع المتوسط. تضم سبع قصص، “اللعنة عليكم جميعا ” صدرت عن منشورات الاختلاف في طبعتها الأولى سنة 2001م تقع في مائة وأحد عشرة صفحة، وتضم ثمان قصص. أما عن كتاباته النقدية: فقد صدر له كتاب “الاشتغال العاملي ” وهو دراسة سيميائية لرواية ” غدا يوم جديد ” لابن هدوقة وكتاب ” السَّرد ووهم المرجع”. وترجم بعض الكتب من الفرنسية إلى العربية مثل: “رواية نجمة ” لكاتب ياسين و”شخصيات الرواية ” لجان فيليب مرو، و” الانطباع الأخير”، ومن العربية إلى الفرنسية ” ديوان كائنات الورق”.
الهوامش:
[1] ابن جني: الخصائص ، تح: د: محمد على النجار، دار الكتاب العربي، بدون تاريخ، 1/33.
[1] Jesperson, enculspaidia, britannica, selon ; Gearge Maunin; “clefs pour linguistique ” Edition seghers, Paris 1968-1971.P33[1] السعيد بوطاجين، وفاة الرجل الميت، منشورات رابطة كتاب الاختلاف، ط1، الجزائر، ماي 2000، ص 11.
[1] السعيد بوطاجين، المصدر السّابق، ص 92 .
[1] السعيد بوطاجين، اللعنة عليكم جميعا، منشورات الاختلاف، ط1، الجزائر، أكتوبر2001، ، ص 47.
[1] السعيد بوطاجين، المصدر السّابق، ص 46.
[1] Edward Sapir: ” L’linguistique ” présentation Jean Elie boltanski, les éditions minuit, paris 1968, p 134.[1] السعيد بوطاجين، اللعنة عليكم جميعا، ص 94.
[1] السعيد بوطاجين، المصدر السّابق، ص 82.
[1] السعيد بوطاجين، وفاة الرجل الميت، ص 133.
[1] السعيد بوطاجين، المصدر السّابق، الصفحة نفسها.
[1] السعيد بوطاجين، وفاة الرجل الميت، ص 23.
[1] السعيد بوطاجين، ما حدث لي غدا، منشورات الاختلاف، الجزائر، ط2، 2005، ص 65.
[1] السعيد بوطاجين، المصدر السّابق ، ص 84.
[1] جمال غلاب، مقاربات في جماليات النص الجزائري، منشورات إتحاد الكتّاب الجزائريين، ط 1، سنة 2002،1/ 93.
[1] السعيد بوطاجين، وفاة الرجل الميت، ص 76.
[1] السعيد بوطاجين، وفاة الرجل الميت، ص 75.
[1] السعيد بوطاجين، المصدر السّابق، ص 107.
[1] السعيد بوطاجين، المصدر السّابق، ص108 .
[1] صالح محمد الغفيلي، الحمار في الأدب، مؤسسة بحسون للنشر والتوزيع، ط1، بيروت، سنة 2002، ص 80.
[1] اللعنة عليكم جميعا، ص 23.
[1] السعيد بوطاجين، المصدر السّابق، ص 113.
[1] صالح بن محمد الغفيلي، الحمار في الأدب، ص 97.
[1] ينظر: صالح بن محمّد الغفيلي، المرجع السّابق، ص 100.
[1] السعيد بوطاجين، وفاة الرجل الميت، ص 116.
[1] السعيد بوطاجين، المصدر السّابق، ص 108.
[1] السعيد بوطاجين، ما حدث لي غدا، ص 23.
[1] السعيد بوطاجين، ما حدث لي غدا، ص 24.