جماليّات الغموض في السَّرد المعاصر مجموعة “مفكّرة ليلى[1]” للقاصّ حسن المغربي[2] أنموذجًا
The Aesthetics Of ambiguity In The Contemporary Narrative
Hassan Al-Maghribi’s Short Story Collection “Leila’s Notebook” Is A model
أ. ميّادة أنور الصعيدي[3] Mayada Anwar Al-Saidi
غزّة/ دولة فلسطين Gaza / State of Palestine
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 66 الصفحة 65.
ملخّص:
يشكّل الغموض الفنيّ جوهر العمل الأدبيّ؛ إذ يتّصف بخصوصيته الفنيّة التي تميزه عن مألوف الكلام، ويستمد طاقته المتجدّدة مع طول التدبّر والتفكّر؛ حتّى يصل المتلقّي إلي فهم ظلاله وإيحاءاته، فالتلميح أفضل من التّصريح، والإشارة أفضل من الإبانة، وتجاوز العرف العام في الصنعة يخلد بصمة، وإنّ التنزّه في مروج الظِّلال يقشعُ الضَّلال. والغموض لا يتوقّف على البنية السرديّة، فهو خصيصة من خصائص الفنّ عمومًا؛ ومن هنا ارتأت الباحثة دراسة “الغموض” كأسلوب فنّي له أسبابٌ ودواع، والكشف عن ملامحه في مجموعة القاصّ “حسن المغربي” الموسومة بـــ “مفكّرة ليلى”؛ للوقوف عند جماليّات هذه الأسلوب.
كلمات مفتاحيّة: {جماليّات، السرد، الغموض، القصص}
Abstract:
Artistic ambiguity is the essence of a literary work. It is characterized by its artistic peculiarity that distinguishes it from the ordinary to speak, and it derives its renewed energy with a lot of reflection. So that the recipient comes to understand his symbols. A hint is better than a statement. Ambiguity does not depend on the narrative structure, it is related to art in general. Hence, the researcher decided to study “ambiguity” as an art style with reasons and motives, and to reveal its features in Hassan Al-Maghribi’s Short Story Collection “Laila’s Notebook”; To find out the aesthetics of this style.
Keywords: Aesthetics, narration, mystery, stories.
تقديم:
يشكّل الغموض الفنيّ جوهر العمل الأدبيّ؛ إذ يتّصف بخصوصيته الفنيّة التي تميزه عن مألوف الكلام، ويستمد طاقته المتجدّدة مع طول التدبّر والتفكّر؛ حتّى يصل المتلقّي إلي فهم ظلاله وإيحاءاته، فالتلميح أفضل من التّصريح، والإشارة أفضل من الإبانة، وتجاوز العرف العام في الصنعة يخلد بصمة، وإنّ التنزّه في مروج الظِّلال يقشعُ الضَّلال. والغموض لا يتوقّف على البنية السرديّة، فهو خصيصة من خصائص الفنّ عمومًا؛ إذ نجده في اللوحات التّشكيليّة كما في لوحات البريطاني: دونكان غرانت، وفي روايات الإنجليزيّة: أجاثا كريستي، وفي شعر السوري: أدونيس، وفي كتب النقد كما عند السوريّ: كمال أبو ديب. كما أنّ الكثير من العنوانات تكون لافتةً؛ لما تحمله من غموض أخّآذ؛ يشدّ القارئ ويثيره؛ لمعرفة خبايا المتن وأسراره، ومن ذلك عنوان رواية الفلسطينيّ: فوزي عبده الموسومة بــ “زوجتي من الجنّ”، وعنوان رواية الأردنيّ: جلال برجس الموسومة بــ “سيّدات الحواسّ الخمس”، فالقارئ يتساءل مباشرةً: هل هناك أحدٌ يتزوّج جنّيّة؟ والفارق هنا ياء المتكّلم في “زوجتي” فالجنّ يتزوّجون، لكن هل يعقل أن يتزوّج إنسان جنّيّة؟! كيف.. ولِمَ.. وكيف سارت أحداث ذلك؟
وهل للحواسّ الخمس سيّدات؟ وما هذا الصفير وهذه السرّيّة في صوت السين المكرّر أربع مرّات في العنوان فقط؟ وهل لهذا علاقة بمتن الحكاية؟. فالغموض فنٌّ عجيب ومدهش، وهو صفة تبقى من إيجابيّات النّصّ، وعلى هذا الأساس ارتأت الباحثة دراسة “الغموض” كأسلوب فنّي له أسبابٌ ودواع، والكشف عن ملامحه في مجموعة القاصّ “حسن المغربي” الموسومة بـــ “مفكّرة ليلى”؛ للوقوف عند جماليّات هذه الأسلوب.
- فما تعريف الغموض؟ وما الفرق بين الغموض والإبهام؟
أشارت المعاجم العربيّة إلى الغموض من خلال استخداماته اللغويّة المختلفة، فالغامض من الكلام: خلاف الواضح، ويقال للرجل الجيّد الرأي: قد أغمض النّظر. وأُغمض النّظر: إذا أحسن النّظر، أو جاء برأيٍّ جيّد، وأُغْمض في الرأي: أصاب، ومسألةٌ غامضةٌ: فيها نظرٌ ودقّة، ومعنى غامض: لطيف[4].فالغموض حقيقةٌ واجبة الوجود في النّص، إنّه طاقة الإبداع النّص التي تفتح النّص على عوالم لا نهائيّة من الدلالات الإيحائيّة[5]، ومن هنا فقد أدرك أدباء العصر أنّ الغموض يبعثُ على ثراءِ العمليّة التّفاعليَّة ويزيد خصوبتها، وأنَّ الإبداع الغامض منجمٌ ثريّ، يولّدُ تأويلاتٍ عدّة، تبقى نفوس المتلقّين تهفو إليه، تائهةً بين الشكّ واليقين ، وهذا ما أوحت الشّاعرة: فدوى طوقان إليه في قصيدة: إلى صورة، حيث تقول[6]: “إنّ لِلغُمُوْضِ لسحرًا/آسرًا ، يجذِبُ النّفوسَ إليه/ حيثُ تبقىْ مشدُوْدَةً فيْ يديْه/ ليسَ تقْوَىْ عَلَىْ الفِكاكِ…/ هكَذاْ وَلَيَظلَّ نَهْبَ الظُّنُونِ/ تاْئِهًا بين شكِّهِ والْيَقِيْنِ”.
فالمواراة والعُمْق والغَوْر وجوهٌ أخرى للغموض، لأنّه يشمل عمق المعنى والصعوبة في إدراكه، وبعد بذل الجهد تتفتّح السبل للولوج إلى عالمه، وجلاء جوانبه، فقد “تستطيع أن تستعمل مصطلح الغموض على أنّه حامل لقيمٍ فنيّةٍ وفكريّةٍ لا يقوى عليها التّعبير المباشر، أو البسيط في تجارب شعوريّة ومواقف غنيّة[7]“، وعليه فإنّ التعريف الاصطلاحي للغموض هو: عدم وضوح المعنى في بادئ الأمر، لكن إذا أمعن النّظر فيه مرّات عدّة، انكشفت ظلمة النّصّ وسطعت شمسه. ومن هنا فالغموض المَعْنِيّ “هو ما شدّك إلى حوارٍ معه، واستفزّ مشاعرك، وعقلك من خلال غموض عباراته… إذ يتجسّد الغموض في ثراء النصّ الإبداعيّ، وتعدّد دلالاته وقراءاته، ممّا يخلق نوعًا من اللذة الحسيّة والذهنيّة تجاه خبايا النص، و اللا متوقّع أو اللا منتظر في صوره وجماليّاته الفنيّة[8]“؛ هذا بدوره يزيد العمليّة التواصليّة بين النّصّ والمتلقّي؛ إذ يشعر أنّه بحاجةٍ إليه مهما كان غامضًا؛ ليطفئ من خلاله لهيب مشاعره وطموحه الذهنيّ. فالغموض الفنّيّ هو الغموض الشفيف الذي “يكشف عن جمال المحتوى الفنّيّ الذي وَضُحَ أثره بالرمز غير الموغل في الغوص والتخييل، وكلّما كان الرمز كاشف الدلالة في حياءٍ وخفر، كان ذلك أمتع للنّفس، وأجمل في التصوير، ولكن إذا تقطّعت الأسباب، وبَعُدَ الرمز عن إدراك الذهن، فقد يؤدّي هذا إلى غموض غير مقبول؛ لتوقّف الدّلالة عن أداء أثرها الجيّد الذي جاءت من أجله واستخدمت له[9]“.
- ومن هنا يجب أن نميّز بين الغموض والإبهام؟
الإبهام: صفة نحويّة مرتبطة بالنّحو وتركيب الجملة، أمّا الغموض: فهو صفةٌ خياليّة. وهو من السمات الجماليّة الأساسيّة. والإبهام الكامن في التعقيد اللغويّ مكروه إذ يستغلق على الأفهام… وهذا ما أيّده معظم النقاد المحدثون، ومنهم: عز الدين اسماعيل[10]. ويعرّف الإبهام على أنّه: أمرٌ مبهمٌ لا مَأتَى له، واستبهم الأمر إذا استغلق، فهو مستبهم… ومسألة معضلة مشكلة شاقّة، سميت مبهمة؛ لأنّها أُبْهمت عن البيان فلم يجعل عليها دليل، ومنه قيل لما لا ينطق بهيمة[11]. ومن هنات فإنّ الغموض الذي يستدعيه الفن هو ذلك “الستر الشفاف الذي ينسجه عمقٌ في الفكرة، أو طرافةٌ في المعنى، أو ابتكارٌ في الصّور، أو رموزٌ خلابة، فهذه وغيرها تجعل النّصّ غامضًا، لكنها لا تحجبه حتى يصير لغزًا غير قابل للحلّ، أو طلسمًا يحتاج إلى طائفة من الخبراء حتى تفكّ رموزه وأسراره، إنّما هو إيثار للإيحاء على التصريح[12]“. والحقيقة أنّ المغربي لم يدّخر جهدًا في تقديم فكرته بشكلٍ عميق، ويبتكر رموزًا مختلفة متناغمة مع سياقات نصّه، وينشئ بنية مفارقيّة باعثة لإعمال الذهن.
- لكن ما هي آليات الغموض الفنّيّ؟ وما القيم الجماليّة التي أحدثها في مجموعة “مفكّرة ليلى”؟
بعد التجوّل في بساتين قصص المجموعة التي تموج دلالةً وتشع إيحاءً؛ إذ توشّحت بالغموض الفنّيّ؛ ممّا أثرى بنيتها دلالةً وجمالًا. اتّضح أنّ ثقافة القاصّ المعاصر: حسن المغربي ووعيه بقضاياه الخاصّة وبقضايا أمّته العربيّة العامّة، وتفاعله مع تداعياتها قد أثّر إيجابًا على تشكيل نصوصه، فقد استطاع من خلال التكثيف والتركيز والابتعاد عن المباشرة والسطحيّة، أن ينتج نصًّا أدبيًّا موحيًا عميقًا؛ إذ جافه الأسلوب القائم على الوضوح والمباشرة، واعتمد أسلوب التلميح، ونقل مشاعره بشكلٍ مكثّفٍ دونما إغراق في الغيبيات وشطحات الخيال.
يعدّ فنّ القصّ حياة تتحرّك وتتغير، وطبيعة النفس البشرية ترغب بالتّجديد، وتكون أكثر نزعةً إلى القصّة التي تخالف المعهود، وتفاجئهم بما يجهلون، وبما يعلمون كذلك، ويتوقّف ذلك على ذكاء المبدع ونجاحه في توظيف ذلك، هذا بدوره أدّى إلى انتشار ظاهرة الغموض وتوسّعها، ومن هنا فقد حرص المغربي على تجاوز المألوف؛ فوظّف أدوات تعبيريّة ووسائل فنيّة أمدّت تجربته بالقيمة الجماليّة، جعلتها متميّزةً متكاملةً في البناء العامّ من اللغة، والرمز، والأسلوب، ومن أهم الأدوات الفنّيّة اللافتة التي أثْرت تجربة المغربي وزادت من جماليّة الغموض في مجموعته هو الأسلوب الرّمزيّ.
- الأسلوب الرّمزيّ أداة من أدوات الغموض الفنّيّ؟
الرمز هو أن “توحي بأفكار أو عواطف باستعمال كلمات خاصة، أو أنغام الكلمة في نظام دقيق لنقل المعنى بتأثير خفيّ أو غامض[13]“، و يرى الرمزيون أنّ العبقريّة الخالدة تكمن في الغموض، وفي المعاني المستترة، أما الإبانة في الأدب فهي عجز فضّاح في شرعتهم؛ لأنّ الأديب يفتح صوره للقارئ، ويطلعه على جميع دخائل نفسه، وبالتّالي يصبح المعنى سهل المنال، ينتقل من الكِتَاب إلى القارئ انتقالًا هيّنًا تلقائيًّا وذلك من قبيل القصور المعيب[14]؛ ومن هنا يبقى التمايز في التعبير الرمزيّ دليلًا على التمايز بين المبدعين من حيث أصالة الإبداع، وقدرته على التأثير الإيجابيّ في نفوس السامعين… من خلال تصوير انفعالاته بالرمز الموحي لا ليزيدها خفاءً… ولكن ليخلق منه غموضًا يحبب فيه، مما يزيد الإنسان به شغفًا وهيامًا للتشوق إلى أسراره[15]، يحتاج الرمز إلى إعمال الذهن للدخول إلى أعماق النص لذلك اهتم المغربي بالإيماء الرمزيّ بدءًا بعنوانات قصصه.
- أشكال الغموض الرّمزيّ في مجموعة “مفكّرة ليلى” القصصيّة:
مجموعة “مفكّرة ليلى” تحمل بين دفتيها “أربعًا وعشرين قصّةً” تحت عنوانات هي: “انطوائي، صوفي يتكلم، رقم (6)، جنون، تجربة الذنب، ضجر، مناجاة، تمرد، حينما أتذكر تلك الرائحة، العاشق، حكاية رحلة، بتول، مفكرة ليلى، تولين، الناظر، الأستاذ، الوسيم، الفسواي، عزلة، عفريت أرض المساخيط، مجرد حلم، البحث عن أشياء فارغة، شكلا عليك صبح، قرية الشبح”.
ويبدو واضحًا أنّ المغربي قد آثر الأسماء وصيغة الإفراد، على الأفعال وصيغ الجمع في عنوانات القصص السَّابقة؛ إذ يرمز بذلك إلى صفة الثّبوت والجمود في حياة بطل قصصه، والقارئ لمتن القصص يتوصّل لأسباب ذلك منها: تمسّك الإنسان العربيّ بالمبادئ والأفكار السالفة دون تفكير، وتجميده لأيّ فكرةٍ طارئةٍ تخالف تلك المبادئ. وتشير قلّة تواتر الأفعال بالنسبة لورود الأسماء في عنوانات هذه المجموعة إلى عدم تقبّل بطل أيّ قصّة -ضمن هذه المجموعة- لأفكار الماضي المشوَّشة، ورغبته الملحّة في العزلة. لقد أطلق القاصّ صفات متعدّدة على بطل قصصه منها: “انطوائي، صوفي، عاشق، فسواي، عفريت، شبح، مجنون، فيلسوف، …”؛ ولم يتطرّق لتفصيل شخصيّة البطل وملامحه، إنّه يكتفي بوصف أفعاله الثابتة منذ سنوات، إذ لا يمكن أن يحدث التغيير فجأة، يقول: “كيف يمكن تجاوز الأفكار المألوفة والتفكير المعتاد، كيف نجعل من اليومي والمتوقع أشياء غير ذات أهمية مثل الخردة والمواد التالفة، يجب أن نعيد النظر في المفاهيم القديمة، في المقاييس الثابتة، في كل مصدر نرجع إليه في الإثباتات المحسوسة والمسموعة والمسكوت عنها “[16] .
فالتفكير بادئة أولى لإمكانيّة حدوث التغيير ولو على المستوى المحوريّ، لكن رغم تمركّز البطل حول محوريته خلال أحداث القصص، إلّا أنّ المتلقّي يكشف -فيما بعد- أنّ بطل القصص يحمل هاجس الكلّ، بل يقود معركتهم، وقد يتبنى أحلامهم، ومن هنا فقد دخلت غالبيّة الأفعال في مجموعته القصصيّة حيز اللا فعل، أي بين التّذكّر والرّغبة في حصول الشّيء، “ودلالة ذلك هو تواجد نوع من الصدّ، وقدر من الكبت والسّلبيّة والتّردّد، وشيء من الرّغبة المتأججة التي يقودها الحلم، وهاجس إعادة البناء والتغيير حيث تستثمر (الشخصيّة) كلّ جهودها إلى ذلك اليوم الذي تعلن فيه عن هذا الحلم، وتكشف عن أبعاده…[17]“؛ يقول:
“إنّ التهوّر وما رافقه من طيش يعد في الحقيقة تمرد على سلطة المجتمع…لأنّ الفرد وفقًا لكثير من المجتمعات الإنسانيّة لا قيمة له، ومصلحته يجب أن تذوب إذا تعارضت مع النظام العام الذي تفرضه المجتمعات بقوّة القانون ومن هذا المنظور المشحون بالتسلط والتعالي على الأفراد، فإني سأعمل، …على تحقيق عالمي الخاص خارج منظومة السلطة[18]“؛ لذلك فإنّ بطل قصص المغربي كثيرُ التّأمّل في ذاته، يغوص في وعيه؛ ليستجلي أناه الحاضرة، يقف عند عثراتها فيحلّلها، يحاورها، يحاول أن يشكّلها على نحوٍ خاص، ليس بالضرورة أن يشكوها لأحد أو أن يفهمها الكثيرون، يقول: “عاد إلى مفكرة (ليلى (قرأ بصوت مسموع جملة منقولة من رواية أو نص أدبي يعود إلى الفترة الكلاسيكية ” ما الإنسان حتى يجرؤ على شكاية نفسه ” توقف برهة، أخذ يفكر في ليلى .. ليلى التي قالت له و هي ترتدي رداء شفافا: أنا تحت أمرك ! افعل ما شئت .”[19]
وهنا رمز لروحه بـــ “ليلى”؛ إذ أراد ألّا يعاتبها، فهي بريئة مما نسب لها، وما ورثته رغما عنها، فالبراءة فيها لم تكن ذنباً تُعاقبُ عليه خداع الذئاب، أراد أن تكون طيّعةً له وأن ينقش عليها ما يراه مناسبَا؛ لذلك كان المغربي محقًّا في تسمية مجموعته، إذ إنها مجرّد أفكار بمفكرة لروحه، لكنّه من خلالها عالج موضوعات عدّة كـ: “صراع الأفكار”، و”العزلة”، و”الثورة على العرف العام”، و”محاولة التغيير ولو بالصراخ”، والتوقّف عن “كان أبي، وفعل أبي” والبدء بـــ “ها أنا ذا”، يقول: “أستطيع إزالة كل الترسبات العالقة في الذاكرة،…، ليس من الممكن مسخ الذات وإرسالها إلى الماضي، فالإنسان بوصفه حيوانا مفكرا يستطيع فعل أي شيء داخل عالمه الخاص، هذا أقل تعريف للحريّة، وما هو جدير بالاحترام ليست الأقوال المأثورة والقيم المكرّرة، بل الأفعال، فعل أي شيء، زرع وردة، بناء حائط، إصلاح مدفع قديم،… القاعدة، المبدأ، والثيمة الرئيسة، كلمات أمقتها بشدة، وأرفض أن يكون محور كلامي حولها، لا لشيء سوى أنها تلغي العقل، وتشل التفكير، وتجعل المرء ينظر إلى الأشياء بنفس النظرة التي ينظر بها من يلفق الأكاذيب ويؤمن بصحتها [20]” فقد رمز بـ ” زرع وردة، بناء حائط، إصلاح مدفع قديم” إلى نشر السلام والحب، ومعرفة الحدود “الحقوق والواجبات”، وأخيرًا الدفاع عنهم. وقد يرمز بقوله: المدفع القديم إلى القلب، أو العقل، أو الروح، أو السلوك والمنطق. وهذه الأمور الأربعة لم يخرج عنها المغربي في الهدف من تأليف قصصه، فالقارئ لها يعيش معه مغامرات تأمّليّة بأسلوبٍ رمزيّ، وكأنّ المغربي يقول لقارئه: إن لم تكن إنسانًا يجمع الأمور الأربعة، عليك أن تختر أن تكون شيئًا واحدًا على الأقل منها، فإمّا أن تكون: عاشقًا صوفيًّا، أو عالمًا فرويديًّا، أو طاهرًا كالبتول، أو فيلسوفًا أفلاطونيًّا… والغريب أنّ هؤلاء كانوا بعزلةٍ عن الناس، حتّى أنّ الإنسان يجد صعوبة في الإلحاق بركبهم بسبب طبيعة الحياة المتغيّرة والمرتبطة بطبيعة الإنسان الاجتماعيّة، وكأن المغربي يضع حلولًا تعجيزيّة للتغيير، أو أنّه يريد ممّن يقومون بالتغيير أن يكونوا على قدر المسؤوليّة.
- لكن هل استطاع المغربي أن يقنع قارئه، رغم أنّ قصصه محاطٌ بهالةٍ من الغموض والرمز؟
لقد وظّف المغربي الرموز في صور فنيّة مستمدّة من التاريخ العربي والإنساني، ومن الأساطير القديمة، ومن التراث الشعبي قديمه وقريبه زمنًا، لكن تتوقّف علاقة القرب من الصورة الرمزيّة أو البعد عنها لدى القارئ على درجة من درجات التوافق بين القيمة المعرفيّة للرمز والإيحاءات الانفعاليّة والجماليّة عامّة والرصيد الثقافيّ الذي يحمله هذا المتلقّي[21]، وعليه فإنّ المغربي خاطب القارئ ذي المحمولات الثقافيّة العالية؛ لأنّ نصّه يتطلّب من القارئ أن يغوص في بنيته العميقة؛ لاستجلاء المقصود منها. ومثال ذلك قوله: “أول عمل قمت به كانت مسرحية (تاجر البندقية(، لقد راق لي كثيرا دور التاجر اليهودي (شايلوك)، كم شعرت بالفرحة حينما كنتُ أطالب ذلك المسكين”أنطونيو”، خاصة في ذلك المشهد الذي هددتُه بقطع رطل من لحمه مقابل الأموال التي اقترضها مني، ومع أن علامات الغضب كانت واضحة في وجوه المشاهدين، إلا أنني لم أكترث بمشاعرهم، كنتُ أتلذذ بكل شغف بعبارات النص الجميل الذي كتبه الممثل المسرحي الكبير وليم شكسبير.[22] إنّها صورة رمزيّة مستوحاة من الأدب الإنجليزي، تتطلّب من القارئ أن يمعن النظر بها، أليس التاجر اليهودي (شايلوك) رمز لسياسة أيّ محتلّ؟ وأنطونيو هو رمز لأيّ أرضٍ عربيّةٍ ضعيفة تغتصب؟ والمشاهدون هم بقيّة الدول العربيّة، الذين لا يجيدون سوى الشجب والاستنكار؟!
وقد يرمز لسوء الطالع لدى بطله كما في قصّة “النّاظر” عن طريق الإشارة بحكاية شعبيّة صينيّة (تسي آى لون)، أو حدث سياسي كاغتيال (شي هوانج تي)، أو رواية حمل بطلها نقدًا اجتماعيًّا كبيرًا مثل: “صورة دوريان غراي”.
ومن دواعي الغموض في المجموعة استدلاله بأقوال علماء النفس كفرويد خاصّة عند الحديث عن الأحلام، ودمجه بين الرموز الأسطوريّة، والرموز الدينيّة في سياق قصّة واحدة، فمثلًا قصّة “مجرّد حلم”، ذكر فيها ” أطلس” وهو إله معبود في الميثولوجيا الإغريقيّة، يشتهر بحمله قبّة السماء على كتفيه، و ” زرادتش ” وهو رجل دين فارسي، يعد مؤسّس الديانة الزرادشتية، و”المسيح”، و”جبل عرفات”، وكلّها رموز للديانات السماويّة. ومن الأساطير التي جاءت في نفس سياق القصّة الإلهة “هيكاتا” هي إلهة الشقاق والسحر والأشباح واستحضار الروح عند الإغريق. أمّا الإلهة “ميدوسا” وهي الأنثى المتوحشة، التّي تحوّل بعينيها القاتلتين كلّ من ينظر إليها من عالم النّور والحياة إلى عالم الظّلام والموت، ويرمز القاصّ من خلال استحضار هذه الأساطير، بـ “اللا تمايز، والعماء، والاختلاط في عالم اللّيل والظّلام [23]“؛ ليشير بأنّ عالمه يعمّه العماء والظّلام والغموض.
يبدو أنّ اندفاع القاصّ في ذكر هذه الرموز الدينيّة والأسطوريّة في قصّة واحدة مردّه حالة التظليل التي وصلت إليها الشعوب، إنّه لا يتحدّى قارئه، بل يريد أن يوصّل إليه رسالات عدّة مفادها: عدم الوثوق بالظاهر (المسموع، والموروث) ومحاولة البحث عن المجهول من خلال عقولنا، وفي هذا الصدد قال: “لماذا لا نتخيل أن هناك بالعصور الماضية حضارة أكثر حداثة من حضارتنا اليوم، حضارة على علم ومعرفة بأدق تفاصيل أسرار الكون… لماذا نثق في الرؤية البصرية وحدها حينما نتحدث عن عالم الغيب، ونظن دائما بأننا على صواب، لذة التنقيب عن الآثار لازمة تكمن في داخلنا، كلنا نسأل عن الماضي، ماضي أسلافنا، ماضي ذواتنا، ونخاف من المجهول الذي نطلق عليه أحيانا المستقبل، وأكثر شيء يؤرقنا ليس الموت، بل الحياة ومستقبل الروح بعد الموت… يلجأ بعضنا إلى الكهان والدجالين والمنجمين، وبعضنا الآخر يرتمي في أحضان الدين، تلك الديانة التي آمن بها الأسلاف[24]“، فلماذا نفعل ذلك دون الاحتكام إلى العقل؟ حتّى عند تحكيم العقل علينا أن نكبح جماحه، كي لا يحدث أمر لا تحمد عقباه، يقول: “إنّ عقل الإنسان في علاقته بالحكمة ليس سوى جنون… ولكن في الجنون شيئا من الحكمة… إن العقل والجنون متجاوران، فليس بين هذا وذاك سوى خطوة . وهذا ما يتضح من سلوك الحمقى[25]“، والحقيقة أنّ مثل هذه الأقوال الفلسفيّة تضفي على النّص ظلالا من الغموض، ولكن عند تحليلها يجد القارئ بأنّه أمام المنطق بعينه، ففي سلوكاتنا اليوميّة نشعر بالحمق لأننا لم نحكّم العقل أو نوظّفه بالشكل المناسب للموقف.
حتّى في معالجته بعض القضايا الاجتماعيّة _كقضيّة التشاؤم من الأرقام مثلًا_ يشوب سرده الغموض، فلا تعرف ما إن كان متفائلًا بالرقم (6) أم متشائمًا؟ يقول: “وعلى الرغم مما يقال عن شؤم الأرقام وعلاقته بأقدار الناس، إلا أنني أعترف بأن الرهان على رقم (6) كان – ومازال – اللعبة الوحيدة المسلية في حياتي، ولا أخفي، فقد كنت وأنا شاب أشعر بالخوف والملاحقة في كل حادث يظهر فيه هذا الرقم، كنت أقول لنفسي لماذا يطاردني باستمرار كما لو أنه شيطان .. لكني الآن أكثر فرحا به، لأنه ببساطة علمني كيف أبتسم وأحيا بالطريقة التي تعاش بها الحياة ..وعلمني أيضا ألا أحزن على شيء هو بالأساس ليس مكتوبا في تاريخي العام، ويكفي أني تعلمت الرقص واللعب مع المجهول كلما يحالفني الحظ في الأيام السداسية، تلك الأيام التي ولدتُ فيها وضحكتُ فيها أكثر من المعتاد[26]” .
هذا الالتباس تبادر إلى ذهن القارئ خاصّة عندما قرأ عبارة “ويكفي أني تعلمت الرقص واللعب مع المجهول كلما يحالفني الحظ في الأيام السداسية”، فبذلك قد تناصّ مع مجموعة إميل حبيبي القصصيّة “سداسيّة الأيّام الستّة” التي عكست أجواء حرب حزيران عام 1967م، و رواية “المتشائل” التي تحمل معنيي التفاؤل والتشاؤم، مصورًا بذلاك إيميل حالة عرب الــ48 فما إن يحصل مكروه لأحدهم فإنه يحمد الله على عدم حصول مكروه أكبر منه.
- جماليّات الغموض الفنّي في مجموعة “مفكّرة ليلى” القصصيّة:
قصص المغربي تتبع الأسلوب السهل الممتنع، فما إن تمسك بدلالة السياق حتى يتفلّت منك في السياق التالي، لكنّك في النهاية تخلص بهدف واحد حين الإمعان الشديد، و اللافت للأمر أنّ المغربي عالج حقيقة الأشياء بإيراد أضدّاد فعلها، ففي قصّة “انطوائي” لا يعلي من قيمة العزلة، فقال: “يجب الإعلاء من شأن الأفعال… فالبناء والحركة والكلام جميعها أفعال تمتاز بخاصيّة المباشرة والحضور، … حياتنا لا تمثّل شيئًا ذا بال حينما نغطي عقولنا بالشمع. اعرف جيدا ماذا تعمل، وستفعل كثيرا، … وسأضمن لك النجاح[27]” . فالبناء والحركة والكلام جميعها تخالف مفهومنا عن الانطواء؛ إذ تتطلّب تفاعلًا وحضورًا. ولكنّه في قصّة “صوفي يتكلّم” أراد من قارئه أن يترك التّأمّل غير المجدي، وأن ينطلق بما لديه من يقين، وأن يثور على نظريات العلم، يقول: “وجود الله والأمان الروحي لا يحتاج منا إلى براهين عقلية، النظرة الصوفية إلى الكون هي الأقرب للحقيقة، نحن المتصوفة نختلف عن الفلاسفة وعلماء الذرة، الفلسفة والعلم يبحثان عن الحقيقة باستخدام التجربة والقياس، أي من خلال البرهنة على الصواب، هم على نقيض والفكر الصوفي الذي يبحث عبر الذات[28]“.
لذا فالقاصّ قد خلقُ رمزًا يشكّلُ قطبًا محوريًّا، يستوعبُ الدّلالات المتقابلة أو المتناقضة ؛ لفهم مزدوجات الحياة، فالكتابةَ بلغةِ الغموض الرّامز قد يُثري البنية العميقة من الدّلالاتِ الخفيَّة، ذلك لأنّ القاصّ يسعى إلى تعديلِ المُهشّم في الحياة، كاشفًا عن نقاطِ الضّعفِ فيها مِن خيبةٍ وفقدانٍ، وإنّ إيراد الأسطورة أشبهُ بتعويضٍ عنِ الواقعِ المُعاشِ؛ لذا فإنّ لغة المغربيّ وأسلوبه قابلٌ للتماهي مع العوالم الخياليَّة، وقادرٌ لخلْقِ توازنًا نفسيًّا للذّاتِ، والرغبة الجامحة في انتقال هذا التوازن إلى الآخر.
ومع كلّ هذا الغموض إلّا أنّ القاصّ يثري حصيلة القارئ المعرفيّة، ومثال ذلك حديثه عن الرقم (13)،يقول:
“فهذا الرقم الخرافي استطاع أن يرهب الناس ويسيطر على عقولهم لعدة قرون، ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال هناك فنادق لا تستخدم الرقم 13 في ترقيم طبقاتها إلى يومنا هذا، وكذلك شركات الطيران لا تدخل هذا الرقم على منظومة رحلاتها في أغلب بلدان القارة الأوروبية[29]” . وعليه فقد رمز للرقم (13) بتيمة التشاؤم، وهذ هو الفرق بين الرمز الغامض غموضًا فنيًّا محبّبًا للنفس، وبين الرمز التائه المبهم كما وصفه محمد بركات أبو علي حينما قال: “محبّبًا إلى النفس الرمزيّة التي تنم عن فكرٍ وثقافةٍ وصنعةٍ، وهي رمزية غامضة، كالحسناء تتدلّل في إبداء زينتها في خفر وحياء، ولكنك ترضى بعد تعب، وتجل الجهد بعد الاتصال بها، والائتناس بحديثها والتنعم بجمالها؛ لما عندها من فنيّة، وما لديها من أسرار عزيزة على الغرّ من الأدباء والباحثين، ثمينة في نفوس العلماء والنقاد الثقاة[30]“
لقد آثر المغربي لبطله العزلة، واتّخذ من تصوّفه ملجأً للتفكير، والشكّ، والإبداع، والهدم والبناء، والنّقد لمجالات الحياة كافّة، وساعده على ذلك توظيفه للغموض الرمزيّ، والأسطوريّ، والأدبيّ، والشعبيّ، إذ لا يستطيع الأديب أن يبلغ غايته في التعبير عن مراده إلا بالغموض أو الرمز، فقد تفهم من ايماءاته أضعاف ما تفهم من كلمته، شرط أن يقف المرمى حيث تراه في النور لا في الظلام[31]“، ومع هذه كلّه يجب الحذر من الإغراق في الغموض إلى حدّ يصعب معه على القارئ المثقف الوصول إلى مراد الكاتب فقد يتأتّى موقف للكاتب يصطنع فيه من الغموض الرمزي مطية أو ذريعة إما للتعبير عن مرحلة اجتماعيّة حرجة أو الدعوة إلى اليقظة والحذر… وقد يلجأ إلى الإغراب في اصطناع أسلوب الغموض الرمزي؛ خوفًا أو رغبةً في التهيج والإثارة؛ لذا فإنّ الغموض الرمزي يمكن أن يكون أسلوبًا من أساليب التقية السياسية التي تجيز للكاتب أن يستتر ويتوقّى بالإيماء والرمز… لكن أن يستمرئ هذه الرخصة إلى حدّ الإلغاز الدخاني _إن أجيز هذا التعبير_ بحيث يطمس البصر فيضله ويغشيه… فهذا هو الغموض المضل المبين[32].
ختامــــــــــــــــــــــًا:
على ما سبق تبيّن أنّ مجموعة “مفكّرة ليلى” تجلّى فيها الغموض الفنّيّ عن طريق توظيف الرمز الموحي، الذي يحثّ الفكر، ويوقظ الشعور. ويرجع الغموض في قصص المغربي إلى اطّلاعه على الثقافات الأجنبيّة وعلى الأساطير القديمة، ممّا جعله يخلط الفلسفة وعلم النفس بألوان الثقافة، فامتطي أجنحة الخيال وتجول فيها بين كلّ الصور الرمزيّة المألوفة وغير المألوفة، ورغم ذلك استطاع أن يقنع قارئه، وأن يشير إلى هدفه من إبداع قصصه، ومن ذلك أنّه نقش مقولةً متبوعةً باسم مبدعها بعد عنوان كلّ قصّة، ولم يكن الأمر عشوائيًّا، بل كان مفتاحًا للولوج إلى عالم القصّة الموشّح بالغموض؛ لذا تزيّنت فواتيح القصص في مجموعته بأسماء مميّزة من كافّة مجالات الآداب والعلوم: واسيني الأعرج، شكسبير، زولا، فوكنز، وايلد، غاربر، نيتشه، غوته، الجاحظ، دعبل الخزاعي، فرويد. ويمكن القول: إنّ المغربي اعتمد على ثقافته أكثر من اعتماده على تجاربه المباشرة، فثقافة الأديب تؤثّر في أدبه وتؤدّي دورًا أساسيًّا في تلبيس أدبه حالةً من الغموض كما يقول شكري عياد[33]، إنّ المغربي من خلال استعراض ثقافته أراد أن يثبت فكرة تجربته القصصيّة، التي تكمن في تفعيل العقل، وإعمال الذهن. وقد يصبح الغموض المنفذ الوحيد لحفظ بقاء إبداعه بعيدًا عن سلطة تقهره؛ لذلك لجأ إلى توظيف الأسطورة بشكلٍ لافت، والقليل من القرّاء الذين يعرفون دلالاتها؛ إذ لا يستطيعون الدخول مباشرة إلى عمق النص، وإزالة الضبابيّة التي تكتنفه. ومن أهم دواعي الغموض في تجربة المغربي كذلك: طبيعة الموضوع، فقد عالج موضوعات حسّاسة تطلّبت منه عاطفة قويّة كقصّة (العاشق، والوسيم)، إذ كان شديد الحرص على حراستها، أو أنّه طرح فكرةً غامضةً تستعصي على الكشف كقصّة (قرية الشبح)؛ ممّا ترك في نفس القارئ حبًّا وشغفًا في الوصول إلى المعنى، عن طريق تفكيك النص، وإنتاجه مرّةً أخرى؛ فعمق الطاقة الفنيّة تجعل النص غامضًا ومسببًا قراءات متعدّدة، واحتمالات مختلفة التأويل والتفسير، وهذا يتوقّف على حظّ المتلقّي من الدراية، وقوّة الطبع المهذّب من فطنة وقريحة وفكر، ومن ثمّ الإدراك الجمالي[34].
لا يزال السرد المعاصر في جميع المراحل يشكل حقلًا خصبًا ومجالًا رحبًا للدراسات والأبحاث؛ فهو لم ينل من الدراسات ما يتوازى مع مكانته؛ لذلك توصي الباحثة بضرورة الاهتمام به وبظاهرة الغموض من وجهة جماليّة، والتعامل معها بمنطق خاصّ يساعد في التعرّف أكثر على أبعادها.
- قائمة المصادر:
- المغربي، حسن أبو بكر: مجموعة “مفكّرة ليلى”، دار تموز للطباعة والنشر_ سوريا، 2018م.
- قائمة المراجع:
- ابن منظور: لسان العرب، دار صادر_ بيروت، 1997م، ط6، ج7.
- أبو علي، محمد بركات: دراسات في الأدب، دار وائل للنشر والتوزيع_ عمّان، 2000م.
- إسماعيل، عزّ الدين: الشعر العربيّ المعاصر قضاياه وظواهره الفنيّة والمعنويّة، دار الفكر العربي_ بيروت، 1966م، ط3.
- الداية، فايز:: جماليّات الأسلوب والصورة الفنيّة في الأدب العربيّ، دار الفكر المعاصر_ بيروت،ط1، 1996م.
- العاكوب، عيسى علي: التفكير النقدي عند العرب مدخل إلى نظرية الأدب العربي، دار الفكر_ دمشق، 2000م، د. ط.
- الخليل، سحر سليمان: قضايا النقد القديم والحديث، دار البداية_ عمّان،2010م، ط1.
- الهاشمي، محمد عادل: ظاهرة الغموض في الأدب العربي الحديث، مج جامعة عجمان للعلوم والتكنلوجيا،2003م، ع8.
- حجازي، محمد عبد الواحد: ظاهرة الغموض في الشعر الحديث، مجلة البيان، 1982م، ع194.
- درابسة، محمود: التلقي والإبداع _قراءات في النقد العربي القديم_، دار جرير_ عمان،2010م، ط1.
- رجب، محمود : فلسفة المرآة ، مرآة السّحر، دار المعارف_ القاهرة، 1994م.
- رماني، إبراهيم: الشعر _الغموض_ الحداثة_ دراسة في المفهوم، مجلة فصول،ع7، 1987م.
- عوض ، إبراهيم : فن الشّعر العربيّ الحديث “تحليلٌ وتذوُّق”، المنار للطباعة_ القاهرة، 2006م.
- عياد: شكري: الأدب في عالم متغير، الهيئة المصريّة للكتاب_ القاهرة، 1971م، د. ط.
- فيدوح، عبد القادر: شعريّة القصّ، منتديات مجلة الابتسامة، 1996م.
- قصاب، وليد: الحداثة في الشعر العربي المعاصر حقيقتها وقضاياها، رؤية فكريّة وفنّيّة، دار القلم_ الإمارات، 1996م، ط1.
- منصور، عزّ الدين: دراسات نقديّة ونماذج حول بعض قضايا الشعر المعاصر، مؤسّسة المعارف للطباعة والنشر، 1985م.
[1] المغربي، حسن أبو بكر: مجموعة “مفكّرة ليلى”، دار تموز للطباعة والنشر_ سوريا، 2018م.
[2] القاصّ والنّاقد الليبي: حسن أبوبكر حامد المغربي، حاصل على ليسانس آداب – جامعة قاريونس 2005م، وهو مدير تحرير مجلة رؤى الصادرة عن هيئة دعم وتشجيع الصحافة 2013م حتى الآن، صدر له كتاب بعنوان : (فتنة الأدب وغواية النقد)، وله العديد من المشاركات الثقافيّة والإعلاميّة.
[3] الباحثة الفلسطينيّة ميّادة أنور الصعيدي: حاصلة على درجة الماستر في الأدب والنقد بمعدل امتياز مع مرتبة الشرف الأولى، لها ثلاثة كتبٍ قيد الطباعة، كما ونشرت العديد من الدراسات النقديّة الموثّقة، ومنها قيد النشر. بريد: melesaide@gmail.com
[4] ينظر: ابن منظور: لسان العرب، دار صادر_ بيروت، 1997م، ط6، ج7، ص198.
[5] ينظر: رماني، إبراهيم: الشعر _الغموض_ الحداثة_ دراسة في المفهوم، مجلة فصول،ع7، 1987م، ص86.
[6] عوض ، إبراهيم : فن الشّعر العربيّ الحديث ” تحليلٌ وتذوُّق” ، قصيدة ” إلى صورة ” ، ص156.
[7] الداية، فايز:: جماليّات الأسلوب والصورة الفنيّة في الأدب العربيّ، دار الفكر المعاصر_ بيروت،ط1، 1996م، ص 233.
[8] درابسة، محمود: التلقي والإبداع _قراءات في النقد العربي القديم_، دار جرير_ عمان،2010م، ط1، ص 125.
[9]منصور، عزّ الدين: دراسات نقديّة ونماذج حول بعض قضايا الشعر المعاصر، مؤسّسة المعارف للطباعة والنشر، 1985م، ص106.
[10] إسماعيل، عزّ الدين: الشعر العربيّ المعاصر قضاياه وظواهره الفنيّة والمعنويّة، دار الفكر العربي_ بيروت، 1966م، ط3، ص189.
[11] ابن منظور لسان العرب، ج12، ص56.
[12] قصاب، وليد: الحداثة في الشعر العربي المعاصر حقيقتها وقضاياها، رؤية فكريّة وفنّيّة، دار القلم_ الإمارات، 1996م، ط1، 61 _63.
[13] الهاشمي، محمد عادل: ظاهرة الغموض في الأدب العربي الحديث، مج جامعة عجمان للعلوم والتكنلوجيا،2003م، ع8، ص 305.
[14]ينظر: الخليل، سحر سليمان: قضايا النقد القديم والحديث، دار البداية_ عمّان،2010م، ط1، ص150.
[15] ينظر: حجازي، محمد عبد الواحد: ظاهرة الغموض في الشعر الحديث، مجلة البيان، 1982م، ع194، ص 71
[16] مجموعة “مفكّرة ليلى”، قصّة: “جنون”، ص11
[17] فيدوح، عبد القادر: شعريّة القصّ، منتديات مجلة الابتسامة، 1996م، ص47.
[18] مجموعة “مفكّرة ليلى”، قصّة: “تمرد”، ص19
[19] مجموعة “مفكّرة ليلى”، قصّة: “مفكّرة ليلى”، ص32.
[20] مجموعة “مفكّرة ليلى”، قصّة: “انطوائي”، ص5.
[21] ينظر: الداية، فايز: جماليّات الأسلوب والصورة الفنيّة في الأدب العربي، “مرجع سابق”، ص235.
[22] مجموعة “مفكّرة ليلى”، قصّة: “تجربة الذنب”، ص14.
[23] رجب ، محمود : فلسفة المرآة ، مرآة السّحر، دار المعارف_ القاهرة، 1994م، ص79-82.
[24] مجموعة “مفكّرة ليلى”، قصّة: “صوفي يتكلّم”، ص7.
[25] مجموعة “مفكّرة ليلى”، قصّة: “جنون”، ص12.
[26] مجموعة “مفكّرة ليلى”، قصّة: “رقم 6″، ص10.
[27] مجموعة “مفكّرة ليلى”، قصّة: “انطوائي”، ص5-6.
[28] مجموعة “مفكّرة ليلى”، قصّة: ” صوفي يتكلّم”، ص7.
[29] مجموعة “مفكّرة ليلى”، قصّة: “رقم 6″، ص10.
[30] أبو علي، محمد بركات: دراسات في الأدب، دار وائل للنشر والتوزيع_ عمّان، 2000م، ص 290.
[31] الخليل، سحر: قضايا النقد الأدبي القديم والحديث، “مرجع سابق”، ص 152.
[32] حجازي: ظاهرة الغموض في الشعر الحديث، “مرجع سابق”، ص 79.
[33] عياد: شكري: الأدب في عالم متغير، الهيئة المصريّة للكتاب_ القاهرة، 1971م، د. ط، ص80.
[34] ينظر: العاكوب، عيسى علي: التفكير النقدي عند العرب مدخل إلى نظرية الأدب العربي، دار الفكر_ دمشق، 2000م، د. ط، ص 286.