
الصفات الصوتية الخاصة بصوتي الراء واللام في اللغة العربية
الأستاذ الباحث: محمد بولخطوط/ قسم اللغة والأدب العربي، جامعة محمد الصديق بن يحيى جيجل (الجزائر)
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 48 الصفحة 71.
الملخص:
يعالج هذا البحث مسألة لغوية تتمثّل في الصفات الصوتية التي يشترك فيها صوت الراء مع صوت اللام، سواء أكانت تلك الصفات لازمة للصوت ثابتة فيه، أم عارضة عنه تلازمه حينا وتنفكّ عنه حينا آخر حسب مجاورته لصوت آخر (السياق الكلامي).
الكلمات المفتاحية: الصفة الصوتية، اللام، الراء، الصفات اللازمة، الصفات العارضة.
Abstract:
This research paper tacles the linguistic issue of the phonetic characteristics shared between the two letters r and l. Be they necessary or casual, which means when the given letter is affected by the different aspects of connected speech (i.e. when it is adjacent to another letter), its characteristics or qualities may or may not occur.
Key terms: phonetic quality, the letter l, the letter r, necessary qualities, unnecessary (casual) qualities.
مقدمة:الصفات الصوتية في العربية صنفين: صفات ذاتية لازمة، وأخرى عارضة غير ثابتة، فأمّا النوع الأوّل فإنّه يتفرّع بحسب التقابل وعدمه في لغتنا العربية إلى فرعين هما: الصفات المتضادة، والصفات التي لا ضدّ لها.
فالصفات المتضادّة هي: الجهر وضدّه الهمس، الشدّة وضدّها الرخاوة، الاستعلاء وضدّه الاستفال، الإطباق وضدّه الانفتاح، الإذلاق وضدّه الإصمات، التفخيم وضدّه الترقيق، …الخ، والصفات التي لا ضدّ لها كثيرة منها: الصّفير، القلقلة، اللّين، الانحراف، التكرير، التفشّي، الاستطالة، الغنّة (الأنفية)، الهتّ، الهوائية (الجوفية)، الخفاء، …الخ.
وأمّا النوع الثاني وهو الصفات العارضة التي تعتري الأصوات حينا، وتنفكّ عنها حينا آخر، كلّ ذلك منوط بالسياق، ومتوقف على الأصوات المجاورة.
ثمّ إنّ كلّ حرف من حروف الهجاء لا بدّ أن يتّصف بزوج واحد من الصفات المتقابلة؛ بمعنى أن يأخذ صفة واحدة فقط من كلّ صفتين متضادّتين، فلا يمكن أن يأخذ الحرف صفتين متضادتين معا، كأن يكون مجهورا مهموسا في آن واحد، أمّا غير المتضادّة فقد يتّصف منها بواحدة، وقد يتّصف بصفتين، وقد لا يتّصف منها بشيء، فحينئذ لا تقلّ صفات أيّ حرف عن خمس صفات ولا تزيد عن سبع.
وصوتي الراء واللام من بين الأصوات العربية التي تتصف بصفات لازمة سواء أكانت عامة أم خاصة، متضادة أم غير متضادة، وبأخرى عارضة يكتسبها الراء واللام حسب التركيب والسياق الذي يوجدان فيه. فما هو المقصود بالصفة الصوتية، وما هي الصفات اللازمة لصوتي الراء واللام، وفيم تكمن صفاتهما العارضة في النظام اللغوي العربي؟
أولا: الصفة الصوتية: مفهومها وأنواعها
1 ـــ مفهوم الصفة الصوتية:
يقدّم “مصطفى رجب” تفريقا بسيطا بين النَفَسْ والصوت والحرف وصولا إلى الصفة، مبيّنا بــذلك المــراحل التي يمكننا من خــلالها الوصــول إلى صفــة الــحـرف، فيقول: «يراد بالصّفة كيفية تولّد الحرف وخروجه من مخرجه، وذلك لأنّهم يسمّون الهواء الخارج من الرئة إن خرج بطبعه دون أن يحتكّ بأوتار الصوت (نَفَسًا)، فإن وجّه الإنسان بإرادته هذا الهواء إلى أوتار الصوت الموجودة في الحنجرة، فاحتكّ بها وحدث له تموّج وتذبذب مسموع فإنّهم يسمّونه حينئذ (صوتا)، ثمّ هذا الهواء المصحوب بهذه التموّجات الصوتية يتوجّه إلى مقطع من مقاطع الفم أو الحلق؛ أي إلى حيّز محدّد منها، فإذا قرّبه وانحصر فيه تولّد الحرف، ثمّ الكيفية التي يكون عليها مرور هذه التموّجات الصوتية الممزوجة في النَفَس بذلك المقطع
هي ما تسمّيه بـــــــ (صفة الحرف)، فبالمخرج إذا تُعرف ماهية الحرف ويتولّد شكله ويتحدّد، وبالصفات يحصل التمييز بين
الحروف، وخاصة تلك التي تتحدّد مخارجها أو تتقارب».([1])
إذن، يتبــيّن لــنا من خــلال هــذا الكــلام أن ّ الصــفــة الصوتــية هي الكيــفـــيـة أو الكيفيات التي تظهر في الحرف أثناء حدوثه في مخرجه، فتميّزه عن غيره من الحروف عمّا اشترك منها معه في موضع النطق، وتتمثّل تلك الكيفيات في أمرين أساسين هما: «تحديد طريقة مرور النَّفَسْ في المخرج عند النطق بالصّوت، وتحديد حالة الوترين الصوتيين في أثناء ذلك».([2])
2 ـــ صلة الصفة الصوتية بالمخرج الصوتي:*))
إنّ الأصوات إذا كان يجمعها حيّز صوتي واحد؛ أي إنّها تشترك في مخرج واحد، فهي في هذه الحالة تضلّ بحاجة إلى أساس آخر يفرّق بين كلّ واحد منها، وبين الآخر في نطاق المخرج الواحد، وهنا يأتي دور الصفات التي تتّصف بها الأصوات، والتي تعدّ: «الأساس السمعي للتفريق بينها، وهذه الصفات نفسها تختلف من حيث الأساس الذي تنبني عليه، فقد يكون التبويب مبنيا على أساس طريقة التدخّل في مجرى الهواء الرئوي الذي يعتبر المادة الأولى للكلام».([3])
إذن فالعلاقة بينهما هي علاقة بين: «ذات الصوت المادية المحسوسة، وصفاته التي تشكّل الملامح المميّزة له، وخاصة إذا كانت المجموعة المعيّنة من الأصوات تنتمي إلى مخرج واحد، فعلى سبيل المثال: الأصوات/ز، س، ص/ هي مجموعة الصفير، ولكن تتميّز [ز] بالجهر و[س] بالهمس و[ص] بالإطباق».([4])
3 ـــ أنواع الصفات الصوتية:
يمكن تقسيم الصفات الصوتية باعتبار اللّزوم والعُرُوضِ إلى قسمين:
* القسم الأول: وهي الصفات الذاتية اللازمــــة للحرف: بحيث لا تنفكّ عنه مطلقا، سواءً أكان ساكنا أم متحركا بأيّة حركة.
* القسم الثاني: الصفات العَرَضِية: وهي التي تعرض للحرف حينا وتفارقه حينا آخر.
ثانيا: الصفات اللازمة الخاصة بصوتي الراء واللام:
1 – كيفية تشكيل صوتي الراء واللام فسيولوجيا:
³ الراء: يتكوّن هذا الصوت بأن تتوالى ضربات اللسان تواليا وتتابعا سريعا على اللثة، وذلك بأن يكون طرف اللسان
ملامسا للثنايا العليا، فيضغط من الأمام بالمجرى الهوائي، وبفضل مرونة هذا العضو يرجع اللسان إلى وضعه الأوّل، وتتكرّر الحركة نفسها أربع أو خمس مرّات متتالية بالنسبة إلى الراء القويّة، ويرافق نطق الصامت المكرّر ذبذبة في الأوتار الصوتية، فهو صوت صامت مجهور لثوي مكرّر.([5])
³ اللام: صوت لثوي جانبي مجهور منفتح، يتمّ نطقه بأن يتّصل طرف اللسان باللثة، ويرتفع فَيُسَدُّ المجرى الأنفي عن طريق اتصاله بالجدار الخلفي للحلق مع حدوث ذبذبة في الوترين الصوتيين.([6])
هذا ويشترك الصوتان في عدّة صفات صوتية لازمة في شقها الأوّل (الصفات المتضادة)، وينفصلان في الشق الثاني (الصفات غير المتضادة)، وعند هذه النقطة بالذات يتميّز صوت الراء عن صوت اللام، وقبل التعرّض لجملة الصفات المشتركة بين الصوتين والأخرى التي تميّز أحدهما عن الآخر، نشير هاهنا إلى أنّ صوت الراء واللام من بين الأصوات العربية التي عرفت تواشجا وتداخلا فسيولوجيا كبيرا، وهذه الظاهرة يطلق عليها في الدرس اللغوي الحديث تسمية: التبادل أو التناوب النطقي، يحدث هذا نتيجة تقارب المخارج الصوتية؛ ففي كلام العرب نجد مثلا: «”رَبَدَ” و “لَبَدَ” بمعنى واحد وهو “أقام”، “رَكَدَ” و”لَكَدَ” بمعنى “لزِم وسكن”، “رَمَزَ” و”لَمَزَ” أي “أشار”، “جَرَفَ” و”جَلَفَ” أي قذف وأبعد، ويقال أيضا: هَدَلَ الحمام وهَدرَ والمعنى واحد، والطلمساء والطرمساء كلاهما للظلمة، وقيل للدرع: “نثلة” و”نثرة” إذا كانت واسعة».([7])
2- الصفات المتضادة الخاصة بصوتي الراء واللام:
³ الجهر: الراء واللام صوتان مجهوران في الدرس اللغوي القديم والحديث بلا خلاف، يعرّفه “ابن جنّي” بقوله: «الصوت المجهور حرف أُشْبِعَ الاعتماد في موضعه، ومُنِعَ النفس أن يجري معه حتّى ينقضي الاعتماد ويجري الصوت … »([8])، ونقيض الجهر الهمس.
يتّضح من خلال الكلام الذي ساقه “ابن جنّي” أنّ الأساس المعتمد في التمييز بين ما هو مجهور وما هو مهموس من الأصوات هو: وضعية الوترين الصوتيين؛ ففي حالة تقاربهما أو التقائهما فإنّ الهواء الصاعد من الرئتين عبرهما يساهم في تذبذبهما، ممّا يُصْدر ذلك صوتا مسموعا، وهذا ما يقصده “ابن جنّي” في التعريف السابق بكلمة “الاعتماد”، والذي لا يجري معه النَّفَسْ إلاّ إذا انقضى (انفراج الوترين) وهذا هو المقصود بمصطلح الإشباع؛ أي الاتّصال والتلاحم التّام للعضوين المسؤولين عن نطق الصوت، أمّا في حالة ما إذا مرّ الهواء دون إحداث ذبذبة على مستوى الوترين الصوتيين
نتيجة تباعدهما سُمِعَ حينها صوت مهموس، نتيجة ضعف الاعتماد الذي يسمح بجريان النَفَسْ دون عائق يكون هنالك.
³ التوسّط: تُصنّف أصوات العربية في التراث الصوتي العربي، وذلك بالنظر إلى درجة اعتراض الهواء (النَفَسْ الصاعد من الرئتين) إلى ثلاثة أنواع:
* الشّديدة، ويسمّيها كثير من المحـــــــدثين: الأصــــوات الانفجارية، ولها تســـميات أخـــرى مثل: الأصوات المؤقّتة أو الآنية أو اللحظية أو الوقفية…
* الرّخوة، ويسمّيها كثير من المحدثين: الأصوات الاحتكاكية.
* المتوسّطة؛ أي بين الشديدة والرخوة، وتسمّى كذلك بالبينية أو المائعة أو السائلة، وصوتي الراء واللام يندرج ضمن هذا النوع، لأنّ حال النطق بهما لا يكون اعتراض الهواء بشكل تام نتيجة انطباق أعضاء النطق كما هو الحال مع الأصوات الانفجارية، ولا هو بجزئي نتيجة تباعد أعضاء النطق تاركة المجال للهواء الصاعد كما هو الحال مع الأصوات الاحتكاكية، وإنّما يكونان في حالة بينية، يعرّف “صلاح صالح سيف” التوسط فيقول: «اعتدال جريان الصوت مع الحرف بعدم انحباسه، وهو بين الشدّة والرخاوة؛ أي فلا ينحبس الصوت كما في الشدّة، ولا يجري كجريانه في الرخاوة».([9])
وقد حصر علماء الأصوات المحدثين أصوات التوسط في أربعة وهي: اللام والنون والميم والراء، وأضاف إليها القدامى صوت “العين”، وعدّوه صوتا متوسطا أيضا.
ويمكن أن نقسّم الأصوات المائعة بحسب طريقة خروجها، والأعضاء المشاركة في تشكيلها إلى ثلاثة أقسام، هي:([10])
1 ــــــ الأصوات الجانبية أو المنحرفة أو الحافية، ويمثّل هذا القسم في العربية صوت: “اللام”.
2 ــــــ الأصوات المكرّرة أو التردّدية، ويمثّل العربية الفصحى في هذه المجموعة صوت: “الراء”.
3 ــــــ الأصوات الأنفية أو الغنّاء: ويمثّل صوتا “الميم” و”النون” العربيتين هذه المجموعة الصوتية.
³ الانـــــفتاح: وهو عكس الإطباق الخاص بالحروف الأربعة: الصاد، الضاد، الطاء والظاء، والانفتاح صفة أخرى تجمع صوتي الراء واللام، يعرّفه “سيبويه” فيقول: «كلّ ما سوى ذلك من الحروف، لأنّك لا تُطْبِقُ لشَيءٍ مِنْهُنَّ لسانك، ترفعه إلى الحنك الأعلى».([11])
والمقصود بـــــــ: “كلّ ما سوى ذلك من الحروف”: أنّ حروف الانفتاح هي جميع حروف الهجاء المتبقّية، بعد استبعاد حروف الإطباق الأربعة المذكورة سابقا، لأنّك أثناء النطق بهذه الأصوات يتجافى اللسان عن الحنك ويتحاشاه، فلا ينطبق عليه تاركا المجال للهواء الصاعد ـــــ من الرئتين ـــــ منفتحا دون اعتراض تام، وعليه فإنّ الانفتاح هو: «عدم
انحصار الصوت بين وسط اللسان والحنك عند النطق بالحرف لانفتاح ما بينهما، سواء انطبق الحنك على أقصى اللسان
أم لا، وحروفه كلّ ما عدا الأربعة المطبقة، وكلّ حروف الاستفالة منفتحة».([12])
ويجمعها “محمّد عصام مفلح القضاة” في التركيب التالي: «من أخذ وجد سعة فزكا حق له شرب غيث».([13])
³ الاستفال (الانخفاض): يعرّفه الشيخ “محمود خليل الحصري” قائلا: «هو انخفاض اللسان عند خروج الحرف عن الحنك إلى قاع الفم وحروفه اثنان وعشرون حرفا، وهي ماعدا حروف الاستعلاء السبعة».([14])، والاستفال نقيض الاستعلاء، وحروفه هذا الأخير سبعة مجموعة في قولهم “خصّ ضغط قظ”.
³ الإذلاق: وهو ضـدّ الإصـــمات، ويعني: «سرعة النطـــق بالحرف بسهولة ويسر لخــروجه من طــرف اللسان والشفاة، أو هو الاعتماد على ذلق اللسان والشفة، أو هو خروج الحرف بسهولة ويسر».([15])
وحروف الإذلاق ستّة جمعها العلماء في قولهم: “فر من لب”، يقول “ابن جنّي”: «…ومنها حروف الذلاقة وهي ستة: اللام والراء والنون والفاء والباء والميم، لأنّه يُعْتَمَدُ عليها بذلق اللسان وهو صدره وطرفه».([16])
وهذه الحروف الستّة يقال لها كذلك: «الحروف الذلق بضمّ الذال وسكون اللام، وكذلك الحروف المذلقة، وإنّما سمّيت هذه الحروف بالذلاقة لخروج بعضها من ذلق اللسان، وبعضها من ذلق الشفتين».([17])
فــــــ”الفاء” و”الميم” و”الباء” مخرجها من ذلق الشفة، في حين أنّ “الراء” و”النون” و”اللام” من ذلق اللسان.
3- الصفات التي لا ضدّ لها لصوتي الراء واللام
³ التكرير: يعرّفه “داود عبده” فيقول: «ويسمّى أيضا التردّد، وهو سمة يتّصف بها صوت واحد وهو الراء، وسمّيت الراء صوتا تكراريا؛ لأنّ طرف اللّسان يضرب أصول الأسنان العليا أو اللثة ضربات متكرّرة عند نطقها».([18])
يتّضح من خلال هذا التعريف أنّ صفة التكرار أو كما تسمّى كذلك “التكرير” صفة مفردة خاصة بصوت واحد وهو “الراء”، وتكمن علّة تسميته بالمكرّر لتكرار ضربات وطرقات اللسان على الثنايا العليا أو اللثة بشكل متتابع ومستمر، ويشتدّ هذا التكرار حالة تشديد أو إدغام “الراء”، وفي هذا يقول “محمّد بن إبراهيم الحمد”: «التكرير هو ارتعاد رأس اللسان عند النطق بالحرف، وحرفه الراء فقط، وأكثر ما يظهر تكريره إذا كان مشدّدًا نحو: مَرَّةً، وكَرَّةً».([19])
³ الانحراف: يقول “سيبويه” محدّدا معنى الانحراف: «ومنها (المنْحَرِفُ) وهو حرف شديد جرى فيه الصّوت لانحراف اللسان مع الصّوت، ولم يعترض على الصّوت كاعتراض الحروف الشديدة وهو “اللام”، وإن شئت مددت فيها الصّوت، وليس كالرّخوة؛ لأنّ طرف اللسان لا يتجافى عن موضعه، وليس يخرج الصوت من موضع “اللام”، ولكن من ناحيتي مستدق اللسان وفُوَيْقَ ذلك».([20])
إذن فصفة الانحراف ــــــ على مذهب “سيبويه” ــــــ من الصفات المفردة والخاصة بصوت واحد وهو “اللام”، ولكن هناك الكثير من اللغويين والعلماء من يجعلها صفة لصوتين هما “اللام” و”الراء” معا، ومن هؤلاء الشيخ “الحُصري” الذي يعرّف الانحراف بأنّه: «الميل بالحرف عن مخرجه حتّى يتّصل بمخرج غيره، وهو صفة لازمة لحرفين اللام والراء، وإنّما وُصِفَا بالانحراف لأنّهما انحرفا عن مخرجهما حتّى اتّصلا بمخرج غيرهما؛ فاللام فيها انحراف وميل إلى طرف اللسان، والراء فيها انحراف إلى ظهر اللسان جَانِحَةً قليلا إلى جهة اللام».([21])
ثالثا: الصفات الصوتية العارضة لصوتي الراء واللام
إنّ الصفات العرضية كما ذكرنا هي تلك الصفات التي قد يكتسبها الحرف في سياق كلامي ما ويفقدها في سياق آخر؛ بمعنى أنّ هذه الصفات غير ثابتة في الحرف، وهو إنّما يكتسبها حينما يكون بمحاذاة حرف معيّن أو حركة معيّنة أو كليهما معا، ما إن يحدث تغيّر في هذا الحرف أو تلك الحركة أو كلاهما حتّى تسقط منه صفته العرضية، ويمكن أن نستدلّ على هذا النوع: بأحكام النون الساكنة والتنوين، وكذا أحكام الميم الساكنة، إضافة إلى هذه الصفات هناك صفة أخرى لا تقلّ أهمّية عن هذه الصفات المذكورة، ألا وهي صفتي “التفخيم والترقيق”.
1- الإدغام بغير غنّة (الإدغام الكامل/ التام):
الإدغام التام صفة عارضة تعترى الراء واللام حال مجاورتهما للنون الساكنة أو التنوين(*) فقط، ممّا يعني أنّه إذا غيّرنا النون الساكنة أو التنوين بصوت آخر سقطت هذه الصفة عن الراء واللام.
يعرّف “الكيلاني” الإدغام مبيّنا مفهومه، أقسامه وحروفه فيقول: «هو إدخال حرف ساكن في حرف متحرك، بحيث يصيران حرفا واحدا مشدّدا، والإدغام قسمين: قسم بغنّة وقسم بغير غنّة، والإدغام لا يكون إلّا من كلمتين، وحروف الإدغام بقسميه ستة مجموعة في أحرف: “يرملون”».([22])
وما يهمّنا نحن في هذا البحث هو القسم الثاني من الإدغام، والذي له علاقة بصوتي الراء واللام، يقول “ابن الجزري” في “المنظومة الجزرية” متحدثا عن هذه الصفة:([23])
فَعِنْدَ حَرْفِ الحَلْقِ أَظْهِرْ، وَأَدْغِمْ فِي اللّامِ وَالرَّا لَا بِغُنَّةٍ لَزِمْ
والإدغام بغير غنّة هو: أن يقع بعد النون الساكنة أو التنوين أحد هذين الحرفين: “اللام” أو”الراء”، فإذا وقع أحدهما بعد “النون” بشرط أن يكــونا في كلمتين، أو بعـــد التنوين ولا يكــــونان إلاّ في كلمتين «وجب إدغام النون أو التنوين في اللام والراء إدغاما كاملا بغير غنّة، بأن يُبدل كلّ من النون الساكنة أو التنوين لاما ساكنة عند اللام وراء ساكنة عند الراء، ويدغم فيما بعده إدغاما تاما».([24])
ويطلق علماء التجويد على هذا النوع من الإدغام اسم: “الإدغام الكامل/التام”، وذلك «لعدم وجود الغنّة التي تمنع من كمال التشديد، أو لذهاب الحرف المدغم وصفته معا».([25])
ويحدّد “ابن الجزري” علّة إدغام النون الساكنة والتنوين مع “اللام” و”الراء” بقوله: «قربهما من مخرجهما، لأنّهنّ من حروف طرف اللسان، فتَمَكَّن الإدغام وحَسُنَ لتقارب المخارج، وذهبت الغنّة لأنّ حقّ الإدغام ذهاب لفظ الحرف الأوّل بكلّيته وتصييره بلفظ الثاني».([26])
2- الإظهار الشفوي: الإظهار الشفوي صفة عارضة تعتري صوتي الراء واللام حال مجاورتهما الميم الساكنة(*) فقط فإذا: «وقع بعد الميم الساكنة أحد الحروف الباقية [بما فيها الراء واللام] وَجَبَ إظهارها سواء كان ذلك في كلمة واحدة
أم في كلمتين».([27])
فواضح من خلال هذا التعريف أنّ هذا الحكم سمّي إظهارا لأنّ الميم الساكنة تُظْهَرُ عند ملاقاتها للحروف الستة والعشرين بعد استبعاد “الباء” و”الميم”، أمّا كونه شفويا فلأنّ: «الميم الساكنة وهي الحرف المظهر تخرج من الشفتين(*) فنُسب الإظهار إليها لأنّ مخرجها محدّد، ولم يُنسب إلى الحروف الستة والعشرين لأنّ مخرجها غير محصور في مخرج معيّن؛ إذ بعضها يخرج من الحلق وبعضها من اللسان وبعضها من الشفتين، بخلاف الإظهار الحلقي فإنّه نُسِبَ إلى مخرج الحروف التي تظهر عندها النون والتنوين، وذلك لانحصارها في مخرج محدّد وهو الحلق».([28])
3- التفخيم والترقيق: يُعرّف الأوّل بأنّه: «سِمن يعتري الحرف فيمتلئ الفم بصداه».([29])، أمّا الثاني فهو: «نحافة الصوت عند النطق بالحرف فلا يمتلئ الفم بصداه، فيكون الحرف نحيفا في المخرج، رقيقا في الصفة».([30])
ونشير هنا إلى أن علماء اللغة والتجويد يستخدمون التفخيم والتسمين والتغليظ بمعنى واحد، غير أنّ الأكثر استعمالا في “اللام” هو مصطلح التغليظ وفي “الراء” مصطلح التفخيم.
أ/ أقسام الحروف العربية من حيث التفخيم والترقيق:
يمكن تقسيم حروف اللغة العربية بالنظر إلى تفخيمها أو ترقيقها إلى ثلاثة أقسام مجمع عليها وهي:([31])
1 ــــ حروف مفخّمة دائما: وهي حروف الاستعلاء (خص ضغط قظ).(**)
2 ــــ حروف تفخّم تارة، وترقق تارة أخرى وهي: الألف المدّية، اللام، الراء، وأضيفت إليها غنّة الإخفاء.
3 ــــ حروف مرققة دائما، وهي الحروف الباقية.
ب/ أحكام التفخيم والترقيق عند الإمام “ورش”
لا شأن لنا في هذا المقال بالقسم الأول من الحروف الهجائية بالنظر إليها من زاوية تفخيمها أو ترقيقها لأنّها مفخّمة قطعا، وهذا لا خلاف فيه عند جمهور العلماء، وكذا الأمر مع القسم الثالث المرقق مطلقا، وسيأتي الآن التفصيل في القسم الثاني؛ أي الأحرف التي تفخّم تارة، وترقق تارة أخرى، ويتعلّق الأمر هاهنا بصوتي الراء واللام على وجه التحديد.
ج/ حالات تفخيم الراء واللام وترقيقهما:
³ أحكام الراء: الراء حرف شبيه بالمستعلي، والأصل فيه التفخيم، غير أنّه يرقّق عند القراء في الحالات التالية:
يقول “ابن الجزري” في باب الراءات:([32])
وَرَقِّقِ الرَّاءَ إذَا مَا كَسُرَتْ كَذَلِكَ بَعْدَ الكَسْرِ حَيْثُ سَكَنَتْ
إنْ لَمْ تَكُنْ قَبْلَ حَرْفِ اسْتِعْلاَ أوْ كَانَتِ الكَسْرَةُ لَيْسَتْ أَصْلَا
والخُلْفُ فِي: فِرْقٍ، لِكَسْرٍ يُوجَدُ وأَخْفٍ تَكْرِيرًا إِذَا تُشَدَّدُ.
وسيأتي فيما يلي شرح هذه الأبيات من خلال عرض أحكام الراء من حيث التفخيم والترقيق.
³ حالات ترقيق الراء:([33])
* أن تكون مكسورة سواء أكان الكسر أصليا أم عارضا. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّه حال الوقف على “الراء” المكسورة يُنظر لما قبلها فإذا سُبقت بكسر ــــــ ولو حال بينها وبينه حاجز غير حصين ـــــــ أو ياء ساكنة سكونا حيا(*) أو ميتا(**) فقد وجب ترقيقها كما سيتمّ ذكره لاحقا إن شاء الله تعالى، ومن أمثلة ذلك:
ــــــــ المكسورة كسرا أصليا: نحو: ﴿الجَوَارِحِ﴾ [سورة المائدة، الآية 4]، ﴿رِجْسٌ﴾ [سورة المائدة، الآية 90]، ﴿الحَوَارِيُّونَ﴾ [سورة المائدة، الآية 112]، وغيرها من الأمثلة.
ــــــــ المكسورة كسرا عارضا: نحو الكلمات التالية: ﴿النُّورِ﴾ [سورة المائدة، الآية 16]، ﴿مُّنْكَرٍ﴾ [سورة المائدة، الآية 79]، ﴿الخَمْرِ﴾ [سورة المائدة، الآية 91]، ﴿البَحْرِ﴾ [سورة المائدة، الآية 96]، وغيرها من النماذج؛ فبمجرّد الوقف على الراء المكسورة في هذه الأمثلة وغيرها، يترتّب على ذلك زوال الكسر وحلول السكون محلّه.
* أن تكون ساكنة سكونا أصليا أو عارضا، مسبوقة بكسر أصلي، فأمّا الساكنة سكونا أصليا فنحو كلمة: ﴿شِرْعَةً﴾
[سورة المائدة، الآية 48]، وكذا: ﴿تَغْفِرْ﴾ [سورة المائدة، الآية 118]، وأمّا الساكنة سكونا عارضا بسبب الوقف فمثل كلمة: ﴿يَغْفِرُ﴾ [سورة المائدة، الآية 20 و42] وقفا لا وصلا؛ حيث تتحوّل الضمّة فيها إلى سكون عارض.
* ترقق الراء كذلك عند “ورش” إذا كانت مسبوقة:
ــــــــ بياء ساكنة في كلمة واحدة، سواء أكان ذلك في الوصل أم في الوقف، وسواء أكان السكون حيّا أم ميّتا، ومن أمثلة هذه الحالة في سورة المائدة الكلمات التالية:
السكون الحيّ: مثل: ﴿الخَيْرَاتِ﴾ [سورة المائدة، الآية 48]، ﴿الطَّيْرِ﴾ [سورة المائدة، الآية 110] وغيرها.
السكون الميّت: نحو: ﴿الخِنْزِيرِ﴾ [سورة المائدة، الآية 3]، ﴿الـمَصِيرُ﴾ [سورة المائدة، الآية 18] ﴿بَحِيرَةٍ﴾ [سورة المائدة، الآية 103]، وغيرها من النماذج.
ــــــــ بحرف ساكن غير (ص، ط، ق)، وكان قبل الحرف الساكن كسرا أصليا، مثل: ﴿ذِكْرِ﴾ [سورة المائدة، الآية 91] و﴿سِحْرٌ﴾ [سورة المائدة، الآية 110].
* ومن أسباب ترقيق الراء كذلك عند “ورش”: الإمالة، وذلك إذا:
ـــــــ وقعت بعد حرف ممال، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: ﴿أُولَٰئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾[سورة الرعد، الآية 25] و﴿فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [سورة البقرة، الآية 24] و﴿أَدْبَارِكُمْ﴾ [سورة المائدة، الآية 21] و﴿وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ المُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ﴾ [سورة ص، الآية 47 [ و﴿جَبَّارِينَ﴾ [سورة المائدة، الآية 22]، …الخ.
ـــــــ إذا أميلت الألف بعد الراء، ومن أمثلة الحالة قوله عزّ وجلّ: ﴿التَّوْرَاةُ﴾ [سورة المائدة، الآية43]، و﴿وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا﴾ [سورة البقرة، الآية 135] و﴿وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ﴾ [سورة الحج، الآية 2] و﴿وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَىٰ تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ﴾ [سورة البقرة، الآية 85] و﴿فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَىٰ﴾ [سورة النازعات، الآية 34]،…الخ.
* وقد رقّق “ورش” كذلك كلّ راء جاءت مفتوحة أو مضمومة ولكن بشروط:
ـــــــ إذا كانت مسبوقة بكسر متصل لازم، ومن أمثلة الحالة في سورة المائدة الكلمات التالية: ﴿شَعَائِرَ﴾/2، ﴿الكَافِرُونَ﴾/44، ﴿القِرَدَةَ﴾/60، ﴿طَائِرًا﴾ /110، …الخ.
ـــــــ إذا كانت مسبوقة بكسر لازم وفصل بينهما حرف الخاء ساكنا أو حرف مستفل ساكن نحو: كلمة “مِحْراب” عند قوله تعالى: ﴿كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا﴾ [سورة آل عمران، الآية 37]. وكذا كلمة “إخْراج” في قوله عزّ وجلّ: ﴿وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ﴾ [سورة البقرة، الآية 217].
ــــــ رقّق ورش الراء الأولى من (شرر) في قوله تعالى: ﴿إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾ [سورة المرسلات، الآية 32]، ويمكن
تفسير قراءة “ورش” للراء الأولى مرققة «نتيجة تأثير فتحتها بتنوين الكسر تأثرا مدبرا».([34])
هذه إذن هي حالات ترقيق “الراء” عند الإمام”ورش”، وما عدا ذلك فإنّ “الراء” فيها مفخمة أو تحتمل الوجهين، وسنورد فيما يأتي حالات تفخيم “الراء” عند “ورش”:
³ حالات تفخيم الراء:([35])
* إذا جاءت مفتوحة غير ممالة أو مضمومة، ولم يقع قبلها في الكلمة الواحدة كسر أصلي ولا ياء ساكنة، ومن أمثلة هذه
الحالة نذكر النماذج التالية: قال تعالى: ﴿عُرُبًا أَتْرَابًا﴾ [سورة الواقعة، الآية 37] و﴿…وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ البَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ القُدُسِ…﴾ [سورة البقرة، الآية 87] و﴿الْمُـتَرَدِّيَةُ﴾ [سورة المائدة، الآية 3] و﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا…﴾ [سورة الطور، الآية 48]،…الخ، أو جاءت ساكنة وقبلها فتح أو ضمّ، ومن أمثلة هذه الحالة النماذج التالية: ﴿وَإِنْ مِّنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ القِيَامَةِ﴾ [سورة الإسراء، الآية 58] و﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ﴾ [سورة الأنبياء، الآية 69] و﴿أَرْبَعِينَ﴾ [سورة المائدة، الآية 26]، و﴿قُرْبَانًا﴾ [سورة المائدة، الآية 27]، …الخ.
* إذا جاءت ساكنة أو مفتوحة أو مضمومة بعد كسر عارض نحو قوله تعالى: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا…﴾ [سورة النساء، الآية 128] و﴿…ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً﴾ [سورة الفجر، الآية 28] و﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ [سورة الأنبياء، الآية 28] و﴿أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا…﴾ [سورة النور، الآية 50]، وغيرها.
أو جاءت مكسورة موقوفا عليها، وكانت مسبوقة بفتح أو ضمّ أو سكون أو ألف أو واو، نحو: المسبوقة بالواو في كلمة: “الصُّدُورِ” عند قوله تعالى: ﴿…إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [سورة المائدة، الآية 7]، والمسبوقة بالألف في كلمة: “أَنْصَارٍ” عند قوله عزّ وجلّ: ﴿…وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنَ أَنْصَارٍ﴾ [سورة المائدة، الآية 72].
* إذا جاءت ساكنة أو متحرّكة بعد كسر أصلي، ووقع بعدها حرف استعلاء واتّصل بها في كلمة واحدة نحو: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ﴾ [سورة الأنعام، الآية 7] و﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ﴾ [سورة التوبة، الآية 122] و﴿إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا﴾ [سورة النبأ، الآية 21] و﴿…وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ…﴾ [سورة التوبة، الآية 107]، وكذلك إذا فصل بينها وبين حرف الاستعلاء ألف مثال ذلك قوله عزّ وجلّ: ﴿وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ﴾ [سورة القيامة، الآية 28] و﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا…﴾ [سورة النساء، الآية 128] و﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ﴾ [سورة الفاتحة، الآية 6].
* إذا وقعت الراء مكرّرة في كلمة واحدة، وقبلها كسر أصلي، وقد وقع ذلك في عدّة كلمات في القرآن الكريم منها: ﴿ضِرَارًا﴾ [سورة التوبة، الآية 107]، و﴿فِرَارًا﴾ [سورة نوح، الآية 6]، ﴿إِسْرَارًا﴾ [سورة نوح، الآية 9]، ﴿مِّدْرَارًا﴾ [سورة هود، الآية 52 وسورة نوح، الآية 11، وسورة الأنعام، الآية 7]، ﴿الفِرَارُ﴾ [سورة الأحزاب، الآية 16].
* إذا حال بين الكسر اللازم والراء المفتوحة أو المضمومة حرف استعلاء غير الخاء، أو حرف استفال متحرك، أو كان هذا الكسر غير أصلي مثل: ﴿وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا﴾ [سورة البقرة، الآية 286] و﴿…إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ…﴾ [سورة الإسراء، الآية 23] و﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ [سورة الأنبياء، الآية 28].
* تفخم الراء في الكلمات الآتية حيثما وقعت: [إبراهيم، إسرائيل، عِمران، إِرَمَ].
* إذا كانت الراء مفتوحة أو مضمومة مسبوقة بياء متحركة، نحو كلمة: [الخِيَرَةُ].
* إذا وقعت بين الراء والكسرة أحد هذه الحروف (ط، ق، ص)، مثل: ﴿…وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ…﴾ [سورة الأعراف، الآية 157] و﴿اهْبِطُوا مِصْرًا…﴾ [سورة البقرة، الآية 61] و﴿…قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيهِ قِطْرًا﴾ [سورة الكهف، الآية 96] و﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا…﴾ [سورة الروم، الآية 30]، ﴿وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا﴾ [سورة الأنعام، الآية 25] …الخ.
* إذا وقع قبل الراء لام الجرّ أو ياء الجرّ، أو بعبارة أخرى: إذا كانت الراء مفتوحة أو مضمومة، ومسبوقة بكسر متّصل عارض، ومن أمثلة ذلك في سورة المائدة المواضع التالية: ﴿بِرُسُلِي﴾/12، ﴿بِرُوحِ﴾/110، ﴿بِرَسُولِي﴾/111، وقوله تعالى في مستهلّ سورة الناس: ﴿قُلْ أَعُودُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ [سورة النّاس، الآية 1]…الخ.
ومعنى هذا أنّ الكسرة التي سبقت الراء كسرة عارضة، ولو كانت أصلية لرُقِّقَت كما أشرنا في السابق.
ويندرج ضمن هذه الحالة أيضا: كون الراء مسبوقة بكسر لازم منفصل؛ أي أنّ الكسر في كلمة، والراء في كلمة أخرى.
³ ما فيه الوجهان: (التفخيم والترقيق): وذلك في الحالات الآتية:([36])
* ما كان على وزن (فِعْلاً)، وهي ستُّ كلمات مخصوصة: {ذِكْرًا، سِتْرًا، إِمْرًا، وِزْرًا، حِجْرًا، صِهْرًا}، فإذا اجتمع مدّ البدل مع هذه الكلمات الست المخصوصة كقوله تعالى: ﴿…فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمُ آبَاْءَكُمُ أَوَ اَشَدَّ ذِكْرًا …﴾ [سورة البقرة، الآية 200]، فللإمام “ورش” فيها خمسة أوجه، وهي: قصر البدل مع ترقيق الراء وتفخيمها (أي الوجهان جائزان)، وتوسط البدل مع التفخيم فقط، وطول البدل مع ترقيق الراء وتفخيمها (أي الوجهان جائزان).
* في كلمة ﴿حَيْرَانَ﴾ [سورة الأنعام، الآية 71]، ففيها الوجهان والتفخيم مقدّم حملا على كلمة عِمْران.
* في الكلمات الآتية: ﴿يَسْرِ﴾[سورة الفجر، الآية 4] ، و﴿نُذُرِ﴾ [سورة القمر، الآية 16] ، و﴿فِرْقٍ﴾ [سورة الشعراء، الآية 63] ، و﴿القِطْرِ﴾ [سورة سبأ، الآية 12] ، و﴿مِصْرَ﴾ [سورة يوسف، الآية 99]، فيجوز في هذه الكلمات الخمس الوجهان، غير أنّ الترقيق مقدّم في الكلمات “الأربع الأولى”، والتفخيم مقدّم في “الكلمة الخامسة”.
ملاحـــظة عامـــة: إذا وقـــف “ورش” على الراء بالـــسكون وكان قبلــــها كسر مثل: (يَغْفِرُ، يَصْبِرُ)، أو يــــاء ساكنـــــة مثل: (خَيْر، ضَيْر، السَّبْر)، أو حرف ممال مثل: (الدار، النار)، أو حرف ساكن وقبل الساكن كسر مثل: (السِّحْر والذِكْر)، فإنّه يرقق الراء كحالة الوصل، وأمّا إذا انعدمت هذه الأسباب فإنّه يفخّمها سواء أكانت مرققة وصلا أم لا، وكذلك رقّق الراء إذا وقف على كلمة ﴿بِشَرَرٍ﴾ [سورة المرسلات، الآية 32].([37])
³ أحكام اللام: اللام حرف مستفل، والأصل فيه الترقيق غير أنّه يُغَلَّظ ـــــ والتغليظ مرادف للتفخيم ـــــ بيد أنّ المستعمل مع اللام التغليظ عند جميع القراء كما أشرنا.
يقول “ابن الجزري” في باب اللامات:([38])
وَأَزْرَقٌ لِفَتْحِ لاَمٍ غَلَّظَا بَعْدَ سُكُونِ صَادٍ أَوْ طَاءٍ وَظَا
أَوْ فَتْحِهَا وَإِنْ يَحُلْ فِيهَا أَلِفْ أَوْ إِنْ تُمَلْ مَعَ سَاكِنِ الوَقْفِ اخْتُلِفْ
وَقِيلَ عِنْدَ الطَّاءِ والظَّا والأَصَحْ تَفْخِيمُهَا والعَكْسُ فِي الآيْ رَجَحْ
كَذَلِكَ صَلْصَالٍ وَشَدَّ غَيْرُهَا ذَكَرْتُ واسْمَ اللهِ كلٌّ فَخَّمَا
مِنْ بَعْدِ فَتْحَةٍ وَضَمٍّ واخْتُلِفْ بَعْدَ مُمَالٍ لاَ مُرَقَّقٍ وُصـِفْ
بناء على هذا النظم يمكن تقسيم أحكام اللام من حيث تفخيمها وترقيقها إلى قسمين أساسيين:
³ أحكام لام لفظ الجلالة (الله، اللّهمّ): للام لفظ الجلالة حالتين: حالة الترقيق وحالة التفخيم:
³ حـالة الترقيق:([39])
ترقّق لام لفظ الجلالة إذا سُبقت بكسر سواء أكان الكسر أصليا أم عارضا، ومثال ذلك من سورة المائدة: ﴿عَنْ ذِكْرِ اللهِ﴾/91… وغيرها من النماذج،كما ترقّق لام لفظ الجلالة كذلك إذا تقدّمها ساكن بعد كسر (الكسر+ الساكن+ لام لفظ الجلالة)، ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ…﴾ [سورة إبراهيم، الآية 10] و﴿يَأتيْ اللهُ﴾ [سورة المائدة، الآية 54] و﴿وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [سورة الزمر، الآية 61]…الخ.
وكذا إذا وُصِلَ لفظ الجلالة بتنوين آخر كلمة قبله، مثل: ﴿أَحَدٌ (1) اللهُ﴾ [سورة الصمد، الآية 1و2]؛ بمعنى: أنّ الكلمة الأولى المنوّنة في آخر الآية السابقة، والكلمة الثانية في أوّل الآية اللاحقة.
³ حالة التغليظ:
ــــــــ تفخّم “اللام” في لفظ الجلالة إذا: «لم يسبقه كسر؛ أي إذا كان مبتدأ به، أو سبق بفتح أو ضمّ».([40])، فأمّا حالات الابتداء بلفظ الجلالة نحو: ﴿اللهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ﴾ [سورة البقرة، الآية 255]، ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ…﴾ [سورة النور، الآية 35]، …الخ.
وإليك الآن بعض نماذج ما كان مغلّظا من لامات لفظ الجلالة بسبب فتح أو ضمّ من سورة المائدة: ﴿شَعَائِرَ اللهِ﴾/2، ﴿يَدُ اللهِ﴾/64، ﴿مَرْيَمَ اللَّهُمَّ﴾/114، وغيرها من النماذج.
ــــــــ تُغَلّظ اللام كذلك إذا كانت مسبوقة بساكن وقبل الساكن فتح أو ضمّ.([41]) ، ومن أمثلة هذه الحالة النماذج التالية: ﴿…وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ …﴾ [سورة التوبة، الآية 59] و﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [سورة البقرة، الآية 74] و﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ …﴾ [سورة الأنفال، الآية 32] و﴿أَطْفَأَهَا اللهُ﴾ [سورة المائدة، الآية 64]، و﴿وَأَطِيعُوا اللهَ﴾ [سورة المائدة، الآية 92]، …الخ.
³ أحكام اللام في غير لفظ الجلالة:
يمكن أن نميّز لــــــ “اللام” في غير لفظ الجلالة من حيث تفخيمها وترقيقها بين ثلاث حالات:
³ تُغلَّظ اللام في غير لفظ الجلالة في رواية “ورش” حصرا إذا توفّرت الشروط الثلاثة الآتية:([42])
1/ أن تكون اللام مفتوحة (مخفّفة أو مشدّدة).
2/ أن تسبق اللام بأحد الأحرف الآتية: الصاد، الطاء، الظاء، وفي كلمة واحدة من غير فاصل.
3/ أن تكون هذه الحروف ساكنة أو مفتوحة (مخفّفة أو مشدّدة)، وذلك نحو: الصَلاة، يَصْلَى، الطَلاق، مطْلع، ظَلَمَ، أظْلم،… الخ.
ونمثّل عن تغليظ اللام من غير لفظ الجلالة بنماذج من سورة المائدة كما يلي:
ــــــ لفظة: ﴿الصَّلَاةَ﴾ أو﴿الصَّلاَةِ﴾ الواردة في الآيات التالية من السورة الكريمة: (6/12/55/58/91/106)؛ ففي هذه الكلمة اجتمعت “الصاد” و”اللام” معا في كلمة واحدة من غير فاصل: “اللام” هنا جاءت متوسطة ومفتوحة مسبوقة بحرف “الصاد” المطبق مشدّدا ومفتوحا؛ أي توفّرت جميع شروط التغليظ.
ــــــ لفظة: ﴿يُصَلَّبُوا﴾ الواقعة في الآية 33؛ ففي هذه الكلمة اجتمعت “الصاد” المفتوحة المخفّفة، مع”اللام” المتوسطة
المفتوحة المشدّدة ولهذا غُلّظَتْ.
ــــــ لفظة: ﴿أَصْلَحَ﴾ الواقعة في الآية 39؛ وفي هذه الكلمة اجتمعت “الصاد” الساكنة المخفّفة (السابقة)، مع “اللام” المتوسّطة المفتوحة المخفّفة ولهذا غُلِّظَتْ.
ويشار هنا إلى أنّه لا بدّ أن تتوفر هذه الشروط الثلاثة مجتمعة في “اللام”، وأنّ أيّ تخلّف لشرط واحد منها فإنّ حكمها يتحوّل من التغليظ إلى الترقيق تلقائيا.
هذه ــــــ إذن ــــــ هي حالات اللام المغلّظة فقط، وما عداها فهي حالات ترقيق لا تغليظ، فما هي إذن حالات ترقيق اللام من غير لفظ الجلالة؟
³ ترقيق اللام في غير لفظ الجلالة: وترقق فيما عدا ما ذكرنا:([43])
1/ كأن تكون اللام مضمومة أو مكسورة أو ساكنة نحو الكلمات التالية: (تطلُع، لأصلِبنّكم، صلْصال).
2/ أو وقع أحد الأحرف الثلاثة بعد اللام لا قبلها نحو الكلمات التالية: (سلَّطهم، ولْيتلطّف، إنّها لظى،…).
3/ أو كان أحد هذه الأحرف مضموما أو مكسورا نحو الكلمات التالية: (الظُلّة، فصِّلت، ظِلال،…).
4/ أو لم يأت أحد هذه الأحرف الثلاثة قبل اللام، نحو الكلمات التالية: (ينقلب، سئلت، العلماء).
ونشير هنا إلى أنّ هذه الحالات الأربع الخاصة بترقيق “اللام” إنّما هي خرق لأحد الشروط الثلاثة المذكورة سابقا، والتي بموجبها يتمّ تغليظ “اللام” في غير لفظ الجلالة، وإليك الآن بعض نماذج ترقيق “اللام” من غير لفظ الجلالة في نص سورة المائدة:
ـــــــ الكلمات التالية: ﴿أُحِلَّتْ﴾/1، ﴿الإِنْجِيلَ﴾/46، ﴿مَغْلُولَةٌ﴾/64، ﴿أَهْلَ﴾/65، ﴿وَبَالَ﴾/95، …في هذه الأمثلة وغيرها توفّر شرط واحد فقط من شروط التغليط المذكورة سلفا وهو: فتح “اللام” وتخلّف اثنين، فوجب حينها ترقيق “اللام” في الأمثلة السابقة.
ــــــ الكلمات التالية: ﴿أَكْمَلْتُ﴾/3، ﴿عَلِيمٌ﴾/7، ﴿قُلُوبَهُمْ﴾/13، ﴿الكَلِمَ﴾/13، ﴿يَخِلُقُ﴾/17، ﴿مُلْكُ﴾ /18، ﴿قَلِيلاً﴾/44، ﴿رَسُولٌ﴾/70، ﴿أَلِيمٌ﴾/94، ﴿الأَلْبَابِ﴾/100، ﴿مُسْلِمُونَ﴾/111، ﴿خَالِدِينَ﴾ /119، … الخ؛ ففي هذه الأمثلة وغيرها حكم “اللام” فيها: الترقيق لا التغليظ؛ لسقوط جميع الشروط فيها: “اللام” في هذه النماذج إمّا مضمومة أو مكسورة أو ساكنة، ولا يسبقها ولا حرف من حروف الإطباق الثلاثة (ص، ط، ظ).
ــــــ الكلمات التالية: ﴿الصَّالِحَاتِ﴾/9، ﴿تَطَّلِعُ﴾/13، ﴿الظُّلُمَاتِ﴾/16،… الخ؛ في هذه الكلمات وأمثالها “اللام” فيها مرقّقة، توفّرت فيها شروط وسقطت أخرى؛ ففي الكلمة الأولى: “اللام” فيها مكسورة، وفصل بينها وبين الحرف المطبق”الصاد” ألف مدّية، وفي المثال الثاني توفّر شرطان وتخلّف واحد؛ توفّر الشرط الثاني والثالث: “اللام” فيه مسبوقة بـــــــ “الطاء” المفتوحة، وسقط الشرط الأول وهو تحرك “اللام” هنا بالكسر لا بالفتح، وما يقال على المثال الثاني ينطبق على المثال الثالث؛ ففيه توفّر شرطان أيضا وهما وقوع “الظاء” المتحرّكة قبل “اللام”، وتخلّف شرط فتح “اللام” (جاءت مضمومة لا مفتوحة).
³ ما فيه الوجهان (التفخيم والترقيق):
يجوز تغليظ اللام وترقيقها ـــــ والتغليظ مقدّم ـــــ في الحالات الثلاث الآتية:([44])
الحالـة الأولى: إذا حال بين اللام وبين أحد الحروف الثلاثة (ص، ط، ظ) ألف لينة ــــ وصلا ووقفا ــــ وقد وقع ذلك في ثلاثة ألفاظ في القرآن، في خمسة مواضع وهي: (طال، فصالا، يصّالحا):
1 ــــــ ﴿فَإِنَ أَرَادَ فِصَالاً﴾ [سورة البقرة، الآية 233].
2 ــــــ ﴿فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَّصَّالَحَا﴾ [سورة النساء، الآية 128].
3 ــــــ ﴿أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ العَهْدُ﴾ [سورة طه، الآية 86].
4 ــــــ ﴿حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ العُمُرُ﴾ [سورة الأنبياء، الآية 44].
5 ــــــ ﴿فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ﴾ [سورة الحديد الآية 16].
الحالـة الثانية: إذا وقف القارئ على “اللام” المتطرفة المغلّظة بالسكون بالشروط السابق ذكرها، نحو الكلمات التالية: [يوصل فصل، بطل، ظلّ]، الواردة في سورة البقرة: الآية 27و 249، الأنعام 119، الأعراف 118 الرعد 25، النحل 58، ص 20 والزخرف 17.
الحالة الثالثة: إذا وقع بعد “اللام” ألف ذات ياء (أي ألف مقلّلة)، ففيها وجهان: ترقيق اللام مع التقليل وتغليظها مع الفتح وصلا ووقفا، بشرط أن تكون في غير رؤوس الآي من السور الإحدى عشرة التي رؤوس آياها فيها التقليل فقط، وقد وقع ذلك في القرآن الكريم في سبعة مواضع: البقرة الآية 125 في حال الوقف على ﴿مُصَلًّى﴾، الإسراء /18، الانشقاق/12، الأعلى/12، الغاشية/4، الليل/15 والمسد/3 حال الوقف على: ﴿يَصْلَى﴾ أو﴿تَصْلَى﴾.
خاتمة:
نصل في نهاية هذه الورقة البحثية إلى استخلاص جملة من النتائج، يمكن رصد أبرزها في النقاط التالية:
* تدعى الصفة الثابتة في الصوت؛ أي التي لا تفارقه أبدا إفرادا أو تركيبا مهما اختلف السياق بــــــ: الصفة اللازمة، أمّا إذا كانت تلازمه مرّة وتفارقه مرّة أخرى سمّيت حينها صفة عارضة.
* تنقسم الصفات الصوتية في اللغة العربية إلى عدّة أقسام لعدّة اعتبارات منها: العموم والخصوص؛ فهناك صفات صوتية عامة تشترك فيها عدّة أصوات، إذ هناك صفات صوتية تجمع جلّ أصوات العربية تماما كما هو الحال مثلا مع صفة الانفتاح الذي يجمع كلّ حروف العربية بعد استبعاد حروف الإطباق الأربعة، الاستفال الذي يجمع كلّ حروف العربية بعد استبعاد حروف الاستعلاء السبعة، الجهر وحروفه باقي الأصوات بعد استبعاد حروف الهمس المجموعة في قولهم (فحثّه شخص سكت)،… الخ، وهناك صفات أخرى عامة لكنّها لا تجمع إلاّ بعض الأصوات كما هو الحال مع الاستعلاء وأصواته سبعة (خص ضغط قظ)، القلقلة وأصواتها خمسة (قطب جد)، الإطباق وحروفه أربعة (الصاد، الضاد، الطاء، الظاء)، الصفير وأصواته ثلاثة (الصاد، السين، الزاي)، الغنّة ولها صوتان (النون والميم الساكنتين). وهناك في المقابل صفات مفردة خاصة بصوت واحد دون غيره، كما هو الحال مثلا مع الانحراف (اللام)، التكرير (الراء)، الاستطالة (الضاد)، التفشي (الشين)، … الخ. ومن الاعتبارات الأخرى والتي تصنّف على أساسها الصفة الصوتية إلى أصناف أخرى: التقابل وعدمه، فَوِفْقَ هذا الاعتبار يمكن أن نميّز للصفة الصوتية أيضا بين صنفين: صفات متضادة مثل: الجهر وضدّه الهمس، الانفجار وضدّه الاحتكاك، الإطباق وضدّه الانفتاح، الاستعلاء وضدّه الاستفال، الإذلاق وضدّه الإصمات، التفخيم وضدّه الترقيق،… الخ، وصفات غير متضادة نحو: الصفير، اللين، القلقلة، الانحراف، التكرير، التفشي، الاستطالة، الغنّة، المهتوتة، الخفاء، الجوفية،… الخ.
* تكتسب الصفة الصوتية أهمية بالغة في التمييز بين الأصوات، إذ تقف فيصلا بين الأصوات التي تتّفق في مخرج صوتي
واحد، أو في مخرج واحد وبعض الصفات الصوتية الأخرى.
* الراء واللام صوتان صامتان لثويان، ففضلا عن اشتراكهما في المخرج الصوتي، فهما يشتركان في عدّة صفات صوتية أخرى، فكلاهما صوت: مجهور، مذلق، متوسط، مستفل، ومنفتح …، إلاّ أنّ الراء صوت مكرّر، واللام صوت منحرف، وهنا تلعب الصفة الصوتية دورها في التمييز بين الصوتين، فلولا التكرار الملازم للراء، والانحراف المصاحب لنطق اللام لصارت الراء لاما، واللام راء.
مراجع البحث:
- إبراهيم أنيس: في اللهجات العربية، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، مصر، ط8، 1992م.
- أحمد بن أحمد بن محمد عبد الله الطويل: فن الترتيل وعلومه، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ومكتبة الملك فهد الوطنية للنشر، الرياض، السعودية، ط1، 1420ه/ 1999م.
- أحمد محمود عبد السّميع الشافعي: الوافي في كيفية ترتيل القرآن الكريم في القراءات السبع، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، 1421ه/ 2000م.
- تمّام حسّان: اللغة العربية معناها ومبناها، عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، ط3، 1418ه/ 1998م.
- ابن الجزري؛ أبو الخير محمّد بن محمّد بن محمّد بن علي بن يوسف الدمشقي: التمهيد في علم التجويد، تح: علي حسين البوّاب، مكتبة المعارف، الرياض، السعودية، ط1، 1405ه/ 1985م.
- ابن الجزري؛ محمّد بن محمّد بن محمّد بن علي بن يوسف الدمشقي: طيبة النشر في القراءات العشر، تح: محمد تميم مصطفى الزعبي، مكتبة دار الهدى جدّة، السعودية، ط1، 1414ه/ 1994م.
- ابن الجزري؛ أبو الخير محمّد بن محمّد بن محمّد بن علي بن يوسف الدمشقي: منظومة المقدمة فيما يجب على قارئ القرآن أن يعلمه، تح: أيمن رشدي سويد، دار نور المكتبات للنشر والتوزيع، جدّة، السعودية، ط4، 1427ه/ 2006م.
- ابن جنّي؛ أبو الفتح عثمان: سرّ صناعة الإعراب، تح: حسن هنداوي، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، سوريا، ط2، 1413ه/ 1993م.
- حسام الدّين سليم الكيلاني: البيان في أحكام تجويد القرآن، دون دار النشر، السعودية، دط، 1419ه/ 1999م.
- داود عبده: دراسات في علم أصوات العربية، دار جرير للنشر والتوزيع، دب، دط، 1431ه/ 2010م.
- سعاد عبد الحميد: تيسير الرحمن في تجويد القرآن، دار التقوى للطبع والنشر والتوزيع، الإسكندرية، مصر، ط1، 1430ه/ 2009م.
- سليمان بن سالم بن رجاء السحيمي: إبدال الحروف في اللهجات العربية، مكتبة الغرباء الأثرية، السعودية، ط1، 1415ه/ 1995م.
- سيبويه؛ أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر: الكتاب، تح: عبد السلام محمّد هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، مصر، ودار الرفاعي، الرياض، السعودية، ط2، 1402ه/ 1982م.
- سيّد أحمد عبد الغفّار: الكلمة العربية كتابتها ونطقها، دار المعرفة الجامعية، الأزاريطة، مصر، ط2، 1426ه/2006م.
- صبري المتولي: دراسات صوتية في تجويد الآيات القرآنية، زهراء الشرق، القاهرة، مصر، دط، 1429ه/ 2008م.
- صلاح صالح سيف: العقد المفيد في علم التجويد، المكتبة الإسلامية، عمان، الأردن، ط1، 1408ه/ 1987م.
- أبو عبد الرحمن عاشور خضراوي الحسني: أحكام التجويد برواية ورش عن نافع من طريق الأزرق، مكتبة الرضوان، مصر، دط، 2005م.
- عبد الفتّاح عبد العليم البركاوي: ترتيل القرآن الكريم في ضوء الدراسات اللغوية الحديثة، الجريسي للطباعة والتصوير، القاهرة، مصر، ط1، 1425ه/ 2004م.
- عبد القادر عبد الجليل: الأصوات اللغوية، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط1، 1418ه/ 1998م.
- عبد الكريم مقيدش:مذكرة في أحكام التجويد برواية ورش عن نافع من طريق الأزرق، منشورات مكتبة اقرأ، قسنطينة، الجزائر، دط، 2008م.
- عبد المهدي كايد أبو أشقير: تحليل أكوستيكي لوجوه الاختلاف الصوتي بين ورش وقالون في قراءة نافع، عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع، إربد، الأردن، ط1، 2006م.
- غانم قدّوري الحمد: ظواهر لغوية في القراءات القرآنية، دار عمار للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط1، 1427ه/ 2006م.
- غنية بوحوش: الوجيز النافع في أصول رواية ورش عن نافع، منشورات مكتبة اقرأ، قسنطينة، الجزائر، ودار بهاء الدّين للنشر والتوزيع، قسنطينة، الجزائر، ط3، 2014م.
- مجد محمّد الباكير البرازي: فقه اللغة العربية، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط1، 1407ه/ 1987م.
- محمّد بن إبراهيم الحمد: فقه اللغة مفهومه، موضوعاته، قضاياه، دار ابن خزيمة للنشر والتوزيع، الرياض، السعودية، ط1، 1426ه/ 2005م.
- محمّد عصام مفلح القضاة: الواضح في أحكام التجويد، دار النفائس للنشر والتوزيع، الأردن، ط3، 1998م.
- محمد نبهان بن حسين مصري: الإستبرق في رواية ورش عن نافع من طريق الأزرق (الشاطبية)، دار القبلة للثقافة الإسلامية، جدّة، السعودية، ط2، 1428ه/ 2007م.
- محمود خليل الحصري: أحكام قراءة القرآن الكريم، دار البشائر الإسلامية، دب، ط4، 1999م.
- مصطفى أكرور: مخارج وصفات الحروف العربية عند جمهور علماء التجويد، دار الخلدونية للنشر والتوزيع، الجزائر، ط1، 1434ه/2013م.
- مصطفى رجب: دراسات لغوية، دار العلم والإيمان للنشر والتوزيع، دب، ط1، 1429ه/ 2008م.
- هيام كريدية: الألسنية الفروع والمبادئ والمصطلحات، دون دار النشر، بيروت، لبنان، ط2، 1429ه/2008م.
([1]) – مصطفى رجب: دراسات لغوية، دار العلم والإيمان للنشر والتوزيع، دب، ط1، 1429ه/ 2008م، ص254.
([2]) – غانم قدّوري الحمد: ظواهر لغوية في القراءات القرآنية، دار عمار للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط1، 1427ه/ 2006م، ص9.
(*) – المقصود بالمخرج الصوتي: موضع النطق، أين يكون فيه انحباس الهواء وحجزه عن المرور كلّيا أو جزئيا بأحد الحواجز الموجودة في الحلق أو الفم كاللهاة أو اللسان أو الشفتين. مجد محمّد الباكير البرازي: فقه اللغة العربية، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط1، 1407ه/ 1987م، ص44.
([3]) – تمّام حسّان: اللغة العربية معناها ومبناها، عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، ط3، 1418ه/ 1998م، ص ص67-68.
([4]) – صبري المتولي: دراسات صوتية في تجويد الآيات القرآنية، زهراء الشرق، القاهرة، مصر، دط، 1429ه/ 2008م، ص83.
([5]) – هيام كريدية: الألسنية الفروع والمبادئ والمصطلحات، دون دار النشر، بيروت، لبنان، ط2، 1429ه/2008م، ص140.
([6]) – سليمان بن سالم بن رجاء السحيمي: إبدال الحروف في اللهجات العربية، مكتبة الغرباء الأثرية، السعودية، ط1، 1415ه/ 1995م، ص312.
([7]) – إبراهيم أنيس: في اللهجات العربية، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، مصر، ط8، 1992م، ص189.
([8]) – ابن جنّي؛ أبو الفتح عثمان: سرّ صناعة الإعراب، ج1، تح: حسن هنداوي، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، سوريا، ط2، 1413ه/ 1993م، ص60.
([9]) – صلاح صالح سيف: العقد المفيد في علم التجويد، المكتبة الإسلامية، عمان، الأردن، ط1، 1408ه/ 1987م، ص69.
([10]) ـــــــ ينظر: عبد القادر عبد الجليل: الأصوات اللغوية، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط1، 1418ه/ 1998م، ص ص145- 146.
([11]) ــــــ سيبويه؛ أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر: الكتاب، ج4، تح: عبد السلام محمّد هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، مصر، ودار الرفاعي، الرياض، السعودية، ط2، 1402ه/ 1982م، ص437.
([12]) ــــــ محمّد بن إبراهيم الحمد: فقه اللغة مفهومه، موضوعاته، قضاياه، دار ابن خزيمة للنشر والتوزيع، الرياض، السعودية، ط1، 1426ه/ 2005م ص111.
([13]) ــــــ محمّد عصام مفلح القضاة: الواضح في أحكام التجويد، دار النفائس للنشر والتوزيع، الأردن، ط3، 1998م، ص47.
([14]) ـــــــ محمود خليل الحصري: أحكام قراءة القرآن الكريم، دار البشائر الإسلامية، دب، ط4، 1999م، ص91.
([15]) ــــــ السيّد أحمد عبد الغفّار: الكلمة العربية كتابتها ونطقها، ج2، دار المعرفة الجامعية، الأزاريطة، مصر، ط2، 1426ه/2006م، ص24.
([16]) ــــــ ابن جنّي: سر صناعة الإعراب، ج1، ص64.
([17]) ــــــ مصطفى رجب: دراسات لغوية، ص259.
([18]) ــــــ داود عبده: دراسات في علم أصوات العربية، ج2، دار جرير للنشر والتوزيع، دب، دط، 1431ه/ 2010م، ص43.
([19]) ــــــ محمّد بن إبراهيم الحمد: المرجع السابق، ص112.
([20]) ـــــــ سيبويه: الكتاب، ج4، ص435.
([21]) ـــــــ محمود خليل الحصري: أحكام قراءة القرآن الكريم، ص ص103- 104.
(*) ـــــــ النون الساكنة: هي: «النون الخالية من الحركة، ويتوقف النطق بها على حسب الحرف الآتي بعدها» حسام الدّين سليم الكيلاني: البيان في أحكام تجويد القرآن، دون دار النشر، السعودية، دط، 1419ه/ 1999م، ص60.
– التنوين: هو: «نون ساكنة زائدة تلحق آخر الاسم لفظا ووصلا، وتفارقه في الخطّ والوقف، وعلامته: الضمّتان أو الفتحتان أو الكسرتان» حسام الدّين سليم الكيلاني: المرجع نفسه، ص60.
وعليه فإنّ الفرق بين النون الساكنة والتنوين فيمكن توضيحه كما يلي:
النون الساكنة: حرف أصلي، تثبت لفظا وخطّا أمّا التنوين فزائد عن الأصل، يثبت لفظا دون الخط، النون الساكنة: تثبت وصلا ووقفا أمّا التنوين فـيثبت في الوصل دون الوقف، النون الساكنة تأتي في الأسماء والأفعال والحروف، في حين لا يكون التوين إلّا في الأسماء، النون الساكنة: تكون متوسطة ومتطرفة في الكلمة، والتنوين لا يأتي إلّا في آخر الكلمة (متطرفا فقط)، النون الساكنة أحكامها تأتي في كلمة أو كلمتين، والتنوين أحكامه لا تأتي إلّا في كلمتين. أحمد محمود عبد السّميع الشافعي: الوافي في كيفية ترتيل القرآن الكريم في القراءات السبع، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، 1421ه/ 2000م، ص28، وسعاد عبد الحميد: تيسير الرحمن في تجويد القرآن، دار التقوى للطبع والنشر والتوزيع، الإسكندرية، مصر، ط1، 1430ه/ 2009م، ص170.
([22]) ـــــــ حسام الدّين سليم الكلاني: البيان في أحكام تجويد القرآن، ص65.
([23]) ــــــ ابن الجزري؛ أبو الخير محمّد بن محمّد بن محمّد بن علي بن يوسف الدمشقي: منظومة المقدمة فيما يجب على قارئ القرآن أن يعلمه، تح: أيمن رشدي سويد، دار نور المكتبات للنشر والتوزيع، جدّة، السعودية، ط4، 1427ه/ 2006م، ص7.
([24]) ـــــــ محمود خليل الحصري: أحكام قراءة القرآن الكريم، ص176.
([25]) ـــــــ المرجع نفسه، ص177.
([26]) ـــــــ ابن الجزري؛ أبو الخير محمّد بن محمّد بن محمّد بن علي بن يوسف الدمشقي: التمهيد في علم التجويد، تح: علي حسين البوّاب، مكتبة المعارف، الرياض، السعودية، ط1، 1405ه/ 1985م، ص ص155- 156.
(*) – الميم الساكنة هي: «الميم التي لا حركة لها، وسكونها ثابت وصلا ووقفا، وتكون أصلية أو زائدة في وسط الكلمة أو متطرفة». سعاد عبد الحميد: تيسير الرحمن في تجويد القرآن، ص187.
إذن فالميم الساكنة لا هي متحركة ولا هي مشدّدة، كما أنّها ليست متحركة بحركة عارضة للالتقاء الساكنين، ولا هي ساكنة سكونا عارضا للوقف، وهي ميم أصلية تقع في الأسماء نحو: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ﴾ [سورة الفاتحة/2]، والأفعال نحو: ﴿وَمَنْ يُّعَظِّمْ﴾ [سورة الحج/32]، والحروف نحو: ﴿لَمْ﴾ [سورة المدثر/43]، فالميم الساكنة في هذه الأمثلة وقعت متوسطة وكذا متطرّفة، وقد تأتي الميم الساكنة زائدة، وتكون في ميم الجمع نحو: ﴿لَّهُمْ فِيهَا﴾ [سورة هود/106]، وتقع قبل حروف الهجاء كلّها إلاّ أحرف المدّ الثلاثة لأنّها ساكنة، ولابدّ أن تسبقها حركة مجانسة لها، ولا يجتمع ساكنان في اللغة ـــــ كما هو متعارف عليه ـــــــ كما أنّها لا تقع قبل همزة الوصل، لأنّها تتحرّك للالتقاء الساكنين نحو: ﴿عَلَيْكُمُ القِتَالُ﴾ [سورة البقرة/216]. سعاد عبد الحميد: المرجع نفسه، ص187.
وتتعلّق بالميم الساكنة في علم التجويد ثلاثة أحكام هي: الإخفاء الشفوي، الإدغام الشفوي والإظهار الشفوي، وإنّما سمّيت شفوية لأمرين اثنين: «الأوّل لكون الميم حرف شفوي، والآخر ليُفَرَّقَ بينها وبين أحكام النون الساكنة». عبد الكريم مقيدش: مذكرة في أحكام التجويد برواية ورش عن نافع من طريق الأزرق، منشورات مكتبة اقرأ، قسنطينة، الجزائر، دط، 2008م، ص70.
([27]) ـــــــ محمّد عصام مفلح القضاة: الواضح في أحكام تجويد القرآن، ص80.
(*) ــــــــ الميم الساكنة خيشومية المخرج عند علماء الدرس الصوتي، في حين اعتبرها علماء التجويد شفوية.
([28]) ـــــــ سعاد عبد الحميد: تيسير الرحمن في تجويد القرآن، ص ص190- 191.
([29]) – مصطفى أكرور: مخارج وصفات الحروف العربية عند جمهور علماء التجويد، دار الخلدونية للنشر والتوزيع، الجزائر، ط1، 1434ه/2013م ص 66.
([30]) – أحمد بن أحمد بن محمد عبد الله الطويل: فن الترتيل وعلومه، ج2، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ومكتبة الملك فهد الوطنية للنشر، الرياض، السعودية، ط1، 1420ه/ 1999م، ص 611.
([31]) – عبد الفتّاح عبد العليم البركاوي: ترتيل القرآن الكريم في ضوء الدراسات اللغوية الحديثة، الجريسي للطباعة والتصوير، القاهرة، مصر، ط1، 1425ه/ 2004م، ص 76.
(**) – “خُصَّ”: البيت من القصب، “ضَغْطٍ”: ضيق، “قِظْ”: فعل أمر من قاظ بالمكان: إذا أقام فيه؛ والمراد: اقنع من الدنيا بمثل ذلك، ولا تغترّ بزخارفها. محمود خليل الحصري: أحكام قراءة القرآن الكريم، ص90.
([32]) – ابن الجزري؛ أبو الخير محمّد بن محمّد بن محمّد بن على بن يوسف الدمشقي: منظومة المقدمة فيما يجب على قارئ القرآن أن يعلمه، ص5.
([33]) – ينظر: غنية بوحوش: الوجيز النافع في أصول رواية ورش عن نافع، منشورات مكتبة اقرأ، قسنطينة، الجزائر، ودار بهاء الدّين للنشر والتوزيع، قسنطينة، الجزائر، ط3، 2014م، ص ص104- 105، وعبد الكريم مقيدش: مذكرة في أحكام التجويد برواية ورش عن نافع من طريق الأزرق، ص ص78- 79.
(*) – حينما يكون الحرف الذي يسبق الراء حرف لين يسمّى ذلك سكونا حيّا.
(**) – حينما يكون الحرف الذي يسبق الراء حرف مدّ لا لين يسمّى ذلك سكونا ميّتا.
([34]) – عبد المهدي كايد أبو أشقير: تحليل أكوستيكي لوجوه الاختلاف الصوتي بين ورش وقالون في قراءة نافع، عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع، إربد، الأردن، ط1، 2006م، 42.
([35]) – ينظر: عبد الكريم مقيدش: مذكرة في أحكام التجويد برواية ورش عن نافع من طريق الأزرق، ص ص79، 81 وغنية بوحوش: الوجيز النافع في أصول رواية ورش عن نافع، ص ص 104، 107.
([36]) – عبد الكريم مقيدش: مذكرة في أحكام التجويد برواية ورش عن نافع من طريق الأزرق، ص ص 81- 82.
([37]) – عبد الكريم مقيدش: مذكرة في أحكام التجويد برواية ورش عن نافع من طريق الأزرق، ص ص 82- 83.
([38]) – ابن الجزري؛ محمّد بن محمّد بن محمّد بن علي بن يوسف الدمشقي: طيبة النشر في القراءات العشر، تح: محمد تميم مصطفى الزعبي، مكتبة دار الهدى جدّة، السعودية، ط1، 1414ه/ 1994م، ص 55.
([39]) – عبد الكريم مقيدش: مرجع سابق، ص ص 73- 74.
([40]) – محمد نبهان بن حسين مصري: الإستبرق في رواية ورش عن نافع من طريق الأزرق (الشاطبية)، دار القبلة للثقافة الإسلامية، جدّة، السعودية، ط2، 1428ه/ 2007م، ص65.
([41]) – عبد الكريم مقيدش: مذكرة في أحكام التجويد برواية ورش عن نافع من طريق الأزرق، ص 74.
([42]) – المرجع نفسه، ص ص 109- 110.
([43]) – أبو عبد الرحمن عاشور خضراوي الحسني: أحكام التجويد برواية ورش عن نافع من طريق الأزرق، مكتبة الرضوان، مصر، دط، 2005م، ص 45.
([44]) – ينظر: عبد الكريم مقيدش: مذكرة في أحكام التجويد برواية ورش عن نافع من طريق الأزرق، ص ص 75، 77.