
ملامح التوجيه والإرشاد عند الإمام الشافعي دراسة تحليلية لسيرته الذاتية
مقال نشر بالعدد الأول من مجلة جيل العلوم الإنسانية والإجتماعية ص 117،للدكتور عبد الفتاح عبد الغني مصطفى الهمص/ أستاذ مشارك – صحة نفسية الجامعة الإسلامية، غزة، فلسطين
للاطلاع على العدد الكامل اضغط على غلاف المجلة:
ملخص:
هدفت الدراسة إلى التعرف على ملامح التوجيه والإرشاد عند الإمام الشافعي من خلال كتبه، وما كتبه الآخرون، ومن أجل ذلك استخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي والمنهج الاستنباطي، وذلك لاستنباط الأدلة التي وردت على لسان الإمام الشافعي في مجال الإرشاد النفسي لتوائم تخصص الصحة النفسية والإرشاد النفسي واستخدامهما كلما لزم الأمر لمعالجة المشكلات النفسية والاجتماعية لدى الفرد والأسرة في مجتمعنا المسلم الذي يحتاج منّا الكثير، وأوصت الدراسة بضرورة الاطلاع على التراث الفكري لدى علماء سلفنا الصالح من أجل استنباط القوانين والمفاهيم التي تخص التوجيه والإرشاد والتراث التربوي بشكل عام، إذ أن ما قدّمه الإمام الشافعي يفيد في صياغة المناهج صياغة تعتمد على الأصول الإسلامية في التربية وعلم النفس، وضرورة نشر فكر الشافعي بشكل خاص وفكر علماء المسلمين بشكل عام على شبكات التواصل المعرفي والاجتماعي للاستفادة منها كلما دعت الحاجة، وتفعيلها في حياتنا لتكون منهج حياة، وعمل كتيّبات تحمل الفكر النفسي والتربوي للإمام الشافعي وتوزيعها ليستفيد منها الصغار والكبار من طلبة العلم، وكذلك التأسي بأخلاقيات العلم التي قدّمها لنا الإمام الشافعي وخاصةً في هذا العصر الذي كثر فيه الخبث واللغط وضاعت فيه القيم والأخلاق.
المقدمة:
يعد الفكر التربوي والنفسي للإمام الشافعي (1)منهلاً يرتشف من حوض العلماء ومستودعاً يأخذ من بضاعته الحكماء وشمس تضيء بشعاعها علماً على الجهلاء، برع في علوم شتّى ونبغ في فلسفات متعددة وأمور توجيهية من أقواله الحكم السديد والقول الرشيد حتى أصبح منارة علمية يستهدى بها، فسبق المتقدّمين والمتأخّرين من العلماء الموجّهين المرشدين.
لقد منحه الله من الملكات والاستعدادات ما جعله يبرز في كل ميدان حتى كان رحمه الله موسوعة علمية تمشي على الأرض، كان عالماً في الفقه وعلومه والشعر وعروضه وفي علوم اللغة والتفسير والحديث والطب والتربية وعلم النفس (ملك، وأبو طالب، 1989: 10).
إن القيام بالدراسات والبحوث الثقافية حول هذا الموضوع وكشف تأثيراته الثقافية والاجتماعية والفكرية وتحليل أبعاده؛ بات عملاً ضرورياً؛ لأنه عمل ذو أهمية بالغة في تثقيف شعوبنا وإنهاضها بالروح الإسلامية الواعية (التميمي، 2001: 504).
ولمّا كان الإمام الشافعي عالماً، جمع في نفسه الزهد والتقوى والتعبد والصلاح والاستقامة والتنزه عن الدنايا، والعمل للآخرة، فلم يصدر عنه غير شعر مفعم بالحكمة والنصح والإرشاد، والدعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن السلوك، رأى الباحث أن يسبر غور علومه، فأراد أن يكون هذا البحث موجّهاً نحو الملامح الخاصة بالتوجيه والإرشاد حيث يستنبط التراث التربوي ويستسقي آراءه التربوية من خلال الدرر المنفردة والمبثوثة من خلال ما توفر له من مراجع وكتب سواء كانت له أم لمن كتبوا عنه مؤصلين له في التوجيه والإرشاد بربطها بما كتبه علماء النفس المعاصرين، ” ولا زالت مؤسسات التعليم مقصرة في التعريف بأعلام الفكر الإسلامي من أمثال الإمام الشافعي” ( رضا، 2009: 31)، وإن كانت هذه الدراسة لا تركز على الجانب الشرعي أو التاريخي؛ وإنما تركز على الجوانب النفسية التي تخص عملية التوجيه والإرشاد بشكل خاص.
مشكلة الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلى الكشف عن مهارات وكفايات المرشدين النفسيين عند الإمام محمد بن إدريس الشافعي متلمّسين ما كتبه الباحثون ومن خلال ما ورد في كتبه مثل: ( الأم، والرسالة، والديوان…الخ)، وما تناقلته الكتب والمصادر في بطونها، ولمّا كان الإمام الشافعي أحد الأئمة الأربعة المجتهدين في ديننا والذي تقلده أمم غفيرة في المشرق والمغرب،لما خلفّه من تراث علمي كبير، فقد كان رحمه الله فقيه النفس ، موفور العقل ، صحيح النظر والتفكّر ، عابداً ذاكراً، عالماً في السلوك ومرشداً نفسياً. ” وقد أفاد الإمام الشافعي من خلال تنقّله ما بين مكة المكرّمة واليمن ومصر، حيث كان لفلسفته الدور الكبير في إرساء قواعد التوجيه والإرشاد، وذلك من خلال تبنيه منهجاً وسطياً بين أهل الحديث وأهل الرأي” (الجرجاوي، 2008: 178).
فلقد لقي الشافعي تقديراً كبيراً من فقهاء عصره ومن بعدهم فقال أحمد بن حنبل ([1]) لولده عن الشافعي: ” يا بني كان الشافعي كالشمس للدنيا والعافية للبدن” ( الشافعي، ب.ت: 121).
وحيث إن الكثير من الباحثين لم يهتموا بجمع التراث الإسلامي وخاصةً ما يخص الجوانب النفسية عند علمائنا المسلمين، فقد وجد الباحث في نفسه الرغبة لبيان الدُرَر الكافية في مكامن العلم والتي تحتاج إلى إبراز ما لدى سلفنا الصالح من إسهامات نفسية تفوق كثيرا ما كتبه علماء النفس الغرب أمثال: فرويد([2])، ويونج([3])، وآدلر([4])، ودولارد([5])، وروجرز([6])، وغيرهم ، وعليه فإن مشكلة الدراسة تتحدّد في السؤال الرئيس الآتي: ما ملامح التوجيه والإرشاد عند الإمام الشافعي من خلال كتبه؟
ويتفرع عن السؤال الرئيس الأسئلة الفرعية الآتية:
س1: ما ملامح التوجيه والإرشاد الأسري عند الإمام الشافعي؟
س2: ما ملامح التوجيه والإرشاد الترويحي عند الإمام الشافعي؟
س3: ما ملامح التوجيه والإرشاد النفسي عند الإمام الشافعي؟
س4: ما ملامح التوجيه والإرشاد التربوي عند الإمام الشافعي؟
س5: ما مدى الاستفادة من الفكر النفسي والتربوي عند الإمام الشافعي في مدارسنا الحديثة؟
أهداف الدراسة:
سعت الدراسة إلى تحقيق الأهداف الآتية:
1- الكشف عن ملامح التوجيه والإرشاد الأسري عند الإمام الشافعي.
2- التعرف على ملامح التوجيه والإرشاد الترويحي عند الإمام الشافعي.
3- الكشف عن ملامح التوجيه والإرشاد النفسي عند الإمام الشافعي.
4- التعرف على ملامح التوجيه والإرشاد التربوي عند الإمام الشافعي.
5- الاستفادة من الفكر النفسي والتربوي عند الإمام الشافعي في مدارسنا الحديثة.
أهمية الدراسة:
تعد هذه الدراسة مهمة لكونها:
1- تتناول موضوعاً جديداً – حسب علم الباحث ـ إذ حسب اطلاعه تعد الأولى من نوعها حيث تناولت موضوع ملامح التوجيه والإرشاد عند الإمام الشافعي.
2- تتناول هذه الدراسة موضوعاً تأصيلياً مهماً يتناول فكر ثالث أئمة الفقه الإسلامي الذي أثرى بعلمه كثيرا من العلوم.
3- قد يستفيد من هذه الدراسة العاملون في مجال التوجيه والإرشاد.
4- تقدّم هذه الدراسة مجموعة من التوصيات والمقترحات المهمة في مجال التوجيه والإرشاد وتأصيل هذا العلم الذي ترك كثيراً للعلماء الغرب ليقدموا نظريات ومبادئ قد تكون غير مفيدة للمجتمع الإسلامي.
حدود الدراسة:
تتحدّد هذه الدراسة لكونها تناولت موضوع الإمام الشافعي من خلال كتبه ومن خلال ما كتب عنه فقط في مجال التوجيه والإرشاد تأصيلياً مع الاستئناس بما كتب في هذا المجال في كتب التوجيه والإرشاد النفسي، مثل: كتاب الدراسات النفسية عند العلماء المسلمين، وكتاب القرآن وعلم النفس، وكتاب مدخل إلى علم النفس الإسلامي، وكتاب رسالة في المواعظ…
مصطلحات الدراسة:
السيرة الذاتية: ويعرفها الباحث بأنها بيان أو تقرير شخصي موجز يستعرض بعض المعلومات الشخصية عن شخص ما ومؤهلاته، وتعرض مهارات وإنجازات وخبرات هذا الشخص بصورة واقعية مشوقة وبشكل علمي منظم وجذاب.
ملامح: مفرد مَلْمَح ولَمْحَة (على غير قياس):
1 – ما يظهر من أوصاف الوجه ومن مظهر الإنسان “ذكر للمحقِّق ملامحَ اللِّصِّ”
• حسَنُ الملامح: جميل.
2 – مَشَابِه “في فلان ملامحُ أبيه”.
• المَلامحُ والظِّلالُ: (الثقافة والفنون) أماكن مُضَاءة وأخرى مُظْلمة “رسَّام بارع في الملامح والظِّلال” ( مجمع اللغة العربية، 2004: 523).
التوجيه لغة : وَجُهَ بالضم،وجاهة،يقال وَجُهَ فلان- يَوْجَهُ،وَجَاهَةً:صار ذا قدْر ورتبة.فهو وجيه. وهذا وجه الرأي:أي هو الرأي نفسه،والاسم الوجهة – بكسر الواو وضمها-والمواجهة المقابلة.واتجه له أي:سَنَحَ.وقَعَدَ تُجاهه –بضم التاء وكسرها- أي تلقاءه، وشيء موجه إذا جعل على جهة واحدة لا تختلف. وتوجّه إلى مكان ما:صار صوبه.قال الله تعالى عن موسى حينما هرب بنفسه من ملاحقة أعدائه ﴿ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيل﴾. (مختار الصحاح، 1995: 298).
التوجيه اصطلاحاً : هومجموعة خدمات تهدف إلى مساعدة الفرد على أن يفهم نفسه، ومشكلاته، ويستغل طاقاته وقدراته الذاتية ومهاراته واستعداداته وميوله وإمكانياته وإحدى هذه الخدمات هي عملية الإرشاد النفسي، ومعنى هذا أن التوجيه أعم وأشمل وهو جزء من العملية التربوية، والتوجيه يسبق الإرشاد ويمهد له ، والتوجيه عملية عامة تهتم بالنواحي النظرية وهو وسيلة إعلامية في أغلب الأحيان تشترط توافر الخبرة في الموجه، وتعنى بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب (الفسفوس، 2007: 16).
الإرشاد لغةً: الرشد في اللغة : إصابة وجه الأمر والطريق ( ابن منظور،1970: 1/169) . وهو عند بعض أهل اللغة ) بخلاف الغيّ ) ، ونقيض الضلال ( الفيروز آبادي، 1916: 914) ؛ لقوله تعالى : ﴿ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ ﴾ (البقرة، الآية : 256) ، فهو ـ إذن في اللغة يعني الاهتداء إلى أصحّ الأُمور أياً كانت دينيّة أو دنيويّة.
الإرشاد اصطلاحاً :هو عملية نفسية أكثر تخصصـية ، و تـمثل الجزء العـلمي في ميدان التوجيه الرحب ، وتقوم على علاقة مهنية ( علاقة الوجه للوجه) بين المرشد والمسترشد، في مكان خاص يضمن سرية أحاديث المسترشد وفي زمن محدود أيضاً. والإرشاد عملية وقائية ونـمائية وعلاجية، تتطلب تخصّصاً وإعداداً وكفاءة ومهارة ، كون هذه العملية فرعاً من فروع علم النفس التطبيقي، إن خدمات التوجيه العامة وخدمات الإرشاد الخاصة تجمل عادة في مفهوم واحد وهو التوجيه والإرشاد (الفسفوس، 2007: 17).
منهج الدراسة:
استخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي الذي حاول من خلاله وصف الظاهرة موضوع الدراسة (ملامح التوجيه والإرشاد عند الإمام الشافعي دراسة تحليلية لسيرته الذاتية) وتحليل بياناتها وبيان العلاقة بين مكوناتها والآراء التي تطرح حولها والعمليات التي تتضمنها والآثار التي تحدثها، وهو أحد أشكال التحليل والتفسير العلمي المنظم لوصف ظاهرة أو مشكلة محددة وتصويرها كمياً عن طريق جمع بيانات ومعلومات مقننة عن الظاهرة أو المشكلة وتصنيفها وتحليلها وإخضاعها للدراسات الدقيقة. وكذلك المنهج الاستنباطي، وذلك لاستنباط الأدلة التي وردت على لسان الإمام الشافعي في مجال الإرشاد النفسي لتوائم تخصص الصحة النفسية والإرشاد النفسي واستخدامهما كلما لزم الأمر لمعالجة المشكلات النفسية والاجتماعية لدى الفرد والأسرة في مجتمعنا المسلم الذي يحتاج منّا الكثير.
الدراسات السابقة:
حاول الباحث استعراض ما كتب من دراسة عن الإمام الشافعي وهي على النحو الآتي :
دراسة أبو شوشة (2008) بعنوان: “التراث التربوي في المذهب الشافعي”.
هدفت الدراسة إلى التعرف على أهم القضايا التربوية المتضمنة على عدد من مصادر المذهب الشافعي، ومعرفة مدى إمكانية الاستفادة من الفكر التربوي لفقهاء المذهب الشافعي في مجال التربية في العصر الحالي، واستخدم الباحث في دراسته المنهج التاريخي، وأسلوب تحليل المحتوى، وتوصلت الدراسة إلى نتائج عديدة أهمها: أعلى فقهاء المذهب الشافعي من قيمة العلم والعلماء مؤكدين فضل العلم وأهمية الاشتغال به وقالوا بأن طلب العلم عبادة تفوق منزلتها النوافل من العبادات، ولم ينتقص فقهاء المذهب الشافعي قدر العلوم الطبيعية بل جعلوا دراستها من فروض الكفاية، كما لم يحقروا الحرف والصناعات وعدوا تعليمها من فروض الكفاية أيضاً، وكذلك اهتم فقهاء المذهب بقضية التأليف العلمي ووضعوا له الضوابط، كما أكدوا أهمية التقويم المستمر للطلاب حتى يقف المعلم أولاً بأول على مدى تقدمهم ومستوى تعليمهم، وأقر فقهاء المذهب بأهمية اختيار المعلم لطريقة التدريس التي تتناسب مع قدرات المتعلمين وطبيعة المادة الدراسية.
دراسة الزحيلي (2009) بعنوان:” الشافعي واضع علم أصول الفقه”.
هدفت الدراسة إلى التعريف بعلم أصول الفقه، وبيان أهدافه، وتاريخ نشأته، وظهوره، علماً قائماً على يدي الإمام الشافعي، بعد توفر المؤهلات الخاصة به، واعتمد الباحث المنهج الاستقرائي والمنهج التاريخي للسير مع خطوات التاريخ ومراحله مع بعض معطيات المنهج التحليلي للنصوص والمنقول والتعريفات والعبارات التي تلقي الضوء لتوضيح المراد والمعنى، وأوصت الدراسة: على المسلمين أن ينشروا قواعد علم أصول الفقه في العالم لتحديد المنهج السديد في التفكير والبحث، والدراسة والاجتهاد، وعلى العلماء أن يقوموا بإحياء علم أصول الفقه في المدارس والجامعات، وأن يعقدوا له الحلقات والندوات والمؤتمرات لبيانه والعمل بموجبه، والسير على خطاه، والاستفادة منه في الحياة العلمية عامة، وفي العلوم الشرعية خاصة، وفي الفقه على وجه أخص، وخلصت الدراسة بمجموعة من النتائج أهمها: ظهور براعم علم أصول الفقه في مبادئ القرآن والسنة وأقوال الصحابة والأئمة والمجتهدين، وكانت متناثرة، ولا يوجد سلك يجمعها، وكان الشافعي – رحمه الله تعالى – أول من وضع علم أصول الفقه، بعد أن حصل على المؤهلات بذلك، فطرياً بالذكاء والعقل، ودينياً بالتقوى والورع، وكسبياً بحفظ القرآن وتحصيل علومه، وحفظ السنة ومعرفة علومها، وإتقان اللغة وعلومها، والجمع بين مدرسة الرأي ومدرسة الحديث، وفقه كل منهما، ومنهجهما، ودراسة علم الجدل والمنطق والمناظرة، فنسبة علم الأصول له كنسبة المنطق إلى أرسطو، والعروض إلى الخليل، وصنّف الشافعي عدة كتب في أصول الفقه، أهمها الرسالة، وهي في القمة، ثم جماع العلم، وإبطال الاستحسان، واختلاف الحديث، وأحكام القرآن، وكتاب القياس، وكلها وصلت إلينا وطبعت، واتخذها الشافعي منهجاً لاستنباط مذهبه.
دراسة الكندري، وآخرون (2010) بعنوان: “المضامين التربوية لفكر الإمام الشافعي في ضوء المعطيات المعاصرة”.
هدفت الدراسة إلى الإسهام في تأصيل الفكر التربوي المعاصر وربطه بمصادر التربية الإسلامية وصياغة شخصية الناشئة الفكرية في ظل التوجيهات التربوية، والتعريف بأهم أفكار الشافعي في التربية والتعليم، واستخدم الباحثون أسلوب تحليل المحتوى الكيفي، لاشتقاق القيم والمضامين والمفاهيم والتصورات التربوية، وتوصلت الدراسة إلى نتائج كان أهمها: أن الشافعي– رحمه الله – استفاد من أساتذته وكان على وعي تاريخي كامل بمشروعه الفكري كناصر للسنّة النبوية رواية ودراية، كما أنه شجّع الاجتهاد ووضع قانوناً عاماً( أصول الفقه) يحد من الوقوع في الخطأ ويفيد الباحثين في طريق المعرفة القائمة على أصولها الدينية والمنطقية السليمة لضبط الاستنباط ، كما اعتنى الشافعي بالمناظرة عناية فائقة وجعل حسن الخلق أساس التباحث من أجل المنفعة المشتركة والارتقاء بالفكر من جهة، وتجنباً للتكلف من غير حاجة، والمراء والمداهنة من جهة أخرى، كما أوصت الدراسة بدراسة رواد الفكر في إطار التراث التربوي العالمي والحذر من عزل التراث وتفسيره وحصره في دائرة ضيقة وأدبيات محدودة، وكذلك تقديم دراسات تربوية موسعة باللغة الأجنبية ونشرها على شبكات الانترنت، وكذلك تعريف الناشئة بأخلاقيات طالب العلم عبر برامج إعلامية عالية التقنية.
دراسة علوان (2011) بعنوان: “قراءة بلاغية في ديوان الإمام الشافعي 150هـ -204هـ)”.
هدفت الدراسة إلى التعرف على حياة الإمام الشافعي – رحمه الله – وعلمه، ويتضمن مولده ونشأته وشيوخه وتلاميذه، وشعره وفقهه، ثم أظهرت عدداً من الإشارات البلاغية المتعلقة بعلم المعاني والبيان والبيع وذلك من خلال التحليل البلاغي لعدد من القصائد الشعرية في الديوان، فبالإضافة إلى كون الشافعي فقيهاً وشاعراً وعالماً في الحديث وعالماً في العربية كان حكيما وبليغا، واستخدم الباحث المنهج الاستنباطي، وما جاء على لسانه، أو في كتبه، أو ما قاله عنه الآخرون، وتوصلت الدراسة إلى نتائج أهمها: أن قصائد الإمام تتضمن عدداً كبيراً من المسائل البلاغية موزعة على علم المعاني والبيان والبديع، ممّا يظهر بلاغة الإمام وخبرته وحكمته التي تمتع بها وغلبت على أشعاره، فهو إمام حاضر البديهة، قوي الإدراك، عميق الفكر، واسع العقل، فصيح اللسان، موفور البيان، قوي الجنان، ولذلك ما من مقطع شعري في الديوان إلا وفيه مسألة بيانية من مسائل علم المعاني.
دراسة علوان، (2012): بعنوان: ” القيم التربوية المتضمنة في ديوان الإمام الشافعي”
هدفت الدراسة إلى التعرف على أهم القيم التربوية المتضمنة في ديوان الإمام الشافعي – رحمهُ الله تعالى، وذلك من خلال دراسة ديوانه الشعري، وتحليل مضمون الأبيات الشعرية، وبناءً على الدراسة والتحليل اتضح للباحث أن الديوان مليء بالقيم التربوية والدينية العديدة غير أن الباحث ركز على مجموعة من القيم الإيجابية المتمثلة في: العلم، حسن الخلق، أدب الكلمة، الدعاء، القناعة، الصفح الجميل، الرضا الجميل، الرضا بالقدر، النصيحة، والصبر. أما القيم السلبية فقد تم التركيز فيها على ثلاثة قيم تمثلت في: الحسد، ارتكاب المعاصي، الشّح، وقد أوصى الباحث بمجموعة من التوصيات كان أهمها: الاهتمام المتزايد بما جاء في ديوان الإمام الشافعي من حيث عرض جميع القيم وتحليلها لأهميتها الكبيرة، ورفع توصية لوزارة التربية والتعليم العالي، لجعل ديوان الإمام الشافعي مقرراً في المدارس، وكذلك الاهتمام بقضايا التأصيل الديني في المناهج، مع اعتماد هذا النهج حتى نُعيد لمناهجنا وكتبنا الأهمية والقيمة من جديد، والتركيز على القيم الدينية المتضمنة في ديوان الإمام الشافعي.
دراسة الجعب (2012): بعنوان: ” مقومات الشخصية الإسلامية في الفكر التربوي للإمام الشافعي”.
هدف هذا البحث للكشف عن مقومات الشخصية الإسلامية في الفكر التربوي للإمام الشافعي – رضي الله عنه- من خلال استخدام أسلوب تحليل المحتوى لبعض النصوص التربوية الواردة عن الإمام سواء كانت شعراً أم نثراً، وتناول الباحث هذه المقومات من خلال الحديث عن مؤهلات التجديد عند الإمام الشافعي، وخصائص تربية الشخصية الإسلامية، ثم الحديث عن مقومات الشخصية الإسلامية عند الإمام الشافعي، وتوصل الباحث إلى عدد من النتائج أهمها: امتلاك الإمام الشافعي لمؤهلات التجديد التربوي، وأن مقومات الشخصية الإسلامية هي مقومات شاملة تتمثل في: المقومات العقدية، والمقومات العبادية، والمقومات الأخلاقية، والمقومات العلمية، والمقومات الاجتماعية، والمقومات الجمالية، والمقومات الإبداعية، والمقومات الصحية.وأوصى الباحث باعتماد مقومات الشخصية الإسلامية الواردة في فكر الإمام الشافعي أساساً لمناهج التربية الإسلامية الفلسطينية، و ٕاجراء مسابقات بحثية في توظيف تراث الإمام الشافعي لمعالجة قضايانا المعاصرة في مجالاتها المختلفة.
التعقيب على الدراسات السابقة:
من خلال ما تقدّم يتبين أن ما كُتِب عن الإمام الشافعي كان في مجالات أخرى غير مجال الصحة النفسية، لذلك دعت الحاجة إلى دراسة مثل هذه الموضوعات للكشف عن أصول هذا العلم في مجال الصحة النفسية، هذا ما جعل الحاجة ماسة لمثل هذه الدراسات التي تثري الموضوع .
الإجابة عن تساؤلات الدراسة:
بعد أن استعرض الباحث الخلفية النظرية لدراسته وتناول الدراسات السابقة التي يمكن الاستفادة منها عند نتائج الدراسة، والشروع في استخلاص التوصيات اللازمة لها، وجد أنه من الضروري الإجابة عن تساؤلات الدراسة الواحدة تلو الأخرى.
التساؤل الأول: ما ملامح التوجيه والإرشاد الأسري عند الإمام الشافعي؟
اهتم الإمام الشافعي بالصحة النفسية للنشء منذ الصغر حيث ركّز على صحة الطفل منذ نعومة أظافره.
فدعا إلى الإرشاد الأسري وذلك من خلال ما كان يحكيه عن نفسه ليكون موجهاً ومرشداً لغيره، حيث قال: ” كنت يتيماً في حجر أمي ولم يكن معها ما تعطي المعلم وكان المعلم قد رضي مني أن أخلفه إذا قام” ( الجوزي، 1984: 141).
كما طالب الإمام الشافعي الأسرة بضرورة توجيه الطفل إلى التعلّم في الكتّاب حيث قال: ” كنت أنا في الكتّاب أسمع المعلم يلقن الصبي الآية فأحفظها أنا، فإلى أن يفرغ المعلم من الإملاء عليهم أكون قد حفظت جميع ما أملي، فقال لي ذات يوم لا يحل أن آخذ منك شيئاً” ( الحموي، 1993: 284).
كما ركّز الإمام الشافعي على دور المسجد في عملية التوجيه والإرشاد والصحة النفسية فكان يقول رحمه الله: ” كنت أتعبّد بالمسجد الحرام حينما خرجت من الكتّاب حيث كان بيتنا بالقرب من شعب الخيف حيث كان لنا دار في ذلك الشعب، وكانت أمي تدفع لي خرقاً وأكتافاً للجمال؛ لأكتب عليها” ( الرازي، 1993: 114).
ثم يقول الشافعي: ” إن الأسرة مسئولة في تربية أبنائها الشعر وتعلمه وحفظه، ونقله ممّا يحبّب اللغة العربية للطفل” (النووي”2″، ب.ت: 15).
ثم يقول: ” كنت امرئ أكتب الشعر وآتي البوادي فاسمع منهم وقدمت مكّة وخرجت وأنا أتمثّل بشعر للبيد، وكتبت عن ابن عيينة ثم كنت أجالس علماء الحديث كمسلم”(الأندلسي،1934: 197).
و أمه يمانية من الأزد ،كانت من أذكى الخلق فطرة وعُرفت بُسرعة البديهة والتَّمكن في الحوار والنِّقاش. ([7]) تهتم بجلوسه وتلقيه من قبيلة هذيل لكونها كانت أفصح العرب، وكانت ترشده على حفظ شعرها، ولقد لعبت والدته دوراً كبيراً في تربيته وكانت ضليعة بفطرتها في فهم القرآن الكريم وحرصت على تحفيظ ولدها اليتيم الفقير كتاب الله عزَّ وجلَّ منذ الصِّغر.
حتى أن الأصمعي ([8]) قال: ” صحّحت أشعار الهذليين على شاب من قريش بمكة يقال له محمد بن إدريس الشافعي، وصحح الأصمعي أيضاً شعر الشنفرى([9]) على الشافعي بمكة” (الحموي، 1993: 311).
ومن المواقف النَّادرة ما حكاه الشَّافِعِيّ عن أمه أنها شهدت عند قاضي مكة هي وامرأة أخرى، فأراد أن يفرق بينهما امتحاناً فقالت له أم الشَّافِعِيّ: ليس لك ذلك، قال تعالى: ﴿…أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى..﴾ (البقرة، الآية: 282).
وكان رحمه الله كثيراً ما يسأل وفود القبائل عن شعرائهم وكانوا ينشدونه أشعاراً فيستحسن بعضها، وقد كان للجانب النفسي للشعر أثر كبير في حياته حيث كان يتمتع بأبياته، وترنو نفسه لهذا الفن لكونه يمثل تجربة وخبرة حياتية، ممّا جعل صوته حسناً وعقله عظيماً وفصاحة اللسان عنده اكتسبها من القرآن الكريم وكذلك من الشعر، وقد ندب الإمام الشافعي تنشئة الأولاد في البادية لتزكوا أنفسهم ويمرحوا كنف الطبيعة ويستمتعوا بجوها الطلق وشعاعها المرسل وتنمو الأعضاء والمشاعر وإطلاق الأفكار والعواطف، فقد تربّى رحمه الله في هذيل([10]) عشر سنين وكانت أفصح العرب ( ملك وأبو طالب، 1989: 23).
وقد قال الشافعي: ” الشعر كلام حسنه كحسن اللسان وقبحه كقبح الكلام” ( الشافعي، 1990 : 207). وبذلك تميّز بكلماته القوية المعبرة عن الحكم والقيم العظيمة.
وقد اهتمت والدته بتنمية ذكائه وقدراته وملكاته المتنوعة، فأرشدته لتعلم الفقه وسماعه، حيث قال له شيخه مسلم بن خالد الزنجي([11]): ” أفتي يا أبا عبد الله فقد والله آن لك أن تفتي” (ابن خلكان، ب.ت:566).
وكان ما زال في أول شبابه، فتقلّب بين الرمي والفروسية والطب، كل ذلك بدافع من أمّه، قال الحسن البصري(13): ” سمعت طبيباً بمصر يقول: ” ورد الشافعي مصر فذاكرني بالطب حتى ظننت أنه لا يحسن غيره، فقلت: أقرأ عليك شيئاً من كتاب أبقراط؟ فأشار إلى الجامع فقال: ” إن هؤلاء لا يتركونني، )أيّ تلاميذي في مسجدي لا يتركوني أتفرغ للطب) العسقلاني،1986: 99).
ومن إرشاداته كما يقول: ” إن الأسرة عليها دور كبير في تعليم الابن وإرشاده إلى تعلم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” وقد أقر الإمام الشافعي بأنه كان يجالس الزنجي، وكان يحفظ عنه ما يكتب في صحيحه (العسقلاني ،1986: 53).
تبين من خلال ما سبق أن نصوص الإمام الشافعي أظهرت دور الأسرة في نفسه حيث تربّى يتيماً واليتم يخلق الرجال الأسوياء الذين يريدون أن يشقوا الحياة بذاتية مطلقة، ولقد كان لأمه الفضل في توجيهه وإرشاده الوجهة الصحيحة فأراد للناس أن يكونوا مثله حيث اهتمت أمّه كثيراً بتكوينه الجسماني والعقلي والنفسي فخلقت منه إنساناً مؤمناً يقوم بدوره في المجتمع في تثقيف الناس وإرشادهم بعلوم تلقّنها صغيراً بفضل أسرته ذات الجناح الواحد.
التساؤل الثاني: ما ملامح التوجيه والإرشاد الترويحي عند الإمام الشافعي؟
قضى الشافعي طفولته وشبابه فيما تعلّم وعلّم ولكنه لم ينسَ أن للترويح دوراً مهماً في حياة الإنسان لتخليصه من الضغوط النفسية والاجتماعية فترجّل الفرس وحمل الحسام والنشّاب وضرب بالسهم وكان له قوس، وكان يركب الخيل، كل ذلك حقّقه في نفسه فأراد أن يرشد به غيره.
يقول عمرو بن سواد ([12]): قال الشافعي: ” كانت همتي في سنين: العلم والرمي فنلت من الرمي حتى كنت أصيب من عشرة عشرة، وفي رواية من كل عشرة تسعة، وأما الفروسية فقد قال الربيع بن سليمان ([13]): كان الشافعي أشجع الناس وأفرسهم وكان يأخذ بأذنه وأذن الفرس يعدو” (العسقلاني،1986: 67).
ولقد كان الشافعي يحب الترحال فكان من مبادئ التوجيه والإرشاد عنده أن يرحل الإنسان من مكان إلى آخر قال في شعره :
تغرب عن الأوطان في طلب العلا وسافر ففي الأسفار خمسة فوائد تفريج هم واكتساب معيشة وعلم وآداب وصحبة ماجد فإن قيل في الأسفار ذل وغربة وقطع فيافي وارتكاب الشدائد فموت الفتى خيـر له من حياته بهوان بين واشٍ وحاسـد
ولقد أرشدته أمه إلى الترحال رغم فقرها وكانت تشجعه للخروج لتلقي العلم وتعلمه فسافر إلى اليمن مع مصعب بن الزبير فيقول الشافعي: ” فلما قدمنا إلى اليمن عملت له عمل فحمدت فيه فزادني ومازال يجتهد حتى جاوزت شهرته اليمن إلى مكة (العسقلاني،1986: 69).
ثم سافر إلى نجران ([14]) ثم رحل إلى العراق، ففي العراق أظهر اجتهاده ومغامراته العلمية، وفي كل مرّة كان يروّح الإمام الشافعي عن نفسه في كل رحلة يخطوها، ومجمل رحلاته خرج بمصنفاته الشهيرة ( كتاب الأم، وكتاب الحجة) ثمّ رحل إلى مكّة وألّف فيها كتاب الرسالة، ويقول شيخ المالكية في مصر عبد الله بن الحكم ([15]): ” ما رأيت مثل الشافعي وما رأيت أحداً أحسن استنباطاً منه” (النووي”1″،ب.ت: 61).
ولقد كان الشافعي يروّح عن نفسه كثيراً متمسكاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “روّحوا القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلب إذا أكره عمي” ( البخاري، ب.ت: 129). فالإسلام دين الفطرة، ولا يُتصور أن يتصادم مع الفطرة، أو الغرائز البشرية في حالتها السوية.
ولقد أفاد كثيراً مما حفظ من الشعر فحفظ ألوف الأبيات التي كانت شواهد لكلمات القرآن وهذا كله تبلور في الرياضة العقلية والفكرية عند الإمام الشافعي ممّا ساعده ليكوّن منهجاً إرشادياً مهماً للخليقة تمتّع به السابقون واستمسك به المتأخرون، فهدى به الله خلقاً كثيراً.
إن الترويح والترفيه فن ووسيلة لتجديد النفس وتخفيف العبء وليست غاية يوقف عندهاولا يمكن هجرها، ” إذ يعد الترويح في الإسلام أمرًا مشروعًا، بل ومطلوبًا، طالما أنه في إطاره الشرعي السليم المنضبط بحدود الشرع التي لا تخرجه -أي الترويح- عن حجمه الطبيعي في قائمة حاجات النفس البشرية.. فالإسلام دين الفطرة، ولا يُتصور أن يتصادم مع الفطرة، أو الغرائز البشرية في حالتها السوية”( القزويني، 1985: 295).
وكان الشافعي مرشدا نفسيا ذا بصر يحبّب مسترشديه الانطلاق في اللعب في الجو الطلق أثناء الرحلات ويطلب منهم أن يكون كل واحد منهم حراً مرحاً طليقاً، قال الشافعي: ” الوقار في الرحلة سخف” ( القزويني، 1985: 297- 298).
كما كان الشافعي يمازح طلابه من المصريين فيقول في رقة وانبساط: ” لولا قصب السكر ما أقمت ببلدكم” (الذهبي،1992: 56).
كان الشافعي رحمه الله يتخيّر الدعابة الحلوة والطرفة الجميلة فكان يروي الفكاهة ويحكيها لطلابه فيقول: ” كان لرجل ابن أبله فبعثه يوماً يشتري حبلاً طوله ثلاثون ذراعاً فقال الابن لأبيه: في عرض كم؟ قال الأب: في عرض مصيبتي فيك” (البيهقي، 1970: 214).
ولقد كثرت رحلات الشافعي في طلب العلم وتعددت أسفاره فلا عجب أن تقع له هذه المشاهدات وأن تكون له هذه الروايات التي يرويها من رحلاته والتي اكتسبها من أسفاره فيقول رحمه الله: ” كنا في سفر بأرض اليمن فوضعنا سفرتنا نتعشّى وحضرت صلاة المغرب فقلنا نصلي ثم نتعشّى فتركنا سفرتنا كما هي وكان في السفرة دجاجتان فجاء ثعلب فأخذ إحدى الدجاجتين فلما قضينا صلاتنا أسفنا عليها وقلنا حرمنا طعامنا، فبينما نحن كذلك إذ جاء الثعلب وفي فمه شيء كأنه الدجاجة فوضعه فبادرنا إليه لنأخذه ونحن نحسبه الدجاجة قد ردها، فلما قمنا لخلاصها فإذا هو قد جاء إلى الأخرى فأخذها من السفرة وأخذنا الذي قمنا إليه لنأخذه فوجدناه ليفة قد هيّأها مثل الدجاجة” (الحموي، 1993: 317).
لقد كان الشافعي يرى أن الترفيه لا يقتصر على الدعابة أو الفكاهة، حيث كانت نظريته في هذا المجال أوسع وأشمل فكل ما يهز الكيان ويسر الوجدان ويبعث في النفس ألواناً من الراحة والشعور بالسعادة فهو عنده من الترويح والترفيه.
ومن أقوال الشافعي في خبرته مع التعامل مع المرأة ومعرفة نفسيتها وعاطفتها عبارته “إن من المعرفة بالزمان التحامق مع النسوان” ( القزويني ، 1985: 295).
وكان رحمه الله يحوّل الموقف الذي يجيء على غير ما يطلب إلى موقف مسعد فكان يعطي تلميذه الذي يقوم على حوائجه دراهم يشتري لحماً فيشتري سمكاً فيقول رحمه الله: ” ياربيع– سبق ذكره – اليوم نأكل شهوتك وغداً تأكل شهوتنا” (الجندي، 1977: 49).
وذات مرة أراد الحائك أن يغيظ الشافعي فصنع له ثوباً، كمٌ طويل وآخر واسع وعرف الشافعي ما يريد الحائك فحوّل الموقف فقال: ” بارك الله فيك، هذا لأحمل فيه حاجاتي وهذا لأحمل فيه كتبي” (الجندي، 1977: 51).
ولا ريب في أن مزاح الشافعي رحمه الله كان هادفاً وكان يستخدمه حين الحاجة إليه ولا يسترسل فيه ، وكان مزاحه يسير إلى نمط النبوّة لا يعتريه باطل ولا يخالطه لهو ولا يشوبه كذب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ” يا رسول الله إنك تداعبنا، قال: ” إني لأمزح ولا أقول إلاّ حقاً”( الترمذي، ب.ت: 1990) ،وقال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح، ونحوه عند الطبراني في ” الأوسط ” ( 8 / 305).
ومع أنه كان مريضاً كان رحمه الله يوالي تلقين تلاميذه ويعطيهم فوائده ويتابع تهذيب وتعليم طلابه، فهذا الربيع بن سليمان- سبق ذكره – قال: دخلت على الشافعي – وهو مريض – فقلت له قوّى الله ضعفك، فقال: لو قوي ضعفي: قتلني، وقلت والله ما أردت إلا الخير، فقال: قل: قوّى الله قوتك وضعف ضعفك” ( الرازي، 1993: 274).
والباحث بعد هذا العرض الذي انتقياه من عدّة مصادر عن الإرشاد بالترويح يؤكد أن الشافعي لم يمل إلى الترويح الذي يخرم المروءة أو يوقع في الإنسان الحرام، أو المكروه؛ وإنما من أجل تجديد النشاط العقلي للإنسان المؤمن ليلقى الحياة بتفاؤل وجد، بدلاً من الكسل أو الرتابة، والروتين الممل، هكذا تكون حياة الإنسان المؤمن بين الأمل والرجاء ويقابل الدنيا بقلب منفتح ونفسية الراضي، وعقلية المقتنع بقضاء الله وقدره، فتزكو الحياة ويطيب العيش وتتحقّق السعادة الدنيوية والأخروية.
التساؤل الثالث: ما ملامح التوجيه والإرشاد النفسي عند الإمام الشافعي؟
يؤثر السلوك النفسي على الإنسان سلباً أو إيجاباً، فحالة الفرد النفسية تنعكس على حياته وتوجه كل أعماله وتصرفاته، وتظهر سعادته وطمأنينته واستقراره أو تعاسته وقلقه واضطرابه، فهي تؤثر على جهده وتحصيله وأعماله وبذله وعطائه، وكذلك تنعكس على صحته الجسدية والنفسية والاجتماعية.
وقد كان الشافعي رحمه الله يبين بأن الخلل النفسي الناتج عن حمل الهموم والإسراف في الأحزان مدمر للنفس البشرية، فيرشده إلى ترك الهموم والبعد عنها ويؤكد ذلك في أبياته الشعرية فيقول:(الشافعي، ب.ت: 29)
سهرت أعين ، ونامـت عيـون |
|
في أمـور تكـون أو لا تكـون |
فادرأ الهم ما استعطت عن النفس |
|
فحملانـك الهـموم جـنـون |
إن رباً كفاك بالأمس مـا كان |
|
سيكفيك فـي غـدٍ مـا يكون |
ويقول :
معَ الهمِّ يُسْرانِ هَوِّنْ عليكَ … فلا الهمُّ يُجدِي ولا الاكتئـابْ
ويقول:
ولا حزن يدوم ولا سرور ولا بؤس عليك ولا رخاء
إن في هذا الدين العلاج الناجع والشفاء النافع لكل أمراض مراتب النفس البشرية التي أصيبت بالأمراض المزمنة وتفشّت في الإنسانية نتيجة بعدها عن أصل وجودها، فالذين تعتريهم هذه الأمراض وتشيع في أوساطهم تلك العلل أصبحوا لبعدهم عن الإسلام لا يعرفون طبيعة الحياة ولا يدركون أن الإنسان خلق فيها للابتلاء والامتحان، يقول الشافعي رحمه الله: ” نزّه الله نبيه عز وجل نبيه، ورفع قدره وعلمه وأدبه، وقال: ” وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ …” (الفرقان : 58). وذلك أن الناس في أحوال شتّى: متوكل على نفسه أو على ماله أو على زرعه أو على سلطان أو على عطيّة الناس، وكل مستند إلى حي يموت أو على شيء يفنى يوشك أن ينقطع به، فنزّه الله نبيه صلى الله عليه وسلم وأمره أن يتوكل على الحي الذي لا يموت” ( الشافعي، 1979: 180).
والمصيبة إذا أطلق الإنسان لنفسه العنان في الجري اللاهث وراء شهوة المال يجمعه، فيصبح عبداً له، لا لربه فكل شيء بقضاء الله وقدره وأن يسرع إلى التسليم الخالص بأن الله وحده هو الرزاق.
يقول الشافعي: (ديوان الشافعي، ب.ت: 29-30)
إذا أصبحت عندي قوت يومي |
|
فخل الهم عني يا سعيد..!!؟ |
ولا تخطـر همـوم غدٍ ببالـي |
|
فإن غداً لـه رزق جديــد |
أسلم إن أراد اللـه أمـراً |
|
فأتـرك ما أريـد لما يريـد |
ويقول:
وَرِزْقٍ أَتَاكَ وَلَمْ تَأْتِهِ *** وَلاَ أَرَّقَ العَيْنَ مِنْهُ الطِّلابُ
إن هموم الرزق والمعاش أهم ما يطارد الناس شبحه ويلقي ظله الكئيب على فكرهم ويشغل حياتهم حتى آخر أنفاسهم ومأخوذ قول الشافعي من قول الله تبارك وتعالى: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾(التكاثر، الآيتان : 1-2).
والأصل أن يضع هؤلاء نصب أعينهم قول الله تعالى: ﴿…نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ (الزخرف، الآية : 32).
يحكي الربيع– وقد سبق ذكره – تلميذ الشافعي كلاماً طيباً دار بين الشافعي وعبد الله بن عبد الحكم- سبق ذكره أيضاً- ، قال عبد الله بن عبد الحكم – من كبار شيوخ المالكية في مصر – للشافعي إذا أردت أن تسكن البلد – يعني مصر – فليكن لك قوت سنة ومجلساً من السلطان تتعزّز به، فقال له الشافعي: يا أبا محمد! من لم تعزه التقوى فلا عزّ له ولقد ولدت بغزة وربيت بالحجاز وما عندنا قوت ليلة وما بتنا جياعاً قط” (الدقر، 1988: 362- 363).
والأمراض النفسية لا ترى ولكن الذي يشاهد منها هو آثارها الخارجية ونتائجها السيئة وكذلك علاج تلك الأمراض نفسي، فيجب أن ندرك مدى تأثيره على المريض بعد ترطيب نفسه وإراحة قلبه بالمعاني الرفيعة والمفاهيم الصحيحة وإخراجه من الحالة التي يعيش فيها بإحياء الأمل عنده وبعث الرجاء له في الله عز وجل.
قال رحمه الله: ” من صدق الله نجا ومن أشفق على دينه سلم من الردى ومن زهد في الدنيا قرّت عيناه بما يرى من ثواب الله تعالى غدا.. كن في الدنيا زاهداً وفي الآخرة راغباً وأصدق الله تعالى في جميع أمورك تنج مع الناجين” (النووي1، ب.ت: 56).
قيل للشافعي” كيف أصبحت؟ فأجاب: ” كيف يصبح من يطلبه ثمانية: الله تعالى بالقرآن والنبي صلى الله عيه وسلم بالسنّة، والحفظة بما ينطق، والشيطان بالمعاصي، والدهر بصروفه، والنفس بشهواتها، والعيال بالقوت، وملك الموت بقبض روحه” .
وهل رحلة الحياة من مبدئها إلى نهايتها إلا ما ذكره الشافعي واستطاع تجليته ببصيرته النيرة وتحديده بإيمانه الواعي في هذه الثمانية التي يطلب بها، إن السعادة الحقيقية تكمن في أن يعرف الإنسان سر حياته وسبب خلقه ووجوده وأن يحدّد دوره في هذه الحياة ووظيفته فيها ويرسم هدفه منها ويعرف بصدق عدوه من صديقه ونهايته ومصيره.
فالسعادة الحقيقية هي أن يعيش الإنسان وفق مراد خلقه فهو لهذا وحده خلق، قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ (الذاريات، الآية : 56) فإذا ظن الإنسان أنه يستطيع أن يحقّق سعادته وينال حظه من بهجة الحياة وسروره بها بعيداً عن الله فذلك وهمٌ كاذب وسراب خادع لا تسعد به النفس ولا تطول لذتها ولا يطمئن لها الفؤاد.
قال رحمه الله : ” من غلبته شدّة الشهوة للدنيا لزمته العبودية لأهلها، ومن رضي بالقنوع زال عن الخضوع” (النووي، ب.ت: 55 – 56).
وقال أيضاً: ” التواضع يورث المحبة، والقناعة تورث الراحة” ( كارنيجي، 2010: 41).
ومن أعظم الوسائل في علاج الهموم وتهوين المشكلات ورفع الروح المعنوية في نظر الشافعي السفر ففيه متعة للإنسان حتى يرى البلدان والأودية والرفقة وتتغير مرئياته من اختلاطه بالأقوام واطلاعه على الجديد من العادات والتقاليد ما ينشط نفسه ويشوقه للاستزادة، وكان رحمه الله خير من يحسن انتقاء الزمن الذي تكون فيه القوة المحصلة للعلم، ومن العوامل التي ترتقي بالصحة النفسية الاتجاه إلى المسجد فهو المكان الذي تجد النفس المؤمنة فيه تمام أنسها وكمال راحتها، ولقد كان الشافعي يكتب مؤلفاته ويملي رسائله وعلومه ويعقد مجالس الدرس ويعلم طلابه في ساحة المسجد، وكذلك المداومة على تلاوة القرآن الكريم ( ملك وأبو طلب، 1989: 217- 218).
يقول أحد تلاميذ الشافعي: ” ما رأيت أحداً لقي من السقم ما لقي الشافعي فدخلت عليه، فقال لي: ” يا أبا موسى! اقرأ علي ما بعد العشرين والمائة من آل عمران وأخفّ القراءة ولا تثقل فقرأت عليه مثلما أردت القيام، قال: لا تغفل عني فإني مكروب” ( الرازي، 1993: 76- 77).
فقد عرف الشافعي أن القرآن الكريم شفاء كل مكروب وملاذ كل محتاج قال رحمه الله: “إن الله خلق الخلق لما سبق في علمه ممّا أراد بخلقهم وبهم لا معقّب لحكمه وهو سريع الحساب، وأنزل عليهم الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة ” ( الشافعي ،1894 : 106).
وقال رحمه الله: ” فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلاّ وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها ” ( الشافعي، 1894: 213). قال تعالى: ﴿… وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ (النحل، الآية : 89).
ولقد كان الشافعي دائم الاتصال بكتاب الله عز وجل حتى قال تلميذه الربيع: ” قلما كنت أدخل على الشافعي رحمه الله إلاّ والمصحف بين يديه يتبّع أحكام القرآن” ( الشافعي، 1894: 20).
ولقد استخدم الشَّافِعِيّ الذِّكر والمناجاة والدُّعاء والصَّلاة كوسيلة من وسائل تدعيم الصِّحَّة النَّفْسِيَّة فلا يخيب من اعتصم بخالقه سُبْحَانَهُ وتعالى وهل الاضطرابات النَّفْسِيَّة في العصر الحديث مثل الاكتئاب والقلق والضَّغط النَّفسي إلا ضريبة من ضرائب البُعد عن طاعة الله وترك عبادته بالوجه الأمثل؟ فهناك ما يقرب من مليون شخص ينتحرون سنوياً بسبب الاكتئاب وأنَّ ما يُقارب (450) مليون شخص يُعانون من أمراض عصبية وعقلية (عبد الدائم، 1997، 9).
التساؤل الرابع: ما ملامح التوجيه والإرشاد التربوي عند الإمام الشافعي؟
لقد نبّه الإمام الشافعي إلى استغلال الزمن متمثلاً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ : شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ ، وصِحَّتُكَ قَبْلَ سَقَمِكَ ، وغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ ، وفَرَاغِكَ قَبْلَ شُغْلِكَ ، وحَيَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ” (مسند الإمام أحمد، 1996: 5236 ) أخرجه الحاكم في المستدرك رقم ( 7846 ) 4 / 341 وقال : هذا حديث صحيح.
وقال الشافعي: ” الوقت سيف فإن قطعته، وإلاّ قطعك، ونفسك إنْ لمْ تشغلها بالحق شغلتك بالباطل” (الجوزية، 1973: 134) .
وكان – رحمه الله – يجلس في حلقة من حلقات جامع عمرو بن العاص ذو الزوايا الثمان،وكانت تدرّس في الجامع شتى العلوم أشهرها زاوية الإمام الشافعي(عبد الدائم، 1997: 153).
وكان يجلس في هذه الحلقة إذا صلّى الصبح فيجيئه أهل القرآن فإذا طلعت الشمس قاموا وجاء أهل الحديث وإن ارتفعت الشمس قاموا فاستوت الحلقة للمذاكرة والنظر فإذا ارتفع الضحى تفرقوا وجاء أهل اللغة العربية والعروض والنحو والشعر إلى قرب انتصاف النهار ثم ينصرف رضي الله عنه (الحموي، ، ب.ت: 304).
لقد كان الشافعي يظل قرابة ست ساعات يومياً يلقي دروساً متصلة ينتقل فيها من علم إلى علم ومن مادة إلى أخرى ويظل على هذا الحال من بعد صلاة الفجر حتى تدنو صلاة الظهر(الشرباصي، ب.ت: 131).
فإذا أقبل الليل فيتصل الشافعي بمنهج خاص في التربية والتعليم فكان يقسّم الليل إلى ثلاثة أجزاء، ثلثاً للعلم، وثلثاً للعبادة، وثلثاً للنوم ( الغزالي، ب.ت: 25).
قال عبد الله أحمد بن حنبل 🙁[16]): قلتُ لأبي أي رَجُلٍ كان الشَّافِعِيّ فإنِّي سمعتك تُكثر الدُّعاء له؟ فقال: ” ما أحدٌ مَسَّ مِحبرةً، ولا قَلماً، إلا وللشَّافعي في عُنقه مِنَّةٌ” (الذَّهبي، 1992: 49).
احتلَّت قضية الفروق الفردية لدى المُعَلِّمين والمتّعلمين عند الشَّافِعِيّ مكاناً هاماً جداً، سواء على مستوى تُراثه في الشِّعر أم على مستوى النَّثر.قال الشَّافِعِي: “والنَّاس في العلم طَبقات، موقعُهم من العلم بقدْر دَرجاتهم في العِلم به. فحُقَّ على طَلبة العلم بلوغُ غاية جهدِهم في الاستكثار من علمه، والصَّبرُ على كل عارض دون طَلَبِه، وإخلاص النِّية لله في استدراك عِلمه نصّاً واستنباطاً، والرَّغبة إلى الله في العون عليه، فإنَّه لا يُدرَك خيرٌ إلا بعونه” (الشافعي، 1894: 19).
ترحيب الشَّافِعِيّ بالاجتهاد وحفاوته بإعمال العقل، وعرض آراء المخالفين له ومناقشة حُجَجِهِم، وتنويع طرائق عرض أفكاره، من الأدلَّة على تبنيه أهمية الفروق الفردية وضرورة عرضها فكراً وتطبيقاً، كان الشَّافِعِيّ يكلِّم طُلابه على قدر ما يفهمونه عنه، ولو كلمهم على قدر فهمه وسعة لغته ما استفاد منه كل طلابه. قيل للشَّافعي أَخْبِرنا عن العقل يولد به المرء؟ فقال: لا! ولكنَّه يلقح من مجالسة الرِّجال، ومناظرة النَّاس (الأصبهاني، 1984: 121).
لم يغفل الشَّافِعِيّ عن الجانب النَّفسي في عملية التَّعلم فقال :
شكوت إلى وكيع سوء حفظـي وأخبرني بأن العلم نـور ( ديوان الشافعي، ب.ت: 54). |
|
فأرشدني إلى ترك المعاصي ونور الله لا يهدي لعاصي
|
الموعظة والنَّصيحة والتَّذكرة من الأساليب التَّربوية في التَّهذيب. يقول الشَّافِعِيّ: “الموعظة للعوام، والنصيحة للإخوان والتَّذكرة للخواص منهم، فرض افترضه الله على عُقلاء المؤمنين ولولا ذلك لبطلت السُّنَّة وتعطَّلت الفرائض”. يقول الشَّافِعِيّ في النَّصيحة: “النَّاس في غفلة من هذه السُّورة: ﴿ وَالْعَصْرِ، إِنَّ الإنسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ (العصر، الآيات: 1-3). والحق كما قال الشَّافِعِي أنَّ سورة العصر تكفي الإنسان في حياته لو عمل بمقتضاها، ومن الوصايا الخالدة في موضوع النَّصيحة قول الشافعي :
تعمدْني بنصحِكَ في انفرادي وَجِّنبني النّصيحةَ في الجماعةْ
فإِن النُّصحَ بين النَّاسِ نـوعٌ من التَّوبيخِ لا أرضى استماعَهْ
وإِن خالفتني وعصيـتَ قـولي فلا تجزعْ إِذا لم تُعْطِ طاعهْ (ديوان الشافعي، ب.ت: 56).
وهكذا وفي إطار التَّغيير بالحكمة وضع الشَّافِعِيّ آداباً للنَّصيحة الصَّحيحة منها أنَّ لا تكون أمام النَّاس كي لا يُحرج المنصوح. إنَّ النَّصيحة في الملأ توبيخ يدل على عدم لباقة النَّاصح على معالجة الأمور وسياسة النُّفوس والوصول إلى قلب المنصوح بالحكمة.
تحدَّث الشَّافِعِيّ في الرِّسالة عن أهمية نصيحةُ المسلمين وذكر الأدلَّة وقال إِنَّ النَّصيحة من طاعة الله وطاعةُ الله جامعة للخَير. والنَّصيحة باب عظيم للدَّعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر ولا قوام لها إلا بالحسنى والحكمة فإنَّ النَّصيحة رسالة تحتاج إلى غلاف جذَّاب غير مُنفِّر تصل إلى المنصوح بغرض التَّصحيح لا التَّجريح ( الدقر، 1988: 205).
التساؤل الخامس: ما مدى الاستفادة من الفكر النفسي والتربوي عند الإمام الشافعي في مدارسنا الحديثة؟
يمكن الاستفادة من فكر الإمام الشافعي النفسي والتربوي لارتباط ما خلّفه من أساليب تربوية ونفسية بحياة الواقع على مر العصور إذ أنّ هذه الأساليب ترتقي إلى الممارسة العملية التطبيقية الأدائية في جوانب حياة الإنسان، فحيث الخبر ليس كالمعاينة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنه من نافلة القول أن نقول: أن الإمام كان مع ما تركه من فكر يعد في ميزان التربية وعلم النفس منهج حياة تطبيقية في ميادين شتى.
فالعلوم التي خلّفها لا يستأنس بها فحسب؛ بل هي قابلة للتطبيق في مناهجنا التعليمية فهي تخص الطفل والمراهق والشاب والكهل والشيخ، وقد قال رضي الله عنه: ” من أراد الدنيا فعليه بالعلم ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم”.
كما نبّه الإمام الشافعي كثيراً إلى مجموعة من القضايا الإرشادية وقضايا الصحة النفسية يمكن أن تكون أنموذجاً يُقتضى به عند المرشدين والمعالجين النفسيين، ومن روائع ذلك” من لم تعزه التقوى فلا عز له، والخير في خمسة: غنى النفس وكف الأذى وكسب الحلال والتقوى والثقة بالله، وأنفع الذخائر التقوى وأضرها العدوان، واجتناب المعاصي، وترك ما لا يعنيك ينوّر القلب عليك بالخلوة وقلّة الأكل وإياك ومخالطة السفهاء، والعاقل من عَقَله عَقْله عن كل مذموم، ولا يكمل الرجل إلا بأربع: بالديانة والأمانة والصيانة والرزانة، وعنه ليس بأخيك من احتجت إلى مداراته، علامة الصديق أن يكون لصديق صديقه صديقاً، ومن نمّ لك نمّ عليك، التواضع من أخلاق الكرام، والتكبّر من شيم اللئام، والتواضع يورث المحبة، والقناعة تورّث الراحة، أرفع الناس قدراً من لا يرى قدره، وأكثرهم فضلاً من لا يرى فضله ( الذهبي، 1992: 97 – 99).
والإفادة الحقّة من التراث لا تتحقّق إلا بالنقد الواعي المتزن دون التأثر السلبي بهالة التراث، قال السخاوي: (2003: 162) عن الشافعي: ” احذر الأعور والأحول والأعرج والأحدب والأشقر والكوسج ( لا لحية له أصلاً) وكل من به عاهة في بدنه وكل ناقص الخلق فاحذروه فإنه صاحب التواء ومعاملتهم عسرة وقال مرة أخرى فإنهم أصحاب خبث (الدقر، 2009: 224) ومثل ذلك ما نقله الذهبي قديماً في سيره وحديثاً محمد عبد الرحيم في ديوان الشافعي ( 1995، ص 55): ” عن الشافعي قال: ما نقص من أثمان السود إلا لضعف عقولهم وإلا هو لون من الألوان” . إن مثل هذه العبارات يجب ألا تمر إلا بنقدها بل لا حاجة لروايتها في عصرنا وفي الديوان السابق أيضاً أن أربعة أمور تضعف البصر منها: النظر إلى عورة المرأة نسبها الباحث للشافعي نقلاً عن الطب النبوي لابن القيم (18)( ص 6)، ولا زلنا نكرر قول الشافعي : ” ثلاثة إن أكرمتهم أهانوك وإن أهنتهم أكرموك: المرأة والخادم والفلاح”(الدقر، 2009، ص 300). ومن ذلك الخلط أيضاً ما نقل عنه” أقمت أربعين سنة أسأل إخواني الذين تزوجوا عن أحوالهم في تزوجهم فما منهم أحد قال إنه رأى خيراً ” (النووي، ج1، ص 74).
ومما يدل على عظيم الاستفادة من تراث الإمام الشافعي النفسي والتربوي اهتمامه بكافة الأمور كالصلات البينية والتفاعل الاجتماعي بين الناس فتحدّث عن الصداقة قصيدة طويلة اختتمها من شعره فقال :
مررتُ على المروءةِ وهي تبكي قلـتُ علام تنتحب الفتاةُ؟
فقالت كيف لا أبكي وأهلي جميعاً دون خلق اللهِ ماتوا
( ديوان الشافعي، ب.ت: 77).
وحرصاً منه على أهمية أن يكون للإنسان صديق صدوق صادق الوعد منصفاً حيث اختتم هذه القصيدة بقوله :
إذا المرء لا يرعـاك إلا تكلفا فـدعـه ولا تكثر عليـه التأسـفـا ففي الناس إبدال وفى الترك راحة وفى القلب صبـر للحبيب ولوجفا
فلا كل من تـهواه يهواك قلبـه ولا كل من صافيتـه لك قـد صفا إذا لم يكن صفو الـوداد طبـيـعة فلا خـيـر في خل يجيء تكـلفـا ولا خير في خـل يخـــون خليـله ويـلقاه من بعـد المـودة بالجفا وينكر عيشـا قـد تقــدم عهـده ويظهر سـراً كان بالأمس قد خفا ســلام على الدنيـا إذا لم يكن بهــا صديق صدوق صادق الوعد منصفا
(ديوان الشافعي، ب.ت:60).
وحذّر كثيراً من الأمور التي تهتك النسيج الاجتماعي للمجتمع وتفرّق بين أفراده فقال في قصيدته :
عفوا تعف نساءكم في المحْرَمِ وتجنبـوا مـالا يليق بمسلـم إن الزنـا دين إذا أقرضــته كان الوفا من أهل بيتك فاعلم من يزنِ في قوم بألفي درهم في أهله يُـزنى بربـع الدرهم من يزنِ يُزنَ به ولو بجـداره إن كنت يا هذا لبيباً فـافهـم ياهاتكا حُـرَمَ الرجال وتابعـا طرق الفسـاد عشت غيرَ مكرم لو كنت حُراً من سلالة ماجـدٍ ما كنت هتـّـاكاً لحرمة مسلمِ ( ديوان الشافعي، ب.ت: 76).
والحديث يطول فيما كتبه الإمام الشافعي في الإرشاد الجماعي وفي مناقشته للأمور الاجتماعية التي تدعو المجتمع إلى التراص والتواصل المستمر والتعاون وصدق المعاملة، ولقد كان الإمام الشافعي يركّز كثيراً على القضايا التطبيقية فلم يشرع في توصيل درس حتى يقدّم دليلاً ملموساً على ذلك فحينما طلب منه أن يدرّس موضوعاً عن ” عتق العبيد” فانتظر حتى ملك ثمن عبداً فأعتقه أمام تلاميذه، هذه هي بعض الأمور والدروس المستفادة من تراث الإمام الشافعي النفسي والتربوي.
إن للإرشاد النفسي والصحة النفسية دلائل كثيرة في فكر– الشافعي- وعليه يمكن اتخاذ الأمور التالية، هي أهم استراتيجيات نفسية يعتمد عليها عند تطبيق الصحة النفسية عنده:
الأولى- حفظ اللسان: يقول الشافعي: ” الأفئدة مزارع الألسن، فزارع الكلمة الطيبة إن لم تنبت كلها نبت بعضها”.
الثانية- الاعتماد على الله عز وجل والإيمان به، وبرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
الثالثة- تركيزه على قضايا القضاء والقدر فكل شيء بأمره عز وجل.
الرابعة- استخدام الثواب والعقاب للمسترشدين لما فيهما من فائدة كبيرة في توجيه وإرشاد الأمّة.
الخامسة- الالتزام بالآداب الأخلاقية للمرشد والمسترشد: لكون الأخلاق فريضة دينية مستهدياً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.
السادسة- التركيز على قضايا الكسب الحلال والرزق الحسن؛ لأن ذلك يورث التقوى عند الأجيال.
السابعة- تركيزه على الجمال والخير باعتبارها قضايا ترغيبية يسعى إليها الإنسان المؤمن في حياته فكانت منهجاً يقتضى به عنده رضي الله عنه.
الثامنة- التعرّف على طبائع الناس؛ لأن ذلك من الفنون المهمّة التي لابد للمرشد أن يمتلكها عند توليه عملية الإرشاد والتوجيه.
هذه استراتيجيات مهمّة لابد أن تكون دائماً حاضرة في عملية الإرشاد والتوجيه كما ركّز عليها الإمام الشافعي – رضي الله عنه- .
وقد عالج الشافعي كثيراً من المشكلات وواجه الكثير من التحديات التي جعلت منه إماماً للصابرين، يحتذى بهديه بالصبر وتخطي الصعاب، فهذه الإرشادات والتوجيهات النفسية التي قدّمها الشافعي للبشرية قاطبةً يمكن أن يستفيد منها الشعب الفلسطيني، وكل الشعوب المظلومة والمقهورة التي تشعر بالاضطراب وعدم الاستقرار وعدم الإحساس بالأمن، خاصةً عندما تنتهك المقدسات والأعراض، فقد تمسك الشافعي بقول الله عز وجل: “ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ” (النحل : 125).
كما جعل الشافعي من الصبر مدرسةً تنعكس في سلوك المظلومين فقال:
سأصبر حتى يعجز الصبر عن صبري وأصبر حتى يأذن الله في أمري
وأصبر حتى يعلم الصبر أني صابرٌ على شيّ أمرّ من الصبر
( ديوان الشافعي،ب.ت: 42).
هذا الأمر وغيره يمكن للشعب الفلسطيني أن يجعل منه ممارسات حياتية تلهمه الأمن وعدم الاستسلام والثقة بالله الذي ينصر الصابرين حتى ينال الفلسطيني حقوقه المشروعة إن طال الزمان أو قصر، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ (آل عمران، الآية : 200).
ويمكن الاستفادة من التراث النفسي والتربوي للإمام الشافعي في صياغة مناهجنا التربوية من خلال علومه التي تركها لنا: كأصول الفقه، والفقه، والشعر، وعلم السلوك، إن الإمام الشافعي كان نبراساً يمكن الاستفادة منه، كما استفيد من الغزالي، وابن خلدون، والزرنوجي، وابن مسكويه، وغيرهم الكثير، إن استنباط القواعد الشاملة التي توصل القاصدين إلى استنباط الأحكام من أدلتها التفصيلية؛ إنما هو منهاج يتغنّى به الكثير من علماء الغرب، وقد سبق الشافعي علماء النفس والفلاسفة إلى معرفة الدلائل الإجمالية والبراهين التفصيلية ليستفاد منها في كل حين وفي كل زمان ومكان.
أهم نتائج الدراسة:
بناء على ما تقدّم ذكره من مناقشة لأسئلة الدراسة والإجابة عليها فقد توصّل الباحث إلى النتائج التالية:
1- يمكن الاستفادة من فكر الإمام الشافعي من خلال ما أنتجه للبشرية من علوم متنوعة في الفقه وأصول الفقه والشعر… الخ، فإن الإفادة منها قد يحقّق لطلابنا فكراً ناصعاً وعقولاً واعدة للأجيال اللاحقة.
2- قدّم الإمام الشافعي مفاهيم مهمّة يمكن للمرشدين وعلماء الصحة النفسية الاستفادة منها في عملهم خلال عملية التوجيه والإرشاد النفسي والطلابي في المدارس وفي العيادات النفسية.
3- وجّه الإمام الشافعي المسترشدين إلى قراءة القرآن الكريم والعمل به في مهنتهم لما فيه من علوم نافعة يستفيد منها الإنسان على مر العصور خاصةّ في مجال التوجيه والإرشاد.
4- اتبع الشافعي خطى سليمة في عمليات التوثيق والتبويب والمنهجية في مواعظه وإرشاداته وتعاليمه التي توجّه المسلمين نحو العمل الصالح فحبّذا لو تمثّل ذلك المرشدين والأخصائيين النفسيين بشكل عام.
5- يعد منهج الترويح من المناهج النفسية المهمة في توجيه المسترشدين حيث جعل منه تجديداً للحياة وتوجيهاً للعمل الخير والنافع.
6- جعل الإمام الشافعي من الفكر والعقل قضايا عليها مدار الأمور إذا ما اختلفت مع الشرع.
7- اهتمّ الإمام الشافعي بالتوجيه والإرشاد الأسري كثيراً من التفكير بالزوجة الصالحة وحتى إنجاب الأبناء ورعايتهم.
التوصيات:
بناء على ما تقدّم من نتائج وإجابة لتساؤلات الدراسة فإن الباحث يوصي بالآتي:
1- الاطلاع على التراث الفكري لدى علماء سلفنا الصالح من أجل استنباط القضايا النفسية التي تخص التوجيه والإرشاد والتراث التربوي بشكل عام.
2- صياغة المناهج صياغة تعتمد على الأصول الإسلامية في التربية وعلم النفس.
3- ضرورة نشر فكر الشافعي بشكل خاص وفكر علماء المسلمين بشكل عام على شبكات التواصل المعرفي والاجتماعي للاستفادة منها كلما دعت الحاجة، وتفعيلها في حياتنا لتكون منهج حياة.
4- عمل كتيّبات تحمل الفكر النفسي والتربوي للإمام الشافعي وتوزيعها ليستفيد منها الصغار والكبار من طلبة العلم.
5- التأسي بأخلاقيات العلم التي قدّمها لنا الإمام الشافعي – وخاصةً – في هذا العصر الذي كثُر فيه الخبث واللغط وضاعت فيه القيم والأخلاق.
قائمة المراجع:
1- الأصبهاني، أحمد بن عبد الله بن مهران بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران (1984) : حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، ط4، ج9، دار الكتب العربي، بيروت، لبنان.
2- الأندلسي، الإمام أبو محمد علي بن حزم (1934) : جمهرة أنساب العرب، ط5، تحقيق: عبد السلام هارون، دار المعارف، القاهرة، مصر.
3- البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة ( ب.ت): فتح الباري شرح البخاري، حديث رقم 2899، جـ6/129، كتاب الجهاد والسير، باب التحريض على الرمي، انظر إلى ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي.
4- البيهقي، أحمد بن الحسين (1970): مناقب الشافعي، تحقيق: السيد أحمد صقر، دار التراث، مصر.
5- الترمذي، محمد بن عيسى بن سورة بن موسى السلمي البوغي (ب.ت) : سنن الترمذي، الجامع المختصر من السنن عن رسول الله ومعرفة الصحيح والمعلول وما عليه العمل، تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان.
6- التميمي، عز الدين الخطيب (2001): آثار المذهب الشافعي في العالم الإسلامي وخارجه. في الإمام الشافعي فقيهاً ومجتهدا، المنظمة الإسلامية للتربية، بيروت، لبنان.
7- الحموي، ياقوت (ب.ت) : معجم الأدباء، ج17، مطبوعات دار المأمون، القاهرة ، مصر.
8- الحموي، ياقوت (1993): معجم الأدباء.. إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب، تحقيق: إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان.
9- ابن حنبل، أحمد بن محمد (1996): مسند الإمام أحمد، تحقيق: شعيب الأرنئوط مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان.
10- الجرجاوي، زياد علي (2008): التعليم في كتاتيب مدينة غزة منذ النكبة 1948م وحتى 1960م، جامعة عين شمس، مركز التطوير الجامعي، مجلة جامعة عين شمس، العدد الثامن عشر أغسطس،القاهرة، مصر ص ص 175- 202
11- الجعب، نافذ سليمان (2012): مقومات الشخصیة الإسلامیة في الفكر التربوي للإمام الشافعي، مؤتمر الإمام الشافعي، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة الأقصى، 6 – 8/5/2012، ، ج3، فلسطين، ص ص 1089 – 1126
12- الجندي، عبد الحليم (1977) : الإمام الشافعي ناصر السنة ..وواضع الأصول، دار المعارف، مصر.
13- الجوزي، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد (1984): صفوة الصفوة، ج2، ط3، تحقيق: محمود فاخوري، دار المعرفة، بيروت، لبنان.
14- الجوزية، محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله ابن قيم (1973): مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، ط2، ج3، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان.
15- ابن خلكان، أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر (ب.ت) : وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت، لبنان.
16- ابن منظور محمد بن مُكرَّم بن عليّ بن أحمد بن حبقة الأنصاري الإفريقي (1970) : معجم لسان العرب في اللغة، دار لسان العرب، بيروت، لبنان.
17- الدقر، عبد الغني ( 1988): من أعلام التربية العربية الإسلامية الإمام الشافعي، مطبعة مكتبة التربية العربي لدول الخليج، الرياض، السعودية.
18- الذهبي، الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز (1992): سير أعلام النبلاء، ج10، ط9، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، ومحمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان.
19- الزحيلي، محمد (2009): الشافعي واضع علم أصول الفقه، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة الشارقة، الإمارات.
20- الرازي، الإمام الجليل أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم (1993) : آداب الشافعي ومناقبه، تحقيق: عبد الغني عبد الخالق، ط2، مكتبة الخانجي، القاهرة، مصر .
21- الرازي، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر (1995) : مختار الصحاح، مكتبة لبنان، بيروت، لبنان.
22- رضا، محمد جواد (2009): وتسطيح العقل الثقافي… دراسة حالة، الجمعية الكويتية لتقد الطفولة العربية، الكويت.
23- الشافعي، الإمام الأعظم أبي عبد الله محمد إدريس (ب.ت): ديوان الإمام الشافعي، ، دار الأرقم ، بيروت، لبنان.
24- الشافعي، الإمام الأعظم أبي عبد الله محمد إدريس (1894): الرسالة، تحقيق: أحمد محمد شاكر، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.
25- الشافعي، الإمام الأعظم أبي عبد الله محمد إدريس (1979): أحكام القرآن، تحقيق: عبد الغني عبد الخالق، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.
26- الشافعي، الإمام الأعظم أبي عبد الله محمد إدريس (1990): الأم، تحقيق: أحمد محمد شاكر، ج6، دار المعرفة، بيروت، لبنان.
27- الشرباصي، أحمد (ب.ت) : الأئمة الأربعة، دار الجليل، بيروت، لبنان.
28- عبد الدائم، عبد الله ( 1997): التربية عبر التاريخ، بيروت، ط7، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان.
29- أبو شوشة، محمد ناجح (2008): التراث التربوي في المذهب الشافعي، مطبعة العلم والإيمان، القاهرة، مصر.
30- العسقلاني، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل شهاب الدين (1986): توالي التأسيس لمعالي محمد بن إدريس، تحقيق: عبد الله القاضي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.
31- علوان، نعمان شعبان (2011): قراءة بلاغية في ديوان الإمام الشافعي 150هـ – 204هـ، مجلة الجامعة الإسلامية، سلسلة الدراسات الإسلامية، المجلد التاسع عشر، العدد الثاني، يونيو، غزة، فلسطين، ص ص 923 – 972.
32- علوان، نعمات شعبان (2012): القيم التربوية المتضمنة في ديوان الإمام الشافعي، مؤتمر الإمام الشافعي، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة الأقصى، 6 – 8/5/2012، ، ج3، فلسطين، ص ص 1071 – 1088.
33- الغزالي، أبو حامد محمد بن محمد (ب.ت) : إحياء علوم الدين، ج1، مطبعة ومكتبة كرياطة فوترا، أندونيسيا.
34- الفسفوس، عدنان أحمد (2007): الإرشاد التربوي: مفهومه، أسسه، قواعده الأخلاقية، دار الفكر للطباعة والنشر، عمان.
35- الفيروز آبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب (1916): القاموس المحيط ، فصل الراء ، باب الدال، مكتبة المصطفى، الهند
36- القزويني، زكريا بن محمد بن محمود (1985): مفيد العلوم ومبيد الهموم، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.
37- كارنيجي، ديل (2010) : كيف تتعامل مع الناس، تقديم:يوسف أبو الحجاج الأقصرى، مكتبة جزيرة الورد، المنصورة، مصر.
38- الكندري، لطيفة حسين، وآخرون (2010): المضامين التربوية لفكر الإمام الشافعي في ضوء المعطيات المعاصرة، المجلة التربوية، العدد( 28 ) ، يوليو، جامعة سوهاج، كلية التربية، ص ص 1 – 44 .
39- مجمع اللغة العربية (2004): المعجم الوسيط، ج3، ط4، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، مصر.
40- ملك، بدر محمد، وأبي طالب، خليل محمد (1989): السبق التربوي في فكر الشافعي (150 – 204هـ)، مكتبة المنار الإسلامية، الكويت.
41- النووي، الحافظ أبي زكريا محي الدين بن شرف”1″ (ب.ت): تهذيب الأسماء واللغات، ج1، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.
النووي، الحافظ أبي زكريا محي الدين بن شرف”2″ (ب.ت): المجموع شرح([1]): هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ، أصله من البصرة ، ولد عام ( 164 ه- 780م) وتوفي عام (241هـ- 855 م) في بغداد ،توفي والده وهو صغير، فنشأ يتيما ، وتولت رعايته أمه ، نشأ – رحمه الله – في طلب العلم ، وبدأ في طلب الحديث وعمرهُ خمس عشرة سنة ، ورحل للعلم وعمرهُ عشرون سنة، والتقى بعدد من العلماء منهم : الشافعي في مكة ،ويحيى القطان ، ويزيد بن هارون في البصرة، وهو رابع المذاهب الأربعة في أهل السنّة والجماعة (الحنفي، المالكي، الشافعي، الحنبلي).
([2]): سيجموند فرويد )6 مايو 1856م – 23 سبتمبر1939م) هو طبيب نمساوي من أصل يهودي،يعتبر مؤسس علم التحليل النفسي، واسمه الحقيقي الذي أسس مدرسة التحليل النفسي وعلم النفس الحديث.
([3]): ولد كارل غوستاف يونج في ( 26 يوليو 1875 – 6 يونيو 1961) في بلدة كسويل من مقاطعة ثورغاو بسويسرا، وهو من أوائل طلاب فرويد أسس مدرسة اسمها علم النفس التحليلي كما يطلق عليها أحياناً علم النفس اليونجي نسبه ليونج.
([4]): ألفريد آدلر( 7 فبراير 1870 – 28 مايو 1937) ، من طلاب فرويد اختلف مع فرويد وكارل يونج، بالتأكيد أن القوة الدافعة في حياة الإنسان هي الشعور بالنقص والتي تبدأ حالما يبدأ الطفل بفهم وجود الناس الآخرين والذين عندهم قدرة أحسن منه للعناية بأنفسهم والتكيف مع بيئتهم.
([5]): ولد جون دولارد عام 1900م في ولاية ويسكونسين ، وحصل على البكالوريوس عام1922م وعلى الماجستيرعام1930موعلى الدكتوراه في علم الاجتماع عام 1931م من جامعة شيكاغو، عمل من عام 1926- 1929مساعداً لمدير جامعة شيكاغو، وفي عام 1933م شغل منصب أستاذ ساعد للإنثروبولوجيا في جامعة ييل، كما عمل أستاذاً لعلم الاجتماع في معهد العلاقات الإنسانية في جامعة ييل، من مؤلفاته: كتاب الطبقة والمرتبة الاجتماعية سنة 1937م.
([6]): كارل روجرز ( 8 يناير 1902 – 4 فبراير 1987)عالم نفس أمريكي هام، قام (مع أبراهام ماسلو) بتأسيس التوجه الإنساني في علم النفس السريري. ساهم أيضا بتأسيس العلاج النفسي غير الموجّه الذي سماها في البداية العلاج النفسي الزبوني التمركز ثم غير الاسم العلاج النفسي المتمركز بالشخص ليؤكد أن نظريته يمكن تطبيقها في كل التفاعلات بين الأشخاص وليس على التفاعل بين المعالِج والزبون.
( [7] ): والدة الشافعي هي حفيدة أخت السيدة فاطمة أم الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، واسمها: فاطمة بنت عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وهي من الأزد، من اليمن.
( [8] ): عبد الملك بن قريب بن علي بن أصمع الباهلي، أبو سعيد الأصمعي (121 هـ- 216 هـ/ 740م- 831 م) راوية العرب، وأحد أئمة العلم باللغة والشعر والبلدان.نسبته إلى جده أصمع. ومولده ووفاته في البصرة. كان كثير التطواف في البوادي، يقتبس علومها ويتلقى أخبارها، ويتحف بها الخلفاء، فيكافأ عليها بالعطايا الوافرة. أخباره كثيرة جداً. وكان الرشيد يسميه (شيطان الشعر). قال الأخفش: ما رأينا أحداً أعلم بالشعر من الأصمعي. وقال أبو الطيب اللغوي: كان أتقن القوم للغة، وأعلمهم بالشعر، وأحضرهم حفظاً.
( [9] ): عبد الملك بن قريب بن علي بن أصمع الباهلي، أبو سعيد الأصمعي (121 هـ- 216 هـ/ 740م- 831 م) راوية العرب، وأحد أئمة العلم باللغة والشعر والبلدان.نسبته إلى جده أصمع. ومولده ووفاته في البصرة. كان كثير التطواف في البوادي، يقتبس علومها ويتلقى أخبارها، ويتحف بها الخلفاء، فيكافأ عليها العطايا الوافرة. أخباره كثيرة جداً. وكان الرشيد يسميه (شيطان الشعر). قال الأخفش: ما رأينا أحداً أعلم بالشعر من الأصمعي. وقال أبو الطيب اللغوي: كان أتقن القوم للغة، وأعلمهم بالشعر، وأحضرهم حفظاً.
([10]): قبيلة هذيل قبيلة عدنانيه تقطن حول مكة والمدينة ظهر منها شعراء كبار بل هي أكثر القبائل إنجاباً لطائفة الشعراء حتى إن الإمام الشافعي هو الذي روى أشعارهم .
([11]): مسلم بن خالد الزنجي الإمام فقيه مكة أبو خالد مسلم بن خالد ، المخزومي ، الزنجي ، المكي، مولى بني مخزوم . ولد سنة مائة ، أو قبلها بيسير، حدث عن ابن أبي مليكة ، وعمرو بن دينار، والزهري ، وأبي طوالة ، وزيد بن أسلم ، وعتبة بن مسلم ، وعبد الله بن كثير الداري نقل عنه الحروف . روى عنه هذه القراءة الإمام الشافعي ، ولازمه ، وتفقه به ، حتى أذن له في الفتيا.
([12]): عمرو بن سواد بن الأسود بن عمرو بن محمد بن عبد الله بن سعد بن أبى سرح القرشى العامرى السرحى، أبو محمد المصرى . قال أبو حاتم : صدوق.و ذكره ابن حبان في كتاب “الثقات”، و قال : كان راويا لابن وهب . و قال أبو بكر الخطيب : كان ثقة . قال أبو سعيد بن يونس : توفى يوم الجمعة لعشر بقين من رجب سنة خمس وأربعين ومئتين .
([13]): الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل المرادي مولاهم أبو محمد المصري المؤذن، صاحب الإمام الشافعي وراوي كتب الأمهات عنه، ولد سنة أربع وسبعين ومائة واتصل بخدمة الشافعي وحمل عنه الكثير وحدث عنه به.
([14]): تقع منطقة نجران في الجنوب الغربي من المملكة العربية السعودية بين خطي عرض 17و20 درجة شمالا وخطي طول44 و52 درجة شرقا ويحدها من الشرق صحراء الربع الخالي ومن الغرب منطقة عسير ومن الشمال منطقة الرياض ومن الجنوب جمهورية اليمن.
( [15] ): هو عبد الله بن عبد الحكم بن أعين بن ليث الإمام الفقيه مفتي الديار المصرية أبو محمد المصري المالكية صاحب مالك ويقال إنه من موالي عثمان وولد سنة (155هـ) وتوفي سنة (214هـ).
( [16] ): عبد الله بن أحمد بن حنبل ( 213هـ – 290هـ) … ( 828م – 903م) وهو أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني البغدادي, حافظ للحديث، من أهل بغداد، والده هو الإمام أحمد بن حنبل، وأمه اسمها ريحانة، تزوجها الإمام أحمد بعد وفاة زوجته الأولى عباسة أم ابنه صالح بن أحمد بن حنبل، وأنجبت له ريحانة ابنه عبد الله.