توزيعات القوة الاجتماعية والسّلام الهجين مدخل في فهم العلاقات المحلية والدولية
Distributions of Social power and hybrid peace: an introduction to Understanding local and International Relations
د.محمد فرج صالح رحيل/جامعة قطر
Dr. Mohamed Faraj Saleh Raheel/ College of Arts and Science, Qatar University
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 85 الصفحة 85.
Abstract :
There was great interest in the concept of power in the field of natural sciences at an early age, and the first theorists in this field were interested in researching this concept, then the passion for this phenomenon. The concept of power moved recently to the social sciences, and the paper also tried to monitor the expected and possible impact of this phenomenon in its social context, specifically how this concept is related Hybrid peace concept. In addition to this paper’s dependence on presenting power in a social context and employing this concept by reconciling a number of theories, including Lukes’ theory of power, French and Raven and the five dimensions of power, as well as Parsons’ theory about social system or social systems. Will also address the attempts of Cromwell and Olson, with reference to the most important theoretical ideas that revolved around the concept of hybrid peace. Which assumes that the hybridization process affects all processes, among which force in its social context through a number of processes and activities that the parties involved are committed to under the influence of the social context, the subject of force, and through them appears Power and build its image in the lived social reality.
Keywords: Social power, Power distributions, Hybrid peace.
ملخص:حصل اهتمام كبير بمفهوم القوة في حقل العلوم الطبيعية في وقت مبكر واهتم المنظرون الأوائل في هذا المجال بالبحث في هذا المفهوم ثم انتقل الشغف بمفهوم القوة مؤخراً إلى العلوم الاجتماعية، وكذلك كثرة محاولات رصد التأثير المتوقع والممكن لهذه الظاهرة في سياقها الاجتماعي، وتحديدا كيف يرتبط هذا المفهوم بمفهوم السلام الهجين. إضافة إلى ذلك اعتمدت الورقة على تقديم القوة في سياق اجتماعي وتوظيف هذا المفهوم من خلال التوفيق بين عدد من النظريات من بينها نظرية Lukes في القوة وكذلك French and Raven والأبعاد الخمسة للقوة وكذلك نظرية Parsons حول النظام الاجتماعي أو الأنساق الاجتماعية كذلك تتطرق الورقة إلي محاولات كل من Cromwell and Olson مع الإشارة إلى أهم الأفكار النظرية التي دارت حول مفهوم السلام الهجين، والذي يفترض أن عملية التهجين تطال جميع العمليات والتي من بينها القوة في سياقها الاجتماعي من خلال جملة من العمليات والنشاطات التي يلتزم بها الأطراف الداخلين تحت تأثير السياق الاجتماعي الذي هو موضوع القوة، ومن خلاله تظهر القوة وكذلك صورتها في الواقع الاجتماعي المعاش.
الكلمات المفتاحية:القوة الاجتماعية، توزيعات القوة، السلام الهجين. مقدمة:منذ ما يقارب من 4 مليارات سنة، ظهرت على الأرض بدايات ما نسميه “الحياة”، التكرار الذاتي، والانتخاب الطبيعي “أصبحت هذه القصة الآن غير دقيقة” واستمرت الحياة كما أوضح ريتشارد دوكينز في كتابه الجين الأناني عام 1979، حيث يستخدم الجين الكائن الحي كمضيف للتكاثر- وهذا يخلق اختلافًا دقيقًا ولكنه حاسم – حيث يمارس الجين السيطرة على الكائن الحي في علاقات القوة، ربما يعتبر هذا إدراك مذهل أن جيناتنا استخدمتنا كأدوات” وهو ليس مجال بحثنا حالياً”، ولكن تنوعت وتفاوتت مستويات السيطرة والتحكم مع تطور الحياة على هذا الكوكب، وكانت توزيعات القوة بين الجماعات البشرية مثار اهتمام وإعجاب دائم[1] مع زيادة القدرة العقلية و تطور الكائنات ذات الرتب العالية تطورت أنواع جديدة من علاقات القوة، فكثير من الكائنات لا تعيش في عزلة إنما تعيش في مجموعات أو مجتمعات صغيرة يعتمد بعضها على البعض الآخر، ومن خلال التعايش في إطار المجموعة، مثل هذا منعطفًا حاسمًا في تطور القوة، كما أدى الجمع بين زيادة القدرة العقلية والحاجة إلى بقاء، إلى تسهيل تطور مفهوم القوة كآلية لضمان بقاء المجموعة و سرعان ما ظهرت التعديلات التطورية في نوعية الحياة التي حسنت الاتصال والتخطيط والنشاط المنسق وزادت من بقاء المجموعة، ومن ناحية أخرى زادت التغيرات التطورية في الفرد مصحوبة بالتطور الثقافي وأدت إلى تطور وتحسين قدرة المجموعة على التحكم في الفرد، وهذا خلق حلقة تغذية راجعة إيجابية في التطوير المشترك لثقافة المجموعة وتحسين التحكم الجماعي في التطورات الفردية التي عززت من احتمالية بقاء المجموعة على قيد الحياة لفترات طويلة. [2]
أدى عنصر الذكاء والقوة المحددة وراثيًا إلى التنسيق الجماعي الفعال بشكل متزايد في توفير الطعام، واتخاذ القرارات بشأن الدفاع، وما إلى ذلك من الشؤون التي تؤدي إلى حفظ البقاء، وكانت المجموعات ذات التنسيق الأكثر فاعلية والقادرة على صنع القرار هي الأكثر احتمالاً للبقاء والانتشار، مما خلق ضغطًا لاختيار الأفراد المتفوقين. وتنافست المجموعات البشرية على الأراضي والموارد النادرة، وأدت هذه العملية إلى الزيادة المستمرة في تأطير مفهوم القوة الاجتماعية وإدخال التعديلات المستمرة على المعنى والقصد وراءه[3].
وعلى الرغم من أن العديد من الدراسات أشارت أن القوة الاجتماعية هي عامل حاسم في تسهيل أو تقييد التفاعلات الاجتماعية بين الأفراد، إلا أن القليل من الدراسات اهتم بفهم العملية التي تحدث بها القوة، وكيف ينشأ عنها التأثير، وهل هناك إمكانية للتحكم في هذه العملية؟ وما هي أبعادها المعرفية القريبة والبعيدة؟[4]
فالبشر كأفراد أو جماعات يتأثرون بالآخرين كما يحتاج الناس في تلبية حاجاتهم إلى تعاون الآخرين، وأن يشاركوا أشياء متنوعة، مثل المودة والمال والفرص، والعمل، والعدالة، و تعتمد كيفية الحصول على هذه الأشياء غالبًا على قدرتهم في التأثير على الآخرين لتحقيق رغباتهم، يضاف إلى ذلك الأفراد أنفسهم هم أهدافًا دائمةٍ لمحاولات التأثير من قبل الغير وهنا تنشأ الأسباب التي تجعل الناس يمتثلون لرغبات الآخرين أو يعرضون عنها.[5]
تأتي هذه الورقة كمحاولة لتحليل المفهوم وتحليل أبعاده نظرياً، ومحاولة فهم التقارب أو الاختلاف بين هذا المفهوم ومفاهيم أخرى، كما تسعى الورقة إلى تسليط الضوء على توزيعات القوة والحديث عن السلام الهجين كأحد مظاهر إعادة توزيع القوة بين الأطراف في صيغة يغيب عنها مفهوم السلام التام أو الحرب التامة.
إن غرضنا من التعرض لمفهومي القوة والسلطة والهيمنة هو الجمع بين أفضل الآراء والأفكار التي تناولت مفهوم القوة والمفاهيم المصاحبة لها، وعرض التنوع في الدراسات والأبحاث في مختلف الميادين من الأنثروبولوجيا والعلوم السياسية، وعلم الاجتماع، وعلم النفس الاجتماعي.[6]
الخلفية النظرية للموضوع:
البحث في مفهوم القوة والعلاقات المرتبطة به مفاهيمياً تحتاج من المهتمين إلى تسليط الضوء والاهتمام بها خصوصاً مع ما يشهده العالم اليوم من تحولات كبرى على عد أصعدة سياسية، واقتصادية، واجتماعية، ساهمت في تحرر المفاهيم من حيز النظرية الواحدة إلى تعدد الفضاءات والآفاق وقد اجتهد الكثير من منظري السياسة الاجتماعية وانشغلوا بمحاولة فهم السياقات التي يمكن أن يوظف فيها مفهوم القوة بشكل مباشر، والمجالات الغير مباشرة التي يمكن لمفهوم القوة أن يكون مفتاح الفهم فيها.
بالرغم مما كتب عن مفهوم القوة الاجتماعية في المراجع الغربية ظلت المكتبة العربية فقيرة في هذا المجال وكانت معظم المحاولات تدور حول تمظهرات القوة الاجتماعية دون الوصول المحتوى أو مضمون هذا المفهوم في الواقع الاجتماعي ناهيك عن تناول البعض لمفاهيم أخرى مقاربة وتوظيفها في سياق الحديث عن القوة الاجتماعية، فقد تم تناول مفاهيم مثل التأثير Influence أو التحكم Control أو السلطة Authority ، للتعبير عن القوة.
منذ ثلاثة قرون مضت توماس هوبزThomas Hobbes عرف القوة بأنها “التمكن من الأسباب أو الإمكانيات التي يمكن من خلالها الحصول على مستقبل أفضل” [7]. تلت هذه المحاولة مجموعة من المحاولات لتعريف القوة الاجتماعية، وقد استفحل الخلاف بين العلماء حول هذا المفهوم ، فقد أشكل على الكثيرين وضع معالم محددة لهذا المفهوم المشحون بالطاقة أدم سميثAdam Smith على سبيل المثال عالج مفهوم القوة على أنه السعة أو القدرة [8] ، بينما هناك من يرى أن هذا المفهوم أكثر تعقيداً مما يبدو، للوهلة الأولى فالقول بأن القوة هي القدرة على الفعل فقط لا يكفي، فحسب وجهة نظر Parenti مفهوم القوة الاجتماعية متملص و يصعب الإحاطة به أو وضع تعريف محدد له[9]أما Bannester, 1969; Emerson, 1962; French and Raven, 1959; وغيرهم من المتخصصين في مجال العلوم الاجتماعية قدموا تصوراً لمفهوم القوة يظهر فيه الاتفاق حول النتائج بدلاً من الاستمرار في الخلاف حول المعنى بشكلٍ محددٍ، و اتجهوا إلى دراسة تأثير القوة الاجتماعية، وما يمكن ملاحظته في المحيط الاجتماعي، الذي يعتبر الوسط الذي يحدث فيه الأثر ويتفاعل فيه الجميع (المؤثر والمتأثر)، وحصل شبه اتفاق بين الكثيرين منهم أن القوة الاجتماعية تعني قدرة الشخص على التأثير في الغير.[10]
إن طبيعة القوة الاجتماعية، تتلخص في قدرة الأفراد على التأثير في سلوك ومعتقدات الآخرين، وهذا يبدو أمراً أساسياً لأي فهم ينطلق من ديناميكيات التغيير في أي مجتمع وبالنظر إلى أهمية هذا الطرح والحاجة له نجده من المدهش أن علماء الاجتماع، وخاصة علماء النفس الاجتماعي، قد كرسوا القليل نسبيًا من اهتمامهم لهذا الموضوع وأنتجوا القليل نسبيًا من المعرفة عن هذا المفهوم. في المقابل هناك قدر كبير من الأبحاث حول العديد من جوانب التأثير بين الأطراف الاجتماعية وفي نفس الوقت ينقصها الإجماع حول تعريف عملي لمفهوم القوة من شأنه أن يقلل حدة الخلاف حول مضامين هذا المصطلح.[11]
تعتبر مساهمة ريتشموند 2005 في تعريف السلام الهجين وتناوله بكثير من التفصيل إحدى المساهمات النظرية الهامة في صعيد السياسات الدولية والمحلية، ففي الوقت الذي انعدمت فيه الثوابت وصار العالم يعيش الحالة السائلة في كل جوانب الحياة، فلم يعد العدو عدواً كاملاً ولا الصديق صديقاً تاماً، دفعة هذه الحالة إلى الريبة والشك والذي يقود إلى تهجين كل العلاقات الاجتماعية والسياسية لتظهر في صورة مقبولة لدى الطرفين، ومن بين العوامل التي ساعدت على ذلك التحول في النظرة إلى مفهوم التهجين أو الهجين فلم تعد تلك النظرة الناقصة لمن يحمل صفت التنوع والاختلاف فقد ساهمت التحولات العالمية الكبرى إلى حالة تداخل بين الثقافات، والمعتقدات، والأجناس ويحسب في ذلك الفضل للتطورات في علوم البيولوجية والأعراق والتي ساهمت في فهمنا للتنوع والاختلاف، ومن ثم أمكن قبول المختلفين ضمن توليفة جديدة.[12]
المنهجية:
هذه دراسة تحليلية تعتمد على عرض أفكار عدد من العلماء والنظريات المختلفة في مجال القوة الاجتماعية مع محاولة الموائمة بينها، واستخدام المنهج النوعي بأسلوبه التحليلي المبني على تفكيك الفكرة الرئيسية إلى عدد من الأفكار الفرعية مع مناقشة للأدلة المختلفة في سبيل إيجاد العلاقة بين هذه الأفكار من خلال استخدامها في سياقات متنوعة، وفي الوقت نفسه المحافظة على المنطلقات الرئيسية التي تم الانطلاق منها في بداية الورقة.
مفهوم القوة الاجتماعية:
لقد كان العلامة عبد الرحمن ابن خلدون من العلماء البارزين الذين تحدثوا عن القوة والغلبة وقدمها في منظومة من الألفاظ والعبارات التي حازت على إعجاب المتقدمين والمتأخرين، وكان عبد الرحمن ابن خلدون واضحاً في رسم معالم مفهوم القوة من خلال تعريفها باعتبارها التمكن من أسباب المنعة، وقدمها باعتبارها من الأسباب الحقيقية لقيام الدولة، وقيام الدولة حسب رأيه يلزم منه توافر أسباب القوة والتي أشار إليها بالعصبية باعتبارها مقوم أساسي من مقومات القوة ومحرك لها.
وتأسيساً على ذلك فقد كان هناك توزيعات للقوة حسب رأي ابن خلدون تظهر من خلال العصبية باعتبارها تمثل تجلي للقوة في صورتها السياسية وجعلها عاملاً حاسماً في قيام الدولة وتحولها من طور الضياع والتشتت إلى طور البناء والحضارة.
بالنظر إلى المعروض من الأفكار التي دار النقاش حولها في موضوع القوة الاجتماعية يلاحظ القارئ إن موضوع القوة الاجتماعية برز في كتابات السياسيين بداية من ميكافيلي إلى جماعة العقد الاجتماعي الذين ذكروا كيف يؤثر امتلاك القوة الاجتماعية في تغلب طرف على أخر.
مؤخراً تم إجراء عديد الدراسات التي نشرت في مجلات علمية معتبرة تتضمن مفهوم القوة الاجتماعية في العديد من المجالات، بما في ذلك الصحة، والطب، والعلاقات الأسرية، والدراسات النسوية، والتعليم، والتسويق، وعلم نفس المستهلك، وعلم النفس الاجتماعي والتنظيمي، وتم تطبيق هذا المفهوم في دراسات المحاكاة للسياق الاجتماعي لفهم طبيعة المجتمعات الإنسانية، وتنوعت الأدوات والوسائل للقيام بهذه الدراسات فشملت الاستبيانات، واستخدام الأساليب التجريبية التقليدية وغير التقليدية، وكذلك تحليل دراسة الحالة التاريخية من أجل الوقوف على كنه هذه الظاهرة ودراستها على الوجه الأمثل.[13].
تبنى كل من ساشديف وبورهيس Sachdev & Bourhis، (1984) تعريف القوة الذي قدمه جونز (1972) على أنه الأكثر صلة: فالقوة تشكل سيطرة المجموعة على مصيرها ومصير المجموعات المحيطة بها، وتم تعريف المكانة الاجتماعية على أنها الموقف النسبي للمجموعات على أبعاد قيّمية للمقارنة، وتتمثل في التحصيل التعليمي، والوضع المهني، والثروة، وأسلوب الكلام، و حدد ساشديف وبورهيس Sachdev and Bourhis (1984) حجم المجموعة النسبي (الأقليات مقابل الأغلبية) كعامل أساسي في فهم اتجاه القوة، وأظهرت دراسات القوة أن هناك علاقة بين القوة والحجم النسبي للمجموعة تتمثل في تأثيرات منفصلة ومتصلة وفي نفس الوقت تعبر عن التكافؤ والتميز لأعضاء المجموعة فيما بينهم وفيما بينهم وبين غيرهم مما يؤكد القيمة الشكلية او الهيكلية للتمييز بين هذه التركيبات الاجتماعية[14].
لطالما كانت قدرة شخص واحد (أو مجموعة) على جعل الآخرين يقومون بتنفيذ إرادته محل بحث ودراسة كما أن الكثير من التفاعلات البشرية تنطوي على محاولة تغيير المعتقدات، أو مواقف، أو سلوكيات الآخرين و بسبب الاهتمام بالموضوع، استخدمت العديد من الدراسات تعريفات مختلفة للقوة الاجتماعية وتم اقتراح طرقاً متنوعة لقياس القوة ومن بينها محاولة فرينش و ريفن [15] التي كانت تطويرا لتعريفات مفهوم القوة الاجتماعية من خلال فهم عمليات التأثير للقوة الاجتماعية والتي يمكن النظر إليها كما يلي:
- قوة المعلوماتية: هي القدرة على إقناع شخص ما بعقلانية.
- قوة الخبرة: وهي تشبه القوة المعلوماتية فيما عدا أن الحجج ليست ضرورية لأن الهدف يثق بمصدر القوة.
- قوة المرجع: تعتمد على تحديد الهدف وإعجابه بالمؤثر، وهنا تتوفر الرغبة في الامتثال لطلباته.
- القوة القسرية: تنطوي على التهديد بالعقاب. يمكن أن تكون على شكل غرامات مالية.
- قوة المكافأة: وهي قدرة الفاعل على منح نوع من المكافأة، سواء كانت شخصية أو غير شخصية.
- القوة المشروعة: بناءً على ما يتوقعه المجتمع العام من أفراده عادةً، يشمل ذلك
- المعيار الشرعي الرسمي (المنصب)، وهو الحق في طلب شيء ما بناءً على المنصب أو المسمى الوظيفي.
- قاعدة المعاملة بالمثل، والتي بموجبها إذا فعل شخص ما شيئًا من أجل شخص آخر، فأنه يكون مدين له بالمعروف في المقابل.
- قاعدة الإنصاف، الفكرة القائلة بأنه من المتوقع أن يساعد المرء الآخرين في الحصول على ما يستحقونه، على سبيل المثال، إذا كنت تعمل بجد، يجب أن تحصل على مكافأة.
- المسؤولية الاجتماعية (التبعية) ، حيث يلتزم الناس بمساعدة أولئك الذين يعتمدون عليهم.[16]
ولشرح ذلك يستمر فرينش و ريفن French and Raven في تحديد أبعاد للقوة فإذا كانت قوة الشخص تعتمد على مقدرته على توزيع المكافآت، فسيكون لديه قوة المكافأة، أما إذا كان مصدره في القوة هو العقاب أو التهديد بالعقاب، فلديه سلطة حاكمه، وإذا تم منحه الحق في ممارسة السيطرة عن طريق الالتزام بقواعد مقبولة من قبل الشخص المتأثر، فإنه يتمتع بسلطة شرعية، وأخيراً إذا كان مصدر القوة لدى الشخص هو معرفة مفيدة، يكون لدى الشخص قوة الخبرة.[17].
تنطوي القوة الشرعية على بعض القيمة أو المعيار، المقبول من قبل الفرد والجماعة، والتي بموجبه يمكن للفاعل أن يؤكد سلطته. سيلاحظ القارئ أوجه التشابه مع مفهوم شرعية السلطة الذي طالما اكتشفه علماء الاجتماع، ولا سيما من قبل ويبر ومؤخرًا من قبل غولدهامر وشيلز وتم توظيفه في البيئات الاجتماعية المختلفة. ولابد أن نشير هنا إلى أن مفهوم القوة الاجتماعية والتأثير الاجتماعي مفهومان منفصلان ومتمايزان، فالقوة الاجتماعية هي إمكانات (قد يتم استخدامها أو لا يتم استخدامها)، والتأثير الاجتماعي هو تغيير فعلي (متعمد) في المعتقدات والمواقف والسلوك والعواطف وما إلى ذلك، لشخص ما لسبب ما، ويُعرف الشخص أو المجموعة التي هي مصدر التأثير عمومًا بالفاعل المؤثر، بينما تعرف محاولة التأثير عموماً باسم الهدف (للتأثير)، وبالتالي يتمتع الفاعلون المؤثرون بالسلطة الاجتماعية، وهي الوسائل التي قد يستخدمونها للتأثير على الأهداف وإعادة توجيهها وفق مواقف مسبقة لدى جهة التأثير.
اقترح العديد من المؤلفين مؤخرًا قياس القوة الاجتماعية من حيث آثارها؛ أي من حيث التغييرات التي يمكن أن يسببها “أ” في سلوك “ب “، وما هي تكاليف هذا التأثير التي يتحملها كلا الطرفين سواء في صنع التأثير وممارسته أو في الامتثال لهذا التأثير، وما هي الحوافز التي يجب على (أ) أن يقدمها إلى (ب) وما هي التبعات التي يجب أن يتحملها (ب) في المقابل.[18]
مرت أكثر من خمسة عقود منذ أن دعا كارترايت (1959) إلى إدخال القوة الاجتماعية في التحليلات النفسية للعلاقات الاجتماعية بين الأفراد وبين المجموعات (Raven ، 2001)، منذ ذلك الحين تناول بعض علماء النفس الاجتماعي علاقات القوة الشخصية بين الأفراد، لا سيما فيما يتعلق بإظهار القوة بين الرجال والنساء في التواصل اللفظي وغير اللفظي (أنظر: دوفيديو، إليسون، كيتنغ، هيلتمان، وبراون ، 1988 ؛ لافرانسي وهينلي، 1994؛ Ng & Bradac ، 1993 ؛ Reid & Ng ، 1999)، ودرس علماء النفس الاجتماعيون الآخرون دور القوة في العلاقات بين المجموعات، وفحصوا المجموعات التي تختلف في العرق والجنس واللغة، [19] ، ودرسوا كذلك الطبقة الاجتماعية وحيوية المجموعة (أنظر: Apfelbaum، 1979؛ Bourhis، 1994؛ Bourhis & Barrette، 2005؛ Fiske & De´pret، 1996؛ Lorenzi-Cioldi (1998)، Ng، 1980)، واهتم الباحثون بتوزيعات القوة في المجال السياسي وقضايا الاستبداد، والهيمنة، والقوة الشرعية وغير الشرعية، وقواعد التفاوض.[20]
إن الاهتمام بمفهوم القوة الاجتماعية في السياسة الدولية مثير للتفكير خصوصا حول كيفية ممارسة القوة في بيئة تسودها العلاقات المعقدة بداية من الثقافة الشعبية، والإعلام، والدبلوماسية العامة، والعلامات التجارية والتي تترابط جميعا بالحالة الدولية للتنافس على النفوذ وصناعة التأثير على الآخرين.[21]وهنا يذهبPeter Van Ham 2010 في كتابه القوة الاجتماعية في السياسات الدولية للقول، بأن القوة هي القدرة على وضع المعايير، وخلق القواعد والقيم التي تعتبر مشروعة ومرغوبة، دون اللجوء إلى الإكراه أو الضغط، ويعتبرها جزء أساسي من السياسة الدولية المعاصرة، كما يوضح كيف أن القوة الاجتماعية هي ظاهرة معقدة تتجلى في مجموعة متنوعة من المظاهر، لا سيما في الثقافة، والمؤسسات، والقانون، ووسائل الإعلام التي تظهر جميعا في المستوى الدولي والعالمي، ويمكن التركيز على الجوانب الرئيسية للقوة الاجتماعية وما تتميز به من مركزية، وتعقيد، وشمولية. وفي نفس الوقت لاحظ العلاقة المعقدة بين القوة الناعمة والقوة الخشنة أو الغاشمة، ودور وسائل الإعلام، وتقنيات الاتصالات الجديدة في تكوين هذا المفهوم، ومن منظور آخر يمكن استكشاف العلاقة بين الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية في قوة الخطاب العام، وتحديد الأجندة المحلية والدولية، وصياغة الهويات ، وفي النهاية تظهر توزيعات القوة بوضوح في العمليات السياسية.[22].
لقد كان Steven Lukes واحداً من أشهر العلماء المعاصرين الذين حاولوا صياغة مفهوم القوة اجتماعياً حيث حاول تعريف القوة الاجتماعية من خلال تقسيمها إلي ثلاث أبعاد رئيسية كما إن الباحث المهتم يستطيع أن يري أن النموذج الذي قدمه Lukes يصلح لتحليل العلاقات الاجتماعية في المجتمعات المختلفة حيث يقدم القوة الاجتماعية في أبعاد ثلاثة رئيسية هي بنى القوة، وعمليات القوة، ونتائج القوة.
حاول Lukes بناء الأفكار بأسلوب منطقي وتجميع للمفاهيم لكي تعطي معني أكثر قبولا وإقناعا كما حاول الربط بين مفهوم القوة من بعده النظري وكيف يمكن توظيفه في الواقع من خلال التعامل معه في عدة مستويات.
جاءت بعد ذلك محاولة كل من Cromwell and Olsonكروموول و أولسون، والتي طورها Raheel رحيل 2017 فيما بعد والتي قدم فيها تصوراً تحليلياً عن العوامل الرئيسية للقوة وكان هناك تأثر واضح بأفكار Lukes حيث يعتقدان أن القوة الاجتماعية يمكن النظر إليها علي أساس ثلاث مكونات رئيسية هي البني (Bases) والعمليات (Processes) ثم المحصلة أو النتائج (outcome)، وتتركب بني القوة الاجتماعية من السلطة (Authority) و الاقتصاد (Economic ) والشخصية (Personal) والقانون والدعم الحكومي (Law and government support) و التعليم (Education)، أما فيما يخص العمليات فيمكن النظر إليها من خلال كونها الصورة الظاهرة للقوة فقد تظهر علي شكل التأثير (Influence) أو الإقناع (Persuasion) أو الإصرار (Assertiveness)، أما النتائج فهي المحصلة والتي تشمل علي حرية الحركة (Freedom of movement) وتقرير المصير (Decision-making) والتحكم في الدخل (Control over-income) وهي الأشكال التي تظهر فيها القوة بشكلها النهائي.[23]
في وقت لاحق تنبه الباحثون المهتمون بنظريات القوة الاجتماعية أنه من الضروري التمييز بين القوة والمكانة الاجتماعية والحجم النسبي للمجموعة، وهي ثلاثة متغيرات اجتماعية هيكلية رئيسية تحدد معظم علاقات القوة.
القوة والسلطة:
في المجال السياسي تم التركيز على مفهوم السلطة باعتبارها الأثر الواضح للقوة واستخداماتها في المجتمع، فقد حظي المصطلح مؤخراً باهتمام كبير من علماء السياسة وعلماء الاجتماع على حد سواء، فالسلطة هي ذلك الجانب من العلاقات الاجتماعية الذي يتميز بعدم المساواة النسبية بين الفاعلين أو وحدات التشغيل، فهي مشتقة من التحكم النسبي في الآخرين، لذلك فهي ظاهرة اجتماعية نفسية، في حين أن السيطرة ظاهرة فيزيائية، تكمن السلطة في الهيمنة القانونية لإنسان على آخر وفي الضوابط النسبية التي يمارسها مختلف أعضاء الجماعة بشكل فردي أو جماعي على مجتمعاتهم، ربما يكون أحد أسباب تعرض السلطة لكثير من الخلاف هو أنها تنطوي بطبيعتها على نوعين مختلفين تمامًا من العلاقات في اتجاهين، وعند النظر في بنية السلطة في العالم من حولنا، فإننا نتعامل تقليديًا مع أنواع مختلفة من الكيانات الاجتماعية: الأفراد، والمجموعات العائلية، والدول القومية، وما إلى ذلك، وبالتالي فإن الباحث في مفهوم القوة الاجتماعية والسلطة لديه سلسلة معقدة من المفاهيم والأنماط التحليلية للتنظيم القائم على القرابة والعائلة (المؤسسات غير الرسمية) أو القائم على المؤسسة الرسمية ويتضح ذلك عند وصف هيكل السلطة، والتنظيم الداخلي للوحدات وعلاقاتها التبادلية، يرتبط الهيكل الداخلي للسلطة ارتباطًا وثيقًا بالهيكل الخارجي؛ ولبعض الأغراض، قد يتجاهل المرء “الحدود” القانونية للسلطة ويتجاوز السقف المتاح لهذه السلطة وهنا ينشأ الصراع. [24]
“السلطة هي طابع الاتصال (الذي له طابع الأمر) في منظمة رسمية يتم بموجبه قبولها من قِبل مساهم أو عضو في المنظمة على أنها تحكم أو تحديد ما يفعله أو ما لا يفعله، وكان لماكس فيبر نفس الرأي الموجود في النظرية الكلاسيكية للسلطة، الذي يرى أن السلطة هي الامتثال الإرادي وغير المشروط للناس، استنادًا إلى اعتقادهم أنه من المشروع للرئيس أن يفرض إرادته عليهم ومن غير المشروع لهم رفض الانصياع والإذعان لتدفق هذه السلطة من قمة الهرم الى أسفله. [25] صاغت ماري باركر فوليت نظرية تدفق السلطة بشكل عكسي، لكن شيستر بارنارد قدمها لاحقًا باسم السلطة التصاعدية، وهو يعتمد على فرضية أن السلطة لا تتدفق من أعلى إلى أسفل ولكن تتدفق من أسفل إلى أعلى، إنه يعني أن الرؤساء لا يمكنهم ممارسة السلطة إلا إذا تم قبولها من قبل المرؤوسين، وبالتالي فإن قبول السلطة من قبل المرؤوسين يمنح الإدارة للسلطة، ويأخذ تدفق السلطة شكل طلب من قبل كبار المديرين، إذا تم قبول هذا الطلب من قبل المرؤوسين، يمارس المديرون السلطة، وإذا لم يقبلها المرؤوسون، فلن يمارس المديرون أي سلطة، على عكس السلطة الكلاسيكية، يؤيد بارنارد أن السلطة موجودة عندما يكون المرؤوسون على استعداد لقبولها. إذا لم يقبل الموظفون السلطة، يفقد المدير الحق في إصدار الأوامر، ويقبل الشخص السلطة إذا تم استيفاء أربعة شروط، وفقًا لتشيستر بارنارد. [26]
- يفهم الاتصال تمامًا.
- الاتفاق مع أهداف المنظمة.
- الاتفاق مع أهدافه الشخصية.
- قبول وسيلة وطريقة الاتصال.
يفترض داهريندورف أن السلطة هي المحدد الأساسي في الانقسام الطبقي في المجتمع ما بعد الصناعي حيث يترتب على الصراع توزيع السلطة بشكل غير متساو في المجتمع، نظرًا لأن الصراع يستلزم مجموعتين متعارضتين، فقد تصور داهريندورف السلطة باعتبارها ثنائية التفرع الصارمة (أي أولئك الذين يمارسون السلطة مقابل أولئك الخاضعين لها). [27]
وبذلك يجادل المفكرين الماركسيين بأن السلطة تمثل الشكل الظاهر للقوة الاجتماعية وهي بشكل أساسي للمالكين والمراقبين للإنتاج الاقتصادي (البرجوازية) ويُنظر إلى السلطة السياسية على أنها مشتقة من الملكية الاقتصادية، وفي هذا الصدد، يمكننا تحديد الطبقة الحاكمة التي لا تتحكم فقط في وسائل الإنتاج والتوزيع والتبادل في المجتمع الرأسمالي، ولكنها أيضًا تسيطر على مؤسسات السلطة السياسية وتتحكم فيها. وقد قدمت المدرسة الماركسية تحليلا لبنية القوة منها:
- الماركسية الآلية: يحاول هذا الشكل من الماركسية إثبات طبيعة هيمنة الطبقة الحاكمة في المجتمع بشكل تجريبي وترتبط بشكل أساسي بعمل رالف ميليباند في كتابه “الدولة في المجتمع الرأسمالي”.
- الماركسية “البنيوية”: هذا النوع من الماركسية يركز أكثر على الترتيبات الهيكلية للمجتمع الرأسمالي ، في محاولة لإظهار كيف أن الطبقة الحاكمة قادرة على السيطرة على بقية المجتمع اقتصادياً وسياسياً وعقائدياً دون الحاجة إلى أن يشرف أفراده شخصياً على سير أعمال الدولة و يرتبط بشكل أساسي بعمل الكتاب مثل Althusser & Poulantzas في كتابهما (“فئات في الرأسمالية المعاصرة”) . [28]
القوة والهيمنة:
في تحليل البنية الأساسية لنظرية الهيمنة الاجتماعية Social dominance Theory، يتم إضفاء الشرعية على عدم المساواة الاجتماعية مع إعطاء امتيازات لبعض المجموعات على حساب مجموعات أخرى في تسلسل هرمي مما يعطي شرعنة للأسطورة الايدولوجية التي تفترض مبدأ الجدارة و افتراض الدونية للتفريق بين الجماعات [29] يمكننا أن نقول إن الهيمنة (SDT)تُعرَّف أساساً على أنها التدخل التعسفي في رغبات أو تفضيلات الآخرين، فيتمتع شخص ما بسلطة تعسفية على غيره تمكنه من إخضاع الآخرين لرغباته ونزواته وأفعاله، دون الأخذ في الاعتبار تفضيلات الآخرين، يجادل بيتيت (1997) بأن هناك ثلاثية مؤهلة لحساب كافٍ للهيمنة وهي: (1) القدرة على التدخل (2) الأساس التعسفي (3) غياب القيود، وهنا تنشأ علاقة الهيمنة، فعندما يكون لدى مهيمن ما نوع من السيطرة على طرف آخر ولا توجد قيود إجرائية أو مؤسسية خارجية لمنع هذا التدخل التعسفي تتشكل الهيمنة، بعبارة أخرى، إنه عندما تُترك الأمور وفق نزوة فاعل آخر يمكنه أن يفعل ما يحلو له وتأتي النتائج بصورة غير متوقعة. هنا جاءت الفرضية الأساسية التي توجه المفهوم الجديد للحرية وعدم السيطرة في مقابل الهيمنة، والتي أوجبت ظهور الحماية بموجب القوانين والإجراءات إلي تحد من قدرة الآخرين على امتلاك مصائر الغير والتحكم فيها، كما يضيف بيتيت وآخرون أن مفهوم الهيمنة هذا ليس مجرد تفسير معياري فحسب، بل هو أيضًا يؤثث نظرية كاملة للسيطرة كحقيقة اجتماعية واقعية. (أنظر:Pettit 1996 ، 1997، Skinner 1998 ، 2008، ماينور 2003، لوفيت 2010 ، ماكجيلفراي 2011).
يجبرنا حساب التدخل التعسفي للهيمنة على قبول فهم للظاهرة أضيق من أن يفسر أنواع علاقات القوة غير المتكافئة وعواقبها السائدة في المجتمعات الحديثة من خلال افتراض العقلانية الجوهرية للفاعلين (أي أن الهيمنة يمكن أن تحدث فقط عندما تعرف أن شخصًا ما يتدخل في تفضيلات آخر أو آخرون) وبهذا يظهر لنا الفرق بين القوة والهيمنة التي هي وسيلة لجعل شخص ما يفعل ما يطلب منه أن يفعله دون إبداء أي اعتراض.
إن الإشكالات الحديثة المصاحبة لمفهوم الهيمنة هو تنازعها مع مفاهيم مثل العقلانية والشرعية للمسيطرين مما يجبرنا على التعامل بحذر مع الأشكال الكامنة للهيمنة حيث يكون الأفراد في بعض الأحيان غير مدركين تماماً أن العلاقات التي يشاركون فيها تشكل هيمنة (علاقات غير متكافئة للقوة).
يفترض مسبقًا كل من الفكر الاجتماعي الحداثي وما بعد الحداثي الذي انتقد مفهوم الهيمنة أن الفاعلين يوافقون بشكل متكرر على علاقات الهيمنة، وتبادل أنماطها، وهنا يثار التساؤل التالي من أي موقف معياري يمكن للمرء أن ينتقد الهيمنة التي هي، كحقيقة اجتماعية، شرعية في أعين أولئك الذين يعيدون إنتاجها؟ من أجل توفير أساس معرفي للنقد، يُقال أيضا أن الفاعلين الاجتماعيين لديهم آفاق تفسيرية متعددة متاحة لهم كجزء من ممارساتهم الاجتماعية اليومية، وبالتالي فهم ليسوا عالقين في شبكة مسبقة التكوين من المعاني التي لا مفر منها ، كما هو متضمن في بعض الأحيان في التصورات الاجتماعية المفرطة للفاعلية المرتبطة بما بعد الحداثة.[30]
القوة في سياقها الاجتماعي:
القوة الاجتماعية لا ينظر لها على أنها ظاهرة معزولة وإنما يتم فهمها في سياق اجتماعي، هذا السياق يتضمن بنية اجتماعية لها مجموعة من المكونات الاجتماعية والثقافية يمكن من خلالها تجلي القوة في صورة مواقف ومشاعر وردود أفعال مختلفة وتشكل الجماعات الإنسانية السياقات التي يمكن أن تتجلى من خلالها القوة. [31]
إن الشكل الذي تمارس من خلاله القوة يلزمنا النظر في الأشكال التي تأخذها هذه العملية والتي تتنوع من التأثير، أو الإقناع، أو الإصرار وهذا التنوع في عملية القوة يؤدي بنا إلى القول بأن القوة باعتبارها عملية اجتماعية تمر بأشكال مختلفة تمارس من قبل طرف على طرف آخر ولا يمكننا أن نتصور انفصال العمليات عن البني الاجتماعية التي تؤثث لها أو التي تنطلق منها القوة.
لقد كانت تصوراتParsons عن العلاقات الاجتماعية في المجتمع معتمدة علي توظيف أربعة نماذج رئيسية هي المال، والقوة، و التأثير، الالتزامات وهي بالتالي تؤدي إلي ممارسة أو الإحجام عن ممارسة القوة داخل المجتمع. [32]
من أجل دراسة القوة الاجتماعية في السياق الاجتماعي داخل المجتمع بشكل منهجي فإن Hill 1975 دعي إلى مضاعفة الجهود من أجل التوسع في إعادة صياغة المفاهيم والنظريات الاجتماعية حول المجتمع، فقد كان هناك اهتمام متزايد حول المقارنات المختلفة حول القدرة على اتخاذ القرار، كما أن الحاجة إلى تطوير مؤشرات القوة بشكل ديناميكي واسع أصبحت ضرورة منهجية تدعوا إليها أغلب الدراسات الجادة في هذا المجال البحثي ” مجال القوة الاجتماعية ” وهناك محاولات لوضع مؤشرات أو تعريفات إجرائية لهذا المفهوم.
كما يمكننا بنظرة سريعة للدراسات الاجتماعية التي تناولت مفهوم توزيعات القوة الاجتماعية ملاحظة التطور الملحوظ في قياسات القوة وبشكل أكثر إجرائية، مع التنبيه إلى المشاكل التي تواجهها قياسات القوة حيث أكد Blood and Wolfe على وجود مشاكل في قياس اتخاذ القرار، ومن بيده القرار النهائي داخل المجموعة والنتائج المترتبة على اتخاذ تلك القرارات باعتبارها محصلة للقوة الاجتماعية أو هي الشكل الملموس والمعبر عنها. وقد توصل كل من Olson and Rabunsky 1972, Turk and Bell 1972 وذلك من خلال دراسة معمقة للقوة الاجتماعية في المجتمع إلى مشاكل منهجية في قياس القوة الاجتماعية حيث تساءلوا كيف يمكننا إعطاء ضمانات حقيقية لقياسها بشكل دقيق وواضح[33]، فقد يكون من السهل على الأفراد تحديد ما هي القرارات المتخذة من قبلهم، ولكن قد يعانون صعوبات في تحديد من يملك القوة عليهم أو من يحثهم على اتخاذ قراراتهم خاصة المصيرية منها، وقد نجد أنفسنا في معرض الحديث عن قياس لمنتجات نهائية تظهر في شكل أثر واضح.[34]
كما أن معظم دراسات القوة تنصح بجدوى وفاعلية دراسة القوة الاجتماعية وفق منهج ذو الميزات المتعددة وذلك عند دراسة القوة داخل المجتمع من أجل تحديد أو قياس درجة التأكيد لسيطرة القرابة مثلاً والتواصل الاجتماعي الفعلي مع المجتمع.
إعادة توزيعات القوة والسلام الهجين:
إن مفهوم القوة الاجتماعية من المفاهيم التي لا تحدث في الفراغ و إنما يلزم لوجودها وجود بناء اجتماعي أو بيئة اجتماعية حتى تحدث هذه العملية وتتجلى البني الاجتماعية ومكوناتها والتي يبرز منها بشكل واضح التأثير المتعمد على البناء القانوني و الحكومي الذي يساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في وجود البناء الاجتماعي والذي يعتبر المكون الرئيسي للقوة الاجتماعية، ويتم توزيع القوة الاجتماعية بين أطراف متعددة بقصد إحداث حالة الاستقرار والتوازن أو حالة التعاون النسبي التي يمكن معها استمرار الحياة، ومما يجدر الإشارة إليه هنا استحواذ جماعات بعينها على نصيب من القوة الاجتماعية داخل المجتمع فكل مجتمع لديه أقلية حاكمة، وهي مجموعة تتحكم في مصادر القوة الأكثر أهمية وتحتكرها، وتعد النخب أوضح هذه الجماعات وأكثرها منافسة على مصادر القوة داخل المجتمع، ولا يقتصر الأمر على نزاع النخب على مصادر القوة للوصول إلى مستويات مختلفة من الصراع والعنف ولكن دخول النخب الجديدة اللعبة أيضاً من خلال آليات مختلفة لتجنيد الطامحين في القوة الاجتماعية، وبالتالي فإن فهم توزيعات القوة وعلاقات القوة يلزمنا فهم سلوك النخبة ، وتفاعل النخبة مع المجتمع ، والتحول في سلوك النخبة، وفي النهاية العلاقة المعقدة بشكل أشمل وأعم [35].
بدلاً من وجود تعددية بسيطة للمجموعات المتنافسة في المجتمع، هناك سلسلة من النخب المتنافسة وهي مجموعات قوية قادرة على فرض إرادتها على بقية المجتمع، وهذا ما تحاول تفسيره نظرية “النخب المتداولة” لكل من موسكا وباريتو وهو شكل محافظ من التنظير، وجاءت محاولة باور إيليت والتي طورها سي رايت ميلز بصورة أكثر جذرية من التنظير حول تأثير النخب في توجيه الآخرين(المجتمع)[36].
وتعددت النظريات التي حاولت فهم توزيعات القوة الاجتماعية، وما يتمثله مكمن القوة الاجتماعية من تصورات عن قدراته على التأثير في الغير، وفق أنساق مترابطة داخل المجموعات ومن ثم رسم أشكال ومسارات القوة والتأثير داخل المجموعات، وحاولت بعض التخصصات مثل علم النفس الاجتماعي فهم هذه البنية واستنتاج قيم تراتبية هرمية لتأثير الافراد وقوتهم داخل المجموعات(عن طريق المقياس السوسيومتري)، ومن خلال تطبيق نظرية Digraph يمكننا أن نتعامل بالتفصيل مع مكونات هذه البنية والتي تنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي، أنماط الاتصال، أنماط الرأي، والقيادة.[37]
تلتها محاولة DeGroot-Friedkin لتطور الفهم حول توزيعات القوة الاجتماعية للفرد والذي يدور حول الثقة بالنفس، فيتنبأ النموذج الذي قدمه بوجود جاذبية شبه عالمية لتكوينات التوازن للتقييم الذاتي والقوة الاجتماعية في المجموعة، وذلك مع معظم إعدادات الشبكة الاجتماعية العامة، حيث يتوقع، في ظل طوبولوجيا التفاعل الممكنة، يتم تحديد هياكل القوة الاجتماعية الناشئة من خلال درجات مركز الأفراد وقربهم أو ابتعادهم من مكمن القوة، وعندها تكون القوة الاجتماعية الأولية للفرد تتشاكل بسرعة هائلة وباتجاهين، عندما توضع في إطار شبكة العلاقات، في المقابل تعتمد القوة الاجتماعية للفرد فقط على بنية الشبكة الاجتماعية (المتغيرة) أصلاً، يفضي ذلك إلى أن التفاعلات بين الأشخاص يجب أن تكون أضعف من العملية الإدراكية الاستبطانية للفرد من أجل تحقيق الاتساق المنطقي بين الموضوعات، خلاف ذلك قد يعاني الفرد من الحمل المعرفي الزائد وتصبح منظومة الرأي والتأثر غير مستقرة [38]، ونخلص من ذلك إلى أن القوة الاجتماعية مملوكة لمجموعة متنوعة في المجتمع (بعضها أقوى من الآخر)، وهي تتنافس مع بعضها البعض. نظرًا لأنه لا توجد مجموعة أو طبقة واحدة قادرة على السيطرة على جميع المجموعات الأخرى (بسبب الضوابط والتوازنات المتبناة في نظام الحكم)، في المقابل يُنظر إلى “تعددية” مجموعات المصالح (أو جماعات الضغط) المتنافسة والأحزاب السياسية وما شابهها على أنها حالة واضحة من حالات تنوع القوة في المجتمعات الرأسمالية.[39]
إن القوة الاجتماعية بمختلف مستوياتها هي وسيلة للوصول الى نتائج وتحقيق غايات ، وتحاول الظهور في شكل سلوك شرعي من خلال غاياته المعلنة، ووسائلها المتبعة فتكون القوة عبارة عن آلة ذات دواليب متعددة تبث فيها الروح التفاعلات التي تظهر في شبكة معقدة من الثقافة، مما دفع سوزان بلاكمور، في كتابها The Meme Machine، إلى القول بضرورة الإذعان لمصيرنا كموضوعات لثقافتنا ولكن ثقافتنا، إذا تركت بلا قيود، ستنتهك إنسانيتنا في النهاية وسيفقد الإنسان مقومات كثيرة على رأسها الحرية، مما يلغي جوهر الفرد، والذي قد يهدد جوهر الإنسانية.
لعله من نافلة القول إن تفهم هذه العلاقات المتشابكة من المصالح المتقاطعة بشدة بين موجهات القوة يساعد كثيراً في فهم مصادر القوة ومساراتها وكذلك تجلياتها في صور متعددة، ومن ثم يمكن العمل على تنظيم هذا التشتت مرة أخرى مما يساعد على بلورة رؤية واضحة لترتيب العلاقة بين القوى المتصارعة ووضع صيغة لهذا الصراع تحسم فيه الأولويات بتحديد أصحاب المصالح وإعادة حساب التوزيعات القوة بينهم.
إن الصراعات التي تنشئ داخل المجتمع تنطلق من مسلمة أساسية وهي إن هذه الصراعات لا تنشئ في الفراغ ولا تنشئ من فراغ ولا تستمر في الفراغ، وان هذه الصراعات تحركها قوى اجتماعية تدفع باتجاه مصالح ومكاسب ليست لصالح الآخر.
حيث يغيب أو تغيب مصالح الآخر من حسبانها وقد يكون هذا ما يعمق الهوة بين القوة المتصارعة ويزيد من حدة الحافة الفاصلة بينها، بل يصل الأمر بالبعض إلى درجة اليقين باستحالة اللقاء في المصالح، وينفون من حسبانهم لغة التشابك برغم من تمثل صورة المصالح المشتركة في كثير من أنواع القوة المتصارعة فإذا سلمنا إن الصراعات لا تنشئ في الفراغ تبين لنا أن هناك بداية جمعت هذه القوة في حزمة واحدة ثم نشأ بعدها اختلاف وتفاوت في المصالح وحسابات مختلفة للفرص الضائعة مما خلق سباق بين الأطراف واستقطاب للقوة نشأ عنه صراع القوة بين المركز و الأطراف وصراع القوة عزز من حالة تشتت المصالح وزاد من التنافر.
لقد سادت حالة الصراع والحرب معظم الفترات من تاريخ البشرية وأصبح الحديث عن السلام أشبه بمأزق فبالرغم مما قدمه الأكاديميون الأوروبيون لكنهم لم يفعلوا الكثير لتطوير نظرية تفسيرية أو حتى التأثير في السياسة المحلية أو الدولية، ومن ناحية أخرى، تم تجاهل هذه الأزمة(مأزق السلام) التي كثيرا ما تم تشخيصها من قبل ممارسي السياسة والأكاديميين المقيمين في أمريكا الشمالية إلى حد كبير والذين يعملون في التقاليد الوضعية. [40]
لقد حاول كامبل وآخرون البحث في كيفية ظهور النماذج الحديثة من الحروب والصراعات وكيف ذهبنا إلى ما بات يعرف بالسلام الهجين وفي هذا السياق يكون التمييز بين حالة الحرب ونقيضها أي السلام غير قابل للتحديد وأصبحنا نعيش في عالم لا تكون فيه الحرب حربا تماماً ولا يكون السلام أيضا سلاماً تماماً. وهذا يتطلب تطورا في مفاهيمنا وإعادة وصف الواقع إثنوغرافياً.[41]
حدد هاردت ونيجري (2000) المفهوم المسيحي للحرب العادلة في مواجهة العدو الذي يمثل تهديدًا أخلاقيًا وعسكريًا على أنه يدعم احتكار العنف، لكن Agamben (2005) كان مؤثرًا في ربط هذه الأشكال من الحكم ووسائل الحرب المحددة بالاعتماد على اللاهوت السياسي لشميت الذي، سلط الضوء على معالجة الواقع الجديد للحرب إثنوغرافياً، على سبيل المثال، عدم المساءلة عن وحشيتها، والتعامل بالباطن أو بالوكالة، وانتهاكات حقوق الإنسان، واستخدام الأراضي الأجنبية للسجون، والاستجواب العنيف وما إلى ذلك.
بدلاً من إقامة سلام ليبرالي وديمقراطي، أدى توزيع القوة إلى حالة هجينة تتعايش فيها العناصر الليبرالية وغير الليبرالية والديمقراطية وغير الديمقراطية، ويؤدي بالأعداء اللدودين للظهور بمظهر الأصدقاء الودودين، في حين أن غياب حرب واسعة النطاق يشبه الهدنة أكثر من كونه نسخة جوهرية من السلام. إن التهجين يمثل وصفًا للعدو بدلاً من وصف الذات، وتفضل المصادر العسكرية الأمريكية التركيز على نموذج العدو المختلط، مثل تلك الحالة التي ظهرت في العراق وأفغانستان في مواجهة أمريكا، وتلك التي في الشيشان مع روسيا، أو الحالة العربية في فلسطين مع الإسرائيليين[42].
تظهر الأشكال الهجينة من السلام والأشكال الهجينة للسياسة في مواقع ما بعد الصراع حول العالم حيث يعاد توزيع القوة بين الأطراف المتنازعة وفق الأعراف والمؤسسات والقوانين والحقوق والاحتياجات والمصالح المحلية والدولية، من المعقول أيضاً أن تظهر نسخ أكثر تعقيدًا وسياقية للسلام تدريجياً من خلال الخلاف السياسي بين مجموعة من الجهات الفاعلة المحلية وعبر الفاعلين المحليين والدوليين نتيجة لذلك[43] وظهور حالة السلام الهجين مرتبطة بإعادة توزيع القوة حيث تظل مختلف الفصائل المحلية والأعراف والمصالح الدولية متعارضة حتى يتم التوصل إلى تسوية تحافظ على مصالح الأطراف الداخلة في تنازع القوة سواء كانت على المستوى المحلي أو الدولي ولا شك أن عملية التهجين أعمق مما تبدو فهي مرتبطة بالسياق التاريخي للأحداث، وتأثير العوامل الاقتصادية والاجتماعية، كما أن مظاهر العنف الهيكلي والخوف من حالة الافتراس أو الخسارة يعد أحد السياقات الدافعة نحو تسليم الأطراف المؤقت لحالة التهجين.
الخلاصة والاستنتاج العام:
من خلال الطرح السابق يمكننا الوصول إلى الاستنتاجات الرئيسية حول مفهوم القوة الاجتماعية باعتباره مفهوماً يتعدى مستوى الطرح الظاهر إلى الطرح العميق فهو يساهم في فهم بنية المجتمع وأبعاد المرتبطة بالتفاعل بين عناصر هذه البنية، كما أن الاشتغال على تحليل محتواه نظرياً سيساعد الباحثين لاحقا من التعامل الدقيق عند إجراء البحوث التجريبية والتطبيقية.
إن تحليل العلاقة النظرية بين المصطلحات المقاربة لمفهوم القوة ساعد كثيرا في رسم الحدود الافتراضية الفاصلة بين استخدامات كل مفهوم من هذه المفاهيم وفي نفس الوقت يمكن القارئ من افتراض علاقات سليمة قائمة على إمكانيات كل مصطلح وقدرته على وصف كل حالة على حدى.
تدار القوة في سياقها الاجتماعي من خلال جملة من العمليات والنشاطات التي يلتزم بها الأطراف الداخلين تحت تأثير السياق الاجتماعي موضوع القوة ومن خلالهم تظهر القوة وتبني صورتها في الواقع الاجتماعي المعيش.
أخيرا نسأل: ما هو تأثير هذه العمليات على المؤسسات المحلية والدولية؟ هل يؤدي التوصل إلى حل وسط بشأن معايير وقواعد “توزيع القوة” المتفق عليها عموماً إلى خلق سلام أو اتفاق يراعي حقوق الفاعلين من جميع الأطراف؟ أم أن إعادة توزيع القوة هو هروب من مواجهة الحقيقة؟ هل يمكننا أن نكون متشائمين بما يكفي لنقول إننا نبحث عن مفهوم هجين للقوة أكثر من بحثنا عن مفهوم للقوة؟
قائمة المراجع:
- Adams, R. N., Energy and Structure (University of Texas Press, 1975).
- Block, F., ‘The ruling class does not rule: Notes on the Marxist theory of the state’ The Political Economy, (Routledge, 2021).
- Brauer, M. and R. Y. Bourhis, ‘Social power’ (2006) 36 European journal of social psychology 601–16
- Colvin, M. and J. Pauly, ‘A critique of criminology: Toward an integrated structural-Marxist theory of delinquency production’ (1983) 89 American journal of sociology 513–51
- Cuomo, S. A. and B. J. Donlon, ‘Training a “hybrid’warrior at the infantry of ficer course’ (2008) Small Wars J. Blog
- French, J. R., B. Raven, and D. Cartwright, ‘The bases of social power’ (1959) 7 Classics of organization theory.
- French Jr., J. R. P., ‘A formal theory of social power.’ (1956)
- Mac Ginty, R., ‘Hybrid peace: The interaction between top-down and bottom-up peace’ (2010) 41 Security dialogue.
- Van Ham, P., Social power in international politics (Routledge, 2010)
- Harsanyi, J. C., ‘Measurement of social power, opportunity costs, and the theory of two‐person bargaining games’ (1962) 7 Behavioral science .
- Heathershaw, J., ‘Towards better theories of peacebuilding: beyond the liberal peace debate’ (2013) 1 Peacebuilding .
- Islam, G., ‘Social dominance theory’ (2014) Encyclopedia of Critical Psychology 1779–81
- Jonas, G. H. and F., ‘Interpersonal Influence Strategies in the Churchill-Roosevelt Bases-for-Destroyers Exchange’ (1992) 4 Adv. Mater.
- Kipnis, D., ‘Does power corrupt?’ (1972)
- Kühne, O. and L. Leonardi, Ralf Dahrendorf: Between social theory and political practice (Springer Nature, 2020)
- Lee, J.-M., G.-W. Bock, and A. Suh, ‘The Influence of Social Power on Knowledge Utilization’ (2019) Journal of Computer Information Systems .
- López, M., ‘Elite theory’ (2013) Sociopedia
- McMahon, D. and J. C. Carr, ‘The contributions of Chester Barnard to strategic management theory’ (1999) Journal of Management History
- Molesworth, W., (ed.) Thomas Hobbes, Leviathan. Collected English Works of Thomas Hobbes. (Aalen: Scientia, 1966)
- Olson, D. H. and C. Rabunsky, ‘Validity of four measures of family power’ (1972) Journal of Marriage and the Family.
- Parenti, M., Power and the Powerless (Library of Congress., 1978)
- Parsons, T. & Bales, R., Family, Socialization and Interaction Process. (The Free Press, 1955)
- Parsons, T., ‘Vilfredo Pareto: Contributions to Sociology”, International’ (1968) 11 Encyclopedia of the Social Sciences.
- Raheel, M., The Power of Women within Libyan Families (Noor Publishing, 2017)
- Raven, B. H., ‘Legitimate power, coercive power, and observability in social influence’ (1958) 21 Sociometry .
- Raven, B. H., ‘Power/interaction and interpersonal influence’ (2001) The use and abuse of power.
- Schwartz, S. H., ‘Basic Human Values : An Overview Basic Human Values : Theory , Methods , and Applications Introduction to the Values Theory’ (2006) 48 Jerusalem Hebrew University.
- Sethi, N. K., ‘Mary Parker Follett: pioneer in management theory’ (1962) 5 Academy of Management Journal.
- Smith, T. E., ‘Foundations of Parental Influence Upon Adolescents: An Application of Social Power Theory’ (1970) 35 American Sociological Review 860
- Ssorin-Chaikov, N., ‘Hybrid Peace: Ethnographies of War’ (2018) 47 Annual Review of Anthropology .
- Tedeschi, J. T., Social Power and Political Influence (Routledge, 1974)
- Turk, J. L. and N. W. Bell, ‘Measuring power in families’ (1972) Journal of Marriage and the Family.
- Vail, J., A Theory of Power 1 ed. (iUniverse, 2004)
- Xu, Z., J. Liu, and T. Başar, ‘On a modified DeGroot-Friedkin model of opinion dynamics’ 2015 American Control Conference (ACC), (IEEE, 2015).
[1]J. Vail, A Theory of Power , 1 ed. (iUniverse, 2004).
[2]Vail, A Theory of Power.
[3]Vail, A Theory of Power.
[4]J.-M. Lee, G.-W. Bock, and A. Suh, ‘The Influence of Social Power on Knowledge Utilization’ (2019) Journal of Computer Information Systems 1–14.
[5]B. H. Raven, ‘Power/interaction and interpersonal influence’ (2001) The use and abuse of power 217–40.
[6]J. T. Tedeschi, Social Power and Political Influence (Routledge, 1974).
[7]W. Molesworth, (ed.) Thomas Hobbes, Leviathan. Collected English Works of Thomas Hobbes. (Aalen: Scientia, 1966).
[8]T. E. Smith, ‘Foundations of Parental Influence Upon Adolescents: An Application of Social Power Theory’ (1970) 35 American Sociological Review 860.
[9]M. Parenti, Power and the Powerless (Library of Congress., 1978).
[10]Smith, ‘Foundations of Parental Influence Upon Adolescents: An Application of Social Power Theory’.
[11]Tedeschi, Social Power and Political Influence.
[12]R. Mac Ginty, ‘Hybrid peace: The interaction between top-down and bottom-up peace’ (2010) 41 Security dialogue 391–412.
[13]D. Kipnis, ‘Does power corrupt?’ (1972).
[14]S. H. Schwartz, ‘Basic Human Values : An Overview Basic Human Values : Theory , Methods , and Applications Introduction to the Values Theory’ (2006) 48 Jerusalem Hebrew University 49–71.
[15] Jonas, 1992.
[16]Raven, ‘Power/interaction and interpersonal influence’.
[17]J. R. French, B. Raven, and D. Cartwright, ‘The bases of social power’ (1959) 7 Classics of organization theory 311–20.
[18]J. C. Harsanyi, ‘Measurement of social power, opportunity costs, and the theory of two‐person bargaining games’ (1962) 7 Behavioral science 67–80.
[19]M. Brauer and R. Y. Bourhis, ‘Social power’ (2006) 36 European journal of social psychology 601–16.
[20]B. H. Raven, ‘Legitimate power, coercive power, and observability in social influence’ (1958) 21 Sociometry 83–97.
[21]P. Van Ham, Social power in international politics (Routledge, 2010).
[22]Van Ham, Social power in international politics.
[23]M. Raheel, The Power of Women within Libyan Families (Noor Publishing, 2017).
[24]R. N. ADAMS, Energy and Structure (University of Texas Press, 1975).
[25]N. K. Sethi, ‘Mary Parker Follett: pioneer in management theory’ (1962) 5 Academy of Management Journal 214–21.
[26]D. McMahon and J. C. Carr, ‘The contributions of Chester Barnard to strategic management theory’ (1999) Journal of Management History.
[27]O. Kühne and L. Leonardi, Ralf Dahrendorf: Between social theory and political practice (Springer Nature, 2020).
[28]M. Colvin and J. Pauly, ‘A critique of criminology: Toward an integrated structural-Marxist theory of delinquency production’ (1983) 89 American journal of sociology 513–51; F. Block, ‘The ruling class does not rule: Notes on the Marxist theory of the state’ The Political Economy, (Routledge, 2021), pp. 32–46.
[29]G. Islam, ‘Social dominance theory’ (2014) Encyclopedia of Critical Psychology 1779–81.
[30]Van Ham, Social power in international politics.
[31]R. Parsons, T. & Bales, Family, Socialization and Interaction Process. (The Free Press, 1955).
[32]T. Parsons, ‘Vilfredo Pareto: Contributions to Sociology”, International’ (1968) 11 Encyclopedia of the Social Sciences 411–16.
[33]Turk & Bell, 1972)
[34](Olson & Rabunsky, 1972
[35]M. López, ‘Elite theory’ (2013) Sociopedia.
[36]López, ‘Elite theory’.
[37]J. R. P. French Jr., ‘A formal theory of social power.’ (1956).
[38]Z. Xu, J. Liu, and T. Başar, ‘On a modified DeGroot-Friedkin model of opinion dynamics’ 2015 American Control Conference (ACC), (IEEE, 2015), pp. 1047–52.
[39]Vail, A Theory of Power.
[40]J. Heathershaw, ‘Towards better theories of peacebuilding: beyond the liberal peace debate’ (2013) 1 Peacebuilding 275–82.
[41]N. Ssorin-Chaikov, ‘Hybrid Peace: Ethnographies of War’ (2018) 47 Annual Review of Anthropology 251–62.
[42]S. A. Cuomo and B. J. Donlon, ‘Training a “hybrid’warrior at the infantry of ficer course’ (2008) Small Wars J. Blog.
[43]Mac Ginty, ‘Hybrid peace: The interaction between top-down and bottom-up peace’.