تعليميّة اللّغة العربية بين الارتجاليّة وفنيّات التّعليم النشط:
مقاربة في إيجابيات نظريّات التعليم وعلوم التربيّة
Teaching Arabic between improvisation and active teaching techniques
An approach to the positives of educational theories and educational sciences
د. عبد القادر كحلول/جامعة ابن خلدون- تيارت- الجزائر
Dr. Abdelkader Kahloul/ Ibn Khaldun University, Tiaret, Algeria
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 85 الصفحة 109.
Abstract :
Through this article, I seek to research the methods and possibilities of active education and its role in reaching the highest percentage of academic achievement and educational effectiveness in light of the decline in the level of absorption and low results, and the frustration of many workers in the field of education despite the emergence and succession of educational theories and educational sciences However, the gap is great between the desired goals and the hoped-for results, and the Arabic language as the mother of sciences and the pump that breathes life into other educational materials as it The tongues get used to it in the early stages of each education. I researched the active education strategy and the effectiveness it achieves away from the classic methods that proved their limitations in light of the terrible technological acceleration. I tried to contribute to highlighting the impact of active learning and its effectiveness in teaching the Arabic language by updating the ways and evidence and activating linguistic examples. I also seek to benefit from the positive aspects of active education theories, linguistic immersion and digital mechanisms and their role in developing language competencies and developing capabilities according to the current situation.
Keywords : Active Education -Artefonia- Creativity – Technological Means – Updating the Evidence.
ملخص:
أسعى من خلال هذه المقالة إلى البحث في طرائق وإمكانات التعليم النشط ودوره في الوصول إلى أعلى نسبة من التحصيل الدراسي والفاعلية التربوية في ظل تراجع مستوى الاستيعاب وتدني النتائج وإصابة الكثير من العاملين في مجال التربية والتعليم بالإحباط رغم ظهور وتوالي النظريات التعليمية تترا و علوم التربية إلاّ أن الهوة كبيرة بين ما يرجى من أهداف وما يؤمل من نتائج، واللغة العربية باعتبارها أم العلوم والمضخة التي تبث الحياة في المواد التعلمية الأخرى كونها تفطر عبرها الألسنة في المراحل الأولى لكل تعليم، بحثت في استراتيجية التعليم النشط وما يحققه من فاعلية بعيدا عن الطرق الكلاسيكية التي أثبتت محدوديتها في ظل التسارع التكنولوجي الرهيب، حيث حاولت الإسهام في إبراز أثر التعلم النشط وفاعليته في تعليمية اللغة العربية من خلال تحيين السبل والشواهد وتفعيل الأمثلة اللغوية، وكذا أسعى إلى الإفادة من إيجابيات نظريات التعليم النشط والانغماس اللغوي والآليات الرقمية ودورها في تنمية الكفاءات اللغوية و تطوير القدرات وفق الراهن المستجد.
الكلمات المفتاحية: التعليم النشط-الأرطفونيا- الإبداع-الوسائل التكنولوجيا-تحيين الشواهد.
مقدمة:
التعليم مجال حساس به ترقى الأمم فتقاس وبه تزدهر الحضارات فتتطور، فهو رهان متوقف على مسايرة عجلة التطور والسبق العلمي وقد شهد العالم بشتى مراحله صراعا قويا حول اكتساب المعلومة ما رغب الكثير من الدارسين وأصحاب القرار على الاستثمار فيه والتسابق اتجاه قوارب النجاة خوفا من براثن الجهل وابتعادا عن المراتب الدنيا وصولا إلى القمم الشامخات، لقد سعت الكثير من النظريات إلى إيجاد صيغ أكثر نجاعة في العملية التعليمية إلاّ أن الأمر مازال بعيدا عن المراد، فلقد انصب الاهتمام حول المتلقي والبرامج التعليمية مجانبين بذلك جوهر العملية التعليمية، خاصة ما تعلق بسبل الإيصال وفنيات التدريس واستراتيجيات التعلم، مما أوجب إحداث آليات جديدة تكون بمثابة الثورة على الأنماط المعيارية العقيمة، والتي مازالت تلهث خلف عجلة المعلوماتية عبثا مما فرض البحث في طرق أخرى أكثر نجاعة يتحرر من خلالها المتعلم من الأثقال المكدسة من مقررات الحفظ التي يحملها أنّى شاء، حيث استنفذت قواه وصار يتوجس خيفة مما له علاقة بالتعليم والتعلم.
ما حفزني من خلال هذه الدراسة ما يمكن الاعتماد عليه في استراتيجية البيداغوجيا أو التعليم النشط” Active Pedagogies”وما له من دور إيجابي في التعليمية عامة وتعليمية اللغة العربية على وجه الخصوص خاصة إذا اعتمدت كل الوسائل كالتكنولوجيا مثلا والأرطفونيا “Orthoponia” لأجل مسايرة الراهن، فالتعليم النشط فضاء من الإمكانات والأساليب التعليمية التي توفر جوا مرنا يجعل البيئات التعلمية في حركية إيجابية من خلالها تُفعل أقطاب التعلم كلها في دينامية متواصلة يشعر فيها الباث والمتلقي بتلك المسؤولية التي تبعدهما عن بعض السلوكيات التربوية السلبية كالتلقين والحشو والاستقبال الآلي حيث تغنى وتثرى البرامج والأنشطة.
إن الضرورة ماسة ملحة إلى وجوب التغيير خاصة إذا وضعنا في الحسبان صراع اللغات لإثبات الوجود وسط قوة الاندثار التي تعصف بكل لغة كسولة جامدة يرضى أصحابها السكينة ونوعا من الدنية فيكتفون بالبكاء على الأطلال والتغني بالماضي السحيق ثم التخفي وراء المناسبات والأعياد وكأن القوم يعتبرون لغتنا العربية شعارا مقدسا محنطا لا يمكنه مجاراة التحولات العلمية، إن هذه الأفكار تدخل في نطاق النفاق اللغوي الذي من خلاله صاروا عبأ على اللغة تحملهم ولا يحملونها، إن اللغة العربية وريد نابض لا يتوقف بتخاذل هؤلاء إنها كيان حي منفتح يقول ما لا تقوله اللغات.
– الإشكالية:
تتحدد الإشكالية على اعتبارات مصيرية لأمة تسعى لإثبات وجودها وهوياتها ولا يكون ذلك إلاّ من خلال ترقية مؤسساتنا التربوية وتغيير أساليبنا التعليمية وعليه تتحدد الأهداف انطلاقا من حتمية الإشكال حول مدى صلاحية المناهج المعتمدة لترقية تعليمية اللغة العربية.
هل تمكنت النظريات العاملة في حقل التعليمية من الوصول إلى متطلبات اللغة العربية أو على الأقل إلى تحقيق الوعود والتوصيات؟ ما هي أهم المرتكزات والمرجعيات الأبستمولوجيا التي أسست لطرائق التعليم النشط والتي تتلاءم وفق مواد وأنشطة اللغة العربية؟ لما لم تعقد النخب العاملة في مجال التعليمية حبال الود بين الأساتذة كمرشدين والمتلقي من خلال المناهج المقررة وتسعى إلى تحقيق مساحة اتفاق وتعايش تتعدد من خلالها سبل التعليم وعوالم التحصيل؟ هل بإمكاننا إيجاد مصوغات نراعي عبرها الخصوصية التراثية وتقوم على استراتيجيات التعليم النشط؟
– أهداف الدراسة:
تهدف الدراسة إلى استقراء واستقصاء فاعلية التعلم النشط في تعليمية اللغة العربية وما يحققه من نتائج خاصة ما تعلق بجانب المتعلمين وطرائق التدريس ونوعية المناهج ثم تفعيل المادة اللغوية تساير الاستراتيجيات المعاصرة التي تسهم في تغيير أدوار المعلم والمتعلم وتحيين البيئة التربوية ومحاولة الابتعاد عن التراكمية والحشو والطرق التقليدية في تعليم اللغة العربية.
– أهمية الموضوع:
أخال أن أهمية تعليمية اللغة العربية قضية جوهرية لا تحتاج إلى إثبات حيث حان الوقت لنوليها الاهتمام كله ولا يتحقق ذلك إلاّ بتكاثف الجهود كل في مجال تخصصه لمجابهة التحديات لتهيئة فضاءات التعلم توظيف الخصوصية الثقافية والدينية وصولا إلى نتائج عملية تمكننا من التصدي للتحديات التي تتعاظم في طريق اللغة العربية.
ينبغي الحذر في تعاملنا مع موضوع تعليمية اللغة العربية فهي وعاء لتاريخ أمتنا العربية والإسلامية على حد سواء، كما أنها مرآة لهويتنا حافظة لموروثنا وإهمال هذا الجانب يؤدي حتما إلى الانصهار والذوبان في المستنقعات والأوحال التي في ظاهرها الحسن والجمال وفي باطنها العذاب والهوان، من المسلمات أن اللغة مركز الفكر وأساس العلم والعين التي نبصر بها الأشياء إنها تمد الإنسان شيئا من التحرر الفكري والثقافي، فاللغة وسيلة إلى التواصل البشريو أداة فكر كيف لا وقد استوعبت كل الشعوب والأمم التي انضوت تحت لواء كتابتها، فانفتحت على ثقافات متنوعة أمدتها قوة ومرونة بالإضافة إلى امتدادها الديني وسر تفوقها الرباني كلّ هذا المزيج جعلها في حصن منيع إلى زمن ما ولكن هذا لا يمنع ولا يحفظ تلك الهشاشة للأمة المتكلمة باللغة العربية من الاختراق اللغوي والثقافي خاصة إذا علمنا أن التيار العالمي يفكر ويلح من منطلق الاتجاه الواحد الرافض للغير، هذا ما دفعنا إلى البحث في فنيات التدريس تقوية لحصون اللغة عبر اعتماد آليات تربوية أخرى نجسد من خلالها مشروعا لغويا فاعلا عبر تقنيات التعلم النشط.
التعلم النشط مشروع تعليمي متجدد، خاصة إذا تعلق الأمر بمصطلح النشط والذي يوحي بفاعلية ترتكز على أسس هادفة لعل أبرزها طرق التدريس والوسط التربوي والبيئة الحاملة للمتعلم والبرامج التعليمية الحية، وعليه تحاول الدراسة تسليط الضوء على هذه الجوانب بشيء من الدقة القائمة على أراء أهل الاختصاص من النخبة العاملين في حقل اللغة والتربية والتعليم.
- اتجاهات ونظريات التعلم:
تمر البشرية بموجة معرفة لم يشهد لها مثيل فما تكاد تأفل واحدة حتى تظهر أخرى تبعا لما تفرضه حركة التطور المستمر ثم اتساع مساحة البحث العلمي خاصة مجال التربية والتعليم هذا الحقل شهد تطورا ملحوظا فتوالت البحث فيه من خلال الكثير من النظريات والاتجاهات،فالسلوكية مثلا في تركيزها على سلوك المتلقي أسعفت الكثير من الباحثين في إيجاد بعض الأجوبة عن التساؤلات المتعلقة بحالة المتعلم أتناء الفعل التعليمي والدافعية والخبرات اعتمادا على الكثير من التجارب، ولقد تعددت الأفكار فاختلفت وجهات النظر حول تفسير ظاهرة التعلم.
- بافلوف والاشراط الكلاسيكي:
يعتبر من المؤسسين البارزين للنظرية السلوكية القائمة على علم النفس وهي مجموعة من الاتجاهات ظهرت في أمريكا عام 1912، ومن أشهر روادها جون واطسون، بافلوف، ثورنديك، سكينر، جاثري، باندورا وغيرهم رغم اختلاف الأفكار، حيث اعتبروا المعرفة نتيجة للتجربة والتطبيق والتعلم القائم على المثير والاستجابة، كما ارتبطت هذه النظرية بالفلسفة التجريبية والتي أجريت في مخابر حول كائنات حية، و «مع أن نظرية السلوك المعاصرة تعتبر أمريكية الاتجاه، لكن خلفيتها التاريخية بدأت في روسيا وعلى يدي العالم إيفان بافلوف 1849-1936 والذي أوجد مفهوم الإشراط الكلاسيكي”Classical Conditioning”أو أحد أشكال التعلم المعروفة اليوم. أظهر بافلوف لنا أنه عندما نعمل اقترانا بين المثير المشروط والمثير غير المشروط نحصل على استجابة لم نكن لنحصل عليها مسبقا إلاّ بواسطة المثير الأصلي المثير غير المشروط».[1]وهي عند بافلوف قائمة أساسا على المثير أو المحفز لتحقيق الغاية أو الاستجابة عند الكائن المراد إلاّ أن الكثير يعتبر الأمريكي جون واطسون”Broadus WatsonJohn”الأب الروحي لهذا الاتجاه والذي حاول تغيير الكثير من المفاهيم السائدة في علم النفس وتجلى ذلك في معارضته لأفكار البنيوية والوظيفية الأمريكية وقد اعتمد في تجاربه على طفل اسمه “ألبرت الصغير” التي استعان فيها على بعض الحيوانات يراقب من خلالها سلوك الطفل كاستجابة و بناء على ألوان هذه الحيوانات وأصواتها كمثيرات ومحاولة تغير ردة الطفل وقد استنتج واطسون أنه بالإمكان تغيير السلوك أو التحكم فيه.
لقد بنيت الخلفية البيداغوجية لهذه المدرسة على الاشراط الكلاسيكي عند إيفان بافلوف”Ivan Pavlov”وفي هذا النوع من التعليم يعتمد فيه المعلم على تقوية الرابطة بين مثير شرطي مكرر ثم استجابة، والتجربة عنده معروفة اعتمد فيها على الكلب والطعام ثم الجرس الذي لا تربطه أي علاقة منطقية بالطعام، فالمتعلم مثلا يتفاعل فيصدر إجابة على سؤال ما أو تظهر عليه ملامح الخوف إذا أنذر، لكن ما يهم في هذه النظرية هي طرق التعلم والاستجابة من خلال مثيرات أو ما يسمى قانون الاقتران، والسلوك الشرطي قائم في هذه النظرية على أسس لعل أهمها:
- الكف:Inhibtionكف داخلي أو مباشر أو غير شرطي القائم على تغيرات فجائية في الجهاز العصبي للكائن أو تغيرات في الخصائص الطبيعية أو الكيميائية التي تتسبب في عدم الاستجابة الشرطية، وكف خارجي وهو عدم ظهور الاستجابة كليا نتيجة حدوث أي شيء غير عادي.[2]لكن ما يثير في هذه النظرية ما يسمى بالكف الشرطي أو ظهور الاستجابة بمجرد تغيير المعلم وهي قضية حساسة في التعليمية وجب العمل على تفعيلها والتركيز عليها في البيداغوجية التعليمية.
- الانطفاء: Extinctionفخلال الموقف التجريبي تضعف الاستجابات نتيجة عدم تعزيزها بالمثير غير الشرطي أو النسيان او إلى تكرار المثير الشرطي.
- الاسترجاع التلقائي: Spontaneous Recoveryوقد تعود الاستجابة مرة أخرى بعد فترة راحة، حتى مع عدم حدوث التعزيز، أي أن الاستجابة الشرطية تعود إلى الموقف السلوكي مرة أخرى حيث تكون الاستجابة الشرطية أضعف من الاستجابة الأصلية.
- التعميم: Generalizationوهو الظاهرة الأخرى التي درست بكثرة في التجارب الشرطية، ويعني أنه حينما يتم اشتراط الاستجابة إلى مثير معين، فان المثيرات الأخرى المشابهة للمثير الأصلي يصبح لديها القدرة على استدعاء نفس الاستجابة مثال استجابة وتعلم الكلب لمثير الجرس وهو سلوك يشبه لحد ما السلوك الإنساني خاصة في البدايات الأولى لعمر الإنسان وعدم تمييزه بين المثيرات ولذلك يعتبر مبدأ التعميم الأساس في تفسير السلوك حينما يعيد الفرد في المواقف الجديدة تكرار الاستجابات التي حدثت سابقا.
- التمييز: Discriminationوهي عملية مكملة لظاهرة التعميم وفيها يميز الكائن الحي بين المثيرات الموجودة في الموقف ولذلك لا تحدث الاستجابة إلا بالمثير المعزز ولا يحدث التمييز عند الطفل إلا بعد مرحلة متقدمة من النمو.[3]
- أفكار بافلوف والواقع التربوي:
لخصنا بعض إيجابيات هذه النظرية وانعكاساتها على الحقل التربوي والتي يعتد به في التعليمية عامة وتعليمية اللغة العربية على وجه الخصوص فكانت كالآتي:
– التركيز على البيئة الملائمة للتعلم ومحاولة إبعاد كل ما يشتت الفهم ويكسر التركيز.
– تحقيق عناصر التناسب والانسجام بين نوع التعلم ودوافع المتعلم.
– تقوية وتعزيز المثيرات غير شرطية كآلية لتقوية الاستجابة.
– ما توصل له رواد هذه النظرية هو تعديل العادات السيئة للمتعلم.
-التعميم والتمييز أهم السبل للتعلم واكتساب المعارف.
رغم الإيجابيات لكن ما يؤخذ عليها أنها اقتصرت في كثير من تجاربها على سلوك الحيوان رغم أنهم استفادوا ولو بالنزر القليل من هذه التجارب في ترسيخ بعض المهارات أو التعلمات خاصة ما تعلق بالاقتران والتعزيز وهي الصور والأشكال المصاحبة للكلمات لإسعافهم في معرفة واختيار المعنى الصحيح بالنسبة للصغار أو استعمال المكتسبات القديمة للارتكاز عليها كمثيرات غير شرطية في تحديد المصطلحات الجديدة، «إن التعزيز الخارجي”External Reinforcement “يعتبر من المبادئ الأساسية التي يعتمد عليها الآن في التعلم وخاصة بالنسبة لصغار السن فقد تبين من الدراسة التي قام بها كلا من كنيدي وولكت”Ken Wilcut and nedy”1964والتي تناولت عرض نتائج مجموعة دراسات سابقة استخدمت المدح كمعزز ثانوي ، واللوم كمثير ثانوي…أدى إلى نتائج ملحوظة في التحصيل المدرسي لدى جميع التلاميذ ماعدا المتخلفين دراسيا«.[4]وهذه نتائج نغفل عنها اليوم فصار الأستاذ شرطيا يضرب المتعلمين ربما حتى الإغماء أو التبول وهي جرائم في حق الطفولة نكراء تولد الضعف والخوف والارتباك وافتقاد الثقة ونفور من المادة العلمية خاصة إذا تعلق الأمر باللغة العربية والتي تحتاج منا جهودا مضنية ومعاملة لأجيالنا تتناسب والأذواق مراعاة لأحوالهم وأزمانهم والبيئات التي فطروا عليها، ولعل ما تطرق إليه كنيدي «في كتابه سيكولوجية الطفولة تطبيق أسس الاشتراط على ما أسماه بمخاوف الفصل الدراسي لخير دليل على تلك الرهبة التي غُرست في أطفالنا والتي تنشأ من مقاومة التلاميذ للعودة إلى المدرسة بعد فترة انقطاع معينة، وخاصة بعد انتهاء الإجازة الأسبوعية وتحدث مخاوف المدرسة كنتيجة لقلق الانفصال فمع الانفصال كمثير غير شرطي ينشأ القلق كاستجابة غير شرطية مصاحبا للمدرسة كمثير شرطي والذي يعمل على ظهور القلق أو الخوف، وعلاج هذه الظاهرة يتضمن العمل على تشجيع الحضور بمكافأة التلميذ بعد حضور اليوم الدراسي كاملا، وطالما يتم تعزيز الحضور فإن الاستجابة الشرطية المضادة تأخذ في التكوين لأن المثير الأصلي وهو المدرسة يصبح مقترنا بالحضور الذي يؤدي إلى المكافأة بدلا من الخوف».[5]وهذا ما يجعلنا نجزم أن التعليم مرهون بإمكانيات المعلم وكيفية تسيير الحصة التربوية مراعاة للتركيبة النفسية للمتعلمين.
- ثورندايك ونظرية المحاولة والخطأ:
وهو أحد أقطاب هذه النظرية فقد اعتمد التعلم القائم على المحاولة والخطأ «حيث عمل عددا من التجارب على عدد من الحيوانات من أجل الحصول على فهم واضح لعملية التعلم، فقد صاغ عددا من القوانين الهامة في التعلم أهمها هو قانون الأثر “Lawof effect”هذا القانون الذي يؤكد أن السلوك أو الأداء المصحوب بالرضا يحدث مرة أخرى، ولكن عندما يصاحبه الإحباط فتكراره أو ظهوره يقل وينطفئ أو يختفي».[6]وتجاربه هذه مستنبطة من تجارب أجراها على مجموعة من القطط وقد وضعها في أقفاص بعد تجويعها حيث اعتمد على مقدار الوقت المستغرق في اكتشاف طريق الطعام بعد محاولات مكررة.
- الاستعدادReadiness إذا فمن القوانين التي جسدتها هذه النظرية الاستعداد فالتعلم يكون ممكنا بإثارة ميل الفعل لدى المتعلم حيث يعتقد ثورندايك أن رغبة المتعلم دليل على استعداده، حيث يشكل أقوى دافع للاستجابة. ما يختلف فيه عن سابقيه استعماله المثير غير الشرطي أو المعزز”Stimulus Reinforcing”بعد أداء الاستجابة الصحيحة كالطعام مثلا.
- التكرارExercise لكن ما يلاحظ أن في هذه النظرية ما يمكنه إسعاف المتعلم البليد وهو سلوك التكرار والمحاولة فتتعزز الاستجابة ويتحقق الفعل التعلمي، دون إغفال الدور الرئيسي للبيئة باعتبارها مثير شرطي، والتمرين أو الممارسة “Practice” أو التكرار”frequency” أو الترديد ويتكون هذا القانون من شقين الاستعمال والإهمال فإذا تساوت الظروف أو العوامل الأخرى يؤدي تكرار التمرين إلى قوة الرابطة العصبية بين المثير والاستجابة. «إن التكرار الخبرة يؤدي إلى زيادة احتمالية ظهور الاستجابة الصحيحة، مع أن التكرار في غياب حالة الإشباع سوف يؤدي إلى زيادة وتقوية التعلم».[7]لقد بات التكرار محفزا داعما للعملية التعلمية لكن ينبغي الابتعاد عن التكرار الممل بل يجب التجديد، وكذلك السرور والألم يعزز الرابطة بين المثير والاستجابة وتصير مشبعة، دون إغفال عامل التعزيز”Reinforcement” للحصول على إجابات صحيحة قائمة على تنمية الفعل التعلمي المدعم بالثناء والشكر.
- سكينر والإشراط الإجرائي:
أما سكينر فلم يخرج أيضا من دائرة التجارب الحيوانية حيث أجرى ذلك على حمامة وضعها في صندوق به زرين حيث كلما نقرت على الزر الأحمر قدم لها الطعام بخلاف إذا نقرت على الأخضر فلا يقدم لها شيء ثم لا حظ أنها تنقر مباشرة على الزر الأحمر لاقتران ذلك بالطعام وهذا ما اصطلح عليه بالتعزيز والتدعيم، وقد ميز بين نوعين من السلوك.
-
- السلوك الاستجابي:RespondentBehavior
والذي يندرج عند سكينير تحت السلوك الشرطي لأنه يرتبط بين المثيرات المحددة والاستجابات، وبعد عدة مرات من اقتران المثير الجديد الشرطي بالمثير السابق غير الشرطي يصبح للمثير الجديد قوة استدعاء الاستجابة غير الشرطية التي هي نفسها الاستجابة الشرطية، وظهور المثير غير الشرطي بعد عدة محاولات يكون بمثابة تعزيز الاستجابة والذي بدونه لا تحدث عملية التعلم في الموقف السلوكي.[8]
-
- السلوك الإجرائي: OperantBehavior
رغم الكثير من التجارب إلاّ أنها نظريات طالها النقد خاصة لما اعتمدت المعلم أساس التعلم وإبعاد الجوانب الأخرى تأسس التعليم من خلال هذه القوانين كالتهيؤ العقلي والاستعداد النفسي والمحاولة والتجريب والملاحظة والتدريب والتكرار والتعزيز، اهتم سكينر باستجابة المتعلم لذاتها دون المثيرات الأخرى لأنه لا يمكن ربط كل السلوك بمثيرات مسببة لها فالماء ليس وجوده دافعا مثيرا للعطش، والملاحظ في هذا الأسلوب أن العمل على تدعيم الإجراء يؤدي إلى تقوية المتعلم وتشجيعه على البذل وهو محفز نفسي يقوي ثقة المتعلم بنفسه من خلال كلمات الشكر والثناء، لقد اهتم بأنواع «المعززات التي تناسب الكائنات موضوع الدراسة فمثلا حبات الطعام للفئران والحلوى للأفراد أو قطرات من الماء في بعض الأحيان».[9]بخلاف ما يستعمل كمنفرات أو محفزات سلبية على اصطلاح هذه المدرسة، وهذا ما يعتمد عند الكثير من الأساتذة كالعقاب مثلا والذي يؤدي حتما إلى القضاء على روح التفاؤل والمبادرة لدى المتعلم.
قدم سكينر خدمة جليلة للعاملين في حقل التعليمية عبر أسلوب التعلم المبرمج”ProgrammedLeaming”،ويربط فاعلية التعلم بشروط أهمها تقديم المعلومات في شكل خطوات صغيرة، التغذية المرتدة الآنية لمعرفة أدائه ونتائجه، كما اقترح أيضا أسلوب التعليم المبرمج والذي تضمن سلسلة منظمة تثير اهتمام المتعلمين وتكون تدريجيا وبخطى صغيرة حسب احتياجاته ثم تعزز بنتائج نهائية.[10]
- النظرية الجشطالتية:Gestalitism
الجشطالتية إذا ما سمى السلوكيون الجدد أو أصحاب النظرية الترابطية بالرواد الأوائل لنظريات التعلم المعاصرة فلا بد أن يسمى الجشطلتيون بالرعيل الثاني، وقادة هذه النظرية الأربعة هما ماكس فيرت هيمر و ولفجانج كوهلر وكيرت كوفكا وكيرت ليفن…ينظر الجشطلتيون إلى ظاهرة التعلم كظاهرة وثيقة الصلة بالإدراك ومن ثم فهما يعرفون التعلم على أنه إعادة تنظيما الإدراك أو العالم السيكولوجي عند المتعلم او مجال المتعلم LearningField ونظرا لعدم توفر ترجمة دقيقة لكلمة Gestalt الألمانية فلعل أقرب كلمة لها في اللغة الإنجليزية هي كلمة Configuration.[11]ويتأسس التعلم في هذه المدرسة على الإدراك الكلي للشيء حيث يتوجه فيه إلى إدراك البنية الكلية أي إلى معرفة الكل ثم الجزء ولا يكون ذلك إلاّ من خلال معرفة العناصر والعلاقات الرابطة وهو معنى الجشطلت، ويعود «الفضل إلى الجشطلتيين في إعطاء علم النفس كعلم قوة دفع جديدة. فقد كان يعتقد بأنهم أعادوا تأكيد صحة الاتجاهات التربوية السائدة آنذاك مثل المنهج المتكامل، والصحة النفسية، والتأكيد على شخصية الفرد المتكاملة اجتماعيا».[12]وهذا الاتجاه يقوم على بعض المفاهيم كالبنية القائمة على نواميس داخلية تدرك وفق نظام مترابط منتظم ثم الدافعية التي تختلف فيها هذه النظرية عن السلوكية ففي الجشطلت تكون نابعة من الداخل حتى يتحقق التعلم الذي يقوم على اعتماد المتعلم على مكتسباته، وهناك خصائص حسب أعلام هذه النظرية يقوم عليها التنظيم الإدراكي وهي:
- الاقتراب:Proximity فالخطوط مثلا تدرك كثلاث أعمدة أو ثلاث مجموعات.
- التشابه:Similarity مع أن الأحرف متساوية البعد مع بعضها إلاّ أنها تدرك على أنها أعمدة.
- الاتجاه المفتوح:Open directionيدرك الشكل على أنه دائرة رغم أنه ليس مغلقا.
- البساطة:Simplicityإن التركيب الكلي يدرك على أنه شكلا سداسي في بعض الأحيان.
- 1 أبعاد التعلم عند الجشطالت:
– التوازن المعرفي قائم عندهم على أساس إشكالي.
– يدرك المتعلم الأشياء انطلاقا من الكلّ بناء على علاقاته بالجزء.
-التركيز على ربط المكتسبات السابقة باللاحقة تحقيقا للتكامل.
– الاستبصار المعرفي آلية من خلال يكتسب القدرة على حل المشكلات.
- بياجيه والنظرية البنائية:
ما ركزت عليه هذه النظرية في مبادئها إرجاع الحقوق لأصحابها خاصة ما تعلق بالمتعلم الذي صار محور العملية التعلمية من خلال تلك الصلاحية الذاتية للمتعلم،ثم ما يلاحظ في طرق التعلم والاستيعاب فوجب الربط بين استيعاب المعلومات الجديدة والتلاؤم وفقها تحقيقا للتوازن، هذا ما يجعل المتلقي أكثر فاعلية في هذه المدرسة خاصة ما تعلق بشرط اكتسابه لمعارف سابقة لبناء معارف جديدة.
- .1ما يريده بياجيه من المعلمين :
يتوجه بياجيه إلى كل معلم بضرورة معرفة المتلقي المتعلم معرفة كلية بجعله من خلالها تحديد سياقات التعلم ونوعية التعلم حيث يقول: «بأن عليهم ضرورة تحديد المرحلة التطورية المعرفة للأطفال لتحديد الخبرات، والأنشطة التعليمية التي تعد لهم».[13]وهذا حسب رأيه من متطلبات نجاح المعلم فيما وُكل إليه خاصة إذا استطاع تحديد احتياجات وخصائص المتعلم ثم محاولة التقرب إليه لمعرفة مواقفه حتى يتمكن من بناء استراتيجية تساعده على فهم هذا الكائن وما يناسبه من أساليب تعليمية وتقنيات من خلالها يحقق قدرات معرفية تجعل المتعلم يتفاعل فيستجيب.
يتوقف نجاح التعليم بناء على بعض النقاط الحساسة والتي تجعل المتعلم يتطور فيرقى من مرحلة إلى مرحلة وصولا إلى أعلى درجات التحصيل وتطوير المهارات، و«تسمى هذه المرحلة بمرحلة الانتقال”Transitionnel Stage ” إذ يحتاج الطلبة ممن هم في هذه المرحلة بحاجة ماسة إلى المساعدة على تطوير مهارة الاستكشاف وحل المشكلة».[14]وهذا ما يحيلنا إلى البرامج التعليمية القائمة على العشوائية والارتجالية حتما لا تساعد الجهاز التعليمي في الوصول إلى الأهداف المرجوة خاصة إذا كانت هذه المعارف لا تناسب واحتياجات المتعلم وغير مألوفة فتسبب له نوعا من الإحباط والنفور وعدم الإقبال مما يؤدي إلى تدني النتائج.
بعد عملية بحث واستقراء يلاحظ في نظرية بياجيه أنه يلح على معرفة خصائص تفكير المتعلم وقد توصل إلى بعض النتائج لعل أهمها:[15]
- ينبغي ألا ينخدع الآباء والمعلمون بتكلم الطفل قبل سن السابعة فيتصورون أنه أحرز نموا يضاهي المفاهيم فيدفعونه إلى تعليم القراءة.
- تدريب التلاميذ بعد وضع المشكلات على الأسلوب العلمي في مقاربتها اعتمادا على التفكير السليم.
- للغة دورا هاما في تكوين المفاهيم وفي العمليات العقلية، لذلك يجب إتاحة فرص النمو اللغوي للمتعلّمين وتشجيعهم على تنمية ثروتهم اللغوية.
- العمل والنشاط عاملان إيجابيان في مساعدة المتعلم على تكوين مفاهيم سليمة وألا ننخدع بقدرته على التمثل الذهني، فكم من متعلم يحفظ جدول الضرب ولا يستطيع فهم آلية الضرب.
- توفير الأمن وتقوية الثقة وحرية التعبير بعيدا عن التفكير التابع ودفعهم للتفاعل الاجتماعي، وبناء مواقف تربوية معقولة تتسم بالتحدي المعقول لقدرات الأطفال وتناسب نموهم المعرفي.
- اعتماد التعلم باللعب وتطعيم الأنشطة التعليمية بروح اللعب والحرية والتلقائية والمتعة، وضرورة الاستفادة من أخطائهم لبناء مواقف تعليمية تعلمية.
- تتأثر سرعة تقدم الطفل بالعوامل الوراثية والبيئية والخبرات الشخصية ثم فروق النمو المعرفي حيث أثبتت الدراسات أن مستوى تفكير الطفل يختلف باختلاف المواقف.
- لا ينظر بياجيه إلى الطفل على أنه رجل صغير، لان له طرائقه الخاصة في التفكير التي تميزه من مرحلة لأخرى فالأطفال يفكرون بطرائق خاصة ويرتكبون أخطاء يصعب على الكبار التنبؤ بها.
- فك شفرات النمو المعرفي وطبيعة تفكيرهم تسعف المعلم في تحديد الأهداف في ضوء السلوك المتوقع أداؤه.
- وضع الطفل في بيئة نشطة وفاعلة لتسهيل عملية التعلم وممارسة أساليب الاكتشاف الذاتي.
- حيث ركز بياجيه على التكور المعرفي والفروق الفردية “Individuel Difference”والدافعية والاستعداد.
- الاستعداد: Rediness وقد كان لو مدلولان عند بياجيه وهما مقدرة المتعلم على تمثل المعلومات الجديدة، وبناء الأبنية المعرفية والتي لا يمكن إحداثها إلا بعد مرور المتعلم بتجربة الصراع المعرفي”Cognitive Conflict”بحيث يطلب منه الحل للارتقاء لمستوى أعلى.
- الدافعية: Motivati يركز بياجيه على الفهم العام للدافعية والذي يعتمد على التوازن، حيث يرى أن كل الأفعال تكون استجابة لحاجة التوازن وتكون عن طريق إجابة سؤال أو تحقيق حل.[16]وما يلاحظ فيما تحويه نظرية بياجيه تلك النظريات المشبعة بأفكار وأسس البنائية “Constructivism”، كما أضاف للمنظومة مصطلحات جديدة عوض القديمة وقد «اختار بياجيه عن ترو مصطلحي التمثل”Assimilation”و الملاءمة”Accommoda”بدلا من المصطلحين الأكثر شيوعا وهما المثير المنبه والاستجابة رد الفعل».[17]ويحاول بياجيه أن يعطي مفهوما أخر عن النمو المعرفي حينما يربط بين المعلومات القديمة التي تتصارع والمعلومات الجديدة من خلال ذلك الاتزان في المفاهيم.
- وفي مجال التربية والتعليم «والحق يقال إن أبحاث بياجيه على التطور المعرفي لها قيمة تطبيقية…،وقد ساعد بياجيه المعلمين على معرفة ما الذي ينبغي عليهم تعليمه».[18]حيث كان له باعا كبيرا في مجال تعليم خاصة ما تعلق بمبحث أخطاء المتعلمين والتي تدل في كثير من الأحيان إلى اعتبارها لا تتناسب ومرحلة نموهم، وما يمكن استنتاجه أن نظريته في الموازنة ومراحل النمو والممارسة قدمت الكثير للأساتذة رغم الانتقادات التي وجهت له.
- ورغم بروز الكثير من الاتجاهات في المجال التربوي كالنظرية السوسيو بنائية والتي ركزت على التفاعل مع المجتمع كقاعدة لبناء المعارف حيث يتم التعلم عبر تفاعل الذات والأقران داخل القسم اعتمادا على عامل الانتباه والدافعية والإنتاج والاكتساب والتخزين، وقد خالفت الجشطالت في انطلاقها من الجزء إلى الكل،كما ظهرت مدرسة أخرى وهي النظرية المعرفية والتي اهتمت بعناصر الوعي والفهم والتخزين وتوظيف الخبرات والمعارف الداخلية بخلاف السلوكية رغم ما تؤاخذ خاصة لما اعتبرت الإنسان مجرد آلة.
- تعليمية اللغة العربية تحديات الراهن وآفاق المستقبل:
بعد هذا السرد والاستقراء لأهم النظريات العاملة في مجال التربية والتعليم لا يمكن طمس كل البحوث والنتائج المتوصل إليها ولكن يمكننا الاعتماد على بعض الطرائق التي أثبتت فعاليتها في التدريس عبر هذه النظريات خاصة إذا علمنا أن الكثير من أفكار رواد هذه الاتجاهات قد تم تبنيها في استراتيجيات التعلم النشط خاصة أفكار بياجيه، وعليه وجب الارتكاز على النظريات الحديثة مع الاعتماد على آليات التعليم التكنولوجي خاصة والمنظومة التعليمية تشهد تقهقرا لم يشهد له مثيل، نحن نعلم أن التحديات كبيرة والتسابق بين اللغات على أشده وعليه يجب الابتعاد عن الطرق المعيارية في تدريس اللغة العربية خاصة تلك الشواهد والأمثلة اللغوية التي استعملت لمقاربة المعاني في دور تدريس اللغة العربية قديما حيث كانت تناسب بيئة ما وزمن قد ولى، لا يمكن أن نرغم المتعلمين على استيعابها خاصة وقد باتت أشد تعقيدا حتى ولو أعملوا لها مخيلاتهم.
إن المعتقد اللغوي ثابت وحبله موصول بهويتنا ومقوماتنا لا يشك في ذلك عاقلو اللغة العربية كلّ لا يتجزأ، إنما الحديث هنا حول آليات التدريس أو بالأحرى كيف نقدم هذه المادة الحية؟ وفي أي أطباق؟ خاصة ونحن نرى في دورنا من يقوم بوأد اللغة العربية فيقدمها قربانا في قوالب لا تراعي البتة خصوصية هذا الكائن، أو حتى ممن يدعي أنه حامي هذه اللغة ومدافع عنها من بعض الأساتذة المحسوبين على قطاع التربية والتعليم، إن اللغة العربية اليوم تعيش التقصير جراء القرارات الارتجالية والطرق المعيارية في تدريس هذه اللغة، وتعالت حناجر المتخاذلين يلتمسون التخفيف بل وحذف النحو لأنه لا يتناسب بزعمهم وعجلة التطور التكنولوجي.
إن الدرس اللغوي اليوم بعيدا عن تنمية الملكة اللغوية ما دام يُدرس كقاعدة معيارية جافة بعيدة عن الممارسة الحقة للغة العربية، إن ما يكسب النحو وجودا حينما يرتبط بالشواهد الحية المتطورة ثم يدعم بالدربة والممارسة صوتا وحرفا سماعا ونطقا اعتمادا على لآليات الإعلام الآلي وتقنيات الشابكة وفضاءات الصور الناطقة.
-
- التعليم النشط المصطلح والمفهوم:
تزاحمت مفاهيم التعليم بين المدارس والنظريات تحكمها في ذلك خلفيات وأيديولوجيات لا مجال للخوض فيها، إنما نريد أن نعطي مفهوما جامعا للتعليم أكثر إيحاء وتناسبا وطبيعة المرحلة.
كثرت التعريفات والمفاهيم ولكن ما يعتد به وما يلاحظ في الكثير من المفاهيم أن مصطلح التعلم النشط مقرون بتلك الفاعلية والدينامية في حركة التعلم داخل الصف حيث يعرفه كل بولسن وفوست بأنه «أي نشاط يقوم به المتعلم في الغرفة الصفية غير الإصغاء السلبي لما يقوم به المعلم داخل الغرفة الصفية».[19]إن التفاعل داخل القسم يساعد المتعلم على إتقان النشاط التربوي بخلاف ذلك الصمت الرهيب الذي يفرضه المعلم من خلال السرد والتلقين الممل الذي يلجم الأفواه ويعكر التفكير.
هذا النوع من التعلم يسمح بتبادل الأفكار وحرية إبداء الرأي حيث يشعر المتلقي بتلك المرونة من خلال استراتيجيات تمنح أدوارا رئيسية للمتعلم كاستخدام الوسائل التكنولوجيا في مقاربة المادة، خاصة والراهن يفرض أساليب مبتكرة بعيدا عن طرق التعلم الكلاسيكي القائم على التلقين والحشو، والتعلم النشط يعتمد مثلا أسلوب الصورة وتقنية الألوان والكتابة الثلاثية الأبعاد وغيرها من إمكانات الشابكة.
وقد لخصنا دور التعلم النشط وأثره في تعليمية اللغة العربية في العناصر الآتية :
- يمنح للمتعلم دورا حيويا ويجعله يتقلد مناصب القيادة داخل الصف.
- يسمح بتوظيف التكنولوجيا في تعليمية اللغة العربية أي نشاط تربوي.
- يدعم وينمى الذكاء ويخرجنا من المعيارية والنمطية المملة في طرق التعليم.
- إسعاف المتعلم في اكتساب المهارات وتحصيل الكفاءات.
- يخرجنا من التعلم الضيق للغة العربية المقرون بحفظ القواعد البعيدة عن الفاعلية والحركية في التوظيف.
- تشجيع المتعلمين من خلال المنصات الرقمية على حب اللغة العربية وتعلمها.
- التعلم النشط يوسع الفكر فتكبر درجة الرغبة وحب الاكتشاف.
-
- فاعلية التعليم النشط وأثره في تعليمية اللغة العربية:
مما لا يترك مجالا للشك أن الطرق القديمة في التدريس وصلت إلى طريق مسدود مما انعكس سلبا على أداء المتعلمين ونتائجهم، وأنتجت نوعا من النفور من دروس اللغة العربية مقارنة واللغات الأخرى المعتمدة على أساليب متطورة مما جعل متعلمينا ينزحون إليها هروبا من مساحات ثقافاتنا وموروثنا، إن عجلة التطور التكنولوجي تأبى التوقف فهي في تسارع مستمر تجذب إليها متعلمينا اعتكافا الساعات الطوال أمام شاشات الكمبيوتر والهواتف الذكية والأجهزة الأخرى حتى استنزفت قواهم فلا يلقون لها بالا لراحة أجسادهم وعقولهم.
لقد أثرت الأساليب التدريسية المنمّطة التي حجبت قنوات التواصل بين المتلقي والباث وكبلت إمكانيات المتعلم الإبداعية فصار خاضعا مبرمجا منقادا لما يملى عليه، لا يمكن أبدا بناء استراتيجيات تعليمية أصحابها يعيشون في كنف الماضي ويفكرون وفق أطر مربوطة بأوتاد أصابها الصّدأ فتآكلت وصعُب فكها، إن العقليات المتحجرة التي باتت تشكل عائقا وحاجزا تحول دون بلوغ ومسايرة التحولات والتغيرات التي مست أساليب ومناهج وتقنيات المناهج التربوية التي تبني برامجها وفق الراهن لتحقيق نوعا من القفزة المعرفية المستمدة من استشراف المستقبل تحقيقا لما تصبو إليه الأمة، للوصول إلى نتائج إيجابية.
- جوانب يجب أن تضاء لنجاح تعليمية اللغة العربية:
- المعلم: هذا الركن الرئيسي لقيام المعرفة واستوائها فهو القناة والمعْبرُ للأهداف التربوية ولا يتحقق النجاح المنشود إلاّ عن طريقه، إذ تُدار جُل الأنشطة والخبرات على مسؤوليته وعليه وجب التكفل بهذا الركين والأساس الذي يبنى عليه ومن خلاله أسس تعليمية اللغة العربية.
- التكوين العلمي ومحاولة تطعيم المعلم بعلوم أخرى وآليات يتوصل من خلالها إلى منابع المعلومة بدل التلقين والانطواء والاعتماد على مخزون معرفي هرم تجاوزه الزمن وتسارع التدفق التكنولوجي.
- اللياقة المهنية والمرونة المهنية الفذة وهي تلك المهارات والفنيات التي تكتسب وتبنى على جبال شامخات من التجارب والاحتكاك بين أهل هذا الفن حيث يتمكن المعلم من التوفيق بين المكتسب والمنهاج والمادة وبين راهن المتعلم وجوانب حياته النفسية والبيئية والاجتماعية.
- التكوين الأكاديمي وإدارة وتنظيم المعلومات والكفاءات العميقة وتنميتها بما تفرضه الحاجة والموافقة بين تشخيص الداء ومناسبة الدواء دون حشو أو ترقيع ومحاولة تجنب الارتجالية والعشوائية في إدارة الفصل خاصة إذا علمنا أن المعلم بائع للكلمات ومسعف بارع في الجانب النفسي.
- التركيز في التكوين على الفاعلية في التعليم وصياغة الأهداف توافقا مع المهام والاحتياجات الشخصية التي لا تخضع للرقابة المؤسساتية.
- الحقل العلمي: وهو لا يقل أهمية عن الأركان الأخرى ويتجسد في الهياكل التربوية وكّل ما تعلق بالجانب المادي، فموقع المؤسسة وما تقوم عليه من معدات كتهيئة خلية العمل (القاعة) والوسائل التعليمية ومحاولة الاعتماد على أساليب التطور العلمي والتكنولوجي، بما يسمح بمسايرة متغيرات العصر.
- المتعلم: فالمتعلم هو ذلك الكائن المحمل بطاقات هائلة تحتاج من يرعاها ويصقلها ويوجهها وفق منهجية علمية قائمة على فكر فذ.
- اللغة العربية استراتيجية التدريس ومعوقات الإيصال:
يلتبس الأمر أحيانا على المتلقي المتعلم في فهم المعلومة خاصة إذا كانت هذه الأخيرة تحتمل أكثر من وجه ويزيد خطورة إذا تعلق بأسئلة فضفاضة لها أكثر من احتمال جراء اتساع المعلومة وركوبها عدة تأويلات ثم هناك إشكالات أخرى تتعلق بالمتعلم نفسه داخل الصف وطريقة تعامله مع المعلومة ومدى قبولها كلها عوائق تؤدي إلى تشتت ذهنه وتحجب قنوات التواصل بين المعلم والمتعلم.
أحاول الاسهام في بلورة فكرة كثيرا ما اعتقدت أنها تمكنني من انتشال المتعلم واستدراجه ليس بعد خرق أفق توقعه وحسب ،وإنما بعد حل عقد ومكونات كيانه الفكري وإشعاره بالطمأنينة لفكرة ما حتى يستسلم فيذعن وعندها يُرمى في غياهب النّص، لقد أكدت البحوث التربوية أن الأطفال كثيراً ما يخبروننا بما يفكرون فيه وما يشعرون به من خلال لعبهم التمثيلي الحر حيث تبين أن اللعب وسيطاً تربويا يعمل بدرجة كبيرة على تشكيل شخصية الطفل بأبعادها المختلفة وهكذا فإن الألعاب التعليمية متى ما أحسن استغلالها فإنها تؤدي دوراً فعالا في تنظيم التعلم وقد أثبتت الدراسات الحديثة القيمة الكبيرة للعب في اكتساب المعرفة ومهارات التوصل من خلال تنقية قنوات الاتصال لتصل الرسالة على أحسن وجه.
فلا يمكن بحال أن تخضع الوحدات اللغوية إلى العشوائية وإنما يختار الباث المفردات الأكثر تأثيرا وفق اعتبارات مدروسة تخضع للبعد الدلالي كما أن التداولية تمكننا من اختيار الأدوات و الآليات التي تتحكم في الخطاب، إنّي أريد بذلك تثبيت وجلب تلك الحركات العقلية النافرة ومحاولة جلب الانتباه نفاذا إلى المنظومة العصبية للمتلقي لأصل إلى أرضية القبول والترحيب وشدّ انتباهه، تصبو النظريات الحديثة في حقل التعليمية لوصل حبال التواصل بين الأستاذ الموجه والمتعلمين في مختلف الأطوار التعليمية حيث مازالت الدراسات الأكاديمية تعمل على أنجع السبل للخروج من تلك المعضلة.
لقد شهدت المناهج التربوية نظريات تعلم كثيرة. وتأثرت طرائق التدريس بهذه النظريات، محاولة الاستفادة منها في المجال التطبيقي و رفع مستويات التعلم خاصة بما تعلق بتعليمية اللغة العربية ،حيث كان التدريس قديما يقوم على أساس سلوكي يعتمد على تعلم و اكتساب مجموعة من العادات اللغوية (التلقين) دون مراعاة حرية الإنسان وقدراته و اتجاهاته و ما يحيط به، وقد كبلت هذه المقررات إمكانيات المتعلم الذي يملك ما لا يعد من الألفاظ و الأساليب، و بعد ذلك ظهرت التوليدية التحويلية لتثور على المناهج السلوكية القائمة على المثير و الاستجابة لتثبت أن اللغة كنظام كانت في العقل مرتبطة بالسياق، بخلاف الطريقة المعيارية القائمة على الحفظ والتلقين، و هذا ما جعل اليوم مدارسنا تعاني وتجد عسرا في التدريس و الذي يعود أساسا إلى الطريقة و اعتماد سبل ووسائل تجاوزها العصر حيث اقتصرت فيها المقررات التربوية على المعلم و المنهج مقصية بذلك اهتمامات المتعلم وما يحيط به من مثيرات وتغيرات حتى صار المتعلم يلجأ إلى وسائل أغنته عن ما يقدمه الأستاذ، يمكن القول إن الحاجة إلى هذا العلم ضرورة ملحة سدا لثغرات المناهج التعليمية التي أسهمت في اتساع الهوة بين المتلقي المتعلم والأستاذ، ينبغي توظيف كلّ النظريات التي تتقاطع فيما بينها لأجل «هدف أساسي هو استثمار الممكن والمتاح من الآليات لتوصيل رسالة لغوية معيّنة وجعل المعني بها يعيها ويتحرك في إطار إنجازها ».[20]ينبغي على العاملين في حقل التعليمية استثمار وتوظيف تلك النجاحات التي اتبعت في دول الجوار تتحقق بفضل أساليب الإقناع والتأثير ومختلف التقنيات في مناهج التربية ولا شك أن أسباب الفشل في تعليمية اللغات واللغة العربية على وجه الخصوص تكمن في قصور المناهج من جهة وانقطاع قنوات التواصل وعدم وصول المعلومة من جهة أخرى إما لعدم الإقناع والتقبل بما يدرَّس أو لعجز الباث في ابتكار تقنيات التواصل تقليصا للفجوة وسدا للهوة بين المتكلم والمتلقي.
- آفاق تقنيات التعلم النشط بين الكفاءات والتحديات:
إذا أردنا تحقيق النجاعة للعملية التعليمية التعلمية علينا أن نبتعد عن تلك النمطية في دراسة اللغة، ونخرج من الدائرة المعيارية والتي لازمت المناهج القديمة من حيث الكيف والكم فضيقت الرؤى، وجعلت اللغة مجموعة من الجمل الثابتة والمنعزلة عن العالم الخارجي فأقصت كل أبعاد وسياقات الكلام من العملية التربوية إن صح التعبير وهذا ما اشتغلت عليه النظرية التداولية، إن «التداولية والأفعال الكلامية تتخذ أساسا لها الاستعمال، والاستعمال ينبني على المقاصد فالقصد هو في كل لحظة من اللحظات استعمال للغة».[21]
هناك العديد من النظريات التي تعنى بالسياق والتداولية مثلا تدرس طرق التوصيل والإفهام وكل ما تعلق بالمعنى بمفهومه الواسع والقصد التواصلي حيث اهتمت النظرية التداولية بالكلام الذي يسمح ويتيح بدراسة اللغة دراسة عميقة تركز على المتكلم والكلام وكيفية الكلام والمتلقي وكيفية التوصيل وكذا المكان والزمان، وعليه يمكن أن نقول إنها نقاط تلاقي بين دراسة المناهج التي تسعى إلى الارتقاء بالعملية التعليمية التعلمية والتداولية، كما تسعى النظرية التداولية إلى تحقيق وظيفة التواصل وكذا الوظيفة الاجتماعية للغة، إن أشد ما يعاب على المناهج القديمة صعوبة العملية التعليمية رغم محاولة التجديد وتحديث الوسائل لكن دون أن تتحقق الأهداف المرجوة حيث تعددت الرؤى والأفكار التي زادت الأمر غموضا وتعقيدا دون البحث في كيفية التوصيل والوضوح، تلك البدائية في الإلقاء والتوصيل التي ترتكز على الكم والحشو دون اعتبار لنوعية المتلقي وظروفه الثقافية المختلفة وأساليب المحاورة، مما يتطلب من الباث العمل على تنقية وتوضيح قنوات الاتصال وحسن الانتقاء مما يتناسب والمتلقي.
يجمع القائمون على صناعة وصياغة المناهج التربوية على ضعف المستوى اللغوي للمتعلمين دون نجاة المعلمين من ذلك وعلى وجود ثغرات في تعليمية المقاييس حيث اختلفت الرؤى وتباينت حول المعوقات والأسباب يقول شكري فيصل: «من المؤسف أن يكون واقع شبابنا الذي يتخرج من الثانويات وليس عليّ من حرج أن أقول من الجامعات أنه لا يتقن لغة ما حتى العربية لقراءتها قراءة تدبير، ولذلك فهو لا يقرأ إذا قرأ وهو لا يفهم وإذا فهم فهو لا يعقل وإذا عقل فهو لا يتفاعل.. لأن الشرط الأول في تحقيق التفاعل هو امتلاك اللغة».[22] وعليه يجب رصد الظواهر السلبية والصعوبات التي تواجه المعلم والمتعلم على حد سواء دون إغفال المنهج ولا أعني المادة (النشاط التربوي) في حد ذاتها و لكن طرق التوصيل، والعمل كذلك على تقويم الكتاب المدرسي و الاهتمام بالجانب التطبيقي و تنمية المهارات اللغوية لدى المتعلم فما يقدم للمتعلّمين من الأشكال اللغوية التنظيرية كعلم الأصوات و التراكيب الدلالية الذي هو في أمس الحاجة إليها ولكنها لا تؤدي بالضرورة إلى نتائج دقيقة و ناجحة إذا ما لم تقرن بالجانب الإجرائي، لأن هناك فرق بين علم اللغة و اللغة، يقول محمود فهمي حجازي: «أن النقل المباشر لنتائج البحث اللغوي أو لمناهجه إلى تعليم اللغات يعد من الأخطاء و ذلك لأن النحو العلمي يقوم على نظرية لغوية تنشد الدقة في الوصف اللغوي و تتخذ لتحقيق هذا الهدف أدق المناهج، فالنحو التربوي يركز على ما يحتاجه الدارس يختار المادة المناسبة من مجموع ما يقدمه النحو العلمي ويعد لها طبقا لأهداف التعلم وظروف العملية التعليمية، فالنحو التعليمي يقوم على أسس لغوية ونفسية وتربوية، وليس مجرد تلخيص للنحو العلمي».[23]
ويعود ذلك في مجمله إلى عزل اللغة والمتلقي عن الواقع الاجتماعي والثقافي وعن كل ما يفرضه السياق مما يعود سلبا على المتلقي الذي يفقد الجانب التفاعلي الإدراكي وفي الوقت نفسه يصاب بزهد المهارات الاستعمالية للغة، يقول بيث كوردر: «لا نهتم فقط بتعليم الطالب إنتاج كلمات مترابطة نحويا بطريقة مقبولة، بل بتعليمه أداء أدوار تعليمية».[24]وقد أثبتت النظرية أن الاستعمال أو الجانب التطبيقي كفيل بأن يكسب المتعلم مهارات لغوية فائقة تجعله يدعم قدراته وإمكاناته الإبداعية فلا «يؤدي تعليم اللغة نتائجه ما لم يحصل مواءمة بين المعلم والمنهج والكتاب والطريقة ودوافع الدارس للتعليم بحيث يستطيع أن يفهم المسموع ويفهم المقروء ويستطيع التعبير عن نفسه بكلام عربي قديم ».[25]
لقد اهتم الاتجاه التداولي بالفعل الكلامي كوجه من أوجه اللغة والظروف المحيطة بها والتي تساعد على مقاربة المعنى الذي يتحقق به التواصل أو يبلغ به المراد في الساحة التعليمية عامة و تعليمية اللغة العربية على وجه الخصوص و قد أسهمت هذه النظرية في حياة اللغة و تفعيلها عن طريق الجمع بين سياق الدرس اللغوي على اختلاف مستوياته و سياق غير لساني كالاجتماعي و الثقافي و رصد العلاقات بين هذه السياقات وصولا إلى تحقيق الفهم لمِا يقدم كمادة دراسية و يكون ذلك إلاّ بمهارة الأستاذ في طرق التوصيل، يقول هادي نهر: «قدرة المتكلم على معرفة اللغة و كيف يستعمل اللغة، و معرفة ما يجب قوله في ظروف معينة ومتى يجب عليه السكوت و متى يجب عليه الكلام ، إنما المعارف التي تزداد على الكفاية اللغوية الصرفة المتمثلة في ثراء الرصيد المعجمي عند مستعمل اللغة و تمكنه من قواعد لغته، و السيطرة على المعاني ووضوح خطابه».[26]ومن شروط إنجاح الخطاب واكتمال الدائرة التواصلية الخطابية يجب على الباث أن يكون محيطا بالموضوع عارفا ملما بملابساته حتى تحصل الفائدة ويتحقق التأثير الذي يستجلب المتلقي (السامع).
- فضاء التكنولوجيا والتحصيل اللغوي:
للتكنولوجيا وظائف متعددة تسعف القائمين على تسيير وتنقيح وإصلاح المناهج وتكوين الطاقم التربوي على إعمال العقل، وجعل التلميذ فاعلا في العملية التعليميةِ: «إن نظريات التربية أحادية الجانب، التي لا تثمن سوى التكوين بحجة السلطة، أو التكوين الذي يفترض عقلا وطبيعة بشرية معطاة، لا توضح سوى مظهر واحد من المظاهر التي تطرحها التربية. فوحده التعاون، والاستعمال المتوازن للمنهجين، يمكننا من تكييف دور المدرس، مع درجة نضج تلميذه».[27] إن وظيفة الإقناع التعليمي قائمة على مخاطبة العقل والوجدان بالمنطق، وفعل الحجاج يفرض على المخاطب طريقة وتقنية معينة في الحوار لأن نظرية الحجاج في اللغة مرتبطة بمادة اللغة نفسها أو ما يسمى نظرية الأفعال اللغوية «تنتمي دراسة الحجاج إلى البحوث التي تسعى إلى اكتشاف منطق اللغة أي: القواعد الداخلية للخطاب، والمتحكمة في تسلسل الأقوال وتتبعها بشكل متنام وتدريجي، وبعبارة أخرى، يتمثل الحجاج في إنجاز تسلسلات استنتاجية داخل الخطاب».[28]
إن الدراسات الدلالية الحديثة والتي قطعت أشواطا كثيرة حول تعليمية اللغة فتجاوزت كلّ تلك الأساليب والمناهج وحتى الألفاظ أو ما يسمى الأمثلة التي يرتكز عليها الأستاذ لتقريب المعنى لأن الأقوال اللغوية تحمل مؤشرات لسانية ذات طابعا حجاجيا، والوظيفة الحجاجية في تعليمية اللغة عموما لا تقتصر على الجدل الجاف والإقصاء المجحف للطرف الآخر ولكنها تخضع لمبدأ النسبية والتحاور والمشاركة في بناء المعلومة وهذا ما افتقدته المقررات القديمة دهرا من الزمن فالحجاج اللغوي «نسبي ومرن وتدريجي وسياقي بخلاف البرهان المنطقي والرياضي الذي هو مطلق حتمي».[29]وبعيدا عن التراكمية والمعيارية تسعى النظريات الحجاجية والتداولية إلى توفير المعارف وفق مبدأ الحوارية لتفعيل الفعل التعليمي ومحاولة إخراج اللغة العربية من تلك القداسة التي جعلتها حبيسة الرياء اللغوي وكبلت بذلك كل محاولة تجعلها في مصاف اللغات العلمية. لقد وفرت التكنولوجية عديدة الطرق للمعلم الباحث ويسّرت أمامه السبل وفتحت له آفاق البحث، والمهارة تكمن في كيفية الوصول للمعلومة وطريقة التوظيف وكيفية استثمار المنصّات العلمية والمكتبات الافتراضية أو الرقمية والعمل على محركات البحث والمواقع والبوابات وقواعد البيانات وهو ما يسمى في الأوساط الالكترونية مصطلح “مفهوم الوعي المعلوماتي”، إن البحث التعليمي للغة العربية متأخر يحاول عبثا إيجاد مكان له بتكنولوجيا الإعلام الآلي وكيف يمكن استثمار المنصات والبرامج العلمية والأجهزة الذكية في التواصل العلمي وبلوغ مخرجات تعليمية وبيداغوجية عالية الجودة في مؤسساتنا تواكب مستجدات العصر وتحقق متطلبات المرحلة الراهنة.
يشهد حقل المعارف ثورة ليس لها مثيل من حيث غزارة التدفق اللانهائي للمعلومات الالكترونية التي هيئت لذلك إمكانات بحث جد متطورة، فمن خلال برامج ومحركات ووسائط يتمكن المتعلم من الوصول إلى المعلومة في أقل وقت ممكن بالإضافة إلى أمكانية تحديث المصادر الإلكترونية ثم التنقل بين النظريات التعليمية بأقل جهد ثم سرعة النسخ وإعداد وسائل ومواضيع تعليمية، إن الانترنت منبع المعلومة الذي لا ينفذ من خلال سرعة الاطلاع ومواكبة التطورات العالمية فهي قناة تواصلية وسبيل علمي لا غنى عنه في الإصلاح التربوي، ولكن ما يحول دون استغلال هذه الوسيلة الفعالة ثقافة الاستخدام الرشيد للأنترنت وكذا المستوى المعلوماتي والمعرفي للدّارس والمدّرس، يعتمد المعلم على المقررات والدراسات التقليدية الرتيبة ومحاولة الفرار من الوسائل التكنولوجيا لضعف التكوين وقلة الاطلاع الأمر الذي ترتب عنه ضعف المستوى وتردي المضامين المعرفية.
أن شبكة الانترنت أو الشابكة تمثل أحد أهم الخيارات التكنولوجية المعاصرة أمام السلك التعليمي لذلك فقد زاد الاهتمام الشعبي والرسمي المحلي والدولي بها وباتت واحدة من الأدوات الأساسية في المؤسسات الإعلامية والأكاديمية وذلك في ظل تفردها بالاعتماد على الاتصال عبر الحاسبة الالكترونية”Computer Medicaid Communication” الأمر الذي جعلها تمهد الطريق لعصر اتصالي جديد يعتمد على الوسائط المتعددة في تقديمه للمضمون وعلى التفاعلية في أساليب الاتصال بالجماهير وذلك في ظل التقنية الرقمية.[30]
تعتبر التكنولوجيا عامل فائق الأهمية في التعلم إلى مستويات جد متقدمة من حيث التواصل والتقارب العلمي من خلال ربط المنصّات العلمية وطنيا وعالميا خاصة ما تعلق بطرق التدريس وضمان الجودة والوقوف على أهم العقبات وإصلاحها، لقد حققت التكنولوجيا للتعليم ذلك الأفق المتوقع في الحصول على المبتغى وصارت المعلومة متاحة الاستخدام من خلال لماسات زر فتطوى المسافات بذلك وتختصر وتفك عقد البحث. لم تعد للصعوبات وجود في ظل غزارة المكتبات الالكترونية وسهولتها وانتشار بنوك المعطيات مما يمنح الأستاذ والمتعلم إمكانية التوسع في المعلومة، وفي غياب استراتيجية واضحة في مجال البحث التكنولوجي والعلمي تتضاءل إيجابيات الوسائط التكنولوجيا دون إغفال ضعف البنى التحتية لأجهزة البحث العلمي.
يتزايد الاهتمام مع بدء الألفية الثالثة، بأن المجتمع يمر على أعتاب مرحلة جديدة من التحولات المجتمعية، حيث تعتبر العولمة أبرز سماتها الأساسية، فالعملية الرئيسة التي تشغل حاليا العالم بتجلياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية على وجه الخصوص، والتي أدت بدورها إلى تأثيرات متعددة في مجالات مختلفة، من أبرز مشكلات الهوية والتعددية الثقافية، وذلك في ظل خطاب عالم مهين يطرح صيغة جديدة للمجتمع ينتمون إلى ثقافات جد متنوعة، ويتصف بأن وحداته المكونة له متصلة ببعضها اتصالا وثيقا ورسائله بالغة التنوع فينفس الوقت مقابل هذا، إن الخطاب المهيمن حول أزمة “الإصلاح التربوي ” كثيرا ما يتم تأسيسه كواقع مخيف يصعب حصره، وبالتالي فهمه واقتراح الحلول المناسبة.
فلكي يتعلم المرء ولكي يعرف، ينبغي أن يدرك ويستدل، وكل إنسان مزود منذ ولادته، بكل ما ينبغي لكي يجيد الإدراك، ويجيد الاستدلال…ووفق هذا التصور، ليس المربي المثالي من يكلَّف بنقل التقليد وتكوين عقل تلامذته، بل إن دوره هو استعمال قدرات الطفل وحفظها في منأى من الآراء الخادعة، وهذا ما يسمح بإعطاء المتعلم هامش لإبداء الرأي ومساحة واسعة من خلال حرية النقاش أساسها الحجاج، إن تعلم اللغة العربية في هذا الوسط التكنولوجي المتسارع ووفق تطور الدرس اللساني التداولي يفرض تجاوز الطرق البدائية في التلقين والتدريس لينفتح على تقنيات حجاجية كبيرة في العملية التعلمية واستثمارها في تفعيل اللغة العربية والتركيز عن المضامين والقيم والابتعاد عن الدراسة السطحية والتخلي عن المفاهيم المعيارية القديمة والانفتاح على المقاربات العلمية الحديثة.[31]وإذا أردنا أن نصنع للتعليم مجدا وأن نحافظ على الأمة من الضياع يجب أن تتضافر الجهود وتتقارب وجهات النظر وأن نستنفد من الدراسات العلمية الأكاديمية الحديثة ومن المناهج اللسانية بما يتناسب وخصوصية لغتنا ثم نحاول التقويم وترشيد مناهجنا وأن نربط بين جوانب الموضوع (المادة) والمنهج التربوي وطريقة التدريس ثم محاولة تأهيل المدرس وإعادة تكوينه بما يبعده عن تلك النمطية الكلاسيكية وتلك العشوائية والتراكمية والاعتماد على الارتجالية واللامنهجية التي أكل عليها الدهر وتجاوزتها المهارات والتقنيات العلمية والتكنولوجيا الحديثة.
خاتمة:
إن للغة العربية دعائم كونية تعينها على الاستمرار وتسعفها وقت الشدّة ولكن ذلك الحفظ الرباني يتحقق بدفع الأسباب من المتكلمين باللغة العربية لا المحسوبين عليها والذين أثقلوا كاهلها فحامتهم دهرا وتقذفهم في غياهب اللكنة والركاكة دهرا آخر. لقد تخلوا عن اللغة العربية بحجة عدم مواكبتها للتقدم التكنولوجي وهي حجج واهية فالعربي أصيب بالعقم الفكري فصار مستهلكا ومنبهرا بما يجوده عليه الغرب من بقايا وفضلات اللغات الأخرى.
إن اللغة العربية تعاني اليوم أكثر من أهلها الذين تنكروا لها من خلال انتشار العامية والتي أفضت إلى تصدع البنية الثقافية وحدثت خلخلة في موازين التلقي، مما انعكس سلبا على المناهج التعليمية للغة العربية فاتسعت رقعة اللكنة واشتد الحصار على مستعملي اللغة خاصة عند ما استحدثت اصطلاحات مولدة غريبة على اللغة بالإضافة إلى الاستعمالات الواسعة للغة الإنجليزية والتي فرضت بفعل التكنولوجيا أو العولمة اللغوية.
إن الذي يدعي اليوم أنه يهتم لأمر اللغة العربية ويدرسها بتلك الطقوس والعادات الرتيبة إنما يزداد بعدا عن حقيقة اللغة الربانية التي شرفها الله في كتابه العزيز لتكون رائدة اللغات وهذا بشهادة أقوام لا علاقة لهم باللغة العربية إن اللذين يشتكون اليوم من صعوبة النحو العربي وعدم استيعابه من جمهور المتلقين لم يدركوا حقيقة اللغة العربية فيتلقاها المتعلم صماء دون ذوق يذكر.
يجب علينا أن نؤمن بقوة اللغة العربية ونعمل على ترقيتها بإنشاء مراكز علمية لإيصالها لأبعد فضاء من خلال الدراسات والبحوث الأكاديمية كتوظيف أجهزة الإعلام في توسيع استعمالها في المجالات الحساسة.لأن لغتنا تستطيع بحكم المخزون اللغوي والاشتقاقي التفوق على عديد اللغات ثم محاولة استغلال إمكانات العولمة بقدر الحاجة والضرورة وهكذا نكون قد تجنبنا حربا نحن في غنى عنها كأن نوظف عالم التكنولوجيا دون الخروج من القوانين اللغوية السليمة.
توصيات :
- إعادة منهجية تدريس اللغة العربية بما يقتضي العصر وتبسيطها اعتمادا على المجال الالكتروني.
- اعتماد التعليم النشط وعلوم التربية والأرطوفونيا ونظريات التعليم وايجابيات البحث النفسي التربوي والبعد عن التقوقع والانغلاق.
- انتقاء النصوص المناسبة مراعاة لمراحل النمو والإفادة مما توصلت إليه الدراسات الأكاديمية الجادة.
- تفعيل قواعد اللغة العربية وتجديد الأمثلة بما يناسب العصر واعتماد آليات الصورة الالكترونية في مقاربة المعنى.
- توجيه المتعلم إلى وضعيات دالة اعتمادا على آليات الانغماس اللغوي.
- إقامة مؤتمرات عالمية حول اللغة العربية ومحاولة توظيف مختلف العلوم اللغوية ومقاربة وجهات النظر بإنشاء هيئة علمية لترقية أساليب التدريس في العالم العربي والإسلامي.
قائمة المراجع:
- أبو بكر العزاوي، اللغة والحجاج(مقدمة)، دار الأحمدية للنشر، الدار البيضاء، المغرب، ط1،1997.
- أحمد حقي الحلبي، اللغة العربية وطرائق تدريسها، ضمن اللغة العربية والوعي القومي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط 2 ،1986.
- أنور محمد الشرقاوي، التعلم نظريات وتطبيقات، مكتبة الانجلو المصرية، مكة المكرمة، د، ط، 2012 م.
- باربارا انجلر، مدخل إلى نظريات الشخصية، ترجمة: فهد بن عبد الله بن دليم، مكتبة التراث، مكة المكرمة، ط1991،1.
- بيرلمـان شـاييم، التربيـة والخطابيـة، ترجمـة: الحسـين بنـو هاشـم، مجلـة البلاغـة وتحليــل الخطــاب، المغــرب، العــدد: 3،2013.
- بيث كوردر، مدخل الى اللغويات التطبيقية. ترجمة: جمال صبري، مجلة اللسان العربي، الرباط، 1978.
- حسنين شفيق، الاعلام التفاعلي، دار فكر وفن للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، ط2008،1 .
- سها أحمد أبو الحاج وحسن خليل المصالحة، استراتيجية التعلم النشط: أنشطة وتطبيقات عملية، مركز ديبونو لتعليم التفكير، دبي، الإمارات العربية المتحدة، ط1، 2016.
- شكري فيصل، تحسين وسائل خدمة اللغة العربية في الوطن العربي في اللغة العربية والوعي القومي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط2، 1986.
- محمود فهمي حجازي، البحث اللغوي، دار غريب للطباعة والنشر. القاهرة، ط1، 1994.
- محمد سالم محمد الأمين الطلبة، الحجاج في البلاغة المعاصرة، دار الكتاب الجديدة المتحدة، بيروت، لبنان، ط2008،1.
- مسعود صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، ط1، 2005.
- مصطفى ناصف، مراجعة: عطية محمود هنا، نظريات التعلم، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، د،ط ، 1990.
- هادي نهر، الكفايات التواصلية والاتصالية دراسة في اللغة والإعلام، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. عمان. الأردن، ط2003،1.
- يوسف قطامي، النظرية المعرفية في التعلم، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، عمان، الأردن، ط1، 2013.
[1]-باربارا انجلر، مدخل إلى نظريات الشخصية، ترجمة: فهد بن عبد الله بن دليم، مكتبة التراث، مكة المكرمة، ط1991،1م، ص: 326.
– [2]أنور محمد الشرقاوي، التعلم نظريات وتطبيقات، مكتبة الانجلو المصرية، مكة المكرمة، د،ط ، 2012 م، ص:42.
[3]– المرجع نفسه، ص:42-43-44-45.
[4]أنور محمد الشرقاوي، التعلم نظريات وتطبيقات، ص:47.
[5]- أنور محمد الشرقاوي، التعلم نظريات وتطبيقات، ص:48.
[6]– باربارا انجلر، مدخل إلى نظريات الشخصية، ترجمة: فهد بن عبد الله بن دليم، ص:327.
[7]– يوسف قطامي، النظرية المعرفية في التعلم،دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، عمان، ط1، 2013م، ص: 71.
– ينظر: أنور محمد الشرقاوي، التعلم نظريات وتطبيقات، ص:60-61.[8]
[10]– ينظر: المرجع نفسه، ص:79-80-81.
[11]مصطفى ناصف، مراجعة: عطية محمود هنا ، نظريات التعلم،عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب،الكويت، د،ط ، 1990م، ص:29.
[12]– المرجع نفسه، ص30.
[13]– يوسف قطامي، النظرية المعرفية في التعلم، ص: 243.
[14]– المرجع نفسه، ص: 244.
[15] – ينظر: المرجع نفسه، ص: 246-247-248.
[16]– ينظر: يوسف قطامي، النظرية المعرفية في التعلم، ص: 255-256.
[17]– مصطفى ناصف، مراجعة: عطية محمود هنا، نظريات التعلم، ص334.
[18]– المرجع نفسه، ص: 334.
[19]– سها أحمد أبو الحاج وحسن خليل المصالحة، استراتيجية التعلم النشط: أنشطة وتطبيقات عملية، مركز ديبونو لتعليم التفكير، دبي، الإمارات العربية المتحدة، ط1، 2016م، ص: 7.
[20]-محمد سالم محمد الأمين الطلبة، الحجاج في البلاغة المعاصرة، دار الكتاب الجديدة المتحدة، بيرت، لبنان، ط2008،1م، ص: 175.
[21]– مسعود صحراوي، التداولية عند العلماء العرب، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، ط1، 2005، ص 21.
[22]– شكري فيصل، تحسين وسائل خدمة اللغة العربية في الوطن العربي في اللغة العربية والوعي القومي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط2، 1986م. ص:42.
[23]– محمود فهمي حجازي، البحث اللغوي، دار غريب للطباعة والنشر. القاهرة، ط1، 1994 م، ص: 143.
[24]-بيث كوردر، مدخل إلى اللغويات التطبيقية، ترجمة: جمال صبري، مجلة اللسان العربي، الرباط، 1978م، مجلد16، ج1، ص: 207.
[25]-أحمد حقي الحلبي، اللغة العربية وطرائق تدريسها، ضمن اللغة العربية والوعي القومي، مركز دراسات الوحدة العربية، ط2، بيروت ،1986م، ص: 371.
[26]– هادي نهر، الكفايات التواصلية والاتصالية دراسة في اللغة والإعلام، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. عمان، الأردن، ط2003،1م، ص: 89.
[27]-بيرلمـان شـاييم، التربيـة والخطابيـة، ترجمـة: الحسـين بنـو هاشـم، مجلـة البلاغـة وتحليــل الخطــاب، المغــرب، العــدد: 3 ،2013م، ص:160.
[28]-أبو بكر العزاوي، اللغة والحجاج (مقدمة)، دار الأحمدية للنشر، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 1997، ص:8.
[29]-المصدر نفسه: ص:20.
[30]– ينظر: حسنين شفيق، الإعلام التفاعلي، دار فكر وفن للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، ط 1، 2008، ص:42.
[31]-ينظر:بيرلمـان شـاييم، التربيـة والخطابيـة، ترجمـة: الحسـين بنـو هاشـم، ص:157.