
الاستئناف النصّي في قصّة النبيّ يوسف فقرة المراودة أنْموذجاً
The textual Resumption in the Story of the Prophet Joseph: The Passage of Courtship as a Model
د. عبد الجبّار عبد الأمير هاني، أستاذ / جامعة البصرة / كلّيّة الآداب ـ العراق
Prof . Abdul Jabbar Abdul Amir Hani College of arts, Basrah university ,Iraq
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 61 الصفحة 49.
الملخّص
يتناول هذا البحث الاستئنافَ في فقرة المراودة ــــــــ في قصّة النبيّ يوسف عليه السلام ـــــــــ مقاربة نصّية إجرائية ، حيث يُشكّل الاستئناف النصيّ علاقة ترابط بين ذكر وحدة دلالية / موضوعية وإعادتها في متواليات نصّية عبر وسائل نحوية وعلاقات دلالية ذات كفاءة في انتظام بنية الفقرة واستمرار الموضوع الذي تُعالجه . ويهدف البحث إلى مُعاينة الوسائل النحوية التي أسهمت في سبك البنية الظاهرة لنصّ الفقرة ، وعلاقات الترابط الدلالي التي أفضت إلى اتّساق متنها واتّصال أجزائها بعضها ببعض من خلال استئناف الوحدة الموضوعية المركزية التي افتُتحت بها .
المفاتيح : الاستئناف النصّي ، الفقرة ، الإعادة ، الاستبدال ، الإحالة .
Abstract
This research deals with the resumption of the text in the paragraph of temptation that relates to the story of the Prophet Yusuf (peace be upon him). A textual approach is adopted where the textual resumption creates a relationship between the mention of a semantic unit / thematical unit and its return in textual sequences. This process takes place throughout the use of grammatical devices and semantic relations that have an efficiency in the regularity of the structure of paragraph and the continuity of the subject that it has dealt with. The purpose of the research is to examine the grammatical devices that contribute to for the apparent structure of the textual paragraph, and the semantic relationships that led to the consistency of the text and the communication of its parts to each other through the resumption of the central thematic unit in which it was opened.
Key words: Textual Resumption, Paragraph, Repetition, Replacement, Reference.
مفاهيم تمهيدية / أوّلية
1 . النصّ 2 . الاستئناف 3 . الاستئناف النصّي 4 . توضيح مضمون .
1ــــــــ النصّ Text : مصطلح النصّ من بين المصطلحات غير القارّة بسبب تنوع تعريفاته التي أفضت إلى عدم تحديد مفهومه بشكل حاسم ، وهذا التنوّع طبيعيّ لتعدّد اتّجاهات التحليل اللغويّ للنصوص في الغرب بشكل خاص واختلاف المعايير المعتمدة في التحليل ، ومن زاوية أخرى نظنّ أنّ هذا التنوّع ذو دلالة على ثراء المصطلح وانفتاحه على آفاق لسانية وتداولية واجتماعية ونفسية وغيرها ، وفي المجال المحدّد لهذه المحاولة ( البحث ) ننظر إلى النصّ بوصفه : تتابعاً محدّداً من وحدات كلامية ــــ جمل وأجزاء جمل وفقرات ـــــ مترابطة بشبكة من العلاقات الشكلية والموضوعية ، وحصيلة هذا التتابع المترابط بنيةٌ كلية منتظمة تتصل فيها المعلومات بعضها ببعض في سلسلة مُتّسقة الحلقات . وهذا الوصف يُشير إلى : ( أوّلاً ) أنّ النص وحدة لغوية لها بداية ونهاية على مستوى البنية الشكلية والموضوع معاً ، و( ثانياً ) اتّصافه بالتماسك الشكلي والترابط الدلالي والموضوعيّ بين الجمل والفقرات المكوّنة لبنيته، وهذا المظهر قيد أساسيّ لا يمكن التفريط به وهو مَعلم على كون النص وحدة لغوية دلالية مترابطة يُضفي على النص صفة استمرارية التتابع الخطّي من جهة ، وسعيه نحو تحقيق المعلومة النواة التي يهدف إليها النصّ من جهة أخرى ، ويُعدّ هذا المظهر أبرز سمات النصية التي تجعل من النصّ نسيجاً محكماً ، وهو وصف يصدق عليه اشتقاق كلمة Text ( نصّ) من الأصل اللاتينيّ Textus الدالّة على : النسيج .
ويُحيل المفهوم السابق إلى أنّ التحليل اللساني يتجاوز الجملة الواحدة إلى سلسلة جُملية مُتتالية : فقرة أو نص ، وقد أضحى من المُسلّم به (( أنّ موضوع البحوث التطبيقية للسانيات النص يتمثل في النصوص المكتوبة التي تتجاوز الجملة الواحدة ))[1] ولكنّ هذا التصور ينبغي ألّا يُهمّش دور الجملة في التحليل ، فقد يكون الانطلاق من جملة محوريّة ذات موضوع أو محتوى أو واقعة في متتالية نصّية محوراً للتحليل على أساس مبدأ أو قاعدة نصية تكشف عنها قراءة النصّ ومعاينته .
2 ـــــ يتناول البحث الاستئنافَ النصيّ Textual resumptionفي فقرة َالمراودة ( في قصة النبيّ يوسف عليه السلام ) بوصفه مبدأً فاعلاً في الربط بين الوقائع والأحداث المتتالية في المتن السرديّ للقصّة ، وقد وقع الاختيار على هذه الفقرة مجالاً إجرائياً بوصفها وحدة موضوعية مكتفية بنفسها على الرغم من ارتباطها الوثيق بالمتتاليات والفقرات المكوّنة للنصّ السرديّ ، وتعلّقها بالنواة الموضوعية التي يُعالجها .
وغاية البحث وصف وتحليل الوحــــــــــــــــــــــدات المتتالية التي ترتبط بالجملة الاستهلالية لنصّ الفقرة في ضـــوء مبدأ الاستئناف النصّي والعلاقات اللغوية والدلالية التي تدعمه ، ولبلوغ هذه الغاية بسطتُ البحث في ثلاثة محاور:
تناولت في الأوّل منها ملاحظات عامة على سورة يوسف عليه السلام، وفي المحور الثاني تناولت حدود فقرة المراودة البنيوية ، وأبرز العلاقات النحوية والوسائل البنيوية الرابطة بين أجزائها بعضها ببعض ، وكان المحور الثالث مجال المعالجة لمبدأ الاستئناف النصّي في متن الفقرة وفاعليته في شدّ أواصر النصّ في إطار قاعدة الحبك.
3 ـــــــــ يُحيل المعنى المعجميّ للاستئناف إلى الرجوع والإعادة ، يقال : (( استأنفتُ كذا ، أي رجعت إلى أوّله ))[2] ، وفي نحو الجملة العربيّ كما يذكر ابن هشام يَرِد الاستئناف بمعنيين : الأول : افتتاح النطق أو الكلام بصيغة اسمية، مثل : زيد قائم ، والثاني: ابتداء كلام منقطع عمّا قبله من جهة المعنى والنحو ــــــ بمعناه التقليديّ ـــــ ، مثل : مات فلان ، رحمه الله [3] ، ويظهر أنّ الاستئناف النحويّ في ضوء هذا المثال انتقال من معنى محدّد إلى آخر دون أن تنقطع الصلة بينهما على مستوى الربط الداخلي بالإحالة الضميرية، وفكرة الانتقال من معنى إلى آخر عولجت كذلك في وصف البنية الموضوعية في الشعر العربيّ القديم ، يقول ابن طباطبا : (( … أو يُستأنف الكلامُ بعد انقضاء التشبيب ووصف الفيافي والنوق وغيرها فيقطع عمّا قبله ويُبتدأ بمعنى المديح … أو يُستأنف وصفُ السحاب أو البحر أو الأسد أو الشمس أو القمر ))[4] . وعلى كلّ حال فإنّ مفهوم الاستئناف في النحو العربيّ التقليديّ في الغالب يدلّ على عدم استمرار العلاقات الدلالية والنحوية بين جملتين متتاليتين ، بسبب انتفاء الترابط بين الجملة التالية والجملة التي تتقدّمها خطّيّا ، قال المبرّد : ((فإذا قلتَ : مررتُ بزيد ٍعمروٌ في الدار ، فهو مُحال ، إلّا على قطع خبر واستئناف آخر ))[5] .
وفي علم اللغة النصّي يُنظر إلى الاستئناف بوصفه إعادة ذكر موضوع ( مُخبر عنه ) ورد في النص تنشأ (( منه سلاسل أو مجموعات من عناصر نصية متكافئة دلاليا بها يُبقى على موضوع معين مستمراً عبر فقرة نصية ))[6] ، وفي مجال البحث الحالي ننظر إلى الاستئناف النصيّ بأنّه : إعادة مباشرة أو غير مباشرة لمحتوى ( أو واقعة ) سبق ذكره في نصّ أو فقرة نصّية يحكمها إطار موضوعيّ مُحدّد . وإعادة ذكر المحتوى حالة نسبية فهي تخضع لهدف النصّ والظروف والمناسبات المحيطة بتكوينه ، وهـــــــــــــــــــذا ما يُفسّر الإعادة الواحدة والإعادة المتتالية في نصّ واحد ، فقول النبيّ يعقوب عليه السلام : (( قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ﴿ يوسف ١٨﴾ استُئنف مرّة واحدة في [الآية 84] ، احتكاماً لمناسبتين مختلفتين ، فالذكر الأوّل لفقد يوسف عليه السلام ، وإعادة الذكر لفقد بنيامين ، وهو في الحقيقة إعادة لذكر فقد يوسف كما تكشف الآيات اللاحقة على الآية المُستأنفة ، ومثل هذا الاستئناف ذي الإعادة الواحدة قليل القيمة في الترابط النصيّ في مقابل الاستئناف المتتالي وإن حظي بقيمة إدراكية لدى المتلقّي إذ يُحيله إلى موقف سبق ذكره ، وعلى كلّ حال فإنّ الاستئناف النصّيّ مثلما يردُ في سياق واحد وفضاء محدّد ، فإنّه يقع في مواقف متتالية مختلفة تبعاً لتوالي الأحداث وتنوّع الوقائع في إطار موضوع محوريّ .
4 ـــــ الفِقرة Paragraph : يرى اللساني الأمريكي لونجكر Longacre أنّ (( الفقرة من الخطاب السرديّ تدور حول طرف له صلة بالموضوع ))[7] ويُفهم من ذلك أنّ الفقرة النصيّة : متوالية جملية تُعالج موضوعاً واحداً أو قضيّة محدّدة ، دون أنْ تنقطع صلتها بالنواة الموضوعيّة للنص ، مع ترابطها بالطبع بما يكتنفها من متواليات سابقة أو لاحقة ، والفقرة بهذا الوصف مستوى أعلى من الجملة الواحدة وأدنى من النصّ إذا ما أخذنا بمفهوم علاقات ما وراء الجملة التي تشمل مستويات ذات طابع تدرّجي[8]كما يصوّرها الرسم الآتي :
الجملة ( ما بين الجمل) فقرات النصّ .
ويُشير الرسم من جهة أخرى إلى أنّ التحليل النصّي ينبغي أن يتمّ في مستوى أعلى من الجملة وهذا المستوى يصدق على الفقرة التي يُنظر إليها بأنّها أدنى متتالية قابلة للوصف والتحليل ، ويصدق كذلك بطبيعة الحال على النصّ الذي يوصف بأنّه أعلى متتالية منتظمة والذي يُمثّل بنظر هارتمان Hartmann وغيره ، هدفَ علم اللغة النصّيّ بوصفه (( الموضوع الرئيسيّ في التحليل والوصف اللغويّ))[9] .
المحور الأول : السورة ( ملاحظات عامة ) :
1ـــــ : سياق الحال ، لا خلاف في أنّ سورة يوسف مكيّة ، ولكنّ المفسّرين يختلفون في سياق الحال المكوِّن لنزولها في طائفة من الروايات من أبرزها أنّ أحبار اليهــــــــــــــــــود (( قالوا لكبار المشركين : سلوا محمّدا لِما انتقل آلُ يعقوب من الشام إلى مصر ؟ وعن قصّة يوسف ))[10] ولبعضهم فهمٌ مُحدّد لقوله تعالى : (( لقد كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ ﴿٧﴾ أنّ ( السائلين) في الآية تُحيل إلى حِبْر من اليهود دخل على الرسول ــــــ عليه الصلاة والسلام ــــ (( فسمع منه قراءة يوسف فعاد إلى اليهود وأعلمهم أنّه سمعها منه كما هي في التوراة ، فانطلق نفرٌ منهم فسمعوا كما سمِع ، فقالوا له : مَن علّمك هذه القصة ؟ فقال : الله علّمني ))[11] ومثل هذا التوجيه لم يحظ بالمقبولية عند الرازي لبعده عن المقصود ، وهو الصحيح ، ولعدم مُعاينة العلاقات النصية في هذه السورة والتي قبلها خطيّاً ( سورة هود) التي صرّحت في أواخرها بأنّ قصص الرسُل مسوقةٌ لطمأنة الرسول وتثبيت فؤاده ، قال تعالى : (( وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴿١٢٠﴾ ، وقال ابن عطية : ((وقيل : سبب نزولها تسلية الرسول ــــــــ صلّى الله عليه وسلّم ـــــ عمّا يفعله به قومه بما فعله إخوة يوسف بيوسف ))[12] .
وهذا الرأي أقرب إلى السياق الفكري والاجتماعيّ في البيئة المكّيّة بشكل خاص حين النزول ((ففي الوقت الذي كان رسول الله ـــــ صلّى الله عليه وسلّم ــــ يعاني من الوحشة والغربة والانقطاع من جاهلية قريش منذ عام الحزن … كان الله سبحانه يقصّ على نبيّه الكريم قصّة… يوسف بن يعقوب … وهو يعاني صنوفاً من المحن والابتلاءات ))[13] تلك المِحن والابتلاءات ما لبثت أن تحوّلت بلُطف من الله وعنايته إلى انتصار وتمكين ، والرسُل كما يُنبئنا الله سُبحانه مُنتصرون في آخر المطاف ((حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا ﴿يوسف ١١٠﴾
2 ــــــــ : عنوان السورة of surat Titel : تسمية سور القرآن توقيفٌ من الرسول عليه الصلاة والسلام ـ
قال السيوطي : (( وقد ثبتت جميع أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار ))[14] ومع ذلك، فلا بدّ من مسوّغ للتسمية أو العنوان ، وفي جميع الأحوال يكون مسوّغ اختيار العنوان داخليّاً في نصّ السورة ، قال الزركشيّ : ((سُمّيت سورة النساء بهذا الاسم لِما تردّد فيها من كثير من أحكام النساء … وكذا سورة المائدة لم يرد ذكر المائدة في غيرها فسُمّيت بما يخصّها ))[15] .
وأسماء سور القرآن كلّها موزّعة بنيوياً بين كونها حرفاً مثل سورتي ( ق ، ص ) ، أو كلمـــة (اسم، مصدر، نعت، صيغة جمع، فِعل ) وهو الأكثر ، أو مركباً إضافياً مثل سورة ( آل عُمران ) وحدها، ونستدلّ من ذلك على أنّ العنوان في أعلى سور القرآن : علامة لسانية رئيسة مثبتة خطّاً في رأس السورة وهو ذات علاقة بطرف من محتوى السورة أو بنواتها الموضوعية المُهيمنة وغير ذلك ، بمعنى أنّ العنوان النصّي في القرآن وحدة لسانية ذات إحالة إلى متن النصّ جزئية كانت الإحالة أو مُطابِقة، وإذا عُدنا إلى عنوان السورة التي نحن بصددها نجد أنّه كلمة دالّة على العلَمية ( يُوسُف) وهذا الاسم ذو مرجعية استعمالية عِبرية في أصل القصّة ويدلّ على عبريته بعض السمات البنيوية التي أشار إليها مُفسّرو القرآن[16] ، وعلى كلّ حال فبين عنوان السورة ( يوسف) والنصّ السرديّ الذي تحته علاقة إحالية داخلية متبادلة ، حيث يُحيل العنوان إلى النصّ ، وبالعكس ، كما يوضحها الرسم الآتي :
العنوان النصّ
ويدلّ السهم الصغير على أنّ العنوان يُحيل إلى النصّ إحالة مُكثّفة تختزل كلّ التفاصيل المسرودة في متن النص، وهذا التكثيف يعود بالطبع إلى ثراء العنوان في وظيفته الإحالية، واتّساعه الدلاليّ ، بينما يُشير السهم الطويل إلى أنّ النصّ يُحيل إلى العنوان بعلاقات تفصيلية مترابطة ، وذلك واضح من خلال سرد سلسلة من الأحداث والوقائع التي واجهها النبيّ يوسف عليه السلام منذ طفولته حتّى قدوم أبويه إلى مصر، وفي هذه الحال يُمثّل النبيّ يوسف عليه السلام مرتكز النصّ ، وموضوعه النواة الذي يمكن أن نتعامل معه بوصفه مكافئاً أو نظيراً دلاليّاً للعنوان [17] .
3 ــــ : هيكل النص : بُني النصّ ( القصّة) في متتاليات نصّية سردية على أربع فقرات ذات مهيمنة حَدثية متعاقبة في تسلسل زمنيّ أضفى ترابطاً خطيّاً وموضوعيّاً بين الفقرات، فكلّ فقرة سابقة تنتهي لتبدأ أخرى تالية بسرد حدثٍ جديد هو نتيجة طبيعية للحدث السابق، وهذ المسلك مؤشّر منطقيّ على ترابط الأحداث بعضها ببعض في إطار بسط سرديّ مُحكم النسج ، وهو في الوقت نفسه إشارة (( إلى بناء قصصي مُحتمل يُمكن أن نتصوّر حدوده المقبلة من خلال صيغة الخلق ذاتها ))[18] ، وهذه الحدود النصية المُقبلة مرهون تصوّرها بسرد الحدث المحور الذي يُشكّل مركز انطلاق الأحداث التالية المُتوقّعة في زمن السرد ، والحدث المحور كما يكشف عنه سرد بداية القصة هو الرؤيا ، قال تعالى : (( إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴿٤﴾ قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا .. ﴿٥﴾ الذي يُستأنف في نهاية القصة كذلك لا بوصفه واقعة حلمية سابقة ولكن بوصفه واقعة ملموسة راهنة (( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ۖ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ ﴿١٠٠﴾، وأصل هنا إلى أنّ الفقرات السردية الأربع تشكل حركة انتقال تدرجي تصاعديّ حتّى نهاية حدود الفقرة الرابعة التي تتولّد منها سلسلة من الأحداث مُتدرّجة هي الأخرى صعوداً نحو تأويل ( الرؤيا ) وتجسّدها في آخر المطاف على عرش المُلك. والآن أُسمّي هذه الفقرات في ضوء تدرّجها التصاعدي من الرؤيا ( السجود) إلى التأويل ( العرش ) في الشكل التخطيطي الآتي :
التأويل ( العرش )
4 الخلاص
3 السجن
2 المراودة
1 الرؤيا ( السجود)
يحيل السهم الطويل إلى اتّجاه العلاقة التصاعدية من السجود نحو العرش ، وهذه العلاقة ما كان لها أن تكمل سيرورتها دون أن تمرّ عبر متتالية رأسية من العلاقات الموضوعية (الفقرات) التي يُحيل اتّجاه الأسهم الصغيرة إلى كلّ منها على التوالي للتعبير عن الانتقالات الموضوعية من فقرة إلى أخرى في داخل المتن السرديّ وصولاً إلى النهاية الإيجابية، هذه الانتقالات تتنامى وتتطور في ضوء قاعدة السببية حيث تتوالى الأحداث وحركة الشخصيات توالياً تعاقبيّاً في الزمن السردي الذي يتوافق إلى حدّ كبير مع زمن القصة الحقيقيّ .
وعلى الرغم من كون تلك الانتقالات تُشير إلى نهاية فقرة وبداية أخرى فإنّ المتن السردي في بعض الفقرات يَترك أحياناً بعض الفجوات حيث ينقطع سرد موضوع الفقرة مؤقّتاً بسبب انتقالات أخرى يُمليها تطوّر الأحداث واختلاف المواقف ، وما تلبث أن تنطلق الفقرة فتعود في سرد موضوعها مرّة أخرى نحو نهايتها لتنطلق فقرة تالية نحو غايتها المُحدّدة لها ، ومثل هذه الفجوات الانتقالية من موضوع إلى آخر في الفقرة الواحدة لا تقطع الصلة بالنواة الموضوعية التي يتناولها المتن السردي وإنّما هي متّصلة بها بعلاقات مُعيّنة من الربط النصّي في بنية السرد ، وفي هذا الصدد يرى بوجراند Beaugrande (( أنّ حدود الفقرات عرضة للظهور عند وجود انتقالات في المفاهيم والمحتويات ، وهذه الانتقالات لا تترك في صورة فجوات وإنّما تتصل بواسطة الإحالات ))[19] وهذا ما يفسر تماسك فقرات القصّة في سبكها البنيويّ الخطّي ، وتدرّج سرد الأحداث المتعاقبة عبر متتالية زمنيّة على مستوى الحبك .
المحور الثاني : فقرة المراودة .
1 ـــــــــ حدود الفقرة : أشرنا في مكان سابق إلى أنّ ظهور حدود الفقرات السردية مرهون بوجود انتقالات في
المحتويات ، وحدوث هذه الانتقالات قيد على تشكيل فقرة نصّية تامّة وتمييزها من فقرة أخرى تالية عليها، ويظهر أنّ هذه الانتقالية الدينامية هي المؤشر الرئيس على تكوين الفقرات في النصوص السردية بوجه خاصّ ، كما أنّها مؤشر على استمرار المتتاليات الدلالية التي تصل بين الفقرات المكوِّنة للنصّ الكلّي بوصفه حصيلة العلاقات الموضوعية بين تلك الفقرات .
تبدأ حدود فقرة المراودة بقوله تعالى : (( وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّـهِ ۖ … ﴿٢٣﴾ وتنتهي بقوله تعالى : (( … قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴿٥١﴾ لتبدأ بعد ذلك فقرة ( الخلاص ) التي تُفضي إلى تمكين الله ليوسف في أرض مصر.
2 ـــــــ : نصّ الفقرة : سوف أورد المتتالية النصّية (الآيات) لفقرة المراودة في ضوء مقام الغاية من البحث ، لذلك سأكتفي بذكر المتتاليات التركيبية ذات المجال الإجرائيّ مُختزلاً بقية العبارات والتراكيب مُعبّراً عن ذلك الاختزال بثلاث نُقاط متوالية :
قال تعالى [ بسم الله الرحمن الرحيم ] : (( وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّـهِ … ﴿٢٣﴾ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ … ﴿٢٤﴾ وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ۚقَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٢٥﴾ قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي … ﴿٢٦﴾ … وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ ۖ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا … ﴿٣٠﴾ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ۖ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّـهِ مَا هَـٰذَا بَشَرًا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ﴿٣١﴾ قَالَتْ فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ۖ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ۖ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ ﴿٣٢﴾ … وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ۚ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ﴿٥٠﴾ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ ۚ قُلْنَ حَاشَ لِلَّـهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ ۚقَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴿٥١ [ صدق الله العظيم ] .
3 ـــــ : سبك الفقرة Formed : يوصف النصّ بكونه متتالية لغوية مترابطة ، حين تعمل شبكة من العلاقات التركيبية والوسائل النحوية على ربط أجزائه بعضها ببعض ، وبهذا يتحقق السبك في البنية الظاهرة للنصّ الذي يُفضي بدوره إلى استمرارية تتابعه الخطّي الذي يوازيه في الوقت نفسه استمرارية في الحديث عن موضوع مًحدّد أو مجموعة موضوعات ذات صلة به ، وتحديد هذه العلاقات التركيبية والوسائل النحوية تُسعفنا بها بنية النصّ نفسه في إطار النظام اللغوي الذي ينتمي إليه من جهة ، والغاية المقصدية التي يحملها النصّ من جهة أخرى ، ولا شك في أنّ مقصدية النصّ تتحكّم كثيراً بالاختيارات اللغوية للكلمات وصيغ العبارات والجمل وعقد الروابط السياقية فيما بينها لتُنتج في الأخير هدف النصّ ومعلومته النواة .
وهذا الكلام يصدق كثيراً على بنية الفقرة بوصفها متوالية نصّية خطية مُحددة على الرغم من تشابكها ببنية النصّ الكلّية ، ولكي نصف الإطار الشكلي للفقرة في ضوء العلاقات التركيبية لا بدّ من التذكير بأنّ هذا الوصف لا يُمكن أن يحدث بمعزل عن وصف الجملة الافتتاحية لها وتحليل مكوّناتها اللغوية ، فالفقرة تكوين لغويّ من علاقات ربط نحويّ بين الجملة الافتتاحية والمتواليات الجُملية التي تعقبها خطيّاً . وجملة الفقرة الافتتاحية هي : ( وراودتْه ُالتي هو في بيتها وغلّقت الأبواب وقالت هيتَ لكَ ) وهي الوحدة اللغوية المركزية التي بُني عليها نصّ الفقرة، ويقودنا الفحص اللغويّ إلى أنّ مكوّنات هذه الوحدة اللغوية المُهيمنة موزّعة على النحو الآتي :
أوّلاً . أفعال سردية Narrative verbs .
وهي عناصر نحوية أيضاً باعتبارها مكوّناً من مكونات البنية السطحية للنصّ ، حيث يظهر الفعلان ( راودَتْ ) و( غلّقتْ ) بوصفهما مؤشّراً على حدثين متعاقبين في زمن السرد ، مع اتفاقهما في الصيغة الدالة على الزمن النحويّ ( الماضي ) ، وتتناسق أفعال الجملة الافتتاحية مع بقية الأفعال في المتواليات اللاحقة نحويّاً ( ولقد همّت به ، وهمّ بها ، وقدّت ، واستبقا ، وألفيا ، وشهد ، فلمّا سمعت ، أرسلت وأعتدت …) حيث يستمرّ تشكل الزمن الماضي في سطح البنية السردية ، ووفقاً لهارالد فاينرش Harald Weinrich إنّ التوالي المستمرّ للزمن الماضي في نصّ سرديّ يولّد تناسقاً نصّيّاً [20] .
ومن جهة أخرى يظهر فعل القول( وقالت) بوصفه مؤشّراً لبداية خطاب خارجيّ بين ( هي و هو ) ، ( قالت : هيتَ لك ، قال : معاذَ الله ) وتستمر أفعال القول بالظهور في متواليات لاحقة ومشاهد مختلفة تبعاً لسيرورة الأحداث للتعبير عن مواقف الشخصيات المختلفة وحركتها في داخل السرد عبر سلسلة من الحوارات ( قالت ما جزاءُ ، قال هي راودتني ، وقال نسوة ، وقالت اخرج ، وقلن حاش لله ، قال ربّ ، قال أحدهما ، وقال لا يأتيكما ، وقال للذي ، وقال الملك ، قالوا …. ، قالت امرأة العزيز ) ، ولا شكّ في أنّ توالي أفعال القول ذات الصيغ المتماثلة في ضوء توالي الأحداث المتصلة قد منح الفقرة صيغاً حوارية في سياقات مترابطة أفضت إلى استمرارية الوقائع اللغوية في سرد الخطاب الخارجي في القصّة .
ثانياً . ألفاظ كنائية Pro – forms ، والمقصود بها تلك الألفاظ التي تؤدي مجموعة من العلاقات النحوية والمعجمية في داخل النصّ ، وهي ذات وظيفة نصّية مشتركة تكمن في إشارتها إلى عبارات اسمية أو حدثيّة مذكورة في النصّ . وفي مجال البحث يُدرج تحت هذا المفهوم : الضمائر Pronouns والأسماء الموصولة Relative nouns .
يرى رولاند هارفيج Roland Harweg أنّ النصّ يتميّز بتسلسل الضمائر[21] ، والمكوّن الكنائــــي الأساسيّ للنصّ الذي يعالجه البحث شبكة من الضمائر Pronouns التي تقوم بوظيفة الإحالة والتعويض في داخل النص ، وعلى الرغم من ظهور ضمير المخاطّب في بعض المشاهد الحوارية ((يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا ۚ وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ ۖ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ ﴿٢٩﴾ إلّا أنّ الملاحظ هيمنة ضمير الغائب في سرد وقائع الفقرة ، وهو مسلك طبيعيّ يناسب السرد بوصفه واقعة لغوية تُنبئنا عن أفعال شخصيات غائبة في زمن الخطاب السردي (( ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ﴿ يوسف ١٠٢﴾ ، واستمرار سرد الأفعال بضمير الغائب ( هو أو هي أو هُما ، إلخ ) ـبحسب السياق الذي يرد فيه ــــــ يُعدّ مؤشّراً بنيوياً على تناسق أجزاء الفقرة وارتباطها بعضها ببعض .
وتظهر إلى جانب سلسلة الضمائر عناصر كنائية ذات وظيفة استبدالية أو إحالية في داخل النصّ ، مثل ( التي ، الذي ) ففي الجملة الافتتاحية السابقة ( وراودتْهُ التي … ) تقودنا معرفتنا الخلفية بسياق السرد في قوله تعالى : (( وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ … ﴿٢١﴾ إلى وصف الكناية الموصولية ( التي ) بأنّها عنصر استبداليّ ذو وظيفة مُتعيّنة في بنية السرد ، قال أبو السعود : (( والعدول عن التصريح باسمها للمحافظة على السرّ أو للاستهجان بذكره ، وإيراد الموصول لتقرير المراودة فإنّ كونه في بيتها مما يدعو إلى ذلك ))[22] وإشارته الثانية هي المُرجّحة، فالتعبير بالموصول يدلّ على عدم أهمية التصريح في هذا السياق لأنّ نواة السرد القصدية هنا فعل المراودة نفسه وليست المرأة ، وكذلك الموصول في ( وقال الذي اشتراه ) الذي يُحيل إلى
الأمام إلى العزيز في قوله تعالى : (( وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ… ﴿٣٠﴾ لم يُصرَّح بالاسم الوصفيّ مكانه لعدم فاعليته في السياق الذي ورد فيه .
وتشترك أسماء الإشارة Demonstratives مع الضمائر والموصولات الاسمية في التعبير عن عناصر لغوية سبق ذكرها في ظاهر النصّ Surface text عبر إحالة داخلية تعمل على ربط اسم الإشارة بمرجعه في متوالية خطية متّصلة ، وفي ضوء ذلك يرتبط اسما الإشارة ( هذا ) في قول النسوة : ( ما هذا بشراً ) ، و( ذلك ) في قول المرأة : ( فذلكُنّ الذي ..) بمرجع واحد مقصود ، على الرغم من اختلاف العبارتين في الجهة ، قرباً وبعداً ، وإذا كان تفسير جهة القرب واضحاً بسبب خروجه أمامهنّ (فلمّا رأينه … ) فإنّ تفسير الجهة الأخرى ( البُعدية ) لا بدّ أن يُحيلنا إلى مشهد سابق في المتوالية السردية ، وذلك حين بلغَ النسوة حديث ُالمراودة فقلن : (امرأة العزيز تراود فتاها) ، فهو( أي ذلك ) إحالة إلى مرجع معهود في الذهن ، قال الزمخشري : (( ولم تقل : فهذا ، وهو حاضر … إشارة ًإلى المعنى بقولهنّ : عشقتْ عبدها الكنعانيّ ، تقول : هو ذلك العبد الكنعاني الذي صوّرتنّ في أنفسكنّ ثُمّ لُمتنني فيه))[23]، ومثل هذه الإحالة ذات فاعلية في تنشيط ذاكرة المتلقّي لربط العلاقات الإحالية بين العناصر المتباعدة في ظاهر النصّ ، وهذا الربط مؤشّر على تحقق تماسك المتواليات النصّية واستمرارها الخطي .
ثالثاً . أدوات ربط . وهي وحدات لغوية لا تنتمي إلى المعجم ، وإنّما إلى النحو ، ولذلك يُعبّر عنها في الدراسات اللسانية المعاصرة بالأدوات الوظيفية Function words ، وفي العربية طائفة كبيرة منها تناولها النحاة ، كما وُصف لنا بعضُها في كتب (حروف المعاني) ، غير أنّ مجال البحث الحالي يتعامل مع أدوات محدّدة تشكّلت في ظاهر بنية الفقرة ، وهي : الواو والفاء . ومعنى الواو الجمع والتشريك وهي الأصل في تأدية هذا المعنى لكثرة استعمالها [24] ، ويرى ابن هشام أنّ العطف بها لمطلق الجمع وتفيد الترتيب عند بعض النحاة كقطرب والفرّاء [25] هذا في نحو الجملة العربيّ ، وفي علم اللغة النصّي تستعمل أداة العطف and في الإنكليزية و und في الألمانية مثلاً لمطلق الجمع Conjunction، ووظيفتها الربط بين تركيبات متوالية متماثلة في بنائها السطحيّ[26] والمتواليات التركيبية المتماثلة في بنيتها السطحية كما يبدو أكثر ظهوراً في النصوص السردية، وذلك يصدق على بنية القصّة بشكل عام ، وبنية الفقرة بشكل خاص ، حيث يتوالى سرد الأفعال بصيغة الماضي وترابط هذه الأفعال بعضها ببعض بأداة مطلق الجمع ( الواو) التي توالت بكثافة بالقياس إلى ( الفاء) ، وهو مؤشّر على الوظيفة البنيوية الرئيسية لهذه الأداة في تشكيل بنية لغوية متماسكة في ظاهر النصّ عبر الجمع بين أجزائه المتتابعة لإنتاج وحدة لغوية تامّة تتّسم بالترابط ، كما أنّه من جهة أخرى مؤشّر على دورها الواضح في تسلسل الوقائع وهي تسير في تعاقب زمني طبيعيّ موازٍ لسيرورة الأحداث وتدرّجها نحو الاكتمال في مبنى النصّ السرديّ .
المحور الثالث : الحبك Coherence في متن الفقرة .
1 ــــــ تأتي معالجة الاستئناف في فقرة المراودة من خلال مفهوم الحبك ، بعدّه ـــــــ أي الاستئناف ــــــــ ظاهرة نصية دلالية تنشأ من إعادة استعمال وحدة موضوعية في متواليات لاحقة مترابطة تُفضي في النهاية إلى تماسك الفقرة على مستوى بنيتها الداخلية .
ويُعبّر عن الحبك في الدراسات النصّية العربية المعاصرة غالباً بالترابط المفهومي أو التماسك المعنوي ، في مقابل الترابط الرصفي أو التماسك النحويّ ( السبك Cohesion)، ويُستنبط من قراءة بعض الدراسات اللسانية النصّية الغربية المُعرّبة أنّ الحبك : تنظيم القضايا والمعلومات في بنية النص تنظيماً تتابعياً يمنحه سمة الاستمرارية المعنوية التي توفّر له ترابطه المضمونيّ ووحدته الموضوعية . وحدّه اللساني الألماني Bernhard Sowinski بقوله : (( يقضي للجمل والمنطوقات بأنّها محبوكة ، إذا اتصلت بعض المعلومات فيها ببعض في إطار نصّي أو موقف اتّصاليّ اتصالاً لا يشعر معه المستمعون أو القراء بثغرات أو انقطاعات في المعلومات ))[27] ، ولعلّ هذه السمة الاتصالية للحبك تقضي بأنّ النصّ ليس مركّباً من سلسلة متوالية من الجمل والفقرات فحسب ، بل هو وحدة موضوعية تترابط فيها الوحدات النصية المتعاقبة بعضها ببعض بروابط داخلية مُتنوّعة ، حينئذ يُنظر إلى النصّ في إطار ترابط التتابع الجمليّ القائم على أساس استمرارية الموضوع ، وهذا في حدّ ذاته معلمٌ على انّ الموضوع بوصفه غرضاً يرتبط بالتشكّل السطحيّ المتواصل للنص .
2 ـــــــ يكمن مبدأ الاستئناف عند فيهفغر بأن يورَد موضوع ( تعيين اسميّ ) في وحدة نصية، يُعاد ذكره في تتابع جُملي بوسائل لغوية ودلالية [28] ، ومن الممكن التوسّع في مجال ( الموضوع ) في الدراسات النصّية العربية مثلاً فلا يُقتصر على الوحدات الاسمية ، بحيث يشمل محتوى الوحدة النصّية وموضوعها، والوحدات الفعلية (الوقائع والأحداث) والوحدات التبعية والظرفية الزمانية أو المكانية، وغيرها من الوحدات الموضوعية التي تنبني منها متواليات نصّية يمكن رصدها ومعالجتها في إطار هذا المبدأ النصّي .
وإذا أخذنا بهذا الافتراض فإنّ موضوع النصّ في إطار البحث الحالي هو وحدة فعليّة( واقعة) : (وراودتْه) ، وهو الوحدة النصّية / الموضوعية التي يُعاد ذكرها في سلسلة متوالية من الأحداث والمواقف مُشكلة بذلك فقرة مستقلّة موضوعيّاً ، وهذا التوالي المستمر في الأحداث سمة من سمات حبك النصّ الذي يُشير في بعض سماته التكوينية إلى (( تنظيم الأحداث والمواقف إلى ما وراء حدود الجملة الواحدة ، وإلّا فسوف يفتقر إنتاج النصوص واستقبالها إلى التماسك ))[29] .
وبشكل عام ، ينظر إلى نصّ فقرة المراودة بوصفه تتابعاً من الأحداث والمواقف في إطار محتوى محدّد ، وهو تتابع سرديّ منظّم يوازي تتابع الأحداث والمواقف في الواقع ، وهذا التتابع السرديّ المنظم لا يُنسب للتدرج المنطقي في توالي الأحداث وترتيبها زمنياً فحسب ، وإنّما يُعزى لطائفة من الوسائل المعنوية والعلاقات الموضوعية الداخلية التي توفّر للنص استمراريته الموضوعية ، وحينئذ يوصف النصّ بأنّه وحدة موضوعية مُترابطة الأجزاء .
3 ـــــ وفي الحقيقة إن تلك الوسائل المعنوية والعلاقات الموضوعية لا تعدو أن تكون مؤشّرات على وحدة نصّ الفقرة وتماسكه، ابتداء من الوحدة الموضوعية التي تستهلّ بها الفقرة النصية إلى نهايتها ، وإعادتها عبر ما يُسمّى
بالتكرير البسيط وهو إعادة الوحدة اللغوية / النصية نفسها في متواليات لاحقة ، على الرغم من بعض الانتقالات الموضوعية التي يمكن وصفها بأنّها نتائج طبيعية للواقعة المركزيّة في نص الفقرة وهي المراودة ، وهذه الانتقالات تتطلبّها سيرورة الأحداث في المتن السرديّ، فدخول السجن ورؤيا خادميّ الملك ورؤيا الملك وخروج النبيّ يوسف من بعدُ ، لم يكن الانتقال إليها اعتباطاً إنما هي ذات صلة وثيقة بالموضوع، فدخول السجن كان نتيجة لدعوى المراودة والخروج منه كان نتيجة الإقرار بالمراودة، فهي أحداث مترابطة منطقيّاً يصعب تجريد اللاحق منها من سابقه، ومع ذلك فقد ارتأى الباحث ـــــــ كما سبق ــــــ أن يكون الإجراء في المتواليات النصّية التي تتصل بواقعة المراودة أو تتضمّنها بطريقة أو أخرى .
وتُعدّ تقنية الإعادةُ بوسائلها المختلفة الآلية الفاعلة التي يقوم عليها مبدأ الاستئناف ، فبها يستمرّ تسلسل موضوع معين في متوالية نصية عبر إعادته في وحدات نصية مترابطة تتعدّى حدود الجملة ، وتتمّ الإعادة النصية في الغالب بتكرير الذكر الأول تكريراً كاملاً ، أو بعناصر استبدالية (معجمية أو تركيبية) متكافئة دلاليّا، متعلّقة بمتطلبات السياق [30] وغيرها من الوسائل النحوية / الدلالية التي تُحيل إلى الوحدة الموضوعية النواة في النصّ ، ومثل هذه الإعادة لا يُفترض توفّرها في كلّ النصوص لسبب بسيط وهو تنوّع الأنماط النصّية واختلاف النوايا والسياقات المكوّنة لها ، ولا شكّ في أنّ لكلّ نصّ ظروف إنتاجه ومقاصده التي يهدف إلى إبلاغها في إطار مكوّنه الموضوعيّ .
وفي نصّ الفقرة الذي هو جزء من النصّ العام (السورة) يتلخّص مكوّنه الموضوعي بالمراودة ، وهو في الوقت نفسه ذو صلة وثيقة بالمكوّن الموضوعيّ النواة للسورة ، ومن الملاحظ أنّ مكوّن الفقرة الموضوعيّ لم يُكرر في فقرة لاحقة في المتن السرديّ الذي بُني على مكوّنات موضوعية متنوّعة تبعاً لتنوع الأحداث والأفعال والمواقف ، وإنّما كُرّر في إطار فقرة مُحدّدة ليُسهم التكرير في تماسك العلاقات الدلالية والموضوعية في نصّ الفقرة ، وربّما كانت هذه الوسيلة ـــــــ أي التكرير ـــــــ من بين أكثر الوسائل اللغوية التي تُشكّل قاعدة الإعادة النصّية لما تضطلع به من وظيفة نصية في شدّ أواصر النصّ بعضها ببعض . والتكرير هنا هو تكرير ملفوظات وعبارات وثيقة الصلة بــ( فِعل المراودة ) وهو الواقعة المركزية التي بُنيت عليها بنية الفقرة النصية، والتي استؤنفت في مشهد المواجهة مع سيّد المرأة بصيغة التكرير الكلّي على لسان النبيّ يوسف ( قال : هي راودتني عن نفسي ) ، وفي مشاهد لاحقة مع نسوة المدينة ( امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه ) ومع امرأة العزيز في مقام اختبار النسوة ( ولقد راودْتُه عن نفسه ) ، ويتواصل التكرير الكلي إلى نهاية الفقرة على لسان امرأة العزيز في المشهد الأخير ( أنا راودتُه عن نفسه وإنّه لمن الصادقين ) ، وهنا ثلاث ملاحظات ينبغي الإشارة إليها :
الأولى : أنّ استئناف محتوى المراودة على لسان النبيّ ورد في موقف مقاميّ مغاير لموقف ورودها الأول ، وأنّه
كما يبدو بُنيَ على استئناف سابق في قول المرأة : ( ما جزاءُ مَن أراد بأهلكَ سوءاً إلّا أنْ يُسجن أو عذابٌ أليمٌ ) ، بلحاظ أنّ المراد من ظاهر كلمة ( السوء ) في هذا السياق هو فعل المراودة نفسه ، قال الرازي : (( وفي ظاهر الأمر كانت توهم أنّه قصدني بما لا ينبغي ))[31] ، أي راودني عن نفسي .
الثانية : أنّ محتوى المراودة على لسان النسوة استؤنِف بصيغة المضارع ( تُراودُ فتاها ) ، وفي ذلك عدول عن الزمن السرديّ لنصّ الفقرة الذي بُنيَ على الزمن الماضي ، وهذا العدول له مسوّغه التواصلي كما لحظ طائفة من مفسّري القرآن ، قال أبو الطيب القنوجي : (( وجيء بالمضارع تنبيهاً على أنّ المراودة صارت مهنة لها وديدناً ، دون الماضي فلم يقلن : راودَتْ ))[32] ، وقال ابن القيّم : ((جيء بفعل المراودة بصيغة المستقبل الدالة على الاستمرار والوقوع حالاً واستقبالاً ، وأنّ هذا شأنها وعادتها ))[33] ، وألمس في هذين النصّين أنّ العدول إلى صيغة المضارع يحمل قيمة عالية من الإعلامية ، وهو ما نجده مقرّراً في الدراسات اللسانية النصية الغربية ، إذ يرى هارالد فاينريش أنّ الانتقال من الزمن الماضي في نصّ سردي إلى زمن آخر يُمثّل علامة نصّية تُنبّه المُتلقّي إلى دلالة ما [34] .
الثالثة : أنّ استئناف ذكر فعل المراودة وتكريره في متواليات لاحقة له ما يسوّغه من الناحية السياقية ، فكلّ إعادة هي مكوّن موقفي ونتيجة طبيعية لتوالد الأحداث والمواقف وتدرّجها تبعاً لتسلسلها الزمنيّ السرديّ ، بحيث ترتبط كلّ إعادة بالأخرى ارتباطاً دالاً على تواصل نصّ الفقرة واستمراريته عبر تسلسل الأحداث وترابطها ، على الرغم ممّا سبقت الإشارة إليه من وجود انتقالات في المحتويات في المتن وهي انتقالات طبيعية بوصفها نتائج منطقية لتدرج الأحداث وتسلسلها المنتظم .
والإعادة النصّية بالتكرار الكامل للوحدة الموضوعية هي الظاهرة السائدة في نصّ الفقرة ، مع ملاحظة نوع آخر منها وهو: إعادة الصياغة ، وسمته الدلالية إعادة المحتوى الواحد بعبارات مختلفة ، ليس بطريقــــــــــــــــة الترادف اللغوي ، وإنّما بذكر وحدة لغوية دلالية بديلة يتطلبّها سياق المناسبة والظروف المحيطة به ، ووظيفة البدائل كما يرى بوجراند تكمن في سبك البنية السطحية للنصّ دون إهدار لترابط المعلومات الكامنة تحتها [35] . بمعنى أنّ البديل في متوالية نصية لاحقة يؤدّي دور الوحدة الدلالية السابقة المُستبدلة في أداء قيمتها المعنوية نفسها ، كما أنّه ـــــ من جهة أخرى ــــ يُسهم في عملية حبك النصّ بإعادة محتوى أو موضوع سبق تنشيطه وبذلك يُبقي على تتابع الموضوع واستمراريته بين المتواليات النصية ، وأضيف إلى ذلك أنّه لا يفترض في الوحـــــــدة البديلة أن تكـــــون ـ
مطابقة للوحدة المستبدلة في الصيغة بمعنى أن تبدل فعلاً بآخر أو اسماً بآخر، إذ يمكن أن يحصل العكس ، بوصف الاستبدال ظاهرة استعمالية يلجأ إليها المتكلّم أو منتج النص للتعبير عن شيء أو محتوى سابق بعبارة يتطلبّها سياق موقفي مُغاير لسياق الذكر الأول ، ولنا أن نجد مثل ذلك في قول المرأة تخاطب سيدها : ( ما جزاءُ مَن أراد بأهلكَ سوءاً ) فالوحدة اللغوية الاسمية ( سوءاً ) هي النظير الدلالي لفعل المراودة على الرغم من أنّها ذات دلالة لغوية عامة يدخل فيها( المراودة ) وغيرها ، بوصفها دالّا على الفعل القبيح أو المُنكر، ولكنّ سياق النصّ يجعلها موازياً دلالياً للوحدة النصية ( المراودة) ، بدليل قوله تعالى : ( وكذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ) [ الآية 24] ، وقول النسوة : ( ما علمنا عليه من سوء ) [ الآية 51 ] جواباً على قول الملك : [ ما خطبُكُنّ إذ راودتُنّ يوسف ) [ الآية 51] ، وقول النبي يوسف بُعيد كلامها السابق : ( هي راودتْني ) ، ويُفهم من ذلك أنّ ( السوء ) هو العنصر البديل المكافئ دلالياً لفعل المراودة ، قال فخر الدين الرازي : (( وفي ظاهر الأمر كانت توهم بأنّه قصدني بما لا ينبغي ))[36] ، وفي مشهد آخر يستحضر النصّ مكوّناً بديلاً من المركّب الفعلي في قول المرأة : ( ولئن لم يفعل ما آمره ) الذي يُحيل في الوقت نفسه إلى موضوع المراودة الذي استهلّ به نص الفقرة ، واستحضار هذا المركّب الفعلي البديل يناسب الظروف المحيطة بموقف المرأة وسياقها النفسي ، قال القرطبيّ : (( عاودتْه المراودة بمحضرٍ منهنّ ، وهتكت جلباب الحياء ووعدت بالسجن إن لم يفعل ، وإنّما فعلت هذا حين لم تخش لوماً ولا مقالاً خلاف أوّل أمرها إذ كان ذلك بينه وبينها ))[37].
ومن بين وسائل الإعادة النصية في إطار مبدأ الاستئناف الإحالةُ ) Reference الداخلية ) التي يُعزى إليها تماسك نصّ الفقرة لا على مستوى الربط الشكليّ بين المتواليات الجُملية ، وإنّما على مستوى الترابط الدلالي بينها أيضاً لِما تضطلع به الإحالة من دور كبير في توجيه محتوى الفقرة ، بوصفها تؤدّي وظيفة استمرار الموضوع واستقراره في إطار توالي الجمل المترابطة على مستوى تتابع الزمن السرديّ ، والتعاقب المنطقيّ للوقائع والمواقف .
ومن الواضح أنّ وصف النصّ وتحليله يعتمد كثيراً على وسيلة الإحالة النصّية التي يُراد بها العلاقة بين الكلمات أو العبارات ــــ ذات القدرة الإحالية ـــــ والأشياء أو الوقائع أو المحتويات في داخل النصّ ، ومن الواضح كذلك أنّ الإحالة إلى معهود أو مذكور سابق هو المشهور في البحث اللساني النصّي لكثرة استعماله في النصوص الأدبية وغيرها ، في مقابل الإحالة إلى مذكور لاحق التي يقلّ استعمالها في مثل تلك النصوص ، ويرى برينكر أنّ أمثلة الإحالة اللاحقة كثيرة في النصوص الصحفية[38].
ومن جانب آخر يُميز البحث اللساني النصّي بين نمطين من الإحالة هما : الإحالة المباشرة (الصريحة) والإحالــــة
غير المباشرة (الضمنية)[39] على أساس من العلاقات اللغوية أو الإدراكية . ومن الإحالة المباشرة في نص الفقـــــرة .
قول العزيز : (( يوسُفُ أعرضْ عَنْ هذا )) فالعنصر الإشاري يُحيل إلى فعل المراودة إحالة مباشرة لمجاورته السياقية للواقعة النصّية ، فضلاً عن أنّ الواقعة والعنصر المُحيل يقعان في مشهدٍ سرديّ واحد وفي إطار مكانيّ واحد ( بيت العزيز) ، وهذه المجاورة بين عنصري الإحالة تسِمُ الإحالةَ بوصفها ظاهرة استعمالية بطابع الوضوح في توجيهها وهو مطلب اتصاليّ مهمّ يكمن في أنّ العنصر الإحالي في ذهن المتلقي يحيل إلى مرجع مُعيّن في السلسلة النصية المتقدّمة ، على الرغم من أنّ العنصر الإشاري ( هذا ) لا يطابق المرجع ( راودتْهُ ) من جهة الصياغة ، فالمرجع تعبير فعليّ والعنصر المُحيل ضمير إشاريّ ، ويمكن التماس المطابقة الشكلية بينهما بوصف المراودة فعلاً أو أمراً كما جاء في التفسير[40] ، ومن هذا النمط أيضاً قول النبيّ يوسف : (( ربِّ السجْنُ أحبّ إليّ مِمّا يدعونَني إليهِ ))[ الآية 33] حيث ضمير الغيبة يُحيل إلى فعل المراودة إحالة مباشرة لوروده في سياق مُحدد وهو سياق مشهد محضر النسوة ، واعتراف المرأة بمراودته أمامهنّ وتهديده بالسجن إن لم يُذعن لرغبتها .
ومن الإحالة المباشرة في إطار الإعادة النصّية ما جاء بصيغة التعبير الفعليّ ، ويمكن وصف هذا التعبير في متوالية جُملية من الفقرة صورةً من صور المطابقة الإحالية التي تُمكّن المتلقي من التعرّف على المرجع وإدراكه دون عناء ، من ذلك قول المرأة في مشهد محضر النسوة : (( ولَئِن لم يفْعَلْ ما آمُرهُ ..)) فهذا التعبير الفعليّ إحالــــة مباشرة إلى محتوى المراودة / الذكر الأوّل ، وفي التفسير : (( ما قد أمرْتُه … عند أن أغلَقتْ ( كذا) الأبواب وقالت : هيتَ لكَ ))[41] ، وهو توجيه إحاليّ مناسب ، ولكنّ تقدير الفعل المضارع بالماضي لا يناسب سياق المشهد وموقف المرأة ، فاستعمال الفعل( آمُرُ) بصيغة المضارع للدلالة على استئناف مراودتها له بدليل القَسَم ( ولئن لم يفعل .. ) وجوابه ( لَيُسجَنَنّ ..) ، وقد مرّ آنفاً قول القرطبيّ في تفسير الآية : (( عاودتْه المراودة بمحضرٍ منهنّ))[42].
ويتّضح من هذه الإحالة أنّ الوحدات المرجعية لا يشترط لها أن تكون ضمائر كنائية أو إشارية ، بل (( يُمكن أن تكون ذات امتداد متباين … جملاً أو تتابعات جملية ))[43] سواء في الإحالة المباشرة أو غير المباشرة ( الضمنية ) التي توسم بانتفاء المطابقة الإحالية بين التعبير المُستأنَف ( المرجع ) والتعبير المُستأنِف ( التعبير المرجعيّ ) حسب تعبير برينكر[44] ، ومن السمات الدلالية لهذه الإحالة أن تنوب فيها علاقات مفهومية أو مجازية بين المرجع والتعبير المُحيل عن عنصر المطابقة ، كالاشتمال والإجمال والتلميح وغيرها من العـــــلاقــات التي تربط بين طرفي الإحالة بطريقة غير مباشرة ، وتفسير هذا النوع من الإحالة مُعتمده معرفة المتلقّي لسلسلة الوقائع النصية السابقة والمخزونة في ذاكرته لتحديد المرجع المطلوب ، ومن الإحالة الضمنية في الفقرة قول النبي يوسف ــــ وقد مرّ آنفاً ــــ : (( ربِّ السِجْنُ أحبُّ إليّ مِمّا يدعونَني إليهِ )) فالتعبير الفعليّ ( مِمّا يدعونَني إليه) ورد بصيغة الإجمال والعموم من جهة نسبة فعل المراودة إلى النسوة كُلّهنّ (( لأنّهنّ تنصّحنّ له وزيّنّ له مطاوعتها ))[45] ، ومسوّغ التعبير بهذه الصيغة الإجمالية اتّصاله بقول المرأة في محضر النسوة ( ولئن لم يفعل … لَيُسجَنَنّ ) ، ومن الممكن أن تكون العلاقة الإحالية علاقة اشتمال بوصف المرأة داخلة في عداد النسوة وهي في محضرهنّ ، فكان في التعبير المرجعيّ إحالة ضمنية بطريقة التلميح إلى فعل المراودة ودعوة امرأة العزيز إيّاه لنفسها بقولها : ( هيتَ لك ) [46].
وفي مشهد آخر، تستمرّ الإحالة غير المباشرة في متوالية جملية فعلية في قول النبي يوسف مخاطباً الرسول : (( ارجِعْ إلى ربّكَ فاسْألهُ ما بالُ النسوةِ اللاتي قطّعنَ أيديَهنّ ..))[ الآية 50] ، ففي التعبير الفعليّ : ( قطّعْنَ أيديَهنّ ) إحالة غير مباشرة إلى واقعة المراودة بطريقة التلميح بالكناية قال القرطبيّ : (( ذكرَ النساء جملة ليدخل فيهنّ امرأة العزيز مدخل العموم بالتلميح ))[47] ، وقال القنوجيّ : (( وقد اكتفى هنا بالإشارة الإجمالية ))[48]
أي دون أن ينسبَ فعل المراودة للمرأة صراحة بوصفها هي المقصودة بهذا الفعل كما يدلّ سياق المتواليات النصّية التي تعرّضنا لها بالوصف والتفسير ، ويعضد ذلك استئنافُ محتوى المراودة في المشهد الأخير من الفقرة في قول المرأة : (( الآنَ حصْحص الحقُّ أنا راودْتُهُ عن نفسِهِ )) [ الآية 51 ] .
الخاتمة والنتائج
تناول البحث دراسة الاستئناف في فقرة ( المراودة) في سورة يوسف (عليه السلام) مقاربة نصية إجرائية ، وقد كشف البحث عموماً عن صلاحية منهج علم اللغة النصّي في وصف النصوص وتحليلها على أساس مبدأ الاستئناف الذي يُعزى إليه ترابط وحدات النصّ الموضوعية بعضها ببعض عِبر قاعدة الإعادة النصية ووسائلها المتنوعة من خلال : التكرير الكامل للوحدة الموضوعية وإعادة الصياغة ( الاستبدال) والإحالة الداخلية .
وعلى الرغم من الصلة الوثيقة بين مبدأ الاستئناف ومعيار الحبك النصّي بوصف الاستئناف النصّي ( وسيلة ) من وسائل تحقق الحبك في البنية الداخلية للنصّ ، فإنّ هذه الوسيلة ما كان لها أن تؤدي وظيفة الترابط بين مكوّنات النص الدلالية والموضوعية في المتواليات التركيبية المتعاقبة بمعزل عن السبك اللغوي / النحوي الذي يُنسب إليه اتساق البنية السطحية لنصّ الفقرة في إطار من العلاقات والوسائل النحوية ، وقد تجلّى لنا ذلك الترابط في استمرار تشكّل صيغ الزمن الماضي في سطح البنية السردية سواء على مستوى استئناف الوحدة النصية ( الذكر الأول ) بتكرير الصيغة نفسها ، أو استمرار سلسلة أفعال القول الحوارية . وكان لتسلسل الضمائر الكنائية وبعض الصيغ الإشارية والموصولات المؤدّية وظيفة التعويض أو الإحالة في ظاهر النصّ دور بنيويّ في تناسق أجزاء الفقرة النصية وارتباطها بعضها ببعض ، وعلى مستوى الربط بالأداة اتضحت وظيفة أداة مطلق الجمع (الواو) في تشكيل بنية سطحية متماسكة عبر تسلسل الأحداث والوقائع اللغوية في تعاقبها الزمنيّ المنتظم .
ومن النتائج الأخرى التي أفضى إليها البحث :
ــــــ حاول البحث أن يجترح مفهوماً مُحدّداً للاستئناف النصّي انطلاقاً من مُعاينة المكوّن الموضوعي لنصّ فقرة ( المراودة ) في سورة يوسف ـــ عليه السلام ــــ ، وهو مفهوم مُستخلص من وصف طائفة من العلاقات الدلالية والوسائل المفهومية التي أفضت إلى ترابط نصّ الفقرة في مجاله الداخلي/ الموضوعيّ ، فكان مفهوم الاستئناف المجترح في البحث أنّه : إعادة مباشرة أو غير مباشرة لمحتوى ــــ أو واقعة ـــــ سبق ذكره في نصّ أو فقرة نصّية يحكمها إطار موضوعيّ مُحدّد .
ــــــ أظهر البحث أنّ الإعادة الاستئنافية بوسيلة التكرير الكامل من بين أكثر الوسائل اللغوية التي تُشكل قاعدة الإعادة النصية لِما تضطلع به من وظيفة نصية في شدّ أواصر نصّ الفقرة بعضها ببعض من جهة ، وتنظيم موضوعها وتواصله عبر تدرّج الأحداث والمواقف وتسلسلها المنتظم في إطار تعاقبها الزمني .
ــــــ أظهر البحث من خلال فحص الإعادة النصية بوسيلة الاستبدال أو يُسمى ( إعادة الصياغة ) أنّه لا يُفترض أن يكون العنصر الاستبداليّ فيها صنفاً نحويّاً مطابقاً للعنصر المُستبدَل ، وحسبُ العنصر البديل أن يكون مكافئاً دلالياً للمرجع المستأنَف المستبدَل ، وتفسير عدم التطابق بينهما أنّ الاستبدال النصّي ظاهرة استعمالية خاضعة لمتطلّبات المواقف السياقية كما اتّضح ذلك جليّاً في نص الفقرة ، ومع ذلك فإنّ وسيلة الاستبدال ـــــ بعلاقاتها الاسمية والتعبيرات الفعلية ـــــ لها وظيفتها النصية التي لا تخفى من خلال إسهامها في حبك نص الفقرة بإعادة محتواها الذي سبق تنشيطه بعناصر بديلة توازيه من جهة الدلالة والقيمة الموضوعية ، وبذلك فهي تُبقي على استمرار المحتوى أو الموضوع في المتواليات النصية المتعاقبة .
ــــــ أشار البحث إلى الوظيفة الرئيسية الذي تضطلع بها الإحالة النصية في إطار قاعدة الإعادة في فهم العلاقات بين المكوّنات النصية وما تُحيل إليه في ذهن المتلقي من معلومات ووقائع سواء في الإحالة المباشرة أو غير المباشرة ، وهي في غير المباشرة تحتاج إلى قليل من التأمل لتفسير المكوّن الإحالي الذي يتضمّن المرجع بأسلوب الكناية أو الإشارات الإجمالية والتلميحية ، ولا سيّما إذا كان التعبير المُحيل مُتراخياً عن مرجعه في الوقائع والأحداث اللغوية المبثوثة في سطح النص .
وما يتّصل بهذا الجانب ، يرى الباحث أنّ الإحالة في نصّ الفقرة بنمطيها المباشر وغير المباشر يُمكن أن تُدرج في إطار مفهوميّ جامع بينهما وهو الإحالة الاستئنافية التي أفضت إلى تماسك نصّ الفقرة عبر التواصل في الكلام عن موضوع مُحدّد واستمراره على بساط المتواليات التركيبية المكوّنة له .
ـــــ وفي الأخير يستخلص الباحث من مجمل المُعاينة للوسائل الاستئنافية التي تندرج تحت قاعدة الإعادة النصية أنّ مفهوم الفقرة النصّية ينبغي أن يُحدّد على أساس موضوعيّ لا شكليّ ، على الرغم من أهمية العلاقات السياقية والوسائل النحوية التي تعمل على ربط أجزاء النصّ في مجاله السطحيّ ، فالنصّ عموماً ليس سلسلة مترابطة من تتابعات تركيبية مُستقلّة بنفسها فحسب ، إنّما هو سلسلة متّصلة الحلقات من العلاقات الدلالية والمفهومية وعلاقات الترابط الموضوعيّ التي تُفضي في الأخير إلى التركيز الاتّصالي على موضوع محدّد يرتبط أوّله بآخره .
المصادر والمراجع
ــــ الإتقان في علوم القرآن ، جلال الدين السيوطي (911ه) تحقيق مركز الدراسات الإسلامية ، السعودية 1426ه
ــــ إسهامات أساسية في العلاقة بين النص والنحو والدلالة ، نقله إلى العربية د . سعيد حسن بحيري ، مؤسسة المختار ، القاهرة 2008
ــــ البرهان في علوم القرآن ، بدر الدين الزركشي ( 794ه) تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ط3 القاهرة 1984
ـــــ تحليل الخطاب ، براون و يول ، ترجمة وتعليق د محمد لطفي الزليطني و د منير التريكي، جامعة الملك سعود 1418 ه 1997
ــــ التحليل اللغوي للنص ، كلاوس برينكر ، ترجمه د سعيد حسن بحيري ، ط2 مؤسسة المختار، القاهرة 2010.
ــــــ تفسير أبي السعود (إرشاد العقل السليم) أبو السعود بن محمد العمادي (982ه) تحقيق عبد القادر أحمد عطا ، مطبعة السعادة ، مصر ( د . ت
ـــــ تفسير الفخر الرازي ( التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب) ، محمد الرازي فخر الدين ( 604ه ) ، دار الفكر ، بيروت 1981
ـــــ التفسير القيّم ، للإمام ابن القيم (751ه) ، جمعه محمد أويس الندويّ وحققه محمد حامد الفقي ، دار الكتب العلمية ، بيروت (د . ت)
ــــــ الجامع لأحكام القرآن ، أبو عبد الله القرطبي (671ه) تحقيق د عبد الله عبد المحسن التركي وآخرين ، مؤسسة الرسالة ، بيروت 2006
ـــــــ حاشية الشهاب على تفسير البيضاويّ ، القاضي شهاب الدين الخفاجي (1069ه) ضبطه الشيخ عبد الرزاق المهدي ، بيروت 1997
ـــــــ رصف المباني في شرح حروف المعاني، للمالقي ( 702ه) ، تحقيق أحمد محمد الخرّاط ، مطبوعات مجمع اللغة العربية، دمشق ( د. ت)
ــــــ العربية من نحو الجملة إلى نحو النص، د سعد مصلوح ، بحث ضمن ( الكتاب التذكاري عن الأستاذ عبد السلام هارون ) جامعة الكويت 1990
ــــــ علم لغة النص المفاهيم والاتجاهات، د سعيد حسن بحيري ، الشركة المصرية العالمية للنشر، مصر 1997
ـــــــ فتح البيان في مقاصد القرآن، أبو الطيب القنوجي (1307ه) قدم له وراجعه عبد الله بن إبراهيم الأنصاري، المكتبة العصرية، بيروت 1992
ـــــــ في ظلال القرآن، سيّد قطب، ط 32 دار الشروق ، القاهرة 2003
ـــــــ كتاب عيار الشعر، ابن طباطبا العلوي (322ه) تحقيق د عبد العزيز بن ناصر المانع ، دار العلوم ، السعودية 1985
ـــــــ الكشّاف عن غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، جار الله الزمخشري (538ه) ، تحقيق الشيخ عادل أحمد عبد الوجود و الشيخ علي محمد معوض، الرياض 1998 .
ــــــ المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، القاضي ابن عطية الأندلسي (546ه) تحقيق عبد السلام عبد الشافي محمد، بيروت 2001
ـــــ مسالك المعنى، سعيد بنكراد ، دار الحوار ، سوريا 2006
ــــــ معجم مقاييس اللغة، أحمد بن فارس ( 395ه) تحقيق عبد السلام هارون ، دار الفكر ، بيروت 1979
ــــ مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، ابن هشام الأنصاري (761ه) تحقيق د فائز فارس و محمد علي حمد الله، دار الفكر، بيروت 1998
ــــــ مقالات في تحليل الخطاب، تقديم حمادي صمّود، كلية الآداب والفنون والإنسانيات ، جامعة منوبة، 2008
ـــــــ المُقتضب ، أبو العباس محمد بن يزيد المبرد (285ه ) تحقيق محمد عبد الخالق عضيمة، ط3 القاهرة 1994.
ــــــ منهاج البلغاء وسراج الأدباء، حازم القرطاجني ( 684ه) تقديم وتحقيق محمد الحبيب ابن الخوجة، الدار العربية للكتاب، ط3 تونس 2008
ـــــــ النص والخطاب والاتصال، الدكتور محمد العبد، الأكاديمية الحديثة للكتاب العربي، القاهرة 2014
ــــــــ النص والخطاب والإجراء ، روبرت دي بوجراند ، ترجمة د تمّام حسّان ، عالم الكتب ، القاهرة 1998
[1] . مقالات في تحليل الخطاب (لسانيات النص ، كورنيليا فون راد صكّوحي ) قدّم للكتاب حمادي صمود ، ص 51
[2] . معجم مقاييس اللغة ، ابن فارس ، ( أنف ) 1 / 146
[3] . ينظر : مُغني اللبيب عن كتب الأعاريب ، لابن هشام الأنصاري ، تحقيق د فائز فارس ، القسم الثاني ، ص 246
[4] . كتاب عيار الشعر ، لابن طباطبا العلوي ، ( طبعة الرياض ) ص 186 ، وينظر منهاج البلغاء وسراج الأدباء ، لحازم الرطاجني ( ط3 2008 ) ص 262 ، حيث أشار القرطاجني إلى استئناف كلام جديد منفصل العبارة عما قبله متصل به من جهة المعنى .
[5] . المقتضب ، لأبي العبّاس المُبرد 4/ 125
[6] . إسهامات أساسية في العلاقة بين النص والنحو والدلالة ، الدكتور سعيد حسن بحيري ، ص 270
[7] . تحليل الخطاب ، براون و يول ، ص 116
[8]. ينظر : العربية من نحو الجملة إلى نحو النصّ ، الدكتور سعد مصلوح ( بحث ) ص 407
[9] . علم لغة النصّ المفاهيم والاتجاهات ، الدكتور سعيد حسن بحيري ، ص 102 ـــــــ 103
[10] . الكشاف عن غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ، جار الله الزمخشريّ ، 3 / 159
[11] . تفسير الفخر الرازي ( التفسير الكبير ومفاتيح الغيب ) ، الإمام محمد الرازي فخر الدين ، 18 / 94
[12] . المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ، ابن عطية الأندلسيّ ، 3 / 218
[13] . في ظلال القرآن ، سيد قطب ، المجلد الرابع 12 / 1950
[14] . الاتقان في علوم القرآن ، السيوطي ، 2 / 346
[15] . البرهان في علوم القرآن ، الزركشي ، 1/ 270 ــــــ 271
[16] . ينظر : حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي ، للقاضي شهاب الدين الخفاجي ، 5 / 262
[17] . ينظر : تحليل الخطاب ، براون ويول ، ص 87
[18] . مسالك المعنى ، سعيد بنكراد ، ص30
[19] . النص والخطاب والإجراء ، روبرت دي بوجراند ، ترجمة الدكتور تمّام حسّان ، ص 231
[20] . مقالات في تحليل الخطاب ( لسانيات النص ، كورنيليا فون راد صكّوحي ) ص 57
[21] . مقالات في تحليل الخطاب ( لسانيات النص ، كورنيليا فون راد صكّوحي ) ص 57
[22] . تفسير أبي السعود ( إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم ) ، لقاضي القضاة أبي السعود بن محمد العمادي ، 3/ 127
[23] . الكشاف عن غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ، 3/ 281
[24] . رصف المباني في شرح حروف المعاني ، للمالقي ، ص 410
[25] . ينظر مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ( القسم الثاني) ص 343
[26] . النص والخطاب والإجراء ، دي بوجراند ، ص 151 ـــــ 152
[27] . عن : النص والخطاب والاتصال ، د . محمد العبد ، ص 72
[28] . يُنظر : إسهامات أساسية في العلاقة بين النص والنحو والدلالة ، ص 270
[29] . النص والخطاب والإجراء ، ص 214
[30] . ينظر : إسهامات أساسية في العلاقة بين النص والنحو والدلالة ص 270
[31] . تفسير الفخر الرازي 18 / 125
[32] . فتح البيان في مقاصد القرآن ، لأبي الطيب صدّيق بن حسن القنوجيّ ، 6 / 321
[33] . التفسير القيّم ، للإمام ابن القيم ، ص 314 ــــــ 315
[34] . مقالات في تحليل الخطاب ، بحث : ( لسانيات النصّ ) ، ص 57
[35] . ينظر : النص والخطاب والإجراء ص 299
[36] . تفسير الفخر الرازي 18 / 125
[37] . الجامع لأحكام القرآن ، لأبي عبد الله أحمد بن محمد القرطبيّ ، 11 / 388
[38] . التحليل اللغوي للنصّ ــــ مدخل إلى المفاهيم الأساسية والمناهج ، كلاوس برينكر ، ص 57
[39] . ينظر : المرجع نفسه ص 47 و 58 ، ويَعدّ ( برينكر ) الإحالة وسيلة إعادة .
[40] . ينظر : الكشّاف عن غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل 3 / 274
[41] . فتح البيان في مقاصد القرآن 6 / 329
[42] . ينظر ص 15 من البحث .
[43] . التحليل اللغوي للنص ، برينكر ، ص 55
[44] . ينظر المرجع نفسه ص 58
[45] . الكشّاف عن غوامض التنزيل 3 / 282 ، وفي فتح البيان في مقاصد القرآن 6 / 329 : وقيل إنّهن جميعاً دعونه إلى أنفسهنّ .
[46] . الجامع لأحكام القرآن 11 / 373
[47] . الجامع لأحكام القرآن 11 / 373
[48] . فتح البيان في مقاصد القرآن 6/ 352