مسارات الاعتراف بالآخر في الفكر الاجتماعي
Pathways to recognition in social thought
أ.م.د شلال حميد سليمان (جامعة الموصل)
Prof. Dr. Shallal Hamid Suleiman (Mosul University )
أ.م ايناس محمد عزيز (جامعة الموصل)
Prof. Enas Mohamed Aziz (Mosul University)
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 75 الصفحة 115.
ملخص:شكل الاتجاه العام في الفكر الاجتماعي الحديث في البحث عن آفاق جديدة تتبلور حول نظريات يمكن أن تقوم بدراسة الطابع الصراعي لما هو اجتماعي حيث تمارس دورها في إيجاد حلول واقعية لمشكلة التعدد الثقافي، ولتأكيد التنوع في الهويات، فانطلقت مسارات كثيرة منها من وجد أن العدالة الاجتماعية ترتبط بالاعتراف بحقوق الجماعة والتعدد الثقافي، واعتقد بعضهم الآخر أن العدالة تتحقق عند الاعتراف بالحقوق الاقتصادية وتوزيع الثروة بالمساواة بين أبناء المجتمع، وهناك من كان متطرفا وبحث عن العدالة العالمية بين البشرية، ولكن ما نحاول أن نبحث عنه تحديدا في النظرية التي نطرحها في بحثنا في التركيز على النظريات التي ارتبطت بفعل الاعتراف المتبادل وفقا لارتباطه بالجانب الثقافي والاجتماعي والنفسي، والتي تبلورت في نظرية الاعتراف عند تشارلز تايلور وسؤال الاعتراف، ونانسي فريزر مركزا الرؤية حول الفيلسوف، وعالم الاجتماع إكسل هوني الذي توسع في طرحه الاجتماعي بمحاولاته عدم اختزال الاعتراف بالإقصاء الاقتصادي أو السياسي، بل ربطه بالإقصاء الرمزي والثقافي والنفسي، والذي هو رأسمال اجتماعي منغمر في مشاعر عدم الاحترام، والتقدير أو فقدان الثقة لعدم القدرة على إثبات الذات.
الكلمات المفتاحية: الهوية، الاعتراف، التعدد الثقافي، التواصل، التضامن.
Research Summary:
The general trend in modern social thought is in the search for new horizons that crystallize around theories that can study the conflictual nature of what is social، as they play their role in finding realistic solutions to the problem of cultural pluralism، and to confirm identities. Many paths were launched، including those who found that social justice is linked to recognition The rights of the group and cultural pluralism، and some others believed that justice is achieved when recognizing economic rights and distributing wealth equally among the members of society. Which is linked to the act of mutual recognition according to its connection to the cultural، social and psychological aspect، which crystallized in Charles Taylor ’s recognition theory and the question of recognition، and Nancy Fraser focusing the vision around the philosopher، and the sociologist Axel Honneth، who expanded his social discourse with his attempts not to reduce recognition to economic or political exclusion، but rather He linked it to symbolic، cultural and psychological exclusion، which is a social capital immersed in feelings of disrespect. Qadeer or loss of confidence due to inability to prove oneself.
Keywords: identity، recognition، multiculturalism، communication، solidarity.
مقدمة:ينتمي مفهوم الاعتراف بما هو مفهوم اجتماعي وسياسي وأخلاقي إلى حقل الفلسفة الاجتماعية الجديدة، التي لا غنى عنها لأي تفكير يدور حول التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي شهدتها المجتمعات الحديثة ، والتي تداخلت فيها المسائل الاجتماعية بالأخلاقية من خلال العودة إلى الإلزام الأخلاقي خلال عملية التفاعل([1])، فعادة ما يتم إجراء الدراسة على التفاعلات الاجتماعية التي تجمع الأفراد داخل المجتمع في ضوء التحليل النقدي لمختلف الظواهر الاجتماعية والسياسية التي تعنى بها الفلسفة الاجتماعية* ، لفهم سلوكهم في ضوء القيم الاجتماعية التي يُعتز بها والالتزامات التي يجب عليهم التصرف بموجبها وفقا للمبادئ الأخلاقية الصحيحة، وعلى رأسها موضوع العدل وعلاقته بأشكال الظلم أو الجور ومجمل الصراعات الاجتماعية الناجمة عنها وبخاصة صراع الفئات المهمشة والمقصية والمستبعدة والباحثة عن حياة كريمة، وخلص فرانك فيشباخ في مؤلف له بعنوان: بيان من أجل الفلسفة الاجتماعية إلى تحديد جملة من الخصائص المميزة لها مقارنة بالفلسفة السياسية ومنها تحديدا: _
- الاعتراف باستقلالية المجتمع والحياة الاجتماعية، والاعتراف في الآن نفسه بالإكراهات والقواعد الاجتماعية.
- تعنى الفلسفة الاجتماعية بالتحولات الاجتماعية كونها فلسفة تطبيقية أو عملية.
- يرتكز المجال الفلسفي هنا بتشخيصه ونقده لكل ما هو مرض ومشوه بالاستعانة بالإرث الكانطي.
- تنحاز الفلسفة الاجتماعية لجهة المظلومين والارتباط بأفق التقدم والانعتاق من القهر والهيمنة([2]) .
جملة الخصائص التي تميز الفلسفة الاجتماعية تبين صلتها بالماركسية ، وبمدرسة فرانكفورت من جهة، والتأكيد على البعد الأخلاقي كما ظهر في كتابات تشارلز تايلور ونانسي فريزر وأكسل هوني، معلنة تعارضها مع فكرة الفرد الذي يكون خارج كل سياق ثقافي واجتماعي وتاريخي، وإعادة الأطروحة الماركسية القائلة ، إن وظيفة الفلسفة يجب ألا تقوم على تفسير العالم وإنما على تغييره أي التحليل النقدي القادر على تغيير المجتمع([3]) ، والنظر إلى أن الصراعات في العالم لم تعد تتحدد بالسلطة والاقتصاد وإنما ترد إلى التجارب الأخلاقية، فلم يعد الصراع صراع مصالح للطبقات والاستغلال، وإنما صراع للهويات الجماعية حيث الهيمنة الثقافية، ففعل الإقصاء لم يكن إقصاءا اقتصاديا، وإنما اقصاءا رمزيا حسب تعبير بورديو والذي تمثل في عدم الاعتراف الثقافي والسياسي والنفسي أيضا، ما جعل من الاعتراف مطلبا متأصلا نابعا من وعي الأفراد بذواتهم الاجتماعية.
كان الاتجاه العام مائلا لفتح آفاق جديدة بحثا عن نظريات يمكن أن تقوم بدراسة الطابع الصراعي لما هو اجتماعي حيث تمارس دورها في إيجاد حلول واقعية لمشكلة التعدد الثقافي ولتأكيد التنوع الهويات، فانطلقت مسارات كثيرة منها من وجد أن العدالة الاجتماعية ترتبط بالاعتراف بحقوق الجماعة والتعدد الثقافي، واعتقد بعضهم الآخر أن العدالة تتحقق عند الاعتراف بالحقوق الاقتصادية وتوزيع الثروة بالمساواة بين أبناء المجتمع، وهناك من كان متطرفا وبحث عن العدالة العالمية بين البشرية، ولكن ما نحاول أن نبحث عنه تحديدا في النظرية التي نطرحها بدراستنا هذه بالتركيز على النظريات التي ارتبطت بفعل الاعتراف المتبادل وفقا لارتباطه بالجانب الثقافي والاجتماعي والنفسي والتي تبلورت في نظرية الاعتراف عند تشارلز تايلور وسؤال الاعتراف، ونانسي فريزر مركزة الرؤية حول الفيلسوف وعالم الاجتماع إكسل هوني الذي توسع في طرحه الاجتماعي بمحاولاته عدم اختزال الاعتراف بالإقصاء الاقتصادي أو السياسي، بل ربطه بالإقصاء الرمزي والثقافي والنفسي والذي هو رأسمال اجتماعي والتي ارتبطت بمشاعر عدم الاحترام والتقدير أو فقدان الثقة لعدم القدرة على إثبات الذات.
المبحث الأول: مسار الاعتراف عند تشارلز تايلور *
يعدّ تشارلز تايلور من أبرز المنظرين في حقل سياسات الاعتراف منطلقا بأبحاثه من قضايا التعدد الثقافي والهويات الفرعية ، وعلى فق العرق ، واللغة ، والدين ، والقومية وما تكتنزه من اختلافات ثقافية داخل المجتمعات، مقدم من خلال سياسات الاعتراف معالجات تضمن لهذه الجماعات اعتراف الآخر بها كونها عانت ضروب تاريخية من الاضطهاد والتغييب والإنكار ناتجة عن صيرورات رافقت إقامة الدولة القومية الحديثة ([4]) ، ويشدد تايلور أن مسألة الاعتراف تتضمن البحث عن الحاجة الملحة لاعتراف الآخر بالمساواة والحرية والكرامة المتبادلة والتي كانت دافعا وراء مختلف الحركات السياسية القومية التي وجدتها الأقليات كضرورة تحافظ من خلال صراعها حول الاعتراف عن هوياتها المميزة والأصلية التي تحددهم بوصفهم جماعة أو هوية خاصة([5]) ، بحاجة إلى اعتراف الآخرين بها سيما أن تشكل الهوية مرتبط باعتراف الآخر بها أولا وبنظرتها لذاتها ثانيا فتكون إما كارهة لنفسها أو لهويتها طبقا للصور القاصرة والسلبية للذات التي يعكسها المحيطون لتسبب نوعا من القهر جراء صور غير حقيقية أو مشوهة محطة للشأن ([6]) ، عليه فإن عدم الاعتراف أو الاعتراف المشوه هو نوع من أنواع الظلم والاضطهاد، والتشوه الذاتي لهوية المضطهد أو الضحية المقترنة بمشاعر الدونية وبصورة مستمرة، لا تتمكن الضحية من تحرير نفسها حتى وإن تجاوزت العقبات من التخلص من مشاعر النقص والدونية الذي يشعرها بالعجز عن الانسجام والتعايش مع الواقع الجديد، ما يبقيها حبيسة للضرر النفسي ولمشاعر الانتقام من الآخر لغة وافعالا،، لذا لم يكن الاعتراف عند تايلور مجرد سلوك محترم يجب انتهاجه انما هو حاجة ضرورية وحيوية للإنسان.
بحكم هذا الوضع انتقل تايلور ضمن إطار مطلبية الاعتراف وأهميته من دائرة المقاومة والصراع إلى دائرة الحوار السلمي عبر الاتصال بالآخرين والحوار معهم، مؤكدا أن هذا الطابع الحارات يجسد حاجة الآخر لاعترافنا به بقدر حاجتنا لاعترافه بوجودنا، متفقا نوعا ما مع ما طرحه عدد من الفلاسفة وعلماء الاجتماع أمثال مارتن بوبر، وكارل أوتو آبل، ويورغن هابرماس وإدغار موران وغادامير حول أهمية الطابع الحارات في اكتشاف الذات والاعتراف بتأويل الأفعال القصدية المتبادلة من فنون الإشارات والألفاظ ([7]) لفهم الذات أن كانت تعاني نقصا في معنى وجودها أم لا، مشددا تايلور على مبدأ الاحترام بين الناس واحترام الثقافة وانتماء الآخر([8]) ، حاملا لمعنى الآخر بوصفه حاجة للاكتمال لا بوصفه عقبة أو حدا، مؤسسا بذلك فلسفته بفكرتي الأولى أن الإنسان كائن اجتماعي وأخلاقي في وقت واحد تمثل فيه جماعته معطى اوليا له، وبحكم هذا لا يمكنه تحقيق السعادة خارج اطرها الثقافية، فترتبط بذلك الهويات بالاجتماع لا بالعزلة، وبالحوار او التواصل عبر مخزونة الثقافي المرتبط بمفاهيم الخير والشر كجزء من تكوين الطبيعة الانسانية التي تمنعها احيانا الضغوط الخارجية بما فيها من نفعية ومصلحية من اكتشاف اناه او ذاته الخيرة، تلك الذات المتصالحة مع نفسها والمتعايشة بصدق مع الاخرين، المحترمة لاختلاف الافراد وتنوعاتهم، والمؤمنة بمبادئ المساواة الاجتماعية المقترنة بمبدإ الانصاف اخذاً بعين الاعتبار مفهومي الاحترام والتقدير للخصوصيات والاختلافات والحالات الخاصة ويتجاوب مع المجتمعات المتعددة الثقافات، فتتحدد بذلك وضعي ومنزلة الفرد ضمن بيئتة الاجتماعية المعطاة له طبقا لعملية اكتشاف الذات او الانا وعملية الاعتراف بالذات من قبل الاخر.
وينطلق التصور أخلاقيا للاعتراف عند تايلور بتحديد معايير للاحترام المتبادل فأشار في كتاب له بعنوان “منابع تشكل الهوية الحديثة” 1989 إلى أن الأخلاق ليست مجرد إجراءات عادلة ومنصفة من أجل توزيع الخيرات أو حل النزاعات، وليست مجرد أخلاق كحد أدنى يتطلب فيها الواجب عدم إيذاء الآخرين واحترام حقوقهم الأساسية إنما تحمل بعد أكبر في نظر تايلور يتمثل بإعطاء معنى للحياة وللتضامن والحرية… إلخ، التي يمكن أن تكون أخلاقيات للخير العام المشترك ذي الطابع الاجتماعي مساهما بدوره في صياغة وتشكيل الهويات التي تتضمن بالضرورة منظورا أو رؤية للحياة الإنسانية لا بد للفرد من التحلي بها في وسطه الأخلاقي الذي يعيش فيه كونه وسط غير متناسق وليس متجانسا أو موحدا وإنما تكتنفه التناقضات والنزاعات بين القيم المختلفة ([9]) ، ويؤكد تشارلز لرموز متفق مع تايلور في ذات السياق “علينا أن نعرف ونعترف بواقع وحقيقة انتمائنا إلى تراث أخلاقي قائم وموجود أصلا”([10]) ، يمنح معنى لحياة الإنسان، ويسهم بتشكيل هوية الفرد ضمن محيطه الاجتماعي والثقافي.
تقتضي سياسة الاعتراف عند تشارلز تايلور معنا أخلاقيا نظريا من جهة، وعناصر عملية مثل فيها مفهوم العدل معناً يكتسبه الاعتراف ومتصلا اتصالا مباشرا بالهوية، رابطا تايلور بين العدل والمساواة، فكما يمكن اعتماد العدل من أجل المساواة يمكن اعتماده أيضا من أجل التفاوت، مقترحا ربط المساواة بالإنصاف تحقيقا للتوافق بين المساواة والتفاوت، فالجماعة ما هي إلا نظام تعاوني قائم على تبادل إشباع الحاجات طالما أن الكل يحتاج لبعضه بعضا فيجب أن يحقق الجميع استفادة من إسهامات الآخرين، كمواطني تجمعهم علاقات انتماء علني للجماعة والثقافة تعبر عن هويتهم كما هي دون اللجوء إلى عملية الفصل بين ما يعتبر مجالا عاما وآخر خاص، تمتلك فيه المواطنة وفقا للوصف الليبرالي منزلة ومكانة قانونية تحدد جملة من الحقوق للمواطن في دولة معينة مستمدة شرعيتها من المبدأ السياسي، كما أنها مصدر للروابط الاجتماعية فالمواطنة لا تحمل روابط لعلاقات انتماء ديني أو قرابين، إنما هي علاقة سياسية ترفض الإعلان عن الشعائر والدلالات الدينية والقومية في الفضاء العام، فالحرية، هي حرية فردية خاضعة للقانون أو للفضاء العام، رغم تأكيد تايلور إلى أن المجتمعات الإنسانية قاطبة هي مجتمعات متعددة الثقافات ومتنوعة الأجناس بنيت على أساس الاختلاف والتباين، ولا بد في إي نظام يدعي المساواة والعدالة أن يحترم هذه الخصوصيات والاعتراف بحقوقهم جميعا وبالاختلاف الذي لا زال يمثل صفة أساسية في المجتمعات الحديثة، فسياسة الاختلاف تجمع وفق رؤية تايلور الهوية الفردية أو الجماعية، فلا هويات فردية دون المرور بالخير العام المشترك للجماعة، واجتيازها لاعتراف الجماعة يشكل جوهرا للمواطنة والحرية التي يعبر عنها علنا، وعلى الرغم من هذا الانتصار لسياسة الاعتراف بالهوية والاختلاف، إلا أنها وجدت معارضة من قبل عدد من منظري الاعتراف لاقتصارها على البعد الثقافي القائم على مسلمة أساسية لا وجود فيها للهوية دون حوار ومن دون مساهمة الآخرين أو تبادل معهم ([11])، كما ارتبط الاعتراف بكوكبة من المفاهيم التي دعا لها عدد من المنظرين كالعدالة والإنصاف ومنهم نانسي فريزر.
المبحث الثاني: مسار الاعتراف عند نانسي فريزر*
ارتبط مسار الاعتراف عند فريزر بالرأسمالية المعاصرة وبروز أشكال جديدة للتفاوتات بين الناس، اقترن معها حركات اجتماعية جديدة قادتها فئات اجتماعية معينة كالأقليات العرقية والاثنية ، والنسوية ـ والثقافات ، واللغات المهمشة ، ومشاكل الاستبعاد الاجتماعي، معللة فريزر ذلك بقولها إن النضال من أجل الحفاظ على الاختلاف عرف تغيرات في طبيعته ووسائله وبتوسع مجاله إلى نزاعات اجتماعية ووطنية للجماعات المضطهدة والمظلومة المطالبة بحقوقها باسم الاعتراف، فكانت مصدرا لاهتمام فريزر كمناضلة من أجل التحرر والدفاع عن حقوق المرأة والسود والعمال ، أو الطبقة المسحوقة والأقليات في الحرية والمساواة وتوسيعها لمفهوم العدالة بتوزيع الثروة والسلطة لاعتقادها بوجود علاقة متداخلة بين الاقتصاد والثقافة، متخذةً بذلك طريق سجالي لطروحات اكسيل هوني وجوديث بتلر ، وبول ريكور كمحاولات توفيقية بين أسس الاعتراف، بإعادتها النظر في مفهوم إعادة التوزيع بين النموذج الماركسي اليساري الباحث عن عدالة واعتراف جماعي بالأقليات ، أو بالشعوب المظلومة، وبين النزعة الليبرالية المدافعة عن الفئات المسحوقة وضرورة إعادة توزيع الثروة والاعتراف بحقوق الفقراء، فلا عدالة اجتماعية بعيدا عن عدالة التوزيع هذه الثنائية المتناقضة ، وضعت لها فريزر معالجة ذاهبةً فيها إلى أن الاعتراف لا يمكن أن يكون أحاديا بل لا بد من إنصافه بجمعنا بين الاعتراف بإعادة توزيع الثروة ، والاعتراف الثقافي والرمزي الذي يرتبط بالهوية والاختلاف ، أو التعدد الثقافي وبين عدالة ، إعادة التّوزيع الاقتصادي، وعلي وفق هذا التّوافق والاندماج بين الاعتراف الاقتصادي والاعتراف الثقافي حددت فريزر ضرورتها المنهجية كنقطة لانطلاق نظريتها في الاعتراف بتطبيقها على الواقع الاجتماعي.
عبرت نانسي فريزر عن مشروعها برفض نموذج الاعتراف الثقافي المختزل بحقوق الهويات بوصفه وعيا مشوشا كابحا للعدالة الاجتماعية، لا يمكن معه بناء منسجم للعدالة اعتمادا على مبدأ واحد فقط مصنفة بذلك منظورها التحليلي بين عدالة التوزيع الثقافي وعدالة التوزيع الاقتصادي متسائلة عن إمكانية بناء اعتراف خارج ثنائية الثقافة والاقتصاد، منعطفة بذلك في مسارها الفكري بمزاوجتها بين الماركسية التي لم تعد بمفردها تشكل خلاص اجتماعي، وبين النظرية النقدية التي تجد في الاعتراف “دواء للعدالة”([12]) ، لأحداث إصلاحات أو تغييرات في البنية الاقتصادية وفي الوضعية الثقافية، فالمشاكل التي يعايشها المجتمع الأمريكي مثلا من احتقار وعنصرية واستغلال وإقصاء يصعب على الخطاب الماركسي كإطار للتحليل الطبقي أن يستوعب التحولات الاجتماعية والحركات الاحتجاجية الثقافية التي تملأ الشوارع الأمريكية مطالبة برفع صنوف الاحتقار ، والإقصاء عن هويات ثقافية منبوذة عجزت عن الوصول لمخرج منصف لمطالبات الاندماج في الوسط الاجتماعي، فلا اعتراف لوحده قادر على رفع الظلم ، وتحقيق عدالة اجتماعية منصفة، ولا اقتصاد لوحده قادر على حماية المساواة الاقتصادية، بل إننا بحاجة إلى عدالة من أجل تحقيقها بنسق موحد جامع لتركيبة متكاملة بين إعادة توزيع واعتراف معا ([13]) ، فهما عنصران مترابطان يقضي الأول على صنوف التبعية الاقتصادية، بينما يقضي الاعتراف على التبعية الثقافية.
ولتوضيح ذلك ترى فريزر أن الاعتراف هو مسألة عدالة بالمقام الأول لا يرتبط بتحقيق الذات ولا يندرج ضمن نظرية الخير وحسب، فالنظر إلى الاعتراف من زاوية العدالة وضمن سياق تعددية القيم سيكون ملزما أخلاقيا لمشاركة كونية، فليس من العدالة أن يحرم أفراد وجماعات من وضع المشاركة الكاملة أثناء تفاعلهم الاجتماعي بسبب أنماط ثقافية قيمية لم يشاركوا في بنائها على قدم المساواة، قيم تزدري خصوصياتهم المتميزة لا تعترف بهم كمشاركين فاعلين وأساسيين، وهو ما أطلقت عليه فريزر بنكران الاعتراف بِعدها “بعض الأفراد والجماعات يحرمون من إمكانية مشاركتهم في التفاعل الاجتماعي على قدم المساواة مع الآخرين” ([14]) ، وهو ما يرتبط بطبيعة العلاقات الاجتماعية لا بعلم النفس المرتبط بنقص الوعي بالذات، أو وقوع الفرد كضحية مواقف عداء أو احتقار وازدراء، بل تكمن المشكلة عند فريزر بكون الفرد يمنع من أن يكون طرف مشارك في الحياة الاجتماعية بنسب نماذج من القيم الثقافية ترتبط بالنظرة إلى الأنوثة مثلا ، أو اللون ، أو العرق لتضعهم في مرتبة سفلى تعيق سعيهم نحو تحقيق التقدير الاجتماعي في ظروف فرص منصفة وهي بمثابة المعوقات الحائلة دون المساواة في المشاركة الجماعية، ولتطوير مشروعها في الاعتراف قدمت نظرية العدالة التوزيعية القائمة على الإنصاف القانوني كمبدأ يعمل على إعادة التوازن الاجتماعي ، وتحقيق التكافؤ والمنزلة القانونية لكل فئات المجتمع بما يضمن، توزيعا للموارد المادية بشكل يضمن استقلالية المشاركين وحقهم في التعبير بتوفير الوسائل اللازمة لتحقيق ذلك مع حظر مختلف التراتبيين الاجتماعية المؤسسة للاستغلال والحرمان والتفاوت في الثروات وحتى أوقات الترفيه([15]) ما يضمن فرصا متساوية في البحث عن التقدير الاجتماعي بعيدا عن التحقير أو التضخيم للمشاركين الفاعلين اجتماعيا بكل أشكاله.
المبحث الثالث: مسار الاعتراف عند إكسل هوني (*)
إنّ العلاقة بين تطور المسار العلمي لنظرية الاعتراف والمشروع الذي قدمه إكسل هوني ارتبط بتأثره ببداية حياته الفكرية بعدد من أقطاب مدرسة فرانكفورت(*) أو النظرية النقدية سيما يورغن هابرماس، وتشكل مدرسة فرانكفورت تيارا مهما في الفلسفة الاجتماعية المعاصرة بعد أن كان التاريخ والاقتصاد السياسي اهتمامها الأول ميزت فيه علاقتها بالماركسية وبالأحزاب الليبرالية والاشتراكية، ومع تولي (ماكس هوركهايمر، ثيودور أدورنو، هربرت ماركوز) إدارة المعهد خلفا ل (فيلكس ويل وكارل غرونبرغ) طورا أبحاثا ودراسات بينية (*) حول علم الاجتماع والفلسفة وعلم النفس وعلم النفس الاجتماعي من أجل فهم المجتمع([16]) ، ومن بعدهم بأستاذه هابرماس الذي شكل منعطفا لهوني باتجاه بناء نظريته في الاعتراف، ملخصا هوني مشروعه الفلسفي بأنه “التفكير في السبل التي يجب أن يتبعها المجتمع الإنساني في تأسيسه وتنظيمه، لكي يوفر لأفراده ويؤمن لهم شروط حياة جيدة… ومن ملاحظة مجتمعاتنا نجدها لا تخلو من علل وعاهات ليست نتيجة لانتهاكات مبادئ العدالة وإنما يتعدى ذلك إلى استهدافات ملموسة وصريحة للشروط الكفيلة بضمان تحقيق الفرد لذاته” ([17])، وهو لا يخالف بطرحه هذا مؤسسي مدرسة فرانكفورت ونظريتهم النقدية وسعي فلاسفتها إلى فكرة مجتمع إنساني يضم أفرادا أحرارا يكفل لهم صون إنسانيتهم، بتشخيص إعطاب المجتمع وعلله، أي كل ما يمكن أن يضعف أو يدمر الشروط الكفيلة لعيش حياة ناجحة، فمن جان جاك روسو إلى تشارلز تايلور مرور بكارل ماركس وماكس فيبر وميشيل فوكو ويورغن هابرماس… خلق هذا التيار الفكري نمطا فلسفيا جديدا لم يعد فيه تحديد الفوارق الطبقية أو أشكال الظلم الاجتماعي مصدر الانشغال الأول، بل أصبح الحديث الأهم عن معايير الأخلاقية لحياة أكثر إنسانية ([18])، والتي يتم التوصل إليها عبر نقاش حر عقلاني تلقى نتائجه بالقبول والرضا عن طريق الإقناع العقلي وليس عن طريق القوة والقسر يكون فيه للجميع فرص متكافئة للوصول إلى أدوات العقل كالمساهمة في الحوار وفي اتخاذ قرار فيه ([19]) ، هذا المشروع الذي قاده هابرماس مثل إطار العام لنظرية الاعتراف أو أخلاقيات الاعتراف عند إكسل هوني الذي مثل الجيل الثالث للنظرية النقدية ولمقولات قادتها متسائلا عن الأسس التي قامت عليها النظرية النقدية والعمل على إعادة النظر بها نظرا لاختزالها بالطابع الاقتصادي وإهمالها الجانب الاجتماعي والنفسي من جهة، والجانب لمعياري الأخلاقي من جهة أخرى([20]) ، مشيدا من زاوية أخرى بنظرية التواصل لأستاذه هابرماس أو الفعل التواصلي.
إن المنعطف الذي قدمته نظرية الفعل التواصلي لهابرماس تمثل بإحلاله نموذج أو علاقات التواصل محل علاقات الإنتاج، فحسب هابرماس تأتي التجربة الاجتماعية من العلاقة التفاعلية التي تربط شخصين على الأقل داخل العالم المعاش في إطار التوافق التذاوتي (العلاقة بين الذوات) المؤدية لفهم مشترك وثقة متبادلة وتقارب في وجهات النظر والآراء عن طريق اللغة ووفقا لنظام أخلاقي يطبق على جميع الأفراد وبمختلف أجناسهم، ومن ثم فإن كل شخص أو فاعل يمتلك القدرة على الكلام والفعل يمكنه أن يشارك في فعل التواصل ويلقى القبول والرضا من الآخر عن طريق الإقناع العقلي وليس بمنطق القوة أو القهر([21]) ، هذا القواد الصورية التي قدمها هابرماس لتواصل ناجح ومجتمع منسجم ومتعايش، أوقعه حسبا هوني بغياب الرؤية لمختلف تجارب الظلم والجور، ولظواهر النزاع والمنافسة بين الذوات الاجتماعية وبعدم انفتاحه على الواقع الاجتماعي المتصارع بصورة عامة، مؤكدا على أهمية الاعتراف بالآخر أولا يليه فعل التواصل والحوار بين الأفراد موسعا بذلك هوني النموذج التواصلي ليشمل مضمونه النزاعي مطلقا منها على نموذجه الجديد “نموذج الاعتراف” ([22]) .
يتمثل نموذج الاعتراف عند اكسيل هوني بتأسيس قواعد أخلاقية للنزاعات والصراعات الاجتماعية التي فصل لها في طرحه للصراع أو النضال من أجل الاعتراف، من خلال قراءة جديدة للصراع من أجل الاعتراف الذي صاغه هيغل من خلال نظريته الجدلية حول العبد والسيد، فبهذه العودة لفلسفة هيغل كأحد أوائل الفلاسفة الذين قاموا بدراسة العلاقات الاجتماعية بوصفها علاقات بين الذوات تسعى لتحقيق الاعتراف حاول هوني التأكيد على أن العلاقة بين الأنا والآخر التي أوجدها هيغل خالفت كل تصور فردي للذات وقدرتها في تحقيق مصيرها عن طريق الإرادة والقوة فحسب، بل لا بد من أن يكون الآخر حاضرا ومساعدنا في تشكيل الذات أو الهوية الذاتية، ولكن ما يؤخذ على فلسفة هيغل الباحثة عن الاعتراف قيامها على بناء فلسفي مثالي ميتافيزيقي وهو ما رفضه هوني، ليجد في نموذج جورج هربرت ميدل (1880-1949) التجريبي سمة امبيريقية يمكن أن تشكل نظرية اجتماعية تخرج نموذجه في الاعتراف من وجهة النظر المثالية للفيلسوف إلى واقع التجربة المعاشة للفاعلين، فوفقا لم يد تنشأ العلاقة بين الأنا والعالم الاجتماعي من خلال تأكيد إدراك الآخر لها عن طريق المعاني الرمزية للاتصال بما يشمله من إيحاءات وإيماءات وإشارات ولغة، تسمح للذات بتطوير وعيها وفقا لتمثيلها الرمزي الذي يصوره الغير لها ([23]) ، فيمثل الآخرون مصادر تكوين صورة الذات عن الفرد أثناء التفاعل والاحتكاك([24]) ، فلا يمكن وفقا لهيغل ويمد للذات أن تطور وعيها وتحقق هويتها خارج مرآة الآخر ودون اعترافه بها، مؤكدا هوني أن الفرد يستطيع عندها أراك ذاته كشخص قانوني ([25]) ،ويعود مؤلف الصراع من أجل الاعتراف للحديث عن استحالة نجاح التفاعل الاجتماعي بين الأشخاص دون أن تتوصل الذوات في نهاية الأمر إلى التفاهم بين بعضها البعض بوصفهم أشخاص أصحاب حقوق([26]) ، فمن خلال التفاعل التذاوتي وما يتضمنه من أشكال التعامل الاجتماعي يكتسب الفرد وعيه بذاته وبكيفية تحقيقها على المستوى الاجتماعي، وهو ما سيتحقق عبر نموذج الاعتراف باعتباره حلا لعملية الصراع التي تنشأ بين الأنا والآخر، لتأكيد الوجود ولضمان الحرية التي استلبت نتيجة للانخراط في صراع أو نزاع جعلت من الذات عرضة للاحتقار والإهانة وللانفعالات والعواطف المترتبة عن تجربة الاحتقار التي حرمتها حقها في الحصول على الاعتراف اجتماعي([27]) ،، فتح بذلك هوني رؤية جديدة غفل عنها أستاذه هابرماس تبرز جيدا الطابع الصراعي لما هو اجتماعي فالأمراض التي تظهر نتيجة لاستلاب الذات خلال علاقتنا مع الآخر تلحق ضررا نفسيا لدينا جميعا بشروط تحقيق الذات، فالهويات الشخصية التي تبنى في ظل عدم احترام نسقي لها يعمل على إخضاعها لسلطة تجردها من حقها في نفسها وفي حفظ كرامتها الذي ينبغي أن تتمتع به، فعدم احترام الذات أو احتقارها ليس انفعالا حزينا تجاه رأي حول دناءة أو ضآلة شيء ما، إنما هو ديناميكية اجتماعية معقدة عقلانية تطال الذات ناتجة عن مرض اجتماعي والنتيجة المباشرة له إلحاق ضرر معياري بالهوية الشخصية للفرد وبالسنن الاجتماعية التي تمكن البشر من أن يصبحوا أفرادا، لدرجة دفعهم إلى المقاومة والمواجهة الاجتماعية أو لنزاعات الاعتراف([28])،هذه الخلفية السلبية للعلاقات الناتجة عن أشكال الاحتقار أو نمط الاحتقار الذي تعرض له الشخص وعلي مستويات مختلفة تقاس عبرها وفقا لهوني الكيفية التي خلخلت العلاقة مع الذات من خلال تقسيمه الثلاثي للاحتقار وأشكال الذل أو نفي الاعتراف ([29]) ، وهي: _
أولا- الإذلال الجسدي (المستوى البدني): ويشمل “أشكال سوء المعاملة إلي يحرم فيها المرء من التصرف الحر في جسده” ([30])، ،وهو في الأساس عنف يرتكز على التعذيب والاغتصاب بهدف إخضاع الإنسان وجسده وذاته عن طريق الإكراه، من خلال الممارسات التي ترتبط بحرمان الشخص من إمكانية التصرف أو التحكم في جسده على وفق ما اكتسبه من تجارب أثناء تنشئته الاجتماعية، والمقوضة لا محالة لعلاقة المرء باحترام ذاته المنتهكة ولمشاعر الإهانة والإذلال والخضوع لقوة قاهرة تسلطت عليه وهددت كيانه ووجوده وأفقدته ثقته بنفسه، وبالعالم الاجتماعي الذي ينتمي إليه، وبشعوره بأمنه الخاص ما يولد الصراع بين الذات ونكران الآخر لها.
ثانيا- الحرمان القانوني (المستوى البنيوي): ويتعلق بأنماط الازدراء التي تكون فيها الذات ضحية محرومة من الحقوق أو بعضها داخل المجتمع الذي تنتمي إليه([31])، ،فلا تحظى بذات المكانة التي يحظى بها الشريك المتفاعل والمتمتع بكافة حقوقه([32])، ،سواء كانت حقوقا مدنية أو سياسية أو حقوقا اجتماعية، من حماية الدولة لحرية الشخص وملكيته من حالات الانتهاك، أو في حرية التعبير والانتخاب، أو في حقه باكتساب الخبرات الأساسية، ما يولد الشعور بالتهميش والإقصاء الاجتماعي يعجز بعدها عن إقامة علاقة إيجابية مع ذاته واحترامه لها([33]) ، مع عجز الذات في أن تعتبر نفسها شريكا تفاعل له القدرة على التعامل على قدم المساواة مع الأقران([34])ينخرط بعدها هؤلاء في سياق الصراع من أجل الحصول على اعتراف بحقوقهم المستلبة.
ثالثا- الحكم سلبا على القيمة الاجتماعية للفرد أو للجماعة (المستوى القيمي أو المعياري): وهو شكل من أشكال الانتهاك للكرامة الشخصية أو الجماعية للآخر، كما أنه نوع من الاحتقار الاجتماعي المرتبط بتقليل قيمة الآخر ومكانته والحكم بالنقص المغلوط عليه داخل الأفق الثقافي للمجتمع، وعملية الحط لقيمته أو الإذلال للجماعة التي ينتمي إليها تؤدي إلى فقدان تقديره للذات واحترامها، فعدم الاعتراف بقدرات الفرد ومؤهلاته التي اكتسبها الفرد ونماها بمختلف مراحل حياته تجعله يشعر بالاحتقار والإذلال والمساس بكرامته الإنسانية، وهو ما يسمى بضياع التقدير الاجتماعي وبالتالي ضياع القدرة على تحقيق اندماج اجتماعي([35]) ، وهو بذلك أخطر أنواع عدم الاعتراف أو الاحتقار الاجتماعي.
ويستنتج هوني من أشكال الإذلال على اختلافها نتيجة أساسية متعددة الأبعاد مطلقا عليها بالإماتة (mortification) كتعبير عن المهانة والإذلال، سواء تعلق الأمر بالإماتة النفسية نتيجة للتعذيب أو الاغتصاب، والإماتة الاجتماعية بالحرمان من الحقوق المختلفة، أو الإماتة القيمية أو الأخلاقية المرتبطة بالتقدير الاجتماعي المشوه أو الناقص وهي جميعا أمراض اجتماعية كبرى، مقدما أطروحته بالصراع من أجل الاعتراف للانعتاق من تجارب الإذلال معتبرا إياها منبعا للوعي ومصدرا لحركات المقاومة الاجتماعية والانتفاضات الجماعية ([36]) ، وهي كفيلة بوضع حد للصراعات الاجتماعية القائمة على السيطرة والهيمنة والظلم الاجتماعي.
بعد أن قدم إكسل هوني أشكال الاحتقار المؤدية إلى النزاع والصرع الاجتماعي، قام بإعادة بناء التجربة الاجتماعية انطلاقا من أشكال الاعتراف المتبادل بين الذوات تأسيسا للهوية داخل نسيج العلاقات الاجتماعية بين الفرد والآخرين وما تتضمنه من أشكال للتعامل الاجتماعي يكتسب خلالها الأفراد اعترافا متبادلا كفيلا بوضع حد للصراعات القائمة على السيطرة والظلم الاجتماعي، يستطيع الأفراد تحقيقا ذواتهم وهوياتهم ضمن علاقات اجتماعية مرهونة بتحقيق نماذج أو أشكال معيارية للاعتراف وهي الحب والحق والتضامن:-
أولا الحب: لا يشير هوني إلى مفهوم الحب وفقا لمعناه الضيق الرابط بين الرجل والمرأة فقط، بل إنه النواة المكونة لكل حياة أخلاقية([37])بل عرفه وفقا لمعناه الاجتماعي لمختلف العلاقات الأولية كالعلاقات الايروسية ، والصداقة والعلاقات العائلية التي تفترض وجود روابط عاطفية قوية بين عدد محدد من الأشخاص([38])، هذا يعني أن هناك علاقة متداخلة بين علاقة الحب كتجربة تفاعلية وبين قدرة الفرد على الشعور بقيمته أو مكانته المعززة لثقته واحترامه لذاته، فالحاجة الإنسانية للعناية والاهتمام تتجلى صورها الأولية بعلاقة التفاعل بين الأم وطفلها كأول علاقة اعتراف متبادلة تشكل فيه الأم بيئته التي تلبي حاجاته العاطفية والبيولوجية ومن ثم تنظم علاقاته لتشمل الأفراد الآخرين في المجتمع،
وهكذا فاني الأسرة تمثل المؤسسة الاجتماعية المشكلة لمفهوم الاعتراف عند الفرد، ولا يمكنها القيام بوظيفتها هذه بشكل سليم إلا في ظل علاقات اعتراف سليمة أساسها عاطفي (الحب) تحقق للفرد الاتزان العاطفي والثقة بالنفس، وتشعره بالآمن وسكون النفس كشرط نفسي لنمو احترام الذات([39]) ، وبدونه تتفتت الأسر وتتفكك أواصرها منعكسة على ذات الفرد وثقته بها وبقدرته على تنظيم علاقته لتشمل أفراد آخرين([40])، ، تؤثر بذلك تجارب العلاقات العاطفية إلي يمر بها الفرد مع شركائه الأوائل دورا في قدرته على تحقيق اتزان بين تأكيد ذاته وعلاقته بالآخرين أثناء عملية التفاعل الاجتماعي.
ثانيا الحق: هو الشكل الثاني للاعتراف المتبادل بين الأفراد وفقا للمستوى القانوني كمبرر لتحقيق هدف أساسي ضامن لحرية الأفراد واستقلالهم الذاتي، وركيزة أساسية من الركائز المكونة لهوياتهم الذاتية، في إطار اعتراف متبادل بين الأفراد كحاملين لحقوق ما يدركون أن عليهم التزامات معيارية ومسؤولية أخلاقية تجاه الآخرين الحاملين لذات الحقوق، ويرى هوني أن الحق كمفهوم كوني لا يمكن أن يشهد تقدما بإمكانية التطور الأخلاقي إلا عبر الصراعات الاجتماعية سواء على مستوى الحقوق المدنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية داخل إطار مؤسساتي والحكم عليها لا يمكن أن يكون إلا من خلال معايير أخلاقية اجتماعية([41])،، تؤمن حماية اجتماعية ولكرامة إنسانية للذات ([42])، يتبادل عبرها الأفراد الاحترام والتقدير الاجتماعي والمساواة في الفرص التي يجب أن يتمتع بها مختلف الأفراد تؤهلهم من الاستفادة فعليا من الحريات المضمونة اجتماعيا وقانونيا([43])، بالتالي يعكس إنكار الاعتراف بهذه الحقوق تحد كبير بين الفرد وإنكار ذاته واحترامه لها وبين الاضطهاد القانوني من قبل الآخر، والذي لا يمكن التحرر منه إلا بالصراع من أجل اعتراف قانوني بحقوقها كافة.
ثالثا التضامن: علاقة ترابط إيجابي لا انقطاع لها يتمتع افردها بالتقدير الاجتماعي، ضمن أفق من القيم الثقافية التي يقدر كل منهما الآخر بشكل متبادل، وإلى أهداف وغايات يقيس كل منهما أهمية صفاته الشخصية وخصائصه النوعية بالنسبة لحياة الآخر([44]) ، ما يشير إلى ارتباط علاقات التقدير المتماثل بين الذوات على الآخرين أو على تقدير الغير، يستطيع بعدها الفرد تشكيل صورة إيجابية عن ذاته المتأثرة بمواقف الآخرين، والمدعومة بمجمل الأعمال أو المواقف الأخلاقية ذات القيمة العالية بنظرهم ويتعلم عن طريقها كل فرد من أفراد المجتمع الاعتراف بأهمية وقيمة مؤهلات وإمكانات الآخرين([45])، تترافق معها مشاعر الثقة بالإنجازات الذاتية أو بالقدرات التي يمتلكها وبتقدير واحترام الذات وفقا لمميزاته الخاصة المحققة للأهداف والغايات المشتركة في إطار اعتراف متبادل بأهمية الآخر كمكون مهم وأساسي في المجتمع.
وبذلك فإن تجربة الإذلال والاحتقار التي تؤدي إلى صراع اجتماعي تتم معالجتها عن طريق توفير صفات نفسية اجتماعية تتبلور حول الثقة الذاتية واحترام الذات وتقدير الذات والتي يمكن أن نعرضها في مخطط توضيحي:
عدم الاعتراف / الذل والاحتقار | مقاييس عدم الاعتراف | أشكال الاعتراف | مقاييس الاعتراف | الاعتراف الاجتماعي | ||
العنف الجسدي | فقدان الثقة | الحب | الثقة بالذات | المجال الشخصي | ||
الحرمان من الحقوق | عدم الاحترام | القانون | احترام الذات | مجال العلاقات الاجتماعية | ||
الحكم السلبي على قيم الفرد او الجماعة | عدم التقدير | التضامن | تقدير الذات | المجال الاجتماعي السياسي |
انطلاقا مما سبق يمكن القول إن مجمل النظريات التي ساقت الاعتراف كنظرية سياسية واقتصادية قصد الوصول إلى فهم أعمق للعلاقات الاجتماعية وفقا لمفاهيم الهوية والتعدد والخصوصية ولأفكار العدالة والحرية والمساواة، وبعيدا عن الطابع الفلسفي هذا، وظف إكسل هوني النظريات السوسيولوجية والسيكولوجية لتعزيز مفهوم الاعتراف لديه، مؤكدا أن الفلسفة الاجتماعية التي انطلق منها الاعتراف يجب أن تنفتح على الدراسات الميدانية يشترك فيها فلاسفة وعلماء اجتماع واقتصاد ونفس، لذلك حاول هوني إعادة إدماج بنيوي لأشكال الصراعات الاجتماعية وأنماط التجارب الأخلاقية المعاشة ضمن نموذج معياري لاعتراف متبادل مستلهم إياه من فلسفة هيغل كما أسلفنا ومن أعمال جورج هربرت ميدي([46]) ،وفي ضوء الطرح السابق وإمكانية تطبيق يجمع الأفكار ذات الطابع الفلسفي التي جاءت بها أفكار تشارلز تايلور ونانسي فريزر والنظريات السوسيولوجية والنفسية التي قدمها هوني وبتوليفة لهم يمكن أن تتبلور في تحديد طبيعة العلاقات الاجتماعية في المجتمعات المتصارعة بين مختلف مكوناته وفئاته الاجتماعية المختلفة سواء على الصعيد الديني أو القومي أو اللغوي، وعلي مدى توافر شروط ومعايير الاعتراف الاجتماعي التي يمكن أن تحقق مدى الثقة الذاتية والاحترام الذاتي والتقدير الذاتي التي يتمتع بها كل فرد أو جماعة من الجماعات الاجتماعية، ومدى وجود مشاعر الظلم والاحتقار والإذلال الاجتماعي كأحد الأسباب الرئيسية لمختلف مظاهر العنف والصراع الاجتماعي الذي شهدته المجتمعات بصورة عامة.
الخاتمة:
مما تقدم في هذا البحث يمكن أن نتلمس في أن من الأسباب التي أدت إلى الإقصاء والتهميش وعدم الاعتراف وعلى وفق ما طرحته نظريات الاعتراف والتي حاول أكثر من باحث في أن يجد تفسير لحالات لهذه الصراع في المجتمعات المتعددة إلى إشكاليات في الشخصية والثقافة والحرمان الاقتصادي والسياسي والثقافي، والتي تجمعت في بوتقة المجتمع التي حاولنا أن نحددها على وفق منظور آخر فالتنوع والتعدد والعنف والتعصب هي صفات راسخة في المجتمعات، ولكن لا بد من أن يتم احتواؤها في مظلة كبيرة تحاول أن تحقق الثقة بالنفس والاحترام والتقدير، فكل هذه الصفات السلبية يمكن أن نجمعها في مقولة عدم الاعتراف والتي هي تعبير سلوك اجتماعي يحاول عن طريقه المجتمع أن يحقق معايير الاعتراف والتي هي الثقة والاحترام والتقدير الاجتماعي.
المصادر والمراجع:
المراجع العربية:
1ـــ الزواوي بغوره، الاعتراف من حاج مفهوم جديد للعدل، دراسة في الفلسفة الاجتماعية، دار الطليعة، بيروت، 2012.
2 ـــ الزواوي بغوره، ما بعد الحداثة والتنوير موقف الأنطولوجيا التاريخية دراسة نقدية، ط1، دار الطليعة، بيروت، 2009.
3 ــ فؤاد البهي السيد والدكتور سعد عبد الرحمن، علم النفس الاجتماعي رؤية معاصرة، ط1، دار الفكر العربي، القاهرة، 1999..
4ــ كمالا بمونير، النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت من ماركس هوركهايمر إلى إكسل هوني، دار الأمان، الرياض، 2010.
5 ــ مصطفى خلف عبد الجواد، نظرية علم الاجتماع المعاصر، ط2، دار المسيرة للنشر والتوزيع، الأردن، 2011،.
المراجع المترجمة:
1 ـــ إكسل هوني، الصراع من أجل الاعتراف القواعد الأخلاقية للمآزم الاجتماعية، المكتبة الشرقية، بيروت، 2015.
2 ــ أيان كريب، النظرية الاجتماعية من بارسونز إلى هابرماس، ترجمة د. محمد حسين غلوم، عالم المعرفة، الكويت، 1999،.
3 ـــ دومنيك شنايبر، وكريستيان باشولييه، ما المواطنة، ترجمة سونيا محمود نجا، ط1، المركز القومي للترجمة، القاهرة، 2016.
4 ـــ اليكساندرا لينيل لأفاستين، حوار مع اكسيل هويت في نقد مخاطر الفردانية الليبرالية، ترجمة خالد جبور،، كتب كوة الرقمية، فيلسوف الاعتراف ونزع الحقارة اكسيل هوني، 2021.
5 ـــ يورغن هابرماس، أنيقا المناقشة ومسألة الحقيقة، ترجمة عمر مهيب، منشورات الاختلاف، الجزائر، 2014.
ـــ المجلات والدوريات :
1 ـــ آمنة بلعي، الدراسات البينية وإشكالية المصطلح العابر للتخصصات، مجلة سياقات اللغة والدراسات البينية، المجلد الثاني، العدد5، الجزائر، 2017.
2 ـــ إيمان الهاشمي والدكتور ميلود العربي، إكسل هوني جدلية الذات والآخر بين الاعتراف والاحتقار، مجلة مقاربات فلسفية، المجلد8، العدد1، جامعة الحميد بن باديس، الجزائر، 2021
3 ــ محمد بو عبد الله، سوسيولوجيا الاعتراف لمواجهة مشاكل العنف والجور الاجتماعي، مجلة إضافات، العدد، 2017.
4 ــ مهند مصطفى سياسة الاعتراف والحرية، مجلة تبين، العدد17/5,2016.
ـــ مواقع الانترنيت والشبكة العنكبوتية :
1 ــ جميلة حنيفي، نظرية الاعتراف بين إكسل هونت ونانسي فريزر، بحث منشور على المواقع الإلكترونية مجلة ثقافات، الإنترنت.
2 ــ سيلين سباكتر، تشارلز تايلور، حكاية الذات والنشأة والأطروحة الفلسفية، مجلة الاستغراب، 2016، الإنترنت،
3 ــ عزيز الهلالي، من الاعتراف إلى التبرير… حوار نقدي بين نانسي فريزر وإكسيل هوني وراينر فورست، مجلة ثقافات، 2017، الإنترنت،.
4 ــ فتحي المشكيني، مجتمع الاحتقار، مؤسسة ومؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، 2021، الإنترنت، https:// www. mominoun. com/، دون رقم صفحة.
المصادر والمراجع الأجنبية:
1 Nancy Fraser، «Les Dilemmes de la Justice dans une ère «Post- 1 Socialiste»»، p163…
2 Nancy Fraser، «Les Dilemmes de la Justice dans une ère «Post- Socialiste»»، in: www. cairn. info/ revue- du- mauss- 2004-1- page- 152. htm، p163…
[1] -اكسل هونيث، الصراع من اجل الاعتراف القواعد الاخلاقية للمآزم الاجتماعية، ص15.
* تتداخل الفلسفة الاجتماعية مع العديد من التخصصات كالفلسفة السياسية ونظرية المعرفة الاجتماعية وتتداخل مع الانثروبولوجيا وعلم الاجتماع وعلم النفس ومن ابرز روادها سقراط ،افلاطون ،فلاسفة العقد الاجتماعي ،سيغموند فرويد ،كارل ماركس، اميل دوركهايم ،ماكس فيبر ،ثيودور ادورنو ،جورج لوكاش ،برتراند راسل ، انتوني بانيكوك ،هربرت ماركوز وغيرهم من العلماء والفلاسفة
[2] الزواوي بغورة ، مرجع سابق،ص9-11.
[3] – الزواوي يغورة ،مرجع سابق،ص11-12.
* -تشارلز مارغريف تايلور فيلسوف كندي ولد عام1931 من مدينة كيبك يعد من ابرز الفلاسفة المعاصرين في مجال الفلسفة السياسية والاخلاقية والفلسفة الدينية وهو استاذ العلم السياسي والفلسفة في جامعة مكغيل مونتريال منذ1061 الى 1997، عين رئيسا بالاشتراك مع عالم الاجتماع جبرار بوشار في اللجنة الاستشارية حول التوافقات المتعلقة بالاختلافات الثقافية التي سميت لجنة بوشار –تيلور والتي اصدرت تقرير تحت عنوان “زمن المصالحة”دافعت فيه عن تصور منفتح للعلمانية وعن تعدد الثقافات والتنوع في المجتمع اضافة الى دمج اللاجئين ، ويعد ايضا احد ابرز ممثلي الجمعاتية التي هي تفكير سياسي يحاول فهم واقع التعدد الثقافي في المجتمع بالنظر الى مثل وقيم الليبرالية المتمثلة بشكل خاص بالحرية والمساواة في الحقوق وحق الجماعة بالاحتفاظ بخصوصيتها وقيمها وهوياتها ،ورغم هذا الا انه لم يتبن الانتماء بل ان فكره كان اشد غنى وتنوع كما اهتم بدراسة مجالات عدة كالإنسانيات والتاريخ والاجتماعيات، اعتمد على طروحات هيغل وماركس وديكارت ،له كتب عديدة منها ( شرح السلوك،هيغل والمجتمع الحديث وكالة الانسان واللغة،مصادرالأنا:تكون الهوية الحديثة، التعددية الثقافية :دراسة سياسية الاعتراف، اخلاقات الاصالة ،العلمانية وحرية الضمير) ( مهند مصطفى سياسة الاعتراف والحرية ،مجلة تبين،العدد17/5،2016)
[4] – مهند مصطفى سياسة الاعتراف والحرية،مجلة تبين،العدد17/5،2016،ص79.
[5] – دومنيك شنايبر و كريستيان باشولييه ،ما المواطنة، ترجمة سونيا محمود نجا،ط1،المركز القومي للترجمة ،القاهرة،2016،ص359.
[6] – دومنيك شنايبر و كريستيان باشولييه ،المصدر نفسه،ص362.
[7] – د.الزواوي بغورة ،مرجع سابق،ص78.
[8] -سيلين سباكتر ، تشارلز تايلور، حكاية الذات والنشأة والاطروحة الفلسفية ،مجلة الاستغراب،2016،الانترنت،ص236.
[9] – د.الزواوي بغورة، مصدر سابق،ص85
[10] – مرجع نفسه،ص88.
[11] – الزواوي بغورة، مابعد الحداثة والتنوير موقف الانطولوجيا التاريخية دراسة نقدية،ط1، دار الطليعة ، بيروت،2009،ص277.
* نانسي فريزر فيلسوفة امريكية معاصرة ولدت في عام 1947 بمدينة بالتيمور في الولايات المتحدة الامريكية ،تشغل منصب استاذ بالمدرسة الجديدة للبحث الاجتماعي بنيويورك ،اهتمت بدراسة الفلسفة والعلوم السياسية التي شغلت الجيل الثالث للنظرية النقدية مدرسة فرانكفورت امثال اكسيل هونيث وجوديث بتلر وسيلا بن حبيب وهابرماس ويشكل موضوع العدالة والحق والنظرية النسوية والفضاء العمومي محمور كتاباتها العديدة وتشكل كتبها الاساسية الثلاثة اسس تصورها هذا ” ماهي العدالة الاجتماعية الاعتراف واعادة التوزيع 2011″ وكتاب “دينامية النساء2013″ و”جدالات نسائية مطارحات فلسفية” بالاشتراك مع سيليا بن حبيب وجوديث بتلر ودورسيلا كورنل 1994،ولم تحظ هذه المؤلفات بالترجمة الى اللغة العربية (د.جميلة حنيفي ،نظرية الاعتراف بين اكسل هونث ونانسي فريزر ،بحث منشور على المواقع الالكترونية ،الانترنت ،ص111.)
[12] – Nancy Fraser, « Les Dilemmes de la Justice dans une ère « Post-Socialiste » », in : www.cairn.info/revue-du-mauss-2004-1-page-152.htm,p163.
[13] – د.عزيز الهلالي ،من الاعتراف الى التبرير ..حوار نقدي بين نانسي فريزر واكسيل هونيث وارينر فورست، مجلة ثقافات ،2017،الانترنت،ص5-6.
[14] – Nancy Fraser, « Les Dilemmes de la Justice dans une ère « Post-Socialiste » », p163.
[15] – Nancy Fraser, « Les Dilemmes de la Justice dans une ère « Post-Socialiste » », p163.
* لد اكسل هونيث في مدينة ايسن بالمانيا عام 1949 ،درس الفلسفة وعلم الاجتماع في بون ثم في جامعة برلين، استقر في جامعة فرانكفورت كأستاذ في الفلسفة الاجتماعية ،تأثر في بداية حياته الفكرية باستاذه يورغن هابرماس ،ثم عمل على تأسيس فلسفة اجتماعية جديدة ارتكزت على براديفم اي(نموذج او اطار نظري يشير الى نمط تفكير ضمن اي تخصص علمي) الاعتراف واسس له هذا النموذج شهرة عالمية واسعة في البلدان الاوربية والولايات المتحدة له عدد من المؤلفات اهمها نقد السلطة1985،الصراع من اجل الاعتراف1992،مجتمع الاحتقار2002،التشيؤ2005، امراض الحرية 2008،حصل على عدد من الجوائز كجائزة ارنست بلوخ عام 2015،وجائزة برونو كرايسكس عام 2016.
* يرجع تاريخ تأسيس مدرسة ( معهد ) فرانكفورات او النظرية النقدية الى عام 1923 على يد فيليكس فايل، وفريدريش بولوك ، وماكس هوركهايمر الذي أصبح فيما بعد مدير هذا المعهد ، وحفاظا على هذه المدرسة من تسلط السياسة ،والأحزاب، والسلطة اعتمدت على تمويل كل من فايل وأبيه هرمان فايل بهدف التطبيق العلمي المنطلق من محاولة معرفة وفهم الحية الاجتماعية ( حسن محمد حسن ،النظرية النقدية عند هربرت ماركيوز، ص 84 )، وكشف جروينبرج كأول مدير للمعهد عام 1924عن فروعها العلمية الستة وهي المادية التاريخية ،والماركسية ،والاقتصاد السياسي ،والمشكلات الاقتصادية ،ووضع العمال ،وعلم الاجتماع ،وتاريخ المذهب الاجتماعية ،والأحزاب( مدرسة فرانكفورتنشأتها ومغزاها، ص22-30) وتوالت انتاجاتها من المطبوعات والكتيبات والمجلات ذات النزعة اليسارية ، ومع تسلم هوركهايمر ادارة المعهد1927 انتقلت التوجهات العلمية نحو نقد الايديولوجية والحداثة والتقنية وسلبياتها الاجتماعية وما يتعلق بها من سيطرة وانهيار موقع ومكانة الفرد في المجتمعات الغربية ، فضلا عن النزعة التشاؤمية وظهور حالة من اليأس و اللاتسامح، وان الافراد في المجتمعات الحديثة منعزلون ليس لهم هوية يعيشون خواء روحي في عالم لا يستطيعون فهمه، (فرنر شينيدرس ، الفلسفة الألمانية في القرن العشرين ، ، ترجمة محسن الدمرداش ،ص109-114)، ومع تصاعد الارهاب النازية أنتقل –المعهد بين جنيف والولايات المتحدة الامريكية وبرزت اسماء مثلت مرحلة اثراء فكري ونتاج معرفي على يد هربرت ماركوز ووالتربنيامين واريك فروم (ايان كريب، النظرية الاجتماعية من بارسونز الى هابرماس، ترجمة د. محمد حسين غلوم، عالم المعرفة ،الكويت ،1999، ص 311-312) لتشهد بعد ذلك ولادة جديدة بظهور هابرماس بعد عودتها الى المانيا مجددا مطورا مفهومه العقل التواصلي والذي يتخذ من التفاهم الحاصل نتيجة لعلاقات التواصل بين طرفين دون فرض التفاهم بينهم فرضا سواء عن طريق التدخل في الموقف تدخلا مباشرا او عن طريق التأثير في قرارات الخصم(ايان كريب، المصدر نفسه،ص350)، فضلا عن تركيزها على دراسة الفعل الاجتماعي وتأويله بوصفه ممارسة وخبرة اجتماعية
* الدراسات البينية وهي الدراسات القائمة على الانفتاح بين العلوم المختلفة، تقوم على تجميع لمختلف ،بتوليفة للتعاون وللتضافر من اجل تقديم توصيف علمي للظواهر اقرب الى الصحة ومن ثم فالبينية ظاهرة معرفية اي موضوعا ومنهجا في الوقت ذاته ،تبحث من خلالها الدراسات البينية عن الحلول والاجابات عن الاسئلة المعقدة بإعادة النظر في بعض الظواهر مهما تباعدت التخصصات (د.امنة بلعى، الدراسات البينية واشكالية المصطلح العابر للتخصصات ، مجلة سياقات اللغة والدراسات البينية، المجلد الثاني،العدد5، الجزائر،2017،ص217)
[16] – د.الزواوي بغورة، مرجع سابق،ص160
[17] -اليكساندرا لينيل لافاستين، حوار مع اكسيل هونيت في نقد مخاطر الفردانية الليبرالية ،ترجمة خالد جبور، ،كتب كوة الرقمية، فيلسوف الاعتراف ونزع الحقارة اكسيل هونيث ،2021،ص20.
[18] – مرجع نفسه ، ص20.
[19] – ايان كريب،ا لنظرية الاجتماعية من بارسونز الى هابرماس، ترجمة د.محمد حسين غلوم، عالم المعرفة ،الكويت ،1999، ص351.
[20] -د.الزواوي بغورة،مرجع سابق،ص166-167.
[21] -د.الزواوي بغورة، مرجع سابق،ص166-167.
[22] – يورغن هابرماس، اتيقا المناقشة ومسالة الحقيقة ، ترجمة عمر مهيبل ،ص 53 ـ 66 .
[23] – مصطفى خلف عبدالجواد ،نظرية علم الاجتماع المعاصر،ط2،دار المسيرة للنشر والتوزيع،الاردن،2011،ص72-73.
[24]– د. فؤاد البهي السيد والدكتور سعد عبدالرحمن ،علم النفس الاجتماعي رؤية معاصرة،ط1، دار الفكر العربي، القاهرة،1999،ص46.
[25] -اكسيل هونيث، فيلسوف الاعتراف ونزع الحقارة ،
[26] -أكسل هونيث، الصراع من اجل الاعتراف القواعد الاخلاقية للمآزم الاجتماعية ،مصدر سابق،ص92.
[27] – د.كمال بومنير ،النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت من ماركس هوركهايمر الى اكسل هونيث ،دار الامان،الرياض،2010،ص156.
[28] – فتحي المسكيني، مجتمع الاحتقار ،مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والابحاث ،2021،الانترنت،https://www.mominoun.com/ ، بدون رقم صفحة.
[29] – اكسل هونيث ،الصراع من اجل الاعتراف، مصدر سابق،ص239.
[30] -د.كمال بومنير ،اكسل هونيث فيلسوف الاعتراف، مصدر سابق،ص97.
[31] -مرجع نفسه ،ص99.
[32] – ايمان الهاشمي والدكتور ميلود العربي ،اكسل هونيث جدلية الذات والآخر بين الاعتراف والاحتقار، مجلة مقاربات فلسفية ،المجلد8،العدد1،جامعة الحميد بن باديس، الجزائر،2021،ص392
[33] – اكسل هونيث ،الصراع من اجل الاعتراف ،مصدر سابق،ص244.
[34] – محمد بو عبدالله، مرجع سابق،ص147.
[35] – الزواوي بغورة، مرجع سابق،ص178.
[36] – د.كمال بومني، اكسل هونيث فيلسوف الاعتراف، مرجع سابق،ص52.
[37] – اكسل هونيث، الصراع من اجل الاعتراف، مرجع سابق،ص197-198.
[38] – د.كمال بومنير، النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت من ماكس هوركهايمر الى اكسل هونيث،ط1،الدار العربية للعلوم ناشرون،بنان،2010،ص108.
[39] – د.كمال بومني ،اكسل هونيث فيلسوف الاعتراف، مرجع سابق،ص54-55.
[40] – د.كمال بومنير ،النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت من ماكس هوركهايمر الى اكسل هونيث، مرجع سابق،ص109.
[41] – د.كمال بومني،اكسل هونيث فيلسوف الاعتراف ،مرجع سابق،ص56.
[42] – اكسل هونيث، الصراع من اجل الاعتراف، مرجع سابق،ص200.
[43] – المرجع نفسه،ص216.
[44] – المرجع نفسه،ص221-222.
[45] – د.كمال بومني،اكسل هونيث فيلسوف الاعتراف ،مرجع سابق،ص60.
[46] – د.كمال بومنير،النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت من ماكس هوركهايمر الى اكسل هونيث،مرجع سابق،ص107-108.