
الاتجاهاتُ التنمويةُ للصحافة الاقتصادية في السّودان
Development Trends of Economic Journalism in Sudan
ط.د. حسام الدين صالح/ جامعة الأناضول، تركيا
Hussameldin Salih. Researcher in PhD / Anadolu University, Turkey
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 62 الصفحة 101.
ملخصتعتبر الصحافة الاقتصادية أحد أهم وسائل الإعلام التنمويّ؛ ونظرا لأهميتها، تسعى هذه الدراسة لاختبار قدرتها على القيام بدور الإعلام التنمويّ في السودان من خلال الكشف عن اتجاهات المحتوى الموجّه نحو تناول ومعالجة قضايا التنمية. وتتساءل الدّراسة عن المضامين والموضوعات التنمويّة الأساسية التي تتناولها الصحافة الاقتصادية في السودان وأوجُهِ النجاح والقصور في توصيلها.كما تختبر الدراسة مواكبة الصحافة الاقتصادية في السودان للتطوّر الذي أحدثه الإعلام الجديد على مستوى الوسائط المتعددة ، كما سعت الدراسة للكشف عن مدى نجاح الصحافة الاقتصادية في السودان في التعبير عن المفاهيم الحديثة للتنمية.
الكلمات المفتاحية: التنمية – الصحافة الاقتصادية – السودانAbstract:
Economic journalism is considered one of the most important development media. Due to its importance, this study seeks to test its ability to play the role of development media in Sudan by revealing the trends of content oriented towards addressing development issues. The study wonders about the main developmental issues and topics addressed by the economic journalism in Sudan and the successes and shortcomings in their delivery. The study also examines the economic journalism in Sudan to keep pace with the development of new media at the level of multimedia. In addition, study also sought to reveal the extent of the success of the economic journalism in Sudan in the expression of modern concepts of development.
Keywords: Development, Economic Journalism, Sudan.
مقدمةمع تطوّر وسائل الاتصال، أصبح الإعلامُ أحدَ أهم ّالوسائل المشجّعة على تحقيق أهداف التّنمية في البلدان النّامية، بل وتطوّر من مجرد وسيلةٍ لتوصيل الخبر إلى قوّة مؤثرة بشكل ٍكبير في الجمهور بما يخوّلها للمساهمة في تشكيل المفاهيم وتوجيهها، وأدى الاهتمام المتزايد بالإعلام وعلاقته بمكونات المجتمع المتفاعلة إلى ظهور الكثير من التخصّصات الإعلامية الجديدة مثل “الإعلام التنموي”، وبات هذا النوع من الإعلام يتجاوز أدواره المحلية ليتخذ بُعْدَه العالميّ. وبحسب الاتجاهات الجديدة للإعلام والتنمية فإن الهدف الكلّي من الإعلام التنمويّ بات يتمحْوَر حول تعزيز وإطلاق قدرات وحريات أفراد المجتمع المحلي للمشاركة الإيجابية في عملية التنمية والتطور في المجتمع، بما يجعل مستقبل الخطط التنموية مرهونا بصورة كبيرة بإمكانات واتجاهات الأدوات الإعلامية وأدوارها. وأصبح الإعلام أداة ًاستراتيجية ًلدفع الاقتصاد، وعاملاً من عوامل التنمية الحقيقية في بلدان العالم كافة، حيث يحتل الاقتصاد مكانة ًكبيرةً نظرا لتداخله مع العديد من المجالات؛ فالمعلومة الاقتصاديةُ أساس كل الإنجازات التي يبُنىَ عليها الاقتصاد الوطني”[1]، وباتت الصحافة الاقتصادية المتخصصة هي السّمة الغالبة للمجتمعات المتطوّرة التي تسعى بكل جهدها لمواكبة التطورات التي شملت الإعلام والحياة الاقتصادية على حدٍّ سواء.
1.الإطار المنهجي
1.1. مشكلة الدراسة وأسئلتها
تطرح الدراسة سؤالاً أساسيا ًحول ماهيّة الاتجاهات التنموية للصحافة الاقتصادية في السودان. ويتفرع عن السؤال الأساسيّ للدراسة عدة أسئلةٍ تساهم في الإجابة عليه وهي: ماهي المضامين والموضوعات التنموية الأساسية التي تتناولها الصحافة الاقتصادية في السودان وماهي أوجه النجاح والقصور في توصيلها؟ ما هو شكل التوزيع الجغرافي للموضوعات التنموية التي تتناولها الصحافة الاقتصادية وهل تتوزع بعدالة على مختلف ولايات السودان ومناطقه؟! كيف استطاعت الصحافة الاقتصادية في السودان تأدية الوظيفة التنموية للإعلام من خلال تناولها لقضايا التنمية عبر الأشكال التحريرية المتنوعة؟ ماهي المصادر التي تعتمد عليها الصحافة الاقتصادية في السودان، وهل ستسهم تلك المصادر في تعزيز جهود التنمية في المجتمع السوداني وكيف تؤثر المصادر في المحتوى التنموي الذي تقدمه الصحف الاقتصادية؟! ماهي القطاعات التنموية الحية التي يتركز عليها الخطاب الإعلامي الاقتصادي وهل تميل الاهتمامات لقطاع دون آخر؟! هل استطاعت الصحافة الاقتصادية في السودان تقديم نماذج تنموية ملهمة للجمهور متلقي الرسالة الإعلامية سواء كانت هذه النماذج لشخصيات أو مؤسسات أو دول؟! ماهي الأهداف التي تتبعها الصحافة الاقتصادية السودانية في النشر، وهل تتوافق هذه الأهداف مع متطلبات الإعلام التنموي؟! ماهي طبيعة المعالجة الإعلامية التي تنتهجها الصحافة الاقتصادية في السودان لقضايا التنمية، وهل تركز في معالجتها التحريرية على تحفيز الجمهور بأفكار ونظريات التنمية أم تكتفي بتسجيل ومتابعة إنجاز وتنفيذ الخطط والمشاريع التنموية؟! هل استطاعت الصحافة الاقتصادية في السودان أن تواكب التطور الذي أحدثه الإعلام الجديد على مستوى الوسائط المتعددة وطريقة عرض المعلومات وتقديم المادة الصحفية المعقدة عبر وسائط تبسيطية كالإنفوجرافيك والرسوم التوضيحية والبيانية؟! ماهي مفاهيم التنمية التي ركزت عليها الصحافة الاقتصادية في السودان، وما هو مدى نجاحها في التعبير عن المفاهيم الحديثة للتنمية؟!
2.1. أهمية الدراسة
تكمن أهمية الدراسة في كونها تتناول جانبا من الدور الكبير والمتعاظم الذي ظلت تقوم به وسائل الإعلام في التأثير على حياة الناس ومستقبل أوضاعهم المعيشية، خاصة فيما يتعلق بتسريع إنجاح خطط التنمية في بلدان العالم الثالث التي تتطلع للخروج من دوائر الفقر والتخلف إلى الاكتفاء الذاتي والتطور. كما تلبي حاجةً ملحة ًإلى دعم جهود التنمية الحكومية والشعبية بسندٍ إعلاميٍّ يعزّز من قدرات المواطنين على التغيير نحو الأحسن ويوجههم إلى غد أفضل.
3.1. محددات الدراسة: الإطار المكاني والزماني
انحصرت الدراسة في تحليل صحيفتين اقتصاديتين تصدران في الخرطوم العاصمة وتوزعان على مختلف أرجاء السودان وهما: صحيفة الأسواق وصحيفة إيلاف. وغطت الدراسة الفترة من يونيو2012م حتى يونيو2013م
4.1. منهجية الدراسة
للإجابة على إشكالية الدراسة اتبُّعِ المنهج الكمي من خلال الاعتماد على أدوات المنهج الوصفي التحليلي. اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي باستخدام أداة وأسلوب تحليل المحتوى لأنه الأكثر تعبيرا عمّا ترمي إليه الدراسة من معرفة الكيفية التي تناولت بها الصحف موضوع الدراسة لقضايا التنمية. ويعد تحليل المضمون من أكثر أساليب المسح المتبعة في الدراسات الإعلامية، و”تكمن قيمة البحوث الإعلامية التي تعتمد هذا الأسلوب في واقعيتها وارتباطها بموضوعات ومشكلات بحثية يعيشها الإنسان في حياته العملية، كما أن معلوماتها وبيناتها تجيئ تعبيرا عن الواقع، ومصادر هذه المعلومات هي الواقع نفسه، وهذا ما يجعل لنتائجها قيمة علمية وعملية حيث يمكن الاستفادة منها في تطوير الواقع نحو الأفضل.[2] واستندت الدراسة على عدد ٍمن النظريات الإعلامية المعروفة للاهتداء بها في تحقيق أهداف الدراسة والإجابة على أسئلتها، وهي: نظرية ترتيب الأولويات التي تؤكد على أن وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري هي التي تحدد الأولويات التي تتناولها الأخبار ما يجعلها تصبح هي الأهم والأولوية في نظر الجمهور، ونظرية الاعتماد على وسائل الإعلام التي ترتكز على فعالية الجماهير والاعتماد المتبادل بينه وبين الإعلام، والنظرية التنموية التي تفترض دورا مهما ومؤثرا تؤديه وسائل الإعلام في توجيه المجتمعات المتخلفة نحو تحقيق التنمية.
5.1. مصطلحات الدراسة
اقتصرت هذه الدراسة على بعض المصطلحات البارزة، مكتفية بالمعنى الاصطلاحي فقط، حيث سترد هذه المصطلحات مفصلة عند الشروع في البحث.
1.5.1. التنمية
التنمية هي: “العمليات التي يمكن بها توحيد جهود المواطنين والحكومة لتحسين الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المجتمعات المحلية، ولمساعدتها على الاندماج في حياة الأمة والمساهمة في تقدمها بأقصى قدر مستطاع”(هيئة الأمم المتحدة: 1956م) وقد تطور مفهوم التنمية ليصبح أكثر شمولا في تعريف العالم الباكستاني مؤسس تقرير التنمية البشرية د. محبوب الحق ليعرفها بأنها: ” عملية ترمي إلى توسيع نطاق خيارات الأفراد”(محبوب الحق:1990م)، بجانب العالم الهندي أمارتيا صن الذي يعرفها بأنها:” عملية ترمي إلى توسيع الحريات الفعلية للأفراد”(أمارتيا صن: 2004م).
2.5.1. الصحافة الاقتصادية
الصحافة الاقتصادية هي: “الصحافة التي تهتم بالمضمون الاقتصادي بكل قضاياه الأساسية والفرعية وتركز عليه بشكل مباشر وعلى تأثيراته المختلفة على جوانب الحياة المتعددة وتتخطى الحدث إلى تحليله وتفسيره وربطه بغيره من الأحداث أو المسببات والنتائج”( إسماعيل ابراهيم 2000م)
2.الإطار النظري
1.2. مفهوم التنمية وتطوره التاريخي
تطوّر مفهوم التنمية عن معناه اللغوي، واكتسب بمرور الزمن الكثير من المدلولات الحديثة، وأصبح من المصطلحات العالمية منذ القرن العشرين، وتبع هذا التطور جدل متعاظم حول المفهوم، للدرجة التي جعلت البحث النظري حول إشـكالية مصطلح «التنمية»، في القرن الماضي وأوائل هذا القرن، يأخذ حيزا كبيرا ومساحة واسعة في الدراسات الفلسفية والمذهبية والاجتماعية والسياسية والثقـافية؛ وما ذلك إلا لأن التنمية عملية شاملة تستدعي في رؤيتها وبنائها مجموعة من التخصصات في العلوم والشـعب المعرفية، وإن لم يأخـذ موقعًا على الأرض وفي الواقع، حتى كاد البحث في المصطلح والانشغال به والجدل حوله يحول دون الانخراط بالعمل التنموي، تخطيطا وتنفيذا”[3]
ولعل أول نقاط الجدل التي أثارها مفهوم التنمية هي علاقته بمفهوم النمو الاقتصادي ” فالنمو يختلف عن التنمية، فهو يشير إلى عملية الزيادة الثابتة أو المستمرة التي تحدث في جانب معين من جوانب الحياة، أما التنمية فهي عبارة عن تحقيق زيادة سريعة تراكمية ودائمة عبر فترة من الزمن في الإنتاج والخدمات نتيجة استخدام الجهود العلمية لتنظيم الأنشطة المشتركة الحكومية والشعبية”[4]
يشير كثير من الباحثين إلى أن مفهوم التنمية اكتسب أهميته من أدواره ومستوياته، ومن تداخله مع العديد من المفاهيم الأخرى مثل النمو والتخطيط والإنتاج والتقدم والنهضة والتغيير، وقد ظهر مفهوم التنمية – كما يقول الدكتور نصر عارف – بصورة أساسية منذ الحرب العالمية الثانية، حيث لم يستعمل هذا المفهوم منذ ظهوره في عصر الاقتصادي البريطاني البارز “آدم سميث” في الربع الأخير من القرن الثامن عشر وحتى الحرب العالمية الثانية إلا على سبيل الاستثناء، فالمصطلحان اللذان اسُتخدِما للدلالة على حدوث التطور المشار إليه في المجتمع كانا التقدم المادي أو التقدم الإقتصادي حتى عندما أثيرت مسألة تطوير بعض اقتصاديات أوروبا الشرقية في القرن التاسع عشر كانت الاصطلاحات المستخدمة هي التحديث أو التصنيع”[5] ويعرّف الدكتور إحسان الحسن التنمية بكونها “عملية متكاملة للتغير الحضاري، تتناول آفاقا واسعة من المشروعات، التي تهدف إلى خدمة الإنسان، وتوفير الحاجات المتصلة بعمله، ونشاطه، ورفع مستواه الثقافي، والصحي، والفكري، وهذه التنمية تعمل بصورة عامة على استخدام الطاقات البشرية من أجل رفع مستوى المعيشة وخدمة أهداف التنمية”[6].
ومع كثرة وتعدد تعريفات التنمية ازدادت الحاجة لتبني مفهوم موسع للتنمية، يستوعب أبعادا اجتماعية وسياسية وتكنولوجية وبيئية إلى جانب البعد الاقتصادي، فالتنمية هي عملية تحرر إنساني، تشمل تحرير الفرد من الفقر والقهر والاستغلال وتقييد الحرية، كما تشمل تحرير المجتمع من ذل الاعتماد على الخارج وتخليصه من قيود التبعية، بكل ما تحمله من استغلال وتقييد للإرادة الوطنية وهشاشة أمام الصدمات الخارجية”[7]
ويؤكد الباحث الدكتور علي عبد القادر علي أن إعادة اكتشاف القضايا الرئيسية لاقتصاديات التنمية في إطار النظرية التقليدية الحديثة أدت إلى “تطوير فهم عريض لعملية التنمية، وفي هذا الصدد يعد أمارتيا صن الحائز على جائزة نوبل للعلوم الاقتصادية لعام1998م من أهم المنتقدين لنظرية الرفاه الاجتماعي التقليدية الحديثة التي ترى أن الرفاه يعتمد على المنفعة المترتبة على استهلاك السلع والخدمات، ولم تقف مساهماته في هذا المجال عند نقد أساسيات نظرية الرفاه فحسب، بل هدفت إلى إيجاد بديل فلسفي مقنع، وتتلخص الفكرة المحورية لمساهمات أمارتيا صن في النظر إلى التنمية على أنها عملية لتوسيع الحريات الحقيقية التي يتمتع بها البشر”[8] ويمكن القول في مجمل الأمر أن مفهوم التنمية بدأ بالظهور اقتصاديا بالارتكاز على المدلول المادي للنمو الاقتصادي وانتهى به الأمر في القرن الحادي والعشرين إلى التوسع والشمول للتعبير عن حاجات الإنسان الكلية بتمثّلاتها المادية وغير المادية على حد سواء.
مرّ مفهوم التنمية بمراحل تاريخية عديدة قبل أن ينتهي إلى مدلولاته الحديثة، فقد ظهر مبكرا في منتصف القرن العشرين كمصطلح اقتصادي يقيس درجة التنمية أو التخلف بمؤشّريْن شائعيْن هما الدخل الفردي ومعدل النمو السنوي المتوسط في الدخل القومي، واستقر هذا المفهوم الاقتصادي للتنمية بشكل غير خاضع للنقاش تقريبا في البلدان المتقدمة والنامية على السواء، وفي الوكالات الدولية، حتى منتصف الستينات، ثم بدأ الناس بالتساؤل حول ما إذا كان مفهوم مجتمع الاستهلاك الجماهيري الواسع هو فعلا الغاية التي على الدول النامية إدراكها والنموذج الذي يجب استلهامه”[9]
ولهذا كان “التعريف الشائع للبلدان النامية منذ أواخر الأربعينات حتى أواخر الستينات أنها البلدان التي ينخفض فيها مستوى الدخل الفردي كثيرا بالقياس إلى مستواه المتحقق في البلدان المتقدمة، وعرفت التنمية بأنها الزيادة السريعة والمستمرة في مستوى الدخل الفردي عبر الزمن”[10] وسرعان ما تبيّن خطأ اختزال عملية التنمية في النمو الاقتصادي لأن هناك بلدانا نامية عديدة، حققت معدلات نمو للدخل القومي قريبة من المعدل الذي حدده خبراء التنمية، غير أن مستويات المعيشة بها بقيت متردية، وظلت الكثير من قطاعاتها تتخبط في الفقر والجهل والمرض والتخلف. هذا الفهم الجديد للتنمية، لم يستبعد تماما بعد النمو الاقتصادي، لكنه أضاف إليه أبعادا أخرى، “بإبراز دور الجوانب المؤسسية والهيكلية والثقافية والسياسية”[11] وكان قد بدأ استخدام مفهوم التنمية البشرية في أدبيات التنمية والعلوم الاجتماعية على نطاق واسع منذ ظهور تقرير التنمية البشرية لسنة 1990 ثم جاءت بعده تقارير سنوية يصدرها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتركيزها على دور الإنسان في عملية التنمية، حيث يقوم المفهوم على أن “البشر هم الثروة الحقيقية للأمم”[12] وأن التنمية البشرية هي “عملية توسيع خيارات الناس وقدراتهم من خلال بناء رأس مال اجتماعي”[13]، بحيث تتم تلبية احتياجات الأجيال الحالية بأكبر قدر ممكن من الإنصاف دون المساس بحقوق الأجيال القادمة”[14].
2.2. الصحافة الاقتصادية: مفهومها، وظائفها، وتطورها في السودان
منذ أن تشابكت مجالات الاقتصاد بالإعلام أصبح التطور هو السمة الغالبة للعلاقة بينهما، وازداد هذا التعقيد ترابطا بعد أن غدت(المعلومات) المبنية على(المعرفة) هي القاسم المشترك الذي يشتغل عليه الإعلام والاقتصاد على حد سواء في عالم اليوم الذي يوصف بعصر الإعلام والمعلومات والاتصالات، وفي الواقع. وقد وصف باحثون الإعلام في هذا العصر بأنه بات “محور اقتصاد الكبار وشرط أساسي لتنمية الصغار”[15] هذا الارتباط الكبير والمتنامي بين الإعلام والاقتصاد أفسح مجالا واسعا لتطور الإعلام الاقتصادي المتخصص الذي تعد(الصحافة الاقتصادية) إحدى مجالاته وتجلياته المؤثرة في المجتمعات النامية والمتطورة.
وبنظرة سريعة إلى الماضي، سنكتشف أن الصحافة في بداياتها التاريخية كانت تدور حول شؤون المال والاقتصاد، فقد ” بقي الإعلام الصحفي محدودا حتى القرن الثالث عشر الميلادي حين برز على شكل خبر، ففي بدايات هذا القرن برزت أهمية الخبر، لكن هذه الأهمية كانت للخبر المالي، فقد كان كبار التجار ورجال المصارف يُحَاطَوْن علما بأوضاع السوق بواسطة أوراق لها الصفة الصحفية، يحررّها عملاء لدى هؤلاء التجار، وقد برزت هذه الظاهرة في إيطاليا وألمانيا. وتطوّر الإخبار المالي والإعلام التجاري مع القرن الخامس عشر الميلادي بدوافع حب معرفة الأحداث السياسية والاجتماعية والإلمام مثل عصر النهصة ودعوة الإصلاح الديني”[16] تُعرَّف الصحافة الاقتصادية على أنها “الصحافة التي تعنى أساسا بمعالجة الأحداث والظواهر والتطورات في الحياة الاقتصادية بجوانبها المختلفة والهادفة إلى التأثير في مسارات التطور والتغيير في الحياة الاقتصادية”[17]
ويعرّف الدكتور إسماعيل إبراهيم الصحافة الاقتصادية بأنها “تلك التي تهتم بالمضمون الاقتصادي بكل قضاياه الرئيسية والفرعية، وتركز عليه بشكل مباشر، وعلى تأثيراته المختلفة على جوانب الحياة المتعددة، وتتسم بأنها جادة تتعامل مع مضمون جاد، وتعتمد بشكل أساسي على المعلومات والبيانات والإحصاءات والأرقام، وهي تتخطى الحدث إلى تحليله وتفسيره وربطه بغيره من الأحداث أو المسببات والنتائج”[18]
3.2. وظائف الصحافة الاقتصادية
تكتسب الصحافة الاقتصادية أهميتها من الأدوار والمهام التي تؤديها للدفع بالاقتصادات المحلية وبالعملية التنموية ككل لتبلغ تمامها ونجاحها، فمن أهم أدوارها وأُولاها: “نشر الوعي والثقافة الاقتصادية في المجتمع كالتعريف بالقوانين والتشريعات والإجراءات حتى يستطيع الفرد أن يعرف حقوقه وواجباته، كما أن الوظيفة الاستراتيجية للصحافة الاقتصادية- خصوصا في الدول النامية- تكمن في دورها بدفع عجلة التنمية الشاملة إلى الأمام وفي ربط رجال الأعمال والاقتصاد والمؤسسات بعضها ببعض وبالجمهور، فالوعي الاقتصادي والثقافة الاقتصادية هما ركيزتان لنجاح العملية الاقتصادية والتنمية المستدامة في المجتمع، لهذا كله فإن من وظائف الإعلام الاقتصادي التغطية الشاملة والوافية والدقيقة للأحداث الاقتصادية محليا وإقليميا ودوليا، وطرح الأفكار والتحليلات والتفسيرات المبنية على أسس ومعلومات سليمة، كما أن من دورها أيضا، كشف التجاوزات والأخطاء والمعوقات التي تعترض سبيل نجاح التنمية والتطوير من خلال تقديم رسالة إعلامية اقتصادية مبنية على المهنية والحرفية والاستقصاء والنقد العلمي”[19]
ومما سبق، يمكننا ملاحظة الارتباط الكبير بين الصحافة الاقتصادية وبين التنمية، وهو ارتباطٌ وتلازمٌ يؤكد على أن الصحافة الاقتصادية أداة ٌمتقدمةٌ ومهمةٌ من أدوات الإعلام التنمويّ المتعددة، التي تهدف إلى تغيير واقع المجتمعات المتخلفة لتسير على طريق التنمية.
4.2. الصحافة الاقتصادية في السودان
ارتبطت الصحافة في السودان منذ ظهورها لأول مرة بالشؤون الاقتصادية، ويمكن القول إن الصحافة الاقتصادية في السّودان قد سبقت بقية الأنواع الصحفية، وليس ذلك حصرا ًعلى السودان فحسب، فقد “لوحِظ أن للتطور الصحفي إيقاعا محددا ًعبر التاريخ، فالصحافة تبدأ رسمية تتحدث باسم السلطات الحاكمة، ثم لا تلبث أن تتطور مع ظهور الطبقة البرجوازية لخدمة الأغراض المالية والاقتصادية الرأسمالية مباشرة” [20]
ويتّضح الاتجاه الاقتصاديّ للصحافة السودانية المبكرة في أول صحيفة تُطبَع في السودان وهي(الغازيتة السودانية) التي صدرت في السابع من مارس في العام 1899م حيث” كانت الغازيتة – الصادرة بتصريح من حكومة السودان كما كتبت في صدر صفحاتها- مخصصة لنشر قوانين الحكومة وأوامرها وإعلاناتها، وكلنها كانت تنشر بجانب ذلك الإعلانات التجارية لعدم وجود صحف أخرى في البلاد”[21]
عند الحديث عن تاريخ الصحافة الاقتصادية في السودان تجدر الإشارة إلى أن أول مجلة اقتصادية شهرية بدأت في الصدور في العام 1910م بمبادرة من الغرفة التجارية في الخرطوم وكانت تسمى” مجلة الغرفة التجارية” وتوقفت عن الصدور قبل استقلال السودان في العام 1955م.
لم يكن الاهتمام بالصحافة الاقتصادية في ثمانينيات القرن العشرين محصورا فقط في الصفحات المتخصصة التي كانت تخصصها الصحف السودانية لشؤون المال والأعمال والاقتصاد، حيث بدأ كثير من الصحفيين والناشرين في التفكير في إصدار صحف اقتصادية، مثل الأستاذ محجوب عروة الذي أسس صحيفة “السوداني” وكان ترخيصها الذي صدر في 8أغسطس1981م على أنها جريدة اقتصادية تهتم بشئون المغتربين، إلا أنه في8يناير1984م طلب لتكون الصحيفة اقتصادية باسم”السوق السوداني” وفي 14يوليو1985م عدل اسمها إلى “السوداني”.
وفي التسعينيات وما بعدها وصولا للعقد الثاني من الألفية الأولى، صارت الصحافة الاقتصادية في السودان أكثر تطورا من ذي قبل، رغم المشاكل التي تُعطِّل نجاحها والتحديات التي تواجهها، إذ توسعت الصحف السياسية العامة في تخصيص ملفات أسبوعية تختص بالشؤون الاقتصادية، وظهرت في هذه الفترة العديد من الصحف والمجلات الاقتصادية، آخرها الصحيفتين اللتين اعتمدت عليهما هذه الدراسة، وهما صحيفتي “إيلاف” لمؤسسها الأستاذ خالد التجاني النور، وصحيفة “الأسواق” لمؤسسها الأستاذ محجوب عروة، بجانب مجلات اقتصادية جديدة مثل “الحياة الاقتصادية” و”حواس” وغيرها.
رغم الملمح الاقتصادي الذي كان يميز نشأة الصحافة السودانية إلا أننا نجد أن هذا السبقَ التاريخيّ َلم تُتَح له فرصة التطور، إذ بقيت الصحافة الاقتصادية في السودان تعاني من الكثير من المشاكل التي تعوق تطوّرها. ليست الصحافة الاقتصادية في السودان بمعزَلٍ عن مشاكل الصحافة السودانية بصفة عامة، ولهذا فهي تعاني من مشاكل الصحافة السودانية العامة، إضافة إلى مشاكلها الخاصة. لهذا فإن الصحافة الاقتصادية في السودان ظلّت تواجه تحديات الواقع العام للصحافة السودانية، بجانب تحدياتها الخاصة التي يتمثّل أوضحها في فقدانها للطابع الصحفيّ الشامل، ونرى ذلك في ندرة الصّحفيين الاقتصادييّن المتخصّصين، واقتصار المتابعة الصحفية للقضايا الاقتصادية على صحافة الملفات الاقتصادية والصحافة الأسبوعية التي لا تستطيع مجاراة الأحداث الاقتصادية التي تستجد في الساحة العامة، بجانب تأثر الصحافة الاقتصادية بالمناخ الاقتصاديّ العام في السودان الذي ظل يفتقر إلى التطوّر الكبير والمتسارع بحسبان أن “كل نهضة اقتصادية يجب أن تصاحبها نهضة إعلامية، والسودان بصفته موضعا مهما لجلب المستثمرين، إلا أن ذلك لم ينعكس على الإعلام الاقتصادي تحديدا، ويتحقق ذلك في عدم وجود صحافة اقتصادية متخصصة، وضعف الأقسام الاقتصادية في الصحف السياسية السيارة”[22]
3.الإطار التطبيقي للدراسة
1.3. مجتمع الدراسة
اختار الباحث الصحافة الاقتصادية لتكون مجتمع الدراسة، نظراً لسهولة الرجوع لمعلومات الصحافة المطبوعة ،بعكس الصحافة المرئية والمسموعة فالصحافة المطبوعة “أقدر على الاحتفاظ بالمعلومات التي لديها أطول فترة ممكنة، وهي بهذا تتيح الفرصة لمستقبل الرسالة الإعلامية لكي يشاهد المطبوع أكثر من مرة، ولكي يتثبت من بعض النقاط التي يود أن يركز عليها”[23]. واختار الباحث صحيفتي “إيلاف “و”الأسواق” الاقتصاديتين الأسبوعيتين كنموذج للصحافة الاقتصادية المتخصصة في السودان.
2.3. عينة الدراسة
قام الباحث بتحليل مضمونٍ حصري ٍّلكل أعداد الصحيفتين لمدة 12 شهرا في الفترة من 1يونيو2012م حتى 30مايو2013م وكان الهدف من اختيار هذه الفترة من الصحيفتين تمكين الباحث على معرفة اتجاهات وطبيعة التناول الإعلامي لقضايا التنمية طوال عام كامل. تشمل الدراسة 102 عددا بواقع 51 عددا لكل صحيفة وهي كل الأعداد التي صدرت للصحيفتين خلال الفترة الزمنية من 1يونيو2012م حتى 30مايو2013م. خلص الباحث إلى تحليل مضمون صحف العينة (إيلاف والأسواق) وفق فئات التحليل المحددة، وبلغ عدد المواد التي خضعت للتحليل الكمي 3819 مادة تحريرية موزعة كما يلي: 2243 مادة من صحيفة إيلاف و1576 مادة من صحيفة الأسواق.
3.3. وحدة التحليل
استخدم الباحث وحدة الموضوع لاعتبارها أكثر وحدات التحليل انسجاما مع موضوعات المتابعة الصحفية لقضايا التنمية في الصحافة، إضافة إلى أن وحدة الفكرة أو الموضوع من أكثر الوحدات شيوعا واستخداما في أبحاث الإعلام، وتعتبر هذه الوحدة من أهم وأكبر وحدات تحليل المحتوى وأكثرها إفادة وشيوعا.[24]
4.3. فئات التحليل
اعتمد الباحث على العديد من الفئات ذات الصلة بموضوع البحث، وتُعَرّف فئات تحليل المضمون بأنها “التصنيفات التي يضعها الباحث استنادا إلى طبيعة الموضوع ومشكلة البحث كوسيلة يعتمد عليها في حساب تكرارات المعاني”[25] وقد صُنِّفَ محتوى الصحف موضع الدراسة حسب فئات (الشكل والمضمون) بما يتصل بأسئلة الدراسة وفرضياتها، فجاءت في 10 فئات كالتالي:(فئة الموضوعات، فئة التوزيع الجغرافي للموضوعات، فئات الشكل التحريري، فئة نوع القطاع، فئة المصدر، فئة أهداف النشر، فئة: طبيعة التناول الإعلامي للتنمية، فئة النماذج التنموية الملهمة، فئة: الوسائط التوضيحية، فئة: مفاهيم التنمية)
5.3. نتائج الدراسة ومناقشتها
قام الباحث بمناقشة النتائج من منظور محوريْن: الأول ضمن أهداف الدراسة وأسئلتها والثاني ضمن النظريات التي اعتمدت عليها الدراسة سابقا.
1.5.3. المحور الأول: مناقشة النتائج ضمن أهداف الدراسة وأسئلتها
أولا: كشفت نتائج الدراسة عن سيطرة الشؤون الاقتصادية على مجمل المتابعة الإعلامية للصحافة الاقتصادية مقارنة ببقية الموضوعات، وهو أمرٌ لا يُعَدّ غريباً فهي بالأساس صحافةٌ اقتصاديةُ متخصّصة تهتم بشكلٍ أساسيّ بالشأن الاقتصاديّ، لكن يلُاحظ الباحث – من خلال النتائج- أن اهتمام الصحافة الاقتصادية بالموضوعات غير الاقتصادية لا يتناسب مع الشمول الذي يتميز به الإعلام التنمويّ، الذي يركز على الاهتمام المتوازن بمجالات الإعلام والتنمية، كما لا يتناسب مع أهمية بعض المجالات والقطاعات مثل الصحة والتربية والتعليم، وتأثيرها على مجمل الأوضاع التنموية في السودان، حيث رصدت الدراسة انخفاض اهتمام الصحافة الاقتصادية بها مقابل اهتمامها الملحوظ بالشؤون السياسية والشؤون الإقليمية والدولية، حيث بلغت نسبة المتابعة الإعلامية للشؤون الصحية (1.4%)، وللشؤون التربوية والتعليمية(1.2%) فقط، وهي نتيجة ضئيلة من الاهتمام والمتابعة لا تتناسب مع قضايا الاقتصاد التي حصلت على نسبة (45.7%) تليها الشؤون السياسية بنسبة بلغت (20.8%)، والشؤون الإقليمية والدولية بنسبة (14.3%). ولم تختلف هذه النتيجة من صحيفة إلى أخرى، حيث سيطرت الشؤون الاقتصادية على اهتمام صحيفتي إيلاف والأسواق بجانب الشؤون السياسية والدولية، وهو اهتمام مبرّر أن تحصل الشؤون الاقتصادية على النسبة الأكبر في المتابعة والاهتمام لكون الوسيلة نفسها متخصصة في الشؤون الاقتصادية، إلا أن التحفظ الواضح يكمن في الفرق الكبير بين النسبة التي حازتها الموضوعات الاقتصادية والموضوعات الأخرى التي لا تقل أهمية عنها، وتشمل الشؤون الصحية والتعليمية، وهي في المجمل موضوعات ذات أهمية كبيرة في نجاح العملية التنموية، وذات أهمية لعملية التنمية الاقتصادية بشكل خاص.
ثانيا: أوضحت نتائج الدراسة التركيز الشديد في التوزيع الجغرافي للموضوعات التنموية التي تتناولها الصحافة الاقتصادية على ولاية الخرطوم من دون ولايات السودان، وتعد هذه الصحافة – على المستوى الوطني- مغرِقةُ في المحليّة، حيث تسيطر مدن الخرطوم الثلاث على أكثر من نصف مساحة اهتمام الصحافة الاقتصادية، وتستقر بقية ولايات السودان في ذيل قائمة الاهتمام بنسبة ضئيلة بلغت 8.6% فقط. وتشير النتائج إلى تفوق الاهتمام بالشأن الإقليمي والعالمي على الاهتمام بالشأن المحلي في ولايات السودان، وهي نتائج جغرافية سلبية تؤكد أن اهتمام الصحافة الاقتصادية لا يتوزع بعدالة بين ولايات السودان، وهو أمر يجعل من نجاح الإعلام التنموي الموجه للجمهور معرضا للإخفاق والتشوّه، بالتركيز على مناطق دون أخرى، وهو أمر يتناقض مع الصحافة التي تعرف نفسها بأنها شاملة وقومية. وتشير النتائج إلى اتفاق صحيفتي إيلاف والأسواق في التركيز على العاصمة الخرطوم دون بقية مدن وولايات السودان، وهو أمر قد يعود إلى أن هذه الصحف، وأغلب الصحف في السودان، تصدر من العاصمة الخرطوم، ويشهد توزيعها في الولايات تناقصا ملحوظا عن التوزيع في العاصمة، وقد تكون النتيجة عكسية، إذ تتناسب – في الغالب – نسب توزيع الصحف مع اهتمام هذه الصحف بقضايا المجتمع المحلي الذي توزع فيه هذه الصحف، ولهذا فإن سوء توزيع الصحف في الولايات قد يعود إلى ضعف اهتمامها بشؤون الولايات وتركيز غالب اهتمامها على العاصمة الخرطوم.
ثالثا: لم تستطع الأنماط والأشكال التحريرية أن تعكس طبيعة الصحافة الاقتصادية في السودان التي تصدر بشكل أسبوعيّ لا يوميّ، إذ كشفت نتائج الدراسة طغيان الأخبار والتقارير على بقية الأشكال التحريرية في صحيفتي إيلاف والأسواق الأسبوعيتين، ومن المعروف أن الأخبار تلازم بكثافة الصحافة اليومية لا الأسبوعية، كما أوضحت نتائج الدراسة اهتمام الصحافة الاقتصادية بالأعمدة ومقالات الرأي في مقابل الحوارات والتحقيقات المعمّقة، وهو ما يجعل الصحافة الاقتصادية في السودان تبدو كمزيج بين الصحافة الإخبارية وصحافة الرأي، مع ملاحظة أن اهتمامها بفن الكاريكاتير يكاد لا يُذكر. وكشفت نتائج الدراسة عن تدني شديد في الإعلانات التي تعتمد عليها الصحافة الاقتصادية في السودان إذ بلغت نسبتها حوالي (12%) فقط من مجمل المواد المنشورة، وهي نسبة متدنية جدا بالنسبة لصحافة تهتم بالاقتصاد والتنمية ويفترض الجمهور عمق وقوة علاقاتها مع المؤسسات الاقتصادية وصناع القرار الاقتصادي؛ وقد تؤشر قلة الإعلانات إلى عدم ثقة المؤسسات المعلنة في مدى انتشار الصحافة الاقتصادية، بجانب كونها في السودان صحافة أسبوعية لا توزع يوميا وهو ما يجعلها تغيب طويلا عن القارئ الذي يعد الهدف الأول للمعلنين؛ ويؤدي ضعف الإعلان إلى تدهور اقتصاديات الصحف، ويجعل بعضها- كما هو الحال في السودان– تقترب من الانهيار والتوقف عن الصدور، خصوصا إذا استصحبنا ضعف العائد المادي من توزيع الصحف لضعف انتشارها في السودان. ويؤدي الاهتمام الضعيف بالحوارات والتحقيقات في الصحافة الاقتصادية إلى صناعة صحافة تفتقر إلى العمق، وتركز على الأخبار بحسبانها أشكال تحريرية أسهل وأسرع، وهو ما سيشكل في الغالب إعلاما تنمويا ضعيفا وغير قادرٍ على توصيل رسالته التوعوية بالوضوح والعمق المطلوبين. لا تتعدى نسبة الحوارات والتحقيقات في الصحافة الاقتصادية (5%) من مجمل الأشكال التحريرية الأخرى كما توضح نتائج الدراسة، وهذا ما يؤكد أن هناك علاقة طردية بين نوع المادة الصحفية – سواء كانت خبر، تقرير، أو حوار، تحقيق – مع مستوى المحرر الصحفي المهني، فكلما زادت مؤهلات الصحفي كلما انعكس ذلك إيجابا في عددية ونوعية الاهتمام بالأشكال التحريرية التي تتطلب الاستقصاء والتعمق كالتحقيقات والحوارات، وهو الأمر الذي يغيب عن الصحافة الاقتصادية في السودان.
رابعا: اعتمدت صحف الدراسة على نوعين من المصادر: الأول المصادر الداخلية وهي المصادر التي تتمثل في المحررين الصحفيين، والمراسلين، والكتّاب، والمندوبين، والمصادر الثانية تتمثل في وكالات الأنباء المحلية والعالمية. وقد كشفت النتائج على اعتماد صحف الدراسة الكبير على المصادر الداخلية ممثلة في المحرر/المراسل الصحفي المنتمي للصحيفة، بينما جاءت مصادر الوكالات الأجنبية في مرتبة ثانية بعد المصادر الداخلية، لتحل وكالات الأنباء المحلية في آخر مرتبة تعتمد عليها صحف الدراسة. وأوضحت نتائج الدراسة أن كلا الصحيفتين(إيلاف والأسواق) تعتمدان بنسبة كبيرة أيضا على مصادر مجهولة، وهو ما يخصم من رصيد الصحافة الاقتصادية ويسبب لها أزمة في المحتوى، بما يجعلها تفقد الكثير من مصداقيتها التي يجب ألا تكون موضع شك، لتستطيع عبرها التأثير على الجمهور وتوجيه المجتمع، وفق أهداف الإعلام التنموي. وتكشف نتائج الدراسة عن اختلاف واضح بين صحيفتي إيلاف والأسواق في الاعتماد على المصادر رغم اتفاقهما في الاعتماد الكبير على المصادر المجهولة؛ ففي صحيفة إيلاف زادت نسبة الاعتماد على مصادر وكالات الأنباء العالمية بنسبة (42.8%) بينما اعتمدت صحيفة الأسواق بشكل أكبر على مصادر محرريها الصحفيين ومراسليها بنسبة وصلت إلى (61%).
خامسا: تُظهِر نتائج الدراسة اهتماما متزايدا بالقطاع الخاص في الصحافة الاقتصادية بما يفوق نصف المادة التحريرية المقدمة، وقد سجل القطاع العام نسبة (46.9%) من اهتمام الصحافة الاقتصادية. وتدل نتائج هذه الدراسة على أن هناك علاقة تأثير وتأثر بين الصحافة الاقتصادية والقطاع الخاص خصوصا في مجال الإعلان وهو ما يؤشر لدور كبير تقوم به مؤسسات القطاع الخاص في ترتيب أولويات الصحافة الاقتصادية في السودان، وهو دور قد يخصم مستقبلا من نجاح الإعلام التنموي في الوصول إلى كافة القطاعات دون اختلال، ودون الإخلال بنصيب قطاع دون آخر، ولهذا فالملاحظ أن الفارق بين القطاعين الخاص والعام في صحيفة الأسواق ليس كبيرا، إذ كان بنسبة (50.7%) للقطاع الخاص و(49.3%) للقطاع العام.
سادسا: أظهرت نتائج الدراسة أن النجاح التنموي في المؤسسات هو الذي حاز على اهتمام الصحافة الاقتصادية من دون النماذج التنموية الأخرى، بينما فاق اهتمامها بالنجاح التنموي لبعض الشخصيات، اهتمامها بالنماذج التنموية على مستوى الدول، مع اختلاف كبير في تفضيل صحف الدراسة للمؤسسات والشخصيات لتمثل النموذج المثالي للتنمية المتحققة، فقد ركّزت صحيفة إيلاف على إبراز النماذج الشخصية الناجحة تنمويا بنسبة (52.1%) من مجمل النماذج التنموية الملهمة للآخرين، بينما كانت المؤسسات هي النموذج التنموي المفضّل لصحيفة الأسواق لتثبت به للجمهور قدرة التنمية في المساهمة في تطوير المجتمع فكانت نسبة نموذج المؤسسات أكثر من (60.4%).
سابعا: اتضح من خلال نتائج الدراسة أن الصحافة الاقتصادية في السودان ذات طابع إخباري ملفت، فقد زادت المادة الإخبارية فيها لأكثر من نصف المواد التحريرية الأخرى، ولم تولِ الأساليب التفسيرية والتحليلية أهمية كبيرة، واتضح ذلك من خلال الاهتمام المتزايد بالأخبار، والنقص الشديد في التحقيقات والمقابلات، وهو نقصٌ واجب المعالجة في الصحافة الاقتصادية المتخصصة التي تفترض الاهتمام بالشرح والتفسير والتعليل للقضايا، وتزداد الحاجة للطابع التحليلي والتفسيري للصحافة حينما تتطور المجالات الاقتصادية وتتعقد الأحداث والمشاكل والمعالجات.
كشفت نتائج الدراسة أن الهدف الأول للصحافة الاقتصادية هو هدفٌ إخباريّ، يأتي متأخرا عنه الهدف التحليلي، ويأتي في آخر الاهتمامات الهدف الإرشادي، وهو الهدف الذي يركز عليه الإعلام التنموي ليحقق رسالته بتوعية المجتمع ومساعدته على الانتقال من أوضاع التخلف إلى أوضاع التنمية بكافة أشكالها ومجالاتها، وبهذا يخسر الإعلام التنموي في الصحافة الاقتصادية أهم أهدافه التي يسعى إليها.
ثامنا: أظهرت نتائج الدراسة أن الأفكار النظرية حول التنمية كانت الأكثر تناولاً وتداولاً في صحيفتي إيلاف والأسواق، إذ بلغت طبيعة التناول الإعلامي للتنمية في شكل أفكار نسبة (78.9%) بفارق كبير عن المشاريع التنموية التي حصلت على نسبة (21.1%)، وهو ما يعكس أكثر من نتيجة، فهو من جهة يدلل على اهتمام الصحافة الاقتصادية بالأفكار التنموية نظرا لافتقادها على أرض الواقع ولحاجة المجتمع المحلي الماسّة لها، ومن جهة أخرى فهو مؤشر لاتجاهين محتمليْن: إما أن مشاريع التنمية تشكو من الشح في مقابل الأفكار والنظريات، أو أن تكون الصحافة الاقتصادية هي التي يشوبها القصور في متابعة ونقل المشاريع التنموية المنجَزَة. وعلى كل حالٍ، اتفقت كل صحف الدراسة في تفضيل الأفكار والنظريات التنموية على المشاريع التنموية، فسجّلت الأفكار نسبة (82.6%) في صحيفة إيلاف ونسبة (74.1%) في صحيفة الأسواق، بينما حازت المشاريع على نسبة(17.4%) في صحيفة إيلاف، ونسبة (21.1%) في صحيفة الأسواق.
تاسعا: لإبراز وجهة نظرها، اعتمدت الصحافة الاقتصادية على (الصورة) لتكون الوسيلة الأعلى والأبرز بين كل الوسائط التوضيحية التي استعانت بها صحيفتي إيلاف والأسواق لتبسيط وتوصيل رسالتها الإعلامية، وهو ما يوضح أهمية الصورة في توصيل الرسالة الإعلامية بشكل سريع وواضح. ويدلل استحواذ الصورة على اهتمام صحف الدراسة على عدم مواكبتها للوسائط التوضيحية الجديدة والأكثر فاعلية وارتباطا بالصحافة الاقتصادية، فقد كانت نسبة الرسوم البيانية (5.2%) فقط، تليها الرسوم التوضيحية (الإنفوجرافيك) بنسبة(2.3%)، ثم أخيرا الخرائط بنسبة (0.5%). وعلى سبيل المثال بلغ عدد الصور المستخدمة في صحف الدراسة خلال عام واحد(2983)صورة مقابل(76) رسما توضيحيا (انفوجرافيك) خلال عام كامل، وهي نسب وأرقام توضح الضعف الشديد الذي يعتري الصحافة الاقتصادية في هذا الجانب، لا سيما أن الصحافة الاقتصادية تحتاج أكثر من غيرها لأدوات تفسيرية وتوضيحية تسهّل على القارئ غير المتخصص فهم المادة الاقتصادية التي قد تحتوي على الكثير من الأرقام المبهمة والمصطلحات الغريبة، التي لا تتضح إلا عبر رسوم بيانية أو توضيحية بسيطة.
عاشرا: اهتمت صحف الدراسة – حسب النتائج – بمفاهيم التنمية الاقتصادية أكثر من أي مفهوم آخر للتنمية، بحسبان الشأن الاقتصادي من صميم اهتمامها كصحافة اقتصادية، وهي بذلك تعطي تصورا ناقصا للتنمية التي لا تنحصر في التنمية الاقتصادية فحسب، ولذلك حصلت مفاهيم التنمية الأخرى على نسب ضئيلة من الاهتمام لا تعين على توصيل مفهوم التنمية الشاملة التي لا تقتصر فقط على شئون الاقتصاد. وكشفت نتائج الدراسة عن عدم مواكبة الصحافة لمفاهيم التنمية الحديثة، ولذلك كان التعبير عنها عبر المواد التحريرية المختلفة ضعيفا، إذ لم تتعدّ مفاهيم التنمية البشرية والتنمية الإنسانية نسبة(7%) من مجمل مفاهيم التنمية التي تناولتها الصحافة الاقتصادية، وهي نتيجة تتواءم مع اهتمام صحف الدراسة الغالب بالشؤون الاقتصادية والسياسية والدولية في مقابل الاهتمام الضعيف بالشؤون التربوية والتعليمية والصحية، وهو أمر يُفقِد الصحافة الاقتصادية القدرة على تحقيق أهداف الإعلام التنموي، ويفقدها القدرة على تحقيق أهدافها كصحافة اقتصادية تلبي متطلبات جميع المجالات والقطاعات بشمول وتوازن يتناسب مع أهميتها وتأثيرها.
2.5.3. المحور الثاني: مناقشة النتائج ضمن النظريات التي اعتمدت عليها الدراسة
بإسقاط ما سبق من نتائج على نظرية (ترتيب الأولويات)، تتأكد حقيقة العلاقة التأثيرية بين الوسيلة الإعلامية والجمهور وبين المضمون الذي تقدمه الوسيلة الإعلامية لجمهورها، وتؤكد النتائج العامة للدراسة أن إدارات التحرير في صحف العينة تؤثر بصورة ملموسة في اختيار وترتيب أولويات الجمهور من خلال طبيعة المواضيع التي يتم التركيز عليها والمحتويات التي يتم إبرازها وتأكيدها. وبالإمكان ملاحظة أن ترتيب الأولويات لصحيفتي إيلاف والأسواق قد كان متشابها ًإلى حد ٍّكبير، وأن نسبة الاختلاف كانت محدودة، وهو ما يشير إلى أن صحف الدراسة سعت لوضع أجندة إعلامية يهتم بها الجمهور، واتضح ذلك من خلال الموضوعات المتنوعة التي شملتها المتابعة الإعلامية لكلا الصحيفتين، مع الاختلاف في إيلاء موضوعات أهمية أكبر من موضوعات أخرى.
وقد أظهرت نتائج الدراسة أن هناك علاقة وطيدة بين المنطقة التي يسكن فيها الجمهور وبين أولويات الوسيلة الإعلامية، فقد أظهرت الدراسة أن ولاية الخرطوم تستحوذ على أعلى نسبة اهتمام في الصحافة الاقتصادية، وهو ما يؤكد العلاقة الترابطية بين اهتمامات سكان ولاية الخرطوم وبين تركز المتابعة الإعلامية على القضايا المرتبطة بولاية الخرطوم، وهو الأمر الذي يؤكد في النهاية ارتباط أولويات الوسائل الإعلامية بالجمهور. ويتأكد الترابط بين صحف الدراسة وأولويات الجمهور، بالاعتماد المتبادل بين القطاع الخاص وبين صحف الدراسة التي أظهرت اهتماما كبيرا بالقطاع الخاص في مقابل القطاع العام، ما يعني أن مؤسسات القطاع الخاص تحصل على منافع من الوسيلة الإعلامية في شكل نشر لأخبارها وإنجازاتها، كما تحصل الوسائل الإعلامية على عوائد مادية من الإعلان الذي تدفعه مؤسسات القطاع الخاص، وهذا أيضا يؤكد على نظرية (الاعتماد على وسائل الإعلام) التي ترتكز على فعالية الجماهير، وتعكس اعتماد كثير من وسائل الإعلام على عائدات الإعلانات والدعايات، كما تعكس استفادة المؤسسات الاقتصادية من الإعلام في توسيع نطاق رسائلها للجمهور.
أما فيما يتعلق بالنظرية التنموية، فقد أكدت الدراسة أن وسائل الإعلام تقوم بوظائف تنموية تتوافق مع السياسات القومية والأوضاع الوطنية التي يمر بها البلد ويتضح ذلك من خلال التركيز على التنمية الاقتصادية مع الجوانب السياسية والإقليمية وهي ذات القضايا الداخلية والخارجية الملحة التي كانت- وما زالت- تشغل حيزا كبيرا من الاهتمام الوطني، رغم أن الباحث يرى ضرورة أن تتوسع صحف الدراسة في الاهتمام بموضوعات أخرى لا تقل أهمية، كالشؤون الاجتماعية، والثقافية، والتعليمية، والصحية، لتحقيق الشمول والتكامل للنظرية التنموية، أملا في مساعدتها على تحقيق التنمية والتطور في المجتمع السوداني. وقد نجحت صحف الدراسة في التأسيس لإعلام يركز على مفهوم المتابعات الإعلامية الإيجابية لأنها طريقة تساهم في تطوير الأوضاع الداخلية في المجتمعات النامية. وتأكيداً على دور الإعلام التنموي في خدمة المجتمع ونقله من التخلف إلى التنمية، فإن الدراسة أثبتت دورا مهما للصحافة الاقتصادية في هذا الصدد، إلا أن الباحث يلزمه التأكيد على أن النظرية التنموية لم تجد حظها من التعبير الأمثل في صحف الدراسة خاصة فيما يتعلق بترتيب أولوياتها عبر الاهتمام بالثقافات المحلية واللغات الوطنية، فقد أظهرت نتائج الدراسة اهتماما متعاظما بولاية الخرطوم دون غيرها من ولايات السودان، كما أظهرت اهتماما بالشأن الإقليمي والعالمي أكبر من اهتمامها بالشأن المحلي في ولايات السودان المختلفة، وهو تقصير كبير لا يتوافق مع أهداف النظرية التنموية.
خاتمة :
بحسب النتائج التي توصلت إليها الدراسة فإن الصحافة الاقتصادية في السودان تؤدي دوراً مهما ًفي دعم جهود التنمية، والتوعية بقضاياها في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والصحية، ويتفاوت حجم وأهمية وتأثير هذا الدور وِفقاً للتّعبير الأمثل عن النظرية التنموية في الإعلام، ووفقاً لمتطّلبات الإعلام التنمويّ. تسيطر الموضوعات الاقتصادية على متابعات الصحافة الاقتصاديّة في السّودان بما لا يتناسب مع الشمول الذي يتميز به الإعلام التنمويّ الذي يركّز على الاهتمام المتوازن بكل مجالات الإعلام والتنمية، كما لا يتناسب مع أهمية بعض المجالات والقطاعات مثل الصّحة والتربية والتعليم وتأثيرها على مجمل الأوضاع التنموية في السّودان. لا يتوزع اهتمام الصحافة الاقتصادية بعدالة على ولايات السودان، حيث تستأثِر ولاية الخرطوم العاصمة بالاهتمام الأكبر، تليها دول العالم. فشلت الأنماط والأشكال التحريرية المستخدمة في الصحافة الاقتصادية في أن تعكس طبيعتها كصحافة دورية تصدر أسبوعياً. تدنّي نسبة الإعلانات التي تعتمد عليها الصحافة الاقتصادية في السودان يهدد اقتصادياتها ويزيد من عدم استقرارها. توضح النتائج أن الصحافة الاقتصادية في السودان ذات طابعٍ إخباريّ، يقل فيها الطابع التحليلي والإرشادي، وتفتقر إلى العمق، وتقل فيها مواد الصحافة الاستقصائية. تعتمد الصحافة الاقتصادية بشكل كبير على المصادر المجهولة بما يقلل من مصداقيتها وترتكز على الأفكار والنظريات التنموية أكثر من المشاريع والبرامج التنموية. كما كشف النتائج عن ضعف مواكبة الصحافة الاقتصادية للوسائط التوضيحية الحديثة، وأدى تركيزها الشديد على مفهوم محدود للتنمية الاقتصادية لعدم مواكبتها لمفاهيم التنمية الحديثة كالتنمية البشرية والتنمية الإنسانية.
قائمة المراجع:
- إبراهيم العيسوي، التنمية في عالم متغير: دراسة في مفهوم التنمية ومؤشاتها، دار الشروق، القاهرة، 2000م
- إحسان الحسن، موسوعة علم الاجتماع، الطبعة الأولى، الدار العربية للموسوعات، بيروت، 1999م
- أديب خضور، الإعلام المتخصص،ط2، دمشق، 2003م
- إسماعيل إبراهيم، الصحفي المتخصص، دار الفجر، القاهرة، 2001م
- أمارتيا صن، التنمية حرية، عالم المعرفة، الكويت، 2004
- الأمم المتحدة، إعلان الحق في التنمية، جنيف، طبعة العام 2011م
- الأمم المتحدة، تقرير التنمية البشرية الأول، 1990
- أنيسة الشين، إشكالية التنمية ووسائل النهوض.. رؤية في الإصلاح، مجموعة من الباحثين، وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية، قطر، 2008م
- جورج نايت، إدارة التنمية، ترجمة منير موسى، دار المعارف، القاهرة، 1979م
- حسن مكاوي وليلى السيد، الاتصال ونظرياته المعاصرة، ط6، الدار اللبنانية المصرية، القاهرة، 2006م
- سميرة شيخاني، الإعلام الجديد في عصر المعلومات، مجلة جامعة دمشق، المجلد26، العدد الأول+ الثاني، 2010م
- السيد أحمد المصطفى عمر، البحث الإعلامي، مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع، ط3، القاهرة، 2008م
- السيد عمر، الإعلام المتخصص: دراسة وتطبيق، جامعة قاريونس، بنغازي، 2003م
- صلاح أبو أصبع، دراسات في الإعلام والتنمية العربية، مؤسسة البيان، دبي، 1989م
- صلاح عبد اللطيف، الصحافة السودانية: تأريخ وتوثيق، مطابع شركة الإعلانات الشرقية، القاهرة، 1992م
- طلعت همام، مائة سؤال عن الصحافة، ط2، دار الفرقان، عمان، 1988م
- عبد الكريم الدبيسي، الرأي العام: عوامل تكوينه وطرق قياسه، دار المسيرة للنشر، عمان، الأردن، 2011م
- عبد الكريم بكار، مدخل إلى التنمية المتكاملة، دار القلم، دمشق، ط4، 2011
- علي عبد القادر علي، التطورات الحديثة في الفكر الاقتصادي التنموي، سلسلة جسر التنمية، الكويت، العدد76، 2008م
- علي عجوة، الإعلام وقضايا التنمية، عالم الكتب، القاهرة، 2008م
- مجيد مسعود، دليل المصطلحات التنموية، دار المدى، دمشق، 2000م
- محجوب عروة، الإعلام الاقتصادي وأثره على الاقتصاد السوداني، مركز الخرطوم للإعلام الاقتصادي، الخرطوم، 2011م
- محجوب محمد صالح، الصحافة السودانية في نصف قرن، دار نشر جامعة الخرطوم، ط1، 1971م
- محمد عدنان وديع، مفهوم التنمية، سلسلة جسر التنمية، المركز العربي للتخطيط، الكويت، 2002م
- محمد قيراط، الصحافة الاقتصادية الإماراتية بين الضغوط المهنية والتنظيمية وتحديات التنمية المستدامة“، مجلة جامعة الشارقة للعلوم الإنسانية والاجتماعية، 6، العدد الأول، الشارقة، 2009م
- محمد مصطفى الأسعد، التنمية ورسالة الجامعة في الألف الثالث، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، الإسكندرية، 2000م، ص24
- محمد منير حجاب، الإعلام والتنمية الشاملة، دار الفجر، القاهرة، ط7، 2010م
- محمود إسماعيل، مبادئ علم الاتصال ونظريات التأثير، الدار العالمية للنشر، القاهرة،2003م،
- نادر فرجاني، عن غياب التنمية في الوطن العربي، سلسلة كتب المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة، بيروت، 2002م
- نصر عارف، مفاهيم التنمية ومصطلحاتها، مجلة ديوان العرب، القاهرة، عدد حزيران 2008م
- يسري أبو العلا، استراتيجية الإعلام والتنمية، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، 2007م
[1] يسري أبو العلا، استراتيجية الإعلام والتنمية، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، 2007م، ص20
[2]. السيد عمر، الإعلام المتخصص: دراسة وتطبيق، جامعة قاريونس، بنغازي، 2003م، 2ص214
[3] عمر عبيد حسنة، إشكالية التنمية ووسائل النهوض.. رؤية في الإصلاح، مجموعة من الباحثين، وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية، قطر، 2008م ، ص729
[4] محمد منير حجاب، الإعلام والتنمية الشاملة، دار الفجر، القاهرة، ط7، 2010م، ص33
[5] د.نصر عارف، مفاهيم التنمية ومصطلحاتها، مجلة ديوان العرب، القاهرة، عدد حزيران 2008م
[6] إحسان الحسن، موسوعة علم الاجتماع، الطبعة الأولى، الدار العربية للموسوعات، بيروت، 1999م، ص 117
[7] أنيسة الشين، إشكالية التنمية ووسائل النهوض.. رؤية في الإصلاح، مجموعة من الباحثين، وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية، قطر، 2008م، ص693
[8] علي عبد القادر علي، التطورات الحديثة في الفكر الاقتصادي التنموي، سلسلة جسر التنمية، الكويت، العدد76، 2008م، ص14
[9] محمد عدنان وديع، مفهوم التنمية، سلسلة جسر التنمية، المركز العربي للتخطيط، الكويت، العدد الأول، ص2
[10] إبراهيم العيسوي، التنمية في عالم متغير، ص 13
[11] المرجع السابق، ص17
[12] نادر فرجاني، عن غياب التنمية في الوطن العربي، سلسلة كتب المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة، بيروت، 2002م، ص26
[13] مجيد مسعود، دليل المصطلحات التنموية، دار المدى، دمشق، 2000م، ص27
[14] محمد مصطفى الأسعد، التنمية ورسالة الجامعة في الألف الثالث، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، الإسكندرية، 2000م، ص24
[15] المرجع السابق: نفس الصفحة
[16] طلعت همام، مائة سؤال عن الصحافة، ط2، دار الفرقان، عمان، 1988م، ص15
[17] أديب خضور، الإعلام المتخصص،2005م، ط2، دمشق، ص91
[18] إسماعيل إبراهيم، الصحفي المتخصص، دار الفجر، القاهرة، 2001م، ص275
[19] محمد قيراط، الصحافة الاقتصادية الإماراتية بين الضغوط المهنية والتنظيمية وتحديات التنمية المستدامة“، مجلة جامعة الشارقة للعلوم الإنسانية والاجتماعية، 6، العدد الأول، الشارقة، 2009م
[20] طلعت همام، مائة سؤال عن الصحافة، ط2، دار الفرقان، عمان، 1988م، ص15
[21] محجوب محمد صالح، الصحافة السودانية في نصف قرن، دار نشر جامعة الخرطوم، ط1، 1971م، ص18
[22] محجوب عروة، الإعلام الاقتصادي وأثره على الاقتصاد السوداني، مركز الخرطوم للإعلام الاقتصادي، الخرطوم، 2011م، ص 12
[23] طلعت همام، مائة سؤال عن الصحافة، ط2، دار الفرقان، عمان، 1988م، ص8
[24] عبد الكريم الدبيسي، الرأي العام: عوامل تكوينه وطرق قياسه، دار المسيرة للنشر، عمان، الأردن، 2011م، ص225
[25] السيد أحمد المصطفى عمر، البحث الإعلامي، مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع، ط3، 2008م، ص238