أزمة العُديد في الصراع القطري الظبياني والموقف العثماني البريطاني منه
Al-Udaid village in the Qatar/Abu Dhabi conflict and where the Ottomans and the British stood.
ط/د. محمود أحمد عبد اللهي أحمد (معهد العلوم الاجتماعية بجامعة سكاريا ، تركيا)
Mahmoud Ahmed Abdullahi Ahmed (Institute of Social Sciences, Sakarya University, Turkey)
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية العدد 32 الصفحة 35.
Abstract:
The sovereignty of the Qatari peninsula was a contestable issue between Ottomans and the British. The two empires engaged militarily for control over the eastern Gulf coasts overlooking the Arabian Gulf, Gulf of Oman and Hormuz strait. The British Empire mobilized its policy planners of the region to conduct geographical, legal, political and historical studies to determine the legal standing of Qatar and examine the validity of the Ottoman claims to the region’s land and waters. However their covert agenda aimed to refute the Ottoman claims and demonstrate the rightful claim of Britain over the Qatari peninsula especially Al Udaid. Al Udaid was settled by AlQubaisat tribe who migrated from Abu Dhabi as the tribe was in conflict with the rulers of Abu Dhabi.
AlQubaisat tribe attempted to secede from Abu Dhabi rule and form their own new political entity under the British protection. The British encouraged the secessionists from AlQubaisat to establish an independent Al-Udaid emirate so that they can continue the policy of dividing Abu Dhabi emirate after they were successful in separating Dubai in 1830. However, the British were worried that the Ottoman presence in Qatar will swallow the newly founded Al-Udaid emirate if they were not to stand firmly with it. They were also afraid that Abu Dhabi will welcome the Ottomans if they were to support Al-Udaid emirate. The British therefore faced an arduous dilemma in how to contain the expansion of the Ottoman sphere of influence.
ملخص
لم تكن السيادة على شبه جزيرة قطر، التي كانت الدولة العثمانية تدعيها لنفسها، وبريطانيا تنكرها مسألة سهلة، حيث دخلت الدولتان في صراع مستميت للسيطرة على سواحل الجزيرة العربية الشرقية المطلة على الخليج العربي وخليج عمان ومضيق هرمز، واستنفرت بريطانيا عدداً من مخططي سياستها في تلك المنطقة وطلبت منهم وضع دراسات جغرافية، وقانونية، وسياسية، وتاريخية، هدفها المُعلن هو تحديد مركز قطر القانوني وحق الدولة العثمانية في السيطرة على أرضها ومياهها، أما الهدف الحقيقي هو سعي بريطانيا لدحض الادعاءات العثمانية، تمهيداً لإثبات حقّ بريطانيا في السيطرة على شبه الجزيرة القطرّية، لا سيما منطقة العُديد. التي تعود مشكلتها إلى هجرات القبيسات من أبو ظبي إلى منطقة العُديد نتيجة للخلافات التي كانت تنشأ مع حكام أبو ظبي.
حاولت قبيلة القبيسات الانفصال عن حاكم أبو ظبي وإنشاء كيان سياسي جديد لها تحت المظلة البريطانية، حيث شجعت بريطانيا المنشقين من القبيسات لإقامة إمارة العُديد المستقلة، من أجل استمرارية سياسة التجزئة وتفتيت إمارة أبو ظبي بعد أن نجحت بريطانيا في فصل دبي عام 1830، ولكن ظهور الوجود العثماني في قطر جعل بريطانيا تخشى من أن تستظل العُديد بالمظلة العثمانية إن لم تقف بجوارها، الأمر نفسه التي كانت تخشاه تجاه أبو ظبي إن ساعدت بريطانيا العُديد، فواجهت بريطانيا موقفاً صعباً للغاية مما جعلها تفكر جيداً في وقف الامتداد العثماني وتوسعه.
مقدمة:
لم تكن السيادة على شبه جزيرة قطر، التي كانت الدولة العثمانية تدعيها لنفسها، وبريطانيا تنكرها مسألة سهلة، حيث دخلت الدولتان في صراع مستميت للسيطرة على سواحل الجزيرة العربية الشرقية المطلة على الخليج العربي وخليج عمان ومضيق هرمز، واستنفرت بريطانيا عدداً من مخططي سياستها في تلك المنطقة وطلبت منهم وضع دراسات جغرافية، وقانونية، وسياسية، وتاريخية، هدفها المُعلن هو تحديد مركز قطر القانوني وحق الدولة العثمانية في السيطرة على أرضها ومياهها، أما الهدف الحقيقي هو سعي بريطانيا لدحض الادعاءات العثمانية، تمهيداً لإثبات حقّ بريطانيا في السيطرة على شبه الجزيرة القطرّية، لا سيما منطقة العُديد. التي تعود مشكلتها إلى هجرات القبيسات من أبو ظبي إلى منطقة العُديد نتيجة للخلافات التي كانت تنشأ مع حكام أبو ظبي.
والقبيسات هي فرع من قبيلة ياس التي تقطن في صحراء ليوا بإمارة أبو ظبي على أطراف الربع الخالي، وقد هاجرت قبيلة القبيسات ثلاث مرات إلى منطقة العُديد، وقد أدت هجرتها الثالثة والأخيرة إلى قيام مشكلة بين حاكم أبو ظبي وبريطانيا حول هذه القبيلة المنشقة. فأدى ذلك إلى التغير في الموقف البريطاني من سياسة التجزئة في ساحل عمان، إلى المحافظة على وحدة أراضي إمارة أبو ظبي، ليس حفاظاً على تلك الإمارة ولكن خوفاً من التدخل العثماني بعدما دخل المنشقون القبيسات تحت سيادة حاكم قطر الذي كان خاضعاً للسيادة العثمانية.
ونتيجة لتزايد النفوذ العثماني في الأحساء وقطر، فإن الاهتمام البريطاني بالعُديد اتخذ طابعاً آخر، وجعلها تخشى امتداد ذلك النفوذ ليس على إمارة أبو ظبي وإنما على سهل عمان بأكمله. ولهذا أسرعت بريطانيا للتصدي للموقف واتصلت بزايد بن خليفة وأبلغته بأنها تؤيد حقه في العُديد، وبناءً عليه حشد زايد قواته واتجه صوب العُديد، وعندما وصل إليها وجد أن أهلها قد هربوا إلى قطر، ومن ثمَ تم استرجاع العُديد إلى سيادة أبو ظبي.
وبالتالي فإن بريطانيا اعتبرت أن حدود قطر تقف دون العُديد، بينما أصرت الدولة العثمانية على اعتبار المنطقة ضمن حدود قطر، وبالتالي تخضع للنفوذ العثماني، فكانت العُديد أولى حلقات التنافس، الذي تحول إلى صراع بين الدولتين الكبيرتين، حيث كانت بريطانيا تستهدف منع النفوذ العثماني من الاقتراب من مشيخات الساحل العماني، الواقعة ضمن دائرة نفوذها فبرزت المشكلة منذ عام 1873، وتطورت إلى هجمات متبادلة بين كل من قطر وأبو ظبي عام 1880، واستدعى الشيخ جاسم الدولة العثمانية ضد البريطانيين وطلب مساعدتها له عسكريا دون جدوى، بينما أيد البريطانيون خصمه الشيخ زايد بن خليفة ومارسوا ضغوطهم على جاسم واحتجوا عام 1892 على ما تقوم به الدولة العثمانية في الخليج، وعلى محاولات زيادة نفوذها في قطر، من خلال تعيين مديرين أتراك للعُديد والوكرة والزبارة.
ومن هنا جاءت اهتماماتي بدراسة مشكلة العُديد التي أثارتها قبيلة القبيسات في محاولة منها لإقامة إمارة مستقلة بذاتها، فهل نجحت في ذلك؟ وما مدى تأثير الدور البريطاني والعثماني في نجاح أو فشل تأسيس تلك الإمارة؟ وكيف شكلت هذه الإمارة الوليدة أولى حلقات الصراع بين القوتين المحليتين (قطر، وأبو ظبي)، والقوتين العظميتين (بريطانيا، والدولة العثمانية)، في محاولة لمعرفة كيف شكلت العُديد خطراً على بريطانيا؟ وما هي الأسباب التي جعلت بريطانيا تغير من سياستها القائمة على التجزئة، إلى المحافظة على وحدة قبائل أبو ظبي؟ وما علاقة الدولة العثمانية بذلك؟ وكيف شكلت خطراً على بريطانيا من خلال العُديد؟ وإلى أي مدى أثر الصراع بين بريطانيا والدولة العثمانية على القوتيين الإقليميتين أبو ظبي وقطر؟
وقد اعتمدت الدراسة على العديد من المصادر على رأسها: وثائق سجلات مكتب الهند البريطانية India Office Records، المحفوظة في الأرشيف الرقمي لمكتبة قطر الوطنية، وموسوعة الوثائق القطرية (قطر في الوثائق العثمانية) لأحمد الشرقاوي ومحمد خليل، وكتاب وثائق التاريخ القطري لجي.أي.سالدانا، وبعض الوثائق المنشورة في كتاب قطر الحديثة (قراءة في وثائق سنوات نشأة إمارة آل ثاني 1840-1916) لعبد العزيز عبد الغني، وكتاب قطر التطور التاريخي وقيام الإمارة لصبري فالح، وكتاب فصول في تاريخ الخليج العربي والجزيرة العربية الحديث والمعاصر لغانم محمد رميض العجيلي، وكتاب القبائل والصراعات السياسية والقبلية في تقارير الضباط والمعتمدين البريطانيين لماجد شبر. وقد قسمت الدراسة إلى مقدمة وتمهيد وخاتمة وثلاث محاور رئيسة هما:
أولاً: المحور الأول: هجرة القبيسات وانفصالها عن أبو ظبي:
ثانياً: المحور الثاني: دخول العُديد تحت الحماية العثمانية والموقف البريطاني منها:
ثالثاً: المحور الثالث: عودة القبيسات إلى أبو ظبي وتجدد الصراع مع قطر:
تمهيد:
تقع العُديد في الزاوية الجنوبية الشرقية من شبه جزيرة قطر([1])، وتمتد من رأس الحولة إلى الوكرة وإلى نقطة جزيرة صير بني ياس يحدها من الغرب شبه جزيرة قطر ومن الشرق إمارة ابو ظبي، وتتضمن جزر منها دالما. سكنتها عشيرة القبيسات برئاسة بطي بن خادم منذ سنة 1869 بعد أن هاجرت من أبو ظبي. والقبيسات هي فرع من فروع عشيرة بني ياس التي تتألف من عدة أسر كبيرة منها أبو فلاح التي تنتمي إليها الأسرة الحاكمة في أبو ظبي. فضلاً عن أسر صغيرة تعمل في صيد الأسماك واللؤلؤ وبناء السفن، وهم الذين قاموا ببناء مدينة على الساحل الجنوبي لخور العُديد في أوائل القرن التاسع عشر([2]).
ومن الجدير بالذكر إن العُديد اكتسبت أهمية كبيرة عندما وصل العثمانيون إلى الإحساء وقطر، إذا كانت الحد الفاصل بين النفوذ البريطاني والعثماني في شرقي شبه الجزيرة العربية، إذ أصبحت المدينة منطقة صراع بين البريطانيين والعثمانيين وهذا انعكس على علاقة قطر بأبو ظبي حين استمر النزاع بينهما أكثر من إحدى عشرة سنة لضم هذه المنطقة لكل منهما. وقد شهد هذا الصراع تغير في الموقف البريطاني من سياسة التجزئة في ساحل عمان، إلى المحافظة على وحدة أراضي إمارة أبو ظبي، ليس حفاظاً على تلك الإمارة ولكن خوفاً من التدخل العثماني، لا سيما بعد أن دخل المنشقون القبيسات تحت سيادة حاكم قطر الذي كان خاضعاً للسيادة العثمانية.
المحور الأول: هجرة القبيسات وانفصالها عن أبو ظبي:
هاجرت القبيسات للمرة الأولى لها من أبو ظبي إلى العُديد في عام 1836، تهرباً من دفع حصتهم في الغرامة التي فرضتها السلطات البريطانية على شيخ أبو ظبي خليفة بن شخبوط، نظراً لقيام جماعة تابعين له بأعمال قرصنة، وإزاء ذلك قام الشيخ خليفة بالإغارة عليهم وتمكن من قتل عدد منهم وفر البقية إلى الشارقة ودبي، إلا أن خادم بن نهيان رئيس القبيسات آنذاك عاد إلى أبو ظبي ومعه بقية القبيسات بعد الإغراءات التي عرضها عليه الشيخ خليفة بن شخبوط بشرط أن يظلوا خاضعين لحكمه([3]).
أمّا هجرتهم الثانية التي أحبطها حاكم أبو ظبي سعيد بن طحنون (1845-1855) فكانت بسبب امتناع مراكب القبيسات عن العودة إلى أبو ظبي في أواخر موسم صيد اللؤلؤ واتجهت إلى الدوحة في قطر. وقام شيخ أبو ظبي باتخاذ الإجراءات الفورية لإرغامهم على العودة عام 1849، بعد أن سجن بعض القبيسات الذين كانوا لا يزالون في أبو ظبي فأرسل يستدعي بعض القادة المستوطنين في الدوحة، وحين رجعوا استقبلهم استقبالاً خادعاً. وفي الليلة التالية تم تجريد القوارب التي جاءوا بها، وحين وجد القبيسات أنفسهم عاجزين عن الهرب أرغموا على قبول الشروط التي فرضها عليهم الشيخ وكانت تشمل منعهم من العودة إلى الدوحة، وسداد جميع الديون المستحقة عليهم للدائنين من الأفراد فضلاً عن دفع غرامة خاصة للشيخ([4]).
أما الهجرة الثالثة إلى العُديد كانت في الأعوام من (1869-1880)، حين حاولت القبيسات تحرير نفسها من شيخ أبو ظبي بانتقالهم للإقامة بعيداً عن منطقته عام 1869، ولأسباب لم تتأكد لنا، هاجرت فرقة من القبيسات يقودها بطي بن خادم من أبو ظبي واستقرت بعيدا في خور العُديد([5]). وربما كانت محاولة من بطي بن خادم القبيسي إعادة ما فعله والده خادم بن نهيمان القبيسي في عهد خليفة بن شخبوط، بتأسيس إمارة مستقلة بزعامته، وبالتالي من المؤكد أنه جرت اتصالات مع إمارة جاسم بن محمد الناشئة في قطر، والذي كان يتطلع للثأر من زايد بن خليفة لهجومه على مدينة الدوحة وتدميرها في موقعة خراب الدوحة الثاني عام 1867.
وفي عام 1869 تطلع بطي بن خادم إلى تكوين إمارة مستقلة أسوة بجيرانه طالباً الحماية البريطانية، ويؤكد ذلك رسالته إلى المقيم السياسي البريطاني في الخليج العربي، يطلب فيها حمايته من الشيخ زايد بن خليفة وقد جاء فيها([6]):
“أنتمي إلى قطر منذ أن كان والدي وأجدادي فيها، وكنا قد أقمنا في العُديد وكان لنا فيه منازل ما زالت قائمة حتى الآن، وأجبرنا الشيخ خليفة بن شخبوط على مغادرة العُديد وأخضعنا لإرادته، اضطرنا للموافقة على الذهاب إلى أبو ظبي……، قام الشيخ زايد بإقناعنا بالمجيء إلى قطر مع قواته…في واقعة خراب الدوحة الثاني عام 1867، ثم ذهبنا إلى قطر والشارقة ونشبت معركة بيننا وبين أهالي الشارقة… ثم عدنا فيما بعد إلى أبو ظبي وعلمنا أن الحكومة البريطانية لا توافق على هذه الأعمال، لذا فقد انتقلنا من أبو ظبي حيث وجدناها تحت الحماية البريطانية ….ولذا نود من الحكومة أن تبقينا تحت حمايتها وبهذا لا يمكن لأحد أن يتدخل بشئوننا….، وإذا لاحظتم أننا نتصرف عكس رغباتكم فباستطاعتكم أن تفرضوا علينا غرامة ….، نود الحصول على الرسالة التي تمنحنا هذه الحماية كي يعلم الجميع أننا تحت حماية الحكومة البريطانية وهذا هو هدفنا”
ويتضح من هذه الرسالة أن شيخ القبيسات يبحث عن المبررات لانفصاله عن أبو ظبي سواء بانتقال أجداده أو بعدم موافقته على الأعمال التي لا توافق عليها بريطانيا كالتي قام بها الشيخ زايد في قطر والشارقة والأعمال التي تصف بريطانيا بأنها إخلال بأمن المنطقة، كما يتضح جلياً أن القبيسات فكروا في تكوين إمارة صغيرة مستقلة ترفع علم إمارات ساحل عمان تحت الحماية البريطانية، وأن شيخهم بطي بن خادم القبيسي رأى أن إعلان ولائه لقطر، مع تبعية العُديد، أفضل له، وبأن تصبح منطقة العُديد مستقلة فيما بعد.
وربما لو قبلت بريطانيا هذا الأمر، لتكونت إمارة عربية جديدة منفصلة عن أبو ظبي تقع جنوب قطر، غير أن السلطات البريطانية لم يكن بوسعها تنفيذ ذلك، نظراً لسياسة التجزئة التي اتبعتها تجاه إمارات ساحل عمان، وتشجيعهم على قيام دويلات منفصلة، لذا اعتبروا العُديد تابعاً لقطر عند عقد اتفاقية 1868 مع الشيخ محمد بن ثاني. وعندما وافقت بريطانيا على إقامة القبيسات في العُديد كان الموقف السياسي للمنطقة قد تغير، حيث تزامن مع هذه الاحداث الوجود العثماني في منطقة الخليج، مما أجبر ذلك بريطانيا على إعادة ترتيب أوراقها وسياستها، وأصبحت العُديد منطقة صراع بين البريطانيين والعثمانيين، مما انعكس بدوره على علاقة قطر بأبو ظبي، حيث أدى وجود القبيسات في العُديد إلى تفجير الصراع بينهما لمدة إحدى عشرة سنة لضم هذه المنطقة.
المحور الثاني: دخول العُديد تحت الحماية العثمانية والموقف البريطاني منها:
بعد مطالبات ومراسلات عديدة بين حاكم أبو ظبي والمقيم البريطاني، ونظراً للظروف المستجدة على الساحة السياسية بعد وصول العثمانيين إلى المنطقة، وافق المقيم على إعادة النظر في ضم العُديد لأبو ظبي، ولما كان المقيم البريطاني غير متأكد من تبعية العُديد لأبو ظبي حسب قوله، ورغبة منه في تحري الحقائق حول تبعية هذه المنطقة، أرسل مساعده سميث ليتأكد من ذلك، وأرسل إلى حكومته يعلمها بذلك. وبناءً عليه قام سميث بزيارة العُديد بعد أن تأكد من تبعية العُديد لأبو ظبي، وطالب بطي بن خادم بالعودة إلى أبو ظبي، غير ان بطي بن خادم لم يكتفي برفضه العودة إلى أبو ظبي، وإنما حدد المنطقة التي يدعي السيادة المستقلة عليها، وبالتالي باءت مهمة سميث بالفشل، لأن بطي بن خادم قام برفع العلم العثماني فوق قصره وطرد النقيب سميث وأعلن تبعيته لإمارة قطر التي تتبع الدولة العثمانية([7]). وهنا يمكننا القول إنه لولا التوسع العثماني لقدر لهذه الإمارة أن تنجح في انفصالها عن أبو ظبي، ودخولها في معاهدة مع بريطانيا.
على أية حال فقد قدم سميث تقريره إلى المقيم بأن العُديد تتبع أبو ظبي وأن قيام إمارة بطي بن خادم سيكون العُديد موئلاً للفوضى ويؤثر ذلك على أمن المنطقة، وسيؤدي إلى صدام بحري لا محالة، وبعد أن تسلم بيلي التقرير أعلن في مايو 1871 ضم العُديد إلى أبو ظبي، وبالتالي قد أنهي بيلي الموقف البريطاني المتردد حول مشكلة تبعية العُديد. غير أن المقيم كان يريد أن تسوى المسألة سلمياً بين زايد بن خليفة وسكان العُديد، وكان يخاف من تعقيدات المشكلة بسبب العثمانيين، ظلت هذه المحاولات قائمة على مدار سنتين ولكنها فشلت([8]).
وعندما تم رفع العلم العثماني فوق قلعة العُديد بدأ البريطانيون يرون في مسألة العُديد قضية ذات أبعاد أخرى، لا سيما وأنه بدأ أول اتصال مباشر بين العثمانيين والعُديد في عام 1873 حين زار الأخيرة وفد عثماني برئاسة حسين أفندي القائد البحري العثماني، الذي توصل إلى اتفاق يدفع بموجبه المقيمين في العُديد مبلغ من المال قدر بحوالي 50 دولار كل سنة نظير السماح لهم بصيد اللؤلؤ في الساحل الذي تطل عليه العُديد، على أن يدفع المبلغ إلى الشيخ جاسم آل ثاني حاكم قطر، الذي يقوم بتسليمه للعثمانيين، ثم غادروا المنطقة بسبب رداءة الماء دون أن يقيموا موقعاً عسكرياً لهم في المنطقة([9]).
إن رفع بطي بن خادم العلم العثماني يعني معارضة صريحة وتحدياً صارخاً للسياسة البريطانية في الخليج وتعطيلاً معلناً لأسس استراتيجية الهند الأمنية، فضلاً عن كونها تتيح الفرصة للدولة العثمانية للتوسع ناحية ساحل عُمان، الأمر الذي كانت تخشاه بريطانيا، حيث كانت تعتبر العُديد منطقة حاجزة بين الدولة العثمانية وسواحل عُمان التي تقع ضمن نفوذها. وبالتالي كان على حكومة لندن أن تعمل جاهدة على إسقاط الراية العثمانية في العُديد.
وفي سبتمبر عام 1873 وصل العميد روس المقيم البريطاني في الهند خطاب حكومته الذي نقله مساعده الرائد جرانت، والذي تضمن معلومات وصلت من ساحل عمان بصدد خطط السلطات العثمانية لمد سيادتها حتى ساحل عمان، كذلك تضمن التقرير ترجمات لرسائل وصلت من دبي وأبو ظبي من موظف تركي يدعى يوسف أفندي وترجمة رسالة أرسلها له الشيخ زايد، وقد عقب روس على ذلك بقوله([10]):
“يبدو لي من هذه المراسلات إن السلطات التركية في نجد تحاول الآن تأسيس تفاهم ودي مع شيوخ عمان المتصالحين لأغراض سياسية أو تجارية. ويستدل من صياغة خطاب يوسف أفندي بان القصد التجاري مستهدف الآن، لكني أفهم في نفس الوقت بأن تساؤله عن الأسعار والأخبار كما جاء في كتابه إذا ما قرنت كلماته معاً قد يشير إلى أوضاع الرأي العام في عُمان ومشاعر الناس هناك….، والأمر متروك لحكومة الهند لتقرر ما إذا كان مما ينصح به الحصول على تفسير من الحكومة التركية لتصرفاتها المذكورة”. وبناءً عليه أصبح البريطانيون أمام حقيقة أن بقاء القبيسات في العُديد وخضوعهم لحاكم قطر سوف يهيئ الفرصة للعثمانيين للتوسع إلى الجنوب من قطر في حالة قبول القبيسات الحماية العثمانية.
وفي سنة 1874 أعلن الشيخ زايد حاكم أبو ظبي أن السلطات العثمانية المحلية كتبت إليه تعلن أن العُديد تحت مظلتها، وتحذره من عدم التدخل فيها ولكنه لم يستطع تقديم تلك الخطابات لحكومة بريطانيا عندما طلبته منه، وفي سنة 1875 تبين أن لدي بطي بن خادم علمين أحداهما لتركيا والآخر للساحل المتصالح، يظهر كل منهما حسب ما تقتضي الضرورة([11]).
لذلك أخذ البريطانيون يمهدون لضم العُديد نهائياً إلى أبو ظبي، على أساس أن بقاء العُديد بيد الشيخ زايد بن خليفة حاكم أبو ظبي حليف البريطانيين، سيمنع العثمانيين من التوسع في المنطقة، كما أن التعامل مع الشيخ زايد أضمن لهم من التعامل مع الشيخ جاسم آل ثاني، الذي قبل الحماية العثمانية، لذلك قام البريطانيون بين(1876-1877) بافتعال أعمال قرصنة قرب مياه العُديد، واتهموا بها قبيلة بني هاجر الخاضعة للنفوذ العثماني، بهدف إظهار ضعف السيطرة العثمانية هناك، واتخاذها مبرراً للتدخل في المناطق الخاضعة للنفوذ العثماني([12]).
الموقف البريطاني من دخول العُديد تحت الحماية العثمانية:
في عام (1876- 1877) افتعلت حكومة الهند العديد من أعمال القرصنة قرب مياه العُديد نسبتها إلى قبيلة هاجر المقيمة في الأراضي الخاضعة للسيادة العثمانية واتخذتها ذريعة للتدخل في شؤون العُديد الداخلية، وذلك عندما تأكدت حكومة الهند بأن شيخ العُديد يدفع ضريبة رمزية مقدارها 40 -50 دولار سنوياً إلى الدولة العثمانية عن طريق شيخ البدعة (شيخ قطر) وقد كتب الكابتن بريدوكس Prideaux الذي ناب عن المقيم البريطاني في الخليج العربي فترة غياب الكولونيل روز عام 1877 عن المنطقة قائلا: منذ استرخاء يقظتنا على ساحل قطر وتساهلنا أمام الادعاءات العثمانية في ذلك الجزء من الساحل، عادت أعمال القرصنة في المنطقة، وعندما باشر (روز) مهام عمله من جديد كتب قائلا([13]):
“إن السياسة التي ناضلت من أجلها بريطانيا لسنوات عديدة في الخليج العربي كلفتها نفقات باهظة للحفاظ على أمنه وأدت إلى تطوير تجارته بفضل قوات الحراسة البريطانية وشدة يقظتها، تلك التجارة التي اعتبرت في السابق مستحيلة في هذا الجزء من العالم فإنها قدرت الآن بثمانية ملايين باون استرليني وهي قابلة للزيادة المستمرة مستقبلاً”
وبالتالي حاولت بريطانيا بكل جهدها ألا تفقد مصالحها التجارية في هذه المنطقة وكانت تشعر بأن من مصلحتها أن تحافظ على علاقاتها مع الدولة العثمانية، التي تسير على رأس الخليج العربي والبصرة، العصب الحيوي لتجارة الخليج العربي كله لعمق العلاقات التجارية التي كانت تربط البصرة بسائر موانئ الخليج العربي. وفي الوقت الذي كانت العلاقات التجارية المزدهرة قائمة بين إمارات الخليج العربي والبصرة والتي أشارت إليها التقارير التجارية البريطانية حاول المقيم البريطاني إنكار العلاقات السياسية بين تلك الإمارات والدولة العثمانية وبشكل خاص مقاطعة العُديد وبحجج واهية. ورغم كل التبريرات فإن حكومة الهند اضطرت إلى الاعتراف بأن السيادة العثمانية الفعلية في الخليج العربي تمتد من البصرة إلى العقير.
مارس البريطانيون نشاطاً كبيراً لضم العُديد إلى أبو ظبي بين سنتي (1877-1878)، فقد انتهزت حكومة الهند حادثة اعتداء سكان العُديد على زورق تابع لأبو ظبي في شباط عام 1878، عند عودته من مصائد اللؤلؤ لتؤكد رأيها في خطورة انفصال العُديد عن أبو ظبي، وكان البريطانيون أمام خيارين لتطبيق إرادتهم في إعادة القبيسات إلى أبو ظبي. الأول: يهدف إلى التوصل إلى عقد مصالحة بين الشيخ زايد والقبيسات، وسيترتب عليه عودة القبيسات إلى أبو ظبي، والخيار الثاني سينفذ في حالة فشل مساعيهم بعقد المصالحة بين الطرفين يتضمن استعمال القوة لإعادتهم إلى أبو ظبي عن طريق مساعدة الشيخ زايد للقيام بحملة على العُديد وفرض سيادته على القبيسات([14]).
لقد باءت مساعي البريطانيين في عقد المصالحة بين الطرفين بالفشل، وأعد البريطانيون حملة على العُديد مؤلفة من سفينة الحرب تيسر “Teaser” ومائة مركب وألف من رجال الشيخ زايد، مستغلة في ذلك فرصة تورط الدولة العثمانية في حربها مع روسيا عام 1877- 1878 وحاولت حسم مسألة العُديد عسكريًا ووافقت على إجراءات المقيم البريطاني بهذا الشأن. وتمكنت من دخول العُديد في 30 آذار عام 1878 دون قتال، والسبب أن القبيسات تمكنوا قبل وصول الحملة من مغادرتها بعد أن أخذوا كل ممتلكاتهم ودمروا المنازل وردموا الآبار وفضلوا اللجوء للشيخ جاسم آل ثاني، حينئذ أمر الشيخ زايد بتدمير ما تبقى من منازل وآبار، وأصر على أن تبقى كما كانت قبل أن يسكنها القبيسات خراباً لا يقطنها أحد([15]).
كما قام بتدمير كل السفن العائدة للمستوطنين، الأمر الذي دعا الباب العالي من خلال وزير خارجيته صادق باش أن يطلب تفسير من السفير البريطاني في إستانبول عن أسباب الهجوم على الممتلكات العثمانية في العُديد، حيث كان الخبر قد وصله عن طريق والي البصرة عام 1878، وكان جواب بريطانيا بأن العُديد جزء لا يتجزأ من ممتلكات شيخ ابو ظبي الخاضع للحماية البريطانية وهكذا حتمت المصالح التجارية في المنطقة ان تنهي حكومة الهند مسألة العُديد لتفتح صفحة أخرى لمنطقة جديد خاضعة للسيادة العثمانية في الخليج العربي([16]). وبالتالي يتضح أن ردود الفعل العثمانية على هذا العمل لم تكن سوى احتجاج قدمه والي البصرة للسلطات البريطانية في الخليج العربي.
والجدير بالذكر “إن العُديد هي بلاد القبيسات الذين عمروها في أوقات مختلفة، وبما أن القبيسات تابعون بدورهم إلى شيخ أبو ظبي فإن المنطقة التي عمرها هؤلاء تغدو تابعة للشيخ الذي يتبعونه، وساعد على قبول هذا المنطق أن محمد بن ثاني، شيخ قطر-فيما يقول المقيم- لم يدّع أن العُديد التي تلاصق أرضه تابعة له”([17]). ويبدو أن ما قامت به الحكومة البريطانية هو حرصها على جعل العُديد كمنطقة حاجزة أمام أي محاولات التوسعات العثمانية تجاه سواحل عُمان.
والواقع أن منع البريطانيين قيام مشيخة جديدة في منطقة العُديد مخالف لسياستهم القائمة على تجزئة الساحل الغربي للخليج العربي إلى أقاليم صغيرة كلما سنحت الفرصة، لكن الوجود العثماني فرض عليهم إتباع سياسة جديدة تستهدف منع امتداد نفوذهم إلى خارج الحدود التي وصلوا إليها، مما أثر على موقفهم من القبيسات السماح بقيام مشيخة منفصلة في العُديد يعني أنهم يهيئون الفرصة للعثمانيين ليعززوا نفوذهم في هذه المنطقة، على أساس أن هذه المشيخة ستكون ضعيفة وأن أي ضغط عليها من الشيخ زايد سيدفعها طلب الحماية العثمانية، فيما سيكون العثمانيون في مواجهة مع البريطانيين، وهذا يمنع العمانيين من التفكير في مد نفوذهم هناك، على أن تدمير الشيخ زايد لمنطقة العُديد لا تعني مطالبته بالعُديد بمقدار استهداف إعادة القبيسات إلى أبو ظبي وليس إعادتهم إليه.
المحور الثالث: عودة القبيسات إلى أبو ظبي وتجدد الصراع مع قطر:
أدى هروب القبيسات من العُديد عقب وصول حملة زايد مدعومة بريطانياً، إلى لجوء كثير من القبيسات إلى البدع والوكرة حيث وجدوا الترحيب من الشيخ جاسم وأخذوا يزاولون أعمالهم كالعادة، ودخلوا في نسيج المجتمع القطري، وعندما جرت اتصالات بين زايد بن خليفة وبطي بن خادم بهدف عودة القبيسات إلى أبو ظبي، وتوثقت هذه الاتصالات بزيارة قام بها خليفة بن زايد للبدع، حيث استضافه الشيخ جاسم عنده، في تلك الأثناء كان القبيسات مدينون لأهالي البدع، فلم يجد مناص سوى الاحتيال على أهالي البدع، حين جاء وقت الرحيل إلى أبو ظبي أدعوا أنهم منتقلون إلى الوكرة. وكتب شيوخ القبيسات لأهل البدع تعهداً بأداء ديونهم وعدم النزوح خارج نطاق حدود الدولة العثمانية. جاء في هذا التعهد بتاريخ 24يناير 1881([18]):
“أقول وأنا يا بطي بن خادم بن نهيمان ومحمد بن خادم ومسلم بن عبد الله وراشد بن راشد وبطي بن رشيد وسيف بن اخنيفر وخلفان بن سيف وخميس بن عتيج بأنا تعهدنا على أنفسنا وجماعتنا إلى جناب الحكومة السنية بأن منزلنا في البدع علينا مصاريف …..، مرادنا أن ننزل قرية الوكرة تابع قضاء قطر…، أننا ما ننتقل من طرف الدولة إلى أطراف غيرها …، إذا انتقلنا إلى أطراف غيرها فنحن نبقي تحت المسئولية ولهم أن يجلبونا من أي مكان وجميع ما يلحق الحكومة من المصاريف في سببنا من خروج مركب وغيرها فنحن ملزمين بتسليمه …، والله على ذلك خير الشاهدين”
استمرت إقامة القبيسات في البدع حتى عام 1881، وقرر الشيخ جاسم آل ثاني انتهاز هذه الفرصة ليؤكد تبعية العُديد إلى قطر، ثم عدل عن ذلك بسبب احتجاج بريطاني صارم، وسمح للقبيسات بالعودة إلى أبو ظبي بعد أن تصالحوا مع الشيخ زايد الذي أبدى استعداده تسديد الديون التي ترتبت عليهم أثناء إقامتهم في البدع([19])، الأمر الذي يدل على أنهم في وضع اقتصادي متدني، وأن ضعفهم الاقتصادي دفعهم لقبول الصلح مع الشيخ زايد.
لقد أضعفت عودة القبيسات إلى أبو ظبي موقف الشيخ جاسم آل ثاني بشأن العُديد بعد أن كان يأمل في إخضاعهم ومد نفوذه على المنطقة، الأمر الذي جعله يثير موضوع استعادة الديون المترتبة على بطي بن خادم مستعيناً بالسلطات البريطانية في المنطقة، التي سبق أن رفضت السماح له باستعادة تلك الأموال بالقوة، وأخذوا على عاتقهم معالجة الموضوع، ثم أوعزوا إلى وكيلهم في أبو ظبي للتحقيق بتلك الديون([20]).
وجاءت نتيجة التحقيق مطابقة لما ذكره بطي بن خادم، الذي نفى أن تكن ثمة ديون قد تركت عليه أثناء وجوده في قطر، الأمر الذي أدى إلى احتجاج الشيخ جاسم لدى السلطات البريطانية متهما وكلائهم بغلط الحقائق والأخذ بأقوال مشايخ الساحل العماني([21]). فدفع ذلك الشيخ جاسم إلى تكليف الحاج أبو القاسم حاكم الشارقة بالدخول كوسيط بينه وبين المقيم وحاكم أبو ظبي من أجل الحصول على حقوقه، فأحضر أبو القاسم بطي بن خادم وسأله عن دينه فانكر ذلك([22]). في حين تثبت “وثيقة التعهد” الأنفة الذكر بعدم مصداقية بطي بن خادم وتملصه من الدين المقر عليه هو وقبيلته وتعزز من مصداقية الشيخ جاسم.
على أية حال فشل الشيخ جاسم آل ثاني باستعادة أمواله، فعمل على تفجير الصراع بينه وبين أبو ظبي، بعد أن أخذت العلاقة بينهم حتى عام 1880 طابعاً ودياً، فقد اتهم الشيخ زايد بن خليفة الشيخ جاسم بتحريض بني هاجر وبعض المناصير على الإغارة على بعض مناطق أبو ظبي المتاخمة لقطر عام 1881، والاستيلاء على بعض الممتلكات التي بيعت في البدع، وكرر الشيخ جاسم العملية بعد أربع سنوات رداً على غارات شنتها قبائل موالية للشيخ زايد على مناطق في قطر([23]). وبالتالي أدي هروب القبيسات بالديون المستحقة لأهل البدع، إلى خلق العديد من المشكلات بين قطر وأبو ظبي. كما اثبتت الأحداث سوء نية القبيسات على مدار تاريخها في أداء الديون.
على أية حال فقد حقق زايد ما يرمي إليه وجمع شمل قبيلته، واستفاد كثيراً من دخول القبيسات المحترفين في الغوص تحت طاعته، والذي امتد نشاطهم إلى سواحل قطر وجزرها التي استوطنوها أثناء هجرتهم من أبو ظبي، وتم تتويج نجاح الشيخ زايد بقرار حكومة الهند بضم العُديد إلى ممتلكات أبو ظبي حتى يتحكموا من خلاله في ضبط المد العثماني المتردد إلى ساحل عُمان. تلك المنطقة التي سكنتها القبيسات، ودامت بالولاء مؤخراً لأبو ظبي، حيث كان الغوص في تلك المنطقة مشاعاً لجميع العرب وأصبحت سواحل تلك المنطقة تستثمر لصالح أبو ظبي من خلال القبيسات، لا سيما بعد أن توثقت الروابط القبلية بينهم بالمصاهرة بزواج سلطان بن زايد بسلامة بنت بطي بن خادم([24]).
فحاول الشيخ جاسم التقرب إلى شيخ أبو ظبي حتى يتمكن من الحصول على بعض حقوقه سواء من الدين أوْ الغوص في منطقة العُديد، أمّا زايد فقد كان على اقتناع بأن أمن البحر تحت الحماية البريطانية فضرب بمطالب جاسم عرض الحائط، فكتب جاسم إلى طحنون وخليفة ابني زايد بعد أن يئس من تلقي رد من أبيهما، وطالبهما بالدين الواقع على بطي بن خادم، وأشار إلى بعض التجاوزات التي وقعت من الهوامل الذين تمادوا في العدوان، كما أشار إلى خروج ابنه علي في السنة التالية في زيارة إلى جزيرة دلما، بأن يخاطب زايد في إصلاح العلاقة بينهما([25]).
وفي 11مايو 1881 كتب الشيخ جاسم إلى الشيخ زايد يبلغه بأنه تلقى من السلطات العثمانية توجيهات بإعادة بناء العُديد وتعميرها، وأرفق مع كتابه خطاباً موجهاً إليه من قائد السفين العثمانية زحاف بذلك الفحوى، فقدم الشيخ زايد هذه المراسلات إلى المقيم البريطاني يتبعه تعليق يبلغه فيه: بأن الشيخ جاسم سيعمل على إعادة إعمار العُديد التي هي جزء لا يتجزأ من أرض قطر ليسكنها. فأحال روس رسالته إلى حكومة الهند مرفقة بتعليق يقول: “أن جاسم غير مطمئن إلى وضعه مع الأتراك وحيال البدو كذلك ويسره أن يجد مكاناً آخر خارج حدود نفوذ الأتراك ليلجأ إليه ساعة الضرورة فاختار أن يسكن العُديد”([26]).
وفي تلك الأثناء كتب جاسم إلى روس المقيم البريطاني يعلنه عن رغبته في سكن وتعمير العُديد وجاء في خطابه: “بعد التحيات، أرجو أن أبلغكم بشأن قرية العُديد بأنني عزمت على اعمارها بتكليف بعض اتباعي بالسكني فيها بقصد حماية جواري ضد اللصوص الوافدين من البر والبحر، وأود أن أبين هذا القصد لكم حتى تقوم بتحذير الناس في نواحي عمان ضد أعمال العنف التي يرتكبونها في البحر ضد رجالنا ممن يرغبون في السكني هناك(العُديد) حيث أن شئون البحر في رعاية الله ثم في رعاية الحكومة البريطانية، اما فيما يتعلق برجالي الذين يرغبون في سكني العُديد فاني أوافق على الزام نفسي بالمسئولية عن أي شيء قد يحدث منهم من عنف، أوْ أذى، أوْ خرق للسلام البحري. ولقد كان من اللازم أن أكتب لكم شارحاَ هذا الأمر بقصد أن تكون الأمور واضحة لكم”([27]).
فأرسل روس إلى جاسم يحذره من مجرد التفكير في الأمر، حيث جاء في خطابه إلى الشيخ جاسم([28]): “من إنه وصلنا كتابك المؤرخ في 2جمادي الثاني 1298 تعجبنا عن فحواها أنك تعلم أن الدولة البهية القيصرية قضى أن العُديد في حوزة إدارات حاكم أبو ظبي فلهذا لم ندع أحداً من طرفكم أن يسكن هناك. وأننا نأمل أن بالمرّة تخرج هذا الخيال من بالك”.
وأعلم حكومة الهند بذلك، فأيدت حكومته ذلك، واقترحت عليه أن يلتزم بذلك بالنسبة للعُديد في تعامل لندن مع إستانبول. وكان جاسم قد الحق خطابه الأول بخطاب آخر في 24 مايو1881 يرجو فيه منع التعديات من قبل القبيسات على البحر. حيث يظهر في هذا الخطاب ما بدر من القبيسات الراحلين إلى أبو ظبي من العمل على احتكار مصائد اللؤلؤ والجزر في مواجهة العُديد لمصلحة زايد بن خليفة أوْ ربما لمصلحتهم في المكان الأول حيث جاء في الخطاب([29]):
“وحسب ما نسمع أن الشيخ زايد أذن حق ناس من بني ياس وبدو من ربعة أهل الجوان الذي يأتيكم في الجزر يريد البيع والشراء ولا معه ورقة مني خذوه. ولم نتحقق من ذلك. وحنا نعرف أن حكم البحر عند الله ثم عندكم ليس له هذه الجرأة التي يتجرأ بها فكنا نأمل من ردعه هو وغيره من تعديات البحر إلا إذا كان جنابكم مرخصه عليه فالبيان منكم والأمر لله ثم منكم” يبدو من ذلك ما وصلت إليه العلاقات بين قطر وأبو ظبي جراء ترسيم الحدد بين البلدين.
وفي عام 1888 نشبت حرب بين الطرفين إثر غارة قام بها أفراد من قبيلة المناصير من آل بوشعر الموالية للشيخ زايد استهدفت الدوحة، في الوقت الذي كان فيه حاكمها الشيخ جاسم بعيداً عنها، وأسفرت عن مقتل علي أحد أبناء الشيخ جاسم، الأمر الذي جعل الأخير يقوم بتجميع عدد من الموالين له ويغير على أبو ظبي انتقاماً لمصرع ابنه([30]). وأخذ في طلب المساعدة من العثمانيين إلا أنهم تقاعسوا في الوقوف بجانبه طوال صراعه مع أبو ظبي، فتشكك في مدى قدرة الدولة العثمانية في الدفاع عن بلاده، فاتخذ موقفاً معارضاً لها وأعلن عدم اعترافه بالسيادة العثمانية، كما أعاق تأسيس الدائرة الجمركية التي سعت الدولة العثمانية إلى تنفيذها، وامتنع عن دفع الضرائب لها، وقدم استقالته من قائمقامية قطر، غير إنها رفضت من قبل الدولة العثمانية([31]).
وعلى أثر ذلك حاول الشيخ زايد عقد حلف مع الشيخ عيسى بن علي (1879-1923) حاكم البحرين مستغلاً العداء بينه وبين الشيخ جاسم الذي حاول التقليل من فاعلية الحلف، بالحصول على مساعدة ابن الرشيد في حائل، وطلب العون من العثمانيين، وبالفعل فقد حصل على العون والمساعدة منهم في حملة عام 1889. حيث وجدوها فرصة لتوسيع النفوذ العثماني في تلك المنطقة، ودارت معركة طاحنة سميت (خور) نسبة إلى قلعة أبو ظبي. ومنيت قوات الشيخ زايد بخسائر فادحة، وبذلك حقق جاسم ما كان يصبوا إليه، كما أنه أعطى الأمل للعثمانيين في السيطرة على ساحل عمان([32]). وهنا قام العثمانيين في تلك الأثناء بتعزيز قوتهم في قطر بقاعدة قوامها 400 جندي من المشاة، وأصبح مركز العثمانيين قوياً بخضوع وسط نجد للشيخ شمر، وهو الأمر الذي احتجت عليه بريطانيا كثيراً([33]).
إن إثارة الشيخ جاسم آل ثاني موضوع الديون المترتبة على بطي بن خادم، ثم صراعه مع الشيخ زايد كانت محاولة لتأكيد حقوقه لدى السلطات البريطانية بشأن عودة منطقة العُديد إلى قطر، فقد حاول طول فترة صراعه مع الشيخ زايد تأكيد سيادته عليها من خلال الطلبات التي تقدم بها للبريطانيين، إلا أنهم رفضوا ذلك وطلبوا من وكيلهم في الشارقة التوفيق بينهم، غير أن الشيخ زايد رفض رغبة الشيخ جاسم في الحصول على أمواله، كما طلبوا من وكيلهم الإخبار عن أية محاولة لتوطين أي أحد في العُديد، وبرروا رفضهم للشيخ جاسم بإعادة بناء العُديد، بإن الشيخ محمد آل ثاني أخبر المقيم السياسي البريطاني بيلي (Pally) قبل عشر سنوات أن العُديد لا تتبع قطر، إلا أن الشيخ جاسم اعترض على قرارهم موضحاً أن القرار الذي اتخذوه يتعلق بالبر وهو من مسؤولية السلطات العثمانية على حين إن مسؤولية البريطانيين تتعلق فقط بالبحر القريب من العُديد([34]).
لقد حاول جاسم آل ثاني تثبيط البريطانيين عن قرارهم موضحاً أهمية المنطقة لقطر، وأن بقاء العُديد مدمرة سيجعلها منطقة تهديد لحدود قطر الجنوبية من البدو، وأن إعمارها وإسكان الأهالي سوف يؤمن تلك المنطقة. لكن البريطانيين أخبروا الشيخ جاسم أن قرارهم لا يمكن الرجوع عنه، وتوصلوا إلى اتفاق مع الشيخ زايد اعترفت بمقتضاه الحكومة البريطانية رسمياً عام 1905 بتبعية الأراضي المجاورة للعُديد إلى الشيخ زايد بن خليفة، وفي الوقت الذي أعلن العثمانيين فيه تراجعهم عن قرارهم الذي اتخذوه عام 1902 بضم العُديد إلى قطر على إثر احتجاج بريطاني([35])، فإن ذلك لم يمنعهم من تأكيد سيادتهم على المنطقة على الرغم من الاحتجاج البريطاني، فكتب إليهم الشيخ جاسم من أجل تعميرها، لا سيما وأنهم قاموا بإرسال مدير عثماني للعُديد في عام 1891، الأمر الذي أدى إلى احتجاج السلطات البريطانية، إلا أن العثمانيين لم يترددوا واحتفظوا بسيطرتهم على المنطقة حتى قيام الحرب العالمية الأولى([36]).
الخاتمة:
يتضح مما سبق أن قبيلة القبيسات حاولت الانفصال عن حاكم أبو ظبي وإنشاء كيان سياسي جديد لها تحت المظلة البريطانية، حيث شجعت بريطانيا المنشقين من القبيسات لإقامة إمارة العُديد المستقلة، من أجل الحفاظ على استمرار سياسة التجزئة وتفتيت إمارة أبو ظبي بعد أن نجحت بريطانيا في فصل دبي عام 1830، ولكن ظهور الوجود العثماني في قطر جعل بريطانيا تخشى من أن تستظل العُديد بالمظلة العثمانية إن لم تقف بجوارها، الأمر نفسه التي كانت تخشاه تجاه أبو ظبي إن ساعدت بريطانيا العُديد، فواجهت بريطانيا موقفاً صعباً للغاية مما جعلها تفكر جيداً في وقف الامتداد العثماني وتوسعه.
لذا منحت بريطانيا أبو ظبي الحق في استرجاع العُديد بعد تردد استمر على مدار ثلاثة أعوام، متخلية عن سياسة التجزئة التي اتبعتها في الخليج العربي، لا سيما وأنها كانت تسعى لأن تكون العُديد دولة حاجزة بين سواحل عُمان والتمدد العثماني، للحد من نفوذ الدولة العثمانية، الأمر الذي أدي إلى تفاقم الوضع بين حاكم أبو ظبي الشيخ زايد الذي يحظى بالمظلة البريطانية وحاكم قطر الشيخ جاسم الذي يستظل بالحماية العثمانية حول أحقية كل منهما في ضم العُديد لممتلكاته.
وبالرغم من الاعتراف البريطاني بوقوع العُديد ضمن ممتلكات أبو ظبي إلا أن العثمانيين استطاعوا تأكيد سيادتهم عليها، وبالتالي ضمها إلى قائمقامية قطر وتعين مديرين عثمانيين عليها، ظلت قائمة تحت سيادتها في نطاق قائمقامية قطر حتى قيام الحرب العالمية الأولى. مما أصبحت العُديد تمثل مشكلة تاريخية بين الدولتين تثار من حين إلى الآخر، فأصبحت كقنبلة موقوتة مزروعة بين الإمارتين (أبو ظبي، وقطر)، لا سيما وأن العُديد أصبح يحتوي الآن على كمية كبيرة من احتياطي النفط حسب تقارير الشركات الأمريكية واليابانية فضلاً عن موقعه، ونظراً لحساسيات مسألة ترسيم الحدود. مما ينذر ذلك بتجدد المشكلة مرة أخرى في المستقبل، وإن كان وجود القاعدة العسكرية الأمريكية بها الآن يحد من خطر تجدد المشكلة.
قائمة الملاحق (ينظر العدد)
ملحق رقم (1): خريطة قطر([37]).
ملحق رقم (2): وثيقة تعهد القبيسات لأهالي البدع([38]).
ملحق رقم (3):وثيقة حاكم أبو ظبي بشأن الديون([39]).
ملحق رقم(4): رسالة من أبو القاسم إلى المقيم بشأن مشكلة الديون([40]).
ملحق رقم (5): رسالة جاسم للمقيم بشأن الديون([41]).
ملحق رقم (6):من أبو القاسم للمقيم بشأن كتاب جاسم لخليفة بن طحنون ابن زايد([42]).
ملحق رقم (7): كتاب الشيخ زايد للمقيم بشأن الديون([43]).
ملحق رقم (8): من أبو القاسم الى جاسم بشأن سكن العُديد([44]).
ملحق رقم (9): من أبو القاسم للمقيم بشأن الغوص وتعدي القبيسات([45]).
ملحق رقم (10): من قبطان السفينة العثمانية إلى زايد بشأن أعمار جاسم للعديد([46]).
ملحق رقم (11): من جاسم للمقيم بشأن احتلال وتعمير العُديد([47]).
ملحق رقم (12): من المقيم لجاسم بشأن تحذيره منسكن العُديد([48]).
ملحق رقم (13): من جاسم للمقيم بشأن سكن العُديد([49]).
ملحق رقم (14):من جاسم للمقيم يشكوه من زايد لأنه أذن لناس من بني ياس بالبيع والشراء في منطقته([50]).
ملحق رقم (15):من بندر البحرين للمقيم بشأن تعديات المناصير على أبو ظبي([51]).
ملحق رقم (16): من بندر البحرين للمقيم بشأن وصول زايد للبدع لمقاتلة جاسم([52]).
ملحق رقم (17):من بندر البحرين للمقيم بشأن وصول زايد للعديد([53]).
قائمة المصادر والمراجع
أولاً: قائمة المصادر:
- وثائق سجلات مكتب الهند البريطانية:
India Office Records, Residency Records, Persian Gulf, Bushire 1881-1886, R/15/187, IOR NEU 2685,
محفوظة في الأرشيف الرقمي لمكتبة قطر الوطنية، 26 ملف 626 شؤون قطر والبحرين إجراءات الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني ضد العُديد، 1881.
- أحمد الشرقاوي ومحمد خليل، موسوعة الوثائق القطرية (قطر في الوثائق البريطانية)، مركز الراية للنشر والاعلام، القاهرة، 2012.
- جي.إي.سالدانا، وثائق التاريخ القطري (الشئون القطرية من سنة1873م-1904م)، وثيقة رقم (48) وملحق رقم(أ)، تعريب/ أحمد العناني، طبع على نفقة الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، قسم الوثائق والأبحاث بمكتب الأمير، الدوحة، قطر، 1989.
ثانياً قائمة المراجع:
- صبري فالح الحمدي، التطور التأريخي وقيام الإمارة 1517-1916، ط1، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، لبنان، 2013.
- عبد العزيز عبد الغني إبراهيم، قطر الحديثة (قراءة في وثائق سنوات نشأة إمارة آل ثاني 1840-1916)، ط1، دار الساقي، بيروت، لبنان، 2013.
- عبد العزيز عبد الغني إبراهيم، أمراء وغزاة قصة الحدود والسيادة الإقليمية في الخليج، ط4، دار الساقي، بيروت، لبنان، 2014.
- غانم محمد رميض العجيلي، فصول في تاريخ الخليج العربي والجزيرة العربية الحديث والمعاصر، ط1، الدار العربية للموسوعات، بيروت، لبنان، 2014.
- ماجد شبر، القبائل والصراعات السياسية والقبلية في تقارير الضباط والمعتمدين البريطانيين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ساعد في ترجمة بعض وثائقه/ صخر الحاج حسين، ط1، شركة دار الوراق للنشر المحدود، بيروت، لبنان، 2010،
([1]) ينظر الخريطة ملحق رقم (1).
([2]) عبد العزيز عبد الغني إبراهيم، أمراء وغزاة قصة الحدود والسيادة الإقليمية في الخليج، ط4، دار الساقي، بيروت، لبنان، 2014، ص60؛عبد العزيز عبد الغني إبراهيم، قطر الحديثة (قراءة في وثائق سنوات نشأة إمارة آل ثاني 1840-1916)، ط1، دار الساقي، بيروت، لبنان، 2013، صص22-270؛؛ جي.إي.سالدانا، وثائق التاريخ القطري (الشئون القطرية من سنة1873م-1904م)، وثيقة رقم (48) وملحق رقم(أ)، تعريب/ أحمد العناني، طبع على نفقة الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، قسم الوثائق والأبحاث بمكتب الأمير، الدوحة، قطر، 1989، ص ص64-257.
([3]) جي.إي.سالدانا، المصدر السابق، وثيقة رقم (48)، ص64.
([4]) جي.إي.سالدانا، المصدر السابق، وثيقة رقم (48)، ص64.
([5]) جي.إي.سالدانا، المصدر السابق، وثيقة رقم (48)(49)، ص ص64-65؛ عبد العزيز عبد الغني إبراهيم، قطر الحديثة، المرجع السابق، ص270؛ للمزيد ينظر: جي.إي.سالدانا، المصدر السابق، ملحق (أ)، ص257.
([6]) جي.إي.سالدانا، المصدر السابق، وثيقة رقم (51)، ص67؛ عبد العزيز عبد الغني إبراهيم، قطر الحديثة، المرجع السابق، ص275
([7]) جي.إي.سالدانا، المصدر السابق، وثيقة رقم (49)(50)، ص65-66؛ عبد العزيز عبد الغني إبراهيم، قطر الحديثة، المرجع السابق، ص ص270-271؛ غانم محمد رميض العجيلي، فصول في تاريخ الخليج العربي والجزيرة العربية الحديث والمعاصر، ط1، الدار العربية للموسوعات، بيروت، لبنان، 2014، ص ص170-171.
([8]) جي.إي.سالدانا، المصدر السابق، وثيقة رقم (52)(53)، ص ص68-69-70؛ عبد العزيز عبد الغني إبراهيم، قطر الحديثة، المرجع السابق، ص ص271-272-273.
([9]) للمزيد ينظر: جي.إي.سالدانا، المصدر السبق، وثيقة رقم (1)(2)(3)(4)(30)، ص ص9-12-47؛ أحمد الشرقاوي ومحمد خليل، موسوعة الوثائق القطرية (قطر في الوثائق البريطانية)، مركز الراية للنشر والاعلام، القاهرة، 2012، ص ص168-169؛ عبد العزيز عبد الغني إبراهيم، قطر الحديثة، المرجع السابق، ص ص281-282-291؛ غانم محمد رميض العجيلي، المرجع السابق، ص171.
([10]) جي.إي.سالدانا، المصدر السابق، وثيقة رقم (59)، ص ص75-76؛ عبد العزيز عبد الغني إبراهيم، قطر الحديثة، المرجع السابق، ص282.
([11]) جي.إي.سالدانا، المصدر السابق، وثيقة رقم (60)(62)، ص ص76-77؛ أحمد الشرقاوي ومحمد خليل، المصدر السابق، ص169.
([12]) للمزيد ينظر: جي.إي.سالدانا، المصدر السبق، وثيقة رقم (63)(64)(65)، ص ص78-79-80-81-82؛ أحمد الشرقاوي ومحمد خليل، المرجع السابق، ص171؛ عبد العزيز عبد الغني إبراهيم، قطر الحديثة، المرجع السابق، ص ص282-283.
([13]) للمزيد ينظر: جي.إي.سالدانا، المصدر السبق، وثيقة رقم (63)(64)(65)، ص ص78-79-80-81-82؛ أحمد الشرقاوي ومحمد خليل، المرجع السابق، ص171؛ عبد العزيز عبد الغني إبراهيم، قطر الحديثة، المرجع السابق، ص ص282-283.
([14]) عبد العزيز عبد الغني إبراهيم، قطر الحديثة، المرجع السابق، ص289.
([15]) جي.إي.سالدانا، المصدر السابق، وثيقة رقم (69)، ص ص86-87؛ عبد العزيز عبد الغني إبراهيم، قطر الحديثة، المرجع السابق، ص ص294-295؛ غانم محمد رميض العجيلي، المرجع السابق، ص ص72-73.
([16]) عبد العزيز عبد الغني إبراهيم، قطر الحديثة، المرجع السابق، ص295.
([17]) عبد العزيز عبد الغني إبراهيم، قطر الحديثة، المرجع السابق، ص295.
)1 (India Office Records, Residency Records, Persian Gulf, Bushire 1881-1886, R/15/187, IOR NEU 2685,p.104-206.
محفوظة في الأرشيف الرقمي لمكتبة قطر الوطنية، 26 ملف 626 شؤون قطر والبحرين إجراءات الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني ضد العُديد، 1881.
([19]) جي.إي.سالدانا، المصدر السابق، ملحق رقم (80)، ص ص261-262.
)2 (I O R, I bid, p.100-170-202-234-242-250-258.
)3 (I O R, I bid, p.100; أحمد الشرقاوي ومحمد خليل، المصدر السابق، ص171.
)5 (I O R, I bid, p.62-134-232.
)1 (I O R, I bid, p.424; أحمد الشرقاوي ومحمد خليل، المصدر السابق، ص172.
جي.إي.سالدانا، المصدر السابق، وثيقة رقم (78)، ص ص104-105؛ عبدالعزيز عبد الغني إبراهيم، أمراء وغزاة، المرجع السابق، ص64.
جي.إي.سالدانا، المصدر السابق، وثيقة رقم (79)، ص 105؛ أحمد الشرقاوي ومحمد خليل، المصدر السابق، ص172.
)4 (I O R, I bid, p.34-41-68; جي.إي.سالدانا، المصدر السابق، وثيقة رقم (80)، ص105.
)5 (I O R, I bid, p.272-276-280.
جي.إي.سالدانا، المصدر السابق، وثيقة رقم (114)، ص141؛أحمد الشرقاوي ومحمد خليل، المصدر السابق،ص172-173.
([31]) جي.إي.سالدانا، المصدر السابق، وثيقة رقم (114)، ص141؛ أحمد الشرقاوي ومحمد خليل، المصدر السابق، ص174؛ صبري فالح الحمدي، التطور التأريخي وقيام الإمارة 1517-1916، ط1، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، لبنان، 2013، ص119.
([32]) جي.إي.سالدانا، المصدر السابق، وثيقة رقم (114)، ص141؛ ماجد شبر، القبائل والصراعات السياسية والقبلية في تقارير الضباط والمعتمدين البريطانيين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ساعد في ترجمة بعض وثائقه/ صخر الحاج حسين، ط1، شركة دار الوراق للنشر المحدود، بيروت، لبنان، 2010، ص508.
([33]) جي.إي.سالدانا، المصدر السابق، (116)(125)، ص153؛ ماجد شبر، المرجع السابق، ص508.
)4 (I O R, I bid, p.100-170-202.
)5 (I O R, I bid, p.392-404-415-418.
)1 (I O R, I bid, p.424; جي.إي.سالدانا، المصدر السابق، (136)، ص162.