
حماية مكونات البيئة في الإسلام
الدكتور أحمد محمد المومني، جامعة عمان العربية كلية القانون، عمان، الأردن
مداخلة نشرت في كتاب أعمال المؤتمر الدولي الخامس عشر لمركز جيل البحث العلمي حول أليات حماية البيئة، الذي نظم في طرابلس لبنان يومي 26 و27 ديسمبر 2017. ص 27.
حمل من هنا: كتاب أعمال المؤتمر الدولي
الملخص
يظهر من البحث مدى اهتمام الاسلام بمكونات الكون من ماء وتراب وهواء، فقد ادرك العلماء أن الماء عصب الحياة،وادركوا ان الانسان هو العامل الأكبر في تلويث البيئة بمكوناتها، فقد اكدت الدراسات الحديثة أن نسبة 10% من مياه الانهار متلوثة وأن أكثر من 6:5مليون طن من النفايات يلقى سنويا في مياه البحار.
وقد وضع المسلمون اسسا للحفاظ على مكونات البيئة الثلاثة فهناك العديد من الأيات واحاديث النبي اكدت على ذلك.
وبينت الدراسة أن المسلمون حافظوا في عصورهم المتتالية على نظافة البيئة بمكوناتها، حيث تم شق الترع – القنوات المائية- واشادة السدود وتسوية الطرق، وانشأوا المدن حول وبالقرب من مصادر المياه، كما هو الحال في مدينة بغداد ودمشق وغيرها، واستخدموا الجير والفخار والحجارة لبقاء المياه نقية.
وحث الاسلام على اهمية المحافظة على البقع النباتية الخضراء لتبقى البيئة نظيفة صالحة.
لقد تصور الفقهاء والعلماء المسلمون أهمية مكونات الطبقة الجوية لكثرت الايات التي دعت الى التفكر بها،فبرعوا بعلم الفلك وكانو اساتذة فيه للاخرين، وتصوروا العديد من المسائل المستقبلية بتقعيد القواعد الفقهية ، ومنها أنهم عرفوا ما يسمى بملكية اعالي البحار في المصطلحات الحديثة، فعرفوا الملكية الحرة المشتركة التي تكون لانتفاع الجميع، وذلك بقياسهم ذلك على ملكية الملح المشتركة ،فسئل احد علماء الحنفية عن الملح في البحر-البحرالمالح- اهو من دار الحرب أم من دار الاسلام ؟فقال : لا من هذا ولا من هذا، لأنه لا سلطة لأحد عليه. فالفضاء الكوني في عرف المسلمين له قوانين وهو مجالا حرا لكل دولة الانتفاع به بضابط عدم الاضرار بالاخرين.
Summary
The study shows the extent of Islam’s interest in the components of the universe of water, soil and air. Scientists have realized that water is the lifeblood and that man is the biggest contributor to polluting the environment. Recent studies have confirmed that 10% of the river water is contaminated and more than 6.5 million Tons of waste are dumped annually in seawater.
Muslims have established a basis for preserving the three components of the environment. There are many verses and the Prophet’s Hadiths.
The study showed that the Muslims maintained in their successive ages the cleanliness of the environment with its components, where waterways, waterways, dams and roads were established. They built cities around and near water sources, as in the city of Baghdad and Damascus and others. They used lime, pottery and stones to keep the water pure Islam urged the importance of preserving green vegetation spots to keep the environment clean and valid.
Muslim jurists and scholars have envisioned the importance of the elements of the air class to multiply the verses that called for reflection. They called astronomy and Kano to take others, and they imagined many future issues by codifying the jurisprudential rules, including the so-called high seas ownership in modern terms. It is for the benefit of all, by measuring them on the ownership of the common salt, one of the Hanafi scholars asked about the salt in the sea – sea salt Is it from Dar al-Harb- fighting area- or Dar al-Islam- Islamic area? He said: None of this and none, because no authority to anyone. The cosmic space in the knowledge of Muslims has laws, and it is a free space for every state to use it as an officer not to harm others
المقدمة
ان العديد من الاشياء التي خلقها الله سبحانه وسخرها لحياة الانسان التي تلتصق بحياته في هذه الدنيا، والتي ينبغي على الانسان أن يحافظ عليها ويعتني بها ،ومنها عناصر البيئة.وقد أثبتت الشريعة الإسلامية قدرتها على إعادة بناء العقل الإنساني بشكل إيجابيّ، فأولت عناية خاصة لمثل هذه القضايا، والتي تأتي على رأسها قضية حماية البيئة، وطريقة تعامل الإنسان معها.
ان البيئة بمكوناتها الارض والهواء والماء تعتبرالحاضنة الرئيسية التي تحتضن الإنسان، والنبات، والحيوان، إلى جانب العلاقات المتبادلة فيما بينهم، والتي تعود بالنفع على الجميع، فهي السبب الكبير لاستمرار وسعادة الانسان في الدنيا، وعلى الأخص للإنسان الذي يعتبر خليفة الله تعالى على الأرض، وهوالمسؤول الأكبر عن أي ضرر قد يلحق بهذا النظام البديع، وهذا ما أثبته العصر الحديث، خاصة بعد أن استطاع الإنسان الوصول إلى قمة المنجزات الحضارية بعيدا عن توجيهات الخالق سبحانه، ممّا أدّى إلى إلحاق أشد الضرر بالنظام البيئي، وبالكائنات الحية الأخرى التي تشاركه عناصر الحياة الرئيسيّة.
ولما كانت مهمة الانسان في الارض عمارة الارض واستخدامها بما يحقق أفضل سبل الحياة، كان من الضروري المحافظة عليها ،فهل جاءت الشريعة الاسلامية تحث على المحافظة على مكونات البيئة؟ وهل عرف المسلمون أهمية مكوناتالبيئة وعناصرها؟ وما هي الايات والاحاديث التي أولت ذلك بالعناية؟ وكيف فهم الفقهاء المسلمون معنى النفع المشترك في الفضاء وعلى ماذا تم القياس به لاستخراج الحكم الذي يناسب حياة الانسان؟.
هذه النساؤلات وغيرها ما سنبينه في هذا البحث ان شاء الله مدعمة بالنصوص القرآنية واحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
منهجية البحث: اسلك في هذا البحث المنهج الوصفي والاستقرائي للنصوص ثم الجأ الى المنهج المقارن عند الحاجة.
ولهذا سيتكون البحث من ثلاثة اجزاء:
الأول: عناية الاسلام بالارض وما عليها
الثاني:عناية الاسلام بالماء بأنواعه
الثالث: عناية الاسلام بالمحيط الجوي
وفيما يلي نلقي الضوء على بعض من وجوه حثِّ الشريعةِ الإسلامية أتباعَها على الاعتناء بالبيئة والحفاظ عليها.
القسم الأول :الحماية للارض:
دعى الإسلام المسلمين إلى الاعتناء بالنظافة بشكل عام لكل ما يحيط بالانسان، وبدأ بالانسان نفسه بشكل خاص،فحث على النظافة الشخصية، لأن عدم الاعتناء بهذه الناحية قد تنعكس بشكل سلبي على البيئة المحيطة، فمن لا يستطيع الحفاظ على نظافته لن يكون قادراً على الحفاظ على نظافة البيئة من حوله. فبذلك كان أمر الله بالطهارة وربما يكون الانسان المسلم الوحيد الذي أمره الله سبحانه بالطهارة عند أداء اي ركن من اركان العبادة ،فمثلا في الصلاة لا تقبل منه الا اذا كان على طهارة من الجنابة بالغسل، وطهارة من الحدث الاصغر، بنظافة الاعضاء التي تتعرض دائما للتلوث،فأوجب عليه الوضوء، وهو سنة مؤكدة لكل فرض عند بعض الفقهاء فضلا عن أن الطهارة شرط لصحة أي صلاة.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) المائدة أية 6..
وهوأي المسلم كذلك يأتمر بأمر النبي محمد صلى الله عليه وسلم فيغتسل عند كل اجتماع ،عند الاجتماع لصلاة الجمعة ، وصلاة العيدين ، وصلاة الجنازة وعند الاحرام لمناسك الحج، وعند كل اجتماع، ويطلب منه الاستنجاء عند التبول والغائط وبعد الجماع وقيل وقبله.قال تعالى: (وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ) الاية السابقة.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ان الارض جعلت للمسلم مسجدا وطهور ،وهذا للحث على نظافتها والاهتمام بها.قال صلى الله عليه وسلم: (فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلاَثٍ جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلاَئِكَةِ وَجُعِلَتْ لَنَا الأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ)[1] رواه حذيفة.
حث الإسلام على المحافظة على نظافة الطرقات وتذليلها ليسهل استخدامها، وجعل أمن استخدامها ضرباً من ضروب الصدقة، والتقرّب إلى الله تعالى، لما في ذلك من خير عميم يصيب كافة الناس، قالصلى الله عليه وسلم ما يرويه أَبِو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً, فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ, وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ) [2]روه ابو هريرة.
كما دعا الإسلام الناس إلى التبرع بأموالهم في سبيل تقديم الخدمات العامة، فظهر مفهوم الوقف الذي يمكن أن يستغل بشكل كبير في خدمة القضايا البيئية العديدة خاصة في أيامنا هذه التي تعاني البيئة فيها من أقسى أنواع الملوثات وأشدها فتكاً بالكائنات الحية.
القسم الثاني:الحماية للمياه
لما كان الماء سر وجود الأحياء، وهو الأساس فيما يحدث على الأرض من أنشطة تؤدي إلى سعادة الإنسان، أو تؤدي إلى شقائه فقدأكدت أيات القرآن الكريم على أهمية الحفاظ على الماء بكل حال، فالمكان الذي يوجد فيه الماء تزدهر فيه الحياة، والمكان الذي ينعدم فيه الماء تنعدم فيه مظاهر الحياة والأحياء، وقد وضح الخالق – عز وجل – أهمية الماء لحياة الكائنات على وجه الأرض في قوله تعالى:
(وَجَعَلنَا مِنَ المَآءِ كُلَّ شَيءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُوْنَ) سورة الأنبياء، الآية30، وهنا تأكيد من الخالق –
عز وجل – بأن الماء سر من أسرار الحياة لكافة الكائنات، وهذا ما أثبته علم الخلية «أن الماء هو المكون الهام في تركيب مادة الخلية الحية؛ إذ يكون نحو 90% من أجسام الأحياء الدينا ونحو 70%
من أجسام الأحياء الراقية بما في ذلك الإنسان، وأن خلايا الجسم بدون الماء لا يمكن أن تحصل على الغذاء أو تطرد الفضلات خارج الجسم».
فالماء عصب الحياة وأساس بقاء الكائنات والمخلوقات على وجه الأرض، وقد شاءت إرادة الله – سبحانه وتعالى – أن يكون الماء كالهواء وفرة ورخصاً في كثير من بقاع الأرض، وفي أماكن أخرى جعله عزيز المنال فادح الثمن، ولكن بعض الخبراء يعتقدون بأن الماء العذب لو وزع بالتساوي بين سكان العالم لكان ذلك كافياً من الناحية النظرية، إلا أن معظم الماء العذب يأخذ طريقه إلى البحر دون الاستفادة منه، كما أن كثيراً منه يناله التلوث بمختلف أشكاله مما يجعل الاستفادة منه محدودة، وحيث تؤكد الدراسات أن «تلوث 10% من الأنهار المنتشرة في أنحاء العالم والتقاط المحيطات 6.5 ملايين طن من النفايات سنوياً». الأمر الذي يهدد البيئة المائية ويخل بأساسها المتوازن الذي وضعه الخالق – عز وجل- ونتناول عبر السطور القادمة مشكلة تلوث المياه وخطره على الوجود الإنساني ثم نوضح الأسس والمبادئ التي وضعها ديننا الإسلامي من أجل الحفاظ على هذه النعمة الغالية.
وإذا أنعمنا النظر في آيات القران الكريم نجد أن الماء ورد ذكره في العديد من آيات القرآن التي جاءت تذكر بهذه النعمة الغالية وتدعو الإنسان إلى الحفاظ عليها وذلك على النحو الآتي:
1- التذكير بأهمية البحار والأنهار للحياة الإنسانية:
لقد وضع الخالق – عز وجل – تحت سيطرة الإنسان البحار والأنهار للانتفاع بها وبما تحتوي عليه من خيرات وثروات، وقد أعلن الخالق – عز وجل- ذلك في العديد من الآيات القرآنية الكريمة التي جاءت تذكر بهذه النعمة وتدعو للحفاظ عليها، فبالنسبة للبيئة البحرية، قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِه وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ (النحل:14) ﴿اللهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ (الجاثية:12) وقال تعالى: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْـمَرْجَانُ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * وَلَهُ الْجَوَارِ الْـمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأعْلامِ﴾ (الرحمن 19-24).
أما بالنسبة للأنهار لقد وضح الخالق – عز وجل- أهمية الأنهار لحياة الإنسان على الأرض في العديد من الآيات الكريمة، قال تعالى: ﴿أَمَّنَ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أنهارًا﴾ (النحل:10)، كما يذكر الخالق – عز وجل – بتسخير الأنهار للإنسان في قوله تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُم الأَنهارَ﴾ (إبراهيم:32) .
كما يوضح الخالق عز وجل أهمية الماء لحياة الإنسان والحيوان والنبات فوجودهم مرتبط بوجود الماء قال تعالى: ﴿وَمَآ أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَآءِ مِنْ مَّآءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ (البقرة:164) ويقول – جل شأنه- ﴿وَهُوَ الَّذِيٓ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ (الأنعام:99) ويقول سبحانه: ﴿وَتَرَى الأرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْـمَآءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾ (الحج:5) ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَآ أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا﴾(الفرقان: 48-49)، ثم يذكر الخالق – عز وجل-: أن الماء نعمة لعباده مما يوجب الشكر على هذه النعمة الغالية؛ قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْـمَآءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْـمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْـمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنٰهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ﴾(الواقعة:68-70).
تعتبرالمياه من أهم المواد على الأرض ، فكل الكائنات من النباتات والحيوانات والإنسان بحاجة ملحة للماء من أجل البقاء على قيد الحياة ، فلن تتاوفر حياة ما لم يتواجد الماء ، قال تعالى : (
(وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ) الأنبياأية /30
وقد استمرت العهود الاسلامية زمن الامويين والعباسيين بالاهتمام بالماء والحفاظ عليه صالحا لاستخدام الانسان،فنجد أن الاهتمام بالماء توسع زمن الدولة الأموية، حيث تم شق القنوات والترع لايصال مياه الانهار والينابيع والأبار الى المواطنين وأراضيهم الزراعية بطرق هندسية،وتم تجفيف مساحات واسعة لاستصلاح تربتها للزراعة مثل أراضي ابطائح حول نهر النيل في مصر زمن معاوية.[3]. وكذلك اقيمت السدوك مثل سد الكوفة زمن زياد بن أبيه فاستصلحت أراضي وسقيت أخرى. وتولت الدولة الاموية مسؤولية اقامة منشأت ري كبرى،والعمل على صيانتها وتطهيرها، كحفر الأبار ومجاري الانهار، وسد البثوق- التصدع- وفتح البريدات- مفاتيح الماء- واقامة المسنات
– اي السدود-،وقد شيدحول هذه المشاريع في صحراء بلاد الشام زمن معاوية ومن جاء بعده من الخلفاء القصور الاموية التي لا زالت شاهدا على هذا التطور في الاردن وسوريا لحماية المياه،بل ان الخليفة يزيد بن معاوية لقب بالمهندس لخبرته الهامة في شؤون المياة والزراعة وحفر قناة سميت باسمه في الغوطة في ضواحي دمشق الشرقية فكانت بعمق ستة اشبار وبعرض ستة اشبار كذلك، وعرفو الالات التي كانت ترفع المياه الى المناطق المرتفعة من الابار والعيون والانهار[4].
وحينما قامت الحضارات الأولى قديماً وتم إنشاء المدن لأول مرة تم إنشاءها قرب ضفاف النهر ومصادر المياه. بدون الماء لا يمكننا البقاء على قيد الحياة سوى بضعة أيام، إذ يعد الماء من المكونات الأساسية في الجسم، فأكثر من نصف جسم الإنسان يتكون من الماء، فهو المكون الأساسي في العضلات والجلد والدماغ وبلازما الدم، ما يجعل دمائنا سائلة تعوم فيها الصفائح الدموية وخلايا الدم الحمراء والبيضاء. الأمر الذي يساعد الدم على نقل العناصر الغذائية إلى الخلايا التي تحتاجها.ويشكل الماء نسبة اكثر من 70%من سطح الكرة الارضية.
واستمر الحال في تطور حماية المياه وتوزيعها في البلدان المفتوحة في العهد العباسي والعهد العثماني، من تأمين المياه للمواطنين ،وعلى جوانب الطرق وفي مكان العبادة وفي مواسم الحج وانشاء السدود والقنوات وتفريع الانهار والجداول بخطط هندسية مريعة، واستخدموا الحجارة والجير والفخار للمحافظة على المياه صالحة وحمايتها من التلوث[5].
يمكن أن نتعرف على مقدار التقدم والاهتمام بالمياه في العهد العباسي اذا علمنا أن مجموع مساحة أرض السواد زمن عمر بن الخطاب التي خصصت للخراج عام 13هجرية بلغت 36مليون جريب اي ما يعادل 500000 خمسماية الف كيلو مترا مربعا، وهي تساوي ثلثي مساحة الدلتا في العراق بين نهري دجلة والفرات، وتوسعت مشاريع الري لدى الدولة العباسية بري أراضي العراق بما وصفه وليم ويلكوكس المستشرق البريطاني بقوله: ان ما أقامه العباسيون في ري أرض العراق ما يشبه ما أقامه الأمريكيون والاستراليون من مشاريع الري في القرن العشرين الميلادي[6]. فعلى سبيل المثال أقام الخليفة المنصور السدود على نهر الفرات ووزعها بجداول وقنوات للاستفادة القصوى من مياه النهر، ووزعوا في بغداد نهرين الأول:الدجيل وخصص لمياه الشرب في كل طرق بغداد ومواطنوها، والثاني كرخيا لري البساتين. وأنشأ سدين على نهري الغلائين والبزازين وأقام سدا على نهر عيسى وتفرع من الاخير نهرالصرة، ومن كثرة السدود والقنوات والانهار أسسوا ادارة مستقلة سموها ديوان الاقرحة اي ديوان المياه[7].
وابدع العباسيون في فنون الري وسحب المياه في جميع البلدان وخاصة في بلاد الاندلس ومما فعلوه سد هوسط الذي يقسمه نهر طونة الى قسمين واشتقوا منه سبعة جداول واشتقوا من كل واحد عدد من الفروع وكانت كل واحد منها يفتح في وقت كعين حسب ترتيب الفروع. واستمر الأمر كذلك زمن الدولة العثمانية في مختلف المناطق[8]،
. ونعلم أن الماء يتكون من الأكسجين، والهيدروجين؛ ومن مميزات هذين العنصرين ان الهيدروجين قابل للإشتعال، والأكسجين يساعد على الإشتعال، ومن رحمه الله فينا، أنه جعل من اندماج هذين العنصرين الماء التي تساعد في إطفاء الحرائق، فما اعظم حكمه الله، وما اوسع رحمته بعباده.
الإنسان بحاجه لتناول 2.5 لتر من الماء يوميا، ويحصل عليها من تناول لتر واحد من الماء يوميا، والكمية المتبقية يحصل عليها من الأطعمة ومن العمليات الكيميائية التي تقوم بها الأجزاء الداخلية في الجسم؛ لكن ماذا يحدث إذا قل منسوب المياه بالجسم، بكل تأكيد إن نقص الماء في جسم الانسان يؤدي إلى الجفاف، و يساعد في تزايد نسبه الأملاح في الجسم، وتؤدي كذلك إلى الإصابة بالتعب والإرهاق الجسدي، والإصابة بالصداع وجميع الكائنات الحية بحاجة للمياه لقيام الجسد بتفاعلات داخلية تساعدنا على البقاء على قيد الحياة ، وبصرف النظر عن حاجات بقية الكائنات له فحاجتنا للمياه لا تتوقف عند حاجة أجسادنا لشربه من أجل البقاء، فهناك العديد من الاستخدامات الأخرى للمياه وتشمل : إستخدامه لأمر الطبخ وتحضير الطعام ،وكما نحتاج الماء لغسل أجسادنا وكما نحتاجه لغسل الملابس وغسل أواني الطبخ والقدور وأدوات المائدة فنحن بحاجة للماء للحفاظ على أجسادنا وبيوتنا وبيئتنا نظيفة ، وكما أن الماء ضروري أيضاً للنمو الصحي.
احتل الماء مكانًا بارزًا في الثقافة العربية الإسلامية، ولا سيما في التعبير الأدبي، حيث كثر الحديث فيه شعرًا ونثرًا عن البحار والأنهار والسحاب والمطر ومواطن الماء المختلفة، مع امتداح العذب منه.
وكان المسلمون – على غرار الذين سبقوهم في حضارات أخرى – ينشئون المدن ويقيمون العمران، قريبًا من الوديان ومنابع الماء، وحيث تكثر الآبار والعيون. فمعظم المدن التي اقيمت في العهد الأموي مثل الكوفة البصرة وغيرها كما الحال في العهد العباسي مثل بغداد ودمشق وغيرها كان يراعى في انشائها توفر مصادر مياه صالحة وكافية.
وتيسيرًا منهم لوجود الماء في كل وقت، حتى حين تشح الأمطار، لاسيما ما يحتاج منه للشرب والسقي والوضوء والاغتسال، فإنهم لجؤوا إلى شق الأنهار وحفر الترع، وبناء الخزانات والسدود، وجر القنوات، وتنظيم شبكات التوزيع، واتخاذ الحمامات والمتوضآت والسقايات العمومية في كل حي، مع العناية بالسقائين.
كما كانوا يوصلون الماء للدور، قبل أن يعمم توزيعه كما هو الآن؛ دون إغفال البِرك والفِسقيات التي غدت جزءًا من هندسة المساجد وحتى البيوت. وإلى جانب هذه التدابير، لا يخفى ما كان للمسلمين من دراية بالاهتداء إلى أماكن المياه الباطنية، مما عرف عندهم بعلم “الرّيافة” و”الإنباط”. وكانوا يستخرجونها بالدواليب والنواعير، كما استعملوا وسائل تصريف المياه المستعملة حتى لا تختلط بالماء الصالح للشرب. ثم إنهم اتخذوا الساعات المائية التي كانت معروفة في الحضارات السابقة، وطوروها وجعلوا لها أماكن خاصة.
أمرت الديانة الإسلامية أتباعها ووجهتهم إلى أهمية الاعتناء بمصادر المياه، كما حثتهم على ضرورة الاقتصاد في استعمالها حتى لو كان هذا الاستعمال من مياه نهر جارٍ، إلى جانب ذلك، فقد دعا الإسلام إلى ضرورة المحافظة على نظافة المياه وذلك من خلال عدم تلويثها، كونها تعتبر من الثروات الجماعية التي لا يجوز للفرد أن يتصرف بها وكأنها من الممتلكات الخاصة والشخصية.
نزل أحد العلماء الى منجم في باطن الارض لأكثر من ألف متر اكتشف مياه تعود لملايين السنين وفيها أحياء لا زالت حية وتتكاثر بقدرة الله تعالى، وذلك واضح من قوله تعالى:( وأنزلنا من السماء ماء)المؤمنون 18.
والسكون يدل على المكوث لفترة طويلة وهو ما نراه في المياه الجوفية والأبار والتي تبقى لفترة طويلة ساكنة في الارض دون أن تفسد أو تذهب. فقشرة الارض تحتضن هذه الكميات من الماء وتبقى على صلاحيتها للاستخدام.وأن مشكلة التخزين والاحتفاظ بنفس الجودة أمر يبقى معضلة أمام الانسان من قوله تعالى: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ﴾الحجر أية 22
الماء وثيق الصلة بأمور ديننا لأن الطهارة أمر أساسي, فالصلاة والتي هي عماد الدين لا تصح إلا بالوضوء, والجنابة لا تزال إلا بالغسل بالماء الطاهر. وعند الاطلاع على معظم أهم كتب الحديث النبوي الشريف وكتب الفقه الإسلامي نجد في كل واحد منها بابا خاصا بالوضوء وسننه, فالإنسان المؤمن يكون طاهر البدن والثياب والمسكن على شاكلة طهارة النفس والروح. فمن جهة يؤدي ذلك إلى تحقيق الصحة البدنية، ومن جهة ثانية إلى الصحة النفسية والروحية للإنسان.
ونموذج اهتمام العلماء المسلمين- رحمهم الله- بالطهارة نجد إمام دار الهجرة مالك بن أنس في كتاب الموطأ حيث خصص لها تسعة أبواب[9] .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” إذا توضأ العبد المسلم- أو المؤمن- فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه مع الماء أو مع آخر قطرة الماء فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل رجليه ،خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب”[10]. رواه أبو هريرة.
وكما نعلم فعند انحباس المطر وحدوث الجفاف سن الرسول عليه الصلاة والسلام صلاة “الاستسقاء”، أي التوسل إلى الله والتضرع إليه، طلبًا للسقي بأداء ركعتين.
وتقديرًا لمكانة الماء وما ينتج عن استهلاكه وما قد يكلف هذا الاستهلاك، فقد جعل الإسلام الواجب في زكاة الحبوب “العُشر” إن سقيت بماء المطر أو الأنهار الجارية، في حين حدده في “نصف العشر” إن سقيت بماء تطلب تكاليف في جلبه وحفر آباره ومد قنواته.
حث الإسلام على ضرورة ممارسة نشاط الزراعة، حتى أثناء قيام الساعة، فالزراعة تجلب الفوائد الجمة للإنسان ولسائر الكائنات الحية؛ ذلك أن النباتات تعتبر من أهمّ العناصر البيئية على سطح الأرض[11].
أمر الإسلام بالحفاظ على مختلف أنواع الكائنات الحية، والاستفادة منها بالطرق الصحيحة شرعاً والتي تحقّق الفائدة، ولا تجلب الضرر، وفي تاريخنا الإسلامي نماذج هامّة من اعتناء المسلمين بالحيوانات؛ كإنشاء أماكن تشبه المحمّيات الطبيعية من أجل رعايتها، وتكثيرها.
القسم الثالث: عناية الاسلام بالمحيط الجوي
جعل الاسلام لحدود عمل العقل أو التصرف في قوة الانسان بما سخره الله لهذا الانسان ضوابط ووسائل تسهل عليه تحقيق النتائج بما يحقق سعادة الدارين فقال تعالى مشيرا الى عمل الانسان بالعقل أو العضل لما في السماء من سورة الرحمن: ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا ۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) الرحمن أية 33. وقد بين علماء التفسير ذلك ونختار أولى الأقوال في معنى قوله تعالى – الا بسلطان– قول من قال: معنى ذلك: إلا بحجة وبينة، لأن ذلك هو معنى السلطان في كلام العرب، وقد يدخل الملك في ذلك، لأن الملك حجة[12].
لا شك ان الفقهاء المسلمين كانوا على درحة عالية من العلم والادراك لهذا الكون الناطق بقدرة الله سبحانه والمسخر لعمارة الا رض،وقد تصوروا العديد من المسائل المستقبلية بتقعيد القواعد الفقهية والاشارة الى علة الاستنباط ومن ذلك مثلا ما يسمى الأن بأعالي البحار والفضاء.
لقد عرف الفقهاء المسلمون الملكية الحرة التي تكون مشاع للجميع حق الانتفاع بها ،والملكية الشخصية التي تكون الحرية في التصرف بها لاشخاص ام لاشخاص اعتباريين مثل المؤسسات والدول.
فقد سئل بعض فقهاء الحنفية عن البحر الملح أمن دار الإسلام أو دار الحرب؟ فأجاب بأنه ليس من أحد القبيلين، لأنه لا قهر لأحد عليه (3). ويؤيد ذلك الاعتماد على بعض قواعد الإسلام لتقرير مبدأ حرية البحار مثل مبدأ العدالة ومبدأ المساواة وقاعدة الحيازة الفعلية أو الحيازة الحكمية وأن الأصل في الأشياء والأعيان الإباحة، فالعدالة والمساواة.
يعتبر الفضاء الكوني أيضاً حراً يجوز لكل دولة الانتفاع به قياساً على مبدأ حرية البحار العامة السابق ذكره لعدم الاستيلاء أو حيازة دولة ما له، ولكن مع مراعاة الشرط السابق وهو عدم الإضرار بالآخرين.
إن القرآن الكريم يتعرض إلى الكون بما فيه من السماوات والأرض في أكثر من ألف آية بهدف الاستشهاد بقدرة الخالق -عز وجل- غير المحدودة وعلمه وحكمته تعالى الذي خلق هذا الكون، والقادر أن يعيده كما بدأه تارة أخرى. وفيه دلالة على أهميته وأن نحافظ عليه من أي تلوث .
وقد حوت هذه الآيات عدة حقائق علمية غير قابلة للجدل عن الكون بما يبرهن للأجيال القادمة التي سوف يكشف لها من العلوم ما لم يكشف لمن قبلها، أن القرآن هو كلام الله الموحَى من الخالق عز وجل، كما قال تعالى:
(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) فصلت أية53. ولكن لابد أن ننتبه هاهنا إلى أنه من الخطأ البالغ أن نعلق تفسير الحقائق والإشارات العلمية التي يذكرها القرآن بما يفترضه العقل البشري من نظريات علمية قد تصح وقد لا تصح، فحقائق القرآن حقائق نهائية قاطعة مطلقة. أما ما يصل إليه البحث الإنساني عن طريق الفرض والنظريات فهو – ما لم يثبت ثبوتاً قاطعاً مزيلاً لأي شك – حقائق غير نهائية ولا قاطعة، وهي مقيدة بحدود عقل الإنسان ومعارفه، وهي دائماً قابلة للتغيير والتعديل والنقص والإضافة، بل قابلة لأن تنقلب رأساً على عقب بظهور أداة كشف جديدة، أو تفسير جديد.
مما يجعل من انساق خلفها ليفصِّل القرآن على مقاسها في حاجة دائمة إلى التأويل المستمر والتمحل والتكلف في تفسير النصوص كي توافق نظريات قد لا تثبت، وكل يوم يجد فيها جديد وإذا تقرر هذا، فقد ورد في القرآن العديد من الآيات تتحدث عن الكواكب والنجوم والشمس والقمر، فقال تعالى:
( إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ) الصافات اية 6.
) الصافات أية 2. وقال تعاللى: (وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَت
) الواقعة أية 75. وقال تعالى: (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ
: وقال جل جلاله: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) لقمان أية 29.
ومن الثابت علمياً حتى بداية القرن الحادي والعشرين ميلادية أن الأرض أحد كواكب تسعة تدور حول الشمس مكونة ما يسمى باسم المجموعة الشمسية، وهذه الكواكب تترتب في مدارات حول الشمس من الداخل إلى الخارج كما يلي: عطارد، والزهرة، والأرض، والمريخ، والمشتري، وزحل، وأورانوس، ونبتون، وبلوتو.
ولكن ليس في القرآن أو السنة -في حدود ما نعلم- ما يدل صراحة على هذه المجموعة الشمسية على النحو الذي قدمناه، وإنما جاء الحديث في ذلك عاماً عن الكواكب والنجوم والأفلاك وجريانها ووظائفها، وأنها مربوبة لخالقها مسخرة بأمره خاضعة له، قال تعالى:
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) الخح أية 18.
ونجد أيضا ما يمكن الاستشهاد به على أهمية الفضاء ووجوب حمايته الآية 44 من سورة الإسراء هي قوله تعالى : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً).
والآية 29 من سورة الشورى هي قوله تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ)
والله تعالى هو خالق كل شيء ، فما من دابة في الأرض ولا في السماء إلا الله هو الذي خلقها ، ونحن نعلم بما في الأرض ونشاهد ما في البرّ والبحر من هذه الدواب صغيرها وكبيرها من الطيور التي تطير في الأجواء وتطلب رزقها ، وكذلك نعلم أن في السماء ملائكة لا يحصي عددهم إلا الله ، قال تعالى : (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ) فنؤمن بذلك كلّه ولكن لا نعلم بتفاصيل هذه المخلوقات ولا عددها ولا نعلم كيفية المخلوقات العلوية وقد جاء في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: ( أطت السماء وحق لها أن تئط،ما فيها اربع الا فيه ملك راكع أو ساجد)[13]. فيمكن الاستشهاد به على ما توصل له العلم الحديث أنه لا يوجد فراغ في الكون،وأن المادة تنتشر في فسحة هذا الكون حتى المسافات التي تنتج عن تلاعد هذه المجرات تباعدا هائلا عن بعض تتخلق فيها المادة في حال امتلائها. . ويمكن أن يكون في السماء دواب الله أعلم بكيفيتها وعددها ، يتكفلّ الله برزقها ، كما في الأرض دواب لا يعلم عددها إلا الله تكفّل تعالى برزقها وهو على كلّ شيء قدير.
الخاتمة
ظهر لنا أن الانسان هو العامل المهم في حماية البيئة أو افسادها ،ولذا ينبغي أن يتم الاهتمام برفع مستوى ثقافة الفرد ليتم الاهتمام ببيئته.
الاسلام كان سباقا لتنويه بأهمية البيئة بمكوناتها ،وحذر من افساد مكوناتها الثلاثة. فلا بد من الاهتمام بما جاء به الاسلام على مستوى الفرد والجماعة،والأسرة والدول.
ان على العلماء فتح باب الاجتهاد والتأسي بالفقهاء المسلمين لحل مشاكل البيئة في اعماق البحار بما يحقق العدالة الانسانية في العالم كل العالم.
المراجع
– ابن تيمية ـ السياسة الشرعية،الرياض 1992م
– ابن عابدين رد المختار على الدر المحتار،ج3،ص267،طبعة الحلبي.
– حافظ غانم: القانون الدولي،2006م.
– سلطان حامد،أحكام القانون الدولي في الشريعة ،القاهرة 2010م.
– ابو زهرة محمد، حياة الامام الشافعي،القاهرة 1959م.
– الطبري محمد بن جرير، تفسير القرآن العظيم- دمشق 1958م.
– الماوردي عليابوالحسن،الاحكام السلطانية،دمشق،1958م.-
– محمد عبد الغني-، العدالة في النظام الاقتصادي الاسلامي ،
– منصور علي ،نظام القانون الاداري في الاسلام،2005م.
-النووي محي الدين، شرح صحيح مسلم،دمشق 1963م.
– وهبة الزحيلي، الفقه الاسلامي وأدلته،2008م.
– الحفيظ عماد محمد ذياب،دراسات عن المياه والزراعة في غور الاردن،2002م
– ﺩ.ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺣﻤﺪﻭﻥ ﻋﻠﻲ، استحالة الاشياء في ميزان الفقه الاسلامي،القاهرة.
– ابن رشد القرطبي محمد بناحمد،بداية المجتهد ونهاية المقتصد،دار الحديث القاهرة-
– د. رمضان حمدون علي ،ﺍﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺍﻷﺷﻴﺎء ﻓﻲ ﻣﻴﺰﺍﻥ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ، – ﻣﺠﻠﺔ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴة، . ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ، ﺍﻟﻌﺪﺩ (1434 (2/14ﻫـ – 2013 ﻡ.
– احمد بن علي العسقلاني، التلخيص الخبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير،كتاب الطهارة،مؤسسة قرطبة،ط1،1995م.ة[1]
– صحيح مسلم ،كتابالايمان ،ص63،[2]
– – محمد علي الصلابي، عمر بن عبد العزيز معالم التجديد والاصلاح الراشدي على منهج النبوة،2004،ص82[3]
– العدوي ابراهيم،النظم الاسلامية 1995،ص355.[4]
– اسكاعيل احمد ياغي، الدولة العثمانية في التاريخ الاسلامي،ص239.[5]
– الحفيظ عماد محمد ذياب،دراسات عن المياه والزراعة في غور الاردن،2002م،ص19.[6]
– قدامة ابن جعفر، الخراج وصناعة الكتابة، بغداد 1981،ص168.[7]
– ابراهيم حسن،تاريخ الاسلام، القاهرة1964،ج2،ص304.[8]
أ-باب العمل في الوضوء- ب-باب وضوء النائم إذا قام للصلاة- ت-باب الطهور للوضوء – ث-باب ما لا يجب منه الوضوء- ج-باب ترك الضوء مما مسته النار- ح-باب جامع الوضوء- خ-باب ما جاء في المسح بالرأس والأذنين
د-باب ما جاء في المسح على الخفين- ذ- باب العمل في المسح على الخفين .
– صحيح مسلم،باب الطهارة رقم 244،[10]
– الحفيظ عماد محمد ذياب،دراسات عن المياه والزراعة في غور الاردن،2002م،ص104. [11]