
شعرية التأويل وآلية التلقي الجمالي في النظرية الأدبية الحديثة
The Poetics of Interpretation and the Mechanism of the Aesthetic Reception in the Modern Literary Theory
د. متلــــــــــــــــــــف آســــــــــــــــية _ جامعة حسيبة بن بوعلي _الشلف_الجزائر
Metlef assia University of Hassiba Ben Bouali Chlef_ Algeria_
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 58 الصفحة 83.
الملخص باللغة العربية :
تروم هذه الورقة البحثية الى تتبع أبرز إنجازات الشعرية بوصفها نظرية للغة الأدبية والتي تتلخص في انفتاح النص على التأويل والتمهيد لما يسمى “بشعرية الأثر المفتوح” التي أثارت التفاعل مع القارئ الذي بات عنصرا مهما في الكشف عن شعرية النصوص الأدبية .
_ فماهي حدود التأويل وأفقه المتناهية .؟
_ الى أي مدى يساهم القارئ في بناء الأفق التأويلي للنصوص الأدبية ؟
فقد حاولت هذه الدراسة ترميم الهوة بين فعل القراءة الناجحة والتلقي الجمالي الذي سعينا الى ابرازه من خلال البحث عن شعرية التأويل في النظرية الأدبية الحديثة
الكلمات المفتاحية : الشعرية ، التأويل ، شعرية التأويل ، جمالية التلقي .
Abstract
This study aims to deduce the most important achievements of poetics as a theory of the literary language, which is represented in the openness of the text on the interpretation and the introduction to the “Open-Ended Poetics“. This latter evoked an interaction with the reader who has become an important element in the disclosure of the literary texts’ poetics. Therefore, what are the limits and the finite horizons of the interpretation?
– To what extent does the reader contribute to the construction of the interpretive horizon of the literary texts?
Thus, this paper attempts to restore the gap between the successful reading and the aesthetic reception that we sought to highlight through the examination of the poetics of interpretation in the modern literary theory.
Keywords: poetics, interpretation, poetics of interpretation, aesthetic reception in literature, Mechanism of the Aesthetic Reception
توطئة:بظهور الثورة الألسنية والعودة الى جوهر اللغة في الدراسة الأدبية ركزت المناهج النقدية و النسقية المحايثة اهتمامها الكامل على المؤلف بعدّه أساس العملية الإبداعية ، فسلمت السلطة للنص مع عزله عن كل مرجعية خارجية ،إذ حاول النقد البنيوي التركيز على كل البنيات والأنظمة التي تتكاتف و تتواشج داخل النص لتشكل كيانا لغويا منغلقا على نفسه في إنتاج المعنى ،إذ ينصب البحث عند النقاد البنيويين على القوانين والأنساق الداخلية للعمل الأدبي والتعامل مع النص كعالم مهول من العلامات التي تعمل البنيوية على كشف طرق إنتاج معناها وتمظهراتها داخل النص بما يسمح به قانون المنهج البنيوي وفي إطار داخلي منغلق على ذاته.
إلاّ أن البنيوية ما فتأت أن أزاحت الكاتب إزاحة قهرية فنادت بما يسمى “بموت المؤلف” بحيث انصب جل اهتمامها على البنية السطحية والعميقة في دراسة النصوص معتمدة منهجا علميا دقيقا في أدواته الإجرائية ، موظفا مصطلحات خاصة بالمنهج كالنسق والبنية والنظام ، غير أن تجاهلها للكاتب وفصله عن نصه خلق نوعا من القطيعة الفنية والدلالية وحتى التأويلية فهذا التوجه المنهجي لا يحملنا الى أي مبدأ أو غاية في النص بل يحملنا الى غياب الأب أو إلغاء الانتساب إليه [1]، وما يصعب تطبيق هذه الفلسفة النقدية هو خصوصية النص المعامل معه .
وبظهور توجهات جديدة للمقاربات النصية حظي القارئ أو المؤوّل باهتمام كبير في تفسير النص بعد أن ظل دوره مهملا لزمن طويل ،إذ فتحت نظرية التلقي أفقا جديدا في مجال التأويل ضمن النقد الأدبي فعملت على تشييد جمالية من نوع خاص “انتقلت من الفلسفة الظاهراتية التي جعلت من الذات مصدرا للفهم فأصبحت بذلك الذات المتلقية قادرة على انتاج النص بواسطة فعل الفهم والإدراك “[2]، وهذا ما أحدث تطورا كبيرا في النظرية الأدبية الحديثة عموما ، فالاهتمام بالذات المتلقية باعتبارها مفتاحا لقراءة وتأويل الأثر الأدبي فسح مجالا جديدا واسعا لقراءة النص وفك علاماته ودواله ،فلا يتجلى عالمه الخاص كما يرى الناقد “بول ريكور Paul Ricor: إلاّ “في انفتاح النص على خارجه أو على آخره بحيث يشكل عالم النص موضوعا قصديا أصيلا في علاقته ببنيته الداخلية “[3]، لأن أهم ما يميز القراءة الأدبية أنها تحاول البحث في المسافة الفاصلة بين الدال والمدلول وتعمل بذلك على فك رموز التعدد الدلالي الذي يميز النص الأدبي
ويحدد الناقد حميد الحمداني مسار تأويل الخطاب كالآتي[4]:
- هناك مرحلة كانت في الواقع ضد التأويل وهي مرحلة سادت فيها القصدية وكل ما له علاقة بسلطة الكلام الفردي أو بالفكر المطلق ،إما أن ترفض التأويل أو توقفه في نقطة حرجة لا يجوز تخطيها.
- هناك مرحلة الموضوعية التي تهمل الذات و المقصدية، وعلى إثر ذلك يهمل التأويل لصالح المعاينة وإدراك القوانين ،وهذه الموضوعية إما أن تكون متعلقة بالنص ،أو بالنص ذاته ولكن في إطار سياقه التاريخي أو الاجتماعي .
- المرحلة الثالثة أعادت الاعتبار لقضية التأويل من خلال الاهتمام بالمؤول ،ذلك أنه في المرحلة الأولى كانت سلطة النص شبه مطلقة وفي المرحلة الثانية تهميش صاحب النص أو إلغاؤه تماما ، المؤول لصالح لكن في هذه المرحلة الأخيرة أعطي الاعتبار للقارئ ولتأويلاته .
إلاّ أنه وفي ظل هذه المعطيات يميل النقد الجديد اليوم نحو نظرية التأويل في قراءة النصوص ،أي الاهتمام بالذات المتلقية ، إلا أن هذا لا يعني إلغاء كل من المؤلف والنص ، فلا يتضح وجود هذا الأخير ولا تتضح ملامحه إلا بتضافر العناصر الثلاث :
المؤلف النص القارئ المؤول
ونجد من المنظرين من يؤكد غلبة التأويل دون إهمال القارئ والنص[5]:
- “ميكائيل ريفاتير” Mikael Rivater الذي لا ينفي مثلا القصدية بشكل تام ،لكنه يقول بنفس الوقت بفكرة النص كمنطلق ،والى جانب ذلك كله يتحدث عن دور القارئ وأثر التطور التاريخي وتغير السنن في عملية القراءة
- أما “أمبارتو إيكو” فيمضي في نفس الاتجاه مراعيا نوعا من التكافؤ بين مقاصد المؤلف ومعطيات النص ودور القارئ.
- على خلاف “رولان بارت ” Roland Bartالذي يرى في النص قابلية لا نهائية للمعاني معلنا “موت المؤلف “وتجدر بنا الإشارة في هذا السياق الى أن موت المؤلف عند بارت يقصد به بث الحياة في القارئ ،ذلك أنه فضاء تنقش عليه كل التناصات التي تتألف منها الكتابة ،فوحدة النص ليس في الأصل منشؤه ،وإنّما في امتداده وأبعاده .
ومن ثم يرفض بارت النظرة التقليدية في التفسير التي ترى أن المؤلف هو أصل النص وإليه وحده يرجع تأويله ،وهو بذلك يعطي الحرية للناقد في أن يدخل النص في أي جهة فليس هناك مسلك صحيح ، فالجديد في طرح “بارت” أن القراء أحرار في فتح عمليات النص وإغلاقها من دون مراعاة المدلول وهم أحرار في تلقي نصيبهم من لذة النص [6]
- أما “ياوس” Yeos فلا ينفي بشكل مطلق مقصدية المؤلف فإنه يجعلها ذات قابلية لأن تتفاعل_ سلبا أو إيجابا_مع آفاق قراء العصر ، ويهتم في نفس الوقت بالحضور التاريخي للنص في ضوء تطور آفاق القراءة.
- بينما يقترح “ايزر” Weiserبديلا للنص وللقارئ في نقطة التفاعل الحاصل بينهما، وإذا كانت هناك عملية ما للضبط يقوم بها النص ، فهي لا تشتغل إلا أثناء فعل القراءة .
بناء على ما تم ذكره صار النص بنية خاضعة للذات التي تؤوله ،إذ أصبح منفتحا على جميع التأويلات المستمرة والمتغيرة مع كل قراءة .
2_إرهاصات التأويل في النقد العربي المعاصر
اختلفت مفاهيم التأويل وتعددت سواء على مستوى ميكانيزمات الفهم وإنتاج المعنى وتعدد الدلالات التي تتجاوز حدود النص ،أو على مستوى خلفياته التأملية وروافده الفلسفية ،لذا يمتد تعريفه ليشمل المرجعيات اللاهوتية إذ تعد كلمة “الهرمينوطيقا”والتي تعني “فن التأويل”محور جدل بدأ لاهوتيا مع تفسير النصوص المقدسة ،واستمر ابستيمولوجيا مع تعدد القراءات النقدية للظاهرة الإبداعية والفلسفية لارتباطه الأنطولوجي برؤيا الوجود وتفسير الكون من منطلقات جدلية أو برهانية ومعرفية ،ويتعلق التأويل بشكل عام بمشكلات الفهم و التفسير وارتباط كل ذلك بالفلولوجيا وإشكالية القراءة وقراءة النصوص.[7]
وتجلت إرهاصات المنهج التأويلي في النقد العربي المعاصر في بعض المحاولات التطبيقية التي جمعت بين التفكيكية والسيميائية وكذا نظرية التلقي التي تعد من أبرز المدارس الغربية الداعية الى الاهتمام بالقارئ والتي فرضت نفسها كنظرية متكاملة تنظيرا وإنجازا حيث استطاعت أن تحظى بمكانة في الساحة النقدية العالمية ،ولم يكن النقد بمعزل عن الاحتكاك بها ، بل الدعوة الى تبني أفكارها ، وعلى الرغم من “طواعية المنهج الهرمينوطيقي ومرونته إلا أنه لا يمكن عده منهجا مطلقا ،وإنما هو مجموع من الفرضيات لا يزال يشوبه التعتيم والتعميم اللذين لا يمكن أن يتلاشيا، إلا إذا تم الاهتمام بالفرق بين المصطلح في مستويات وجوده الثلاثة “[8] التي حددها عبد اللطيف محفوظ كما يلي[9].:
أولا: المستوى المجرد :الذي يرتبط بكون التأويل فعل إدراك وتمثل للمعنى عن طريق الفهم والتفسير.
ثانيا: المستوى الإجرائي: الذي يتجسد في سيرورة ذهنية من التفكير الجامع في نفسه بين الدليل المدرك “شيئا أو ظاهرة “وبين كل ما هو حاصل في وعي المدرك من معرفة مسبقة حول هذا الدليل ومن تمثيلات مزامنة للحظة الإدراك ذاتها.
ثالثا: التأويل بوصفه تحققا فرديا ، وهذا المستوى هو الذي يسمح لنا بأن نحكم على الآليات المستخدمة من قبله وعلى قدراته ومقاصده.
ونرجح إشكالية التأويل في الخطاب النقدي المعاصر الى الاختلاف في استعمال المقابل العربي المناسب و الدقيق للمصطلح الغربي مما يؤكد عدم استقرار المفهوم في مستواه المجرد فهو لا يزال في مرحلة التمثل والتشكل فخصوصية العملية التأويلية في بعدها المعرفي والفكري والتاريخي في الثقافة العربية المعاصرة وحداثة الرؤية والتوجه يجعلها تعيش صراعا مصطلحيا و معارفيا معقدا ومتشعبا.
وقد حاول “نصر حامد أبو زيد “تحديد أبعاد النظرية التأويلية بالجمع بين أصل التسمية المعرّبة للمصطلح الغربي وهي ” الهرمينوطيقا “و”فرع التفسير “وأشار الى أن “القضية الأساسية التي تتناولها الهرمينوطيقا بالدرس هي معضلة تفسير النص بشكل عام سواء كان هذا النص نصا تاريخيا أو نصا دينيا”[10]، إلا أن الأمر يختلف في اعتقادنا مع النصوص الإبداعية التي تتجاوز مرحلة التفسير الى مرحلة البحث عن المعنى الخفي المستتر الثاوي داخل النصوص ، وما يؤكد اعتقادنا هذا تمييز الناقد بين مصطلح الهرمينوطيقا ومصطلح التفسير يقول “إن التمييز بين المصطلحين يتجاوز الفصل بين التطبيقي و النظري، لأنهما يتداخلان بشكل من الأشكال في كليهما، وإنما يتعلق الأمر بطبيعة النصوص التي يشتغل عليها كل مصطلح، وتبعا لذلك يتطابق مفهوم التفسير مع مفهوم التأويل ،غير أن الهرمينوطيقا لم تبق مقيدة بطبيعة تلك النصوص الدينية المقدسة خاصة شأن التفسير ،وإنما وسعت مجالها لتشمل جميع النصوص الأخرى والتي تتميز بطابع رمزي أساسا “[11]وقد اعتبر ” الهرمينوطيقا” هي “علم تفسير النصوص” أو “نظرية التفسير”[12]،ولكنه وسع من مجالها لتشمل النص الفني عامة والأدبي خاصة.
أما الناقد المغربي “حميد الحمداني “فاستخدم مصطلح التأويل بمدلوله الغربي ويتبنى في ذلك رأي “ايزر” صراحة باستخدامه للمصطلح المعرب “الهرمينوطيقا” كما يوظف مصطلح “التأويلية” وكلها عنده تحمل معنى واحد بمقابلته لمصطلح التأويل بالهرمينوطيقا[13]على عكس بعض المترجمين الذين يعتبرون التأويل مقابلا لمصطلح interprétations [14]، ولعل تبني مصطلحات دون أخرى يعود الى الخلفية المعرفية والتوجه الثقافي الذي ينتمي اليه الناقد وهذا ما يحدث اضطرابا في ترجمة المصطلح .
في حين يعتبر الناقد “عبد السلام المسدي” أن هذا الخلط في استعمال مصطلح التأويل للتعبير عن نظريتين مختلفتين لا يخدم استقرار المصطلح، فاقترح أن يكون التأويل مقابلا للفظ interprétationsحيث يرى وجود ملاءمة دلالية لسلسلة من المفاهيم كالشرح والتفسير ويطرح بديلا للتعبير عن التأويل الغربي حيث يقول” بوسعنا أن نرتئي من الاستشراف استقرار المصطلح تدريجيا على قالب المصدر الصناعي الذي يزيل ضباب الدلالة ألى وهو لفظ التأويلية الذي يكون خير بديل لمضارعة الهرمينوطيقا”[15]، ومن هنا تعددت التعريفات والمصطلحات وتوزعت بين نظرية التأويل ، وفن التأويل، وفلسفة التأويل ـ، وعلم التأويل ، ومصطلح “التأويلية “الذي راج تداوله واستعماله في الدراسات العربية “ووجد فيه أصحابه من دلالة التأصيل والفصاحة مالا يوجد في تلك الصيغ الهجينة الثقيلة من الدخيل “[16]، ويعد من المصطلحات التي تقف ندا الى ند مع مصطلح الهيرمنوطيقا بل إنهما يستعملان في كثير من الدراسات جنبا الى جنب على سبيل الترادف و الاستبدال.
من صفوة القول إنّ تحديد مفهوم التأويل يستدعي تأصلا في المعرفة النظرية ونضجا في الأدوات الإجرائية ووعيا في توظيف المصطلح الأكثر خصوبة والأوفر انتاجا نظريا وإجرائيا .
ولعل أهم المسائل التي تجسد الحلول الممكنة لمشكلة التأويل في النقد العربي المعاصر هو ما يعرف “بالقراءة التفاعلية” حيث تنفتح الدلالة بالقراءة في عمق النص والخوض في دهاليزه، إذ استطاع فعل التأويل أن يحول القراءة من فعل استهلاك لفعل انتاج لأنه” يرقى بعملية القراءة الى مدارج المعايشة الحميمية لفسيفساء النص والتمثل العنيف لمفاتنه فتصير علاقة القارئ بالمقروء علاقة رغبة واشتهاء متبادلة”[17]،إلاّ أن طبيعة هذه العلاقة تختلف باختلاف أهداف المتلقي فتتنوع القراءات بين[18]:
الاستيعاب المتنامي “الانطلاق من الجزء الى الكل”.
القراءة استباق المعنى بناء على فعل التخمين “من الكل الى الجزء.
القراءة التفاعلية والتي تشيد المعنى إبان فعل القراءة نفسه لا قبله ولا بعده .
ويؤكد”إدريس بلمليح” في كتابه القراءة التفاعلية” أنه إذا كان المتلقي حدثا تواصليا يعكس نوعا من أنواع التفاعل بيننا وبين الباث فإنه لابد من أن يكون التأويل شكلا محددا للتفاعل بيننا وبين النص ،أي محاولة إقامة بنية للتلقي أو جهاز للقراءة في مقابل بنية الرسالة أو جهازها الإبداعي والفني الراجع الى نظامها الذاتي، أي أننا بصدد مستويين اثنين للتفاعل هما:
أ_تفاعل المتلقي بالباث :تواصل.
ب_ تفاعل المتلقي بالنص :تأويل[19].
فمهمة التأويل التنقيب عن الدلالات الغائرة في أعماق النص واستفزاز المعنى الظاهر ليميط اللثام عن وجهه الخفي المتواري الذي لا يتأتى إلاّ بفعل القراءة و التفاعل مع النصوص الأخرى ما يجعله أمرا مهما في انفتاح النص وتعدد معانيه ، فإذا كان المعنى الظاهر ملكا مشاعا لجميع القراء ،فإن المعنى الخفي يستلزم بحثا و استراتيجية تأويلية تمليها إشارات المتن، وذات قرائية واعية تصنع أفقا جديدا للنص ،فمما لا شك فيه أن قراءة الإبداع الأدبي “تتطلب مهارة تخييلية تطابق أو تتجاوز مهارة المؤلف نفسه ،فمواجهة البنى الرمزية في تعددها ولا نهائيتها يحتاج الى رؤيا تأويلية تكرس جملة من العوامل والمعايير ، وتتوسط القراءة والعلم والتفسير والفهم الذوقي والعقلي وغيرهما من أساليب التحليل سواء عن طريق المكاشفة والظن أو عن طريق عقلنة المعنى نسبيا ،أو سواها من الأساليب المحاورة ، وتشابك الفضاءات وتداخل العوالم”[20]، فالعملية التأويلية بهذه المنطلقات المعرفية لا تتاح لأي قارئ عادي بل بتصف بها القارئ الناقد الحصيف الحذق الذي يستطيع تلمس هذه الدلالات الدفينة داخل النص الإبداعي كما يجدر به اكتساب مجموعة من الآليات والتقنيات التحليلية التي تساعده في مهامه القرائية التأويلية. والمستمدة من نظرية جمالية التلقي التي تهتم بالقارئ ودوره في إعادة بناء الأثر الأدبي وانفتاحه والبحث عن مواطن الجمالية فيه.
3_ شعرية التأويل وآلية التلقي الجمالي:
إنّ من أهم إنجازات الشعرية كما تشير الدكتورة خيرة حمر العين “انفتاح النص الأدبي على التأويل” مع المحافظة على خصوصيته والتمتع بجماليته وإبراز مفاتنه ، فمفهوم الانفتاح كما حدده أمبرطو إيكو له علاقة بالمؤوّل الذي يستهلك الأثر أو النص أو الخطاب ، في حين أن الأثر الفني هو موضوع جمالي قابل للتأويل،[21]وفق استراتيجيات قرائية تنظم عملية الفهم والقراءة.
فقد تجاوز القارئ سلطته السابقة في تفسير النص دون الخروج عن بنيته اللسانية ، ليرتقي بالعملية النقدية الى مصاف التأويل مستحضرا أدواته الإجرائية وزاده الثقافي، والفني، و الاجتماعي، الذي يلج به عالم النص محاولا إعادة صناعته تماشيا وأفق توقعاته إذ يقوم بهدمه وإعادة بنائه من جديد وفق رؤاه وأفكاره ،”فالعمل الفني هو من جهة موضوع يمكن أن نجد له شكله الأصيل كما تصوره المؤلف وذلك من خلال مظهر الآثار الذي يحدثها على عقل المستهلك وإحساسه، وهكذا ينشئ المؤلف شكلا مكتملا بهدف تذوقه وفهمه مثلما أراده هو ، لكن من جهة أخرى فإن كل مستهلك وهو يتفاعل مع مجموع المثيرات وهو يرى أو يفهم علاقاتها يمارس إحساسا شخصيا ،وثقافة معينا وأذواقا واتجاهات وأحكاما قبلية توجه متعته في إطار منظور خاص به، وفي العمق فإن الشكل يكون مقبولا جماليا ،وبالضبط عندما يكون ممكنا تصوره وفهمه وفق منظورات متعددة ، وعندما يحمل تنوعا كبيرا في المظاهر و القصدية دون أن يتوقف عن أن يكون هو نفسه”[22]،إلاّ أنه وفي خضم هذه العلاقات المتشابكة بين المؤوّل والنص نطرح إشكالا مهما يحدد طبيعبية العملية التأويلية وهو هل يؤول القارئ النص بالبحث عن الدلالة التي أرادها المؤلف أو يكتفي بإجلاء وكشف جوهر النص من خلال تفاعلاته النصية ومظاهره اللسانية ؟
وللإجابة عن هذا الإشكال ارتأينا أن نشير الى تصورين مختلفين للتأويل[23]:
- التصور الأول :يعنى بالكشف عن الدلالة التي أرادها المؤلف ،أو على الأقل الكشف عن طابعها الموضوعي ، وهو ما يعني إجلاء جوهرها المستقل عن فعل التأويل.
- التصور الثاني: يرى على العكس من ذلك أن النصوص تحمل كل تأويل ويرجع أمبرتوإيكو في كتابه “التأويل بين السيميائيات والتفكيكية” الاختلاف بين التصورين الى اختلاف المرجعيات المعرفية والمصادر الفكرية التي ينهل منها كل تصور ليحسم الإشكال بقوله ” فعندما يفصلا النص عن قصدية الذات التي أنتجته فلن يكون من واجب القراء ولا في مقدورهم التقيد بمقتضيات هذه القصدية الغائبة والخلاصة وفق هذا التصور أن اللغة تندرج ضمن لعبة متنوعة للدوال ، كما أن النص لا يحتوي على أي مدلول متفرد ومطلق ولا وجود لأي مدلول متعال ، ولا يرتبط الدال بشكل مباشر بمدلوله يعمل النص على تأجيله أو إرجائه باستمرار فكل دال يرتبط بدال آخر بحيث لا شيء هناك سوى السلسلة الدالة المحكومة بمبدأ اللامتناهي”[24]، فكلما تجرد التأويل اللانهائي من كل قصدية يستمر التأويل النهائي في التطابق مع النص ، فالمؤلف “يقدم للمؤوّل أثرا يحتاج الى أن يكمله وهو يجهل الطريقة المحددة التي سيحققها ذلك ،لكنه يعرف أن عمله سيبقى هو عمله، وعن طريق الحوار التأويلي سيتجدد شكل منظم من شخص آخر لكنه شكل مؤلفه ،إن دوره يتمثل في اقتراح الإمكانات المنطقية والموجهة والمكتملة لبعض الضرورات النظامية التي تحدد تطورها “[25]، فعمليات الفهم واستقلاليتها لا تخضع لإرادة المؤوّل فحسب وإنّما يدخل في صميم ذلك الكثير من العوامل والمحفزات والقدرات والكفاءات خاصة وأن التأويل لم يعد ذلك المفهوم الساذج المتعلق بالمعنى الحرفي والمعنى الرمزي ، لقد جرف المفهوم الجديد للهرمينيوطيقا الكثير من التصورات الراسخة بعيدا ليؤسس استنباطات مغايرة ناتجة عن نقد المعايير السابقة “[26]، إن اختلاف مفهوم التأويل عما كان عليه سابقا بحصره في المعنى الحرفي والرمزي يجعلنا نعتقد أن العملية التأويلية تنحو منحا جديدا إذ تريد الكشف عن مقصدية جديدة بعيدة عن الذات المنتجة فتعيد بناء النص وفق رؤية المؤوّل ولكن تحت وصية المؤلف إذ لا يمكن التلاعب بدلالات النص الأصلية ولكن يمكن قراءة ما هو ثاوي داخلها وهذا ما يسعى الى تحقيقه النقد الثقافي مثلا إذ يبحث عن كل ما هو مستتر وخفي انطلاقا من البنية اللسانية للنص ولكن وفق أطر تأويلية جديدة .
يرى تودوروف بأن الشعرية قد وضعت حدا للتوازي القائم بين التأويل والعلم في حقل الدراسات الأدبية ففي تحديده لمفهومها قال :” ففي مقابل تأويل النص الخاص لا تسعى الشعرية إلى تسمية المعنى ،بل الى معرفة القوانين العامة التي تنظم ولادة كل عمل …تبحث عن هذه القوانين داخل الأدب ذاته وليس العمل الأدبي في حد ذاته هو موضوع الشعرية ، فما تستنطقه هو خصائص هذا الخطاب النوعي الذي هو الخطاب الأدبي “[27] لذا فالأثر أو توليد الاحساس في الملتقى هو منبع الشعرية .
ويعود الفضل إلى “ياكبسون” في الاهتمام بالشعريات مع ظهور نظريته التواصلية التي اهتدى فيها الى مفهوم الرسالة وما يمكن أن تولده من دلالات كالوظيفة الشعرية التي تكون فيها الرسالة غاية في ذاتها لأنها العمل الفني المعني بالدراسة [28] إذ أراد ياكبسون وضع حدود بين الرسائل اللفظية العادية والرسائل اللفظية الأدبية كون الأدب في جوهره هو بناء لغوي جميل ، ويعرفها تعريفا شاملا ومجملا بقوله :” هي ذلك الفرع من اللسانيات الذي يعالج الوظيفة الشعرية في علاقتها مع الوظائف الأخرى للغة وتهتم الشعرية بالمعنى الواسع للكلمة بالوظيفة الشعرية لا في الشعر فحسب ، حيث تهيمن هذه الوظيفة على الوظائف الأخرى للغة وإنما تهتم بها أيضا خارج الشعر “[29] فهي تبحث في العناصر المحققة للجمالية لا في الشعر فحسب بل بفنون الأدب كلها مع احتفاظ كل نوع بقوانين خاصة التي تحقق له هذا التميز الجمالي ،اذ تذهب النظريات النقدية المعاصرة الى اعتبار الشعرية من أبرز العناصر الأدبية باعتبارها العلة الفاعلة و الحقيقية التي تشهد للنص بتميزه وتفرده عن النصوص الأخرى فتقر بأدبيته إذ تطلق على ما به يتحول الكلام من خطاب عادي الى ممارسة فنية ابداعية “[30]
في الحين ذاته تبحث الدراسات النقدية الحديثة في الشعرية على مجموع الطاقات الايجابية في الخطاب فهي ” محاولة وضع نظرية عامة مجردة و محايثة للأدب بوصفه فنا لفظيا، أنها تستنبط القوانين التي يتوجه الخطاب اللغوي بموجبها وجهة أدبية “[31]، فهي تبحث في قوانين هذا الخطاب عبر اجراءاته الخاصة إنطاقا من مرجعها الأول والأخير المتمثل في الخطاب الأدبي.
ونخلص بالقول الى أن الشعرية لا تسعى الى تسمية المعنى كما سبق وأن أشرنا بل الى معرفة القوانين العامة التي تنظم ولادة اي عمل أدبي أو معرفة العلة الفاعلة التي تميز العمل إذ يشير ياكبسون الى أن “ليس موضوع العمل الأدبي هو الأدب وإنما الأدبية ، أي ما يجعل من عمل معين عملا أدبيا”[32]، فهي ترصد أكثر المواطن الأشد أدبية في الأدب والتي ينفرد وحده بامتلاكها ، وبهذا التوجه أصبح العمل الفني عملا خالصا يعج بالمعاني الكامنة وبالخصوصية الأسلوبية التي تتضافر وعناصر النص لتشكل نسيجا محكم الخيوط متناسق الصور، فأضحت الشعرية بحثا في هذا العالم وفي هذا الفضاء برصد الجمالية فيه والتميز ولتثبت من خلال تتبع جزئياته وتفاصيله القيمة الإبداعية والفنية التي اتسمت به فجعلته أدبا .
تعد شعرية التأويل أو التلقي الجمالي من الموجهات الأسلوبية في دراسة النص الأدبي الذي يعتمد في تحقيق نجاح تأويله جماليا على آليات قرائية فاعلة تسعى الى فك شفراته وسبر أغواره وإضاءة دهاليزه رؤيويا ،ولعل أهم ما يشغل الناقد الجمالي في تلقي النصوص الأدبية على اختلاف جنسها هو “الآلية الجمالية في تلقي النص، والآلية الجمالية في تأويله والآلية المعرفية في التحليل و التركيب” [33]،إذ تتلخص مهمة القارئ الجمالي في تحسس وإدراك مواطن الجمالية ومحفزاتها داخل النص لتحقق معادلة التلقي الجمالي والتأويل القرائي ،فشعرية الأثر المفتوح كما حددها الناقد أمبارطوإيكو” تؤسس نوعا من العلاقات بين الفنان وجمهوره واشتغالا جديدا للإدراك الحسي الجمالي وتؤمن للمنتج الفني مكانة جديدة في المجتمع وتقيم في الأخير علاقة غير مسبوقة بين تأمل واستعمال الأثر الفني “[34] ، وعليه يمثل التأويل عنصرا مهما وضروريا لدى القارئ والمتلقي باختلاف أصنافه ومستوياته الإيديولوجية والفكرية والثقافية ،إذ يلعب دورا فعالا في توجيه كل ما يتلقاه المتلقي من خلال القراءة ،فهو كما يرى الناقد عبد القادر فيدوح” إعادة ما نملكه من رصيد معلوماتي وبلورته في سياق التجربة لإعطاء سلطة النص صفة التحرر من قيود خلف الصورة التي تحفز الانعكاس الإدراكي لمعنى التأويل”[35]، فللعمل الأدبي قطبان” يمكن أن نطلق على أحدهما القطب الفني والآخر الجمالي ،القطب الفني هو نص المؤلف، والقطب الجمالي هو عملية الإدراك التي يقوم بها القارئ وإذا كان الوضع العملي للعمل الأدبي يقع بين النص والقارئ فإن تفعيله يعد محصلة تفاعل بينهما”[36]، فلا يثبت النص وجوده إلا من خلال تفاعل القارئ وبنياته اللغوية والأسلوبية والدلالية التي تعمل القراءة على إبرازهم وتلمسهم من خلال ممارسة عملية الفهم والتأويل .
مما لا ريب فيه أن النصوص الأدبية الحديثة لا تهب نفسها للقارئ منذ الوهلة الأولى بل لابد من وجود قارئ متمرس يستطيع إغراءها للنفاذ الى عالمها واستنطاق رموزها الدلالية واللفظية بإتباع آلية القراءة التي لا تنفصل عن التأويل ، فالعلاقة بينهما هي “علاقة تكاملية ما بين التأويل بوصفه عنصرا تفسيريا بما هو موجود داخل النص من مفاهيم ومضامين ودلالات ، والقراءة باعتبارها وسيلة تواصلية تتم بين القارئ والنص لغرض بناء علاقة معرفية الهدف منها استيعاب مكامن النص الظاهرية والباطنية التي لا تكتمل إلا بوجود عنصر التأويل الذي يقوم بكشف الغموض الذي يكتنف مضامين النص”[37]، فالقراءة فعل واعي يقوم به القارئ لغرض الولوج الى عوالم النص
ومكامنه الخفية بدراسة وتحليل بنياته الأسلوبية والدلالية .
ونشير في هذا السياق الى ما حدده الناقد ريكور حول مفهوم القراءة بحيث وضع لها مفهومين ظلا متعارضين هما القراءة البنيوية أين يتم عزل النص عن محيطه الخارجي وتعليق توقعات القارئ وذلك قصد وصف البنية الدلالية للنص ،أما القراءة الثانية وهي قراءة تأويلية يتم فيها فك العزلة عن النص قصد ربطه بمحيطه الخارجي وبأفق القارئ بحكم أن ريكور يرفض دعاوي انغلاق النص ، كما حاول هذا الأخير _ريكور_ إيجاد نظرية أخرى تؤكد على استجابة القارئ النابعة من “الجمالية “لا من “البلاغة” ، وذلك من خلال القارئ المفرد واستجابته في عملية القراءة كما يتضح ذلك عند فولفغانغ و إيزر أو بمعنى استجابة الجمهور على صعيد التوقعات الجماعية كما لدى هانزروبرت ياوس بحيث هاذين النوعين من القراءة تتقاطعا في نقطة واحدة وهي “الجمالية” ويصبح بذلك فعل القراءة حلقة رابطة في سلسلة تاريخ جمالية التلقي [38]، ما يحيلنا مباشرة الى ما يسمى “بالتأويل المتسق” الذي أشار إليه فولفغانغ إيزر في كتابه فعل القراءة وهو “ذلك التأويل الخاضع لمعطيات القراءة الفردية التي تعتمد على انتقاء عناصر معينة من النص أثناء جريان تلقي وحداته الدلالية وإقصاء عناصر أخرى من أجل إغلاق عالمه الدلالي في معنى محدد يرتضيه قارئ فردي ما “[39]إذ يسعى القارئ دائما من وراء قراءاته البحث عن معنى نهائي يتجلى في نسق منسجم العناصر يقتنع بأنه المعنى الفعلي الوحيد للنص من خلال الإمكانات الاحتمالية التي تفتحها أمامه العناصر التخييلية وكذا الفراغات المتعددة التي يتكفل بملئها ، وهذا ما يحدث نوعا من الخلل في العملية التأويلية إذ تركيز القارئ ينصب على عناصر جزئية في النص مع إهمال العناصر الأخرى وهذا ما يؤدي في نظر إيزر الى “إغلاق النسق النصي الذي له في الأصل طبيعة متشعبة ومفتوحة ذلك أن البنية النصية التي تمثل حبكة النص يتعامل معها جميع القراء على قدر المساواة باعتبارها معطى أوليا ،لكنها عادة ما تكون بنية تفتح إمكانيات التدليل في كل الاتجاهات نظرا لطبيعتها التخييلية “[40]، هذا ما ينبثق عنه الاختلاف بين القراء كل حسب تأويلاته الدلالية .
ويشير إيزر الى أن التأويل المتسق لا يبتعد كثيرا عن مجال الوهم [41]ساعة اكتمال القراءة وصدور التأويل ،”لأن إغلاق إمكانيات قراءة النص وهي الماثلة في قابليته على الدوام للقراءة من قبل قراء آخرين في كل العصور ،يؤدي الى إقامة تصور “لحظوي “يقتنع به القارئ باعتباره المعنى الوحيد الممكن للنص ، وهذا هو الطريق السالك نحو بناء الوهم “[42]، ويعزز إيزر تحليله هذا بقولة لغومريخ جاء فيها أنه :” كلما اقترحت قراءة منسجمة ذاتها .أصبح الوهم سائدا”[43]، إلا أن هذا الوهم يبقى كما أشار حميد الحمداني نسبيا لأن القارئ في جميع الأحوال مجبر على الانطلاق من معطيات النص لبناء تأويله المتسق وتتجلى هذه المعطيات في المنبهات والمؤشرات الأسلوبية ، فموضوع تحليل الأسلوب كما يشير ريفاتير”هو الوهم الذي يخلقه النص في ذهن القارئ ، وهذا الوهم ليس بالطبع خيالا خالصا ولا تصورا مجانيا :فهو مشروط ببنيات النص و بمثيولوجية أو إيديولوجية الجيل أو الطبقة الاجتماعية للقارئ[44]، ما يؤكد صفة التفاعلية بين القارئ والنص .
فلعل الميزة الأساسية للموضوع الجمالي الأدبي يتم إدراكها داخل النص بالبحث عن المستويات الدلالية التي تسعى الى تنسيقها في شكل متماسك ،بالإضافة الى ملأ الفجوات والثغرات التي تتخلل النص ،فأي عمل أدبي لحظة ولادته يكون عالمه ضبابيا تصعب رؤيته إلا بواسطة مجموعة من القرائن والإشارات المعلنة أو المضمرة يكوّن جمهوره الخاص الذي تكون له قراءات لأعمال سابقة ،فيخلق توقعا ما لتيمة الحكاية ووسطها ونهايتها ، هذا التوقع الذي يمكن أن يعدل أو يوجه وجهة أخرى [45]، فإن طريقة استجابته لتوقع جمهوره الأول أو تجاوزه أو تخييله أو معارضته له تعتبر بالبداهة مقياسا للحكم على قيمته الجمالية ، وهذا ما يتفق مع ما يسمى “بالإنزياح الجمالي “”الذي يقاس بردود فعل الجمهور وبأحكام النقاد ، نجاح فوري ، رفض أو استنكار، استحسان أفراد أو تفهم تدريجي أو مؤجل فإن بإمكان هذا الانزياح أن يصبح مقياسا للتحليل التاريخي “[46]، هذا ما يحدد المسافة بين أفق التوقع الموجود قبلا والعمل الجديد الذي يمكن أن يؤدي الى تحول الأفق بتقبل تجارب جديدة أو معارضة أخرى مألوفة وتجدر بنا الإشارة الى أن الكتابة الإبداعية هي استثمار متجاوز للغة المتداولة مشحونة بدوافع نفسية وجمالية تتشكل من خلالها بنية رمزية تتجاوز اللغة المتواضعة الى لغة أسمى تنمو ضمن شبكة من العلاقات المعقدة ويحدد صلاح فضل نقطة “الالتماس حقيقة بين البحوث الأسلوبية والشعرية ، بحيث تصبح إنجازات الأسلوبي التي تستطيع التقاط الخواص اللغوية المكونة لأدبية النص والمحددة لمظاهر الجمالية من صميم الشعرية ولأنها تكشف عن كيفية نجاح النص في تحقيق الشعرية عبر مجموعة من الأجزاء السديدة “[47]، إذ تتلخص مهام الشعرية في الكشف عن تلك اللمسات الأسلوبية التي ينفرد بها كل أديب عن غيره والجمالية التي تستر وراء التصوير الفني والتأثير الوجداني الذي تحدثه الكلمات في تجانسها وتوافق معانيها وتميز تراكيبها ، ولكي تحقق الوظيفة الشعرية المنوطة بها بجب أن تحدث المتعة الأدبية لدى المتلقي بإثارته .وملامسة الداخل الإنساني له.
4_آلية السياق ودورها في تحقيق التأويل الجمالي:
إن موضوع البحث عن الجمالي ظل على الدوام إشكالا تجاذبت أطرافه مقاربات متنوعة ومتعارضة “فالشعرية خلق يستند الى الإنضاج و ملا شاة تتجلى في الإنزياحات “[48] التي ترجع ذاكرة اللغة الى شهوة الجمال في الوجود الذي يعني ارتقاء انسانيا حضاريا ووجدانيا ينقل الواقع الى عوالم متخيلة تفيض عليه إشراقا جماليا مصاحبا لروح الإنسان وتساميها في البحث عن المتغير وعن الجمال ، فالقارئ يتحسس هذه الحدائق الإبداعية التي تزهر بالإنزياحات و التضافرات الأسلوبية التي تحيل الى فضاءات تأويلية جمالية ودلالية تتخطى لحظات الإبداع فاتحة أبواب التأويل على مصرعيه أمام القارئ ليشارك في رسم جمالية النص الإبداعي
ومن الآليات القرائية التي تحدد عملية التأويل السياق الذي لا يمكن إهمال دوره الفعال في تحديد معنى الوحدات اللسانية ، فالنص القابل للفهم والتأويل هو النص القابل لأن يوضع في سياقه ، فهو يمثل بشكل عام فعلا تواصليا يستدعي حضور شروط متعددة تصاحب فعل الكتابة ، وذات وظيفة تداولية تمكن القارئ من محاصرة المعنى النصي ليعاد بناؤه من جديد خاصة في اللحظة التي “يبدأ فيها النص يحدث وقعا جماليا خاصا وأثرا يبنى مع القراءة التي تفتح بدورها الطريق أمام القارئ لإضاءة عتماته”[49]،وتجدر بنا الإشارة الى أن العمليات التواصلية لا تعتمد على السياق الوارد في النص فقط حتى تفهم بل إنها تغير ذلك السياق إذ يمكن أن ننشئ داخل السياق النصي سياقا آخر له مسرده الخاص من المؤشرات وبالفعل يمكن إقحام سياقات جديدة داخل سياقات مركبة .
فالسياق بكل مستوياته الدلالية والتداولية شرط أساسي لفهم وتحليل النصوص وتأويلها سواء كان السياق نصيا داخليا أو نصيا خارجيا فالتعامل مع النص يكون بالقبض على أهم مشكليه وهو المتكلم (المؤلف) والمتلقي (القارئ) في علاقة تفاعلية ،فقد أولت جمالية التلقي عناية كبرى بدور القارئ في إتمام عملية إنتاج النص الأدبي نفسها والذي يستدعي بالضرورة أداة تحقق وجوده وهي “القراءة عبر تداخلاتها المتعددة وهو ما ينتج عنه نوع من التفاعل بين النص والقارئ وهو تفاعل ضمني ومستمر وممتد عبر الزمن “[50]،زيادة على أن انسجام النص لا يتحقق إلا باستحضار العناصر الأخرى المكملة للسياق التواصلي زمانا ومكانا ومقاما.
ركحا على ما سبق يصبح السياق ملمحا رئيسيا من ملامح التعرف على النص ،إذ يتسع ليشمل كل الأطراف المكونة لعملية التواصل وقدرته الإجرائية على الفهم والتأويل ،وهو عنصر ضروري لتحقيق التفاعل بين الذات والموضوع أي بين الكاتب ونصه أيضا، فيشير حميد الحمداني الى أن تأويل القراء لبعض الرموز الأدبية تأويلات مختلفة يدل ” أن هذا الرمز قابل في سياقه الذي وضع فيه أن يؤول كذلك ،لكن هذه القابلية لا تصبح فعلا حاصلا إلا بتدخل القراء أي بممارسة فعل التلقي وهذا يعني أن المعنى والقيمة الأدبيين ليسا موجودين في الأدب ، ولا في المتلقين، ولكن في نقطة التلامس بين القراء والنص الأدبي”[51]،فتحليل النص وقراءته لا تقف عند حد البنية السطحية للنصوص إنما يتجاوزها الى محاولة القراءة التأويلية للنص حول استنطاق مختلف الرموز والإشارات التي يحيل إليها النص أو يعبر عنه بما لم يقله النص أو سكت عنه .
كما أن الإمساك بكل العناصر المكونة للنص هو ما يساعد على الفهم الصحيح والتأويل وهذا بالاعتماد على السياق في بعده التداولي وهو ما أشار إليه “فان ديك” “بالنص كفعل كلامي”Acte de langage” “وفيه لا تدرس الملفوظات اللغوية أو النصوص من حيث بناها فحسب وإنما أيضا من حيث وظائفها”[52]، فدراسة أي نص لا تسعى الى معرفة شكله ومحتواه بقدر ما تهدف الى معرفة الوظائف التي سينجزها فالسياق التداولي “يعتمد على تأويل النص باعتباره فعلا للغة أو متتالية من أفعال اللغة كالوعود والتهديدات والتأكيدات…ومهمة التداولية هي أن تتعدد الشروط التي ينبغي أن تتوفر في كل فعل لغوي لكي يكون مناسبا لسياق خاص ،كما يبحث السياق التداولي أيضا عن الطريقة التي يتم من خلالها ربط جملة بجملة في النص [53]، ويشير الناقد حميد الحمداني في كتابه “القراءة وتوليد الدلالة الى نوعين من السياق هما :[54]
- السياق الداخلي: والذي يمثل المظهر الديناميكي الذي تتفاعل عبره نصوص مختلفة وأساليب مختلفة داخل نص واحد.، كما يلزم السياق الداخلي أي دارس للنص الأدبي بأن ينظر الى كل وحدة بانية للنص سواء كانت أسلوبية أن دلالية ،من جميع جوانب علاقاتها القائمة مع الوحدات الأخرى ،حتى يتمكن من تحديد طبيعتها الأسلوبية وكذا نوعية الدلالة التي تحملها في النص .وهناك أداتان إجرائيتان لتحقيق هذه الغاية وضبط نتائجها:
_ التكرار: ذلك أن النص يعمل في غالب الأحيان على تأكيد حضور أي وحدة أسلوبية ودلالية من أجل إعطائها طابع الاستمرارية في النص ، وكذلك من أجل إبرازها أمام انتباه القارئ وتحديد نوعية الدور الذي تقوم به بين مجموع الوحدات الأخرى .
_ التضافر : يقصد بالتضافر العلاقات القائمة بين كل وحدة وما يحيط بها من وحدات أخرى مماثلة أو مناقضة لها داخل بنية نصية واحدة[55]، وهذا ما يجعل القراء قادرين في نفس الوقت على تمييز بدائل ومسندات للوحدة المدروسة من جهة وتمييز نقائضها من جهة أخرى.
ويؤكد الناقد حميد الحمداني أن السياق الداخلي لا يكف لوضع تأويل متسق للنص إذ تبقى تدخلات القراء لملأ فراغات النص مرتبط بخطاطاتهم الذهنية وبخبراتهم وأفكارهم السابقة وبالظروف الثقافية والاجتماعية المحيطة بظهور النص أو بالفترة الزمنية التي يخضع فيها النص للقراءة خارج زمنه الأول إذ يحاول القارئ إقامة نوع من المماثلة بين البنية النصية والأحداث التي يراها تحمل نفس العناصر الدالة انطلاقا من فكرة أن النص مشكل من عالم تخييلي أو تمثيلي مع تغييب العناصر التي تحيل مباشرة الى الواقع، وفي هذه الحالة يكون التأويل مستمدا الى العناصر السياقية الخارجية.[56] ، وما يجعلنا نؤمن بفكرة أن التأويل لا يستطيع دائما تلمس المقصدية الغائبة للذات المنتجة لأنه بتوجه في قراءته للنص بموسوعية ثقافية وتاريخية ومعرفية تحيله الى تأويل خاص يعبر عن رؤاه وتوجهاه ولكن في حدود سياقاته الداخلية ..
- السياق الخارجي : إذا كان السياق الداخلي يعمل أولا على وضع تأويل داخلي متسق يضبط موقعه ووظيفة ومدلول العناصر التي بدت أساسية للقارئ ،فإن السياق الخارجي يعمل على منح النموذج النص امتدادا في الواقع أو على الأصح امتدادا في ما يتصور القارئ أنه في الواقع إذ يحاول القارئ تفسير البنية النصية ببنية موجودة خارجها وهي بنية الواقع كما يتصوره هو فعلاقة المماثلة لا تتم بين النص والواقع بل بين النص والخطاطة الذهنية للقارئ عن الواقع فتتعدد القراءات لنصوص تأبى أن تنغلق وتحدث المماثلة بين عناصر دالة داخل النص يعتقد أن لها مثيل خارجه وهذا “لا يمنع أبدا من التقاء التأويلات وتقاربها ، وغالبا ما يكون ذلك ممكنا بصورة أوضح أثناء الفترات التي ظهر النص الأدبي فيها أول مرة ،لأن السياق الخارجي في هذه الحالة يكون له تأثير أكبر في توجيه القارئ الى تأويلات متقاربة وخاصة لدى الجماعات التي توحدها أوضاع ثقافية واجتماعية موحدة”[57]، ولعل هذا ما يتوافق مع ما جاء به عبد الله ابراهيم “التأويل الثقافي “من خلال تتبع السياقات الخارجية التي نشأ فيها النص .
وتنوخ قافلة دراستنا هذه عند بعض النتائج التي يمكن تلخيصها فيما يلي :
- اختلفت توجهات الدراسة الأدبية والنقدية بظهور الثورة اللسانية التي شكلت هزة نوعية في الفكر النقدي المعاصر ،فانصب جل اهتمام المناهج النقدية على النص كبنية لسانية مغلقة ، الى حين ظهور مناهج جديدة ما بعد البنيوية والتي اهتمت بالقارئ كأهم عنصر من عناصر العملية التأويلية الناجعة التي تؤمن بانفتاح النص وتعدد قراءاته.
- تختلف مسارات التأويل عند النقاد كل حسب توجهه المعرفي وتكوينه النقدي مع تبني مقولات الفكر النقدي الجديد أي الاهتمام بالذات المتلقية كذات فاعلة لتأويل النص .
- لا يمكن تحديد مفهوم التأويل إلا انطلاقا من تأصيل معرفي للنظرية ونضج في الأدوات الإجرائية ووعيا في توظيف المصطلح الأكثر خصوبة والأوفر انتاجا نظريا وإجرائيا من خلال توافق بين المستوى التجريدي والإجرائي لمفهوم التأويل
- إن عملية تأويل النص لا تنفصل عن قصدية الذات التي أنتجته من خلال قراءة الدلالات اللغوية والكشف عن لعبة الدوال ، إلا أنه في الحين ذاته لا يمكن تلمّس هذه القصدية الغائبة دائما في النصوص ، فالوجه الى قراءة النص وتأويله بموسوعية ثقافية ومعرفية تفتح المجال لانفتاح دلالي أكبر وأوسع مما قدمه منشؤه إذ لا يمكن التلاعب بدلالات النص الأصلية ولكن يمكن قراءة ما هو ثاوي داخلها .
- إن انفتاح النص وتعدد قراءاته لا يتأتى إلا بالخروج عن البنية اللسانية والتوجه في قراءة النص بزاد معرفي وثقافي وبآليات جمالية في تلقي النصوص والآليات المعرفية في التحليل والتركيب بالإضافة الى التركيز على السياق باعتباره هو الآخر آلية إجرائية قرائية لها الدور الفعاّل في عملية تأويل النص وهدمه وإعادة إنتاجه .
في الأخير نؤكد نقطة مفادها أن النصوص الأدبية المعاصرة لا تسلم نفسها للقارئ منذ الوهلة الأولى ،بل لا بد من وجود قارئ متمرس يستطيع ترويضها وإغراءها للولوج الى عالمها الداخلي واستنطاق رموزها باتباع آلية القراءة التي لا تنفصل عن التأويل .
مصادر البحث ومراجعه :
1_ أمبرطوأيكو، الأثر المفتوح تر: عبد الرحمان بوعلي ، دار الحوار ط3_ 2013.
2_ أمبرطوأيكو، التأويل بين السيميائيات والتفكيكية تر: سعيد بنكراد، المركز الثقافي العربي ط2، 2004.
3_ إدريس بلمليح، القراءة التفاعلية دراسات لنصوص شعرية حديثة ،دار توبقال ط1_ 2000.
4_ بول ريكور، الزمان والسرد، الزمان المروي، دار الكتاب الجديدة المتحدة، تر: سعيد الغانمي ج3،ط1_2006
5_بوطارن محمد الهادي وآخرون، المصطلحات اللسانية والبلاغية والأسلوبية والشعرية ،دار الكتب الحديثة القاهرة،2008
6_تزفيطان تودوروف ، الشعرية ، تر: شكري المبخوت ورجاء بن سلامة دارتو بقال للنشر الدار البيضاء المغرب ط 2_1990
7_ حسن ناظم ، مفاهيم الشعرية، دراسة مقارنة في الأصول والمناهج والمفاهيم ، المركز الثقافي العربي ،بيروت 1994
8_حميد الحمداني ، القراءة وتوليد الدلالة _تغيير عاداتنا في قراءة النص الأدبي _المركز الثقافي العربي الدار البيضاء ،المغرب، ط1_2003.
9_ حفناوي بعلي، إشكالية التأويل ومرجعياته في الخطاب العربي المعاصر منتديات ستار تايمز المغرب www.startimes.com
10_ خيرة حمر العين، الشعرية وانفتاح النصوص ،تعددية الدلالة ولا نهائية التأويل، مجلة الخطاب جامعة مولود معمري تيزي وزو العدد 19جانفي 2015
11- دندوقة فوزية التأويل وتعدد المعنى ، مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية ، جامعة محمد خيضر _بسكرة _العدد 4، جانفي 2009
12_رومان سلدن_ النظرية الأدبية المعاصرة، تر: جابر عصفور دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع القاهرة، 1998.
13_ صلاح فضل شفرات النص ، ،دار الفكر للدراسة والنشر والتوزيع ط1_1990.
14_ عبد السلام المسدي، المصطلح النقدي، مؤسسة عبد الكريم بن عبد الله للنشر والتوزيع تونس1994.
15_ عبد العزيز حمودة ، الخروج من التيه_ دراسة في سلطة النص ،عالم المعرفة الكويت ع298نوفمبر 2003.
16_ عصام شرتح، الشعرية بين فعل القراءة وآلية التأويل ( دراسة في التلقي والتأويل الجمالي )، دار الخليج للنشر والتوزيع.
17_ عواد نجاة كريمة، التلقي وأشكال التأويل عند بول ريكور ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الفلسفة ، جامعة وهران 2، كلية العلوم الاجتماعية 2015_2016_
18_عناني محمد المصطلحات الأدبية الحديثة ،الشركة المصرية العالمية للنشر لونجمان، الجيزة/ط3- 2003.
19_علي آيت أوشان، السياق والنص الشعري من البنية الى القراءة ،دار الثقافة ،الدار البيضاء.
20_فان ديك، النص بنياته ووظائفه، مدخل أولي الى علم النص تر: محمد العمري افريقيا الشرق ،الدار البيضاء
21_فولفغانغ إيزر: فعل القراءة ،نظرية جمالية التجاوب في الأدب ، تر:حميد الحمداني، الجيلالي الكدية، منشورات مكتبة المناهل ،فاس. المغرب.
22- محمد السيد أحمد الدسوقي ، جماليات التلقي وإعادة إنتاج الدلالة دراسة في لسانيات النص الأدبي ، دار الإيمان للنشر والتوزيع،ط1_،2007_2008
23_ميكائيل ريفاتير، معايير التحليل الأسلوبي ، حميد الحمداني ،دار النجاح الجديدة الدار البيضاء، ط1، مارس 1993.
24_ نصر حامد أبو زيد، إشكالية القراءة وآلية التأويل ،المركز الثقافي العربي بيروت، ط 2_1992
25_نور الدين السد الأسلوبية وتحليل الخطاب ، ،دراسة في النقد العربي الحديث، ج 02 ، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع ،الجزائر.
[1]_ ينظر: عبد العزيز حمودة ، الخروج من التيه_ دراسة في سلطة النص ،عالم المعرفة الكويت ع298نوفمبر 2003، ص116_117.
[2] __ عواد نجاة كريمة، التلقي وأشكال التأويل عند بول ريكور ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الفلسفة ، جامعة وهران 2، كلية العلوم الاجتماعية 2015_2016_ ص13.
[3] _ بول ريكور ، الزمان والسرد ، الزمان المروي ، دار الكتاب الجديدة المتحدة، تر:سعيد الغانمي ج3،ط1_2006،ص237.
[3] _ ينظر:حميد الحمداني ، القراءة وتوليد الدلالة _تغيير عاداتنا في قراءة النص الأدبي _المركز الثقافي العربي الدار البيضاء ،المغرب، ط1_2003ص80.
[5] _ينظر المرجع نفسه ص81.
[6] _ ينظر :رومان سلدن_ النظرية الأدبية المعاصرة، تر: جابر عصفور دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع القاهرة، 1998، ص121_122
[7] __ ينظر: خيرة حمر العين، الشعرية وانفتاح النصوص ،تعددية الدلالة ولا نهائية التأويل، مجلة الخطاب جامعة مولود معمري تيزي وزو العدد 19جانفي 2015،ص11.
[8] _ المرجع نفسه ص 23.
[9] _حفناوي بعلي، إشكالية التأويل ومرجعياته في الخطاب العربي المعاصر منتديات ستار تايمز المغرب www.startimes.com
[10] _ نصر حامد أبو زيد،إشكالية القراءة وآلية التأويل ،المركز الثقافي العربي بيروت، ط 2_1992، ص13.
[11] _ المرحع نفسه ص 13
[12] _- المرجع نفسه ص44
[13] __.ينظر: بوطارن محمد الهادي وآخرون، المصطلحات اللسانية والبلاغية والأسلوبية والشعرية ،دار الكتب الحديثة القاهرة،2008_ص6.
[14] _ ينظر: عناني محمد_المصطلحات الأدبية الحديثة ،الشركة المصرية العالمية للنشر لونجمان، الجيزة/ط3- 2003_ص27.
[15] _ عبد السلام المسدي، المصطلح النقدي، مؤسسة عبد الكريم بن عبد الله للنشر والتوزيع تونس1994،ص64.
[16]_ حفناوي بعلي ، إشكالية التأويل ومرجعياته في الخطاب العربي المعاصر www.startimes.com
[17] _ دندوقة فوزية التأويل وتعدد المعنى ، مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة محمد خيضر _بسكرة _العدد 4، جانفي 2009.
[17] __ينظر: المرجع نفسه
[17] __ينظر: إدريس بلمليح، القراءة التفاعلية دراسات لنصوص شعرية حديثة ،دار توبقال ط1_ 2000، ص98
[20] _ خيرة حمر العين ، الشعرية وانفتاح النصوص، ص19_20.
[21] ينظر: أمبرطوأيكو، الأثر المفتوح تر: عبد الرحمان بوعلي ، دار الحوار ط3_ 2013، ص 7
[22] المرجع نفسه ص 15
[23] ينظر: أمبرطوإيكو، التأويل بين السيميائيات والتفكيكية تر: سعيد بنكراد، المركز الثقافي العربي ط2، 2004 ،ص117.
[24] المرجع نفسه ص125.
[25] أمبرطوإيكو، الأثر المفتوح ،ص33.
[26] _ خيرة حمر العين، الشعرية وانفتاح النصوص تعددية الدلالة ولا نهائية التأويل ، ص24.
[27] _- تزفيطان تودوروف ، الشعرية ، تر: شكري المبخوت ورجاء بن سلامة دارتو بقال للنشر الدار البيضاء المغرب ط 02،1990
ص 23
[28] _ قضايا الشعرية ص 24
[29] _ قضايا الشعرية ص 35.
[30] _ نور الدين السد ا، لأسلوبية وتحليل الخطاب ، ،دراسة في النقد العربي الحديث، ج 02 ، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع ،الجزائر د،ت ص 85
[31] _ حسن ناظم ، مفاهيم الشعرية، دراسة مقارنة في الأصول والمناهج والمفاهيم ، المركز الثقافي العربي ،بيروت 1994 ص 09
[32] _ الشعرية، تزفيطان تودوروف ،ص22
[33] _ ينظر، عصام شرتح ، الشعرية بين فعل القراءة وآلية التأويل ( دراسة في التلقي والتأويل الجمالي )، دار الخليج للنشر والتوزيع /ص 9.
[34] _ أمبارطوإيكو ، الأثر المفتوح، ص36
[35]_ عبد القادر فيدوح ، أدبية التأويل،ص49، نقلا عن عصام شرتح، الشعرية بين فعل القراءة وآلية التأويل ص58
[36] _ محمد السيد أحمد الدسوقي ، جماليات التلقي وإعادة إنتاج الدلالة دراسة في لسانيات النص الأدبي ، دار الإيمان للنشر والتوزيع،ط1_،2007_2008 صفحة المقدمة
[37] _ سنوسي شريط، القراءة والتأويل، مصطلحات التلقي والمشاهدة ،مجلة كتابات معاصرة ع63 ص173، نقلا عن الشغرية بين فعل القراءة وآلية التأويل ص58
[38] _ ينظر : عواد نجاة كريمة، التلقي وأشكال التأويل عند بول ريكور، صفحة المقدمة “ث
[39] _ حميد الحمداني /ً114.
[40] _ المرجع نفسه ص115.
[41] _ ينظر :فولفغانغ إيزر: فعل القراءة ،نظرية جمالية التجاوب في الأدب ، تر:حنيد الحمداني،الجيلالي الكدية، منشورات مكتبة المناهل ،فاس ،ً76
[42] _ حميد الحمداني ص115
[43] _ فولفغانغ إيزر، مرجع سابق ص77
[44] _ ميكائيل ريفاتير، معايير التحليل الأسلوبي ، حميد الحمداني ،دار النجاح الجديدة الدار البيضاء، ط1، مارس 1993.،ص 8
[45] _ ينظر: هانس روبرت ياوس ، جمالية التلقي من أجل تأويل جديد للنص الأدبي ص 47
[46] _ المرجع نفسه ص59
[47] _ شفرات النص ، صلاح فضل، دار الفكر للدراسة والنشر والتوزيع ط1_1990، ص93_
[48] _ عدنان بن ذريل، اللغة والأسلوب، ط2، 2002ـ ص174.
[49] _ علي آيت أوشان، السياق والنص الشعري من البنية الى القراءة ،دار الثقافة ،الدار البيضاء ص136
[50] _ المرجع نفسه ص137
[51] _ حميد الحمداني ، القراءة وتوليد الدلالة ،ص87
[52] _ فان ديك، النص بنياته ووظائفه، مدخل أولي الى علم النص تر: محمد العمري افريقيا الشرق ،الدار البيضاء، 1997.
[53] _ ينظر المرجع نفسه.
[54] _ ينظر حميد الحمداني/ ص117_118.
[55] _ ميكائيل ريفاتير، معايير تحليل الأسلوب ص60_61
[56]__ ينظر: المرجع نفسه ص117
[57]_ المرجع نفسه ص118.