تَحوُّلاتُ القصيدةِ بينَ الشّعْريَّةِ والسّرْديَّة مأساةُ النَّرْجِسِ ملهاةُ الفضَّةِ
لـ ( محمود درويش أنموذجاً ) [1]
The poem’s transformations between poetry and prose
(the tragedy of the palace’s silver comedy of the poet Mahmoud Darwish model
د. وليد العرفي ، جامعة البعث ، المعهد العالي للغات ، قسم اللغة العربية
Dr. Waleed Al-Ourfi Syria Homs university al Baath Higher
Institute of Languages Department of Arabic language teaching
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 50 الصفحة 9.
Abstract:
The research examines the question of the overlap between the type of writing: poetry and prose by highlighting a specific creative model, to be the text space product that defines the search in its substantive dimensions, emanating from the parameters of the text that brings to mind those The issue that you want to confirm is that the creative product does not recognize those classifications, because it is a creative override trying to determine its sexual characteristics away from the ready-made templates and the detailed monetary divisions on a specific literary gender according to the theoretical frameworks that have captured themselves within Its laws that restrict the real creativity that is rebelling against what is being created by its own existence in accordance with a special awareness of the aesthetic of the necessity that it wants to be, and from here we can deal with the text of poet Mahmoud Darwish as a milestone in his creative career that opens Writing on the horizons of creativity that wander behind all the new andAll new and amazing, since the search is heading to the application, I have found that the poem: (The Tragedy of the Palace of the Silver comedy) constitutes a vast space, allowing the hopeful to highlight aspects of that issue that were manifested in the poem by including the narrative elements without To forget the condition of her bias to poetry
Keywords: Narrative, plot, time, place, descending event, rising event.
ملخص:
يتناولُ البحثُ مسألةَ التَّداخلِ بين نمطي الكتابة : الشّعرِ والنّثرِ من خلال تسليطِ الضُّوءِ على أنموذجٍ إبداعيٍّ محدّدٍ ، ليكون هذا المنتجُ الفضاءَ النصيَّ الذي يُحدِّدُ سمْتَ البحثِ بأبعادِهِ الموضوعيَّةِ الّتي تنطلقُ من محدّدات النّص الذي يُعِيدُ إلى الذهن تلك القضيةَ التي تريد أن تؤكِّد أنَّ المنتجَ الإبداعيَّ لا يعترف ُبتلك التصنيفات ، لأنهُ تجاوزٌ خلاَّقٌ يحاول أن يُحدّدَ سمْتَهُ الجنسي بعيداً عن القوالبِ الجاهزة ِ والتقسيمات النقديّة ِالمفصّلةِ على جنسٍ أدبيّ مُحدّدٍ وفق الأطرِ النظريّةِ التي أسَرتْ نفسَها في حدودِ قوانينِها التي تُقييدُ الإبداعَ الحقيقيَّ الذي يتمرَّدُ على ما هو كائنٌ ليوجدَ كينونتَه ُالخاصَّة وفقَ وعي خاصّ بجماليَّةِ السيرورة التي يريدٌ أن يكونهَا ، ومن هنا نستطيع التعاطي مع نص الشّاعر محمود درويش بوصفه علامة ً فارقة في مسيرتِه ِالإبداعيَّة التي تفتح ُالكتابةَ على آفاقِ الإبداعِ الذي يهيمُ وراءَ كلّ جديدٍ ومُدهشٍ ، ولمَّا كان البحثُ يتَّجهُ إلى التطبيقِ ، فقد وجدْتُ أنَّ قصيدةَ : ( مأساة النَّرْجِس ملهاة الفضَّة ) تُشكِّلُ فضاءً واسعاَ ، يفسح المجال للمتأمِّل فيه إبرازَ جوانب تلك المسألةِ التي تبدَّتْ في القصيدةِ منْ خلالِ اشْتمالِها على عناصرِ السّردِ منْ دون أنْ تنسى شرطَ انحيازِها إلى الشّعر .
كلماتٌ مفتاحيّة : السّرد ، الحبكة ، الزّمان ، المكان ، الحدث الصّاعد ، الحدث الهابط .
مقدمة في الإطار النظري :
تُعِيدُ قصيدةُ مأساةِ النرجسِ ملهاةِ الفضّةِ للشاعر الفلسطيني محمود درويش الحديثَ في العلاقةَ بين طرفي الكتابة : الشعرِ والنثرِ ، مثلما تُعِيدُ طرحَ أسئلةٍ تبدو مشروعةً في قضية الأجناس الأدبيّة ، وإلى أيِّ مدى يتقدّمُ جنسٌ على آخر ، وما هي المعايير التي تُقدِّم أو تُؤخّر المنتجَ الإبداعيَ على غيره ؟ كلُّ تلك الأسئلة تستحضر في ذهن المتلقي عندما يقرأ هذه القصيدة كما تستفز القارىء على متابعة إرهاصات النقد في بواكيره التي حاولت تفسير نظرية الأجناس الأدبية لدى النقاد العرب والأجانب على حدٍّ سواء ، وسأبدأ من حيث التمهيد الذي قُدِّمَتْ فيه هذه القصيدة في مجلة لوتس التي خصَّها الشاعر محمود درويش بها ، وقد نشرتها متزامنة ً مع نشرها في مجلة الكرمل بالقول إن : (قصيدةً استثنائيةً يطلع بها شاعرٌ قد تقلب هذه الهواجس رأساً على عقب ، لتقول أن الأولوية للإبداع بما هو طاقةٌ ورسالةٌ بغض النظر عن الجنس الأدبي الذي ينتمي إليه النص ) [2]
بدايات قضية الأجناس الأدبية :
لم يعرفِ الأدبُ تقسيماتِه وفق الأجناس الأدبية إلَّا في مراحل متأخِّرة ذلك أن الشعر كان هو الجنس الذي يندرج تحت مسمَّاه الأدب ([3]) ‘ فقد أورد ديفيد ديتش عن أرسطو: (أنه لم يكن في زمنه اصطلاح جامع تنطوي تحته جميع الأنواع التي تتخذ اللغة أداة للمحاكاة سواء في النثر أو في النظم ، والاستعمال الحديث لهذا الاصطلاح هو كلمة أدب ) ([4]) وقد حدَّد أرسطو في كتابه فن الشعر الأجناس التي تنطوي تحت تسمية الشعر بـ : ( الملحمة والملهاة والمأساة ) وبيَّنَ نقاط التشابه والاختلاف بين كل جنس وآخر ([5] )ويأتي كروتشه (ت 1952 م) في طليعة من شككوا بمسألة الأجناس الأدبية ورأى أن نظرية التجنيس (تشوش نقاد الفن ومؤرخيه ) ([6]) ووفق هذه الرؤيا ربط رولان بارت النص بالكتابة وعنده أن حضور النص ينفي فكرة التجنيس الأدبي فالكتابة عنده غاية بحد ذاتها وهي (فعل لازم وليس متعدياً ) ([7]) وقد أثارت قضية التأثر والتأثير فيما عرف بالتناص مسألة القول بالأجناس الأدبية التي بنيت عليها الكتابة إذ إن (مقام الكتابة أجناسي )([8]) وغير بعيد عن هذا الاتجاه فقد كان لدى النقاد العرب مواقفهم من تلك المسألة التي صنفوا فيها الكتابة إلى نوعين رئيسين هما المنظوم والمنثور كما في قول ابن وهب (اعلم أن سائر العبارة في لسان العرب إما أن يكون منظوماً أو منثوراً والمنظوم هو الشعر والمنثور هو الكلام ) ([9] )وحقيقة القول إن قضية الأجناس الأدبية ارتبطت ارتباطاً وتيقاً بالشعر والنثر وقد أورد مسكويه (ت 421 هــ ) (النظم والنثر نوعان قسيمان تحت الكلام ، والكلام جنس لهما ) ([10]) لعل هذه المواقف وتلك الآراء التي اقتصرنا فيها على الأعم والشائع نظراً لانحياز البحث إلى النص الذي بين أيدينا فإن هذا الاستعراض إنما كانت الغاية منه تأكيد أن ثنائية الكتابة في جوهرها إنما تعود إلى الشعر والنثر الذي كان مرادفاً لها في تراثنا العربي .
يُعرِّفُ السرد كما جاء في لسان العرب : (تقدمة شيء إلى شيء تأتي به مشتقا بعضه في أثر بعض متتابعا ، وسرد الحديث ونحوه يسرده سردا إذا تابعه ، و فلان يسرد الحديث سردا إذا كان جيد السياق له ). والرسول الكريم لم يكن يسرد الحديث سردا ، أي يتابعه ويستعجل فيه ، وسرد القرآن تابع قراءته في حذر منه )([11]) .
وفي المصطلح السرد : هو الطريقة التي تروى بها القصة عن طريق الراوي والمروي له ، وما تخضع له من عوامل ، بعضها متعلق بالرواي والمروي له والبعض الآخر متعلق بالقصة ذاتها ([12])، و هو مصطلح يُعنى بـ : (نقل الحادثة من صورتها الواقعية إلى صورة لغوية )( [13])، وعند رولان بارت السرد هو الأنموذج الممثل للحياة المتطورة بتشبيهه إياه بـأنه : ( مثل الحياة عالم متطور من التاريخ والثقافة )([14]). والسرد كما يراه سعيد يقطين : ( فعل لا حدود له يتسع ليشمل مختلف الخطابات سواء كانت أدبية أم غير أدبية ، يبدعه الإنسان أينما وجد وحيثما كان) ([15] ). وقد ارتبط هذا المصطلح بفعل الحكي ، أو نمط الحكاية خاصة في فني القصة والرواية ، ذلك أن الأديب يختار ما يريده من الواقع من أحداث بصورة اجتزاء ، وهو اجتزاء لا يخضع لتتابع زمني وإنما تفرضه الضرورة الفنية ، ( فالروائي ينظم المادة الخام التي تتألف منها قصته ، ليمنحها شكلا فنيا ناجحا ومؤثرا في نفس القارىء) ([16]) . ويعرف غريماس السردية بأنها : ( مداهمة اللا متواصل المنقطع للمطرد المستمر في حياة تاريخ أو شخص أو ثقافة ، إذ تعمد إلى تفكيك وحدة هذه الحياة إلى مفاصل مميزة تدرج ضمنها التحولات ويسمح هذا بتحديد هذه الملفوظات في مرحلة أولى من حيث هي ملفوظات فعل تصيب ملفوظات حال فتؤثر فيها )([17]) ، وهي تقوم على علاقات الفواعل بعضها ببعض والمشاريع العملية المؤدية إلى انتقال الموضوعات انتقالا متنوع الوجوه )( [18])
والسردية هي : تحليل مكونات الحكي وآلياته ، و الحكي : كلام منقول بفعل سردي ، ولذلك فقد اتسع مجال السردية الذي لم يعد مقتصرا على فني الرواية والقصة ، بل امتد ليشمل كل ما هو محكي .
ــــ سردنة الشعر و شعرنة السرد :
مما لا شك فيه أن الشعر قد ارتبط بالموسيقى ارتباطا وثيقا منذ أن كانت الولادة فالشعر كلام مموسق أو هو الكلام المنتظم ضمن قوالب غنائية لها حدودها وقواعدها الضابطة وهو كما عرفه القدامى ( كلام موزون مقفى) ([19])، وهذه الحقيقة جعلت من الشعر نمطا مستقلا بذاته ، ومع نزول القرآن الكريم الكلام الإلهي المعجز الذي تحدى العرب ـــ على علو كعبهم في الفصاحة والبلاغة ـــ وهو كلام سردي كان له تأثيره الواضح في الذائقة العربية بما جعل للسرد خصوصية جمالية لا تقل في كثير من تجلياتها عن الشعر الذي يحتل المكانة الأولى في أجناس الأدب الأخرى ما مهد ليكون للسرد حضوره في العصور اللاحقة في الكتابة الإبداعية على اختلاف مسمياتها وتباين أنماطها ذلك أن ( رغبة الإنسان في الحكي رغبة إنسانية تكشف رؤيته للأشياء ، وتحدد علاقته بالعالم إنها رغبة في البوح وإعادة صياغة العالم وهو في حالة تجل ) ([20] )، وهذا الحكي إنما هو السرد الذي يشتمل عليه النوع الأدبي بمعزل عن تصنيفه بوصف السرد ظاهرة تستقل بذاتها قد يحويها الشعر كما يحويها النثر القصصي ([21] ) ولا يخفى على متتبع السيرورة الإبداعية في تراثنا الأدبي حضور السرد في الإبداع الشعري الذي اتخذ من فعل الحكي نمطاً من أنماط السرد مثلما كان القصُّ والحوار أبرز عنصرين من عناصر السرد البارزة في ذلك الإرث الممتدّ منذ حواريات امرىء القيس في مغامراته ، وليس انتهاء بغزليات عمر بن أبي ربيعة ، كما تحضر قصيدة الحطيئة التي يستهلهل بـ :
وطاوي ثلاثٍ عاصِبِ البطن مرملٍ ببيداءَ لم يعرفْ بها ساكنٌ رسما ([22])
أنموذجاً لذلك الحضور القصصي من خلال القص الذي قام على تداخل الأصوات واستحضار المكان والزمان ، ويُمثّل الشاعر محمود درويش الأنموذج الأبرز في اعتماده تقنيات السرد في قصائده الملحمية ، ولذلك فإن هذا الطموح يجعل السرد حاضراً بكل ثقله في النص الشعري الذي يحاول أن يجعل من السرد الممتدّ زمنيّاً لحظة تكثيف شعري تحاول أن تمسك بالزمن عبر شعرنة السرد و تسريد الشعر الذي يتغلغل في عوالم السرد المنفتحة بلا حدود ما يحقق لهذا التمازج الحيوية التي تتفاعل ( داخل تشكيل ذي تحفيزات تأليفية في شكل يمزج بين الشعرية والسردية )([23]) . وقد عبر جيرار جنيت عن مدى العلاقة بين الشعر والسرد إذ عد (الشعر الغنائي هو ذات الشاعر وفي الشعر الملحمي أو الرواية يتحدث الشاعر باسمه الخاص بوصفه راويا ، ولكنه أيضا يجعل شخصياته تتكلم ) ( [24]).
العنوان و ثنائية الأضداد
ُيمثّل العنوان قي النص الأدبي البوصلة التي تحدد سمت المتن لما يمثله العنوان من حمولات دلالية توجه المتلقي إلى إمكانية تخيل المناخ العام للنص ، فالعنوان مفتاح الولوج إلى المتن ، وهو بوابة التغلغل إلى عالم النص الذي يشير إليه العنوان بالتصريح أو التلميح ، وفي قصيدة الشاعر محمود درويش الموسومة بـ : (مأساة النرجس ملهاة الفضة ) يبدو العنوان محفزا ذهن المتلقي في تخيل الفضاء الشعري الذي يبدو إدهاشياً في علاقاته بما فيه من تضاد يجمع بين نسقي التركيبين الإضافيين اللذين شكّلا البنية الرئيسة للعنوان عبر تمازج وحّد بين الأضداد ، والضد يعرف بالضد ، وكما قال الشاعر قديماً :
ضدّانِ لمّا اسْتُجْمِعا حسُنا والضّدُّ يُظْهِرُ حسْنَهُ الضّدُّ [25]
وفي نسقي العنوان في قصيدة درويش ذات النفس الملحمي نجد الشاعر يلجأ إلى الجمع بين المتناقضات التي تبعث على التساؤل وتستثير الذهن للتفكير عن تلك الرابطة التي تجمع بين هذه العوالم من حيث اللغة ، ومن حيث مدلولات العناصر المكونة لها والدالة عليها ، فقد جاء التركيب الأول تركيباً إضافياً مع النرجس ، وهو من حيث الحقل الدلالي ينتمي إلى حقل النبات ، فيما التركيب الثاني جاء مقترنا بالفضة ، وهي تنتمي إلى الحقل الدلالي الخاص بالمعادن الثمينة ، والفضة تأتي من حيث القيمة بعد الذهب ، فيما تشير لفظتا : مأساة وملهاة إلى نمطين من أنماط الكتابة المسرحية اللذين يمثلان وجهي الحياة المتناقضة بين الحزن والفرح ، وتعرف المأساة حسب معجم المصطلحات بأنها : قصيدة مسرحية وضع قواعدها أرسطو في كتابه فن الشعر ، وهي التي تتطور فيها الأحداث جدية وكاملة مستمدة من التاريخ أو من الأساطير على أن تكون شخصياتها من طبقة سامية وغرضها إثارة الخوف أو العطف في نفوس الجمهور المشاهد ، أما الملهاة فهي: مسرحية أقل جدية من المأساة وشخوصها من الطبقة المتواضعة ، وتنتهي نهاية سعيدة وتعتمد على المفارقات والمفاجآت التي تكشف عن طبائع الناس وعادات المجتمع بطريقة ساخرة ( [26]) كما أشار إليهما أرسطو ([27] ) فالملهاة تحاكي الأراذل من الناس لا في كل نقيضة ولكن في الجانب الهزلي الذي هو قسيم القبيح ، وأما المأساة فهي محاكاة فعل نبيل تام لها طول معلوم بلغة مزودة بألوان من التزيين وفقا لاختلاف الأجزاء وتتم بواسطة أشخاص يفعلون لا بواسطة الحكاية وتثير الرحمة والخوف ، فتؤدي إلى التطهير من هذه الانفعالات ([28]) جميعها ، وكأنما الشاعر أراد من خلال العنوان أن يقدم قصيدته الملحمة وفق هذا البعد لتكون لوحة للحياة بما تحمله من تناقض وصراع بين الحزن والفرح والموت والحياة من خلال بعض العناصر المكونة للطبيعة وهي عناصر : الماء والهواء والتراب والنار التي تستحضر وفق حتمية السبب والمسبب ، أو الحاجة والضرورة ، فالنرجس (النبات) يحتاج إلى التراب والماء وفق علاقة السببية ، والفضة تستدعي النار والهواء بحكم الضرورة والانتقال من حالة إلى حالة ، فالمعادن تصهر بالنار وتجفف بالهواء ، وهكذا يبدو العنوان مشكاة الشاعر التي ألقت بإشعاعاتها على فضاء النص الذي أراد الشاعر له أن يكون أحد أبرز العناصر الملحمية في هذه القصيدة ، وهو ما يتأكد من خلال دلالة حضور الزمن الذي يستهل الشاعر فيه القصيدة ، وهو الزمن الماضي من خلال الفعل (عادوا ) والزمن الماضي حدث انقضى وجوديا ، وما أنهى القصيدة به وهو الفعل : (يرجعون ) الذي يشير إلى الزمن الحاضر ، والفعل المضارع يفيد استمرار الحدث في المستقبل ، وهو ما حاول الشاعر أن يؤكده من خلال الربط بين الزمن الماضي بداية القصيدة والمضارع في ختامها تأكيداً منه على حياة القضية التي يؤمن بعدالتها واستمرار المقاومة من أجل استعادة ذلك الحق عبر تعاقب النضال المستمر جيلاً بعد جيل .
ـــ أنماط البنى السردية :
يقوم السرد على خلق أنساق عبر تعاقب تراكيب تتخذ من ذلك التعاقب مسار نظم يمتد على مساح أفقية ما يمكن الشاعر من شحن لغته بطاقات تنعتق من أسر النظام الشعري إلى تعابير منعتقة من محددات الإيقاع ، ومنفلتة من قوالب البحر ، و تقييد القافية إلى فضاءات السرد في فعل الحكي من خلال مشاهد وصفية وأحاديث سريعة تتوالى وفق تراتبية متعاقبة تحد من سيطرة النظام الشعري الذي يخضع لها ما يمنح اللغة القدرة على الانتقال بالنص المسرود إلى علاقات جديدة ، وأنماط كلامية تتجاوز مألوف اللغة على المستوى التركيبي لتشكل لغتها الجديدة التي تعتمد على السرد في تشكيلها المتجدد القائم على التنويعات وفق النمط البنائي السردي .
تقسم البنى السردية إلى نمطين : أوّلاً ــــــ البنى السردية المتشابهة : وهذا النوع يقوم على تكرار بنى متشابهة من حيث التراكيب اللغوية ، أو الصيغ الاشتقاقية أو الأسلوب التعبيري ، يقول محمود درويش : من بنية النداء : ( يا نشيدُ خذِ العناصرَ كلَها ) وقد كرر أسلوب النداء (3) ثلاث مرات ، ومن تكرار التركيب الخبري قوله : ( وإنَّ الأرضَ تُورَثُ كاللُّغة ) ، وقد شكّل تكرار هذا الخبر لازمةً في النص الشعري في تأكيد من الشاعر على قضية الحق الذي لن يموت ، كما فيه تأكيد على أهم العوامل التي تجمع الأمة العربية المتمثلة بـ: وحدة الأرض ووحدة اللغة ، وبذلك يشير الشاعر إلى ثنائية الثبات والتجدد التي توحي بهما وراثة الأرض في إشارة ٍ تؤكّد ثبات الشعب الفلسطيني والعربي على مركزية القضية الفلسطينية ، مثلما هي مستمرة بتوارثها عبر الأجيال التي تتوارث اللغة من زمان إلى زمان عبر سلسلة الأجيال المتلاحقة المتمسكة بثنائيتي :الأرض الثابتة ، والّلغة المستمرّة .
ثانياً ـــــ نمط البنى السردية المتجاورة : وفيه تتنوع لغة الخطاب كما تتنوع الضمائر ، وتتناوب لغة السرد ، وأساليب اللغة الإنشائية المتنوعة من : استفهام ونداء و خبر ، فمن الاستفهام قول درويش :
هلْ كانَ أول قاتلٍ قابيل يعرفُ أنَّ نومَ أخيهِ موت ؟!
هلْ كانَ يعرفُ أنَّهُ لا يعرفُ الأسماءَ بعدُ ولا اللغة ؟!
هلْ كانتِ امرأةً يُغطِّيها قميصُ التوتِ / أول خارطةٍ لا شمسَ تحت الشمسِ إلَّا نور هذا القلب يخترقُ الظلالْ
كمْ من زمانٍ مرَّ كي يدركوا / أنَّ الجوابَ عن السؤالِ وما السؤالُ إلا جوابٌ لا سؤالَ له / وكانت تلك أسئلةُ الرمالِ إلى الرمالْ
ومن النداء : يا بحرَ إيجةَ عُدْ بنا يا بحرُ ، قدْ نبحَتْ كلابُ العائلات
لتعيدنا من حيثُ هبَّتْ ريحُنا فالنصرُ موت
وتتجلى عناصر السرد المتجاورة في هذا النص من خلال:
أوّلاًـــ حضور السارد الراوي الذي يقوم بدوره الشاعر نفسه بوصفه الراوي والناقل للحدث والمشارك في الفعل الجماعي المقاوم ، وقد تبدّى حضور السارد (الشاعر نفسه ) من خلال حركة الضمير الدال على الجماعة ( نا ) ما يشي باندماج ذات الشاعر بذوات الجماعة : ونشيدُنا حجرُ يحكُّ الشمسَ فينا / حجرٌ يشعُّ غموضَنا
أقصى الوضوحِ هو الغموضُ / فكيفَ نُدرِكُ ما نسينا ؟ !
إنَ هذا الاندماج بين ذات الشاعر وذوات الآخرين ، إنما هي المرتكز الاساس الذي يعمل الشاعر على ترسيخه في الفعل المشترك الذي ينتج المقاومة حدثاً مشتركاً يجتمع فيه الواحد في الكل ، ليصبح هذا الكل هو الواحد في الهدف والفعل ، كما يتجلى من خلال ضمير ياء المتكلم الذي اقترن بأفعال دالة على رغبة الاستعادة للذات التي لا تريد أن تكون غير ذاتها ، ولذلك فإن تكرار الشاعر للفعل خذ بصيغة الأمر له دلالته في تنبيه المخاطب إلى مقصدية الشاعر في العودة إلى نفسه التي اُرْغمَ على الابتعاد عنها ، وما تلك الذات إلا الأرض التي يراها جزءاً قد اقتطع من جسده :
خُذْني إلى حجرٍ لأجلسَ قربَ جيتارِ البعيدِ
خُذْني إلى قمرٍ لأعرفَ ما تبقَّى من شرودي
خُذْني إلى وتر ٍ يشدُّ البحرَ للبرِّ الشريدِ
خُذْني إلى سفرٍ قليلِ الموتِ في شريانِ عودِ
خُذْني إلى مطر ٍ على قرميد منزلِنا الوحيدِ
خُذْني إليَّ لأنتمي لجنازتي في يوم عيدي
خُذْني إلى عيدي شهيداً في بنفسجةِ الشهيدِ
عادوا ولكنْ لم أعدْ / خُذْني هناك إلى هناك من الوريد إلى الوريدِ .
ثانياًـــ الشخصيات : تبدو الشخصية الرئيسة في هذه القصيدة شخصية الجماعة التي تعكس انشغال الشاعر بالهم النضالي الذي يعني الشعب العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص ،وقد جاء التعبير عنها بصيغة الضمير الفاعل ، وهو هنا واو الجماعة التي اقترنت دائما بالفعل ، لأن هذه الجماعة هي صاحبة الفعل المستمر ماضياً وحاضرًا ، وسيستمر في المستقبل ، فيما تبدو شخصية الشاعر الذي يقوم بدور الراوي للحدث ومتابعته عبر صيرورته المكانية و الزمانية شخصيّةً مشاركةً وليست مجرّد مصوّرٍ متابعٍ لمجريات الأحداث في تناميها التصاعدي ، فالشاعر ابن القضية ، وأحد رموز النضال الفلسطيني المقاوم .
ثالثاً ــــ المكان ودلالاته في شعر محمود درويش :
لقد ارتبط الإنسان منذ أن وجد كائناً حيّاً بالمكان الذي قامت علاقته معه على عدم التوافق والرضى ، وقد مثّلَ معلماً أساسيّاً من معالم بناء القصيدة العربية التي اتخذت في هندستها المعمارية من المكان اللبنة الأولى التي شيد عليها شعرنا العربي القديم الذي وصل إلى قمة إبداعه في المعلقات التي كانت تستهل بالوقفة على الأطلال بما يحيل عليه الطلل من أمكنة ترتبط بذكريات الشاعر.
وفي الشعر الحديث الذي يمثل الشاعر محمود درويش أحد أبرز شعرائه المعدودين يحضر المكان الذي يعني المكان الجمعي ، والذاكرة التاريخية المرتبطة بواقع شعب لم تعرف البشرية معاناة مثل معاناته ، وبذلك يكون المكان في شعر محمود درويش مكاناً نفسيّاً ، وحالةً انفعاليّةً أكثر منه مكاناً جغرافياًّ خارجيّاً ، إذ إن نوافذ الأمل المفتوحة على سمت فلسطين هي الحقيقة الثابتة في وجدان الشاعر ففلسطين هي المكان الثابت والأماكن الأخرى كلها متحولات ، ولذلك نجد الشاعر يوائم في قصيدته بين حالة ثبات ، وأخرى تغير من خلال ثنائية الوطن /المنفى ، والغياب / الحضور ، والذهاب /العودة تلك العلاقة الضدية التي تعكس الواقع الفلسطيني بكل أبعاده على المستويات السياسية والاجتماعية التي يعبر الشاعر عنها من خلال علاقته بـ: المكان الذي يظهر في النص الأدبي دوره البارز ، لأنه يشغل الحيز الأكبر الذي تدور في فلكه الأحداث، وعلى مساحته الجغرافية تنمو عناصر القص كلها ، ومن هنا (يتمتع المكان بأهمية استراتيجية وسيميائية في تشكيل الخطاب السردي عبر تحايثه ــــ تداخله ــــ مع المكونات السردية الأخرى ) ([29]) ، كما يحضر المكان في هذه القصيدة عبر ثنائية : الذات والآخر ، إذ يمكن أن نصنفه وفق الحالة الموضوعية إلى : مكان مغلق مثل : (سقف القلاع ، النفق ، باب ) ، وهو ما يحيل على مرجعية جغرافية لها موقعها على خريطة الواقع الوجودي ، مثلما لها حيزها النفسي الذي يعيش في ذاكرة الشاعر ووجدانه يقول :
في كلِّ منفى قلعةٌ مكسورةٌ أبوابُها لحصارهم / ولكلِّ باب صحراءٍ تكمِّل سيرةَ السفر الطويل من الحروب إلى الحروبْ
ولكلِّ عوسجةٍ على الصحراء هاجرُ هاجرَتْ نحو الجنوب ْ
ومكان مفتوح من مثل ( بحر ، نهر ) حسب دلالته الموضوعية يقول :
يا أيُّها البطلُ الذي فينا تمهَّلْ / مازال فيهم من منافيهم خريفُ الاعتراف ْ
مازال فيهم شارعٌ يُفْضي إلى المنفى وأنهارٌ تسير بلا ضفاف ْ
ومن حيث الدلالة النفسية إلى : مكان أليف مرغوب كما في ألفاظ ( قوس النصر ، شارع الليمون ، نوافذ الدور ، المدينة ، شام ، جسر عبورنا ، نهر دجلة ) :
كانوا هناك يحاورون الموجَ / كي يتشبّهوا بالعائدين َمنَ المعاركِ تحتَ قوسِ النصرِ
لم تذهبْ سدىً أبداً ولم نذهبْ إلى المنفى سدىً
سيموتُ موتاهم بلا ندمٍ على شيءٍ وللأحياء أن يرثوا هدوءَ الريحِ
أن يتعلّموا فتحَ النوافذِ أن يروا ما يصنعُ الماضي بحاضرِهِمْ
وأن يبكوا على مهلٍ على مهلٍ / لئلا يسمعَ الأعداءُ ما فيهم من الخزفِ المكسّرِ
أيُّها الشهداءُ قد كنتمْ على حقٍ لأنَّ البيتَ أجملُ من طريق البيتِ رغمَ خيانةِ الأزهارِ
لكنَّ النوافذ لا تطلُ على سماءِ القلبِ / والمنفى هو المنفى
ومكان مفروض منبوذ مثل : ( منفى ، خيام ، صحراء ، الرمل ، ممرات ) يقول : مروا على أسمائهم منقوشةً فوق المعادن والحصى / لم يعرفوها فالضحايا لا تصدِّق حدسَها / لم يعرفوها ممحوة بالرمل أحيانا وأحيانا تُغطِّيها نباتاتُ الغروبْ
أمّا المنافي فهي أمكنةٌ وأزمنةٌ تغيَّر أهلُها / وهي المساء إذا تدلَّى من نوافذَ لا تطلُّ على أحدْ / وهي الطيورُ إذا تمادَتْ في مديح غنائِها وهي البلدْ
وقدِ انتمى للعرشِ واختصرَ الطبيعةَ في جسدْ
رابعاً ــ الزمان : يتعلق الزمن في هذه القصيدة بمرجعيته النضالية التي ترى في الزمن مسيرة لا تنتهي وحالة مقاومة متعاقبة تتمسك بأمل مفتوح على النصر وهو ما يتجلى في استهلال القصيدة التي تبدأ بالفعل عادوا الذي يشير الى الزمن الماضي وقد اقترن فعل العودة الحدث بمحدث وهو هنا الجماهير التي عبر عنها واو الجماعة التي تحمل هم العودة وتعمل على تحقيقه وهي تبوصل سمت نضالها باتجاه ذلك الهدف وهو الرجوع إلى الوطن فلسطين يقول بداية : عادوا / من آخرِ النفقِ الطويلِ إلى مراياهُمْ وعادوا / حين استعادوا ملحَ أخوتِهم فُرادى أو جماعاتٍ وعادوا
من أساطير الدفاع عن القلاع إلى البسيطِ من الكلام
عادوا ليحتفلوا بماءِ وجودِهم ويُرتِّبوا هذا الهواءْ
يرتبط فعل العودة هنا بفاعل هو القوة الجمعية التي يرى فيها الشاعر القوة الأسطورية التي تجعل من فعل العودة ممكنا فالشاعر يؤمن بالبطولة الجماعية لا أسطرة البطل الفرد كما هي الخرافات والأساطير وهو ما يجعل الشاعر يكرر الجماعة من خلال واو الجماعة الذي سيطر على القصيدة منذ استهلالها ، فهذا الفاعل الجماعي هو القادر على تحقيق فعل العودة ،وهو ما يعبر الشاعر عنه في ختام القصيدة التي تأتي حاملة ذلك الأمل من خلال الزمن المضارع الذي أكده بالتكرار ثلاث مرات ، ليكون ذلك التأكيد في رجوع الفلسطينيين يقيناً يستند إلى حقائق الوجود والتاريخ ، وليس قائماً على الخيال الشعري :
جاؤوا منَ الغدِ نحوَ حاضرهِم وكانوا يعرفونْ / ما سوفَ يحدثُ للأغاني في حناجرٍهم وكانوا يحلمونْ / بقرنفلِ المنفى الجديدِ على سياجِ البيتِ كانوا يعرفونْ
ما سوفَ يحدثُ للصقور إذا استقرَّتْ في القصورِ / ويحلمون بصراعِ نرجسهِم مع الفردوس حين يصيرُ منفاهم وكانوا يعرفونْ / ما سوفَ يحدثً للسنونو حين يحرقُهُ الربيعُ / ويحلمونَ بربيعِ هاجسهم يجيءُ ولا يجىءُ ويعرفونْ / ما سوفَ يحدث حين يأتي الحلمُ من حلمٍ ويعرفُ أنَهُ / قد كان يحلمُ ويعرفُ أنَهُ يعرفون ويحلمون ويرجعون ويحلمون / ويعرفون ويرجعون و يرجعون ويحلمون و يحلمون ويحلمون ويرجعون .
إن هذا التكرار في الفعل المعبر عن الجماعة المؤمنة تحققه ، إنما جاء بتقابلات ثنائية إمعاناً من الشاعر في ترسيخ قناعته التي لا تقبل الشك بأن هذا الحلم سيتحقق فالشاعر عندما يكرر لفظاً ما فإنه يشير إلى أمر ما يريدُ تأكيده ، ولذلك نرى أن دائرة المعجم اللغوي في هذا المقطع الختامي ينغلق على دائرة اليقين ، فقد ترددت ألفاظ الدلالة على العلم من خلال تكرار الفعل : (يعرفون ) الذي تناوب مع الفعل : (يحلمون ) ، والحلم هنا ليس ابتداع الخيال ، بل هو حلم يستند إلى معطيات الواقع وبذلك تكون المعرفة أول درجة في سلَّم الارتقاء إلى الحلم الذي يعيد الشاعر تكرار العودة إليه متعاقباً مع فعل المعرفة ، وهو تكرار متناوب قائم على تصور ذهني يراهن الشاعر على إمكانية تحققه ، والوصول إلى ذلك الحلم بمعرفة الرجوع إليه وبذلك يستشرف الشاعر درويش المستقبل عبر زمني : الماضي : (عادوا) في الاستهلال ، و من خلال النهاية التي ختمها بـ تواتر أفعال : (يعرفون ، يحلمون ، يرجعون ) التي تمثل عبر هذا التكرار الحاضر الذي يستشرف من خلاله الشاعر محمود درويش رؤيته للمستقبل بحسه ووعيه فعلاً واقعاً مهما امتدَّتْ رحلة الزمن وبذلك ينهض دلالة استخدام حرف الاستقبال (سوف) الدال على المستقبل البعيد بوظيفتها الدلالية واللغوية في ذلك المدى الذي يريد الشاعر أن يقارب أفاقه ، فيكرر سوف ، لينعتق من أسر الواقع الحقيقي إلى واقعه الافتراضي الذي لن يكون وليد تصور شعري ، بل هو انعكاس لحقيقة التاريخ ، وسيرورة الشعوب في نيل حقوقها بتأكيد أن النهاية هي حقيقة العودة الحلم الفلسطيني المؤجل بفعل ارتهانه إلى سياسات فاشلة ، وقرارات أممية ظالمة ، وواقع فلسطيني منقسم على ذاته على الصعيدين : الداخلي المقيم في الأرض الفلسطينية المحتلة وصعيد الخارج المتمثل بالفلسطيني النازح في بلاد اللجوء ، ومن هنا نلمس جمالية ذلك الربط عبر البعد الزماني الذي حقق للقصيدة قدرتها التعبيرية على مقاربة التجربة الفلسطينية في ثنائية اللجوء والمقاومة .
زمكانية اللغة
يختلف المكان في النص الأدبي عنه في الواقع الجغرافي لما يقوم بفعله الخيال الشعري من إضافات وإيحاءات تحيل على مرامي النفس التي تتعلق بالمكان بوصفه واقعاً موضوعياً يرتبط بالتراث الوجودي للشاعر ، ما يمنح المكان في القصيدة بعده الجمالي ، كما يتمدد الزمان الذي لا يصبح مدة زمنية محددة بالساعات والأيام ،وإنما يتحول الزمن إلى استحضار وجودي متسلسل يربط عناصر الزمن من ماض مستذكر إلى حاضر يجري فيه الحدث وصولاً إلى المستقبل الذي يستشرفه الشاعر زمناً متصوراً ، وفي نص محمود درويش نجد الزمن يتداخل من خلال تصاعد درامي يجعل للزمن بعداً جديدا ، إذ يتداخل بأزمنته الثلاثة ، ليصبح مفهوماً لزمن واحد هو زمن الحدث ، وبذلك يحول درويش مفهوم الزمن من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل ، وهو يقدم فلسفته عبر هذا المفهوم متجاوزاً بذلك الزمن المرتبط بدلالته على الماضي والحاضر ، لأنه يريد تجاوزهما إلى المستقبل الذي يؤمن بأن الغد سيكون أفضل يقول :
ها نحنُ نحنُ فمَنْ سيرجِعُنا إلى الصحراء / سوف نلقِّنُ الأعداءَ درساً في الزراعة وانبثاق الماء من حجرٍ
سنزرع فلفلاً في خوذة الجنديّ/ نزرع حنطةً في كل منحدرٍ
لأنَ القمحَ أكبرُ من حدود إمبراطوريَّة الحمقاءِ في كلِّ العصورِ
سنقتفي عاداتِ موتانا ونغسلُ فضَّةَ الأشجارِ من صدأ السنين
بلادُنا هي أن تكونَ بلادَنا / وبلادُنا هي أن نكون بلادَها
ليؤكد أن الوطن هو الذات نفسها في ثبات مواقفها ، وفي تجددها واستمرارها في الحياة ، فلفظ النبات يشير إلى الحياة ، و لفظ الطير يعني الحركة ، فيما يعني لفظ الجماد الثبات والتمسك بالوطن ، وهي الوجود الحقيقي للإنسان ، وتاريخه الممتد والمتوارث من الأجداد إلى الأحفاد :
هي أن نكون نباتَها وطيورَها وجمادَها / وبلادُنا ميلادُنا / أجدادُنا أحفادُنا
أكبادُنا تمشي على القندول أو زغب القطا
/ وبلادُنا هي أن نسيّجَ بالبنفسج نارَها ورمادَها
هي أن تكون بلادَنا هي أن نكون بلادَها هي جنَّةٌ أو محنةٌ
ولا تخفى دلالة الزمن في هذا المقطع الذي تشير إليه دلالات اللغة من حيث الحرف (س) الذي أعاده (3) ثلاث مرات ، و(سوف) ما يشير إلى المستقبل ،كما تعاقبت أفعال : (يرجع ، نلقن ، نزرع ،نقتفي ، نغسل ، تكون ، تمشي، نُسيِّج )
وهي أفعال تفيد الحركة والنشاط مثلما توحي معانيها بالولادة والتجدد والحياة والاستمرار ،وفي هذا التجدد يتحد الزمان بالمكان ، ويصبح الزمن فعلاً في المكان مثلما يكون المكان إشارة رامزة إلى الزمن يقول :
عاد المسيحُ إلى العشاء كما نشاءُ ومريمٌ عادَتْ إليه /على جديلتها الطويلةِ كي تُغطّي مسرحَ الرومانِ فينا / هلْ كانَ في الزيتونِ ما يكفي من المعنى ؟
لنملأ راحتيه سكينةَ وجروحَهُ حبقاً / وندلقُ روحَنا ألقاً عليه
ويا نشيدُ خذِ المعاني كَّلها / واصعدْ بنا جرحاً فجرحا
ضمِّد النسيانَ / واصعدْ بنا / ما استطعْتَ بنا إلى الإنسان حولَ خيامِهِ الأولى
يلمعُ قبَّةَ الأفقِ المُغطَّى بالنحاس لكي يرى ما لا يُرى
من قلبِهِ واصعدْ بنا واهبط ْبنا / نحوَ المكانِ فأنتَ أدرى بالمكانِ
وأنتَ أدرى بالزمان
يستحضر الشاعر رمزية السيد المسيح وأمه السيدة العذراء بما يحيل عليه هذا الاستحضار من دلالة إلى ولادة السيد المسيح في غار بيت لحم بفلسطين المحتلة وهي دلالة بالغة الأهمية ، لما تحمله من دلالة دينية وتراثية تجعل من قيامة السيد المسيح إعادة لتدوير الزمن الذي يلغي الشاعر بعديه الماضي بما عرفه فيه ،والحاضر بما خبره وعاشه واضعاً نصب عينيه المستقبل ، فيرى في قيامة السيد المسيح شرفةً مفتوحة ًعلى ذلك الغد الذي يأمل فيه أن يكون غد طمأنينة وسلام، وهنا تكون رمزية الزيتون محققة دلالتها الحقيقية والشعرية ،لما للفظة الزيتون من دلالة على بعد ديني ، فقد وردت في القرآن الكريم في موضع القسم في قوله تعالى (والتين والزيتون )[30] كما تشير شجرة الزيتون إلى دوام الخضرة والتجدد الذي يرمز إلى الحياة ، مثلما ارتبط الزيتون بدلالته على السلام ، ولذلك يلجأ الشاعر هنا إلى أسلوب النداء الذي يريد من خلاله توجيه رسالته التي يسعى من خلالها لاستعادة الإنسان لطبيعته الإنسانية ووجوده الحقيقي في الحياة الأفضل .
خامساً ــــ الحبكة في السرد الشعري :
الحبكة في العمل السردي هي التي تستقطب الأحداث ، وهي العقدة التي تقوم عليها حركة البناء القصصي الذي تتعاقب فيه الأحداث ، وتتوالى مسيرة الشخوص فيه ضمن مكان وزمان محددين ، وحوار كاشف للخصائص النفسية للشخصيات ، والحبكة قي السرد هي : (مفتتح الكلام واللحظة الحرجة التي يبدأ منها السرد ([31]) وقد اعتمد الشاعر درويش الحبكة ذات الحدث الهابط التي تقوم على تغيير النمط المعروف ، فتبدأ من النهاية في طريقة استعراض الحدث ، وهي من الأساليب المستخدمة في الكتابات الروائية ، فيما يعرف اصطلاحا ( بالخطف خلفاً )، و في هذا النمط من البناء السردي للحبكة ( قد لا يطابق الزمن السردي الزمن الوقائعي الذي يحيل إليه ، وقد لا يتابع تسلسله ، فالراوي يتفنن في سرد ما يحدث : يقدم ويؤخر فعلا على فعل ، ويلعب وفق ما يراه مناسبا للمسار الذي يبني ، أو لسؤال التشويق الذي يحاول أو العقدة التي يعقد)([32]) فقد بدأ درويش قصيدته من الحدث الأخير الذي وقع في الحقيقة ، وهو ( العودة ) التي تتسلسل عنها مجموعة من الأحداث الارتدادية التي يعود الشاعر إلى استدعائها واحدةً تلو الأخرى .
يبدأ الشاعر محمود درويش بناء حبكته في هذا النص الملحمي بتأكيد حدث العودة التي يحدد فيها المساحة الجغرافية التي يقيم حدثه عليها ، فهي عودة من آخر النفق إلى مراياه ،إنها عودة من التيه والمجهول الذي تعبر عنه دلالة التركيب الوصفي : ( النفق الطويل) إلى لحظة المواجهة ، والكشف حيث المرايا هي لحظة المعرفة التي تتجلى في مواجهة الشخص ذاته ، وهذه العودة ارتبطت زمنياً بعوامل تحققها ، وهي استعادة ملح إخوتهم ، فكانت العودة متخذة أجد شكليها الفردي والجماعي ، وهذه العودة عودة مدركة لفعلها ، وتعرف ما تريد أن تقوم به من أحداث بعد هذه العودة ، وهي أحداث متراتبة وفق تسلسل زمني مرتبط بالمكان الجغرافي والنفسي الذي يقدمه الشاعر وفق صور من العادات اليومية ، والأحداث المعتادة تزويج الأبناء للبنات ، وتعليق البصل والبامياء والثوم للشتاء ، وحلب أثداء الماعز مؤكداً حقيقة استمرارهم الوجودي في هذه الأرض ، وزوال المستعمرين العابرين فيما بقيت الأرض : هبَّتْ رياحُ الخيلِ والهكسوس هبُّوا والتتار مقنعينَ وسافرين
وخلَّدوا أسماءَهمْ بالرّمحِ أو بالمنجنيق وسافروا
لم يحرموا إبريلَ من عاداتِهِ / يلدُ الزهورَ من الصخور
ولزهرة الليمونِ أجراسٌ / ولم يُصَبِ الترابُ بأيّ سوءٍ أيّ سوءٍ أيّ سوءٍ بعدهم
وإنَّ الأرضَ تُورَثُ كاللغةْ
إنه إيمان الشاعر الذي لا يتغير ، وقناعته المُتجذّرة في فكره ووجدانه تجذر الليمون بأرض فلسطين وبقاء التراب الفلسطيني مثلما توارث اللغة عبر أبنائها،وتتوالى الأحداث ، ليشير إلى الأماكن التي كانوا يعيشون فيها قبل هذه العودة ، وهي المنافي فيصور تلك يقول:
في كلّ منفى من منافيهم بلادٌ لم يصبْها أيّ سوء / صنعوا خرافتَهم كما شاؤوا وشادوا للحصى ألقَ الطيور / وكلَّما مرّوا بنهرٍ مزّقوه وأحرقوه من الحنينِ
وكلَّما مرّوا بسوسنةٍ بكوا وتساءلوا : هلْ نحنُ شعبٌ أم نبيذٌ للقرابين الجديدَة ؟
وما بين اللحظة الماضية المستعادة في المكان الذي كان واللحظة الحاضرة المعيشة في المكان الجديد تبدو المقارنات محفزة الذاكرة ، فتتداعى الأسئلة التي تضيق بها الإجابات لتبقى أسئلة مفتوحة على غير احتمال
هلْ نستطيعُ بناءَ معبدِنا على مترٍ منَ الدُّنيا
لنعبدَ خالقَ الحشراتِ والأسماءِ والأعداءِ والسّرِّ المخبّأ في ذبابَهْ ؟
هلْ نستطيعُ إعادةَ الماضي إلى أطرافِ حاضِرِنا
لنسجدَ فوقَ صخرتِنا لمنْ كتبَ الزمانَ على الكتابِ بلا كتابَهْ ؟
وهنا تمتزج ال أنا بالهم لتكون الذات هي الآخرون ، إذ ينتقل الشاعر من الراوي الواصف للحدث المصور له إلى مشارك فيه ، فيلغي تلك المساحة الفاصلة بينه وبين الآخرين التي كانت بالضمير الغائب ، ليصبح ضمير الـ ( أنا ) حاضراً بقوَّة ، ومُندمجاً في الجماعة التي تحقق حلم العودة ، ذلك الأمل الذي يعيش الشاعر تفاصيله المستقبلية من خلال ما سيقوم به من أفعال يستشرفها في لحظته الحالية يقول :
سوفَ نعلّمُ الأعداءَ تربيةَ الحمامِ ــ إذا استطعْنا ــ أنْ نُعلّمَهُمْ
وسوفَ ننامُ بعدَ الظهرِ تحتَ عريشةِ العنبِ الظليلةِ
حولنا قططٌ تنامُ على رذاذِ الضوءِ / أحصنةٌ تنامُ على انحناءِ شرودها
بقرٌ ينامُ ويمضغُ الأعشابَ / ديكٌ لا ينامُ لأنَّ في الدُّنيا دجاجاتٍ
وسوفَ ننامُ بعدَ الظهرِ تحت عريشةِ العنبِ الظَّليلةِ
كمْ تعبْنا كمْ تعبْنا من هواءِ البحرِ والصحراءِ كانوا يرجعونْ
وما بين الماضي الذي يُستذكَرُ ، والمستقبل الذي يأمل تبقى اللحظة الفاصلة التي تستوقف الشاعر على عتبتها في حالة توقٍ وحنين إلى خطوة تنقله إلى الدخول في الحلم الذي يريد أن يستيقظ عليه واقعاً ، ليفصل بينه وبين العائدين في التفات ضمير الغائب الذي يواري الشاعر نفسه فيه ، ليعيش الحلم ، وهو يصوره بعين القلب ويكتبه بقلم الأمنيات : كانوا يرجعونَ ويحلمونَ بأنَّهُمْ وصلوا
لأنَّ البحرَ ينزلُ عن أصابعِهم وعن أكتاف موتاهُمْ
وكانوا يشهدون فجاءةً ريحانةَ البطلِ المُسجَّى فوقَ خطوتِهِ الأخيرَةْ
أهنا يموتُ على مسدسِهِ وسندسِهِ وعتبتِهِ الأخيرَةْ ؟
أهنا يموتُ هنا هنا والآنَ في شمسِ الظهيرَةْ ؟
والآنَ هزَّتْ إصبعاهُ بشارةَ النصرِ الأخيرَةْ
بَّوابة البيت القديم وهزَّ أسوار الجزيرَةْ
الآنَ سدَّدَ آخرَ الخطواتِ نحو البابِ ….. واخْتتمَ المسيرَةْ
إنها مشهدية الموت الذي يصنع الحياة ، ليكون الموت جسر العبور ، ونهاية البطل بداية الجيل الذي يمشي مقتفياً خطواته على الدرب التي بدأها :
لم يستطيعوا أن يضيفوا للنهاية وردةً / ويغيّروا مجرى الأساطير القديمةِ فالنشيدُ هو النشيد / لا بُدَّ من بطلٍ يخرُّ على سياج النصر في أوج النشيد
يا أيُّها البطلُ الذي فينا تمهّلْ
وهؤلاء الأبطال يدركون حقيقة الحلم ، مثلما يعرقون الواقع ، ويعلمون تفاصيل الطريق المعبدة بالشوك والحراب ، ولكنهم مصممون على الوصول بالحلم إذا ما تعذر الوصول بالقدم ، ولذلك فإنهم :
يَعرفونَ ويَحلمونَ ويَرجِعونَ / ويَحلمونَ ويَعرفونَ ويَرجعونَ
و يَرجِعون ويَحلمون و يَحلمون ويَرجِعون
ـــ الخاتمة :
لقدْ قدّمَ الشاعرُ محمود درويش في قصيدتِهِ ــ الملحمة ــ (مأساةُ النّرجِس ِ ملهاة ُ الفضَّةِ ) أنموذجاً جديداَ للكتابة الإبداعيّة التي تنسفُ مقولةَ التجنيس الأدبيّ ، وتؤكّد انحيازَها إلى قانون الإبداع الذي يعني تجاوز المألوف ، وتخطّي المتعارف عليه ، فالشاعر المبدع هو الذي ينسج من جلده عباءةَ الشكل اللغويّ الذي يُعبّر من خلاله عن قانونه الخاص الذي لا يعترف إلا لذاته في هذا النسيج ، بعيداً عن تصنيفات المُسمّيات النقديّة والمدارس الشعريّة ، فالإبداعُ إنما هو الخلقُ الذي لا يعكس على موشور ذاتِهِ إلَّا لونه الخاص ، مثلما لا يرى غير صورتِهِ التي لا تشبه غير ملامِحِها ، وهي تعزفُ نغمتَها على إيقاعِها المُتفرِّدِ الذي لا تشبهً فيه إلَا صوتَها .
المصادر والمراجع :
* القرآن الكريم
درويش ، محمود ، ( أرى ما أريد ) : دار توبقال ، الدار البيضاء ، المغرب ، 1990 م
أوّلاً ـ الدواوين الشعرية :
ــ امرؤ القيس : ( الديوان ) : تح : محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار المعارف ، القاهرة ، ط 4 ، 1984 م .
ــ الحطيئة : (الديوان ) : برواية وشرح : ابن السكيت ، دراسة وتبويب د. مفيد محمد قميحة ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط 1 ، 1993 م .
ــ ابن زيدون (الديوان) : شرح : عبد الله سندة ، دار المعرفة ، بيروت ، 2005 م .
ثانياً ــ المعاجم :
ــ (ابن منظور) : جمال الدين محمد بن مكرم المصري ، لسان العرب ، دار صادر ، بيروت ، بلا
ــ وهبة ، مجدي ، والمهندس كامل : معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب : مكتبة لبنان ، بيروت ، طبعة 2 ،1984م .
ثالثاً ــ كتب التراث :
ــ الألوسي البغدادي ، محمود شكري ،: بلوغ الأرب في أحوال العرب ، تح : محمد بهجة الأتري ، دار الكتاب المصري ، دون .
ــ التوحيدي (أبو حيان ) الهوامل و الشوامل ، تح : أحمد أمين والسيد أحمد صقر ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ، القاهرة ،1951 م .
(أبو الفرج ) ابن جعفر ، قدامة : نقد الشعر ، تح : عبد المنعم خفاجي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، بلا .
ابن وهب الكاتب : البرهان في وجوه البيان تح : أحمد مطلوب وخديجة الحديثي ،مطبعة العاني ، بغداد ، ط 1 ، 1967 م .
رابعاً ــ المراجع الحديثة :
إبراهيم ، عبد الله : موسوعة السرد العربي ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، بيروت ، ط 1، 2005 م .
حسين ، خالد : شعرية المكان في الرواية الجديدة (الخطاب الروائي لإدوارد الخراط نموذجا ) مؤسسة اليمامة الصحفية ، الرياض، 1421 هـ .
لحمداني ، حميد :بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي ، المركز الثقافي العربي ، الدار البيضاء ، ط ثالثة ، 2003 م .
الرواشدة ، سامح : منازل الحكاية دراسات في الرواية العربية ، دار الشروق ، عمان ، الأردن ، 2001 م .
الطباع ، عمر فاروق ، قصائد العشق والجمال في الشعر العربي ، دار القلم ، 1993 م .
العجيمي ، محمد ناصر : في الخطاب السردي (نظرية غريماس ) الدار العربية للكتاب ، بلا ، 1993 م .
العيد ، يمنى : تقنيات السرد الروائي في ضوء المنهج البنيوي،دار الفارابي ، ط 1،1990 م .
فضل ، صلاح : نظرية البنائية في النقد الأدبي ، دار الأفاق الجديدة ، بيروت ،ط 3، 1985 م .
القاضي ، عبد المنعم زكريا : البنية السردية في الرواية ، الناشر عن الدراسات والبحوث الإنسانية الاجتماعية ، طبعة أولى ، 2009م.
قطوس ، بسام : سيمياء العنوان : وزارة الثقافة ، عمان ، الأردن ، 2001 م .
الكردي ، عبد الرحيم : البنية السردية في القصة القصيرة ، مكتبة الآداب ، ط ثالثة ، بلا .
مرشد ، أحمد : البنية والدلالة في روايات إبراهيم نصر الله ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، بيروت , ط أولى ، 2005 م .
النابلسي ، شاكر : جماليات المكان في الرواية العربية ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، ط 1 ، 1994 م .
هلال ، عبد الناصر:تداخل الأنواع الأدبية وشعرية النوع الهجين (جدل الشعري والسردي ) ، منشورات النادي الأدبي الثقافي ،ب جدة ، العدد 164 ، ط 1 ، 2012 م .
وغليسي ، يوسف : الشعريات والسرديات (قراءة اصطلاحية في الحدود والمفاهيم ) منشورات مخبر السرد العربي ، جامعة منتوري، قسنطينة ، بلا ، 2007 م .
يقطين ، سعيد :الكلام والخبر (مقدمة للسرد العربي ) المركز الثقافي العربي ، الدار البيضاء ، ط أولى ، 1997 م .
يوسف ، آمنة : تقنيات السرد في النظرية والتطبيق ، دار الحوار ، دمشق ، 1997 م
خامساً ــ الكتب المترجمة :
ــ أرسطو :فن الشعر ، تر : عبد الرحمن بدوي ، مكتبة النهضة المصرية ،القاهرة ،1953.
فن الشعر: شرح وتعليق: د إبراهيم حمادة ، مكتبة الأنجلو المصرية ، 1982 م .
ــ بارث ، رولان : قراءة جديدة للبلاغة العربية ، تر :عمر أوكان ، ط1 ، إفريقيا الشرق ، الدار البيضاء ، 1994 م .
ــ درس السيمولوجيا ، تر : عبد السلام بن عبد العالي ، دار توبقال للنشر ، الدار البيضاء ، ط3 ، 1993 م .
ــ بنديتو ، كروتشه ،علم الجمال تر : نزيه الحكيم ، ط المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية ، دمشق ، 1963م .
ــ جينيت ، ـ جيرار : مدخل إلى النص الجامع ، تر : عبد العزيز شبيل ، مراجعة : حمادي صمود ، المجلس الأعلى للثقافة ، القاهرة ، 1999 م .
ــ : خطاب الحكاية (بحث في المنهج تر : محمد معتصم عبد الجليل الأزدي ـــ عمر حلمي ، المجلس الأعلى للثقافة ، القاهرة ، ط 2 ، 1997 م .
ــ ديتشس ، ديفيد ، مناهج النقد الأدبي ، تر : محمد يوسف نجم ، دار صادر ، بيروت ، 1967 م.
ــ شولس ، روبرت : صيغ التخييل نظرية الأجناس الأدبية تعريب : عبد العزيز شبيل ، ط النادي الأدبي الثقافي ، جدة ، 1994 م .
سادساً ــ الأبحاث الجامعية والمجلات :
ــ الشياب ، صدام : البناء السردي والدرامي في شعر ممدوح عدوان : جامعة مؤتة ، رسالة ماجستير ، 2007 م .
ــ عبد الفتاح ، زياد : مجلة لوتس ،اتحاد كتاب آسيا وإفريقيا ، ع / ،68 ، 1989 م.
ــ مداس ، أحمد : السردي في الخطاب الشعري : مجلة كلية الآداب واللغات ،جامعة محمد خضير ، بسكرة ، ع :10/11 ، يناير / يونيو ، 2012 م .
[1] ـ ديوان محمود درويش ( أرى ما أريد) دار توبقال ، الدار البيضاء ، 1990 م ، ص 49 .
[2] ــ مقدمة القصيدة بقلم زياد عبد الفتاح ، وقد نشرت في مجلة لوتس الصادرة عن اتحاد كتاب آسيا وإفريقيا ، العدد /68 ، 1989 م ، ص 7.
[3] ــ انظر رولان بارث : قراءة جديدة للبلاغة العربية ، تر :عمر أوكان ، ط1 ، إفريقيا الشرق ، الدار البيضاء ، 1994 م ،ص 16.
[4] ــ ديتشس ، ديفيد ، مناهج النقد الأدبي ، ، تر : محمد يوسف نجم ، ط1 ، دار صادر ، بيروت 1967 م ، ص 46.
[5] ــ انظر : أرسطو ، فن الشعر ، ، تر : عبد الرحمن بدوي ، مكتبة النهضة المصرية ،القاهرة ،1953 م ، ص 16 .
[6] ــ كروتشه بنديتو علم الجمال ، تر : نزيه الحكيم ، ط المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية ، دمشق 1963 م ، ص 48.
[7] ــ رولان بارت درس السيمولوجيا ، تر: عبد السلام بن عبد العالي ، دار توبقال للنشر ، الدار البيضاء ، ط3 ، 1993 م . ص 50.
[8] ــ روبرت شولس ، صيغ التخييل نظرية الأجناس الأدبية ، تعريب : عبد العزيز شبيل ، ط النادي الأدبي الثقافي ، جدة ،1994 م ،ص 93 .
[9] ــ ابن وهب الكاتب ، البرهان في وجوه البيان ، تح : أحمد مطلوب وخديجة الحديثي ، ط1 ، مطبعة العاني ، بغداد ،1967 م ،ص 160 .
[10] ــ أبو حيان التوحيدي ، الهوامل والشوامل ، تح : أحمد أمين والسيد أحمد صقر ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ، القاهرة ،1951 م ، ص 309.
[11] ـ ابن منظور : لسان العرب ، دار صادر ، بيروت ، بلا ، مج 7 ، مادة ( سرد ) .
[12] ــ حميد لحمداني : بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي ، المركز الثقافي العربي ، الدار البيضاء ، ط ثالثة ، 2003 م ، ص 45 .
[13] ــ آمنة يوسف : تقنيات السرد في النظرية والتطبيق ، دار الحوار ، سورية ، 1997 م ، ص 28 .
[14] ــ انظر عبد الرحيم الكردي : البنية السردية في القصة القصيرة ، مكتبة الآداب ، ط ثالثة ، بلا ، ص 13 .
[15] ــ سعيد يقطين : الكلام والخبر (مقدمة للسرد العربي ) المركز الثقافي العربي ، الدار البيضاء ، ط أولى ، 1997 م ، ص 19 .
[16] ــ آمنة يوسف : تقنيات السرد في النظرية والتطبيق ، ص 28 .
[17] ــ محمد ناصر العجيمي : في الخطاب السردي (نظرية غريماس ) الدار العربية للكتاب ، بلا ، 1993 م ، ص 56 .
[18] ــ عبد الله إبراهيم : موسوعة السرد العربي ، المؤسسة العربية للدراسات ، بيروت ، ط! ، 2005 م ، ص 7 .
[19] ــ أبو الفرج قدامة بن جعفر ، نقد الشعر تح : عبد المنعم خفاجي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، بلا ، ص 53.
[20] ــ عبد الناصر هلال : تداخل الأنواع الأدبية وشعرية النوع الهجين (جدل الشعري والسردي ) منشورات النادي الأدبي الثقافي ،ب جدة ، العدد 164 ، ‘ ط أولى ، 2012 م ، ص 54 .
[21] ــ أحمد مداس : السردي في الخطاب الشعري ، مجلة كلية الآداب واللغات ، جامعة محمد خضير ، بسكرة ، العددان العاشر والحادي عشر ، يناير / يونيو ، 2012 م ، ص 35.
[22] ــ الحطيئة الديوان الحطيئة ( ت 246) هـ و اسمه جرول بن أوس بن مالك بن جؤية بن مخزوم بن غالب بن قطعة بن عبس بن بغيض بن غطفان بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار و الحطيئة لقب قيل بسبب دمامته انظر للاستزادة عن خبره : الأغاني ج 2 ‘ دار الكتب العلمية ، ص 149.
(الديوان ): برواية وشرح ابن السكيت دراسة وتبويب د. مفيد محمد قميحة ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط 1، 1993 م ، ص 178
[23] ــ أحمد مداس السردي في الخطاب الشعري ، مجلة كلية الآداب واللغات ، جامعة محمد خضير ، بسكرة ، العددان العاشر والحادي عشر ، يناير / يونيو ، 2012م ، ص 34.
[24] ــ جيرار جنيت : مدخل إلى النص الجامع ، تر : عبد العزيز شبيل ، مراجعة : حمادي صمود ، المجلس الأعلى للثقافة ، القاهرة ، 1999 م ، ص 8.
[25] ــ هذا البيت من القصيدة المشهورة المعروفة بــ : (اليتيمة ) لعدم معرفة قائلها ، وقد نسبت إلى أكثر من شاعر على وجه التخمين لا اليقين ، فقيل بأنها : لـ دوقلة المنبجي ، أو لـ ذي الرمة ومطلعها :
هل بالطلول لسائل ٍ ردُ أم هل لها بتكلمٍ عهدُ ؟ !وأول من أورد منها بعض الأبيات هو : محمود شكري الألوسي البغدادي ، ولم ينسبها لأحد انظر : بلوغ الأرب في أحوال العرب ، تح : محمد بهجة الأتري ، دار الكتاب المصري ، دون ، ج 2، ص 20 .
وينظر : قصائد العشق والجمال في الشعر العربي ، عمر فاروق الطباع ، دار القلم ، 1993 م ص 49 .
[26] انظر : معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب ، كامل المهندس ومجدي وهبة ، بيروت ، طبعة 2 ، 1984 م ، ص 225 /286 ص .
[27] وكتاب فن الشعر لأرسطو شرح وتعليق د إبراهيم حمادة مكتبة الأنجلو المصرية ،1982 م
[28] ــ فن الشعر ، أرسطو ، تر : عبد الرحمن بدوي ، مكتبة النهضة المصرية ،القاهرة ،1953 م ، ص 18.
[29] ـــ خالد حسين : شعرية المكان في الرواية الجديدة (الخطاب الروائي لإدوارد الخراط نموذجا ) مؤسسة اليمامة الصحفية ، الرياض ، 1421 هـ ، ص 78 .
[30] التين : مكية 95 /1
[31] ـــ سامح الرواشدة : منازل الحكاية دراسات في الرواية العربية دار الشروق ، عمان ، الأردن ، 2001 م ، ص 141.
[32] ـــ جينيت جيرار : خطاب الحكاية (بحث في المنهج تر : محمد معتصم عبد الجليل الأزدي ـــ عمر حلمي ، المجلس الأعلى للثقافة ، القاهرة ، ط 2 ، 1997 م، ص 80 .