
الهوية الاجتماعية وتشكل التصورات الاجتماعية نحو الوظيفة لدى البطالين الجامعيين
L’Identité sociale et la constitution des représentations sociales à l’égard de la fonction chez les chômeurs universitaires
د.باشي أمال/جامعة قاصدي مرباح ورقلة، الجزائر
Dr.BACHI Amel/Université de KasdiMerbah Ouargla-Algerie
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 69 الصفحة 63.
Résumé :
Cette étude visait à analyser l’identité sociale des chômeurs universitaires et à mettre en évidence la relation dialectique qui les lie à leurs perceptions de leur position sociale à travers des choix professionnels, où cette étude a été lancée à travers notre expérience et notre observation directe du phénomène des protestations répétées des manifestants et des émeutes, qui veulent travailler dans les compagnies pétrolières situées dans la ville Hassi Messaoud (Wilaya de Ouargla) à la recherche du statut social que ces entreprises fournissent à l’individu ainsi qu’au salaire élevé, quel que soit le poste, sous prétexte que c’est le droit des populations du Sud et qu’ils, seuls ont la priorité dans l’emploi et pas dans les autres.
En conséquence, nous avons décidé de mettre en évidence sur le côté identitaire, qui contribue à forger le regard des jeunes sur leur avenir professionnel et leur position sociale, en analysant l’orientation des chômeurs de la population du Sud et de la zone d’étude notamment pour ne travailler que dans les compagnies pétrolièresmalgré la disponibilité des emplois dans d’autres domaines.
Mots clés : l’identité sociale, les chômeurs universitaires, les représentations sociales
ملخص:
هدفت هذه الدراسة إلى تحليل الهوية الاجتماعية لدى البطالين الجامعيين وإبراز العلاقة الجدلية التي تربطها بتصوراتهم لمكانتهم الاجتماعية من خلال الاختيارات المهنية، حيث انطلقت هذه الدراسة من خلال معايشتنا وملاحظتنا المباشرة لظاهرة احتجاج البطالين المتكررة وأعمال الشغب، الذين يريدون العمل في الشركات البترولية المتواجدة بمدينة حاسي مسعود (ولاية ورقلة) بحثا عن المكانة الاجتماعية التي تمدها هاته الشركات للفرد فضلا عن الراتب المرتفع مهما كانت الوظيفة، بحجة أنها من حق أبناء الجنوب ولهم الأولوية في التوظيف فيها دون غيرهم.
وعليه ارتأينا إلقاء الضوء على الجانب الهوياتي الذي يساهم في تكوين نظرة الشباب نحو مستقبلهم المهني ومكانتهم الاجتماعية، من خلال تحليل اتجاه البطالين من أبناء الجنوب ومنطقة الدراسة بصفة خاصة للعمل فقط في الشركات البترولية مع توفر مناصب عمل في مجالات أخرى.
الكلمات المفتاحية: الهوية الاجتماعية، البطالين خريجي الجامعات، التصورات الاجتماعية.
.
- الإشكالية :
تعتبر البطالة طويلة المدى ظاهرة اجتماعية معقدة لما لها من آثار اجتماعية على بناء المجتمع، ذات أبعاد مختلفة حيث بات موضوع الشغل والبطالة محل انشغال العديد من السياسيين، الاقتصاديين، أصحاب القرار في المجتمع الجزائري الذي عرف عدة تحولات وتغيرات عميقة في مختلف بناءاته، أين أصبح سوق العمل يعتبر إشكالية في الجزائر بالرغم من السياسات التدابير التي تنتهجها الدولة للقضاء على ظاهرة البطالة في تسهيل خلق مناصب عمل للفئات التي تعاني البطالة أكثر من غيرها، إلا أنها لم تتمكن من القضاء عليها وتوفير فرص العمل الكافية، ونظرا للتزايد المطرد لخريجي الجامعات فإن مؤسسات الدولة غير قادرة على استيعاب هاته الطاقات الهائلة وتشغيلها، حيث بلغت نسبة البطالين لمدة طويلة الذين تجاوزت مدة بطالتهم السنة “حسب تعريف المكتب العالمي للشغل BIT”([1])
إلى غاية سبتمبر من سنة 2013 ب9.8%، قدرت نسبة البطالة إلى غاية أفريل 2014 ب 9.8%، بلغت ما نسبته 10% لدى خريجي الجامعات من الذكور مقارنة ب 15.9% لدى الإناث من نفس الفترة.[2] حيث يواجه التعليم العالي تحديات تفرضها عليه تحولات اقتصادية وسياسية ولا سيما المتعلقة بسوق العمل، والتي تتجلى في عدم موائمة مخرجات الجامعة الجزائرية واحتياجات سوق العمل وبالتالي فهي تطرح إشكالية أكثر تعقيدا، وهذا ما أكده عالم الاجتماع كلود ديبار” الأفراد يصطدمون بوقائع سير سوق العمل أو تحولات أنظمة التشغيل، فهي ليست مواضيع محددة ميكانيكيا، لا من خلال السياسات البنائية ولا من خلال مساراتهم السابقة فهم فئات نشطة قادرة لتثبت إمكانياتها وتعطي انسجاما لاختياراتها”.[3]
تشكل المهنة قيمة اجتماعية فضلا عن كونها موردا ماليا، فهي ليست مجرد معرفة تقنية ومؤهلات وإنما مكانة اجتماعية أيضا، فبانتقال البطال من وضعية البطالة إلى عالم الشغل يتحدد بذلك مسار حياته، فهي تعزز موقعه ضمن الجماعة، وهنا يكون اعتراف المجتمع بالمكانة الاجتماعية للفرد من خلال الامتيازات التي تقدمها المهنة للأفراد، وهذا لن يتحقق بالنسبة للبطال إلا من خلال الاندماج السوسيومهني، وهذا الدور والمركز هما الصورة الاجتماعية لهوية الفرد وقد تؤدي البطالة والحرمان من العمل إلى الحرمان من المكانة الاجتماعية.
وعليه فان تصورات الشباب البطال لمكانته الاجتماعية تختلف باختلاف الوسط الاجتماعي الذي ينتمي إليه، علاقاته الاجتماعية ومكتسباته الثقافية، فمنهم من يعتمد على المكانة الاجتماعية لأحد والديه، ومنهم من يختصر مراحل التكوين الجامعي لكسب المال المبكر، أخر يفكر في الهجرة، والأخر يواصل الدراسة للحصول على الشهادة أملا منه في أنها هي الخلاص وضمان للمستقبل، محاولا بذلك إثبات وجوده اجتماعيا، هاته المتغيرات التي من شأنها تمكنه من وضع تصور لما يطمح ويتطلع إليه والذي هو نتاج لهويته الاجتماعية، حيث تعبر هذه الأخيرة عن سيرورة من البناء الاجتماعي في حياة الأفراد، وهي تتجذر في الحياة الاجتماعية، نابعة من التفاعلات بين الأفراد والمرتبطة في نفس الوقت بالمسار الذاتي للفرد والعلائقي والتفاعلي مع الغير إذ يتم بناء وإعادة بناء الهويات في حقل اجتماعي محدد[4]، و الهوية غير ثابتة قد تتغير عندما يصل الفرد إلى المهنة، وهذا ما يؤكده كلود ديبار مشددا على أهمية العمل والتكوين في تحديد الهوية الاجتماعية للأفراد، كما يؤكد على أن الاصطدام بسوق العمل يكون عاملا حاسما في بناء هذه الهوية كذلك شبه كلود ديبار”مرحلة الانتهاء من التكوين الجامعي و محاولة الدخول لسوق العمل، بمرحلة التحول من مرحلة المراهقة إلى مرحلة البلوغ كشكل من أشكال الاستقرار الاجتماعي”.[5] وأن البطال الجامعي يعيد بناء هويته الاجتماعية بناء على الهوية الموروثة من خلال الوضعيات الاجتماعية والتفاعلات الجديدة التي تطرأ على حياته بعد التخرج من الجامعة وتحديدا أثناء فترة البحث عن عمل والتي هي مزيج بين خصائص اجتماعية علائقية وأخرى فردية متعلقة بالبطال نفسه، والتي من خلالها يتصور مكانته الاجتماعية بحثا عن الاعتراف الاجتماعي في المجتمع.
وعليه ومن خلال ما سبق يمكننا طرح التساؤل الآتي:
هل تساهم الهوية الاجتماعية للبطال الجامعي في تشكيل تصوراته الاجتماعية نحو الوظيفة المستقبلية؟
التساؤلات الفرعية:
1- هل تساهم العوامل الاجتماعية للبطال الجامعي على تشكيل تصوراته الاجتماعية نحو الوظيفة المستقبلية؟
2- هل العلاقات الاجتماعية للبطال الجامعي تعمل على تشكل تصوراته الاجتماعية نحو الوظيفة المستقبلية؟
3- هل يتوقف تشكل التصورات الاجتماعية للبطال الجامعي نحو الوظيفة المستقبلية على المستوى الثقافي؟
الفرضية العامة
ان تشكل التصورات الاجتماعية التي يحملها البطال خريج الجامعة مرتبط بهويته الاجتماعية
الفرضيات الجزئية:
1-تساهم العوامل الاجتماعية للبطال الجامعي في تشكل التصورات الاجتماعية التي يحملها البطال خريج الجامعة نحو الوظيفة المستقبلية.
2-تعمل ان تشكل التصورات الاجتماعية التي يحملها البطال خريج الجامعة نحو الوظيفة المستقبلية يتوقف على الراس مال الاجتماعي من العلاقات الاجتماعية للبطال ولعائلته.
3-يتوقفتشكل التصورات الاجتماعية التي يحملها البطال خريج الجامعة نحو الوظيفة المستقبلية بمستواه الثقافي والممارسات الثقافية التي تعتبر جزء من مساره البيوغرافي.
- مفاهيم الدراسـة
- تعريف الهوية:عرفهادوركايم على أنها “نتاج للتنشئة الاجتماعية، وهي عبارة عن نظام من الأفكار، المشاعر والمواقف التي المترجمة في (نحن) والمقصود هو ليس شخصياتنا ولكن الجماعة أو الجماعات التي ننتمي إليها”.[6]
يقصد بمفهوم الهوية عند كلود ديبار أنها”أغلى ما يملكه الفرد، فقدان الهوية يعني المعاناة، القلق والموت، الهوية ليست معطاة من ميلاد الفرد، لكن تبنى خلال الطفولة ويجب إعادة بناؤها خلال مراحل الحياة، والفرد لا يبنيها بمفرده لكنها متعلقة بأحكام الآخرين، واتجاهات وتعريف الذات، وبالتالي الهوية هي نتاج للتنشئة الاجتماعية المتواصلة”.[7]
الهوية بالنسبة ل اريك اريكسون هي “شعور ذاتي لوحدة شخصية واستمرارية زمنية، المبدأ الذي يعطي الانسجام وتعدد الخبرات الاجتماعية لدى الأفراد”.([8])
من خلال التعاريف السابقة نستطيع إدراج مفهومإجرائي حسب دراستنا الحالية وهو أن الهوية الاجتماعية للبطال عبارة على سيرورة من البناء الاجتماعيبمعنى هي الخبرات التي اكتسبها البطال ابتداء من تنشئته الأسرية مرورا بمختلف المراحل التعليمية وصولا الى نهاية التعليم الجامعي ليقع في فجوة تحول بين خبراته الاجتماعية ومكتسباته العلمية وبين الولوج الى عالم الشغل، وهذا هو محور دراستنا.
- تعريف البطالين:حسب تعريف المكتب العالمي للشغلBIT، البطالين هم كل الأشخاص الذين تجاوزا سن معين من خلال فترة المرجعية (البطالة) ويصنفون إلى 03 أنواع:
1-هم الأشخاص بدون عمل الذين لم يسبق لهم أن عملوا براتب أو بدون راتب.
2-هم الأشخاص المستعدين للعمل براتب أو بدون راتب خلال فترة البطالة.
3-هم الأشخاص الذين يبحثون عن العمل، أي اتخذوا إجراءات للبحث عن عمل مأجور أو غير مأجور
وبما أن عينة دراستنا تتمحور حول البطالين الجامعيين، يمكننا إدراج تعريف لهم: “هم فئة من فئات البطالين الذين تحصلوا على شهادات جامعية ثم وجدوا أنفسهم في حالة عدم عمل لأسباب خارجة عن إرادتهم، كما أنهم صرحوا بأنهم يبحثوا عن عمل بمختلف الوسائل والإمكانات المتوفرة”.[9]
من خلال ما سبق يمكننا تعريف البطالين خريجي الجامعة لمدة طويلة والذين هم عينة دراستنا على أنهم الشباب حاملي الشهادات الجامعية الذين يبحثون عن عمل لمدة تجاوزت السنة فما فوق، وأنهم مسجلين لدى مكتب التشغيل بمدينة تقرت.
تعريف التصور: يعتبر سارج موسكوفتشي من أبرز رواد نظرية التصورات الاجتماعية، والذي عرف التصورات على أنها نظام من القيم ومن المبادئ والممارسات المرتبطة بأشياء معينة سواء مظاهر أو أبعاد خاصة بالوسط الاجتماعي، والتي تسمح باستقرار إطار الحياة الخاصة بالأفراد والجماعات، كما تشكل أيضا أداة لتوجيه إدراكنا وكذا بناء استجاباتنا.[10]
بالنسبة ل جين كلود أبريك التصورات هي “منتوج وعملية من النشاط الفكري، من خلاله الفرد أو الجماعة يعيد بناء الحقيقة التي يصطدم بها، والتي تقدم له دلالات معينة”.[11]
- تعريف المكانة الاجتماعية: عرفها انتوني غيدنز على أنها “الشرف الاجتماعي أو الهيبة التي يضفيها بعض أفراد المجتمع على جماعة بعينها، وعادة ما تتسم الجماعة ذات المكانة بأسلوب مميز للحياة، أي بأنماط السلوك المميز للجماعة أي بأنماط السلوك التي يتبعها أعضاء الجماعة، قد تكون الامتيازات المصاحبة للمكانة ايجابية ام سلبية، فجماعات المنبوذين ينظر إليها باحتقار، و/ أو تعامل باعتبارها جماعات طريدة من قبل أغلبية السكان”.[12]
وعرفها ريمون بودون في قاموس علم الاجتماع على أنها مجموع الوضعيات التي يشغلها الفرد ضمن إحدى أبعاد النظام الاجتماعي، مثل المهنة، الدخل، المستوى التعليمي، الجنس، السن…الخ، ومن جهة أخرى فهي ترتبط بالهوية الاجتماعية، الدور، الحقوق والواجبات للفرد وتقاس من خلال متغيرين: الأول عمودي ويترجم العلاقات الهرمية، والثاني أفقي ويعبر التفاعلات ما بين المتساوين، والدور أكثر مفهوم التصاقا بالمكانة.[13]
كما عرفها الانثروبولوجي رالف لينتون، على أنها “المركز الذي يشغله الفرد في نظام معين وفي وقت معين بالنسبة لهذا النظام”.[14]
وعليه فانه يمكننا تعريف المكانة الاجتماعية على أنها مجموع الأدوار والوضعيات التي يشغلها الفرد ضمن نسق معين والتي من خلالها يتم التمييز بين الأفراد وتعطي رتبة لكل فرد في المجتمع.
- منهج وأدوات الدراسة
في هذه الدراسة اعتمدنا على المنهج الكمي الذي ريمون بودون على أنه “يسمح لنا بجمع معلومات متشابهة من عنصر لأخر من مجموع العناصر، فيما بعد تسمح هذه التشابهية بين المعلومات القيام بالإحصاءات وبشكل أعم في التحليل الكمي للمعطيات، إذ أن الشرط الأساسي لتطبيق المناهج الكمية، هو أن تتوجه الملاحظة نحو مجموعة عناصر هي بشكل معين مقارنة، غالبا ما تكون هذه العناصر أفرادا، ولكن يمكن أيضا أن تكون جماعات، مؤسسات، مجتمعات أو أنواع وحدات أخرى.[15]
وعليه قمنا بتطبيق المنهج الكمي بإجراءاته بعدما قمنا بالخطوات الأولى، لنصل إلى عملية جمع المعطيات عبر الاستبيان والمقابلة مع مدير الوكالة المحلية للتشغيل، ومن ثم نقوم بالتحليل الكمي للمعطيات المتحصل عليها من قبل المبحوثين بالطرق الإحصائية المتاحة.
باعتبارنا نتعامل مع طبقة متعلمة ومثقفة اعتمدنا في دراستنا هذه على الاستبيان الذي يعتبر” أداة من أدوات جمع البيانات، وظيفته الأساسية إضفاء أبعاد أكبر للبحث، والتحقق إحصائيا إلى أخر نقطة يمكن تجميع الفرضيات المبنية مسبقا، كما يحتوي على أسئلة موجهة للمبحوثين إما مغلقة وتكون الإجابة عنها محددة ببدائل، وأسئلة مفتوحة توحي للباحث بمعطيات أكثر ربما كانت غائبة عنه”[16]، كما تمت الاستعانة بالمقابلة مع مدير الوكالة المحلية للتشغيل محل الدراسة وكذلك الملاحظة.
عينة الدراسة
تم اختيار عينة الصدفة (l’échantillonaccidentel) في هذه الدراسة، والتي تندرج ضمن العينات الغير احتمالية، “أين يلعب عامل الصدفة دورا هاما في اختيار هذه العينة والتي يمكننا تشبيهها بسحب اليانصيب مثلا إذا أخذنا أول 100 مبحوث الذين وجدنانهم في مكان معين من شارع معين فهي تعتبر صدفة، حيث يعتمد الباحث على عامل الصدفة في اختيار الأفراد الذين يمثلون العينة وتعطي الحظ للأفراد من الظهور.”[17]حيث قمنا بالتواجد بالوكالة المحلية للتشغيل فرع تقرت التابعة لولاية ورقلة (مكان الدراسة)، وجمعنا عينة قدرها64 شاب بطال متخرج من الجامعة، تجاوزت مدة بطالتهم السنة(بطالة طويلة المدى حسب تعريف المكتب العالمي للشغل BIT).
- خصائص العينة: تم اختيار الذكور البطالين أصحاب الشهادات الجامعية المتخرجين لمدة طويلة(تجاوزت السنة حسب تعريف BIT)، كعينة للدراسة وذلك للاعتبارات الآتية:
-مجتمع البحث (مدينة تقرت) مجتمع ذكوري، حيث أن الكثافة السكانية للمدينة تمثلت في 95.095 نسمة من الذكور أي بنسبة 51%، و94.893 نسمة من الإناث أي بنسبة 49%[18]، كذلك كون الذكور يرفضون العمل في بعض المهن دون غيرها خاصة إذا كانت اقل من مستوى الشهادة التي يحملها، ويتوجهون فقط نحو العمل في الشركات البترولية، وهذا ما تبين لنا من خلال الدراسة الاستكشافية التي أجريناها في بداية الدراسة، وعليه تم اختيار عينة الدراسة.
-كما أن نسبة الذكور المسجلين في الوكالة المحلية للتشغيل تقدر ب 62% والتي تفوق نسبة الإناث بكثير والمتمثلة في 38% والتي تعادل تقريبا ضعف نسبة الذكور.
-كما ان من يقومون بالاحتجاجات للظفر بمنصب عمل في اقطاع المحروقات هم البطالين من الذكور
- الحدود الجغرافية: تم إجراء الدراسة الميدانية بالوكالة المحلية للتشغيل فرع تقرت(الجزائر)، التي تقع في وسط مدينة تقرت وتحديدا بالقرب من مقر البلدية، وتم اختيار الوكالة المحلية للتشغيل بمدينة تقرت لإجراء الدراسة الميدانية، كون الباحثة من المنطقة وكذلك لتسهيل عملية البحث الميداني.
- الحدود الزمانية: دامت شهرا كاملا ابتداء من يوم الاثنين 18 أوت إلى غاية 18 سبتمبر 2014، حيث تم النزول إلى الميدان طيلة أيام عمل مكتب التشغيل خلال كل أسبوع، وتم الحصول على عينة قدرها 83 مبحوث، إذ تم إلغاء 19 استمارة لأسباب مختلفة، ليتبقى في الأخير 64 استمارة كعينة للدراسة من أصل 83، وتمت عملية الدراسة الميدانية كما هو موضح في الجدول الآتي:
جدول رقم 01: يوضح مراحل الدراسة الميدانية
أيام الأسبوع مراحل الدراسة | الأحــــد | الاثنيـن | الثلاثـاء | الأربعاء | المجموع | النسبة (%) |
المرحلة الأولى من 18 إلى 21 أوت | / | 00 | الوكالة مغلقة | 06 | 06 | %09 |
المرحلة الثانية من 24 إلى 28 أوت | 00 | 01 | 03 | الوكالة مغلقة | 03 | %05 |
المرحلة الثالثة من 31 إلى 04 سبتمبر | 00 | 00 | 03 | 06 | 09 | %14 |
المرحلة الرابعة من 07 إلى 11 سبتمبر | 02 | الوكالة مغلقة | 03 | 15 | 20 | %31 |
المرحلة الخامسة من 14 إلى 18 سبتمبر | 00 | 02 | 01 | 23 | 26 | %41 |
64 |
|
- نتائج الفرضيات
نتائج الفرضية الأولى:
يتبين لنا من خلال الأعمدة البيانية أن أعلى نسبة للبطالين ذوي التخصصات العلمية المتمثلة تحديدا في الطب بنسبة 100% والذين يتمنون العمل في مجال البترول، أما ثاني نسبة كانت للبطالين ذوي التخصصات التقنية مثل (محروقات، تنقيب، كهرباء تقنية، صناعة ميكانيكية، أداتية بترولية…) والمتمثلة في 65% و الذين يريدون العمل مستقبلا في مجال المحروقات وهذا يتلاءم جدا مع تخصصاتهم بحيث تتيح لهم العمل في هذا المجال، في حين نجد أن البطالين الذين لديهم تخصصات في العلوم الانسانية والاجتماعية مثل (الحقوق، علم الاجتماع، علم النفس، علوم سياسية، علوم تجارية…) والتي بلغت نسبتهم 61% كذلك تعتبر نسبة هامة حيث تفوق نصف المبحوثين والذين بدورهم يردون العمل في مجال المحروقات، أما المبحوثين الذين لديهم تخصص في اللغات كانت نسبة توجههم بنسبة 50% نحو العمل في مجال المحروقات، مقارنة ب 39% من البطالين الذين يريدون العمل في مجال التعليم ولديهم تخصصات في العلوم الإنسانية، أما البطالين ذوي التخصصات التقنية الذين لديهم توجه نحو العمل في مجال التعليم كانت نسبتهم 12% في حين كانت نسبة البطالين الذين لديهم اتجاهات نحو العمل في التعليم ولديهم تخصص لغات 50%، يقابلهم ما نسبتهم 23% من البطالين ذوي التخصصات التقنية يريدون العمل في مجال المقاولاتية والذي أصبح رائدا في السنوات الأخيرة الذي يفتح الأفاق أمام الشباب من حيث التكوين الذاتي.
خلال النتائج الإحصائية نجد قيمة معامل الارتباط Spearmanمساويا للقيمة 0.46 وهذ يدل على وجود علاقة موجبة ارتباطية متوسطة بين تخصص البطالين وتوجههم نحو العمل المستقبلي، حيث أن أغلب البطالين بمختلف تخصصاتهم لديهم تصور موجب نحو المكانة الاجتماعية والتي يعتقدونها في العمل بمجال المحروقات وحتى كذلك من تخصصهم لا يسمح بذلك فهم يمنون العمل في هذا المجال حيث وجد مبحوث واحد من بين أفراد العينة يحمل تخصص علوم شرعية ويطمح للعمل كذلك في مجال المحروقات، وهذا راجع لما تقدمه هذه الشركات من رواتب عالية والتي من شأنها تحقق الحماية الاجتماعية لصاحبها فضلا عن كونها ضمان اقتصادي.
من خلال الأعمدة البيانية يظهر لنا الاتجاه العام 83% من البطالين المتزوجين الذين يقبلون العمل في مهن أقل مستوى من مؤهلهم الجامعي وهذا راجع لحالتهم الاجتماعية التي تضطرهم إلى ذلك فالشاب المتزوج لديه مسؤوليات أكبر تتمثل في إعالة زوجة وأبناء والإنفاق والعمل على تلبية كل ما تحتاجه هذه الأسرة، عكس الشاب الأعزب والذي تقل مسؤوليته في الإنفاق مقارنة بالمتزوج، في حين صرح 59%من البطالين العزاب إمكانية العمل في مهن تقل مستوى عن مؤهلاتهم الجامعية وذلك أيضا لإشباع وتلبية حاجياتهم فالشاب خاصة إذا ما تحصل على شهادة جامعية فالكل ينتظر منه العمل والإنفاق على نفسه ومساعدة باقي أفراد الأسرة، لكن وفي ظل غياب فرص العمل يتحتم على العديد من الشباب تدبير مصروفهم الخاص من خلال نشاطات غير رسمية، مقارنة بنسبة البطالين العزاب المتمثلة في 41 % والذين يرفضون العمل بأقل من مستواهم الجامعي، في حين صرح 17 % من البطالين المتزوجين بأنهم لا يقبلون في عمل أقل مستوى من المؤهل العلمي، وهذا راجع لتصورهم السلبي نحو العمل اليدوي خاصة بغض النظر إلى حالتهم الاجتماعية التي قد تتطلب العمل في أي مجال لتلبية حاجيات أسرهم.
نتيجة هذا الطرح السوسيولوجي نستخلص أن العوامل والخصائص الاجتماعية باعتبارها مكون من مكونات الهوية الاجتماعية للفرد فهي تؤثر في بناء تصور البطالين لمكانتهم الاجتماعية بالرغم من اختلاف العوامل الاجتماعية (سن، مؤهلات وضعية اجتماعية…)، إلا أن أغلبهم لديهم نفس التصورات والاتجاهات حول المكانة الاجتماعية المستقبلية، وهذا عكس ما توصلت إليه دراسة ايزابيل رينو حول إشكالية البطالة المطبقة على فئة البطالين، “حيث أثبتت هذه الأخيرة أن جماعة البطالين الاجتماعية الغير متجانسة (السن، الجنس، التأهيل ومدة البطالة…) لا تقود الجماعة إلى نفس الأفكار ونفس المكانة”[19]
من خلال التحليل الإحصائي نلاحظ أن معامل الارتباط Spearman والذي تساوي قيمته 0.52 والذي يدل على وجود علاقة ارتباطيه طردية متوسطة بين الحالة الاجتماعية للبطالين وتصورهم للعمل في مهن أقل مستوى من مؤهلهم الجامعي، وعليه يمكننا القول بأن الفرضية الأولى تحققت.
نتائج الفرضية الثانية:
يتضح لنا من خلال الرسم البياني أعلاه أن الاتجاه العام والمتمثل في نسبة 43 % من المبحوثين الذين صرحوا بأن مكانة الوالدين الاجتماعية تساعد في الحصول على منصب عمل يرون بأن المهنة هي المحدد الأساسي لمكانة الفرد في المجتمع وهذا يدل على أن المهنة ليست مجرد مورد رزق و انما الفرد يحتاجها كذلك كتقدير اجتماعي وهذا ما أكده ماسلو في هرم الحاجات[20]،كما اعتبر هوغز“المهنة كأشكال مكملة للذات’[21]، فصورة البطال تختلف عن صورة الموظف في نظر الأخرين، مقارنة ب 17% من المبحوثين ممن يرون بأن مكانة الوالدين لا توصل إلى المهنة، في حين صرح 29 %من المبحوثين بأن الراتب المرتفع هو الذي يرفع من مكانتهم، في حين يرى 33 % الذين لا يعتبرون مكانة الوالدين توصل للمهنة أن الراتب المرتفع هو المحدد للمكانة الاجتماعية، فتصور هؤلاء المبحوثين عن المكانة الاجتماعية لا يتوقف عند وصول الفرد فقط إلى المهنة بل كان الراتب هو المعيار في ذلك حيث أن المهنة لوحدها والراتب الضعيف لا يعطي لصاحبه مكانة اجتماعية فهي مسألة تصنيف للمهن كما جاء في تصنيف المهن عند اخوان الصفاء حيث قسموا ‘المهن إلى شريفة ودنيئة فمنها ما تضع صاحبها في أعلى المراتب وأخرى يتصنف من خلالها في أدنى المراتب’[22]، مقابل 25% من المبحوثين صرحوا بأن اسم العائلة هو الذي يرفع من مكانة الفرد، فالهيبة أو الشرف الاجتماعي الذي تحمله عائلة ما قد يعطي لأصحابها مكانة مميزة ضمن البناء الاجتماعي، في حين كان تصور المبحوثين للمستوى التعليمي كأدنى نسبة والمتمثلة في 03%، وهذا التصريح ما هو إلا نتيجة للوضعية التي يعيشها البطال حيث أنهم وصلوا إلى مستويات عليا من التعليم لكن لا يتمتعون بتقدير اجتماعي كاف من طرف الآخرين بسبب بطالتهم.
من خلال التحليل الإحصائي كانت نسبة معامل الارتباطSpearman مساوية للقيمة 0.20 والتي تعبر عن وجود علاقة ارتباطيه طردية ضعيفة بين متغير مكانة الوالدين وتصور المبحوثين إلى محددات المكانة الاجتماعية.
يشير الاتجاه العام الرسم البياني الموضح أمامنا إلى أن المبحوثين الذين صرحوا بأن الجهوية هي السبب الذي كان حائلا بينهم وبين العمل وفي نفس الوقت يتمنون العمل في مجال المحروقات كانت نسبتهم 63 %، حيث لاحظت الباحثة من خلالها زيارتها اليومية لوكالة التشغيل المحلية بعض الممارسات والمعاملات الخاصة لبعض البطالين الذين رفضوا بعض عروض العمل وتم إعطاؤهم مناصب أخرى وفي شركات من اختيارهم، حيث أنه عندما تمنح فرصة عمل لبطال معين ويرفضها، لا يعاد سحب اسمه مرة اخرى حسب نظام الوكالة، حيث أن شدة الصراع على المناصب قائم حول الشركات البترولية، يقابلهم 43% من المبحوثين الذين لا يعتبرون الجهوية السبب في عدم وصولهم للعمل والذين يتمنون العمل مستقبلا في مجال المحروقات، مقارنة ب 29 % من المبحوثين الذين لا يعتقدون أن الجهوية سببا في عدم وصوله للمهنة ويتمنون العمل في مجال التعليم، في حين صرح 23 % من البطالين الذين يتمنون العمل بقطاع التعليم أن الجهوية كانت السبب الحائل بينهم و بين وصولهم للعمل، مقارنة ب 29 % من المبحوثين الذين يريدون العمل في مجال المقاولاتية بينما صرحت النسبة المتبقية والمتمثلة في 14 % من البطالين الذين يريدون العمل في المقاولاتية أن الجهوية هي العائق، وهذا دليل على وجود ارتباط طردي متوسط بين متغير الجهوية ومتغير تصور البطالين لمهنة المستقبل، وهذا راجع للتوزيع الغير عادل لمناصب العمل أحيانا، أيضا عدد البطالين كما رأينا في دراستنا هذه من ذوي التخصصات التقنية قدرت نسبتهم ب 63 % من مجمل العينة حيث أنها تمثل شباب بطال في مدينة تقرت فقط وفي فترة زمنية معينة، فإذا ما تم تعداد مؤسسات الدولة البترولية مقارنة بحاملي الشهادات وخاصة التقنية فمؤسسات الدولة لا تستطيع استيعاب كل الطاقات المتخرجة وتوفير مناصب عمل.
من خلال التحليل الإحصائي تبين لنا أن معامل الارتباط Spearman 0.40 و هذا دليل على وجود ارتباط طردي متوسط بين متغير الجهوية و متغير تصور البطالين لمهنة المستقبل، وهذا راجع للتوزيع الغير عادل لمناصب العمل أحيانا، أيضا عدد البطالين كما رأينا في دراستنا هذه من ذوي التخصصات التقنية قدرت نسبتهم ب 63 % من مجمل العينة حيث أنها تمثل شباب بطال في مدينة تقرت فقط وفي فترة زمنية معينة، فإذا ما تم تعداد مؤسسات الدولة البترولية مقارنة بحاملي الشهادات وخاصة التقنية فمؤسسات الدولة لا تستطيع استيعاب كل الطاقات المتخرجة وتوفير مناصب عمل.
من خلال ما تقدمنا به في هذه الفرضية التي تحققت نسبيا نستخلص أن العلاقات الاجتماعية للبطالين تؤثر على تصورهم لمستقبلهم المهني، كما جاء في تحليل البناء الهوياتي عند كلود ديبار والتي تمثل ” العملية العلائقية في البناء الهوياتي والتي تتعلق بالاعتراف في وقت معين، وضمن فضاء محدد من الشرعية، هويات متعلقة بالمعرفة، مهارات وصور للذات مقترحة ومعبر عنها من طرف الأفراد في نظام الفعل”[23].
نتائج الفرضية الثالثة:
يتبين لنا من خلال الأعمدة البيانية الموضحة أعلاه أن الاتجاه العام للمبحوثين كان في نسبة 81 % من المبحوثين الذين لم يمارسوا أي نشاط خلال فترة البطالة بأن التخصص هو السبب في عدم تحصلهم على فرصة عمل، مقابل ب35% من المبحوثين الذين يمارسون نشاطات ويعتقدون بأن تخصص دراستهم هو المشكل والعائق في عدم تحصلهم على فرصة عمل، مقارنة ب 65 % من المبحوثين الذين يقومون بنشاطات ولا يعتبرون التخصص سببا في بطالتهم، مقارنة ب19 % من المبحوثين الذين لم يمارسوا أي نشاط في فترة بطالتهم ويعتبرون أن التخصص ليس سببا في عدم وصولهم للعمل بحيث تقف أسباب أخرى وراء بطالتهم مثل قلة الخبرة، المحسوبية، افتقارهم لمهارات أخرى عدا المؤهل.
يتضح لنا من خلال التحليل الإحصائي بأن معامل الارتباط Spearman كانت قيمته مساوية ل 0.40 وهذا يدل على وجود علاقة ارتباطيه طردية متوسطة بين متغير النشاطات ومتغير العائق في الحصول على وظيفة، حيث أن أغلب البطالين يمارسون نشاطات من بينهم 46 % نشاطاتهم تتعلق بمجال الرياضة، في حين كان 32 % يمارسون نشاطات ثقافية (المسرح، بيع الكتب)، مقابل 22 % من هؤلاء المبحوثين الذين يمارسون نشاطات جمعوية تتعلق الجمعيات وفعل الخير، في هذا الصدد يتأكد ما ذكره ديدييدو مازيار حول مسألة وقت البطالين توصل بأن “وقت البطالين ليس وقت فراغ بل مفعم وهو متعلق بالوقت الاجتماعي والمتمثل في نشاطات غير متلائمة و البحث عن عمل”[24]، و بالتالي يعتبر عامل الوقت مهم جدا في حياة البطال إذا ما تم استغلاله في نشاطات أخرى من شأنها تفيده في مسار البحث عن عمل وقد تكون هي السبب في التوظيف عدا الشهادة الجامعية.
يتضح لنا من خلال الأعمدة البيانية الموضحة أعلاه بأن الاتجاه العام للمبحوثين يتمحور حول نسبة حسب 67% من البطالين ممن يتقنون اللغات الأجنبية و يتمنون الهجرة من بحثا عن العمل و من أجل تغيير أوضاعهم، يقابلهم 47% من المبحوثين الذين لا يتقنون اللغات الأجنبية و يريدون الهجرة مقارنة ب53 % من المبحوثين الذين لا يتقنون اللغات الأجنبية ويفكرون في الهجرة، في حين صرح 33 % من المبحوثين الذين يتقنون اللغات ويريدون البقاء في أوطانهم وعلى حد تعبير أحد المبحوثين( نرجع خيري لبلدي)، فهم يتمنون التوظيف في بلدهم الأصلي، والتي تدل على وجود علاقة ارتباطيه ضعيفة بين متغير إتقان المبحوثين للغات الأجنبية والهجرة حيث أن متغير اللغة كان محفزا للهجرة، فحسب تصور البطالين اللغة مهمة في التفاعل و الحوار مع الطرف الأخر.
من خلال التحليل الإحصائي قيمة معامل الارتباط Spearmanوالمساوية قيمته ل 0.19 والتي تدل على وجود علاقة ارتباطيه ضعيفة بين متغير إتقان المبحوثين للغات الأجنبية والهجرة حيث أن متغير اللغة كان محفزا للهجرة، فحسب تصور البطالين اللغة مهمة في التفاعل والحوار مع الطرف الأخر، لكن في نفس الوقت كل تفكيرهم منصب على إيجاد منصب عمل يتلاءم مع المؤهل العلمي دون التفكير في تحسين مستوى اللغات وحتى اكتساب لغات جديدة من شأنها تفتح أمامهم أفاقا للعمل.
يتضح لنا من خلال التحليل السوسيولوجي لهذه الفرضية والتي تحققت نسبيا، أن المستوى الثقافي للبطالين يتسم بالهشاشة، وهذا راجع للموارد الثقافية التي يكتسبها البطالين من ضعف في اللغة وحتى استغلالهم لمواقع التواصل الاجتماعي هي مجرد للتسلية والصداقة وابتعادهم عن الاشتراك في مواقع الكترونية تجارية أو نوادي والتي تعتبر من مقومات الهوية الاجتماعية إلا أن أغلب المبحوثين منخرطين في نشاطات جمعوية ثقافية ورياضية ما يساهم في تشكيل تصورات ايجابية نحو مستقبلهم.
- النتائج العامة للدراسة
إن البطالة طويلة المدى هي بناء اجتماعي ناتج من الثقافة المجتمعية التي تلعب دورا محوريا في تصنيف المهن، حيث توصلنا في دراستنا هذه إلى أن البناء الهوياتي للبطالين ساهم كثيرا في تشكيل وبناء تصوراتهم نحومكانتهم الاجتماعية المتوقعة والتيتمتاز باستخدام معرفة خاصة ومهارة وذلك من خلال تصورهم لمستقبلهم المهني، عبر مسارات اجتماعية، علائقية وثقافية ساهمت بطريقة أو بأخري في حصر طموحهم في منظار معين، وهذا ما أكده كلود ديبار بأن الهوية الاجتماعية هي عبارة عن مسارات متعاقبة في حياة الأفراد، التي تبدأ مع التنشئة الاجتماعية الأولى للفرد لتستمر إلى التنشئة الاجتماعية الثانوية التي تتعلق باكتساب المعارف المختصة والأدوار المباشرة أو الغير مباشرة المتجذرة في تقسيم العمل “[25] من خلال المؤسسات، المهنة و الثقافة، لتتقاطع مع حياته الذاتية الخاصة بشخصيته، حيث هي غير ثابتة وتتأثر بالمسارات السالفة الذكر، كما أن التنشئة الاجتماعية لا تحقق أبدا من خلال إعادة إنتاج الأدوار الجماعاتية الموروثة، ولكن تتم بواسطة التدرب على الأدوار المجتمعية الجديدة من خلال الاستحواذ على مكانة تسمح بالاعتراف الاجتماعي وذلك لن يتحقق إلا من خلال وصول البطالين إلى المهنة”،[26]ما أعطاهم تصور ايجابي نحو المهنة المستقبلية، حيث تمحورت اتجاهات البطالين حول العمل في مجال المحروقات والذي يرفع من مكانة العامل به، بالتالي البطالين يبحثون عن شرف ورفعة المهنة أولا والتي من خلالها يحتل الفرد موقع في النظام الاجتماعي، وهذا ما أكده انتوني غيدنز” الأفراد يتعلمون التوقعات التي تكتنف المواقع الاجتماعية في ثقافته”[27]، حيث ينبع التصور من الرصيد المعرفي الفردي، الثقافي والاجتماعي.
وفي المقابل نستطيع أن نقول بأن البناء الهوياتي للبطالين أكسبهم تصور سلبي في نفس الوقت، حيث أنه لا يزال ينقص شبابنا الوعي بمفهوم العمل، فغالبية الشباب يريدون العمل فقط بقطاعات الدولة وعلى وجه الخصوص الشركات البترولية والتي هي بمثابة ورقة رابحة لهم وضمانا لحقوق أكثر وهذا حق مشروع، وهو نتيجة الخلفية الذهنية المجتمعية للمبحوثين والهوية الاجتماعية الموروثة والمكتسبة، بحيث أصبح العامل بإحدى الشركات البترولية شأنه شأن الطبيب لما توفره هذه المهنة لصاحبها من مكانة رفيعة وراتب جيد يمكن صاحبه من العيش الكريم، لكن في حقيقة الأمر هم مغيبون كثيرا عن ثقافة التكوين الذاتي والذي يعتبر مرحلة مهمة في حياة الفرد، الذي يعتبر سند يمنعهم من الوقوع في شباك البطالة والتقيد فقط بالمؤهل المتحصل عليه، فمؤسسات الدولة غير قادرة على استيعاب كل الطاقات الهائلة المتخرجة من الجامعة، كما يجب التفريق بين التأهيل والكفاءة، فالتأهيل مرتبط بشرط الحصول على التكوين المرتبط بالشهادة، في حين أن الكفاءة ليست بالضرورة كذلك، وعليه فإن ليس كل مؤهل كفء ولا كل كفء ذو مؤهل، و هذا ما التمسناه في عينة الدراسة المتمثلة غالبيتهم في نسبة 80% وبالرغم من طول مدة البطالة إلا أنهم لم يفكروا في تجديد ومعارفهم والبحث عن فرصة أخرى من خلال تكوين ثانوي في مجال مختلف والذي قد يفتح الأفق أمام العديد منهم لدخول عالم الشغل ومن ثم الاندماج المهني والحصول على مكانة اجتماعية وبالتالي الاعتراف الاجتماعي.
خاتمة :
بحكم الأهمية العلمية والعملية لموضوع الدراسة، وانطلاقا من طبيعة وخصوصية النتائج المتوصل إليها والتي قادتنا لمعرفة العلاقة الجدلية بين الهوية الاجتماعية للبطالين والتي تلعب دورا حاسما في تشكيل تصورهم لمكانتهم الاجتماعية، فإن البحث عن وظيفة عملية طبيعية يباشرها كل فرد يبحث عن تحقيق مكانة اجتماعية واندماج سوسيو مهني، بحيث وضعت الدولة سياسة وبرامج لدعم تشغيل الشباب مثل جهاز الإدماج المهني وغيرها من الأجهزة لامتصاص البطالة، لكنها أصبحت بذلك تورث البطالة حيث لا يوجد توافق بين مخرجات الجامعة وسوق العمل، وبالتالي إنتاج البطالة من جديد بصورة جديدة في أوساط المتعلمين.
قائمة المراجع:
- أحمد، بن عبد الله. إخوان الصفا وخلان الوفا. ج1. هنيدي بازار: مطبعة نخبة الاخبار، 1305ه.
- أنتوني غدنز، كارين بيرد سال، “علم الاجتماع”، ترجمة: فايز الصباغ. ط4، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2005.
- أنتوني غدنز، كارين بيرد سال، “علم الاجتماع”، ترجمة: فايز الصباغ. ط4، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2005.
- ريمون بودون،” مناهج علم الاجتماع”، ترجمة: هالة شئبون الحاج، ط 4، منشوراتعويدات، بيروت، 1988.
- ناصر قاسيمي،” دليل مصطلحات علم اجتماع العمل والتنظيم”، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2011.
- Ons, Données Statistiques, Activité Emploi et Chômageen Avril 2014, N° 671.
- ClaudeDubar,”Formes identitaires et socialisation Professionnelle “In : Revue française de sociologie v33 : 33-34. 1992.
- ClaudeDubar, “Trajectoire sociales et formes identitaires : clarifications conceptuelles et méthodologiques revue : Sociétés Contemporaines, v29. (1998).
- ClaudeDubar, La Socialisation: Construction des Identités Sociales et Professionnelle, 3ème éd, Armand Colin, Paris, 2000.
- ClaudeDubar,”Formes identitaires et socialisation Professionnelle “In : Revue française de sociologie v33 : 33-34. 1992.
- ClaudeDubar, La SocialisationConstruction des Identités Sociales et Professionnelle, 3ème éd, Armand Colin, Paris, 2000.
- Monique Lebrun, “Les Représentations Socialesdes Méthodes de Recherches aux Problèmes de Société“, Les éditions logiques, Québec, 2001.
- Jean Claude Abric, “Pratiques Sociales et Représentations“, 4èmeéd, PUF, Paris, 2003.
- Raymond Boudon, et autres, 2005, “ Dictionnaire de Sociologie“. V 01, Boussière, Paris.
- Ralph Linton, “Le Fondement Culturel de la Personnalité“, Bordas, Paris, 1977.
- JeanClaude Combessie, “La Méthode En Sociologie“, 1ère éd, Casbah éditions, Alger, 1998.
- Gauthier Benoît, “RechercheSociale de la Problématique à la Collecte des Données“, 05ème éd, Presses de l’Université du Québec, Canada, 2009.
- Ons, Répartition de la Population Résidente par Sexe, tom 01, Ouargla : annuaire statistique, 2013.
- Demazière, Dédier. La Sociologie des chômeurs. Paris : Ed la découverte (collection repères), 2006.
- http://www.psychologuedutravail.com/tag/pyramide-des-besoins-de-maslow/, le 13-08-2014 à 14h03.
- Dubar, Claude et Tripier Pierre. Sociologie des professions. Paris : Armand Colin, 1998.
- ClaudeDubar, La SocialisationConstruction des Identités Sociales et Professionnelles, 3ème éd, Armand Colin, Paris, 2000.
- http://isociologia.pt/App_Files/Documents/working9_101019094201.pdf.13/06/2013 à 14h09.
- ClaudeDubar, La SocialisationConstruction des Identités Sociales et Professionnelles, 3ème éd, Armand Colin, Paris, 2000.
- Samir, El-Hoyek. “Représentations Identitaire et Rapport à la Formation Continue ; Cas des Enseignants Français du Liban “, Thèse de Doctorat en Science de l’Education, Université de Charles de Gaule, Lille 3, 2004.
(2) http://www.insee.fr/fr/methodes/default.asp?page=definitions/chomeur-de-longue-duree.htm. le20/07/2013 à 23h02.
(1)Ons, Données Statistiques, Activité Emploi et Chômageen Avril 2014, N° 671.
(2) Claude Dubar,” Formes identitaires et socialisation Professionnelle “In : Revue française de sociologie v33 : 33-34. 1992, pp. 505-529, p520.
(3) Claude Dubar, « Trajectoires sociales et formes identitaires : clarifications conceptuelles et méthodologiques “, Op.cit. pp81-82.
(4) Claude Dubar, La Socialisation Construction des Identités Sociales et Professionnelle, 3ème éd, Armand Colin, Paris, 2000, p118.
(5) Claude Dubar,” Formes identitaires et socialisation Professionnelle “, Op.cit. p, 505.
(6) Claude Dubar, La SocialisationConstruction des Identités Sociales et Professionnelles.Op.cit., p15.
(2) Pierre Tap, Identité ; Nature et Dimension de l’Identité Personnelle, v09. France : In, Encyclopediauniversalis, 2003, p76.
(7) ناصر قاسيمي،” دليل مصطلحات علم اجتماع العمل والتنظيم”، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2011، ص25.
(8) Monique Lebrun, “Les Représentations Sociales des Méthodes de Recherches aux Problèmes de Société“, Les éditions logiques, Québec, 2001, p96.
(09) Jean Claude Abric, “Pratiques Sociales et Représentations“, 4ème éd, PUF, Paris, 2003, p53.
(10)أنتوني غدنز، كارين بيردسال، “علم الاجتماع”، ترجمة: فايز الصباغ. ط4، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2005، ص 763.
(11) Raymond Boudon, et autres, 2005, “Dictionnaire de Sociologie“. V 01, Boussière,Paris , p226.
(12) Ralph Linton, “Le Fondement Culturel de la Personnalité“, Bordas, Paris, 1977, p 87.
(13) ريمون بودون،” مناهج علم الاجتماع”، ترجمة: هالة شئبون الحاج، ط 4، منشوراتعويدات، بيروت، 1988، ص37.
([16]) JeanClaude Combessie, “La Méthode En Sociologie“, 1ère éd, Casbah éditions, Alger, 1998. P33, 41.
(15) Gauthier Benoît, “RechercheSociale de la Problématique à la Collecte des Données“, 05ème éd, Presses de l’Université du Québec, Canada , 2009, p.262.
(16)Ons, Répartition de la Population Résidente par Sexe, tom 01,Ouargla : annuaire statistique, 2013.
(17)-Demazière, Didier. La Sociologie des Chômeurs, Paris : Ed la découverte (collection repères), 2006, Op.cit.95.
([20])-http://www.psychologuedutravail.com/tag/pyramide-des-besoins-de-maslow/, le 13-08-2014 à 14h03.
([21]) -Claude, Dubaret Pierre Tripier. Sociologie des Professions. Op.cit. p96.
(20) -أحمد، بن عبد الله. إخوان الصفا وخلان الوفا،ج1. هنيدي بازار: مطبعة نخبة الاخبار، 1305ه.، ص ص25-37.
([23]) -Claude,Dubar. La Socialisation : Construction des Identités Sociales et Professionnelles. Op.cit.p122.
([24])-http://isociologia.pt/App_Files/Documents/working9_101019094201.pdf.13/06/2013 à 14h09.
(23) Claude Dubar,“ La SocialisationConstruction des Identités Sociales et Professionnelles“,Op.cit. p98.
(24) Samir, El-Hoyek.” Représentations Identitaires et Rapport à la Formation Continue ; Cas des Enseignants Français du Liban “, Thèse de Doctorat en Science de l’Education, Université de Charles de Gaule, Lille 3, 2004, p103.